مجمع الفتاوي از مشايخ عظام اعلي الله مقامهم جلد اول ـ مقابله – قسمت اول

مجمع الفتاوى

 

مشايخ عظام

 

اعلى الله مقامهم

 

جلد اول – قسمت اول

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 2 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

المــقدمـة

و فيها نوعان من الابواب

النـوع الاول

كلام مشايخنا في التقليد و الاجتهاد و فيه ابواب

بـــاب

في القول فيما يقال ان الاجتهاد كفائي او عيني

 

سؤال: سأل الشيخ احمد بن شكر النجفي مولانا و سيدنا الكريم انار اللّه برهانه و اعلي اللّه مقامه هل الاجتهاد عيني ام كفائي؟

جواب: ان كان المراد من الاجتهاد استفراغ الوسع في تحصيل حكم ظني لم‏يرد فيه نص فحرام محرم علي جميع المكلفين بالكتاب و السنة عينا لاخبار متواترة بل متجاوزة عن حد التواتر و قد قام علي حرمته الاجماع الذي يقطع بوجود المعصوم فيه و قد اوردنا اخبارها في فصل الخطاب مفصلاً منها ما روي عن اسمعيل بن جابر عن ابي‏عبداللّه7 عن آبائه عن اميرالمؤمنين7 في حديث طويل و اما الردّ علي من قال بالاجتهاد فانهم يزعمون ان كل مجتهد مصيب علي انهم لايقولون انهم مع اجتهادهم اصابوا معني حقيقة الحق عند اللّه عزوجل لانهم في حال اجتهادهم ينتقلون عن اجتهاد الي اجتهاد و احتجاجهم ان الحكم به قاطع قول باطل منقطع منتقض فاي دليل ادل من هذا علي ضعف اعتقاد من قال بالاجتهاد و الرأي اذا كان امرهم يئول الي ماوصفناه و زعموا انه محال ان‏يجتهدوا فيذهب الحق من جملتهم و قولهم بذلك فاسد لانهم ان اجتهدوا فاختلفوا فالتقصير واقع بهم و اعجب من هذا انهم يقولون مع قولهم بالرأي و الاجتهاد ان اللّه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 3 *»

لم‏يكلفهم بهذا المذهب الاّ بما يطيقونه و كذلك النبي9 و احتجوا بقول اللّه تعالي و حيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره و هذا بزعمهم وجه الاجتهاد و غلطوا في هذا التأويل غلطاً بيناً قالوا و من قول الرسول9 ما قال لمعاذ بن جبل و ادعوا انه اجاز ذلك و الصحيح ان اللّه لم‏يكلفهم اجتهاداً لانه قد نصب لهم ادلة و اقام لهم اعلاماً و اثبت عليهم الحجة فمحال ان‏يضطرهم الي ما لايطيقون بعد ارساله اليهم الرسل بتفصيل الحلال و الحرام و لم‏يتركهم سدي مهما عجزوا عنه و ردوه الي الرسول و الائمة: كيف و هو تعالي يقول مافرطنا في الكتاب من شي‏ء و يقول اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و يقول فيه تبيان كل شي‏ء و من الدليل علي فساد قولهم في الاجتهاد و الرأي و القياس انه لن‏يخلو الشي‏ء ان‏يكون يمثله علي اصل او يستخرج البحث عنه فان كان يبحث عنه فانه لايجوز في عدل اللّه تعالي ان يكلف العباد ذلك و ان كان ممثلاً علي اصل فلن‏يخلو الاصل ان‏يكون حرم لمصلحة الخلق او لمعني في نفسه خاص فان كان حرم لمعني في نفسه خاص فقد كان ذلك فيه حلالاً ثم حرم بعد ذلك لمعني فيه بل لو كان العلة المعني لم‏يكن التحريم له اولي من التحليل و لما فسد هذا الوجه من دعويهم علمنا ان اللّه تعالي انما حرم الاشياء لمصلحة الخلق لا للخلق التي فيها الحديث و قد ذكرناه بطوله لما فيه من الادلة القطعية علي بطلان الاجتهاد و اما الاشارة الي ما عسي ان‏يكون منه مشكلاً فقوله7 فانهم يزعمون ان كل مجتهد مصيب ليس يشير الي المصوبة بل يشير الي المخطئة لقوله7 بعده علي انهم لايقولون انهم مع اجتهادهم اصابوا معني حقيقة الحق عند اللّه عزوجل فالتصويب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 4 *»

مع التخطئة هو مذهب كثير من فقهائنا لانهم مع انهم يجوزون الخطاء عن الواقع علي انفسهم و اقرانهم يقولون بعد الاجتهاد المحتمل للخطاء «هذا ماادي اليه ظني و كل ماادي اليه ظني فهو حكم اللّه في حقي فهذا الذي ادي اليه ظني هو حكم اللّه في حقي» انظر بعين البصيرة أليس هذا تصويب بعد التخطئة فان قولهم هو حكم اللّه في حقي ان كانوا يريدون منه الحكم الواقعي فليزم ان‏يكون حكم اللّه الواقعي تابعاً للظنون و لم‏يكن في الواقع للّه حكم فكل من ظن شيئاً يرضي اللّه بظنه و يجعله حكمه و ان كانوا يريدون الحكم الظاهري و يجعلون الحكم الظاهري تابعاً لظنونهم بحيث انه ليس للّه حكم ظاهري في نفس الامر و كل من ظن شيئاً يجعل اللّه سبحانه حكمه الظاهري الثانوي ظن ذلك الظان فهو تصويب في الحكم الظاهري و تخطئة في الحكم الواقعي و قول بان دين اللّه الظاهري الثانوي تابع لظنون المجتهدين فكل ماادي اليه ظنهم فهو حكم اللّه في حقهم نعوذ باللّه من زلة الاقدام و هذا الذي انكره اميرالمؤمنين7 فقال انهم يزعمون ان كل مجتهد مصيب يعني في اصابة الحكم الثانوي ثم قال علي انهم لايقولون انهم مع اجتهادهم اصابوا معني حقيقة الحق عند اللّه عزوجل و الدليل علي انهم لم‏يصيبوا الحق انهم ينتقلون من رأي الي رأي مع ان الحق واحد و اما قوله7 و احتجاجهم ان الحكم به قاطع قول باطل يريد ان الحكم بما صوبوا انفسهم لا ما احتملوا الخطاء لانفسهم و ماصوبوا انفسهم فيه هو الحكم الظاهري فاخذ النتيجة علي القطع كما مرّ في شكل الاستدلال فانهم هناك يدعون القطع لا في اصابة الواقع و لا في مقدمات ادلتهم علي استنباط الحكم الثاني ايضاً و انما يدعون القطع في النتيجة فادعاؤهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 5 *»

القطع في النتيجة ايضاً باطل منقطع منتقض فانه لايخلو اما ان‏يقولون ان للّه سبحانه حكم ثانوي في المسألة الحادثة عند اللّه مكتوب في اللوح المحفوظ في هذا الكتاب الذي فيه تفصيل كل شي‏ء و تبيان كل شي‏ء و في السنة التي لايغادر صغيرة و لاكبيرة الاّ احصاها او يقولون ليس له حكم ثانوي معروف عنده فان كان له حكم ثانوي ايضاً كما له حكم اولي فان الحكم الثانوي جملة حكم واقعي و انما هو ثانوي بالنسبة فما الدليل علي ان المجتهد المستفرغ وسعه في تحصيل الظن يصيبه مع ان المجتهدين متعددون و هم في تعددهم مختلفون و الحكم الثانوي واحد عند اللّه مكتوب فادعاء القطع للوصول الي الحكم الثانوي و اصابته بمحض الظن من غير سلطان باطل و عن حلية الاعتبار عاطل لان الظن في نفسه يحتمل الخلاف فانت في الاستنباط تظن اصابة الحكم الثاني و تحتمل عدمها فاذا احتملت قويا اصابته قلت وصلت اليه قطعاً لايجوزه عاقل ابداً و ان قلت ان الحكم معلوم عند اللّه و ان اللّه سبحانه يسدد ظنوننا اليه يقيناً فما الوجه في اختلافكم و تنقلكم من اجتهاد الي اجتهاد و ان قلت ان الحكم الثانوي في المسألة الواحدة متعددة عند اللّه معلومة مكتوبة و يسددنا اللّه سبحانه اليها فيعطي كل ذي حق حقه و يسوق الي كل فقيه حكمه قلت هذا ايضاً باطل لان اللّه سبحانه يقول و اتوا البيوت من ابوابها و قد فسر بدخول الامور من وجهها و ان اللّه سبحانه نهي عن الظن في سبعين آية من كتابه و كثير منها في الظن في الحلال و الحرام و الاحكام كما اخرجناها في فصل الخطاب منها  قوله تعالي سيقول الذين اشركوا لو شاء اللّه مااشركنا و لاآباؤنا و لاحرمنا من شي‏ء كذلك كذب الذين من قبلهم حتي ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 6 *»

تتبعون الاّ الظن و ان انتم الاّ تخرصون و قد رويت اخبار متواترة ناهية عن العمل بالظن فالظن المنهي في كتاب اللّه و سنة نبيه كيف يكون وجه ادراك الحق و بابه و ان اللّه سبحانه يقول فمن اظلم ممن افتري علي اللّه كذباً ليضل الناس بغير علم ان اللّه لايهدي القوم الظالمين و ان قالوا انه ليس للّه سبحانه حكم ثانوي عنده معلوم فقد كذبوا اللّه فوق عرشه واللّه سبحانه يقول لارطب و لايابس الاّ في كتاب مبين و قال و فيه تبيان كل شي‏ء و عن ابي‏اسامة قال كنت عند ابي‏عبداللّه7 و عنده رجل من المغيرية فسأل عن شي‏ء من السنن فقال ما من شي‏ء يحتاج اليه ولد آدم الاّ و قد خرجت فيه السنة من اللّه و من رسوله و لولا ذلك مااحتج علينا بما احتج فقال المغيري و بما احتج فقال ابوعبداللّه7اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم الاية فلو لم‏يكمل سننه و فرايضه و مايحتاج اليه الناس مااحتج به و قال7 ما من شي‏ء الاّ و فيه كتاب او سنة الي غير ذلك فان لم‏يكن علي قولهم للّه حكم في كتابه و لا سنته فباي شي‏ء يقطعون فعلي اي حال ادعاؤهم القطع في اصابة الحكم الثانوي باطل و عن حلية الاعتبار عاطل و اما قوله7 و زعموا انه محال ان‏يجتهدوا الي آخره فلان كلهم اذا كانوا مختلفين مخطئاً بعضهم بعضا و كان ادعاء قطع كل واحد منهم باطلاً كما بينا فالتقصير عن اصابة الحق بهم واقع لان الخاطئون اذا اجتمعوا لايقعون علي الحق دائماً الاّ خطاءاً و اتفاقاً و اما قوله و اعجب من هذا الي آخره فانه عجيب من الانسان الذي يعرف من نفسه العجز عن درك حقايق الاشياء و نظام العالم و صلاح بني‏آدم و سياسة المدن و البلاد و رياسة العباد ان‏يظن انه يطيق ادراك ما لانص فيه ظاهراً من اللّه و رسوله

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 7 *»

و ان اللّه كلفه به و قوله7 و احتجوا بقول اللّه تعالي الي آخره فانهم زعموا ان اللّه سبحانه كلف اهل البلاد ان‏يتوجهوا شطر المسجد الحرام و هم لايعلمون شطره بالعلم و العيان فكلفهم بالاجتهاد علي قدر طاقتهم و هذا دليل جواز الاجتهاد للعباد فيما اخفي اللّه علمه و غلطوا في هذا التأويل غلطاً بيناً فان هذا في الموضوع و كما ان اللّه يكلف عباده بالموضوع القطعي و يجعل له حكماً يمكن ان‏يكلف عباده بالموضوع الظني و يجعل له حكما و كلا الحكمان مقطوع بهما و قد قامت الحجة بالقطع بهما و اما نفس الحكم اذا لم‏تكن قطعية لم‏تقم للّه الحجة علي عباده و حجته هي البالغة فالقياس له فارق و ثانياً ان اللّه سبحانه كلفه بامر مقطوع به و هو قد فقد المكلف به و جهله فوجب عليه توخيه باذن منه سبحانه و متي رخص اللّه سبحانه الظن و التحري في نفس الاحكام هل عندكم من علم فتخرجوه لنا ان تتبعون الاّ الظن و ان انتم الاّ تخرصون و اللّه سبحانه يقول و لاتقف ما ليس لك به علم و يقول ان تتبعون الاّ الظن و ان انتم الاّ تخرصون و قوله7 و من قول الرسول الي آخره يريد7 مايروون انه9 قال لمعاذ بن جبل حين ارسله الي اليمن ارأيت يا معاذ ان نزلت بك حادثة لم‏تجد لها في كتاب اللّه اثراً و لا في السنة ما انت صانع قال استعمل رأيي فيها فقال الحمد للّه الذي وفق رسول اللّه الي مايرضيه و هذه رواية افتروها علي رسول اللّه9و قد قال رسول اللّه9 في حجة الوداع قد كثرت علي الكذابة و ستكثر فمن كذب علي متعمداً فليتبوء مقعده من النار فاذا اتاكم الحديث فاعرضوه علي كتاب اللّه و سنتي فما وافق كتاب اللّه و سنتي فخذوا به و ما خالف كتاب اللّه و سنتي فلاتأخذوا به و هذه الرواية مخالفة للكتاب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 8 *»

و السنة لان اللّه حرم الظن في سبعين آية و تواتر الخبر في النهي عنه و ادل دليل علي عدم رضا اللّه عنهم رأيهم و اجتهادهم ارسال الرسل و انزال الكتب و اقامة السنن فلمارأينا كل ذلك عرفنا ان اللّه لم‏يتركهم سدي و لم‏يهملهم و حصرهم بين امره و نهيه و هم ليسوا بشركاء اللّه في دينه حتي يحلوا و يحرموا و قد قال علي7 في الرد علي اهل الاجتهاد و الارتياء ترد علي احدهم القضية في حكم من الاحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية بعينها علي غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم تجتمع القضاة بذلك عند الامام الذي استقضاهم فيصوب آراءهم جميعاً و الههم واحد و نبيهم واحد و كتابهم واحد فامرهم اللّه سبحانه بالاختلاف فاطاعوه ام نهاهم عنه فعصوه ام انزل اللّه ديناً ناقصاً فاستعان بهم علي اتمامه ام كانوا شركاء للّه فلهم ان‏يقولوا و عليه ان‏يرضي ام انزل اللّه ديناً تاماً فقصر الرسول9عن تبليغه و ادائه و اللّه سبحانه يقول مافرطنا في الكتاب من شي‏ء و فيه تبيان كل شي‏ء و ذكر ان الكتاب يصدق بعضه بعضاً و انه لا اختلاف فيه فقال سبحانه و لوكان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً فان لم‏ينزل اللّه ديناً ناقصاً و لم‏يقصر الرسول عن ابلاغه و ليسوا بشركاء للّه فلم‏يبق شي‏ء يجتهدون فيه و ينظرون و انما عليهم اتباع النصوص و اما قوله7 و من الدليل علي فساد قولهم الي آخره فتقريره ان المجتهد لايخلو اما ان‏يمثل المسألة الحادثة علي اصل موجود عن سمع و نطق او يبحث فيه و يفحص و يتحري من غير تمثيل علي اصل موجود فان كان يمثله علي اصل موجود و يقيس عليه فلايخلو ذلك الاصل اما ان‏يقال انه حرم لاجل المصلحة اي من حيث الاقتران بالمكلفين او من حيث نفسه من غير ملاحظة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 9 *»

اقتران باحد فان قيل انه حرم من حيث الاقتران لاجل الاقتران فاذا كان حرمته لاجل الاقتران و المصالح فكيف يمكن ان‏يمثل الشي‏ء الاخر علي نفس هذا الاصل و لم‏يحرم من حيث نفسه و وجوه الاقتران و المصالح امر لايحيط به الاّ الذي احاط بكل شي‏ء علماً فلربما حرم الاصل لمصالح و قرانات تخصّه لايوجد في الذي يمثل عليه و كذلك حكم التحليل فتبين ان قياس غير المنصوص علي المنصوص باطل الا تري ان الصائم لايكره ان‏يستنقع في الماء و يكره ان‏يلبس الثوب المبلول و المني اقذر من البول و يغسل مرة و البول يغسل مرتين و ان قلت ان البول اقذر فالمني يغتسل عنه و لايغتسل من البول و هكذا و ان قيل ان الاحكام تعلقت بالاشياء من حيث نفسها يكذبهم تحليل الشي‏ء في شرع و تحريمه في شرعه و تحليله في زمان و تحريمه في زمان فتبين ان التمثيل علي اصل لايجوز ابداً و ان كان يبحث عنه و يفحص و يتحري فذلك امر فوق شهادته و فوق وسعه و لايكلف اللّه نفساً الاّ وسعها و ماآتيها و عرفها فان الدين لم‏يوكل الي العباد و قد اكمل اللّه الدين و بلغ الرسول الامين و ليسوا بشركاء للّه سبحانه و لا لرسوله في التشريع فتبين للناظر البصير و المسلم الخبير ان الاجتهاد في ما لا نص له باطل منتقض لايوافق الكتاب المجيد و لاشرع النبي الحميد صلوات اللّه و سلامه عليه و آله و ان كان المراد من الاجتهاد السعي في تحصيل النصوص و العلم بصحة صدورها و النظر في فهم المراد منها فذلك امر لازم علي جميع الامة عينا و قد بينا سابقاً ان ذلك ليس بامر عسر علي الناس عوامهم و خواصهم غاية الامر ان الناس مختلفون فمنهم من يعرف العربية و يراجع كتب الثقات و يعمل برواياتها و منهم من لايعرف العربية فيرجع الي راو يفسّر الخبر

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 10 *»

له بلغته و علي حسب فهمه فالواجب علي كليهما الرجوع الي الثقة التي يسكن النفس الي قوله سواء كان الراوي حياً او ميتاً فان كان العارف البصير بالعربية يفسر الخبر و ينقله بالمعني و اللغة التي يعرفها المستبصر فقد نقلت الروات السابقون ايضاً اخبارهم بالمعني غاية الامر انهم نقلوه عن العربية الي العربية و هذا البصير الموجود ينقله الي عربية ان كان المستبصر عربياً و غير العربية ان كان عجمياً فكلاهما في الاخذ عن الثقة مشتركان بلاتفاوت و كما لايجب الفحص عن المعارض للمستبصرين المستفتين لايجب الفحص عن المعارض ايضاً علي المستنبطين من الكتب علي نهج واحد و شرع سواء و بذلك قد مرت الدهور و مضت القرون في عصر الائمة: و ما بعدهم الاّ ان شبهة دخلت علي بعض علمائنا فاوجبوا مااوجبته العامة العمياء و هذا النحو من الاجتهاد واجب علي جميع الناس فيجب علي العامي ان يجدّ و يجتهد في طلب دينه حتي يعرف ثقة يروي له الاحكام عن قطع و يقين سواء اخذ الراوي له عن راو آخر مثله او عن مستنبط من الكتب او كان مستنبطاً بنفسه و بالجمــلة يجب ان‏يعرف ثقة راوياً للاخبار و يأخذ عنه سواء كان حياً او ميتاً مستنبطاً او ناقلاً عن مستنبط بواسطة او وسائط و لافرق في شي‏ء من ذلك فان العالم هو الامام7 و هو حي و ساير الشيعة نقلة احكامه بعضهم الي بعض و الامام7 حي و هو الواسطة بين الحيين و يصح عدم جواز تقليد الميت و ان الميت لايكون واسطة الفيض بين حيين ولكن الامام7 حي و انما الميت ناقل عنهم حكمهم و لو لم‏يكن الاخذ عن الناقل الميت جايزاً لماكان العمل بهذه الاخبار التي رواتها ميتون جايزاً رأساً فانهم الناقلون للاخبار عن الائمة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 11 *»

: الي العلماء و العلماء يقلدونهم في رواياتهم الا تري انك اذا كنت فقيهاً تعمل برواية زرارة او محمد بن مسلم او غيرهما و هم ميتون كذلك ان اخذ عنهم غيرهم كحماد مثلاً و نقل لك ثم مات و هكذا الي ان‏يروي الرواية لك شيخك و قد مات فانت تعمل به كذلك ان مت يعمل بروايتك غيرك بلاتفاوت فان الفقيه ان كان ينقل معني الخبر بالمعني ففتواه خبر مفسر و رواية كساير الروايات و ان كان يقول عن رأيه و اجتهاده و لايقول هذا قول الصادق7 و قول رسول اللّه9 فلا اعتناء بقوله و انما نحن من موالي اولياء محمد و آل محمد: و لسنا متبعين لغيرهم ابداً.

 

بـــاب

التـــقليـــد

 

سؤال: سأل الملامحمد جعفر بن الحاج عبدالصاحب الكازروني الفارسي مولانا و عمادنا الكريم انار اللّه برهانه هل يجوز التقليد ام لا؟

جواب: ان اللّه سبحانه يقول اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و ان اللّه سبحانه لايأمر بطاعة احد مطلقاً الاّ ان‏يكون معصوماً لايحمل العباد علي خلاف رضاء اللّه قال علي7 في حديث انما الطاعة للّه و لرسوله و لولاة الامر و انما امر اللّه بطاعة الرسول لانه معصوم مطهر لايأمر بمعصية و انما امر بطاعة اولي الامر لانهم معصومون مطهرون لايأمرون بمعصية انتهي و ان اللّه سبحانه يقول لاتطع منهم آثماً او كفوراً فكل من هو آثم غير معصوم لايجوز طاعته فالطاعة و التقليد لآل محمد: حسب و العلماء رواة فتاويهم و احكامهم و لاشك في جواز

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 12 *»

اخذ العلم عن الروات اذا كانوا موثوقاً بهم غاية الامر ان الراوي اليوم يجهد جهده في ان يروي للناس ما علم صحة صدوره عنهم سلام اللّه عليهم و كذلك ينبغي و اما استنباطهم الحكم من مدلولات الاخبار و بيانهم مافهموه للناس فهو كالنقل بالمعني و ذلك جائز و اما ان قال قائل برأيه و اجتهاده و هواه من غير نص خاصّ او عام فذلك الذي لايجوز طاعته فان من اصغي الي ناطق فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن اللّه فقد عبد اللّه و ان كان الناطق ينطق عن لسان ابليس فقد عبد ابليس و اما اخذ الرواية و لو بالنقل بالمعني فلاشك في جوازه و التعويل عليه.

 

بـــاب

علامة الفقيه الذي يجوز الاخذ عنه

و كيف يعرفه العامي و الشروط اللازمة فيه

 

سؤال: سئل الشيخ الاوحد الامجد انار اللّه برهانه و اعلي اللّه مقامه ما علامة الفقيه الكامل و المجتهد الجامع الشرايط الترجيح و الفتوي و كيف يعرفه العامي؟

جواب: علامة ذلك حاله و مقاله و ذكره اما حاله فان يكون منتصباً للفتوي غير محترز عندها من حضور اهل العلم و الفضلاء و المجتهدين مع اقرارهم اياه علي ذلك و اذعانهم و اما مقاله فيعرف بما يكتب من تصنيفه و تأليفه و اختياره التام ان‏يبرهن علي المسألة التي فيها قولان مثل انفعال الماء القليل و عدمه فيبرهن علي انفعاله بما هو من نوع استدلال العلماء المجتهدين بحيث لايعيبه من خالفه فيها بما يقدح

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 13 *»

في نوع استدلاله ثم يبرهن علي عدم انفعاله كذلك بما لايعيبه من خالفه فيها بما يقدح في نوع استدلاله و اما ذكره فان يكون مشهوراً بين العلماء بذلك و العامي هو ما نقص عن هذه الرتبة فيعرفه بهذه الامور او باحدها علي اختلاف مراتبهم و بشهادة عدلين و بالشياع المعتبر هنا شرعاً و بالاخبار المتواترة المحفوفة بالقراين.

سؤال: سئل السيد الاوحد اعلي اللّه مقامه مايقول سيدنا في العالم و ما علامته بحيث تجوز معه الصلوة و يصحّ تقليده؟

جواب: اما الذي تجوز الصلوة معه فكل من معه حسن الظاهر و معروف عند محلته و قبيلته و طائفته بحسن الظاهر و انه يجتنب عن الكباير و لايصرّ علي الصغاير و لايحصل منه ما تخالف المروة فذلك الذي تجوز الصلوة معه و تقبل شهادته سواء كان عالماً ام لا و اما الذي يصح تقليده فيجب ان‏يكون عالماً جامعاً لشرايط الفتوي من معرفة العلوم التي يتوقف عليه الفقه و الفتوي و يكون عنده القوة القدسية و ان‏يكون متصفاً بصفات العلم و متخلقاً باخلاقه و آدابه و قد قال اميرالمؤمنين7 يا طالب العلم ان العلم ذو فضائل كثيرة فرأسه التواضع و عينه البراءة من الحسد و اذنه الفهم و لسانه الصدق و حفظه الفحص و قلبه حسن النية و عقله معرفة الاشياء و الامور و يده الرحمة و رجله زيارة العلماء و همته السلامة و حكمته الورع و مستقره النجاة و قائده العافية و مركبه الوفاء و سلاحه لين الكلمة و سيفه الرضا و قوسه المداراة و جيشه مجاورة العلماء و ماله الادب و ذخيرته اجتناب الذنوب و زاده المعروف و مأواه الموادعة و دليله الهدي و رفيقه محبة الاخيار انتهي فاذا رأيت هذه العلامات

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 14 *»

في العالم فاعلم انه نائب الامام7 اذا كان عالماً بجميع العلوم التي يتوقف عليه الدين فروعاً و اصولاً.

سؤال: و سأل الملامحمد بن الملاابراهيم النهبنداني مولانا و عمادنا الكريم انار اللّه برهانه بينوا ما الميزان لمعرفة الفقيه و الوارث لعلم الائمة الاطهار عليهم صلوات اللّه الملك الجبار في هذه الاعصار؟

جواب: العوام لايكادون يعرفون فقيهاً فانهم منحطون عن درجته و انما الواجب عليهم الرجوع الي اهل الخبرة كما هو شأن كل جاهل بشيء و اما اهل الخبرة فلايكادون يجهلون ذلك فان الصادق7 بين علامات من يجب القبول به فقال ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فاني قد جعلته عليكم حاكماً فاذا حكم بحكمنا فلم‏يقبل به فانما استخف بحكم اللّه و علينا رد الي ان سأل اختيارهما لحكمين و اختلافهما في الحديث قال الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و اورعهما الخبر فهذا الخبر اثبت لنا شروطاً:

الاول ان يكون مؤمناً اثناعشرياً لقوله7 من كان منكم فلايجوز الرجوع الي غير الشيعي كيف و هو الطاغوت المشاراليه في اول الخبر و المؤمن الاثني‏عشري من ليس دينه بتقليد الاباء و الامهات و السماع من اهل البلد و العشيرة بل من كان دينه مأخوذاً عن البرهان و الكتاب و السنة كما روي الكليني ايضاً في اول كتابه عن العالم7 من دخل في الايمان بعلم ثبت فيه و نفعه ايمانه و من دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه و قال7 من اخذ دينه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 15 *»

من كتاب اللّه و سنة نبيه صلوات اللّه عليه و آله زالت الجبال قبل ان‏يزول و قال7 من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال انتهي فلابد و ان‏يكون فقيهاً في اصول دينه عالماً به بالادلة القطعية من غير تقليد و دعوي انه ربما يكون علي يقين بدينه من غير تقليد و لابرهان فكلام يحتاج الي دليل.

و الثاني رواية الحديث لقوله7 ممن قد روي حديثنا فلو كان ممن لايرجع الحديث في علمه و لايرويه علي مطلبه و يقول بقول نفسه او بقول غيره ممن هو غيرهم من عالم آخر او جاهل فليس بفقيه و ليس بعالم و لايجوز الرجوع فالواجب ان‏يكون راوياً مايقوله عنهم لا رائياً فان الحكم للّه و لرسوله و لخلفائه: و لا حكم لغيرهم اياً كان.

و الثالث دراية الحديث لقوله7 و نظر في حلالنا و حرامنا فلرب حامل فقه و ليس بفقيه و يحتاج مع الرواية الي الدراية فينبغي له لاجل حصول هذا الشرط ان‏يفهم الحديث ففهم ظاهر الحديث اي الفاظه يحتاج الي علم العربية فلابد من ان‏يعلمه و فهم صحة صدوره و عدمها يحتاج الي علم الرجال و علم الدراية فلابد من ان‏يعلمها و فهم مداليله يحتاج الي علم الاصول فلابد من ان‏يعلمه و فهم طريق جمع مختلفاته يحتاج الي علم الكتاب و مواقع الاجماع و موارد التقية و لحنها فلابد و ان‏يعلمه و ربما يستعان في ذلك بالادلة العقلية فلابد و ان‏يكون له بصيرة و ضرس فيها فاذا جمع هذه العلوم امكنه الدراية ان كان له الشرط الرابع.

و الرابع النفس القدسية التي بها يتمكن من فهم الحق من الباطل و لحن آل محمد: لقوله و عرف احكامنا فلا كلّ من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 16 *»

مارس العلوم امكنه الفهم فانا نري الرجل يمارس الشعر و العروض و البديع عمراً و لايقدر علي وزن شعر واحد و يمارس العربية عمراً و لايفهم سطراً واحداً من القرآن او الحديث فان الفهم غير التعلم فان الببغا يتعلم الكلام ولكن لايفهم و كذلك ربما يمارس الاصول عمراً و لايقدر علي فهم مدلول حديث و لذا روي انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيهاً حتي يلحن له فيعرف اللحن و روي حديث تدريه خير من الف ترويه فالنفس القدسية الدراكة للمعاني و الحقايق و اللحن و المعاريض امر موهوبي و ليس في كلّ طالب علم و لا محصل.

و الخامس العدالة و الورع لما يفهم من قوله7 الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و اورعهما و ذلك ان الفاسق الجري لايؤمن علي اللّه و لايمكن الركون اليه و اضطرت النفوس علي عدم تصديقه علي اللّه و علي رسوله و علي اوليائه بل علي ساير الناس فلابد من ان‏يكون عادلاً مجتنباً عن الكباير غير مصر علي الصغاير مهتم (مهتما ظ) بدينه ساتر علي نفسه متعفف في امره زاهد في الدنيا راغب في الاخرة ورع عن القول بغير سند من اللّه و رسوله و اوليائه: صائن لنفسه حافظ لدينه مخالف لهواه مطيع لامر مولاه و اذا رأيتم العالم محباً للدنيا فاتهموه علي دينكم فان كلّ محبّ يحوط ما احبّ و حبّ الدنيا رأس كل خطيئة و اذا رأيتم العالم مراوداً ابواب السلاطين و الفسقة من غير تقية فلاتؤمنوا منه علي دينكم بالجمــلة اذا تحقق هذه الشروط في رجل عرف انه فقيه وارث لعلم الائمة: في الشأن الذي هو بصدده و ذلك لايخفي علي اهل الخبرة الجربين الممتحنين للناس فليرجع العامي اليهم بعد علمهم بانهم خالون عن الاغراض عارون عن الامراض

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 17 *»

لايكتمون الحق و يخافون ربهم من فوقهم و يفعلون ما يؤمرون.

سؤال: سأل الملامحمد جعفر بن الحاج عبدالصاحب الكازروني الفارسي ما حدّ الاجتهاد؟

جواب: حد الاجتهاد ان‏يكون الانسان عالماً بالعربية يقدر علي فهم المراد من الكلام عارفاً بلحن الكلام ثم يكون عالماً بعلم الاصول الذي عليه بناء فهم لفظه يومنا هذا علي ما ورد به الكتاب و السنة و قام عليه الاجماع و ساعده دليل العقل و يعرف ذلك عن بصيرة و علم يقين لا تقليداً للاصوليين او الاخباريين او استاده ثم ينظر في كتاب اللّه و يعرف الناسخ منه و المنسوخ بدلالة العترة سلام اللّه عليهم اجمعين و المحكم و المتشابه و العام و الخاص و جميع مايتوقف عليه فهم الكتاب حتي يختص بالمكلف ثم ينظر في السنة كذلك و يعرف لحنهما ثم يخلص في النظر فيهما من غير ميل و لا هوي ثم ينظر في كتب الاصحاب و يعرف المراد منها و يتتبع حتي يطلع علي مواقع الاجمال و الشهرة و الندرة و لابد مع ذلك كله ان‏يكون له مشعر التفقه فان مشعر التفقه شي‏ء خاص ليس في كل عالم و عاقل و متفقه كما انك تري الرجل عالماً عاقلاً حكيماً ذاسليقة مستقيمة و لايقدر علي وزن شعر واحد و كذلك ربّ رجل يعرف النحو و الصرف و الاصول و التفسير و يعرف الخبر و ليس له مشعر التفقه فيتكلف و يخرج اموراً عجيبة و يفرع احكاماً مستنكرة تأبي عنها نفوس الفقهاء و بذلك كثرت المناكير في الفقه حتي ان الرجل منهم يقول لايجوز صلوة الرجل في ارضه التي غصبت عليه لصدق الارض المغصوبة عليها و يفصّلون مااراد اللّه اجماله و يجملون مااراد اللّه تفصيله كالذي ليس له طبع الشعر فيقول اشعاراً لا وزن لها بوجه و يحسب انها موزونة فاذا بلغ هذا المبلغ فهو

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 18 *»

مجتهد هذا اذا اريد بالحد في السؤال الغاية التي اذا بلغها الانسان يقدر علي الاجتهاد و ان اريد بالحد تعريفه فهو استفراغ الوسع في استنباط الاحكام من الكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل علي مااشرنا اليه و لماكنت علي جناح السفر و كنت متبلبل البال لم‏اجد فرصة لاشرح تفصيل الحال و فيما ذكرنا كفاية لاهل الدراية و لاحول و لاقوة الاّ باللّه العلي العظيم و صلي اللّه علي محمد و آله الطيبين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.

سؤال: سأله الملامحمد علي بن محمد نبي ما حدّ الاجتهاد و كم علم من شروطها؟

جواب: اعلم ان القوم قد فصلوا في هذه المسائل و كفونا مؤنة البسط في ذلك و ان افرط واحد او قصر نبه عليه الآخر فنحن غير محتاجين الي البسط ان‏شاء اللّه فاكتفي بالميسور من القول اعلـم انه لاشك ان الاحكام من عند اللّه و عند رسوله و حججه: و هم بينوها بلغة العرب فالواجب اولاً معرفة لغة العرب ثم معرفة تكلمهم و محاوراتهم فيحتاج في ذلك الي معرفة الصرف و النحو او معاشرة الفصحاء زماناً طويلاً حتي يتعلم العربية فان كان له سليقة مستقيمة و الاّ فيحتاج الي تنبيهات علم البيان و المعاني ثم يحتاج الي علم الكلام و معرفة التوحيد و عدل اللّه سبحانه و امره و نهيه و بعثه الرسل و تشريعه الشرايع و نصب الحجج و كذا يحتاج الي علم السياسة جملاً و كيفية سلوك السلطان مع الرعية و تربيته لهم ثم يحتاج الي علم التفسير و معرفة الايات علي الظاهر ثم يحتاج الي معرفة علم الاصول و طريق الاستدلال بتفصيله ثم يحتاج الي علم الاخبار و تصحيحها بالرجال ثم يحتاج الي علم الدراية و تقسيم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 19 *»

الاخبار و الاثار ثم بعد ذلك كله و فوق ذلك كله ان‏يكون له قريحة الاجتهاد فلا كل من تحاول هذه العلوم و غيرها يقدر ان‏يجتهد و لاكل من تتبع اقوال الفقهاء و جمعها و كتبها و كتب الاخبار بعد جمع كتب الاخبار و بين و فصل يقدر ان‏يجتهد و ذلك انه قريحة كقريحة الشعر فلا كل من حصل علم البديع و علم العروض و الموازين يقدر علي ان‏ينظم شعراً و لو جاهد نفسه و كعلم الخط فلا كل من حصل مداداً و اقلاماً و قراطيس يقدر ان‏يجيد الخط و لربما يجتهد فيه خمسين سنة و لايقدر ان‏يجيد كلمة واحدة و هكذا لكل صنعة قريحة ان اوتي الانسان اياها يوم خلق يقدر و الاّ فلايقدر و كذلك الاجتهاد و مااكثر اشتباه الناس في المجتهدين و يزعمون كل ذي تصنيف و كتب و درس و اسم انه بلغ مبلغ الاجتهاد و بينه و بين الاجتهاد بعد المشرقين فلا كل من حاز الجمال بيوسف و هذه القريحة قد يعبر عنها بالنفس القدسية و هي من اعظم الشروط و اللّه المستعان.

سؤال: سأله الشيخ احمد بن شكر النجفي ما شرط الاجتهاد اللازم؟

جواب: اما شرط الاجتهاد علي ما هو المتعارف بين المشهور فمشهور معروف في كتبهم و اما شرط الاجتهاد علي ماكان عليه اصحابنا القدماء و المتأخرين المستقيمين ففي المستنبطين عن كتب اصحابنا الروات علم العربية اولاً صرفاً و نحواً و لغة حتي يكون كاحد من العرب الفصحاء لقول ابي‏عبداللّه7 تعلموا العربية فانها كلام اللّه الذي يكلم به خلقه ثم الانس باخبار اهل البيت و آثارهم حتي يعرف اللحن لقول الصادق7 لايكون الرجل منكم فقيهاً حتي يعرف معاريض كلامنا و قوله7 انتم افقه الناس اذا عرفتم معاني كلامنا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 20 *»

ثم الدراية و الفهم لقوله7 حديث تدريه خير من الف ترويه الي غير ذلك من الاخبار اذ رب حامل فقه و ليس بفقيه و رب حامل فقه الي من هو افقه منه فاذا حصل له هذه الثلث و سمع الخبر من ثقة و نظر فيه و عرف المراد فهو الفقيه و اما في العوام الذين قصروا عن هذه الثلث فطلب ثقة تسكن النفس اليه يقطع قطعاً عادياً بقوله و بخبره راو للخبر ناظر فيه عارف بالحكم فيسأله و يعمل بما فسّر له من اخبار اهل البيت: فهذا اجتهاده و ليس ذلك بتقليد فلو كان هذا تقليداً لكان المسئول ايضاً مقلداً لانه ايضاً يعمل بما روي له مفسراً او غير مفسر و ان كان يقول بغير رواية فلايجوز الاخذ عنه بوجه من الوجوه و ان ما ذكرت لك هو طريقة قد كانت عليه اصحابنا قديماً و حديثاً و هو مما قام عليه الاجماع القطعي و قد استقصينا الاخبار الدالة علي جميع ماذكر مفصلاً في فصل الخطاب واللّه الهادي للصواب.

 

بـــاب

ان ما جري من الاحكام من غير حكم الفقيه المعتبر هل تمضي او تفسد

 

سؤال: سئل الشيخ الاوحد انار اللّه برهانه هل يرافع عند الذي مابلغ رتبة الاجتهاد ام لا و هل يجوز له ان يحكم و يحلف و يقيم الحد ام لا و اذا جرت الاحكام بحكمه هل تمضي او تفسد بينوا وفقكم اللّه لما يحب و يرضي.

جواب: ان كان الترافع بقصد السعي في الصلح بحيث لايحل شيئاً الاّ برضا الخصمين و التحليف اذا اجراه بينهما انما هو في الحقيقة تعليم صورة القسم و هما المتحالفان في الحقيقة و يكون ذلك علي نحو التصادق و التراضي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 21 *»

فلايبعد الجواز و مع هذا فليس له ان‏يحكم لانه منصب الامام7 و ما خليفته القائم مقامه الاّ الفقيه المعتبر و اما اقامة الحدود فاذا كان عارفاً بحدود اللّه و لو بتقليد المجتهد او بالنظر في كتب الاصحاب جاز له ان‏يقيم الحد علي مملوكه و لايبعد جوازه له علي زوجته اذا كان متمكناً بل و ولده كذلك اذا كان الزوج و الاب جامعاً لشرائط الفتوي و التجنب فيهما طريق الاحتياط و اما ما حكم به من الاحكام فلاتمضي بل ينقض حكمه و يحتاج في تحليل ما حلل الي المصالحة و التراضي علي ما هو الاصح المشهور و مما نقل عن الشيخ حسين بن حسام; في بعض الحواشي انه قال للفقيه العدل الامامي و ان لم‏يجمع شرايط الاجتهاد الحكم بين الناس و يجب العمل بما يقوله من صحة و ابطال و كذا حكم البينة و اليمين و الزام الحق و عدمه في حال الغيبة.

سؤال: سأل ملامحمد القراجة داغي مولانا و عمادنا الكريم انار اللّه برهانه جناب خاتم المجتهدين جناب شيخ سلام اللّه عليه در آخر جواب سؤال از تقليد مي‏فرمايند كه شيخ حسين بن عصام در بعضي حواشي نوشته است كه حكم مقلد بصير به مطالب كتب فقهاء جايز است همين مطلق نوشته متوجه جرح و تعديل نشده است بيان كنيد كه شيخ حسين بن عصام كيست و اين قول در نزد شما اعتبار دارد يا ندارد و مراد از اجتهاد و تقليد حقيقةً چه چيز است؟

جواب: ان كان المراد بالشيخ هو شيخنا الامجد اعلي اللّه مقامه فلم‏يكن عندي هذا الجواب منه اعلي اللّه مقامه لانظر فيه مع ان عندي من رسائله كثيراً و تفحصت فيها و ان كان غير شيخنا اعلي اللّه مقامه فلااعرفه و اما الشيخ حسين بن عصام فكلما تفحصت في الرجال و ما عندي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 22 *»

من كتب فيها اسماء العلماء المتقدمين و المتأخرين لم‏اجد هذا العنوان و لااعرفه و لعله من بعض المعاصرين و لمايشتهر في العلماء حتي يدون حاله و علي اي حال يعرف عندنا الرجال بالمقال لا المقال بالرجال و قد سجل علي هذا القول الشيخ محمد حسن بن الشيخ باقر في جواهر الكلام و تبذخ به كل التبذخ مع اعترافه اولاً بعدم الخلاف في عدم جوازه و نقل الاجماع عليه ثم ادعي القطع علي الجواز و اما اعتبار هذا القول عندي و عدمه فاعلم ان الله جل و عز هو الذي خلق الخلق و لم‏يكن شيئاً مذكوراً و هو مالك الرقاب و وليها في كل باب لاشريك له و اليه الاياب و عليه الحساب له الحكم و اليه ترجعون فاللّه يقضي بالحق و الذين يدعون من دونه لايقضون بشيء ان اللّه هو السميع البصير فالقضاء في الخلق للّه جل و عز ثم نصب محمداً9و اقامه مقامه في الاداء اذ كان لاتدركه الابصار و لاتحويه خواطر الافكار و لاتمثله غوامض الظنون في الاسرار فقال انا انزلنا اليك الكتاب لتحكم بين الناس بما اريك اللّه و قال و لكل امة رسول فاذا جاء رسولهم قضي بينهم بالقسط و هم لايظلمون فظهر قضاء اللّه جل جلاله علي لسان الرسل سلام اللّه عليهم و علي لسان رسولنا محمد9 ثم قال ماكان لمؤمن و لا مؤمنة اذا قضي اللّه و رسوله امراً ان‏يكون لهم الخيرة من امرهم و من يعص اللّه و رسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً فنفي هذه الاية الاختيار عن كل احد بعد قضاء اللّه تعالي و رسوله9 ثم لماكان لابد لهذا المنصب العظيم الذي هو مقام الالوهية و الرسالة من حامل و مظهر في كل عصر فوض اللّه القضاء الي وصي رسوله و خليفته في ارضه و وصي وصيه الي يوم القيامة فقال اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و قال و لو ردوه الي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 23 *»

الرسول و الي اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ثم خاطب ولي الامر و قال و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤك و استغفروا اللّه و استغفر لهم الرسول لوجدوا اللّه تواباً رحيماً فلا و ربك لايؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً ثم خاطبهم فقال ان اللّه يأمركم ان‏تؤدوا الامانات الي اهلها و اذا حكمتم بين الناس ان‏تحكموا بالعدل فآل محمد: هم حكام اللّه و حملة احكامه بعد الرسول و قضاة اللّه بالحق و لذا روي العامة و الخاصة قوله9 علي اقضاكم فلهم القضاء لا لغيرهم و هم المعصومون المطهرون المؤدون عن اللّه المترجمون قضاء اللّه العالمون بكتاب اللّه لايجوز ذلك لغيرهم ابداً ابداً فانه لايؤمن عليه ان لايقضي بقضاء اللّه و يخطي مراد اللّه فلاجل ذلك اطلق و قال و اولي الامر منكم مع انه قال لاتطع منهم آثماً او كفوراً فغير المعصوم آثم و لا طاعة له و المعصوم هو المطاع فلاحكم الاّ للّه و لرسوله و لخلفائه صلوات اللّه عليهم فلاجل ذلك كتب علي7 الي شريح قد جلست مجلساً لايجلسه الاّ نبي او وصي نبي او شقي و هو مجلس القضاء بالاستقلال لا الحكاية و قال ابوعبداللّه7 اتقوا اللّه و الحكومة فانما الحكومة انما هي للامام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي او وصي نبي انتهي فاذا لاقضاء لغير آل‏محمد: و اما من يروي عنهم فليس بقاض مستقل و انما هو قاض بالرواية و الحكاية عن قضاء آل محمد: و جميع شيعتهم رواة عنهم كماقال ابوعبداللّه7 يغدو الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء انتهي فالمتعلمون من شيعتهم مختلفون فمنهم من يقدر

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 24 *»

علي استنباط الاحكام من احاديثهم و منهم اميون لايعلمون الكتاب الاّ اماني فلايقدرون علي استنباط الاحكام من الاثار المروية المنقولة الاّ ان‏يستفتوا الاولين فيفتوا لهم ما استنبطوه من احكام آل محمد: و ذلك بديهي فعلي هؤلاء ان‏يرجعوا الي من يثقون بعلمه و امانته كما قال الحجة7 اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه و قد نصبوا ذلك العالم باحاديثهم حاكماً في البلاد كما في الحنظلية المعروفة عن ابي‏عبداللّه7 قال ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فانه قد جعلته عليكم حاكماً فاذا حكم بحكمنا فلم‏يقبل منه فانما استخف بحكم اللّه و علينا ردّ و الرادّ علينا الراد علي اللّه و هو علي حدّ الشرك باللّه الخبر فتبين ان الذين يعلمون احكام آل‏محمد: و يستنبطونها بالنظر في احاديثهم هم حجج الامام و حكام الملك العلام بين الانام بالرواية لا بالاستقلال فليسوا ثالث ثلثة و انما هم مأذونون مأمورون بذلك و عن علي7 قال قال رسول اللّه9 اللّهم ارحم خلفائي ثلثاً قيل يا رسول اللّه و من خلفاؤك قال الذين يأتون بعدي يروون حديثي و سنتي فتبين ان الرواة لقضاياهم و حملة اخبارهم صلوات اللّه عليهم هم ايضاً ممن يجوز التعويل علي قضائهم و حكومتهم اذا حكموا بحكم آل‏محمد: و رووا في حكمهم حديثاً فهم خلفاء رسول اللّه9 و حكامه في رعيته و الردّ عليهم اذا كانوا ثقات عدولاً رد علي آل‏محمد: و ردّ علي رسول اللّه9 و رد علي اللّه و هو علي حد الشرك و الكفر باللّه كما سمعت و كما قال ابوعبداللّه7 في

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 25 *»

حديث اما اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلم‏يثق به فهو كافر و اما من لم‏يسمع ذلك فهو في عذر حتي يسمع ثم قال ابوعبداللّه7 يؤمن باللّه و يؤمن للمؤمنين انتهي و عن الحجة7 لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك في مايرويه عنا ثقاتنا و قد عرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم الي غير ذلك من الاخبار و اما الاخذون عنهم فان اخذوا عنهم علوم آل‏محمد: و احاديثهم فهم ايضاً بمنزلة الرواة فيما اخذوا عنهم و اولئك العلماء رواة لهم كما اخذوا عن غيرهم غاية الامر انهم قد نقلوا الاخبار بالمعني و ليس ببدع و اغلب اخبارنا الواصلة الينا نقل بالمعني فكما وصل الي العلماء النقل بالمعني هم ينقلون بالمعني لم‏يأخذ عنهم و الفرق بينهما ان العالم ينظر في الكتب و يري اخباراً عديدة منها صالحة للعمل و منها غير صالحة فيترك غير الصالحة و يروي الصالحة لمن يأخذ عنه و يثق به و الاخذ عنه ايضاً راوٍ عنده خبر صحيح العمل بلامعارض و ربما يكون له معارض اذا سمع من جماعة من العلماء فتاوي مختلفة و عليه بالترجيح او العمل بايهما شاء و اراد كما هو مذكور في محله فجميع الشيعة متعلمون عن آل‏محمد: مقلدون لهم و هم العلماء المعصومون الذين يجب الرجوع اليهم و الاخذ عنهم بلاواسطة او بواسطة و علي كل واسطة ان‏يروي مايصح عنده للعمل فالمحدثون من الشيعة يروون لمن دونهم و هم يروون لمن دونهم و هكذا نعم منهم اكثر حديثاً و اشد مراساً و منهم اقل حديثاً و اضعف مراساً و الجميع مقلدون لآل‏محمد: و الجميع متعلمون و العلم هو ماخرج من بيت آل‏محمد: و الحكم حكمهم و الامر امرهم و لافرق بينهم عندي الاّ بزيادة العلم و نقصانه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 26 *»

و كثرة الفهم للاخبار و قلته فعن الصادق7 اعرفوا منازل شيعتنا بقدر مايحسنون من رواياتهم عنا فانا لانعدّ الفقيه منهم فقيهاً حتي يكون محدَّثاً فقيل أو يكون المؤمن محدثاً قال مفهّماً و المفهم محدث و روي انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيهاً حتي يلحن له فيعرف اللحن انتهي و علي اي حال فاذا جاز الحكم لمن هو اكثر حديثاً جاز لمن هو اقل حديثاً كما روي في حديث ابي‏خديجة سالم بن مكرم الجمال عن ابي‏عبداللّه7 انظروا الي رجل منكم يعلم شيئاً من قضايانا فاجعلوه بينكم فاني قد جعلته قاضياً فتحاكموا و في رواية شيئاً من قضائنا و عن ابي‏بصير عن ابي‏عبداللّه7 قال في رجل كان بينه و بين اخ له مماراة في حق فدعاه الي رجل من اخوانه ليحكم بينه و بينه فابي الاّ ان‏يرافعه الي هؤلاء كان بمنزلة الذين قال اللّه عزوجل الم‏تر الي الذين يزعمون انهم آمنوا بماانزل اليك و ماانزل من قبلك يريدون ان‏يتحاكموا الي الطاغوت و قد امروا ان‏يكفروا به و عن الحلبي قال قلت لابي‏عبداللّه7ربما كان بين الرجلين من اصحابنا المنازعة في الشي‏ء فيتراضيان برجل منا فقال ليس هو ذاك انما هو الذي يجبر الناس علي حكمه بالسيف و السوط ولكن بقي شيئان الاول انه يجب ان‏يكون من يحكم بين الناس عالماً بالمسائل التي ترد عليه و القضايا التي ترفع اليه بجميع جهاتها و حيثياتها فان الاحكام تختلف بادني تغيير في الواقعة و بكلمة واحدة قدمت او اخرت و يكون عنده روح كل مسئلة حتي يعرف ان‏يديرها كيفما يدور السؤال و القضية و ذلك يحتاج الي كمال المهارة في الفقه و النباهة و معرفة روح كل مسألة لاتحصل الاّ بالتفقه الكثير فاني اري المستفتي ربما يتعلم ان هذا هكذا لكن يزعم ان هذا هكذا من هذا الحيث و ليس هو

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 27 *»

هكذا من ذلك الحيث بل من حيث اخر لايعرف الاّ بكمال التفقه و الممارسة الشديدة و الثاني ان‏يكون له نفس القضاوة و هو اعظم من العلم بالمسائل و لعمري ربّ فقيه بصير في الفقه ليس له عديل و ليس يجوز قضاؤه في صاع من شعير لانه ليس له تلك النفس و يحتاج القاضي الي عدالة نفس لايميل معها و لايحيف و لايستفزه الشهوة و الغضب و القرابة و الدولة و امثال ذلك فالتفقه سهل الحصول ولكن نفس القضاء قليل الوجود و ينبغي ان‏يكون عدالة القاضي فوق عدالة المفتي فلا كل مفت صالح للقضاوة و عدالة المفتي فوق عدالة الفقيه فلا كل فقيه صالح للفتوي و يجوز الاخذ عنه و من البين انه لايجوز القضاء الجاير و يجب ان‏يكون القضاء بالعدل و لايقدر علي العدل الاّ العالم العادل و لايقدر علي العلم الاّ من اخذ عن آل‏محمد7 و لايقدر علي العدالة الاّ نفس كاملة لاتميل الي جهة و هي قليل الوجود جداً فعن الصادق7 في حديث ان عوام اليهود كانوا قد عرفوا علماءهم بالكذب الصراح و اكل الحرام و الرشاء و تغيير الاحكام و اضطروا بقلوبهم الي ان من فعل ذلك فهو فاسق لايجوز ان‏يصدق علي اللّه و لا علي الوسايط بين الخلق و بين اللّه فلذلك ذمهم و كذلك عوامنا اذا عرفوا من علمائهم الفسق الظاهر و العصبية الشديدة و التكالب علي الدنيا و حرامها فمن قلد مثل هؤلاء فهو مثل اليهود الذين ذمهم اللّه بالتقليد لفسقة علمائهم فاما من كان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً علي هواه مطيعاً لامر مولاه فللعوام ان‏يقلدوه و ذلك لايكون الاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلهم فان من ركب من القبايح و الفواحش مراكب علماء العامة فلاتقبلوا منهم عنا شيئاً و لا كرامة الخبر فعندي ان القضاوة ليس شأن كل فقيه مجتهد فضلاً عن كل مقلد

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 28 *»

و من راجع الاخبار وجد ذلك بلاغبار و مع‏ذلك كله يحتاج الي نباهة و فهم للدعاوي و المعاملات و ذكاوة و معرفة بالخلق و توسم و تمييز للموضوعات و خبرة بالامور فانه مقام السلطنة و نظم البلاد و العباد و حفظ الثغور و اقامة المدن و ليس ذلك شغل كل حايك و نداف عجز عن الكسب فدخل مدرسة فقرأ حتي صار فقيهاً و بالقراءة لاتزكو نفس و لاتصير عادلة مستقيمة قوية نبيهة زكية واللّه المستعان و اما المراد بالاجتهاد و التقليد فالمراد بالاجتهاد عندهم استفراغ الوسع في تحصيل الظن بالحكم الشرعي هذا اذا اريد منه الفعل و ان اريد منه القوة فهو ملكة يقتدر بها علي استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الاصل فعلاً او قوة قريبة و علي قولهم ليس ما علم من الشرع بضرورة او تواتر و شياع او قرائن يحتاج الي اجتهاد فان الاجتهاد لتحصيل الظن و ذلك معلوم فعلي ذلك ان جاز العمل بالظن جاز الاجتهاد و الاّ لم‏يجز الاجتهاد الاّ علي المعني اللغوي فان المسائل الشرعية ليست من البديهيات الاولية الظاهرة في بادي النظر فلابد في تحصيل العلم بها من جد و جهد و سعي و لم‏يكن لفظ المجتهد معروفاً عند آل‏محمد: و لم‏يكن لفظ الاجتهاد مستعملاً بهذا المعني عندهم و لم‏يرد به خبر نعم كان مستعملاً بمعني الجد في العبادة و الطاعة و المستعمل عندهم الفقيه و انما هو من اصطلاحات العامة و لامشاحة في الاصطلاح اذا لم‏يثمر ثمراً و اما التقليد في اصطلاحهم هو الاخذ بلادليل ممن قام الدليل علي جواز الاخذ عنه فالاخذ عن النبي و الائمة: تقليد كما ان الاخذ عن المجتهد تقليد اذا قام الدليل علي جواز الاخذ عنه و قد ورد التقليد في الاخبار بهذا المعني كما قال ابوالحسن7 لمحمد بن عبيدة انتم اشدّ

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 29 *»

تقليداً ام المرجئة قال قلدنا و قلدوا فقال لم اسألك عن هذا فلم‏يكن عنده جواب اكثر من الجواب الاول فقال ابوالحسن7ان المرجئة نصبت رجلاً و لم‏تفرض طاعته و قلدوه و انكم نصبتم رجلاً و فرضتم طاعته ثم لم‏تقلدوه فهم اشد تقليداً منكم و في حديث عن الرضا7 اين التقليد الذي كنتم تقلدون جعفراً و اباجعفر الخبر و روي في اخذ القول بلادليل عن غيرهم دع الرأي و القياس و ماقال قوم في دين اللّه ليس له برهان الخبر.

 

بـــاب

حال العبادة من عمل بغير الاخذ عن الفقيه جهلاً بالحكم او تكاسلاً

او تكاهلاً مع علمه بوجوب الاخذ و كيف يأخذ عنه حتي يصح عمله

 

سؤال: سئل الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه و انار برهانه ان الرجل اذا لم‏يقلد الفقيه المجتهد في اكثر اوقات عمره اما من جهة الجهل بالحكم او من جهة التكاسل و التكاهل و بعد الانتباه و المعرفة ما حكمه بينوا علي التفصيل حكم الجاهل و المتكاسل وفقكم اللّه تعالي.

جواب: هذا الرجل اذا عمل برهة من الزمان غير مقلد للفقيه فان كان علم بوجوب التقليد علي غير المجتهد في جميع تكاليفه العملية فاعماله باطلة ان خالفت المعروف من المذهب بلاخلاف و ان وافقت فكذلك علي الاصح الاحوط و ان لم‏يعلم و اوقعها مخالفة لظاهر الشرع فهي باطلة و عليه الاعادة و ان كانت موافقة لظاهر الشرع فالمشهور ان عليه الاعادة و الذي يظهر لي و يقوي في نفسي انها مجزية لانه هو المعروف من آثار

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 30 *»

اهل العصمة: فانهم قد اثنوا علي من اصاب و ان لم‏يأخذ ذلك عن اجتهاد او تقليد فان الرجل يأتيهم: و يقول فعلت كذا فاذا وافق قالوا احسنت و اقروه و لم‏يأمروه بالاعادة و قد انزل اللّه تعالي في البراء بن معرور ان اللّه يحب التوابين و يحب المتطهرين لما استنجي بالماء و قال9 لعمار حين اراد التيمم و لم‏يعلم كيفية التيمم و تمعك تمعكت كما تتمعك الدابة و اعادة صلوة المسيء في صلاته و ان وقوع ذلك في زمن الائمة: كثير و لم‏يأمروا احداً بالاعادة او القضاء و لم‏ينقل عن احد منهم ذلك و قــال الشيخ الاوحد ايضاً انار اللّه برهانه في جواب ملافتحعلي خان بعد ما بين وجوب الاخذ من المجتهد الحي و الحاصل لمثل ما سمعت نقول بوجوب العمل بقول المجتهد الحي و ببطلان العمل بفتاوي الاموات علي من سمع بوجوب التقليد و اما من لم‏يسمع فكذلك عند الاكثر و اما عندي فالذي يرجحه نظري صحة عمل من لم‏يسمع بوجوب ذلك حتي يسمع.

سؤال: سأل بعض الديانين السيد الاوحد انار اللّه برهانه و اعلي اللّه مقامه الشخص كان اول بلوغه ذاهلاً عن انه يجب عليه اخذ مسائله اما بطريق التقليد او الاجتهاد و ان الناس صنفان مجتهد و مقلد و كان يعمل الاعمال علي حسب ما يسمع من الناس الي بلوغه اثنين و عشرين سنة فسمع بعد ذلك ان العمل يجب ان‏يكون بطريق الاجتهاد او التقليد ولكنه كان ذاهلاً و غافلاً عن انحصار الامر في ذلك الي بلوغه الي ستة و عشرين سنة ثم بعد ذلك لقي المجتهد و عرف الانحصار و اخذ منه كتاب فتواه و بني علي تقليده و عزم علي انه اذا احتاج الي مسألة من المسائل ينظر في([1]) كتابه و يعمل عليه و في هذه الصورة هل يجب عليه قضاء

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 31 *»

الاعمال التي اوقعها قبل التقليد ام لا و علي الاول يقضي كم سنة من سني عمره لانه الان قد بلغ الي اربعين سنة ثم هل يكفي اخذ الكتاب معه و النظر اليه مهما احتاج ام يجب عليه حفظ المسائل كلها لتصح عبادته و ساير اعماله ام لا؟

جواب: قال شيخنا و مولينا و استادنا اطال اللّه بقاه و جعلني في كل مكروه و محذور فداه ان الرجل اذا عمل برهة من الزمان غير مقلد للفقيه و ذكر السيد الاوحد عبارة الشيخ الاجل الاوحد انار اللّه برهانه علي ما مرّ في صدر الباب ثم قال السيد الاوحد اعلي اللّه مقامه و هذه المسألة و ان اختلفت فيها العلماء و صارت معركة للآراء الاّ ان ماذكره اطال اللّه بقاه هو المختار المنصور و تفصيل المقال في هذه الاحوال يؤدي الي الاطناب و لايسعني الان بيانه فاقتصرت بالاشارة و علي هذا في المثال المفروض يجب علي الرجل قضاء الصلوة و الصيام و ساير الاعمال مما بين البلوغ الي حدود ستة و عشرين ان لم‏توافق ما هو المعروف المشهور من المذهب في الفرقة المحقة لانه الي حدود اثنين و عشرين و ان تنبه لكنه لم‏يتنبه الي انحصار الامر واللّه سبحانه لايؤاخذ الاّ بعد البيان و علي اللّه قصد السبيل ثم ان علينا بيانه فيكون حكمه حكم من لم‏يسمع و اما الذي سمع و علم الانحصار و علم فقره و حاجته في المسائل الي غيره و مع‏ذلك تكاهل فهو كالمعاند فعليه القضاء وافق ام خالف لانه قد اتي البيت من غير بابه و عمل العمل و هو غير موقن بصحته و غير عالم بانه ممتثل اذ لم‏يأخذ عمن يعتقد انه يجب الاخذ عنه فلايدري حين يفعل ان مايفعل صحيح ام فاسد حق ام باطل فهو حين العمل غير معتقد ببرائة الذمة و الامتثال فتقع اعماله كلها باطلة بخلاف الغافل المحض فانه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 32 *»

حين العمل مطمئن القلب ساكن الخاطر عالم بانه ممتثل امر اللّه و عامل بقول اللّه فان كان موافقاً تم ركنا عمله فصح و ان كان مخالفاً انهدم احد ركنيه لان صحة العمل منوطة بموافقة مراد الشارع و طمأنينة القلب انه من اللّه سبحانه و انه عامل بقوله و ماش بحكمه فمن نظر في الاخبار و جاس خلال تلك الديار وجد ان طمأنينة القلب و سكون الخاطر في الاعمال و العبادات من اعظم المهمات و عناية الشارع عليها اكثر و اشد من غيرها كما في الحديث المشق (المشهور ظ) و غيره و ليس لي الان اقبال تفصيل هذه الاحوال فاذا بطل احد الركعتين(الركنين ظ) لايقوم العمل وحده فيفسد لعدم حصول القابلية فانه له مادة و صورة مادته امر اللّه و صورته قبوله بسكون القلب و اطمينان الخاطر فعند فقدان احدهما يفقد الشي‏ء فافهم و قولكم و هل يكفي اخذ الكتاب جوابه انه يكفي ذلك لان المراد معرفة المسائل مهما احتاج اليها غير المسائل الضرورية التي لابد منها في كيفية صورة العمل و اما غيرها من المسائل التي ترد احياناً فلايجب استحضارها جميعاً لان الملة الحنيفية السهلة السمحاء تابي عن ذلك و كذا قوله تعالي يريد اللّه بكم اليسر و لايريد بكم العسر و ماجعل عليكم في الدين من حرج مع ان سيرة المسلمين جرت علي خلاف ذلك و لااظن احداً من المجتهدين قد استحضر جميع المسائل كلها في خاطره فضلاً عن المقلدين فضلاً عن اهل هذا الزمان لغلبة تفرق حواسهم و كثرة شئوناتهم و تكليف ذلك عليهم لاشك انه عسر شديد و حرج بعيد.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 33 *»

بـــاب

العدول عما عزم فيه التقليد لمن يقلده الي آخر

 

سؤال: سأل الشيخ علي بن ملامحمد المشتهر بالعريض الشيخ الاوحد انار اللّه برهانه هل يتحقق التقليد للمجتهد باخذ بعض المسائل مع العزم علي الاخذ بالجميع عنه ام لا بحيث لو اراد العدول الي غيره فيما عزم علي الاخذ به عنه علي مذهب من لم‏يجوز العدول لم‏يجز له؟

جواب: الظاهر ان التقليد يتحقق بذلك و الاّ لم‏يتحقق في صورة الاستحالة اخذ ما عزم عليه كله بالفعل الاّ ان‏يكون بالتدريج فيما يحتاج اليه غالباً و يتحقق عدم العدول عنه بذلك عند من لم‏يجوز العدول عما قلد فيه و عندي يجوز العدول عنه عما قلد فيه و عمل به او عزم علي الاخذ به و العمل به اذا كان عمل بشيء منها و لو لم‏يعمل بشيء منه اصلاً لم‏يجز العدول عنه عندي لاستلزامه الرد عليه.

 

بـــاب

التجزي في التقليد

و التقليد في المسألة الواحدة اكثر من مجتهد واحد

 

سؤال: سئل الشيخ الاوحد انار اللّه برهانه يجوز التجزي في التقليد و يجوز ان‏يقلد في المسألة الواحدة اكثر من مجتهد واحد ام لا؟

جواب: قد اختلف العلماء في هذه المسألة اختلافاً كثيراً فقيل اذا تبع المقلد المجتهد في حكم حادثة مخصوصة و عمل بقوله فيها لم‏يجز له

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 34 *»

الرجوع عنه في ذلك الحكم الي غيره من العلماء اجماعاً و قيل يجوز له العدول عنه في مساويه لا فيه نفسه و قيل اذا قلده في حكم ما و عمل به لم‏يجز له الرجوع عنه الي غيره في جميع الاحكام و قيل اذا بني امره علي تقليده لم‏يجز له الرجوع عنه الي مجتهد غيره في جميع الاحكام و ان لم‏يعمل بشيء من فتواه قيل يجوز له الرجوع عنه الي غيره في جميع الاحكام و ظاهر هؤلاء ان المقلد و ان بني امره علي تقليده يجوز له الرجوع عنه مطلقاً اي عمل بشيء من تقليده ام لم‏يعمل و الذي يقوي في نفسي هو الشق الاول من هذا القول الاخير يعني انه اذا عمل بشيء من حكمه جاز له الرجوع عنه لان المانع من الرجوع انما يستدل بان الرجوع مستلزم للرد عليه من رواية عمر بن حنظلة في قول الصادق7 فاذا حكم بحكم فلم‏يقبل منه فانما استخف بحكم اللّه و علينا رد و الراد علينا الراد علي اللّه و هو علي حد الشرك باللّه و معلوم انه لو فوض استلزامه الرد فانما يكون اذا بني امره علي تقليده ثم قلده و افتي له بحكم فلم‏يقبله و اما اذا قبله و عمل به في واقعة ثم عدل الي مفت آخر لم‏يستلزم العدول الرد عليه لانه لم‏يرد ما حكم به بل عمل به و اما عدوله الي غيره فهو استفتاء جديد ابتدائي و هو جائز كما جاز عدوله اليه اولاً بلا فرق فان الفقيه الثاني لو كان اولاً جاز و لو كان منفرداً جاز فيجوز ثانياً استصحاباً لبقاء التخيير بينهما فانه قبل استفتاء الاول مخير بينهما و بناء امره علي تقليد الاول و استفتائه لم‏يقطع بكونه رافعاً للتخيير السابق ثبوته لان الاصل ثبوته حتي يعلم الرافع و احتمال كون تقليد الغير رافعاً مرجوح لايقاوم اصل ثبوت التخيير علي انه من جملة فتاوي الاول لانه يجوز تقليد غيره بقول مطلق يعني مع عدم ملاحظة عروض سبق التقليد فلو حكم مع

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 35 *»

الملاحظة بالمنع من الثاني و قد اجاز قبل الملاحظة فليس لنقص لحق الثاني لذاته بالنسبة الي نفسه و لا بالنسبة الي عدول المقلد اليه و انما هو لتوهم كون العدول عن الاول ردا لحكمه و قد اشرنا الي انه اعم من الرد فلايدل عليه كما ذكرنا نحوه في جواز تقليد المفضول فراجع و لما ذكر الشيخ علي بن عبدالعالي الكركي رحمه اللّه عليه هذه المسألة في رسالته الجعفرية بعنوان الجواز علي جهة النص صرح شراحها مثل الشيخ جواد و الشيخ ابي‏طالب و الشيخ يحيي بن عشيرة البحراني من تلامذة المصنف و الشيخ محمد بن الحارث كذلك بالجواز غير معتنين بنقل الخلاف و كذلك الشهيد الثاني في شرح الالفية و ليس الاّ لعدم توقف احد منهم في ذلك لظهور ذلك في المذهب حتي انك لاتكاد تجد فيها فيما بين اكثرهم في العمل خلافاً و ان وجدته في القول حال الاحتجاج و البحث فافهم اقــول و لمولانا الكريم اعلي اللّه مقامه كلام في تبعيض التقليد مذكور في باب التقليد الميت.

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه ايضاً الحاج عباس البهبهاني الاصل المجاور لبلد الحسين7 يا مولانا ان كنت في مكان مايمكن اخذ بعض المسائل منكم هل يجوز لنا ان‏نأخذ من الشخص الذي يقصر علي الكتاب و السنة؟

جواب: ان كان عدلاً من اهل الاستنباط فنعم و الاّ فلا قال ابوعبداللّه7 في حديث ينظران من كان منكم ممن قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكماً فاني قد جعلته عليكم حاكماً الحديث فلابد و ان‏يكون من يؤخذ عنه شيعياً عدلاً راوياً ناظراً متدبراً في الحلال و الحرام عارفاً بالاحكام و هو الحكم من عند ائمة الانام:.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 36 *»

بـــاب

انه هل يجوز للمقلد تقليد عالمين مختلفين في الفتوي

في حكم مسألة واحدة ام لا؟

 

سؤال: سأل ملامحمد علي بن محمد نبي الدواني مولانا الكريم اعلي اللّه مقامه هل يجوز للمقلد ان‏يقلد عالمين مختلفين في الفتوي في حكم مسألة واحدة ام لا؟

جواب: ان كان هذا يقول عن اللّه و هذا يقول عن اللّه و لايخالف احدهما الضرورة و الكتاب و السنة و لايوافق العامة فبايهما اخذ من باب التسليم وسعه و له ان‏يأخذ اليوم بواحد من باب التسليم لرسول اللّه و اوصيائه: و غدا بواحد و لاحرج و لادليل للمانع الاّ ادلة سموها عقلية و لاتتبع.

 

بـــاب

تقليد الفاضل و المفضول

 

قـــال: الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه في رسالته المشهورة بذو رأسين اذا كانا مجتهدين و تعارضا في حكمهما بالنسبة الي انفسهما او بالنسبة الي المستفتي لهما مثلاً فكان سائل عن ماء قليل اصابته نجاسة و لم‏يكن غيره الاّ التراب فحكم احدهما بالانفعال و وجوب التيمم و الاخر بعدم الانفعال و وجوب الطهارة به فان كانا متساويين في العلم و العدالة و الزهد عند المقلد بسبب الشهرة تخير المقلد و مع اختلافهما

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 37 *»

في الافضلية او الاعدلية و الازهدية فان قلنا بتعين الافضل و عدم جواز تقليد المفضول فلاكلام و الاّ فلااقل من استحباب تخير الافضل و الامر في هذه المسألة علي ما افهم لاتشديد فيه فان من نظر الي ما جرت عليه الفرقة المحقة في الاعصار المتقدمة بل الي عصرنا هذا من عدم انحصار التقليد في جانب الافضل بل لاتكاد تجد تعين الافضل في الاستفتاء الاّ في الالسن و الكتب و اما في العمل فلا و هذا من غير نكير بينهم مع حصول الظن من المجتهدين و المقلدين بوجود الافضل في كل بلد و فيهم العلماء الاتقياء و لم‏ينه احد منهم مقلد الاحد و ذلك امارة الجواز علي ان بعض العلماء انكر معرفة ذلك غالباً لاسيما بين العلماء المشتهرين بل صرح بعضهم بانه قد يكون الامر علي خلاف الظن و الشهرة و لو قيل ان الاعتبار([2]) بالظن لا بالواقع قيل له كذلك ولكنهم يختلفون‌خ في الافضلية في علمين معتبرين في الاجتهاد و لايكادون يتساوون في كل ما يتوقف عليه الاجتهاد فان قيل قد نقل الاجماع علي ذلك كثير من العلماء و القائل بجواز ذلك قليل قلنا الاجماع فيه ان المخالف غيرمعلوم بعينه و هو ينقض الاجماع علي ان الاجماع المنقول يحتمل ان‏يكون الاجماع اجماعاً محصلاً خاصاً و المحصل اذا لم‏يكن عاماً لاتكون حجيته عامة بل للمحصل خاصة بكسر الصاد و اذا قام الاحتمال بطل الاستدلال و علي تقدير حصول الاجماع المحصل العام في الزمان السالف قد قررنا انه يجوز تعاكسه لاسباب اشرنا الي بعضها في رسالتنا الموضوعة في الاجماع علي جهة الاشارة ما لم‏يتقارن اتفاق جميع الفرقة المحقة مع امامهم7 و حصول ذلك متعذر في غير ضروري المذهب فان قيل انك لاتشترط في الصحة ذلك بل تكتفي في صحة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 38 *»

بوجود عامل بالحكم الواقعي بواحد مع امام العصر7 و اذا نظرت الي هذا الذي قررت وجدته لايخلو زمان منه فان في كل عصر علماء لابد فيهم اعلم او اعدل و له مقلدون فيهم موافقون لما قرر العلماء فكيتكذا([3]) قلت اما العمل فلا قلت انا لانمنع الافضلية و الاستحباب و انما الكلام في التعين فانه من البعيد بل الممتنع ان‏يكون التعين مطابقاً للواقع و اكثر الفرقة المحقة في العمل علي خلافه في كل زمان نعم يكون في بعض الاوقات اما انه عام يستمر([4]) ابداً فلا الخ كلامه انار اللّه برهانه.

سؤال: و سئل اعلي اللّه مقامه و انار برهانه يجوز تقليد المجتهد المفضول مع وجود الفاضل ام لا و ان عرفناها منكم لكن نحب ان‏نعرف الدليل القاطع وفقكم اللّه؟

جواب: اعلم ان الفاضل الذي يرجح المشهور قوله علي قول المفضول قد تشكل معرفته و ذلك لان المجتهد عندهم من كان عالماً بالعلوم التي يتوقف عليها الاستنباط و انت اذا نظرت الي ما يحتاج اليه في كل شي‏ء وجدته كل علم و ان كان في اغلب المسائل قد تكفي فيه ما اشار اليه العلماء رضوان اللّه عليهم من نحو العلوم الخمسة عشر كما ذكروه و ما يقرب منها في الزيادة و النقيصة الاّ اني اظهر جنابك علي سر في هذه المسألة و هو ان هذا العالم قد يوصله الحال و الامر الي التردد و التوقف و ليس ذلك لان المسألة كان حكم اللّه في الواقع فيها متردداً او متوقفاً بل حكم اللّه فيها بات و ذلك الحكم البات لايجوز في الحكمة و في دليل العقل ان‏يكون ليس له دليل يدل بالقطع علي الحكم القطعي بل لابد له من دليل يدل بالقطع علي الحكم القطعي سواء كان

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 39 *»

هو الحكم الوجودي المتحد ام الحكم التشريعي المتعدد و لابد ان‏يكون ذلك موجوداً في آثارهم: او في مدلولاتها و ذلك مع الدليل العقلي هو من قوله تعالي اليوم اكملت لكم دينكم فاذا ثبت ذلك فتوقف الفقيه و تردده اما لعدم اطلاعه عليه من عدم بذل جهده في التفتيش او من التساهل او لاقتصاره علي ما وجد سابقا و لم‌يجدد التفتيش و البحث و اما لعدم معرفته به لانه ربما وقف عليه و لم‏يره دليلاً او يصلح للاستدلال به و ربما لم‏يقف عليه فيتوقف في الحكم لعدم حصول مرجح له فيما حصل له فيه التعارض او يتردد لاختلاف لموازنة عليه و المعادلة في الترجيح و كل ذلك و امثاله انما هو لنقص آلات استدلاله اذ قد يكون ما به الترجيح ليس في الخمسة عشر او فيها و لم‏يعرفه ثم هذه الخمسة عشر العلم لايكون شي‏ء منها تاماً له حتي يجتهد في كل مسألة من مسائله التي يحتاج اليها و لو بالتدريج و عند وقت الحاجة فلو اقتصر ما اشتهر فيها او مال طبعه اليه او انس به في ابتداء طلبه او علي ما وافق قاعدة عنده في ذلك لم‏يكن في الحقيقة بها عالماً و لم‏تكن تلك المسألة من ادلته لجواز بطلان الشهرة و اعوجاج الطبع بغير خلقة الفطرة و احتمال كون سبب الانس به غرضاً غير ما هو علم و احتمال فساد القاعدة او خروج هذا الفرد عنها باسباب او موانع حالية او خارجية و مع هذا كله لم‏تسمع بان احدا اشترط في الاجتهاد كل العلوم الممكنة لطالب العلم مع انا نجد كثيراً من المسائل يتوقف تحقيقها علي العلم الطبيعي مثلاً مثل معرفة الاستحالات و الانقلابات في النجاسات و الانتقالات و التصعيدات في مثل البخار من النجس و الدخان و الورد النجس اذا صعد و امثال ذلك و لهذا وقع الاختلاف في كثير منها و لايكفي العرف و الاطلاق و التسمية لمريد معرفة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 40 *»

حقيقتها التي يتوقف عليها الحكم لان الرجوع الي العرف ليس مطلقاً في كل شي‏ء و الاّ لاغني عن معرفة العموم و الخصوص و النسخ و الاجمال و التبيين و ما اشبهها فكما لايغني العرف عن هذه كذلك لايغني عن معرفة ذلك و بيان هذه الامور يحتاج الي تطويل ليس لي وقت له فالعارف يكتفي بالاشارة فاذا عرفت ما اشرنا اليه ظهر لك ان معرفة الفاضل مشكلة في الواقع و اما ظهورها في الظاهر فهو مبني علي الشهرة و علي بادي الرأي ليس علي الاطلاع الحقيقي و ذلك لانك لو استبطنت كثيراً من العلماء وجدت زيداً افضل من عمرو ببعض مسائل النحو و بالعكس في البعض الاخر و في ساير العلوم كذلك بل لو جمعت علماء الوقت في كل وقت و استخبرت احوالهم رأيتهم مختلفين في الفضل في علم واحد بل في مسألة واحدة مثلاً مبحث الامر في علم الاصول كله مما يحتاج اليه المجتهدون فمنهم افضل في كونه للوجوب او للندب او غير ذلك و مفضول في دلالته علي الفور و عدمه و آخر افضل منها في دلالته علي التكرار و عدمه و آخر بالعكس و اذا نظرت اليهم في ما استوضحوا من المسائل رأيت شخصاً افضل في الطهارة او في مسألة منها باعتبار دليلها او فروعها و آخر في الصلوة فاضلاً او مفضولاً او بالعكس و الحاصل الفاضل في تحصيل الدليل و في تحصيل المدلول و في كيفية الاستعمال و في التحفظ و الاحتراز و الاحتياط و بذل الجهد و امثال ذلك مما يكون منشئاً للفضل معرفته علي الحقيقة في غير المعصوم7 او من غير المعصوم لاتكاد توجد و في الواقع ان معرفته بالاستبطان علي الحقيقة هي منشأ الترجيح لا مطلق الشهرة او في شي‏ء خاص ولكن الجواب مبني علي فرض حصول المعرفة بالفاضل و المفضول في ما فيه ترجيح المقلد

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 41 *»

فنقول المفروض ان المجتهدين كل واحد منهما مطلق لا اشكال في صحة اجتهاده و لاتوقف لاحد فيه لاستجماعه للشرايط المعتبرة في صحة الاستفتاء و الحكم و المشهور وجوب الرجوع الي الفاضل لان المقلد قد يحصل له الظن بالحكم و انما وجب عليه الرجوع الي الفقيه لترجيح ظن الفقيه علي ظنه عند نفسه و رجوعه الي الفاضل طريق الي قوة ظنه و ترجيحه علي ظنه في رجوعه الي المفضول فكان تعين ظنه القوي جارياً مجري تعين قوي ظن المجتهد علي ضعيفه و لقوله أ فمن يهدي الي الحق احق ان‏يتبع و للاتفاق علي صحة تقليد الفاضل و لقول الصادق7 في مقبولة عمر بن حنظلة الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و قوله7 في رواية داود بن الحصين فقال ينظر الي افقههما و اعلمهما باحاديثنا و اورعهما فينفذ حكمه و لايلتفت الي الاخر و قال آخرون لايجب بل يجوز له الرجوع الي من شاء لان المعروف من عامة الناس من المكلفين عدم اعتبار ذلك بل يأخذون عن كل من عرف بذلك المقام من غير اعتبار الفاضل من المفضول و العلماء في كل عصر مع اطلاعهم و مشاهدتهم لذلك لم‏ينكروا علي المقلدين بل المعروف من طريقة اصحاب الائمة: ذلك و كذلك الائمة: و لايقال ان سكوت العلماء اعم من الاقرار علي ذلك لانا نقول انهم كانوا ينهون عن تقليد من ليس بعالم و من ليس بعدل و هو دليل رضاهم و اقرارهم علي ذلك و الذي يقوي في نفسي الثاني لانه هو المعروف من طريقة هذه الفرقة المحقة في ساير الاعصار خصوصاً في زمان ائمتهم: لانهم يأمرون عامة شيعتهم بالرجوع الي علمائهم من غير استفصال و لا بيان حال بل كل من عرفوا منه العلم و الصلاح احالوا عوام شيعتهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 42 *»

علي اخذ معالم دينهم منه مثل جواب الكاظم7 لعلي بن سويد فيما كتب اليه و اما ما ذكرت يا علي  ممن تأخذ معالم دينك فلاتأخذن معالم دينك من غير شيعتنا الحديث و مثل ما في التوقيع عن الحجة7 و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه عليهم هـ و المراد بهم العلماء الذين يحكمون بدينهم و يأخذون عنهم لا مطلق الرواة كما هو ظاهر لانهم: كثيراً ما يأمرون الذين سقط اليهم من علومهم ان‏ينتصبوا للافتاء لعوام اتباعهم كقول الباقر7 لأبان بن تغلب اجلس في مسجد المدينة و افت الناس فاني احب ان اري في شيعتي مثلك و امر الصادق7 لمعاذ الهرا بالجلوس في المسجد للافتاء و لم‏يعين الرجوع الي الافضل و قد كان كثير من الاصحاب ممن انتصب للافتاء بامرهم: مثل يونس بن عبدالرحمن و محمد بن مسلم و الحارث بن المغيرة و زكرياء ابن آدم و ابي‏بصير و زرارة بن اعين و صفوان بن يحيي و المفضل بن عمر و علي بن حديد و عبداللّه بن جندب و منصور بن حازم و نوح بن شعيب و عبداللّه بن ابي‏يعفور و حمران بن اعين و حريز بن عبداللّه و الريان بن صلت و غيرهم مجتمعين و متفرقين مع ما بينهم من التفاوت المقطوع به مثل زرارة و اخيه حمران و لم‏يتعين زرارة مع انه افقه و اعلم و اوثق و من تتبع احوال الائمة: مع اصحابهم لم‏يتوقف في الجواز و تعدد القضاة في بلد واحد يشعر بالجواز و هو كثير الوقوع في اغلب الازمان او كلها و ما ذكره الاولون لاينهض بالحجية اما قوة الظن مع الفاضل فيجري مجري حكم ظني المجتهد فممنوع لان ظن المجتهد المرجوح غير معتبر في نفسه لعدم ركون نفس الظان اليه قبل حصول

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 43 *»

الارجح بالنسبة الي مرجحاته لكونها خارجية لا ذاتية فتناولها له ليس علي جهة التعيين لتتمحض راجحيته بل قد تتناول مقابلة الارجح لاشتراكهما في اقتضاء مطلق الراجحية و اختصاص الارجح باقربيته الي الحقيقة فتتوجه اليه مرجحاته و مرجحات مقابله الراجح و ذلك مقتضي اصل الكون في الحكمة الالهية لان الارجح في نفس الامر اقرب الي الحقيقة و الاقرب الي الحقيقة تطلبه المرجحات لذاتها فتكون بنفس دلالاتها و مفاهيمها مانعة لاطمينان نفس المستوضح للحكم بغير الارجح حتي انه ربما اذا عرض للفقيه رجحان طرف من النسبة لبعض المرجحات و الطرف الاخر ارجح منه لاتكون هذه المرجحات عند نفسه مرجحات و لاتسكن النفس الاّ علي الطرف الراجح فاذا وجده سكنت نفسه و انصبت المرجحات عليه حتي مرجحات الطرف المخالف له و ذلك لانهما في مرآت واحدة و هو نفس الفقيه بخلاف الفقيهين الفاضل و المفضول لان كل واحد منهما مرآة للحكم الواقعي علي الاستقلال فلايكون تعارض الظنين فيهما من المقلد كتعارض ظني المجتهد لما قلنا فان قلت ان الظنين فيهما حصلا في نفس المقلد فيجري فيه ما يجري في ظني المجتهد قلت ان ظني المجتهد يعتوران علي طرفي النسبة و كل منهما موهوم التحقق او محتمل لذلك في نفسه و انما يتحقق الراجح بعد حصول المرجحات و تناول الفقيه للراجح انما هو بعد تحقق الحكم بالمرجحات و تعين الاخذ تابع للتحقق و تعارض ظني المجتهد انما هو في التحقق بخلاف ظني المقلد فانهما في تعين الاخذ لا غير لان الحكمين الذين عند الفاضل و المفضول هما المتحققان من كل طرفي نسبة فترجيح المقلد ليس لتحقق الحكم بل لتعين الاخذ و ليس كونه حكم اللّه في حقه تحقيقاً للحكم في نفسه ليكون

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 44 *»

ظنه به في الفاضل اقوي من ظنه به في المفضول و ليس ظنا المقلد كظني المجتهد و لان ظني المقلد بين متحققين و ظنا المجتهد بين موهومين و انما نظيره لو طلب المجتهد الترجيح بين خصال الكفارة في براءة الذمة لا في الفضيلة فان الحاصل له من اجتهاده انهما سواء فيرجع الي الفضيلة و ليس هو المدعي و لا الباعث علي الترجيح كذلك هنا و اما الاستدلال بالاية ففيه ان المراد منها ان من يهدي الي الحق احق بالاتباع ممن يهدي الي الباطل لا الي حق مثل الاول كما هو المفروض في الفقيهين فان كلاً منهما يهدي الي الحق علي الانفراد بلااشكال فلايكون الاخر عند منظورية الثاني يهدي الي الباطل و الاّ لجري في حقه ذلك فيقلد الفاضل و هذا المفضول تام المقصد فاذا نسب عند المقلد الي كامل المقصد لايكون التام ناقصاً لانه ليس ناقصاً و الزيادة المنظورة في الفاضل من المكملات لا من المتممات ليكون بفقدها المفضول ناقصاً بخلاف المقصود من الاية فان المقصود منها ان المأمور باتباعه لايهدي الاّ الي الحق و المنهي عن اتباعه لايهدي الاّ الي الباطل فلو فرض انه يهدي في بعض احواله الي الحق كان النهي عنه لانه يهدي في البعض الاخر الي الباطل فالنهي لهذه الجهة لا مطلقاً و الاّ لتناول نهي ما عن الحق و هو باطل فالاستدلال بالاية علي المطلب المذكور لايجدي نفعاً و لا دلالة فيه فافـهم و الاستدلال بالحديثين المذكورين و غيرهما فيه ما ذكر في الاية الشريفة فان الاصدق لايراد من خلافه الصادق كما هو المدعي بل يراد من خلافه من ليس بصادق عند المستفتي و لو احتمالاً و المدعي ان المراد من خلافه الصادق اصدق و دعوي ان ذلك هو المعروف من اسم التفضيل يعارضها ذكره7 الاعدل و الاورع

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 45 *»

فان اعتباره7 لهما في الترجيح دليل علي عدم ارادة ما اراد الاولون من الافضلية فانهم يريدون زيادة العلم و اما الترجيح بهما مع التساوي في العلم او مع الاختلاف بهما او بالعلم علي قول فهو خارج عما نحن فيه لان مناط ذلك واللّه العالم اطمينان المقلد عن الاضطراب بقرينة قوله7 في رواية زرارة و اوثقهما في نفسك و ملاحظة هذا المعني ربما توجب ترجيح المفضول علي الفاضل من جهة زيادة دينه و صلاحه علي الفاضل كما قيل لان هذا غير ما نحن فيه لان كلامنا فيما لو كان احدهما اعلم لاستفادة الحكم من العلم لا من غيره نعم لو تساويا في العلم و تفاضلا في الدين رجح الاولون الادين علي جهة التعين و لو كان احدهما اعلم و الاخر ادين تعين عندهم ايضاً الاعلم و لو تساويا في الدين و كان احدهما اعلم تعين عندهم الاعلم و الوجه جواز الرجوع الي المفضول مطلقاً اذا كان تاماً صالحاً للاستفتاء بلانقص حال انفراده لان العلماء يجوزون تقليد هذا المفضول مع عدم ملاحظة عروض المتفاضلين في وجه التقليد لاستجماعه الشرايط فلو حكموا مع الملاحظة بالمنع من تقليده و قد اجازوا ذلك قبل الملاحظة فليس لنقص لحق المفضول مانع من تاهله لذلك لذاته بالنسبة الي حكم نفسه و لا بالنسبة الي حكم مقلده و انما ذلك لشيء عرض لمقلده عند عروض اعتبار المتفاضلين في وجه تقليده و ليس ما عرض موجباً لنقص فيما هو اهله بوجه ما بالنسبة الي حكم نفسه بل هو علي حكم اعتباره قبل عندهم و لا في نفس الامر و كذلك بالنسبة الي حكم مقلده في ظنه لانه قبل ان‏يجد الفاضل في تقليده للمفضول علي كمال الاطمينان به لقوة ظنه و بعد وجدان الفاضل فانما حصل له توسعة و زيادة علي الكفاية ظاهراً و في نفس الامر و ليست تلك الزيادة و التوسعة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 46 *»

بجاعلين ما هو كاف ليس بكاف فان الزيادة و التوسعة كما في الفاضل لانقص في المفضول و علي هذا جرت عادة السلف من الطرفين خصوصاً ماكانت عليه عامة الشيعة و قد اقروا عليه عامة اتباعهم و ما ورد عنهم: مما ظاهره خلاف ذلك فمأول بشيء من نوع ما اشرنا اليه سابقاً واللّه سبحانه ولي التوفيق.

سؤال: و سأل الشيخ احمد بن شكر النجفي مولانا و سيدنا الكريم انار اللّه برهانه هل تقليد الافضل الاتقي لازم ام لا؟

جواب: قد مر سابقاً ما يكفي عن جواب هذا السؤال ايضاً([5]) الاّ انا نزيد ايضاًحاً ان كون الرجل افضل و اتقي لايثمر ثمرة في الاخذ فانك تأخذ برواية علمت صحة صدورها عادة فما لم‏تعلم لم‏تعمل فاذا علمت ان رواية المفضول صحيح الصدور تعمل به غاية الامر ان الفاضل ايضاً يروي خبرا آخر موافقاً لرواية المفضول او مخالفاً فان كان موافقاً فلايثمر فان القصد و النية ليس يشترط في الاخذ بالرواية فينوي اني اعمل بهذه الرواية من حيث ان فلانا راويها لا فلانا و انت متي علمت صحة الرواية تعمل بها و الراوي من اسباب حصول العلم الا تري ان الراوي لو كان فاسقاً و قامت لك قرائن موجبة للقطع ان الخبر صحيح الصدور تعمل به و ان كان الفاضل روايته مخالفة لرواية المفضول في الواقع و انت لاتعلمها فلايجب الفحص و ان كنت تعلمها فاتبع ما روي عن ابي‏عبداللّه7 انه سئل عن رجل اختلف عليه رجلان من اهل دينه في امر كلاهما يرويه احدهما يأمر باخذه و الاخر ينهاه عنه كيف يصنع قال يرجئه حتي يلقي من يخبره فهو في سعة حتي يلقاه اي في سعة ان‏يعمل بايهما شاء لقول الرضا7 و قد قيل له يجيئنا الرجلان و كلاهما ثقة بحديثين

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 47 *»

مختلفين فلانعلم ايهما الحق فقال اذا لم‏تعلم فموسع عليك بايهما اخذت و قال ابوعبداللّه7 اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم فترده اليه الي غير ذلك من الاخبار التي اوردناها و فصلناها في فصل الخطاب و اما الراوية الحنظلية فهو في تشاح الحكمين و تعطل حقوق الناس و لا دخل له بالمقام و قد فصلنا في فصل الخطاب و القواعد و غيرها كيفية الاخذ بالاخبار المختلفة علي طريق التحقيق و ليس هيهنا موضع التفصيل و يكفي للعمل و اخذ المسألة عن العلماء ما ذكرنا و بذلك جرت الاعصار في ازمان الائمة الابرار: فكل احد كان يأخذ عن رجل من الاصحاب و امروا كل سائل بالاخذ عن راو مع تعددهم فان المقصود العلم بكلام الامام و حاصل الكلام لايؤثر في نفس الكلام الصادق عنه اللّهم الاّ ان‏يحصل العلم بصحة الصدور برواية المفضول و يحصل برواية الفاضل فحينئذ لايجوز الاخذ برواية المفضول و يجب الاخذ برواية الفاضل و الي ذلك ذهب محققوا اصحابنا رضوان اللّه عليهم.

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه ملامحمدعلي بن محمدنبي الدواني هل يجوز تقليد المفضول مع وجود الفاضل؟

جواب: انك تقلد العالم لا الراوي عن العالم و المقصود من الرواية من العالم صحة الرواية عن العالم فاذا روي الراوي عن العالم رواية حقاً صدقاً انت تعمل به تقليداً للعالم لا الراوي فلايتفاوت في الراوي لك مسألة خاصة ان‏يروي مسائل اخر غيرها ام لم‏يرو و الفاضل هو الذي يروي روايات كثيرة و المفضول هو الذي يروي الرواية الخاصة و ساير الروايات لاتأثير لها في صحة هذه الرواية و هذا القول و السؤال لايتمشي في

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 48 *»

مذهب من يقول نحن نقلد العالم7 لا الرواة عنه نعم الذي يقول ان للمجتهد ان‏يفتي بظنه و نظره و للمقلد ان‏يقلده يقول ان نظر الفاضل اسدّ و ابعد عن الخطاء و نظر المفضول اقرب الي الخطاء فلايجوز العدول عن الفاضل الراجح الي المفضول المرجوح و ترجيح المرجوح قبيح و لربما يستندون الي الحنظلية المعروفة و فيها الحكم ما حكم به اعدلهما و افقههما و اصدقهما في الحديث و اورعهما و لايلتفت الي ما يحكم به الاخر الخبر و الحق ان ذلك في اختلاف الحكام في الحكم لا الرواية و الفتوي فلامانع من الاخذ برواية المفضول فتدبر.

 

بـــاب

حال من لم‏يتمكن من الاخذ عمن يقلده في عمله و اموره و فروع ذلك

 

سؤال: سأل الشيخ علي بن ملامحمد المشتهر بالعريض الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه و انار برهانه اذا لم‏يتمكن المقلد من الاخذ عمن هو مقلده فعلي ماذا يعول فان قلتم علي الاحتياط ثم علي المشهور فربما لايمكن ذلك كما لو كان المشهور كلا من القولين و لتعذر الاحتياط في بعض المسائل و مع الامكان هل يكون الاخذ بالاحتياط و المشهور في حقه خاصة ام في حقه و حق من جعله واسطة له بينه و بين المجتهد؟

جواب: اذا لم‏يتمكن من الاخذ عن المجتهد و كان التكليف بالموسع او بما يسع تركه او تأخيره اخذ بالاحتياط فان امكن او يمكن و الاّ اخذ بالمشهور الذي له اصل و يترك المشهور الذي لااصل له لان المشهور يجري علي ثلثة انحاء احدها لااصل له و هذا لابد ان‏يثبت

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 49 *»

الحكم7 في سنته ماينفيه و ثانيها ما له اصل و هذا يثبت الشارع7 في سنته ما يثبته و هذا يجب الاخذ و ثالثها يسكت عنه مع اشتهاره و الحاجة اليه و هذا اجماع منه اشير اليه في قوله خذ ما اشتهر بين اصحابك و دع الشاذ النادر فان المجمع عليه مما لاريب فيه فسماه اجماعاً و هو اجماع كاشف عن قوله و لو تعذر المشهور بعد تعذر الاحتياط مع توجه التكليف اليه اخذ بما يختاره و الاحوط ان‏يتحري لانه مما تطمأن النفس به و لاتضطرب بخلاف مطلق التخيير لاحتمال عدم مطابقة بعض هيئاته لبعض هيئات صورة الفطرة و علي ما اشرنا اليه من الرجوع في التخيير الي التحري يكون ذلك في حقه خاصة و اما اذا كان الحكم بالاحتياط و بالمشهور كان ذلك في حقه و حق غيره الاّ في صورة جزئية شاذة.

قال السائل: و علي الثاني فهل يصح التصرفات في الاموال و غيرها اذا بانت علي خلاف رأي من هو مقلده؟

جواب: يعني بالثاني مايكون الحكم بالاحتياط و المشهور في حقه و في حق غيره و علي هذا لو تعلق الحكم بالاحوال فيعمل فيها بالاحتياط او بالمشهور ثم تبين بعد تغير الفقيه و تبدله بموت او حدوث ما ينافي الاعتماد علي حكمه او بوجود الافضل علي قول من يوجب الرجوع الي الافضل ففي الاموال يتكلف الاحتياط بصلح او ابراء او هبة او ما اشبه ذلك او الارجاء الي ان‏تلقي امامك مع امكان الاكتفاء و الاستغناء او الاقتصار علي ما تندفع به الضرورة و ارجاء الباقي كما قال تعالي فذروه في سنبله الاّ قليلاً مما تأكلون و في الامور تتعارض الحرمة و الاباحة فترجيح الحرمة اذا كانتا في محل واحد ما لم‏يتبين الاصل و في الفروج يسلك فيها الاحتياط و ترتب احكام الاحتياط الممكنة علي حسب ما قررت في كتب اصحابنا رضوان اللّه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 50 *»

عليهم و ما مضي علي الحكم الاولي قبل ظهور الخلاف وقع صحيحاً و مابقي جري عليه حكم الباقي.

قال السائل: ثم انه نقل عن بعض العلماء امر المقلدين بالاخذ بكتاب احد المجتهدين الميتين فهل يصح ذلك عندكم ام لا و ما الوجه في ذلك لانهم يكونون غير مقلدين له لانه اما ان‏يكون مطابقاً لفتواه او غير مطابق فعلي الاول يكونون قاصدين لتقليد الميت و علي الثاني غير مقلدين له اصلاً و ان صح عندكم ذلك فالمرجو من جنابكم تحيلوننا علي بعض الكتب لتحصل لنا الراحة و يتيسر لنا امر التقليد.

جواب: اما النقل فقد ثبت عن بعض العلماء او قد وقفت علي خط بعض المعاصرين بذلك و فيه انه اذا امر بتقليد احد الاموات و كان من حكمه ما ينافي حكم الآمر الحي فقد قلده لانه مقلد للحي للاجماع علي انه حينئذ ليس مقلداً للميت و انما هو مقلد للحي فرجع محصل الحكم انه قلده في خلاف حكمه فاذا كان الحي قد ثبت عنده بمقتضي استفراغ وسعه ان الماء القليل ينفعل بملاقات النجاسة فاذا امره بتقليد ابن ابي‏عقيل مع انه يعلم ان ابن ابي‏عقيل يقول ان الماء القليل لاينفعل بملاقات النجاسة ما لم‏يتعين بالنجاسة فقد امره بخلاف ما اداه اليه اجتهاده و قد نهاه اللّه عن ذلك فقد امره بما نهاه عنه و نهاه عما امره به بخلاف تجويز العدول الي آخر فان الاخذ بقول الثاني ليس بمرجح له قول الاول ليقع التناقض في قوليه و انما المرجح له ظن الثاني و لاتناقض فيه و لو اخذ بقول الميت كان المرجح له قول الحي و ظنه و هو مخالف لظنه في هذه المسألة و فيه ما سمعت و اختلاف الاعتبار لايزيل الغبار فان عدم خصوص ارادة التناقض لم‏يكن مانعاً من لزوم التناقض و ليس ذلك الاّ كما امره المجتهد الحي بخلاف ما اداه اليه اجتهاده لجواز ان‏يقول به قايل في المستقبل او قال

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 51 *»

به قائل في الماضي و ان لم‏يعلم به و علي كل حال ففي حال المطابقة ان كان التقليد و العمل بحكم الحي فلاتقليد للميت و ان كان بحكم الميت و لاتقليد للحي في حال المخالفة ان كان العمل بحكم الحي لزم ما قلنا سابقاً من النهي عما امر به و الامر بما نهي عنه و ان كان العمل بحكم الميت فلاتوسط للحي و انما هذا تقليد للميت و فيما ذكرناه هنا بيان لما ذكر سلمه اللّه و الذي ثبت عندي ان الميت لايجوز تقليده في حال من الاحوال فلااحيل علي كتاب احد منهم رحمهم اللّه و انما المرجع هو الاحتياط ثم المشهور ثم التخيير و مع التخيير عندي اولي.

سؤال: و سأل الشيخ احمد بن شكر النجفي مولانا و سيدنا الكريم انار اللّه برهانه هل الصور التي تعرض للمكلف اذا تعذر عليه الوصول للحاكم يأخذ فيها بقول الميت اذا لم‏يتمكن فيها من الاحتياط او ضاق الوقت عن ملاحظة المشهور؟

جواب: فيما ذكرنا سابقاً كفاية([6]) عن جواب هذا السؤال و نزيد اجمالاً انه لايخلو اما يقدر علي الرجوع الي اخبار اهل البيت: و فهم المراد منها علي ما بينا فيرجع اليها و ان كان لايقدر علي ذلك و يقدر علي الرجوع الي كتب اصحابنا المصنفة في الحلال و الحرام المأخوذة عن كتاب اللّه و سنة نبيه و آثار ائمة الانام: فيرجع اليها و يعمل بها فانها نقل الاخبار بالمعني و رواية ما صح عند كل واحد منهم صدوره و ان كان لايقدر علي الرجوع و هناك ثقة سمع الحكم من ثقة مأمون و ينقل له فيعمل به و ان كان ليس يمكنه شي‏ء من ذلك اجمع فذلك له مطلق حتي يسمع النص فيه فان اللّه لايكلف نفساً الاّ ما آتيها و عن حمزة بن الطيار عن ابي‏عبداللّه7 قال قال

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 52 *»

لي اكتب فاملي علي ان من قولنا ان اللّه يحتج علي العباد بما آتهم و عرفهم و سئل7 عمن لايعرف شيئاً هل عليه شي‏ء قال لا و قال7 كلما غلب اللّه عليه من امر فاللّه اعذر لعبده و هذا من الابواب التي يفتح كل باب منها الف باب و عنهم: لاتكليف الاّ بالبيان و قال7 من عمل بما علم كفي علم ما لم‏يعلم و قال7 الاشياء مطلقة ما لم‏يرد عليك امر او نهي نعم اذا قامت له حجتان و تحير في المخرج و تردد فعليه التوقف في الحكم و الاحتياط في العمل قال رسول اللّه9 حلال بين و حرام بين و شبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات و من اخذ بالشبهات ارتكب المحرمات و هلك من حيث لايعلم الخبر و ليس الشبهة ما كنت فيه جاهلاً بجهل ساذج و انما الشبهة ما اشتبه لك عدمه بوجوده و هي لاتحصل الاّ بقيام حجة علي وجوده و قيام حجة علي عدمه فيشتبه عليك الامر حينئذ و لم‏تثبت علي طرف و هذا هو الفرق بين الشك و الجهل فان الجاهل لايعلم وجود ما جهل و لا عدمه كما انك لاتدري هل يكون حجر في موضع كذا او لايكون و ليس ذلك بشك الاّ ان‏يجي‏ء رجل فيخبرك بوجوده و يجي‏ء آخر فيخبر بعدمه و كلاهما متساويان في الوصف فح تشك فان رجحت احد الدليلين ظننت و ان ابطلت احد الدليلين و اثبت الاخر تيقنت و اما ما لم‏يقم دليل علي وجوده و لا علي عدمه فذلك مجهول لا مشكوك فالشبهة هي المشكوك لا المجهول و لايجوز الاخذ بالشبهات كما لايجوز الاخذ بالمشكوك كما قال الصادق7 من شك و ظن فاقام علي احدهما فقد حبط عمله ان حجة اللّه هي الحجة الواضحة و اما الجهل فهو مرفوع عن هذه الامة كما قال رسول اللّه9 رفع عن امتي تسعة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 53 *»

الخطاء و النسيان و ما اكرهوا عليه و ما لايطيقون و ما لايعلمون و ما اضطروا اليه و الحسد و الطيرة و التفكر في الوسوسة في الخلق ما لم‏ينطق بشفه و قال الصادق7 ماحجب اللّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و هذا المطلب هو الذي اشتبه علي الاخباريين فاوجبوا الاحتياط فيما لانص عليه و انكروا البراءة الاصلية و هو خطاء منهم و الحق الحقيق بالاتباع هو ما ذكرناه فان كان ما نزل بك تعلم منه شيئاً و تجهل منه شيئاً و يحتمل عندك وجوده و عدمه باحتمالين ناشئين من دليلين و سببين فذلك الشبهة التي يجب الوقوف فاذا ان امكنك الارجاء و عدم العمل به مطلقاً حتي تلقي من يخبرك فهو الاولي كما قال الصادق7 اذا كان ذلك فارجه حتي تلقي امامك فان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات و ان كان لايمكنك الارجاء فعليك بالاحتياط كما روي انه سئل ابوالحسن7 عن رجلين اصابا صيداً و هما محرمان و سألني بعض اصحابنا عن ذلك فلم‏ادر ما عليه فقال اذا اصبتم بمثل هذا فلم‏تدروا فعليكم بالاحتياط حتي تسألوا عنه فتعلموا و روي عن النبي9 دع ما يريبك الي ما لايريبك و قال الصادق7 لك ان‏تنظر الحزم و تأخذ الحائطة لدينك الي غير ذلك من الاخبار و كل ذلك فيما يعرف الانسان من المسألة وجهاً و يجهل وجهاً فيتردد و لولا ذلك لكان جميع الاحوال و القرانات و الاوضاع مما لانص عليه مشتبهاً و يجب الوقوف عنده و الاحتياط فيه و يلزم منه العسر و عدم المفر كما انك لو وقع نظرك في صلوتك الي الذر مثلاً لاتدري هل هو مبطل للصلوة ام لا و لم‏يصلك نص و يحتمل ان‏يكون له حكم بل يكون له حكم لامحة فانه ما من شي‏ء الاّ و فيه كتاب او سنة فيجب حينئذ عليك اعادة الصلوة بحكم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 54 *»

لزوم الاحتياط و يحتمل ايضاً حرمة الاعادة في مثل هذه الحالة فاين المفر و هكذا لو كان المجهول مشتبهاً للزم الحرج الذي لايطاق و لذا لماضاق بالاخباريين الخناق استثنوا الامور العامة البلوي فقالوا ان الامور العامة البلوي ان لم‏يكن فيها نص مع كثرة وقوعها علم انها كانت مطلقة و الاّ لماامكن عادة كثرة وقوعها و ابتلاء الخلق بها و عدم سؤالهم عنها و عدم صدور نص فيها فعدم صدور النص فيها دليل اطلاقها و اصل وجوب التوقف في الباقي علي حاله و هذا كلام صدر عن غير تحقيق اما اولاً فلاجل امكان صدور نص و عدم وصوله اليك و وصولك اليه فلعله عند غيرك موجود فاصل وجوب التوقف جار فيه ايضاً و ثانياً لقائل ان‏يقول ان ما ابهموه: و اهملوه و تركوا النص فيه انما هو لاجل اللطف و الترحم و الاّ هم كانوا يبتدؤن بكثير من المسائل من غير ان‏يسألهم عنه سائل اذا كان لايبلغ افهامهم السؤال عنه فكم من مسألة لايقع الاّ نادراً و منهم فيه نصّ و الدليل علي انهم سكتوا عنها لاجل اللطف و الترحم كما قال رسول اللّه9 ان اللّه تعالي حد لكم حدوداً فلاتعتدوها و فرض عليكم فرائض فلاتضيعوها و سن لكم سنناً فاتبعوها و حرم عليكم حرمات فلاتنتهكوها و عفي لكم عن اشياء رحمة من غير نسيان فلاتتكلفوها و قال علي7 ابهوا ما ابهمه اللّه فاذا عفوا عنه رحمة من غير نسيان و لاترك فلايجوز لنا التكلف و اثبات حكم فهو مطلق غير مقيد بوجوب و لاتحريم و لااستحباب و لاكراهة حتي يقيدوه: فالبراءة الاصلية حق لامرية فيه و لاريب يعتريه فيما لانص فيه و لايعارضه نصّ ابداً و ليست من الادلة العقلية كما زعموه بل هي ايضاً حكم شرعي منصوص عن الصادقين: و ان ساعدها و ساعد معرفتها دليل العقل فلاكل ما ادركه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 55 *»

العقل يكون العقل فيه اصلاً و متبعاً و لو لم‏يوافق الكتاب و السنة الا تري ان الحكيم يفهم بدليل العقل سر وجوب غسل الجنابة و ليس غسل الجنابة ما يثبت بدليل العقل و انما هو مما ورد به الشرع غاية الامر انك ادركت سره و كذلك ادركنا سر البراءة قبل وصول الشرع مع انه ورد به النصوص عن اهل الخصوص: فافهم و تدبر.

 

بـــاب

تقليد الميت استمراراً او بناءاً

 

سؤال: سأل ملافتحعلي خان الشيخ الاوحد انار اللّه برهانه و رفع في الخلد اعلامه ما يقول سلطان العلماء في «الي ان قال» و وجوب العمل بقول المجتهد الحي و بطلان فتاوي الاموات؟

جواب: و اما وجوب العمل بقول المجتهد الحي فهو مما لاريب فيه علي كل من لم‏يبلغ رتبة الاجتهاد فمن نقص عن الاجتهاد و اخذ برأيه و استدلاله فقد هلك و اهلك و الايات و الروايات قد اشارت الي ذلك فمن الايات قوله تعالي لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون و هذا في الحي لا في الميت و قوله تعالي فاسئلوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و المسئول حي و قوله تعالي لعلمه الذين يستنبطونه منهم و هم الاحياء لا الاموات و قوله تعالي و جعلنا بينهم اي بين الرعية و المقلدين و بين القري التي باركنا فيها و هم الائمة: قري ظاهرة و هم العلماء و المجتهدون و قدرنا فيها السير مثال لتكليف المقلد اي قدرنا علي المقلد و اوجبنا عليه في القري الظاهرة و هم العلماء السير اي الاخذ عنهم و الرد اليهم سيروا فيها ليالي يعني به خذوا عنهم ما افتوكم به مما لم‏يظهر لكم برهانه كالليل و اياماً مثال لما افتوكم به فاظهر لكم بيانه كالنهار او بالعكس علي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 56 *»

احد التأويلين آمنين اذا اخذتم عنهم من تيه الضلالة و عمي الجهالة و غير ذلك من الايات و من الاخبار ما في مقبولة عمر بن حنظلة من قول الصادق7 انظروا الي رجل يروي حديثنا فان المخاطبين بانظروا في كل عصر انما امروا بالنظر الي من هو حي بين اظهرهم بدليل قوله فاذا حكم بحكم فلم‏يقبل منه فانه صريح في انه حي و منها ما رواه في الكافي في باب الحجة عن ابي‏بصير قال قلت لابي‏عبداللّه7 الي ان قال7 رحمك اللّه يا ابامحمد لو كان اذا نزلت آية علي رجل ثم مات ذلك الرجل ماتت الاية و مات الكتاب ولكنه حي يجري فيمن بقي كما جري فيمن مضي هـ يعني ان الرجل العالم بتلك الاية اذا مات و لم‏يقم بعلمه آخر ماتت الاية يعني العلم بها و ليس المراد من قوله7 ثم مات الرجل ان الاية لاتموت و ان مات الرجل ليكون علي العكس و انما هي في بيان القائم بالامر و اراد بهذا الكلام ان حيوة الاية بحيوة القائم بها و قد اشير الي هذا المعني في تأويل قول علي7 كذلك يموت العلم بموت حامليه و انما قلت في تأويل قول علي7 لان ظاهره ان العلم اذا لم‏يتحمل هو من اهله لم‏يكن علماً فقد مات بفقد اهله ولكنه يدل علي ما ذكر لمن يفهم و ذلك لانه لو لم‏يمت بموت العالم به لماحسن هذا الكلام اذ لاتخلو الارض من قائم به مابقي النظام فلايموت العلم ان لم‏يوجد له حملة في زمانها مثلاً لوجود الحامل له قبل ذلك فافهم و قال الملامحسن في الوافي في بيان هذا الحديث قال يعني ان كل آية من الكتاب لابد ان‏يقوم تفسيرها و العلم بتأويلها بقيم عالم راسخ في العلم حي فلو لم‏يكن في كل زمان هاد عالم بالايات حي ماتت الايات لفقد المنفعة بها اذا مات الكتاب ولكن الكتاب لايجوز موته لانه الحجة علي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 57 *»

الناس انتهي و فيه اشارة الي ما قلنا ان‏يصدق الموت لها اذا مات العالم بها و ا ن بقيت آثاره و تفسيره لها و من ذلك ما رواه في الكافي في باب ان الائمة: ورثة العلم يورث بعضهم بعضاً من كتاب الحجة ما يشعر بذلك كصحيحة الحرث بن المغيرة النصري قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان العلم الذي نزل مع آدم7 لم‏يرفع و مامات عالم الاّ و قد ورث علمه ان الارض لاتبقي بغير عالم هـ . يعني انه لو لم‏يقم به عالم ارتفع ذلك العلم سوي ان وجد ذلك العلم مدوناً ام لا فان قيل ان هذا الحديث و مثله انما هو في حق الائمة: و ذلك يجري فيهم: لان الارض تسيخ بدونهم قلنا هذا في حق غيرهم بالطريق الاولي لان سابقهم لم‏يكن علمه ظنا بل مطابق للواقع فيكون علمه اولي بان لايحتاج الي من يقوم به و لو اريد بقيام اللاحق مقام السابق لحفظ العلم خاصة لا لئلايموت العلم لما علل ذلك بموت الكتاب و وقع العلم لان علم السابق يحتاج الي اللاحق ليحفظه عن التغيير و التبديل في متنه و معناه و دلالته و هذا جاز في العلماء من شيعتهم فافهم و من ذلك ما روي في الكافي عن داود بن فرقد قال قال ابوعبداللّه7 ان ابي كان يقول ان اللّه عزوجل لايقبض العلم بعد ما يهبطه ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم الحديث و هو شامل لمن كان علمه مدونا و مما يدل علي ذلك من جهة الاعتبار كثير منه انه لو جاز الاخذ عن الميت لكان اذا وجد في المسألة اربعة اقوال مثلاً اما ان‏يعمل بايها شاء او ترجح احدها فان كان يعمل بايها شاء فقد عمل المقلد بخلاف ما يقول صاحب ذلك الحكم الذي اخذه لان ذلك العالم الميت مما يحكم به انه لايجوز الاخذ بغير دليل و لا اختيار من لم‏يكن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 58 *»

مجتهد اولاً رد حكم من لم‏يأخذ حكمه و ترجح الحكم الذي اخذه من غير مرجح و عمل بقول الميت فان صحّ تقليد هذا الميت صحّ انه لايجوز الاخذ بقوله و الاّ فلايجوز تقليده و ان اخذ المقلد احدها بترجيحه فلاخلاف بين العلماء ان ترجيحه لايعتبر و لااثر له و ان كان عارفاً فترجيحه و عدمه سواء فاذا وجد في وقته من يعتبر ترجيحه من العلماء المجتهدين وجب علي المقلد الرجوع اليه لان ظن الاصابة عنه مقطوع‏به و عدم الاصابة من المقلد مقطوع‏به و ان اصاب في نفس الامر كما يشير اليه الحديث النبوي في تقسيم القضاء حيث قال9 و رجل قضي بحق و هو لايعلم فهو في النار و منه ان جواز تقليد الميت ليس قولاً للشيعة و انما قول للعامة و قد صرح بهذا كثير من العلماء و انما القول به من الشيعة مستحدث مستحسن و ذلك لما قال به العامة كثر به النقض و الجدال فيه بين الفريقين فسرت الشبهة في خواطر بعض من اختلاط الادلة مع انضمام محبة النفس الي سهولة الخطب و استصعاب الاجتهاد و مشقة تقليد الحي لاستلزامه الي المهاجرة عن الاوطان او تكلف احد الوسائط الثقات لان اشتراء كتاب من كتب المتقدمين بخمسة دنانير و الاكتفاء ما فيه اسهل من تلك المشاق فيقرأ عليهم كتاب اللّه اذهبتم طيباتكم في حيوتكم الدنيا و استمتعتم بها فقد مضي‌كذا وقت طويل من الزمان لم‏يقل احد من الشيعة به فدل علي بطلانه كقوله9 لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة و قد دل الدليل علي انها الشيعة و قد مضي زمان علي الشيعة و هم قائلون بخلافه تدل علي بطلانه و كذلك الاحاديث المتكثرة كما في علل الشرايع و غيره عنهم: المتضمنة انه ان لاتخلو الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 59 *»

لهم فلو كان القول بجواز تقليد الميت حقاً و قد تركه الشيعة المؤمنون لوجب علي الامام7 ان‏يتمه لهم و الاّ لكان مخلاً بالواجب بالحكم فعدم رده لهم الي ان‏يمضي آن و هم عاملون بذلك دليل علي انه صواب و عدم خطاء و منه انهم اتفقوا علي ان العالم اذا كان ميتاً لايضرّ خلافه بالاجماع و ان كان مجهول النسب بحيث لو كان حياً لماصح الاجماع مع وجود خلافه و لو كان علمه معتبراً بعد الموت لكان مضراً بالاجماع فلما لم‏يضر بعد موته خلافه دل علي عدم اعتبار قوله و منه انه اذا اتفقت الامة علي قولين في مسألة و قد دل الدليل علي انحصار الحق فيهما و انقرضت احدي الطائفتين اجمعوا علي بطلان حكم الطائفة المنقرضة و ان الحق في الموجودة فلو اعتبر قول الاموات لماجاز الاجماع من الامة و اما الاستدلال علي هذا القول بان حكم الميت انما اعتبر مع بقاء ظنه لانه هو المرجح للحكم و لهذا اذا تغير ظنه في حيوته تغير حكمه علي نفسه و علي مقلديه و اذا مات ذهب ظنه فيذهب ترجيحه فلايعتبر قوله لذهاب علة اعتباره فهو دليل قوي جداً بل هو اصحها ولكنه دقيق المأخذ و بيان مأخذه يحتاج الي تطويل فلهذا اعترضت عنه و الحاصل لمثل ما سمعت نقول بوجوب العمل بقول المجتهد الحي و ببطلان العمل بفتاوي الاموات علي من سمع بوجوب التقليد و اما من لم‏يسمع فكذلك عند الاكثر و اما عندي فالذي يرجحه نظري صحة عمل من لم‏يسمع بوجوب ذلك حتي يسمع.

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه ملافتحعلي خان بعد السؤال السابق ايضاً يا سيدي هل يجوز العمل بالاصول المصنفة التي صنفها الثقات من الفرقة الناجية قديماً و حديثاً كالكافي و التهذيب و الاستبصار

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 60 *»

و الوافي و الوسائل و البحار و غيرها من مصنفات اصحاب الابرار؟

جواب: قد تقدمت الاشارة الي الجواب و صريحة علي سبيل الاختصار ان العمل لايجوز بشيء من الكتب لافرق بين كتب الحديث و كتب الفتاوي و لايجوز العمل الاّ للمجتهد الذي يستنبط الحكم من الادلة الشرعية او لمن يأخذ عن هذا المستنبط او جاهل لم‏يسمع وجوب ذلك و وافق عمله ظاهر الشرع عندي فان لم‏يوافق عمله ظاهر المذهب لم‏يصح عمله اجماعاً من العلماء و الايات و الروايات تنادي بذلك من كان يستجيب للنداء و العلة فيما قلنا ان الكتاب الذي تريد ان‏تعمل بما فيه لايخلو اما ان‏يكون مؤلفه معلوماً او لا فان كان معلوماً فهو انما جمع فيه من الفتوي ما رجحه بظنه و قد تقدم القول فيه و ان كان ما جمعه احاديث فهو انما روي من الاحاديث ما رجحه بظنه و ترجيحه انما هو بامور اجتهاديات بنحو ما يرجح و بيانه انه انما يرجح الاحاديث بحيث يكون معتبرة عنده بقرائن اجتهادية من كون رواية ثقة و التوثيق اجتهادي و لهذا تراهم يختلفون في الرجل الواحد و شهرة الرواية اما لكثرة رواتها او تداركها في كتبهم او اكثرية العاملين بها او لاوثقية راويها و غير ذلك من المرجحات التي تذكر في كتب الاصول و هي كذلك و لهذا يختلفون في كل ذلك و لاتظن انما هذا انما هو في المتأخرين و اهل الاصول بل هذا في المتقدمين و المحدثين و انا اذكر لك بعضاً من ذلك في اصح ما عندكم من الكتب التي صنفها اوثق من تعرفون و اعلمهم قال الكليني رحمه اللّه في الكافي و قلت انك تحب ان‏يكون عندك كتاب كاف يجمع في فنون علم الدين ما يكتفي به المتعلم و يرجع اليه المسترشد و يأخذ عنه من يريد علم الدين و العلم به من الاثار الصحيحة من الصادقين: و السنن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 61 *»

القائمة التي عليها العمل و بها يؤدي فرض اللّه عزوجل و سنة نبيه انتهي فهذا نص منه ان كل ما اورده في الكافي آثار صحيحة معمول بها و بعده اتي الصدوق (ره) و قال في كتابه الفقيه لم‏اقصد فيه قصد المصنفين في ايراد جميع ما رووه بل قصدت الي ايراد ما افتي به و احكم بصحته و اعتقد انه حجة بيني و بين ربي تقدس ذكره و تعالت كلمته انتهي فقد ذكر انه فعل غير ما فعله من قبله لانهم يجمعون جميع ما رووا و انت سمعت كلام الكليني(ره) في اعتماده علي ما اورده في كتابه و حكم بصحة جميع ذلك فلو كان فعله بغير طريقة اجتهاد لماقال الصدوق (ره) بعده ما قد سمعت و قد رد عليه في مواضع منها قال في مواضع لاافتي بما رواه ابن‏يعقوب و قال في موضع آخر هذا الامر من طريق ابن‏يعقوب و في موضع قال ان عندي خلاف ذلك و لو صح عنده جميع ما قال لم‏يقل هذا الكلام مع من‌كذا تتبع كلامه ظهر له ان كثيراً مما يحكم بصحته انما صححه اعتماداً علي تصحيح شيخه كما ذكره في كتاب الصيام منه في صوم يوم الغدير قال و اما خبر صلوة يوم غدير خم و الثواب المذكور فيه لمن صامه فان شيخنا محمد بن الحسن(رض) كان لايصححه يقول انه من طريق محمد بن موسي الهمداني و كان غير ثقة و كلما لم‏يصححه هذا الشيخ قدس اللّه روحه و لم‏يحكم بصحته من الاخبار فهو عندنا متروك غير صحيح انتهي و انما لم‏يعمل بهذه الرواية لان محمد بن الحسن الصفار استثني من رجال اسانيد نوادر الحكمة لمحمد بن احمد بن يحيي الاشعري و هو الكتاب المعروف بدبة شبيب استثني منهم ثلاثين رجلا في‌كذا ذلك شيخه محمد بن الحسن بن الوليد و من جملة الرجال محمد بن موسي الهمداني المذكور و ردّ روايته تبعاً لرد مشايخه كما سمعت و قد جري في جميع كتبه و اعماله

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 62 *»

علي ذلك و مع‏ذلك كله قد ذكر في الفقيه في اوله في باب المياه و لابأس بالوضوء و الغسل من الجنابة و الاشتباك بماء الورد انتهي هكذا نسخة الاصل كما ذكره بعض المشايخ و مما ذكر ذلك المجلسي في شرح الفقيه و هذه رواية محمد بن عيسي بن عبيد عن يونس و كان ممن استثناه هو و مشايخه و انه لايجوز العمل بما تفرد به و هذه الرواية مما تفرد بها العبيدي عن يونس للاجماع علي عدم جواز الغسل و الوضوء بماء الورد مع انه قد اورده في الكتاب الذي جعله حجة بينه و بين اللّه تعالي فان جوز العمل بما هو خلاف المذهب من رواية من يحكم بعدم جواز العمل بما تفرد فما هذا هل هو اجتهاد ام نصّ فان قلت انه اجتهاد قلنا لك هذا ما ذكرنا و ان قلت انما فعل لقرائن حصلت له قلنا نعم حصلت له ولكنها ليست روايات و الاّ لحصلت لمن قبله و لمن بعده فاذا كان هذا حاله و حال الكليني عنده ظهر لك ان كل ما رجحوه في كتبهم امور اجتهادية و انا مع‏ذلك اشهد انهم لم‏يكلفوا بما في ترجيح الاحاديث و العمل بها بازيد من ذلك و اما الشيخ(ره) فقد قال قد استوفينا غاية جهدنا فيما يتعلق باحاديث اصحابنا المختلف منها و المتفق و قد اورد كثيراً من الاحاديث في التهذيب و الاستبصار و علل ضعفها بضعف رواتها و باسناد بعضها الي غير المعصوم7 و بالشذوذ و بمخالفة المجمع عليه و كثيراً يكون من اتي من بعده من العلماء يضعف كثيراً ممن يصحح و يصحح كثيراً ممن يضعف كما فعل هو فيما اخذ من الكافي و الفقيه و هذه المشايخ الثلثة (ره) اوثق العلماء و كتبهم الاربعة اوثق الكتب و نسبتها اليهم لايختلف فيه احد و مع هذا كله وقع فيها من التنافي بينهم و في كتبهم و بين غيرهم من العلماء في هذه الكتب التي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 63 *»

لم‏يوجد مثلها ما لايخفي علي احد فما ظنك بغيرها من الكتب اذ فيها ما لايقطع بنسبته الي مؤلفه الاّ بنقل و ان اوجب ظناً لم‏يوجب قطعاً و فيها ما يحتمل نسبتها الي مؤلفها و فيها ما لايعلم مؤلفها و ما كان هذا سبيله لايجوز العمل بما فيها و لا الاخذ فيها الاّ لمن يعمل كعمل اصحابها من الترجيحات و الادلة و القراين و هو المجتهد.

سؤال: و سأله ايضاً الشيخ علي بن ملامحمد المشتهر بالعريض لو مات المجتهد فهل يستمر المقلد علي ما قلده به ام يجب عليه العدول الي الاخر مساوياً له ام لا فاضلاً كان ام مفضولاً؟

جواب: لايجوز له الاستمرار علي ما قلده فيه بعد موته لقول اميرالمؤمنين7 كذلك يموت العلم بموت حامليه الحديث و في الكافي ايضاً عن داود بن فرقد قال قال ابوعبداللّه7 ان ابي كان يقول ان اللّه عزوجل لايقبض العلم بعد ما يهبطه ولكن يموت العالم فيذهب بما يعلم فتليهم([7]) الجفاة فيضلون و يضلون و لاخير في شي‏ء ليس له اصل هـ . و مثلها صحيحة المغيرة بن الحارث البصري قال سمعت اباعبداللّه7 يقول ان العلم الذي مع آدم7 لم‏يرفع و مامات عالم الاّ و قد ورث علمه ان الارض لاتبقي بغير عالم و كذلك رواية ابي‏بصير و غيرها مما يدل علي عدم جواز تقليد الميت ابتداءاً و استمراراً و الاّ لمااحتيج الي قيم بعد الاول و هذا المعني ظاهر من الاخبار و الادلة العقلية ايضاً دالة علي ذلك و الامثال التي ضربها اللّه سبحانه في الافاق و في الانفس شاهدة بذلك و اجماع الفرقة المحقة علي ذلك و انما حدث القول به من مخالطة العامة القائلين بذلك فلما وقع البحث فيه بين الفريقين استحسن القول به بعض من في طبيعته شبه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 64 *»

بطبايعهم لما فيهم من اللطخ فحدث في الفرقة المحقة التي قال9 فيهم لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة هـ . ففي نفس الامر ان القول بجواز تقليد الميت ليس قول الشيعة و علي هذا يجب العدول الي الحي سواء كان مساوياً للميت ام افضل ام الميت افضل و لهذا لو انحصر مذهبهم في طائفتين و انقرضت طايفة منهما دل علي بطلان قول المنقرضة اجماعاً و لو جاز تقليد الميت لاعتبر قول الطايفة المنقرضة بل و استغني عن الحي مطلقاً.

سؤال: و سأل بعض الديانين السيد الاوحد اعلي اللّه مقامه الرجل اذا قلد المجتهد في حيوته فبعد موته هل يجب عليه العدول عنه الي الحي و ان كان الميت اعلم و افضل ام يبقي علي تقليده حتي يجد الاعلم فيعدل او يستمر ابداً و لايجوز له العدول و ان وجد الاعلم بينوا توجروا ادامكم اللّه و اعزكم و ابقاكم؟

جواب: العلماء قد اختلفوا في هذه المسألة فهم بين مانع لتقليد الميت مطلقاً بدواً و استمراراً و بين ناف بدواً و موجب استمراراً الي ان‏يجد الاعلم فيوجب العدول اليه و بين موجب للاستمرار مطلقاً و ان وجد الاعلم و غير ذلك من الاراء المختلفة و الاقوال المتشتتة و الذي انا عليه و ادين اللّه به ما عليه جمع كثير من العلماء و جم غفير من الفقهاء هو القول الاول بالمنع من تقليده مطلقاً و وجوب العدول الي الحي سواء كان الحي اعلم ام لا و العلماء قد ادعوا عليه الاجماع حتي قال بعضهم ان حرمة تقليد الميت كان مما يتفرد به الشيعة عن مخالفيهم و لايزالون يعرفون بذلك و جواز تقليد الميت كان من متفردات مذهب العامة و كانوا يعرفون به و لولا في ذلك الاّكذا تفرد العامة به و اتفاقهم عليه و عدم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 65 *»

ورود نصّ قاطع و تحقق اجماع من الفرقة المحقة بالجواز لكان كافياً و مستقلاً في المنع من تقليد الميت مطلقاً لان الرشد في خلافهم مع ورود الاخبار المصرحة بالمنع و ان العلم يموت بموت حامليه كما في البحار عن روضة الواعظين قال النبي9 ان اللّه تعالي لاينتزع العلماء انتزاعاً ولكن ينتزعه بموت العلماء و فيه ايضاً عن تفسير الامام قال ابومحمد الحسن العسكري7 حدثني ابي عن جدي عن ابيه عن رسول اللّه9 ان اللّه لايقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء فاذا لم‏ينزل عالم الي عالم تصرف عنه طلاب حطام الدنيا الحديث و فيه و في الكافي في حديث كميل عن اميرالمؤمنين7 الي ان قال7 كذلك يموت العلم بموت حامليه الحديث و لاشك ان التقليد خلاف الاصل و لذا اوجب الحلبيون الاجتهاد عينا و لم‌يرخصوا لاحد التقليد و علي فرض ثبوت التقليد و كون وجوب الاجتهاد كفائياً وجب الوقوف فيما خالف الاصل علي حدّ ما دل عليه الدليل القاطع و لايطرد في جميع الاحوال و كل الافراد كما هو الظاهر المعلوم و ما دل عليه الدليل و غاية ما ثبت به و استفيد منه هو ثبوت تقليد الاحياء و ماسوي ذلك فلم‏يقع عليه دليل لا من اجماع لبداهة الخلاف و كون المشهور علي المنع و لا من نص من كتاب او سنة يخصص الاصل الاول او يعم الاصل الثاني في كل افراده بل المستفاد منه المنع كما سمعت الاشارة اليها و لا من عقل مقطوع‏به و ما ذكروا من حصول الظن بقول الميت و الظن عند فقدان العلم حجة و ان الميت كان يجوز الرجوع اليه حال حياته فكذا بعد موته بحكم الاستصحاب باطل للمنع من حجية الظن مطلقاً الاّ ما قام عليه الدليل القاطع و هو الظن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 66 *»

الحاصل من الكتاب و السنة و اقوال اهل اللغة و امثالها و اما ماعداه فلايجوز التعويل عليه و الركون اليه لان الظن لايغني من الحق شيئاً و ليس هنا موضع اجراء الاستصحاب لتغير الموضوع المستدعي لتغير الحكم يقيناً و القول بانه يستلزم العسر و الحرج المنفيين في الشرع ممنوع لانه بعد موت المجتهد يحضر عند الاخر و يعرض عليه عمله الذي كان يعمله سابقاً فما يوافق رأيه يقره عليه و ما يخالفه ينبهه عليه و ليست المخالفة اكثر من الموافقة ليصعب عليه التعلم و اذا لم‏يتمكن من الحضور يأخذ من الواسطة الثقة او من كتابه فاذا لم‏يتمكن من الحي بنفسه او بواسطته او بكتابه فليرجع الي الاحتياط ان تمكن منه لقوله7 عليك بالحائطة من دينك و ان اشتغال الذمة يستدعي البراءة اليقينية و ان لم‏يتمكن من الاحتياط يعمل بما هو المشهور بين الفقهاء في المسألة لقوله7 خذ ما اشتهر بين اصحابك و اترك الشاذ النادر فالمجمع عليه لاريب فيه و العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المورد و المحل و حكم المقلد عند فقد المجتهد مثل حكم المجتهد عند فقد ظهور الامام7 و ان لم‏تكن المسألة مشهورة بل كانت خلافية فان كان يمكنه التأخير و ليس موضع الحاجة وجب لقوله7 فارجه حتي تلقي امامك فان لم‏يمكنه التأخير فان كان من باب المعاملات يرجع الي الصلح و التراضي وجوباً و الاّ فعليه التخيير و الاخذ باي ما شاء و اراد من باب التسليم لقوله7 ما معناه بايهما اخذت من باب التسليم وسعك ثم انك ان اتقنت ماذكرنا سابقاً في سر الغيبة و لزوم حاجة الناس للعمل بالظن و انسداد باب العلم عرفت ان المجتهد ليس الاّ لسان الامام7 و مرآة تحكي الامام7 و ان الاحكام تابعة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 67 *»

لصفات المكلفين بل هي صفات المكلفين و تختلف بحسب الاوقات و الازمان و الاماكن و القرانات و الاوضاع و خلط الكفار بالمؤمنين و المنافقين بالمسلمين و استيلاء سلطان الجور و غلبته و عدم الاستيلاء و عدم الغلبة و الامام7 هو الناظر العالم بهذه الصفات و هذه الاحوال فيجري رعاياه و غنمه علي حكم تلك الاقتضاءات و هي تختلف و قد قال تعالي ان اللّه لايغير ما بقوم حتي يغيروا ما بانفسهم و هذا هو علة اختلاف المجتهدين و تشتت آراءهم و تبدلها و تغيرها و هو7 يجري تلك الاحكام علي الرعايا بالسنة المجتهدين من اهل الاستيضاح و البيان فاذا مات المجتهد انقطع ذلك اللسان فلايصلح لان‏يكون محلاً لظهور الامام7 فتبطل حكايته و اخباره فلابد من العدول اليه و الاصغاء لحكم الامام7 بلسانه و هو الفقيه الحي و علي هذا استقر الوجود و اتسق النظام فان الاحكام كلها تكوينية كانت ام تشريعية من اللّه سبحانه الحي القيوم الدائم فلاتصح ان‏تكون الوسايط بينه و بين عباده فيما يؤدي اليه امواتاً فان الميت يضاد الحي و جهته تخالف جهته و سيره يخالف سيره فاني مع‏ذلك الاتفاق الا تري ان الامام7 اذا مات لو لم‏يكن مكانه امام آخر يحفظ حكم اللّه و وحيه لساخت الارض و بطلت الاحكام و هلكت الخلايق فلو جاز ان‏يكون الميت واسطة يجب ان لايخرب العالم اذا مات الامام7 و ليس المجتهد فيما فيه اليه الوساطة باقوي من الامام7 حتي ان ما دخل و ظهر في الوجود بمقتضي وساطة الامام ينهدم و يفني و يعدم بخروجه عن الدنيا و يحتاج الي مثله حي حافظ و لايبطل ماكان المجتهد فيه واسطة ان هي الاّ قسمة ضيزي بل لاينطبق القول بتقليد الميت الاّ علي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 68 *»

مذهب العامة المنكرين للوسايط الاحياء و اما علي مذهب الشيعة فلا اذ لو يبقي ما اتي به المجتهد محفوظاً بعد موته لكان محفوظية ما اتي به النبي9 من الاحكام الوجودية و الشرعية بالطريق الاولي فلماذا تسيخ الارض باهلها و تبطل الحركات و السكنات و تضمحل العلوم و الموضوعات فضلاً عن الاحكام و الشرعيات اذا لم‏يكن الامام و وصي يقوم مقامه و يحل محله و حكم اللّه سبحانه في الجميع واحد و حكم المجتهد بالنسبة الي الامام مثل حكم الامام بالنسبة الي اللّه سبحانه قال7 شيعتنا آخذون بحجزتنا و نحن آخذون بحجزة ربنا و الحجزة النور و قال7 انا لاشد اتصالاً باللّه من شعاع الشمس بالشمس فافهم و اتقن فاذن فالقول بتقليد الميت ساقط من رأسه سواء كان ابتداءاً او استمراراً و يجب العدول عنه سواء وجد الاعلم ام لم‏يوجد و لايقال ان العدول عن الاعلم الي غيره يستلزم تفضيله عليه واللّه سبحانه مارضي بالتساوي حيث يقول قل هل يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون لانا نقول ان المجتهد اذا مات انقطع علمه الذي يصل الينا لانه كان حاملاً حاكياً لا اصلاً مؤسساً فبعد موته لم‏يصح ان‏يكون لساناً فلايصح الرجوع اليه لان الرجوع اليه من حيث كونه حاكياً لا من حيث هو هو فلادلالة للاية علي المراد اصلاً فافهم و كاني بك تستهزئ بي ان هذه كلمات لم‏يذكرها احد من العلماء و انا اقول كما قال المتنبّي:

و هب اني اقول الصبح ليل   ايعمي الناظرون عن الضياء

و قــال السيد الاوحد اعلي اللّه مقامه ايضاً في جواب سؤال السائل و قد ذكرت تمام العبارة سؤالاً و جواباً في كتاب الاذكار و الادعية و اما في غير الادعية و الاوراد و ساير المستحبات من الاعمال الواجبة او المحرمة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 69 *»

فلايجوز التعويل علي كتاب من كتب الاموات بوجه من الوجوه لان تقليد الميت حرمته قد دل عليها العقل و النقل كما ذكرنا([8]) شرذمة منه من ان ذلك هو اجماع الفرقة المحقة و القول بالجواز بحال من الاحوال قول مستحدث قد حصل من الخلط و اللطخ مع المخالفين و لاحول و لاقوة الاّ باللّه العلي العظيم.

سؤال:  و سئل السيد الاوحد اعلي اللّه مقامه ايضاً اهل سنت و جماعت امر ايشان محكمتر و اساس ايشان قويتر از شيعه به نظر مي‏آيد زيرا كه ايشان مقلد چهار مجتهد مي‏باشند تا روز قيامت تغيير و تبديل نيابد به خلاف اصوليين از شيعه كه هر روز و ماهي مجتهد جديد اختيار مي‏كنند و بناي اساس دين و آئين شريعت را بر آن قرار مي‏دهند و به آن حق را مي‏پرستند و توجه به جانب او مي‏نمايند با اين كه يك روز قبل را به خلاف آنچه در اين روز عمل كرده عامل بوده چنان‏كه خواهد تمام شد اين امر و همچنين قول ايشان قول الميت كالميت؟

فاجـاب اعلي اللّه مقامه عن السؤال مفصلاً الي ان قال اعلي اللّه مقامه و اما آنچه سؤال نمودي در باب تقليد ميت بدان‏كه علماي ما در اين باب اختلاف كرده‏اند جمعي بر آن رفته‏اند كه تقليد ميت جايز است چه به موت ميت فتوايش نمي‏ميرد و قولش باقي است چنان‏كه جايز بود عمل كردن به همان قول اولاً جايز است عمل كردن به همان قول ايضاً به جهت عدم تفاوت در قول و عدم تغيرش به تغير نفس مجتهد و اكثري از محققين شيعه بلكه بعضي از علماء ادعاي اجماع كرده كه پيش خود كاشف از قول معصوم است بر اين‏كه تقليد ميت جايز هست و آن بدعت است و اذن از جانب شارع7 ما را حاصل نشده بلكه آنچه از اخبار و احاديث «انظروا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 70 *»

الي رجل منكم» وارد شده و اين ظاهراً در حي است و فقير حقير را اعتقاد قول ثاني است كه تقليد ميت به وجهي جايز نيست و اين مسأله في الحقيقه از مشكلات مسائل است استقصاي آن مناسب رسائل فارسيه نمي‏باشد و مجمل اشاره به آن اين است كه بر هر عاقلي و عالمي پوشيده نيست كه در نزد غيبت امام عصر حجة اللّه علي العالمين معصوم و منزه از جميع خطا و خلل و زلل در غير امور قطع جزئي دوپاره‌كذا از احكام براي احدي ميسر نيست از اشخاصي كه ادعاي الهامات غيبيه و فيوضات لاريبيه نمايند و در ايشان نيز محل تأمل است و وجه آنچه گفتيم ظاهر است زيرا كه قطع از ضروريات حاصل مي‏شود و از اخبار متواتره به حسب معني و از اجماع محقق هرگاه محقق شود وظ عدم تحقق اين امور در كل احكام از جمله ضروريات و بديهيات است و احكام الهيه و امور عقليه كه عقل در استنباط و ادراك آن استقلال داشته باشد نيست بلكه توقيفيه است و استنباط منحصر است در كتاب و سنت و مدخليت عقل ضروري هرگاه مسلم شود نادر است و شمه‏اي از احوالش بر تو معلوم شد كه اهل حق و باطل بلكه تمامي‏ هفتاد و دو فرقه خود را به كتاب و سنت استناد مي‏دهند و كلاً به بندگي خدا و نبوت رسالت پناه اعتراف دارند هرگاه كتاب و سنت افاده قطع مي‏كرد و احتمالات وجوه را متحمل نبود پس اختلاف متعذر بود و تفصيل مقال در جواب سؤال اصفهانيه ايراد نموده‏ام و وجوه احتمالات و مأخذ آن را علي التفصيل بيان نموده‏ام و در اينجا چون مقال به طول انجاميد به اشاره اكتفاء مي‏كنم چه افاده قطع در كتاب و سنت محتاج به رفع دو مقدمه است كه رفع جمله به دليل ظني است پس چگونه توان قطع حاصل نموده و قراين قطع الان بعد از هزار سال كجا باقي ماند هرگاه در بعضي يافت شود در اكثر

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 71 *»

و اغلب يافت نخواهد شد و مدعي علم يا دروغگوست يا ظن را علم ناميده يا بر حقيقت امر اطلاع به هم نرسانيده و چون تكليف مالايطاق محال است آنچه براي مجتهد حاصل مي‏شود از احكام الهيه بعد از بذل و جهد بسيار و سعي و كوشش بي‏شمار كه مافوقش برايش آن وقت ممكن نيست همان ظن حاصل از كتاب و سنت در حق او حجت است و چون ظن مرحله علم نيست و قابل تغيير و تبديل و زياده و نقصان و قوت و ضعف است پس مجتهد در همه حال پيوسته بايست ملاحظه و مراعي آن اصول و ضوابط و قواعد كه احكام الهيه را از آن استنباط نموده باشد بكند كه هرگاه به جهت او ظن اقوي حاصل شود عدول به سوي او نمايد زيرا كه مقام ظن مقام اطمينان نيست و در نزد فتوي بايد علم به تغيير ظن خود به هم رساند يا ظن به آن به اين جهت است كه جايز است براي مجتهد به عمل كردن رساله‏اي كه در فتاوي نوشته است حكم كند زيرا كه علم يا ظن به عدم تغيير ظن خود برايش حاصل است و الاّ جايز نيست حكم كردن چه افتراء به حق تعالي و قول بدون دليل است و بطلان آن كالشمس في رابعة النهار واضحست و تصديق مجتهدين در اين علم با ظن لازم است بعد از ثبوت عدالتش چه علم و ظن از امور وجدانيه است پس مقلد وقتي تقليد مجتهد مي‏تواند كرد كه قولش و فتوايش مستند به دليل شرعي باشد و در حالت فتوي علم به عدم تغير ظن خود نداشته باشد يا ظن بر آن و ايضاً پيوسته مراعي و محافظ آن اصول كليه و قواعد شرعيه كه مستلزم علم يا ظن به آن است بوده باشد پس هرگاه يكي از آن امور مختل گردد و تقليدش جايز باشد مثل اين‏كه علم به تغيير ظن خود يا ظن آن دارد و مع‏ذلك حكم به عمل كردن به ظن سابق خود نمايد و واجب نيست التفات بلكه به حيثيتي باشد كه اگر

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 72 *»

از او سؤال كنند كه آنچه در تمام اين كتاب نوشته از احكام و استنباط از ادله نموده الان ادله آن نزد تو حاضر است يا آن‏كه ظن به عدم تغيير ظنون حاصله از آن ادله به انهدام بعضي از اركان دليل نداري گويي بلي يا اين‏كه احكام را از ادله استنباط نموده و ظنون مغيره ثابت الحجه برايش حاصل شده ولكن بعد از آن مشغول به علوم ديگر شده يا از آن اعراض نموده كه ذهولي برايش روي داده كه ظن به بقاي آن ظنون از دوران اصول و ضوابط كه به آن استخراج آن احكام نموده الان بالكليه نسيا منسيا گرديده در اين صورت نشايد كه حكم كند عوام را كه عمل به آن فتاوي سابقه نمايند چه مفروض آن است كه هيچ علم يا ظني به عدم تغيير ظن خود ندارد پس در آن حال حكم مي‏كند به غير دليل و حكم به غير دليل خلاف ما انزل اللّه و من لم‏يحكم بما انزل اللّه فاولئك هم الكافرون و الفاسقون و الظالمون هرگاه گويند كه ظن سابق مستصحب است الي الان و به اصل عدم مي‏تواند حكم كرد جواب گوييم كه رخصت عمل به ظن نه از حيثيت ظن است حاشا و كلا چه غير از علم هيچ چيز حجت نباشد و دليلي قاطع دلالت نكرده كه ظن من حيث هو ظن حجت است بلكه با آن‏كه قبح عقلي دارد بناي عمل به ظن گذاشتن دليل شرعي از كتاب و سنت و اجماع بر خلافش قائم است بلكه عاقلي را گمان ندارم كه حكم به حجيت ظن بما هو ظن قطع نظر از امور خارجيه نمايد و هرگاه كند خارج از طريقه عقلا است بلكه آن ظن كه گفتيم حجت است و اجماع علماء بر آن انعقاد يافته است آن ظني است از اين جهت كه منتهاي طاقت و وسع است و شخصي به آن مكلف و تكليف مالايطاق  باطل است كه هرگاه يكي از آن مقدمه باطل شود عمل كردن به آن باطل مي‏شود چه هرگاه براي شخصي ممكن باشد علم يا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 73 *»

ظن اقوي جايز نيست عمل به آن كردن يا اين‏كه مكلف‌كذا مالايطاق محال نبود جايز نبود براي احدي عمل به مظنه چون اين سه مقدمه جمع شد جايز شد عمل به ظن من حيث انه تمام الوسع و الطاقة بلكه با وجود اين سه مقدمه هرگاه ظني برايش حاصل نشود و شك حاصل شود لازم است عمل كردن به آن و تخيير و اختيار نمودن چون محقق شد اين سخن پس نتواند كه الان بناي عمل را بر اجتهاد سابق خود گذارد و به حكم استصحاب و اصل عدم چه صادق نيست براي ظني كه آن تمام وسع و طاقت او است الان چه اختلاف موضوع كه اتحادش شرط در اجراي استصحاب است محقق است و آن به جهت اختلاف اسباب حاصل شده و آن اسباب كه منشأ بقاي موضوع است مواظبت او است بر آن قواعد و اصول و ضوابط و اشتغال او است در آن علم و عدم اعراض او است از آن علم بالكلية كه يك‏باره نسيا منسيا شده باشد چه اينها براي منصف عاقل شواهد بر عدم بقاي ظن او است از حيثيت تمام وسع و طاقت بلكه قولي است از اقوال الان نتواند مكلف مقلد به آن عمل كند زيرا كه هرگاه مقلد تواند ترجيح ادله داد پس او را حاجت به تقليد نباشد و هرگاه نتواند پس تكليف او عمل به ظن مجتهد است از اين جهت كه آن منتهاي طاقت او است در سعي و كوشش در احكام الهيه و عدم تمكنش بر زايد بر اين و آن در صورت اعراض مجتهد از آن بالكلية متغير گرديده كه هرگاه خود موجود و حاضر بود هرآينه تبري مي‏جست از عمل كردن به آن پس چگونه متدين بعد از مردنش باز خود را استناد به آن فهم ناقص مي‏دهد با علمش به تغيير يا ظن متاخم به علمش كه مجتهد اين احكام را استنباط نموده از ادله‏اي كه اغلب و اكثر متعارض و متخالف بوده و او را مخالفين بسيار مي‏باشند يا قطع به اين‏كه حق نيست مگر يكي از اينها و خطا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 74 *»

غالب است در افهام خصوصاً نزد تعارض ادله و كلاً مطابق واقع باشند بعيد است حبذا بلكه مقطوع است به فسادش در صورت انكشاف امر براي صاحب قول كه در صورت عدم مطابقت با واقع صاحب قول حرام مي‏داند عمل به قول خود نمودن و مع‏ذلك به آن عمل باقي بودن و توقف ننمودن و استصحاب و اصل عدم را حتي در اين مقام جاري نمودن كمال جرأت است به حق تعالي به خلاف مجتهد حي كه صحيح و باطل قولش معلوم نيست و تكليفش همان است من از تو يك انصاف مي‏پرسم هرگاه منصف و متديني و مي‏گوييم كه مجتهدين و علماء اختلاف كرده‏اند يا نه شق ثاني بديهي البطلان است و در صورت اختلاف آيا همه بر حق بوده‏اند يا يكي اگر گويي همه بر حق بوده‏اند به خلاف طريقه و آئين خود تكلم مي‏نمايي و طريقه سنيان را پيش گرفته و فساد آن را سابق دانستي و اگر گويي يكي بر حق بوده پس ديگران باطل خواهند بود در اين باب مثالي ذكر كنم هرگاه يكي از فقهاء حكمي را حرام بدانند و فقيه ديگر همان را واجب بداند چنان‏چه در نماز جمعه و امثالش متحقق است و هرگاه فرض كنيم كه هر دو از عالم ارتحال نمودند بلااشتباه حق بر ايشان ظاهر مي‏شود و معلوم مي‏گردد كه يكي بر حق بوده و ديگري بر باطل پس آن كسي كه خطا كرده حرام مي‏داند عمل كردن به قول خود را و بيزاري مي‏جويد به سوي خدا از آن قول آيا جايز است در اين صورت عمل كردن و با او گفتن كه تو دروغ مي‏گويي و براي من ظن به واقع به هم مي‏رسد يا حرام است عمل كردن به قول كسي كه خطا برايش ظاهر شده چون تعيين آن يكي براي ما معلوم نيست پس از قبيل مشتبه به حرام مي‏شود اجتناب از هر دو لازم است و عمل كردن حي چه فسادش بر او ظاهر نشده است و حق را به جانب خود مي‏داند پس مقلد

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 75 *»

تقليدش تواند كرد به خلاف ميت كه فساد قولش و خطاي اعتقادش بر او ظاهر گشته و نهي مي‏كند و حرام مي‏داند عمل كردن به قول خود را و تو يقيناً از يكي از ايشان مي‏داني و انكشاف امر بر ايشان قطع داري و مع‏ذلك به قول او عمل نمودن و تكذيب نفس الامر كردن از عجايب و غرايب است چه مانند است اين مثال غايبي را در سابق الزمان چه شهود چند نزد قاضي رفته شهادت دادند كه فلان غايب مرده است پس قاضي حكم به وفات آن شخص نموده بعد از چندي آن شخص از سفر آمده ادعاي اموال و متعلقات خود نموده اعتناء به آن نكرده گفتند كه تو مرده‏اي و شهود شهادت دادند حكم شرعي ثابت و آن حكم الي الان مستصحب است و از اهل معرفت بعيد است اين گفتار و اما اجماعات منقوله اولاً حجيتش محل كلام است و هرگاه مسلم باشد حجيتش نه از راه تقليد چه در صورت عدم معارضه مفيد ظن است يقيناً در صورت وجود معارض عمل به هيچ يك جايز نيست و حجيت هيچ كدام لازم نيست مگر اين‏كه احدهما قراين صدق در او بيشتر باشد در اين وقت ظن اسناد خطا به مرجوح راجح خواهد بود و همچنين اخبار و احاديث كه به سرحد تواتر نرسيده در صورت تعارض عمل به هيچ يك روا نيست و در نزد قراين مرجحه احدهما اختصاص به ترجيح حاصل مي‏نمايند به خلاف ظنون اجتهاديه كه مقلد را در آن تصرف به وجهي من الوجوه نيست جز محض قول ظن آن مجتهد بالجملــة متدين عاقل به دليل موعظه حسنه البته ترك تقليد ميت نمايد كه بر سبيل قطع ناجي است زيرا كه آنان‏كه قائل به تقليد ميت هستند تقليد حي را باطل و حرام نمي‏دانند با اين‏كه اولي مي‏دانند چه ظن ميت است به خلاف اين‏كه هرگاه تقليد ميت كند جايز است كه حق به جانب مانعين و محرمين عمل به ظن باشد به قول ميت باشد پس در

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 76 *»

اول طريق سلامت است خواه تقليد ميت جايز باشد خواه نباشد به خلاف دوم كه محل خلاف است و محتمل است كه حق با ايشان نباشد و بر باطل باشند و از اين قبيل است استدلال مولانا الصادق7 از براي عبدالكريم بن ابي‏العوجا ان كان الامر كما تقولون و ليس كما تقولون فانتم و هم سواء و ان كان الامر كما يقولون و هو كما يقولون فقد نجوا و هلكتم اين است تمام كلام در اين مقام بر سبيل اختصار واللّه الموفق للصواب و الحمدللّه رب العالمين.

سؤال: و سأل الشيخ احمد بن شكر النجفي مولانا و سيدنا الكريم انار اللّه برهانه هل البناء علي تقليد الميت رخصة ام عزيمة و علي تقدير المنع فهل يشمل المستحبات و السنن و هل يجوز التبعيض في التقليد و هل يجوز التقليد في القطعيات النظرية؟

جواب: ان تحقيق هذه المسألة علي الحقيقة لابد فيه من بيان مقدمات لايتضح الامر بدونها فنذكرها في تلو فصول و قد سألني هنا بعض الاصحاب و هو شيخنا الشيخ محمد بن صالح البحراني سلمه اللّه تعالي عن هذه المسألة فلكثرة المشاغل لم‏يتيسر لي ان‏اكتب له فيها ما يكشف عنها نقاب الابهام فافصل المسألة هنا بقدر الميسور ليكون جواباً له ايضاً اذا اطلع علي هذه الرسالة و كان سؤاله سلمه اللّه ما يقول مولانا ادام اللّه ظله العالي علي سرور الايام و الليالي هل عندكم فرق في تقليد العلماء بين الاحياء و الاموات كما هو عند اكثر المجتهدين الاخذين بآرائهم فانه قد اجمع علي عدم تجويز تقليد الميت مطلقاً وجد فقيه ام لا بل كاد ان‏يكون اجماعاً منهم حقاً كان هذا الرأي ام باطلاً ام لافرق في ذلك كما هو عند المحدثين الاخذين بالاخبار فانهم لايفرقون بين الرجوع الي حيهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 77 *»

و ميتهم لانهم انما اخذوا و افتوا بالروايات و لدلالة كثير من الاخبار علي ذلك كصحيح محمد بن مسلم و صحيح سليمان بن خالد و صحيح الفضل بن شاذان و في رواية الحرث بن المغيرة اذا سمعت من اصحابك الحديث و كلهم ثقة فموسع عليك حتي تري القائم7 الي غير ذلك و ما مستند المجتهدين هل مستندهم رواية المعلي بن خنيس ام لامستند لهم ام لهم مستند غير هذا بينوا لنا ما هو الصواب عندكم فلكم الاجر و الثواب من الكريم الوهاب و افضل الصلوة و اكمل التسليم علي محمد و آله الحريين بالتبجيل و التعظيم انتهي كلامه ايده اللّه.

فصــل: التقليد في اللغة تعليق القلادة علي الغير و في اصطلاح العلماء هو العمل بقول الغير من غير حجة و دليل فكانه يقلده دينه و في اصطلاح اهل البيت: هو الاخذ عن الغير بدليل او بغير دليل فعلي اصطلاح العلماء ليس الاخذ عن اللّه و رسوله و اوليائه و الفقهاء و رجوع الفقهاء الي العدول في شهادتهم تقليداً لقيام الدليل العقلي بلزوم الاخذ عن اللّه و رسوله و اوليائه و عن الفقهاء و قيام الدليل الشرعي للفقيه بلزوم الاخذ بقول العدلين و العمل به فيما يعمل فيه به ثم صار في العرف يطلق التقليد علي الاخذ عن الفقهاء ايضاً فرجع العرف الي اصطلاح اهل البيت: و في اصطلاحهم: يطلق التقليد علي الاخذ عن المعصوم ايضاً كما روي محمد بن عبيدة ان اباالحسن7 قال له يا محمد انتم اشد تقليداً ام المرجئة قال قلدنا و قلدوا فقال لم‏اسألك عن هذا فلم‏يكن عندي جواب اكثر من الجواب الاول فقال ابوالحسن7 ان المرجئة نصبت رجلاً لم‏تفرض طاعته و قلدوه و انكم نصبتم رجلاً و فرضتم طاعته ثم لم‏تقلدوه و قيل للرضا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 78 *»

7 جعلت فداك ان بعض اصحابنا يقولون نسمع الامر يحكي عنك و عن آبائك فنقيس عليه و نعمل به فقال سبحان اللّه لا واللّه ما هذا من دين جعفر هؤلاء قوم لاحاجة بهم الينا قد خرجوا من طاعتنا و صاروا في موضعنا فاين التقليد الذي كانوا يقلدون جعفراً و اباجعفر قال جعفر لاتحملوا علي القياس فليس من شي‏ء يعدله القياس الاّ و القياس يكسره فتبين ان التقليد في عرف الائمة: يطلق علي الاخذ عن المعصوم و غير المعصوم ايضاً فمنه ما هو جايز و منه ما لايجوز كما نبين ان‏شاء اللّه.

فصــل: لاكلام في جواز الاخذ عن المعصوم بل في وجوبه لقيام الادلة العقلية في وجوب الاخذ بقوله كذا لاخلاف في عدم جواز تقليد الجاهل مثله لعدم الدليل علي الاخذ بقوله بل وجود الدليل علي عدم جواز اخذ الدين عن الجاهل غير المنصوب من جانب اللّه و جانب حججه: عموماً و خصوصاً و انما الكلام في تقليد العلماء من المجتهدين و المحدثين هل قام دليل علي جواز الاخذ عنهم من غير فهم المأخذ و بيانه ام لا بل قام دليل علي عدم الاخذ فالمشهور بين المجتهدين انه يجوز لمن لم‏يبلغ رتبة الاجتهاد التقليد لمجتهد في المسائل الفرعية بل ادعوا عليه الاجماع و عن الذكري عليه اكثر الامامية و خالف فيه بعض قدمائهم و فقهاء حلب فاوجبوا علي العوام الاستدلال و اكتفوا فيه بمعرفة الاجماع الحاصل من مناقشة العلماء عند الحاجة الي الوقايع او النصوص الظاهرة او ان الاصل في المنافع الاباحة و في المضار الحرمة مع فقد نصّ قاطع في متنه و دلالته و النصوص محصورة و اما المحدثون فقد منعوا عن التقليد رأساً اما دليل المجتهدين علي لزوم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 79 *»

التقليد من العوام للعلماء الاعلام الاجماع الحاصل من تتبع حال السلف من الافتاء و الاستفتاء و تقريرهم و عدم انكارهم و قد نقل الاجماع عن السيد المرتضي و العلامة و غيرهما من علماء الخاصة و العامة و استدلوا ايضاً بعموم قوله تعالي و اسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و بما دل من الاخبار علي جواز الاخذ عن العلماء و بلزوم العسر و الحرج الشديد لانه لو وجب علي العامي النظر في ادلة المسائل الفقهية لكان ذلك اما قبل وقوع الحادثة او  عندها و القسمان باطلان اما قبلها فبالاجماع و لانه يؤدي الي استيعاب وقته بالنظر في ذلك فيؤدي الي الضرر بامر المعاش المضطر اليه و اما عند نزول الواقعة فلان ذلك متعذر لاستحالة اتصاف كل عامي عند نزول الحادثة بصفة المجتهدين و استدلوا ايضاً باختلال نظام العالم اذ الاجتهاد ليس امراً سهلاً يحصل عند وقوع الواقعة بل يحتاج صرف مدة العمر او اغلبه فيه اقــول هذه الادلة تمام ادلتهم التي ذكروها او اقويها فانهم استدلوا بزعمهم بالكتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل ولكن جميعها متهافتة رثة لايسمن و لايغني من جوع و هي كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءاً حتي اذا جاءه لم‏يجده شيئاً اما استدلالهم بالاجماع المنقول او المحصل فغير ثابت لانهم ارادوا بتقليد المجتهد الاخذ عن عالم يحكم في الفروع علي ما استنبطه من الادلة التفصيلية و هي الكتاب و السنة و الاجماع و الادلة العقلية و بعض القياسات المجوزة علي اختلاف كالقياس الاولوي و التنقيح المناط و المنصوص العلة و المستنبط العلة الي غير ذلك مما جوزوه مجتمعاً او متفرقاً و المظنون مطلقة او خاصة و نحن لانسلم ان السلف كانوا يستفتون عن عالم يحكم بما ذكرنا من دليل عقل او قياس او ظن بل المعروف من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 80 *»

طريقة السلف الذي لايشك فيه عاقل فطن ان الامام في تلك الايام كان كاحد العلماء في هذه الايام و لهم المثل الاعلي و الفقهاء في تلك الايام كانوا جماعة سمعوا من الامام7 اخباراً كثيرة كالتلامذة الملازمين في هذه الايام للعلماء و كان الناس يستفتون تلك التلامذة فيفتونهم بما سمعوا من غير تحريف و لاتبديل و كان يأخذ المستفتي بفتواه اذا كان عنده ثقة كما يأخذ العوام يومنا هذا عن تلامذة العلماء يذكرون اولئك لهم ما سمعوه من العالم او رأوه في كتابه و يقبل العامي قوله اذا علم وثاقته و لذا قال ابوعبداللّه7 يغدوا الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء و ليس شق رابع يقول بالظن و يجب علي العوام تقليده فانشدهم اللّه هل العامي الاخذ عن تلامذتكم يومكم هذا مقلد لتلامذتكم و تلامذتكم مجتهدون ام لا و لااظنكم ترضون بذلك بل تسمون التلميذ راوياً لفتياكم و تقولون ان العامي قلدنا و هو مقلدنا و ليس بمقلد للنقلة البتة و من راجع كتب الاخبار عرف ذلك بلاغبار و ان شئت اسرد لك بعض الاثار حتي تستدل به علي الاغيار فمن ذلك ما سئل ابوالحسن7 من اعامل و عمن آخذ و قول من اقبل فقال العمري ثقتي فما ادي اليك عني فعني يؤدي و ما قال لك عني فعني يقول فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون و سئل ابومحمد7 ايضاً عن مثل ذلك فقال العمري و ابنه ثقتان فما اديا اليك عني فعني يؤديان و ما قالا لك عني فعني يقولان فاسمع لهما و اطعهما فانهما الثقتان المأمونان و في التوقيع الرفيع عن بقية اللّه7 و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه و قال ابوعبداللّه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 81 *»

7 اما ما رواه زرارة عن ابي‏جعفر فلايجوز لك ان‏ترده و قيل لابي‏عبداللّه7 انه ليس كل ساعة القاك و لايمكن القدوم و يجي‏ء الرجل من اصحابنا فيسألني و ليس عندي كل ما يسألني عنه فقال ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فانه سمع من ابي و كان عنده وجيهاً و عن ابان بن عثمان ان اباعبداللّه7 قال له ان ابان بن تغلب قد روي عني رواية كثيرة فما رواه لك عني فاروه عني الي غير ذلك من الاخبار التي تبلغ التواتر في هذا المعني و قد رويناها في كتابنا فصل الخطاب و ذكرها الشيخ الحر رحمه اللّه في الوسائل و المجلسي في البحار بل ورد النهي الشديد علي التواتر عن الاخذ بقول جماعة يقولون من غير نص مسموع قال الصادق7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين اللّه ليس له برهان و قال من دان اللّه بغير سماع من عالم صادق الزمه اللّه و من ادعي سماعاً من غير الباب الذي فتحه اللّه فهو مشرك و ذلك الباب المأمون علي سر اللّه المكنون و قال اما انه شر عليكم ان‏تقولوا بشيء ما لم‏تسمعوه منا و قال7 قد سألني ابن‏شبرمة ما تقول في القسامة في الدم فاجبته بما صنع رسول اللّه9 قال ارأيت لو ان النبي9 لم‏يصنع هذا كيف كان يكون القول فيه قال قلت له اما ما صنع النبي9 فقد اخبرتك و اما ما لم‏يصنع فلاعلم لي به و سئل ايضاً عن مسألة فاجاب فقال الرجل ارأيت ان كان كذا و كذا ماكان يكون القول فيه فقال له مه ما اجبتك فيه من شي‏ء فهو عن رسول اللّه9 لسنا من ارأيت في شي‏ء. اعتبر من هذين الخبرين انه كيف تكلم و اجاب تعليماً و لم‏يقل ان الاصل كان يقتضي كذا او هو بطريق اولي كذا او القاعدة كانت تقتضي كذا و لم‏يفت

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 82 *»

الاّ بسمع و نطق و قال7 ان اللّه فرض ولايتنا و اوجب مودتنا واللّه مانقول باهوائنا و لانعمل بآرائنا و لانقول الاّ ما قال ربنا عزوجل و قال واللّه لنحبكم ان‏تقولوا اذا قلنا و تصمتوا اذا صمتنا و نحن فيما بينكم و بين اللّه ماجعل اللّه لاحد خيراً في خلاف امرنا الي غير ذلك من الاخبار المتواترة التي رويناها في كتابنا فصل الخطاب فاذا كان امر السلف كذلك كيف يمكن الاستدلال باستمرار استفتاهم و فتواهم بجواز تقليد العلماء المجتهدين القائلين بالظن و التخمين و القياسات المعروفة المجوزة بينهم و الادلة العقلية و كيف يكون تلك السيرة اجماعاً علي جواز التقليد هكذا فتبين و ظهر ان مدرك اجماعهم خطاء و لم‏يقم اجماع علي ما يريدون بل لو قال قائل انه قام الاجماع علي عدم الجواز له ذلك و يمكن الاستدلال عليه بالاجماع و غيره كما بينا في مباحثاتنا و كتبنا و رسائلنا و اما استدلالهم بالكتاب بقوله تعالي فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون فليس في محله بل هو عليهم لا لهم فان اهل الذكر الائمة: فعن محمد بن مسلم عن ابي‏جعفر7 قال ان من عندنا يزعمون ان قول اللّه عزوجل فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون انهم اليهود و النصاري قال اذا يدعونكم الي دينهم قال ثم قال بيده الي صدره نحن اهل الذكر و نحن المسئولون و يشهد بهذا التفسير رواية ابي‏بصير المرادي و رواية الفضيل و رواية عبداللّه بن عجلان و رواية عبدالرحمن بن كثير و رواية الوشا و رواية ابي‏بكر الحضرمي و رواية عبدالحميد بن ابي‏الديلم و رواية زرارة و رواية شعيب العقرقوفي و رواية الريان بن الصلت و رواية عمر بن يزيد و رواية بريد بن معوية و رواية احمد بن محمد فاذا ورد في تفسير اية هذه الروايات المستفيضة كيف يسع احداً

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 83 *»

ان‏يصرفها عن تفسير اهل البيت: و يفسرها برأيه و يستند الي تفسيره و قد قال اميرالمؤمنين7 من عمي نسي الذكر و اتبع الظن و بارز خالقه الي ان قال فمن نجا من ذلك فمن فضل اليقين فمن نسي الذكر و اتبع الظن كيف يكون اهل الذكر حتي يسأل فتبين ان الاية لاتدل علي تقليد الفقهاء فلايجوز الاستدلال بها و اما استدلالهم بما دل من الاخبار علي جواز الاخذ من العلماء فقد ذكرنا ان ديدنهم كان رواية ما سمعوه امامهم7 فتلك الاخبار جارية ذلك المجري و ليس فيها ما عسي ان‏يدل علي جواز الاخذ عن المجتهدين كما مرّ بعضها و اما ما استدلوا بلزوم العسر و الحرج الشديد لو وجب علي العامي النظر في ادلة المسائل الفقهية فهو اعجب و اعجب فانهم بانفسهم شددوا الامر علي انفسهم و ضيقوه و ان الدين اوسع من ذلك و اوسع و انما هذا العسر و الحرج يلزم علي طريقتهم و لما اسسوا من القواعد و القوانين التي ما انزل اللّه بها من سلطان و انما كتب السلف حاضرة و اصولهم و المنقول عنهم موجودة في اي كتاب و في اية رواية ذكر شي‏ء من هذه القواعد و القوانين بل ما صار يحدث علي مرّ الشهور و الاعوام لم‏يكن في عصر من الاعصار و لم‏يكن في كتاب عالم من العلماء الابرار و انهم يزيدون ذلك يوماً فيوماً ثم يشترطونه في الاجتهاد و معروف عند الطلبة و المتعمقين ان شيخنا الآقا باقر عليه الرحمة ماكان يجوز مداولة علم الاصول ازيد من ستة اشهر و يقول ان ازيد منه تضييع للعمر و كان يذاكره في ستة اشهر بجميع مسائله و قد آل الامر في زمان شيخنا الملاشريف عليه الرحمة ان علم الاصول يذاكر من اوله الي آخره في ثلثين سنة و كذا في زمان مولينا الميرزا ابوالقاسم القمي عليه الرحمة و ليس

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 84 *»

جلّ هذه المسائل المنتشرة في الفوايد الحايرية و ليس جل ما حدث في عصرنا في القوانين و غيرها من كتب السابقين و في كل عصر يشترطون العلم بما يذكرونه في الاجتهاد و ينفونه عمن لايعلمه و انت تعلم ان هذا العلم قبل الكليني رحمه اللّه لم‏يكن في الشيعة مع ان اتباع الشافعي و ابي‏حنيفة كانوا يزاولونه و يداولونه بينهم كثيراً و لم‏يسئل احد من الشيعة امامهم عن بعض تلك المسائل الاختلافية بين العامة و الاتفاقية مع انهم كانوا يجالسون العامة و يباحثونهم فلم‏يسألوا عن احدي مسائلهم الائمة: و ليس في شي‏ء منها نص و لا اثر بل النهي عن تلك المسائل موجودة فوق التواتر كما رويناها في كتابنا فصل الخطاب و لم‏يكن عدم سؤالهم اياهم عن شي‏ء منه الاّ لاجل نهيهم: اصحابهم عن نوع ذلك العلم فماكانوا يجسرون ان‏يذكروا شيئاً منه في حضرتهم و لو كان يقع السؤال و الجواب عنه لكان شدة الحاجة اليه تقتضي نقله لامحة فانهم يزعمون انه لادين الاّ به فاذا ظهر خلو اعصار الائمة: و خلو زمان الغيبة عنه و انما حدث شيئاً فشيئا و زاد شيئاً فشيئاً لممارسة كتب العامة و مزاولتها كما يشهد به كتب الاصول لان جل ما نقل فيها نقل عن العامة و كتبهم حاضرة لاسيما المفاتيح ظهر انه محدث و قد قال النبي9 شر الامور محدثاتها و قال ان احدث الحديث كتاب اللّه و خير الهدي هدي محمد9 و شر الامور محدثاتها و كل محدث بدعة و كل بدعة ضلالة فهم اشكلوا الامر علي انفسهم بحيث لابد و ان‏يصرفوا فيه اكثر اعمارهم و الاّ ما جاء به الكتاب و دعي اليه النبي و آله الاطياب فاوسع ما بين السماء و الارض قال7 ان الخوارج ضيقوا علي انفسهم و ان الدين

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 85 *»

اوسع من ذلك و قد بينا سهولة الاستنباط من الكتاب و السنة بحيث يقدر عليه كل مشغول بكسب معيشته و لم‏يمنعه عن كسبه يريد اللّه بكم اليسر و لايريد بكم العسر و لايكلف اللّه نفساً الاّ وسعها و اما ما استدلوا به من اختلال النظام فلعله يختل النظام بانتفاء الرياسات و السياسات و الاّ بصيرورة الناس عالمين و عاملين عن علم و يقين اي اختلال يحدث في النظام و ما زعموا من ان الاجتهاد يحتاج الي صرف عمر فيه او اغلبه فيمتنع عن الكسب و العمل فذلك لماضيقوا هم علي انفسهم و بينا ان الدين اوسع من ذلك فلاعسر و لاحرج و لااختلال و علي ما ذكروا كان الناس في اعصار الائمة و الغيبة في عسر و حرج و كان نظامهم مختلاً و استراحوا في هذه الايام و التئم لهم النظام هيهات هيهات هؤلاء يحسبون انه في عصر الامام كان يمكن لكل احد الوصول الي حضرتهم و لايتفكرون في انفسهم ان اهل البلاد القاصية ماكانوا يتمكنون من الوصول الي خدمتهم في عمر مرة فرب شيعي في تلك الاعصار لم‏ير امامه قط و لايتفكرون ان بعض الائمة كان في السجن بضع سنين و لايمكن احد الوصول الي خدمته بل المكاتبة اليه فكيف كانوا يعملون اهل تلك الايام و احسب انت ايضاً ان امامك اليوم في المدينة المشرفة و انت هيهنا لاتقدر الوصول الي حضرته و التقبيل لعتبته بل في تلك الايام لم‏تكن الاخبار مجتمعة و الكتب مبوبة و الاخبار مشروحة مفسرة بعضها ببعض و اليوم الحمد للّه عند كل احد من الاخبار ما لم‏يكن عند عالم من علماء تلك الاعصار و في عصر واحد يوجد الان من الاثار ما لم‏يكن موجوداً في تلك الايام في كل الامصار فطريق الاستنباط في هذه الايام اسهل منه في تلك الايام مرات حتي ان اليوم يمكن لكل خباز و بقال و تاجر ان‏يستنبط ولكنهم ضيقوا علي انفسهم و علي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 86 *»

الناس فبقيت العوام حياري في ذل الجهل كما تري و قد حققنا ما نذكره في مباحثاتنا و رسائلنا مراراً عديدة حتي اذعن له من كان له في علم الاصول ضرس قاطع فتبين للناظر البصير و المنصف الخبير ان ادلتهم كانت اوهن من بيت العنكبوت مع انه من اوهن البيوت و اما ما يزيد ذلك و هنا انه لماقبض رسول اللّه9 و غصب القوم الخلافة و رغبوا عن العترة الطاهرة و استبدوا بآرائهم و رأي علماؤهم ان النبي قد ذهب و بقوا علي الحقيقة رعية واحدة لاعلو لاحد منهم علي الاخر علي الحقيقة الاّ بالسيف و السوط و ذلك ليس بامر حقيقي و ارادوا الاستعلاء و نسوا قول اللّه سبحانه تلك الدار الاخرة نجعلها للذين لايريدون علواً في الارض و لافساداً وضعوا هذا القانون ان الناس علي صنفين مجتهد و مقلد و لابد للمقلدين من ان‏يقلدوا المجتهدين حتي ظن بعضهم ان رسول اللّه9 كان مجتهداً و ان الناس في عصر رسول اللّه9 كانوا مجتهدين و مقلدين و ان معاذ بن جبل كان يجتهد في عصر النبي9 و الخلفاء كانوا مجتهدين و معوية كان مجتهداً و اداه رأيه الي حرب علي7 فتداعوا علي هذا القول و دونوه و ذاكروه حتي شاع و ذاع بينهم حتي اجمعوا عليه و صار بينهم من المسلمات الضرورية و تسموا و سموا المجتهدين بالامام فقالوا الامام الشافعي و الامام الحنفي و الامام الفخر الرازي كل ذلك في مقابلة الشيعة و لمارأوا ان الرعية لاينتظم امرهم بغير رئيس و امام فصارت هذه المسألة من اجماعياتهم و ضرورياتهم و اما الفرقة الناجية فكانوا بعد رسول اللّه9 يأخذون عن علي7 و هو امامهم يفتيهم عن سمع و نطق و عيان و احاطة و علم و بعده اخذوا عن الحسن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 87 *»

7 كذلك و بعده عن الحسين7 كذلك و هكذا كانوا يأخذون في كل عصر عن امامه الي ان انتهي الامر الي الغيبة فكانوا يأخذون في زمن الغيبة عن النواب المؤتمنين المقدسين كذلك فاذا مضوا و انسد الباب الي الامام7 بقيت الشيعة مثل ما بقيت العامة بعد رسول اللّه9 فحدث فيهم المجتهد و المقلد و اوجبوا بادلة سمعتها تقليد العوام للمجتهدين و انت تعلم انه رويت آثار متواترة ان الرشد في خلاف العامة العمياء فمنها ما قال ابوعبداللّه7 اذا ورد عليكم حديثان مختلفان فخذوا بما خالف القوم و قال في حديث اتدري لم امرتم بالاخذ بخلاف ما يقول العامة فقيل لاادري فقال ان علياً7 لم‏يكن يدين اللّه بدين الاّ خالف عليه الامة الي غيره لابطال امره و كانوا يسألون اميرالمؤمنين7 عن الشي‏ء الذي لايعلمونه فاذا افتاهم جعلوا له ضداً من عندهم ليلبسوا علي الناس و قوله بدين نكرة واقعة في سياق النفي يفيد العموم فكل ما دان به علي7 خالف عليه العامة و كل ما عليه العامة خلاف ما كان اميرالمؤمنين7 عليه و قال الصادق7 ما انتم واللّه علي شي‏ء مما هم فيه و لا هم علي شي‏ء مما انتم فيه فخالفوهم فما هم من الحنيفية علي شي‏ء و لفظة شي‏ء في الخبر نكرة واقعة في تلو النفي يفيد العموم و هذه المسألة ايضاً شي‏ء و في رواية عنه7 في الخبرين اعرضوهما علي اخبار العامة فماوافق اخبارهم فذروه و ما خالف اخبارهم فخذوه و قيل للرضا7 يحدث الامر لااجد بداً من معرفته و ليس في البلد الذي انا فيه احد استفتيه من مواليك فقال ائت فقيه البلد فاستفته في امرك فاذا افتاك بشيء فخذ بخلافه فان الحق فيه و روي انهم متي افتوا بشيء

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 88 *»

فالحق في خلافه و روي واللّه لم‏يبق في ايديهم الاّ استقبال القبلة اذا عرفت انه يجب علي الشيعة مخالفة ما العامة عليه و الاخذ بخلاف القوم و ورد خبر عن الائمة: مطابقاً لهم فما ظنك بما لم‏يرد خبر عنهم: فيه و اجمعت العامة العمياء عليه بل وردت نصوص كثيرة في الرد علي هذا القول و هذا الاختيار اعاذنا اللّه من زلة الاقدام و ضلة الاحلام و ان شئت ان اسرد لك شطراً من النصوص الناهية من اتخاذ المجتهدين و تقليدهم فيما يقولون من غير كتاب و لاسنة فاستمع قيل لابي‏عبداللّه7 اتخذوا احبارهم و رهبانهم ارباباً من دون اللّه فقال اما واللّه مادعوهم الي عبادة انفسهم و لو دعوهم ما اجابوهم ولكن احلوا لهم حراماً و حرموا عليهم حلالاً فعبدوهم من حيث لايشعرون و قال7 اياكم و هؤلاء الرؤساء الذين يترأسون فواللّه ماخفقت النعال خلف رجل الاّ هلك و اهلك و قال7 اياك و الرياسة و اياك ان‏تطأ اعقاب الرجال قيل جعلت فداك اما الرياسة فقد عرفتها و اما ان اطأ اعقاب الرجال فمانلت ما في يدي الاّ مما وطئت اعقاب الرجال فقال ليس حيث تذهب اياك ان‏تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما قال و قال اميرالمؤمنين7 في حديث انما الطاعة للّه و لرسوله و لولاة الامر و انما امر اللّه بطاعة الرسول لانه معصوم مطهر لايأمر بمعصية و انما امر بطاعة اولي الامر لانهم معصومون لايأمرون بمعصية اقول اذا عرفت ان الامر بطاعتهم لانهم معصومون مطهرون فكيف يجوز في الحكمة ان‏يأمر اللّه بطاعة من يجوز ان‏يأمر بالمعصية و هو لايدري و قال اميرالمؤمنين7 من اخذ دينه من افواه الرجال ازالته الرجال و من اخذ دينه عن الكتاب و السنة زالت الجبال و لم‏يزل و قال ابوعبداللّه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 89 *»

7 يا معشر الاحداث اتقوا اللّه و لاتأتوا الرؤساء دعوهم حتي يصيروا اذناباً لاتتخذوا الرجال ولايج من دون اللّه انا واللّه خير لكم منهم انظر في هذا الحديث الشريف انه7 كيف نهي احداث الشيعة عن اتيان الولايج و الرؤساء و هل كان الشيعة تأتي رؤساء العامة و تأخذ عنهم فتدبر و قال ايضاً دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين اللّه ليس له برهان الي غير ذلك من الاخبار المتواترة التي رويناها في فصل الخطاب فاذا ورد النهي عنهم كذلك و اجمعت العامة علي تصنيف الناس صنفين فاي عذر للقوم في هذه القاعدة المطردة بينهم انه لابد من مجتهد و من مقلد.

فصــل: ان قال قائل انت تصدق الشيخ الاوحد و القمقام الامجد الشيخ احمد اعلي اللّه مقامه و رفع في الخلد اعلامه و تذعن للسيد الجليل العالم فخر الاكابر و الاعاظم السيد كاظم اجل اللّه شأنه و انار برهانه و هما في زمانهما لم‏ينكرا علي القوم هذا الانكار الشديد بل باحثا و صنفا في هذا العلم و جريا مجريهم فمابالك انت تنكر هذا الانكار و تخالف ذلك المدار اليس انكارك عليهم انكاراً عليهما ايضاً فالجواب عنه انهما انار اللّه برهانهما قد ظهرا بامر كان اصلاحه اوجب من جميع الفرايض و هو اصلاح العقايد و اظهار فضائل آل اللّه: و نفي تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين و ابطال الصوفية الملحدين و ازهاق حجج القائلين بوحدة الوجود و اتحاد الموجود و ساير الفرق الضالة المضلة فداروا في عصرهم مع ساير القشريين حتي لاتكثر الاعداء عليهم من كل جانب فيلجئوهما الي السكوت بازلاق السنتهم من كل وجه و الاجماع علي دفعهم فلايذكر اللّه رأساً و لم‏يذكر

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 90 *»

فضائل آل اللّه رأساً و لو ردا علي هؤلاء ايضاً كما ردا علي ساير الفرق و ارادا احياء الامر من الباطن و الظاهر معاً لم‏يتمكنا من اظهار كلمة واحدة و هما مع مداراتهما مع هؤلاء القوم و موافقتهما لهم قد عاشا في خوف و تعب و مرارات و نصب و هاجت في الصدور العداوة لآل اللّه و آل الرسول صلوات اللّه عليهم مدي الدهور حتي آذوهما بالسنتهم و ايديهم و كفروهما و سلبوهما و طعنوا عليهما و اتباعهما بين مقتول و مطرود و منفي من البلاد علي ما خاطبهم اللّه سبحانه ثم انتم هؤلاء تقتلون انفسكم و تخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالاثم و العدوان و ان يأتوكم اساري تفادوهم و هو محرم عليكم اخراجهم و كان ذلك بمرأي منكم و مسمع و واللّه هؤلاء قرناء اصحاب الاخدود و مانقموا منهم الاّ ان‏يؤمنوا باللّه العزيز الحميد فكيف كان الامر لو ردوا علي قشرهم ايضاً بل لم‏يصدقهما اغلب من صدقهما الاّ بتسليمهم لامر القشريين و لو كان غير ذلك لم‏يقدرا علي كلمة واحدة من اظهار العقايد النبوية و المقامات الولوية و اما بعد ما حصحص الحق و ظهر الايمان المطلق و عم جميع البلاد و شاع في ساير العباد فلايجوز السكوت عما دل عليه الكتاب و جري في الشرع المستطاب حذراً عما روي اذا ظهرت البدع و لم‏يظهر العالم علمه الجمه اللّه بلجام من النار و واللّه لولا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود الناصر لالقيت حبلها علي غاربها و لسقيت آخرها بكأس اولها و جريت مجري اسلافي و اشياخي ولكن الحجة قد قامت و المواد استعدت و الطبايع انتضجت فلاوجه للسكوت حينئذ و لاتزعمن ان ما اذكره من الرد عليهم هو امر صدر من رأيي او علم ذكرته من هواي بل هو ما اخذته عن سيدي و مولاي و معتمدي و رجائي و انا اعلم بلهجته و لغته و علانيته

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 91 *»

و سريرته من غيري الاتري ان سيدي و مولاي ابرز من علم الشيخ ما لم‏يذكره الشيخ ولكن لماكان مصدقاً من شيخه لم‏يسع احداً ان‏يرد عليه و لاسيما اذا اتي علي كلامه من الادلة ما اتي به الشيخ من الكتاب و السنة و دليل العقل فكذلك الان حرفا بحرف انا اتيك بما اتي به اسلافي من الكتاب و السنة و دليل العقل بل هو من سماع و نطق من مولاي و سيدي و رجاي و معتمدي فلايذهبن بك المذاهب و لاتخالفن ما ارسمه لك و لو تيسر الملاقات لرأيت و سمعت مني ما لايبقي لذي مقال مقالاً ولكن لايمكنني اظهار ما كمن في الصدور الاّ بقدر الميسور.

فصــل: لما بني القوم امرهم علي الاجتهاد و التقليد كما بني العامة بناءهم عليه جروا علي مجريهم في جميع الخلافات فقالوا المجتهد اما مطلق و اما متجزي فقالوا المجتهد المطلق يجب عليه ان‏يعمل برأيه و يجب علي العوام تقليده و اما المتجزي فاختلفوا فيه هل يجوز له العمل برأيه للناس و تقليده ام لا و هذا الخلاف بعينه يجري و يتمشي علي مذهب العامة و هو منهم و اليهم و هل يجب تقليد الاعلم  ام لا و يجب الفحص عن الاعلم ام لا يجب و المجتهد قبل ان‏يجتهد في المسألة هل يجوز له تقليد غيره ام لا و علي فرض الجواز يجوز في ضيق الوقت او في كل حال و يجوز فيما يخصه او و فيما لايخصه ايضاً و يجب تقليد الاعلم منه او تقليد المساوي ايضاً جايز و يجب ان‏يقلد الصحابي اذا قلد او غيره ايضاً جايز و هل يجوز التقليد في اصول العقايد ام لا و عن جماعة منهم المحقق الطوسي جوازه و هل يجوز بناء المجتهد علي الاجتهاد السابق ام لابد له من تجديد النظر و هل يجوز العدول عن تقليد حي الي تقليد حي آخر ام لا و قد خرق هذه الاختلافات الاسماع و ملأت الاصقاع بحيث

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 92 *»

لاينكر شي‏ء منها و انا الان ايضاً لايمكنني من كثرة المشاغل ايراد جميع ما في قلبي منها فانظر ايدك اللّه هل يتمشي هذه الاختلافات علي مذهب الشيعة و هل وضعت العامة هذا الامر الاّ لاثبات رياستهم علي العوام و قولهم بجواز التقليد في الاصول هل هو الاّ تمويه منهم علي العوام لئلا يتفطن العامي رباً و لا رسولاً و لا اماماً بل يتبع هذا الرئيس و لم‏يتدبروا ان الاصول لو كان التقليد فيها جايزاً ماكان وجه ترجيح لتقليد الشيعة علي تقليد اليهود و النصاري بالجملــة هذه الاختلافات لايجري و لايتمشي علي مذهبنا ابداً لانا لانجوز تقليد احد احداً لا في الفروع و لا في الاصول و انما نوجب العلم بالاصول و الفروع علي جميع الرعية و نقول ان الامام7 هو العالم و جميع الشيعة متعلمون و لابأس بان‏يكون واحد متعلماً من امامه من غير واسطة و واحد متعلماً بواسطة و علي ذلك جرت سنة الشيعة في زمن الائمة: و قد تحقق عندنا الاجماع الذي يشك في الشمس في رابعة النهار و لايشك فيه علي انه يجب تقليد المعصوم عن الخطاء لا غيره كما يأتي ان‏شاء اللّه تعالي.

فصــل: في تقليد الحي و الميت الذي وقع السؤال عنه من الفاضلين سلمهما اللّه اعلم ان هذه المسألة قد اختلف العلماء فيها اي العلماء الاصوليون و الاخباريون و الشيعة و العامة فالمشهور عند علمائنا الاصوليين عدم جواز تقليد الميت و عن مشهور العامة جوازه و لذا صار بناؤهم علي تقليد الاصنام الاربعة و من علمائنا من فصل فمنع مع وجود الحي لا مع عدمه و من علمائنا من جوز تقليد الميت و العمل بروايته كجمع من الاخباريين و استدل المانعون عن تقليد الميت بان التقليد انما ساغ للاجماع المنقول و هو ما قد قدمنا من اجماعهم و حكينا عنهم سابقاً و تكلمنا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 93 *»

عليه و بينا وهنه باحسن بيان و للزوم الحرج الشديد و العسر بتكليف الخلق بالاجتهاد و كلا الوجهين لايصلح دليلا في موضع النزاع لان صورة حكاية الاجماع صريحة في الاختصاص بتقليد الاحياء و الحرج و العسر يندفعان بتسويغ التقليد في الجملة علي ان القول بالجواز قليل الجدوي علي اصولنا لان المسألة اجتهادية و فرض العامي فيها الرجوع الي فتوي المجتهد فالقائل بالجواز ان كان ميتا فالرجوع الي فتواه فيها دور و ان كان حيا فاتباعه فيها و العمل بفتاوي الموتي في غيرها بعيد عن الاعتبار غالباً مخالف لما يظهر من اتفاق علمائنا علي المنع من الرجوع الي فتوي الميت مع وجود المجتهد الحي بل قد حكي الاجماع فيه صريحاً بعض الاصحاب و قال بعضهم ظاهر الاصحاب الاطباق علي عدم جواز العمل بالرواية عن الميت و من اهل الخلاف من اجازه و هذا الذي ذكرنا هو اقوي دليلهم في المقام فان صاحب المعالم قال الحجة المذكورة للمنع في كلام الاصحاب علي ما وصل الينا ردية جداً لايستحق ان‏يذكر ثم قال و يمكن الاحتجاج له بما ذكرنا هنا نقلاً عنهم و كذا قال القمي في القوانين ان الاحتجاجات المذكورة لنفي الحجية في كلام الاصحاب كلها ضعيفة اقواها ما اختاره صاحب المعالم و مرجعه الي ان الاصل حرمة العمل بالظن و ما دل علي جواز التقليد امران و حكي ما حكينا عنهم انظر الان اولاً في اصل الخلاف فانا في عويل من اصل التقليد حياً كان المجتهد ام ميتاً لما ذكرنا من الاخبار و الاثار و صحيح الاعتبار و هم يختلفون في تقليد الميت ثم ارجع البصر في دليلهم فانهم اعترفوا ان الاصل عدم جواز التقليد و العمل بالظن مطلقاً ثم سوغوا تقليد الحي بدليلين الاول الاجماع الذي رأيت انه كان اهون من بيت العنكبوت مع

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 94 *»

انه من اوهن البيوت و الثاني لزوم العسر و الحرج الذي قدمنا انه يلزم علي طريقتكم و ما نسجتم علي انفسكم و اما علي طريقة اهل البيت: لايلزم عسر و لاحرج من تفقه كل من العوام و الخواص كما كانوا يتفقهون في اعصارهم و لاحرج فاذا بطل دليلهم هذا فالباقي علي قولهم لايستحق ان‏يذكر و انما هذا الخلاف ايضاً يتمشي علي طريقتهم و اما علي ما اخترنا من طريقة اهل البيت: فلاحاجة الي تقليد حتي يقلد حياً او ميتاً و اما ما زعمه شيخنا الشيخ محمد من ان مستندهم رواية المعلي بن خنيس فلم‌اره من استدل بها لهم الا ما وجدته في حواشي المفاتيح بخط شيخنا الفقيه الشيخ نعمة الله رحمه الله نقلا من شرح الشيخ عبد علي علي المفاتيح و قد ذكر هو ان مستندهم رواية المعلي بن خنيس و ها انا اذكرها لك و انظر هل فيه دلالة علي عدم جواز تقليد الميت فعن المعلي بن خنيس قال قلت لابي‏عبداللّه7 اذا جاء حديث عن اولكم و حديث عن آخركم بايهما نأخذ فقال خذوا به حتي يبلغكم عن الحي فان بلغكم عن الحي فخذوا بقوله قال ثم قال ابوعبداللّه7 انا واللّه لاندخلكم الاّ فيما يسعكم و هذا الخبر كما تري ظاهر في ترجيح الخبرين الوارد احدهما عن الامام الماضي و الاخر عن الحي فقال خذ بالحديث الاول الذي قاله الماضي بحسب مصلحة زمانه و رعيته حتي يبلغكم خلافه عن الحي فانه دليل تغيير المصلحة في الرعية من حدوث تقية او رفعها و نحن بواد و العذول بوادي اين هذا الخبر من تقليد الفقيه الحي و الميت و نحن لانجوز التقليد رأساً حتي يقلد الحي او الميت و لو كان هذا الخبر مما يدل علي مطلبهم لحفظوه اكثر من حفظهم ارواحهم ولكنهم رأوا انه لادلالة له و اما الاخبار

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 95 *»

التي زعمه شيخنا الشيخ محمد انها دالة علي جواز تقليد الميت فلابد و ان‏نحمل التقيد في كلامه علي اخذ الرواية كما اشار اليه في قوله انما اخذوا و افتوا بالروايات فعلي هذا المعني يجوز تقليد الميت لكن لايتمشي في تقليد من يقول بالقواعد المقررة و القوانين المنقحة بالادلة التي زعموها عقلية بل هو مختص بمن يفتي بالنصوص لاغيرها فقولكم هل البناء علي تقليد الميت رخصة ام عزيمة يتمشي علي مذهب جماعة قالوا بوجوب تقليد المجتهدين ثم لما مات المجتهد هل يجب البقاء علي تقليده ام يجوز ام لايجوز و يجب العدول الي تقليد الحي اما عدم الجواز فقد ذكرنا دليلهم و بينا وهنه و اما دليل الموجبين البقاء علي التقليد السابق بعد موت المجتهد استصحاب التقليد و هذا ايضاً دليل عجيب في مثل هذا المقام فان الاستصحاب علي فرض صحة الاستدلال به في نفس الاحكام يجري اذا لم‏يتغير الموضوع و هنا تغير الموضوع و ثانياً انهم اوجبوا تقليد الحي بالاجماع المنقول و الاجماع علي فرض صحته انعقد علي وجوب تقليد المجتهد اذا كان حياً فبعد موته كيف يستدل علي استصحاب مفاد الاجماع في حال الموت و الاجماع امر لبي عندهم خاص بالموضع الذي انعقد فيه و لو كان جارياً فيما بعده لم‏ينعقد علي حال حيوته وحده فاذا اجراء الحكم بالاستصحاب في هذا المقام قياس حال لم‏ينعقد الاجماع عليه بحال انعقد عليه الاجماع و هو منهي عنه هذا مع انا قد اقمنا البرهان علي ابطان اصل الاجماع المدعي و ابطال اصله فما كان اصله هكذا كيف يستصحب حكمه في الحال الثاني الذي تغير موضوعه قطعاً فاذا بطل اجراء الاستصحاب هنا بطل العزم عليه و الرخصة فيه ايضاً و اما قولكم علي تقدير المنع فهل يشمل المستحبات

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 96 *»

و السنن ام لا فاعلم ان الاصحاب جوزوا العمل بالمستحبات المفتا بها في كتب الاصحاب و قالوا بجواز التسامح في ادلة السنن اشتباها منهم في الاخبار الواردة التي منها ما روي عن ابي‏عبداللّه7 من بلغه شي‏ء من الثواب علي شي‏ء من الخير فعمله كان له اجر ذلك و ان كان رسول اللّه9 لم‏يقله و وجه اشتباههم في هذا الخبر و امثاله انه ورد في بيان كرم الكريم عم نواله حيث ان من غاية الكرم انه لو قال لك قائل لو عملت كذا و كذا يعطيك السلطان كذا و كذا فتعمل ذلك العمل فاذا اطلع السلطان علي عملك و علي وعد الواعد ينجز ذلك الوعد حيث ان العامل عمل ذلك العمل طمعاً في جود السلطان فلايناسب كرمه ان‏يخيب طمع الطامع في وجوده (جوده ظ) و ان كان هو لم‏يقرر ذلك الجزاء لذلك العمل فمن كرم الكريم ان‏ينجز عدة الواعد عنه و لو بالكذب مثل ما هو معروف من العرب ان من تسلب في طريق و ذهب عند شيخ من المشايخ و قال اني خرجت من بلدي علي وجهك فسلبوني لايصبر ذلك الشيخ حتي ينتقم من سالبه و يأخذ له سلبه و يعطيه فهذا الخبر جري هذا المجري و لابد و ان‏يكون العمل الذي يعمله معلوماً خيريته ثابتاً شرعيته و يكون الكذب قد صدر عن الواعد في ثوابه لا في نفس عمله و ذلك كأن يروي لك رجل ان من صلي نافلة الزوال فله كذا و كذا من الثواب فتصلي نافلة الزوال المعلومة شرعيته و خيريته فيكون لك ذلك الثواب و ان كان رسول اللّه9 لم‏يقله و اما اذا قال لك من صلي كذا و كذا صلوة علي نظم لم‏تجر بها شريعة و ذكر لها من الثواب كذا و كذا فليس لك ذلك الثواب ان عملت بقوله فانه بدعة فالخبر ظاهر فيما ذكرنا فانه قال بلغه شي‏ء من الثواب علي شي‏ء من الخير فالخير

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 97 *»

لابد و ان‏يكون معلوماً انه خير و الذي يروي الراوي ثواب ذلك الخير المعلوم و مثل ذلك قوله7 من سمع شيئاً من الثواب علي شي‏ء فصنعه كان له و ان لم‏يكن علي ما بلغه و قول ابي‏جعفر7 من بلغه ثواب من اللّه علي عمل فعمل ذلك العمل التماس ذلك الثواب اوتيه و ان لم‏يكن الحديث كما بلغه و عن احدهم: من بلغه شي‏ء من الخير فعمل به كان له من الثواب ما بلغه و ان لم‏يكن الامر كما نقل اليه و عن ابي‏عبداللّه7 من بلغه عن النبي9 شي‌ء من الثواب فعمله كان اجر ذلك له و ان كان رسول اللّه9 لم‏يقله و بالجملــة الاخبار ظاهرة فيما ذكرنا و لادلالة لها علي الاخذ بقول كل من يقول هذا مستحب او سنة و انت لاتعلم من جهات اخر ان ذلك القول حق و ان ذلك العمل مستحب او سنة حقيقة فاذا منعنا عن تقليد الميت نمنع عن تقليده و لو في المستحبات و السنن التي لاتعرفها من طريق آخر و اما قولكم هل يجوز التبعيض في التقليد فيعلم مما قدمنا انه لايجوز التقليد رأسا فلاحاجة الي اقامة الادلة ثانياً نعم علي فرض الجواز يجوز تبعيض التقليد لان الكل حكم اللّه و لم‏يقم دليل علي التزام تقليد مجتهد واحد و اما قولكم هل يجوز التقليد في القطعيات النظرية فان كان المراد منها العقايد فقد تبين ان التقليد في الفروع غير جايز فكيف يجوز في العقايد لمن عرف الخلاف و ان كان المراد القطعيات النظرية الفرعية فان في الفروع ايضاً ما هو نظري و يقطع فيه بعد النظر فاذا كان الشخص نظر فيه فقطع بالمسألة كيف يقلد غيره و لذا نفوا التقليد في الضروريات لحصول القطع فيها لكل من دخل الاسلام او المذهب و تبين لك امر التقليد في العقايد علي ما ورد به الكتاب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 98 *»

و السنة و يساعده دليل العقل القائم علي عدل اللّه سبحانه اعلم ان الناس اولاً صنفان صنف اهل الغفلة الصرفة و هم الذين عقولهم كعقول الصبيان الغافلين عن اختلاف الناس و مذاهبهم و آرائهم و هم الذين قال اللّه فيهم الاّ المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان لايستطيعون حيلة و لايهتدون سبيلا و قال ابوجعفر7 و قد سئل عن المستضعف فقال هو الذي لايهتدي حيلة الي الكفر فيكفر و لايهتدي سبيلاً الي الايمان لايستطيع ان‏يؤمن و لايستطيع ان‏يكفر فهم الصبيان و من كان في الرجال و النساء علي مثل عقولهم و الصبيان مرفوع عنهم القلم و قال ابوعبداللّه7 فيهم هم اهل الولاية فقيل اي ولاية فقال اما انها ليست بالولاية في الدين ولكنها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة و هم ليسوا بالمؤمنين و ليسوا بالكافرين و منهم المرجون لامر اللّه و قال من عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف و سئل ابوالحسن7 عن الضعفاء فكتب الضعيف من لم‏ترفع اليه حجة و لم‏يعرف الاختلاف فاذا عرف الاختلاف فليس بضعيف انتهي فهذا القسم من الناس ليسوا بمؤمنين و لاكافرين و ان اتبعوا ذوي‏العقول منهم و قلدوهم و ليس ان التقليد اجزأ عنهم فجعلهم مؤمنين و ان كان جري عليهم حكم الاسلام فصاروا من اهل المناكحة و الموارثة و المخالطة بل هم مرفوع عنهم القلم فهؤلاء تحت المشية ان شاء عذبهم بذنوبهم و ان شاء ادخلهم الجنة برحمته و قد سأل زرارة اباجعفر7 هل سئل رسول اللّه9 عن الاطفال فقال قد سئل فقال اللّه اعلم بما كانوا عاملين ثم قال يا زرارة هل تدري قوله اللّه اعلم بما كانوا عاملين قال زرارة لا قال للّه فيهم المشية انه اذا كان يوم القيامة جمع اللّه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 99 *»

عزوجل الاطفال و الذي مات من الناس في الفترة و الشيخ الكبير الذي ادرك النبي9 و هو لايعقل و الاصم و الابكم الذي لايعقل و المجنون و الابله الذي لايعقل فكل واحد منهم يحتج علي اللّه عزوجل فيبعث اللّه عزوجل اليهم ملكاً من الملئكة فيؤجج لهم ناراً ثم يبعث اللّه لهم ملكاً فيقول لهم ان ربكم يأمركم ان‏تثبوا فيها فمن دخلها كانت عليه برداً و سلاما و ادخل الجنة و من تخلف عنها دخل النار و في المرفوعة انه سئل عن الاطفال فقال اذا كان يوم القيامة جمعهم اللّه تعالي و اجج لهم ناراً و امرهم ان‏يطرحوا انفسهم فيها فمن كان في علم اللّه عزوجل انه سعيد رمي بنفسه فيها و كانت عليه برداً و سلاما و من كان في علمه انه شقي امتنع فيأمر اللّه بهم الي النار فيقولون يا رب تأمر بنا الي النار و لم‏يجر علينا القلم فيقول الجبار قد امرتكم مشافهة فلم تطيعوني فكيف لو ارسلت رسلي بالغيب اليكم و عن زرارة قال قلت لابي‏عبداللّه7 ما تقول في الاطفال الذين ماتوا قبل ان‏يبلغوا فقال سئل عنهم رسول اللّه9 فقال اللّه اعلم بما كانوا عاملين ثم اقبل علي فقال يا زرارة هل تدري ما عني بذلك رسول اللّه9 قال قلت لا فقال انما عني كفوا عنهم و لاتقولوا فيهم شيئاً و ردوا علمهم الي اللّه الي غير ذلك من الاخبار و هذه النار هي نار التكليف التي قال اللّه فيها و ان منكم الاّ واردها و لابد لكل مؤمن ان‏يدخلها اما في دار الدنيا و اما في البرزخ و اما في الاخرة فالمستضعفون الذين لم‏يدخلوها في دار الدنيا يجسم لهم التكليف علي هيئة النار المؤججة فيؤمرون بالدخول فيها فمن دخلها كانت عليه برداً و سلاما و من لم‏يدخلها ادخل نار جهنم و لعلك قد عرفت انه لو كان يكفيهم في

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 100 *»

الايمان اتباعهم ذوي العقول منهم في دار الدنيا و كان يجزي عنهم ايمانهم في الدنيا لما احتاجوا الي تكليفهم في الاخرة ثانياً و قد تبين و ظهر ان الناس اما مؤمنون في الواقع و اما كافرون و الاستضعاف امر دنيوي فهم في الدنيا ليسوا بمؤمنين و لاكافرين ولكن في الاخرة اما يستقر عليهم الايمان و اما يستقر عليهم الكفر و لاثالث قال اللّه سبحانه و تعالي هو الذي خلقكم فمنكم كافر و منكم مؤمن و قد قال ابوجعفر7 لايدخل الجنة كافر و لايدخل النار الاّ الكافر فمن ابي من المستضعفين دخول النار فهو كافر و من دخل فهو مؤمن فقد تبين لك امر هذا الصنف من الناس و اما الصنف الاخر فهم من سمعوا بالخلاف و عقلوا اختلاف المذاهب و الاراء و تشتت فرق الناس فمن سمع الخلاف و هو عاقل ليس بمرفوع عنه القلم فذلك لايعذر بتقليد غيره و قد ذم اللّه سبحانه هؤلاء حيث قالوا انا وجدنا آباءنا علي امة و انا علي آثارهم مقتدون و فيهم ورد الايات الناهية عن الاعتماد علي الظن كقوله تعالي ان تتبعون الاّ الظن و ان انتم الاّ تخرصون و قوله و لاتقف ما ليس لك به علم ان السمع و البصر و الفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولا و قوله ما لهم به من علم ان‏يتبعون الاّ الظن و ان الظن لايغني من الحق شيئاً و قوله ان يتبعون الاّ الظن و ما تهوي الانفس و لقد جاءهم من ربهم الهدي الي غير ذلك من الايات و قد تقرب سبعين آية و فيهم قال العالم7 من اخذ دينه من افواه الرجال ردته الرجال و قال من دخل في الايمان بعلم ثبت فيه و نفعه ايمانه و من دخل فيه بغير علم خرج منه كما دخل فيه فكيف يجزي هؤلاء صرف التقليد و هم من المكلفين الذين جري عليهم القلم الم تسمع ما روي عن ابي‏الحسن7 يقال للمؤمن في قبره

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 101 *»

من ربك فيقول اللّه فيقال له ما دينك فيقول الاسلام فيقال له من نبيك فيقول محمد فيقال له من امامك فيقول فلان فيقال كيف علمك بذلك فيقول امر هداني اللّه و ثبتني عليه فيقال له نم نومة لاحلم فيها نم نومة العروس ثم يفتح له باب الي الجنة فيدخل اليه من روحها و ريحانها فيقول يا رب عجل قيام الساعة لعلي ارجع الي اهلي و مالي و يقال للكافر من ربك فيقول اللّه فيقال له من نبيك فيقول محمد فيقال له ما دينك فيقول الاسلام فيقال من اين علمت ذلك فيقول سمعت الناس يقولون فقلته فيضربانه بمرزبة لو اجتمع عليها الثقلان الانس و الجن لم‏يطيقوها قال فيذوب كما يذوب الرصاص ثم يعيدان فيه الروح فيوضع قلبه بين لوحين من نار فيقول يا رب اخر قيام الساعة انتهي اعتبر من هذا الحديث الشريف انه لابد و ان‏يكون الرجل في دينه علي هداية من ربه و تثبيت منه فلو كان دينه بمتابعة الناس و لو اقر بالتوحيد و الرسالة و الاسلام فهو كافر و الدليل علي ان هذا ليس بمستضعف ظاهر في نفس الخبر فانه يعذب و مزيدا عليه ما قال ابوعبداللّه7 لايسئل في القبر الاّ من محض الايمان محضاً او محض الكفر محضاً و الاخرون يلهون عنهم فتبين و ظهر ان غير المستضعف مكلف مطلوب بالدلايل علي دينه و لايقبل عنهم و لايجزيهم اتباع الناس و تقليدهم ابداً ابداً و بذلك ورد الكتاب و السنة و دليل العقل المستنير بهما يساعدهما و هو قول جمهور اهل الاسلام الاّ من شذ و ندر و لاعبرة بقولهم في مقابل هذا الجم الغفير و يكفي مثل جنابك هذا المقدار من البيان ان‏شاء اللّه.

فصــل: فاذ قد عرفت ان الاجتهاد و التقليد امر محدث في زمان التابعين و لم‏يكن في عصر النبي9 و في طريقة اهل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 102 *»

البيت: و ان العامة لما ارتحل رسول اللّه9 عن بين ظهرانيهم و لم‏يلجئوا الي ركن وثيق بعده و ارادوا الرياسة علي الضعفة و مقابلة ائمة الحق: وضعوا هذه القاعدة و سموا مجتهديهم ائمة و قالوا ان الناس صنفان مجتهد و مقلد و اما الشيعة فقد آلوا بعد رسول اللّه9 الي وصيه و خليفته من بعده بنص منه و علموا ان الارض لاتخلو من قائم للّه بحجة و قالوا ان الناس صنفان امام و رعية تأتم به و قال امامهم الصادق7 يغدوا الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء فاعلم ان الامر سهل ليس بصعب علي ما استصعبوه و ان تحصيل الدين من غير تقليد اسهل من كثير من العلوم و ان الخوارج ضيقوا علي انفسهم و ان الدين اوسع من ذلك و يمكن ذلك لجميع المكلفين مع كثرة مكاسبهم و مشاغلهم بلاعسر و لاحرج و ها نحن نبين لك ذلك ان‏شاء اللّه علي طريق الاختصار و قد فصلنا القول فيه في كتابنا المسمي بالقواعد و استقصينا اخباره في كتابنا المسمي بفصل الخطاب و هو يحتاج الي رسم مقدمات:

الاولـي: اعلم ان الامور ثلثة امر عقلي و امر شرعي و امر عادي و قد بينا سابقاً شيئاً منه فالامر العقلي مدركه العقل و لابد فيه من القطع العقلي الذي لايحتمل الخلاف عقلاً اي يمتنع خلافه فما كان سبيله كذلك لو اجتمع علي خلافه الجن و الانس لمايزيله عنه خلافهم بل لو رؤي له اخبار علي خلافه اولها ولكن مثل هذا القطع لايحصل للانسان الاّ ان‏يكون عقله مستنيراً بنور اللّه سبحانه و نور نبيه و الائمة الهداة: مؤيداً بالكتاب و السنة المجمع عليها و اما هذه العقول الضعيفة فلايكاد

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 103 *»

يحصل لها مثل هذا القطع الاتري انهم يدعون القطع في مسألة يوماً و يرجعون عنه في يوم آخر و تزيلهم ادني شبهة فذلك ليس بيقين و انما هو علم قد شبه لهم و اما الامر العادي فيحتاج فيه الي قطع عادي علي حسب المتعارف في العرف في امور معاشهم و معاملاتهم و مكاتباتهم و مراسلاتهم و حوالاتهم فلربما الانسان يأتيه خط من اخيه من بلد الي بلد و فيه حوالة يستيقن انه خطه و رشمه و يعطي ما حول من غير نكير عليه من العقلاء و اولي البصاير او يأتيه خبر من ثقة فيقبل و يعمل به و هكذا مع ان ذلك الخط يحتمل عقلاً ان‏يكون مكتوباً علي مثال خط اخيه و ذلك الرشم منقوشاً علي مثال خاتمه و لم‏يكن الامر كما بلغه لانه من الامور الممكنة عقلاً و ليس بممتنع ولكنه لايمنعه عدم امتناع الحيلة فيه عن قطعه العادي فيجري عليه و لانكير عليه من العقلاء و كذلك الامر في جميع الحركات و السكنات الدنياوية الظاهرة فان الانسان يجري فيها علي القطع العادي و اما الامر الشرعي فذلك حكم يقطع به علي قانون الشرع انه حكم اللّه سبحانه و انه تكليفه و ليس ذلك القطع من عادة او دليل عقلي و ان كان مباديه من الامور العادية و حصل له به القطع العادي ولكن في نفس الحكم قطعه شرعي مثال ذلك ان الغسل بعد الجنابة يزيل الجنابة مثلاً لم‏تعلمه بدليل عقلي و لا بدليل عادي و انما علمته بدليل شرعي و ان كان نفس الخبر فيه و نفس الدليل ثبتت بالعادة.

الثانيــة: فاذا عرفت ذلك فاعلم ان اثبات الشرايع و النواميس من الامور العادية لا العقلية و بذلك جري جميع الشرايع من آدم الي الخاتم و ما ارسل اللّه من رسول الاّ بلسان قومه فكانوا صلوات اللّه عليهم يرسلون السفراء و يكتبون الكتب الي كل جانب و يأمرونهم و ينهونهم و لم‏يكلفوا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 104 *»

الناس بتعليم الشرايع بالادلة العقلية القطعية و علي ذلك انعقاد اجماع جميع الملل و النحل و بغير ذلك لايخضر لشريعة عود و لايقام لها عمود و قد قررهم اللّه سبحانه في كل عصر و زمان علي ذلك و رضي عنهم نبيهم و امامهم و قد نزل الكتاب به كما في آية النفر و وردت السنة به كما تأتيك ان‏شاء اللّه فاذا صارت الشريعة من الامور العادية وجب القطع العادي لكل احد بان هذا حكم رسول اللّه9 و هو قد حكم به و امر كما يحصل القطع في ساير العاديات سواء كان ذلك بحسب العقل مجهولاً او موهوماً او مظنوناً او مقطوعاً به و من اسباب القطع العادي بخبر او واقعة او شي‏ء من الاشياء اخبار الثقات و غير الثقات المحفوف بالقراين الموجبة للقطع العادي بل غير المؤمنين اذا كان خبره محفوفاً بقراين تفيد القطع العادي بل الصبيان المميزين اذا كان محفوفاً بالقراين المفيدة للقطع العادي الا تري انك ربما كنت في مكان و جاء صبي من بيتك و قال ان فلاناً جاء في بيتك يبغاك و ينتظرك تقطع بقوله و تقوم و تذهب الي بيتك او يبعث اليك ذو وديعة عندك يطلبها فتعطيه اياها و لاتكاد تشك في انه صدق و لو لم‏تعطه اياه للامك صاحبك بمنعك وديعته و امساكك اياها و هكذا فاذا كان من اسباب القطع العادي اخبار صبي مميز جربته و جربت صدقه مثلاً فكيف اذا كان كبيراً ثقة فكيف اذا كان مع‏ذلك مؤمناً شيعياً فكيف اذا كان مع‏ذلك عدلاً فكيف اذا كان مع‏ذلك يروي عن امامه الذي يتأثم الكذب عليه فكيف اذا كان مع‏ذلك عالماً فكيف اذا كان مع‏ذلك ورعاً متحجزاً عن المحارم و المآثم فكيف اذا كتب ذلك و علم انه سيقع علي ايدي العلماء و اهل الخبرة فكيف اذا كتب ذلك او قال لعمل جماعة من الشيعة الموالين

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 105 *»

من احكام حلالهم و حرامهم اي واللّه يحصل يقين و اشد يقين بقوله حتي انه قال ابوعبداللّه7 في حديث اما اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلم‏يثق فهو كافر و اما من لم‏يسمع ذلك فهو في عذر حتي يسمع ثم قال7 يؤمن باللّه و يؤمن للمؤمنين و في التوقيع الرفيع عن بقية اللّه7 و اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه و في التوقيع الرفيع لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا قد عرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم الي غير ذلك من الاخبار المتواترة التي رويناها في فصل الخطاب فان المناط القطع الحاصل في القلب و هو حاصل برواية العدل العالم بل دونه.

الثالثــة: و في حكم قول العدل الثقة العالم كتابه اذا علمت عادة انه كتابه كما انك تقطع بكتب جميع اخوانك و خطوطهم اذا حفت بالقراين الدالة انها منهم و قد قيل لابي‏جعفر7 جعلت فداك ان مشايخنا رووا عن ابي‏جعفر و ابي‏عبداللّه8 و كانت التقية شديدة فكتموا كتبهم فلم‏ترو عنهم فلما ماتوا صارت تلك الكتب الينا فقال حدثوا بها فانها حق حتي انه في كتب المخالفين الثقات المحفوفة بالقرائن ورد الامر بالاخذ بها كما انه سئل الشيخ يعني اباالقاسم رضي اللّه عنه عن كتب ابن ابي‏العذافر بعد ما ذم و خرجت فيه اللعنة فقيل كيف نعمل بكتبهم و بيوتنا منها ملأي فقال اقول فيها ما قاله ابومحمد الحسن بن علي8 و قد سئل عن كتب بني‏فضال فقالوا كيف نعمل بكتبهم و بيوتنا منها ملأي فقال صلوات اللّه عليه خذوا بما رووا و ذروا ما رأوا انتهي فاذا قطع الانسان قطعاً عادياً ان هذا الكتاب كتاب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 106 *»

فلان بسبب القراين العادية و هو ثقة فيقطع عادة بصحة ما فيه و ان كلامنا جار علي النفوس الغير الموسوسة الجارية علي الفطرة و اما اذا تغيرت و تبدلت و انحرفت عن الفطرة فلايكاد يقطع بالتواتر كما نقل عن بعض علماء العامة انه قال رويت خبر غدير خم من اربع مأة طريق و ما حصلت لي شبهة بوقوعه و انما ذلك مرض يستولي علي الانسان فيسلب اليقين فربما يشك في الشمس في رابعة النهار و لقد اخبرني ثقة من العلماء بيزد ان رجلاً مرض فاصابه ماليخوليا و كان يري رأي العين في كل شي‏ء ابرة و كان يمتنع من كل طعام فلايأكل و يزعم ان اهله عادوه و يريدون قتله فلايأكل حتي اذا قيل له يوما فلان كيف هو بزعمك و اي رجل قال ثقة عدل قيل هل يقدم هو علي قتل نفس حرم اللّه قال لا قيل اذا اتاك بطعام تأكله قال نعم فجي‏ء به فجاء بطعام اليه فنظر المريض اليه فقال يا فلان انت ايضاً عاديتني و عزمت علي قتلي و تلقي في طعامي ابرة و قد شاهدتم في بلادكم انه بلغ الامر ببعض الناس انهم يرتمسون في الماء مأة مرة و ازيد و لايحصل لهم القطع باغتماس جسدهم في الماء فاذا كان الوسواس يجعل الحواس الظاهرة هكذا فما ظنك بفعله في الحواس الباطنة الخفية ففعله فيها اكثر و اكثر فاذا تعمقوا في العلوم و بزعمهم تدققوا حصل لهم في العلم وسواس فسدّ عليهم باب العلم و اكثر الشكوك و الشبهات حتي انهم لايكادون يقفون علي شي‏ء و لاشك في ان كثرة التعمق في الشي‏ء مع عدم اعتدال المزاج يورث الوسواس فانه لايتعمق في العلم البلهاء الذين غلب عليهم البلغم و ان المرطوبين قليلوا التفكر و الجربزة في الامور و لايتعمق الاّ صاحب السوداء فاذا لم‏تكن صافية و غلب عليها حرارة الفكر احرقتها فحصلت منها سوداء محترقة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 107 *»

و اورثت وسواساً في المزاج فبلغ وسواس المجتهدين في علم الاصول الي ان سد عليهم باب العلم كما سد علي جماعة باب العلم الظاهري فلايكادون يقطعون بانهم ارتمسوا في الماء او لم‏يرتمسوا بلّ جسدهم ام لم‏يبل و لعمرك انهم يمسكون عن الارتماس اذا تعبوا تعباً شديداً لا اذا تيقنوا فانهم لايتيقنون ابداً و كذلك الذين سد عليهم باب العلم في الحواس الباطنة و الاّ هناك فقهاء عدول يدعون العلم و ما يظن بهم كذب علي اللّه و علي رسوله او بلادة لايعرفون معها العلم من الظن و من العجب العجاب ان الرجل يتلمذ علي اولئك شهرين او ثلثة فينفتح عليه ابواب العلم فاذا تلمذ علي الاخرين شهرين او ثلثة ينسد عليه باب العلم بحيث لاينفك ابداً و هل ذلك الاّ مرض يستولي عليه بمجاورتهم كالطاعون المسري الي الغير و الرمد المسري الي عين الناظر فيه و غير ذلك.

الرابعــة: ليس يشترط في العلم العادي باخبار اخواننا و كتبهم ان‏يكون خبرهم برؤية و مشاهدة من انفسهم بل لو اخبروا بوسائط ليحصل لنا القطع باخبارهم البتة غاية الامر ان مراتب الوثوق تختلف فان الوثاقة تختلف بحسب ما اخبر الا تري ان بعض العوام لو اخبرك بانه قد اتوا اليوم ببطيخ كثير في السوق و هو ثقة في حده تصدقه و اذا قال ان فلاناً العالم قد قال في هذه المسألة هكذا لم‏تصدقه الاّ اذا كان ممن يفهم المسائل و كذا اذا اخبر عن مشاهدة تقبل خبره و لعله اذا اخبر عما لم‏يشاهده لم‏تصدقه فان الاخبار مع عدم المشاهدة يحتاج الي فطانة و ذكاوة و معرفة باحوال من اخبره و معرفة بالقرائن و لاكل احد يقدر علي ذلك فالوثاقة في المخبر عما لم‏يشاهده ينبغي ان‏تكون اكثر لامحة فلربما اخبرك مخبر ما لم‏يشاهده بنفسه و انما استفاد ذلك من ثقات و قرائن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 108 *»

فقطع و اخبر و تقطع بخبره و ذلك ايضاً امر جبلي محسوس الا تري ان علمائنا مثلاً يخبرون عن رأي الحنفي في المسألة و المالكي و الشافعي و غيرهم و هم لم‏يشاهدوهم و يخبرون الشعراء المتأخرون في كتبهم عن الشعراء المتقدمين ان فلانا قال كذا و فلانا قال كذا فيحصل العلم العادي بنقلهم و كذا علماء النحو و العربية المتأخرون يخبرون عمن لم‏يشاهدوه و يصدقون بلااكتراث و لانكير و علي ذلك بناء عمل جميع الفرق قديماً و حديثاً فاخبار كل ذي فن غير متهم في فنه مصدق بالفطرة مع انه في اخبارهم لو كانوا كاذبين لايتأثمون و مع‏ذلك هم مصدقون فما الذي حدا القوم علي عدم تصديق العلماء المؤمنين العدول المتأثمين للكذب علي مواليهم المتحرجين الاغراء بالباطل و الاذلال للناس في اخبارهم عن مواليهم: أليس ابوحنيفة في عصر الصادق7 فكيف اذا نقل العلامة عنه لم‏يسأل من رجالك الذين تروي هذا الخبر عنهم و لايقال ان الخبر مرسل مقطوع و اذا روي عن الصادق7 من غير سند لاينبغي ان‏يصدق حتي يري من الذين روي عنهم او لاعبرة به لانه مرسل و كل هذه الوساوس يجري بمحض انه ذكر الصادق7 و لو انه روي من اول الدهر لم‏يسأل عمن رويت و كذا لايسأل احد من ذوي الفنون الاّ من روي عن رسول اللّه و الائمة: ما ذلك الاّ وسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس أليس انك تقطع باخبار الثقة الامين سواء اخبر عن عيان او وسائط و بذلك امرنا عن اللّه و رسوله و الائمة: في اخبار متواترة لايعتريها شك و لاارتياب قال اللّه سبحانه فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون و لو لم‏يجب علي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 109 *»

القاعدين الاخذ عن النافرين فاي ثمرة كانت في انذارهم و النافر يأخذ علمه بواسطة و غير واسطة و قال تعالي و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً آمنين و قد ورد ان القري الظاهرة هي الرسل و النقلة عنهم الي شيعتهم و هم ينقلون بواسطة و غير واسطة و امر بالسير فيهم آمنين و قال تعالي ياايها الذين آمنوا اتقوا اللّه و كونوا مع الصادقين و الصادقون يروون بواسطة و غير واسطة و قد قال ابوجعفر7 من دان اللّه بغير سماع من صادق الزمه اللّه التيه يوم القيامة و روي لحديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها الظاهر انه عين لفظ الخبر و يحتمل انه النقل بالمعني لانه ماكان يحضرني موضعه الذي رأيته فيه و قد مر التوقيع ان الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة اخبارنا و من البين انهم يروون بوسائط فانه7 بين تكليف من في زمان غيبته الي زمان ظهوره و مارويناه في كتب ابن ابي‏العذافر و كتب ابن‏فضال و كتب المشايخ الذين ماتوا و من الظاهر انهم يروون بواسطة و غير واسطة كما هو مشاهد من اخبارهم و قال ابوعبداللّه7 اما ما رواه زرارة عن ابي‏جعفر7 فلايجوز لك ان‏ترده و قيل له7 انه ليس كل ساعة القاك و لايمكن القدوم و يجي‏ء الرجل من اصحابنا فيسألني و ليس عندي كل ما يسألني عنه فقال ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي فانه سمع من ابي و كان عنده وجيهاً و قيل للرضا7 شقتي بعيدة و لست اصل اليك في كل وقت ممن آخذ معالم ديني قال من زكريا بن آدم القمي المأمون علي الدين و الدنيا و قيل له7 لااكاد اصل اليك اسألك عن كل ما احتاج اليه من معالم ديني أفيونس بن عبدالرحمن ثقة آخذ عنه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 110 *»

ما احتاج اليه من معالم ديني فقال نعم و انت تعلم ان هؤلاء الجماعة كانوا يروون بواسطة و غير واسطة عن امام عصرهم و عمن سلف و قد مر عن الحجة7 انه قال لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و انت تعلم ان ثقاتهم كانوا يروون بواسطة و غير واسطة قال ابوعبداللّه7 لابان بن عثمن ان ابان بن تغلب قد روي عني رواية كثيرة فما رواه لك عني فاروه عني الي غير ذلك من الروايات و قد ينيف علي اربعين و ذكرنا كثيراً منها في فصل الخطاب فامرونا بالاخذ عن الثقات و الرواة سواء رووا بلاواسطة او واسطة او وسايط فان المخبر اذا كان ثقة تسكن النفس عند خبره و بذلك السكون تتم الحجة للّه كما مر في حديث اما اذا قامت عليه الحجة بمن يثق به في علمنا فلم‏يثق به فهو كافر و لم‏يقيده بالرواية الشفاهية و يشهد علي صدق ما ذكرنا اجماع المذهب بل الاسلام بل الملل بل الفطر انه كان كذلك قديماً و حديثاً في جميع الاعصار و الدهور و علي ذلك مدار العالم و بناء جميع بني‏آدم من اول الدهر الي آخره حتي في عصرنا هذا حتي في الذين يسمون الاخذ بالرواية اجتهاداً و تقليداً فان الناس يأخذون عنهم اذا وثقوا بهم زعماً منهم انهم يروون لهم دين رسول اللّه9 و اوامره و نواهيه و لايبالون بانهم يروون بوسائط و ليس ذلك الاّ من فطرتهم و تقرير رسول اللّه9 و الائمة لهم في كل عصر و زمان.

الخامســة: اختلف العلماء رضوان اللّه عليهم في الفحص عن المعارض و المخصص فعن العلامة(ره) جواز الاستدلال بالعام قبل الفحص عن المخصص و كذا عن بعض المتأخرين عدم لزوم الفحص عن المعارض مطلقاً و كان عليه سيدنا اجل اللّه شأنه و انار برهانه و مشهور المتأخرين من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 111 *»

المجتهدين لزوم الفحص و ادعوا عليه الاجماع و استدلوا بان المجتهد يجب عليه البحث عن الادلة و كيفية الدلالة و التخصيص كيفية الدلالة و قد شاع و ذاع ما من عام الاّ و قد خص فصار احتمال ثبوته مساوياً لاحتمال عدمه و توقف ترجيح احد الامرين علي البحث و التفتيش و ذلك حاصل ادلتهم و براهينهم عليه و الحق الذي يساعده الكتاب و السنة و الاجماع و صحيح الاعتبار عدم لزوم الفحص عن المعارض مطلقاً و الاكتفاء بكل خبر صحيح غير مخالف لضرورة الاسلام و المذهب اما دليل الكتاب آية النفر فان اللّه سبحانه اوجب علي القاعدين الاخذ عن المنذرين من غير فحص عن المعارض و هي كما تري مطلق و المطلق باق علي اطلاقه اذا لم‏يقم دليل علي تقييده و اما السنة فقد سئل ابوعبداللّه7 عما تجب فيه الزكوة فقال في تسعة اشياء فعدها ثم قال و عفي رسول اللّه9 عماسوي ذلك فقيل اصلحك اللّه فان عندنا حباً كثيراً فقال و ما هو قيل الارز قال نعم مااكثره قيل أفيه الزكوة فزبره ثم قال اقول لك ان رسول اللّه9 عفا عما سوي ذلك و تقول لي ان عندنا حباً كثيراً أفيه الزكوة و بهذا المعني اخبار كثيرة انظر كيف زبره حيث فحص عن المخصص فانه9 قال عما سوي ذلك و لفظة ما من ادوات العموم فطلب المخصص للعموم فزبره و نهاه عنه فلو كان واجباً لمازبره عنه و قد اطاع لايقال انه كان مشافهاً للامام فانه ان كان الفحص عن المخصص واجباً لماكان فرق بين المشافهة و غيرها فان الامام الذي يعبر بالعام ان كان لايريد العموم فالواجب علي المستمع الفحص حتي يفهم مراد الامام7 و ان كان يريد العموم فالواجب علي السامع العمل به بعمومه و الواجب علي من استمع من السامع ايضاً العمل بعمومه اذا كان

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 112 *»

يأخذ عنه و هو ثقة فان احداً لم‏يقل ان من استمع من زرارة لم‏يجز له العمل حتي يسأل ابابصير و محمد بن مسلم و كذا من يسأل مجتهداً لايجب عليه الفحص عن اقوال ساير المجتهدين و كذا روي عن الرضا7 في قوله تعالي ان اللّه يأمركم ان‏تذبحوا بقرة الايات لو عمدوا الي بقرة اجزأهم ولكن شددوا فشدد اللّه عليهم و في هذا الخبر ايضاً دلالة في الاكتفاء باحد افراد المطلق اذا ابهمه العالم و ان الفحص عن المقيد سبب تشديد الامر و التضييق و انت تعلم ان الدين اوسع من ذلك و قال النبي9 حديث واحد تأخذه عن صادق خير لك من الدنيا و ما فيها و انت تعلم انه لاجل العمل به كما هو ظاهر و عن الكاظم قال قال رسول اللّه6 من حفظ علي امتي اربعين حديثاً مما يحتاجون اليه في امر دينهم بعثه اللّه يوم القيامة فقيهاً عالماً و هذه الاربعين لايمكن ان‏يشتمل علي جميع ما يتعلق بمسألة واحدة و لفظ الاربعين ايضاً مطلق ليس فيه انه لابد و ان‏يشتمل علي جميع المعارضات مع انه في حديث وصية علي7 فصل الاربعين في جميع الفرايض و المحرمات و السنن و الاخلاق و الاداب ثم قال فهذه اربعون حديثاً من استقام عليها و حفظها عني من امتي دخل الجنة برحمة اللّه و كان من افضل الناس و احبهم الي اللّه عزوجل بعد النبيين و الصديقين و حشره اللّه يوم القيامة مع النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك رفيقا و يدل علي ذلك اخبار ينيف علي اربعين حديثاً و فيها الامر بالاخذ عن الرواة عموماً و خصوصاً كزرارة و محمد بن مسلم و يونس بن عبدالرحمن و فضل بن شاذان و ابوبصير ليث المرادي و معوية بن بريد العجلي و زكريا بن آدم القمي و غيرهم من الروات و كل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 113 *»

واحد منهم يروي حديثاً و قد جوزوا الاخذ عن كل واحد و ليس في شي‏ء منها و لاغيرها اذا سمعتم من احد من الروات حديثاً فلاتعملوا به حتي تفحصوا عن معارضه و كفاك دليلاً وجود هذه الاخبار مع عدم وجود دليل علي وجوب الفحص و عدم وجود خبر واحد و لو ضعيف و لو كان لهم خبر يدل لنقلوه مع كثرة بحثهم و فحصهم عنه و انا نذكر في هذه الرسالة ادلة ما سألتم علي وجه الاختصار و تفاصيلها في ساير رسائلنا موجودة و اما الاجماع الذي ذكرنا فلايخفي علي المتتبع ان الائمة: كانوا يبعثون الفقهاء الي البلاد و يأمرون اهلها بالاخذ عنهم و كذا كان في كل بلد فقيه محدث و كانوا يأخذون عنه و هذه الاصول الاربعمأة كانت متفرقة كل اصل في بلد و يد احد و كانوا يعملون بكل ما في ايديهم و قد عرض كثير منها علي الائمة: فجوزوا العمل بها من غير امر بفحص و لو امروا بالفحص مرة واحدة لنقل لكثرة الدواعي اليه و اذ ليس فليس و بذلك مضت جميع القرون السالفة فلاكان احد يفحص عن مخصص او معارض ابداً و كل واحد منهم يرجع الي ما في يده من الاصول او من في بلدة من المحدثين الرواة و يعمل به بل لو كان في بلد واحد راويان و ازيد لم‏يكن يجب الفحص و السؤال عن جميعهم كما ظهر مما قدمنا من الاخبار عموماً و خصوصاً فذلك ايضاً من وساوسهم و تضييقهم علي انفسهم و تدبير من الشيطان ان‏يعظم الامر فيبقي لاهل الرياسة رياستهم اذ كل احد لايقدر علي جمع الكتب و الفحص و البحث الاّ جمع فرغ عن الاشتغال فيتتبعون في الكتب و يتطلعون علي المعارضات فيزينون المجالس بذكر المعارضات و الترجيحات و يعجز غيرهم عن مثله فيتبعهم و الاّ قد انعقد الاجماع الذي لاريب فيه علي عدم لزوم الفحص عن المعارض كما بينا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 114 *»

و اوضحنا فاذا صارت اخبار علمائنا الموثوق بهم التي ضمنوا صحتها و سهروا اعينهم في تنقيحها كلها صحيحة و لايجب الفحص عن المعارض فما اسهل استنباط الاحكام عن اخبار ائمة الانام: و تقرأ في الزيارة بينتم فرائضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احكامه و سننتم سنته حتي صرتم في ذلك منه الي الرضا الزيارة و قد قال اللّه سبحانه اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا فما اسهل استنباط علي من يعرف العربية و طريق التخاطب فان لم‏يكن كذلك و كان من المفحمين او العجم القاصرين عن درك العربية او من عوام العرب الذين لايعرفون لحن التخاطب و التجاوز فليسئلوا من يعرف التخاطب و لحن المحاورة و له انس بالاخبار و يجوس خلال الديار و ليفسر له الاثار الواردة في ذلك المضمار و ليس سؤاله عنه بتقليد و انما هو اخذ رواية و ليس تفسيره له اجتهاد و فتوي بالرأي و انظر و انما هو نقل الخبر بالمعني و هو امر جايز مأمور به عن الائمة الطاهرين عليهم صلوات المصلين و لايبعد ان‏يكون جل اخبارنا الواردة في الاصول نقلاً بالمعني لان الائمة: اذنوا لهم كما روي انه قيل للصادق7 اسمع الحديث عنك فازيد و انقص قال ان كنت تريد معانيه فلابأس و قيل له ايضاً اسمع الكلام منك فاريد ان‏ارويه كما سمعته منك فلايجي‏ء قال فتعمد ذلك قال لا قال تريد المعني قال نعم قال فلابأس و قيل له ايضاً اسمع الحديث منك فلعلي لاارويه كما سمعته فقال اذا اصبت المطلب منه فلابأس انما هو بمنزلة تعال و هلم و اقعد و اجلس و قال اذا اصبت معني حديثنا فاعرب عنه بما شئت و قيل له ايضاً هؤلاء يأتون بالحديث مستوياً كما يسمعونه و انا ربما قدمنا و اخرنا و زدنا و نقصنا فقال ذلك زخرف القول غرورا اذا اصبت المعني فلابأس فاذا كان الائمة: اذنوا لشيعتهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 115 *»

في النقل بالمعني و الزيادة و النقصان كانوا يفعلونه كما صرح في السؤال بعضهم فلافرق بين الروايات المكتوبة في الكتب المنقولة بالمعني و بين نقلك بالمعني لمن يسأل عنك فالروات نقلوا لك بالمعني و تنقل انت لغيرك و هم قد نقلوا علي حسب فهمهم من لفظ الامام7 و انت اخذت عنهم و انت ايضاً تنقل علي حسب فهمك فلانقلهم بالمعني اجتهاد و لانقلك بالمعني و لااخذك عنهم تقليد و لااخذ غيرك عنك و مثلكما بعينه كمثل رواة الفتاوي عن المجتهدين و اخذ المقلدين عنهم فليس راوي الفتوي بمجتهد و لاانت بمقلد للراوي و الراوي يروي علي حسب فهمه و ينقل لفظ الفقيه بالمعني علي حسب فهمه و الامام حي موجود و قد قرر الناس بالعمل باخبار آبائه: و كل الناس مقلدون له و العلماء حملة علومهم الي شيعتهم و شيعتهم يأخذون عنهم رواياتهم كما امرهم بقية اللّه7 حين سئل عن الحوادث في زمان الغيبة فقال اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه و الرواة نقلة احكامهم بواسطة و غيرواسطة بلفظهم او بغير لفظهم و لم‏يقل خذوا عن اهل الرأي و الاجتهاد و قلدوهم و ما روي في الحنظلية ينظران من كان منكم من قد روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احكامنا فليرضوا به حكما فليس المراد بالنظر النظر فيما ليس فيه نص بل المراد النظر في النص و الخبر عنهم و التفكر فيه لفهم المراد منه و الدليل عليه رواية سعيد الاعرج قال قلت لابي‏عبداللّه7 ان من عندنا من يتفقه يقول يرد علينا ما لانعرفه في الكتاب و لا في السنة نقول فيه برأينا فقال ابوعبداللّه7 كذبوا ليس شي‏ء الاّ جاء في الكتاب و جاءت فيه السنة و رواية محمد بن حكيم قال قلت لابي‏عبداللّه7

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 116 *»

ان قوماً من اصحابنا قد تفقهوا و اصابوا علما و رووا احاديث فيرد عليهم الشي‏ء فيقولون برأيهم فقال لا و هل هلك من مضي الاّ بهذا و اشباهه و انت تعلم ان الرأي في اللغة النظر و الاعتقاد و اصحاب الرأي هم الذين ينظرون في مسألة ليس فيها اثر و لانص فينظرون فيه و يتفكرون و لااحد من اصحاب الرأي يقول في المسألة بلادليل عقلي او قياسي فاصحاب الرأي هم المجتهدون في المسألة غير المنصوصة و لذا قالوا هذا اجتهاد في مقابلة النص اذا كان النص بخلاف رأيهم و عن ابي‏بصير قال قلت لابي‏عبداللّه7 يرد علينا اشياء ليس نعرفها في كتاب و لاسنة فننظر فيها فقال لا اما انك ان اصبت لم‏توجر و ان كان خطاءاً كذبت علي اللّه فالمراد من قوله نظر في حلالنا و حرامنا نظر في النصوص و هي حلالهم و حرامهم و اما ما كان بالنظر فهو حلال الناظر و حرامه لانه هو الذي حلله و حرمه علي حسب نظره فخذ عن الذين يروون الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم صلوات اللّه الملك الجبار و ارو لغيرك و ليرو غيرك لغيره و هكذا و لاحرج و لاعذر لاحد في التشكيك في ما يرويه الثقات عنهم بواسطة او غير واسطة كما روي عنهم: لاعذر لاحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا و قد عرفوا بانا نفاوضهم سرنا و نحملهم اياه اليهم و لايحتاج لمثلك البسط اكثر من هذا فان العاقل يكفيه الاشارة و الجاهل لايفهم بالف عبارة.

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه السيد حسن بن سيدنا الاوحد السيد كاظم الرشتي انار اللّه برهانه يا مولاي مع ما لدينا من فتاويكم هل يسوغ لنا العمل بما امر به مولانا الشيخ و مولانا السيد اعلي اللّه مقامهما تخييرا ام الاقتصار هو المتعين و اما ما لم‏يحضر لدينا من فتاويكم فقد عرفنا منكم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 117 *»

صحة العمل بما امرا اعلي اللّه مقامها به سواءاً كان مخالفاً او موافقاً لما لديكم و ترجح عندكم؟

جواب: اعلم يا مولاي بلغك اللّه ما تتمناه ان اللّه سبحانه يقول في كتابه العزيز اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم فامر باطاعته لانه الرب المبدي‏ء المعيد الذي خلق الخلق لعبادته مالك الملك و وليه و امر باطاعة الرسول لانه ظاهره و خليفته في الاداء و القائم مقامه و هو معصوم مطهر لايخطي و لايزل و لايسهو و لايلهو و لايتقول عليه و لايحكم بغير ما انزل اللّه لاعمداً و لاسهواً و امر باطاعة اولي الامر لانه ولاهم امره لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون معصومون مطهرون لايخطئون و لايسهون و لايلهون لايعصون اللّه ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و لما لم‏يكن غيرهم معصوماً مطهراً لم‏يشرك معهم غيرهم بوجه من الوجوه بل قال لاتطع منهم آثماً او كفوراً فلاجل ذلك قال ابوعبداللّه7 يغدوا الناس علي ثلثة اصناف عالم و متعلم و غثاء فنحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و سائر الناس غثاء انتهي ففرض اللّه سبحانه السؤال عنهم و قال فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون فان امكن الوصول الي حضرتهم و السؤال عنهم وجب و ان لم‏يمكن يؤخذ عن الرواة عنهم و حملة آثارهم و نقلة اخبارهم ممن يوثق بهم و لاعبرة بحيوة الراوي و موته سواءاً كان في زمان الغيبة او الحضور فان المدار علي الاطمينان بصدور الخبر عنهم سلام اللّه عليهم و لاتقليد الاّ لهم سلام اللّه عليهم و ان اللّه لايخلي الارض من حجة قائم للّه بحجته حي شاهد ناظر قادر ان زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و لولا ذلك لالتبس علي المسلمين امورهم و لم‏يعرف الحق من الباطل و الرعية كلهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 118 *»

مقلدون له ما بين راو حامل لاثارهم و مروي اليهم فخذ دينك ممن تثق به من الرواة عنهم سلام اللّه عليهم بارد القلب ثلج الفؤاد و من البين ان الشيخ الجليل و السيد النبيل جزاهما اللّه عن الاسلام و المسلمين خير جزاء المحسنين من اعظم السفن الجارية في هذا البحر القمقام المتلاطم لايتقولان علي ساداتهما و لايفتيان بغير ما افتي به قاداتهما و لايحكمان بهوي و لارأي و لامقائيس لايتجاوزان الثقلين و لايدينان بغير مادان به حجج اللّه في العالمين فيجوز الاخذ عنهما حيين و ميتين و انت بالخيار فيما صح عنهما اذ ليسا الاّ راويين و اميني اللّه في الدارين اعلي اللّه مقامهما و انار في العالمين برهانهما و رفع في الدارين شأنهما فان وافقا في الفتوي فهو المتعين و ان خالفا فبايهما اخذت من باب التسليم وسعك و ارجو اللّه سبحانه ان لاافتي الاّ بنص منهم سلام اللّه عليهم و لااحكم الاّ بما صدر عنهم و ان اردت الاكمل فانظر ان وافقتها في الفتوي فخذ به و ان خالفنا فخذ باحوط الاحوال ففيه النجاة ان‏شاء اللّه.

هذا جناي و خياره فيه   و كل جان يده الي فيه

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه ملامحمد القراجه داغي در تقليد ميت باقي مي‏توان ماند الي ان قال منظور اين است كه سركار آقا اين اجتهاد و تقليد را چنان بيان فرمايند كه بعد از آن دعاگو را خللي نماند.

جواب: اما اصل تقليد الميت فلايجوز عندنا ابداً فان من يقلد هو الواسطة بينك و بين اللّه جل و عز و ينزل هداية اللّه جل جلاله اولاً اليه و منه يصل اليك فاذا مات الواسطة انقطع الفيض عنك من ذلك الطريق اللّهم الاّ ان‏تقوم مقامه او يقوم غيرك مقامه و انما مثل من يقلد بالفتح القلب و من يقلد بالكسر الاعضاء فالاعضاء بانفسها لغلظتها و كثافتها غافلة عن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 119 *»

الروح الملكوتي جاهلة بامره و نهيه و رضاه و غضبه و اما القلب فهو لرقته و صفائه متصل بالروح يطلع علي رضاه و غضبه و امره و نهيه فينزل اليه امره و نهيه فهو يحيي اولاً بحيوة الروح و يطلع علي ميله فاذا اطلع هو علي مراداته ترجم للاعضاء بلغة جسمانية فاطلعت علي مرادات الروح بتقليد القلب فان ذهب الروح لم‏يقدر الاعضاء علي التلقي عن الروح الملكوتي الغيبي ابداً و لاينفعها ما علمت قبل ذهاب القلب ما لم‏يصر عضو لطيفاً صافياً كالقلب حتي يصير بدله الا تري ان بخار القلب كدخان الشعلة دائم التجدد و كل بخار جديد يحيي بمس البخار السابق كما يشتعل كل دخان جديد بمس الشعلة السابقة فيشتعل و يقوم مقامه و اما ساير الدهن فلايطلع علي الضياء الاّ بما يشرق عليه من الشعلة كما يشرق منها علي الجدار و هذا هو سر التقليد اولاً و آخراً فلايجوز تقليد الميت لان الرب اذا اراد حكماً جديداً لايمكن عادة القاؤه بعالم ميت فلم‏يجعل اللّه في الحكمة ميتاً واسطة بين حيين و انما الكلام في العالم الذي تقلده و هل هذه القاعدة مخصوصة بالانبياء و الاوصياء و لاتقليد الاّ لهم او يجوز تقليد الغير و يجري فيه ايضاً حكمهم فاعلم ان الشيعة لم‏تأخذ دينها عن رأيها و انما اتيها من ربها فتدين به فلنقل اولاً ماذا يراد من التقليد فان كان يراد من التقليد ان‏ينصب المكلف رجلاً عالماً بينه و بين ربه فيأخذ بكل ما يقول سواء استخرجه من كتاب او سنة او اجماع او دليل عقل او قياس او استحسان او مصالح او ظن مطلق او رأي او هوي و ان سماه حكم اللّه و دين اللّه و دين رسوله و دين آل‏محمد: فيعمل بمايقول من غير فحص عن برهان قوله فذلك غيرجايز عندي ابداً و لااجوز تقليد احد مما سوي المعصومين: و بذلك ورد النهي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 120 *»

الاكيد في اخبار متواترة و ليس ذلك من مذهب الشيعة و قد قال الصادق7 اياك ان‏تنصب رجلاً دون الحجة فتصدقه في كل ما يقول و قال7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين اللّه ليس له برهان و عنه7 في قوله تعالي اتخذوا احبارهم و رهبانهم ارباباً من دون اللّه فقال واللّه ماصلوا و لاصاموا لهم ولكن احلوا لهم حراما و حرموا عليهم حلالاً فاتبعوهم الي غير ذلك من الاخبار المتواترة التي اخرجناها في فصل الخطاب فهذا التقليد مما لايجوز ابداً و هو شرك باللّه شرك طاعة كما قال ابوعبداللّه7 في قوله تعالي و مايؤمن اكثرهم باللّه الاّ و هم مشركون قال شرك طاعة و ليس شرك عبادة و ان كان المراد ان‏يأخذ من لايعلم حكم آل‏محمد: في مسألة عمن يعلم حكمهم في تلك المسئلة فذلك مجمع علي جوازه و قد مر علي ذلك القرون و الاعصار و مضي الليل و النهار ولكن حكم آل محمد: كان في صدورهم و برز من افواههم و ليس الامر باشراق علي العقول و الهام في القلوب و نقر في الاسماع و استنباط من كاينات الافاق و الانفس و استخراج الاراء و تحري الظنون و الاهواء و انما هو سمع و نطق و رواية فمن روي شيـئاً من اخبارهم التي علم صحتها و يجوز نسبتها اليهم جاز الاخذ عنه سواء رواه بلفظه او بمعناه و من اخذ منه تلك الرواية صار في عداد الرواة و هو و شيخه و ساير الرواة جميعهم متعلمون مقلدون لآل محمد: و آل محمد: هم العلماء و امام الزمان صلوات اللّه عليه و علي آبائه موجود حي قائم مقام آبائه قد قبل احاديثهم و اذن في الاخذ بها كما قال اما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها الي رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و انا حجة اللّه و رواية الحديث معناها

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 121 *»

غير استنباط بالعقل و تحر بالظن و ملاحظة الصلاح و تخير بالرأي فمن روي حديثهم من الثقات يجوز الاخذ عنه و اذا اخذت عنه قمت مقامه فان مات لم‏يمت امامك و توسط الراوي الميت غير مضر بالاجماع فاخذك اليوم بحديث اخذته امس من الراوي الذي روي و مات ليس بتقليد للراوي حقيقة و انما انت مقلد لامامك و هو حي الحمد للّه و انا لااجوز تقليداً الاّ هكذا و يدل علي جواز هذا التقليد اخبار منها ما رواه في البحار عن البصاير بسنده عن ابي‏بصير قال سمعت اباعبداللّه7 يقول من علم خيراً فله بمثل اجر من عمل به قلت فان علمه غيره يجري ذلك له قال ان علمه الناس كلهم جري له قلت فان مات قال و ان مات و منه بسنده عن حماد الحارثي عن ابيه عن ابي‏عبداللّه7 قال قال رسول اللّه9 يجي‏ء الرجل يوم القيامة و له من الحسنات كالسحاب الركام او كالجبال الرواسي فيقول يا رب اني لي هذا و لم‏اعملها فيقول هذا علمك الذي علمته الناس يعمل به من بعدك و من غوالي اللئالي قال النبي9 اذا مات المؤمن انقطع عمله الاّ من ثلث صدقة جارية او علم ينتفع به او ولد صالح يدعو له و رواه ايضاً من روضة الواعظين الي غير ذلك من الاخبار الدالة بخصوصها او عمومها علي جواز العمل بعلم الميت ولكن السيد الجليل انار اللّه برهانه و الشيخ النبيل اجل اللّه شأنه ماكانا يجوزان ظاهراً تقليد المجتهد الميت علي المعني الظاهر و كانا يسجلان علي ذلك تسجيلاً و لماكانت المسألة اجتهادية لاتقليدية لم‏يجز لنا تقليدهما انار اللّه برهانهما و وجب علينا النظر بانفسنا و هذا مختصر مما ادي اليه نظري القاصر و يجوز عندي البقاء علي العمل برواية صحيحة اخذتها من عالم امين ثقة تعلم انه لايقول الاّ بسمع و نطق و برواية

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 122 *»

عن امامه عامة او خاصة سواء استنبط المسألة من اصل القوة الينا للتفريع او نص خاص صدر عنهم صلوات اللّه عليهم و بغير ذلك لايجوز عندي التقليد ابتداء فضلاً عن البقاء و ما لم‏يعرف الانسان العالم هكذا و لم‏يثق بانه لايقول الاّ عن سمع و نطق لايجوز عندي تقليده فلايجوز عندي تقليد من شهر بالعلم و الاجازة و الاجتهاد ما لم‌تثق به و بامانته و ديانته و تقواه واللّه المسدد الموفق للصواب.

سؤال: و سأله ابن السلطان محمد شاه عباس ميرزا نائب السلطنة الملقب بملك آراء في يومنا هذا هل يجوز تقليد الميت ام لا؟

جواب: لمااراد ايده اللّه في هذه المسائل الفقهية الاكتفاء بمحض الفتوي نكتفي به فاقول ان الشيخ الاجل و السيد الانبل اعلي اللّه مقامهما و رفع في الخلد اعلامهما ماكانا يجوزان تقليد الميت و عليه المشهور فالاحوط عدم تقليد الميت و ان اكن اجوز تقليد من لايفتي الاّ بالنصوص مطلقاً سواء قلده في زمان حيوته ام لا و قد فصلنا ذلك في ساير رسايلنا لاسيما في رسالتنا نظام البشر في الامر بالمعروف و النهي عن المنكر.

سؤال: و سأله الملامحمد علي بن محمد نبي الدواني هل يجوز تقليد الموتي ام لا؟

جواب: اعلم ان اللّه سبحانه هو الحي لا اله الاّ هو و انت حي بفيضه و جوده و الواسطة بين الحيين لايكون ميتاً و لايصل الفيض من حي الي حي بواسطة ميت فلابد و ان‏يكون الواسطة حياً يأخذ من العالي و يوصل الي الداني فالداني يقلد الواسطة و الواسطة يقلد العالي و لايجوز ان‏يكون الواسطة منقطعاً عن الداني ملحقاً بالعالي فلاجل ذلك لايخلي اللّه الارض من حجة عالم حي يأخذ عن اللّه و يبلغ الي الخلق

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 123 *»

و لو خليت لقلبت و ساخت باهلها و قد روي ما معناه لاتخلو الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون شيـئاً ردهم و لو نقصوا اتمه لهم و لولا ذلك لالتبس علي المسلمين امورهم و لم‏يعرف الحق من الباطل فالنبي في زمانه هو الحي الواسطة بين اللّه الحي و خلقه الاحياء يأخذ عن اللّه و يؤدي الي الخلق فاذا انتقل و قطع النظر عن الخلق لابد بينهم من واسطة حي يأخذ عن اللّه و لو بواسطة النبي في الباطن فانه لن‏يصل الي الامام الحي شي‏ء الاّ و يبدأ به بالنبي9 ثم يثني بالامام الحي فيأخذ الخلق عنه فالخلق يقلدونه و يأخذون عنه من غير دليل علي جزئيات المسائل فكان يأخذ عنه من يحضره بلاواسطة و كان يحمل من يسمعه الي من لايحضره فيأخذ عن الحامل من يثق به فلو حمل زرارة عن الباقر7 الي رجل بخراسان و كان الخراساني يعرفه و يثق به يأخذ بروايته فلو روي زرارة للخراساني و مات لم‏يكن الخراساني يترك رواية زرارة لاجل انه مات فانه مقلد للباقر7 و هو حي و انما الراوي وسيلة العلم بقول الباقر و هو حاصل حال حيوة زرارة و حال موته ليس يزول علمه بموته فهو يقلد الباقر في اي حال الي ان‏ينتقل الباقر7 فلابد للناس ان‏يعرفوا امامهم فمن لم‏يعرف امام زمانه فقد مات ميتة جاهلية فاذا عرفه قلده و اخذ دينه عنه فلو منعه عن العمل باحاديث الباقر7 يجب عليه الامتناع و لو قرره يجب عليه القرار عليها و العمل بها فنحن نعمل باحاديث الماضي بتقرير الباقي فاهل كل زمان يقلدون امامهم الحي و ساير الشيعة رواة لاخبارهم سواء محياهم و مماتهم كما كان الامر في حضورهم هذا اعتقادي في هذه المسألة من شاء فليقبل و من شاء فليمنع.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 124 *»

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه امان اللّه خان الثاني والي كردستان عرض ديگر آن‏كه قول مجتهد مرده مرده است يعني چه و تقليد ميت يعني چه درست نيست التفات فرموده مرقوم فرماييد؟

جواب: عرض مي‏شود كه در ميان علماي شيعه اين مسأله خلافي است جمعي از فقهاي ما تقليد مجتهد مرده را جايز نمي‏دانند و مي‏گويند قول الميت كالميت و دليلي كه قابل ذكر باشد حقير از آنها نديده‏ام و دليلهاي سست آورده‏اند و خدشه بردار است مگر دليلي كه مرحوم سيد اعلي اللّه مقامه مي‏فرمودند و مي‏فرمودند كه فقيه در زمان غيبت واسطه فيض است در ميان امام عصر و شيعيان و مانند آيينه‏اي است كه در برابر آفتاب نگاه دارند كه عكس آن در خانه افتد اگر آن آيينه شكست عكس آن در خانه نمي‏افتد و آيينه ديگر ضرور است و اين دليلي بسيار قوي است و از همه ادله قويتر است ولكن حقير در اين مسأله فكر بسيار و تأمل بي‏شمار كرده‏ام و چنان فهميده‏ام كه حاكم و مفتي اول رسول خدا است و چون ايشان از دار دنيا اعراض فرمودند حاكم و مفتي نفس او كه حضرت امير است بود و همچنين امامي پس از امامي و امروز حاكم و فقيه و مفتي امام عصر است عجل اللّه فرجه و ساير شيعيان همه راوي اخبار و فتاوي ايشانند كسي از خود رأيي نبايد داشته باشد و همه بايد حديث ايشان را روايت كنند و به حديث ايشان عمل كنند و امام زنده است و او اصل است بلي امام مرده نمي‏شود و اگر امام زنده نباشد تقليد امام مرده معني ندارد و اين در مذهب شيعه نيست و از مذهب سني است پس اگر راوي مرده باشد ضرر ندارد چرا كه خود عالم فقيه زنده است كه امام باشد پس اصل مسأله كه تقليد ميت جايز نيست اجماعي مذهب شيعه است و در مذهب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 125 *»

شيعه بديهي است و به همين از مذهب سني امتياز دارند ولكن بعضي مي‏گويند همه بايد مقلد امام زنده باشيم و تقليد امام مرده معقول نيست و واسطه ميان خدا و خلق مرده نمي‏شود بعضي مي‏گويند تقليد فقيه را بايد كرد كه مجتهد باشد و او بايد زنده باشد و تقليد مجتهد مرده را هم نبايد كرد و آنچه حقير فهميده‏ام آن بود كه عرض كردم كه تقليد ميت كه جايز نيست تقليد امام ميت است كه امام حيي مصدق او بعد از آن نباشد و اگر امام حيي هست كه او مصدق ميت و لسان صدق او و محيي امر او باشد بعد از او و شاهد صدق او باشد آن وقت به فتواي امام ميت به تصديق امام حي جايز است بلكه مطلقاً امام ميتي كه بعد از آن امام حيي نباشد بر باطل است و دين مبين تا روز قيامت بايد حامل داشته باشد از جانب خدا در ميان خلق پس حقير عمل به روايت فقهاي ميت را جايز مي‏دانم و از كتاب و سنت چنين فهميده‏ام نه از پيش خودم.

سؤال:  و سأله اعلي اللّه مقامه امان اللّه خان ايضاً فقهي براي مخلص لازم است كه رجوع به آن شود به چه نسخه رجوع كنم بفرماييد تا اطاعت شود؟

جواب: بسيار عجب است كه شما به اين فكرها افتاده‏ايد در ميان همه حكام و اين نيست مگر از غايت سعادت ان‏شاء اللّه و از قوه ايمان اگر از كتب حقير خواهيد هداية العوامي به فارسي نوشته‏ام و به جهت آن‏كه شايد نسخه آن آنجاها نباشد ارسال خدمت داشتم در طهارت و صلوة و زكوة و صوم ان‏شاء اللّه كافي است و كتب شيخ جليل و سيد نبيل ان‏شاء اللّه كافيند و به احتياط اين‏كه ايشان تقليد ميت را تجويز نفرموده‏اند و مخالفت ايشان نشود چرا كه ايشان سناد و عماد مذهبند تقليد احياء بشود اقرب به احتياط

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 126 *»

است پس مهما امكن تقليد حي بفرماييد.

 

بـــاب

انه هل يجوز للفقيه ان‏ينفرد بقول لم‏يسبق عليه سابق به

 

سؤال: سأل السيد حسن بن سيدنا الاوحد السيد كاظم انار اللّه برهانه مولانا و عمادنا الكريم اعلي اللّه في الدارين اعلامه هل يجوز للفقيه العارف بلحن المقالات المعصومية و الفاهم لمعاريض الكلام ان‏ينفرد بقول لم‏يسبق عليه سابق به ام لا حتي يحصل له شريك؟

جواب: اعلم ان من العلماء من زعم ان الحكم الاولي الواقعي ما صدر عن النبي9 و لماوقع الحديث في ايدي الامة حصل فيه سهو و نسيان و خطأ و تعمد تحريف و كذب و غير ذلك من المغيرات ثم وصل الينا مع سائر الاختلافات في الافهام و الاحتمالات اللفظية و علينا بذل الجهد بقدر الطاقة في فهم الحق و اصابة حكم صدر عن النبي9 و هو واحد فالمصيب له علي الحق و من خالفه مخطي‏ء الاّ ان خطاءه مغفور له لانه جاهد بقدر وسعه و ظنه صوابا و لم‏يقع في يده غير ذلك و لايكلف اللّه نفساً الاّ وسعها فالمصيب واحد و الباقون مخطئون و علي ذلك لايجوز ان يخلو الدنيا من عامل بالحق كما روي لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة و لايرتفع الحق من هذه الامة لان اللّه عزوجل خلق السماوات و الارض بالحق و للحق و هذا احد معاني لاتجتمع امتي علي ضلالة و ظواهر الاخبار تشهد بذلك فعلي ذلك لايجوز ان‏يكون اعصار او عصر خاليا عن عامل بالحق فلايجوز احداث قول لم‏يكن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 127 *»

في الاعصار السابقة و ان استدل عليه ببعض الايات و الاخبار فعدمه في الامة دليل بطلانه و الحق لايزهق و الباطل زهوق فالقول المعدوم زهوق و باطل و يجب المصير الي احد الاقوال الموجودة في الامة من العلماء و من عرف حقيقة الاشياء و مراتب الخلق و اختلاف العوالم و اطلع علي بواطن الاخبار و عرف بلاغبار ان للعالم مقامين مقام ذاتي و مقام عرضي اما المقام الذاتي فقد استتر علينا بعد قتل قابيل هابيل و تغيرت البلاد و من عليها و صار العالم عالم اعراض و امراض و موانع و بلايا و فتن حجبت حقايق الاشياء و ذواتها فلم‏يبق شي‏ء علي صرافتها و خلق الناس من هذه العناصر العرضية و جميع ما في هذا العالم مشيب بالاعراض و الامراض و الموانع و احكام الاعراض عند اللّه غير احكام الذوات و النبي9 يوم بعث بعث في عالم الاعراض و لم‏يأت الاّ باحكام هذا العالم و لاجل ذلك كان يقول بشي‏ء اياماً ثم ينسخه و يأتي الحجة بكتاب جديد و شرع جديد هو علي العرب شديد مع ان حلال محمد حلال الي يوم القيامة و حرام محمد حرام الي يوم القيامة و لمحمد9 حلال و حرام بالنسبة الي جميع الذاتيات و العرضيات فمهما ظهر ذاتي ظهر حكمه و مهما ظهر عرضي ظهر حكمه و الكل حلال محمد و حرامه و لماكان الاعراض تتغير بتغير الاوقات و الامكنة و الحالات اظهر في زمانه اول مرة ماكان يناسب زمانه و كلما تغير الاعراض في زمانه غير الحكم و نسخ السابق و كل عرض لم‏ينته عمره في زمانه و كان ينتهي في زمان خليفته اودع الحكم اياه و عرفه الزمان و وصاه بان‏يظهر حكم ذلك العرض الذي سيظهر في زمانه اذا ظهر و ما لم‏ينته عمره في زمانه و كان ينتهي في زمان ثاني الحجج وصاه ان‏يودعه اياه و ان‏يظهره اذا ظهر العرض و هكذا الي ان اودعوا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 128 *»

جميع الشرع حجتنا عجل اللّه فرجه و وصوه بان‏يغيب مادام الاعراض تقتضي ذلك و يسدد الفقهاء باحكام تناسب اعراض حال الغيبة ثم اذا زالت الاعراض يظهر و يظهر ما يناسب ذلك الزمان و الكل دين النبي9 فعلي ذلك يمكن ان‏يختص زمان باعراض لم‏تكن سابقاً او يختص رجل او رجال باعراض لم‏تكن لغيرهم و يؤيد العالم الفقيه و يسدده لما هو تكليفه اذا بذل جهده فعلي ذلك عند اولئك لامانع من ان‏يقول بقول لم‏يقل به قائل قبل ولكن لابد و ان‏يكون عليه دليل من الكتاب و السنة فانهما آلتا التأييد و يدا التسديد لاغيرهما ابداً ابداً علي ان هؤلاء يقولون اذا قلت بقول لك فيه شريك من السابقين أ ليس قبل مجيئك هو منفرداً فان لم‏يكن الانفراد بأس فلابأس بانفرادك و ربما يجي‏ء من يوافقك بعد حين و ان كان الانفراد باطلاً فقبل مجيئك اذا هو علي باطل و ماينفعك موافقة الباطل و كذلك الشريكان و الثلاثة اذا اولهما علي ذلك علي باطل و الثاني تابع باطل و الثالث تابع باطلين هذا و كم من فقيه قال بما لم‏يقل به قبله غيره بل ربما ادعي عليه الاجماع و لم‏ينقل عن احد غيره و لم‏يقدح فيهم احد هذا و يقولون ان العلم باقوال الفقهاء تكليف شطط لانه لايحصيهم الاّ اللّه و لايعلم بلادهم و لغاتهم الاّ اللّه فكم من فقيه خامل الذكر في كسر بيته في قرية او جبل يعبد ربه لم‏يخرج كتابه و لم‏ينوه باسمه و كم من فقيه معروف مفت و لم‏يصنف و لم‏يخلف كتاباً و كم من فقيه كتب كتاباً و ضاع كتابه و لم‏ينتشر و الفقهاء المعروفون اقل قليل لعلهم جزء من الف جزء من سائر العلماء و المصنف في كل الفقه اقل منهم و المقيد كل مسألة بعد اقل منهم و هذه الفقهاء المعدودون الذين بلغنا كتبهم و فتواهم لايبلغ عددهم حد الشهرة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 129 *»

فضلاً عن الاجماع و يقولون حسبك انك لم‏تؤمر في حديث بملاحظة الاقوال و التصفح عن آراء الرجال و اتخاذ الاعضاد مع اهل السداد و ماامرت به من الاخذ بما اشتهر فانما هو في الرواية لوجود القرينة في المقام و ظهوره في المرام و اني لك بمعرفة العلماء حتي تعرف مشهورهم فمن اخذ بالكتاب و السنة علي بصيرة و يقين نجا و من تخلف عنهما هوي قال7 دع الرأي و القياس و ما قال قوم في دين الله ليس له برهان و قال علي7 لاغزو الاّ مع امام عادل و لانقل الاّ من امام فاضل يا كميل هي نبوة و رسالة و امامة و ليس بعد ذلك الاّ موالين متبعين او مناوين مبتدعين انما يتقبل اللّه من المتقين بالجملــة هؤلاء يقولون الامر و ان كان كذلك لكن في مخالفة الشهرة شنعة عند جهلة الناس بل عند اوساطهم بل عند اهل العلم منهم ايضاً لما اشتهر بينهم من العمل بالشهرة مع ان علياً7 يقول في حديث انما يعرف الهدي بقلة من يأخذه من الناس و قال ايها الناس انا انف الهدي و عيناه ايها الناس لاتستوحشوا في طريق الهدي لقلة من يسلكه ان الناس اجتمعوا علي مائدة قليل شبعها كثير جوعها و اللّه المستعان و حديث هشام في الكافي معروف فراجع و الادلة العقلية البينة كلها تدل علي ان اهل الحق دائماً اقل من اهل الباطل و لابد في هذه الازمنة من شيوع الباطل و خمول الحق و عليه يدل الكتاب و السنة و المشاهدة و الادلة العقلية و اما نحن فنحن نحترز ما امكننا من مخالفة الشهرة فان كانت احوط نعمل بها من باب الاحتياط و ان كان خلاف الاحتياط و لم‏نضطر الي العمل او الفتوي فلانقول بخلافها لعدم الحاجة و ان اضطررنا فندير الامر و لانكافح في القوم بما يخالفهم لكونهم اهل علم و فحص و بحث و هم القدوة و الاسوة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 130 *»

في الفقه و الحلال و الحرام و للناس في العمل مندوحة اذ الشهرة ان كانت علي خلاف فلايمنع اهلها من الاحتياط و اما المحدثون فلايبالون و يعملون بالاخبار كيفما اتفق و يقولون ان اقتنعت بكلام الحجة فهذا كلام الحجة و ان اردت العامل به فالرواة الذين رووا هذا الخبر و دونوه في اصولهم فقد عملوا به و الرواة علماء بل افضل العلماء فان من هو علي يقين افضل ممن يعمل بتخمين بالجملــة نحن نتبع الاثار كما امرنا به السادة الابرار و حجج الجبار عليهم صلوات اللّه ما اختلف الليل و النهار و نقول اخوك دينك فاحتط لدينك ما استطعت فان كان ما تفردنا به خلاف الاحتياط فالاحتياط اولي و هو المجمع عليه و ان كان هو الاحتياط فلايمنع عنه المخالف فهو المجمع عليه علي كل حال و لاحول و لاقوة الاّ باللّه.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 131 *»

النـوع الثاني

فيما يتعلق بجملة العبادات و المعاملات و فيه ابواب

بـــاب

قاعدة كلية في تقسيم العبادات نوعا

 

قــال: مولانا الكريم في كشكوله، فائــدة: اعلم ان اعمال العباد في الدنيا لايخلو اما ان‏يقصد به اللّه سبحانه و يبتغي به وجهه و اما لايقصد به اللّه سبحانه فالاول عبادة يرجع الي اللّه سبحانه و يثاب به فان لكل امري‏ء ما نوي و هو كل عمل يريد الانسان به وجه اللّه سبحانه فرضاً كان او نفلاً او مباحاً بالشرع او مكروهاً او حراماً عند الاضطرار اليها و الثاني كساير الاعمال التي لايريد به اللّه سبحانه فالعبادات اما عبادة باصل الشرع و بوضع الشارع او يرجع اليها بالنسبة فالاول كالفرايض و النوافل و الثاني كالمباحات و المكروهات و المحرمات عند الاضطرار اليها فالفرايض اما يشترط النية في صحتها و براءة الذمة منها و اما يشترط في الاجر بها و يجزي عنها وقوعها كيف ما اتفق و الثاني كتطهير الثياب و امثالها للصلوة الواجب اذا عمله مع النية يثاب و يجزي عن هذه العبادة اذا اتفق بغير نية ايضاً فان غرض اللّه من وضعها حصول فعلها و غايتها التي هي طهارة الثوب و كبر الوالدين و صلة الرحم و اداء حقوق الاخوان و من غير نية لايثاب بشي‏ء منها فانما الاعمال بالنيات و مثل ذلك السلام و جزاء الاحسان ورد التحية و امثال ذلك و الاول اما عام لكل من المسلمين الاّ من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 132 *»

كان له عذر و هو من شرايط الاسلام و اركانه و اما خاص بقوم دون قوم الثاني كالجهاد مثلاً و الاول اما كفائي او عيني الاول كغسل الميت و الصلوة عليه مثلاً و الثاني اما واجب لغيره كالوضوء و الغسل و اما واجب لذاته كالفرايض العامة ثم هي اما فيها رخصة في حال من الاحوال كالاربع و اما ليس فيه رخصة كالولاية و كذلك اما هي اصل كالولاية لاولياء اللّه و البراءة من اعداء اللّه و اما فرع جزئي كساير العبادات كتبه العبد الاثيم كريم بن ابرهيم حامداً مصلياً.

 

بـــاب

انه هل يعتبر اسلام الصبي المميز فيجري عليه الاحكام ام لا

 

سؤال: سأل الشيخ محمد بن علي بن عبدالجبار الشيخ الاوحد انار اللّه برهانه سؤالاً و في ضمن جوابه اعلي اللّه مقامه يذكر المسألة المقصودة من عنوان هذا الباب فاذكر تمام السؤال و الجواب ما اول الزمان الذي يجب فيه معرفة اللّه هل هو متي حصلت للمكلف قوة التميز و ان لم‏يبلغ البلوغ الشرعي اذ معرفته و شكره واجب عقلاً فلايتوقف علي توقيت شرعي و الاّ لزم خلاف المفروض (اذ خ‏ل) و اوله البلوغ الشرعي و ان كان وجوبه عقلياً بينوا لنا حقيقة الحال؟

جواب: اما في الظاهر اول ما يجب فيه المعرفة من الزمان و هو عند البلوغ و ما سبق علي ذلك فلايعتمد علي اثره و لهذا قال الفقهاء ان المميز لو اسلم دون ابويه لايعتبر اسلامه فلايصح عتقه في الرقبة المؤمنة نعم يفرق بينه و بين ابويه لئلايتزلاه عن عزيمته و هذا معني عدم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 133 *»

الاعتماد علي اثره فاذا كان اثره غير معتمد لاتجب قبل البلوغ و الاّ كان اثره معتمداً و يترتب عليه احكام الاسلام نعم مسألة المثال المذكور فيها خلاف هل يعتبر اسلام الصبي المميز فيجري عليه الاحكام ام لا و الذي يظهر لي ان ما يتعلق بالاخرة من الاحكام يجري علي اسلام الصبي المميز في ثوابه و عقابه و ما يتعلق بالدنيا مما يترتب عليه احوال المعاملات و غيرها لاتجري عليه نعم يلزم من باب التمرين بما يتأدي به الواجب و لو بعد حين و اما في الباطن فاول ما يجب فيه المعرفة من الزمان ما ادرك فيه الصبي ان له صانعاً هو صانع كل شي‏ء فيجب عليه ما يحتمله في كل وقت من مراتب المعرفة من غير توقيت شرعي لان النور الذي يقع في قلبه لايكون دفعة فيكون وجوب المعرفة دفعةخ بل يقع في قلبه بالتدريج فيتم عند البلوغ و يقوي الي ثمانية عشر سنة و يشتد عند ثلثين سنة او ثلث و ثلثين سنة و يكمل عند الاربعين و عند كل مقام يجب فيه ما يخصه من المعرفة باعتبار النور الواقع في قلبه من العقل المطبوع و باعتبار النور الظاهر في قلبه من العقل المسموع و اما ان وجوبه عقلي فذلك باعتبار الدليل و الاّ فانه شرعي بل العقل شرع باطن و الشرع عقل ظاهر فيلزم من هذا وجوب التوقيت اما في الظاهر فعند البلوغ الظاهر و اما في الباطن فعند البلوغ الباطن فاذا بلغ حداً وجب عليه ما فيه من المعرفة سواء كان ذلك البلوغ مطبوعاً ام مسموعاً فافهم.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 134 *»

بـــاب

من عمل جاهلاً بالمسألة و لم‏يسأل و صحة عمله

 

سؤال: سأل الشيخ احمد بن شكر النجفي سيدنا الكريم اجل اللّه شأنه و انار برهانه هل يجب علي الجاهل السؤال حين الوقوع فيما يجهل و حينئذ لايكون جهله قادحاً في صحة عبادته فيما لم‏يقع فيه.

جواب: اعلم ان طلب العلم كلية فريضة بالكتاب و السنة و الاجماع قال اللّه سبحانه فاسألوا اهل الذكر ان كنتم لاتعلمون و قال فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين و لينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون قال رسول اللّه9 اطلبوا العلم فانه السبب بينكم و بين اللّه عزوجل و ان طلب العلم فريضة علي كل مسلم و قال اف لكل مسلم لايجعل في كل جمعة يوماً يتفقه في امر دينه و يسأل عنه و قال اطلبوا العلم و لو بالصين فان طلب العلم فريضة علي كل مسلم و قال علي7 لست احب ان‏اري الشاب الاّ غادياً في حالين اما عالماً او متعلماً فان لم‏يفعل فرط فان فرط ضيع فان ضيع اثم و ان اثم سكن النار و الذي بعث محمداً بالحق و قيل لابي‏عبداللّه7 هل يسع الناس ترك المسألة عما يحتاجون اليه فقال لا و قال عليكم بالتفقه في الدين و لاتكونوا اعراباً فان من لم‏يتفقه في دين اللّه لم‏ينظر اللّه اليه يوم القيامة و لم‏يزك له عملاً و قال7 طلب العلم فريضة علي كل حال و قال ما معناه من كان له صحة الجسم و جودة الفهم و لم‏يطلب العلم و مات مات كافراً و من مات كافراً خلد في النار الي غير ذلك من الاخبار فطلب العلم و السؤال عما يحتاج اليه فريضة دائماً و علي كل حال الاّ انه قد يطلب و لايجد فيبقي جاهلاً فحينئذ هو معذور اذ

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 135 *»

كل ما غلب اللّه عليه من امر فاللّه اعذر لعبده و قد قال اللّه سبحانه لايكلف اللّه نفساً الاّ ما اتيها و قال الصادق7 ماحجب اللّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم و قال من عمل بما علم كفي ما لم‏يعلم و في الحديث الذي مر في المرفوعات من الامة و عد منها ما لايعلمون و قال الصادق7 اي رجل ركب امراً بجهالة فلاشي‏ء عليه و قال كل شي‏ء امر الناس به فهم يسمعون له و كل شي‏ء لايسمعون له فهو موضوع عنهم انظر في هذا الحديث فان معناه ان كل ما يريد اللّه من عبده في السياسة الملكية فانه يبلغه اليه و يسمعه و له الحجة البالغة و ما لم‏يبلغ ليس ببالغ و ما ليس ببالغ ليس بحجة اللّه و ما لايريد منهم في السياسة الملكية لايسمعه اياهم و لايبلغ اليهم ذلك فما جهلت فهو موضوع عنك لم‏يرده اللّه منك و انما اراده ممن اسمعه اياه و عرفه و اتي رجل الصادق7 و قال اني ورثت مالاً و قد علمت ان صاحبه الذي ورثته منه كان يربي الي ان قال7 فمن جهله وسع اللّه له جهله حتي يعرفه فاذا عرف تحريمه حرم عليه و سئل عن المرأ يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي مما لاتحل له ابداً فقال لا اما اذا كان لجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها و قد يعذر في الجهالة بما هو اعظم من ذلك و قال علي7 في من شرب الخمر ابعثوا به من يدور علي مجالس المهاجرين و الانصار من كان تلي عليه آية التحريم فليشهد عليه ففعلوا ذلك فلم‏يشهد احد بانه قرأ عليه آية التحريم فخلي عنه فقال ان شربت بعده اقمنا عليك الحدّ و كذا صنع في السارق و عن ابي‏ابرهيم7 في قول اللّه تعالي قل فللّه الحجة البالغة فلو شاء لهديكم اجمعين مبلغ الحجة البالغة الجاهل فيعلمها بجهله كما يعلمه العالم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 136 *»

بعلمه لان اللّه تعالي عدل لايجور يحتج علي خلقه ما يعلمون يدعوهم الي ما يعرفون لا الي ما يجهلون و ينكرون و في الدعاء و اي جهل لايسعه جودك الي غير ذلك من الاخبار التي استقصيناها في فصل الخطاب فاذا كان الانسان جاهلاً لايدري و هو علي ما عرفت غير الشاك و المشتبه عليه فهو في سعة حتي يتعلم بل لو قصر الانسان في التعلم اثم في تركه و صح ما وقع فيه بجهله و ان كان يعاقب علي تضييعه طلب العلم لانه فريضة مستقلة و الجاهل الواقع بجهله فيما وقع فيه و لو كان عن تقصير تحت عموم هذه الاخبار و لامخصص لها ولكن المشهور بين العلماء عدم المعذورية الاّ في احكام يسيرة كحكمي الجهر و الاخفات و القصر و الاتمام و قالوا ببطلان عبادات الجاهل الذي ليس بمقلد و لامجتهد و عن جمع من المتأخرين معذورية الجاهل مطلقاً الاّ في مواضع يسيرة و منهم من زعم ان اخبار وجوب طلب العلم تدافع اخبار معذورية الجاهل و هو اشتباه فان فرض الطلب غير صحة عمل الجاهل و يكشف عن ذلك رواية عبدالصمد بن بشير عن ابي‏عبداللّه7 قال جاء رجل يلبي حتي دخل المسجد و هو يلبي و عليه قميصه فوثب عليه الناس من اصحاب ابي‏حنيفة فقالوا شق قميصك و اخرجه من رجليك فان عليك بدنة و عليك الحج من قابل و حجك فاسد فجاء ابوعبداللّه7 فقام علي باب المسجد فكبر و استقبل الكعبة فدنا الرجل من ابي‏عبداللّه7 و هو ينتف شعره و يضرب وجهه فقال له ابوعبداللّه7 اسكن يا عبداللّه فلما كلمه و كان الرجل اعجمياً فقال ابوعبداللّه7 ما تقول قال كنت رجلاً اعمل بيدي فاجتمعت لي نفقة فجئت احج لم‏اسأل احداً عن شي‏ء فافتوني هؤلاء ان‏اشق قميصي و انزعه من قبل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 137 *»

رجلي و ان حجي فاسد و ان علي بدنة فقال له متي لبست قميصك أ بعد ما لبيت ام قبل قال قبل ان‏البي قال فاخرجه من رأسك فان ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل اي رجل ركب امراً بجهالة فلاشي‏ء عليه طف بالبيت اسبوعاً فصل ركعتين عند مقام ابرهيم و اسع بين الصفا و المروة و قصر من شعرك فاذا كان يوم التروية فاغتسل و اهلّ بالحج و اصنع كما يصنع الناس انظر في هذا الخبر الشريف كيف قال الرجل فجئت احج لم‏اسأل احداً عن شي‏ء و مع ذلك قال7 اي رجل ركب امراً بجهالة فلاشي‏ء عليه مع ان الرجل في طريق الحج و في مكة يري الناس يحجون و يمكنه السؤال فمع انه قصر عن السؤال و حج عن جهالة لم‏يبطل عمله و عذره بالجملــة الجاهل معذور مطلقاً و عمله صحيح و ان لم‏يقلد احداً و لم‏يجتهد في المسألة كيف كان و لااثم عليه في عمله و ان كان آثماً بترك المسألة كما قال الصادق7 انما يهلك الناس لانهم لايسألون فافهم راشداً موفقاً.

 

بـــاب

ان الكافر مع كونه مكلفاً بالفروع اذا اسلم هل يجب عليه قضاء ما فعله

و ان كان من التكاليف الوضعية و كذا المخالف اذا استبصر ام لا

و كذلك الكلام في صحة معاملاته الواقعة منه و المناكح او عدمها

 

سؤال: سأل محمدعلي ميرزا الشاهزاده شيخنا الاوحد اعلي اللّه مقامه و انار برهانه هل الكافر مكلف بالفروع ام لا و علي التكليف هل يجب عليه القضاء اذا اسلم ام لا و ان كانت التكاليف وضعية و اذا

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 138 *»

استبصر من كان علي غير طريقة الحقة من فرق المسلمين هل تكون عبادته التي وقعت منه موافقة لتلك الطريقة صحيحة ام لا و ايضاً المعاملات الواقعة منه و المناكح و ساير العقود و الايقاعات الواقعة علي الطريقة التي كان عليها هل يقر عليها و تقبل منه ام لا؟

جواب: اما الكافر فهو علي قسمين كافر اصلي و كافر بالارتداد و الكافر بالارتداد فطري و ملي فاما الكافر الاصلي فاختلف العلماء في شأنه هل مكلف بالفروع ام لا و المشهور بين اصحابنا انه مكلف بل ادعي كثير من العلماء اجماع الفرقة المحقة علي ان الكفار مكلفون بجميع الفروع و انما لم‏يصح منهم الصلوة مثلاً لو صلوا لان شرط صحتها و هو التقرب ممتنع منهم لتوقفه علي الاسلام و ليس امتناع شرط الصحة منهم مانعاً من ايجابها عليهم لان هذه الشرط ممكن في حقهم فانهم قادرون علي الاسلام متمكنون منه و اي فرق بين تكليف المحدث بالصلوة بان‏يتطهر و يصلي و بين تكليف الكافر بالصلوة بان‏يسلم و يصلي مع ما في ذلك من مصلحة المكلف لانه اذا نبه علي ان الاسلام وحده ليس هو المطلوب بل المطلوب هو و فروعه و احكامه عرف بان نفع الفروع للمكلف و رفع العذاب علي تركها من اعظم مصالح المكلف و هذا معلوم عند جميع الكفار بان محمداً9 انما يأمر بالاسلام لاقامة حدود فروعه و ما يترتب عليه و لهذا اخبر سبحانه عن حال الكفار يوم القيامة حين قيل لهم ما سلككم في سقر قالوا لم‏نك من المصلين و لم‏نك نطعم المسكين و كنا نخوض مع الخائضين و الدليل علي ان هؤلاء كفار قوله تعالي حكاية عنهم و كنا نكذب بيوم الدين نعم خالف بعض شذاذ منا مثل الملامحسن و حكم بان الكفار غير مكلفين بالفروع لتوهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 139 *»

دلالة حديث الكافي في قوله7 كيف يصلي و هو لايشهد ان محمداً رسول اللّه9 و الظاهر ان المراد منه انه اذا لم‏يقر بهذه الشهادة التي هي ركن الاسلام و اصله كيف يفعل ما هو فرع كالصلوة و هذا احتمال مساو و ان لم‏يكن راجحاً و اذا قام الاحتمال المساوي بطل الاستدلال و قد وافق مذهب كثير من العامة في ذلك فان اكثرهم قائل بعدم تكليف الكفار بالفروع لعدم الفائدة و قد سمعت بعض ما فيه من الفائدة و اما ان كان كافر الاصلي اذا اسلم هل يجب عليه القضاء ام لا فالمعلوم بين المسلمين انه لايجب عليه القضاء لما فات و فيه من الاحكام الشرعية كالصلوة و الصوم و اما الزكوة فنص المحقق في المعتبر و العلامة بسقوطها لحديث الاسلام يجب ما قبله و توقف في المدارك و اما مثل الحج فانه يجب عليه ان بقيت استطاعته الي بعد الاسلام لانه لم‏يفت وقته و هذه مستندها اجماع المسلمين و الادلة النقلية و كذلك العقلية لان عدم القضاء لطف به داع الي طلب الاسلام تفضلاً منه و تخفيفاً كما لم‏يوجب قضاء الصلوة علي الحائض اذا طهرت تخفيفاً لانها ليست مكلفة و لامخاطبة بها بل هي مخاطبة بها و لهذا وجب عليها الصوم قضاء و وجبت عليها الصلوة ولكنها اسقطها عنها تخفيفاً و لهذا قال7 تقعد ايام اقرائها يعني عن الصلوة و لم‏يقل لم‏تجب عليها الصلوة فلما اسقط القضاء تخفيفاً لكثرة الصلوة بقي وجوب الصوم بالامر الاول لقلته و قد حققنا في الاصول ان وجوب القضاء ليس بامر جديد بل بالامر الاول و ان الامر الثاني انما هو لبيان ما وجب في الوقت فيجب قضاؤه اذا فات و ما وجب للوقت فلايجب قضاؤه اذا كان و الاّ لكان هذا الامر الثاني مؤسساً للحكم فيكون الفعل اداءاً لا قضاءاً

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 140 *»

فكذلك حكم الكافر فانه كان مكلفاً فلما اسلم تفضل اللّه عليه باسقاط ما فات وقته و اليه الاشارة بقوله تعالي قل للذين كفروا ان‏ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف و قوله9 الاسلام يجب ما قبله اما ما كانت من الاحكام الوضعية مثل الجنابة اذا وقعت منه حال الكفر فانه اذا اسلم وجب عليه الغسل و ان اغتسل حال كفره هذا حكم العبادات علي سبيل الاجمال و اما العقود و الايقاعات فيقرون عليها اذا لم‏تناف الحق كما لو اسلم علي اكثر من اربع نساء فانه يتخير فيهن‌كذا اربعاً و يخلي الباقي و كذا لو كان تحته ما لاتحل له في مذهب الحق كالام و البنت فانه يفرق بينهما و اذا ترافع الخصمان منهم الينا تخير الحاكم بين ان‏يحكم بينهم بالحق و بين ان‏يردهم الي ملتهم و بالجملــة هذه و ما اشبهها مفصلة في كتب الفقه هذا اذا كان الكافر اصلياً سواء كان منتحلاً او معطلاً و اما ان كان كفره عن ارتداد سواء كان مسلماً ثم كفر و هذا هو الفطري و هو ماكان حين تولده ابواه مسلمين و كذا ابو ابيه علي الظاهر ام كان كافراً ثم اسلم ثم كفر و هذا الملي فانه يجب عليه قضاء ما وجب عليه زمان ردته لانه ترك ما كلف به عمداً([9]) اما وجوب القضاء علي المرتد الملي اذا طاب فهو ظاهر لانه اذا تاب‌كذا قبلت توبته اذا اعترف بما انكر و ندم علي ما صدر منه و هذا لااشكال فيه و حكم هذا لو ارتد ثانيا و استتيب و تاب فكذلك فان فعل ذلك ثلاثاً قتل في الثالثة او في الرابعة علي الاحتياط و امواله باقية مادام في الحيوة علي ملكه و قال في المبسوط اذا التحق بدار الحرب يزول ملكه و ينتقل المال الي ورثته و الي بيت المال ان لم‏يكن له وارث و قال العلامة يحفظها الحاكم فان عاد فهو احق و ان مات فهي لورثته و هذا اولي لجواز عوده الي الاسلام مادام حياً

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 141 *»

هذا اذا كان رجلاً‌كذا و اما اذا كان المرتد فطرياً فانه لايستتاب بل يجب قتله فان لم‏يعلم بردته احد او لم‏يقدر علي قتله و تاب و ندم فهل تقبل تعريته‌كذا ام لا قيل لاتقبل توبته و علي‌كذا يكون القضاء لما وقع زمان ردته واجباً و يجوز لوليه القضاء عنه ان كان حجاً او مطلقاً علي احتمال سواء قتل قبل التوبة او بعدها او لم‏يقتل لعدم التمكن من قتله و ان تاب و لم‏يحكم بقبولها لانه يوسع عليه بعمل وليه و ان كان في النار يخفف عنه بعض العذاب عند اول دخول النار مفرقاً بحيث لايشعر بالتخفيف ليصدق عليه قوله تعالي و لايخفف عنهم من عذابها جمعاً بينه و بين ما دل علي التخفيف بحمل التخفيف علي حال الابتداء مثل ما لو استحق بعمله خمسين ضعفاً من العذاب و كان عمل وليه له يقابل ثلثين ضعفاً عشر سنين فانه عند اول دخوله النار يعذب بعشرين ضعفا من العذاب عشر سنين و بعد عشر سنين يعذب بالخمسين فقد خفف عنه ثلثين و لم‏يجد التخفيف بخلاف ما لو عذب بالخمسين اولاً ثم بالعشرين فانه يجد التخفيف واللّه سبحانه قد اخبر بنفيه فافهم و قيل بقبول توبته بالاخرة خاصة بمعني انه لايسقط عنه القتل بعد ثبوته عند الحاكم و اما في الاخرة فانه يغفر له اذا علم اللّه منه صدق الندم و هو الاصح عندي و علي هذا تحل له زوجته بعقد جديد بعد العدة بل و قبل انقضاء المدة علي الظاهر بعقد جديد كذلك و لايرجع اليه امواله لانها انتقلت علي ورثته و لايملك شيـئاً الاّ ما يستأنفه و يجب عليه قضاء جميع ما فاته و يـئول امره ان‏شاء اللّه الي عفو اللّه سبحانه لانه مخاطب بالتوبة و مطلوب بقضاء ما قصر فيه فلو انه لم‏يقبل منه لزم منع المكلف من اللطف المبذول له و تكليف ما لايطاق واللّه سبحانه اكرم من ذلك لانه كان بالمؤمنين رحيماً

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 142 *»

و ان كان امرأة استتيبت فان تابت و الاّ ضربت اوقات الصلوة و تحبس و تضرب اوقات الصلوة و يضيق عليها في المطعم و المشرب حتي تتوب او تموت و ان كانت عن فطرة و حكمها حكم الرجل في غير القتل و قضاء الولي عنه فانه لايكون لها ولي يقضي عنها شيـئاً من العبادات بل يلزمها قضاء زمان ردتها بعد التوبة و يجوز ان‏توصي بقضائها من مالها.

و قوله ايده اللّه بمدده و وفقه للخيرات و الاعمال الصالحات في امسه لغده و اذا استبصر من كان علي غير الطريقة الحقة من فرق المسلمين هل تكون عبادته التي وقعت منه موافقة لتلك الطريقة صحيحة ام لا؟

اقــول ظاهر عبارات اكثر الاصحاب ان فتاويهم متوافقة علي ان المخالف للحق اذا استبصر لايقضي شيـئاً من اعماله التي عملها في وقت ضلالته اذا اوقعها موافقة لمذهبه و لمايعتقده و قال ابن‏الجنيد و ابن‏البراج اذا حج المخالف ثم استبصر وجبت عليه الاعادة و ان كان ما اتي به موافقاً لمذهبه و الذي يظهر لي عن النظر في مستند احكامهم ان المخالف بقول مطلق اذا استبصر لم‏يجب عليه قضاء الصلوة و الصوم اذا وقع منه ذلك موافقاً لمذهبه و معتقده معا لانه اذا كان كذلك كان ممتثلاً لامر اللّه في تدينه فيكون بذلك خارجاً عن عهدة التكليف ظاهراً و ان كان مقصراً في الحقيقة حيث انه لاينفعه هذا العمل في الاخرة و لايدخل به الجنة لانه لم‏يكن متوالياً باهل البيت: و قد تظافرت الروايات من طرقنا و طرق العامة ان كل عمل لايكون مشفوعاً بولاية علي بن ابي‏طالب7 يكون يوم القيامة هباءاً منثوراً فمن ذلك ما رواه الصدوق باسناده الي علي بن الحسين8 قال لو ان رجلا عمر ما عمر نوح في قومه الف سنة الاّ خمسين عاماً يصوم النهار و يقوم الليل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 143 *»

بين الركن و المقام ثم لقي اللّه عزوجل بغير ولايتنا لم‏ينفعه ذلك شيـئاً و عن جعفر بن محمد عن آبائه: قال قال رسول اللّه9 لعلي لو ان عبداً عبد اللّه الف عام ماقبل اللّه ذلك منه الاّ بولايتك و ولاية الائمة: من ولدك و ان ولايتك لايقبلها اللّه الاّ بالبراءة من اعداءك و اعداء الائمة: من ولدك بذلك اخبرني جبرئيل فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر و من طرقهم عن ابي‏سعيد الخدري قال سمعت رسول اللّه9 اذا كان يوم القيامة امر اللّه الملكين يقعدان علي الصراط فلايجوز احد الاّ براءة اميرالمؤمنين7 و من لم‏تكن له براءة اميرالمؤمنين7 اكبه اللّه علي منخريه في النار و ذلك قوله تعالي وقفوهم انهم مسئولون قلت فداك ابي و امي يا رسول اللّه ما معني براءة اميرالمؤمنين قال مكتوب لا اله الاّ اللّه محمد رسول اللّه9 علي بن ابي‏طالب اميرالمؤمنين وصي رسول اللّه9 و عن ابي سلمان راعي رسول اللّه9 قال سمعت رسول اللّه9 يقول ليلة اسري بي الي السماء قال لي الجليل جل جلاله امن الرسول الي ان قال تعالي يا محمد لو ان  عبداً من عبادي عبدني حتي ينقطع و يصير كالشن البالي ثم اتاني جاحداً لولايتكم الحديث و عن عبداللّه بن العباس قال قال رسول اللّه9 الي ان قال قال تعالي في حق علي7 و اني آليت بعزتي الاّ ادخل النار احداً تولاه و سلم له و للاوصياء من بعده و لاادخل الجنة من ترك ولايته و التسليم له و الاوصياء من بعده و حق القول مني لاملئن جهنم‌ظ و اطباقها من اعدائه و لاملئن الجنة من اوليائه و شيعته و الاحاديث من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 144 *»

الفريقين لاتحصي فاذا ثبت انه ممتثل لظاهر الامر كان لعمله ثواب ينفعه في الدنيا او في البرزخ و قد يخفف عنه بعض العذاب كما مرّ و قول الشهيد الثاني في الروض و اعلم ان هذا الحكم لايقتضي صحة عبادة المخالف في نفسها بل الحق انها فاسدة و ان جمعت الشرائط المعتبرة فيها غير الايمان و ان الايمان شرط في صحة الصلوة كما ان الاسلام شرط فيها اذ لو كانت صحيحة لاستحق عليها الثواب و هو لايحصل الاّ في الاخرة بالجنة و شرط دخولها عندنا الايمان اجماعاً و لان جل المخالفين او كلهم لايصلون بجميع الشرائط المعتبرة عندنا و قد وقع الاتفاق و دلت النصوص علي بطلان الصلوة بالاخلال بشرط او فعل مناف من غير تقييد الخ انتهي فيه ابحاث عليه لايحصن الاستقصاء فيها لعدم الفائدة الاّ انه لابد للتنبيه علي شي‏ء منها علي جهة الاقتصار فنقول قوله لايقتضي الصحة فيه ان الصحة لها وجوه منها كونها مسقطة للقضاء و ما نحن فيه منها فان المخالف لو اخل بشي‏ء مبطل عنده فان الشهيد رحمه اللّه يحكم بوجوب القضاء عليه مع انه ان كان ما فعل منافياً عندنا فما حكم فيه بعدم القضاء قد فعل فيه منافياً عندنا و لو انه غسل الرجلين اختيار فما الفرق بين الحالين الاّ الحكم بالصحة المسقطة للقضاء و هذا منها لانه قبل هذا الكلام قال و لاتجب عليهم اعادة ما صلوه صحيحاً و يجب قضاء ما تركوه او فعلوه فاسداً الخ فاذا كان ما فعلوه صحيحاً عندهم فاسداً عندنا مطلقاً و مافعلوه فاسداً عندهم فاسداً عندنا فما الفرق بينهما و يلزم من هذه الصحة عندهم عدم القضاء اذا استبصر عندنا و ليس ذلك الاّ لكونها مقبولة غاية ما يقال ان الصحة قد يستلزم الثواب و نحن نقول بموجبه ففي صحيح العجلي عن ابي‏عبداللّه7 قال و سألته عن رجل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 145 *»

و هو من بعض هذه الاصناف من اهل القبلة ناصب متدين ثم من اللّه عليه بمعرفة هذا الامر يقضي حجة الاسلام فقال يقضي احب الي و قال و كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه بمعرفة الولاية فانه يؤجر عليه الاّ الزكوة فانه يعيدها لانه قد وضعها في غير موضعها لانها لاهل الولاية و اما الصلوة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء فقوله7 فانه يؤجر عليه صريح في استحقاقه الثواب المستلزم للصحة فقول الشهيد اذ لو كانت صحيحة لاستحق عليه الثواب ليس بشي‏ء و انما حكم بذلك حيث جعل الصحة واحدة و هي في الحقيقة متعددة فصحيحة ثوابها في الدنيا خاصة و صحيحة ثوابها في البرزخ و صحيحة ثوابها في الاخرة بدخول الجنة فالاولي و الثانية لايشترط فيهما الايمان بل يكفي الاسلام و اما الثالثة فيشترط فيها الايمان و هذا المقام يطول في بيانه و تفصيله الكلام و لسنا بصدده و الحاصل ان الذي يظهر لي ان المخالف بقول مطلق اذا استبصر لم‏يجب عليه قضاء صلوته و صومه اذا كانا موافقين لمذهبه و معتقده معاً قال العلامة في المختلف لنا انه مأمور به فيخرج عن العهدة و في الصحيحة المتقدمة و الاخبار الاتية دلالة صريحة عليه و اما زكوته فانه يجب عليه قضاؤها اجماعاً و للصحيحة المتقدمة و الاحاديث الاتية المعللة بانه دفعها الي غير مالكها لان مالكها المستحقون من اهل الولاية خاصة للاخبار و الاجماع و لعموم قوله تعالي قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيامة و لو دفعها المخالف الي المستحق من اهل الولاية جهلاً يحكم‌كذا مذهبه ظناً منه انها تجزي اجزأت و لم‏تجب عليه الاعادة كما دلت عليه مفاهيم الاخبار و لو ظن انها لاتجزي و قلنا انها تجب في العين فلايبعد السقوط و لو قلنا انها تجب في الذمة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 146 *»

فالظاهر وجوب الاعادة و زكوة الفطرة بحكم الزكوة و اما حجه فانه لايجب عليه قضاؤه علي جهة الفرض و انما يستحب له قضاؤه و لقائل ان‏يقول انما يستحب الاستحباب المؤكد قضاء الحج خاصة لخصوص النصوص فيه دون غيره و عدم ذكر غيره من الصلوة و الصيام في الاعادة بل ربما ورد النهي عن الاعادة كما في خبر سليمان بن خالد الاقطع حين استبصر و كان زيدياً و في كتاب سعد انه خرج مع زيد فافلت فمن اللّه عليه و تاب من ذلك و رجع الي الحق قبل موته و رضي ابوعبداللّه7 عنه بعد سخطه و توجع لموته قال للصادق7 اني مذ عرفت هذا الامر اصلي كل يوم صلاتين و اقضي ما فاتني قبل معرفتي فقال7 لاتفعل فان الحال التي كنت عليها اعظم من ترك ما تركت من الصلوة قال الشهيد الثاني(ره) بعد نقل هذا الخبر و الاجماع واقع علي عدم العمل بظاهره فان ما تركه المخالف يجب عليه القضاء انما الكلام فيما يفعله و قد ذكر الاصحاب ان سليمان بن خالد كان يقضي صلاته التي صلاها فسماها فائتة باعتبار اخلاله فيها بما اخل به من الشرائط و الاركان و هذا الحديث يؤيد ماقلناه من ان الصلوة فاسدة ولكن لايجب قضاؤها انتهي اقــول المفهوم من هذا الخبر ان المراد منه غير ما فهمه رحمه اللّه بل المراد انه يعيد ما صلاه و يقضي ما فاته مما لم‏يفعله لان الاصل في العطف المغايرة و التفسير علي خلاف الاصل فنهاه7 عن قضاء ما صلاه و ما لم‏يصله يعلم السائل حكمه لانه من اهل العلم فقوله(ره) و الاجماع واقع علي عدم العمل بظاهره انما يتوجه علي الوجه الثاني الذي ذكره من جعل العطف تفسيرياً و لاضرورة داعية الي ذلك مع امكان حمل العطف علي اصله من اقتضائه و قوله7 فان الحالة التي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 147 *»

كنت عليها الخ لايوجب حمل العطف علي التفسير لان لنا مندوحة عنه و ذلك انه لما نهاه عن اعادة ما صلاه لزعمه انه اذا لم‏يأت بها علي هيئة ما بعد استبصاره فقد ترك منها من الشرايط و الاركان ما يوجب القضاء فاخبره7 انه كما عفي عنه في الركن الاعظم الذي هو عمود الدين بل هو كل الدين حقيقة مع انه لم‏يأت بشي‏ء منه و هو ولايتهم و الايتمام بهم عفي عنه في بعض الشرائط و الاركان من عمل اتي به و اجتهد فيه و اما ما ذكره علي الوجه الثاني فلابأس به ولكن لايحسن ان‏يقال ان الاجماع واقع علي عدم العمل بظاهره بقول مطلق لان ظاهره ان العطف يقتضي المغايرة و اما حمله علي التفسيري فهو خلاف ظاهره و مما يدل علي ما ادعيناه من كون الصلوة و الصيام لايجب فيهما القضاء و لايستحب الاّ علي وجه الاحتياط الاستحبابي لمن يقول به و ان لم‏يتعين الموجب للقضاء بل مع ظهور الصحة و اسقاط القضاء و هذا شي‏ء آخر غير ما نحن فيه ما تقدم من رواية بريد بن معاوية العجلي من قول الصادق7 و كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه بالولاية فانه يؤجر عليه اقول فدخل فيه جميع الاعمال المأمور بها و منها الحج فانه يؤجر عليه و ما يؤجر عليه لايجب قضاؤه عن عدم امتثال كما لو ترك العمل او افسده فانه يجب قضاؤه عن عدم امتثال و لايؤجر علي ما ترك او افسده متعمداًً او مفرطاً و قولنا عن عدم امتثال احترازاً عن القضاء الواجب بعد الامتثال في بعض الاحكام كاعادة الصلوة وجوباً للمتيمم عند بعض العلماء في بعض الصور كمن منعه الزحام يوم الجمعة عن الوضوء و المجامع اختياراً مع العلم بعدم الماء و كفاقد الطهورين علي قول و قد اخترناه فلما اقتضي حكم العموم شمول

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 148 *»

جميع الاعمال مع عروض موانع لبعضها تمنعها من مطلق التساوي في الموضوعية لان هذه الموانع اذا عرضت تغير الموضوع و تغيره موجب لتغير الحكم استثني7 الزكوة فقال7 الاّ الزكوة يعني لايؤجر عليها فانه يعيدها لانه وضعها في غير موضعها لانها لاهل الولاية يعني انها مال الغير و لايجوز التصرف في مال الغير بغير اذنه كان مخالفاً غيره ممتثل للامر فلم‏يؤجر علي اخراجها فتجب عليه اعادتها و هل يجوز له الرجوع علي من اعطاه الزكوة و هو غير مستحق لها لكونه من اهل الخلاف ام لا لانه تصرف فيه باذنه احتمالات فيحتمل ان له الرجوع لانه لم‏يعطه مجاناً و تبرعاً و انما اعطاه لانه اهل لذلك فكما يطالب هو بها و ان كان يزعم انه ما قصر في الاخراج كذلك الاخذ لها لانه انما اخذها علي جهة الاستحقاق و هو لايستحق و يحتمل انه ان كانت موجودة فله الرجوع لما ذكر و ان تصرف فيها و اتلفها فليس له ذلك لانه تصرف في مال باذن مالكه و لم‏يعلم ان الزكوة تعينت بالمدفوع و لاسيما ان قيل بانها يتعلق بالذمة و علي القول بانها تتعلق بالعين فالمالك مخير في اخراجها من اي الانواع و الاصناف من ماله المماثل او بالقيمة من غير المماثل و يحتمل انه ليس له الرجوع مطلقاً لانه ملكه اياها بالاعطاء معتقداً لذلك و الاول عندي اجود و عليه فللفقير الاجود الرجوع علي ايهما شاء لانها قد تعينت بالاعطاء فان رجع علي المالك رجع المالك علي الفقير المخالف و ان رجع علي الفقير المخالف فالظاهر برائة ذمة المالك و استثني7 الحج مع انه قال فلو قضي فريضة فقال7 و لو حج لكان احب الي و هو ما رواه بريد بن معوية العجلي في الصحيح قال سألت اباعبداللّه7 عن رجل حج و هو لايعرف

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 149 *»

هذا الامر ثم من اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به أعليه حجة الاسلام او قد قضي فريضة قال7 قد قضي فريضته و لو حج لكان احبّ الي و عن عمر بن اذينة في الحسن قال كتبت الي ابي‏عبداللّه7 اسأله عن رجل حج و لايدري و لايعرف هذا الامر ثم من اللّه عليه بمعرفته و الدينونة به أعليه حجة الاسلام او قد قضي قال قد قضي فريضة اللّه و الحج احب الي فقوله7 قد قضي فريضة اللّه يدل صريحاً علي عدم وجوب القضاء و كذلك ما رواه محمد بن مسلم و بريد و زرارة و الفضيل بن يسار عنهما8 في الرجل يكون في بعض هذه الاهواء كالحرورية و المرجئة و العثمانية و القدرية ثم يتوب و يعرف هذا الامر و يحسن رأيه أيعيد كل صلوة صلاها او صوم او زكوة او حج او ليس له اعادة شي‏ء من ذلك قال7 ليس عليه اعادة شي‏ء من ذلك غير الزكوة فانه لابد ان‏يؤديها لانه وضع الزكوة في غير موضعها و انما موضعها اهل الولاية اقــول و في آخر رواية ابن اذينة المتقدمة و اما الصلوة و الحج و الصيام فليس عليه قضاؤه فجعل7 في كل ما رووا من روايات الباب الحج من جملة ما لايجب قضاؤه و افرده من بينها باستحباب قضائه فقال و لو حج لكان احب الي و علي الاستحباب يحمل ما دل ظاهراً مثل مكاتبة ابرهيم بن محمد بن عمران الهمداني علي الايجاب في قوله7 اعد حجك فان الامر هنا للاستحباب جمعاً بينها و بين قوله فليس عليه قضاؤه هذا و نحوه مما سمعت ادلتنا علي ما ذهبنا اليه و اما المشهور فحجتهم ما اوردناه من الادلة و اطلقوا في عباراتهم و لم‏يفرقوا بين الحج و غيره مع وجود الفرق في الاحاديث التي هي مأخذ حكمهم و لعل ذلك لما لم‏يجدوا في الادلة في الاعتبار فرقاً

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 150 *»

لم‏يفرقوا من اطلاقهم ان الصلوة و الصوم و الحج واحد لايجب قضاء شي‏ء منها و يظهر من مساواتهم استحباب قضاء الصلوة و الصيام كما يستحب قضاء الحج و لاجل لحاظهم المساواة توحش الشهيد الثاني من خبر سليمان بن خالد الاقطع و قال و في خبر سليمان بن خالد ما يوهم الهدم حيث نهاه الصادق7 عن القضاء و حاول طرح الراوية بالطعن فيها بضعف السند ثم فرع علي ضعف السند عدم صلوحها للهدم و يريد بالهدم المتوهم انه7 انما نهي عن القضاء لان الايمان يهدم ما قبله كما ان الاسلام يهدم ما قبله فيسقط القضاء و ردها بضعف السند يشير الي التساوي بين الحج و غيره و لو لحظ ما اشرنا اليه من عدم التساوي كما هو صريح الادلة لما احتاج الي ذلك و احتج ابن‏الجنيد و ابن‏البراج علي وجوب الاعادة و ان لم‏يخل بشي‏ء بان الايمان شرط لصحة العبادة و لم‏يحصل لان فائدة العبادة انما هي تحصيل السعادة الابدية و لم‏يحصل بعمل خال عن الايمان اجماعا منا و بما رواه ابوبصير عن ابي‏عبداللّه7 قال و كذلك الناصب اذا عرف فعليه الحج ان كان قد حج و عن علي بن مهزيار قال كتب ابرهيم بن محمد بن عمران الهمداني الي ابي‏جعفر7 اني حججت و انا مخالف و كنت صرورة فدخلت متمتعا بالعمرة الي الحج فكتب اليه اعد حجك و الجواب عما احتجا به انا لانسلم ان الايمان شرط في مطلق العبادة لمااشرنا اليه سابقاً ان العبادة قد تكون الفائدة منها و الثواب عليها في الدنيا بدفع البلايا و الامراض و كفاية شر الاعداء و سعة الرزق و ما اشبه ذلك و هذه العبادة ليس الايمان شرطاً لها فقد حقن رسول اللّه9 دماء اقوام و اجري عليهم احكام

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 151 *»

الاسلام من المناكح و المواريث و الديات و غير ذلك بمجرد الشهادتين حين تلفظوا بها و ليسوا بمؤمنين و قد نفي عنهم الايمان فقال تعالي قالت الاعراب آمنا قل لن‏تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبكم و جميع الاعمال تجري فيها هذا الاعتبار و قد تكون الفائدة فيها و الثواب عليها في البرزخ كما كان من كثير ممن له عمل صالح و لم‏يعرف هذا الامر باثبات و لانفي ففي الصحيح ما معناه انه يخد له خداً الي الجنة في قبره يدخل عليه منه الروح فاذا كان يوم القيامة حاسبه بعمله فاما الي الجنة و اما الي النار و هذه الاعمال لم‏يكن الايمان شرطاً فيها لان هذا المذكور في الحديث المنقول بالمعني ليس من اهل الايمان و قد تكون الفائدة فيها و الثواب عليها في الاخرة و هذه الاعمال يكون الايمان شرطاً فيها و بها يدخل الجنة و الاولي و الثانية من نحو العبادة التي نحن بصددها و الايمان لم‏يكن شرطاً فيها و لو كان شرطاً فيها لمااحتيج الي الثالثة و لماكانت الاولي و الثانية حاقنة للدماء و دافعة للبلاء و مجوزة للمناكح و المواريث و اما عن الحديث فلانا نقول باعادة الحج استحباباً و قوله7 فعليه الحج اي يراد منه ذلك استحباباً جمعاً بين احاديثهم و لان قوله ان كان حج ان حملنا قوله فعليه الحج علي الاستحباب كان مفهومه صحيحاً متجهاً و هو اي مفهوم الشرط حجة و ان لم‏نحتمل قوله فعليه الحج علي الاستحباب بل علي الوجوب لم‏يكن المفهوم صحيحاً لان المعني يكون ان كان قد حج يجب عليه الحج ثانياً و ان لم‏يكن قد حج فلايجب عليه و هو باطل مع ان في طريق الرواية علي بن حمزة البطائي احد الكلاب الممطورة و احد اوعية السوء التي امرنا بان‏نتنكبها ايضاً علي ظاهر الرواية من قوله و كذلك

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 152 *»

الناصب يلزم بطلان حجه و ان حج لانه كافر و الكافر لايصح منه العبادة فاذا اسلم وجب عليه الحج ان كان مستطيعاً ولكن يرد اشكال آخر و هو انه ان كان نصبه عن غير معرفة لم‏يحكم بكفره و ان كان عن معرفة يشكل وقوع الايمان منه لانه ربما لايوفق لذلك و ان امكن الوقوع عقلاً و اما الرواية الثانية فيقال ان الاصل فيها الاستحباب و نحن قائلون باستحباب الحج علي انها مكاتبة و راويها سهل بن زياد و هو ضعيف بقي شي‏ء و هو ان الاحاديث الواردة في هذه المسئلة مشتملة علي المخالف و الناصب و ظاهر الاخبار التشريك في الحكم و يشكل الحكم علي جهة التشريك لان الناصب كافر و المخالف علي ظاهر الاسلام فان عاملنا الناصب معاملة الكفار و جوزنا عليه وقوع الايمان منه كما هو اختيار بعض علمائنا فلااشكال في التشريك و ان لم‏نجوز كما هو ظاهر كلام المرتضي فانه حمل قوله تعالي ان الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا علي انهم اظهروا الايمان ثم اظهروا الكفر لان تجويز انقلاب المؤمن كافراً يستلزم تجويز انقلاب الكافر مؤمناً و التجويزان مبنيان علي الاحباط و الموافاة و هما عنده باطلان اما الاحباط فلاستلزامه ان‏يكون الجامع بين الاحسان و الاساءة بمنزلة من لم‏يفعل الاحسان و الاساءة او يساوي من يستحق من مدح و ذم علي اسائته و احسانه او يكون بمنزلة من لم‌يحسن ان زاد المستحق علي الاساءة او بمنزلة من لم‏يسي‏ء ان زاد المستحق علي الاحسان و اللازم باطل قطعاً فالملزوم مثله و اما الموافاة فليست عنده شرطاً في استحقاق الثواب بالايمان لان وجوه الافعال و شروطها التي يستحق بها ما يستحق لايجوز ان‏تكون منفصلة عنها او متأخرة عن وقت حدوثها و الموافاة منفصلة عن حدوث الايمان فلايكون

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 153 *»

وجهاً و لاشرطاً في استحقاق الثواب به و اقــول اما الاحباط فالحق عدمه فاما‌كذا الموافات فالحق ثبوتها و ليس هنا بيان برهان ذلك و الحاصل ان لم‏نجوز عليه ذلك فالمراد بالناصب في هذه الاخبار المشرك مع المخالف في الحكم هو المخالف المعاند المظهر الاذية للشيعة او لائمتهم: عن غير معرفة و لابصيرة و هذا و ان كان ثقيل المئونة من بعض المخالفين فان منهم من هو كثير الملائمة و الهون و نسميه بالمخالف لمخالفته لنا في الاعتقاد و اكثر الاعمال و نسمي هذا الشديد المخالفة او المعاندة بالناصب و هو في الحقيقة ليس بناصب و يجوز فيه الانقلاب عن مذهبه الي الحق بل هو كثير الوقوع كما شاهدنا كثيراً حتي ان منهم من كان يود ان‏يتوصل قتل الشيعي بكل وسيلة تقرباً منه الي اللّه في زعمه ثم من اللّه عليه و كان شيعياً عارفاً افضل الاعمال عنده السب لمن تقدم علي من قدمه اللّه و رسوله و الظاهر ان المراد بالناصب في هذه الاخبار هذا و يصح التشريك بينه و بين المخالف و اما الناصب الذي فعل عن معرفة ذوقية كما قال تعالي و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدي فانه يجوز عليه الانقلاب عقلاً لانه امر ممكن و قد قال اللّه تعالي و لو شاء اللّه لجمعهم علي الهدي فلاتكونن من الجاهلين و اما وقوعه فلايكاد يقع كما ان المؤمن الممتحن لايكاد يقع منه الانقلاب عن دينه و ان كان ممكنا عقلاً و هو قول الصادق7 لايكون هؤلاء من هؤلاء و لاهؤلاء من هؤلاء فاذا ذكر الناصب في هذا الباب الذي نحن بصدده فالظاهر انه لايراد به هذا لان هذا ممن حقت عليهم كلمة العذاب و فرض الاستبصار في غيره و الامام7 يعرف هذا و لايريده هنا و عوام الشيعة لايفرقون بين الناصب الحقيقي و المجازي فاذا سألوا الامام

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 154 *»

7 عن حكم الناصبي اجابهم عن حكم الفرد المسئول عنه لانه يعلمه انه حقيقي او مجازي او عن نوعه باعتبار صفة يتصف بها النوع كان‏يقول اذا تاب الناصب يريد منه المجازي بقرينة تاب و لايجيبهم بحكم الحق الحقيقي لان الحقيقي لايتوب و لو اننا نزلنا اليهم الملئكة و كلمهم الموتي و حشرنا عليهم كل شي‏ء قبلا ماكانوا ليؤمنوا الاّ ان‏يشاء اللّه لايزال بنيانهم التي بنوا ريبة في قلوبهم الاّ ان‏تقطع قلوبهم او يجيب بحكم خصوص الشخص و بمثل هذه تختلف الاحاديث عنهم فافهم فان قلت انهم شركوا مثل ما في رواية الفضلاء المتقدمة من علم انهم كفار من غير استفصال كالحرورية بفتح الحاء و ضمها و هو الخوارج منسوبون الي حروراء تمد و تقصي قرية بقرب الكوفة كانت اول مكان اجتمعوا فيه لبدعتهم لعنهم الله و المرجئة بالهمزة و التخفيف فرقة من فرق المسلمين قيل هم الذين يعتقدون انه لايضر مع الايمان معصية كما لاينفع مع الكفر طاعة سموا بذلك لاعتقادهم ان اللّه ارجي تعذيبهم علي المعاصي يعني اخره عنهم و قيل انهم الجبرية الذين يقولون ان العبد لافعل له و اضافة الفعل اليه بمنزلة اضافته الي المجاز كجري النهر و دارت الرحي و انما سميت المجبرة مرجئة لانهم يؤخرون امر اللّه و يرتكبون الكبائر و قيل سموا بذلك لارجائهم حكم اهل الكبائر الي يوم القيامة و عن قتيبة ان المرجئة هم الذين يقولون الايمان قول بلاعمل لانهم يقدمون القول و يؤخرون العمل و في الاخبار المرجي‏ء يقول من لم‏يصل و لم‏يصم و لم‏يغتسل من جنابة و هدم الكعبة و نكح امه فهو علي ايمان جبرئيل و ميكائيل و في حديث سماهم مرجئة لانهم زعموا ان اللّه تعالي اخّر نصب الامام ليكون نصبه باختيار الامة بعد النبي9 و في حديث فسر المرجي‏ء

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 155 *»

بالاشعري و في حديث قال ذكر المرجئة و القدرية و الحرورية فقال7 لعنهم اللّه تلك الفئة الكافرة المشركة التي لاتعبد اللّه علي شي‏ء و بالجملــة الذي يظهر لي ان هذا الاسم يصدق علي جميع اصحاب هذه المقالات المذكورة بالتشكيك فكلهم مرجئة و ان اختلفوا في شدة الصفة التي هي مناط التسمية و ضعفها و يصدق علي جميع هؤلاء بقول مطلق اسم الكفر بمعني ان كل من قال مقاله بعد العلم بالحق و البيان فقد كفر و هؤلاء لايكاد يقع منهم الايمان كما مر فلايدخلون في حكم التشريك في الحديث المتقدم و من قال بتلك المقالة و لم‏يتبين له الحق فمن وازر احداً من اولئك الذين هم كفار فهو في حالة الموازرة كافر من جهة الموازرة فاذا ترك و ان بقي علي اعتقاد مذهبه كان مسلماً و كان ضالاً فهؤلاء و من لم‏يوازر ممن لم‏يتبين له الحق تجوز عليه التوبة و يدخل في المراد من الحديث و كذلك سائر الفرق الاّ من كان قولها منافياً لظاهر الشهادتين كما لو لم‏يقر باحديهما كالغلاة و البراهمة فان هؤلاء كلهم كفار ظاهراً و الذي قد تقع منه التوبة من لم‏يتبين له الهدي و اما من تبين له الهدي فانه لايكاد يرجع فان قلت ذلك قلت انه لماكان العوام لايعرفون الفرق فاذا سئل العالم7 اجابه بالحكم الشامل المطلق النوع و هو يريد من يريد علي ما يراه كما اشرنا اليه سابقاً و جوابه7 انما يجري علي ما هو نفس الامر الوجودي او التشريعي فلو علق جوابه علي ما يتبينه عامة المكلفين لاخطأت احكامه في اكثرها طريق الثواب و ان كلفهم الاصابة كان تكليفاً بما لايطاق و الحاصل اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم انه انما يسقط القضاء عمن اتي بالعمل غير مخل بركن مبطل للعمل او شرط كذلك و هل يقيد الابطال بالاخلال به عنده علي مقتضي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 156 *»

مذهبه او علي مقتضي اعتقاده او بالاخلال به عندنا احتمالات فقال المشهور بالاخلال به عنده علي مقتضي مذهبه لانه لايخرج عن عهدة التكليف عنده الاّ بالامتثال لمقتضي مذهبه و الاّ لكان في نفسه فاعلاً ما لم‏يرد منه فلايكون ممتثلاً فهو تارك للعمل البتة و اعتبار عدم الاخلال بركن مبطل في سقوط القضاء و ان لم‏يكن وارداً في النصوص ولكن لاجماعهم علي ان التارك للعمل يقضي و ان المخل بركن او شرط لايصح العمل الاّ به متعمداً تارك و احتمل بعض اشتراط الاعتقاد فلو لم‏يعتقد ان مذهبه صحيح في هذا العمل فهو تارك و هذا حق و نحن قد شاهدنا في زماننا و سمعنا من يتكلم بذلك و يقول واللّه انكم معشر الشيعة احسن منا طريقة و انكم علي الحق فاذا عرضنا له باتباع طريقتنا امتنع فمنهم من يتعلل اذا دعوناه بان طريقنا هو الذي عليه اصحاب رسول اللّه9 و هي ليست بباطلة فهو عند الناس و عند نفسه متزين بهذا القول و منهم من يقول كيف نتبع مذهب الرافضة و لقد عرضت انا بنفسي لشخص من هؤلاء فقلت ينبغي للعاقل ان‏يطلب ما ينجيه من النار فقال لي النار و لا العار فامسكت عنه و الذي عندي في مثل هؤلاء انه ان عمل بمذهبه المخالف لمعتقده لم‏يسقط القضاء عنه الاّ ان‏يتحقق اجماع علي السقوط و لااجماع و ان عمل بحسب معتقده كما لو اعتقد ان الاعتماد علي ظاهر القرآن من اعتبار المسح في الوضوء اولي من الاعتماد علي ما هو عليه من وجوب الغسل للرجلين في الوضوء سقط عنه القضاء وفاقاً لما استظهره الشهيد الثاني; في روض الجنان و يعتبر في عدم الاعادة كون ما صلاه صحيحاً عنده و ان كان فاسداً عندنا لاقتضاء النصوص كونه قد صلي و انما يحمل علي الصحيحة و لماكان الاغلب عدم صحة جميع ما يفعلونه للشرائط

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 157 *»

عندنا حمل الصحيح علي معتقده و لو انعكس الفرض بان كان هو صحيح عندنا لو كان مؤمناً فاسداً عنده فالظاهر انه لااعادة عليه ايضاً بل ربما كان الحكم فيه اولي و احتمل بعض الاصحاب هنا الاعادة لعدم اعتقاده صحته و لان الجواب وقع عما صلاه في معتقده انتهي و عندي ان ما في عبارته و عبارة من نقل عنه من لااطلاق‌كذا ليس بشي‏ء فان قوله و لو انعكس الفرض الي اخره مطلق فلابد من تقييده بكونه وقع منه علي ما في معتقده و كذلك اولئك البعض الذين اوجبوا الاعادة اذا اتي بعمله مطابقاً لما عندنا فانه لابد من تقييده بانه اذا لم‏يعتقد صحة ما عندنا و الاّ فهو صحيح فلااعادة عليه و هذه القيود ليست ظاهراً في احاديث المسئلة و ان كانت الاحاديث مطلقاً تشير الي هذه التقييدات فان اعتبرنا شيـئاً منها فلانعبر الاّ ما يطابق ادلة الاعتبار المستنبطة من الاخبار لا مطلقاً فان الاعتبار عندي لايكون صحيحاً و لايصح بناء شي‏ء من الاحكام عليه مطلقاً الاّ اذا كان مستنبطاً من آثارهم: و اخبارهم ناطقة علي تكثرها ان كل ما لايخرج عنا فهو باطل و كل ما في ايدي الناس من الحق فمن علي7 اخذ و كل ما عند جميع الخلق من حق فهو عنا و ما اشبه هذا المعني و في ادعيتهم و زياراتهم ان الحق لهم و معهم و فيهم و بهم و امثال هذا مما لايتوقف فيه الاّ جاهل بهم و بمقامهم الذي اقامهم اللّه فيه ان جعلهم ابواب فيضه و محال مشيته و خزان اوامره و نواهيه و ما كتبت لك هنا و في سائر ما كتبت من هذا النحو و الحاصل ان كانت الصلوة مثلاً صحيحة في مذهبه و اعتقاده و علمنا بذلك اسقطنا عنه القضاء و ذلك علي ما تقدم من التفصيل تفضلاً من اللّه علي من استبصر و ترغيباً لمن لم‏يستبصر في الاستبصار و لانها انما قبلت

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 158 *»

لانه لايعرف انها مخالفة لمراد اللّه تعالي فهو معذور لجهله كما قال7 ليس علي العباد ان‏يعلموا حتي يعلمهم اللّه و قال9 الناس في سعة ما لم‏يعلموا و قال تعالي و ماكان اللّه ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون فلو علمنا انه يعلم ان ما فعله ليس مطابقاً لمراد اللّه من التكليف سواء كان صحيحة علي مقتضي مذهبه ام باطلة حكمنا عليه بوجوب القضاء و ان لم‏نعلم بحال ايقاعه حكمنا عليه بسقوط القضاء لان الاصل في العامل ان‏يكون معتقداً لمذهبه و الاّ لرجع عنه و قد ذكرنا سابقاً ان الايمان ليس شرطاً في جميع الاعمال بل فيما يختص جزاؤه في الاخرة و اما الاعمال التي جزاؤها في الدنيا او البرزخ فلا و ما استدل به الشهيد(ره)  علي ان اعمالهم باطلة علي اطلاقه ليس بصحيح بل قد يقع بعض الاعمال من الكفار و المشركين و الدهرية و غيرهم و يستحقون بها ثواباً في الدنيا او في البرزخ او في الاخرة فروي ابوطالب الطبرسي(ره) في اماليه بسنده عن النبي9انه سئل جبرئيل عن حال حاتم يوم القيامة فقال ان اللّه تعالي يبني له في جهنم بيتا من بدر كيلا يصيبه وهجها نقلته بالمعني مع انه مات علي الشرك و كرمه الذي هو سبب لحمايته من النار اغلبه من الاموال التي يأخذونها بالغصب و هذا ظاهر و ما يقع من الكفار من العدل و من العفو و الصدقات و الانصاف و نصرة مظلوم كلها يثابون عليها كل شي‏ء بحسبه و مما استدل به علي بطلان اعمالهم ما رواه علي بن اسمعيل التيمي عن محمد بن حكيم قال كنت عند ابي‏عبداللّه7 اذ دخل عليه كوفيان كانا زيديين فقالا جعلنا فداك كنا نقول بقول و ان اللّه من علينا بولايتك فهل يقبل شي‏ء من اعمالنا فقال اما الصلوة و الصوم و الحج

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 159 *»

و الصدقة فان اللّه يتبعكما ذلك فيلحق بكما و اما الزكوة فلا لانكما ابعدتما حق امرء مسلم و اعطيتماه غيره اقــول و الذي يظهر لي ان معني قوله يتبعكما ذلك ليس لان العمل شرط صحته الايمان فاذا لم‏يساوقه شرطه وقع باطلاً فلو تعقبه الشرط صح و لحق و لا لانه باطل لافائدة فيه ولكن اللّه سبحانه تفضل به تكرمة للمؤمن بل لان مراتب الاعمال ثلثة كما مر عمل لايتجاوز الدنيا سواء وقع من مؤمن ام لا كما اذا عمل المؤمن عملاً للدنيا و عمل لايتجاوز البرزخ و عمل يصل الي الاخرة و الايمان شرط للثالث كما ذكرنا مراراً و الاحاديث في هذا التفصيل كثيرة جداً منها صريح و منها تلويح بل و في القرآن قال تعالي من كان يريد العاجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد و قال تعالي و من اظلم ممن افتري علي اللّه كذبا اولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب و امثال ذلك من الايات فاذا كان شخص عمل عملاً دنيوياً او برزخياً ثم ادركته السعادة اتبع به اي يبقي له لاحد احتمالين اما لانه لما صلح لم‏تقع منه ذنوب تمنع ذلك العمل من البقاء و ليس من الاحباط المصطلح عليه و ان كان من الاحباط بنحو آخر يطول الكلام بذكره فان اقتضي المقام في موضع من هذه الرسالة ذكره ذكرناه و الاّ فلا و اما لانه قبل الايمان لم‏تكن منه اعمال صالحة تعضده للبقاء الي ان‏يلحق بالاخرة فلما آمن وقع منه اعمال صالحة تلحق الضعيف من الاعمال بالقوي من‌كذا اليه الاشارة بقوله تعالي فمن يعمل من الصالحات و هو مؤمن فلاكفران لسعيه و انا له كاتبون يعني فمن يعمل بعض الصالحات و هو مؤمن بولايتهم و سرهم و ظاهرهم و باطنهم: شكرنا جميع سعيه في الدنيا مطلقاً و انا كاتبون لجميع ما سعي في الواح القبول و مع هذا نقول بان قبول اعماله و اسقاط

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 160 *»

القضاء تفضل منه سبحانه فلايستحق هو و لااحد من جميع الخلق شيـئاً الاّ بفضل اللّه سواء في هذا الانبياء و عامة الخلق فمعني الاتباع هو ما سمعت علي احد الوجهين و ليس المراد باحد الوجهين اما هذا او هذا بل المراد هذا في بعض و هذا في آخر و قد يكونان معاً في شي‏ء واحد فاذا قيل انما قبلت اعمالهم استتباعاً للايمان الطاري لم‏نقبله بمعني مجرد استتباع الايمان الطاري بل هي مقبولة للدنيا او للبرزخ او للآخرة بحيث لايحس بمنفعتها لو مات غير مؤمن و انما الحقت بالاعمال الاخروية النافعة لما قلنا من الوجهين فتفهم واللّه يحفظ لك و عليك و اعلــم ان الكافر من المسلمين من الفرق المحكوم بكفرها سواء كان كافراً من بعد ما تبين له الهدي علي ما تقدم من التفصيل ام بالارتداد عن فطرة ام عن ملة ليس حكمه بعد الايمان و التوبة حكم الكافر الاصلي بالنسبة الي القضاء و عدمه فان الكافر الاصلي و ان تبين له الحق في نفسه لم‏يحصل له العلم اذا ترك الواجبات في الجرأة علي اللّه تعالي ما يحصل لهؤلاء الكفار من اهل الارتداد و اهل الغلو و النصب و الخروج علي الامام الحق من اللّه تعالي من العلم بالجرأة علي اللّه تعالي فلاجل هذه العلة ورد الاسلام يجب ما قبله لان العلم الحاصل للكفار بالاصالة اجمالي مع عدم انس نفوسهم بالاسلام و حدوده فيتطرق اليهم العقود و التسامح و العذب‌كذا للجهل بخلاف هؤلاء الذين كفروا بعد الاسلام فلاتجب الايمان ما قبله بهذا المعني فيسقط القضاء عن اهل الارتداد بل يجب عليهم القضاء لجميع ما تركوه لو اخلوا بشرط صحته عمداً لاقدامهم علي محاد‌كذا اللّه و رسوله9 عن علم بعد انس نفوسهم بالاسلام و باقامة حدود الملك العلام و بقي شي‏ء آخر و هو ان الشهيد

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 161 *»

في روض الجنان قال بقي في المسألة بحث آخر و هو ان الاصحاب صرحوا هنا بان المخالف انما يسقط قضاه‌كذا ما صلاه عنده كما قد بيناه و توقف جماعة منهم فيما صح عندنا خاصة و في باب الحج عكسوا الحال فشرطوا في عدم اعادة الحج الاّ يخل بركن عندنا لاعندهم و ممن صرح بالقيدين المتخالفين الشهيد(ره) و اطلق جماعة منهم عدم اعادة ما صلوه و فعلوه من الحج و كذا النصوص مطلقة و انما حصل الاختلاف في فتوي جماعة المتأخرين و الفرق غير واضح انتهي اقــول ان النصوص مطلقة و قد امرنا بان‏نسكت عما سكت اللّه و نبهم ما ابهم اللّه ولكن الاصحاب فهموا ارادة التقييد من احاديثهم: الواردة في بيان التكليف لا في خصوص هذا الباب و ذلك لماثبت ان من فاتته صلوة فريضة فليقضها كما فاتته و ان من صلاها بحدودها كما امر لم‏يقض و ان من صلي و اخل بركن من صلوته او شرط في صحته فعليه القضاء و ان كل من دخل في الاسلام فقد قيده اللّه بهذه القيود التي هي حدود اوامره و نواهيه و انما عفا عن الكافر الاصلي لعدم حصول العلم التفصيلي له فلو جاز ان‏يقبل الشارع من احد من المكلفين عملاً مشروطاً عمله بغير شروطه اختياراً لقبل من غيره كذلك و لو كان كذلك لبطلت الحدود و سقطت فائدة الشروط كيف و قد سوي بين الترك و بين العمل الذي اخل فيه بركن او شرط صحة فلولا ان الشارع نبههم علي التقييد لما قيدوا و اصل ذلك انا قد ثبت عندنا ان النبي9 قد امر باشياء و نهي عن اشياء و سكت عن اشياء و لم‏يكن سكوته عنها عن غفلة ثم قال خلفاؤه: و حفظة شريعته انا لانخاطب الناس الاّ بما يعرفون فلما وصل الينا هذه الامور نظرنا فيما سكت فيه فوجدنا بعضاً منه لم‏يتعرض له بوجه فاخذنا بقوله 

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 162 *»

9 الناس في سعة ما لم‏يعلموا فلما امرنا بنزح البئر اذا تنجس حتي نأخذ المقدر و سكت عن تطهير الالات و لم‏نجده تعرض لشي‏ء لاتصريحاً و لاتلويحاً ثم وجدنا الناس في سعة ما لم‏يعلموا حكمنا بطهارتها تبعا لتطهر البئر و وجدنا بعضاً منه تعرض له في موضع آخر كما نحن بصدده مثل ما قلنا فحكمنا بالتقييد و هو من عنده لانه لما لم‏يفرق و سوي بين افراد الصلوة مثلاً من سائر المكلفين في القبول لكذا و كذا و الرد لكذا و كذا و سقوط القضاء و عدمه لكذا و كذا ثم خاطبنا بفرد من الجملة التي اطلعنا علي حدودها و قد قال لنا انا لانخاطب الناس الاّ بما يعرفون عرفنا التقييد لانه خاطبنا به و وجدنا بعضاً منه اعطانا حكم جميع افراده بقول عام و ضابطة كلية و نحن نعرف ان الكلي المتساوي الافراد تتساوي احكام افراده فحكمنا بالتساوي و وجدنا بعضا منه اعطانا حكم جميع افراده بقول عام و ضابطة كلية و كان بعض افراده في الواقع مخالفاً للبعض لاسباب قد تعرض لها او موانع او شروط تكون بها مختلفة الموضوع ولكن عقولنا لاتقدر علي التمييز بينها قبل التنبيه من الشارع فلما قال لنا لاتنقض اليقين بالشك ابداً فهمنا ان هذا جميع افراده متساوية الحكم و هو يعلم ان فيها اشياء مخالفة الاسباب و موانع استثني منها ثلاثة اشياء غسالة الحمام و غيبة الحيوان و البلل المشتبه و بين لنا ان الخطاء يعني المؤاخذه عليه قد رفع عن هذه الامة و في الواقع بعض الافراد مخالفة فقال الاّ الصيد للمحرم فانكم مؤاخذون به و ان كان خطاء و قد امرنا و تعبدنا باوامر و كانت في الواقع محدودة الوجود و البقاء مؤجلة التكليف فلما انتهت مدة الحكم و انقضي اجله نسخ و كلفنا بغيره قد يصل الينا قدر المدة و الاغلب عدم الوصول مثل التكليف بالتوجه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 163 *»

الي البيت المقدس ثم لما نقضت مدته نسخ و امرنا بالتوجه الي الكعبة و اذا امر7 بشي‏ء له نظير في الظاهر يوهم تساوي الحكم و في الحقيقة مختلف نص علي الاثنين كل واحد بخصوصه امر بان البائع اذا باع و لم‏يقبض المبيع لزم البيع حتي يؤدي المشتري جميع الثمن الي ثلثة ايام فان مضت الثلاثة الايام و قد بقي من الثمن درهم و الثمن مأة الف درهم فالبائع بالخيار و قال7 من ادرك ركعة من الوقت فقد ادرك الوقت و في وقت صلوة الخسوف و الكسوف اذا انجلي بعضه فقد انجلي كله فلو لم‏يفرق لنا لسوينا فلما فرق عرفنا ان امر البيع من جهة ان اجزاء الثمن متمايزة و اجزاء الوقت سيالة و امثال ذلك كثيرة في الشريعة ففيما نحن فيه النصوص في الحقيقة ليست مطلقة و ان كانت مطلقة في الظاهر فمن علق الحكم علي اطلاقها خالف الاجماع لان ظاهر اطلاقها انه اذا صلي بغير وضوء لم‏يجب عليه القضاء و ان عمل بخلاف مذهبه و اعتقاده عن علم و ان اراد المطلق ان المراد انه ان اوقعها صحيحة بقول مطلق لم‏يقض و ان اخل بركن او شرط للصحة غير مقيد بكونه عنده او عندنا فكيف نقول في فهم كلامه هل مراده بالركن ما هو اعم فان كان معني كلامه ان اخل بركن عنده بطلت او عندنا بطلت و هذا الرجل ليس منا و لا منهم و انما مذهبه مركب من مجموع المذهبين فماكان في سفر مسافته اربعة فراسخ و كان مريداً الرجوع ليومه او ليلته كما هو المشهور و المختار فعندنا يجب القصر و عندهم يجب التمام فكيف يعمل هذا ان صلي تماما او صام وجبت عليه الاعادة لانه اخل بركن عندنا و ان صلي قصرا او افطر فقد اخل بركن عندهم و عليه القضاء و ان لم‏يصل و لم‏يصم وجبت عليه القضاء و ان علقه علي ظاهر الاطلاق فكما ذكرنا انه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 164 *»

لايقضي اذا صلي سواء اخل بركن عنده ام عندنا ام لم‏يخل و كل هذه متعذرة فلابد من تقييد و اما من اشترط في وجوب القضاء الاخلال بركن عنده في الصلوة و عندنا في الحج كما نقل عن الشهيد الاول(ره) فلعل وجهه واللّه اعلم انه في الصلوة فلما مرّ لعدم تقصيره عند نفسه لانه فعل بمقتضي مذهبه و معتقده و لايري الاّ انه خرج بما فعل عن عهدة التكليف فلم‏يحصل منه جرأة علي مخالفة امر اللّه تعالي فلايجب عليه القضاء و اما في الحج فلانه علي مذهبه ادخل نسكا علي نسك قبل الاحلال منه و هذا و ان كان موافقاً لمذهبه لانه عنده صحيح ولكنه عندنا باطل و عندنا و عندهم ان البطلان حكم وضعي لاشرعي كما لو ادخل العمرة علي الحج يعني قبل التقصير فانه لايجوز عندنا و يجوز عندهم علي خلاف فاذا لم‏يدخل العمرة علي الحج صح عندنا و عندهم و اذا ادخل لم‏يصح عندنا و يصح عندهم و كذلك ادخال الحج علي العمرة فانه لايجوز عندنا و يجوز عندهم  اجماعاً منهم و كثير من احكام العمرة و الحج تشترط عندنا و لاتشترط عندهم كجواز القران بين نسكين عندهم و امتناعه عندنا علي الاصح و بالجملــة لماكان الاشتراط عندنا تستلزم للصحة عند الجميع نحن و هم و الاشتراط عندهم مستلزم للصحة عندهم خاصة كان اشتراط عدم القضاء الاّ يخل بشرط عندنا لانه اتفاق بخلاف اشتراط ما عندهم مع ملاحظة حكم الوضع هنا فلعل هذا هو الذي دعاهم الي الفرق مع ان عندنا طواف النساء و ليس عندهم فاذا اتي بالحج موافقاً لما عندنا صح حجه و الاّ فهو باق علي احرامه لعدم طوافهم طواف النساء فاذا استبصر و حج حجنا طواف النساء فتحلل من احرامه اللّهم الاّ ان‏يقال لعله لدليل خاص فارق بين الحج و الصلوة و الظاهر عدمه و الاّ لنقله

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 165 *»

العلماء و انا الي الان لم‏اقف علي دليل فارق الاّ من جهة الاعتبار كما سمعت و نحوه و في النفس منه شي‏ء او نقول لعل السبب في الفرق انهم قالوا لايسقط القضاء الاّ بالاداء الصحيح و لايحصل لنا القطع بالصحة بغير الايمان او الظن الاّ بالايخل بركن عندنا و اما اذا اخل بركن عندنا و ان لم‏يخل بركن عندهم لايكفي في الصحة لعدم حصول الظن بالصحة المسقط للقضاء مع الاخلال بركن عندنا و ذلك في الحج خاصة بخلاف الصلوة و الصوم و الفارق ظاهراً بينهما تلويح النص فانه مؤكد علي استحباب اعادة الحج خاصة بخلاف الصلوة و الصوم بل نهي عن الاعادة كما في خبر سليمان بن خالد المتقدم و لعل السر في ذلك ما اشرنا اليه سابقاً و لان الحج انما هو مرة في العمر فيبني مسقط القضاء منه علي الوجه الاولي و الاحوط بخلاف الصلوة و الصوم فانهما متكرران فلو بني فيهما علي الاحتياط لزم كمال المشقة واللّه بالناس رؤوف رحيم و اما الحكم في الخمس علي ما فصل في كتب الاصحاب فهو علي الصحيح واجب علي كل من ملك ما يجب فيه الخمس فاذا اسلم الكافر صرح بعض علمائنا بسقوطه عنه كغيره لعموم حديث الاسلام يجب ما قبله كما اشرنا اليه في الزكوة و توقف قوم في سقوطه استضعافاً لسند الحديث و لاصالة ثبوت حق الغير لانه كان واجباً عليه حالة كفره فيجب بقاؤه تحت العهدة الي ان‏يقوم دليل يعتد به علي السقوط بالاسلام و بالجملــة فالمسئلة قوية الاشكال و ان كان السقوط لايخلو من قوة و اذا استبصر المخالف فالظاهر ثبوته كالزكوة لعموم الروايات الموجبة له و خصوصاً في شأن المخالفين و منها صحيحة زرارة و محمد بن مسلم و ابي‏مسلم و ابي‏بصير عن ابي‏جعفر7 قال قال اميرالمؤمنين7 هلك الناس

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 166 *»

في بطونهم و فروجهم لانهم لايؤدون الينا حقنا الا و ان شيعتنا من ذلك و ابنائهم في حل و الاخبار في هذا المعني لاتكاد تحصي و هذا الرجل لو لم‏يستبصر يكون من الهالكين لانه لايؤدي اليهم حقهم و هو الخمس فهو مطلوب بمال الغير و اذا استبصر بقي المال في ذمته فيجب عليه اداء نصف الخمس ليتامي بني‏هاشم و مساكينهم و ابناء سبيلهم و اما النصف الذي هو حصة الامام7 و هو سهم اللّه و سهم رسوله و سهم ذوي القربي: فان كان7 حاضراً وجب ايصاله اليه او الي وكيله و نائبه و ان كان غائباً كهذا الزمان عجل اللّه فرج قائمهم و سهل مخرجه ففيه اربعة عشر قولاً:

الاول: عزله و الوصية به من ثقة الي آخر الي وقت ظهوره7 و هو قول المفيد فعلي هذا يؤخذ من المستبصر و يوصي به.

الثاني: سقوطه عن الشيعة و هو قول سلار بن عبدالعزيز الديلمي و علي هذا هل يسقط عنه لانه من الشيعة الان و لايستحل اموالهم و حين تصرف و ان كان مخالفاً و يستحل اموالهم الاّ انه الان من عيال الامام7 لا حين التصرف فيه كان مستحلاً له و يتدين بذلك فيؤخذ به و الذي يظهر لي انه اذا استبصر و كان من خواص الشيعة انه يسقط عنه لانه الان منهم و من واجبي النفقة عليهم بخلاف غيره فيجب عليه الاداء و في بعض الاخبار في مخاصمة فاطمة3 لابي‏بكر في فدك و العوالي و عمر قال عمر فادي‌كذا الخمس و الفيء كله لكم و لمواليكم و اشياعكم فقالت فاطمة3 اما فدك فقد اوجبه اللّه لي و لولدي من دون موالينا و شيعتنا و اما الخمس فقسمه اللّه لنا و لموالينا و لاشياعنا كما تقرأ في كتاب اللّه قال عمر فما للمهاجرين و الانصار و التابعين باحسان

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 167 *»

فقالت فاطمة3 ان كانوا من موالينا و اشياعنا فلهم ما لنا و عليهم ما علينا و ان لم‏يكونوا من اشياعنا فلهم الصدقات التي اوجبها اللّه في كتابه فقال انما الصدقات للفقراء و المساكين و العاملين عليها و المؤلفة قلوبهم و في الرقاب الاية فقال عمر فدك لك خاصة و الخمس و الفيء لكم و لاشياعكم ما احسب اصحاب محمد9 يرضون بهذا فقالت فاطمة3 ان اللّه تعالي رضي بذلك و لنا و رسوله قضاه لنا علي الموالاة و المتابعة لا علي المعادات و المخادعة([10]) و من عادانا فقد عادي اللّه و من خالفنا خالف اللّه و من خالف اللّه فقد استوجب من اللّه العذاب الاليم و العقاب الشديد في الدنيا و الاخرة اه و هذا و غيره صريح في المدعي و هو مذهب ابن‏حمزة.

الثالث: القول بدفنه نقله الشيخ في النهاية و علي هذا فيؤخذ منه و يدفن.

الرابع: دفع النصف في الاصناف الثلاثة و اما حصته7 فتودع كما تقدم او تدفن و علي هذا يؤخذ منه و يودع و هو مذهب الشيخ في النهاية.

الخامس: كسابقه في حصة الاصناف الثلاثة و اما حقه فيجب حفظه الي ان‏يوصل اليه و هو مذهب ابي‏الصلاح و ابن‏البراج و ابن‏ادريس و استحسنه العلامة في المنتهي و اختاره في المختلف و علي هذا فيؤخذ الكل منه.

السادس: تقسم حصة الاصناف الثلاثة عليهم و حصته7 تقسم علي الذرية الهاشمية و استقربه في المختلف و نقله عن جماعة من علمائنا و هو اختيار المحقق في الشرائع و الشيخ علي في حاشيته و هو

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 168 *»

المشهور بين المتأخرين كما نقله الشهيد في الروضة و اختاره الشيخ سليمان الماخوذي و علي هذا يؤخذ منه ان لم‏يكن من الذرية الهاشمية.

السابع: صرف النصف الي الاصناف الثلثة و يجب ايصال حصته7 اليه مع الامكان و الاّ صرفت الي الاصناف الثلثة و علي هذا تؤخذ منه فان تعذر الايصال اليه7 و كان المستبصر من بني‏هاشم اعطي منها او كلها.

الثامن: صرف النصف الي الاصناف و تسقط حصته7 و هو اختيار صاحب المدارك و صاحب المفاتيح و علي هذا لاتؤخذ الحصة منه علي الظاهر.

التاسع: صرف النصف الي الاصناف و صرف حصته الي العارفين من مواليه اهل الصلاح و السداد و الاقتصار و هو مذهب ابن‏حمزة و علي هذا ينظر في حال المستبصر فان كان من مواليهم العارفين سقط عنه و الاّ اخذ منه.

العاشر: تخصيص التحليل بخمس الارباح فلانه للامام7 و قد احل حصته خاصة و اما جميع ما فيه الخمس من غير الارباح فهو مشترك بينهم و بين الاصناف و هو اختيار الشيخ حسن بن الشيخ زين الدين في منبع([11]) الجمان و علي هذا فينظر في شأن ما في ذمة المستبصر فان لم‏يكن من الارباح اخذ منه و الاّ فيسقط علي الظاهر.

الحادي‏عشر: عدم اباحة شي‏ء حتي من المناكح و المساكن و المتاجر و هو مذهب ابن‏الجنيد قال و تحليله7 لما لايملك عندي غير مبري‏ء للذمة و هو ضعيف فان الصحاب قد نصّ جمهورهم علي تحليل هذه الثلاثة المناكح و المتاجر و المساكن بل كثير منهم ادعي الاجماع علي تحليل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 169 *»

المناكح و للاخبار المعللة و لانه انما حلل مايملك امره و ما ينطق عن الهوي فيؤخذ من المستبصر.

الثاني‏عشر: قصر اخبار التحليل علي جواز التصرف في المال الذي فيه الخمس قبل اخراجه منه بان‏يضمن الخمس في ذمته و هو اختيار محمدباقر المجلسي و علي هذا يؤخذ من المستبصر.

الثالث‏عشر: صرف حصة الاصناف عليهم و التخيير في حصة الامام7 بين الايصاء بها و الدفن كما تقدم و صلح الاصناف مع الاعواز باذن نائب الغيبة و هو الفقيه و هذا مذهب الشهيد في الدروس و عليه يؤخذ من المستبصر.

الرابع عشر: صرف النصف الي الاصناف الثلاثة وجوباً او استحباباً و حفظ نصيب الامام7 الي حين ظهوره و لو صرفه العلماء الي من يقصر نصيبه من الاصناف كان جايزاً و هو اختيار الشهيد في البيان و عليه يؤخذ من المستبصر و ادلة الجميع ما فهم من الاخبار و من توجيه العلماء الاخيار و قد تقدم في القول الثاني اختيارنا و هو موافق للقول التاسع و اما ساير الحقوق المالية فمنها زكوة الفطرة و الكلام فيها بعينه الكلام المتقدم في الزكوة و مصرفها مصرفها و دليل وجوبهما علي المخالف اذا استبصر واحد فلافائدة في اعادة كلام واحد مرتين و منها الكفارات و تجب اعادتها عليه اذا طعم‌كذا غير اهل الولاية و ان اطعم اهل الولاية علي النحو المتقدم سقطت عنه بعد استبصاره كما مر هناك و اما النذر بالصدقات و ما اشبه ذلك فيسقط الاّ ان‏يخالف مقتضي نذره كأن‏ينذر ان شافي اللّه مريضه ان يتصدق علي اهل الولاية بكذا فتصدق بالمنذور علي غير اهل الولاية فانه يقضي و هنا شي‏ء و هو ان المخالفين اختلفوا في

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 170 *»

الشيعة علي قولين فمنهم من يقول الرافضة ليست من فرق الاسلام الثلاث و السبعين و منهم من يقول هم من الفرق المسلمين الضالة فان قال في مذهبه قبل استبصاره بالاول و نذر علي ان‏يعطيهم فاعطي غيرهم و كان اعتقاده مطابقاً لمذهبه فلايبعد السقوط لبطلان نذره و ان كان مخالفاً لمذهبه كما لو اعتقد الثاني فلايبعد الاعادة و اما ان قال بالثاني و طابق اعتقاده فعليه الاعادة و ان اعتقد الاول فلايبعد السقوط لبطلان نذره.

قولــه ايده اللّه بتأييده و هداه و وفقه لصلاح الدارين بتسديده و ايضاً المعاملات الواقعة منه و المناكح و ساير العقود و الايقاعات الواقعة علي الطريقة التي كان عليها هل يقر عليها و تقبل منه ام لا؟

اقــول الفقه قسموه في الاصطلاح الي اربعة اشياء العبادات و العقود و الايقاعات و الاحكام و وجه الحصر فيها انهم قالوا هذه الحدود الشرعية اما ان‏تحتاج في صحتها الي النية او لا و الاول هو العبادات و هي الطهارة و الصلوة و الزكوة و الصوم و الحج و الجهاد و الثاني اما ان‏تفتقر الي اللفظ من الطرفين او لا و الاول هي العقود كما في الشرايع قال القسم الثاني في العقود و هي خمسة عشر هكذا في اكثر النسخ و في بعضها ثمانية عشر كتاباً ثم وضع في هذا القسم تسعة عشر كتاباً و هي: كتاب التجارة، كتاب الرهن، كتاب المفلس، كتاب الحجر، كتاب الضمان، كتاب الصلح، كتاب الشرك‌كذا (الشركة ظ)، كتاب المضاربة، كتاب المزارعة و المساقاة، كتاب الوديعة، كتاب العارية، كتاب الاجارة، كتاب الوكالة، كتاب الوقوف و الصدقات، كتاب السكني و الحبس، كتاب الهبات، كتاب السبق و الرماية، كتاب الوصايا، كتاب النكاح. هذه تسعة عشر كتاباً زاد اربعة و الظاهر ان ذلك ليس بغلط لانه اراد بالخمسة عشر العقود الحقيقية و هي اللازمة دون الجايزة كذا قالوا و قد تزيد في العدد و قد تنقص

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 171 *»

و لافائدة في تحقيق العدد و الثاني اما ان‏يحتاج الي لفظ من طرف واحد او لا و الاول الايقاعات و هي احدعشر كتاباً: كتاب الطلاق، كتاب الخلع و المبارات، كتاب الظهار، كتاب الايلاء، كتاب اللعان، كتاب العتق، كتاب التدبير و الكتابة، كتاب الاقرار، كتاب الجعالة، كتاب الايمان، كتاب النذر و هذه اسماء الكتب التي ذكرها في قسم الايقاعات و هي الايقاعات في كل كتاب من كتب الشرع و ان كان في غير الشرايع ممتزجة بغيرها من العقود و الاحكام لانه لم‏يميزها عن غيرها في قسم منفرد غير صاحب الشرايع و صاحب التحرير و اما الخلع و المبارات و الكتابة و ان كانت كالعقود الاّ ان المقصود منها ازالة قيد النكاح كالطلاق فلذا جعلت من الايقاعات و كونها معاوضة غير حقيقي و كونها ازالة قيد النكاح حقيقي و الثاني الاحكام فقوله سلمه اللّه و بلغه رضاه و اسعده بما يتمناه من امر آخرته و دنياه و ايضاً المعاملات الواقعة منه يراد من المعاملات العقود او ما يقوم العقود و الايقاعات و الحاصل ان احكام هذا المستبصر في هذه الامور او ما يعم العقود و الايقاعات و الحاصل ان احكام هذا المستبصر في هذه الامور يطول ذكرها و لاموجب لذلك و انما الواجب الاشارة الي تمثيل شي‏ء منها و هو ان اكثر هذه الامور اذا ارتبطت بواحد من الامامية كانت بعد استبصاره يرجع حكمها الي حاكم الشرع منا فيحكم فيها بالحق و لايقره الاّ علي ابعاض مما يختصون به كما قال تعالي و ان احكم بينهم بما انزل اللّه و لاتتبع اهواءهم و قال تعالي فان جاؤك فاحكم بينهم او اعرض عنهم و ان تعرض عنهم فلن‏يضروك شيئاً و ان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان اللّه يحب المقسطين و في الكافي عن الصادق7 من كان يدين بدين قوم لزمته احكامهم فنقول مثلاً يجوز عندنا بيع الخيار الي مدة معينة و عندهم هذا البيع باطل فاذا وقع هذا البيع بخيار سنة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 172 *»

و اشتري هذا المخالف من البائع المبيع المذكور قبل انقضاء مدة الخيار اشتراءاً لازماً غير مشروط لانه بالنسبة الي مذهبه ان بيع الخيار باطل يجوز له الشراء لانه لم‏يخرج عن ملك البائع فاذا استبصر نظرنا في ذلك البيع المذكور فان كان البيعان مخالفين لايعتقدان صحة هذا البيع و ان اوقعاه فالظاهر اقرار هذا المستبصر علي ابتياعه لانه بيع ملك وقع من مالكه و لم‏يخرجه قبل ذلك بمخرج صحيح و ان كانا مخالفين الاّ انهما يعتقدان صحة البيع المذكور الخياري و ان كان بخلاف مقتضي مذهبهما فالظاهر عندي بطلان بيع المستبصر فيصالحهما علي نحو مصحح عندنا او يرد المبيع علي مالكه منهما اما البايع او المشتري كما لو انقضت مدة الخيار و لم‏يفسخ البايع او بنحو استيهاب من المالك عندنا منهما فان رد المبيع فله الثمن الذي دفعه و ان وصل اليه من نماء ذلك الملك شي‏ء فيخبرهما بحكمه عنده بعد الاستبصار كما اخبر بحكم الاصل فان ترك مستحقه فلاكلام و ان طلب فان كان مستحقه المشتري اولا و لم‏يرض ببيع البائع المبيع علي المستبصر كان للمشتري الاول اخذه من المستبصر فان كان المستبصر قبل استبصاره يعتقد كما اعتقدا من صحة البيع الخياري فعليه ان‏يسلم النماء او مثله ان كان مثليا او قيمته ان كان قيميا و ليس له الرجوع علي البائع لانه قد قدم باعتقاده علي اخذ ما لايملكه هو ببيع يعتقد خلافه و لايملكه المالك البائع لاعتقادهما خلافه و ان كان قبل استبصاره لايعتقد ما اعتقدا فله الرجوع علي البائع بما اري للمشتري لانه تصرف فيما يملك علي مذهبه و ما يعتقده و ان كانا مؤمنين رجع الي المبيع بعد استبصاره الي مالكه فان كان المشتري فله النماء و لايرجع به علي البائع ان كان يعتقد الصحة كما ذكر و ان لم‏يعتقد رجع بما ادي الي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 173 *»

المالك المشتري علي البائع لانه غار حيث سلطه علي اتلاف مال الغير و المخالف لايعرف ذلك انما يعرف ان المالك صرفه بالبيع فتصرف في ماله علي ما يعتقده فالبائع غار و ان كان مستحق النماء هو البائع في هذا الفرض و فيما قبله كما لو فسخ البيع الاول قبل انقضاء مدة الخيار فان كان هذا المستبصر قبل الاستبصار لايعتقد صحة بيع الخيار فليس للبائع المطالبة بالنماء لانه سلطه علي ماله فاتلفه باذنه و ذلك لايعلم انه لايملك المبيع ليكون قد قدم علي ما قد يلزمه الضمان فيكون مفرطا بل تصرف فيما يملك في مذهبه و معتقده و ان كان يعتقد صحة بيع الخيار علي خلاف مذهبه فان تصرف في النماء و اتلفه فالاصح انه ليس للبائع المطالبة بشي‏ء لانه سلطه علي اتلافه فلايتعقبه ضمان و ان لم‏يتصرف بل النماء باق فاشكال فالظاهر ان له المطالبة لان اعطاه اياه تبعا لما هو مطالب به فيرده تبعا للاصل و لاجل هذا احتمل بعضهم الرجوع في صورة التلف و ان كان المشتري الاول مؤمناً معتقداً لصحة بيع الخيار و البائع مخالفاً يعتقد الصحة فكما مر و ان كان لايعتقد فهل يلزمه حكم البيع الاول لصورة الايجاب و القبول لجواز انه قد قصد بهما نقل المبيع و ان كان لايعتقد الصحة ام لا يلزمه لانه كالغافل و النائم و السكران لقرينة ان المفروض انه بخلاف مذهبه و معتقده و هذا هو الذي بنينا عليه الفروع السابقة لاحتمال انه قصد نقل المبيع علي خلاف الاصل و الظاهر في ذلك حيث فرض خلاف الاعتقاد لايصار الي قصد النقل الاّ بقرينة غير لفظ الايجاب لجواز وقوع الايجاب علي جهة الحيلة و الاستهزاء و غير ذلك و لايقال ان الحيلة و الاستهزاء خلاف الاصل في الايجاب لان الاصل الصحة لانا نقول انما يكون ذلك خلاف الاصل اذا لم‏نعلم مخالفة

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 174 *»

الاعتقاد و المذهب و اما مع علمنا بالمنافي فالاصل عدم الصحة فعلي ان البيع من جهته باطل كما قررنا لعدم اعتقاده و كان المؤمن عالماً بذلك يكون من جهة المؤمن باطلاً فيلزم البيع للمستبصر و ان لم‏يعلم المؤمن بذلك صح البيع من جهة المؤمن فاذا استبصر ذلك المخالف و قد اشتري قبل انقضاء الخيار و هو يعتقد صحة بيع الخيار و ان كان خلاف مذهبه كما قررنا سابقاً و المفروض ان البائع لم‏يفسخ البيع الاول قبل انقضاء المدة رجع الملك علي المشتري الاول و النماء و اخذ الثمن من البائع و ليس له الرجوع بالنماء علي البائع و ان لم‏يعتقد المستبصر صحة بيع الخيار رجع بما ادي علي البائع لانه غار ان كان قد تصرف في النماء و اتلفه قبل مطالبة المشتري بالنماء و ان كان النماء موجوداً فالظاهر عدم الرجوع و ان فسخ البائع و الحال هذه قبل انقضاء المدة فان كان الفسخ قبل ابتياع المستبصر فهو ماله و لاكلام و ان كان بعده فان كان حصول النماء قبل الفسخ فكما مرّ و ان كان بعد الفسخ فهو للمستبصر و لاكلام و ان كان البائع هو المؤمن و كان المشتري الاول مخالفاً الاّ انه يعتقد صحة بيع الخيار خلاف مذهبه فان لم‏يفسخ المؤمن حتي انقضت مدة الخيار رد المستبصر المبيع علي المشتري المخالف و اخذ الثمن من البائع و رد المستبصر النماء علي المخالف فان كان المستبصر يعتقد صحة هذا البيع لم‏يرجع بالنماء بل يضمنه للمخالف لانه نماء ملكه و ان كان لايعتقد و كان النماء موجوداً فكذلك و الاّ رجع علي المؤمن بما دفع للمخالف المشتري لان المؤمن غار و ان كان المخالف لايعتقد فعلي القاعدة التي قررنا يكون البيع من جهته باطلاً لكنه صحيح من جهة المؤمن فعلي الظاهر يصح البيع و يكون علي ما سمعت علي تقدير الصحة و علي الباطن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 175 *»

يكون المشتري الاول متصرفاً فيما لايعتقد صحته فيكون جميع مازاد علي اصل الثمن من جميع النماء المتجدد كل سنة لايملكه في نفس الامر و الذي يختلج في نفسي انه من جملة الاموال التي لامالك لها و يقبض حاكم الشرع ماكان موجوداً منها و من ذلك لو كان المستبصر قبل استبصاره اخذ بالشفعة في الاملاك المتلاصقة المتمايزة غير الشايعة فان الشفعة عندنا لاتصح هنا و علي مذهبه تصح فاذا اخذ بذلك بغير رضي المشتري بقي الملك علي ملك المشتري فاذا استبصر كان عليه ان‏يرد الملك الي المشتري و يحتسب المشتري عليه النماء ان وصل اليه شي‏ء من ثمنه و بالجملــة هذه الاحكام المعاملات التي هي العقود و مااشبه ما ذكرنا يرجع حكمه فيها الي الحكم الحق كما قال تعالي و ان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان اللّه يحب المقسطين و من النكاح مثلا ان المخالف قبل استبصاره لو زني بذات بعل او في عدة رجعته‌كذا او عقد علي امرأة و كان المعقود عليها في عدة رجعية مع علمه بالعدة و ان لم‏يدخل او لم‏يعلم بذلك مع الدخول بها او لاط بغلام فاوقبه ثم تزوج بامه او اخته او ابنته او زني بعمته او خالته ثم تزوج بابنتيهما و لم‏يكن مذهبه حنفياً او لاعن زوجته اللعان الشرعي ثم اكذب نفسه و كان حنفياً و امثال ذلك فعندنا انهن يحرمن عليه مؤبداً و عندهم يجوز ذلك فاذا استبصر لم‏يقره علي ذلك النكاح لمخالفته لاجماعنا و للروايات المتكثرة في كثير منها فان ولد له اولاد من احديهن قبل الاستبصار فليسوا باولاد زني عندنا بل هم بحكم اولاد الشبهة فيقع بينه و بينهم كلما يقع من النكاح الصحيح و يترتب احكام النكاح و المحرمية و المواريث و القصاص و مااشبه ذلك و اذا استبصر و نكح في واحدة من المذكورات كانت اولاده كلهم اولاد سفاح لايترتب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 176 *»

عليهم شي‏ء من احكام النكاح و المواريث و المحرمية و القصاص و كانوا اجنبيين منه و من امهم و ان كنا لانجوز له ان‏يتزوج ابنته من هذه المرأة التي تزوجها بذلك فنوجب عليه تخليتهن فيخرجن منه بغير طلاق و يستبرين من نكاح و يتزوجن من شئن من الرجال و ايضاً المشهور الصحيح عندنا انه لايجوز للمسلم نكاح نساء من اليهود و النصاري و المجوس ابتداءاً بالعقد الدائم فان فعل وقع باطلاً و يجوز ذلك عند المخالفين فاذا تزوج هذا الرجل كتابية من احد الفرق المذكورة ثم استبصر هل يقر علي هذا النكاح كما لو اسلم الكتابي فيكون كاستمراره عندنا ام لا فيكون كابتدائه الظاهر انه يقر عليه لانه عقد سائغ علي مذهبه و لاموجب لابطاله عندنا لان من منع منه فانما منع في الابتداء لا في الاستمرار لاستصحاب الصحة و من الطلاق فانا نشترط ان الطلاق لايصح الاّ بلفظ مخصوص متلقي من الشارع مثل فلانة طالق او انت طالق او هي و انه لابد فيه من القصد بان‏ينوي المطلق الانشاء و البينونة و انه لابد فيه حين التلفظ من سماع شاهدين عدلين في الواقع او عند المطلق في اعتقاده و الاّ يوقع الطلاق في الحيض الاّ ان‏تكون حاملاً قد استبان حملها او يكون الزوج غائباً عنها غيبة يظن انتقالها عن الحالة كالشهر او الثلاثة الاشهر او الخمسة او السنة الاشهر او كانت غير مدخول بها نعم لو استظهرت بعد مدة حيضها الي العشرة بترك الصلوة لوجود الدم ثم طلقها في ايام الاستظهار ثم تجاوز الدم الزائد علي عدتها العشرة فان الطلاق عندي صحيح وفاقاً للتحرير عملاً بالحكم الوضعي و الاّ تطلق ثلاثاً لارادة الطلاق البائن بلفظ واحد كان‏يقول انت طالق ثلاثاً و ان اردنا الطلاق البائن بالتعليقات الثلاث فلابد من تحلل المراجعة بعد كل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 177 *»

طلقة ليكون ثلاث طلقات بينهما رجعتان و انه لابد من تعيين المطلقة عند انشاء الايقاع في القصد اليها بخصوصها فلايكفي عندنا الابهام عند انشاء الايقاع ثم يعين من يشاء من نسائه بل يقع الطلاق لغواً و انه لايتبعض بدن المرأة في الطلاق فلايقع الطلاق برأسها خاصة مثلاً و باقي جسدها غير مطلق اذا قال رأس فلانة طالق بل يقع لغواً و انه لايكون الطلاق معلقاً علي شرط كما اذا قال ان جاء زيد فانت طالق بل يقع لغواً فاذا طلقت المرأة طلاقاً لفظياً من غير قصد الانشاء و البينونة و ان كان باللفظ الصريح فيه كما قاله ابوحنيفة لفظ الطلاق الصريح ما تضمن الطلاق خاصة و الباقي كنايات يقع الطلاق بها مع النية و قال الشافعي صريح الطلاق ثلاثة الفاظ الطلاق و الفراق و السراح كان يقول فلانة طالق او فلانة مفارقة او فلانة مسرحة يقع الطلاق باحديهن بغير نية و باقي الالفاظ كنايات لايقع الطلاق الاّ مع مقارنة النية لها و يقع من ذلك ما ينويه و قسم الشافعي الكنايات علي قسمين ظاهرة نحو قوله خلية و برية و بتة و بتلة و باين و حرام و الكنايات الباطنة نحو قوله اعتدي و استبري رحمك و تقنعي و حبلك علي غاربك و قال مالك الكنايات الظاهرة اذ لم‏ينو بها شيـئاً وقع الطلاق الثلث و ان نوي واحدة او اثنتين فان كانت المرأة غير مدخول بها كان علي مانواه و ان كانت مدخولاً بها وقع الثلاث علي كل حال و اما الكنايات الباطنة فهي في كلمتين منها و هي قوله اعتدي و استبري رحمك ان لم‏ينو بها شيئاً وقعت تطليقه رجعية و ان نوي شيئاً كان علي ما نواه و مالك يجعل الكنايات الظاهرة و هاتين الكلمتين من صريح الطلاق و ايضاً كان الطلاق بغير شاهدين عدلين سواء كان بفاسقين او عادل و فاسق او بواحد منهما او بغير شي‏ء او في

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 178 *»

الحيض فانهم يجوزونه و ان كان حراماً عندهم لكنه يقع او بلفظ واحد لارادة الثلاث كان يقول انت طالق ثلاثاً فتحرم عليه الاّ بعد المحلل و ان رجع قبل انقضاء العدة او طلاق بعد طلاق بدون رجعة او طلق امرأة من اربع من غير تعيين و انما يعينها بعد الطلاق او طلق جزءاً منها و طلق اخر حتي كملت و تزوجها هذا المخالف ثم استبصر فالمشهور انها زوجته و يقر علي هذا او لتزويج‌كذا لانه صحيح عندهم و عن علي بن ابي‏حمزة انه سئل ابي‌كذا‏الحسن7 عن المطلقة علي غير السنة أيتزوجها الرجل قال الزموهم من ذلك ما الزموا انفسهم و تزوجوهن فلابأس بذلك قال الحسن و سمعت جعفر بن سماعة و سئل عن امرأة طلقت علي غير السنة الي ان أتزوجها فقال نعم فقلت أليس تعلم ان علي بن حنظلة روي اياكم و المطلقات علي غير السنة فانهن ذوات ازواج فقال يا بني‌كذا رواية علي بن ابي‏حمزة اوسع علي الناس قلت و ايش روي علي بن ابي‏حمزة قال روي عن ابي‏الحسن7 انه قال الزموهم من ذلك ما الزموه انفسهم و تزوجوهن فانه لابأس بذلك و عن عبدالاعلي عن ابي‏عبداللّه7 قال سألته عن الرجل يطلق امرأته ثلاثاً قال اذا كان مستخفاً بالطلاق الزمته ذلك فاذا كان صحيحاً عندهم و الشارع امرنا ان‏نلزمهم ما الزموه انفسهم حتي انه اجاز لنا التزويج بهذه المرأة و لاتبقي بغير زوج كان جائزاً لهم بالطريق الاولي و اذا جاز لنا ابتداؤه جاز استمراره بالطريق الاولي و الحاصل ان هذا الرجل اذا استبصر و رجع الينا في دينه كان منا و احكامه ما ثبت في حكمنا و رجعت احكامه الي احكامنا هذا في غير العبادات و اما في العبادات فما الحقت به منها و استتبعت له لايمانه و ما يستقبل من اعماله تفضلاً من اللّه و تخفيفاً علي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 179 *»

عباده المؤمنين و ترغيباً للتائبين و الحمد للّه رب العالمين.

سؤال: و سأل بعض الاخوان مولانا الكريم اعلي اللّه مقامه من كان مثلي مشغولاً بالعبادة علي النحو الذي اشتغلت به ثم رجعت عنه هل لهذه العبادات قضاء ام لا و هل لما فسد من العبادات الماضية و بطل قضاء الان ام لا صلوة و صوماً و وضوءاً و غسلاً و اذا كان علي القضاء فكيف العمل بالمسنونات صلوة و صوماً و غسلا و غيرها؟

جواب: اعلم وفقك اللّه و سددك و زودك التقوي ان من استبصر بعد العمي فليس عليه قضاء شي‏ء مما مضي الاّ الزكوة فانها حق اناس مخصوصين اي المؤمنين الموالين و هو قد وضعه علي ما كان في المخالفين للحق غير الموالين لاولياء اللّه و يجب عليه اعادته ان كان عليه زكوة و اداها الي غير اهله و اما ساير العبادات فليس عليه شي‏ء لقوله7 من دان بدين قوم لزمته احكامهم و قال ابوعبداللّه7 في حديث كل عمل عمله و هو في حال نصبه و ضلالته ثم من اللّه عليه و عرف الولاية فانه يوجر عليه الاّ الزكوة فانه يعيدها لانه وضعها في غير مواضعها لانها لاهل الولاية و اما الصلوة و الحج و الصيام فليس عليه قضاء هـ . و الوجه في ذلك ان ما عملت سابقاً كانت اجساداً بلاروح فاذا استبصرت نفخ في جميعها الروح و رجعت اليك فانها آثارك و كل اثر و فعل راجع الي مؤثره و فاعله و ان كانت تلك الاعمال قد اخذت من غير اهلها لكن اذا استبصرت و اذن لك البصير و اجازها لك صارت مقبولة حية و توجر عليها فافهم.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 180 *»

بـــاب

معني التقية و مراتبها و مواردها

 

سؤال: سأل الآغامحمود بن الحاج محمد الاصبهاني مولانا و سيدنا الكريم انار اللّه برهانه ما معني التقية و مراتبها و مواردها و من اي شخص يجب التقية هل التقية في امور الدين و الدنيا معا او في احدهما فلو عرف شخص حقية شخص بحيث قطع انه هو العالم الذي وصفه الامام7 فيجب النفر لديه و الاخذ منه و التلمذ عنده فهل له تقية من اقربائه و والديه مع انه لايحتاج اليهم و لايقدرون ايضاً علي ضربه و سبّه و شتمه فهل لمثله التقية و لو علي فرض بعض ما ذكرنا و هل عذره عند كرام الناس و الائمة: مقبول ام لا؟

جواب: اعلم ان اصل التقية من قوله تعالي في كتابه لايتخذ المؤمنون الكافرين اولياء من دون المؤمنين و من يفعل ذلك فليس من اللّه في شي‏ء الاّ ان‏تتقوا منهم تقية و قال ان اكرمكم عند اللّه اتقيكم اي اعملكم بالتقية و روي لادين لمن لاتقية له و تسعة اعشار الدين في التقية و وجوبها من ضروريات المذهب و في تركها عسر مرفوع و حرج غير مكلف به و يريد اللّه بكم اليسر و لايريد بكم العسر و ماجعل عليكم في الدين من حرج ولكن لابد من معرفتها و شرحها.

اما موضع التقية فقد روي ان للتقية مواضع من ازالها عن موضعها لم‏تستقم له و تفسير ما يتقي مثل ان‏يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم علي غير حكم الحق و فعله كل شي‏ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي الي الفساد في الدين فانه جايز انتهي فذلك موضع التقية و كذلك كل موضع ادي الي الضرورة و الاضطرار

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 181 *»

و الحرج و صاحبها اعلم بمعرضها فقد قال الباقر7 التقية في كل ضرورة و صاحبها اعلم بها حين تنزل به و قال7 التقية في كل شي‏ء يضطر اليه ابن آدم فقد احله اللّه له انتهي و ذلك موكول الي نفس المكلف و ايمانه و تقويه فان يري من نفسه ضرورة و اضطراراً فليفعل و الاّ فليتق اللّه و لايداهن في دين اللّه و لايخذل اولياء اللّه و لايخادع اللّه و رسوله و المؤمنين فان الدنيا تفني و العمل يبقي و الاجر يوفي و الحكم هو العلي الاعلي فاما ما اصطلحه اهل زماننا من التقية انهم يظهرون خلاف الحق او يثبتون عليه او يداهنون فيه فيستمعونه و لاينهون عنه لبقاء عزة متوهمة او عدم وصول ضرر محتمل او كسر شأن او وصول وهن فيصبرون علي اذية اولياء اللّه و سبيهم و قتلهم حتي يبقي لهم عزتهم و رياستهم و يصبرون علي الجهالات حتي لاينخفض جانبهم و يصبرون علي شتم اولياء اللّه في المجالس حتي لايظن الاتباع انه مقر بالحق فينفضوا من حوله و امثال ذلك فليس من محل الضرورة في شي‏ء و انما الضرورة خوف علي نفس من القتل و مالايطاق او خوف علي مال يؤدي معه الي تلفه اي تلف الشخص و ما لايمكن تحمله و امثال ذلك و انما ذلك لاجل ان العمل بالباطل و تقريره حرام محرم و انما هو كالميتة و مستعمله كآكل الميتة فلينظر امرء لنفسه و ليتق اللّه حتي يحل له الميتة فانه يحل له التقية في ذلك الوقت و علي مثل تلك الحال لاغير فمن استعمل التقية في غير حال الاضطرار كاضطراره الي اكل الميتة و لحم الخنزير فليستيقن انه من الخاذلين للحق المشاركين في الواقعين فيه و سيان خاذله يوما و قاتله و بامثال هذه المداهنات انكسر ظهر الدين و ارتفع قدر المنافقين و لو ان الناس امروا بالمعروف لم‏يبق للدين عمود

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 182 *»

الاّ قام و لاعود الاّ استقام و لو انهم نهوا عن المنكر لم‏يبق عمود كفر الاّ مال و لم‏يبق منافق الاّ ذل و تبين منه الضلال و ارغم انفه و خمد ناره و انما خرب الدين و طمس آثار الشرع المبين هذه المداهنات و تلك المصانعات و تلك التداينات فعند ذلك نولي بعض الظالمين بعضاً و جعل بأسهم بينهم و فرقوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون و سيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون و لاحول و لاقوة الاّ باللّه العلي العظيم.

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه الملامحمد جعفر بن الحاج عبدالصاحب الكازروني الفارسي ما الفرق بين التقية و المداهنة و المداراة؟

جواب: التقية لها موضع مخصوص لاتقع في غيره فقد روي عن ابي‏عبداللّه7 في حديث ان المؤمن اذا اظهر الايمان ثم ظهر منه مايدل علي نقضه خرج بماوصف و اظهر و كان له ناقضاً الاّ ان‏يدعي انه انما عمل ذلك تقية و مع‏ذلك ينظر فيه فان كان ليس مما يمكن ان‏تكون التقية في مثله لم‏يقبل منه ذلك لان للتقية مواضع من ازالها عن مواضعها لم‏تستقم له و تفسير ما يتقي مثل ان‏يكون قوم سوء ظاهر حكمهم و فعلهم علي غير حكم الحق و فعله فكل شي‏ء يعمل المؤمن بينهم لمكان التقية مما لايؤدي الي الفساد في الدين فانه جائز انتهي و القول الجامع ما اضطر اليه ابن آدم كما روي عن ابي‏جعفر7 التقية في كل ضرورة و صاحبها اعلم بها حين تنزل به و في رواية اخري عنه7 التقية في كل شي‏ء يضطر اليه ابن آدم فقد احله اللّه له انتهي و الاضطرار يتحقق اذا كان قوم علي غير الحق و المؤمن بينهم لاناصر له علي حقه و لايقدر ان‏يقول به او يعمل فذلك هو المضطر و اما في غير ذلك الموضع فلااضطرار و لاتقية و ان تقية الناس اليوم لجلب المنافع الموهومة و التقرب الي اهل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 183 *»

الباطل و استرضائهم و ليس ذلك من التقية بمراح و لامغدي و اما المداراة فهي اعم من التقية و مماشاة الناس بما يحبون من المباحات و لايضر في الدين و اما المداهنة فهي النفاق و المخاتلة و الغش كالادهان قال تعالي ودوا لو تدهن فيدهنون.([12])

سؤال: و سأله الملامحمد علي بن محمد نبي الدواني ما الفرق بين المداراة و التقية و المداهنة؟

جواب: ان المداراة هي الملاطفة و حسن الصحبة و لقد قال رسول اللّه9امرني ربي بمداراة الناس كما امرني باقامة الفرايض و اما التقية فهي التحذر من العدو علي النفس و المال لما تخافه عليهما فتتقي عنه بما ينصرف عنك و اما المداهنة فهي المصانعة و النفاق و ترك المناصحة و المساهلة و ان اللّه عذب قوماً لمداهنتهم و ينجي اقواماً بمداراتهم و تقيتهم روي عن الباقر7 اوحي اللّه الي شعيب النبي اني معذب من قومك مأة الف اربعين الفا من شرارهم و ستين الفا من خيارهم فقال يا رب هؤلاء الاشرار فمابال الاخيار فاوحي اللّه اليه داهنوا اهل المعاصي و لم‏يغضبوا لغضبي و عن القدسي قل لمن تمرد بالعصيان و عمل بالادهان ليتوقع عقوبتي.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 184 *»

بـــاب

المراد من الكراهة في العبادات نوعا

 

سؤال: سأل الشيخ عبداللّه بن غدير الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه و اجل اللّه شأنه مكروه العبادة مثل التنفل في الاوقات المكروهة و الاماكن التي تكره الصلوة فيها و غير ذلك هل المراد انها اقل ثواباً بالنسبة الي غيرها او انها مرجوحة فلايكون في فعلها رجحان لان المرجوح لايكون راجحاً الخ.

جواب: ان في هذه المسألة ثلثة اقوال عند اهل الاصول: الاول ان مكروه العبادة من المندوب ان كانت مندوبة و من الواجب ان كانت واجبة لان العبادة من المندوب ان كانت مندوبة و من الواجب ان كانت واجبة لان العبادة راجحة و الراجح لايكون مرجوحاً الثاني انه من المكروه و الكراهة راجعة الي وصف خارج عن ماهيتها و ان كانت في نفسها راجحة لكنها من المكروه لمالحقها من كراهة بعض ما يتعلق بها([13]) الثالث انها قسم سادس يعني ان الاحكام واجب و حرام و مندوب و مكروه و مكروه العبادة و مباح فاما القول الاخير فبطلانه ظاهر و اما الثاني فله ظاهر اللفظ من حكم الشارع7 حيث يقول تكره الصلوة في كذا فاسند الكراهة اليها ولكن المعني مراده7 يأباه فان الصلوة خير موضوع و انما الكراهة راجعة الي المكان او الي الوقت او اللباس او غير ذلك و لهذا حث عليها مطلقاً و لو كانت ترجع الي الصلوة نفسها لماكانت الواجبة حيث تكره واجبة بل يكون فعلها مرجوحاً فلايذم علي تركها و اما القول الاول و هو انها من المندوب فهو الحق ولكن التوجيه بانها

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 185 *»

اقل ثوابا ليس علي سبيل الحقيقة بل مجاز لان الصلوة في الحقيقة ثوابها لاينقص و لايزيد الاّ([14]) من جهة نفسها و قد قلنا ان الكراهة راجعة الي غير ذاتها نعم لماكانت الصلوة و هي الافعال المخصوصة المعلومة لدي الشارع لها باعتبار فاعلها و كان الفعل و الجهة و غير ذلك توابع تتوقف عليها من باب المقدمة و من باب الشرط و السبب و تلك التوابع كالوقت و المكان و الجهة لبعضها مزايا و خواص تناسب الصلوة و تزيدها كمالاً لانها تكملها و بعضها ليست له تلك المزايا و الخواص بل لها عكس تلك المزايا و الخواص لم‏تكن لها تلك المزية التي تزيد كمالاً و ان لم‏تقتض المنع كان ثواب الصلوة وحدها اقل من ثواب الصلوة مع ثواب تلك المزايا و الخواص بل اقل من ثوابها مع تلك التوابع و المقدمات اذا لم‏تقتض ضد المزية فانها بمجرد المناسبة يكون ثواب عظيم و اذا اقتضت ضد المزية نقص من ثواب المناسبة بقدر ذلك الضد فيكون نقص الثواب في الحقيقة و تمامه و زيادته راجعاً الي تلك التوابع و المقدمات و اما الصلوة نفسها فلانقص في ثوابها و لازيادة الاّ من جهة نفسها و انما قيل تكره كما قيل ينقص ثوابها فافهــم فمكروه العبادة من المندوب لعدم موجب يغيره لذاته عن ذاته.

سؤال: و سأل الملامحمد بن الملاابرهيم النهبنداني مولانا و عمادنا الكريم اجل اللّه شأنه و اعلي اللّه مقامه في الحديث ان الصلوة الواحدة في مسجد الكوفة حجة و في حديث اخر ان مطلق الصلوة عشرين حجة و هما متنافيان ظاهراً فما معناه؟

جواب: ان الصلوة لها في نفسها ثواب و في ايقاعها في الاماكن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 186 *»

و الاوقات او مقترنة بمقارنات كالتطيب و التزوج او غير ذلك ثواب آخر فلاتنافي بين الحديثين و من هذا الباب المكروه من العبادات كالصلوة قبل طلوع الشمس مثلاً فلاكراهة في نفس الامر الراجح و انما الكراهة في الايقاع في وقت خاص فلارجحان في فعل الراجح في ذلك الوقت دون غيره و كذلك يزداد الثواب بخصوصيات خارجة لاحقة بالصلوة.

 

بـــاب

حدّ النيــــــــة

 

سؤال: سأل امان اللّه خان الثاني والي كردستان مولانا الكريم اعلي اللّه مقامه كيفيت نيت وضو ساختن؟

جواب: عرض مي‏شود كه نيت همان است كه سبب آن مي‏شود كه انسان كاري بكند و آن چيزي نيست كه كسي عمداً ضرور باشد كه بكند و هيچ كس بي‏نيت نمي‏تواند كاري بكند مگر آن‏كه خواب باشد و الاّ تا هوش در سر انسان هست نمي‏تواند بي‏نيت كاري بكند و نيت غسل و وضو و نماز و روزه هم مثل عزم بر نان خوردن و آب خوردن و برخاستن و نشستن است بي‏تفاوت و زياده چيزي نبايد به خواطر گذرانيد يا به زبان گفت و همه وسواس است و حق اين است كه عرض كردم همين‏قدر كه انسان در هنگام عمل مي‏داند چه مي‏كند كافي است.

 

بـــاب

انه هل يجب في النية مراعات الوجه ام يكفي مطلق القربة

 

سؤال: سأل الشيخ احمد بن صالح القطيفي الشيخ الاوحد اعلي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 187 *»

اللّه مقامه هل يجب في النية مراعات الوجه ام يكفي مطلق القربة؟

جواب: الاصح الاشهر انه لاتجب مراعاة الوجه لعدم الدليل عليه و الدليل الاعتباري معارض باقوي منه.

اقــول و لمولانا الكريم اعلي اللّه مقامه كلام في ذلك في باب ما قاله في الجامع لاينبغي الاكل و الشرب للجنب الاّ بعد الوضوء الخ و في باب ان الوضوء قبل دخول الوقت هل بطريق الاستحباب الخ و في باب ان غسل الجنابة هل هو واجب في ليل شهر رمضان من اوله الي آخره و في باب ان المجنب في صورة عدم دخول وقت الصلوة كيف ينوي في غسله و في باب كيفية الوضوء و مايجب فيه و آدابه و في باب كيفية الصلوة و مايجب فيها فراجع الي تلك الابواب.

 

بـــاب

معنـي الوجــه

 

سؤال: سأل الشيخ احمد بن صالح بن طوق القطيفي الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه بعد السؤال السابق ما معني الوجه؟

جواب: الوجه هو الوجوب و الندب و الكراهة و الحرمة و الاباحة علي احتمال و المراد به ان الفعل الواجب انما كان واجباً لتعلق الامر به و المنع من تركه و كذا باقي الاحكام و معني ذلك ان الشي‏ء انما يصدر و يتقوم في وجوده بعلته التي هي اصله و ذلك الاصل هو الوجه مثاله اذا اخترعت صورة في خيالك ثم نقشتها في شي‏ء كانت الصورة المنقوشة فرعاً و التي في خيالك اصلها و وجوبها من نفسك فالافعال من العباد صورة الثواب و العقاب فبمادة امر الله و صورة امتثالك له كما امر هو الثواب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 188 *»

و بمادة امر اللّه و صورة ترك الامتثال هو العقاب فالامر و النهي هما علة الوجوب و الحرمة الذين هما وجه الواجب و الحرام من الامر و النهي بهذا المعني علي قياس ما قيل في تفسير قوله تعالي كل شي‏ء هالك الاّ وجهه بان ضمير وجهه راجع الي شي‏ء فعلي هذا لو قيل باعتبار الوجه في العمل كان المعني ان العمل الذي هو الصورة يشترط في ايقاعه و صحته ملاحظة انك مأمور به و انت لم‏تؤمر بملاحظة انك مأمور انما امرت بامتثال الامر و هو فعل المأمور به لاملاحظة انك مأمور و لاملاحظة انك ممتثل فان كلا الملاحظتين خارج عن حقيقة الفعل المأمور به فلايحتاج اليهما في صحة الامتثال و من لاحظهما او احدهما لم‏يضر ذلك العمل الاّ انه ربما كان نقصاً في الاخلاص الكامل كما لو قرن بالتقرب الي اللّه تعالي انه مأمور و انه ممتثل و هذا معلوم و قد تحقق في محله و يتفرع علي ما قلنا انه فعل الفعل كما هو في الواقع صح و ان لم‏يؤمر به او ملاحظة مبدء تكليفه به لو لم‏يعلم ذلك كما في قصة الانصاري لما استنجي من الغايط بالماء و لم‏يعلم استحبابه انزل اللّه فيه ان اللّه يحب التوابين و يحب المتطهرين فهذا معني الوجه و هو الوجوب الذي هو اثر الامر نعم من الكمال بالعلم بالوجه قبل العمل لتعلم مايراد منك فتفعل ما امرت به و تترك ما نهيت عنه و تقع فيما لايجوز بغير علم و هذا سابق علي العمل فافهــم.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 189 *»

بـــاب

ان ملاحظة الوجوب او الندب علي القول به هل يكفي ام لابد من التعليل

 

سؤال: سأل الشيخ احمد القطيفي بعد السؤال المذكور و هل ملاحظة الوجوب او الندب علي القول به يكفي ام لابد من التعليل؟

جواب: ملاحظة ذلك كافية عليه عند من اعتبرها لتخلص الفعل عن التبرع و التشريع و ربما اعتبر بعض الاصحاب التعليل و هو عند المحققين منهم عليل و اما عندنا فان استعملها ينبغي ان‏يلحظ انها انيس العمل في طريق القربة الي اللّه تعالي.

 

بـــاب

ان اذن الوالدين في الامور المستحبة جميعاً واجب ام لا

في غير الصوم و الحج و الصلوة و هل هو منهما ام الوالد وحده

 

سؤال: سأل الحاج عباس البهبهاني الاصل المجاور بلد الحسين مولانا الكريم اعلي اللّه مقامه اذن الوالدين في الامور المستحبة جميعاً في غير الصوم و الحج و الصلوة واجب ام لا و هذا الاذن من الوالدين ام مختص بالوالد وحده؟

جواب: لم‏اجد دليلاً في اشتراط اذن الوالدين في الامور المستحبة سوي الثلثة نعم اذا نهياه عن بعضها فلايجوز ان‏يعقهما و اما الاستيذان للمستحبات فلم‏اجد عليه دليلاً و اما الاستيذان في الثلثة المذكورة فمن الوالدين جميعاً.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 190 *»

بـــاب

عبادة الرجل و عليه دين و يتكاسل عن ادائه و هو متمكن

 

سؤال: سئل الشيخ الاوحد اعلي اللّه مقامه كيف عبادة الرجل اذا كان عليه دين و يتكاسل في الاداء و هو متمكن من ذلك؟

جواب: الظاهر صحة صلاته و جميع اعماله البدنية لعدم اجتماع الامر و النهي في شي‏ء واحد لتعلق الامر بجهة غير جهة العبادة و ليست العبادة ضداً عاماً لاداء الدين بل ضد خاص فلاينافيه علي الاصح و الاحتياط لايخفي.

 

بـــاب

حمل افعال المسلمين علي الصحة

 

قــال: مولانا و عمادنا الكريم انار اللّه برهانه في رسالته الي الاقامحمد كريم بن محمد صالح الكرماني اما ما سألت عنه سلمك اللّه و ايدك عن القاعدة المطردة بين الاصحاب من حمل افعال المسلمين علي الصحة هل عليه دليل من كتاب اللّه و سنة نبيه9 فاعلــم علمك اللّه و فقهك في دينه انه قد وردت عدة روايات عن الائمة: في مقامات متعددة من البناء علي صحة افعال المسلمين منها ما روي في اللحم انه يشتري من يد المسلم و من اسواق المسلمين و لايسأل عنه و قال الباقر7 في حديث اشتر الجبن من اسواق المسلمين من ايدي المسلمين و لاتسأل عنه الاّ ان‏يأتيك من يخبرك عنه و عنهم: لابأس باكل الجبن كله ما عمله مسلم و غيره و قال الصادق

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 191 *»

خمسة اشياء يجب علي الناس ان‏يأخذوا فيها بظاهر الحكم الولايات و التناكح و المواريث و الذبايح و الشهادات فاذا كان ظاهره ظاهراً مأموناً جازت شهادته و لايسأل عن باطنه و عن احمد بن محمد بن ابي‏نصر قال سألته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة لايدري أزكية هي ام غير زكية أيصلي فيها فقال نعم ليس عليكم المسئلة ان اباجعفر7 كان يقول ان الخوارج ضيقوا علي انفسهم و ان الدين اوسع من ذلك و عن العبد الصالح7 انه قال لابأس بالصلوة في الفراء اليماني و فيما صنع في ارض الاسلام قيل فان كان فيها غير اهل الاسلام قال اذا كان الغالب عليها المسلمين فلابأس و سئل موسي بن جعفر7 عن رجل اشتري ثوباً من السوق للبس لايدري لمن كان هل تصلح الصلوة فيه قال ان اشتراه من مسلم فليصل فيه و ان اشتراه من نصراني فلايصلي فيه حتي يغسله و سئل الرضا7 عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لايدري أزكي هو ام لا ما تقول في الصلوة فيه و هو لايدري أيصلي فيه قال نعم انما اشتري الخف من السوق و يصنع لي و اصلي فيه و ليس عليكم المسألة و سئل ابوعبداللّه7 عن الحجامة الي ان قال و لايغسل مكانها لان الحجام مؤتمن اذا كان ينظفه و لم‏يكن صبياً صغيراً و قال له رجل اذا رأيت شيئاً في يدي رجل يجوز لي ان اشهد انه له قال نعم قال الرجل اشهد انه في يده و لااشهد انه له فلعله لغيره فقال ابوعبداللّه7أفيحل الشراء منه قال نعم فقال ابوعبداللّه7 فلعله لغيره فمن اين جاز لك ان‏تشتريه و يصير ملكا لك ثم تقول بعد الملك هو لي فتحلف عليه و لايجوز ان‏تنسبه الي من صار ملكه من قبله اليك ثم قال ابوعبداللّه7 لو لم‏يجز

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 192 *»

هذا لم‏يقم للمسلمين سوق الي غير ذلك من الاخبار الواردة في الحكم بملكية ذي‏اليد حتي يتبين خلافه و اخبار جواز التوكيل في النكاح و الطلاق و جميع الامور من غير اشتراط عدالة و فحص و الاستنابات في العبادات و غيرها مما يطول بذكرها البيان فلولا ان فعل المسلم كان يحمل علي الصحة و لاتحتاج الي فحص و اثبات ماكان يصح شي‏ء من ذلك و لم‏يقم معه للاسلام عمود و لم‏يخضر عود و لبلغ بالناس الضيق و الحرج الي تعطيل جميع الامور فجواز الابتناء علي صحة افعال المسلمين و عدم المسئلة مما جرت به الشريعة السمحة السهلة نعم يخرج من ذلك مواضع التهمة التي يحصل الشك و التردد في عمله لتراكم القرائن و الظنون بحيث يظن الخلاف و البطلان او يتردد تردداً يقابل ظنه بالصحة و بذلك ايضاً نطقت اخبار كموثقة عمار قال سألت اباعبداللّه7 عن الرجل من اهل المعرفة بالحق يأتيني بالبختج و يقول طبخ علي الثلث و انا اعلم انه يشربه علي النصف أفاشربه بقوله و هو يشربه علي النصف قال لاتشربه قلت فرجل من غير اهل المعرفة ممن لانعرفه يشربه علي الثلث و لايستحله علي النصف يخبرنا ان عنده بختجا و قد ذهب ثلثاه و بقي ثلثه نشرب منه قال نعم و رواية علي بن جعفر عن اخيه7 قال سألته عن الرجل يصلي الي القبلة لايوثق به اتي بشراب زعم انه علي الثلث أيحل شربه قال لايصدق الاّ ان‏يكون مسلماً عارفاً و موثقة عمار بن موسي عن الصادق7 انه سئل عن الرجل يأتي بالشراب فيقول هذا مطبوخ علي الثلث فقال ان كان مسلماً او ورعاً مأموناً فلابأس ان‏تشرب و رواية ابي‏بصير عنه7 قال كان علي بن الحسين7 رجلاً صرداً فلايدفيه فراء الحجاز لان دباغها بالقرط فكان يبعث الي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 193 *»

العراق فيؤتي مما قبلكم بالفرو فيلبسه فاذا حضرت الصلوة القاه و القي القميص الذي يليه و كان يسئل عن ذلك فيقول ان اهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة فيزعمون ان دباغه زكوته و عن عبدالرحمن بن الحجاج قال قلت لابي‏عبداللّه7 اني ادخل سوق المسلمين اعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فاشتري منهم الفراء للتجارة فاقول لصاحبها أليس هي زكية فيقول بلي فيصلح لي ان‏ابيعها علي انها زكية فقال لا ولكن لابأس ان‏تبيعها و تقول قد شرط الذي اشتريته منه انها زكية قلت و ماافسد ذلك قال استحلال اهل العراق الميتة و زعموا ان دباغ جلد الميتة زكوتها ثم لم‏يرضوا ان‏يكذبوا في ذلك الاّ علي رسول اللّه9.

اقــول هذه الاخبار في مواضع التهمة بحيث يصير للرجل مشتبهاً و مثلها ما قال7 اذا كان الرجل مسلماً فنسي ان‏يسمي يعني علي الذبيحة فلابأس بأكله اذا لم‏تتهمه و سئل عن الرجل يذبح فينسي ان‏يسمي أتؤكل ذبيحته فقال نعم اذا كان لايتهم الخبر الي غير ذلك من الاخبار و مع‏ذلك حملنا الاجتناب علي الاستحباب لقول الباقر7 كلما فيه حلال و حرام فهو لك حلال حتي تعرف الحرام بعينه فتدعه و سأله رجل عن الجبن و قال اخبرني من رأي انه يجعل فيه الميتة فقال أ من اجل مكان واحد يجعل فيه الميتة حرم في جميع الارض اذا علمت انه ميتة فلاتأكله و ان لم‏تعلم فاشتر و بع و كل واللّه اني لاعترض السوق فاشتري بها اللحم و السمن و الجبن واللّه مااظن كلهم يسمون هذه البربر و هذه السودان و قال كل شي‏ء لك حلال حتي يجيئك شاهدان يشهدان ان فيه ميتة اقــول و بالجملة الدين الحنيف اوسع من ذلك فيحمل جميع افعال المسلمين علي الصحة حتي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 194 *»

يحصل العلم بان هذا الفعل المخصوص باطل او يشهد شاهدان عدلان ببطلان العمل و يأتي في كتاب الشهادات ايضاً ما يدل علي هذا الباب.

 

بـــاب

انه هل يجب اجراء الصيغ الخاصة بالعربية

و هكذا ساير القيود المذكورة في كلمات بعض الفقهاء ام لا

في المعاملات و الايقاعات و هل يجوز الوكالة من الطرفين لواحد ام لا

 

سؤال: سأل الحاج ملاحسن المراغي سيدنا و عمادنا الكريم انار اللّه برهانه فالملتمس و المسئول من ذلك الجناب المأمول ان امكن ارسال رسالة عربية مزينة بالتصحيح بالخط الشريف و الخاتم المنيف لنكون في العلم ابت و في العمل اثبت مع بيان انه يجب في العقود كلها او بعضها الاجراء بالعربية ام يجوز بغيرها مطلقاً او مع التفصيل و علي الاول بيان صيغ العقود المتداولة و شرائطها الشايعة من البيع و الصلح و النكاح و الطلاق و هل يجوز الوكالة من الطرفين ام لابد لكل من الموجب و القابل من انفسها حتي يصح العقد؟

جواب: و لاقوة الاّ باللّه اعلم ان اللّه سبحانه خلق هذا الخلق و هو المالك لما ملكهم و المتسلط علي ما سلطهم عليه فهم مالكون مسلطون لما في ايديهم و علي ما هو تحت تصرفهم بتمليك اللّه سبحانه و علي نحو ما ملكهم كما ملكهم و يسلب عنهم تملكهم لما ملكهم متي شاء و اراد كما روي عن ابي‏الحسن الرضا7 لايحل مال الاّ من وجه احله اللّه انتهي فليس لاحد ان‏يتصرف في شي‏ء من هذا الخلق الاّ علي النحو المأذون

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 195 *»

فيه فانه هو المالك لما ملكهم قبل ان‏يملكهم و حين تملكهم و بعد زوال ملكهم فلايحل لهم التصرف بوجه من الوجوه في شي‏ء من الاشياء الاّ بوجه اذن اللّه به و يظهر اذنه سبحانه في انواع التصرفات في الاشياء في كتابه المنزل لارشاد خلقه و في سنة نبيه و آله صلوات اللّه عليه و آله فانهم سلام اللّه عليهم السنة اللّه الناطقة و تراجمة وحيه الكاملة بهم يفصح اللّه من كوامن سره و بهم يعبر عن بواطن امره و كذلك ينبغي ان‏يعلم ان اللّه سبحانه لايمنع امره مانع و لايدفع قدرته دافع يفعل ما يشاء بقدرته و يحكم مايريد بعزته فلما تعلقت حكمته باظهار شرائع دينه ابداء طرايق احكامه لايصده عنه صادّ و لايرده عنه رادّ فلله الحجة البالغة علي ما احب و اراد و ليس يمكن في العقول المسددة ان‏ينزل ديناً ناقصاً فيستعين بخلقه علي اتمامه و اكماله او يجعلهم شركاء مع نفسه في التشريع فيكون الواجب عليهم التصرف في دينه و يكون الواجب عليه القبول بل هو المتفرد في ابلاغ الحجة و ايضاح المحجة فابلغ و اوضح حتي قال اليوم اكملت لكم دينكم و اتممت عليكم نعمتي و رضيت لكم الاسلام دينا فبين و شرح و ابلغ و اوضح جميع ما ينبغي للعباد العمل به و ليس لاحد ان‏ينقص عما شرع و لا ان‏يزيد فيما وضع فلم‏يأمر بما امر شططا و لم‏يمسك عما امسك نسيانا بل بين ما يجب بيانه و اخفي ما يجب اخفاؤه و لذا قال علي7 قال رسول اللّه9 ان اللّه تعالي حد لكم حدوداً فلاتعتدوها و فرض عليكم فرائض فلاتضيعوها و سن لكم سننا فاتبعوها و حرم عليكم حرمات فلاتنتهكوها و عفا لكم عن اشياء رحمة من غير نسيان فلاتتكلفوها و قال7 ابهموا ما ابهمه اللّه و قال الصادق7 ان اللّه يحتج علي العباد بما آتيهم و عرفهم ثم ارسل اليهم

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 196 *»

رسولاً و انزل عليهم الكتاب فامر فيه و نهي و قال ماحجب اللّه علمه عن العباد فهو موضوع عنهم انتهي فهذا الذي ذكرت لك اصل لو ضربت آباط المرقلات لم‏تصب مثله فاذا عرفت ذلك و تبينت ما هنالك فاعلم اصلاً آخر و هو ايضاً من الاصول المهمة ان جميع الكتاب و السنة لايتجاوز عن اقسام فاما يكون تأويلهما في تنزيلهما او يكون تأويلهما مع تنزيلهما او يكون تأويلهما قبل تنزيلهما او يكون تأويلهما بعد تنزيلهما اما ما كان تأويله في تنزيله فقد اشار اليه سبحانه ماارسلنا من رسول الاّ بلسان قومه ليبين لهم كآيات نزلت و اخبار صدرت بالفاظ كانت مصطلحة معروفة عند الناس يعرفونها و يتداولونها بينهم من غير تأمل و لااشكال في معناها فحين ما نزلت او صدرت عرف الناس معناها و لم‏يحتاجوا ان‏يسألوا النبي9 عن معناها و ذلك كاكثر الفاظ الكتاب و السنة مثلاً اذا نزل احل اللّه البيع و حرم الربوا لم‏يكونوا محتاجين ان‏يسألوا ما البيع و ما الربوا فانهم كانوا يعرفون معني البيع و معني الربوا و ان حد بعد ذلك النبي حدوداً في البيع و في الربوا و كذلك اذا نزل و انكحوا الايامي منكم لم‏يحتاجوا ان‏يسألوا ما معني النكاح فان الكتاب نزل بالعربية و هم العرب يعرفون معاني الالفاظ كما يعرف اهل كل لغة لسانهم و لغتهم و اما ما كان تأويله مع تنزيله و قد اشار اليه سبحانه لتبين للناس ما نزل اليهم فكقوله سبحانه اقيموا الصلوة و آتوا الزكوة فانهم كانوا محتاجين الي معرفة الصلوة و فسر لهم النبي9 معني الصلوة و الزكوة و كذا الوضوء و الغسل و غير ذلك من شرائعه و هم جاهلون بمعناها و كان المعروف من هذه الالفاظ بينهم غير مراد اللّه و مراد رسوله9 و اما ما كان تأويله قبل تنزيله كامور

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 197 *»

حدثت في عصر النبي9 و لما ينزل عليه فيه شي‏ء فلم‏يبين لهم حكماً الي ان نزل عليه حكمه فكان تأويل ذلك الحكم واقعاً قبل التنزيل و اما ما كان تأويله بعد تنزيله و قد اشار اللّه اليه في قوله بل كذبوا بما لم‏يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله فكما صدر في اخبار الرجعة و القيامة و الملاحم الاتية في آخر الزمان فما كانوا يعرفونها قبل و ما فسر لهم حين نزول الاية و صدور الخبر و لمايأتهم تأويله و يدل علي جملة ذلك ما رواه في البحار نقلاً من كتاب النعماني بسنده عن اسمعيل بن جابر عن ابي‏عبداللّه7 في صنوف آيات القرآن في حديث طويل قال7 و اما ما في كتابه تعالي في معني التنزيل و التأويل فمنه ما تأويله في تنزيله و منه ما تأويله قبل تنزيله و منه ما تأويله مع تنزيله و منه ما تأويله بعد تنزيله فاما الذي تأويله في تنزيله فهو كل آية محكمة نزلت في تحريم من الامور المتعارفة التي كانت في ايام العرب تأويلها في تنزيلها فليس يحتاج فيها الي تفسير اكثر من تأويلها و ذلك مثل قوله حرمت عليكم امهاتكم الاية و قوله انما حرم عليكم الميتة الاية و قوله تعالي ياايها الذين آمنوا اتقوا اللّه و ذروا ما بقي من الربوا الي قوله و احل اللّه البيع و حرم الربوا و ذكر آيا كثيرة الي ان قال و مثل هذا كثير في كتاب اللّه و اما الذي تأويله قبل تنزيله فمثل قوله تعالي في الامور التي حدثت في عصر رسول اللّه9 مما لم‏يكن انزل اللّه فيها حكماً مشروحاً و لم‏يكن عند النبي فيها شي‏ء و لاعرف ما وجب فيها ثم عدّ آيا نازلة في يهود بني‏القريظة و النضير و آية المظاهرة و آية اللعان و آية ياايها الذين آمنوا لاتحرموا طيبات ما احل اللّه لكم الاية و قد نزلت في عثمن بن مظعون و سلمان و تمام العشرة من المهاجرين و عد آيا آخر الي ان قال

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 198 *»

فكلما كان من هذا و شبهه في كتاب اللّه تعالي فهو مما تأويله قبل تنزيله و مثله في القرآن كثيرة في مواضع شتي و اما ما تأويله بعد تنزيله فهي الامور التي اخبر اللّه عزوجل رسوله9 انها ستكون بعده مثل ما اخبر به من امور القاسطين و المارقين و الخوارج و قتل عمار جري ذلك المجري و اخبار الساعة و الرجعة و صفات القيامة و مثل قوله هل ينظرون الاّ تأويله الاية و عد آيا كثيرة الي ان قال فهذه و اشباهها نزلت قبل تأويلها و كل ذلك تأويله بعد تنزيله و اما ما تأويله مع تنزيله فقوله تعالي ياايها الذين آمنوا اتقوا اللّه و كونوا مع الصادقين فيحتاج من سمع هذا التنزيل من رسول اللّه ان‏يعرف هؤلاء الصادقين الذين امروا بالكينونة معهم و يجب علي الرسول ان‏يدل عليهم و يجب علي الامة حينئذ امتثال الامر و مثله قوله اطيعوا اللّه و اطيعوا الرسول و اولي الامر منكم و عد آيا كثيرة كقوله تعالي اقيموا الصلوة و آتوا الزكوة الي ان قال و اما ما انزل اللّه تعالي في كتابه مما تأويله حكاية في نفس تنزيله و شرح معناه فمن ذلك قصة اهل الكهف الخبر فاذا عرفت ذلك في القرآن فكذلك كان امر السنة فان جميع ذلك صدر عن النبي9 في سنته فتبين و ظهر ان البيوع و المداينات و الاجارات و المزارعات و الوكالات و المناكحات كانت قبل نزول الكتاب و ظهور السنة و كانت الفاظها معروفة مشهورة يعرفها كل من سمعها و يعرف معناها و مواردها و لم‏يكن مما يجب علي النبي9 شرحه و بيانه الاّ علي سبيل التحليل و التحريم كما قال حرمت عليكم امهاتكم و بناتكم الاية و قال احل اللّه البيع و حرم الربوا و قال الاّ ان‏تكون تجارة عن تراض منكم و اذا صدر هذه الاوامر و النواهي عن النبي9 عرفها العرب

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 199 *»

و لم‏يكونوا محتاجين الي السؤال عن معناها بخلاف ساير ما وضع في شرعه في التكاليف كالصلوة و الصيام و الحج و غير ذلك من ولاية قوم و البراءة من الاخرين فاحتاجوا ان‏يتبينوا معناها و يسألوا عن تأويلها حتي يعرفوا فالامور التي كانت قبل ظهور الشرع معروفة مشهورة شائعة فلم‏يخل اما غير النبي9 شيئاً منها عما كان عليه او لم‏يغير بل قرره و عمل به او لم‏يعمل فما غيره منها فزاد فيه او نقص فهو المتبع الذي ليس عنه محيص و ما لم‏يغيره بل قرره و وضعه علي ما كان عليه فيجب العمل به علي ما كان و ما لم‏يقرره و لم‏يعمل به مع اختلاف اهواء الناس فيه فهو مما ابهمه فيجب ابهامه كما قال اميرالمؤمنين7 ابهموا ما ابهمه اللّه تعالي و قال و سكت عن اشياء رحمة من غير نسيان فلاتتكلفوا فيرجع ذلك الي الاباحة الاصلية كما قال الصادق7 كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نصّ و قال7 الاشياء مطلقة ما لم‏يرد عليك امر او نهي و قال7 كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نهي فلاتكليف هنالك الاّ ببيان و لاحجة الاّ ببرهان فاذا عرفت هذه المقدمات السديدات و البيانات الشافيات فاعلــم ان البيع و الشركة و المضاربة و الاجارة و الوكالة و النكاح و امثال ذلك كانت دائمة قبل و بعد و نزل في احكامها الايات و صدر في بيانها الروايات و لم‏يأمرونا باجراء صيغة خاصة او عقد خاص و لم‏يوجبوا فيها هذه التكلفات العنيفات من الايجابات و القبولات و الاقترانات و هذه المشقات و التشكيكات و الوسواس و كونها عربية او عجمية ابداً و لم‏يروه راو و لم‏ينقله ناقل و انما العامة شددوا علي انفسهم و تبعهم قوم منا و انت تعلم ان الدين اوسع من ذلك فاجر علي الفطرة رحمك اللّه و لاتضيق علي نفسك حتي لايضيق

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 200 *»

اللّه عليك فقد روي ان الخوارج ضيقوا علي انفسهم و ان الدين اوسع من ذلك هذا مجمل القول في ذلك و ان شئت تفصيل ذلك علي طريقة اصحابنا المجتهدين رضوان اللّه عليهم فاعلم ان العلماء اختلفوا في ذلك فقيل المشهور بل كاد ان‏يكون اجماعاً هو اشتراط الصيغة الخاصة في عقد البيع كغيره من العقود فلايكفي التقابض من غير تلك الصيغة و ان حصل من الالفاظ و الامارات ما يدل علي البيع سواءاً كان في الخطير او في الحقير و عن الشرائع لاينعقد الاّ بلفظ الماضي فلو قال اشتر او ابتع او ابيعك لم‏يصح و ان حصل القبول و كذا في طرف القبول مثل ان‌يقول بعني او تبيعني لان ذلك اشبه بالاستدعاء او بالاستعلام و هل يشترط تقديم الايجاب علي القبول ام لا فيه تردد و الاشبه عدم الاشتراط و عن الدروس فالايجاب بعت و شريت و ملكت و القبول ابتعت و اشتريت و تملكت و قبلت بصيغة الماضي فلايقع الامر و المستقبل و لاترتيب بين الايجاب و القبول علي الاقرب وفاقاً للقاضي الي ان قال و لايكفي المعاطاة و ان كانت في المحقرات نعم يباح التصرف في وجوه الانتفاعات و يلزم بذهاب احد العينين و يظهر عن المفيد الاكتفاء بها مطلقاً و هو متروك انتهي و علي هذا النهج ما يروي عن العلامة و غيره مجملاً المشهور بينهم انه لابد من لفظ دال علي الايجاب و آخر علي القبول و ان‏يكون بلفظ الماضي و منهم من اوجب مع ذلك قصد الانشاء و منهم من اوجب مع‏ذلك فورية القبول و انه لايضر الفصل بنفس او سعال و نحوهما و منهم من اوجب وقوع الايجاب و القبول بالعربية الاّ مع المشقة الي غير ذلك من الشروط المتخرجة التي ليس في الاخبار لها اثر و عن الشهيد الثاني في شرح قول المصنف و لايكفي التقابض قال هذا هو المشهور بين

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 201 *»

الاصحاب بل كاد ان‏يكون اجماعاً غير ان ظاهر كلام المفيد يدل علي الاكتفاء في تحقيق البيع بما يدل علي الرضا من المتعاقدين اذا عرفاه و تقابضا و قد كان بعض مشايخنا المعاصرين يذهب الي ذلك ايضاً ولكن يشترط في الدال كونه لفظاً و اطلاق كلام المفيد اعم منه و النصوص المطلقة من الكتاب و السنة الدالة علي حل البيع و انعقاده من غير تقييد بصيغ خاصة تدل علي ذلك فانا لم‏نقف علي دليل صريح في اعتبار لفظ معين غير ان الوقوف مع المشهور هو الاجود مع اعتضاده بالاصل كبقاء ملك كل واحد لعرضه الي ان يعلم الناقل و قال العلامة في آخر البحث بعد ان نقل عن متأخري الشافعية و جميع المالكية انعقاد البيع بكل ما دل علي التراضي و عده الناس بيعا ما صورته و هو قريب من قول المفيد و شيخنا المتقدم فما احسنه و اتقن دليله ان لم‏ينعقد الاجماع علي خلافه انتهي و قال الشيخ يوسف و الي هذا القول مال جملة من محققي متأخري المتأخرين و به جزم المحقق الاردبيلي في شرح القواعد و اطال في نصرته و الاستدلال عليه و به جزم المحقق القاشاني في المفاتيح و الفاضل الخراساني في الكفاية و اليه يميل والدي و الشيخ عبداللّه بن صالح البحراني و نقلاه ايضاً عن شيخهما العلامة سليمان البحراني و هو الظاهر عندي من الاخبار المعتبرة انتهي اقــول الحق في المسألة ان القائلين بلزوم الالفاظ الخاصة و الشروط المعينة وقعوا في جانب التفريط في المسألة و القائلين بالاكتفاء بمحض التراضي القلبي و القرائن الفعلية وقعوا في جانب الافراط و الحق بينهما كما ذهب اليه بعض محققي اصحابنا و هو انه لابد من صدور لفظ من الطرفين و كلام في البين يدل علي رضاء الجانبين لما روي عن الصادق7 انما يحلل

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 202 *»

الكلام و يحرم الكلام هـ . و ذلك لان الكلام تعبير عما في الضمير به يفصح الانسان عن ضميره و هو جسد الضمير و الضمير روحه فاذا طابق الظاهر و الباطن معا صار منشأ الاثر و اثر في الخارج فلاجل ذلك حصر7 التحليل و التحريم في الكلام و ان قلت ان الافعال ايضاً دالة علي الضمير و كاشفة عنه و بهذا الاعتبار هي ايضاً بمنزلة الجسد للضمير قلت نعم هو كذلك في الواقع الا ان الاجساد قوالب صالحة لكل ضمير مناسب لها و ليست صريحة في الدلالة علي الضمائر مثلاً اذا وضعت رداءاً عند احد هذا الفعل صالح لان‏يكون معناه انظر فيها او ارفعها او اطوها او احفظها او البسها او هي لك و غير ذلك بخلاف الالفاظ فان انظر فيها لايحتمل معني احفظها و اطوها لايحتمل معني البسها فلاجل ذلك ليست الافعال صريحة علي الضمائر فلايجوز الاكتفاء بها في العالم الذي مداره علي ما يدل بتة علي الضمائر فلاجل ذلك حصر الامام7 التحليل و التحريم بالكلام و هل هذا الكلام الفاظ مخصوصة علي وضع مخصوص و شروط مخصوصة فلم‏نجد في الاخبار ما يدل علي شي‏ء منها ابداً فتعيين شي‏ء مخصوص ايجاب ما لم‏يوجبه اللّه سبحانه و تكلم في شي‏ء سكت اللّه سبحانه عنه و ابهمه و قد روينا ان الاشياء مطلقة ما لم‏يرد عليك امر او نهي فخصوصية الالفاظ علي اطلاقها و يجزي منها كل ما يدل علي الضمير و يعينه باي نحو اتفق و باي لفظ كان و باي لغة كان فانها مطلقة نصا من الشارع و العجب من الشهيد الثاني; حيث يقول انا لم‌نقف علي دليل صريح في اعتبار لفظ معين غير ان الوقوف مع المشهور هو الاجود مع اعتضاده بالاصل كبقاء ملك كل واحد لعرضه الي ان‏يعلم الناقل انتهي ماادري ما هذه الجودة و اي جودة له اذا سكت اللّه عنه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 203 *»

و ابهمه و قال الصادق7 كل شي‏ء لك مطلق حتي يرد فيه نص و ان اللّه سبحانه سكت عنه رحمة و نهينا عن تكلم ما سكت عنه و قد قرروا في جميع الاعصار الناس علي ذلك و لو وقع منهم نكير لوصل الينا لكثرة الدواعي اليه و احتياج الناس اليه في كل بلد و في كل سوق بل في كل بيت في كل زمن و لو كان مدار الناس علي هذه الصيغ المتخرجة و الشروط المتكلفة و كان ذلك من جملة ضروريات مذهب الاسلام و قد قرروا الناس علي تلك الضرورة لعرفنا ضروريته و عرف العلماء ذلك و لما وقع الخلاف فيه و لما خالف الضرورة سلف علمائنا لاسيما مثل السند السديد الشيخ المفيد فاذا لم‏تكن هذه التخريجات ضرورية و نشأ الناس علي الفطرة حتي ان جميع معاملات المسلمين في جميع البلاد علي تلك الفطرة و ليس يعمل احد في الاسواق و الخانات و محال المعاملات بشي‏ء من تلك التخريجات و عليه العمل في جميع البلدان و الاعصار و قد قررهم الامام7 علي ذلك فاي جودة لاتباع المشهور مع خلو الاخبار رأسا عن هذه القيود و ان قيل قد ورد الامر بالاخذ بالمشهور فاقــول بعد تسليم عموم اللفظ و سرايته و شموله علي كل مشهور انه ليس علي اطلاقه بل بعد فقد الدليل علي قوة النادر اذ رب مشهور و لااصل له و ليس كل مشهور حقاً و قد ذم اللّه في كثير من الايات الكثرة و مدح القلة و ورد اخبار كثيرة في مدح القليل و ذم الكثير و قد علم اولوا الالباب ان الجماعة و العصبة هم اهل الحق و ان قلوا و قد عرفت ان الاخبار الواردة في تلك الموارد كلها الفاظ مرسلة و تأويلها في تنزيلها و من ورائها المعلوم من سيرة الناس قديماً و حديثاً و عدم تعرض الحجج لهم و تقريرهم علي ذلك و عدم تعليمهم اياهم شيئاً آخر و عليهم الهداية و البيان هذا و كثير من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 204 *»

الاخبار ينادي صريحاً بخلاف هذه القواعد المتخرجة و انا اسرد لك بعضها لكي تعتبر بها واللّه الموفق للصواب فعن علي7 كل طلاق بكل لسان فهو طلاق و عن مسعدة بن صدقة قال سمعت جعفر بن محمد7 يقول انك قد تري من المحرم من العجم لايراد منه مايراد من العالم الفصيح و كذلك الاخرس في قراءة القرآن في الصلوة و التشهد و مااشبه ذلك فهذا بمنزلة العجم و المحرم و لايراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح و لو ذهب العالم المتكلم الفصيح حتي يدع ما قد علم انه يلزمه و يعمل به و ينبغي له ان‏يقوم به حتي يكون ذلك منه بالنبطية و الفارسية فحيل بينه و بين ذلك بالادب حتي يعود الي ما قد علمه و عقله قال و لو ذهب من لم‏يكن في مثل حال الاعجم المحرم ففعل فعال الاعجم و الاخرس علي ما قد وصفنا اذا لم‏يكن احد فاعلاً بشي‏ء من الخير و لايعرف الجاهل من العالم و في القاموس محرم كمعظم من الابل الذلول الوسط الصعب التصرف حين تصرفه فلعله7 شبه الذي يصعب عليه التصرف في الكلام بالذلول الذي يصعب عليه التصرف و هو محرم حرم الكلام و الاعجم قال الاعجم من لايفصح كالاعجمي و الاخرس و استعجم سكت بالجملــة هذا الخبر يدل علي جواز العقود بغير العربية لمن لم‏يعلم بعمومه و عن محمد بن مسلم عن الباقر7 قال جاءت امرأة الي النبي9 فقالت زوجني فقال من لهذه فقام رجل فقال انا يا رسول اللّه زوجنيها فقال ما تعطيها قال ما لي شي‏ء فقال لا قال فاعادت فاعاد رسول اللّه9 الكلام فلم‏يقم غير الرجل ثم اعادت فقال رسول اللّه9 في المرة الثالثة أ تحسن من القرآن شيئاً قال نعم قال قد زوجتكها علي ما تحسنه من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 205 *»

القرآن فعلمها اياه و تري مخالفة هذه الرواية لقواعدهم من وقوع القبول قبل الايجاب و بلفظ الامر و عدم ذكر قبول بعد الايجاب و هو مع ذلك عقد و عن عبدالرحمن بن الحجاج قال سألته عن الرجل يأتي بالدراهم الي الصيرفي فيقول له آخذ منك المأة بمأة و عشرة او ثمانية او خمسة حتي يراضيه علي الذي يريد فاذا فرغ جعل مكان الدراهم الزيادة ديناراً او ذهباً ثم قال له قد راودتك البيع و انما ابايعك علي هذا لان الاول لايصلح او لم‏يقل ذلك و جعل ذهباً مكان الدراهم فقال ان كان اجري البيع علي الحلال فلابأس بذلك و هو كما تري من كيفية وقوع البيع و عن الحلبي عن الصادق7 قال قدم لابي متاع من مصر فصنع طعاماً و دعا له التجار فقالوا له نأخذ منك بده دوازده فقال لهم ابي و كم يكون ذلك فقالوا في العشرة آلاف الفان فقال لهم ابيعكم هذا المتاع باثني‏عشر الف درهم فباعهم مساومة و الظاهر انه هو بيان الواقعة و البيع و ان القبول فيه مقدم و الايجاب بلفظ المضارع و عن زرارة عن الصادق7 في زرع يبيع و هو حشيش لم‏يسنبل قال لابأس اذا قال ابتاع منك ما يخرج من هذا الزرع فاذا اشتراه و هو حشيش فان شاء اعفاه و ان شاء تربص به و الظاهر ان صيغة البيع هو ما علمهم عن لسان المشتري و رضاء البائع و عن اسحق بن عمار قال قلت للصادق7 يكون للرجل عندي الدراهم الوضح فيلقاني فيقول كيف سعر الوضح اليوم فاقول كذا و كذا فيقول أليس عندك كذا و كذا الف درهماً وضحاً فاقول نعم فيقول حولها الي دنانير بهذا السعر و اثبتها لي عندك فماتري في هذا فقال اذا كنت قد استقصيت له السعر يومئذ فلابأس بذلك فقلت اني لم‏اوازنه و لم‏اناقده انما كان كلاماً مني و منه فقال أليس الدراهم من

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 206 *»

عندك و الدنانير من عندك فقلت بلي قال لابأس هـ . انظر في صيغة بيعهما انها محض قوله حولها الي دنانير بهذا السعر و اثبتها لي عندك و لم‏يلتفت الامام7 الي الصيغة لعدم الاعتناء اليها و انما قال اذا كنت قد استقصيت الخبر و في خطبة الجواد7 حين خطب ابنة المأمون قال فهل زوجتني يا اميرالمؤمنين علي هذا الصداق المذكور قال نعم قد زوجتك يا اباجعفر ابنتي علي الصداق المذكور فهل قبلت قال ابوجعفر7 قبلت ذلك و رضيت به انظر في الفصل الذي بين الايجاب و القبول و يمنعه المانعون بلادليل و في رواية ابان بن تغلب قال قلت للصادق7 كيف اقول لها اذا خلوت بها قال تقول اتزوجك متعة علي كتاب اللّه و سنة نبيه لاوارثة و لاموروثة كذا و كذا يوماً و ان شئت كذا و كذا سنة بكذا و كذا درهماً و تسمي من الاجر ما تراضيتما عليه قليلاً كان او كثيراً فاذا قالت نعم فقد رضيت فهي امرأتك و بهذا المضمون اخبار عديدة انظر كيف اكتفي ببيان الزوج عن قبوله بعد ايجاب المرأة و اكتفي عن ايجابها بقولها نعم و نبه فيه ان المراد مايدل علي رضاها حيث قال فاذا قالت نعم قد رضيت فهي امرأتك و عن محمد بن مسلم عن احدهما8 انه قال في رجلين كان لكل واحد منهما طعاماً عند صاحبه لايدري كل واحد منهما كم له عند صاحبه فقال كل واحد منهما لك ما عندك و لي ما عندي قال لابأس اذا تراضيا و طابت انفسها هـ . فهذا صيغة الصلح الي غير ذلك و ان من مجموع هذه الاخبار و غيرها يعلم انه لم‏يكن يومئذ صيغة خاصة بل لم‏يكن توهمها و لو كان لوقع السؤال عنها و البحث فيها و لأشاروا اليها اقلاً و الذي يتلجلج في صدري انها من مخترعات العامة العمياء و لم‏يكن

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 207 *»

ذلك في شرع اهل الحق ابداً و المراد من لزوم العقود ان‏يكون المؤمن عند كلامه و لايتخلف عنه و قد قال سبحانه لم تقولون ما لاتفعلون كبر مقتاً عند اللّه ان‏تقولوا ما لاتفعلون و روي المؤمنون عند شروطهم و الشرط في السلف لم‏يكن علي هذا الاصطلاح المعروف بين الفقهاء و انما المراد بالشرط ما الزمه الانسان علي نفسه او علي غيره فعلي ذلك نفس البيع و الشراء و تعيين الثمن كلها شرط و قرار و المؤمن عند شرطه و ما الزمه علي نفسه لايتجاوزه كما روي في الحيوان كله شرط ثلثة ايام للمشتري و هو بالخيار ان شرط او لم‏يشترط و سئل عن الشرط في الحيوان قال ثلاثة ايام للمشتري و قال فان احدث المشتري فيما اشتري حدثاً قبل الثلاثة الايام فذلك رضا منه فلاشرط له الخبر و اطلق الشرط هيهنا علي الخيار اللازم الثابت و سئل7 عن رجل اشتري طعاماً كل كرّ بشي‏ء معلوم فارتفع الطعام او نقص و قد اكتال بعضه فقال ان كان يوماً اشتراه ساعره علي انه له فله ما بقي و ان كان انما اشتراه و لم‏يشترط ذلك فان له بقدر ما نقد فالشرط في هذا الخبر بمعني الشراء لنفسه لاشرط آخر و كتب رجل الي العسكري7 رجل استأجر اجيراً يعمل له بناءاً او غيره و جعل يعطيه طعاماً و قطناً و غير ذلك ثم تغير الطعام و القطن من سعره أيحسب له بسعر يوم اعطاه او بسعر يوم حاسبه فوقع7 يحسب له بسعر يوم شارطه فيه و الشرط في هذا الخبر بمعني اعطائه اياه من باب الاجرة كما يدل عليه خبر آخر و سئل ابوالحسن7 عن رجل اشتري متاعاً بالف درهم او نحو ذلك و لم‏يسم الدراهم وضحا و لاغير ذلك قال ان شرط عليك فله شرطه و الاّ فله دراهم الناس التي يجوز بينهم و سئل ايضاً ان السلطان يشترون منا القرب و الاداري

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 208 *»

فيوكلون الوكيل حتي يستوفيه منا فنرشوه حتي لايظلمنا فقال لابأس ماتصلح به ما لك ثم قال اذا انت رشوته يأخذ اقل من الشرط قيل نعم قال فسدت رشوتك و قد استعمل هنا بمعني تعيين الثمن و المثمن فاذا عرفت ان الشرط هو الزام الشي‏ء او التزامه سواءاً كان في بيع او غيره و سمعت ان المسلمين عند شروطهم اي عند ما الزموه او التزموه و انه لم‏يرد خبر قوي و لاضعيف في خصوصية لفظ دون لفظ فهو مطلق باي لفظ كان و اي نحو كان و انما يحل الكلام و يحرم الكلام و اما ما روي في النذر عن ابي‏عبداللّه7 اذا قال الرجل علي المشي الي بيت اللّه و هو محرم بحجة او يقول علي هدي كذا و كذا فليس بشي‏ء حتي يقول للّه علي المشي الي بيته او يقول للّه علي ان‏احرم بحجة او يقول للّه علي هدي كذا و كذا ان لم‏افعل كذا و كذا فالظاهر من هذا الخبر انه صدر كذا من جهة انهم كانوا يتكلمون بالعربية للعرب لا من جهة خصوصية في العرب و هذا الاحتمال احتمال قوي و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال بالجملــة لم‏اجد دليلاً واضحاً و لا غير واضح علي وجوب العربية في الصيغ و علي وجوب كيفية خاصة و كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه نص و في هذه الرواية دلالة تنبيه علي جميع الاحكام الشرعية و ان كان موردها خاصاً و هي انه قد ذكر عند عمر حلي الكعبة و كثرته فقال قوم لو اخذته فجهزت به جيوش المسلمين كان اعظم للاجر و ماتصنع الكعبة بالحلي فهم عمر بذلك و سأل اميرالمؤمنين7 فقال ان القرآن انزل علي رسول اللّه9 و الاموال اربعة اموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرايض و الفيء فقسمه علي مستحقيه و الخمس فوضعه اللّه حيث وضعه و الصدقات فجعلها اللّه حيث جعلها فكان حلي الكعبة فيها يومئذ فتركه اللّه علي حاله و لم‏يتركه نسياناً و لم‏يخف عليه مكاناً فاقرّه حيث اقرّه اللّه

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 209 *»

و رسوله فقال عمر لولاك لافتضحنا و ترك الحلي بحاله و في هذا الخبر دلالة تنبيه علي جميع ما ترك في الشرع كما مرّ عموماً عن اميرالمؤمنين7 في صدر الجواب و قد جاء النبي9 و للناس نواميس و عادات و عبادات و معاملات فغير منها ما اراد و شاء و سكت عما شاء لانسياناً بل توسعة و رحمة فابهموا ما ابهمه اللّه و اسكتوا عما سكت اللّه و مما سكت عنه خصوصية العقود في المعاملات و لو كان منه وضع خاص لنقل متواتراً و لااقل من الاحاد و اذ ليس فليس فافهم راشداً موفقاً نعم في المعاملات و الايقاعات حلال و حرام و شروط قد جرت بها الاخبار و رويت فيها الاثار و قد تصدي فقهاؤنا رضوان اللّه عليهم لتبويبها و تفصيلها و ذكر حدودها و اما جواز الوكالة نعم يجوز الوكالة في جميع العقود ايجاباً و قبولاً الاّ بعض ما استثني  و هو مذكور في محله من كتب الفقه و الدليل علي ذلك قول الصادق7 من وكّل رجلاً علي امضاء امر من الامور فالوكالة باقية ابداً حتي يعلمه بالخروج منها كما اعلمه بالدخول فيها بالجملــة الضابط في الوكالة عند بعض فقهائنا ان كلما لم‏يتعلق غرض الشارع بصدوره عن نفس المكلف فالوكالة فيه جايزة و ما اراد صدوره عن نفس المكلف لتزكيتها فلايمكن الوكالة فيها و هذا امر تقريبي و لامجال لي في استقصاء جميع حدود المسألة فانه يقتضي تسطير جميع ابواب الفقه مشروحا.([15])

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 210 *»

بـــاب

هل يكفي في جميع العقود حتي في النكاح اجراء الصيغة بالفارسية ام لا

 

سؤال: و سأل الحاج محمد صادق الكرماني ساكن اصفهان مولانا الكريم اعلي اللّه مقامه در جميع عقود حتي نكاح فارسي كفايت مي‏كند يا در نكاح عربي و در ساير فارسي كفايت مي‏كند؟

جواب: عقود لفظ مخصوصي ندارد و به زبان مخصوصي نيست غرض آن است كه لفظي در ميان آيد كه دلالت بر رضاي طرفين كند بر آن معامله و تعيين الفاظ خاصه از بدعتهاي عامه است و اما نكاح بعضي از صلحاي ملاها امر را در نكاح پنهان كرده‏اند به خيال آن‏كه اگر بگويند فارسي هم مي‏شود فسادي لازم مي‏آيد و بابي براي فسقه مفتوح مي‏شود و گويا ندانسته‏اند كه در عرب هم فساق بسيارند و كم از عجم نيست و تفاوتي نمي‏كند باري در اخبار لفظ خاصي براي اين عقود نيافته‏ام ولي اگر كسي در نكاح به جهت احتياط در فروج و نسل عربي بخواند مهما امكن شك نيست كه اولي است و قد مر في الباب السابق تفصيل المرام.

 

بـــاب

وكالة شخص واحد عن المتعاقدين و تولي العقد بنفسه لنفسه

 

سؤال: سأل الحاج ملاحسن المراغي مولانا الكريم اعلي اللّه مقامه هل يجوز وكالة الشخص الواحد عن المتعاقدين او يجوز له ان‏يتولي

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 211 *»

العقد بنفسه لنفسه و وكالة عن غيره ام لا بينوا توجروا؟

جواب: اما اذا وكله رجلان ليوجب لواحد و يقبل لاخر فلم‏اجد منعاً منه و يشمله عموم جواز التوكيل و اما اذا وكله رجل او امرأة للايجاب او القبول فاوجب وكالة ثم قبل لنفسه او اوجب من نفسه و قبل وكالة فلم‏اجد ايضاً منعاً عنه و هو تحت عمومات الوكالة و جواز البيع و غيره من العقود اللّهم الاّ في النكاح فانه ورد المنع منه و هو رواية عمار الساباطي قال سألت اباالحسن7 عن امرأة تكون في اهل‏بيت فتكره ان‏يعلم بها اهل بيتها أيحل لها ان‏توكل رجلاً يريد ان‏يتزوجها تقول له وكلتك فاشهد علي تزويجي قال لا قلت له جعلت فداك و ان كانت ايما قال و ان كانت ايما قلت فان وكلت غيره بتزويجها منه قال نعم انتهي و لامانع في ساير العقود من تولي طرفي العقد من حيث توليهما و ان كان ممنوعا من حيث آخر كأن يأمرك رجل في ان‏تشتري له شيئاً فتعطيه من عندك او تبيع له شيئاً فتبيعه من نفسك و هو لم‏يصرح لك بذلك.

سؤال: و سأله اعلي اللّه مقامه الحاج محمد صادق الكرماني ساكن اصفهان در جميع عقود شخصي مي‏تواند متولي طرفين عقود بشود و بداند كه وقت خواندن ايجاب قصد مغايرت با وقت خواندن قبول بايد كرد يا نمي‏تواند؟

جواب: همه جا مي‏شود مگر آن‏كه زني او را وكيل كند براي عقد كردن براي همان مرد و خودش آن زن را به وكالت براي خود عقد كند اين جايز نيست و ديگر در جاهاي ديگر عيب ندارد و مر ايضاً ما يدل علي هذا الباب.

 

«* مجمع الفتاوي جلد 1 صفحه 212 *»

بـــاب

ان الفضولي هل يعم غير النكاح ام لا

يأتي ذلك في كتاب النكاح في باب خاص

([1]) الي. خ‏ل

([2]) الاعتماد. خ‏ل

([3]) فكيف. خ‏ل

([4]) يشتهر. خ‏ل

([5]) كلامه اعلي اللّه مقامه في باب التقليد فراجع، منـه.

([6]) يريد به اعلي اللّه مقامه في ما ذكره في سؤاله عن التقليد، منـه.

([7]) فتأمهم. خ‏ل

([8]) اي في السؤال السابق المذكور آنفاً. منـه

([9]) متعمدا. خ‏ل

([10]) المخاصمة. خ‏ل

([11]) منتقي. خ‏ل

([12]) لمولانا الكريم اعلي اللّه مقامه رسالة خاصة في سؤال بعض الاخوان في التقية. منــه

([13]) متعلقها خ‏ل.

([14]) و يزيد الاّ. خ‏ل

([15]) اقول و له اعلي اللّه مقامه كلام له مدخل بهذا الباب في كتاب النكاح في باب عنوانه باب انه هل يحتاج في هبة مدة المنقطعة الي احضارها الخ و يأتي في الباب الآتي ما يدل علي ذلك.