خلاصة التذكرة ـ چاپ

 

خلاصة التذکرة

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 1 *»

بِسْمِ اللّه الرّحْمنِ الرّحيم

الحمدللّه رب العالمين

و صلي اللّه علي سيدنا و نبينا محمد و آله الطاهرين

و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين

و بعـد؛ اني لما رأيت ان كتب النحو كثيرة جدّاً من المنظوم و المنثور و المختصرات و المطوّلات و الشروح و الحواشي و هي و ان كانت كافية لطالب النحو الاّ ان كلاًّ منها ناقص من جهة او جهات، فمنها ذو ايجاز مُخِلّ و منها ذو اطناب مُمِلّ و كثير منها مشحون بدرايات غير معتبرة و ادلةٍ مكلف‏فيها لا طائل تحتها غير تضييع العمر و اكثرها مشحون بالاراء و الاهواء و القياسات مع ان علم كل لسان سماعي توقيفي لايجوز الرأي و القياس في شي‏ء منه و مداره علي السمع و النطق فاردت ان‏اصنف كتاباً علي ما احب جامعاً للرواية تاركاً للدراية الاّ اني اشير الي بعض الحكم علي ما ارانا اللّه عزّوجلّ. و شحنت كتابي هذا بـ مقدمة و ثلاث مقالات و خاتمة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 2 *»

ـ  اما المقدمة: ففي بعض ما يجب تقديمه.

ـ  و المقالة الاولي: في الافعال و اقسامها و ما يتعلق بها.

ـ  و المقالة الثانية: في الاسماء و اقسامها و ما يتعلق بها.

ـ  و المقالة الثالثة: في الحروف و اقسامها و ما يتعلق بها.

ـ  و الخاتمة: في احكام الكلام و الجملة.

و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 4 *»

المقدﻣ

فيما يجب تقديمه قبل الخوض في المسائل و فيها فصول:

فصل

في حدّ علم النحو و موضوعه و فائدته

ـ  اما حدّ هذا العلم فاعلم ان النحو «علم يعرف به صفات الكلمات الجوهرية و تأثير بعضها في بعض و تأثره منه و عدمهما و تأليفها بحيث يوافق العربية».

فبقولنا الصفات الجوهرية دخل مثل معرفة الاسم و الفعل و الحرف و الظاهر و المضمر و المبهم و التعريف و التنكير و غيرها و بـ التأثير معرفة العوامل و اعمالها و بـ التأثر معرفة المعرب و اقسام الاعراب و كيفيته و بـ عدمهما معرفة ما ليس بعامل و معرفة المبنيات و بـ تأليفها معرفة تقديم ما ينبغي تقديمه في الكلام او ما يجوز و تأخير ما ينبغي تأخيره او يجوز و بقولنا بحيث يوافق العربية خرج مايتكلم به في ساير العلوم الادبية مما يرتبط بمعاني الالفاظ و حسنها و حسن تأليفها.

ـ  و اما موضوعه اي ما يبحث عنه في هذا العلم فهو «الكلمة و الكلام» من حيث الصفات المذكورة في الحدّ.

ـ  و اما فائدته فهي ان‏يقدر الانسان بعد العلم به علي التكلم بموافقة العربية علي ما وضع اللّه لسان العرب عليه اعراباً و بناءً و تأليفاً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 5 *»

فصل

في فضل العربية

اعلم ان شرف العربية علي ساير الالسن ينتهي الي اربعة وجوه:

الاول: انها لسان اختاره اللّه لنفسه و انزل كتابه به و هو لسان اللّه و لسان ملائكته و لسان اهل الجنة فعن ابي‏عبداللّه7 ماانزل اللّه تبارك و تعالي كتاباً و لا وحياً الاّ بالعربية و كان‏يقع في مسامع الانبياء بالسنة اقوامهم و كان‏يقع في مسامع نبينا بالعربية فاذا كلّم به قومه كلّمهم بالعربية فيقع في مسامعهم بلسانهم و كان احد لايخاطب رسول‏اللّه9 بأي لسان خاطبه الاّ وقع في مسامعه بالعربية كل ذلك يترجم جبرئيل عنه تشريفاً من اللّه عزّوجلّ له. فذلك شرف لايضاهي و فضل لايسامي.

الثاني: انها لسان النبي محمد9 و قد طلع شمس وجوده من افق العرب فعن النبي9 لمّا خلق اللّه الخلق اختار العرب فاختار قريشاً و اختار بني‏هاشم فانا خيرة من خيرة و كفي العرب و العربية فخراً ان‏يختار اللّه من بينهم محمداً9 و يكون منهم و لو افتخروا بذلك علي اهل السموات و الارض لساغ لهم.

الثالث: ان محمداً9 بعث علي جميع الخلق و هو في العرب و من العرب و نزل كتاب اللّه بلسان العرب و صدر الاخبار و الاحاديث عن الحجج بلسانهم فوجب علي اهل جميع العالم طلب العربية و معرفتها و البحث عنها و التوجه اليها و مدارستها و تحصيلها بأي نحو امكنهم و كفي بذلك فخراً للسان

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 6 *»

ان‏يجب علي جميع اهل العالم ان‏يطلبوه و قد وقع جميع الدعوات و الصلوات و الخطب بالعربية و يناجون اللّه بلسان العرب و ذلك بحر فضل لايساجل و مقام شرف لايماثل.

الرابع: ان اللسان بنفسه لسان منبسط واسع قدوضع فيه لفظ لكل ذات و صفة و فعل و كل مايطلق عليه شي‏ء مع ما فيه من الاختصار و جوامع الكلم و يمكن ان‏يؤدي به مطالب يحتاج لها في ساير الالسنة الي عبارات شتي بعبارة واحدة و لاجل ذلك لو فسرت قائمة عربية بلسان اخر لاقتضي رسم قائمتين و من عرف ساير الالسنة عرف ان العربية مع انها في غاية الاختصار في غاية السعة مع ما فيها من مناسبة العقل السليم و الفصاحة و الحلاوة و الملاحة و غيرها من الفضل. و قدصارت من اعتدالها توافق الحقايق الخارجية علي حسب الوضع الالهي بحيث انه من عرف اسرار علم النحو علي ما نقول عرف كثيراً من مسائل الحكمة. و لهذا اللسان الشريف خصوصية بالعلوم الحكمية و غيرها كما لاتخفي علي من له ادني مسكة فكأنه لايمكن تحقيق مسألة علمية كماينبغي الاّ بالعربية. فاذا كان امر هذا اللسان الشريف هكذا وجب علي اصحاب الذكاوة طلب هذا العلم و الفحص عنه و البحث حتي يصيروا كالعرب الفصحاء و ان لايهملوا هذا الامر ابداً فيحرموا عن فهم الكتاب و السنة و كتب العلوم و الرسوم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 7 *»

فصل

في مبدء العلوم الادبية

اعلم انه لمّا بعث النبي محمد9 في العرب علي جميع العالم و انزل الكتاب بالعربية و صدرت الاثار بالعربية و علم اميرالمؤمنين7ان الاسلام سيغلب علي جميع الاديان و العرب ستغلب جميع الامم و تخالطها و يفسد لسانها بمخالطتها فبذلك يفسد امر الكتاب و السنة و الدين و الشريعة و الاحكام لفساد العربية و لايبقي للعرب لسان يتعلم منها اضطلع لحفظ الكتاب و السنة و ابقاء الدين الي يوم القيامة و منّ علي اهل العالم بوضع علم به تضبط العربية و يحفظ به الفاظ الكتاب و السنة و يعرف معناهما الي يوم القيامة و لو اجتمعت الانس و الجن علي شكر هذه النعمة الواحدة من نعمائهم صلوات اللّه عليهم ماقدروا. فقدروي ان اباالاسود الدؤلي قال دخلت علي علي بن ابي‏طالب7 فرأيته مطرقاً متفكراً فقلت فيم تفكر يا اميرالمؤمنين فقال اني سمعت ببلدكم هذا لحناً فاردت ان‏اضـع كتاباً في اصول العربية فقلت ان فعلت هذا احييتنا ثم اتيته بعد ثلث فالقي الي صحيفة فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم الكلام كلّه اسم و فعل و حرف فالاسم ما انبأ عن المسمي و الفعل ما انبأ عن حركة المسمي و الحرف ما انبأ عن معني ليس باسم و لا فعل ثم قال لي تتبعه و زد فيه ما وقع لك و اعلم يا اباالاسود ان الاشياء ثلثة ظاهر و مضمر و شي‏ء لا ظاهر و لا مضمر قال ابوالاسود فجمعت منه اشياء و عرضتها عليه من ذلك حروف النصب فذكرت فيها اِنّ و اَنّ و ليت و لعلّ و كأنّ و لم‏اذكر لكنّ فقال لي لم تركتها فقلت

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 8 *»

لم‏احسبها منها فقال بلي هي منها فزدها فيها انتهي.

و في حديث اخر انه7 قال لابي‏الاسود الفاعل مرفوع و ما سواه ملحق به و المفعول منصوب و ما سواه ملحق به و المضاف‏اليه مجرور و ما سواه ملحق به فقال انح الي هذا. و لاينافي ذلك ما تقدم فانه7 هو واضع هذا العلم و كاتب كتاب فيه باقرار ابي‏الاسود فليكن مما القي اليه هذه المسألة ايضاً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 9 *»

فصل

في الكلمة و الكلام

اعلم ان جميع ما يتكلم به الانسان اما مفرد حقيقةً او حكماً فهو الكلمة الاصطلاحية او مركب مما يتضمن الاسناد الاصلي مقصوداً بالذات فهو الكلام الاصطلاحي.

اما الكلمة فهي علي ثلثة اقسام فان انبأت عن صرف مسمي‏بها فهي الاسم او حركته فهي الفعل او رابطة بينهما و عرض لايستقل بدونهما فهي الحرف. و هذا الحدّ للكلم هو الذي اختاره من حدّ حدود الدنيا و ما فيها صلوات‏اللّه‏عليه.

ولكن اذا اراد احد ان‏يحدّها بلسان القوم فالصواب ان‏يقول:

الاسم ما دلّ علي معني بالوضع مستقلاً في الاستعمال غير ملحوظ معه وقت.

و الفعل ما دلّ علي حدث بالوضع مستقلاً في الاستعمال ملحوظاً معه الوقت.

و الحرف ما دلّ علي معني بالوضع غيرمستقل في الاستعمال و غير ملحوظ معه الوقت.

اما الكلام و هو المركب الذي يتضمن الاسناد الاصلي مقصوداً بالذات فيتألف من اسمين او اسم و فعل مفردين حقيقيّين او حكميّين ملفوظين او مقدرين او يكون احدهما ملفوظاً و الاخر مقدراً نحو زيد قائم و نحو زيد قام

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 10 *»

 او قام زيد و نحو غلام زيد قائم‏الاب و نحو نعم في جواب أ زيد قائم او أ قام زيد و نحو زيد في جواب من قال من قام او قام في جواب من قال ما فعل زيد او فصبر جميل اي فصبري صبر جميل مثلاً.

و تبين مما عرّفنا به الكلام انه ليس بكلام غلام زيد لعدم الاسناد و ضربُ عمرو لانه ليس اسناده باصلي بل لحكايته الفعل كـ ضارب زيد و مضروب العبد و حسن الوجه. و الجملة اعمّ من الكلام لانه ربما ليس الاسناد فيها مقصوداً بالذات كما في خبر زيد قام ابوه و سيأتي ان‏شاءاللّه في الخاتمة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 11 *»

فصل

في تقسيمات الكلمة

ان وضع الاسم لشي‏ء قائم بنفسه فهو اسم عين كـ زيد و رجل. او لحدث و معني مصدري فـاسم معني كـ ضرب و علم. و ان وضع لحدث او لشي‏ء يقوم به حدث فـمشتق فالاول كالمصدر فانه مشتق من الفعل و اما الثاني فان كان يقوم به الحدث قيام صدور فـاسم فاعل كـ ضارب او قيام ظهور فـاسم مفعول كـ مضروب او قيام تحقق فـصفة مشبهة كـ حسن فان تكرر صدور الحدث عنه فـصيغة مبالغة كـ ظلاّم او اجري به فـاسم الة كـ مفتاح او حدث فيه فـاسم مكان و زمان كـ مبعث و ان كان له فضل علي غيره في ذلك الحدث فـاسم تفضيل كـ اعلم. و ان كان الموضوع‏له معيناً معروفاً فـمعرفة فان كان لمعين خاص شخصي فـعلم شخص او جنسي فـعلم جنس كـ اسامة او معين غيرمخصوص فكناية او اشارة نحو هو و هذا و الاّ فـنكرة. و ان كان معناه ذا فرج فـمؤنث حقيقي كان فيه علامة التأنيث كـ سكينة ام لا كـ زينب و ان لم‏يكن ذا فرج ولكن فيه انوثية باطنية عرفها الواضع جلّ و علا منه فهو مؤنث لفظي ـ في الاصطلاح ـ كان فيه علامة التأنيث لفظاً كـ العادة او تقديراً كـ النار.

و الفعل ان كان معناه الاخبار بصدور حدث في السابق وضعاً فـماض كـ ضرب او في الاستقبال فـمضارع كـ يضرب و ان كان صالحاً لان يطلب به الفعل من الفاعل فـامر.

و الحرف امّا له تأثير في غيره من حيث الاعراب ظاهراً او تقديراً فـعامل

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 12 *»

 و الاّ فان كان يربط به بين الكلمتين فـرابط و ان كان له معني تامّ في الكلام يختلّ المعني بتركه فـاصلي او لا فـزايد اصطلاحاً و الاّ ففي النفس فواضل مرادة لايعبر عنها الاّ بتلك الزوايد فليس اتيانها بها لغواً و يأتي ان‏شاءاللّه تفاصيل هذه الاقسام في مقاماتها فترقب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 13 *»

فصل

في المعرب و المبني

اللفظ ان كان يتأثر من اسم او فعل او حرف و يتغير اعراب اخره بها لفظاً او تقديراً فهو معرب و الاّ فهو مبني.

و المعرب اما ان‏يتغير بالحركات ظاهرة نحو ضرب زيد عمراً في الدار و لن‏يضرب او مقدرة نحو اخبر موسي بعيسي او بالحروف نحو قتل المسلمون المشركين و لن‏يضربا و لم‏يرم.

و اما المبني فهو ما لايتغير عن حاله نحو ضرب هذا هذا في هذا و سيأتي ان‏شاءاللّه تفاصيلها في مواقعها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 14 *»

فصل

في حقيقة الرفع و النصب و الجر

اعلم ان الرفع عَلَم كل عمدة في الكلام و هو دليل ارتفاع الاثر و انضمامه الي عرصة المؤثر و التحاقه بها و الاصل في المرفوعات الفاعل فانه حكاية عن الذات المستعلية علي الكل الموجدة للفعل فهو مرفوع الي درجة الفعل منضمّ به ملحق بعرصته.

و اما النصب فهو عَلَم ما يخرج عن عرصة الفعل و الفاعل فهو في عرصة متعلقات الفعل و ما يحتاج الي الفعل و لايحتاج اليه الفعل فهو منصوب لوقوع اثر الفعل عليه و تعلقه و الاصل فيه المفعول و ما سواه من المنصوبات ملحق به فهي فُضَل في الكلام لايحتاج اليها فعل و لا فاعل و انما هي تحتاج الي الفعل و الفاعل.

و اما الجرّ فهو عَلَم ما ينسب اليه شي‏ء من عرصة الفضول فيجرّ المضاف المضاف‏اليه، اليه فان المضاف هو العمدة بالنسبة الي المضاف‏اليه و انما يؤتي بالمضاف‏اليه بالعرض لتعيين المضاف فالمضاف هو المستعلي‏عليه يخفضه فالمضاف اشرف من المضاف‏اليه و اعلي مقاماً و المضاف‏اليه منخفض دونه مجرور الي المضاف لتعريفه و تعيينه و التعريف و التعيين من النقص عندنا لا من الكمال و لذا يكون النكرة عندنا اشرف من المعرفة و ضمير الغايب اشرف من ضمير الحاضر و الحاضر اشرف من المتكلم فان المستعلي علي عرصة الحدود و التعينات اشرف من المنحط اليها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 15 *»

بالجملة المضاف‏اليه مجرور الي المضاف منخفض تحته و كل مجرور سواه ملحق به و هو من عرصة الفضول و يجاء به لاجل تمام الغير كما يأتي في محله فترقب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 16 *»

فصل

في حقيقة العاملية و المعمولية

اعلم ان الالفاظ صفات منفصلة عما في قلب المتكلم مطابقة معها و هي صفات منفصلة عن الحقايق الخارجية فما في الالفاظ من عاملية و معمولية فانما هو تابع لما في النفس و ما في النفس منهما تابع لما في الخارج فـ العامل حقيقةً هو المعني و المعمول هو المعني و انما يجري النفس اللفظ علي وفق المعني و ليس اللفظ بعامل و لا معمول في الواقع و انما مثله كزيد و عمرو اذا قابلا مرءاة و ضرب زيد عمراً و انت تري شبحهما و شبح ضرب زيد في المرءاة كالضرب و الضارب و المضروب و الضارب زيد في الخارج و المضروب عمرو و انما جري خَيالهما علي حسبهما فاطلاق الضارب و المضروب علي الخَيالين مجاز و كذلك عاملية اللفظ و معموليته فلايرفع «ضرب» «زيداً» حقيقةً و انما الرافع معني «ضرب» و المرفوع معني «زيد» و ليس رفع المعني اعراباً كما انه ليس المعني بلفظ و انما يجري النفس اللفظ علي صفة الاعراب فافهم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 17 *»

فصل

في ان الكلام تابع لما في النفس

اعلم ان من الاصول التي يجب ان‏تراعي في هذا العلم ان الكلام تابع لما في النفس لايزيد عليه و لاينقص الاّ انه قديتلفظ الانسان به صريحاً و قديحذفه اذا قام قرينة اكتفاءً بها و اختصاراً فلايجوز تقدير ما لايقصده الانسان ابداً و لاتخطر بباله و ذلك خطاء محض كتقدير القوم في زيداً ضربته ضربت زيداً ضربته و تقديرهم في اسلم تنج اي اسلم ان‏تسلم تنج و امثالها فالاصل في ذلك ان ما لم‏يقصده المتكلم و يتوجه اليه حال التكلم طبعاً فليس بمقدر و لايجوز تقديره. و كذلك مسميات الاسماء النحوية ليست اموراً لفظية وضعية و انما هي امور نفسانية فما قصده الانسان مبتدءً فهو مبتدأ و ما قصده خبراً فهو خبر و ما قصده فاعلاً فهو فاعل او مفعولاً فهو مفعول او حالاً فهو حال او تمييزاً فهو تمييز و ليس الامر بمحض التسمية و انما المدار علي ارادات القلوب في مواقع الاستدلال فلايمكن حمل كل مرفوع علي كل ما يجوز رفعه و لا حمل كل منصوب علي ما يجوز نصبه و لا حمل كل مخفوض علي ما يجوز خفضه فاحفظ هذه الاصول.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 19 *»

المقاﻟ[ الاولي

في الافعال

و قدّمناها علي الاسماء و الحروف لان الحروف كائنة ما كانت فرع الاسماء الجامدة و اخس منها و الاسماء الجامدة كائنة ما كانت فرع المشتقة و اخس منها و هي كائنة ماكانت فرع المصدر و اخس منه و هو كائناً ماكان فرع الفعل و مبدء الكل هو الفعل.

فصل

في بعض تقسيمات الفعل و خواصه

اعلم ان الفعل كلمة تنبئ عن حركة المسمي كما عرّفه اميرالمؤمنين7فاما ينبئ عن صدور الحركة في السابق فهو الماضي او الحال و الاتي فهو المضارع او الحال علي نحو صلوح الطلب به فهو الامر.

و هو في ذلك علي قسمين اما يتغير عن حاله لافادة المعاني المختلفة فـ متصرف كـ ضرب و يضرب و اضرب و اما لايتغير فـ غير متصرف كـ هيهاتَ و اُفٍّ و رُوَيْدَ.

و من خواص نوع الفعل المتصرف دخول قد تقريباً او تقليلاً او تحقيقاً و حرف التنفيس اي التأخير و التوسيع و هو سوف و قديحذف الفاء و الواو معاً و يقتصر علي س و الجوازم نحو لم و لمّا و لام الامر و لاء النهي و ادوات الشرط و لحوق تاء التأنيث و الكنايات البارزة المرفوعة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 20 *»

فصل

في الماضي

و هو كما عرفت كلمة تدلّ علي صدور حدث في السابق فهو مبني علي الفتح لفظاً كـ ضرب او تقديراً كـ رمي ان لم‏تلحقه كناية مرفوعة متحركة فانه حينئذ يبني علي السكون نحو ضربن الي ضربنا او واو فانه يضم لفظاً نحو ضربوا او تقديراً كـ رموا.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 21 *»

فصل

في المضارع

و هو كما عرفت كلمة تدلّ علي صدور حدث في الحال او الاستقبال. و هو يختص بحروف أتين فالهمزة للمتكلم وحده و النون له مع غيره و التاء للمخاطب مطلقاً و للمؤنث و المؤنثين غُيَّباً و الياء للغُيَّبِ غيرهما و هذه الحروف مضمومة في الرباعي بالاصل او بالزيادة نحو يدحرج و يكرم و يفرّح و يقاتل و في فعل المفعول من كل نوع و مفتوحة في غيرهما.

و هو معرب ان عري من نون التأكيد و جمع المؤنث. فهو صحيحَ الاخِر يقع مرفوعاً بالضمة و منصوباً بالفتحة و مجزوماً بالسكون لفظاً ان تجرد عن علامة التثنية و الجمع المذكر نحو يضربان و تضربان و يضربون و تضربون و المخاطب المؤنث نحو تضربين.

كـ يضربُ و تضربُ و اضربُ و نضربُ.

و لن‏يضربَ و لن‏تضربَ و لن‏اضربَ و لن‏نضربَ.

و لم‏يضربْ و لم‏تضربْ و لم‏اضربْ و لم‏نضربْ.

و اذا اتصلت به العلامة فالنون قائمة مقام الرفع و حذفها قائم مقام النصب و الجزم.

و اذا كان معتلاً بالواو و الياء فيرفع بالضمة تقديراً و ينصب بالفتحة لفظاً و يجزم بالحذف نحو: يدعُوْ و يرمِي و لن‏ندعوَ و لن‏نرمي و لم‏يدعُ و لم‏يرمِ.

و ان كان معتلاً بالالف فالضمة و الفتحة فيه تقديريتان و الجزم بالحذف

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 22 *»

نحو: يرضي و لن‏يرضي و لم‏يرض.

و هو مرفوع ان خلا من النواصب و الجوازم. و ينتصب بـ اَن لفظاً نحو اريد ان انكحك و لن نحو لن ابرح و اذن نحو قولك لمن قال اسلمت اذن تدخل الجنة و كي نحو كيلايكون دولة. و بـ اَن مقدرة بعد حتي نحو حتي يعطوا الجزية و بعد لام كي نحو ليقترفوا ما هم مقترفون و بعد لام الجحود نحو ما كان اللّه ليعذّبهم لان هذه الثلثة جوارّ و يمتنع دخولها علي الفعل الاّ ان‏يجعل مصدراً بتقدير اَن.

و ينتصب بعد الفاء نحو زرني فاُكرمك لانها للتسبيب و المعني لان اكرمك و بعد الواو نحو لاتأكل السمك و تشرب اللبن فانها بمعني مع و بعد او نحو لالزمنّك او تعطيني فانها بمعني الاّ ان‏تعطيني و سيأتي تفصيل النواصب في محله ان‏شاءاللّه.

و ينجزم بـ لم نحو لم‏يأتوك و لمّا نحو لمّا يذوقوا العذاب و لام الامر نحو لينفق ذو سعة من سعته و لاء النهي نحو لاتسرفوا و بكلم المجازاة و هي ان و مهما و اذما و حيثما و اين و متي و ما و من و اي و انّي و ايّان و كيفما نحو ان يشـأ يرحمكم و مهما تأتنا به من اية و اذما تفعل افعل و حيثما تذهب اذهب و اينما تكونوا يدرككم الموت و متي تقعد اقعد و ما تفعلوا من خير يعلمه اللّه و من يقل منهم و ايّاًما تدعوا فله الاسماء الحسني و اني تجلس اجلس و ايان تفعل افعل و كيفما تقرأ اقرأ و سيأتي تفصيلها ان‏شاءاللّه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 23 *»

فصل

في الامر

و هو في هذا العلم صيغة صالحة لان‏يطلب بها الفعل من الفاعل بزيادة او نقصان.

فالامر الغائب يدخل عليه اللام المكسورة و تجزم اخره. و اما الامر المخاطب فيحذف من المضارع المخاطب حرف المضارعة فان كان ما بعده متحركاً ابتدئ به سواء كان بالفعل نحو عـد من تعـد او في الاصل نحو اكرم من تكرم و اصله تأكرم و ان كان ساكناً و ليس من باب الافعال زيد عليه همزة وصل مضمومة ان كان بعد الساكن ضمة نحو اقتل و الاّ فمكسورة نحو اضرب و اعلم و ان بقي بعد الحذف و الجزم حرف واحد فان وصلته بكلام بعده فلا كلام و ان وقفت عليه فلابد من هاء السكت نحو قـه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 24 *»

فصل

في فعل المفعول

و هو فعل وضعه الواضع للدلالة علي حركة المفعول لقبول فعل الفاعل نحو اكلته فاُكل و كسرته فكُسر. و انما يعدل عن فعل الفاعل اليه اما جهلاً بالفاعل او ابهاماً او تعظيماً او تحقيراً للمفعول او الفاعل او اختصاراً.

و هو يقصر عن فعل الفاعل ابداً بدرجة فانه فعل مفعول ذلك الفاعل نحو ضُرب زيدٌ و اذا كان الفعل ذا مفعولين يقتصر علي مفعول نحو علّمته الكتاب فعُلِّم الكتابَ و ان كان ذا ثلثة مفاعيل يقتصر علي اثنين نحو اعلمت زيداً عمراً منطلقاً فاُعْلِمَ زيد عمراً منطلقاً. و يجي‏ء الكلام في فاعله في مقالة الاسماء ان‏شاءاللّه.

و صفة بنائه ان‏يكسر ما قبل اخره في ماضٍ ليس له همزة وصل نحو ضرب و اُكرم و دُحرج و يضمّ ثالثه ايضاً مع همزة الوصل نحو اُقتُدر و اُستُخرج و يضمّ الثاني مع التاء نحو تُعُلِّم و الافصح فيما عينه واو او ياء كسر الفاء و هو لغة قريش نحو قيل و بيع و لايجوز كسر فاء نحو خُفت و بُعت و ضم فاء عِقت لللبس بفعل الفاعل فيتعين الضم في الاولين و الكسر في الثالث و مثلهما في الحالات نحو اختير و انقيد و اما الثلاثي المضاعف فيجب ضم فائه نحو شُدّ و مُدّ.

و اما في المضارع فيضم اوله و يفتح ما قبل اخره نحو يُضرَبُ و يُسْتَخْرَجُ و الذي عينه واو او ياء تنقلب الفاً نحو يقال و يباع و يختار و ينقاد و يستجار و يقام.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 25 *»

فصل

في اللازم و المتعدي

اعلم ان الفعل كما مرّ ان كان يستغني بالمصدر عن المظهر فهو اللازم و القاصر كـ قعـد و الاّ فهو المتعدي كـ ضـرب.

و للتعدية اسباب و قديعدّي بلا سبب. اما الاسباب فهي سبعة:

الاول: همزة افعل نحو اذهبتكم طيباتكم في حيوتكم الدنيا و ان كان الفعل متعدياً الي واحد عدّي بها الي اثنين نحو البست زيداً ثوباً و اعطيته درهماً و ان كان متعدياً الي اثنين عدّي بها الي ثلث نحو اريت زيداً الهلال طالعاً.

الثاني: الف المفاعلة فتقول في جلس زيدٌ، جالست زيداً.

الثالث: صوغه علي فعل يفعل كـ نصر ينصر نحو كرمت زيداً اكرمه اي غلبته في الكرم.

الرابع: صوغه علي استفعل كما تقول في حسن، استحسنه و ان كان الاصل ذا مفعول واحد عدّي الي اثنين نحو استكتبته الكتاب.

الخامس: تضعيف العين تقول في فرح زيد، فرّحته.

السادس: التضمين كمايقال فرقت زيداً بمعني خفت.

السابع: الاقتران بالباء نحو فلمّا ذهبوا به.

و اما الفعل اللازم و هو كما مرّ ما يستغني بالمصدر عن المظهر فلايصاغ منه مفعول تامّ من غير حرف نحو خـرج فلايحتاج الخروج الي مظهر و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 26 *»

لايصاغ منه مخروج و اكثر كونه في:

ـ  افعال السجايا نحو جبن و شجع.

ـ  الاعراض كـ مرض و كسل.

ـ  النظافة كـ نظف و طهر.

ـ  الدنس كـ دنس و نجس.

ـ  ما هو مطاوع لفاعل فعل متعدٍ نحو كسرته فانكسر و ضُرب زيدٌ.

ـ  ما يوازن افعللّ كـ اقشعرّ.

ـ  ما يوازن افعنلل كـ احرنجم.

ـ  ما يوازن فَعُلَ نحو كرم و حسن.

ـ  الصفات اللازمة نحو ادم و سمر و حمق في الالوان و العيوب.

و هو سماعي في الجميع.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 27 *»

فصل

في افعال القلوب

و هي افعال قلبية ليست صادرة من الجوارح و ليس المراد منها جميع الافعال القلبية لان منها ما لايعدّي بنفسه نحو فكـر و منها ما يعدّي الي واحد بنفسه نحو عرف و فهم و منها ما يتعدي الي اثنين و هي المقصودة هنا و هي ثلثة انواع:

الاول: ما يفيد ثبات القلب علي وقوع القضية. نحو وَجَدَ و دَري و اَلْفي و تَعَلَّمْ بمعني اعلم. نحو تجدوه عند اللّه هو خيراً و نحو انهم الفوا اباءهم ضالّين و نحو تعلّم شفاءَ النفس قهرَ عدوها.

الثاني: ما يفيد تزلزله مع ترجيح الوقوع. نحو عدّ و حجا و جعل و هَـبْ نحو لا اعدّ الاقتار عُدماً و نحـو و كنت احجو اباعمرو اخا ثقة و نحو و جعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن اناثاً و نحو هَبْني امرءاً هالكاً.

الثالث: ما يستعمل للمعنيين. و هو زعم و رأي و ظنّ و حسب و خال و علم نحو زعمتني شيخاً و كقوله تعالي انهم يرونه بعيداً و ظننت عمراً عدوك و نحو لاتحسبن الذين قتلوا في سبيل اللّه امواتاً و نحو علمت زيداً منطلقاً.

فهذه الافعال تدخل علي ما يصلح للجملة الاسمية فتعمل في ما يصلح للاسناد بالاصالة و في ما يصلح للاسناد اليه بالتبع فيأول ما يصلح للاسناد الي المصدر فقولك علمت زيداً حكيماً معناه علمت حكمة زيد فالحكمة هي المفعول بالاصالة و جي‏ء بزيد لاستناد الحكمة اليه و تعيينها فهي في الواقع

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 28 *»

ذات مفعول واحد.

و يجوز حذف ما يصلح للجملية مطلقاً نحو قوله تعالي اين شركائي الذين كنتم تزعمون و كذا يجوز حذف احدهما و ابقاء الاخر مع القرينة كقوله تعالي و لايحسبن الذين يبخلون بما اتيهم اللّه من فضله هو خيراً لهم فالمفعول الاول بخلهم و قدحذف لاجل القرينة.

و هنا اربع مسائل:

الاولي: من خصايص افعال القلوب جواز الالغاء اي ابطال عملها لفظاً و معني و هو في موضعين:

ـ  اذا توسطت بين مفعوليها نحو زيد ظننت قائم.

ـ  و اذا تأخرت عنهما نحو زيد قائم ظننت.

الثانية: و من خصائصها التعليق اي ابطال عملها لفظاً دون معني و هو اذا وقعت قبل ما له صدر الكلام فيمنعها ذلك عن العمل فيما بعدها لفظاً و هو في خمسة مواضع:

ـ  الاستفهام نحو علمت أ زيدٌ عندك و علمت هل خرج زيد.

ـ  و النفي الداخل علي معمولها نحو علمت ما زيد في الدار.

ـ  و ان و لاء النافيتان اذا كان الفعل قبلهما متلواً بالقسم نحو علمت واللّه اِنْ زيد قائم و علمت واللّه لا زيد في الدار و لا عمرو.

ـ  و لام القسم الداخلة علي احد معموليها نحو و لقد علموا لمن اشتراه ما له في الاخرة من خلاق.

ـ  و انّ المكسورة مع اللام نحو واللّه يعلم انك لرسوله.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 29 *»

الثالثة: و من خواصها جواز اتحاد فاعلها و احد مفعوليها معني و جعلهما كنايتين نحو علمتُني منطلقاً بخلاف ساير الافعال فلايقال ضربتُني بل ضربتُ نفسي.

الرابعة: قد حمل علي الرأي القلبي الرأي الحلمي و البصري كما قال اللّه تعالي رأيتهم لي ساجدين و في الدعاء اَتَراك معذّبي بنارك بعد توحيدك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 30 *»

فصل

في افعال التصيير

و هي صيّر و اصار و جعل و وهب و ردّ و اتخذ و تخذ نحو صيّرت الطين خزفاً و اصار اللّه الاموات احياءً و جعلناه هباءً منثوراً و وهبني اللّه فداك و لو يردّونكم من بعد ايمانكم كفاراً و نحو اتخذ اللّه ابرهيم خليلاً و لَتَخَذْت عليه اجراً.

و هي تدخل علي ما يصلح للجملية و تنصب الجزئين علي ان الجزء الاول هو المفعول‏به و الجزء الثاني هو المفعول‏عليه المبيّن لابهام الفعل و اجماله كما يأتي.

و هذه الافعال لا تُلغي و لاتعلّق كافعال القلوب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 31 *»

فصل

في افعال العامة

و هي التي سميت بالناقصة و انما سميناها بالعامة لانها افعال تجامع كل تعين كما تري ان كان متضمنة معني الكون و هو يجامع كل صفة و لذلك تحتاج في الافادة الجديدة الي حال يخصصها و كذلك البواقي فهي افعال وضعت للاخبار باتصاف فواعلها بصفة مصادرها المطلقة مقيدة بقيد اخر.

و هذه الافعال علي قسمين:

مثبتة: و هي كان و صار و ال و رجع و استحال و تحوّل و ارتدّ و حال و حار و اصبح و امسي و اضحي و ظلّ و بات و اض و عاد و غدا و راح و مادام. و هي في‏الحقيقة غير محصورة فكل فعل لايراد الاخبار باتصاف فاعله بمصدره مطلقاً بل مقيداً بصفة فانه حينئذ ناقص و حكمه حكم هذه الافعال.

و منفية: و هي مازال و ماانفكّ و مافَتَأَ و مابرِح و مارام و ماوَني و اما ليس فهي صورةً بالحروف اشبه و عملاً بالفعل اشبه مع ما يلحق بها من الكنايات فهي من البرازخ و سيأتي تفصيلها. و هيهنا مسائل:

الاولي: ان هذه الافعال لها حالان:

فمرة يراد بها ما يفهم من موادها في مقابلة غيرها فهي تامة لاتحتاج الي فضلة اخري نحو كان زيد في مقابلة ضد الكينونة و عدمها و اصبح زيد يعني لم‏يمس او غير ذلك.

و مرة يراد بها حصول معانيها المطلقة في تعين خاص فعند ذلك ناقصة

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 32 *»

محتاجة الي بيان تلك الفضلة فـ كان زيد فاضلاً يراد منه كينونة زيد لا مطلقا بل في حال الفضل فالفاعل هو زيد متعيناً بتعين خاص. فهذه الافعال ناقصةً تدخل علي مايصلح لان‏يكون جملة و ترفع الجزء الاول علي الفاعلية و تنصب الجزء الثاني علي الحالية.

الثانية: ان كان تأتي ناقصةً لاثبات مصدرها لفاعلها في حال معين في الزمان الماضي دائماً نحو كان زيد فاضلاً او منقطعاً نحو كان غنياً فافتقر. و قدتسلخ عن الزمان نحو كان ربك قديراً. و قديراد بها صرف الزمان فتركّب مع فعل اخر فيكون لتأكيد زمان ذلك الفعل لا غير فلاتحتاج الي فاعل ازيد من فاعل ذلك الفعل و لا الي حال فانها حينئذ لاتكون ناقصة نحو قوله تعالي ماكان يصنع فرعون و قومه فـكان يصنع معاً فعل ماض يدلّ علي الاستمرار في الماضي بسبب لفظ المضارع. و قدتأتي بمعني صار نحو كانت فراخاً بيوضها و قدتأتي تامة نحو و ان كان ذو عسرة فنظرة الي ميسرة اي ان وجد. و قدتكون زائدة نحو كيف نكلّم من كان في المهد صبياً. و تزاد اذا وقعت بين ما و فعل التعجب نحو ماكان احسن زيداً و بين المسند و المسنداليه نحو أو نبي كان موسي.

و يعمل عملها جميع ما يشتق منها حتي المصدر و اسم الفاعل.

و ان دخل علي مضارعها جازم فلربما حذف منه النون لكثرة الاستعمال نحو ذلك بانّ اللّه لم‏يك مغيّراً نعمةً انعمها علي قوم و ان لاقت ساكناً تعود في الافصح نحو لم‏يكن الذين كفروا.

و كثيراًما تحذف كان و يبقي عملها نحو قوله اما انت برّاً فاقترب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 33 *»

و حذفها مع فاعلها اكثر نحو سر ان راكباً او ماشياً.

الثالثة: و اما صار فتفيد ناقصةً ثبوت مصدرها لفاعلها اي معني الكون في حال لم‏تكن نحو صار زيد عالماً اي كان عالماً بعد ان لم‏يكن. او حصول حقيقة بعد حقيقة نحو صار الخمر خلاًّ.

و تكون تامةً و حينئذ تتصل بـ الي و ما بمعناها نحو صار زيد من بلد الي بلد اي انتقل.

و يلحق بها ما بمعناها نحو ال و رجع و استحال و تحوّل و اض و عاد و ارتدّ كقوله تعالي فارتدّ بصيراً و تكون هذه الملحقات ايضاً تامة اذا استعملت في معانيها الاصلية.

الرابعة: و اما اصبح و امسي و اضحي و غدا و راح و ظلّ و بات فتفيد ايضاً ثبوت مصادرها للجزء الاول في حال مخصوص نحو اصبح زيد غنياً يعني صار زيد في حال الغني و قـس عليه البواقي و هي ناقصةً بمعني صار و لايراد منها خصوص الصبح و المُسْي مثلاً و قدتكون تامة فتفيد الدخول في اوقاتها فحسب نحو اصبح زيد اي دخل في الصباح.

الخامسة: و اما مازال و مابرح و مافتأ و ماانفكّ و مارام و ماوني فهي ايضاً لاستمرار ثبوت مصادرها للجزء الاول في حال معين و يلزمها النفي لفظاً كما مرّ او تقديراً نحو تاللّه تفتؤ تذكر يوسف و قديخلف «ما» لن نحو لن‏نبرح عليه عاكفين و لا نحو لازال منهلاًّ بجرعائك القطر و ليس نحو ليس ينفك ذا غني و اعتزاز و شبه النفي و هو النهي نحو و لاتزل ذاكر الموت و غير نحو غير منفك اسير هوي و قلّ و ابي و الامثال واضحة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 34 *»

و يلزم فتأ و زال النقص فلم‏تأتيا تامتين كـليس بخلاف البواقي فانها تأتي تامة و ناقصة.

السادسة: و اما مادام فهي لتوقيت امر بمدة ثبوت المصدر للجزء الاول في حال معين فتكون تلك المدة ظرفاً فتحتاج الي كلام مفيد غيرها نحو اجلس مادام زيد جالساً و «ما» فيها مصدرية فالمعني اجلس مدة جلوس زيد.

السابعة: و اما ليس فهي كلمة تدلّ علي عدم كون فاعلها في الحال المعين في وقت يخبر عنه سواء كان ماضياً او حالاً او استقبالاً نحو ليس خلق اللّه مثله و ليس زيد قائماً الان و يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم. و قدتسلخ عن الزمان نحو أليس اللّه بكافٍ عبده و انّ اللّه ليس بظلاّم للعبيد. و قدتأتي بمعني الاّ فتنصب ما بعدها علي انها بمعني لكنّ نحو جاءني القوم ليس زيداً. و قدتكون بمعني غير نحو عليه رجلاً ليسني اي ليلزم رجلاً غيري. و في الاخيرين ليست من باب كان كما هو ظاهر.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 35 *»

فصل

في افعال الاستعداد

و هي افعال يخبر بها عن استعداد فواعلها للاتصاف بصفة مفاعيلها و لايلاحظ فيها الزمان و انما يراد منها صرف ثبوت الاستعداد و هي حرا و اخلولق و جدُر و حُقَّ لك و حُقِقَ.

و هذه الافعال تقتضي فاعلاً و مفعولاً علي صورة الجملة الفعلية المصدّرة بـ اَنْ و الفعل مضارع نحو حرا زيد ان‏يفعل و اخلولقت السماء ان‏تمطر و جدر زيد ان‏يكتب و حقّ لك ان‏تطيع و حُقِقْتَ ان‏تطيع و المفعول مفعول معنوي و الرابطة جارّ محذوف مثل قوله تعالي و ترغبون ان‏تنكحوهن فمعني حرا زيد ان‏يخرج اي لان‏يخرج و اخلولقت السماء ان‏تمطر اي لان‏تمطر فالخروج مثلاً مستعدّ له اي استعدّ له زيد و المطر مستعدّ له اي استعدّت له السماء.

و يلحق بهذه الافعال عسي و هو من البرازخ لعين ما مرّ في ليس و هو لرجاء المحبوب و اشفاق المكروه و يجمع المعنيين قوله تعالي عسي ان‏تحبوا شيئاً و هو شرّ لكم و عسي ان‏تكرهوا شيئاً و هو خير لكم.

و يجوز التذكير و الافراد في جميع الحالات نحو قوله تعالي لايسخر قوم من قوم عسي ان‏يكونوا خيراً منهم و لا نساء من نساء عسي ان‏يكنّ خيراً منهن.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 36 *»

فصل

في افعال المقاربة

و هي افعال تدلّ علي اشراف فواعلها علي الاتصاف بصفة معينة و لما تتصف و هي كاد و كرب و اوشك و اولي و هلهل و هي في جميع ما ذكر في افعال الاستعداد مشاركة معها و تفارقها في بعض الصفات.

فمنها ان الاعرف عدم اقتران الافعال بعد كاد و كرب بـ اَنْ و قدتقترن نحو ماكادوا يفعلون و كرب القلب من جواه يذوب و يغلب مع اوشك الاقتران. و كاد و اوشك زيد ان‏يقوم اي كاد و كرب من القيام مثلاً و اوشك زيد ان‏يفعل اي اوشك في الفعل.

و قديستعمل اوشك بمعناه الاصلي نحو اوشك في السير اي اسرع بخلاف كاد.

و قديستعمل منه و من كاد المضارع نحو يكاد زيتها يضي‏ء و يوشك من فرّ بل المضارع في اوشك اكثر استعمالاً.

و اما اولي فهو كـ كاد في احكامه نحو اولي زيد ان‏يقوم اي قارب و كاد و الفرق انه لايستعمل الاّ مع ان.

و اما هلهل فلايستعمل مع ان ابداً نحو هلهل زيد يقوم و هو يفيد المبالغة في الاشراف.

و يتعين في «ان‏يفعل» بعد افعال المقاربة كون كناية راجعة الي فواعلها نحو كاد زيد يخرج و لايقال كاد زيد يخرج غلامه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 37 *»

فصل

في افعال الشروع

و هي افعال تدل علي شروع فواعلها في الفعلية و الاتصاف و هي انشأ و طفق و جعل و اخذ و علق و اقبل و قرب و هبّ و امثلتها واضحة. و هذه الافعال في جميع ما مرّ كافعال الاستعداد و افعال المقاربة الاّ انها لاتقترن بـ اَنْ و الفعل بعدها مأول بتقدير في فـانشأ يقول اي شرع في القول.

و قدجاء المفعول لـ جعل جملة اسمية و فعل ماض. و جاء حذف الفعل في طفق و الاكتفاء بالمصدر نحو قوله تعالي فطفق مسحاً بالسوق و الاعناق اي يمسح مسحاً.

و اعلم انه قديستعمل بعض الافعال استعمالها مع انها ليست منها نحو قام يشتم و قعد يبكي و لعلّها من باب التضمين لمعني شرع.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 38 *»

فصل

في فعلي التعجب

و هما فعلان وضعا للتعجب و هو استعظام الزيادة في وصف الموصوف‏به الذي قد خفي سببه فلو لم‏يكن فيه زيادة كثر نظراؤه و شاع و زال العجب ولو لم‏يخف سببه ابتذل العلم به و لم‏يبق فيه استعظام. و يقع التعجب بعبارات شتّي كقوله سبحانه ماادريك ما يوم الدين و كقوله كيف تكفرون باللّه و كنتم امواتاً و كقولهم للّه درّك و للّه ابوك و مثل انك لعلي خلق عظيم و مثل سبحان من تحير في ذاته سواه و امثال ذلك الاّ انها غيرموضوعة للتعجب بالخصوص و الموضوع‏له صيغتان مخصوصتان و هما مااَفْعَلَه و اَفْعِلْ به و هما صيغتان غيرمتصرفتين و هما علي حالهما في جميع الاحوال.

و لاتبنيان الاّ مما فيه تسعة شروط و هي ان‏يكون فعلاً ثلثياً متصرفاً قابلاً للتفاضل مبنياً للفاعل تاماً مثبتاً لم‏يكن فاعله علي وزن افعل  فعلاء مما وقع في الماضي. و قد جاء من المزيدفيه ايضاً في كلام افصح الفصحاء كثيراً كما هو في الدعاء المروي عن النبي9 المسمي بالصحيفة سبحانه من غني مااعطاه.

فاذا اريد التعجب من الافعال الفاقدة لهذه الشروط يؤتي بافعال اخر يصحّ منها التعجب نحو اشدّ و اضعف و اقلّ و احسن و امثالها مما يناسب المقام و ينصب المصدر المطلوب بعدها نحو مااقلّ تكريمك و يجرّ في الثانية نحو اعظم بانصافه و ان كان الفعل منفياً يتوصل اليه بـ اَن نحو مااكثر ان لايقوم و كذا ان كان مجهولاً نحو مااعظم ان‏ضُرب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 39 *»

و قد يقع التعجب من المفعول نحو ما اشهره اي ما جعله مشهوراً.

و قديحذف المتعجب‏منه كقوله تعالي اسمع بهم و ابصر و ذلك عند وجود القرينة علي المحذوف كما هو القاعدة في كل محذوف. و يمتنع ان‏يتقدم عليهما معمولهما و ان‏يفصل بينهما و بين معموليهما و بين «ما» و الفعل. و جوّز مثل ماكان احسن زيداً و الفصل بالنداء كما روي عن علي7لمّا رأي عمار بن ياسر مقتولاً قال اَعزِز علي ابااليقظان ان‏اراك صريعاً مجدّلاً و «ان‏اراك» مفعوله و حذف الباء منه و الفصل بظرف او مجرور نحو مااحسن بالرجل ان‏يصدق و كقول علي7 في الكلام السابق.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 40 *»

فصل

في افعال المدح و الذمّ

و هي نعـم و بئـس و كل فعل صيغ علي وزن فَعُلَ سواء كان من اصله نحو كبرت كلمةً تخرج من افواههم و حسن اولئك رفيقاً او بالتحويل نحو طمُع الرجل زيد.

و هنا مسائل:

الاولي: ان نعم و بئس فعلان كما اشرنا اليه و يدلّ عليه دخول التاء عليهما فيقال نعمت المرأة و بئست.

الثانية: الواقع انهما خبران كالتعجب فكما انه جري التعجب علي صورة الاستفهام او الامر و المراد الاخبار بانه شي‏ء ذو فضل يعجب منه فتخبر بقولك مااحسن زيداً فضل حسن زيد علي غيره و كونه بحيث يتعجب منه، كذلك افعال المدح و الذم فاذا قلت نعم الرجل زيد تخبر المخاطب بحسن رجولية زيد.

الثالثة: ان افعال المدح و الذم تقتضي فواعل بعدها و لابد من كونها محلاة باللام نحو نعم الرجل زيد و بئس الرجل عمرو فان المراد مدح رجولية زيد في الخارج لا غير فقولك نعم الرجل زيد تعني به نعم رجولية زيد. او مضافاً الي المحلي بغير واسطة نحو نعم صاحب الرجل زيد او مضافاً الي المضاف الي المحلي نحو قول ابي‏طالب:

فنعم ابن اخت القوم غيرمكذّب   زهير حسام مفرد من حمايل

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 41 *»

و قديكون الفاعل مضمراً فيميّز بنكرة منصوبة مفردة نحو بئس للظالمين بدلاً او مضافة نحو نعم ضاربَ رجل بفتح الباء اي نعم هو. و قديحذف التمييز نحو: ان فعلت كذا فبها و نعمت اي نعمت فعلةً و قديجمع التمييز مع الفاعل نحو:

نعم الفتاة فتاةً هند لو بذلت   ردّ التحية نطقاً او بايماءٍ

و قديكون الفاعل ظاهراً مضافاً الي نكرة نحو نعم ضاربُ رجل.

و يشترط مطابقة الفاعل و المخصوص في الخمسة اي في الافراد و التثنية و الجمع و التذكير و التأنيث فللمفرد تقول نعم الرجل زيد و للاثنين الرجلان و للكثير الرجال و للانثي المرأة وهكذا.

و اما اصل الفعل فيجوز فيه الوجهان فتقول نعمت المرأة هند و بئست المرأة هند و نعم المرأة و بئس المرأة.

الرابعة: تقتضي هذه الافعال مخصوصاً بالمدح او الذمّ و هو الشي‏ء المعين الذي قصدت مدحه او ذمّه فيذكر بعد الفاعل نحو نعم الرجل زيد و هو بدله ولكنه ابدال اعرف عن اخفي و انما اتي به للتوضيح و اما ان قدّم زيد فهو مبتدء موطّئ لان الفعل لايقع خبراً كما يأتي و المخصوص ضمير مستتر اي زيد نعم الرجل هو و هو بدل عن الرجل استغني عن ظهوره لاجل القرينة و هي زيد.

و قديحذف الفاعل و يميّز ثم يذكر البدل بعده نحو نعم رجلاً زيد و قديؤخر التمييز عن البدل نحو نعم زيد رجلاً و قديذكر بعد الفعل حال سواء كان قبل البدل او بعده نحو نعم راكباً زيد و نعم زيد راكباً. و يجب الموافقة بين الحال و البدل في الخمسة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 42 *»

و العامل في الحال و التمييز الفاعل بواسطة الفعل.

و قديحذف البدل عند قيام القرينة نحو انّا وجدناه صابراً نعم العبد انه اوّاب اي ايوب و نحو نعم الماهدون اي نحن.

الخامسة: كـ بئس ساء نحو قوله تعالي ساء ما يحكمون و ساءت مرتفقاً. و كذا حبّ و قديلحق به «ذا» و تكون فاعلاً له فيقال في المدح حبذا و في الذم لا حبذا كقول الشاعر:

الا حبذا عاذري في الهوي
  و لاحبذا الجاهل العاذل

و لايتقدم المخصوص علي حبّذا و قديقع بعد حبّذا حال او تمييز قبل المخصوص و بعده و لايتغير حبّذا عما هي عليه.

السادسة: قد يلحق بـ نعم و بئس «ما» ثم يقع بعدها جملة فعلية نحو قوله تعالي نعمّا يعظكم به ففي هذه الصورة «ما» موصولة اي نعم الذي يعظكم به. او اسم مفرد نحو فنعمّا هي و في هذه الصورة تكون معرفة تامة نحو نعم الشي‏ء هي او نكرة تامة علي التمييز اي نعم شيئاً هي.

السابعة: اما في ساير صيغ المدح و الذمّ فيجوز ان‏يؤتي بالفاعل اسماً ظاهراً مجرداً من ال نحو فهُم زيد اذا صار كثير الفهم و خبُث بكر اذا صار كثير الخبث.

و يجوز ذكر الفاعل المحلي باللام مع المخصوص نحو فهم الرجل فلان.

و قديضمر الفاعل و يميّز نحو كبرت كلمةً تخرج من افواههم اي كبرت كلمةً ما تخرج من افواههم و قديذكر التمييز مع المخصوص و يحذف الفاعل نحو حسن اولئك رفيقاً اي حسن الرجال اولئك من حيث الرفاقة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 43 *»

فصل

في مطابقة الفعل مع الفاعل

اعلم ان الفاعل اما مذكر او مؤنث و كل منهما اما حقيقي او لفظي و كل منها اما مفرد او تثنية او جمع و الجمع اما سالم او مكسر و يلحق بالجمع اسم الجنس و اسم الجمع و كل من هذه اما بعد الفعل او قبله و الذي بعد الفعل اما متصل به او منفصل و لكل من هذه الاقسام حكم:

اما المؤنث الحقيقي المتصل سواء كان مقدماً او مؤخراً و المنفصل و اللفظي المقدمان مفردةً او مثناةً فحكم الفعل في الاسناد اليها ان‏يكون مع علامة التأنيث وجوباً نحو اذ قالت امرأة فرعون و ضربت هند و الهندان و هند ضربت و الهندان ضربتا و هند يوم الجمعة ضربت و الهندان يوم الجمعة ضربتا و تري الشمس اذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين و اذا غربت تقرضهم ذات الشمال.

و انت في المؤنث اللفظي المؤخر سواء كان متصلاً او منفصلاً و الحقيقي المؤخر المنفصل بالخيار فلك ان‏تقول طلع الشمس و طلعت الشمس قال اللّه تعالي و جُمِعَ الشمس و القمر و ضربت اليوم هند و ضرب اليوم هند.

و اما الجمع سالماً كان او مكسراً بشرط كون السالم بالالف و التاء فان كان بعد الفعل فانت فيه بالخيار نحو ظهر الرجال او الايام او النسوة او الدور او الطلحات او الجبلات او الزينبات و ظهرت فيها جميعاً قال اللّه تعالي قالت الاعراب و قال نسوة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 44 *»

و ان تقدم الجمع غيرُ العاقل و الملحق‏به فيلحق بالفعل العلامة نحو الايام او الجبلات او النسوة او الزينبات او الدور او الظلمات ظهرت و تظهر او ظهرن و يظهرن و اما الجمع العاقل فان كان بالواو و النون فتلحق بالفعل له الواو فتقول الزيدون ضربوا. و ان كان بغيرهما فيجوز الواو و التاء فتقول الرجال او الطلحات ضربت و ضربوا و تضرب.

و اما اسم الجنس فيجوز الامران فيه مطلقاً نحو انقعر النخل و انقعرت النخل و النخل انقعر و انقعرت.

و اما اسم الجمع فبعضه واجب التأنيث كـالخيل و الابل و الغنم فهو كجمع التكسير تخيّر في مؤخره و تؤنّث في مقدمه و بعضه يجوز فيه الامران كـالركب فهو كاسم الجنس و انت فيه بالخيار نحو كذّبت قبلهم قوم نوح و كذّب به قومك و هو الحق.

فمجمل القول انه اذا تقدم الفاعل فطابق و اذا تأخر فطابق في الحقيقي المتصل و انت بالخيار في المؤنث الحقيقي المنفصل و اللفظي.

و اما في الافراد و اخويه فان كان الفاعل مؤخراً افرد الفعل لعدم الحاجة الي تثنيته و جمعه مع وجود الفاعل نحو قال اللّه و قال رجلان و قال الظالمون و قال نسوة و ان كان مقدماً فيطابقه في الافراد و التثنية و اما الجمع فان كان بالواو و النون فالاشهر الحاق علامة الجمع المذكر و جوّز التاء و اما ان كان بالالف و التاء فلك ان‏تلحق علامة الجمع المؤنث او التاء و كذا الجمع المكسر.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 45 *»

فصل

في الافعال غير المتصرفة

و قد سماها القوم اسماء الافعال و الحق انها افعال كـنعم و بئس غاية الامر انها افعال غيرمتصرفة فانها كلمات تدل علي حركة المسمي فلا وجه لتسميتها اسماء الا محض مخالفة الكوفيين.

و الحق انها علي قسمين: منها افعال غيرمتصرفة تدلّ علي حركة المسمي و الحدث المقرون بالزمان الملحوظ معه و منهـا اصوات جرت مجري الافعال و ليست باسماء و لا افعال و لا حروف حقيقةً بل هي اصوات صدرت من الاناسي لتجانس الاصوات الصادرة عن البهائم حتي تنزجر بها.

و اعلم ان هذه الافعال منها ما يدل علي الحدث ملحوظاً معه الماضي نحو هيهات و منها ما يدل علي الحدث الملحوظ معه المستقبل نحو قدني و قطني و منها ما يدلّ علي طلب الحدث في الحال نحو ها و هات.

ثم منها ما هو مقصور علي الفاعل نحو صـه و هـلا و منها ما هو متعدٍ نحو رويد زيداً.

و منها ما يجري عليه قليل تصرف نحو هاءَ هاؤُما هاؤُم هاءِ هاؤما هاؤنّ و منها ما لايجري عليه تصرف.

و جميع هذه الافعال مبنية.

فالماضي من هذه الافعال كثير نذكر منه ما تيسر:

ـ  فمنها هَيهات و اَيهات بمعني بَعُـَد.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 46 *»

ـ  و منها شتّانَ بمعني افترق مع تعجب من الافتراق و تطلب فاعلين لان التفرق يقتضي طرفين نحو شتّان زيد و عمرو.

ـ  و منها سَُِرعانَ و وَُِشكانَ بمعني سرع و قرب مع تعجب نحو لسرعان ما صنعت كذا اي مااسرع.

ـ  و منها بَُطـآنَ اي بطؤ و فيه معني التعجب كما مرّ.

ـ  و منها اُفٍّ و هي كلمة تكرّه تقال عند كرب او ضجر بمعني تضجرت.

ـ  و منها اَوْه و هي كلمة توجع و شكاية و قدتقال عند الاشفاق.

و اما المستقبل:

ـ  فمنها نحو قَدك و قَطك و بَجَلْكَ كلها بمعني يكفيك.

و قيل ان اَوَّه بمعني اتوجع و اُفٍّ بمعني اتضجر فعلي هذا يمكن ان‏تكونا بمعني الحال.

ـ  و منها وا و وي و واهاً كلّها بمعني اعجب كقوله تعالي وي كأنّه لايفلح الكافرون.

و اما الامر فهو فيها اكثر من غيره و نذكر هنا ما يتيسر.

فمنها ها بمعني خذ و قديمدّ و يصرّف همزتها تصاريف الكاف فيقال هاءَ، هاؤما، هاؤم، هاءِ، هاؤما، هاؤنّ و منه هاؤم اقرأوا كتابيه.

و منها هات بمعني اعط و يتصرف فيقال هاتِ، هاتيا، هاتوا، هاتي، هاتيا، هاتين.

و منها هيتَ لك اي اقبل و يصرف الكاف بعدها فيقال هيت لكَ و لكما و لكم و لكِ و لكنّ.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 47 *»

و منها بَلْهَ بمعني دع يقال بَلْهَ زيداً اي دعه.

و منها تَيْدَ زيداً اي امهله و يقال تيدك يا فلان يعني اتئد و ارفق.

و منها رُوَيْدَ اي امهل نحو رويد زيداً.

و منها صَـهْ بمعني اسكت و ان وصلت نوّنت و تنوينه تنوين تأكيد و مبالغة في الامر.

و منها مَـهْ و معناها اكفف اذ هي زجر و ان وصلتها نوّنتها بالكسر.

و منها ايهِ بمعني زد في الحديث او في العمل.

و منها ايهاً عنا اي كفّ عن الحديث و اقطعه.

و منها هلا زجر للخيل اي توسعي و تنحي.

و منها هيا و هياك و هيّك و قدتخفف اي اسرع و هَيّا زجر.

و منها حَي اي اقبل.

و منها حيّهلا و هي مركبة من حي و هلا اي اقبل و اسرع و هي منونة و غيرمنونة و قديحذف الالف فيقال حيّهل و قدتقترن بـ الي نحو حيّهل الي الثريد او بالباء نحو حيّهل بعمرو اي اسرع بذكره و بـ علي نحو حيّهل علي زيد و قدتعدي بنفسها نحو حيّهل الثريد.

و منها هلمّ بمعني احضر للخَمس.

و منها فِداءٍ كقوله مهلاً فداءٍ لك الاقوام كلهم يريد الدعاء و ان‏يفديه غيره.

و منها دَعْ و لَعْ تقالان للعاثر بأن‏ينتعش اي انتعش.

و منها امين اي استجب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 48 *»

و منها اَخّ كلمة تكرّه.

و منها بَخْ يقال عند المدح اي اعجب و تكرّر فيقال بَخٍ بَخْ و بَخٍ بَخٍ و بَخٍّ بَخٍّ.

و منها حذارَ اي احذر فيقال حذارَ حذارَ.

و اعلم انه كثيراًما يشتق من الثلاثي المجرد فعل غيرمتصرف علي وزن فَعالِ نحو نزال و دراك و تراك و يكون بمعني الامر مع المبالغة. و في الحقيقة في جميع هذه الافعال غيرالمتصرفة مبالغة ليست في غيرها من الافعال المتصرفة و هي ايضاً مبنية كما مرّ.

و اما الظروف نحو فوقك و تحتك و يمينك و شمالك و وراءك و خلفك و امامك و قدّامك و اسفلك و قبلك و بعدك و اولك و اخرك و دونك و عندك و امثال ذلك فهي ظروف جرت مجري المصادر للعجلة في التحذير و شدة الخوف فان قولك في التحذير خلفك معناه اتق المحذور الذي جاءك من خلفك فتقول اشفاقاً علي المخاطب خلفك خلفك كماتقول نفسك نفسك و اياك و الاسد و البئر البئر و العدو العدو فجميع ذلك جارية مجري المصادر. و كذا الجار و المجرور نحو عليك و اليك فلا اري وجهاً لالحاقها بهذا الباب.

تنبيه: اعلم ان هذه الافعال تعمل عمل معانيها من الافعال في التعدي و القصر.

فان كان معانيها قاصرة اقتصرت علي الفاعل نحو هيهات نجـدٌ اي بعُد نجد.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 49 *»

و ان كان معناها لايكتفي بمرفوع واحد لم‏تكتف هي ايضاً نحو شتان زيد و عمرو و بكر يعني تفرقوا.

و ان كان معناها يتجاوز الي المفعول تجاوزت هي ايضاً و نصبت تقول دراك زيداً و تراك زيداً فان المعني ادرك زيداً و اترك زيداً.

و ان كان الفعل يتمّ معناه بحرف تمّت ايضاً بالحرف نحو حيّهل علي الخير اي اقبل علي الخير و حيّهل بذكر زيد اي بادر بذكره.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 51 *»

المقاﻟ[ الثاﻧﻴ[

في الاسماء و ما يتعلق بها

و فيها مقدمة و اربعة مقاصد:

المقدمة

اعلم ان الاسم ما انبأ عن المسمي و من خواص الاسماء دخول لام التعريف عليها و الجرّ سواء كان باضافة او حرف و التنوين غيرالترنمي و وقوعها مسنداً اليه و التأنيث و التذكير و التثنية و الجمع و التصغير و النسبة اليها و النداء و الخطاب و وقوعها مضافاً او مضافاً اليه.

فاذا عرفت ذلك فاقول ان الاسم علي قسمين: اما يكون مشتقاً من الفعل بغير واسطة او بواسطة او ليس بمشتق. فالمشتق من الفعل يكون عاملاً بعمل الفعل لما فيه من مسحة الفعل فهو اعلي الاسماء و اقربها من الفعل.

و علي وجه اخر يقسم الاسم علي قسمين اخرين فانه اما لايتغير اخره في جميع الموارد عن حاله فهو المبني و اما يتغير فهو المعرب و المعرب ان كان فيه مسحة من المبني ايضاً يخفي فيه بعض جهات الاعراب والاّ يعرب اعراباً تاماً ظاهراً.

و المعرب ايضاً اما يتعلق به العامل في‏الكلام بالذات او يتعلق به بالتبع و بالعرض.

و يقسم مرة اخري بانه اما يراد به شخص معين فهو معرفة او غيرمعين فهو نكرة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 52 *»

المقصد الاول

في الاسماء المشتقة عن الفعل

اعلم ان الاشتقاق هو اقتطاع فرع من اصل بتغيير الحروف او صفاتها.

فالاسم الذي يشتق من الفعل بلاواسطة هو «المصدر».

ـ  و اما الذي يشتق من الفعل بواسطة المصدر هو «اسم الفاعل» و «اسم المفعول» و «الصفة المشبهة» و «صفة المبالغة» و «اسم التفضيل».

و نذكر ان‏شاءالله ما يتعلق بالنحو من احكامها ففي هذا المقصد ستة فصول:

فصل

في المصدر

و هو اسم الحدث الصادر من فاعله بفعله الايجادي كـالضرب او الاتصافي كـالطول و هو علي قسمين:

ـ  اما فيه ميم زائدة فهو المصدر الميمي كـالمقتل.

ـ  او لا فهو المصدر غير الميمي كـالضرب.

و هو يعمل عمل فعله في التعدي و اللزوم بشروطٍ و هي:

ـ  ان‏يصـح وقوع فعل مع الحرف المصدري مقامه نحو اعجبني ضربك زيداً فانه بمعني اعجبني ان‏ضربت زيداً.

ـ  و ان لاتكون مصغرةً فلايقال اعجبني ضريبك زيداً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 53 *»

ـ  و ان لايحول بينها و بين معمولها صفة لها فلايقال اعجبني ضربك الشديد زيداً.

ـ  و ان لايكون بينها و بين معمولها اجنبي فاصل فلايقال اعجبني ضرب كثيراً زيد عمراً.

ـ  و ان لاتكون محدودة بالتاء فلايقال عجبت من ضربتك زيداً.

ـ  و ان لاتكون مثناة و لا مجموعة فلايقال اعجبني ضرباك زيداً و لا ضرباتك عمراً.

فاذا اجتمع في المصدر شروط العمل يعمل عمل فعله تعدياً فيقتضي فاعلاً و مفعولاً نحو اعجبني ضرب زيد عمراً او لزوماً فيقتضي فاعلاً نحو اعجبني قعود زيد.

و اعلم ان للمصدر ثلث حالات فانه اما مضاف او منوّن او محلّي باللام:

فان كان مضافاً يمكن اضافته:

ـ  الي الفاعل نحو اعجبني ضرب زيد عمراً.

ـ  و الي المفعول‏به نحو اعجبني تطليق هند زوجُها.

ـ  و الي المفعول‏فيه نحو اعجبني ضرب يوم الجمعة.

ـ  و الي المفعول‏له علي قلة نحو اعجبني ضرب التأديب.

ـ  و الي الظرف مع ذكر الفاعل و المفعول‏به نحو اعجبني ضرب اليوم زيدٌ عمراً.

فان اضيف الي الفاعل فالفاعل مجرور اللفظ مرفوع المحل و ان اضيف الي المفعول فالمفعول مجرور اللفظ منصوب المحل ان قدّر فعل الفاعل او

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 54 *»

مرفوع المحل ان قدّر فعل المفعول فان قولك اعجبني ضرب عمرو زيدٌ في قوة قولك اعجبني ان ضرب عمراً زيدٌ و قولك اعجبني ضرب عمرو في قوة قولك اعجبني ان ضُرِب عمرو و ان اضفته الي الظرف فالفاعل مرفوع و المفعول منصوب.

و يجوز تقديم المفعول علي الفاعل نحو للّه علي الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً و حذف الفاعل و الاكتفاء بالمفعول نحو لقد ظلمك بسؤال نعجتك الي نعاجه.

و لايضمر في المصدر ضمير الي سابق الاّ ان‏يكون بمعني الفاعل نحو زيد عدل و لايتقدم معموله عليه الاّ ان‏يكون ظرفاً او مجروراً بحرف نحو اللّهم ارزقني من عدوك البراءة و اليك الفرار و عندك القرار.

و ان كان منوّناً يعمل ايضاً كما مرّ نحو او اطعام في يوم ذي‏مسغبة يتيماً. و اعماله منوّناً اكثر من اعماله مع «ال» و مضافاً اكثر من اعماله منوناً.

و المصدر الميمي في العمل كغيره نحو:

أَ ظُلَيْم انّ مصابكم رجلاً   اهدي السلام تحيةً ظُلمٌ

تنبيه: اعلم انه قديراد بالمصدر المرة فيصاغ من الثلاثي المجرد علي فَعلة بفتح الفاء سواء كان فيه زيادة ام لا نحو جلس جَلسة و لبس لَبسة. و ان كان بناؤه في الاصل علي فَعلة توصف بالمرة و الواحدة نحو رحم رحمة واحدة.

و ان اريد الدلالة علي الهيئة فيقال فِعلة بكسر الفاء نحو جلس جِلسة الامير و ان كان بناء المصدر العام عليه يوصف نحو نشد الضالة نِشدة عظيمة.

و يصاغ من غير الثلاثي للمرة بان‏يزاد تاء في اخر المصدر كـانطلق

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 55 *»

 انطلاقةً و ان كان بناء المصدر العام بالتاء يوصف نحو اقام اقامة واحدة و كذا ان اريد الهيئة يوصف لانه لم‏يبـن منه لفظ للهيئة فيقال اكرم اكراماً حسناً او نحو اكرام فلان.

و اعلم انه قديراد بالمصدر الفاعل او المفعول فحينئذ يستوي فيه الخمس اي المفرد و التثنية و الجمع و المذكر و المؤنث نحو هو عدل و هما عدل و هم عدل و هي عدل اي عادل و هذا خيرتي اي مختاري كذلك و يجوز تثنيته و جمعه ايضاً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 56 *»

فصل

في اسم الفاعل

و هو كلمة تشتق من المصدر تدلّ علي الذات التي يقوم بفعلها المصدر. و هو لايخلو من ثلث حالات: اما ان‏يكون محلي باللام او يكون منوناً او مضافاً.

فان كان محلي باللام فهو يعمل عمل الفعل مطلقاً نحو و الذاكرين اللّه كثيراً و نحو و المقيمين الصلوة و المؤتون الزكوة.

و اما ان كان منوناً فالحق انه ايضاً يعمل عمل الفعل مطلقاً نحو قائمٌ زيد و ضاربٌ زيد عمراً و ماضاربٌ زيد عمراً و مررت برجلٍ ضاربٍ ابوه عمراً و جاءني زيد ضارباً ابوه عمراً.

بقي شي‏ء و هو انه لايجب تنوين الوصف علي حال و يجوز اضافته الي المفعول نحو انّ اللّه بالغ امرِه و واللّه متمّ نورِه.

و ان كان الفاعل ذا مفعولين او ثلثة و اريد الاضافة يجرّ واحداً و ينصب الباقي نحو انت كاسي خالدٍ ثوباً و مُعْلِم بكرٍ زيداً رشيداً.

و اذا اتبع المجرور بالوصف تابع فالوجه جرّ التابع حملاً علي‏اللفظ نحو هذا ضارب زيد و عمرو و يجوز نصبه نحو جاعل الليل سكناً و الشمس و القمر حسباناً عطفاً علي المحل.

و اعلم انه يجوز اعمال التثنية و الجمع كالمفرد نحو هما ضاربان زيداً و هم ضاربون زيداً و قال اللّه تعالي و الذاكرين اللّه كثيراً و الذاكرات.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 57 *»

و اما ما يحوّل اليه الفاعل للمبالغة فيعمل عمل الفاعل مطلقاً و هو خمسة اوزان:

الفعّال و الفَعُول و الفَعيل و الفَعِل و المِفعال نحو لبّاساً اليها جِلالها، هيوجٌ اخوان الغراء، شبيهة هلالاً، اتاني انهم مزقون عِرضي و زيد مضراب عمراً.

و كذلك يعمل تثنية هذه الاوصاف و جمعها و منه قول الشاعر انهم مزقون عرضي.

تنبيه: اذا قصد باسم الفاعل الثبوت عومل معاملة الصفة المشبهة في رفع المعمول علي الفاعلية و نصبه علي التمييز و ان كان معرفة و جرّه بالاضافة نحو زيد طاهر قلبُه و زيد طاهرٌ القلبَ بالفتح و زيد طاهر قلباً و زيد طاهر القلبِ.

تنبيه: اعلم انه يصاغ اسم الفاعل من الثلاثي المجرد ان كان علي وزن فَعَلَ مطلقا او فَعِلَ متعدياً مقيساً علي وزن فاعل. و اما فَعُلَ و فَعِلَ قاصراً فاسم الفاعل منهما سماعي نحو عَقُرت المرأة فهي عاقر و اَمِنَ فهو امن. و انما يصاغ منهما الصفة المشبهة و الغالب فيهما في غير الالوان و العيوب فَعِل نحو فَرِح و اَشِر و بَطِر و في الالوان و العيوب افعل نحو احمر و اخضر و اعرج و احول و لما في الجوف من الجميع فَعْلان نحو شبعان و جوعان و قد تأتي علي وزن فَعيل نحو ضخيم و سميع و فَعْل نحو ضخم و شيخ.

و من غير الثلاثي المجرد علي صيغة المضارع بابدال حرف المضارعة بالميم المضمومة و كسر ما قبل الاخر نحو مُكرِم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 58 *»

و الفرق بينه و بين الصفة المشبهة ان الفاعل يراد منه الصدور عن الفاعل و الصفة المشبهة يراد منها ثبوتها له فلو اريد من الفاعل الثبوت يعود صفة مشبهة و ان قصد بالصفة الحدوث ردّت الي صيغة اسم الفاعل فيقال زيد حاسنٌ الان او غداً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 59 *»

فصل

في اسم المفعول

و هو كلمة تشتق من المصدر تدلّ علي الذات التي يقع عليها المصدر و يظهر بها كالمضروب فانه يدلّ علي ذات ظهر عليها اثر فعل غيرها و هو كاسم الفاعل لاشتقاقه من الفعل بواسطة المصدر يعمل عمل فعله المبني للمفعول في التعدي الي واحد او اثنين فيرفع فاعله فقولك زيد المضروب عبده اي زيد الذي ضُرِبَ عبده و ان كان له مفعول نصبه فتقول زيد معطي ابوه درهماً و مُعْلَمٌ اخوه بشراً فاضلاً.

و ان اريد بالمفعول الثبوت المحض عومل معاملة الصفة المشبهة نحو زيد مظلومٌ عبده فالعبد مرفوع علي الفاعلية و يمكن ان‏يضاف فيجرّ نحو زيد محمود الفعال.

و اسم المفعول لايبني من فعل لازم اذ لايحتاج الي مظهر يظهر عليه غير فاعله و ان كان الفعل متعدياً بنفسه فيؤتي به كما هو علي وزن المفعول ان كان من الثلاثي المجرد و علي وزن المضارع المبني للمفعول ان كان من غيره بابدال حرف المضارعة بالميم المضمومة. و ان كان متعدياً بالحرف يؤتي بذلك الحرف علي كناية بعد المفعول نحو المذهوب به.

و قديأتي الفعيل بمعني المفعول و هو سماعي نحو ذبيح بمعني المذبوح و القتيل بمعني المقتول و الطريح بمعني المطروح و الشهير بمعني المشهور و امثال ذلك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 60 *»

فصل

في الصفة المشبهة

و هي كلمة اشتقت من المصدر القاصر و صيغت لاثبات المصدر لموصوفها من دون ملاحظة وقت.

و اذا قصد منها وقت حوّلت الي وزن الفاعل نحو:

و ما انا من رزء و ان جلّ جازع   و لا بسرور بعد موتك فارح

و هي مشبهة بالفاعل في الدلالة و تعمل عمله فتقتضي فاعلاً و لكونها مشتقة من القاصر لاتقتضي مفعولاً و لا مانع من ساير الفُضَل لها كما لا مانع منها للفعل القاصر. و هي تذكّر و تؤنث و تثني و تجمع.

و اوزانها سماعية منها توازن اسم الفاعل و منها توازن اسم المفعول و منها غير اوزانهما كـطاهر و محمود و حسن و صعب و شديد و مَلأْن و غير ذلك. و القياسي منها ما كان علي وزن افعل للالوان و العيوب كـ اسود و اعرج.

و تستعمل الصفة المشبهة علي قسمين: مصحوبة ال التعريف و مجردة عنها نحو الحسن و حسن.

و معمولها علي ثلثة اقسام:

ـ  مصدّر بـ ال و يلحق به المضاف الي مصدّر بـ ال و المضاف الي المضاف الي مصدّر بـ ال و هكذا بالغاً ما بلغ نحو الوجه و وجه الاب و وجه غلام الاب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 61 *»

ـ  و مضاف الي الكناية و في حكمه المضاف الي المضاف الي الكناية و المضاف الي المضاف الي المضاف الي الكناية و هكذا بالغاً ما بلغ نحو وجهه و وجه غلامه و وجه غلام ابيه.

ـ  و مجرد عنهما و يلحق به ما يضاف الي مجرد و ما يضاف الي ما يضاف الي مجرد و هكذا بالغاً ما بلغ نحو وجه او وجه غلام او وجه غلام اب.

و عملها في المعمول رفع و نصب و جرّ فان رفعت فعلي الفاعلية فحينئذ تخلو عن الكناية فلابد من عائد في المعمول يرتبط به الجملة بالموصوف نحو زيد الحسن وجهه او حسن وجهه. و ان نصبت فعلي التمييز نحو الحسن وجهاً و حسن وجهاً. و ان جرّت فبالاضافة نحو زيد حسن الوجه و الرابط حرف التعريف فانه فيه معني الاشارة.

و يجوز ان‏يفصل بينها و بين معمولها بظرف او مجرور كقولك زيد مسرور في الدار قلبه او فرحان بالولد قلبه و كذا في حال النصب علي انه تمييز و في الظروف و المجرورات توسعة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 62 *»

فصل

في اسم التفضيل

و هو كلمة تشتق من المصدر تدلّ علي اثبات الحدث لموصوف قام به ذلك الحدث او ظهر به بزيادة علي غيره كاعلم و اشهر.

و قياسه ان‏يصاغ من كل مصدر ثلاثي متصرف تامّ مثبت قابل للتفاضل مبني فعله للفاعل لايكون الوصف منه علي افعل فَعْلاء و يصاغ ايضاً من باب الاِفعال نحو فلان اعطي القوم للمال و يأتي كثيراًما من العيوب الباطنة و ان كان وصفها علي وزن افعل فعلاء نحو فلان احمق من فلان و اجهل و اعمي اذا اريد منه عمي القلب.

فاذا اريد التفضيل من غير ما ذكرناه استعين ببعض الافاعل الواردة ثم يؤتي بالمصدر المطلوب بعده نحو هو اشد استخراجاً و سواداً و عرجاً من فلان وهكذا.

و قياسه للفاعل و قديأتي للمفعول نحو اعذر و الوم و اشغل و اشهر.

و قديكون لغير تفهيم الزيادة بل لمطلق اثبات الصفة نحو ما عند الله خير و ابقي.

و صيغته افعل للمذكر و فُعْلي للمؤنث نحو افضل و فُضلي و قديحذف الهمزة لكثرة الاستعمال نحو خير و شرّ.

و الاصل في استعماله ان يكون مع «من» الابتدائية و قد تحذف «من» للقرينة او الوضوح نحو اللّه اكبر اي من ان‏يوصف.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 63 *»

و يجب ان‏يليه «من» اذا كان مجرداً عن ال و الاضافة و عدم القرينة.

و قديفصل بينهما معموله نحو:

فانّا رأينا العِرضَ احوج ساحةً   الي الصون من ريط يمان مسهّم

و قديفصل بينهما بـ لو نحو هي احسن لو انصفت من الشمس.

و يلزم تقدم «من» اذا كان المفضول اسم استفهام نحو ممن زيد اعلم او مضافاً اليه نحو من غلام ايّهم اكرم انت.

فاذا كان افعل مقروناً بمن او مضافاً الي نكرة يجب افراده و تذكيره في المقامات الخمسة نحو زيد افضل من عمرو و هند افضل من سعاد و هما افضل و هم افضل و هن افضل قال اللّه تعالي ليوسف و اخوه احبّ الي ابينا منّا و كذا زيد افضل رجل و هند افضل امرأة لاشتراكهما ـ اي المضاف الي النكرة و المقرون بمن ـ في التنكير.

و في المضاف‏اليه قولان المطابقة للموصوف نحو انتما افضل رجلين و انتم افضل رجال و الافراد في كل حال نحو انتما افضل رجل و انتم افضل رجل.

و ان كان مضافاً و قصد منه الزيادة الخاصة و اضيف الي معرفة ففيه الوجهان الافراد و التذكير، و المطابقة نحو لتجدنهم احرص الناس و هم اراذلنا بادي الرأي.

و ان قصد به الزيادة المطلقة لا من المضاف‏اليه او كان معرفاً باللام فيجب فيه المطابقة في الخمس نحو هو افضل و هما افضلان و هم افضلون و هي فضلي و هما فضليان و هن فضليات و نحو هو الافضل و هما الافضلان و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 64 *»

هم الافضلون و هي الفضلي و هما الفضليان و هن الفضليات.

تنبيه: لمّا كان افعل مشتقاً من المصدر المشتق من الفعل و كان فيه مسحة من الفعل يعمل عمل الفعل فيقتضي فاعلاً سواء كان للفاعل او للمفعول فقولك زيد افضل من عمرو يكون الفاعل هو الضمير المستتر في افضل الراجع الي زيد و قولك زيد اشهر من عمرو فالضمير هو الفاعل و قديكون فاعله اسماً ظاهراً نحو مررت برجل افضل منه ابوه فابوه فاعله و خير منه عمله فعمله فاعله.

و قديتعدي الي المفعول بما يتعدي به فعله او يصل به نحو هو اعطي للدرهم من غيره و هو اعلم بكم اذ انشأكم و هو اعلم بمن ضلّ عن سبيله و انا امرّ منك بزيد. و يصل الي اول مفعولي باب «كسوت» و «علمت» باللام و ينصب الثاني نحو زيد اكسي منك لعمرو الثياب و اعلم منك لزيد منطلقاً. و الذي يفهم منه الحب و البغض يصل بـ الي نحو هذا احب الي منك و فلان ابغض الي منك.

و قدينصب الظرف او الحال او التمييز نحو زيد احسن منك اليوم راكباً و احسن منك وجهاً قال اللّه تعالي انا اكثر منك مالاً و اعزّ نفراً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 65 *»

فصل

في المنسوب

و هو ايضاً يعمل عمل فعله لكونه بمعني اسم المفعول حقيقةً كـالتميمي فانه بمعني المنسوب الي التميم و القرشي بمعني المنسوب الي القريش فهو ايضاً يعمل عمل المفعول الذي لم‏يقصد منه الحدوث فهو يعمل عمل الصفة المشبهة فهو اما محلّي باللام او مجرد عنها و معموله ايضاً اما محلّي باللام او مضاف او مجرد و اما يرفع معموله علي الفاعلية او ينصب علي التمييز او يجرّ علي الاضافة تقول رأيت زيداً القرشي الابُ بالرفع علي انه فاعل له اي رأيت زيداً الذي ينسب الي القريش ابوه او الابَ بالنصب علي التمييز و الفاعل مستتر فيه اي قرشي هو من حيث الاب او القرشي الابِ بالاضافة و الفاعل مستتر في المضاف و المضاف‏اليه و انهما بمنزلة كلمة واحدة اي قرشي الاب هو و علي هذه فقس البواقي كما مرّ في الصفة المشبهة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 66 *»

المقصد الثاني

في المبنيات و ما يتعلق بها او يلحق

و فيه مقدمة و احدعشر فصلاً:

المقدمة

في بعض ما ينبغي تقديمه هنا

اعلم ان الاصل في الحروف و الافعال البناء و في الاسماء الاعراب.

لكن الفعل مبني لاستعلائه عن ان‏يجري عليه ما هو اجراه و الحرف مبني لانه خفي فيه تأثير العامل لخساسته و عدم مطاوعته ظاهراً.

فالاسماء ان قامت مقام الفعل المبني و دلت علي مدلوله بنيت للمشابهة و ان شابهت الحروف في عدم الاستقلال و الحاجة الي فعل او اسم اخر مستقل بنيت كالحروف و ما بعد منها عن شباهة الفعل و الحرف كان معرباً و ان تعادل الشباهة باحد الطرفين مع خواص الاسمية اثّر كل بعض تأثير كغير المنصرف كما يأتي.

و المعرب ما يتغير اخره بسبب العوامل المختلفة المستولية عليه.

و يسمي المبني عندهم بغير المتمكن و هو عشرة انواع:

الاشارات و الكنايات فانها لمعان غيرمستقلة حرفية.

و كذا اسم الشرط و الاستفهام فانهما لمعان حرفية.

و كذا الموصولات فانها لا تتم معانيها الاّ بصلاتها و ليست مستقلة بانفسها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 67 *»

و الظروف فانها لمعان اضافية نسبية لا تستقل الاّ مع غير.

و المبهمات فانها لابهامها لا تفيد شيئاً و تحتاج الي الفاظ مفسرة غيرها.

و المركبات فَرُوعِي فيها حاجة كل جزء الي الاخر في افادة معني مستقل مراد.

و اما الحكايات فانها ملحقة بالمبنيات.

و الاصوات فانها كالحروف في عدم افادتها معني مستقلاً و لايمكن تركيب كلام منها.

و اما الاعداد فهي عند العدّ و السرد كلمات غيرمرتبطة تشاكل الحروف في عدم ارتباط بعضها ببعض و الفعلَ في عدم كون عامل لها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 68 *»

فصل

في الاشارات

و هي كلمات وضعت للاشارة الي كل مشار اليه حاضر غير المخاطب. و المشار اليه اما مذكر او مؤنث و كل منهما اما مفرد او مثني او مجموع فهذه ستة و كل منها اما قريب او متوسط او بعيد فهذه ثمانيه‏عشر.

فتشير الي المفرد المذكر باربعة ذا و ذاءِ و ذائِه و ذاؤُهُ قال الشاعر:

هذاؤه الدفتر خير دفتر   في كفّ قوم ماجد مصوّر

و الي المفرد المؤنث بـ ذي و تي و ذهي و تهي و ذه و ته و ذات و تا.

و الي المثني بـ ذانِ و تانِ رفعاً و ذَينِ و تَينِ نصباً و جراً.

و الي الجمع المذكر و المؤنث بـ اولاءِ قال الله تعالي انّ السمع و البصر و الفؤاد كل اولئك كان عنه مسـٔلاً.

و قديلحق هذه الكلمات المذكورة هاء التنبيه لتنبيه المخاطب حتي يلتفت و يدرك المشار اليه نحو: هذا و هذان و هاتا و هاتان و هؤلاء.

و كل هذا الذي ذكرنا للاشارة الي القريب.

و يلحقون بها الكاف للاشارة الي المتوسط فهي: ذاكَ، ذانِكَ، اولكَ، تيكَ، تانِكَ، اولكَ.

و قديلحق بها مع الكاف اللام للاشارة الي البعيد و لايجتمع اللام مع هاء التنبيه و لاتلحق التثنية و قلما تلحق الجمع.

فترتيب الاشارات علي قول هكذا ذا، ذاك، ذلك ـ ذان، ذانك، ذانّك

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 69 *»

ـ اولي مقصورة و ممدودة و اولك بالقصر و اولئك بالمد ـ ذي و تي، تيك، تِلك ـ تان، تانك، تانّك ـ اولي، اولك، اولئك. و هذا الذي ذكرنا يكون في الاشارة مطلقاً.

واعلم ان الاصل ذلك و قديختلف الملاحظات و الاعتبارات فقديشار الي القريب باشارة البعيد تعظيماً نحو ذلكم الله ربكم و بالعكس استخفافاً نحو أتخوّفني من هذا؟

و يختص بالمكان القريب هُنا و هيهُنا نحو انّا هيهنا قاعدون و يشار الي المتوسط بـ هناك و هيهناك. و الي البعيد بـ هُنالِك و هَنّا و هِنّا و ثَمّ نحو و ازلفنا ثَمّ الاخرين و اذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً و ملكاً كبيراً اي رأيت نعيماً و ملكاً كبيراً هنالك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 70 *»

فصل

في الكنايات

و هي كلمات وضعت للتعبير عن كل شخص غائب او مخاطب او متكلم نحو هو فانها وضعت لكل مفرد غائب و انت فانها وضعت لكل مفرد مخاطب و هكذا انا فانها وضعت لكل متكلم.

تقسيـم: و هي تنقسم اولاً قسمين: ملفوظ و غيرملفوظ.

فغيرالملفوظ هو المستتر الذي لايبرز ابداً و لا لفظ له بوجه فليس في ضربت زيداً و قام المستتر «هو» فان «هو» كناية ملفوظة منفصلة و الكناية المستترة لاتبرز ابداً اذ لا لفظ لها و اسكن انت و زوجك الجنة انما «انت» فيه تأكيد المستتر و ليس بفاعل مستقل و في‏الحقيقة هي جهة حكاية الفعل للفاعل لا غير.

فالمستتر نوعان: اما لايخلفه صريح و لا كناية منفصلة نحو اِضرِبْ و اَضرِبُ و نَضرِبُ و تَضرِبُ. و اما يخلفه كناية او صريح نحو ضربت زيداً و قام و قام هو او زيد.

و الكناية المستترة لاتكون الاّ مرفوعة فانها العمدة في الكلام و العمدة في الفعل و هي حقيقةً جزء الفعل فلذلك تستتر فيه و اما الفضلة فشي‏ء خارج عن ذات الفعل فلا تستتر فيه.

و اما الكناية الملفوظة المظهرة فهي علي نوعين: متصل بعامله نحو ضَرَبَه و منفصل عنه. و كل من هذين النوعين مؤنث و مذكر. و كل من هذه

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 71 *»

الاربعة اما مرفوع و اما منصوب فهي ثمانية. و اما المجرور فلايقع الاّ متصلاً مذكراً او مؤنثاً فهذه عشرة كاملة.

ـ  اما المرفوعة المتصلة فهي التاء المتحركة في ضربتَ، ضربتما، ضربتم، ضربتِ، ضربتما، ضربتنّ، ضربتُ و نا في ضربنا.

و اما الالف في المثني و الواو في الجمع و نون الاناث في الماضي فهي عندي حروف جعلت علامة التثنية و الجمع و الاناث فان الواضع كما وضع للمفرد لفظاً مناسباً وضع للمثني ايضاً لفظاً و للجمع لفظاً و كما وضع للمذكر لفظاً وضع للمؤنث لفظاً كماتكون هي في الاسماء علائم نحو الزيدان و الزيدون و القائمان و القائمون و القائمة و القائمتان و القائمات. و لوكانت هذه كنايات لمااجتمعت مع التصريح و يقول العرب قاما اخواك و قاموا اخوتك و قمن اخواتك و قد قال اللّه تعالي و اسرّوا النجوي الذين ظلموا. فالمرفوعة المتصلة منحصرة بثمانية الفاظ: تَ   تُما   تُم  ـ  تِ   تُما   تُنَّ  ـ تُ نا.

و اما في المضارع ففي يضرب و تضرب المخاطب و اضرب و نضرب مستترة اجماعاً و اما الف التثنية و واو الجمع و نون الاناث و ياء المؤنث فالحق انها ايضاً حروف دالة علي المثني و المجموع و المؤنث و تبقي عند اختلاف العوامل لانها من اصل الكلمة و النون للاعراب فتحذف و تثبت و الكناية مستترة فيها ايضاً و قديخلفها الصريح و يجتمع مع العلامة كمامرّ.

و كذا الحكم في الامر فالالف و الواو و الياء و النون علائم و حروف لا كنايات.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 72 *»

ـ  و اما المنصوبة المتصلة و المجرورة المتصلة فتشتركان في اللفظ فانهما فضلتان و هي:  هُ  هُما  هُم   ها  هُما  هُنَّ  ـ  كَ  كُما  كُم   كِ  كُما  كُنّ  ـ ي نا.

و حركة هاء الغائب ضمة الاّ ان‏يكون قبلها ياء او كسرة نحو لَهُ و مِنْهُ و عليْهِ و بِه.

و اما هاء المثني و الجمع فان كانت بعد فتحة او ضمة او ساكن تضمّ نحو لَهُما و لَهُم و غلامُهُما و مِنْهُم و ان كانت بعد كسرة او ياء تكسر نحو بِهِما و اَكرِميهِم.

ـ  و اما المرفوعة المنفصلة فهي:

هُوَ    هُما    هُم    هِي    هُما    هُنَّ ـ اَنتَ    اَنتُما    اَنتُم    اَنتِ    اَنتُما    اَنتُنَّ ـ اَنَا نَحنُ.

ـ  و اما المنصوبة المنفصلة فهي: اِيّاهُ   اِيّاهُما   اِيّاهُم   اِيّاها   اِيّاهُما اِيّاهُنَّ ـ اِيّاكَ    اِيّاكُما    اِيّاكُم    اِيّاكِ    اِيّاكُما    اِيّاكُنَّ  ـ  اِيّاي   اِيّانا.

و هنا مطالب:

الاول: اعلم ان مبني كلام العرب بل كل عاقل علي الاختصار فمادام يمكن التكلّم بالكناية المتصلة لايتكلمون بالكناية المنفصلة فلايقال اكرمت اياك و يمكن اكرمتك.

و قديوجد اسباب تقتضي الانفصال:

ـ  كما اذا اريد الحصر و التخصيص فتقدم الكناية نحو اياك نعبد و اياك نستعين.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 73 *»

ـ  و اذا رفع الكناية مصدر مضاف الي المنصوبة نحو بنصركم نحن كنتم ظافرين.

ـ  و اذا نصب و هو مضاف الي المرفوعة نحو عجبت من ضرب الامير اياك.

ـ  و اذا كان المصدر ذا لام نحو اعجبني الضرب اياك.

الثاني: اعلم انه لما كان بعض الكلمات مبنياً او مما لايجوز فيه الكسر العارض و يحتاج الي توليته ياء المتكلم و المناسب للياء كسر اخر ما يدخل عليه احتاجوا الي حرف يكسرونه و يوسطونه بين ذلك المبني و بين الياء فاختاروا لذلك النون و سمّوها بـ «نون الوقاية» نحو ضرب فانه مبني يجب حفظه فاذا ارادوا اسناده الي الياء قالوا ضربني و كذلك يضرب مما لايعتريه الكسر فيقال عند الاسناد الي الياء يضربني.

و هي لازمة في الماضي و المضارع ان عري من نون الاعراب و معها لك الخيار نحو تضربوني و تضربونني.

و ان كان اخر الكلمة نوناً فقدتدغم في نون الوقاية نحو منّي و عنّي و لدنّي و تُحاجّونّي.

الثالث: اعلم انه قديحتمل الاشتباه في الخبر بالنعت نحو زيد القائم فيحتمل ان‏يحسبه السامع نعتاً فينتظر الخبر فلاجل رفع هذا الاشتباه يؤتي بكناية بين المبتدأ و الخبر في الحال او الصلوح ليعتمد عليها في رفع الاشتباه و تسمي عماداً. و شرطه ان‏يكون الخبر معرفةً او مضافاً الي معرفة او افعل تفضيل متلوّ بـ«من» نحو زيد هو افضل من عمرو و الذي اوحينا اليك من

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 74 *»

 الكتاب هو الحق مصدقاً لما بين يديه و اني انا اخوك و كان زيد هو افضل من عمرو و يري الذين اوتوا العلم الذي انزل اليك من ربك هو الحق و يهدي الي صراط العزيز الحميد.

و قديدخل عليها اللام نحو انك لانت الحليم الرشيد.

الرابع: اعلم انه قديقصد تعظيم الخبر فيتوصل الي ذلك بابهام الامر و كناية اولاً و تفسيرها ثانياً ليكون اوقع في نفس المستمع و يؤتي لاجل ذلك كناية غائبة مذكرةً كانت ام مؤنثةً ثم قدتفسر بجملة اسمية نحو قل هو اللّه احد او فعلية نحو انها لاتعمي الابصار او مفرد نحو:

هو الحب فاسلم بالحشي ما الهوي سهل   و ما اختاره مضني به و له عقل

و تكون متصلة بما قبلها و منفصلة علي حسب العوامل نحو قل هو اللّه احد و انها لاتعمي الابصار و تسمي هذه الكناية مذكرةً بالشأن باسم مرجعها و مؤنثة بالقصة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 75 *»

فصل

في كلم المجازاة

و هي كلمات تفيد سببية جملة لجملة اما واقعاً و اما جعلاً من المتكلم و اصطلح علي تسمية السبب بالشرط و المسبب بالجزاء و الجواب.

و الكلمات التي تعمل هذا العمل علي قسمين:

ـ  قسم منها حرف و هو اِنْ نحو ان تقم اقم و اَمّا نحو اما الذين امنوا فيعلمون انه الحق من ربهم و امّا الذين كفروا فيقولون و لو نحو لو كان خيراً ماسبقونا اليه و يأتي شرحها في المقالة الثالثة ان‏شاءالله.

ـ  و قسم منها اسم و هو ما و مَن و مهما و متي و اَيّانَ و اَنّي و اَينَ و كيف و كيفما و حيثُما و اذا و حينَما و اذما بمعني متي‏ما و يلحق بها مبنيةً اَي.

و اعلم ان اِنْ هي امّ الكلمات الشرطية و اصلها و ساير الاسماء الشرطية لمّا استعملت في معناها صارت مبنية.

و اما ما و من فلهما معنيان الموصولي و الشرطي اما الموصولي فيأتي و اما الشرطي فنحو ما تفعلوا من خير يعلمه اللّه و من يعمل سوءاً يُجْزَ به.

و اما مهما فهي اسم و تقع شرطاً نحو قوله تعالي مهما تأتنا به من اية لتسحرنا بها و هي بمعني ماء الموصولة تطلق علي غير العاقل اي ما تأتنا به من اية و قدتأتي ظرف زمان بمعني متي نحو قول الشاعر:

و مهما تكن عند امرءٍ من خليقة   و ان خالها تخفي علي الناس تعلم

و اما متي فهي ظرف زمان بمعني اي وقت و تقع شرطاً نحو:

انا ابن جلا و طلاّع الثنايا   متي اضع العمامة تعرفوني

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 76 *»

و كذا ايّان فهي ايضاً ظرف زمان اي اي حين و تقع شرطاً نحو ايّان تضرب اضرب و قديتصل بهما «ما».

و اما اَنّي فهي من الظروف و تقع شرطاً نحو انّي تأتني اتك اي من اي جهة.

و اما اين فظرف مكان و تقع شرطاً و قدتتصل بها «ما» نحو اينما تكونوا يدرككم الموت.

و اما كيف فتقع شرطاً نحو كيف تضرب اضرب و قديلحقها «ما» نحو كيفما تضرب اضرب.

و اما حيثما فهي ظرف مكان كـ اينما و تقع شرطاً نحو:

حيثما تستقم يقدّر لك اللّـ
  ـه نجاحاً في غابر الازمان

و اما اذا فهي ظرف زمان و تتضمن معني الشرط نحو اذا انعمنا علي الانسان اعرض و نأي بجانبه. و الفرق بين اِنْ و اذا ان اِنْ تستعمل في مقام الشك نحو ان كان كذا فهو كذا و اذا تستعمل في مقام العلم بالوقوع فيقال اذا كان كذا فافعل كذا.

و اما حينما فهي ظرف زمان و قدتقع شرطاً نحو حينما تخرج اخرج.

و اما اي فهي معربة ولكنا ذكرناها هنا لانها لا موضع لها انسب من هنا و هي تأتي بمعني «مَن» نحو ايّهم يقم اقم و بمعني «ما» نحو اي الدواب تركب اركب و بمعني «متي» نحو اي يوم تصم اصم و بمعني «اين» نحو اي مكان تجلس اجلس.

و قديزاد عليها «ما» نحو قوله تعالي ايما الاجلين قضيت فلا عدوان و اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني. و الافصح استعمالها بلفظ واحد للمذكر و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 77 *»

المؤنث و قدتطابق.

مسألة: فاذا عرفت ذلك فاعلم ان هذه الاسماء مع اِنْ التي هي امّها قدتدخل علي الفعلين و تجعل الاول سبب الثاني فان كانا مضارعين نحو ان تكرمني اكرمك او كان الاول مضارعاً نحو ان تكرمني اكرمتك فالجزم في المضارع معين و ان كان الثاني مضارعاً ففيه وجهان الرفع و الجزم. هذا اذا كان بغير فاء و اما اذا كان معها فيرفع مطلقاً اي سواء كان الاول مضارعاً ام ماضياً كقوله تعالي فمن يؤمن بربه فلايخاف بخساً و لا رهقاً.

و العامل في الشرط و الجزاء هو الاداة الاّ انها جزمت الشرط بالاصالة و الاتصال و جزمت الجواب بالتبع و الارتباط بالشرط.

مسألة: يجوز تقديم الجزاء علي الشرط لوقوعه كثيراً في القرءان و المحاورات نحو قوله تعالي ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون.

فان قدّم الجزاء فلاينجزم و لايصدّر بالفاء نحو اضربُ متي ضربتني.

و قديحذف الشرط اذا كان منفياً بـ لا نحو العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الاّ ارتحل اي ان لا اجابه.

و قديحذف جواب الشرط اذا قامت قرينة نحو و انا متي اتيتني في جواب من قال لك انت متي اتيتني اكرمك و كالحديث السابق.

و قديحذف الجزاء و يقوم علة الجزاء مقامه نحو ما تفعلوا من خير فان اللّه كان به عليماً اي لايضيع او يجازيكم اللّه.

و قديحذف الشرط و الجزاء معاً في الشعر خاصةً مع قيام القرينة نحو:

قالت بنات العمّ يا سلمي و ان   كان فقيراً معدماً قالت و ان

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 78 *»

و يعلّق الشرط بين المبتدء و الخبر نحو قوله تعالي انما امره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فيكون و بين القسم و جوابه نحو واللّه ان جئتني لاكرمنّك و حينئذ يستغني بجواب القسم عن جواب الشرط.

مسألة: لايجوز ان‏يكون الشرط انشائياً لانه ينافي معني الترديد الشرطي و يجوز ذلك في الجزاء نحو ان جاءك فاكرمه و ان صليت فانت حرّ فيجوز في الجزاء الامر و النهي و الاستفهام و التمني و العرض و التحضيض و الدعاء و النداء.

و لايجوز ان‏يكون الشرط فعلاً غير متصرف كـ عسي و لا متصرفاً منفياً بغير لم و لا.

و يجوز اعتراض القسم و الدعاء و النداء و الاسمية بين الشرط و الجزاء نحو ان تأتني واللّه اتك و ان تأتني غفر اللّه لك اتك و ان تأتني يازيد اتك و ان تأتني و لا فخر اكرمك.

و يجوز دخول كان علي كلم المجازاة نحو كان من يكذب يفتضح و كذلك انّ نحو:

انّ من لام في بني بنت حسـّـ   ـان اَلُمْه و اعصه في الخطوب

و لايجوز ان‏يكون فعل الشرط مصدّراً بشي‏ء غير لا و لم و يجوز تصدّر المضارع بهما و اما الجزاء فلا بأس بتصدره بأي حرف كان.

مسألة: اعلم ان الجزاء ان كان مما يصلح للشرطية لايحتاج الي رابط و ان كان مما لايصلح لها يحتاج كأن‏يكون طلبياً كالامر و النهي و الاستفهام و التمني و العرض و التحضيض و الدعاء و النداء او انشائياً مثل نعم و بئس و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 79 *»

التعجب و القسم او الجملة الاسمية فيجب الفاء فيها لبعد امثال ما ذكر عن مجانسة الشرط فيحتاج الي رابط و خصّ الفاء بذلك لانها تفيد السببية و التعقيب بلا مهلة و قديبدل عنها اذا نحو ان تصبهم سيئة بما قدّمت ايديهم اذا هم يقنطون اي فَهُم.

و بعبارة اخري اذا كان اداة الشرط تؤثر في الجزاء بتخليصه للاستقبال فلايتوسل بالفاء للربط اذ الاداة بنفسها تؤثر فيه و الاّ يتوسل الي الربط بالفاء فتدخل علي المضارع المصدّر بالسين نحو و ان تعاسرتم فسترضع له اخري و سوف نحو و ان خفتم عيلة فسوف يغنيكم اللّه و لن نحو و ما يفعلوا من خير فلن‏يكفروه و ما نحو فان توليتم فماسألتكم من اجر و الانشائية و الطلبية نحو ان كنتم تحبون اللّه فاتبعوني و قس عليه الباقي و الماضي المصدّر بـ قد نحو ان يسرق فقدسرق اخ له و الفعل غيرالمتصرف نحو ان ترن انا اقل منك مالاً و ولداً فعسي ربي لان هذه الجمل اما دالّة علي الاستقبال بانفسها فلاتؤثر الاداة تأثيراً جديداً او خالصة للماضي او لا وقت فيها فلاتقدر الاداة علي التأثير او خالصة في الحال فلاتقدر علي صرفها الي الاستقبال و كذلك الاسمية فانه ليس فيها الزمان مأخوذاً نحو ان يمسسك بخير فهو علي كل شي‏ء قدير.

مسألة: و قدتدخل الواو علي اِن و لو المدلول علي جوابهما بما تقدم و تسميان بالوصليتين و لاتدخل الاّ اذا كان ضد الشرط المذكور اولي بذلك المقدم الذي كالعوض عن الجزاء من ذلك الشرط نحو اُكرمه و ان شتمني و اطلبوا العلم و لو بالصين. و قدتجي‏ء بعد تمام الكلام نحو انا سيد ولد ادم و لا فخر و كذلك نحو زيد و ان كان غنياً بخيل و زيد بخيل و ان كان غنياً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 80 *»

فصل

في اسماء الاستفهام

و هي ما و من و كم و كأيّن و كيف و متي و اين و ايّان و انّي و مهما.

اما ما فتستعمل في السؤال عن غير العقلاء نحو ما صناعتك و ما صنعتك و تستعمل غالباً في الاستفهام عن الصفات نحو يبيّن لنا ما لونها. و قدتأتي للتعظيم نحو الحاقة ما الحاقة و للتحقير نحو ما انت و ابيك و للانكار نحو ماادريك ما يوم الدين.

و قديدخل عليها حرف الجر فيحذف الفها غالباً نحو فيم انت من ذكريها و قدتركب مع ذا فتكون بمعني اي شي‏ء نحو ماذا تريد و قديقصد بها الموصول اي ما الذي تريد.

و اما من فتستعمل في السؤال عن العقلاء نحو من هذا الذي هو مهين و قدتركب مع ذا نحو من‏ذا الذي دعاك فلم‏تجبه و لاتحذف نونها بدخول حرف الجر.

و اما كم فهي في السؤال عن العدد المبهم عند المتكلم و لمّا كان المعدود مبهماً احتاجت الي مميز نحو كم عندك ديناراً و قديحذف المميز عند القرينة كما اذا جري ذكر الدينار او شوهد تقول كم عندك و مميزها منصوب مفرد كوسط الاعداد لابهام القلة و الكثرة نحو كم لك غلاماً. و قديجرّ اذا كانت كم مجرورة بحرف نحو علي كم جذع بني بيتك و بكم رجل مررت.

و اما كأين فهي بمعني كم نحو كأين تعدّ سورة الاحزاب اي كم تعدّ و مميزها محذوف.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 81 *»

و اما كيف فهي للسؤال عن حال الشي‏ء و عن صفة الصنع ايضاً نحو ارني كيف تحيي الموتي. و تقع حالاً ان كان بعدها كلامٌ تامٌّ نحو كيف يقوم زيد فهي منصوب المحل حالاً و الاّ فهي خبر مقدم نحو كيف زيد و في مثل كيف اصبح زيد حال مقدم و في مثل كيف تعلم زيداً مفعول ثانٍ. و لمّا كان الاستفهام بها عن النكرة يجاب عنها بالنكرة لا بمعرفة.

و اما متي فهي للسؤال عن الزمان في الماضي و المستقبل نحو متي قال لك و متي تقول و متي نصر اللّه و هي منصوبة علي الظرفية اي في اي وقت.

و اما اين فللمكان نحو اين كنت فهي ايضاً منصوبة علي الظرفية اي في اي مكان كنت و هي مبنية علي الفتح فاذا سئل بـ اين ينبغي الجواب بمكان معين.

و اما ايّان فهي ايضاً سؤال عن الزمان و تختص بالامور العظام نحو ايّان مرسيها و ايّان يوم الدين و تختص بالاستفهام في المستقبل بخلاف متي فانها تستعمل في الماضي و المستقبل.

و اما انّي فهي ايضاً لها معان: منها السؤال عن المكان نحو انّي لك هذا اي من اين و عن الكيف نحو انّي يؤفكون اي كيف يؤفكون و لاتجي‏ء بمعني كيف الاّ و بعدها فعل.

و اما مهما فهي بمعني ما نحو مهما لي الليلة مهما ليه.

و يلحق بهذه الاسماء اي فهي سؤال عن فرد من الافراد لا علي التعيين و لابد و ان‏تجاب بفرد معين نحو ايّهم اخوك و ايّهم لقيت ففي الاول مبتدأ و في الثاني مفعول و الافصح استعمالها بلفظ واحد للمذكر و المؤنث نحو اي رجل جاء و اي امرأة جاءت قال اللّه تعالي فأي ايات اللّه تنكرون و بأي ارض تموت و قديلحقها التاء في المؤنث.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 82 *»

فصل

في الموصولات

و هي كلمات ناقصة لايصحّ السكوت عليها تحتاج الي صفات فهي مع صفاتها تتمّ و تكمل و هما معاً بمنزلة المعرفة لانها تكتسب التعرف من صفاتها. و تسمي صفاتها بالصلة و تلك الصلات صفات علي الاصح لتلك الكلمات و في الحقيقة هي مع صفاتها كلمة تامة. تقول رأيت الذي ضربك و تريد ذاتاً اتصفت بالضرب و يكون معناه رأيت ضاربك الاّ ان للابهام اولاً و التوضيح ثانياً وقعاً اخر في نفس المخاطب فلاجل ذلك تبهم اولاً و تقول رأيت الذي حتي يشتاق المستمع الي معرفته ثم توضحه و تقول ضربك فيعرفه بعد طلب النفس و يؤثر فيها اثراً اخر و لاجل ذلك يجب ان‏يكون الموصول مجهولاً عند المخاطب و الصلة معروفة و هي مع صلاتها معاً في حكم كلمة معرفة.

و في هذا الفصل نحتاج الي رسم عنوانات لايضاح انواع المطالب:

الاول: اعلم ان الاسماء الموصولة علي نوعين قسم نصّ في الموصولية و هي كلمات:

ـ  منها الذي للمذكر و التي للمؤنث. نحو الذي قال لوالديه افّ لكما و هذا يومكم الذي كنتم توعدون و قدسمع اللّه قول التي تجادلك و ما ولّيهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.

ـ  و منها اللذان و اللتان لتثنيتهما بالالف رفعاً و بالياء نصباً و جراً نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 83 *»

جاء اللذان قاما و اللتان قامتا و رأيت اللذين قاما و اللتين قامتا و مررت باللذين قاما و اللتين قامتا.

ـ  و منها الذين جمع الذي في الاحوال كلّها و هي مخصوصة باولي العلم.

ـ  و منها الاُلي كعُلي و تكتب بغير واو و هي تأتي جمعاً لـ الذي و تستعمل في المؤنث ايضاً نحو محا حبّها حبّ الالي كنّ قبلها.

ـ  و منها اللاتي جمع «التي» و اللائي و كأن اللوائي و اللواتي جمعا جمع.

و يشترك الذي و التي في الاُلي و اللائي فتكونان جمعين لكلتيهما.

فهذه هي الموصولات المخصوصة بالموصولية.

و اما ما يستعمل موصولاً و غيرموصول فكلمات:

ـ  منها من فقدتستعمل شرطية و استفهامية و تستعمل موصولة نحو و منهم من يقول ربنا امنّا و هي للخمس و منه قوله تعالي و من الشياطين من يغوصون له.

و من في اصل الوضع للعالم نحو من عنده علم الكتاب و قدتستعمل لغير العالم اذا عومل معاملة العالم نحو أ سرب القطا هل من يعير جناحه. و اذا ادخل غير العالم في العالم يستعمل فيهما من تغليباً نحو ألم‏تر ان اللّه يسجد له من في السموات و من في الارض و نحو فمنهم من يمشي علي رجلين فانها تشمل الطائر ايضاً.

ـ  و منها ما و هي تأتي للاستفهام نحو ما صناعتك و ما صنعت و قدتستعمل في التعظيم نحو الحاقة ما الحاقة و في التحقير نحو ما انت و ابيك

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 84 *»

 و الفخر و في الانكار نحو و ماادريك ما يوم الدين و تأتي موصولة نحو ما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق.

و ما في اصل الوضع لما لايعقل و قدتستعمل في من يعقل نحو و ماملكت ايمانكم و قدتستعمل لهما اذا كانا معاً نحو يسبّح للّه ما في السموات و ما في الارض و للمبهم نحو نذرت لك ما في بطني محرّراً. و هي علي حالها في جميع الحالات.

ـ  و منها ال و الظاهر انها مخففة الذي فانها قديخفف ياؤها فيقال اَلَّذِ و قدتخفف و يحذف منها الياء و الذال و اللام فيقال ال و هذا التخفيف غيرعزيز في لغة العرب نحو سوف و سو و السين نحو قد افلح المتقي ربه فتدخل علي الافعال و الصفات و دخولها علي الفعل اقلّ نحو ما انت بالحكم الترضي حكومته و دخولها علي الاسماء اكثر نحو انّ المصّدّقين و المصّدّقات و اقرضوا اللّه قرضاً حسناً.

و اعلم انه قديتفق اسماء ناقصة لاتتم معانيها الاّ بان‏توصف بجملة فتقع بمنزلة الموصول و علامتها ان‏يصـح المعني بوضع الموصول مقامها فحينئذ يجري عليها حكم الموصول:

ـ  فمنها اي فانها قدتستعمل في الموصول لابهام معناها نحو اضرب ايّهم لقيت و ثم لننزعنّ من كل شيعة ايّهم اشد و هي لكثرة ابهامها ملازمة للاضافة الي المعرفة لفظاً او تقديراً و هي معربة و في الحالات الخمس سواء.

ـ  و منها اسماء الاشارة جميعها فانها قدتستعمل ناقصة لاتتمّ الاّ بالصلة نحو ما تلك بيمينك يا موسي اي ما التي بيمينك و ذلك ان «تلك» ناقصة لايصح

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 85 *»

السكوت عليها الاّ بالصفة و كذا ثم انتم هؤلاء تقتلون اي ثم انتم الذين تقتلون.

ـ  و منها الاسم المحلي بالالف و اللام نحو لعمرك انت البيت اُكرِمَ اهلُه.

و ميزان ذلك ان كل اسم يمكن وضع الموصول مقامه و لايتمّ الاّ بصفة فهو موصول و لانعني بالموصول الاّ الاسم الذي لايتمّ معناه الاّ بصلة و عائد فالموصولات غيرمحصورة.

الثاني: اعلم ان الصلة لابد و ان‏تكون جملة خبرية اسمية او فعلية مشتملة علي كناية ترجع الي الموصول لترتبط به نحو الذي ضربته زيد و الذي زيد عدوه عمرو و لابد و ان‏تكون الجملة بجزئيها معروفة عند المستمع او بجزء منها حتي يرتفع بها ابهام الموصول و قديوصل بالمبهم تعظيماً نحو صار ما صار و غشيهم من اليمّ ما غشيهم و يغني عن الجمل ما في حكمها كالظرف و الجار و المجرور التامّين و هما اللذان يفهم متعلقهما بمحض التكلم بهما نحو رأيت الذي في الدار و عرفت الذي عندك.

و لابد من مطابقة العائد مع الموصول اما لفظاً و معني و اما في احدهما نحو رأيت الذي جاء و اللذين جاءا و الذين جاءوا و التي جاءت و اللتين جاءتا و اللاتي جئن و من جاء في كل حال او جاءا او جاءوا او جاءت او جاءتا او جئن.

و يجب ان‏يكون الصلة متأخرة عن الموصول و لايعمل ما بعد الموصول فيما قبله فلايقال زيداً الذي ضرب عمروٌ و لايجوز ان‏يفصل بين الموصول و الصلة و لا بين اجزاء الصلة بتابع للموصول فلايقال الذي و التي ضرب و ضربت مثلاً و لا ان‏يخبر عنه الاّ بعد تمام الصلة نحو الذي ضربته زيد و لا

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 86 *»

ان‏يستثني منه الاّ بعدها لان الموصول و الصلة معاً بمنزلة كلمة تامة نحو الذي ماضربت الاّ اياه و لا بأس بالفصل بمعمول الصلة نحو الذي اياه ضربت و يجوز العطف علي الصلة نحو الذي ضربت و ضربني غلمانه زيد و لايجوز في الصلة ان‏تكون انشائية او طلبية.

و يجوز حذف الموصول مع القرينة نحو و ما منّا الاّ له مقام معلوم اي من له.

و الصلة كائنة ما كانت عندي صفة للموصول و محلها كاعراب موصولها.

الثالث: قديحذف الصلة مع القرينة كالمثل المشهور بعد اللتيا و التي في الداهية العظيمة و مثل نحن الالي فاجمع جموعك اي نحن الالي عرفوا بالشجاعة.

و يجوز حذف العائد المرفوع اذا كان مبتدأ مخبراً عنه بمفرد نحو جاء الذي عالم اي هو عالم و كقوله ايّهم اشد اي هو اشد و هو الذي في السماء اله اي هو اله.

و يجوز حذف العائد المنصوب اذا كان متصلاً و ناصبه فعل او وصف غير صلة ال نحو يعلم ما يسرّون و ما يعلنون اي يسرونه و يعلنونه.

و يجوز حذف العائد المجرور باضافة وصف ناصب له تقديراً نحو فاقض ما انت قاض اي الذي انت قاضيه بخلاف جاء الذي قام ابوه او انا مضروبه و يجوز حذف العائد المجرور اذا جرّه ما جـرّ الموصول نحو و يشرب مما تشربون اي مما تشربون منه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 87 *»

فصل

في الظروف

و هي اسماء تدلّ علي وعاء الحادث من مكان او زمان و تلك الاسماء ان قصدت بالذات و حكم عليها بحكم فليست من هذا الباب و هي معربة نحو يوم الجمعة خير الايام و دخلت الدار و سكنت البيت اذ هي بهذا الاعتبار لاتشابه الحروف اذ هي اسماء مستقلة تدلّ علي معان مستقلة.

و اما ان ذكرت لتعين الحادث المحكوم‏عليه فهي غيرمستقلة في الذكر محتاجة ناقصة لاتتم معانيها الاّ بذكر ذلك الحادث و لاجل ذلك تتضمن كلها معني في الذي لايتم الاّ بذكر متعلقها و مدخولها فهي بهذا اللحاظ مبنية و هي تقسم اولاً علي قسمين:

1) قسم قطع عن الاضافة فحذف عنه المضاف‏اليه لوجود القرينة و هو قبل و بعد و فوق و تحت و اَمام و قُدّام و وراء و خلف و اسفل و دون و اول و من عَلُ و من عَلْوُ و اَمسِ و قَطُّ و عَوْضُ و لايقاس عليها ما هو مثلها نحو يمين و شمال و اخر و امثالها.

2) قسم باقٍ علي اضافته و هو علي قسمين:

ـ  قسم يجب اضافته الي الجملة و هو حيث في المكان و اذ و اذا و لمّا في الزمان.

ـ  و قسم يجوز اضافته الي الجملة و قديضاف الي المفرد نحو اسماء الزمان كـ ان و يوم و وقت و حين و ساعة و شهر و سَنة و عام و امثال ذلك و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 88 *»

مُذْ و مُنْذُ و لَدي و لَدُنْ و مع. فتمام القول في هذه الكلمات يقتضي رسم مطالب:

الاول: في الظروف المقطوعة عن الاضافة و تسمي بـ «الغايات» فبنيت هذه الظروف عند قطعها عن الاضافة علي الضم تقول للّه الامر من قبلُ و من بعدُ و اذا نوّنت اعربت و عليه قراءة للّه الامر من قبلٍ و من بعدٍ.

و اما اَمسِ فهي مبنية علي الكسر و اما ان نكّرت امس كقولك كل غد يصير امساً و كل امس يصير اول من امس او اضيفت نحو مضي امسُنا او دخلها اللام نحو ذهب الامس بما فيها اعربت اتفاقاً.

و اما قطّ فهي للماضي المنفي نحو مارأيته قط و عَوضُ للمستقبل المنفي نحو لا افعله عوض و جاء قطّ بدون نفي نحو هل رأيت ذئباً قطّ و كذا عوض.

و الحق بهذا الباب لا غير و ليس غير و حسب و ان لم‏تكن من الغايات لاجل شباهتها بها في حذف المضاف‏اليه بشرط كون غير مع لاء التبرية او ليس فهي ايضاً مبنية علي الضم.

الثاني: و اما ما يجب اضافته الي الجملة فهي حيث و اذ و اذا و لمّا.

اما حيث فهي تضاف الي الاسمية و الفعلية نحو قف حيث الامير واقف و قف حيث يمرّ الامير و اتيهم العذاب من حيث لايشعرون.

و اما اذ فهي ايضاً تضاف كـ حيث نحو فسوف يعلمون اذ الاغلال في اعناقهم و نحو و اذ لم‏يهتدوا به فسيقولون هذا افك قديم و هي ظرف زمان و للماضي مع القطع بوقوع الحدث نحو فقدنصره اللّه اذ اخرجه الذين كفروا و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 89 *»

قدتكون للمستقبل كقوله تعالي فسوف يعلمون اذ الاغلال في اعناقهم و نحو يومئذ تحدّث اخبارها.

و يلزمها الظرفية الاّ ان‏يضاف اليها اسم زمان نحو بعد اذ نجّانا اللّه منها فحينئذ تكون بمعني الوقت المطلق اي بعد وقت نجّانا اللّه او تقع مفعولاً بها نحو و اذكروا اذ كنتم قليلاً فكثّركم او بدلاً من المفعول نحو و اذكر اخا عادٍ اذ انذر قومه و «اذ» بدل من «اخا عاد».

و هي لازمة الاضافة الي الجملة ولكن ان كانت معلومة حذفت و عوّض عنها التنوين نحو حينئذٍ و يومئذٍ و انت‏اذٍ صحيح.

و قديجي‏ء اذ للمفاجاة نحو كنت واقفاً اذ جاءني عمرو و تجي‏ء بمعني المفاجاة بعد بينا نحو بينا هو يستقيلها في حيوته اذ عقدها لاخر بعد وفاته.

و قدتجي‏ء للتعليل نحو جئتك اذ انت كريم اي لانك كريم و تكون حرفاً عند ذلك.

و اما اذا فهي للزمان المستقبل وضعاً مع القطع بوقوع الحدث بخلاف ان فانها تستعمل عند الشك نحو اكرمه اذا وفد اليك. و قدتأتي للماضي نحو حتي اذا بلغ بين السدّين و فيها معني الشرط و قدتفيد معني الاستمرار نحو اذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون فكأنه يراد من ذلك ان جبلتهم كذلك لا ان ذلك مخصوص منهم بالمستقبل. و قدتدخل علي فعل قدّم فاعله نحو اذا السماء انشقت.

و قدتقع للمفاجاة فيلزم ان‏يكون بعدها اسم نحو خرجت فاذا زيد بالباب و الظاهر انها حينئذ حرف. و قديقع اذا بمعني المفاجأة بعد بينما نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 90 *»

بينما انا متفكر اذا جاء زيد فلايقع بعدها الاّ الفعل الماضي.

و اما لمّا فهي بمعني اذا فهي ايضاً ظرف زمان للماضي و فيها معني الشرط و يكون جوابها فعلاً ماضياً نحو لمّا جاءني اكرمته او جملة اسمية مقرونة بـ اذا الفجائية او بالفاء او فعلاً قدّم فاعله مقروناً بهما و قديكون فعلاً مضارعاً ولكن الظاهر انه بتقدير فعل ماضٍ نحو فلمّا نجّاهم الي البرّ فمنهم مقتصد و نحو فلمّا نجّاهم الي البرّ اذا هم يشركون و نحو و لمّا ذهب عن ابرهيم الروع يجادلنا في قوم لوط اي شرع يجادلنا.

و الحق بها مثل و غير و ان لم‏تكونا ظرفين ولكن تضافان الي جملة مصدرة بالمصدرية نحو مثل ما انكم تنطقون و غير ان نطقت حمامة.

الثالث: و اما اسماء الزمان التي يجوز اضافتها الي الجملة و الي المفرد فاضافتها الي الجملة الفعلية اكثر نحو يوم يأتي بعض ايات ربك و الفعل يأول الي المصدر فالمعني يوم اتيان بعض ايات ربك و ذلك ان الاضافة من صفات الاسماء اذ عَلَمها الجرّ فاذا اضيف الي فعل لابد و ان‏يأول الي المصدر. و قدتضاف الي الاسمية نحو يوم هم علي عداوتهم مصرّون. و اما اضافتها الي المفرد فكثير نحو موعدكم يوم الزينة.

الرابع: اعلم ان لهم ظروفاً اخر فمنها مذ و منذ وضعتا لاول المدة الماضية و انما بنيتا لتضمنهما معني من نحو مارأيته مذ يوم الخميس يعني من اول يوم الخميس الي الان و يليهما المفرد المعرفة و قدتأتيان لجميع المدة نحو مارأيته مذ يومان او ثلثة فيليهما المقصود بالعدد نكرة.

و قديليهما الجملة فعليةً كانت او اسميةً نحو مذ عقدت يداه ازاره و مذ

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 91 *»

 انا يافع و هما حينئذ ظرفان مضافان الي «زمان» محذوف مضاف الي الجملة فالمعني من اول زمان عقدت و من اول زمان انا يافع.

و قديقع بعدهما مصدر او فعل مصدّر بالمصدرية نحو مارأيته مذ قدوم الحاج اي زمان قدوم الحاج و مارأيته مذ ان‏يضرب اي زمان ضربه فيقدّر «زمان» مضاف اليهما.

و كيف كان قدتجرّان ما بعدهما علي انهما اسمان مضافان و تتضمنان معني «من» ان كان الزمان ماضياً نحو مارأيته مذ يوم الخميس اي من اول يوم الخميس و «في» ان كان حاضراً نحو مذ يومنا اي في يومنا و «من» و «الي» جميعاً ان كان معدوداً نحو مذ ثلثة ايام اي من اول الثلثة الي اخرها.

و قديرفع ما يليهما علي ان‏يكون المرفوع مبتدأ و الخبر محذوفاً نحو «كائن» او «موجد» و امثالهما نحو مذ يوم الخميس و مذ يومان اي يوم الخميس موجود او كائن و يومان موجودان او كائنان. و كذا «منذ».

و منها لدي و لدن و معناهما اول غاية زمان الحضور او مكانه نحو لدن صباح و من لدن حكيم عليم و قلّما تفارقها من.

و منها كلّما فهي ايضاً ظرف زمان الاّ انها تفيد اثبات الثاني في جميع اوقات ثبوت الاول نحو كلّما نضجت جلودهم بدّلناهم جلوداً غيرها حيث اثبت التبديل في جميع اوقات النضج فمعناها كل وقت نضجت. و فيها معني الشرط فتطلب جملتين نحو:

كلّما قلت اعتق الشكر رقّي   صيّرتني لك المكارم عبدا

و اغلب ما تدخل عليه الماضي و يجوز وقوع المستقبل بعدها نحو قل كلّما اقل.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 92 *»

و منها اين استفهامية و شرطية نحو اين زيد و اينما تكن اكن.

و منها انّي بمعني «من اين» نحو انّي لك هذا اي من اين لك هذا.

و ايّان للزمان و معناها متي استفهاماً و شرطاً.

و متي للزمان في الاستفهام و الشرط.

و يلحق بالظروف العدد الذي يقارنها نحو سرت عشرين يوماً ثلثين فرسخاً و ما يفيد تمامها او بعضها نحو سرت جميع اليوم او بعض المسافة و لبثنا يوماً او بعض يوم و ما يصفها نحو سرت طويلاً من الدهر و جلست شرقي الدار. و المضاف اليه الزمان او المكان للتخصيص فان حذفا ينوب المضاف‏اليه عنهما اما حذف الزمان فنحو جئت صلوة العصر و قدوم الحاج و اما حذف المكان فنحو جلست قرب زيد.

الخامس: اعلم ان العامل في النوع الاول من الظروف هو الفعل الذي قبله ظاهراً او مضمراً نحو جئتك من قبل و للّه الامر من قبل و من بعد.

و اما النوع الثاني:

فالعامل في حيث الفعل الذي قبلها نحو اتيهم العذاب من حيث لايشعرون.

و اما اذ فالعامل فيها الفعل غير ما اضيفت اليه نحو و اذ لم‏يهتدوا به فسيقولون فالعامل فيها «فسيقولون» و نحو فقدنصره اللّه اذ اخرجه الذين كفروا فالعامل فيها «نصر».

و اما اذا فلا شك ان الواقع في ظرفها الشرط و الجزاء معاً لكن المقصود بالذات هو الجزاء فهو العامل فيها نحو حتي اذا بلغ بين السدين وجد فالمراد

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 93 *»

تعيين وقت الوجدان و هو وقت بلغ بين السدين. و اما نحو والليل اذا يغشي و والقمر اذا اتسق فهي متعلقة بـ «اقسم» محذوفاً و هي بدل من الليل و القمر اي اقسم بوقت غشيان الليل و بوقت اتساق القمر فانها اسم و يصلح ان‏يقع مقسماً به.

و اما اسماء الزمان فعواملها الافعال التي تتعلق تلك الاسماء بها و تتعين تلك الافعال ايضاً بها فقوله يوم هم علي النار يفتنون عامله «يكون» اي يكون الدين يوم هم علي النار يفتنون لانه قال يسألون ايان يوم الدين يوم هم علي النار يفتنون و قوله يوم هم بارزون فعامله «ينذر» لانه قال لينذر يوم التلاق يوم هم بارزون وهكذا.

و مذ و منذ عاملهما الفعل الذي ليس بمدخولهما نحو مارأيته مذ ضرب.

و لدي و لدن عاملهما الفعل المتعين بهما.

و كلما كـ اذا عاملها الجزاء.

و كذا اين الشرطية و اني و ايان و متي فالعامل في الكل الجزاء و اما الاستفهامية فالعامل فيها الفعل المتعين بها سواء كان قبلها او بعدها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 94 *»

فصل

في المبهمات

و قدسماها اهل النحو بالكنايات و نحن عدلنا عنها لما ذكرنا الضماير باسم الكنايات فاردنا تمييزها عنها. فاعلم ان الكناية لغةً و اصطلاحاً ما يعبر عن شي‏ء معين في الواقع بلفظ غير صريح فهما متقابلان. و الغرض في التكنية امور:

ـ  منها لئلايعرف الاجنبي نحو جاءني فلان.

ـ  و منها لعدم مسّ حاجة الي التعيين كالتمثيل نحو قول النحوي نحو جاء فلان.

ـ  و منها قصد الاجمال لكون المراد معلوماً نحو تقولون في المجالس كيت و كيت.

ـ  و منها لاجل شناعة المعبرعنه نحو جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء.

ـ  و منها لاجل رفع الالتباس كالكنايات.

ـ  و منها لاجل نوع من البلاغة نحو فلان كثير الرماد.

ـ  و منها التكرم نحو ياابن الفاعلة و مررت برجل افعل اي احمق.

ـ  و منها الالغاز و الاحجية نحو اكفف اكفف كناية عن مهمه بمعني الفلاة.

ـ  و منها لعدم خصوصية مصرّح دون غيره كقول النحوي ان حكم افعل كذا و حكم فاعل كذا.

و يقع المشتقات من الفاء و العين و اللام كناية عن جميع المصرحات

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 95 *»

نحو لاتّخذناه من لدنّا ان كنّا فاعلين و انصروا الهتكم ان كنتم فاعلين و ان لم‏تفعلوا ولن‏تفعلوا.

و كذلك قديقع العمل و ما يشتق منه كناية لعمومها و ابهامها الي غير ذلك من اسباب التكنية و جميع ذلك ابهام في مقابلة التصريح.

فمن المبهمات كم و هي تأتي استفهامية و قدمرت و تأتي خبرية ولكن عن الماضي فلايقال كم من غلمان ساملكهم و هي كلمة تقال في معدود مبهم عند السامع عدداً و جنساً فيميز بنكرة حتي يعرف جنسه و يبهم العدد تعظيماً و تكثيراً و فخراً كأنه لايعلمه المخبر من كثرته. و هو مجرور بـ «من» مقدرة لدخولها ظاهراً كثيراً نحو كم من مَلَك في السموات و كم من قرية و قدتحذف.

و تقع منصوبة و مجرورة و مرفوعة.

فتقع منصوبة اذا كان بعدها فعل او شبهه نحو كم رجل ضربت و كم رجل انا ضارب فهي منصوبة علي المفعول‏به و كم يوم سرت علي المفعول‏فيه و كم ضربة ضربت علي المفعول المطلق. و قدتقع منصوبة علي انها حال «كان» نحو كم كان مالك.

و اما اذا وقع قبلها حرف جر او مضاف فهي مجرورة نحو بكم رجل مررت و غلام كم رجل ضربت.

و ان لم‏يكن ذا و لا ذاك فهي مرفوعة نحو كم رجل جاءك و جاءني و جاءك غلامه.

و كم مفردة اللفظ مذكرة مجموعة المعني و يجوز ارجاع الكناية المذكرة و المؤنثة اليها نحو كم رجل جاءك و كم امرأة جاءتك و الكناية راجعة الي

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 96 *»

كم لا الي الرجل و المرأة فان كم هي الفاعل و لابد من مطابقة الفعل معه و التمييز فضلة.

و الاكثر افراد التمييز و قديجمع نحو كم رجال رأيتهم و كم قوم لقيتهم.

و منها كأيّن و هي بمعني كم لاستعمالها في الكتاب بمعني التكثير نحو و كأيّن من نبي قاتل معه ربّيّون كثير و كأيّن من دابة لاتحمل رزقها و هي مبنية علي السكون. و يلزمها التصدر و تمييزها لايقع الاّ مفرداً و هي بنفسها تقع مرفوعة و منصوبة.

و منها كذا و لا تصدر لها و اكثر ورودها في كلام العرب مكرراً و مع الواو العاطفة.

و يكني بها عن العدد نحو عندي كذا درهماً و عن الحديث نحو قال فلان كذا و كذا.

و اعرابها كما مرّ في كم و الاكثر ان تمييزها مفرد منصوب.

و منها كيت و ذيت و هما كلمتان يكني بهما عن جملة و كلام و معناهما كذا و كذا و لاتستعملان الاّ مكررتين نحو تقولون في المجالس كيت و كيت فاذا جاء القتال قلتم حيدي حياد و يقال كان من الامر ذيت و ذيت و هما مبنيتان علي الفتح و قدتضمان و قدتكسران.

تنبيه: اعلم ان المبهمات كثيرة فمنها اسماء الاستفهام و اسماء الشرط و الموصولات و الكنايات و قدذكر كلّ واحدة في محل لائق به و خصصنا هذا الفصل بما ذكرنا لانها نادرة عنها و كذا نحو فلان و فلانة و هما معربان بالاتفاق فليسا من هذا الباب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 97 *»

فصل

في المركبات

و المراد بها كل كلمتين ضمّ احديهما الي الاخري بغير نسبة و صارتا معاً في حكم كلمة واحدة و سمي بها شي‏ء او وقعت ظرفاً او حالاً و هي علي قسمين:

ـ  قسم يقدر بين جزئيه العاطف كـاحدعشر و ثلثه‏عشر الي تسعه‏عشر ففي هذا القسم بناء الجزئين علي الفتح نحو رأيت احدعشر كوكباً.

ـ  و قسم لايقدر فيه عاطف كـ بعلبك و معدي‏كرب و حضرموت و امثالها فيبني الاول علي الفتح وجوباً و يعرب الثاني علي حسب المحل.

و ان كان في الثاني سبب بناء من قبل التركيب يبني كـ سيبويه و قولويه.

و ان كان في الثاني عجمة كـ رام‏هرمز منع من الصرف للعلمية و العجمة.

و اما الجمل فان صيرت علماً ابقي الجزءان علي حالهما كالحكاية كـ تأبط شراً فالمجموع مبني علي ما هو عليه.

و قديتفق ظروف و احوال مركبة فتبني كـ خمسه‏عشر نحو اراه يوم يوم و صباح مساء و حين حين و لقيته كفّة كفّة و صحرة بحرة و جاراني بيت بيت.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 98 *»

فصل

في الحكايات

و المراد بها ايراد لفظ المتكلم او معناه علي حسب ما اورده من رفع او نصب او جرّ سواء كان في قولك في موضع الرفع او النصب او الجرّ و هو علي قسمين:

ـ  قسم يحكي بالاستفهام بـ اي و من كما اذا قيل رأيت رجلاً قلت ايّاً يا فتي و كذا اذا قيل جاءني رجل قلت منو و اذا قيل رأيت اخا زيد تقول و من اخا زيد؟

ـ  و قسم يحكي بالقول و ما اشبهه نحو و قولهم انّا قتلنا المسيح و قال اني عبد اللّه، ام تقولون انّ ابرهيم و قل انّ ربي يقذف بالحق، والقائلين لاخوانهم هلمّ الينا و شبه القول نحو سمعت ان زيداً قائماً و ينبغي كسر همزة انّ ايضاً لانها حكاية.

و يمكن الحكاية بالرؤية اذا رأيت كتابة فتقول رأيت زيد قائم و يلحق بذلك مثل ما حكي انه بشّر اعرابي بمولودة له فقيل له نعم المولودة فقال واللّه ما هي بنعم المولودة نصرها بكاء و برّها سرقة.

و يجوز الحكاية بالمعني عندنا مطلقاً فان اغلب حكايات القرءان و الروايات نقل بالمعني و قداذنوا لنا ايضاً قال ابوعبداللّه7 اذا اصبت معني حديثنا فأعرب عنه بما شئت بل ورد نقل القرءان بالمعني كما روي عن الصادق7 في حديث كان الرأي من رسول‏اللّه صواباً و من دونه خطاء لانه تعالي قال احكم بما اريك اللّه و لم‏يقل ذلك لغيره و الاية لتحكم بين الناس بما اريك اللّه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 99 *»

فصل

في الاصوات

و هي اصوات يصورها الانسان بصورة الحروف لانها سجيته؛

ـ  اما تعبيراً عما عرضه كـ اُفّ و اُوَّه.

ـ  و اما زجراً للبهائم التي لاتعرف لسان الاناسي كـ جَوْتَُِ و تِسْ تِسْ للمجي‏ء و هَلا و هِجْ و هَجاء و حَرِّ للذهاب و للشرب سَأْ و للتسكين بَسْ بَسْ و هِدَعْ و امثالها.

ـ  و اما زجراً للاطفال الذين هم لمّايتعلموا اللسان فانزلوا منزلة البهائم نحو كِخْ كِخْ.

ـ  و اما زجراً للجهال و السفلة الذين ينزلون منزلة البهائم لقلة العقل كـ صَهْ و مَهْ ثم جري عليه الاصطلاح حتي استعمل مع غيرهم و لا شك ان الخطاب بامثال الاصوات سوء ادب بالنسبة الي الرؤساء و العقلاء النبلاء.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 100 *»

فصل

في اسماء العدد

اعلم ان العدد يطلق علي شيئين:

ـ  مرة يطلق و يراد به صرف الكمّية من غير ملاحظة ذي كمّ و هو كقولك الخمسة نصف العشرة و هو موضوع علم الحساب.

ـ  و مرة يطلق و يراد به كمّية معدود فهو حينئذ صفة المعدود و يصلح اسماء الاعداد لجميع المعدودات و اصول الاعداد اثنتاعشرة كلمة و هنّ:

واحد، اثنان، ثلثة، اربعة، خمسة، ستة، سبعة، ثمانية، تسعة، عشرة و مائة و الف.

و اما المشتقات منها فـ عشرون، ثلثون، اربعون، خمسون، ستون، سبعون، ثمانون و تسعون.

و اما المركبة منها فقسمان:

ـ  بغير عاطف كـ احدعشر الي تسعه‏عشر. و اما ثلثمائة فما فوقها فليست من باب التركيب فان المائة و الالف فيها مميزات.

ـ  و بعاطف كـ احد و عشرون و اثنان و عشرون الي تسعة و تسعون.

و في هذا الفصل مسائل:

الاولي: اعلم ان المعدود بالعدد اما مذكر كـ رجل و قمر و اما مؤنث كـ امرأة و شمس و اما يذكر و يؤنث كـ لسان و طريق.

و ان كان المعدود بلفظ الجمع فالعبرة بمفرده في رجوع الكناية اليه

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 101 *»

كـ الحمّامات مفردها حمّام و بنات عِرْس و بنات اوي مفردهما ابن عِرْس و ابن اوي و غرف مفردها غرفة و الاشياء جمع شي‏ء.

و ان كان المعدود اسم جمع كـ خيل او اسم جنس كـ تمر فان كان اسم‏الجمع مختصاً بجمع المذكر كـ الرهط و القوم و النفر فهو مذكر نحو و كان في المدينة تسعة رهط و ان كان مختصاً بالنساء فهو مؤنث نحو ثلث من المخاض لانها اسم حوامل النوق و ان احتملا فعلي نيته منهما و كذلك في اسم‏الجنس نحو خذ اربعة من الطير و ثلثاً من البطّ لان المراد بالاول ذكور الطير و بالثاني اناثه و العبرة في الجميع بحال كناية اللفظ و صفته.

و ما لايدخله التذكير و التأنيث فعلي لفظه نحو خمسة من الضرب و خمس من البشارة.

و اذا كان المعدود مؤنثاً و اللفظ مذكراً او بالعكس فوجهان فتقول ثلث اشخص اذا اردت النساء و ثلثة اذا اردت الرجال.

بالجملة، اذا كان المعدود مذكراً تقول له واحد و اثنان و ان كان مؤنثاً تقول له واحدة و اثنتان و تعكس الامر في الثلثة الي العشرة فتقول للمذكر ثلثة، اربعة الي عشرة و للمؤنث ثلث، اربع الي عشر و تركب ما ذكر مع عشرة الاّ ان عشرة عند التركيب تجري علي القياس فتذكّر للمذكر و تؤنّث للمؤنث فتقول للمذكر احدعشر، اثناعشر، ثلثه‏عشر الي تسعه‏عشر و للمؤنث احدي‏عشرة، اثنتاعشرة، ثلث‏عشرة الي تسع‏عشرة.

و العقود في الكل سواء نحو ثلثين ليلة و اربعين ليلة و ثلثون رجلاً و اربعون رجلاً و كذلك تجري في المائة و الالف فتجعلهما كالمعدود و تقول

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 102 *»

مائة و مائتان كماتقول امرأة و امرأتان و الف و الفان كماتقول رجل و رجلان ثم تقول ثلثمائة الي تسعمائة و ثلثة الاف الي تسعمائة و تسعة و تسعين الفاً ثم تقول الف الف ثم تعود الي اول الاعداد.

و تقديم الانقص في مراتب العدّ و عطف الاكثر عليه احسن و اكثر تبعاً للرسم في الارقام فتقول خمسه‏عشر و خمسة و عشرون و ثلثمائة و خمسة و عشرون الفاً.

و ان قصد بالعدد محض الكمّية فتقول واحد، اثنان، ثلثة، اربعة كما تطلق للمذكر الي اخر الاعداد و تعدّها سرداً و لا تعرب اخرها لانها ليست في محل رفع معيناً و لا نصب و لا جر و ان كان يمكن تقدير كل واحد و هي في حال العدّ مبنية.

الثانية: اعلم ان الفرق بين الواحد و الاحد في امور:

ـ  ان الواحد يطلق علي المذكر و للمؤنث بالهاء و احد يطلق عليهما نحو ماكان محمد ابا احد من رجالكم و يا نساء النبي لستنّ كاحد من النساء و لذلك قولك مارأيت احداً ينفي الرجال و النساء و مارأيت واحداً ينفي واحداً من الرجال دون النساء.

ـ  ان واحداً اول الاعداد و احداً ليس باول الاعداد ولو كان كذلك لما عمّ نفيه و اثباته.

ـ  انه لايليق بذات اللّه عزّوجلّ الاّ الاحد و لذا اختاره في سورة النسبة و قال قل هو اللّه احد و اما الواحد فيوصف اللّه به في صفاته.

ـ  ان احداً لايحتمل فيه التركيب و الواحد يحتمل التركيب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 103 *»

الثالثة: اعلم انه لما كان الاعداد من الصفات العامة لجميع الموجودات و يعدّ كلها كانت مبهمة و احتاجت الي ذكر المعدود لرفع الابهام فيما سوي الواحد و الاثنين فانه يكتفي فيهما بافراد لفظ المعدود و تثنيته و لذكر المعدود معها احكام:

فقديذكر المعدود معها مصحوب من الدالة علي التبعيض فتدخل علي جمع المعدود او جنسه فتقول ثلثة من الرجال و اربعة من الطير و ثلثة من الخيل.

و يجوز ايضاً ان يضاف العدد الي المعدود.

فان كان المعدود عشرة فما دون يجمع جمع تكسير و قلة غالباً فيضاف اليه الاّ ان‏يكون المعدود مائة فلايجمع فيقال ثلثة اكلب و اربعة اكلب وهكذا الي العشرة و نحو سبع ليال و ثمانية ايام و يقع موضع الجمع اسم الجمع نحو تسعة رهطٍ و اسم‏الجنس نحو خمسة تمر. و لايضاف الي الجمع المذكر السالم و يضاف الي الجمع المؤنث السالم نحو سبع سنبلات و ثلث عورات لكم و سبع سموات.

و ان كان المعدود مائة فما فوق يكتفي بالجنس نحو مائة رجل و مائتي رجل وهكذا الي الف رجل و الفي رجل الي ما شاء اللّه.

و ان كان المعدود بين العشرة و المائة يؤتي بالجنس مفرداً منصوباً علي التمييز نحو احدعشر كوكباً و اثناعشر شهراً و خمسة و خمسون رجلاً وهكذا و اذا وصفت المميز المفرد جاز اعتبار اللفظ و اعتبار المعني فتقول ثلثون رجلاً ظريفاً و ظرفاء.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 104 *»

بالجملة، اذا توالي اعداد متعددة يجتزي بمميز الاخير علي حسب ما يقتضي نحو مائة و ثلاثة و ثلثون رجلاً و الف و مائة و اربعة و تسعون رجلاً و الف و مائة و خمسة رجال و خمسة و عشرون و مائة رجل و ثلاثه‏عشر رجلاً وهكذا.

الرابعة: ان للعرب من اسماء العدد اشتقاقات عديدة و نذكر منها هنا ما تيسر:

ـ  فمنها ان‏تصوغ من لفظ اثنين و عشرة و ما بينهما اسم فاعل علي وزن فاعل كمايشتق من ضرب يضرب فتقول ثان و ثالث وهكذا الي العاشر فيذكّر مع المذكر و يؤنّث مع المؤنث و اما الواحد فهو موضوع علي الفاعل من اول الامر.

ـ  و منها انهم اشتقوا منها فعلاً علي «نصر ينصر» الاّ في الحلقي منها فعلي «فتح يفتح» فقالوا ثَلَثْتُ ماله اي اخذت ثلثه و رَبَعْتُه اي اخذت ربعه.

ـ  و منها انهم اشتقوا منها فعلاً علي وزن «ضرب يضرب» فقالوا ثلث القوم و ربع و خمس الي عشر اي صار ثالثهم و رابعهم وهكذا الي عاشرهم.

ـ  و منها انهم اشتقوا منها علي وزن فُعْل لسهم من جملة السهام فقالوا ثُلْث لسهم من ثلثة اسهم و رُبْع لسهم من اربعة اسهم الي العشر لسهم من عشرة اسهم.

ـ  و منها للفرق المتساوية يقولون علي وزن فُعال و مَفعل نحو احاد و موحد و ثناء و مثني و ثلث و مثلث الي عشار و معشر تقول جاءوا احاد احاد او مثني مثني يعني واحداً واحداً و اثنين اثنين.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 105 *»

ـ  و منها انهم اشتقوا منها علي وزن افعل فقالوا اثلثوا و اربعوا الي اعشروا يعني صاروا ثلثة و اربعة وهكذا الي عشرة.

ـ  و منها انهم اشتقوا منها علي وزن فعّل تفعيلاً نحو ثنّي و ثلّث و ربّع اي جعله ذا جهتين او ثلث جهات او اركان و امثالها.

ـ  و منها انهم ينسبون الي ثلاث و رباع علي «فُعال» فيقولون ثلاثي و رباعي.

ـ  و منها انهم اشتقوا للايام الاحد و الاثنين و الثلثاء و الاربعاء و الخميس.

الي غير ذلك من مشتقات عديدة و اكتفينا بما ذكرنا اختصاراً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 106 *»

المقصد الثالث

في المعربات و ما يتعلق بها

و فيه مقدمة و مطلبان:

المقدمة

في بعض ما ينبغي تقديمه هنا

اعلم ان الاعراب هو حركات او مايقوم مقامها تعرض اواخر الكلم و المعرب كل لفظ يتأثر عن العوامل ظاهراً او تقديراً و العامل مايقوم بتأثيره ذلك التأثر و تلك الحركات ثلثة رفع و نصب و جرّ و تسمي ايضاً بالضمّ و الفتح و الكسر.

و لما كان الالفاظ قوالب المعاني وجب ان‏تجري في الظاهر علي حسبها ففي الخارج ذات يصدر عنها فعل و يحدث عن ذلك الفعل اثر و لربما يظهر ذلك الاثر بشي‏ء اخر او في شي‏ء او يكون لشي‏ء او مع شي‏ء او في حال و امثال ذلك فالذات هي الفاعل المستقل لذلك الفعل و الفعل هو الظهور الاول عن الذات و الدالّ عليها و القائم مقامها و المفعولات اثار محتاجة قائمة بالفعل و هو الغني عنها فجري الالفاظ ايضاً كذلك.

فاللفظ الدالّ علي الذات هو العمدة في الكلام سواء وقع مبتدأ او خبراً او فاعل الفعل و كذلك الفعل هو العمدة الثانية و المفعول هو الفضلة التي تفتقر الي الذات و الفعل و هما مستغنيان عنها و اعتناء النفس بذكر العمدة اكثر فيثقل عليها ذكر الفضلة.

ثم لما كان من الحروف حروف لاتتكي علي مقطع الفم و كانت محض

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 107 *»

صوت ليّن هو الحقيقة المشتركة بين جميع الحروف و كانت تجري في كل الحروف اختيرت للعلائم فجعل الواو علم الرفع و الالف علم النصب و الياء علم الخفض لاجل المناسبة التي بينها و لمّا كانت كثيرة الجريان في جميع الحروف و الكلمات خففت و رققت فصار رقيق الواو الضمة و رقيق الالف الفتحة و رقيق الياء الكسرة و سميت بالحركات فاذا اشبعت عادت الي اصولها و ابقيت في بعض الاسماء علي حالاتها الاُول للاشعار بانها اصول الاعراب و الحركات و قدتبادلت و وقع بعضها موقع بعض لاشتراك الكل في اللينة و الجريان في الحروف و لرفع الالتباس.

ـ  فصار علامة الرفع ثلثة الضم و الواو و الالف نحو هو مسلم و ابوك و هم مسلمون و هما مسلمان.

ـ  و علامة النصب اربعة الفتح و الالف و الكسر و الياء نحو رأيت مسلماً و اباك و مسلمات و مسلمَين و مسلمين.

ـ  و علامة الجرّ ثلثة الكسر و الياء و الفتح نحو بزيد و بمسلمَين و مسلمين و ابيك و باحمدَ.

ـ  و اما الجزم فهو قطع الحركة و يسمي بالسكون و الوقف فقديكون اعراباً نحو لم‏يضرب و قديكون بناءاً نحو ضربْن الي ضربْنا.

و الاصل في العاملية الظاهرة الفعل و الاصل في المعمولية الاسم و اماالحروف فقدتقع عاملة لكن علي وجه التعويق او التسفيل و المنع عن الارتفاع و الانتصاب.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الاعراب علي قسمين: اعراب تقديري لوجود مانع عن ظهوره و اعراب لفظي. ففي هذا المقصد مطلبان:

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 108 *»

المطلب الاول

في المعرب التقديري

ـ  كل كلمة كانت مقصورة فلاتعرب بحسب الظاهر لامتناع الالف عن الحركات فيقدر فيها الاعراب نحو قولك هذا موسي و رأيت موسي و مررت بموسي و كذا الفتي المقلوبة الفه عن الياء و المصطفي المقلوبة الفه عن الواو فهي مبنية الظاهر معربة الباطن.

ـ  و كذا المنقوص يثقل عليها الرفع و الجر نحو هذا القاضي و مررت بالقاضي فيقدران فيها و اما النصب فلخفته يلحقها نحو رأيت القاضي.

ـ  و مما يقدر اعرابه المفرد المضاف الي ياء المتكلم نحو هذا عبدي و رأيت عبدي و مررت بعبدي.

ـ  و الجمع المذكر السالم المضاف الي ياء المتكلم فانه يقدر فيه الرفع دون اخويه نحو جاءني مسلمِي.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 109 *»

المطلب الثاني

في المعرب اللفظي

و هو علي قسمين:

ـ  قسم يتوارد عليه جميع انحاء الاعراب.

ـ  و قسم هو برزخ بين المعرب و المبني فيجري عليه بعض الاعراب و بعض البناء و هذا القسم يسمي في عرف النحاة بـ «غيرالمنصرف».

ففي هذا المطلب بابان:

 

الباب الاول

في غير المنصرف

و في هذا الباب مسائل:

الاولي: اعلم ان البناء علي نوعين: بناء شرافة و بناء خساسة.

ـ  فبناء الشرافة للفعل لعدم شي‏ء فوقه يعمل فيه و هو العامل في كل شي‏ء.

ـ  و بناء الخساسة للحرف لعدم تأثرها من عامل لضعف القابلية و عدم صلاحيتها للتأثر من العوامل.

فاذا شابه الاسم احد الطرفين حصل فيه جهتان جهة ما شابهه و جهة من حيث نفسه فمن حيث نفسه يستحق الاعراب و من حيث الشبه يستحق البناء فان غلب الشباهة بالمبني صار مبنياً مطلقاً و ان تعادلت الجهتان صار بين بين و ان غلبت الاسمية صار معرباً كماكان.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 110 *»

و اعلم ان الاسم وصفاً كان او علماً هو الموضوع الذي يطرؤ عليه الشباهة بالفعل و الحرف و ليسا هما سبَبَي منع الصرف و لا شرطيه بل هما الممنوعان من الصرف بحدوث الشبه و هما بنفسهما يكون الاصل فيهما الاعراب و ينقص مقتضي اعرابهما بالشباهة.

و عرف بالاستقراء ان الشبه بالفعل الذي يورث البناء وزن الفعل و الشبه بالحرف الذي يورث البناء امور ثلثة التركيب و يلحق به الالف و النون الزائدتان و العجمة و التكنية و الذي هو من خواص الاسمية و برزخ بين الفعل و الحرف هو التأنيث و الجمع.

فاعلم ان المراد بوزن‏الفعل ان‏يكون الصفة او الاسم علي وزن من اوزان الفعل بان‏يكون في لسان العرب مختصاً بالفعل او كان غالباً في الفعل نحو اِثمِد و اِصبَع و اُبلُم اعلاماً.

و اما التركيب فذلك كـ خمسه‏عشر لا التركيب الاضافي كـ عبداللّه لانه من خواص الاسماء. و موضوع هذا الشبه ينبغي ان‏يكون علماً لا وصفاً فاذا عرض التركيبُ المقتضي للبناء العلمَ المقتضي للاعراب حدث من بينهما منع الصرف كـ بعلبك.

و اما الالف و النون الزائدتان فاذا لحقتا بصفة او علم تجعلانهما بمنزلة المركب فصارا غيرمنصرفين نحو عمران و سكران.

و اما العجمة فهو ايضاً ممنوع من الصرف ولكن اذا كان اللفظ الاعجمي ثلثياً ساكن‏الوسط خفّ علي لسانهم و شابه اسماءهم و اعربوه نحو نوح و لوط و اما اذا كان غير ذلك ثقل علي لسانهم و تركوه علي عجمته نحو ابرهيم

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 111 *»

 فيمنع الصرف.

و اما التكنية فهي من اسباب منع الصرف و تكون في صفات مخصوصة وقعت كناية عن اسماء مصرحة و هي عشرون كلمة عشرة منها علي وزن فُعال و هي اُحاد و ثُناء و ثُلاث الي عُشار و عشرة منها علي وزن مَفعَل و هي مَوحَد و مَثني و مَثلَث الي مَعشَر. فهذه الكلمات كنايات عن الاعداد اذ اُحاد كناية عن واحد واحد و ثُناء كناية عن اثنين اثنين و ثُلث عن ثلثة ثلثة و هكذا باقي الكلمات كما ان كذا و كذا كناية عن عدد معين.

و اما التأنيث فهو ايضاً من اسباب منع الصرف و هو علي قسمين: لفظي و معنوي. و اللفظي منه علي ثلثة اقسام: تأنيث بالالف المقصورة كـ حبلي و تأنيث بالالف الممدودة كـ صحراء و تأنيث بالتاء. و اما المعنوي فما سمع مؤنثاً من العرب.

اما التأنيث بالالف المقصورة و الممدودة فهما اذا حصلتا في اسم مفرد نكرة كـ ذكري و صحراء او معرفة كـ رَضوي و زكرياء او جمع كـ جرحي و اصدقاء او صفة كـ حبلي و حمراء افادتا المنع عن الصرف. و كذا التاء اذا كانت لازمة كاختيها نحو فاطمة و طلحة و اما التي في الصفات كـ قائمة فهي زائلة عارضية لا تأثير لها قوياً.

و اما المؤنث السماعي فهو محمول علي اللفظي كـ سقر و لظي و مريم و زينب و سعاد فمنع الصرف.

و يلحق بهذا الباب فُعَل فانه جمع خاص بالمؤنث فاجتمع فيه ثقل الجمع و ثقل التأنيث نحو جمع و كتع و بتع و بصع و اخر جمع اخري.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 112 *»

و اما منتهي‏الجموع فلكثرة ثقله عمّ اثره اسماء الاجناس ايضاً فمنعها عن الصرف كالاعلام و هو كل جمع بني علي حرفين مفتوحين بعدهما الف و بعد الالف حرف مكسور و بعد المكسور حرف اخر ظاهر او مدغم سواء كان بعده حرف اخر ام لا نحو دراهم و مساجد و مصابيح و دوابّ. و اما امثال الجواري فحكمها حكم القاضي قال اللّه تعالي و من فوقهم غواشٍ، والفجر و ليالٍ و سيروا فيها ليالي.

الثانية: اعلم انه اذا لحق واحد من هذه الاسباب اسماً اقتضي ذلك السبب البناء و الاسمية الاعراب فحصل في الاسم حالة برزخية و هي منع الصرف كما عرفت فيحذف عنه التنوين و يمنع عن الجرّ و يبني علي الفتح فهو في حال النصب و الجر مفتوح و في حال الرفع يكتفي له بالضم.

الثالثة: و اعلم ان مما لاينصرف ما اذا دخله الالف و اللام او اضيف غلب عليه الاسمية و صرف نحو هذا السكران و رأيت السكران و مررت بالسكران بالجر و هذا احمدكم و رأيت احمدكم و مررت باحمدكم.

و منه ما اذا نكّر صرف كالمركب و ذي‏الزيادتين و المؤنث و الاعجمي و الموازن للفعل و المختوم بالالف‏الالحاقية و ما علي وزن فُعَل. و ذلك انا قلنا ان هذه الاسباب تجعل المعرفة غير منصرف فاذا زال التعريف و نكّر احتاج الي تنوين يدلّ علي تنكيره فصرف نحو رب معدي كربٍ و عمرانٍ و فاطمةٍ و ابرهيمٍ و يزيدٍ و ارطي و عمرٍ لقيتهم.

و كذا اذا صغّر الاسم و زال عنه سبب المنع بالتصغير صرف نحو عمير و احيول.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 113 *»

فصل

في اعراب الجمع المؤنث السالم

و مما يلحق بهذا الباب الجمع بالف و تاء مزيدتين سواء سلمت فيه بنية الواحد ام لا كـ هندات و فاطمات و مسلمات و طلحات و جمرات و حبليات و صحراوات و اصطبلات فجميع ذلك يرفع بضم التاء و ينصب و يجرّ بالكسرة نحو مسلمات مؤمنات قانتات و خلق اللّه السموات و انّ في خلق السموات و الارض. و ان كانت التاء اصلية كـ ابيات و اموات او كانت الالف اصلية كـ قضاة و غزاة فالنصب بالفتحة علي الاصل. و الحق بهذا الجمع اولات و هو اسم جمع بمعني الصواحب لا واحد له نحو و ان كنّ اولاتِ حمل.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 114 *»

الباب الثاني

في المعرب بالحروف

و في هذا الباب فصول:

فصل

في اعراب الاسماء الستة

و هي ابوك و اخوك و حموك و هنوك و فوك و ذو مال و المسموع من العرب انها اذا كانت مفردة غير مصغرة و مضافة الي غير ياءالمتكلم في حال الرفع بالواو نحو هذا ابوك و في حال النصب بالالف نحو رأيت اباك و في حال الجرّ بالياء نحو مررت بابيك.

و اما اذا اضيفت الي ياء المتكلم فامتنع الاعراب لوجوب كسر ما قبل الياء نحو و اخي هرون و لا املك الاّ نفسي و اخي. و كذا اذا صغّرت لان التصغير علي وزن فعيل و يجب تحريك لامه عند الحاجة علي حسب الاعراب و فتح العين فيقول ابي و ابيّاً و ابي و اصله «ابيو» و يقلب الواو الواقعة بعد ياء التصغير فيقال ابي و كذا اذا افردت نحو و له اخ و ان له اباً و بنات الاخ.

و الافصح في الهن حذف اللام و اعراب النون بالحركات فيقال هنُك و هنَك و هنِك و منه ما روي من تعزّي بعزاء الجاهلية فاعضوه بهن ابيه و لاتكنوا.

و اذا جمع هذه الكلمات جمع تكسير اعربت كساير الكلمات و ان

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 115 *»

جمعت جمع تصحيح فبالواو و الياء كساير الجموع فتقول ابون و ابين و اذا اضيفت الي شي‏ء حذف نونها و ردّت كهيئة المفرد فتقول هذا ابوك الكريم و هؤلاء ابوك الكرام و رأيت ابيك الكرام و مررت بابيك الكرام او الكريم و الواو و الياء حروف اعراب في الجمع.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 116 *»

فصل

في اعراب المثني

و هو كلمة تصاغ من المفرد بزيادة الف او ياء مع نون تدلّ علي مفردين متعاطفين نحو الزيدان و المسلمان.

و هو في حال الرفع بالالف و النون و في حال النصب و الجر بالياء و النون.

و الحق بالتثنية لفظ اثنين و اثنتين لانه لا مفرد لهما و لايضافان الي كناية التثنية فلايقال جاءني الرجلان اثناهما مثلاً.

و الحق بها كلا و كلتا مضافتين الي الكناية لانه لا مفرد لهما ايضاً و انما هما لفظان وضعا لتأكيد الاثنين كما وضع الكل لتأكيد الجماعة و الدليل علي ذلك ارجاع كناية المفرد اليهما نحو قوله تعالي كلتا الجنتين اتت اكلها و يجوز ارجاع الكناية الي معناهما ايضاً نحو قوله تعالي بعد و لم‏تظلم منه شيئاً و فجّرنا خلالهما نهراً.

و ان اضيفتا الي المظهر يلزمهما الالف في كل حال فتقول كلا الرجلين قالا و رأيت كلا الرجلين و مررت بكلا الرجلين و كذا كلتا و لابد و ان‏يكون ما تضافان اليه مثني نحو كلاهما او كلا الرجلين او في حكمه نحو كلانا و لايجوز تفريق ما تضافان اليه نحو كلا زيد و عمرو. و نون المثني و الملحق به مكسورة نحو الامثلة المذكورة انفاً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 117 *»

فصل

في اعراب الجمع المذكر السالم

و هو كلمة تصاغ من المفرد بزيادة واو و نون او ياء و نون لتدلّ علي افراد متعددة و اقلها اثنان كما نزل في القرءان فيهن خيرات حسان للجنتين و يصاغ من مفرد كـ الزيدون المسلمون.

فيستعمل في حال الرفع بالواو و النون و في حال النصب و الجرّ بالياء و النون نحو هم الزيدون المسلمون و رأيت الزيدين المسلمين و مررت بالزيدين المسلمين و ما قبل الواو مضموم لفظاً كـ الزيدون او تقديراً نحو انتم الاعلون و قبل الياء مكسور لفظاً نحو رأيت الزيدين و مررت بالزيدين او تقديراً نحو رأيت المصطفين و انهم عندنا لمن المصطفين. و نون الجمع السالم المذكر مفتوحة نحو الامثلة المذكورة انفاً.

فهذه اقسام الاعراب بالحروف و ما سوي ذلك من كلمات العرب يعرب بالحركات.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 118 *»

المقصد الرابع

في بيان مايقع في كلام العرب مرفوعاً و منصوباً و مجروراً

ففي هذا المقصد اربعة مطالب:

المطلب الاول

في المرفوعات

اعلم ان الرفع علامة العمدة في الكلام و ان العمدة ثلاثة: الفاعل و المبتدأ و الخبر. و الاصل فيها الفاعل كما قرّره علي7 . فنوزّع هذا المطلب علي فصول لنستوفي اقسام المرفوعات و احكامها.

فصل

في فاعل فعل الفاعل

اعلم ان الفاعل هو ما اسند اليه الفعل او شبهه و هو علي اقسام:

ـ  فانه قديكون اسماً صريحاً نحو قام زيد.

ـ  و قديكون مضمراً نحو اكل زيد و شرب و اقوم و قم.

ـ  و قديكون كنايةً نحو ضرب هو.

ـ  و قديكون مأولاً نحو اولم‏يكفهم انّا انزلنا.

ـ  و قديكون جملةً نحو اولم‏يهـد لهم كم اهلكنا و كذا قوله و تبيّن لكم كيف فعلنا بهم.

و مثال الفعل المشتق تبارك اللّه و الجامد نعم اجر العاملين و شبه الفعل

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 119 *»

نحو مختلف الوانه.

و اعلم ان الفاعل حقه الرفع كما عرفت من علي7 الفاعل مرفوع و ما سواه ملحق به و رافعه الفعل فانه هو العامل الاصلي. و قديجرّ باضافة المصدر اليه نحو لولا دفع اللّه الناس او بـ من نحو ماجاءنا من بشير او باللام نحو هيهات هيهات لما توعدون.

يجوز حذف الفاعل نحو قوله تعالي كلاّ اذا بلغت التراقي و المسيغ للحذف وجود القرينة. و يصح حذف فعله نحو لولا علي لهلك عمر فان «علي» فاعل فعل محذوف علي الاصح اي لولا وجد علي لهلك عمر و نحو قوله تعالي ولئن سألتهم من خلقهم ليقولنّ اللّه. و قديحذف الفعل و الفاعل معاً نحو قولك نعم في جواب من قال أ قام زيد.

و الاصل اتصاله بفعله فعند اللبس يرجع اليه نحو ضرب موسي عيسي. و قديرفع اللبس بتابع احدهما اذا ظهر عليه الاعراب نحو ضرب موسي عيسي الظريفُ و باتصال علامة الفاعل بالفعل نحو ضربت موسي حبلي و اتصال كناية الفاعل بالمفعول نحو ضرب فتاه موسي و بامتناع المعني نحو اكل الكمثري يحيي.

و يجب تأخير المحصور و تقديم المطلق نحو انما ضرب زيد عمراً و انما ضرب عمراً زيد و انما يخشي اللّه من عباده العلماء.

و يجوز توسط المفعول نحو و لقد جاء ال‏فرعون النذر و اذا كان في الفاعل كناية المفعول اخّر نحو اذ ابتلي ابرهيم ربه و لاينفع الظالمين معذرتهم و ان كان الفاعل و المفعول كنايتين يجب تقديم الفاعل نحو ضربته و ان كان احدهما كناية فهي متصلة نحو ضربني زيد و ضربت زيداً او زيداً ضربت.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 120 *»

فصل

في اعمال العاملين

اعلم انه اذا وقع معمول بعد فعلين او شبههما متوافقين في الطلب للفاعل او المفعول او لهما او متخالفين نحو قام و قعد زيد و ضربت و اكرمت زيداً و قام و ضربت زيداً و بالعكس و أ قائم و قاعد الزيدان و زيد ضارب و قاتل عمراً و أ قائم و قعد زيد و زيد ضارب و يكرم عمراً و أ قائم و يضرب عمراً و عكسه ففي كل ذلك يطلب العاملان معمولاً.

و بناء اصل هذه المسألة علي انه لايجوز تأثير مؤثرين في اثر واحد علي طبق الموجودات الكونية فلابد و ان‏يكون الاعمال لاحدهما. و الذي اري ان الاعمال للثاني و حذف المعمول من الاول لان قولك ضرب و نصر زيد معناه ضرب زيد و نصر زيد فحذف زيد الاول بقرينة زيد الثاني و قدقدمنا انه يجوز حذف الفاعل بلا اكتراث و هذا اي حذف واحد عند التكرار من فنون الفصاحة نحو اكلها دائم و ظلّها اي ظلّها دائم و نحو اغنيهم اللّه و رسوله من فضله اي اغنيهم اللّه من فضله و اغنيهم رسوله من فضله و و كذلك الامر هنا حذف الاول اختصاراً و لا ضير في حذف الفاعل. و لايتفاوت فيماذكرنا عاملان و ازيد.

و اما المرفوع بعد الاّ نحو ماضرب و مااكرم الاّ انا و ماقعد و ماقام الاّ زيد فعندي ان الاّ مع مدخولها محذوفة من الاول فالمراد ماقعد الاّ زيد و ماقام الاّ زيد.

و اما مثل ضربني و اكرمت زيداً حيث يطلب الاول مرفوعاً و الثاني منصوباً فبديهي ان الاول لايطلب منصوباً و حذف المرفوع من الاول بقرينة اتحاد الاسم و علي هذه فقس ما سواها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 121 *»

فصل

في فاعل فعل المفعول

اعلم ان الفعل هو ما انبأ عن حركة المسمي و حركة المسمي علي نوعين: حركة ايجادية و حركة انوجادية نحو كسر و انكسر و المنكسر هو يقبل الكسر من الكاسر فلاجل ذلك يسمي بفعل المطاوعة. و لهم للمطاوعة صيغ عديدة نحو انفعل و افتعل لمطاوعة المجرد و تفعّل لمطاوعة التفعيل و تفاعل لمطاوعة المفاعلة. و كل فعل مطاوع قاصر عما يطاوع له بدرجة فان كان الفعل الايجادي ذا مفعول يكون فعل الانوجاد قاصراً عن المفعول نحو كسرته فانكسر و ان كان الفعل الايجادي ذا مفعولين قصر المطاوع عن مفعول و اقتصر علي مفعول نحو علّمته الكتاب و تعلّم الكتاب.

و لمّا كان هذه الافعال مخصوصة بابواب اراد الواضع جل شأنه وضع فعل مطاوعي يعمّ الابواب كلّها فوضع له فعلاً يشتق من كل فعل ايجادي فتقول في ضرب زيد عمراً، ضُرِبَ عمروٌ كما مرّ في المقالة الاولي مفصلاً ففاعله فاعل حقيقي اصلي و لذلك يؤنث الفعل بتأنيثه فتقول ضُربت هند كماتقول ضَربت هند فتبصر.

تنبيه: اذا عرفت ان فعل المفعول هو الفعل المطاوعي فالمطاوع هو الفاعل له كما ان المنكسر القابل للكسر هو فاعل «انكسر» فالمطاوع قديكون ما هو مفعول‏به لفعل الفاعل نحو اذا حُيّيتم بتحية و بمثل ما عوقبتم و هو الاصل في الباب. و اما ظرف الزمان و المكان فهما قابلان للفعل مجازاً فتقول

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 122 *»

صيمَ شهرُ رمضان و جُلس اَمامُ الامير.

و قد يصير المصدر فاعلاً نحو قوله تعالي و نفخ في الصور نفخة واحدة و كذا قوله

يُغضي حياءاً و يُغضي من مَهابته   و لايُكلَّم الاّ حين يبتسم

فقوله «يُغضي من مهابته» اي يوجد اغضاء من مهابته. و اما الحال فهو من حيّز المفعول‏به ان كان صفة له فان قلت ضرب راكب صحّ المعني اذ زيد في حال الركوع هو الراكب و كذا التمييز هو من حيّز المفعول‏به ان كان له كقولك حُسِّنَ وجهٌ فتحسين زيد من حيث الوجه هو تحسين الوجه فلا اري بهما بأساً فان لهما معني صحيحاً.

و اما اذا تعدّي الفعل الي المفعولين ففي باب «كسوت» يجوز رفع ايّهما شئت و تقديمه بشرط عدم اللبس نحو اعطي زيد درهماً و درهم زيداً.

و في باب «علمت» يجوز رفع المفعول الاول بلا اكتراث نحو عُلم زيد فاضلاً و اما المفعول الثاني فيجوز ايضاً بشرط عدم اللبس بحفظ الرتبة فتقول ظُنَّ زيداً قائم.

و اما في باب «اعلم» فالبلاغة و السماع علي رفع الاول نحو اُعلم زيدٌ عمراً جاهلاً.

و قديقع المرفوع جملة نحو قيل يا ارض ابلعي ماءك الاية.

و يجوز تقدّمه علي الفعل كما يجوز تقدّم الفاعل نحو عمرو ضُرب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 123 *»

فصل

في المبتدأ

و فيه مسائل:

الاولي: اعلم ان الموجود علي قسمين ذات و اعراض خارجة عنها تتغير و الذات باقية في كل حال و الاعراض سبعة كمّ و كيف و زمان و مكان و اضافة و وضع و فعل. فالذات نحو مايعبر عنه بـ زيد او الضرب و الكمّ كقولك طويل و الكيف كقولك ابيض و الزمان كقولك امس ظرفاً و المكان كقولك في الدار و الاضافة كقولك عبد فلان و رب فلان و الوضع كقولك جالس و الفعل كـ ضرب و انكسر. فالكلمة الموضوعة لواحد من هذه الاشياء مفردة و اذا ضمّ كلمتان منها باسناد صار كلاماً.

و لايقع اسناد بين ذاتين فلايقال زيد عمرو.

و اما اذا اسند ذات و فعل فيراد منه ان الذات فاعل الفعل و موجده فيراد من الذات الفاعلية سواء قدّمت علي الفعل او اخّرت فزيد في قولك زيد قام او قام زيد فاعل.

و اما اذا كان الاسناد بين ذات و ظرف فان الذات واقعة في الظرف نحو زيد في الدار.

و اما اذا كان الاسناد بين ذات و كمّ او كيف او اضافة او وضع فالمسنداليه هو المسند بمعني ان الاول هو الثاني نحو زيد طويل او ابيض او عبداللّه او مالك درهم او جالس ففي هذا القسم و الذي قبله يكون المسنداليه هو المبتدأ

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 124 *»

و المسند هو الخبر. فرفع المبتدأ في هذين القسمين بالخبر لتضمنه معني الفعل و كون المبتدأ ذا معني فاعلية و رفع الخبر بسبب كون الخبر هو المبتدأ و كونه عمدة و رافعه المبتدأ اذاً.

و لمّا كان الكلام يجب ان‏يكون فيه فائدة فلابد في المبتدأ و الخبر ان‏يكون للمبتدأ تذوت و للخبر وصفية فان كان المبتدأ عين الخبر من كل جهة لايجوز الاسناد لعدم الفائدة فلايقال زيد زيد. و كذا اذا كان المبتدأ غير الخبر من كل جهة للزوم الكذب كقولك زيد عمرو. فلابد و ان‏يكون المبتدأ عين الخبر من وجه و غيره من وجه حتي يصحّ الاسناد من جهة الاتحاد و يفيد الفائدة من جهة المغايرة فلابد و ان‏يكون الاسناد بين ذات و صفة و ان لم‏يكن الخبر وصفاً ظاهراً فلابد و ان‏يقدّر فيه الوصفية او يأول اليها فان قلت هذا زيد تريد هذا موصوف بالزيدية.

و اعلم انه قديكون المبتدأ ذا كناية لمصلحة من المصالح فيؤتي بمرجع الكناية مرفوعاً علي الابتداء توطئة للمبتدأ الاصلي المقصود و هذا المبتدأ يسمي عندنا بـ المبتدأ الموطئ ثم يؤتي بالمبتدأ المقصود نحو زيد ضاربه عمرو و منه اللّه لا اله الاّ هو الحي القيوم فـ «اللّه» مبتدأ موطئ و «هو» بدل منه فكأنك قلت لا اله الاّ اللّه الحي القيوم.

و قديؤتي بالمبتدأ الموطئ و لا بدل فهو مبتدأ لا خبر له يعني هو ذكر ذات توطئة ليرجع اليه كناية حسب نحو زيد هل ضربته و زيد ان ضربته غضب عمرو و زيد ما ضربته فزيد في كل ذلك مرفوع و ليس في النفس دونه شي‏ء حتي نقدّره و لم‏تأت به الاّ لاجل التوطئة و من هذا الباب اما زيد فاضربه

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 125 *»

 و اما عمرو فاقتله.

الثانية: اعلم ان المبتدأ قديكون اسماً صريحاً لذات مجرداً عن العوامل نحو زيد قائم او لمعني نحو الضرب خير من الشتم او مأولاً بسابك نحو ان‏تصوموا خير لكم او بغير سابك نحو سواء عليهم ءانذرتهم ام لم‏تنذرهم اي سواء عليهم انذارك و ترك انذارك و قديكون مبهماً نحو ما بكم من نعمة فمن اللّه و قديكون وصفاً مجرداً نحو مجاهد في سبيل اللّه خير من الف قاعد و قديكون مقروناً بعامل نحو هل من خالق غير اللّه و بأيكم المفتون.

الثالثة: ان العاقل يتكلم بما فيه فائدة فما لا فائدة فيه لغو فالمبتدأ المعرفة اذا وقع بلا فائدة لغو نحو الماء جار و النكرة اذا وقعت مع فائدة جازت نحو رجل في الدار لا امرأة. فاذا عرفت ذلك فاعلم ان الاسم علي نوعين: نوع معرفة بالذات و قسم يقع معرفة و نكرة و انما يعرّف او يخصّص باسباب تضم اليه فأي موضع يرتفع الحاجة باصل جوهر الكلمة و يحصل به الفائدة يقتصر عليه و اي موضع لايرتفع به الحاجة و لايحصل به الفائدة يستعان بتلك الاسباب.

و اسباب تخصيص المبتدأ و تعريفه امور:

ـ  منها ان يخبر عنه بمختص نحو و لدينا مزيد.

ـ  و منها ان يخصص بوصف ملفوظ نحو لعبد مؤمن خير من مشرك.

ـ  او محذوف نحو السمن منوان بدرهم اي منه.

ـ  او بتصغير نحو رجيل في الدار.

ـ  او باضافة نحو خمس صلوات كتبهن الله.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 126 *»

الرابعة: في الوصف المنكّر كـقائم زيدٌ فالوصف مع تنكره و وصفيته و وجود اسم ذات بعده لايصلح للابتدائية بتّةً بل هو خبر مقدم و العلم فاعله سدّ مسدّ المبتدأ.

و اما اذا كان الوصف محلي بالالف و اللام فعندي ان الالف و اللام موصولة مبتدأ و صلتها الصفة و ما بعدها خبر فقولك الضارب زيد اي الذي ضرب او يضرب زيد.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 127 *»

فصل

في الخبر

و فيه مسائل:

الاولي: الخبر هو ما بسببه يصحّ السكوت علي ما يتضمنه و هو عين المبتدأ من جهة و غيره من جهة. والاصل فيه التنكير اللّهم الاّ ان‏يراد الحقيقة الطاوية نحو هو الحي لا اله الاّ هو و هو اللطيف الخبير و جري اغلب الاخبار عما يدلّ علي اللّه في القرءان علي ذلك للاشعار بذلك و قديعرّف لارادة الحصر نحو زيد هو العالم و هو الكبير.

و الاصل ان‏يكون المبتدأ مجهول السامع اي متعالياً عن التعين اي ذاتاً و الخبر معروفه اي صفة حتي يستفيد اتحاد المجهول بالمعروف و قديكونان معروفين و الاسناد مجهولاً كمن رأي قائماً او جائياً و هو يعرف زيداً ولكن لايعلم ان ذلك القائم او الجائي هو زيد فتقول القائم زيد و الجائي زيد.

الثانية: اعلم ان الاصل في الخبر التأخير عن المبتدأ لانه صفة له و مسند اليه و هي متأخرة عن الذات و يجوز تقديمه لافادة الحصر و غيرها من الاغراض و قديجب تأخيره

ـ  اذا كانا معرفتين او نكرتين للالتباس نحو زيد اخوك و افضل مني افضل منك.

ـ  و اذا كان الخبر محصوراً نحو و ما محمد الاّ رسول و انما انت نذير.

ـ  و اذا كان المبتدأ مستحقاً للتصدير نحو ما احسن زيداً علي قولهم

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 128 *»

والحق انه فاعل.

و قديجب تقديم الخبر و هو:

ـ  عند اقتران المبتدأ بـ الاّ لفظاً نحو ما لي الاّ درهم و معني نحو انما عندك زيد.

ـ  و عند كون الخبر لازم الصدر نحو اين زيد و صبيحة اي يوم سفرك.

ـ  و عند كون كناية في المبتدأ عن الخبر او جزئه نحو ام علي قلوب اقفالها.

الثالثة: اعلم انه لمّا كان بناء الكلام علي الاختصار قديحذف المبتدأ او الخبر اذا قام قرينة نحو من عمل صالحاً فلنفسه اي فعمله لنفسه و اذا سئل كيف زيد قلت مريض او من في الدار تقول زيد او ما عندك تقول درهم و نحو قوله تعالي قالت عجوز عقيم اي انا عجوز و نحو اكلها دائم و ظلّها اي دائم.

و قديحذف المبتدأ وجوباً:

ـ  كما اذا اخبر عنه بنعت مقطوع عن متبوعه لمجرد مدح نحو الحمد للّه الحميدُ. او ذمّ نحو اعوذ باللّه من ابليس عدوُّ المؤمنين. او ترحم نحو مررت بعبدك المسكينُ.

ـ  و كذلك في المصدر الذي حقّه النصب نحو سمعاً و طاعة فقديقولون سمعٌ و طاعةٌ لارادة الدوام الذي يفهم من الجملة الاسمية قال اللّه تعالي و يقولون طاعة.

ـ  و من مواضع حذف المبتدأ وجوباً قولهم في ذمّتي لافعلنّ اي ميثاق او عهد.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 129 *»

و يحذف الخبر وجوباً:

ـ  اذا كان ظرفاً مستقراً نحو زيد قدّامك و في الدار والمعني حاصل قدّامك و في‏الدار.

ـ  و اذا كان المبتدأ صريحاً في القسم نحو لعمرك لافعلنّ اي لعمرك قسمي.

ـ  و اذا كان المبتدأ معطوفاً عليه بواو مع نحو كل رجل و ضيعتُه اي مقرونان.

و يجوز تعدد الخبر لفظاً و معني نحو قوله تعالي و هو الغفور الودود ذوالعرش المجيد فعّال لما يريد و لفظاً دون معني نحو الرمان حلو حامض فانهما بمعني مزّ.

الرابعة: اعلم انه قديكون بين المبتدأ و الخبر سببية فلاجل ذلك يدخل علي الخبر الفاء نحو ما بكم من نعمة فمن اللّه. و لاتحذف الاّ لضرورة نحو و اما القتال لا قتال لديكم او اضمار قول نحو و اما الذين اسودّت وجوههم أ كفرتم اي فيقال و هي بعد امّا واجبة و في غيرها جائزة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 130 *»

المطلب الثاني

في المنصوبات

اعلم ان المنصوبات باسرها فضلة في الكلام و هي جميع ما سوي المرفوعات و المجرورات و الاصل فيها المفعول ـ اي المطلق الذاتي كمايأتي ـ و جميع ما سواه من المنصوبات ملحق به و شرح ذلك يحتاج الي رسم فصول:

فصل

اعلم ان المفعول الحقيقي نوعان:

ـ  نوع ذاتي و هو الحدث الذي اوجدته بفعلك و صنعك لا من شي‏ء و لم‏يكن قبل ايجادك له شيئاً و هو المفعول المطلق المشهور نحو قعد قعوداً و ضرب ضرباً.

ـ  و نوع وصفي و هو الذي اوجدته بفعلك و صنعك من مادة سابقة نحو صنعت السرير و صغت الخاتم فان المادة موجودة قبل و انما انت محدث الصورة علي المادة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 131 *»

في المفعول المطلق الذاتي

و هو الحدث الذي احدثته بفعلك نحو ضربت ضرباً فان «ضرباً» حدث احدثته بفعلك الذي هو «ضربت» فهو المفعول الحقيقي و ثمرته اما تأكيد او بيان نوع او عدد او تخصيص الفعل السابق او توضيح الفعل المشتبه مصدره. فهو علي خمسة اقسام:

ـ  المفعول المطلق التأكيدي و هو المصدر نحو ضربت ضرباً و هو تأكيد صورة الفعل و هذا لايثني و لايجمع فانه لتأكيد صورة الفعل و هي واحدة لا تعدد فيها.

ـ  المفعول المطلق النوعي نحو نحو ضربت ضرباً شديداً فيثني و يجمع لان انواع الضرب مختلفة نحو ضربت ضربين شديدين و ضربات شديدات.

ـ  المفعول المطلق العددي نحو ضربت ضربةً و هو يثني و يجمع و يضاف اليه اعداد نحو ضربت ضربتين و ثلاث ضربات و قال اللّه عزّوجلّ فاجلدوهم ثمانين جلدة.

ـ  المفعول المطلق التخصيصي نحو اوجدت ضرباً و احدثت قتلاً فانهما لم‏يكونا قبل ايجادك و احداثك حتي يقع عليهما ايجادك فيكونا مفعولاً بهما و هو الشرط في المفعول‏به و لم‏يحدثا من مادة سابقة فيكونا مفعولين وصفيين و لا شك انهما مصدران احدثا بذينك الفعلين و لا شك انه لم‏يؤت بهما لتأكيد و لا بيان نوع و لا عدد و انما جي‏ء بهما لتخصيص عموم

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 132 *»

معني اوجدت و احدثت فقولك اوجدت ضرباً بمعني ضربت فانه ايجاد ظهر بالضرب و كذا احدثت قتلاً بمعني قتلت فهما مفعولان مطلقان تخصيصيان.

ـ  المفعول المطلق التوضيحي و هو يؤتي توضيحاً للفعل اذا كان له معنيان علي مصدرين فتقول نفق نفقاً اذا اردت النفاد و نفق نفوقاً اذا اردت الموت.

و الناصب له هو الفاعل فان الفعل شأنه رفع الفاعل حسب ثم هو لاتصاله بالفعل و وقوع مسحة الفعل عليه يصير عاملاً و ان قلت هو الفعل بواسطة الفاعل صحّ ايضاً.

و اما ما ينوب عنه فهو ما يدلّ عليه نحو سرت احسن السير اي سيراً احسن السير و ينوب عنه الاشارة نحو ضربته ذلك الضرب و المرادف له نحو شنأته بغضاً و قعدت جلوساً و اسم المصدر نحو اغتسلت غسلاً و اعذّبه عذاباً و اللّه انبتكم من الارض نباتاً و مصدر باب اخر نحو و تبتّل اليه تبتيلاً و العدد نحو فاجلدوهم ثمانين و ما يدلّ علي الكمّ نحو لاتميلوا كل الميل و ضربته بعض الضرب و لوتقوّل علينا بعض الاقاويل.

و الحاصل ان النائب عن المؤكد ما كان مرادفاً للمصدر او اسم المصدر او مصدراً من باب اخر و البواقي تنوب عن المبيّن.

و اعلم انه يجوز حذف العامل اذا كان المصدر مبيّناً لدليل مقالي او حالي كأن‏يقال لك ماجلست فتقول بلي جلوساً طويلاً و تقول للقادم قدوماً مباركاً.

و المؤكِّد اذا بيّن فاعله بالاضافة نحو كتاب اللّه او بحرف جرّ نحو بؤساً لك اي شدة او بيّن مفعوله بالاضافة نحو سبحان‏اللّه او بحرف جرّ نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 133 *»

شكراً لك و حمداً لك فيجب حذف الفعل فيها قياساً ان لم‏يكن المصدر لبيان النوع كقوله تعالي و مكروا مكرهم.

و يحذف عامل المصدر قياساً في مواضع:

ـ  ان‏يكون ناصب المصدر خبراً عن صاحب المصدر او يكون مكرراً او بعد الاّ او معناها نحو مازيد الاّ سيراً و ماالدهر الاّ تقلباً و انما انت سيراً و المنون تفريقاً تفريقاً.

ـ  ان‏يذكر جملة طلبية او خبرية تتضمن مصدراً يطلب منه فوائد و اغراض فاذا ذكرت تلك الاغراض بالفاظ مصادر منصوبة وجب حذف افعالها نحو فشدّوا الوثاق فاما منّاً بعد و اما فداءً و نحو زيد يكتب فقراءةً بعد او بيعاً.

ـ  ان‏يكون المصدر مضموناً لجملة لايحتمل تلك الجملة من جميع المصادر الاّ ذلك المصدر نحو علي الف درهم اعترافاً و يسمي توكيداً لنفسه.

ـ  ما كان توبيخاً مع استفهام نحو أ رضي و ذؤبان الخطوب تنوشني و نحو أ مكراً و انت في الحديد و نحو توانياً و جدّ قرناؤك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 134 *»

فصل

في المفعول الوصفي

و هو كل اسم يدلّ علي مسمي اوجده فاعل الفعل السابق من شي‏ء نحو قوله تعالي خلق الانسان من صلصال كالفخّار و خلق الجانّ من مارج من نار هذا و ان لم‏يذكر ما خلق منه معه فان اللّه يقول كلّيةً و جعلنا من الماء كل شي‏ء حي فمنه خلق السموات و الارض و صنعت الكوز و صغت الخاتم و اخترعت الةً و ابتدعت شيئاً وهكذا كل‏ما وقع بعد الالفاظ الدالة علي الخلق كـ الاحداث و الايجاد و الجعل و البرء و الذرء و التكوين و امثال ذلك.

فجميع ما يقع بعد هذه الافعال ليس بمفعول مطلق ذاتي كما مرّ و لا بمفعول‏به لان الشرط في المفعول‏به ان‏يكون غيرقائم بذلك الفعل و انما يقع عليه اثر ذلك الفعل.

فهذا القسم ليس من ساير المفعولات و هو مفعول مطلق عمّا يقيد المفعولات به من الحروف و وصفي لان اللّه سبحانه خلق المادة اولاً ثم خلق وصف السماوية علي حصة من تلك المادة فقيل خلق السموات و الارضية علي حصة فقيل خلق الارض فتدبر.

و ناصبه ايضاً الفاعل كما قدمنا في المفعول المطلق.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 135 *»

فصل

في المفعول به

و هو ما ظهر به فعل الفاعل و لم‏يكن قائماً به و يوصف في العرف بـ «المفعول» بقول مطلق مصوغ من مصدر ذلك الفعل كماتري في ضرب زيد عمراً ان «عمراً » مضروب بقول مطلق و اما ساير المفاعيل فلايطلق عليه لفظ المفعول الاّ مع حرف نحو ضربت اليوم تأديباً فـ «اليوم» مضروب‏فيه و «تأديباً » مضروب‏له وهكذا.

بقي شي‏ء و هو ان الفعل الواحد لايمكن ان‏يكون له مفعولان من جنس واحد و لايتعلق فعل واحد الاّ الي مفعول واحد اللّهم الاّ علي سبيل العطف الدالّ علي تكرّر الفعل فقولك ضربت زيداً و عمراً يعني ضربت زيداً و ضربت عمراً بضرب غير ذلك الضرب نعم تجتمع المفاعيل من اجناس متعددة في فعل واحد اذ لا منافاة بينها. فاذاً الافعال التي لها مفعولان او ثلثة لايجوز ان‏يكون مفاعيلها كلّها مفعولاً بها البتة بل القول الفصل فيها ان الذي يظهر عليه الحدث و يتعلق به هو المفعول‏به والبواقي من اجناس اخر.

مسألة: ناصب المفعول‏به هو الفاعل و ان شئت ان‏تقول ان العامل هو الفعل و لكن في الفاعل و بالفاعل صحّ فانه الاصل في العمل.

مسألة: اعلم ان الاصل في المفعول التأخر عن الفاعل لانه معموله كما ان الاصل في الفاعل التأخر عن الفعل لانه معموله و قديتوسط و يتقدم لاغراض نفسانية الاّ انه قديجب التأخير و هو اذا كان الفعل مؤكداً بالنون

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 136 *»

فلايقال زيداً اضربنّ و عند اللبس نحو ضرب موسي عيسي.

و يجب تقديم المفعول اذا كان فيه علة التصدير نحو ايَّهم ضربت و غلامَ ايهم ضربت.

مسألة: اعلم انه لما كان بناء كلام العرب علي الاختصار قديحذفون المفعول‏به نحو ضربت في جواب من قال ما صنعت بزيد. و الضابط فطري لايحتاج الي بيان مواضع جواز الحذف و امتناعه فانه امر معنوي. و الكلي فيه انه لايجوز حذف الاّ مع القرينة.

و قديحذفون المفعول لاجل افادة العموم نحو يقبض و يبسط و يعطي و يمنع.

و قديحذفون الفعل و يبقون المفعول اذا دلّ عليه قرينة لفظية كما اذا قيل من اضرب تقول زيداً او حالية كما اذا عزم رجل علي ضرب شخص فتقول له زيداً زيداً.

و مواضع الحذف علي نوعين: سماعية و قياسية.

اما السماعية فنحو قولهم امرءاً و نفسه اي دع امرءاً و نفسه و نحو اهلاً و سهلاً اي اتيت اهلاً و نزلت سهلاً و نحو كل شي‏ء و لا شتيمة حرّ اي اصنع كل شي‏ء و لاترتكب شتيمة حرّ و امثال ذلك و هي الفاظ سماعية صارت كالامثال و تحكي علي ما قيل.

و اما القياسية فقد عدّوا مواضع:

ـ  منها حذف ناصب المحذّر و المحذّرمنه نحو اياك الاسد و اياك من الاسد و اياك و الاسد و الطريق الطريق و اياك اياك بالتكرار و التقدير في

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 137 *»

اياك الاسد حذّر نفسك الاسد لانه ذو مفعولين نحو يحذّركم اللّه نفسه و في اياك و الاسد راع نفسك و الاسد و في الطريق الطريق احذر الطريق احذر الطريق و امثال ذلك.

ـ  و منها الاغراء و ضابطه ذكر كل مغري‏به مكرراً او معطوفاً عليه بالواو مع معطوفه نحو اخاك اخاك و نحو شأنك و الحج و نفسك و ما يعنيها اي الزم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 138 *»

فصل

في المفعول بواسطة

و هو مفعول الفعل المتعدي اذا عدّيت ذلك المتعدي بنقله الي باب اخر مثاله احفرت زيداً النهر فزيد هو الفاعل السابق صار مفعولاً به و بقي النهر منصوباً و ليس بمفعول به لـ احفر بلا شك و انما هو مفعول لزيد فان النهر هو المحفور و «زيد» هو المُحفَر فالنهر منصوب بزيد و مفعول له. و كذلك كتب زيد القرءان و اكتبت زيداً القرءان.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 139 *»

فصل

في المفعول المخصص

و هو اول مفعولي باب «علمت» فان قولك علمت زيداً فاضلاً المعلوم هو فضل زيد بالبداهة و زيد هو محل المعلوم و معروضه و ليس بمفعول‏به للعالم بل فضل زيد هو المفعول‏به فالتقدير علمت فضل زيد و سمّيناه بالمفعول المخصص لان اضافة «فضل» الي «زيد» تفيده اختصاصاً به. فكل مفعولين يصلح اولهما لان‏يكون مبتدأ و ثانيهما لان‏يكون خبراً فالاول هو المفعول المخصص و الثاني المفعول‏به.

و اما الناصب للمفعولين فهو الفاعل ينصب الثاني بالذات و الاول بالعرض.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 140 *»

فصل

في المفعول المتعلق

و هو متعلق المفعول‏به و من شرطه ان لايصحّ اسناده اليه نحو مفعولي باب «اعطيت» و هو كل فعل له مفعولان لايصحّ اسناد احدهما الي الاخر نحو كسوت زيداً جبةً فالجبة هي الكسوة تكسوها علي زيد و زيد هو المكتسي بالجبة فالمفعول‏به هو الجبة و اما زيد فهو متعلق المفعول‏به اذ لايتحقق الكسوة الاّ بين شيئين.

فكل فعل لايتحقق معناه في الخارج الاّ بمفعول و متعلق له هو من هذا الباب و مفعوله الثاني مفعول به و مفعوله الاول هو المفعول المتعلَق حيث تعلق به المفعول‏به.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 141 *»

فصل

في المفعول بها

و هو الذي اجري الفاعل فعله به اي جعله الة احداثه الحدث و هو شايع كثير.

و شرطه ان‏تكون الالة معروفة بصدور ذلك الحدث منها و يكون صالحاً لدخول باء الاستعانة عليه نحو ضربته سوطاً فيسوغ ان‏تقول ضربته بالسوط.

و قديضاف اليه العدد فيجري عليه حكمه نحو ضربته خمسة اسواط. و كذلك طعنته رمحاً و رميته سهماً و ضربته سيفاً.

و اذا كانت الالة غيرمعروفة لايقال ذلك فلايقال ضربته قلماً مثلاً و اذا اريد ذلك يستعان بالباء فتقول ضربته بالقلم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 142 *»

فصل

في المفعول منه

و هو الذي احدث الفاعل مفعوله منه كما يصنع الصايغ الخاتم من الفضة و علامته ان‏يكون صالحاً لدخول من عليه نحو قوله تعالي ءاسجد لمن خلقت طيناً اي من طين و منه قوله تعالي و تنحتون الجبال بيوتاً لقوله في اية اخري و تنحتون من الجبال بيوتاً و منه قوله تعالي و لقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين يعني جعلنا الانسان من نطفة اذ من البيّن انه لايرجع الكناية الي السلالة و لا الي الطين و لم‏يجعل الانسان نطفة و انما جعل الانسان من نطفة فـ «نطفةً» مفعول‏منه بالضرورة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 143 *»

فصل

في المفعول عليه

و هو الذي صنع الصانع مصنوعه عليه اي صوّره بصورته و ذلك ايضاً كثير في كلام العرب و علامته صحة دخول علي عليه و اغلب وقوعه بعد افعال التصيير نحو جعلت الطين خزفاً فان المعني جعلت الطين علي صورة الخزف و صيّرت الماء جمداً اي غيّرته علي صورة الجمد. و من ذلك ما يجعله الفاعل موصوفاً بصفة معنوية نحو اتخذ اللّه ابرهيم خليلاً و كذلك بعثه اللّه نبياً.

و جميع ذوات المفعولين اللذين يجعل الاول علي صورة الثاني او علي صفة الثاني فالثاني مفعول عليه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 144 *»

فصل

في المفعول معه

و هو اسم مذكور بعد واو العطف بمعني مع تالٍ لجملة ذات فعل لفظاً او معني. و شرطه ان‏يصـح عطفه من حيث المعني نحو جئت و زيداً اي جئت انا مع زيد.

و وجه نصبه لان مع بمعني المصاحبة يقيناً و معني سرت و زيداً سرت و صاحبت زيداً في السير فاضمروا الفعل و نصبوا مفعوله لئلاتشتبه واو مع بواو العطف و ناصبه هو الفاعل المحذوف. فعلي‏هذا ليس المفعول‏معه بقسم غير ما ذكر و انما هو المفعول‏به و قدحذف عامله. و قوله تعالي فاَجمعوا امركم و شركاءكم يفيد كونه بعد فعل متعدٍّ.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 145 *»

فصل

في المفعول فيه

و هو ما فعل فيه مضمون عامله فهو اسم وقت او اسم مكان او اسم من حدودهما يتصل الي احدهما او جري مجراه يتضمن معني في منصوباً نحو امش يوم الجمعة امامي عشر ساعات خمسة اقدام حقاً. و اذا كان في فيه ظاهرة يسمي بالظرف.

و الاسم الذي يقترن بالزمان و المكان اربعة انواع:

ـ  اسماء العدد المميزة باحدهما نحو سرت عشرة ايام خمسة فراسخ.

ـ  و ما يدلّ علي كلية احدهما او بعضيته نحو سرت جميع اليوم جميع الفرسخ او كل اليوم كل الفرسخ او بعض اليوم بعض الفرسخ.

ـ  و ما كان صفة لاحدهما كـ جلست طويلاً من الدهر و شرقي الدار.

ـ  و ما كان ينوي قبله احدهما ـ اي لفظ الزمان و المكان ـ صالحاً للاضافة اليه. و الغالب في المذكور ان‏يكون مصدراً و في المنوي ان‏يكون زمانياً معيناً نحو جئتك صلوة العصر و جلست عندك حلب ناقة او نومة قائل. و قديكون المنوي مكانياً نحو جلست قرب زيد و مشيت غلوة سهم و رمية نشّابة.

و اما الجاري مجري احدهما فهو الفاظ مسموعة توسعوا فيها فعاملوا معها معاملة المفعول‏فيه كقولهم لاتينّك السمر و القمر اي وقت السمر و وقت طلوع القمر و باكرت حاجتها الدجاج بسحرة اي وقت صياح الدجاج.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 146 *»

مسألة: حكم المفعول فيه النصب و اضمار في، و ان ظهرت فهو ظرف. و ناصبه الفاعل او الفعل بالفاعل كما مـرّ.

و قديحذف عامله جوازاً كقولك فرسخين او يوم الجمعة جواباً لمن قال كم سرت او متي صمت. و قديحذف وجوباً و هو اذا وقع صفة نحو مررت بطائر فوق غصن او صلة نحو رأيت الذي عندك او حالاً نحو رأيت الهلال بين السحاب او خبراً كـ زيد عندك.

و في هذه الموارد الحذف قياسي.

مسألة: الظرف نوعان:

ـ  متصرف و هو ما يجوز ان‏يستعمل في حالة لاتشبهه كأن‏يستعمل مبتدأً او خبراً او فاعلاً او مفعولاً به او مضافاً اليه كـ اليوم فانك تقول اليوم يوم مبارك و اعجبني اليوم و رأيت يوم قدومك و سرت نصف يوم.

ـ  و غيرمتصرف. فاما لايفارق الظرفية كـ قطّ و عوض. و اما يفارقها الي حالة شبيهة بالظرفية بدخول من نحو قبل و بعد و لدن و عند و بين نحو للّه الامر من قبل و من بعد و اتيناه رحمة من عندنا و علّمناه من لدنّا علماً و من بيننا و بينك حجاب.

و ان جرّ بغير من كان متصرفاً نحو عن اليمين و عن الشمال قعيد.

مسألة: اعلم ان المفعول‏فيه ليس جنساً واحداً بدليل انه لايمكن ان‏يقـع لفعل واحد مفعولان من جنس واحد الاّ علي سبيل العطف و يمكن ان‏يقـع لفعل واحد مفعول فيه مكاني و مفعول فيه زماني نحو ضربته امامك يوم الجمعة فكان من حقهما ان‏يذكرا في فصلين ليعرف تعددهما ولكن لمّا كان

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 147 *»

احكامهما متحدة جمعناهما في فصل واحد و اشرنا الي تعددهما.

فما وقع من جنس المكان متعدداً او من جنس الزمان فهما علي البدلية نحو امش امامي خمسة اقدام او تكلّم يوم الجمعة ساعتين فالمعني امش خمسة اقدام في امامي او من امامي و تكلّم ساعتين في يوم الجمعة او من يوم الجمعة لاجل ان احدهما بدل عن الاخر و كلاهما في حكم المفعول الواحد فتنبّه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 148 *»

فصل

في المفعول له

و هو معني العلة الغائية التي حملت فاعل الفعل علي الفعل سواء كانت تلك العلة في نفس الفاعل او خارجةً عنها و لفظاً اسم منصوب بالمفعولية يصحّ تقدير اللام فيه او نقول هو اسم منصوب فعل له مضمون عامله. و له شروط:

ـ  احدها ان‏يكون مصدراً فلايقال جئتك السمن و العسل و ان صح ان تقول جئتك للسمن و العسل و ذلك لاجل ان الذات لا تصير علة غائية لشي‏ء.

ـ  و ثانيها ان‏يكون قلبياً نحو جئتك رغبةً لا علاجياً.

ـ  و ثالثها ان‏يكون متحد الوقت مع العامل او متصلاً به قبل او بعد نحو جئتك رغبةً و خوفاً من فرارك و اصلاحاً لامرك.

ـ  و رابعها ان‏يصلح لان‏يقع في جواب لم.

ـ  و خامسها ان‏يصحّ تقديره باللام.

ـ  و سادسها ان‏يكون العامل بغير لفظه لان الشي‏ء لايكون علة نفسه فلايقال اكرمتك اكراماً.

و ان فقد شرط جرّ بـ اللام او الباء او في او من و هو علة الفعل و ان لم‏يكن مفعولاً له اصطلاحاً. ففقد الاول نحو و الارض وضعها للانام و فقد الثاني نحو لاتقتلوا اولادكم من املاق وهكذا باقي الشروط.

و اذا كان المفعول‏له مصدراً مضافاً ففيه الامران سواء نحو ينفقون اموالهم ابتغاء مرضات اللّه و ان منها لما يهبط من خشية اللّه.

و اما ناصب المفعول‏له فهو الفاعل لما فيه من مسحة الفعل و الدلالة علي الذات.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 149 *»

فصل

في المفعول المعنوي

و هنا مفاعيل اخر معنوية نسمي نوعها بالمفعول المعنوي و هي اكثر من ان‏تحصي الاّ انها في الظاهر مجرورة و هي في محل النصب. و هي تتصل بالافعال بواسطة حروف و ذلك ان من الافعال ما تقصر عن الاتصال ببعض الاسماء بدون توسط حروف و تلك الاسماء مفاعيل لها و مع ذلك ليست تلك الحروف بحروف تعدية نحو مررت بزيد فهو ممرور به و اخذت الدرهم من زيد فهو مأخوذ منه و توجهت الي القبلة فهي متوجه اليها و سرت من البصرة الي الكوفة فالبصرة مسيرمنها و الكوفة مسيراليها و وهبت لزيد درهماً فهو موهوب له و قدر زيد علي عمرو فعمرو مقدور عليه و دخلت في الدار فهي المدخول‏فيها فقولك زيد في الدار «زيد» مبتدأ و «في الدار» مفعول معنوي لـ مستقر محذوفاً فالدار مستقر فيها و تجاوزت عن ذنبك فهو متجاوز عنه وهكذا.

فجميع ذلك مفاعيل معني و كلها في محل النصب علي المفعولية و هو غير المفعول‏به و تجامع المفعول‏به و يجامع بعضها بعضاً و ليس لفعل واحد من جنس واحد الاّ مفعول واحد فلما رأينا انها يجامع بعضها بعضاً عرفنا انها مفاعيل متعددة فتدبر.

و يعرف المفعول‏به بواسطة الحرف عن غيره من المفعولات المعنوية بان المفعول بالتعدية يصدق عليه اسم فاعل ذلك الفعل قاصراً نحو ذهبت

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 150 *»

 بزيد فزيد ذاهب كما انت ذاهب و لا كذلك قعدت علي الطريق فالطريق ليس بقاعد كما انت قاعد.

و جاء حذف هذه الحروف مع نصب مدخولها في مواضع نحو كالوهم او وزنوهم اي كالوا لهم و وزنوا لهم و نحو بعتك الدار اي بعت منك الدار و لاقعدنّ لهم صراطك المستقيم اي علي صراطك. نعم يقاس الحذف مع اَنّ و اَن و كي مع امن اللبس نحو شهد اللّه انه لا اله الاّ هو اي بانه و أ و عجبتم ان جاءكم ذكر من ربكم اي من ان جاءكم و كيلايكون دولة بين الاغنياء منكم اي لكيلا.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 151 *»

فصل

في المستثني

و هو المذكور بعد ادوات الاستثناء كـ الاّ و اخواتها مخالفاً حكمه لما قبلها في النفي و الاثبات نحو جاء القوم الا زيداً اي جاء القوم و لم‏يجئ زيد. و يكون زيد هو المستثني و القوم هو المستثني‏منه.و ادواته حرفان الاّ و لمّا و افعال حاشا و ليس و لايكون و خلا و عدا و اسمان غير و سواء. و في شرح هذا الفصل مطالب:

الاول: في ادوات الاستثناء:

اما الاّ فانها حرف و هي ان كان الكلام منفياً و وليت الفعل تكون بمعني غير و الاّ تكون بمعني لكن مخففة او مثقلة.

و اما لمّا فهي تأتي للنفي و للظرف و تستعمل في الشرط و للاستثناء فتكون حينئذ بمعني الاّ نحو قوله تعالي ان كل نفس لمّا عليها حافظ .

و اما حاشا فانها فعل لانها تقع بعد ماء النافية و يتصرف فيها فانه يقال حاشيت و اُحاشي. ويقال حاشا لزيد و الحرف لايدخل علي الحرف و لوقوعها بعد ماء المصدرية و لعملها النصب نحو الهم اغفر لي و لمن يسمع حاشا الشيطان و اباالاصبغ. و الجرّ بعدها بتقدير اللام.

و اما ليس فهو فعل برزخي كما حققناه في الافعال الناقصة. و كذا لايكون.

و اما خلا فهو ايضاً فعل و جرّه ما بعده بتقدير من. و كذا عدا فانه

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 152 *»

يستعمل فعلاً و قديجرّ و هو باضمار عن فانه بمعني جاوز. و الفرق بينهما ان خلا قاصر يوصل بـ من نحو خلا الدار من زيد و اذا تضمّن معني جاوز نصب و اما عدا فهو فعل متعدٍ اي جاوز.

و اما غير فانه بمعني المغاير و ينبغي ان‏يقـع صفة الاّ انه قديأتي بمعني الاّ الاستثنائية كما ان اصل الاّ الاستثناء و قدتقع بمعني غير فتكون صفة.

و اما سَِواء و سُِوي فهي قدتستعمل ظرفاً فتنصب علي الظرفية و قدتستعمل اسماً فيجري عليها الحركات بحسب العوامل كـ غير نحو ماعدلتْ عن اهلها لسِوائك.

الثاني: اعلم ان هذه الادوات تصرف الحكم السابق عن شمول ما بعدها فلايسند اليه و ما يشمله الحكم هو المستثني‏منه و الادوات هي اسباب الاستثناء اي صرف الحكم و ما بعدها هو المستثني.

فالحكم اما موجب نحو قـام و اما غير موجب نحو ما قـام.

و المستثني‏منه قديكون مذكوراً في اللفظ و يسمي تامّاً نحو جاء القوم الاّ زيداً و قد لايكون مذكوراً في اللفظ و يسمي غير تامّ و مفرّغاً نحو ماجاء الاّ زيد اي ماجاء احد.

و المستثني ان كان داخلاً في جملة المستثني‏منه بحسب صدق لفظه يسمي متصلاً نحو جاء القوم الاّ زيداً و ان لم‏يكن داخلاً فيه يسمي منقطعاً نحو جاء القوم الاّ الحمار.

فهذه سمات مفردات الكلام المستثني‏فيه و اقسام الاستثناء.

الثالث: ان كان الكلام تاماً فان كان موجباً و متصلاً و استثني بـ الاّ و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 153 *»

لم‏تكن وصفية قيل وجب نصب المستثني نحو فشربوا منه الاّ قليلاً بخلاف ما اذا كانت وصفية فيرفع مابعدها نحو لو كان فيهما الهة الاّ اللّه لفسدتا اي غير اللّه.

و اما ناصب المستثني فهو نفس الاّ فانها اذا كان بعدها منصوباً تكون بمعني لكنّ المشددة فمعني جاء القوم الاّ زيداً جاء القوم لكنّ زيداً لم‏يجئ.

و لايجب النصب في الكلام التامّ الموجب فانها قدتأتي بمعني لكن المخففة و الشاهد ما روي عن النبي9 الناس كلّهم هالكون الاّ العالمون و العالمون كلّهم هالكون الاّ العاملون و العاملون كلّهم هالكون الاّ المخلصون و المخلصون علي خطر عظيم و في الكل بمعني لكن المخففة. فتبين عدم وجوب النصب في الموجب.

الرابع: و اذا كان الاستثناء منقطعاً فلايخلو:

اما يمكن تسليط الفعل علي المستثني نحو قام القوم الاّ الحمار فانه يمكن ان‏يقال قام الحمار او لايمكن نحو مانفع زيد الاّ ما ضـرّ و مازاد هذا المال الاّ ما نقص فان الفعل فيهما مباين مع المستثني.

فان امكن يجوز النصب و الاتباع معاً و بهما نزل الكتاب اما النصب فقوله تعالي ما لهم به من علم الاّ اتباعَ الظن و اما الرفع فقوله عزّوجلّ قل لايعلم من في السموات و الارض الغيب الاّ اللّهُ و الاستثناء منقطع لان المراد ممن في السموات الملائكة و ممن في الارض سكنتها و اللّه غيرهما. و وجه النصب ان الاّ تكون بمعني لكنّ و وجه الرفع ان الاّ بمعني لكن المخففة فالمعني لايعلم من في السموات و الارض الغيب لكن اللّه يعلم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 154 *»

و ان لم‏يمكن تسليط الفعل علي المستثني نحو مانفع زيد الاّ ما ضـرّ يكون الاّ بمعني لكن و ما زائدة اي مانفع زيد لكن ضَرَّ و زيادة ما غيرعزيزة و مثله مازاد هذا المال الاّ نقص اي مازاد هذا المال لكن نَقَصَ.

الخامس: ان كان الكلام غيرموجب فان كان المستثني متصلاً فالارجح موافقة المستثني للمستثني‏منه نحو مافعلوه الاّ قليل و قليلاً علي القراءتين.

و اما لا اله الاّ اللّه فهذه الكلمة مكنسة لغبار الاوهام فانه لما زعمت اناس الهة عديدة انت تقول لردعهم لا اله اي ليس هذا الجنس الذي زعمتم بموجود ثم تعرض عنه ثم تلتفت الي الحق و تقول لكن اللّه موجود و كذلك لا فتي الاّ علي و لا سيف الاّ ذوالفقار.

السادس: اذا كان الكلام مفرّغاً فيكون الاّ بمعني غير و هي متعلقة بالفعل المقدم نحو ماقام الاّ زيد اي غير زيد و مارأيت الاّ زيداً اي غير زيد و مامررت الاّ بزيد اي بغير زيد لاجل انه حذف الموصوف و اقيم الوصف مكانه و لا استثناء. و يشترط في هذا القسم ان‏يكون غيرموجب نحو و ما محمد الاّ رسول و لاتقولوا علي اللّه الاّ الحق.

السابع: اذا تكرر الاّ فان كانت للتوكيد و بالعاطف فالتي غير الاولي زائدة و ما يليها معطوف نحو ماجاءني الاّ زيد و الاّ عمرو و الاّ بكر و ان لم‏يكن عاطف فالمتأخرة بدل و الاّ زائدة نحو مارأيت الاّ زيداً الاّ عالماً.

و ان كان التكرار للتأسيس و ذلك علي غير العطف و البدل تركت العامل مؤثراً في واحد ايّها كان و نصبت الباقي نحو ماقام الاّ زيد الاّ عمراً الاّ بكراً.

الثامن: الجمل المعطوف بعضها علي بعض بالواو اذا تعقّبها استثناء

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 155 *»

نحو اضرب عمراً خمسة اسواط و اقطع يده و رجله ثم انفه الاّ ان‏يتوب يحتمل تعلّقه بالاخيرة و يحتمل تعلّقه بالكل و يحتاج الي قرينة فهو من المجملات الاّ ان اخراجه من الاخيرة مسلم لا شبهة فيه و يبقي الشك في البواقي و مالم‏يقم دليل لاينسب اليها.

التاسع: اعلم ان وضع الاّ لاجل حصر حكم ما قبلها في ما بعدها فاذا قلت ماضرب زيد الاّ عمراً تحصر ضاربية زيد في عمرو و لاتحصر بها مضروبية عمرو في زيد و اذا قلت ماضرب عمراً الاّ زيد تحصر مضروبية عمرو في زيد و اذا كان ما قبل الاّ من المعمول عاماً يصير الفاعل و المفعول معاً محصورين نحو ماضرب احد احداً الاّ زيد عمراً.

و يجوز عمل ما قبل الاّ في ما بعدها مطلقاً سواء كان رفعاً او نصباً صريحاً او لا نحو ماضرب الاّ عمراً زيد و مامررت الاّ راكباً بزيد فان الكلام مادام يمكن الاكتفاء بظواهره لايصار الي تقدير فيه.

و اعلم انه قديجي‏ء بعد الاّ الفعل المضارع نحو ما الناس الاّ يعبرون اي الاّ هم يعبرون و ما زيد الاّ يقوم و ماجاءني الاّ يضحك فهو حال و يشترط ان‏يكون مفرغاً.

و قدتدخل الاّ علي الماضي في المفرغ مع قد نحو ما الناس الاّ قد عبروا و مع تقدم ماضٍ منفي نحو ماانعمت عليه الاّ شكر و حديث ماايس الشيطان من بني‏ادم الاّ اتيهم من قبل النساء و قديدخل الواو لافادة الحالية نحو مازرته الاّ و اكرمني.

و اما لمّا في الاستثناء فلاتجي‏ء الاّ بعد النفي ظاهراً او مقدراً و لاتجي‏ء الاّ

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 156 *»

في المفرغ نحو ان كل لمّا جميع لدينا محضرون و اما نحو اسألك بحق محمد و اله9 لمّا فعلت كذا اي اسألك ان لاتفعل فعلاً غير فعلك هذا.

العاشر: اعلم ان الغير بمعني المغاير و الاصل فيها ان‏تقـع صفة و الموصوف بها اما نكرة محضة نحو نعمل صالحاً غير الذي كنّا نعمل او معرفة نحو صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و قدتقع فاعلاً نحو جاءني غير زيد و قدتضمن معني الاّ فيستثني بها المجرور بها كما ان الاّ قدتجي‏ء بمعني غير فاذا جاءت بمعني غير اعرب مدخولها باعراب غير و تعرب غير بما يستحقه المستثني بـ الاّ.

الحادي‏عشر: المستثني بـ سواء كالمستثني بـ غير. و يلحق بها لاسيّما و اضيف الي ما بعدها و ان كان مرفوعاً فخبر لمحذوف. و قديدخل عليها واو اعتراضية.

و اما المستثني بـ حاشا فهو مجرور نحو جاء القوم حاشا زيد اي لزيد.

و المستثني بـ خلا و عدا قديجرّ باضمار من و عن نحو خلا اللّهِ لا ارجو سواك و هما كلمتان لنفي الحكم السابق عما يليهما و هما فعلان مطلقاً و فاعلهما الضمير المستتر راجع الي المصدر المفهوم من الفعل يعني لا ارجو سواك و عدم رجائي خلا من اللّه.

و قديدخل عليهما ماء المصدرية فتنصبان حتماً نحو قاموا ماخلا زيداً و نحو:

الا كل شي‏ء ما خلا اللّهَ باطل   و كل نعيم لامحالة زايل

و وجه النصب انهما ضمنتا معني غير و الاّ في باب الاستثناء اي «قاموا الاّ زيداً».

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 157 *»

و اما المستثني بـ ليس و لايكون فواجب النصب نحو ماانهر الدم و ذكر اسم اللّه عليه فكلوا ليس السنّ و الظفر و اتوني لايكون زيداً و وجه النصب فيهما انهما ايضاً تضمنتا معني الاّ و بعدهما منصوب علي الاستثناء كما مرّ و غيرعزيز في العربية التضمين.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 158 *»

فصل

في التمييز

و هو ما يرفع الابهام عن ذات اي يبيّن مادتها و لاجل ذلك يتضمن معني من الموضوعة لبيان المادة، او صفةٍ جامدة فيبيّن موصوفها لانه مادة لصورة الصفة، او فعل من حيث الفاعل فيبيّن فاعله او من حيث المفعول فيبيّن مفعوله، او صفة مشتقة تتضمن معني الفعل، او اسم يتضمن معناه كذلك.

فان رفع الابهام عن اسم يسمي بـ تمييز الاسم و ان رفع ابهام نسبة فعل او شبهه الي اسم يسمي بـ تمييز النسبة.

فاما الذات فنحو عندي خاتم حديداً و لي باب ساجاً و الخفض فيه اكثر من النصب نحو خاتم حديد و باب ساج او خاتم من حديد و باب من ساج.

و اما الصفة فاغلب مايحتاج الي التمييز الفاظ المقادير الصريحة المتصلة و المنفصلة اما المتصلة فكـ الشبر و الذراع و الميل و الفرسخ و منها اوزان سميت باسم الاتها كـ المدّ و الرطل و المنا و المثقال و الدرهم و الدينار و امثالها و اما المنفصلة فكالاعداد صريحة و كناية نحو ليس لي شبر ارضاً و شربت مدّاً عسلاً و عندي عشرون درهماً و نحو كم عبداً ملكت. و لك ان‏تخفضه بالاضافة ان كان المميز مفرداً اي ليس مضافاً و لا مركباً كـ شبر ارض و قفيز برّ و منوي عسل و منه ثلثة رجال و مائة رجل و الف رجل.

و اما فعل الذات سواء كان الابهام من حيث فاعله او مفعوله فان كان من حيث فاعله فنحو طبت نفساً لامكان طيب الذات و الروح و النفس و البدن و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 159 *»

القلب و الاحوال و المال فترفع ابهامه بالتمييز فان «نفساً» في الواقع فاعل لان تأويله «طاب نفسك». و ان كان من حيث مفعوله فنحو غرست الارض شجراً فان «شجراً» في الواقع مفعول «غرست» لانك تقول غرست الشجر و يلحق بذلك ما يتضمن معناه كالمصدر نحو يعجبني طيبه اباً او ابوةً او داراً او علماً و اسم الفاعل نحو الرأس مشتعل شيباً و اسم المفعول نحو الارض مفجرّة عيناً و افعل التفضيل نحو انا اكثر منك مالاً و اعزّ نفراً و الصفة المشبهة نحو زيد طيّب اباً و فعل التعجب نحو اكرم به اباً و مااشجعه رجلاً و كلّ‏ما تضمن معني فعل نحو حسبك بزيد رجلاً و ويل زيد ظالماً.

مسألة: اعلم انه لما كان الغرض من التمييز بيان جنس الذات او صفتها او فعلها او ما يشبهه كما قدّمنا لايحتاج الي اكثر من جوهر الكلمة فيكتفي به فلاجل ذلك يكتفي بالنكرة ولكن ليس هذه العلة بما يقتضي الوجوب و عدم جواز المعرفة فقديعرّف ندرةً نحو سفه نفسَه و بطر عيشَه و الم بطنَه و رشد امرَه و زيد الحسن الوجهَ.

مسألة: اما ناصب التمييز، ففي تمييز الاسم يكون العامل هو الاسم لكن بما فيه من رايحة الفعل او شبهه اللفظي او التقديري او التأويلي نحو قفيز برّاً خير من مثقال ذهباً فـ«قفيز» هو العامل بسبب مسحة الخبر و هو «خير» و كذا المثقال و نحو هذا خاتم حديداً فان الخبر هنا فيه تأويل شبه الفعل من «هذا» و كأنه بتأويل اشرت او اشير.

و اما في تمييز النسبة فعامله المسند من فعل او شبهه فهو العامل في الفاعل او المفعول.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 160 *»

و قديجري التمييز علي اصله فيجرّ بـ من نحو رطل من زيت و اساور من ذهب الاّ في العدد نحو عشرون درهماً و في المحوّل عن الفاعل و المفعول نحو طاب زيد نفساً و غرست الارض شجراً.

مسألة: اعلم انه ينصب التمييز اذا تمّ المميَّز بالتنوين ظاهراً نحو رطل زيتاً او مقدراً نحو خمسه‏عشر رجلاً و كم رجلاً لقيته او بنون الجمع نحو عشرون رجلاً او التثنية نحو منوان سَمْناً او بالاضافة نحو علي التمرة مثلها زبداً و اذا تمّ بالكناية نحو يا له رجلاً و ما احسنها مقلةً و للّه درّه رجلاً و ويلها امرأةً او اسم اشارة نحو ماذا اراد اللّه بهذا مثلاً.

و قديضاف ما فيه تنوين او نون تثنية مع حذفهما نحو عندي رطل زيت و منوا عسل.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 161 *»

فصل

في الحال

و هي ما تبيّن هيئة الذات مع تضمن معني في نحو جئت راكباً و سقته مكتوفاً و لقيته راكبين و زيد جالساً في الدار و هذا بعلي شيخاً و بل ملة ابرهيم حنيفاً و النار مثويكم خالدين. فكلّ‏ما يدل علي هيئه‏مّا يجوز وقوعه حالاً نحو هذا بسراً اطيب منه رطباً و جاءني القوم رجلاً رجلاً و بعته البرّ يداً بيد و كلّمته فاه الي في و نزعنا ما في صدورهم من غلّ اخواناً الي غير ذلك. فكلّ‏ما يفهم منه معني غير حقيقة الذات كائناً ما كان يصح ان‏يقع حالاً لما فيه من وصفية لامحالة سواء كان مشتقاً ام جامداً مثل الامثلة المذكورة.

و هي اي الحال منصوبة المحل علي معني الظرفية و تقدير في حقيقةً لان معني قولك جاءني زيد راكباً اي في حال الركوب و عاملها اسم الذات لما فيه من شبح ذلك العرض الاخر الذي تحكم به للذات اياً كان اذ هو العامل في اسم الذات و اسم الذات هو العامل في المنصوب فالعامل في «جالساً» في قولك زيد في الدار جالساً «زيد» لما فيه من شبح «مستقر» محذوفاً و هو العرض الذي اثبتته لزيد في حال الجلوس و في «راكباً» في جاءني زيد راكباً هو «زيد» لما فيه من شبح «جاء».

و يقتضي شرح جميع مسائلها رسم مواضع:

الاول: اعلم ان الحال نوعان: فاما ان لايفهم معناها من العامل و هي المؤسسة و تسمي مبينة ايضاً نحو جاءني راكباً فانه لايفهم الركوب من

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 162 *»

المجي‏ء و اما ان‏يفهم و هي المؤكدة نحو و ارسلناك للناس رسولاً و نحو تبسم ضاحكاً من قولها.

و كل شي‏ء يدلّ علي صفة للذات يقع حالاً منتقلة كانت نحو جاء زيد ضاحكاً او ثابتة نحو زيد ابوك عطوفاً مشتقة كما مرّ او جامدة نحو رأيت زيداً اسداً نكرة كانت كما مرّ او معرفة نحو جاء زيد وحده و رجع عوده علي بدئه و ادخلوا الدار الاول فالاول.

و الاصل في صاحب الحال التعريف لانه محكوم‏عليه ولكن قديقع نكرة ان افادت فائدة و حصل لها تعين‏مّا نحو لمّا جاءهم كتاب من عند اللّه مصدّقاً لما معهم.

و اعلم انه قديكون صاحب الحال المضاف اليه اذا كان المضاف بعضه نحو نزعنا ما في صدورهم من غلّ اخواناً و أ يحب احدكم ان‏يأكل لحم اخيه ميتاً او منسوباً اليه نحو فاتبعوا ملة ابرهيم حنيفاً او كان المضاف عاملاً في ذي الحال نحو اليه مرجعكم جميعاً.

الثاني: اعلم ان الحال المؤكدة قدتقع مؤكدة للفظ العامل في صاحبها نحو ارسلناك للناس رسولاً او مؤكدة لمعناه نحو تبسم ضاحكاً و اما تؤكد صاحبها نحو لامن من في الارض كلّهم جميعاً و اما تؤكد مضمون جملة نحو زيد ابوك عطوفاً و هو زيد معلوماً و في هذا التأكيد اغراض من تفاخر كـ انا زيد بطلاً او تعظيم كـ هو زيد جليلاً او تحقير كـ هو عمرو مقهوراً او استرحام كـ انا عبدك ذليلاً او استعلاء كـ انا زيد قادراً عليك و امثالها.

الثالث: و اما المؤسسة فقدتقع اسماً مفرداً نحو جئت راكباً و ظرفاً نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 163 *»

رأيت الهلال بين السحاب و خرج علي قومه في زينته و الحال حقيقةً متعلق الظرف و جملة خبرية غيرمصدّرة بحروف التنفيس نحو و لئن اكله الذئب و نحن عصبة.

و تجب الواو عند فقد الكناية الرابطة نحو جاء زيد و ماطلعت الشمس. و الضابط فيها ان الجملة فيها استقلال و الحال مرتبطة بذيها فاذا صارت الجملة حالاً لابد لها من ارتباط بذيها فان لم‏يكن في الجملة كناية حتم الواو للربط.

الرابع: الحال مقامها التأخر عن صاحبها لانها صفة لها ولكن قدتتقدم توسعاً نحو جاء ضاحكاً زيد و ضربت مكتوفاً اللصّ. و يتقدم الحال وجوباً اذا كان صاحبها محصوراً فيه نحو ماجاء راكباً الاّ زيد.

و اعلم انه يجوز تقدم الحال علي عاملها اذا كان العامل فعلاً متصرفاً في الازمنة نحو راكباً جاء او يجي‏ء زيد او راكباً جئ او صفة تشبه المتصرف كـ زيد مسرعاً منطلق. و يقدّم الحال وجوباً اذا كان لها صدر الكلام نحو كيف جاء زيد.

و يتأخر الحال عن عاملها اذا كان العامل ضعيفاً كأن‏يكون فعلاً جامداً نحو ما احسنه او صفة تفضيل نحو هذا افصح الناس خطيباً او مصدراً مقدراً بالفعل نحو يعجبني اعتكاف اخيك صائماً فان تقدير ذلك اعجبني ان اعتكف اخوك صائماً.

الخامس: اعلم انه يجوز ان‏يؤتي لاسم مفرد حالات عديدة لان للشي‏ء اعراضاً عديدة يقارن بعضها بعضاً نحو ان اللّه يبشّرك بيحيي مصدّقاً بكلمة من اللّه و سيداً و حصوراً. و يجوز ان‏يؤتي بصيغة الجمع لاسماء عديدة نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 164 *»

و سخّر لكم الليل و النهار و الشمس و القمر و النجوم مسخرات بامره و يجوز ان‏يؤتي بجمع لجمع نحو و لاتعثوا في الارض مفسدين او جمع لجنس نحو كالتي نقضت غزلها من بعد قوة انكاثاً او بحالين لاسمين ولكن بجعل الاولي للثاني لتتصل بذيها نحو لقيته مصعِّداً منحدراً فـ «مصعِّداً» حال عن المفعول و «منحدراً» عن الفاعل و قديعكس الترتيب.

السادس: اعلم انه قديحذف عامل الحال اذا قام قرينة حالية كقولك لقاصد السفر راشداً و للقادم مأجوراً اي سافرت راشداً و قدمت مأجوراً. او مقالية نحو قولك راكباً لمن سأل كيف جئت؟ او جواب نفي نحو قولك بلي كثيراً في جواب من قال ما ضربت او جواب شرط نحو فان خفتم فرجالاً او ركباناً.

و تحذف وجوباً في بيان تدرج الزيادة في مراتب شي‏ء نحو بعته بدرهم فصاعداً او ثم زائداً اي فذهب الثمن صاعداً و اذا وقع الحال نائبة عن الخبر نحو ضربي زيداً قائماً اي حاصل و منها اسماء جامدة كرّرت للتوبيخ نحو أ تميمياً مرة و قيسياً اخري و منها صفات تضمنت توبيخاً نحو أ قائماً و قد قعد الناس و أ قاعداً و قد سار الجيش.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 165 *»

فصل

في المنصوب بنزع الخافض

و هو المفعول الذي تعدّي اليه الفعل بواسطة حرف فقديحذف ذلك الحرف و ينصب ذلك المجرور تخفيفاً فيشبه الفعل بالمتعدي بنفسه و له مواضع قياسية و مواضع سماعية:

اما الاولي فاذا كان المفعول مع ان المخففة الناصبة نحو أ وعجبتم ان جاءكم ذكر من ربكم اي من ان‏جاءكم اي من مجيئه فان عجبت يتعدي بـ من. و انّ المفتوحة المشبهة نحو عجبت انّ زيداً قائم اي من انّ اي من قيامه.

و اما المواضع السماعية فمثل ذهبت الشام و تمرّون الديار و لاتعزموا عقدة النكاح و اذا كالوهم او وزنوهم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 166 *»

المطلب الثالث

في المجرورات

قال اميرالمؤمنين7 المضاف‏اليه مجرور و ما سواه ملحق به فالاصل فيها الاضافة و نحن نبيّن لك المجرورات ان‏شاءاللّه هنا في ضمن قسمين:

القسم الاول

في الاضافة

و هي اسناد اسم الي غيره فيصيران بمنزلة كلمة واحدة. و يحتاج استيفاء الكلام فيها الي رسم مقامات:

الاول: اعلم انه يشترط في المضاف ان‏يكون اسماً و ان‏يكون مجرداً عن التنوين ظاهراً او مقدراً نحو ثوب زيد و دراهم عمرو و عن نون التثنية نحو تبّت يدا ابي‏لهب و شبهها نحو اثنا زيد و عن نون الجمع نحو و المقيمي الصلوة و شبهها نحو عشرو عمروٍ. و قديحذف عن المضاف تاء المصدر نحو اِقام الصلوة. و يجب ان‏يكون ظاهراً صريحاً قابلاً للتنكير لا كناية فلايضاف الكنايات و لا اسم اشارة و لا علم و لا الاسماء الموصولة غير اي و لا اسماء الشرط و لا اسماء الاستفهام غير اي.

و يشترط في المضاف‏اليه ان‏يكون اسماً معرباً ظاهراً نحو غلام زيد او مأولاً اليه نحو يوم ينفع الصادقين اي يوم نفع الصادقين او غير معرب. ثم قديكون ظرفاً نحو مكر الليل و النهار و يا صاحبي السجن. و قديكون جنس

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 167 *»

المضاف نحو خاتم فضة. و قديكون مالكه نحو ثوب زيد. او مخصوصاً به نحو جلّ الفرس. و قديكون اسماً له نحو يوم الخميس. و قديكون كلاًّ له نحو يد زيد او معموله نحو ضارب زيد.

الثاني: اعلم ان للاضافة ثمرات فمنها تعريف المضاف و تعيينه بقدر تعرف المضاف‏اليه و قبول المضاف فاذا قلت غلام زيد فتفيد تعريف الغلام بقدر تعرّف زيد و قبول الغلام و اذا قلت غلام امرأة فتفيد تعريف الغلام بقدر تعين المرأة عن الرجل و قبول الغلام لا ازيد من ذلك و للتعرف درجات و تختلف بحسب القابل و المقبول و اما التعرف بحسب قبول المضاف فكتعرف غير اذا قلت رأيت غير زيد و يسمي هذا القسم بالتخصيص فرقاً بينه و بين المعرفة في مقابلة النكرة.

و من ثمرات الاضافة اكتساب التأنيث و التذكير فقديكتسب المضاف المذكر التأنيث عن المضاف‏اليه المؤنث اذا صلح الاكتفاء بالمضاف‏اليه نحو قطعت بعض اصابعه فانه يمكن الاكتفاء بـ قطعت اصابعه و نحو و وفّيت كل نفس و تجد كل نفس.

و قديكتسب المضاف المؤنث التذكير من المذكر نحو:

انارة العقل مكسوف بطوع هوي   و عقل عاصي الهوي يزداد تنويرا

و اما ان لم‏يجز الاستغناء بالمضاف‏اليه لم‏يجز تأنيث المذكر و عكسه نحو قامت غلام هند و قام امرأة زيد.

الثالث: يجوز الفصل بين المتضايفين ان كان المضاف يشبه الفعل و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 168 *»

الفاصل معموله او لايشبه و الفاصل القسم نحو قراءة فلاتحسبن اللّه مخلف وعدَه رسلِه بنصب «وعده» و خفض «رسله» و نحو هذا غلام واللّه زيد.

الخامس: قديحذف المضاف او المضاف‏اليه عند قيام القرينة فان حذف المضاف فالغالب ان‏يخلفه في اعرابه المضاف‏اليه نحو اشربوا في قلوبهم العجل اي حبّ العجل. و ان حذف المضاف‏اليه فاما يضمّ المضاف كـ قبل و بعد. و اما يبقي المضاف علي اعرابه لكن بتنوين نحو و كلاًّ ضربنا له الامثال و اياًمّا تدعوا. و اما يبقي علي ماكان حال الاضافة و شرطه الغالب ان‏يعطف عليه عامل في مثل المضاف‏اليه المحذوف نحو خذ ربع و خمس ما حصل اي خذ ربع ما حصل و خمس ما حصل.

السادس: اعلم ان من الاسماء ما يجب اضافته الي المفرد ان اضيف و هي:

ـ  كل غير نعت نحو كل من عليها فانٍ و يجوز قطعها نحو كل في فلك يسبحون.

ـ  و بعض نحو فضّلنا بعضهم علي بعض.

ـ  و اي نحو ايّكم يأتيني بعرشها و قدتقطع نحو ايّاً ما تدعوا.

ـ  و كلا و كلتي و عند و لدي و قُصاري و سوي و اولوا و اولات و ذو و ذات نحو كلا الرجلين و كلتا الجنتين و اتيناه رحمة من عندنا و علّمناه من لدنّا علماً و قصاراي الاقرار بالتقصير و سوي زيد و اولوا قوة و اولات الاحمال و ذا النون و ذات بهجة و كذا وحده و لبيك و سعديك و لايستعمل «سعديك» الاّ بعد «لبيك» و امثالها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 169 *»

و من الاسماء ما يجب اضافته الي الجمل و هو اذ و حيث و لمّا و اذا و ما كان من اسماء الزمان بمنزلة اذ و اذا في كونه اسم زمان مبهم لما مضي او لما يأتي نحو زمن و يوم جاز اضافته اليها و قد مرّ احكامها في ابوابها فراجع.

و اعلم ان من الاسماء ما هو لازم الاضافة نحو كلا و كلتي فتضافان الي المعرفة و النكرة اذا كانت مختصة نحو كلا رجلين عندك مستحسن و كلتا جاريتين عندك مقطوعة يدها و يجب اضافتهما الي مايدلّ علي الاثنين نحو كلاهما و كلتاهما و كلا البستانين و كلتا الجنتين و لاتضافان الي كلمتين فلايقال كلا زيد و عمرو. و يجوز مراعاة لفظهما في الكناية الراجعة اليهما نحو كلاهما جاء و كلتا الجنتين اتت اكلها و يجوز مراعاة المعني نحو كلا الرجلين جاءا و هو قليل لان كلا و كلتي لفظان مفردان موضوعان علي الاثنين كما ان الكل لفظ موضوع علي المجموع.

و منها اي و هي تضاف شرطيةً و استفهاميةً الي النكرة نحو اي رجل جاءك فاكرمه و فبأي حديث بعده و الي المعرفة نحو ايما الاجلين قضيت فلا عدوان و اي الجماعة احب اليك. و لا تضاف اي الموصولة الاّ الي معرّف نحو ايّهم اشدّ.

و منها لدي و مع و قد مرّتا في بابهما.

و منها غير و هو اسم دالّ علي مخالفة ما قبله لحقيقة ما بعده نحو مررت برجل غيرك.

و منها قبل و بعد و مايتبعهما من اسماء الجهات و اول و اخر و قد مرّ في بابها بعض احكامها. و اعلم انه يجب اعرابهما مع التصريح بالمضاف‏اليه نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 170 *»

جئتك بعد الظهر و قبل العصر و من قبله و من بعده و قديكونان للمكان نحو قبل دارك او بعدها.

و منها حسب و لها معنيان احدهما «الكافي» فتستعمل مضافة كالصفات المضافة نحو مررت برجل حسبك او كالاسماء الجامدة فترفع علي الابتداء نحو حسبهم جهنم. و قدتستعمل بمعني «لا غير» فتستعمل حينئذ مفردة و ينوي المضاف‏اليه نحو رأيت رجلاً حسب فتكون وصفاً و رأيت زيداً حسب فتكون حالاً و تكون مبنية علي الضمّ.

و اما عل فهو كقبل و بعد فان اريد به علوّ معين يبني علي الضمّ نحو اتيت نحو بني‏كليب من علُ و تكسر اذا كانت نكرة و اريد بها علوّ مجهول نحو كجلمود صخر حطّه السيل من علِ. و لاتستعمل عل الاّ مع من مقطوعة عن الاضافة.

السابع: اذا اضيف الاسم الي ياء المتكلم يجب كسر اخره سواء كان صحيحاً كـ غلامي او شبيهاً به كـ دلوي و ظبيي بخلاف المقصور كـ فتاي و المنقوص كـ رامي للادغام في الاخير و المثني كـ ضرباي و شبهه كـ اثناي و جمع المذكر السالم كـ زيدي و شبهه كـ عشري. و ان كان قبل الواو ضمة كسرت او فتحة ابقيت كـ مسلمي و مصطفي.

و اما الف علي و لدي فتقلب ياءً عند الاضافة الي الكناية مطلقاً نحو علي و عليك و عليه و كذا لدي.

و اما الياء فيجوز فتحها و اسكانها و ندر اسكانها بعد الالف كقراءة محياي و مماتي و ندر كسرها كقراءة عصاي.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 171 *»

الثامن: و اما الاسماء الستة فمنها ذو و هي لاتقطع عن الاضافة و لاتضاف الي كناية و قدعلم حكم مثلها مما سبق و ذو مال كـصاحب مال و ذات بهجة كـصاحبة بهجة.

و اما اب و اخ و حم و هن فلها ثلث حالات:

ـ  القطع عن الاضافة و الاعرف فيها حذف لاماتها.

ـ  و الاضافة الي غير ياء المتكلم فالاعرف اذاً في ابوك و اخوك الاعراب بحروف اعرابها و في حم و هن حذف تلك الحروف.

ـ  و الاضافة الي ياء المتكلم فيكسر اواخرها فتقول ابي و اخي و حمي و هني.

و اما فوك فلها ثلث حالات:

ـ  قطع الاضافة فيبدل واوها ميماً و تقول فم.

ـ  و الاضافة الي غير الياء فتعرب بالحروف نحو رأيت فا زيد و هذا فو زيد و نظرت الي في زيد و جاء «فم زيد».

ـ  و الاضافة الي الياء فالاكثر ان‏يقال في في كل حال نحو هذا في و رأيت في و نظرت الي في و قديقال فمي و فمه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 172 *»

القسم الثاني

في المجرور بالحرف

و هو اسم خفض بحرف وضع لايصال معني فعل او شبهه الي اسم سواء كانا ظاهرين في اللفظ او مقدرين نحو مررت به و رجل في الدار و انا مارّ بزيد و زيد ممرور به و مروري بزيد حسن و زيد بعيد عن الاذي و اسمع بهم و ابصر. و سيأتي ان‏شاءاللّه تفصيلها في مقالة الحروف فترقب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 173 *»

المطلب الرابع

في التوابع

اعلم ان الاسماء في معموليتها للعوامل علي قسمين: فاما ان‏يتوجه اليها العامل اولاً و بالذات و اما ان‏يتوجه اليها ثانياً و بالتبع و نحن قدبيّنا الاسماء التي تقع معمولة اولاً و بالذات في المطالب السابقة و نريد ان‏نذكر هنا ما يتوجه اليه العامل ثانياً و بالتبع و هي علي الاصح ثلثة: النعت و التوكيد و البدل. اما عطف البيان فهو نوع من البدل و اماعطف النسق فهو عديل الاصل لا تابع و لا متبوع و له عامل مضمر حذف بقرينة العامل الاول.

و اعلم ان النسبة ينوي تعلقها بالذات بالمتبوع فاذا اثّرت في المتبوع و حصل فيه مسحتها صار عاملاً بمثل عمل تلك النسبة فأثّر في التابع فالعامل في التابع هو المتبوع.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 174 *»

الموقع الاول

في البدل

و هو علي اربعة اقسام:

الاول: بدل الكل و يسمي بالبدل المطابق نحو اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم و هو علي قسمين:

ـ  قسم هو بدل الكل المعروف.

ـ  و قسم هو ابدال اعرف عن اخفي و هو الذي سموه عطف بيان فان كان عن معرفة فموضح و الاّ فمخصص. و يشترط في هذا القسم المتابعة في اربعة من عشرة: الاعراب و التذكير و التأنيث و التعريف و التنكير و الافراد و اخويه و ان‏يكون اوضح من متبوعه نحو او كفارة طعام مساكين، او من ماء صديد و هو بدل كل من كل غاية الامر انه اوضح.

الثاني: بدل البعض من الكل نحو اكلت الرغيف ثلثه. و لمّا كان الجزء منسوباً الي الكل لابد فيه من كناية تربطه بالمبدل‏منه.

الثالث: بدل الاشتمال و الاولي تسميته ببدل الاضافة لاجل ان الثاني من مضافات الاول لانه اما صفته الباطنية او الظاهرية او ملكه او منسوب اليه مقارن به نحو عرفت زيداً علمه و رأيت زيداً لونه و سلبت زيداً ثوبه و اخذت زيداً فرسه و لابد فيه من كناية لانه من اعراض الذات و قراناتها و منسوباتها.

الرابع: بدل اضراب و بداء و هو ان‏تذكر اسماً عمداً ثم يبدو لك فتذكر غيره اضراباً عن الاول نحو اريد خبزاً لحماً كماتقول اريد زيداً بل عمراً و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 175 *»

الاولي ان لايترك بل في الاضراب.

و اما بدل المباين و يسمي ببدل الغلط فهو ليس في الحقيقة من باب التوابع و ليس متعلق حكم و هو كأن‏يريد زيد ان‏يقول ذهبت فيقول اكلت ثم يرجع و يتنبه و يقول ذهبت فهو كلام خبط و خطاء و ليس مناط حكم و هو اما ينشأ عن سهو او نسيان.

مسائل: يجوز ابدال الظاهر من الظاهر و الكناية من الكناية و الكناية من المظهر و المظهر من الكناية مع الفائدة. اما الاول فنحو هذا زيد اخوك و الثاني نحو الزيدين لقيتهم اياهم و الثالث نحو اخوك لقيت زيداً اياه علي ان‏يرجع الكناية الي الاخ و يدلّ علي جواز ابدال المظهر من الكناية قوله تعالي تكون لنا عيداً لاوّلنا و اخرنا.

و كما جاز ابدال الاسم من الاسم يجوز ابدال الفعل من الفعل نحو و من يفعل ذلك يلق اثاماً يضاعف و نحو ان تصلّ تسجد للّه يرحمك.

و يبدل مفصل عن مبهم نحو كم مالك أ عشرون ام ثلثون و ما صنعت أ خيراً ام شراً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 176 *»

الموقع الثاني

في التوكيد

اعلم انه قديحتاج الانسان الي توكيد ما نطق لامور: اما لظنّه ان السامع غافل او انه مستخفّ بحكمه و قوله او يريد تشديد الامر و شدة اقبال السامع او تقريره في قلبه او لان‏يحفظه و لاينساه حتي يؤدي كما سمع او يظنّ ان السامع يظنّ بالناطق السهو او المجاز او المبالغة و التأكيد او لطول الكلام و خوف عدم التفات السامع الي اول الكلام و امثال ذلك فلاجل هذه الامور يحتاج الانسان الي تأكيد ما نطق به و هو لفظي و معنوي:

ـ  اما اللفظي فهو تكرير اللفظ و لايزيد علي ثلث و يجري في الافعال و الاسماء كثيراً و في الحروف قليلاً نحو قام قام زيد زيد و نحو:

ان ان الكريم يحلم ما لم   يرين من اجاره قد ضيما

و قديؤكد الكناية المتصلة بالمرفوعة المنفصلة نحو قمت انت و رأيتك انت و مررت بك انت و يجوز رأيتك اياك و قدتُؤكد مع عماد نحو قمت قمت و رأيتك رأيتك و مررت بك بك.

و ان كان المؤكد جملة فالاكثر اقترانها بـ ثم او الفاء نحو كلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون و نحو ماادريك ما يوم الدين ثم ماادريك ما يوم الدين و اولي لك فاولي ثم اولي لك فاولي و اما ان خيف اللبس بالتكرار لم‏يؤت بعاطف فلايقال ضربته ثم ضربته.

و قديكرّر المعني فيؤكد به اللفظ نحو حقيق جدير و اَجَلْ جَيرِ و قعدت

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 177 *»

 جلست و منه قمت انا. و قديكرّر لفظ لا معني له او له معني تكلّفي غيرمعروف نحو وقعت في حيصَ بيصَ و فلان خبيث نبيث و منه اكتع ابصع ابتع و ينبغي تجانس اللفظين مهما امكن.

ـ  و اما التوكيد المعنوي فهو بالفاظ دالّة علي حقيقة الشي‏ء نحو النفس و العين او علي مجموع الجزئين نحو كلا و كلتي او علي تمام الاجزاء كـ الكل و اجمع.

اما النفس و العين فهما تدلاّن علي الحقيقة نحو جاء الخليفة نفسه او عينه او تجمع بينهما و تقول جاء الخليفة نفسه عينه. و يجب اتصالهما بكناية مطابقة مع تناسب صيغهما نحو نفسه و نفسها و انفسهما و انفسهم و انفسهن و كذلك عينه و عينها و اعينهما و اعينهم و اعينهن. و اذا اكّد بهما كناية مرفوعة متصلة وجب تأكيدها اولاً بمنفصلة نحو قمت انت نفسك.

و اما للمثني فـ كلا و كلتا و هما يدلاّن علي اجتماعهما في تلك النسبة فمعني قولك جاء الزيدان كلاهما انهما معاً شريكان في المجي‏ء ليس ان احدهما جاء بنفسه و الاخر جاء خبره او عبده مثلاً.

و اما للجمع فـ كل و اجمع باختلاف الكناية في «الكل» و الصيغ في «اجمع» فتقول كلّه كلّها كلّهم كلّهنّ و اجمع و جمعاء و اجمعون و جُمَع و قلّ التأكيد بالجميع.

و يجوز توكيد النكرة ان افاد نحو سرت يوماً اجمع و اعتكفت اسبوعاً كلّه. نعم لايجوز صمت زمناً كلّه للابهام و لا صمت شهراً نفسه لعدم الحاجة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 178 *»

الموقع الثالث

في النعت

اعلم انه قديذكر الانسان اسم ذات فيحتاج الي ضمّ عرض من الاعراض اليه ليتعين بهذا العرض عن غيره و في الحقيقة هذا النعت سبب تعريف و قديكون لمحض المدح نحو بسم اللّه الرحمن الرحيم او الذمّ نحو اعوذ باللّه من الشيطان الرجيم الي غير ذلك من الاغراض التي تحدث للناطقين في مواقع الكلام.

و لمّا كان النعت عرض الذات و ظهورها و ظلّها يجب ان‏يكون موافقاً لها في اثنين من خمسة خصال في الاعراب و في التعريف و التنكير و حكمه حكم الفعل بالنسبة الي فاعله فيراعي فيه حال كنايته الراجعة الي المنعوت ان كان نعتاً للذات بلا سبب في الافراد و التثنية و الجمع و في التذكير و التأنيث نحو رأيت رجلاً كريماً و الرجل الكريم و رجلين كريمين و الرجلين الكريمين و رجالاً كراماً و الرجال الكرام و امرأة كريمة و المرأة الكريمة و امرأتين كريمتين و المرأتين الكريمتين و نساء كريمات و النساء الكريمات. و ان كان بسبب كأن‏يكون وصف ما يتعلق بها فحكمه بالنسبة الي فاعله المظهر حكم الفعل و فاعله فتفرده مطلقاً و تذكّر و تؤنّث علي حسب الفاعل او تذكّر لغير الحقيقي او المفصول نحو رأيت رجلاً كريماً ابوه و الرجل الكريم ابوه و رجلين كريماً ابواهما و الرجلين الكريم ابواهما و رجالاً كريماً اباؤهم و الرجال الكريم اباؤهم و رأيت رجلاً حسنةً شيمته و امرأة كريماً ابوها و علي

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 179 *»

هذه فقس البواقي.

و لابد في الوصف من رابط بالموصوف فان كان لنفس الموصوف ففي نفسه نحو رأيت زيداً القائم و ان كان لمتعلقه ففي متعلقه نحو رأيت زيداً القائم ابوه و قديقوم الالف و اللام مقام الكناية نحو رأيت زيداً حسن الوجه و هنداً حسنة الوجه.

و اذا كان الوصف افعل تفضيل بـ من او مضاف الي نكرة يجب افراده و تذكيره علي اي حال نحو رأيت رجلاً او رجلين او رجالاً او امرأة او امرأتين او نساءً افضل من زيد او افضل رجل او افضل امرأة و تثني و تجمع المضاف‏اليه اذا كان المنعوت مثني او مجموعاً.

و كذا يفرد و يذكّر فعول بمعني الفاعل و الفعيل بمعني المفعول فتقول رجل او امرأة او رجلان او امرأتان او رجال او نساء صبور و قتيل.

و اما لفظ النعت فكلّ‏ما يصح ان‏ينعت به شي‏ء يجري فيه فقديكون مشتقاً نحو زيد الفاضل او المقتول و ان كان مصدراً فسماعي نحو رجل عدل فلايؤنث و لايثني و لايجمع. و جامداً شبيهاً بالمشتق نحو ذو مال و المكي و المدني. و الموصول المحلّي باللام. و اسم الجنس الجامد لاسم الاشارة نحو هذا الرجل. و كل و جدّ و حقّ نحو انت الرجل كل الرجل و جِدُّ الرجل و حقّ الرجل. و ما شئت نحو عندي رجل ما شئت من رجل و يختص بالنكرة.

و قدينعت بالجملة الخبرية اذا كان المنعوت نكرة لفظاً نحو و اتقوا يوماً ترجعون فيه الي اللّه او معني نحو:

و لقد امرّ علي اللئيم يسبّني
  فاعفّ ثم اقول لايعنيني

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 180 *»

و لابد فيها من كناية رابطة بارزة كما في الاية المذكورة او مقدرة نحو و اتقوا يوماً لاتجزي نفس عن نفس شيئاً اي لاتجزي فيه.

و اعلم انه قديكون المنعوت متعدداً من غير تفريق كـ الرجال او بتفريق نحو زيد و عمرو فيتبع النعت بلفظ واحد ان اشتركوا فيه نحو رجال فضلاء و الاّ فرّق بعطف نحو رجال عالم و كاتب و شاعر.

و يجوز حذف كل واحد من المنعوت و النعت مع القرينة اما المنعوت فنحو فيهن قاصرات الطرف و ما منا الاّ له مقام معلوم و ان اعمل سابغات اي دروعاً سابغات.

و اما حذف النعت فكقوله يأخذ كل سفينة غصباً اي سفينة صالحة.

و يجوز تقديم النعت علي المنعوت مضافاً اليه اذا صلح لمباشرة العامل نحو هذا كريم وجه سجد للّه و هذه خير امرأة من قريش و ذلك اشرف مقام تمنّيته. و يجوز اذا كان المنعوت نكرة و قدّم النعت ان‏ينصب علي الحالية نحو جاءني راكباً رجل.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 181 *»

الموقع الرابع

في العطف بالحرف

و يسمي بالنسق اي المنسوق و هو كل ثانٍ يوافق الاول في النسبة و هو متلوّ احد الحروف الموضوعة لذلك و يأتي شرح حروفه في المقالة الثالثة ان‏شاءاللّه. و لماكان عامله في الواقع غير عامل المعطوف‏عليه لايكون تابعاً الاتري انه في جاء زيد و عمرو انه لم‏يجئ عمرو بذلك المجي‏ء فلابد من ان‏تقول و جاء عمرو. نعم هو موافق للمعطوف‏عليه و ذكرناه هنا شبهاً منه بالتوابع و جرياً مجري القوم.

و يجوز عطف ظاهر علي ظاهر نحو جاء زيد و عمرو و كناية علي كناية نحو و انّا او اياكم لعلي هدي او في ضلال مبين و عطف مظهر علي كناية منفصلة نحو اياك و الاسد و انتم و اباؤكم الاقدمون. و اما العطف علي الكناية المجرورة بحرف او اسم فلايحتاج الي اعادة الجارّ فان صدور مثل صلي اللّه عليه و اله من ال‏محمد: كالشمس في رابعة النهار و قد قال اللّه فاتقوا اللّه الذي تساءلون به و الارحامِ. نعم يجوز اعادة الجارّ نحو قال لها و للارض و نعبد الهك و اله ابائك.

و يجوز عطف الفعل علي الفعل كائناً ما كان نحو لنحيي به بلدة ميتاً و نسقيه و يقدم قومه يوم القيمة فأوردهم النار و يجوز عطف الفعل علي الصفة و بالعكس نحو فالمغيرات صبحاً فأثرن و يخرج الحي من الميت و مخرج الميت من الحي.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 182 *»

و اعلم انه لما كان بناء الكلام علي الاختصار قديحذف المعطوف مع العاطف مع القرينة نحو ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست اي فضرب فانبجست. و قديحذف العاطف نحو و لا علي الذين اذا ما اتوك لتحملهم قلت اي و قلت. و قديحذف المعطوف‏عليه نحو أ فنضرب عنكم الذكر صفحاً اي أ نهملكم فنضرب. و قديحذف العامل ان كان العاطف واواً نحو اسكن انت و زوجك اي وليسكن زوجك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 183 *»

خاتمة

فيما يتعلق بامر المعرفة و النكرة و فيه فصول:

فصل

في المعرفة و النكرة

اعلم ان ما كان اقل الاشياء تمييزاً عما سواه فهو نكرة محضة و اذا كان مميزاً معروفاً فهو معرفة و يختلف حدّ التمييز عما سواه فمراتب التعريف للشي‏ء مختلفة. فاشدّ الاسماء تنكراً هو اسم الجنس الاعلي كـ شي‏ء مثلاً فانه لفظ مبهم لايعرف منه شي‏ء ثم كلما يلحقه تعين‏ما ينزله عن حد التنكر الي حد التعرف و المخصصات كثيرة و هي نوعاً كل مايقترن به و يخرج بواسطة ذلك الاقتران الي حدّ التعرف نحو و لعبد مؤمن خير من مشرك و نحو صلوة الجمعة فريضة و امثال ذلك و هذا سرّ حقيقة الامر.

و اما علي اصطلاح القوم فاعلم ان الاسم اما يراد منه شي‏ء بعينه او لا فالاول معرفة و الثاني نكرة كماروي عن علي7 اصل التقسيم بالمعرفة و النكرة.

و المعارف سبعة: الاعلام و المعرّف بالأداة و المعرّف بالاضافة و الاشارات و الكنايات و المبهمات و المنادي.

و نحن قدذكرنا جميع الاقسام في مواقعها و بقي علينا الاعلام و المعرّف بالأداة.

 

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 184 *»

فصل

في العلم

اعلم ان العلم اسم وضع لشخص باصل الوضع من غير ضمّ ضميمة فان لوحظ في وضعه امر خاص شخصي فهو علم شخص او امر مطلق فهو علم جنس.

اما علم الشخص فهو اما منقول عن معني له خاص كـ شمّر (اسم فرس) و تغلب (ابو قبيلة) و اسد علماً  امثالها. و اما مرتجل يعني لم‏يكن له قبل العلمية معني خاص كـ حَنْتَف و فَقْعَس و غطفان و هو ايضاً اما مفرد كـ زيد او مركب اسنادي كـ برق نحره (لقب رجل) او مزجي كـ بعلبك (اسم بلد) او مركب اضافي و هو الاكثر كـ عبداللّه و قديكون اسم جنس محلي باللام نحو البيت و الكتاب (اسمان للكعبة و القرآن) و ذلك من باب الغلبة كمايقع المضاف من هذا الباب كـ ابن‏عباس.

و قدينكّر العلم نحو رب زيد لقيته و لكل موسي فرعون و قديعرّف باللام بعد التنكير نحو الزيدان و الزيدون او بالاضافة نحو زيدنا لا زيدكم.

و مع ذلك اما ان‏يراد به مع تعيين الشخص مزيد مدح او ذمّ فهو لقب كـ المصطفي و انف الناقة مثلاً او لا فهو الاسم و ان صدّر بـ اب كـ ابي‏طالب او بـ امّ كـ امّ‏كلثوم او بـ ابن كـ ابن‏رسول‏اللّه او بنت كـ بنت محمد فهو كنية.

و ان جمع الاسم و اللقب في الذكر قدّم الاسم كـ جعفر الصادق7.

و قديكني من اعلام الاناسي بـ فلان و فلانة فلايدخلهما اللام و يمتنع

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 185 *»

صرف فلانة لانها بمنزلة العلم.

و اما علم الجنس كما تقول هذا اُسامة مقبلاً فان هذه اللفظة موضوعة علماً لتعيين كل فرد فرد من الجنس من غير ملاحظة العموم و الاستغراق كما كان زيد موضوعاً لتعيين الشخص فلايحتاج الي ضمّ ضميمة في التعيين و كأنهم لمّا رأوا ان اشخاص الاناسي يسمّون باسم فارادوا ان‏يسمّوا غيرهم ايضاً و لم‏يكن لافراد غيرهم تمييز ظاهر فوضعوا علماً يقع علي كل فرد فرد كما لو سمّي جميع افراد بني‏ادم بـزيد فكنت تشير الي كل واحد هذا زيد هذا زيد وهكذا و كذلك تشير الي كل واحد من افراد الاسد هذا اسامة هذا اسامة و مع‏ذلك لعدم التعيين الشخصي يكون منكّراً فتعريفه لفظي فلاجل هذه العلمية يكون له خواص العلمية فلايدخله اللام كـ اويس ولو انّث لمنع صرفه كـ اسامة و يدخل عليه الاب و الام و الابن و البنت كـ ابي‏الحصين للثعلب و امّ عامر للضبع و ابن دأية للغراب و بنت الارض للحصاة.

و قدوضعوا من هذه الاعلام لكثير من انواع الاعيان نحو اسامة و ابي الحارث للاسد و المعاني نحو شعوب للمنية و امّ قشعم للحرب و المنية و الداهية.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 186 *»

فصل

في لام التعريف

اذا لم‏يكن الاسم المفرد علماً للشخص خصوصاً او عموماً لكان اسماً للجنس دالاً علي الماهية فهو في حدّ ذاته نكرة فقديعرّف بالاضافة و قدمرّ في محله و قديعرّف بالالف و اللام و الحق ان اللام هي حرف تعريف و جي‏ء بالهمزة للدلالة علي التثبيت.

ثم ان لام التعريف:

ـ  قدتكون دالّة علي شخص خارجي معهود عند المستمع فتسمي بـ لام العهد نحو فارسلنا الي فرعون رسولاً فعصي فرعون الرسول او عند الناطق نحو ركب الامير.

ـ  و قدتكون للدلالة علي الاستغراق لجميع الافراد نحو الحمد للّه رب العالمين.

ـ  و قدتكون للتعظيم كما في «اللّه» فان الاله ليس بجنس يعرّف فاللام للتعظيم.

ـ  و قدتكون للدلالة علي الحقيقة نحو اسماء اللّه المحلاة بها كـ الربّ اي الذي حقيقة الربوبية له و كذلك العلي و العظيم و غيرها فان حقيقة هذه المعاني للّه عزّوجلّ لا لغيره.

و كل اسم دخلته فان كان قرينة ان المراد منه فرد من كل فهو للعهد فان المراد فرد من الكل معيناً و الاّ فهو للتعريف اللفظي و استغراق الجنس و لاجل

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 187 *»

ذلك جاز توصيف المفرد منه بالجمع نحو اهلك الناس الدينار الصفر و الدرهم البيض و جاز الاستثناء منه نحو ان الانسان لفي خسر الاّ الذين امنوا. و اصل الجنس المحلي باللام يصلح للاستعمال لكل فرد فرد فان خصّ بفرد علماً فهو من باب الغلبة نحو النجم للثريا و البيت للكعبة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 188 *»

فصل

في النكرة

اعلم ان ما سوي المعارف المذكورة نكرة و هي ما شاع في افراده الموجودة كـ رجل او المقدرة كـ شمس و هي اما تقبل ال كـ الصاحب او لا نحو ذي و من و ما و ايّها يقبل اما تؤثر في تعريفه كـ الرجل و اما لاتؤثر ولكن تزيده حسناً نحو عباس و حارث و سيأتي احكام التنوين في مقالة الحروف ان شاء اللّه.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 190 *»

المقالة الثالثة

في الحروف

و نقسم الحروف اولاً علي قسمين: عاملة و غير عاملة فلنقدم العاملة فانها اشرف من غيرالعاملة فلنجعل المقالة اولاً منقسمة علي قسمين و نعنون لكل قسم مقصداً:

المقصد الاول

في الحروف العاملة

و هي علي قسمين فانها اما عاملة لما فيها من مسحة الفعل و ظلّه و اما هي عاملة بمقتضي طبعها الذي هو الجذب الي الادني و الاسفل الي رتبة النصب او الخفض او التسكين فلنقسم هذا المقصد ايضاً علي قسمين نعنون كل قسم بمطلب:

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 191 *»

المطلب الاول

في الحروف العاملة بسبب شباهة الفعل

ففي هذا المطلب فصول:

فصل

في الحروف المشبهة بالفعل

و هي تتضمن معني الفعل و مرفوعها فاعل حقيقةً و منصوبها مفعول مخصص كالمفعول الاول في باب «علمت» و هي اِنّ و اَنّ و كأنّ و لكنّ و ليت و لعلّ.

ـ  اما اِنّ فهي لتأكيد ثبوت المسند للمسنداليه.

ـ  و اما اَنّ فهي لربط ما بعدها بما قبلها.

ـ  و اما كأنّ فهي لثبوت صفة المسند للمسنداليه علي نحو التأكيد.

ـ  و اما لكنّ فهي لاستدراك خلاف ما توهّمه السامع و ثبوت المسند للمسنداليه.

ـ  و اما ليت فهي لتمني ثبوت المسند للمسنداليه و تتعلق بالمستحيل غالباً نحو:

فياليت الشباب لنا يعود   فاخبره بما فعل المشيب

و قدتتعلق بالممكن نحو ياليتني متّ قبل هذا.

ـ  و اما لعلّ فهي لاظهار رجاء ثبوت المسند للمسنداليه و قدتستعمل

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 192 *»

في الاشفاق من وقوع المسند علي المسنداليه و قدتأتي للتعليل يعني لجعل ثبوت المسند للمسنداليه علة ماقبلها نحو فرّغ عملك لعلّنا نتغدي و قولا له قولاً ليّناً لعلّه يتذكر او يخشي و قدتأتي لاستفهام حصول المسند للمسنداليه نحو لاتدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك امراً اي هل يحدث امراً ام لا و نحو و مايدريك لعلّه يزّكّي اي مايدريك يزكي ام لا.

و من تفسير العسكري7 لعلّ من اللّه واجب يعني اذا قال اعبدوا ربكم الذي خلقكم و الذين من قبلكم لعلّكم تتقون فمعناه انه خلقكم لتتقوا او اعبدوا لتتقوا علي التعيين و اما من غيره تعالي فهي لتوقع المحبوب و ترجّيه و الاشفاق من المكروه كما مرّ.

مسألة: اعلم انه يتعين ان‏تكون انّ مكسورة الهمزة اذا لم‏يجز وضع المصدر في محلها و معموليها و ان جاز كانت مفتوحة. فالمواضع التي لايمكن وضع المصدر مقامها كثيرة:

ـ  فمنها ان‏تكون في ابتداء الكلام نحو اِنّا انزلناه او في حكمه نحو الا اِنّ اولياء اللّه.

ـ  و منها بعد حيث و اذ نحو جلست حيث اِنّ زيداً جالس و جئتك اِذ اِنَّ زيداً امير.

ـ  و منها بعد الموصول نحو ما اِنّ مفاتحه.

ـ  و منها ان‏تقع جواباً لقسم نحو حم و الكتاب المبين اِنّا انزلناه.

ـ  و منها ان‏تقع بعد «قول» نحو قال اني عبداللّه الاّ ان‏يكون القول بمعني الاعتقاد نحو قولي في هذه المسألة اَنَّها كذا او يكون بمعني الظن نحو أتقول

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 193 *»

 اَنّ زيداً عالم اي أتظن.

ـ  و منها ان‏تقع حالاً مقرونة بالواو نحو كما اخرجك ربك من بيتك بالحق و اِنّ فريقاً من المؤمنين لكارهون.

ـ  و منها بعد الاّ نحو و ما ارسلنا قبلك من المرسلين الاّ اِنّهم ليأكلون.

ـ  و منها ان‏تقع صفة لاسم عين نحو مررت برجل اِنّه فاضل.

ـ  و منها ان‏تقع خبراً عن اسم ذات نحو زيد اِنّه فاضل.

ـ  و منها اذا كان خبرها مقروناً باللام نحو اِنّ ربك لسريع العقاب.

ـ  و منها الواقعة بعد حتي نحو مرض زيد حتي اِنّهم لايرجونه.

ـ  و منها التابعة لواحدة مما مضي نحو اِنّ زيداً فاضل و اِنّ عمراً جاهل.

و اما اَنّ المفتوحة فموضوعة لتكون مع خبرها في حكم المصدر فنحو علمت اَنّ زيداً قائم معناه علمت قيام زيد و كذا في الجامد نحو بلغني اَنّك زيد اي بلغني زيديّتك. فيتعين ان‏تكون مفتوحة في مواضع:

ـ  منها ان‏تقع فاعلاً نحو أ و لم‏يكفهم اَنّا انزلنا اي انزالنا.

ـ  او تقع مفعولاً غيرمحكية بالقول نحو و لاتخافون اَنّكم اشركتم اي اشراككم.

ـ  او تقع فاعل فعل المفعول نحو قل اوحي الي اَنّه استمع نفر من الجن اي استماع نفر من الجن.

ـ  او تقع مبتدأ في الحال نحو و من اياته اَنّك تري الارض اي رؤيتك.

ـ  او تقع صالحة للمبتدأ نحو كان عندي اَنّك فاضل و مثله فلولا اَنّه كان من المسبّحين.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 194 *»

ـ  او تقع مجرورة بالحرف نحو ذلك باَنّ اللّه هو الحق او بالاضافة نحو انه لحق مثل‏ما اَنّكم تنطقون.

ـ  او تقع معطوفة او تابعة لشي‏ء من ذلك نحو و اذكروا نعمتي التي انعمت عليكم و اَنّي فضّلتكم علي العالمين و نحو و اذ يعدكم اللّه احدي الطائفتين اَنّها لكم.

و يجوز فيها الفتح و الكسر في مواضع:

ـ  كما اذا وقعت بعد فاء الجزاء نحو من عمل منكم سوءً بجهالة ثم تاب من بعده فاَِنّه غفور رحيم قرأت بالفتح و الكسر.

ـ  و بعد واو العطف بشرط تقدم هذا و ذلك نحو ذلكم و اَِنّ اللّه موهن.

ـ  و بعد اذا الفجائية كما قال الشاعر:

و كنت اري زيداً كما قيل سيدا   اذا اَِنّه عبد القفا و اللهازم

ـ  او وقعت في موضع التعليل نحو انّا كنّا من قبل ندعوه اَِنّه هو البرّ الرحيم.

ـ  و اذا وقعت بعد اما بتخفيف الميم نحو اما اَِنّك فاضل.

ـ  و اذا وقعت بعد لاجرم و الغالب الفتح نحو لاجرم اَنّ اللّه يعلم. و هذه الكلمة تستعمل بمعني «حق» او «حقاً» و قدتستعمل بمعني القسم نحو لاجرم لاتينّك.

مسألة: اعلم انه قدتدخل لام مفتوحة بعد اِنّ المكسورة تسمي بـ لام الابتداء و لام القسم نحو لزيد منطلق. فتدخل هذه اللام علي اربعة اشياء:

ـ  احدها الخبر بشرط كونه مؤخراً عن الاسم مثبتاً غير ماض و غير

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 195 *»

جملة شرطية نحو ان ربي لسميع الدعاء و ان ربك ليعلم و انك لعلي خلق عظيم.

ـ  و ثانيها معمول الخبر غير الحال ان تقدم علي الخبر صالحاً لللام نحو ان زيداً لعمراً ضارب و قدتدخل حينئذ علي الخبر دون معموله نحو ان ربهم بهم يومئذ لخبير.

ـ  و ثالثها الاسم بشرط تأخره عن الخبر نحو ان في ذلك لعبرة و ان علينا للهدي او عن معموله نحو ان عندك لزيداً مقيم و ان في الدار لزيداً جالس.

ـ  و رابعها العماد نحو ان هذا لهو القصص الحق.

و قدتدخل ماءٌ حرفية بعد الحروف المشبهة بالفعل و تهيّئها للدخول علي الجمل الفعلية او الاسمية بلا عمل و تسمي ماء الكافّة لعمل النصب نحو قل اِنّما يوحي الي اَنّما الهكم و نحو كأنما يساقون الي الموت.

مسألة: و قدتخفف اِنّ المكسورة فتهمل غالباً و تلزم لام الابتداء بعدها نحو اِنْ زيد قائم و الاهنأ انّ اِنْ نافية و اللام بمعني الاّ. و يقع كثيراً بعدها الافعال الموجبة نحو و ان يكاد الذين كفروا ليزلقونك و ان نظنك لمن الكاذبين و ان كانت لكبيرة و ان كدت لتردين.

و تخفف اَنّ المفتوحة فتبقي عاملة و اسمها مضمر محذوف و يجب ان‏يكون خبرها جملة نحو و اخر دعويهم ان الحمد للّه رب العالمين اي انه و ان ليس للانسان الاّ ما سعي.

و قدتخفف كأنّ و يبقي عملها مع جواز ثبوت اسمها و افراد خبرها نحو

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 196 *»

قوله كَاَنْ وريديه رشا خُلَّب. و قديحذف اسمه نحو كأن لم‏تغن بالامس.

و قدتخفف لكنّ فتهمل و تدخل علي الجملة لفظاً او تقديراً فان دخلت علي الجملة فبها و الاّ فتقدّر نحو جاءني زيد لكن عمرو اي عمرو لم‏يجئ.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 197 *»

فصل

في لاء التبرية

و منها لاء التبرية و تسمي النافية للجنس و تعمل عمل اِنّ و ينفي بها جنس الاسم بأسره و تدخل علي النكرة متصلة بها و يقدّر بعدها من الجنسية و خبرها ايضاً نكرة نحو لا رجل في الدار اي لا من رجل في الدار فهي تنصب الاسم لانه الفضلة حقيقةً و ترفع الخبر لانه العمدة. و اذا جهل الخبر وجب ذكره للجهل به نحو لا احد اغير من اللّه عزّوجلّ و اذا علم جاز حذفه كثيراً نحو لا فوت اي لهم و نحو لا ضير اي علينا. و قديحذف الخبر ابهاماً لحكمة احتمال معانٍ كثيرة تعظيماً للامر نحو لا صلوة لجار المسجد الاّ في المسجد و المراد التشديد في الردع و اما لا اله الاّ اللّه فالمعني لا اله كائن او موجود و لا فيه لنفي الجنس اي لا من اله كائن او موجود و الاّ اللّه بمعني لكن اللّه موجود كما مرّ.

و تهمل لا اذا كان الاسم معرفةً او منفصلاً منها نحو لا زيد في الدار و لا عمرو و لا فيها غول و لا هم عنها ينزفون.

مسألة: اذا كان اسمها مفرداً او جمع تكسير نحو لا رجل في الدار و لا قوم و لا شجر و لا رجال و لا هنود بني علي ما ينصب بلا تنوين و كذا ان كان جمعاً بالف و تاء نحو:

ان الشباب الذي مجد عواقبه
  فيه تلذّ و لا لذات للشيب

و يبني علي الياء ان كان مثني او مجموعاً كقوله:

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 198 *»

تَعَزَّ فلا اِلفينِ بالعيش مُتِّعا   ولكن لورّاد المنون تتابع

و قوله يُحْشَرُ الناس لا بَنينَ و لا اباءَ الاّ و قدعنتهم شـٔن.

و ان كان اسمها مضافاً او شبهه فيعرب نحو لا غلام سفر حاضر و لا طالباً علماً ممقوت و لا قبيحاً فعله محمود و لا طالعاً جبلاً حاضر و لا خبراً من زيد عندنا.

و يجوز حذف اسمها مع اثبات الخبر نحو لا عليك و بالعكس و مثل قولك لا احد لمن يقول لايكن احد في الدار.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 199 *»

فصل

في الحروف المشبهة بليس

و منها ماء الحجازية و لاء المشبهة بليس و لاتَ و اِنْ فهي حروف تعمل عمل ليس فترفع اسماً علي الفاعلية لمعناها و تنصب اخر علي الحالية و هي حروف تدلّ علي عدم وجود فواعلها في الحالة المخصوصة و هي للنفي المطلق و لاتختص بالحال.

ـ فاما ما نحو قوله تعالي ما هذا بشراً و ما هنّ امهاتهم. و قديكون خبر ما مجروراً نحو و ما بالحرّ انت و زيادة الباء لتأكيد النفي كما في ليس.

ـ  و اما لا فاعمالها قليل جداً و ان اعملت فعلي ان‏يكون مدخولاها نكرتين نحو لا احد افضل منك. و حكي تعرّف مرفوعها نحو: فلا الحمد مكسوباً و لا المال باقياً. و الغالب حذف خبرها نحو فانا ابن قيس لا براحٌ اي لا براح لي و قديذكر نحو:

تَعَزَّ فلا شي‏ء علي الارض باقيا   و لا وزرٌ مما قضي اللّه واقيا

ـ  و اما لات فهي مؤنثة لا و زيدت فيها تاء للمبالغة و خصّت بنفي الاحيان.

و يشترط ان‏يكون معمولاها اسم زمان و يحذف احدهما و الغالب كونه المرفوع و الذي يوافق الحكمة غلبة حذف المنصوب لانه الفضلة نحو لات حينَ مناص اي ليس الحين حين مناص و قرئ برفع «حين» علي انها اسمها.

ـ  و اما اِن العالية فهي تعمل في لغة العالية نحو ان احد خيراً من احد الاّ بالعافية.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 200 *»

فصل

في حروف النداء

و منها حروف النداء فانها حروف وضعت لانشاء طلب الاقبال من المخاطب فهي تقتضي مرفوعاً علي وجه الفاعلية واجب الحذف و منصوباً علي المفعولية و هو المنادي و يجد الانسان من نفسه انه يدعو المطلوب و هو مدعوه فالمدعو مفعول منصوب فان ضمّ المفرد المعرف و الجنس المحلي فهو ضمّ بناء لا رفع. و في هذا الفصل مسائل:

مسألة: في حروف النداء و هي: الهمزة و اي مقصورتين و ممدودتين و يا و يا اي و ايا و هيا و وا.

فالهمزة المقصورة للقريب نحو أ زيد و في الممدودة خلاف نحو اي و البواقي للبعيد و قيل اي للمتوسط و يا لها جميعاً و هي امّ الباب و اعمّها و هي المتعينة في اسم «اللّه» و في الاستغاثة نحو يا للّه و يا للمسلمين و تتعين وا و يا للندبة و وا اخص بها.

و يجوز حذف الحرف نحو يوسف اعرض او جزئه نحو سنفرغ لكم ايها الثقلان. و يمتنع حذفها عن المندوب نحو يا زيداه و المستغاث نحو يا للّه و المتعجب‏منه نحو يا للماء و للعشب و المنادي البعيد لانه ينافي تطويل الصوت و كذا عن اسم الجنس غير المعين نحو يا رجلاً خذ بيدي و مثله النكرة مطلقاً نحو يا رجل و يا غلام فاضل.

مسألة: اعلم ان المنادي المجرد عن الاضافة و شبهها معرّفاً نحو يا زيد

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 201 *»

 او مخصّصاً بالنداء نحو يا رجل و المركب المزجي كـ بعلبك و المركب الاسنادي علماً نحو تأبط شراً و المثني كـ الزيدان و المجموع كـ الزيدون و المبني قبل النداء جاء في كلام العرب مضموماً بلاتنوين. فان كان المنادي قبل النداء معرباً صحيح‏الاخر غير مثني و لا مجموع ظهر فيه الضمّ و ان كان مثني او مجموعاً فنايبه نحو يا زيدان و يا زيدون.

و اما المعتل و المبني فيقدّر الضمة فيهما نحو يا قاض و يا سيبويه.

مسألة: و ينصب النكرة غيرالمعينة نحو قول الواعظ يا غافلاً و الموت يطلبه و المضاف بالاضافة المحضة نحو يا ربنا و سيدنا او غيرالمحضة نحو يا حسن‏الوجه و الشبيه بالمضاف نحو يا طالعاً جبلاً و يا رفيقاً بعباده المؤمنين و يا حليماً لايعجل.

مسألة: يجوز الضمّ و الفتح في العلم المفرد الموصوف بـ ابن متصل مضاف الي علم نحو يا زيد بن سعيد و ان كان المنادي غير علم او كان مفصولاً او كان الابن مضافاً الي غير علم او كان الوصف غير ابن يجب الضمّ نحو يا رجل بن زيد و يا زيد الفاضل بن عمرو و نحو يا زيد بن اخينا و يا زيد الفاضل. و الابنة كالابن في الاحكام لا البنت و لا المصغر فالموصوف بهما واجب الضمّ نحو يا هند بنت عمرو و يا زيد بُنَي عمرو.

و كذا يجوز الوجهان في منادي اتبع بمضاف بلفظه نحو يا سعدَُ سعد الاوس.

مسألة: اذا كان المنادي مضافاً الي ياء المتكلم فان كان معتلاً او مقصوراً ففي الياء وجه واحد و هو الفتح نحو يا قاضي و يا فتاي.

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 202 *»

و ان كان صفة ففيها الوجهان الفتح و السكون نحو يا ضاربي و يا مكرمي.

و ان كان صحيحاً غير وصف ففي الياء ستة وجوه: حذفها نحو يا عباد فاتقون و ثبوتها ساكنة نحو يا عبادي لا خوف عليكم و مفتوحة نحو يا عبادي الذين اسرفوا علي انفسهم و قلبها الفاً نحو يا حسرتي علي ما فرّطت و حذف الالف و الاجتزاء بالفتحة نحو يا لهفَ و حذف الياء و ضم المنادي نحو ياربُّ.

و اما الاب و الام اذا اضيفا الي الياء ففيهما الستّ الماضية و اربع اخر: تبديل الياء تاء تأنيث مكسورة نحو يا ابتِ او مفتوحة نحو يا ابتَ و مع الالف نحو يا ابتا و مع الياء نحو يا ابتي.

مسألة: لايجوز نداء المعرّف بـ ال الاّ في نحو يا زيد و الحارث و في اسم اللّه و في اللّهم و الاكثر حذف حرف النداء منه و ظني انه معرّب من اِلُهيم العبري بمعني «اللّه» فهو منادي بحذف حرف النداء و المنادي به اخضع من المنادي بـ يا اللّه.

و المطّرد انهم اذا ارادوا نداء المعرّف باللام توصلوا الي اي او اسم الاشارة ثم خصصوهما بذلك الاسم فقالوا ياايها الرجل و يا هذا الرجل. و يااي حرف من حروف النداء مخصوص بالجنس المعرّف كما ان وا حرف نداء مخصوص بالمندوب فقديلحق بها هاء تنبيه و يقال ياايها و قديلحق بها اسم اشارة فيقال ياايهذا و قديخفف ياايها فيحذف عنها يا فيقال ايها الرجل و قدتخفف و يحذف عنها ايها و يقال يا الغلام.

مسألة: اعلم ان توابع المنادي نوعان:

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 203 *»

ـ  بدل و في حكمه العطف النسق المجرد عن اللام.

ـ  و النعت و التوكيد و في حكمهما عطف النسق ذو اللام.

اما النوع الاول فهو منادي مستقل كالمتبوع و له حكمه لو كان وحده فتقول يا زيد اخ و يا زيد اخانا و يا زيد و رجلاً مع قصد التنكير و يا زيد و رجل اذا قصدت التعريف.

و اما النوع الثاني فان كانت تابعة للمنادي المعرب تُعرب باعراب متبوعها معارف كانت تلك التوابع او نكرات. و ان كانت تابعة للمبني علي ما يرفع به سواء كانت الضمة ظاهرة نحو يا زيد او مقدرة نحو يا قاضي و يا فتي و يا هذا.

و اعلم ان تابع تابع المنادي عندهم مثل متبوعه نحو يا زيد الطويل ذو الجمة.

مسألة: قدينادي المنادي احداً بقصد الاستنصار و الاستغاثة فالحرف الموضوع لهذا يا و في الاغلب تدخل علي المستغاث‏به لام جر ولكن مفتوحة للفرق بينه و بين المستغاث‏له نحو قول الشيخ اعلي الله مقامه:

يا لَلرجال و يا لَلمسلمين معاً   مهاجري يُري منكم و انصاري

و قديدخل هذه اللام علي المنادي المهدَّد نحو يا لزيد لاقتلنك.

و يدخل علي المستغاث‏له لام مكسورة نحو يا لَلمسلمين لِزيد و قديدخل من نحو يا للّه من الم الفراق. و يجوز حذف اللام فالاكثر ختمه بالالف حينئذ نحو يا زيدا.

و يلحق بباب الاستغاثة ما يستغاث به للتعجب نحو يا للماء و للدواهي اذا كثرا.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 204 *»

مسألة: و قدينادي المنادي للتفجع علي شي‏ء اصابه مصيبة او لنفس المصيبة و صورته صورة النداء و حرفه يا و وا و قديدخل عليه في اخره الف نحو يا زيدا و وا زيدا و قديلحق به هاء السكت نحو وا زيداه فان وصلت حذفتها. اما مثال التفجع لما اصابه مصيبة نحو فوا كبدا من حبّ من لايحبني و اما نفس المصيبة فكقول المصاب وا مصيبتاه.

فان كان المتفجع‏له مفرداً و لايلحق به الف يضمّ نحو وا زيد و ان كان مضافاً ينصب نحو وا اميرالمؤمنين و لايجوز ندبة النكرة فلايقال وا رجلاه و لا المبهم كـ اي و الكناية و اسم الاشارة و الموصول. و يخصّ الندبة بالمعرفة السالمة عن الابهام.

مسألة: اعلم انهم يحذفون من بعض الكلمات حروفاً اعتباطاً ـ اي بغير استحقاق ـ و اكثر ذلك في المنادي لكثرة وقوعه و اصطلح النحاة بتسمية هذا الحذف ترخيماً. و قديرخّمون غير المنادي في الضرورة و في التصغير. و في هذه المسألة مطالب:

الاول: يرخم المنادي بشرط ان‏يكون معرفة غيرمستغاث مجرور باللام و لا مندوب و لا مضاف و لا مضارع له و لا مركب ذي‏اسناد فلايجوز ترخيم نحو يا رجلاً و يا لجعفر و وا زيداه و لا يا عبداللّه و لا يا طالعاً جبلاً و لا يا تأبط شراً.

الثاني: المعروف انه يجب ان‏يكون ما يرخم ازيد من ثلثة احرف او كان اخره تاء تأنيث سواء كان اقل منها او اكثر و سواء كان معرّفاً بالعلمية او بالقصد نحو يا جعف و يا هب علماً مرخمين لـ جعفر و هبة و كذا يا جاري و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 205 *»

يا شا مرخمين لـ جارية و شاة معرفتين بالقصد و ان كان غير ذي‏التاء يشترط ان‏يكون علماً زايداً علي ثلثة احرف كـ جعفر و سعاد.

و اعلم ان الترخيم علي قسمين: فانهم اما يرخمون الكلمة و يتركون البقية علي حالها و يسمون هذا القسم انه ترخيم بنية المحذوف و لغة من ينتظر اي ينتظر التكلم بالباقي فتقول يا بهلُ و يا جعفَ و يا صاحِ مرخم بهلول و جعفر و صاحب.

و اما يرخمون الكلمة و يقطعون النظر عن المحذوف فيجرون البقية مجري اسم برأسه فيبنونه علي الضمّ فيقولون يا جعفُ و يا حارُ مرخم حارث و يسمون ذلك بـ لغة من لاينتظر و لغة من لاينوي المحذوف. و هذا القسم اذاً لايجوز استعماله مع الاشتباه.

و الاكثر في لسان العرب لغة من ينتظر نحو يا جعفَ و يا حارِ و يا منصُ.

الثالث: اعلم ان الكلمة ان كانت اكثر من اربعة احرف و في اخرها زيادتان زيدتا معاً فهما في حكم الواحدة كـ اسماء و مروان و مسلمان و مسلمون و مكّي و صحراء و كهمزة الالحاق مع الالف كـ حرباء و علباء و امثالها او حرف صحيح قبله حرف مدّ زائد حذفتا فيقال يا اسم و يا مرو و يا مسلم و يا مسلم و يا مكّ و يا صحر و يا حرب و يا علب.

و ان كان غير ذلك حذف منه حرف واحد نحو يا جعف و يا حار و يا هرق (هرقل). و ان كان اخره تاء تأنيث حذفت وحدها لانها كالكلمة الواحدة في المركب فتقول في «عفرناة» و «سعلاة» يا عفرنا و يا سعلا و كذلك في «بعلبك» و «سيبويه» يا بعل و يا سيب. و مُنع من ترخيم العدد المركب فلايقال

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 206 *»

في «خمسه‏عشر» يا خمسة للالتباس لان الترخيم مع اللبس غيرجايز و مع الامن من اللبس لا بأس به.

الرابع: و قديرخم غير المنادي في مقام الضرورة و هو في كل صالح للنداء الزايد علي ثلثة احرف او مختوم بتاء التأنيث نحو ليس حي علي المنون بخال اي بخالد.

مسألة: قديحذف العرب حرف النداء من المنادي اختصاراً لقيام قرينة رفع الصوت و مدّه و التوجه و الاشارة و امثالها نحو يوسف اعرض عن هذا و لايحذف من الجنس و المندوب و المستغاث. و الحذف من اسم الاشارة كقوله تعالي ثم انتم هؤلاء تقتلون.

و قد ذكروا اسماء لا تستعمل الاّ في النداء و هي فُل و فُلة و مكرمان و ملأمان و نومان بمعني الكريم و اللئيم و النائم و ملكعان بمعني لُكَع و كل ما هو علي مفعلان و الغالب فيه السبّ و فُعَل للمذكر نحو ياخُبَث و يالكع و فَعالِ نحو ياخباث و يالكاع سبّاً للمؤنث.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 207 *»

فصل

في الاختصاص

اعلم ان العرب قدتنصب كلمة من غير عامل ظاهر اشعاراً بانهم يريدون تخصيص الموصوف بتلك الكلمة و ذلك شايع بينهم و ذلك من باب الاختصاص و المضمر في كل كلمة و مقام علي حسبه و المقصود في هذا العمل امور فاما يعمل ذلك فخراً نحو نحن الَ‏محمد لانقاس بالناس او تواضعاً و استرحاماً نحو نحن المساكينَ زهيد عيشنا او لزيادة توضيح نحو نحن معاشرَ الفقهاء لانقول بارائنا و قديكون للتمجيد نحو الحمد للّه الحميدَ او للمدح نحو جاءني زيد العالمَ الفاضل او للذمّ نحو جاءني عمرو المخذولَ او للترحم نحو رأيت زيداً المسكينَ الدنف و امثال ذلك فتضمر قبل المنصوب اعني او اي.

و حكي في هذا الباب استعمال لفظ ايها في المذكر مطلقاً و ايتها في المؤنث مطلقاً ثم استعمال لفظ محلي باللام بعدهما نحو ايها الرجل و ايتها المرأة فيقال علي ايها الجواد يعتمد الفقير و كذا اني ايها العبد فقير الي اللّه و اي في مثل هذين الموضعين بمعني الذي فقولك ايها الرجل «اي» موصولة و «ها» حرف تنبيه و «الرجل» خبر مبتدأ لازم الحذف و الجملة صلة «الذي» اي انا الذي هو الرجل و الالف و اللام للحقيقة اي انا حقيقة الرجل كمايقال فلان الرجل كل الرجل نعم الرجل فقولك انا ايها الرجل اكرم الضيف اي انا الذي انا حقيقة الرجل اكرم الضيف و بذلك يفهم تخصيص مدلول الكناية بمدخول ال.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 208 *»

و لك ان‏تقول ان ايها هنا كلمة تفسير نحو اي و اعني و المعرف بعدها مبني علي الضم و محله النصب فقولك انا ايها الجواد اكرم الضيف معناه انا اي الجواد اكرم الضيف و ذلك كقولك انا الجواد كل الجواد حقيقة الجواد فصحّ معني التخصيص بلا تكلّف و هذا القول اقرب و اهنأ.

و يقلّ وقوع التخصيص بعد كناية الخطاب نحو سبحانك العظيم و بك اهل الفضل و الرحمة اتوسل و ينبغي ان‏يكون المنصوب معرفاً بـ ال و لايكون نكرة و لا اسم اشارة و لا موصولاً و لا كناية و قديكون علماً نحو بك اللّه نرجو الفضل و نحو بنا تميماً يكشف الضباب و مضافاً نحو و امرأته حمالة الحطب و اكثر ما يقع بـ المعشر و الاهل و الال و بني لان افتخارهم غالباً بالانساب.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 209 *»

المطلب الثاني

في الحروف العاملة بسبب انحطاطها

عن درجة الفعل و الاسم و خساستها

و هي علي اقسام:

فمنها ما تدخل علي الفعل و تمنعه عن الترفع فاما تمنعه منعاً قليلاً فتنصبه و اما تمنعه منعاً كلّياً فتجزمه و منها ما تدخل علي الاسم فيخفضه ولنشرح كل قسم في فصـل:

فصل

في الحروف الناصبة

من الحروف العاملة حروف تدخل علي الفعل و تنصبه و سرّ عملها في الفعل ان عملها عمل تثقيل و تعويق عن الارتفاع و الشباهة بالمبدأ و هي هذه:

لن فهي لنفي الفعل في الزمان المستقبل الي غاية منظورة لا التأبيد نحو لن‏اكلّم اليوم انسياً و لن‏يخلقوا ذباباً. و قديعيّن عدم الغاية بـ ابداً نحو لن‏يتمنوه ابداً.

كي المصدرية و هي بمعني ان المخففة سواء كانت مع اللام نحو لكيلا تأسوا او بدونها نحو جئتك كي تكرمني.

اَن المصدرية فتقع في الابتداء فيكون مأولها في موضع رفع علي الابتداء نحو ان‏تصوموا خير لكم و بعد فعل دالّ علي غير اليقين فيكون مأولها مرفوعاً علي الفاعلية نحو الم‏يأن للذين امنوا ان‏تخشع قلوبهم او في موضع نصب علي

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 210 *»

المفعولية نحو فاردت ان‏اعيبها او في موضع جرّ نحو من قبل ان‏يأتي يوم لا مردّ له.

اذن و هي حرف جواب لقول سابق و حرف جزاء لكلام ذكر قبل و اشترط فيها ان‏تتصدر في اول الجواب نحو ان‏يقول لك احد احبك فتقول اذن اظنك صادقاً فلاتنصب اذا وقعت في الحشو نحو انا اذن اكرمك و كذا اشترط فيها ان‏يكون المضارع بعدها مستقبلاً و ان‏تكون متصلة بالمضارع و لا بأس بفصل القسم نحو اذن واللّه نرميَهم بحرب او لاء النافية او الظرف او النداء او الدعاء او بمعمول الفعل.

ان المضمرة بعد اللام ان كانت مسبوقة بكون ناقص ماضٍ لفظاً و معني او معني منفياً بـ ما او لم نحو ماكان اللّه ليظلمهم و تسمي هذه اللام بـ لام الجحود.

ـ  و بعد او العاطفة اذا صح وقوع حتي موضعها نحو لالزمنك او تقضيني حقي اي حتي تقضيني او وقوع الاّ الاستثنائية نحو لاقتلن فلاناً او يسلم اي الاّ ان‏يسلم.

ـ  و بعد حتي الجارة ان كان الفعل مستقبلاً بالنسبة الي المذكور قبل نحو فقاتلوا التي تبغي حتي تفي‏ء و نحو و زلزلوا حتي يقول الرسول. و لـ حتي هذه معنيان: العلية نحو اسلم حتي تدخل الجنة و الغائية نحو لاسيرن حتي تطلع الشمس.

ـ  و بعد فاء السببية مسبوقة بنفي او طلب محضين، اما صنوف النفي فنحو لايقضي عليهم فيموتوا و ليس زيد حاضراً فيكلّمك و انت غير اتٍ فتحدّثنا و قلما تأتينا فتحدثنا. و اما صنوف الطلب فنحو ائتنا فنكرمك و

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 211 *»

لاتطغوا فيه فيحلّ عليكم غضبي و اسألك العفو فانجو و اَلا تأتينا فنكرمك و هلاّ تأتينا فنعطيك و ياليتني كنت معهم فافوز فوزاً عظيماً و لعلّي ابلغ الاسباب اسباب السموات فاطلعَ علي قراءة النصب و أتجيئنا فنكرمَك.

و قدينصب ما بعدها و ان لم‏يسبقها نفي او طلب نحو حتي اذا استيأس الرسل و ظنّوا انهم قدكذبوا جاءهم نصرنا فنجّي من نشاء. و اذا سقط الفاء من المضارع بعد الطلب المحض و قصد به الجزاء جزم الفعل نحو تعالوا اتل و هزّي اليك بجذع النخلة تساقط.

و الحق بذلك الافعال غيرالمتصرفة نحو نزال فنكرمَك و صه فنجالسَك.

ـ  و كذا بعد واو المعية اذا كان بعد النفي نحو ماجاءنا و يشتم عمراً و النهي نحو لا تنه عن خلق و تأتي مثله و الامر نحو زرني و ازورك و التمني نحو ياليته جاء و يضحك و الاستفهام نحو هل تزورني و تعطيني و التحضيض نحو هلاّ تزورني و تكرمني و العرض نحو الا تزورنا و تكرمنا و المعني في جميعها مع.

و قدينصب بـ ان مضمرة علي الجواز بعد اللام الجارة اذا لم‏يسبقه لفظ «ماكان» نحو و امرنا لنسلم لرب العالمين واللام بمعني الباء و ان مضمرة و المعني امرت بان اسلم.

و قديحذف ان في مواضع شاذة نحو تسمعَ بالمعيدي خير من ان‏تراه بنصب «تسمع» حذف عنها ان بقرينة وجود ان بعدها و نحو نهفت نفسي بعد ما كدت افعلَه اي كدت ان‏افعله و نحو خذ اللصّ قبل يأخذَك اي قبل ان‏يأخذك و هذه المواضع سماعية.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 212 *»

فصل

في الحروف الجازمة

اعلم انه لما كان الحرف اخس الكلمات و ادونها بعيداً عن المبدء كان شأنه السكون و التسفل و الانتصاب فاذا تعلق بفعل يقتضي الارتفاع فيتجاذبان فان غلب جهة الرفع انتصب او جهة الخفض انخفض و ان تعادلا حصل الجزم و لاجل ذلك جاز النصب و الجزم في الفعل و لم‏يجز الخفض فان الفعل لايصير مغلوباً للحرف فافهم.

فنقول اعلم ان جوازم الفعل نوعان:

الاول: ما يجزم فعلاً واحداً و هو اربعة احرف:

ـ  منها لاء الطلبية و هي وضعت لطلب الترك نهياً نحو لاتشرك باللّه او التماساً نحو لاتفارقني او دعاءً نحو لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا او ارشاداً نحو لاتسافر يوم الاثنين او شفاعةً نحو لاتؤاخذ فلاناً علي سوء عمله و قدتكون للمعالجة نحو لاتشرب الحامض و انت مستحصف و للتحذير نحو لاتلعب بالحية و للتعليم نحو لاتكتب هكذا و امثال ذلك.

و تدخل علي المتكلم مبنياً للفاعل و المفعول (قليلاً) و المخاطب و الغايب.

ـ  و منها لام الطلبية امراً و جزمها المتكلم قليل اذا كان مبنياً للفاعل نحو قوله تعالي فلنحمل خطاياكم و اقل منه جزمها فعل الفاعل المخاطب نحو قراءة فبذلك فلتفرحوا.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 213 *»

و جاء حذف اللام و بقاء الجزم نحو قوله تعالي قل للذين امنوا يغفروا.

و اذا دخل عليها الواو و الفاء و ثم سكنت كهاء «هو» و «هي» نحو ولتأت طائفة اخري لم‏يصلّوا فليصلّوا معك، ثم‏ليقضوا تفثهم.

ـ  و منها لم و لمّا و تشتركان في الحرفية و الاختصاص بالمضارع و النفي و الجزم و قلب المعني الي المضي و جواز دخول همزة الاستفهام عليهما و اذا دخلت عليهما افادتا التقرير نحو ألم‏نربّك فينا وليداً و قوله ألمّاتعرفوا منا اليقينا.

و تختص لم بمصاحبة اداة الشرط نحو و ان لم‏تفعل فمابلّغت رسالته و بجواز انقطاع نفي منفيها نحو هل اتي علي الانسان حين من الدهر لم‏يكن شيئا مذكوراً فانقطع النفي و ذكر بخلاف لمّا. و تختص لمّا بتوقع ثبوت منفيها نحو قولوا اسلمنا و لمّايدخل الايمان في قلوبكم فلايجوز استعمالها في ما لايتوقع حصوله في المستقبل نحو لمّا يصر الحرّ برداً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 214 *»

فصل

في حروف الشرط

و منها حروف تدخل علي جملتين احداهما سبب الاخري و تسمي بحروف الشرط و هي اِن و يلحق بها في الشرطية لا في الجزم لو و اَمّا و لولا و لوما.

ـ  اما ان فقد مـرّ شرحها مع اسماء الشرط لانها كانت كالامّ لها و قد مرّ انها تختص بالاستقبال و ان دخلت علي الماضي و هي تستعمل في الامر المشكوك.

ـ  و اما لو فقدوضعت لفرض ما ليس بموجود ثم تجازي بان ما ليس بموجود لو كان موجوداً لكان اي اثر يترتب علي وجوده نحو ولو شئنا لرفعناه بها.

و قديراد بـ لو نفي معلولية الجزاء للشرط المفروض الاقوي فضلاً عن الاضعف نحو لو جاء السلطان ما قدر علي اخراج زيد يعني فضلاً عن غير السلطان.

و اصل وضع لو للماضي و ان دخلت علي المضارع نحو لو يطيعكم في كثير من الامر اي لو اطاعكم و قليلاًمّا تدخل علي المستقبل نحو اطلبوا العلم ولو بالصين.

و كثيراًما يلي لو «انّ» نحو ولو انّهم صبروا و محلها فاعل لـ ثبت اي ولو ثبت صبرهم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 215 *»

و جواب لو اما ماضٍ معني نحو نعم العبد صهيب لو لم‏يخف اللّه لم‏يعصه او لفظاً و اقترانه حينئذ بـ لام التسويف اكثر نحو لو نشاء لجعلناه حطاماً و قديكون بلا لام نحو لو نشاء جعلناه اجاجاً. و ان كان الجواب منفياً فالاكثر حينئذ تجرّده من اللام نحو ولو شاء ربك مافعلوه. و قدتجاب بجملة اسمية مقرونة باللام نحو ولو انهم امنوا و اتقوا لمثوبة من عند اللّه خير.

ـ  و اما امّا فهي للتفصيل و التوكيد نحو رأيت العلماء اما زيد فكان فقيهاً و اما عمرو فكان متكلماً فلابد فيه من تكرّر ظاهري كما سمعت او تقديري و حذفت للاختصار نحو اما زيد فعالم و تقديره اما غيره فلا ادري مثلاً. و هي تقوم مقام حرف الشرط و جملته و تفيد استلزام شي‏ء لشي‏ء و كان معناها اما شأن زيد فعالم فحذف المضاف و اقيم المضاف‏اليه مقامه و اما نحو اما زيد فاضربه فزيد مبتدأ موطئ لايحتاج الي خبر كما مرّ.

و يقدّم علي الفاء متعلق ما بعدها و يفصل بينها و بين اما نحو اما اليتيم فلاتقهر و اما بنعمة ربك فحدّث و اما في الدار فزيد و اما يوم الجمعة فصم و اما راكباً فانا مسافر.

و لايجزم بـ امّا و ان كان بعدها فعل مضارع و يجب الفاء بعدها و قديحذف مع «القول» نحو فاما الذين كفروا الم‏تكن اياتي تتلي عليكم اي فيقال لهم.

و اعلم انه قديذكر بعد امّا ما يذكر بعد الفاء اما بلفظه او بما يقرب منه نحو اما علماً فعالم و اما بدناً فسمين و اما صديقاً فليس بصديق و اما ابوك فلا اباً لك و اما العبيد فذو عبيد و اما زيد فقدقام زيد.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 216 *»

ـ  و اما لولا فهي تدخل علي جملتين لربط عدم وقوع الثانية بالاولي نحو لولا انتم لكنّا مؤمنين و قوله7 لولا ان‏اشقّ علي امتي لامرتهم بالسواك عند كل صلوة فمعناه لولا مخافة ان اشق. و المرفوع بعد لولا فاعل حذف فعله لكونه من الافعال العامة ولو اريد غيرها اظهر نحو لولا قومكِ حديثوا عهد بالاسلام لهدمت الكعبة. و ان وليها كناية فالاكثر انها كناية رفع و سمع لولاي و لولاك و لولاه و منه لولاك لماخلقت الافلاك.

ـ  و اما لوما فهي مثل لولا نحو لوما زيد لاكرمتك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 217 *»

فصل

في حروف الاستثناء

و منها حروف الاستثناء و هي حروف تدلّ علي ان حكم ما بعدها علي خلاف ما قبلها و هي الاّ و لمّا و قدمضي شرحها في مبحث الاستثناء فلا حاجة الي اعادتها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 218 *»

فصل

في الحروف الجارة

و منها حروف تقتضي جرّ ما اقترنت به من الاسماء فانها وضعت لمعني رابطي بين الاسم و الفعل او شبهه. و هي كلها عشرون حرفاً سبع منها تجر الاسم الصريح و الكناية و هي الباء و اللام و من و عن و في و الي و علي و سبع منها تختص بالصريح و هي الكاف و الواو و التاء و مذ و منذ و رُبّ و حتي و ثلث شاذة و هي متي الهذلية و لعلّ العقيلية و كي و ثلث منها ذوات حالين و هي خلا و عدا و حاشا ولنذكر كل واحدة علي‏حدة.

اما الباء فلها معان: الاستعانة نحو كتبت بالقلم و التعدية نحو ذهب اللّه بنورهم و التعويض نحو ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون و الوصل نحو خذ بيدي و التبعيض نحو وامسحوا برءوسكم و المصاحبة نحو قد دخلوا بالكفر و هم قد خرجوا به اي مع الكفر و الظرفية نحو و ما كنت بجانب الغربي اي في جانب و البدلية نحو مايسرني اني شهدت بدراً بالعقبة اي بدلها و الاستعلاء نحو و من اهل الكتاب من ان‏تأمنه بدينار بدليل هل امنكم عليه و السببية نحو فبما نقضهم ميثاقهم لعنّاهم و التوكيد نحو ليس زيد بقائم و القسم و الغاية نحو احسن بي اي الي و التفدية نحو بابي انت و امي. و الاصل في معاني الباء الوصل الذي يسمونه بالالصاق و اغلب معانيها يرجع اليه.

و اما اللام فهي مكسورة الاّ مع الكناية و المستغاث و لها ايضاً معان: الملك نحو للّه ما في السموات و شبه الملك نحو جعل لكم من انفسكم

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 219 *»

 ازواجاً و الاختصاص نحو السرج للدابة و الاستحقاق نحو انما الصدقات للفقراء و تقوية العامل نحو مصدّقاً لما بين يدي و التعليل نحو و لتصغي اليه افئدة الذين لايؤمنون و انتهاء الغاية نحو كل يجري لاجل مسمي و التاريخ نحو كتبته لخمس خلون من شوال و القسم و يأتي و التعجب نحو للّه درّك و العاقبة نحو لدوا للموت و ابنوا للخراب و البعدية نحو اقم الصلوة لدلوك الشمس اي بعده و الاستعلاء نحو يخرّون للاذقان اي علي الاذقان و بمعني القسم في امر عظيم نحو للّه لايؤخر الاجلُ و التبليغ نحو قل لعبادي و الظرفية نحو و قال الذين كفروا للذين امنوا لو كان خيراً ماسبقونا اليه اي في‏حقّهم و الاستغاثة نحو يا للّه و للشوري و قدتكون زائدة نحو شكرت للّه لمكان شكرت اللّه و عمود معانيها الاختصاص.

و اما مِن فلها معان: التبعيض نحو الذي عنده علم من الكتاب و بيان الجنس نحو فاجتنبوا الرجس من الاوثان و التبيين نحو كسرت من زيد يده و ابتداء المسافة حقيقةً نحو سبحان الذي اسري بعبده ليلاً من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي او تقديراً نحو هذا كتاب من زيد الي عمرو و ابتداء الزمان نحو فرض الله عزوجل علي الناس من الجمعة الي الجمعة خمساً و ثلثين صلوة و التنصيص علي العموم نحو قوله تعالي يغفر لكم من ذنوبكم و البدل نحو أ رضيتم بالحيوة الدنيا من الاخرة و الظرفية نحو اذا نودي للصلوة من يوم الجمعة و التعليل نحو مما خطيئاتهم اغرقوا و المجاوزة نحو فويل للقاسية قلوبهم من ذكر اللّه اي عن ذكر اللّه و الانتهاء نحو قربت منه اي اليه و الاستعلاء نحو و نصرناه من القوم الذين كذّبوا اي عليهم و الفصل نحو اللّه

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 220 *»

 يعلم المفسد من المصلح و موافقة الباء نحو ينظرون من طرف خفي و الاستحالة نحو الخلّ من الخمر و الخروج نحو الولد من الوالد و الصدور نحو الصنعة من الصانع و كأن الاصل في معانيها النشؤ.

و يختص من بجرّ قبل و بعد و عند و لدي و لدن و مع و بَلْهَ و كذا جرّ عن و علي اسمين.

و قدتأتي اسمية بمعني بعض نحو فمنها قائم و حصيد و «منها» مبتدأ مضاف.

و اما عن فلها معان: المجاوزة نحو سرت عن البلد و البعدية نحو لتركبن طبقاً عن طبق اي بعد طبق و الاستعلاء نحو لا افضلت في حسب عني و التعليل نحو و ما نحن بتاركي الهتنا عن قولك و بمعني من نحو يقبل التوبة عن عباده و بمعني الباء نحو ماينطق عن الهوي و الاستعانة نحو رميت عن القوس و البدل نحو لاتجزي نفس عن نفس شيئاً و الظرفية نحو لاتك عن حمل الرباعة وانياً اي في حمل و الاصل في معانيها المباعدة و المجاوزة.

و اما في فلها معان: الظرفية المكانية نحو في ادني الارض و الزمانية نحو في بضع سنين و السببية نحو لمسّكم فيما افضتم فيه عذاب عظيم و المصاحبة نحو قال ادخلوا في امم اي مع امم و الاستعلاء نحو لاصلّبنّكم في جذوع النخل اي عليها و المقايسة بين مفضول و فاضل نحو فما متاع الحيوة الدنيا في الاخرة الاّ قليل و بمعني الباء نحو بصيرون في طعن الاباهر و الكُلي اي بطعن و بمعني الي نحو فردّوا ايديهم في افواههم اي الي افواههم. و كأن الاصل في معانيها الظرفية و يرجع الباقي اليها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 221 *»

و اما الي فلها معان: انتهاء المسافة المكانية نحو من المسجد الحرام الي المسجد الاقصي و الزمانية نحو ثم اتمّوا الصيام الي الليل و تكون بمعني من نحو فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الي المرافق و بمعني مع نحو لاتأكلوا اموالهم الي اموالكم اي مع اموالكم و بمعني في نحو كأنني الي الناس مطلي به القار. و كأن الاصل في معانيها الانتهاء و الاتصال بغاية و يرجع الباقي اليه ولو بتأويل.

و اما علي فلها معان: الاستعلاء نحو و عليها و علي الفلك تحملون و الظرفية نحو و دخل المدينة علي حين غفلة و المجاوزة كـ عن نحو اذا رضيت علي بنو قشير اي اذا رضيت عني و المصاحبة نحو و ان ربك لذو مغفرة للناس علي ظلمهم اي مع ظلمهم و بمعني عند نحو و لهم علي ذنب و بمعني من نحو اذا اكتالوا علي الناس اي من الناس و بمعني الباء نحو حقيق علي ان لا اقول. و كأن الاصل في معانيها الاستعلاء و يرجع الباقي اليه ولو بضرب من التأويل.

و اما الكاف فلها معان: التشبيه نحو قوله تعالي فكانت وردة كالدهان و التعليل نحو واذكروه كما هديكم و الاستعلاء نحو كخير في جواب كيف اصبحت و المبادرة نحو صلّ كما يدخل الوقت. و كأن الاصل في معانيها التشبيه و يرجع الباقي اليه.

و اما الواو فهي للقسم و يأتي و كذا التاء.

و اما مذ و منذ فهما لابتداء غاية الزمان فتكونان بمعني من ان كان الزمان ماضياً نحو:

لمن الديار بقُنّة الحِجْرِ   اقوين مذ حجج و مذ دهر

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 222 *»

و تكونان بمعني في ان كان الزمان حاضراً نحو مارأيته مذ او منذ يومنا.

و تكونان بمعني من و الي معاً ان كان الزمان معدوداً نكرة نحو مارأيته مذ او منذ يومين اي في تمام اليومين.

و اما ربّ فلها صدر الكلام و هي مختصة بالنكرة الموصوفة و يلحقها ماء الكافة فتدخل علي الجمل. و ترد للتقليل نحو الا رب مولود و ليس له اب و للتكثير نحو يا رب كاسية في الدنيا عارية يوم القيمة.

و اما حتي فهي لانتهاء الغاية مكانية نحو اكلت السمكة حتي رأسها و زمانية نحو سلام هي حتي مطلع الفجر.

و اما متي الهذلية فهي عندهم بمعني من فيقولون اخرجها متي كمّه اي من كمّه.

و اما لعل العقيلية نحو لعل اللّهِ فضّلكم علينا بجرّ الجلالة.

و اما كي فلاتجرّ معرباً و لا اسماً صريحاً و يختصّ جرّها بثلث:

احداها ماء الاستفهامية كما اذا سألوا عن علة شي‏ء يقولون كيمه و اصلها «كيما» و الهاء للسكت و معناها لِمَ. و الثانية ماء المصدرية نحو يراد الفتي كيما يضر و ينفع. و الثالثة ان المصدرية مضمرة نحو جئت كي تكرمني.

و اما خلا و عدا و حاشا فقد مرّ القول فيها في باب الاستثناء.

مسألة: اعلم ان هذه الحروف وضعت لجرّ الفعل و ما بمعناه الي الاسم و اضافتهما و ربطهما به فلاجل ذلك تحتاج الي متعلق تتعلق به و هو قديكون فعلاً و قديكون وصفاً علي حسب اختلاف المقامات فقديكون المتعلق ظاهراً في اللفظ فان ظهر فهو سواء تقدم او تأخر و سواء كان فعلاً او وصفاً او ما اوّل

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 223 *»

الي الوصف نحو انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و نحو هو الذي في السماء اله فهو مأول بالمعبود. و ان لم‏يكن المتعلق ظاهراً وجب التقدير و اما المقدر فالقول الفصل فيه انه اذا صدّر بما يخـصّ الفعل فالمحذوف فعل نحو أفي اللّه شك و هل في ذلك قسم و ما في الدار رجل و امثال ذلك والاّ فان وقع بعد مرفوع فالمقدر وصف ليكون خبراً نحو زيد في الدار و ان تأخر المرفوع فانت بالخيار لان المؤخر فاعل و يجوز عندي القول بتقدير الوصف و كونه مبتدأ و المرفوع خبراً.

و جميع ما ذكرنا في امر المتعلق جارٍ في الظروف ايضاً فاجره فيها.

مسألة: قديأتي بعض هذه الاحرف علي الاسمية و هي خمس:

ـ  منها عن و علي اذا دخلت عليهما «من» فيكون عن حينئذ بمعني الجانب و علي بمعني الفوق نحو من عن يميني و من عليه.

ـ  و منها مذ و منذ اذا دخلتا علي اسم مرفوع نكرة او معرفة معدود او لا نحو مارأيته مذ يومان او منذ يومُ الجمعة فهما حينئذ مبتدءان و ما بعدهما خبر عنهما و معناهما «الامد» ان كان الزمان حاضراً او معدوداً و «اول المدة» ان كان ماضياً فالمعني مارأيته و الامد يومان او اول المدة يوم الجمعة.

ـ  و منها مِن كما ذكرنا نحو فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات.

مسألة: كثيراًما تزاد كلمة ما بعد من و عن و الباء و لاتكفّهن عن العمل نحو مما خطيئاتهم اغرقوا و عما قليل و بما نقضهم و ان دخل شي‏ء من هذه الاحرف علي جملة اوّلت ما بالموصول الحرفي و الجملة صلته.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 224 *»

و قدتزاد بعد ربّ و الكاف و تكفّهما غالباً نحو ربما يودّ الذين كفروا . و قد لاتكفّ نحو ما قيل في مدح النبي9 :

فما كان الاّ كما ساعةٍ   او اقصر حتي رأينا الدرر

و قديحذف حرف الجرّ غير ربّ و يبقي عمله و هو سماعي كقوله خيرٍ و الحمد للّه بالجرّ في جواب من قال كيف اصبحت اي بخير و نحو اشارت كليبٍ اي الي كليب.

و قياسي نحو بكم درهم اشتريت ثوبك بجرّ «درهم» بـ من محذوفة و كقولهم ان في الدار زيداً و الحجرة عمراً اي في الحجرة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 225 *»

فصل

في القسم

و هو مأخوذ من القسم كـ ضرب و هو ان‏يقع في قلبك شي‏ء فتظنّه ثم يقوي ذلك فيصير حقيقة فتلك الحقيقة تسمي بالقسم فمعني اقسم «احقّقه و اثبّته» ثم اطلق علي فعل من حلف بشي‏ء لتحقيق مدعاه و تثبيته فاذا قال مثلاً باللّه هذا هكذا عبر عنه بـ اقسم و صار حقيقة في ذلك المعني و القسم اسم للحلف و يسمّي باليمين و هي مشتقة من اليمين لانهم كانوا اذا تحالفوا يضربون بايمانهم.

و احتيج في ذلك الي شاهد صدق يصدّق المدعي في مدعاه فذلك الشاهد هو المقسم‏به اي الذي حقق الامر به فاذا اقسم احد بالله و قال اقسم باللّه ان هذا هكذا فمعناه احقق ذلك باللّه اي مستعيناً باللّه في تحقيقي و تثبيتي و لابد و ان‏يكون المقسم‏به شيئاً لايرضي المقسم بعدم تحققه و فنائه حتي يتحقق ما يصله به و لذا لايقسم بحيوة من لايبالي بموته و لا برأس من لايعزّ عليه فناؤه.

و ان اللّه سبحانه انزل قسمه منزلة اقسام خلقه حين كلّمهم بلسانهم و لاجل ان ما خلقه لحكمة عظيمة لايرضي بفنائه فيحلف به.

و اعلم ان القسم علي ضربين:

ـ  قسم سؤال نحو نشدتك اللّه و عمّرتك اللّه و عمّرك اللّه و قَعْدَك اللّه و باللّه لتفعلنّ.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 226 *»

ـ  و قسم اخبار و اعلام نحو باللّه هذا هكذا و سيأتي ان‏شاءاللّه احكامها.

ثم لما كان القسم في كلامهم كثير الاستعمال تصرفوا فيه بالزيادة و النقيصة ما قدروا عليه فمرة يحذفون لفظة اقسم و يكتفون بقولهم باللّه. و مرة يحذفون الباء ايضاً و يكتفون بقولهم اللّهِ او الكعبةِ او المصحفِ. و مرة يبدلون عنها اللام الجارّة في الامور العظام نحو للّه لاحاربنّ و للّه لايؤخّر الاجل. و مرة يكتفون بلفظ اقسمت. و مرة يبدلون الباء واواً لقرب المخرج. و مرة يبدلون الواو تاءاً لانهم في بعض المواضع يفعلون ذلك نحو وُراث و تُراث. و مرة يأتون بلفظ ايمن جمع يمين و يقولون ايمنُ اللّه و قديحلف بمفرده فيقولون يمين اللّه لا افعل. و مرة بلفظ العَمْر و هو الحيوة فيقال عمرَ اللّه مافعلت كذا. و ربما ادخل عليه اللام فقيل لعمرُ اللّه اي لعمر اللّه قسمي اي ما اقسم به.

مسألة: اعلم انه لما كان القسم لتحقيق الامر يحتاج الي ثلثة اشياء: لفظ يدلّ علي القسم، و لفظ يدلّ علي المقسم‏به، و لفظ يدلّ علي ما اقسم له.

اما ما يدل علي القسم فهو ما مـرّ من الباء او الواو او التاء او غيرها كما مرّ.

و اما المقسم‏به فهو العظيم الذي يصل الانسان تحقيقه الامر بتحقق ذلك العظيم و يقرنه به فهو في الحقيقة جزء جملة اسمية نحو ايمن اللّه و لعمر اللّه اي ايمن اللّه قسمي فان كان لفظ القسم متعيناً للقسم وجب حذف الخبر كما مرّ و ان لم‏يتعين كـ امانة اللّه جاز الحذف و الاثبات و ان كانت القسمية فعلية وجب حذفها مع الواو و التاء و لام الجرّ.

و اما المقسم‏له فهو الامر الذي يريد تحقيقه و اظهار ثباته فلايكون الاّ جملة و نسمّيها بمتعلق القسم او المقسم‏له. فان كان القسم سؤالياً فمتعلقه امر

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 227 *»

او نهي او استفهام و قديصدّر بـ الاّ و لمّا نحو نشدتك باللّه الاّ فعلت و لمّا جئت و ربما يكون خبراً بمعني الطلب نحو باللّه لتفعلن و ان كان خبرياً فمتعلقه خبرية.

و اعلم ان متعلق القسم اما اسمية مثبتة و تصدّر بـ اِنّ المشبهة المكسورة او بـ لام القسم و حكم هذه اللام كاللام الداخلة بعد انّ. و اما اسمية منفية مصدّرة بـ ماء الحجازية او بـ لاء التبرية نحو واللّه ما زيد قائماً و واللّه لا زيد فيها و لا عمرو و واللّه لا رجل في الدار و واللّه لا فيها رجل و لا امرأة او بـ انّ نحو واللّه ان زيداً ليس بقائم.

و اما فعلية فان كان الفعل مضارعاً مثبتاً فالاكثر تصديره باللام و اتصال اخره بالنون نحو واللّه لاضربنّ و ان كان منفياً فنفيه بـ ما و ان و لا و ان كان ماضياً مثبتاً فالاولي الجمع بين اللام و قد نحو واللّه لقد خرج و ان طال الكلام جاز الاقتصار علي احدهما كما في سورة الشمس والشمس و ضحيها الي ان قال قد افلح و ان كان ماضياً منفياً فبـ ما نحو واللّه ماقام زيد و قدينفي بـ لا نحو واللّه لا عذّبتهم بعدها سقر.

و يحذف متعلق القسم اذا توسط القسم او تأخر نحو زيد واللّه قائم و زيد قائم واللّه.

و قدتحذف القسمية اذا كانت قرينة نحو لأفعلن كذا و لا افعله عوض.

و قديقوم مقام القسم بعض حروف التصديق نحو جَيرِ لافعلنّ و حقاً و يقيناً و قطعاً و كلاّ و ما اشبهها نحو حقاً لأفعلن و كلاّ لينبذنّ و اللّه يعلم و علم اللّه و اللّه يشهد و شهد اللّه و كذا التزام نذر نحو للّه علي لأفعلن او عهد نحو عاهدت اللّه لأفعلن و امثال ذلك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 228 *»

المقصد الثاني

في الحروف غير العاملة

و هي كثيرة و انما وضعها الواضع جلّ شأنه لتدلّ علي المعاني الزايدة علي الحقايق و افعالها و صفاتها مثلاً ان زيداً تدلّ علي الحقيقة و ضرب تدلّ علي فعلها و قائم تدلّ علي صفتها و اما فواضل مايتعلق بهذه الامور الثلاثة من التأكيد و التشديد و التقريب و التبعيد و التنبيه و التحضيض و الارتباط و امثالها ممايأتي فلم‏تك من هذه الثلاث و انما هي فواضل عرضية تعرض تلك الامور فاراد الواضع جلّ شأنه ان لايفوت الناطق شي‏ء من تلك الجهات فوضع لكل جهة منها لفظاً فلنشرح كل واحد مما وصلنا من الفاظ هذه الوجوه في فصل ان‏شاءاللّه و لنقدم ما يتعلق منها بالفعل لشرفها ثم ما يتعلق بالاسماء.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 229 *»

فصل

في حروف المصدر

و هي حروف تدخل علي الفعل للدلالة علي ان المراد مصدر ذلك الفعل و ذلك اذا وقع في موضع المفرد فيحتاج الي تلك الحروف حتي تحوّل الفعل الي المصدر و هي: ما و اَن و اَنّ و كي و لو و الذي و همزة التسوية.

اما ما فتوصل بالفعل المتصرف الماضي او المستقبل فتدلّ علي ان المراد من ذلك الفعل مصدره نحو ضاقت عليهم الارض بما رحبت اي برحبها و تختص بنيابتها عن ظرف الزمان المضاف الي المصدر المأول اليه هي و صلتها نحو لا افعله ما ذرّ شارق اي مدة ذرور شارق و صلتها اذاً فعل ماضٍ مثبت اللفظ كما ذكر او منفي بـ لم نحو تهددني ما لم‏تلقني و قدتكون صلتها اسمية كما في نهج‏البلاغة بقوا في الدنيا ما الدنيا باقية.

و اما اَن فلاتدخل الاّ علي الفعل المتصرف الماضي نحو لولا ان منّ اللّه علينا او المضارع فتنصبه اذاً و تخصصه بالاستقبال نحو يعجبني ان‏يضرب.

و اما انّ المشددة المفتوحة فتوصل بمعموليها اذا كانت عاملة و اذا كفّت فبالجملة الاسمية او الفعلية نحو علمت ان زيداً قام اي قيام زيد و علمت انما زيد قائم او انما قام زيد ففي الكل يعني قيام زيد.

و اما كي فهي تأول الي المصدر اذا دخل عليها لام نحو ضربته لكي يتأدب يعني لتأدبه و تختص بالمضارع لانها بمعني ان و قدمرّ شرحها.

و اما لو فهي كـ اَنْ في المعني و السبك الاّ انها لاتنصب و تفهم معني

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 230 *»

التمني و اكثر وقوعها بعد ودّ نحو ودّوا لو تدهن فيدهنون اي ادهانك و بعد يودّ نحو يودّ احدهم لو يعمّر اي التعمير. و قديستغني بـ لو عن فعل التمني فينصب الفعل بعدها مقروناً بالفاء قال‏تعالي لو ان لي كرة فاكونَ من المؤمنين اي اودّ او اتمني. و لا جواب لها و يصحّ وضع المصدر موضعها مع مدخولها و يبقي الماضي علي مضيّه و تخلص المضارع للاستقبال.

و اما الذي فقدتستعمل مصدرية و حرفاً نحو ما حيث قدتكون موصولة و قدتكون حرفاً مصدرياً نحو قوله تعالي و خضتم كالذي خاضوا اي كخوضهم و نحو قول علي7 نزلت انفسهم منهم في البلاء كالذي نزلت في الرخاء اي كنزول نفس في الرخاء.

و اما همزة التسوية فكقوله تعالي سواء عليهم ءانذرتهم ام لم‏تنذرهم اي انذارك و هو فاعل «سواء».

و قديأول الفعل الي المصدر بسابك مقدر نحو تسمع بالمعيدي خير من ان‏تراه يعني سماعك و هو مبتدأ و كذلك يأول بالمقدر الفعل بعد افعال المقاربة و الشروع نحو كاد زيد يخرج اي قرب من الخروج و انشأ يقول اي شرع في القول.

و قديسبك الفعل مصدراً بلا سابك في المواضع التي يقع فاعلاً معنوياً او مفعولاً او حالاً او مضافاً اليه نحو انّ زيداً يقوم و ظننت زيداً يقوم و كان زيد يصنع و يوم ولدت.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 231 *»

فصل

في حرف التوقع

و منها حرف التوقع و هو قد و هي للتحقيق سواء دخلت علي الماضي او المضارع ثم اذا دخلت علي الماضي افادت التقريب من الحال و منه قد قامت الصلوة و نحو قدكان لكم اية في فئتين التقتا و لاتدخل علي غير المتصرف و تدخل علي المضارع المجرد من ناصب و جازم و حرف تنفيس فتفيد التقليل ايضاً نحو ان الكذوب قديصدق و قدتقتصر علي التحقيق نحو قدنري تقلب وجهك في السماء و قديفصل بينها و بين الفعل القسم نحو قد واللّه لقوا اللّه و قد لعمري قال كذا و ذلك للتوسع الذي في القسم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 232 *»

فصل

في حرف التنفيس

و منها حرف التنفيس اي التأخير و عدم التضييق في الحال و هو في الحقيقة سوف نحو و لسوف يعطيك ربك فترضي و هي مخصوصة بالفعل المستقبل و قديقال سَو و سَي و سَف و قديحذف الواو و الفاء معاً فيبقي السين و هي اقل تنفيساً من سوف و هي موضوعة لتأخر الفعل عن الحال و يتعين معها للمضارع الاستقبال.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 233 *»

فصل

في حرفي الاستفهام

و منها حرفا الاستفهام و هما الهمزة و هل و هما تدخلان علي الجملة مطلقاً الاّ ان هل لاتدخل علي فعلية فاعلها مقدم فلايقال هل زيد قام الاّ علي شذوذ و الهمزة تدخل علي كل جملة نحو أ زيد قام و أ قام زيد و أ زيد قائم و هل قام زيد و هل زيد قائم.

و فرق اخر ان الهمزة تستعمل في الاثبات و الانكار نحو أ زيد قائم و أ تقولون علي اللّه ما لاتعلمون و يقال أ زيدنيه انكاراً و هل لاتستعمل الاّ في الاثبات.

و قدتدخل الهمزة علي النافي لحمل المخاطب علي ان‏يقـرّ بامر يعرفه نحو ألم‏نشرح لك صدرك و ألم‏يجدك يتيماً و أليس ذلك بقادر و ألم‏نربّك فينا وليداً لانها هنا في الحقيقة للانكار و انكار النفي اثبات و اما هل فلاتدخل علي النافي اصلاً.

و الهمزة تستعمل مع ام للتسوية و تسمي بهمزة التسوية و تأول مع مدخولها الي المصدر و لايستعمل هل معها الاّ شاذاً نحو سواء عليهم ءانذرتهم ام لم‏تنذرهم.

و لايجي‏ء الهمزة بعد «ام» بخلاف هل و ساير كلمات الاستفهام نحو ام هل تستوي الظلمات و النور و امّن يجيب المضطر و امثال ذلك و اذا جاءت ام بعد اسم استفهام ينبغي اعادته نحو من يطعمني ام من يسقيني.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 234 *»

و من خواص الهمزة جواز حذف الفعل بعدها اعتماداً علي ما ذكره ذاكر نحو قولك أ زيداً او أ زيد او أ بزيد لمن قال رأيت زيداً و قال زيد و مررت بزيد و لاتستعمل هل هكذا.

و تختص الهمزة بالدخول علي الواو و الفاء و ثم و لايدخل عليها هل نحو أ و زيد قائم، أ فانتم له منكرون و أثم اذا ما وقع امنتم.

و تدخل هذه الحروف علي هل و لاتدخل علي الهمزة نحو و هل ترك لنا عقيل من رباع و فهل انتم مسلمون و ثم هل اكرمك.

و تختص هل بكونها للتقرير في الاثبات نحو هل جزاء الاحسان الاّ الاحسان اي اما جزاء الاحسان الاحسان.

و قديجوز حذف حرف الاستفهام و الاقتصار بتغيير الصوت كالمستفهم فتقول زيد قام؟ اي أ زيد قام؟

و اعلم ان الاستفهام يأتي لمعانٍ عديدة و اغراض شتي تعرف بالقرائن كطلب فهم عن جهل نحو ما تعبدون من بعدي و توبيخ نحو ألم اقل لكم اني اعلم غيب السموات و الارض و انكار نحو أتقولون علي اللّه ما لاتعلمون و تذكير نحو ألم‏اعهد اليكم يا بني‏ادم و امتنان نحو ألم نشرح لك صدرك و تنبيه نحو فأين تذهبون و الاستبعاد نحو اني لهم الذكري و التعظيم نحو الحاقة ما الحاقة و منه الاستبطاء نحو اما تجي‏ء و امثال ذلك.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 235 *»

فصل

في حروف الايجاب

و منها حروف الايجاب و هي نَعَم و بلي و اي و جَيْرِ و اَجَل و بَسَل و اِنّ.

اما نعم فهي لتقرير ما سبق من مثبت او منفي نحو نعم في جواب أ قام زيد او أ ما قام زيد و نحو ءانّ لنا لاجراً ان كنّا نحن الغالبين قال نعم و انكم اذاً لمن المقربين و كذلك في غير الاستفهام اذا ادعي مدعٍ فقال قام زيد او ماقام زيد تقول نعم اي الامر كما ذكرت. و قدتقع جواباً للامر نحو نعم في جواب زرني و النهي نحو نعم في جواب من قال لاتزرني و في جواب التحضيض نحو نعم في جواب هلاّ تزورنا و في جواب العرض نحو نعم في جواب الا تزورنا.

و اما بلي فمختصة بايجاب النفي نحو ألست بربكم قالوا بلي و قولك بلي في جواب من قال ماقام زيد مخبراً.

و اما اي فللاثبات بعد الاستفهام و يلزمها القسم نحو قوله و يستنبـٔنك أحقّ هو قل اي و ربي انه لحق و لايستعمل بعدها فعل القسم كـ «اقسمت» و لايكون المقسم‏به بعدها الاّ الرب و اللّه و لعمري تقول اي واللّه و اي و ربي و اي لعمري.

و اجل و بسل و جير و انّ لتصديق خبر تقدم موجباً كان او منفياً. و جير مبنية علي الكسر و قدتقوم مقام الجملة القسمية نحو جير لافعلن كأنك قلت «نعم واللّه لافعلن».

و اما اِنّ فتستعمل لتقرير مضمون الدعاء نحو ما قال رجل لرجل لعن اللّه ناقة حملتني اليك فقال انّ و راكبها.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 236 *»

فصل

في الحروف العاطفة

و منها الحروف العاطفة و هي حروف رابطية تقتضي الشركة في اللفظ في وجوه الاعراب مطلقاً و في المعني كـ الواو و الفاء و ثم نحو جاءني القوم و زيد، فزيد، ثم زيد و ام و او ان لم‏تقتضيا اضراباً نحو أزيد في الدار ام عمرو و تريد هذا او هذا.

ـ  اما الواو فهي للترتيب ولكن المتكلم قديلاحظ الترتيب في ذلك الحكم نحو ما روي عن ابي‏جعفر7 في اية الوضوء ابدأ بما بدأ اللّه عزّوجلّ او الشرف نحو و منك و من نوح و ابرهيم او القرب و البعد نحو يوم تبدّل الارض غير الارض و السموات او الاعلي و الاسفل نحو فاغسلوا وجوهكم و ايديكم الي المرافق و امسحوا برءوسكم و ارجلكم مع ما فيها من الشرف ايضاً او اليمين و اليسار نحو ان الصفا و المروة و غير ذلك. فالواو للترتيب من دون افادة تراخٍ و تفيد الفاء تراخياً قليلاً و اكثر منها في افادة التراخي ثم.

و تختص الواو بعطف الاسم علي الاسم في العامل الذي بين اثنين نحو اختصم و تضارب زيد و عمرو و بعطف معطوف ذي‏مزية فتفيد خصوصية و اولوية بالحكم للمعطوف نحو حافظوا علي الصلوات و الصلوة الوسطي و بعطف المرادف نحو و لكل جعلنا منكم شرعةً و منهاجاً و بايلائها لاء نهي نحو لاتحلوا شعائر اللّه و لا الهدي و لا القلائد او نفي نحو فلا رفث و لا فسوق و لا جدال و بايلائها اِمّا نحو اما العذاب و اما الساعة و بعطف العقد

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 237 *»

علي النيّف نحو ثلثة و عشرون و اربعة و عشرون و بعطف عامّ علي خاص او بالعكس نحو رب اغفرلي و لوالدي و لمن دخل بيتي مؤمناً و اذ اخذنا من النبيين ميثاقهم و منك و من نوح و تشارك الاخير حتي نحو مات الناس حتي الانبياء و باقترانها بـ لكن نحو ولكن رسول‏اللّه و بالتحذير و الاغراء نحو ناقة اللّه و سقياها و نحو المروة و النجدة و عطف السابق علي اللاحق نحو يوحي اليك و الي الذين من قبلك.

و اعلم انك اذا قلت ماجاءني زيد و عمرو تنفي به المركب و اذا اردت نفي كل واحد تعيد النافي فتقول ماجاءني زيد و لا عمرو و كذلك النهي نحو لاتشرب السمك و اللبن فانه يفيد الجمعية و ان اردت النهي عن كل واحد تقول لاتشرب السمك و لا اللبن. و الاكثر ان‏يحذف العامل المعطوف بالواو و هو من خواصها نحو اسكن انت و زوجك الجنة و الذين تبوءوا الدار و الايمان و ما كل سوداء تمرة و بيضاء شحمة و اعادة العامل بعد الواو تفيد التأكيد نحو ماجاء زيد و ماجاء عمرو و قدتدخل همزة الاستفهام التوبيخي عليها نحو أ و لم‏يكفروا بما اوتي موسي و أ و كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم.

ـ  و اما الفاء فتفيد الترتيب مع قليل تراخٍ نحو خلقك فسوّيك و اماته فاقبره و قدتفيد التسبيب اذا كان المعطوف مسبباً للمعطوف‏عليه و كان المعطوف جملة او صفة نحو فوكزه موسي فقضي عليه. و قديجي‏ء الفاء العاطفة بمعني الي كما تقول العرب مُطرنا ما بين زبالة فالثعلبية يعني الي الثعلبية. و قدتأتي للسببية فتختص بالجمل جزاء كانت او غيره نحو زيد

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 238 *»

 فاضل فأكرمه و ان لقيته فأكرمه و من جاءك فأعطه و تعرف السببية بصلوح تقدير اذا الشرطية قبلها فقولك زيد فاضل فأكرمه صالح لان‏تقول «اذا كان فاضلاً فأكرمه». و كثيراًما تكون بمعني اللام العلية نحو فاخرج منها فانك رجيم اي لانك رجيم. و قدتأتي للدلالة علي تلازم ما بعدها لما قبلها نحو اذا زالت الشمس فصلّ.

و قدتدخل عليها همزة الاستفهام الانكاري نحو و منهم من يستمعون اليك أفأنت تسمع الصمّ. و قدتدخل علي فاء السببية نحو من اله غير اللّه يأتيكم بضياء أفلاتسمعون يعني اذا كان كذا فلم لاتسمعون.

و يختص الواو و الفاء بجواز حذفهما مع معطوفهما و يشاركهما ام المتصلة نحو راكب الناقة طليحان اي و الناقة و نحو ان اضرب بعصاك الحجر فانبجست اي فضرب و نحو و ما ادري أ شكلكم شكلي اي ام شكل غيري.

ـ  و اما ثم فللترتيب و التراخي الطويل نحو اماته فاقبره ثم اذا شاء انشره و قد تدخل عليها همزة الاستفهام الانكاري المفيدة للاستبعاد نحو أثم اذا ما وقع امنتم به الان. و قدتدخل عليها التاء فيقال ثمة كماقال الشاعر:

و لقد امرّ علي اللئيم يسبّني   و مضيت ثمة قلت لايعنيني

ـ  و اما حتي فالعطف بها قليل و هي حرف تفيد انتهاء المسافة و تفهم امتداد الفعل الي انتهاء المسافة. و هي لاتدخل علي الكناية فلايقال حتي انا و ينبغي ان‏يكون المعطوف بعض المعطوف‏عليه نحو اكلت السمكة حتي رأسها و جاء الحاجّ حتي المشاة.

ـ  و اما ام فهي ضربان: متصلة و منقطعة.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 239 *»

اما المتصلة فسميت بالمتصلة لاتصالها بالهمزة سواء كانت همزة التسوية و هي التي بعد سواء غالباً ام لا و قدتكون بعد لا ابالي و متصرفاته و ما بمعناهما نحو سواء عليهم ءانذرتهم ام لم‏تنذرهم و نحو سواء عليهم أ دعوتموهم ام انتم صامتون.

و ان قصد معني التسوية في غير اللفظين فالغالب اتيان او بلاهمزة استفهام نحو لأضربنه قام او قعد و يجوز معها نحو لأضربنه أ قام ام قعد. و يجوز بعد سواء و لا ابالي حذف الهمزة و ايراد او نحو سواء علي قمت او قعدت. و لاتجي‏ء بالهمزة قبل او فلاتقول لا ابالي أ قمت او قعدت. و قدتلي ام همزة الاستفهام نحو ءانتم اشدّ خلقاً ام السماء و يجب ان‏يسأل بها عن واحد من متعدد. و قدتقع بعد هل نحو هل زيد عندك ام عمرو.

و تقع بين فعليتين و اسميتين و قديقع بعدها مفرد نحو أ قام زيد ام عمرو.

و اما المنقطعة فهي بمعني الاضراب و لايسبقها همزة غالباً نحو اذا رأيت سواداً من بعيد انها لابل ام شاة اي بل هي شاة و الفرق بينهما ان مابعد بل يقيني و مابعد ام مظنون. و تأتي بمعني الاستفهام نحو:

كذبتك عينك ام رأيت بواسط   غَلَسَ الظلام من الرَباب خَيالا

و قدتأتي بمعني بل وحدها نحو ام انا خير من هذا الذي هو مهين و كذا اذا جاءت بعدها اداة الاستفهام نحو ام هل تستوي الظلمات و النور و جواب المتصلة احد الامرين و جواب المنقطعة لا و نعم.

و اما الفرق بين ام و او فمشكل جداً و الفرق انك في مقام استعمال ام

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 240 *»

 عالم بوجود احد الشقين نحو أ رأيت زيداً ام عمراً فعليه ان‏يعيّن احدهما و في مقام استعمال او لاتعلم هل رأي منهما واحداً ام لا نحو أ رأيت زيداً او عمراً فله ان‏يقول مارأيت احدهما او يقول رأيت كليهما او يسمي واحداً.

ـ  و اما او فللتخيير بعد الطلب نحو تزوج زينب او اختها و عن ابي‏عبداللّه7كل شي‏ء في القرءان «او» فصاحبه فيه بالخيار يختار ما يشاء و تأتي للابهام نحو ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة و ليس معناه بل اشد قسوة لان هذا استدراك غلط و هو عزوجل يرتفع عنه. و تأتي بمعني بل ايضاً فنحو رأيت زيداً او عمراً يجوز اذا قلت «زيداً» غلطاً فتستدركه بـ او بمعني بل فتنفي به الرؤية عن زيد و تثبته لعمرو. و تأتي للاباحة نحو جالس العلماء او الزهاد. و لحصول الشك بعد الخبر نحو لبثنا يوماً او بعض يوم. و للتفصيل نحو كونوا هوداً او نصاري. و للتقسيم و الترديد نحو الكلمة اسم او فعل او حرف.

و اما اِمّا فهي بمعني او في جميع الاحكام المذكورة الاّ ان المعطوف‏عليه بـ اما لابد و ان‏يكون مصدّراً بـ اما اخري نحو جاءني اما زيد و اما عمرو و قدتنفرد امّا عن اختها في الشعر فتقدّر و تلزم الثانية غالباً الواو كما مرّ و قدترد بلا واو.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 241 *»

فصل

في حروف الاضراب

اي الاعراض و هي ايضاً حروف رابطية تربط ما بعدها بما قبلها ولو علي نحو الخلاف.

اعلم ان الانسان قديتكلم بكلام اما عمداً او سهواً فيجب ان‏يضرب عنه صفحاً و يتكلم بغيره اما لاهمال الاول و الحكم علي الثاني و اما لرفع توهم المخاطب شركة غير المحكوم‏عليه معه و اما لاثبات ضده علي غيره و امثال ذلك. فوضع الواضع جلّ قدره لذلك ايضاً حروفاً و هي بل و لكن و لا و اعراب مدخولها كاعراب ما قبلها كالعاطفة.

ـ  اما بل فتدخل علي المفرد بعد ايجاب او امر نحو قام زيد بل عمرو و ليقم زيد بل عمرو و ان ضمت لا الي بل فهي نصّ علي نفي ما قبلها كأن‏تقول جاءني زيد لا بل عمرو او اضرب زيداً لا بل عمراً. و ان وقعت بعد نفي او نهي قررت ما قبلها و جعلت ضده لما بعدها نحو ما كنت عالماً بل جاهلاً و لايقم زيد بل عمرو. و تدخل علي الجملة للانتقال من جملة الي اخري اهمّ منها نحو أ تأتون الذكران من العالمين و تذرون ما خلق لكم ربكم من ازواجكم بل انتم قوم عادون. و لتدارك الغلط نحو ضربت زيداً بل اكرمته. و لصرف المخاطب عن الحكم السابق و الانكار عليه و ايقافه علي الحق نحو قالوا اتخذ الرحمن ولداً بل عباد مكرمون و اغلب استعمالها بعد النفي.

ـ  و اما لكن فهي في الاصل مشددة و هي هي لكنّ المشبهة بالفعل الاّ

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 242 *»

انها خففت فاهملت ثم استعملت في الاضراب بالمناسبة و هي ايضاً قدتدخل علي المفرد بعد نفي او نهي نحو ما مررت برجل لكن امرأة فعدم مرورك بالرجل في هذا الكلام ثابت محقق و انما تنفي بهذا الكلام توهم شركة المرأة معه. و قدتدخل عليها الواو نحو ماكان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول‏اللّه و خاتم النبيين.

ـ  و اما لا فهي ايضاً قدتدخل علي المفرد مسبوقة بايجاب او امر بشرط ان لايصدق قبلها علي بعدها نحو هذا زيد لا عمرو و اضرب زيداً لا عمراً فلايقال جاءني رجل لا زيد. و لايجوز تكرير لا فلايقال جاء زيد لا عمرو لا بكر لا خالد الاّ ان‏تدخل عليها الواو فتقول و لا بكر و لا خالد.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 243 *»

فصل

في حروف التنبيه

و هي حروف تستعمل لتنبيه الغافل و هي الا و اما و ها و يا.

ـ  اما الا و اما فهما حرفا استفتاح يفتتح بهما الكلام و فائدتهما توجيه نفس المخاطب الي الاستماع و الفهم نحو الا ان وعد اللّه هو الحق و الا يوم يأتيهم ليس مصروفاً عنهم. و تدخلان علي الجملة و تدخل الا كثيراً علي النداء نحو:

الا ايها الموت الذي هو قاصدي   ارحني فقد افنيت كل خليل

و اما كثيراً علي القسم نحو اما واللّه لقد تقمّصها ابن ابي‏قحافة.

و قدتأتي الا حرف تحضيض نحو الا رجلاً جزاه اللّه خيراً. و قدجاء اما بمعني «حقاً». و قديأتيان اما و الا للعرض فهما اذاً مختصتان بالفعل نحو الا تنزل بنا فتصيب خيراً.

ـ  و اما ها فتدخل علي المفرد و كثيراًما تدخل علي اسماء الاشارة كـ هذا و هاتا و قديفصل بينها و بين اسم الاشارة بالقسم نحو ها اللّه ذا و الكناية المرفوعة نحو ها انتم اولاء تحبونهم و ها انا ذا و ها انت ذا.

ـ  و اما يا فاكثر ما يليها منادي او امر نحو الا يا اسجدوا علي قراءة التخفيف او تمنّ نحو ياليتني متّ قبل هذا او تقليل نحو يا ربتما غارة. و قديليها فعل المدح و الذم و التعجب و لجميع هذه الحروف صدر الكلام كالاستفهام.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 244 *»

فصل

في حروف التوبيخ

و هي حروف يلام و يوبّخ بها علي تارك الفعل و هي هلاّ و الاّ و لولا و لوما و في جميعها استفهامية و لا شك في انها اذا دخلت علي الماضي يكون معناها اللوم و التوبيخ نحو هلاّ ضربت زيداً و الاّ اكرمت العلماء و لولا جاءوا عليه باربعة شهداء و لوما اهنت الفجار و انها في المضارع ايضاً ان كان بمعني الحال لوم علي المخاطب بانه لِمَ لايفعل من غير طلب نحو لوما تأتينا بالملئكة و هلاّ تكرم العلماء و الاّ تهين الفساق و لولا تضرب عمراً و اما اذا كانت بمعني الاستقبال فتناسب التحضيض اذ لايعقل اللوم علي ما سيأتي. و لهذه الاحرف صدر الكلام و تدخل علي الفعل لفظاً او تقديراً.

و ان وليها ظرف فمدخولها حقيقةً الفعل بعده و تقدم الظرف من باب الاتساع نحو لولا اذ دخلت جنتك قلت و فلولا اذا بلغت الحلقوم. و قديفصل بين لولا و فعلها بشرطية نحو فلولا ان كنتم غيرمدينين ترجعونها.

و اذا خلا المقام عن لوم و توبيخ و تحضيض فهي للعرض و يستعمل في ذلك المعني الا المخففة نحو الا تنزل بنا فتصيب خيراً و لولا اخّرتن الي اجل قريب و لو التي بمعني التمني نحو لو نزلت فأكلت و اما نحو اما تعطف علي.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 245 *»

فصل

في حروف التفسير

و هي حروف رابطية تؤتي بها عند ارادة تفسير كلمة و هي اَي و اَن.

اما اَي فهي لتفسير كل كلمة مبهم نحو جاءني ابوعبداللّه اي زيد او جملة مبهمة نحو هُريق رَفده اي مات او حركة نحو و ترمينني بالطرف اي انت مذنب.

و اَن لاتفسر الاّ مقولاً مقدر اللفظ دالاًّ علي معني القول مؤدياً معناه نحو قوله تعالي و ناديناه ان يا ابرهيم فقوله «يا ابرهيم» تفسير للنداء المفهوم من قوله «ناديناه» و كذا كتبت اليه ان قم فقوله «قم» تفسير للكتابة المفهومة من «كتبت».

و قديفسر به المفعول الظاهر نحو و اوحينا الي امّك ما يوحي ان اقذفيه و ماقلت لهم الاّ ما امرتني به ان اعبدوا اللّه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 246 *»

فصل

في حرف الردع

و هي ما تأتي للردع و الزجر كما تقول لشخص فلان يبغضك فيقول كلاّ اي ليس الامر كماتقول و قدتكون ردعاً للطالب ما ليس له نحو رب ارجعوني لعلّي اعمل صالحاً فيما تركت كلاّ و قديؤتي بها بعد الحكاية لاظهار كونها منكرة نحو و اتخذوا من دون اللّه الهة ليكونوا لهم عزّاً كلاّ و قدتأتي بمعني «حقاً» فهي اذاً ظرف نحو كلاّ والقمر و كلاّ ان الانسان ليطغي و كلاّ بل تحبون العاجلة و كلاّ اذا بلغت التراقي. و تحتمل الوجهين في مثل قوله ثم يطمع ان ازيد كلاّ انه كان لاياتنا عنيداً فان جعلته تمام السابق ردع و الاّ فبمعني «حقاً».

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 247 *»

فصل

في حروف النفي

و هي حروف تفيد نفي مدخولها و هي ما و لا و لم و لمّا و لن و اِن.

اما ما فهي قدتدخل علي المضارع نحو قوله تعالي مايكون لي ان‏ابدّله من تلقاء نفسي و قدتدخل علي الماضي نحو ماقلت لهم الاّ ما امرتني به و قدتدخل علي الصالحة للجملة الاسمية فيعمل عمل ليس و قد مضت نحو ما هذا بشراً.

و اما لا فان اريد بها نفي الجنس تعمل عمل انّ و هي المسماة بـ لاء التبرية نحو لا رفث و لا فسوق و لا جدال في الحج و قدمضت. و قدتعمل عمل ليس و تسمي بـ لاء المشبهة و قد مضت. و قد مرّ ايضاً انها قدتكون اضرابية نحو جاء زيد لا عمرو. و قدتكون جوابية مناقضة لـ نعم كأن‏يقول احد أ جاءك زيد تقول لا فتحذف الجمل بعدها كثيراً. و تأتي في غير هذه الموارد للنفي فان كان بعدها جملة اسمية لم‏تعمل فيها او فعلاً ماضياً لفظاً او تقديراً كرّرت نحو لا الشمس ينبغي لها ان‏تدرك القمر و لا الليل سابق النهار و لا فيها غول و لا هم عنها ينزفون و لا لغو فيها و لا تأثيم و فلا صدّق و لا صلّي و قدتدخل علي الدعاء فلايجب تكريرها نحو لا شلّت يداك و لا فضّ اللّه فاك لانها بمعني المستقبل. فكذا لايجب ان‏تكرر مع المضارع نحو لايحب اللّه الجهر بالسوء من القول. و تكرر ايضاً اذا دخلت علي مفرد خبر او صفة او حال نحو زيد لا شاعر و لا كاتب و انها بقرة لا فارض و لا بكر

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 248 *»

 و جاء زيد لا ضاحكاً و لا راكباً. و قدتعترض بين الخافض و المخفوض نحو جئت بلا زاد و غضب من لا شي‏ء و الاقرب ان الجارّ داخل علي المجموع المركب. و قدتجي‏ء للتأكيد اذا فهم نفي الثاني من الاول نحو مايستوي الاحياء و لا الاموات. و قدتعترض بين الناصب و المنصوب نحو لئلايكون للناس عليكم حجة و بين الجازم و المجزوم نحو ان لاتفعلوه تكن فتنة و بين المعمول و العامل نحو يوم يأتي بعض ايات ربك لاينفع نفساً ايمانها.

و اما لم و لمّا فقدمضتا في الجوازم مفصلاً.

و اما لن فقدمضت في النواصب.

و اما اِن فهي ايضاً من حروف النفي و تدخل علي الاسمية نحو ان الكافرون الاّ في غرور و ان امهاتهم الاّ اللائي ولدنهم و ان من اهل الكتاب الاّ ليؤمنن به و ان منكم الاّ واردها و علي الجملة الفعلية نحو ان اردنا الاّ الحسني و ان يدعون من دونه الاّ اناثاً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 249 *»

فصل

في حروف التأنيث

و هي التي تدخل علي الفعل او الاسم فتدلّ علي التأنيث. فمنها التاء الساكنة في مثل ضربتْ و المكسورة في مثل ضربتِ و المفتوحة نحو ضربتا. و النون المفتوحة في مثل ضربن و ضربتنّ و يضربن. و التاء التي تدخل علي الاسماء كـ طلحة او الصفات كـ القائمة او الحروف كـ ربّة. و الالف المقصورة كـ حبلي. و الممدودة كـ نفساء.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 250 *»

فصل

في اللامات

و قد مرّ شرحها في مواضعها كاللام الجازمة للفعل و الجارّة للاسم و لام التعريف و لام التأكيد و لام جواب لولا و لام القسم.

فصل

في نون التأكيد

و هي مشددةً مفتوحة مع غير الالف كـ اضربانّ و اضربنانّ فمكسورة معها و مخففةً ساكنة. و انها تختصّ بالمستقبل فان الماضي قدوقع و لايحتاج الي تأكيد و الحال معك علي ما هي عليه و انما تحتاج الي التأكيد في المستقبل فتدخل في الاغلب في مستقبل فيه معني الطلب كالامر و النهي و الاستفهام و التمني و العرض نحو افعلن و لاتفعلن و هل تفعلن و ليتك تفعلن و هلاّ تفعلن و الا تفعلن. و اما المستقبل الذي يكون خبراً محضاً فان كان مصدّراً بما يدلّ علي التوكيد كـ لام القسم نحو واللّه لأقومن و اِمّا بالكسر نحو امّا نذهبن بك و امّا نرينّك غلب دخولها عليه.

و اذا دخلت علي الفعل يفتح ما قبلها الاّ مع المذكرين نحو انصروا و اغزوا و اخشوا و ارضوا فيقال انصرُنّ و اغزُنّ و اخشُنّ و ارضُنّ فيضمّ و مع المخاطبة مكسور لان ماقبل الياء ان كان مكسوراً حذفت الياء كـ اغزي و اضربي و ارمي كـ اغزِنّ و اضربِنّ و ارمِنّ و ان كان ما قبل الياء مفتوحاً حركت

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 251 *»

الياء بالكسر نحو اخشيَنّ و ارضيَنّ و البواقي مفتوحة نحو اضربنّ و اغزونّ و ارمينّ و اخشينّ و يلحق بالفتحة اضربانِّ و اضربنانِّ.

و النون المخففة تحذف اذا التقت ساكناً بعدها كقول الشاعر:

لاتُهينَ الفقير عَلَّكَ ان   تركع يوماً و الدهر قدرفعه

اي لاتهينن فحذفت المخففة و ابقيت فتحة ماقبلها لتدلّ عليها و الاّ لكان يقال «لاتهن».

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 252 *»

فصل

في التنوين

و هي نون ساكنة تلحق الاسم بعد الحركة او الفعل لا للتأكيد. و هو علي اقسام:

الاول: التمكن و هو الذي يلحق الاسم المعرب فيتمكن من عمل العامل نحو هذا زيد و رأيت زيداً و مررت بزيد. و تنوين مسلمات ايضاً تنوين التمكن.

الثاني: التنكير و هو تنوين يدلّ علي ان الملحق به فرد غيرمعين نحو و ان احد من المشركين و ان كان للتمكن ايضاً.

الثالث: تنوين الترنم و ذلك ان حروف المدّ في القوافي يترنم بها فاذا خلت منها جي‏ء بالتنوين فتلحق الفعل و المعرّف باللام نحو:

اَقِلِّي اللومَ عاذلُ و العتابا   و قولي ان اصبت لقد اصابا

الرابع: تنوين التأكيد او البناء فكما ان الكلمة تبني علي الضم و الفتح و الكسر قدتبني علي التنوين نحو صهٍ و مهٍ فانها ليست باسماء متمكنة فيقال انه تنوين تمكن و لا بنكرة فيقال انه تنوين تنكير و ان هو الاّ تنوين تأكيد لان التأكيد في صهٍ اكثر من صه او هو تنوين بناء لانها بنيت كذا.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 253 *»

فصل

في هاء السكت

و هي هاء تزاد في اخر الكلمة في الوقف اذا كان الكلمة حرفاً مقصوراً نحو لا و ما او اسماً عريقاً في البناء نحو هنا و كذلك تلحق الف الندبة و واءها و ياءها نحو واغلاماه و واغلامكموه و واغلامكيه و في الانكار نحو ءالاميراه و ءالاميروه و ءالاميريه و اذا وقفت علي كلمة محركة الاخر بحركة غير اعرابية و لا شبيهة بها فتلحق الهاء لبيان تلك الحركة اللازمة نحو هما رجلانه و ضاربانه و مسلمانه و مسلمونه و هنه و ضربته و هلمه و ضربتكه و بحكمكه و ثمه و اضربنه و انطلقنه و ضربنه و عصايه و قاضيه و غلاميه و هوه و هيه و اينه و كيفه و امثال ذلك. و ان اعلّ حرف حتي بقي حرف لزم الهاء نحو ره و قه. و الحاقها ماء الاستفهامية المجرورة المحذوفة الفها كثير نحو الي مه و علي مه و اما المجرورة بالاضافة نحو مال مه و مثل مه فالالحاق فيها لازم. و قدتحذف في الوصل الاّ ان‏يجري الوصل مجري الوقف نحو هلك عني سلطانيه. خذوه. و حق هذه الهاء السكون.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 254 *»

فصل

في حروف الانكار

و هي زيادة تلحق اخر كلمة تريد انكارها بالاستفهام بالهمزة فمرة تزاد ياؤها كما اذا قيل جاء زيد فتريد تكذيبه و ان‏تقول انه لم‏يجئ أزيدنيه باثبات الزيادة بعد نون التنوين او يقول ذلك من لايشك ان زيداً جاء فينكر بذلك من يشكّ في ذلك اي من يشكّ في هذا. و يشترط فيه الوقف و الانكار بالهمزة بلا فاصل بينها و بين الاسم. و كثيراًما يحكي المذكور بلفظه و بحركته فيزاد حرف من جنس الحركة و هاء فتقول لمن قال «ذهبتُ» أذهبتوه. و ان كان اخر الكلمة حرف علة ساكن يلحق بها هاء نحو ءالقاضيه و ءالمعلاه و يغزوه. و ان كان صحيح ساكن يزاد ياء و هاء نحو أزيدنيه و ألم‏تضربيه. و ان كان متحركاً فتلحق مدّة علي وفق الحركة و هاء نحو أزيدوناه و أزيدانيه و آلاميروه.

و ان كان المحكي صفةً و موصوفاً او معطوفاً و معطوفاً عليه او فعلاً و فاعلاً او فعلاً و مفعولاً تقع مدة الانكار في منتهي الكلام نحو أزيداً الطويلاه في انكار رأيت زيداً الطويل و أزيداً و عمرونيه في انكار لقيت زيداً و عمراً و أضربت عمرونيه في انكار ضربت عمراً.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 255 *»

فصل

في حرف التذكر

و يحتاج اليه من يريد ان لايقطع كلامه و نسي ماكان يريد ان‏يقول فيلحق مداً باخر كلمة قال الي ان‏يتذكر ماكان يريد و لابد و ان‏تجانس تلك المدة حركة اخر الكلمة كأن‏يقول يقولو زيد اعطني و قالا زيد اخذت و من العامي كنت عازماً علي السفر. و ان كانت معتلة الاخر ساكناً يمدّ ذلك الحرف بعينه نحو القاضي و العصاء و يغزو.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 256 *»

فصل

في حروف الزيادة

و يقصد بالزيادة زيادة الكمال و هي اِن و اَن و ما و لا و الباء و اللام و الكاف.

ـ  اما اِن فهي تزاد مع ماء النافية لتأكيد النفي و تدخل علي الاسم و الفعل نحو ما ان طبُّنا جبن و مع ماء المصدرية نحو اجلس ما ان جلس القاضي و الموصولة نحو ولقدمكنّاهم فيما ان مكنّاكم فيه و بعد الا الاستفتاحية نحو الا ان قام زيد و بعد لمّا نحو لمّا ان جلست جلست.

ـ  و اما اَن فتزاد بعد لمّا نحو لمّا ان جاء البشير و بين لو و القسم نحو واللّه ان لو قمت قمت و قدتزاد بعد كاف التشبيه نحو كأن ظبيةٍ.

ـ   و اما ما فتزاد مع اذا و متي و اي و اين و اِنْ و مع ايان قليل نحو اذا ماجئتني قلت لك و متي‏ما تكرمني اكرمك و اياًما تدعوا فله الاسماء الحسني و اين‏ما تذهب اذهب و اما نذهبن بك فانا منهم منتقمون و ايان‏ما تذهب اذهب. و قدتزاد بعد بعض الحروف الجارة نحو فبما و عمّا و ممّا و كما. و قلّت زيادتها بعد المضاف نحو مثل ما انكم تنطقون.

ـ  و اما لا فتزاد بعد الواو العاطفة بعد نفي نحو لارأيت زيداً و لا عمراً و بعد ان المصدرية نحو مامنعك ان لاتسجد و لئلايعلم اهل الكتاب و قبل المقسم‏به لتدلّ علي ان المقسم‏له منفي نحو لا واللّه لا افعل.

ـ  و اما الباء فانها تزيد بعد ليس و ما نحو ليس زيد بقائم و ما زيد بعالم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 257 *»

ـ  و اما اللام فهي زائدة في مثل شكرت للّه و اذ بوّأنا لابرهيم.

ـ  و اما الكاف فقالوا زائدة في ليس كمثله شي‏ء و قد مرّت في مبحث حروف الجر.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 259 *»

الخاﺗﻤ[

فيما يتعلق بالجمل و فيها مسائل:

الاولي: اعلم ان الكلام هو ما تضمن الاسناد الاصلي مقصوداً بالذات سواء كان بين اسمين او اسم و فعل او فعل و اسم ملفوظين نحو زيد قائم و زيد ضرب و ضرب زيد او مقدرين نحو نعم في جواب من قال أ قائم زيد او أ قام زيد او احدهما مقدراً دون الاخر نحو زيد في جواب من قال من قام و صبر جميل مفرداً كان الجزءان كـ زيد قام او مركبين نحو غلام زيد قائم الاب و المراد بالاسناد الاصلي ان‏يكون اخبر بجزء عن جزء في الاصل نحو قام زيد و زيد قائم. و خرج بالاسناد الاصلي نحو ضَرْبُ زيدٍ و ضارب ابوه في قولك «زيد ضارب ابوه» فان اسنادها لحكاية الفعل لا من نفسها. و المراد بالمقصود بالذات ان‏يكون الاخبار لاجل نفس المخبرعنه فليس بكلام يضرب ابوه في قولك «جاءني رجل يضرب ابوه» فان اسناد الفعل الي ذي‏الكناية ليس لاجل نفس ذي‏الكناية بل لاجل المبتدأ و كذا يضحك سنه في قولك «جاء زيد و يضحك سنه» و كذا يخرج زيد في قولك «فلان يخرج يوم يخرج زيد». فتبين الفرق بين الجملة و الكلام فكل كلام جملة و لا كل جملة كلام ولكن الجملة لابد فيها من اسناد.

الثانية: الجملة علي قسمين: اسمية و فعلية.

اما الاسمية فهي كل جملة تتضمن الاسناد بين اسمين نحو زيد قائم و قائم الزيدان.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 260 *»

و اما الفعلية فهي ما تتضمن الاسناد بين اسم و فعل كـ قام زيد و ضُرب اللصّ و كان زيد قائماً و ظننته قائماً و يقوم زيد و قم و زيد قام.

و اما الجمل التي صدرها ظرف او جار نحو أ عندك زيد و أ في الدار زيد و امثالهما فالعبرة بالمقدر فاذا كان المقدر وصفاً فهي اسمية كما اذا كان التقدير في أ عندك زيد، أ مستقر عندك زيد و اما اذا كان المقدر فعلاً فهي فعلية كما اذا قلنا بان المقدر أ يكون عندك زيد فالمدار في الظرف و الجار علي التقدير.

الثالثة: الجمل التي لا محل لها من الاعراب ستٌّ و ذلك هو الاصل في الجمل و هي: «المستأنفة» و «المعترضة» و «التفسيرية» و «المجاب بها القسم» و «المجاب بها شرط غيرجازم» و «التابعة لما لا محل له من الاعراب».

ـ  اما المستأنفة و تسمي الابتدائية نحو زيد قائم و كذا مات فلان رحمه اللّه فان «رحمه اللّه» منقطعة عن سابقها حقيقةً و مستأنفة ايضاً لفظاً و معني و أ و لم‏يروا كيف يبدئ اللّه الخلق ثم يعيده فـ «ثم يعيده» منقطعة معني لانهم لم‏يروه و مثل قوله تعالي قل سأتلوا عليكم منه ذكراً انّا مكّنّا له في الارض فجملة «انّا مكّنّا» مستأنفة.

ـ  و اما المعترضة فهي التي تعترض بين شيئين من شأنهما الاتصال لتقوية الكلام او تحسينه او حصول بداء او تدارك و يشترط فيها تناسب‏ما و عدم كونها معمولة لشي‏ء من اجزائها و تقع غالباً بين طرفي نسبة كما بين الفعل و معموله نحو:

و قدادركتني و الحوادث جمّة   اسنّةُ قوم لا ضعاف و لا عُزل

 

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 261 *»

فجملة «و الحوادث جمّة» معترضة. و ما بين المبتدأ و الخبر نحو:

و فيهن و الايام يعثرن بالفتي   نوادب لايمللنه و نوايح

و بين الشرط و جوابه نحو فان لم‏تفعلوا و لن‏تفعلوا فاتقوا النار. و بين القسم و جوابه كقوله تعالي قال فالحقَ والحق اقول لاملأنّ و قوله «فالحق» منصوب بنزع الخافض لـ اقسم محذوفاً. و بين الموصوف و صفته نحو و انه لقسم لو تعلمون عظيم. و بين الموصول و صلته نحو ذاك الذي وابيك يعرف مالكاً. و بين المتضايفين نحو هذا غلام واللّه زيد. و بين الجارّ و المجرور نحو اشتراه بواللّه الف درهم. و بين الحرف و توكيده نحو:

ليت و هل ينفع شيئاً ليت   ليت شباباً بوع فاشتريت

و بين حرف التنفيس و الفعل نحو سوف اخال ادري. و بين قد و الفعل نحو أ خالدُ قد واللّه اوطأت عشوةً. و بين حرف النفي و منفيه نحو و لا اراها تزال ظالمة.

و ان اشتبه المعترضة بالحالية فتعرف المعترضة بان‏تكون انشائية نحو و يجعلون للّه البنات سبحانه و لهم ما يشتهون.

ـ  و اما المفسرة فهي الفضلة الكاشفة لما تليه فهي اما مع حرف تفسير نحو و ترمينني بالطرف اي انت مذنب و نحو فاوحينا اليه ان اصنع الفلك. و اما بدونه نحو و اسروا النجوي الذين ظلموا هل هذا الاّ بشر مثلكم فهي بدل لكنه اعرف عن اخفي و لا مانع من وقوع جملة بدلاً لجملة اخري نحو هل ادلّكم علي تجارة تنجيكم من عذاب اليم تؤمنون باللّه فجملة «تؤمنون باللّه» تفسير للتجارة و لها محل ما ابدلت منه.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 262 *»

ـ  و اما صلة الموصول الاسمي فعلي ما اخترناه من كون الصلة صفة مبيّنة لابهام الموصول فهي لها محل من الاعراب و اعرابها اعراب موصولها. و اما الموصولات الحرفية فتدخل علي الفعل فتدل علي ان المراد مصدره لا انها مع الفعل بمعني المصدر فهي ايضاً لها محل من الاعراب فقولك اعجبني ان قمت في محل الرفع.

ـ  و اما المجاب بها القسم فنحو والقرءان الحكيم انك لمن المرسلين. و اما مجموع القسم و جوابه فقديكون له محل نحو قال زيد واللّه لافعلن فانها في محل المفعول.

ـ  و اما المجاب بها الشرط غيرجازم و ادواته اذا و لو و لولا و لوما و لمّا و كيف فنحو اذا جئتني اكرمك و كيف تجلس اجلس.

ـ  و اما التابعة لما لا محل لها من الاعراب فنحو جاءني زيد فاكرمته لان المعطوف في حكم المعطوف‏عليه.

الرابعة: الجمل التي لها محل من الاعراب عشرٌ و هي: «الخبرية» و «الحالية» و «المفعول‏بها» و «المضاف‏اليها» و «الواقعة جواباً للشرط الجازم» و «التابعة لمفرد» و «التابعة لجملة لها محل» و «الجملة المستثناة» و «الواقعة مسنداً اليها» و «الواقعة صلة».

ـ  اما الجملة الخبرية فهي الواقعة خبراً للمبتدأ او صالحة للخبرية فمحلها الرفع في باب المبتدأ و الحروف المشبهة و لاء التبرية و النصب في باب كان و كاد و ماء الحجازية و لاء المشبهة بليس و افعال القلوب و لابد فيها من ضمير مطابق في الخمس للمخبرعنه نحو زيد ابوه قائم.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 263 *»

ـ  و اما الجملة الحالية فموضعها نصب نحو و لاتمنن تستكثر اي استكثاراً و لاتقربوا الصلوة و انتم سكاري اي سكرانين.

ـ  و اما الجملة المفعول‏بها فمحلها النصب و هي قدتقع محكية بالقول نحو قال اني عبد اللّه او مرادف القول نحو و نادي نوح ابنه و كان في معزل يا بني اركب معنا و بأن‏تقع مفعولاً ثانياً لباب ظنّ نحو ظننتك تأكل و ثالثاً لباب اعلم نحو اعلمتك كبشك قرنه منكسر.

ـ  و اما الجملة المضاف‏اليها فمحلها الجر و لابد من خبريتها و تقع بعد كلمات منها اسماء الزمان ظروفاً كانت او اسماً نحو و السلام علي يوم ولدت و هي ظرف و انذر الناس يوم يأتيهم العذاب و هي مفعول ثان. و من اسماء الزمان ثلثة تجب اضافتها الي الجملة و هما اذ و اذا و لمّا. و منها حيث و اكثر اضافتها الي الفعلية نحو جلس حيث ضربته. و منها اية بمعني علامة فانها تضاف الي الفعلية المتصرف فعلها نحو باية يُقدمون الخيل شعثاً. و منها ذو نحو اذهب بذي تسلم اي اذهب في الوقت الذي تسلم فيه. و منها لدن و ريثَ فانهما يضافان الي جملة فعلها متصرف مثبت نحو لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم و نحو خليلي رفقاً ريث اقضي لبانة. و منها قول و قائل نحو:

قول يا للرّجالِ يُنهِضُ منّا
  مسرعين الكُهولَ و الشُبّانا

و نحو:

و اجبت قائل كيف انت بصالح
  حتي مللت و ملّني عوّادي

ـ  و اما الجملة الواقعة جواباً لشرط جازم مقرونة بالفاء بعد ان و اخواتها او بـاذا الفجائية بعد ان فمحلها الجزم نحو قوله تعالي من يضلل اللّه فلا هادي له

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 264 *»

 و يذرهم فجملة «لا هادي» في محل جزم و لذا قرئ و يذرهم بالجزم عطفاً علي محل الجملة.

ـ  و اما التابعة لمفرد فمحلها بحسب اعراب ذلك المفرد نحو من قبل ان‏يأتي يومٌ لا بيع فيه و اتقوا يوماً ترجعون فيه و ربنا انك جامع الناس ليومٍ لا ريب فيه.

ـ  و اما التابعة لجملة لها محل و ذلك يقع في باب النسق و البدل و يشترط في البدل ان يكون اوفي بتأدية المراد من الاولي و اعرابها بحسب متبوعها نحو و اتقوا الذي امدّكم بما تعلمون امدّكم بأنعام و بنين و جنات و عيون.

ـ  و اما الجملة المستثناة فنحو لست عليهم بمصيطر الاّ من تولي و كفر فيعذبه اللّه فالجملة في محل النصب علي الاستثناء المنقطع.

ـ  و اما الجملة الواقعة مسنداً اليها فهي اما بالمبتدئية نحو تسمع بالمعيدي خير من ان تراه و اما بالفاعلية نحو ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الايات ليسجننّه و اذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض و تبين لكم كيف فعلنا بهم، او لم‏يهد لهم كم اهلكنا.

ـ  و اما الواقعة صلة فقد مرّت.

الخامسة: الجمل الخبرية ان ارتبطت بالنكرات المحضة كانت صفة او بالمعارف المحضة فحالاً عنها و مع غير المحض منهما تحتمل الاحتمالين و كل ذلك بشرط وجود المقتضي و انتفاء المانع. الاولي نحو حتي تنزّل علينا كتاباً نقرؤه. و الثانية نحو لاتقربوا الصلوة و انتم سكاري. و الثالثـة هذا ذكر

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 265 *»

 مبارك انزلناه فانها نكرة مخصصة فلك ان‏تصفها و لك ان‏تبيّن حالها.

و اما مثال وجود المانع فنحو و كل شي‏ء فعلوه في الزبر فان هنا مانعاً من الحال لانهم لم‏يفعلوا كل شي‏ء و نحو عسي ان‏تكرهوا شيئاً و هو خير لكم فان الواو تمنع الوصفية. و مثال ما يمنعهما معاً نحو و حفظاً من كل شيطان مارد. لايسّمّعون اذ يمتنع الوصف فانه يلزم ان من يسمعون يصعدون و الحال فانه يلزم انهم في غير حال السماع يصعدون.

السادسة: فيما يشبه الجمل و هو «الظرف» و «الجار و المجرور» فانهما لابد لهما من متعلق من فعل او وصف او مأول اليه او ما يشير الي معناه فان كان بارزاً و الاّ قدّر لهما. و الامثلة انعمت عليهم غير المغضوب عليهم و نحو بسم اللّه الرحمن الرحيم اي اسم نفسي بسم اللّه كما روي و زيد في الدار او عندك اي مستقر في الدار او عندك و نحو و هو الذي في السماء اله فـ اله مأول بوصف و هو المعبود و نحو فلان حاتم في قومه فحاتم مشير الي الجواد.

و يجب حذف المتعلق اذا كان احدهما ـ اي الجار و الظرف ـ صفة نحو كصيّب من السماء او صلة لموصول نحو يسبح له ما في السموات و ما في الارض او خبراً نحو الحمد لله و العلم عند اللّه و ان العزة لله و ان لدينا انكالاً او حالاً نحو فخرج علي قومه في زينته او رافعاً لظاهر نحو أفي اللّه شك و المراد ان المتعلق رافع الظاهر لا الظرف و الجار. او كان الجار واو القسم او تاءه نحو والقرءان الحكيم، تالله لاكيدنّ اصنامكم اذ لايذكر فعل القسم معهما. او كان قرينة يستغني بها نحو ما يقال للعروس بالرفاء و البنين.

 

«* خلاصة التذكرة في علم النحو صفحه 266 *»

السابعة: حكم الجار و الظرف بعد المعارف و النكرات حكم الجمل و قد مـرّ فهما صفتان للنكرة نحو رأيت رجلاً علي جبل و حالان بعد المعرفة نحو رأيت الشمس في الافق و الهلال بين السحاب و محتملان في نحو يعجبني التمر في شمراخه و احب السيف عندك.

و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين

 

 

الفهرس

 

في بيان علة تصنيف الكتاب··· 1

المقدمة: فيما يجب تقديمه قبل الخوض في المسائل··· 4

فصل: في حدّ علم النحو و موضوعه و فائدته··· 4

فصل: في فضل العربية··· 5

فصل: في مبدء العلوم الادبية··· 7

فصل: في الكلمة و الكلام··· 9

فصل: في تقسيمات الكلمة··· 11

فصل: في المعرب و المبني 13

فصل: في حقيقة الرفع و النصب و الجر··· 14

فصل: في حقيقة العاملية و المعمولية··· 16

فصل: في ان الكلام تابع لما في النفس··· 17

المقالة الاولي: في الافعال··· 19

فصل: في بعض تقسيمات الفعل و خواصه··· 19

فصل: في الماضي 20

فصل: في المضارع··· 21

فصل: في الامر··· 23

فصل: في فعل المفعول··· 24

فصل: في اللازم و المتعدي 25

فصل: في افعال القلوب··· 27

فصل: في افعال التصيير··· 30

فصل: في افعال العامة··· 31

فصل: في افعال الاستعداد··· 35

فصل: في افعال المقاربة··· 36

فصل: في افعال الشروع··· 37

فصل: في فعلي التعجب··· 38

فصل: في افعال المدح و الذمّ··· 40

فصل: في مطابقة الفعل مع الفاعل··· 43

فصل: في الافعال غيرالمتصرفة··· 45

المقالة الثانية: في الاسماء و مايتعلق بها··· 51

المقدمة··· 51

المقصد الاول: في الاسماء المشتقة عن الفعل··· 52

فصل: في المصدر··· 52

فصل: في اسم الفاعل··· 56

فصل: في اسم المفعول··· 59

فصل: في الصفة المشبهة··· 60

فصل: في اسم التفضيل··· 62

فصل: في المنسوب··· 65

المقصد الثاني: في المبنيات و مايتعلق بها او يلحق··· 66

المقدمة: في بعض ماينبغي تقديمه هنا··· 66

فصل: في الاشارات··· 68

فصل: في الكنايات··· 70

فصل: في كلم المجازاة··· 75

فصل: في اسماء الاستفهام··· 80

فصل: في الموصولات··· 82

فصل: في الظروف··· 87

فصل: في المبهمات··· 94

فصل: في المركبات··· 97

فصل: في الحكايات··· 98

فصل: في الاصوات··· 99

فصل: في اسماء العدد··· 100

المقصد الثالث: في المعربات و مايتعلق بها··· 106

المقدمة: في بعض ماينبغي تقديمه هنا··· 106

المطلب الاول: في المعرب التقديري 108

المطلب الثاني: في المعرب اللفظي 109

الباب الاول: في غير المنصرف··· 109

فصل: في اعراب الجمع المؤنث السالم··· 113

الباب الثاني: في المعرب بالحروف··· 114

فصل: في اعراب الاسماء الستة··· 114

فصل: في اعراب المثني 116

فصل: في اعراب الجمع المذكر السالم··· 117

المقصد الرابع: في بيان مايقع في كلام العرب مرفوعاً و منصوباً و مجروراً ··· 118

المطلب الاول: في المرفوعات··· 118

فصل: في فاعل فعل الفاعل··· 118

فصل في اعمال العاملين··· 120

فصل: في فاعل فعل المفعول··· 121

فصل: في المبتدأ··· 123

فصل: في الخبر··· 127

المطلب الثاني: في المنصوبات··· 130

فصل: في المفعول الحقيقي 130

فصل: في المفعول المطلق الذاتي 131

فصل: في المفعول الوصفي 134

فصل: في المفعول به··· 135

فصل: في المفعول بواسطة··· 138

فصل: في المفعول المخصص··· 139

فصل: في المفعول المتعلق··· 140

فصل: في المفعول بها··· 141

فصل: في المفعول منه··· 142

فصل: في المفعول عليه··· 143

فصل: في المفعول معه··· 144

فصل: في المفعول فيه··· 145

فصل: في المفعول له··· 148

فصل: في المفعول المعنوي 149

فصل: في المستثني 151

فصل: في التمييز··· 158

فصل: في الحال··· 161

فصل: في المنصوب بنزع الخافض··· 165

المطلب الثالث: في المجرورات··· 166

القسم الاول: في الاضافة··· 166

القسم الثاني: في المجرور بالحرف··· 172

المطلب الرابع: في التوابع··· 173

الموقع الاول: في البدل··· 174

الموقع الثاني: في التوكيد··· 176

الموقع الثالث: في النعت··· 178

الموقع الرابع: في العطف بالحرف··· 181

خاتمة: فيمايتعلق بامر المعرفة و النكرة··· 183

فصل: في المعرفة و النكرة··· 183

فصل: في العلم··· 184

فصل: في لام التعريف··· 186

فصل: في النكرة··· 188

المقالة الثالثة: في الحروف··· 190

المقصد الاول: في الحروف العامة··· 190

المطلب الاول: في حروف المشبهة بالفعل··· 191

فصل: في لاء التبرية··· 197

فصل: في الحروف المشبهة بليس··· 199

فصل: في حروف النداء··· 200

فصل: في الاختصاص··· 207

المطلب الثاني: في الحروف العاملة بسبب انحطاطها عن درجة الفعل و الاسم و خساستها··· 209

فصل: في الحروف الناصبة··· 209

فصل: في الحروف الجازمة··· 212

فصل: في حروف الشرط··· 214

فصل: في حروف الاستثناء··· 217

فصل: في الحروف الجارة··· 218

فصل: في القسم··· 225

المقصد الثاني: في الحروف غيرالعاملة··· 228

فصل: في حروف المصدر··· 229

فصل: في حرف التوقع··· 231

فصل: في حرف التنفيس··· 232

فصل: في حرفي الاستفهام··· 233

فصل: في حروف الايجاب··· 235

فصل: في الحروف العاطفة··· 236

فصل: في حروف الاضراب··· 241

فصل: في حروف التنبية··· 243

فصل: في حروف التوبيخ··· 244

فصل: في حروف التفسير··· 245

فصل: في حروف الردع··· 246

فصل: في حروف النفي 247

فصل: في حروف التأنيث··· 249

فصل: في اللامات··· 250

فصل: في نون التأكيد··· 250

فصل: في التنوين··· 252

فصل: في هاء السكت··· 253

فصل: في حروف الانكار··· 254

فصل: في حرف التذكر··· 255

فصل: في حروف الزيادة··· 256

الخاتمة: فيمايتعلق بالجمل··· 259