04-05 جواهر الحکم المجلد الرابع ـ الرسالة الجنية ـ مقابله

الرسالة الجنیة

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 473 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد المبعوث علي کافة الخلايق من الجن (الجنة خ‌ل) و الانس و الاولين و الآخرين و آله خلفائه (الخلفاء خ‌ل) المعصومين و امنائه (الامناء خ‌ل) الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و ظالميهم و مخالفيهم و منکري فضائلهم من الجن و الانس (الانس و الجن خ‌ل) اجمعين ابد الآبدين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان بعض الديانين الذين ميزوا الغث من السمين و فرقوا بين السراب و الماء المعين قد سألني عن مسألة عويصة صعبة قد تاهت فيها افهام الحکماء و ضلت في حقيقتها احلام العلماء و ان کانت بحسب الظاهر جلية بينة و لکنها علي حسب ما يريد السايل خفية مستجنة قد اتتني في حال تقسيم البال و تشويش الاحوال (تقسيم الحال و تشويش البال خ‌ل) و عروض الامراض المانعة من استقامة المحال (الحال خ‌ل) و اشتغالي باجوبة مسائل قد اتت قبلها فاخرت رسم جوابها الي ان (الي ان اخرت جوابها الي ان خ‌ل) فرغت منها فبادرت الي ذکر کلمات تکشف النقاب و ترفع الحجاب عن وجوه حقيقة الجواب الصواب مع تبلبل البال و تعارض الاحوال و اتيت بما هو الميسور و اکتفيت بالاشارة بمختصر العبارة لعدم اقبال القلب الي بسط (ببسط خ‌ل) المقال و شرح الدقايق و تبيين (تبين خ‌ل) الحقايق بواضح الاستدلال فان الفطن النبيه يدرک بالاشارة ما لايدرکه الغبي بالف عبارة و جعلت کلامه بالفاظه متناً و جوابي کالشرح له حرصاً لکمال التوافق و صوناً عن احتمال عدم التطابق.

قال سلمه الله تعالي بعد الحمدلله و الصلوة‌ علي رسول الله9 و السلام علي خلفاء الله ما لفظه: لما کان وجود الجن مما نطق به القرآن و شهد عليه الوجدان و البيان کان التجسس و السؤال عن حقيقته مما يرغب

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 474 *»

اليه (فيه خ‌ل) الانسان و بمعرفته يستکمل و يسلم عن مضرته في الاسرار و الاعلان.

اقول اما نطق القرآن بوجود الجن مما لا اشکال فيه و لا ارتياب و الآيات المحکمة في اثباته ظاهرة الدلالة واضحة المقالة (الدلالة و واضحة المقال خ‌ل) و کذلک الاحاديث النبوية و الآثار المعصومية بل وجود الجن مما انعقد عليه اجماع اهل المذاهب و الاديان التي اتت به (بها خ‌ل) الانبياء: عن الله سبحانه و هذا لا اشکال فيه و اما قوله سلمه الله و شهد عليه الوجدان فما ادري ما الذي اراد به فان کان المراد به ظهور وجود الجن (الجنة خ‌ل) بصحة البرهان و ادراک العقل بضرورة البيان او (و خ‌ل) المنتهي الي الضروري کما هو شأن اهل هذا الشأن فدون تحقق هذا الوجدان خرط القتاد علي ان جماعة من العلماء الاعيان صرحوا بانه لا سبيل للعقل الي اثبات الجن و ممن صرح بذلک الفاضل المجلسي (ره) في البحار قال (ره) في الرد علي النافين لوجود الجن ان القول بوجودهم مما انعقد عليه اجماع الآراء و نطق به کلام الله تعالي و کلام الانبياء: و حکي مشاهدة الجن عن کثير من العقلاء و ارباب المکاشفات من الاولياء فلا وجه لنفيها کما لا سبيل الي اثباتها بالادلة العقلية انظر (و انظر خ‌ل) الي تصريحه (ره) بالنفي الکلي لاثباتهم بالدليل العقلي علي ان ما ذکروا في اثبات الجن من دون النقل کلها تقريبات و استحسانات لاتسمن (لاتسمنه خ‌ل) و لاتغني من جوع و قد قال الرازي في تفسيره الکبير علي ما نقل عنه المجلسي (ره) في البحار نقلاً عن النافين لوجود الجن ان اثبات هذه الاشياء اي الملائکة و الجن بواسطة الدليل و النظر متعذر لانا لانعرف دليلاً عقلياً يدل علي وجود الجن و الشياطين و ان کان مراده سلمه الله بالوجدان المشاهدة و العيان کما يشعر به ارداف الوجدان بالعيان فذلک قد منعوه اشد المنع و حملوه علي بعض التخيلات عند هيجان بعض الاخلاط کما في البحار نقلاً عن بعضهم اما (و اما خ‌ل) الحس فلم‌يدل دليل علي وجود الجن و انا کنا لانري (الجن لانا لانراه خ‌ل) صورة و لاسمعنا حساً کيف يمکننا ان‌ندعي

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 475 *»

الاحساس و الذين يقولون انا ابصرنا الجن فهم طايفتان اما مجانين قد هاجت عليهم الاخلاط الردية فيتخيل لهم اشياء في الخارج و لا اصل لها کما نشاهد في المرضي و اصحاب الاخلاط الفاسدة يتراءي لهم اشياء لا اصل لها و لا حقيقة و انما هي صور نشأت و حدثت من ذلک الخيال الفاسد الاتري الاحول او انهم کاذبون يتحرون الکذب و قول الزور انتهي ما نقلته بالمعني، فاذا کان کذلک فدعوي ثبوت الجن بالوجدان و العيان دعوي لا شاهد عليها من البرهان بل هي اصعب مايرد علي الانسان من اهل هذا الشأن من اصحاب دليل (الدليل خ‌ل) المجادلة و ان کانت بالتي هي احسن نعم لما ان الله سبحانه ابي الا ان‌يظهر حکمته و يعلن دعوته و يبين (بين خ‌ل) امره ليکون الخلق علي بصيرة و بينة ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة وجب ان‌يکون لکل ما بين الله سبحانه لخلقه في کتابه و فرقانه بيان واضح و عليه برهان و دليل لايح لئلا تکون لهم الحجة عليه (عليهم خ‌ل) و يکون ذلک سبباً و وسيلة الي انکارهم متمسکين بعدم جواز التصديق و الاذعان بغير بيان ظاهر و علم زاهر و فهم ثاقب و لما کان ثبوت الجن مما يتعسر بل يتعذر بدليل المجادلة لاقرار (لاعتراف خ‌ل) هؤلاء الفحول الذين هم اهل هذا الدليل بالعجز عن اقامة البرهان و مشاهدة الوجدان وجب ان يکون ذلک بدليل الحکمة و مشاهدة الآيات الآفاقية و الانفسية من قوله تعالي ادع الي سبيل ربک بالحکمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن و قوله تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق فوجبت الاشارة الي نوع هذا الدليل لايضاح السبيل لقلة سالکي هذا السبيل و ندرة حاملي هذا الدليل.

فنقول ان الله سبحانه لما کان کاملاً مطلقاً من جميع الوجوه وجب ان يکون فعله و مفعوله علي احسن مايمکن ان‌يکون في الامکان حتي لايقال لو کان کذلک لکان احسن و حيث ان الله سبحانه انما خلق الخلق لاظهار قدرته و اعلاء کلمته کان کلما يکون فيه ظهور هذا المعني اکثر کان هو الاولي بالاختيار و اجراء فعله سبحانه (تعالي خ‌ل) عليه و لاشک ان امره سبحانه و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 476 *»

مجعوله الاول لما کان اول ما يتعلق به الجعل وجب ان‌يکون في اعلي المراتب من الکمال و لايکون الکامل کاملاً الا ان‌يکون له نور و جمال و لنوره و جماله نور و جمال و لنور نوره و جمال جماله نور و جمال (نور و جمال و لنوره نور و لجماله جمال خ‌ل) و هکذا الي آخر المراتب و المقامات بل الي ما لانهاية له من الدرجات و الدرکات لعدم التعطيل في الفيض و عدم الانقطاع في المدد و عدم المانع في الافاضة و وجوب الکمال في کل مرتبة الحاکية لکمال الصنع (الصانع خ‌ل) و المؤثر الظاهر بکمال القدرة و لايکون الکمال في الشيء الا باظهار اثره اما من جهة تعينه في مقام تحديده کالقيام و القعود بالنسبة اليک او في مقام کينونته و تحققه کالصور الظاهرة منک في المرآة ففي الصورة الاولي انت الفاعل بالامر (بامر خ‌ل) بين الامرين و في الثانية الله الفاعل بک و حيث ان الله سبحانه يجري فعله بالاسباب فانت في التفاتک و توجهک الي المرآة فکالصورة (کالصورة خ‌ل) الاولي فانه منسوب اليک و في تحقق الصورة في المرآة و تکونها فکالثانية فانت فيها يد لغيرک ليس لک من الامر شيء في تکون نقش الصورة و ان کان کک (کان لک خ‌ل) الامر في الالتفات (بالالتفات خ‌ل) و التوجه الي نفس المرآة فافهم فقد اوقفتک علي سر غامض ما اسعدک لو وفقت (وفقت لفهمه خ‌ل) و ادراکه فانه نقطة العلم و هي التي کثرها الجاهلون فاذا ثبت ان فعله تعالي يجب ان‌يکون اکمل مايکون من حيث الفعل و الايجاد و ان کانت حکمة الانوجاد ربما ينافيها و هي ليست باصلية اولية و انما هي ثانوية عرضية تکون منشأ لتعدد المشية فکانت مشيتان مشية عزم و هي مقتضي الفيض الالهي لانه ولي (الالهي الاولي خ‌ل) و مشية حتم و هي مقتضي الحکمة الثانية (الثانوية خ‌ل) و لولاها کان الحتم عزماً و لم‌يکن لله سبحانه الا اليمين (و لولا ما کان و بالاولي حصلت اليمين خ‌ل) و بالثانية حصلت الشمال و کلتا (الشمال کلتا خ‌ل) يديه يمين و بالجملة فمقتضي الجعل الاول (الاول الالهي خ‌ل) الذاتي هو الکمال و لايکون الشيء کاملاً الا ان‌يکون له لطيفة زايدة علي ذاته و لانعني بالاثر الا هذا و هو الجمال الذي اشرنا اليه سابقاً.

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 477 *»

فاذا تحقق هذا فاعلم ان اول مخترع بالاختراع الاول و اول مبتدع بالابتداع الاول و اول ظاهر باول ظهور و اول نور مشرق من صبح الازل هو الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) و قد دل علي ذلک اجماع المسلمين و العقل المستنير و قد ملأنا مصنفاتنا من اثبات هذا المعني و لاسيما شرح الخطبة المبارکة الطتنجية فتشعشع نورها و تلألأ ظهورها فخلق الله سبحانه عنها حقيقة الانبياء فتلک الحقيقة اشراق نور (نور نور خ‌ل) الحقيقة الاولي العليا و حيث کانت الحقيقة المحمدية صلي الله عليها اقرب الخلق الي المبدأ کان في اکمل مراتب الامکان فقلت جهات الکثرة فيها فظهرت في مقام الکثرة علي اربعة عشر هيکلاً قصبة (قبضة خ‌ل) الياقوت و حجاب الله في الملک و الملکوت منزهون عن جميع النقايص قد طهرهم الله سبحانه عن ارواث (الوارث خ‌ل) لوازم الامکان فلايفعلون الا الراجح عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و هم الذين عنده لايستکبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار (النهار و خ‌ل) لايفترون فلايترکون الاولي ابداً و الا لفتروا و اما (لفنوا اما خ‌ل) اول الاشراق عن تلک الحقيقة المقدسة فحيث انه قد بعد عن المبدأ و لو بواسطة واحدة کانت الظلمة قد ظهرت بعض آثارها في الجملة و لذا کثرت الافراد المنشعبة من ذلک الاشراق و حيث انه اول ما اشرقت حقيقته من (اشرقت من خ‌ل) الحقيقة العليا کانت اکمل الموجودات و اشرفها بعد الحقيقة العليا فتناهت کثراتها و کانت مأة الف و اربعة و عشرين الفاً و قد ذکرنا الوجه في ذلک في اجوبة مسائل الجناب العالم الکامل الفاضل الملا علي البرغاني فمن جهة بعدها لمرتبة واحدة يحصل من افراد هذه الحقيقة ترک الاولي دون المعصية و اقتراف الحرام لکمال قربها و قلة بعدها فالبعد بمرتبة واحدة اقتضي ترک الاولي و اقتضي عدم ارتکاب الحرام فافهم ثم لکمال (لکان خ‌ل) هذه المرتبة و وقوعها في اعلي الدرجة تشعشع نورها و لمع ظهورها (تشعشع ظهورها و لمع نورها خ‌ل) فکان ذلک الاشراق کالاول مبدأ تحقق درجة اخري و لما کان هذا الاشراق قد بعد (وجد خ‌ل) بمرتبتين تمکنت

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 478 *»

فيه الظلمة و ظهرت آثارها فيه کان الافراد الحاصلة من تشعب ذلک الاشراق لا نهاية لها و لا غاية بل ظهرت افرادها غيرمتناهية لبعدها و تمکن الظلمة الموجبة للکثرة فيها فلا نهاية لعدد افرادها فتحصل منها المعصية و اقتراف المحارم من حيث خصوصية الافراد لبعدها عن مبدأ النور بواسطتين و لما لم‌يبعدوا عن المبدأ کثيراً ظهروا علي صورة الحقيقة العليا الاولي و الثانية فظهروا بالصورة الانسانية فهذه الصورة للحقيقة الاولي العليا و الثانية حکت مثالها و ظهرت علي صورتها فالقت في هوية الثانية مثالها فاظهرت عنها افعالها کما قال اميرالمؤمنين7 في وصف الملأ الاعلي و الحقيقة الثالثة حکت مثال الحقيقة الثانية کالثانية للاولي فظهرت علي صورة الثانية التي هي علي صورة الاولي لکمال القرب الي المبدأ و عدم تکثر التجلي و المجالي کما اذا قابلت المرآة شخصاً ثم قابلت تلک المرآة مرآة اخري فان في الثانية مرآة و صورة ثم قابلت الثانية ثالثة ففيها مرآتان و ثلاث صور و هذه الصور کلها ظاهرة لقلة الوسايط و اذا (فاذا خ‌ل) کثرت المرايا تتکثر الصور و تعوج الصورة الظاهرة کانها ليست هي الاولي و ليست هي حکايتها نعم انها هي (هي هي خ‌ل) و لکن الحدود کثرت و المرايا تعددت و الصورة الحقيقية الاولية خفيت و بهذا البيان و التقرير التام (البيان التام و التقرير التمام خ‌ل) تعرف اختلاف صور الموجودات و انحرافها عن الصورة الانسانية مع انها کلها حکايات لصورتها و هي العلة لوجودها و تحققها و الي ما ذکرنا (ذکرناه خ‌ل) يشير کلام الشاعر (الناظم الشاعر خ‌ل) و هو مجنون العامري يخاطب ظبياً لما اراد ذبحه فصرعه ثم اطلقه و انشده (انشد خ‌ل):

ايا شبه ليلي لاتراعي فانني                        انا لک من دون الانام صديقُ

فعينک عيناها و جيدک جيدها                   و لکن عظم الساق منک دقيقُ([1])

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 479 *»

فافهم و لاتکثر المقال فان العلم نقطة کثرها الجهال.

و لما کان الاشراق الثالث علي حسب مقتضي (مقتضي حسب خ‌ل) حکمة الله سبحانه کاملاً وجب ان‌يکون له اشراق و لاريب ان هذا الاشراق في الرتبة الرابعة قويت فيه جهة الظلمة فتکثرت شعب تلک الحقيقة و تميزت (فتميزت خ‌ل) فلانهاية لافرادها و لاحد تنتهي اليه اشخاصها و تغيرت فيها الصورة الانسانية و ظهرت علي صور شتي و اطوار کثيرة ليست تشتبه (تشبه خ‌ل) الصورة الانسانية و البهيمية و غيرها من الصور في الصور الذاتية و ان کانت تظهر بصورها و تتشکل باشکالها بالصورة العرضية کما سنبين لک ان‌شاء الله تعالي فقد (فقد حصل خ‌ل) مما بيناه اربع مراتب الاولي الحقيقة العليا الاولي (الاولي العليا خ‌ل) الثانية اشراق نورها الثالثة اشراق الثانية و الرابعة اشراق الثالثة فالرتبة الاولي هي المسماة بحقيقة الانبياء قد ظهرت في مئة الف و اربعة و عشرين الف شخص و فرد تصدق (و يصدق خ‌ل) تلک الحقيقة الکلية عليها من باب التشکيک کما ان الحقيقة الاولي ظهرت في اربعة عشر هيکلاً هياکل التوحيد و اشباح التفريد و التجريد و المرتبة الثالثة هي المسماة بحقيقة الرعية من الانسان و لا حد لافرادها و لا نهاية لاشخاصها و الکل علي الصورة الانسانية المعتدلة و المرتبة الرابعة هي المسماة بحقيقة الجن و لانعني بالجن (من الجن خ‌ل) الا الحقيقة الواقعة في الرتبة (المرتبة خ‌ل) الرابعة و هي اشراق اشراق الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) و هي متشعشعة من نور الانسان مستشرقة منها واقفة تحت احاطتها و لها الهيمنة و الاحاطة عليها و هي باب فيضها و وجهة مبدئها (مبدئها و سر حقيقتها خ‌ل) فوجب وجودها لاحکام صنع (فوجب وجوده لوجوب احکام صنع خ‌ل) مبدئها و اتقان حکم باريها و هو سبحانه علي کل شيء قدير لايدع الحکمة و لايترک الاولي کيف لا و هو سبحانه عاقب الانبياء عليهم‌السلام و عاتبهم و اجري عليهم العقوبة بترکهم الاولي و کيف يترکه سبحانه و هو الذي عير فاعلي (عيرنا علي

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 480 *»

خ‌ل) ذلک بقوله (لقوله خ‌ل) عز و جل اتامرون الناس بالبر و تنسون انفسکم فافهم و هذا هو ما وعدنا لک من دليل الحکمة علي وجود الجن و تحققها و تذوتها في الجملة و اما صفاتها و احوالها فسنخبرک ان‌شاء الله تعالي.

قال سلمه الله تعالي: ما حقيقة الجن و بدو خلقتهم و مقام مرتبتهم و نسبتهم الي الانسان و کيفية تکليفهم و اصنافهم و اقسامهم و تشکلهم بالاشکال المختلفة و هل ما جري علي السنة الناس لاسيما عند المنطقيين ان الجن جسم ناري يتشکل بالاشکال المختلفة حتي الکلب و الخنزير مقتبس من اي قاعدة هل هو من الشرع او العقل و ما الدليل علي جميع ما ذکر مفصلاً مشروحاً.

اقول اما حقيقة الجن فهي ما ذکرنا من انها اشراق نور حقيقة الانسان المشرقة من نور حقيقة الانبياء المشرقة من (من نور خ‌ل) الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) و هذا الاشراق و ان کان عرضياً بالنسبة الي مبدئه قائماً به قيام صدور لا عروض (العروض خ‌ل) کالاعراض المصطلحة عند الحکماء لکنه ذاتي بالنسبة الي رتبة ذاته الاتري شعاع الشمس فانه عرضي بالنسبة الي الشمس لکنه ذاتي بالنسبة الي مقام نفسه و قولنا عرضي مرادنا انه قائم بالغير (بغيره خ‌ل) لان الحق عند اهل الحق ان کلما قام بالغير عرض و کلما قوم الغير جوهر (قام بالغير فهو عرض و کلما قام به الغير جوهر خ‌ل) و ذلک في الامکان بحکم الاقتران و الله سبحانه ليس بجوهر و لا عرض و القيام علي اربعة اقسام قيام صدوري کقيام الشعاع بالشمس و قيام عروضي کقيام البياض بالجسم و قيام تحققي (تحقيقي خ‌ل) کقيام الجزء من حيث هو بالکل و بالعکس و قيام الصورة بالمادة و قيام ظهوري کقيام ظهور نور الشمس بالارض فاذا اطلقنا العرض نريد به احد هذه الوجوه فحقيقة الجن نور اشرق من حقيقة الانسان فهي من حيث هي نور لکنه بالنسبة الي افراده و اشخاصه ينصبغ بصبغها و يجري عليه حکمها فان الحکم علي المادة انما هو علي حسب مايلحقها من الصورة و هي من حيث هي لا حکم لها من احکام الصورة الاتري الماء النازل من السماء فانه طهور في نفسه عذب في ذاته لکنه يجري في الارض و مايقع

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 481 *»

عليه فيقع عليه احکامها (و ما يقع عليه احکامها خ‌ل) فکان سماً في الافعي و مراً في الحنظل و حلواً في السکر و مقوياً و مفرحاً في الؤلؤ و کک (فکذلک خ‌ل) الجن فان اختلاف مراتبهم و احوالهم في الحسن و القبح لاينافي کونهم من نور حقيقة الانسان.

و اما بدو خلقة الجن فهو الذي ذکرناه من ان الله (من الله خ‌ل) سبحانه خلقهم من ذلک النور اي الاثر کما خلق الانسان الرعية من نور الانبياء: و کما خلق الشعاع من السراج و خلق النهار من اشراق الشمس و معني ذلک ان الله سبحانه قد خلق من ذلک النور و الاشراق بحراً اي مادة يضم صلوح ذلک النور و الحقيقة الوحدانية للظهور بالافراد و التشعب بالاشخاص فتلک الصلاحية لتلک الحقيقة (بالاشخاص لتلک الحقيقة خ‌ل) عبارة عن البحر الصالح للتموج بالامواج المختلفة الغير المتمايزة قبل المتموج (التموج خ‌ل) و البحر عبارة عند اهل الاسرار عن الشيء الواحد السيال الساري الغير المتمايز الاجزاء و هو المراد من البحر غالباً في اخبار اهل البيت: و ذلک البحر قسمه الله سبحانه بلطيف حکمته بملاحظة لطيفه و کثيفه الي قسمين فمن اللطيف خلق (خلق الله خ‌ل) سبحانه السماء (السماء و منها الماء خ‌ل) و من الکثيف الزبد خلق سبحانه (تعالي خ‌ل) الارض و مابينهما (بينها خ‌ل) متوسطات فاخذ (و اخذ خ‌ل) سبحانه جزءاً من الماء و جزءاً من الارض فالذي من الماء ينحل (يحيل خ‌ل) الي الجزأين جزء من النار و جزء من الهواء و الماء لايراد منه الجسم البارد السيال بل المراد منه الرطوبة الحاملة للحيوة الحاملة للحرارة (الرطوبة الحاملة للحرارة خ ل) الغريزية فالمراد من الماء هو الحامل للعلويين و المراد من الارض هي الحاملة للسفليين فالماء البارد الرطب الوجه (الجزء الوجه خ‌ل) الاعلي منهما و الارض الباردة اليابسة الوجه الاسفل و اطلاق الماء علي الوجه الاعلي و الارض علي الوجه الاسفل شايع ذايع و منه قوله تعالي و جعلنا من الماء کل شيء حي و قوله تعالي و لو شئنا لرفعناه بها و لکنه اخلد الي الارض فتحققت اربعة اجزاء و هي اربعة ارکان فتمت بها حقيقة

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 482 *»

وجود الجن و هکذا حقيقة کل شيء فان الاعتدال هو الاصل في حقيقة الاکوان و قولهم بان الاعتدال لايحصل به المزاج فقد هدمنا بنيانه و ازلنا ارکانه في کثير من مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل و هذا هو الاصل في بدو خلقة الجن و کيفية ترکيبهم في الفطرة الاولي العليا.

و لهم فطرة ثانية و هي التي ظهرت احکامها و غلبت طباعها (طبايعها خ‌ل) فبدت آثارها و هي غلبة النار في مزاجهم و طبيعتهم و خلقهم من النار کما افصح (اوضح خ‌ل) عنه کثير من الآيات و الاخبار (الاخبار و الآيات خ‌ل) و ناهيک قوله تعالي خلق الانسان من صلصال کالفخار و خلق الجان من مارج من نار و بيان ذلک ان الجن و ان قلنا سابقاً ان حقيقتهم واقعة في الرتبة الرابعة من السلسلة الطولية و لکنها في الحقيقة رتبتهم هي الرتبة الخامسة و انما ذکرنا ذلک من جهة ظهور المراتب مشروحة العلل و مبينة (العلل مبينة خ‌ل) الاسباب و الا فهناک رتبة اخري هي الاولي و هي الاصل في الحدوث و الاحداث و الوجود و الايجاد و الاختراع و الابتداع و هو الفعل المعبر عنه بالمشية و الارادة و هذه المراتب مراتب المفعولات المشاءات المکونات من حيث هي کک فقيد الحيثية لاعتبار الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) فانما جعلناها اول المراتب في مقام المفعولية دون الفعلية فان لها مقامين (مقامان خ‌ل) فلنقبض عن الکلام و للحيطان آذان فالمراتب حينئذ خمس الاولي المشية و الاختراع الثاني (و الثاني خ‌ل) الحقيقة المحمدية من حيث انها محل المشية و مقام بحر صاد اول المداد لقلم (القلم خ‌ل) الاستعداد الثالثة حقيقة الانبياء الرابعة حقيقة الانسان فالجن انما وقعت في الرتبة الخامسة و لما کان هذه المراتب و ان ترکبت من العناصر الاربعة لما برهنا عليه لاسيما في شرح الخطبة الطتنجية ان کل شيء تعلق به الجعل و کل حادث من حيث هو حادث انما ترکب من العناصر الاربعة في کل (کل شيء خ‌ل) عالم بحسبه الا ان کل عنصر في کل مرکب (مرتبة خ‌ل) بحسب مقام ذلک المرکب بمرتبته (بمرتبة خ‌ل) قد غلب ظهور عنصر منها يعني ان تلک الرتبة مقام ظهور ذلک العنصر و غلبته و ان کان ما سواه فيه کما

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 483 *»

تقول فلان صفراوي او بلغمي او دموي مع وجود باقي العناصر فيه فاذا اتقنت هذه (ذلک خ‌ل) الدقيقة الانيقة فاعلم ان في المشية قد غلب ظهور عنصر النار حتي اطلقت عليها (عليه خ‌ل) النار في قوله عز و جل يکاد زيتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار و لاجل ظهور هذا العنصر و غلبته فيها خفيت و استترت و استجنت و استترت (استسرت خ‌ل) بالاسرار حتي خفيت و التبست و اشتبه علي الناس امرها فمنهم من يجعلها امراً اعتبارياً لاتحقق لها في الخارج بل انما يعتبر الذهن اعتباراً و منهم من يجعلها عين ذات الله سبحانه (تعالي خ‌ل) لم‌يتعلق بها جعل جاعل و منهم من يجعلها من الاحوال فليست هي عين ذات الله و لا غيرها فلولا غلبت ناريتها لما خفيت و ما ارتفعت عن البصاير و المدارک و لولا خفاؤها لما اختلفوا فيها فقد ظهرت المشية بالنار فجرت عليها آثارها من الخفاء و الاستجنان  في الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) قد غلب ظهور الهواء و لذا اختصت بالنبوة و الولاية من احکام المشية الظاهرة في المشاء فان الهواء سبيل النار و دليلها الي الماء و التراب فهما ينفعلان لما ظهرا لها من آثار الفاعل التي حملتها الهواء فالهواء (في الهواء خ‌ل) رابط بين النار التي هي جهة المبدأ و بين التراب لتوسط الماء فالنار هي الموصلة الممدة (المواصلة المحددة خ‌ل) و التراب هو القابل المستفيض و الهواء سبيل النار الي الماء و الماء سبيل الهواء الي التراب و هو المرکز محل السکون في الجملة فافهم الدقيقة بسر الحقيقة و تعيها اذن واعية.

ففي حقيقة الانبياء: قد غلب ظهور الماء و لذا ظهروا بالنبوة الخاصة في الرتبة الثانية فهم دليل الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) و سبيلها الي الخلق الرعية کما في الزيارة و ان الانبياء دعاة هداة رشدکم انتم الاول و الآخر و خاتمته کما ان الماء دليل الهواء في ايصال سر النار الي التراب القابل الحامل المستفيض و اليه الاشارة علي بعض وجوه التأويل بقوله تعالي و جعلنا بينهم و بين القري التي بارکنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً آمنين و قد قال مولانا الباقر7 نحن القري التي

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 484 *»

بارک الله فيها و القري الظاهرة شيعتنا و الانبياء: وجوه الشيعة و اصولها و لذا قلنا ان في مقام حقيقة الانبياء قد ظهرت غلبة الماء و في حقيقة الانسان الرعية قد ظهرت غلبة التراب لانهم الرعايا محل القبول و الانفعال (الانفصال خ‌ل) و حفظ ما يرد عليهم من الاحکام الوجودية الکونية و الشرعية فهو في مقام التراب فالالف في العالم التدويني مقام المشية و الباء تحکي مقام الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) و هو قوله9 ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم و الجيم مقام حقيقة الانبياء و الدال مقام حقيقة الانسان فتمت العناصر بظهورها و آثارها و ان کان في کل مرتبة کلها فلما بدت حقيقة الجن من حقيقة الانسان التي عندها ظهور العناصر و لم‌يکن مرتبة (مرتبته خ‌ل) بعد التراب وجب ان‌يکون في الرتبة الخامسة ظهور سر النار الکامنة في التراب ففي هذه المرتبة نار قد اوقدت من التراب و لما کان الجن هي الرتبة الخامسة وجب ان‌يظهر فيها سر النار في المبدأ الثاني فکانت تلک النار هي التي اوقدت و ظهرت من الشجر الاخضر الذي هو التراب بسر الغلبة و حقيقة الانسان هي الشجر الاخضر فوجب ان‌يکون في الجن غلبة النار و لذا سميت جناً لخفائها و استجنانها کما هو شأن من غلبت عليه النار فلما وجب ذلک زاد (اراد خ‌ل) سبحانه علي تلک العناصر الارکان المستخرجة من بخار الماء و زبد (الماء زبد خ‌ل) البحر جزأين من الحرارة و اليبوسة فغلبت علي الاجزاء الاخر فقال سبحانه و خلق الجان من مارج من نار و هي النار التي قد خلصت و صفيت من فاضل اشراق التراب و لذا عبر عنها بالمارج اشارة الي هذه الدقيقة الانيقة فکانت الجن قد خلقت من نار الشجر الاخضر باضافة الماء (الاخضر الماء خ‌ل) و الهواء و التراب و لکن اعتبار ماسوي النار فيها ضعيف و قد يعبر عنها بالهواء المجاور بالنار التي لايجري فيها الا حکم النار و هو نار السموم و هو قوله تعالي و الجان خلقناه من قبل من نار السموم و لذا قال مولانا الصادق7 في قوله تعالي حکاية عن ابليس انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين قد غالط لعنه الله فانه خلق من نار

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 485 *»

 الشجر الاخضر المخلوق من فاضل طينة آدم فالشجر الاخضر في هذا الحديث الشريف هو رتبة الجن الشعاع المخلوق من طينة الانسان و هو کما ذکرنا سابقاً انحل الي ماء و ارض و النار انما خلصت (ماء و ارض انما خلقت خ‌ل) من هذه الحقيقة کما يشعر عليه من الدالة علي التبعيض في قوله تعالي من الشجر الاخضر فالنار قد خلصت و مرجت (فالنار خلقت و مزجت خ‌ل) من هذه الشجرة التي جميع الجان اغصانها و الجن قد خلقت من هذه النار و الشجرة (الشجر خ‌ل) شجرة الجان خلقت من فاضل طينة الانسان و الوجه الآخر الظاهر لبيان الحديث الشريف صلي الله علي قائله ان النار التي خلقت منها الجن انما خلقت من الشجر الاخضر و هو حقيقة الانسان الغالبة عليها ظهور التراب و الشجر الاخضر الذي هو عبارة (الذي عبارة خ‌ل) عن حقيقة الانسان انما خلق من فاضل طينة آدم اي حقيقة الانبياء فنار الجن نازلة عن التراب الذي هو الغالب في حقيقة الانسان بمرتبة فيکون نزولها عن مقام آدم نبي الله بمرتبتين فنار الجن شعاع شعاع طينة آدم لقد (و لقد خ‌ل) کررت العبارة و رددتها للتفهيم.

و لکن الجن حيث کانت في الرتبة الخامسة من السلسلة الطولية فکانت تحکي ظهور الرتبة الاولي الغالب عليها عنصر النار فکانت تحتها في الرتبة الثانية الشعاعية کالهاء التي جعلت تحت الالف لانقطاع مراتب العناصر بعد الدال فالهاء نار لکنها انزل من نارية الالف بعشر او ثلاثين فافهم التقريب و ذکر شيخنا العلامة رفع الله في الدارين اعلامه في کشکوله عن السيد (الشيخ خ‌ل) حيدر شيخ الشهيد الثاني (ره) ان الانسانية من الف جزء تسعمئة جزء من التراب و تسعين من الماء و تسعة من الهواء و جزء من النار و الابليسية (الابالسة خ‌ل) من الف جزء سبعمئة من التراب و مئة و خمسون من الماء و مئة من الهواء و خمسون من النار و العلامة ايضاً ذکر ذلک و قال فصار آدم لغلبة الطين ظاهره مظلم و باطنه مشرق و ابليس لغلبة النار باطنه مظلم و ظاهره محرق انتهي، و هذه کلمات صناعية ان رجعت الي ما ذکرنا بضرب من التأويل فهو حق و الا فلا فان الذي ذکرنا لک هو الذي اقتضاه الدليل القطعي و مذهب الاسلام و مذهب

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 486 *»

الفرقة الناجية (المحقة خ‌ل) و ماذا بعد الحق الا الضلال فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم،

فان کنت ذافهم تشاهد ماقلنا            و ان لم‌يکن فهم فتاخذه عنا

و ما ثم الا ماذکرناه فاعتمد              عليه و کن في الحال فيه کما کنا

و اما مرتبتهم فقد ذکرنا ان الجن انما خلقهم الله سبحانه في الرتبة الخامسة من مراتب الحدوث من الفعل و المفعول اي من الخلق و الامر مما شمله لفظ العلي العظيم فالرتبة الاولي رتبة الفعل و المشية و الارادة و الاختراع و الابتداع و الکاف المستديرة علي نفسها و الرتبة الثانية الحقيقة المقدسة و فلک الولاية المطلقة قصبة الياقوت و حجاب الله في الملک و الملکوت و الجبروت و اللاهوت و الرتبة الثالثة حقيقة الانبياء: و الرتبة الرابعة مقام الانسان الرعية و الرتبة الخامسة رتبة الجن و هي ادني من رتبة الانسان بمرتبة و هي شعاع لتلک الحقيقة قوامها و تحققها بحقيقة الانسان الرعية بحيث اذا فقدت تلک الرتبة انعدمت حقيقة الجن کما اذا لم‌تطلع (لم‌يطلع خ‌ل) الشمس لم‌يوجد حقيقة النهار الکاين المتحقق (للحق خ‌ل) من نور الشمس فالجن طوع يمين الانس کالاشعة للشمس و هو قوله تعالي و لقد کرمنا بني آدم و حملناهم في البر و البحر و رزقناهم من الطيبات و فضلناهم علي کثير ممن خلقنا تفضيلاً و قد اجمع القائلون بوجود الجن علي عدم تفضيلها علي الانس و قد صرح سبحانه بذلک في القرآن بقوله تعالي لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم و قوله تعالي و صورکم فاحسن صورکم و قال اميرالمؤمنين7 الصورة الانسانية هي اکبر حجة الله علي خلقه و هي الکتاب الذي کتبه بيده و هي الهيکل الذي بناه بحکمته و هي مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي کل غائب و هي الحجة علي کل جاحد و هي الصراط المستقيم و الصراط الممدود بين الجنة و النار (انتهي خ‌ل)، فاذا کان الانسان له الفضل علي الجن و الطفرة في الوجود باطلة وجب ان‌يتعلق الجعل الالهي بالانسان قبل الجن فلو کان الانسان و الجن من حقيقة واحدة و الفضل

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 487 *»

بالصورة لما کان للانسان فضل علي الجن بالذات لتساويهما و انما کان الفضل بالعرض و هو ينافي الفضل الحقيقي الذي يجب ان‌يحمل عليه کلام الله سبحانه عند الاطلاق و عدم التقييد بحالة واحدة و الفضل الذاتي يقتضي ان‌يکون الذات الاخري من شعاع الاولي و الا تساوتا فاين الفضل و قولک ان الانس افضل من الجن کقولک ان الله سبحانه ارحم الراحمين و اکرم الاکرمين و خير الرازقين و احسن الخالقين و اجود من اعطي و اکرم من سئل و قولک ان النبي9 افضل من الرعية و قد قال الله سبحانه (تبارک و تعالي خ‌ل) لنبيه9 يا محمد فضلک علي الانبياء کفضلي و انا رب العزة علي ساير الخلق (کفضلي علي ساير الخلق و انا رب العزة خ‌ل) انتهي، و الکل من هذا النوع فافهم و ثبت ثبتک الله تعالي.

و اما نسبة الجن الي الانس فقد تبين مما سبق (سبق انها خ‌ل) نسبة الشعاع الي المنير و نسبة الصورة الي الشاخص و انهم تبع للانس و انهم طوع يمينهم يدورون معهم حيث ارادوا (داروا خ‌ل) و يميلون حيثما مالوا يستمدون منهم و يأخذون عنهم و يستندون اليهم و اما ماتري من انفعال الانس منهم و خوفهم اياهم فذلک في مقام (مقام قوله تعالي خ‌ل) ثم رددناه اسفل سافلين فلما تنزل الانسان و خرج عن موطنه لزمته عوارض الادبار و نسي نفسه و مقامه و مرتبته حتي صار اذل کل شيء و احقره فالنار تحرقه و الهواء يقسمه و الماء يغرقه و التراب يدفنه و السباع تأکله و الجن تخيفه و الحر يذيبه و البر يجمده و الحديد يقطعه و جميع الکاينات تتصرف فيه و هو ذليل حقير لايملک لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً و اذا طهر الانسان من الادناس و وصل الي موطنه مقام الاستيناس ينفعل کل شيء منه و هو لاينفعل من شيء و هو يؤثر في کل شيء و هو لايتأثر من شيء الاتري اولياء الله کيف تنفعل الاشياء لهم (منهم خ‌ل) و تخضع و تنقاد لهم و تسکن الي طاعتهم و الاشياء طراً طوع يمينهم و هم النقباء الابدال و النجباء اصحاب غرايب الافعال.

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 488 *»

فان قلت هب ان الانسان تنزل فهو في اي رتبة تکون يجب ان لاينفعل من الجن و غيرها فان الشعاع لايؤثر في المنير علي کل حال.

قلت للانسان مقامان مقام نفسه و هو في ذلک المقام منير و لاينفعل هناک من شعاعه و مقام ظهور في الرتبة السفلي بحکم و للبسنا عليهم ما يلبسون بعد قوله تعالي و لو جعلناه ملکاً لجعلناه رجلاً و هو في هذا المقام (في هذا خ‌ل) في حکم اهل تلک الرتبة في جميع ما يرد عليها و يصدر منها و هو قوله (يصدر منها قوله خ‌ل) تعالي قل انما انا بشر مثلکم ففي هذه الرتبة تجري عليه جميع اطوارها و احوالها فيفعل و ينفعل و يؤثر و يتأثر فاهل السلسلة الطولية کل عليا بالنسبة الي السفلي لها مقامان مقام علية و فيها لها الهيمنة العليا و السلطنة الکبري فلايصل اليها شيء من احوال المرتبة السفلي و مقام قطبية و فيها باب الفيض الي السافل لان الشيء لاينتهي الا الي مثله لقوله7 انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها، و لولا خوفي من اشباه الناس و ما في قلوبهم من وسواس (من وساوس الوسواس خ‌ل) الخناس لاطلقت عنان القلم في هذا المضمار و لاريتکم ما لم‌تدرکه البصائر و الابصار (ما لم‌تدرکه الابصار خ‌ل) و لکني ممتثل قول مولاي سيد الساجدين7 لاتتکلم بما تسارع العقول الي انکاره و ان کان عندک اعتذاره و ليس کلما تسمعه نکراً اوسعته عذراً.

و اما کيفية تکليفهم فاعلم ان اصل تکليفهم و انهم مکلفون بالفروع و الاصول زيادة علي ما دل علي تکليف جميع الموجودات الصامتة و الناطقة من ساير الجمادات و النباتات و الحيوانات يدل عليه قوله تعالي قل اوحي الي انه استمع نفر من الجن الي آخر الآيات و قوله تعالي و اذ صرفنا اليک نفراً من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا انصتوا فلما قضي ولوا الي قومهم منذرين قالوا يا قومنا انا سمعنا کتاباً انزل من بعد موسي مصدقاً لما بين يديه يهدي الي الحق و الي طريق مستقيم يا قومنا اجيبوا داعي الله و آمنوا به يغفر لکم من ذنوبکم و يجرکم من عذاب اليم و امثالها من الآيات الکثيرة الدالة علي تکليفهم و ذلک لاشک فيه و لاريب يعتريه و اما کيفية تکليفهم فهي ان الله سبحانه و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 489 *»

تعالي قبل خلق آدم7 بعث اليهم نبياً اسمه يوسف ابن يانان کما في البحار عن العلل و العيون بالاسناد عن الرضا7 عن آبائه: قال سأل الشامي (الشامي عن خ‌ل) اميرالمؤمنين7 عن اسم ابي الجن فقال عليه‌السلام شومان و في نسخة شونان و في اخري يانان (فقال7 شونان و في نسخة اخري يانان خ‌ل) و هو الذي خلق من مارج من نار و سأله هل بعث الله نبياً الي الجن فقال7 نعم بعث اليهم نبياً يقال له يوسف فدعاهم الي الله عز و جل فقتلوه و هذا کان مبعوثاً عليهم قبل ان‌يخلق آدم کما سيمر عليک ذکر مايدل عليه في ما بعد ثم بعد ما خلق الله آدم7 بعث اليهم الانبياء من سنخهم لکنهم (و لکنهم خ‌ل) يأخذون من بني آدم من الانبياء المبعوثين اليهم کما يدل عليه قوله تعالي فلما قضي ولوا الي قومهم منذرين و هو قوله تعالي يا معشر الجن و الانس الم ياتکم رسل منکم يقصون عليکم آياتي و ينذرونکم لقاء يومکم هذا الآية، و لما ان الله سبحانه اتقن صنع کل شيء وجب ان‌يکون نبي الجن متلقياً (متقلباً خ‌ل) من نبي الانس لبطلان الطفرة فقد يکون ذلک من ظاهرية نبي الانس کما سبق في الآية الشريفة و قد يکون من باطنه دون ظاهره و الاول کما کان في نبينا صلي الله عليه و آله فانهم کانوا يأتون اليه و يتلقون منه9 کجن النصيبين و بئر ذات العلم.

و بالجملة کافة الجن بجميع مراتبهم و اطوارهم کانوا يأخذون منه9 کالموجودات کلها فانه مبعوث علي کافة الحوادث لقوله تعالي تبارک الذي نزل الفرقان علي عبده ليکون للعالمين نذيراً و قد قال الطبرسي في مجمع البيان انه مابعث علي الجن من الانبياء (من له للانبياء خ‌ل) غير نبينا9 و ليس ببعيد و قوله تعالي حکاية عن جن نصيبين انا سمعنا کتاباً انزل من بعد موسي (موسي مصدقاً خ‌ل) لايدل علي ان موسي علي نبينا و آله و عليه‌السلام کان مبعوثاً عليهم کما في الانس لان الانس کانوا کلهم (کلهم کانوا خ‌ل) عاملين بشريعة موسي علي نبينا و آله و عليه‌السلام قبل ان‌تنسخ و لم‌يکن موسي7 مبعوثاً الا علي بني اسرائيل خاصة و کک (کل خ‌ل) الجن

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 490 *»

کانوا عاملين بشريعته و لم‌يکن مبعوثاً عليهم لان عموم البعثة غير عموم الشريعة و لا اجتمعا الا في نبينا9.

و قولي هذا لايدل علي عدم لزوم توسط الانس في ايصال الفيض الي الجن في کل حال لانه (لان خ‌ل) منه ايصال الوحي فان واسطة الانس لابد منها في الحقيقة و لايمکن ان‌يوصل اليهم شيء الا بواسطة الانس في الحقيقة و الذات لبطلان الطفرة و انما الکلام في ظاهر البشرية في مقام انما انا بشر مثلکم يوحي الي و قوله تعالي و لو جعلناه ملکاً لجعلناه رجلاً و للبسنا عليهم مايلبسون.

و بالجملة فان نبي الجن يستمد من نبينا9 في کل وقت و اوان قبل وجود آدم و بعد وجود آدم و هو9 يمده من فيض الالهي في التکويني و التشريعي (قبل وجود آدم بمدة من الفيض الالهي في التکوين و التشريع خ‌ل) بيده و تلک اليد حقيقة الانسان من حيث هي لا خصوص الافراد و الاشخاص فعلي هذا جاز ان‌يکون استمداد انبياء الجن مخصوصاً بنبينا9 کاختصاصه9 بامداد ساير الموجودات حرفاً بحرف و ذلک لکلية بشريته دون ساير الانبياء و الحاصل ان الله سبحانه (و تعالي خ‌ل) بعث اليهم الانبياء و کلفهم بالاصول و الفروع اما الاصول فهم مکلفون بما کلف به الانسان في (من خ‌ل) الاعتقادات من التوحيد و النبوة و الامامة و المعاد و احکامه و اطواره من النشر و الحشر (الحشر و النشر خ‌ل) و الحساب و الميزان و الصراط و الجنة و النار الا ان تکليفهم في هذه الاعتقادات علي نحو التبعية فالانس اعتقادهم بالاصول و الالباب و الجن اعتقادهم بالقشور و الصفات و لذا کانت جنتهم الحظاير و هي من شعاع جنة الانس و نارهم الحظاير ايضاً و هي ظل للنيران (النيران خ‌ل) التي اعدت للانس فمعرفتهم بالتوحيد فرع معرفة الانس (الانس به خ‌ل) و کذا معرفة ارکان التوحيد و مظاهره و حملته و ابوابه و خزانه فحيث کانوا مکلفين باعتقاد هذه الاصول اختلفت اديانهم و مذاهبهم بحسب اختلافهم في الاعتقادات ففيهم اليهود و النصاري و الزنادقة و عبدة الاوثان و النواصب و منکري (منکر

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 491 *»

خ‌ل) فضائل اهل البيت: و يشير الي ما ذکرنا قوله تعالي حکاية عنهم انا سمعنا کتاباً انزل من بعد موسي الآية، و فيها دلالة واضحة بانهم کانوا من اليهود و في تفسير علي بن ابراهيم قال الجن من ولد الجان منهم مؤمنون و کافرون و يهود و نصاري و يختلف اديانهم و لاريب ان هذا الاختلاف بحسب اختلاف مايلزمهم من العقايد في التوحيد و النبوة و الولاية و ارکانها و حدودها و اما تکليفهم في الفروع (و اما بالفروع خ‌ل) فهو مثل تکليف الانسان في النوع و لکن تختلف احکام فروعهم بحسب اختلاف الموضوعات کما اختلف في الانسان اذا اختلف (اذ اختلفت خ‌ل) الموضوع کالصلوة الواجبة عليه اذا کان في الحضر او (و خ‌ل) السفر او (و خ‌ل) الخوف او (و خ‌ل) المرض او (و خ‌ل) غير ذلک من الاحوال الجارية عليه التي بسببها (بحسبها خ‌ل) تختلف احکام تکليفهم باعتبار اختلاف تلک الموضوعات و العلم بتلک التفاصيل لايمکن الا لمن اشهده الله خلق السموات و الارض و خلقه (خلق خ‌ل) نفسه کالانسان حرفاً بحرف و لذا تري ان الهواء و النار لايتنجسان بهذه النجاسات العشر و قد عرفت بدلالة الاخبار و الآيات ان الجن خلقوا من النار و السموم (من نار السموم خ‌ل) فيجب ان لايتنجسوا بهذه النجاسات و کذلک الطهارات انما تطهر الاجسام الکثيفة و الجن اجسام لطيفة فلاتجري عليهم (فلايجري عليه خ‌ل) احکام الطهارات و النجاسات التي للانس فلهم طهارة و نجاسة غير ما هو المعروف عند الانس نعم نجاسة الکفر تسري فيهم (نجاسة الکفر يجري خ‌ل) و تنجسهم کالانس فقد اشرت لک نوع المسألة فتتبع و استخرج جزئياتها فانا نلقي اليکم (عليکم خ‌ل) الاصول و عليکم التفريع.

و اما اصنافهم فکثيرة جداً و قد روي عن الصادق7 ان الانس عشر الجن و هم انواع لاتحصي (لايحصي خ‌ل) و قد ذکر شيخنا و استادنا و سنادنا (شيخنا و استادنا خ‌ل) اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه في کشکوله قال احمد بن فارس حدثني بعض الثقات عن وهب بن منبه (امية خ‌ل) اليماني قال قرأت سبعين کتاباً مما انزل الله علي انبيائه فوجدت فيها کلها

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 492 *»

ان اول خلق خلقهم الله اليانون و هم الف امة و کل امة الف الف سبط و کل سبط الف الف فخذ و کل فخذ الف الف شخص و ان الله سبحانه لما خلقهم و اسکنهم الارض عهد اليهم عهداً و ميثاقاً الايعصوه طرفة عين و خلق لهم نبياً اسمه يوسف ابن يانان و امرهم ان لايعصوه و لايخالفوه و ان خالفوه اهلکهم الله فلم‌يزالوا سامعين مطيعين مئة حقب لم‌يخالفوه عن امر و لا نهي و کان مغرماً بکثرتهم و ما هم في عدد آناء الليل و اطراف النهار متفکراً في کثرتهم و ما اعطاهم من الکثرة و کيف يرزقهم و من اين يرزقهم فاوحي الله اليه يا ابن يانان اشتغلت حتي تخوض في اهون الاشياء فوعزتي و جلالي و عظمتي و کبريائي ما هم عندي الا کلمح البصر و لکن اخرج الي الجبل فخرج يوسف الي حيث امر فلما جاء بين الجبل کشف له الغطاء عما خلف الجبل من العالمين فنظر الي آخر مد البصر عرضاً و طولاً فنظر في وسطه بياضاً وراءه قوم يموجون مثل الموج المرتطم بعضهم في بعض و يصيحون الي الله تعالي بصوت لو سمعه اهل الدنيا لماتوا منه (منهم خ‌ل) فلما رآهم يوسف غشي عليه من ذلک فلما افاق من غشوته قال سبحانک اللهم و بحمدک ما هذا الخلق و مايقال لهم فاوحي اليه يا ابن يانان انظر الي الشرق فنظر فاذا (الي الشرق فاذا خ‌ل) سواد اعظم من الاول سبعين الف ضعف و في وسطه شيء يطفي کالحبابة علي البحر الاسود الحديث، و في کتاب عجايب المخلوقات ان الله سبحانه (تعالي خ‌ل) لما سخر الجن لسليمان بن داود8 فخرجت الجن و الشياطين من المغارات من الجبال و الآکام و الاودية و الفلوات و الآجام و هي تقول لبيک لبيک تسوقها الملائکة سوق الراعي غنمه حتي حشرت لسليمان طائفة ذليلة و هي يومئذ اربعمئة و عشرون فرقة.

و بالجملة اصنافهم کثيرة و انواعهم غيرعديدة و ها انا اذکر لک بعض ما وصل الينا من اسماء (اصناف خ‌ل) اجناسهم مما ذکره شيخنا الاستاد و مولانا السناد و سيدنا العماد افاض الله برکاته علي العباد و البلاد فان استقصاء جميع الاصناف مما لايمکن لنا لما بنا من قلة الاستعداد و عدم استعمال الفؤاد فمن

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 493 *»

اصنافهم الشيصبان و ساجيا و ذربا و مسمار و ديهش و زوبعة و زيفة و صبضار و سمدون (الشيصبان و صاحبا و زريا و مسماد و ديهش و زويعة و ربضة و صبصاد و سهرون خ‌ل) و صعصعه و قيراط (قراط خ‌ل) و رباح و سلاهب و اصعر (اسفر خ‌ل) و سلهاب و مذهب و عمر و منسوبة و الرها و هصهط و بهرام و طايوس (طابوس خ‌ل) و سهيل (سهبل خ‌ل) و قابوس و زمار (زهار خ‌ل) و فروه (قروه خ‌ل) و فره و سرباط و قاطرس و رهار (رهاد خ‌ل) و عافر و عسرج و عصيطح و نهرس و نهروس و البطهر (بطهر خ‌ل) و مهلب و مهيل و الحارب و الحويرب (حويرب خ‌ل) و عيص و الحريص و الهرسم و بهرز و نعمان و لصيق (نصيق خ‌ل) و عريس و عوش (عوس خ‌ل) و طهار و فرطس و السامر (سامر خ‌ل) و الهائم و لاقيس (لهام و قيس خ‌ل) و بهيم و الهام و عيص و الاقبض و هامة بن الاقبض و يلدون و دفليس و الخطاب و شبر (بسر خ‌ل) و عاديس و سليمان و قيداس و بشر و عليس و فوة و کيده و طرقه و يمه و رفه (رفسه خ‌ل) و غفسه و شقيقه و قلنا (قلباء خ‌ل) و سرحوب و غيرذلک من اسماء اجناسهم و هم کثيرون لايحصي عدد کل جنس منهم الا من اشهده الله خلق السموات و الارض و جعلهم اعضاداً لخلقه.

و قول مولانا الصادق7 ان الانس عشر الجن، يريد باعتبار المرتبة فان نسبة الجن الي الانس نسبة (نسبة الجن نسبة خ‌ل) العشرات الي الآحاد و الا فمن حيث العدد لايحصي کثرة و نسبة الجن الي الانس في القلة و الکثرة نسبة الانبياء المعدودين بمئة الف و اربعة و عشرين الف الي الانسان الرعية الذين لايحصي عددهم و لايتناهي فان (فانه خ‌ل) کلما قرب الي المبدأ قرب الي الوحدة فجهات الکثرة عليها مخفية مضمحلة و کلما بعد عن المبدأ قرب الي الکثرة و جهات الکثرة ظاهرة غير مستترة انظر نسبة الآحاد الي العشرات و هي الي المئات و هکذا الي ما لايتناهي و ما ذکرنا من الاجناس و الاصناف هو اختلاف (اختلافهم خ‌ل) بحسب مقاماتهم الذاتية و مراتبهم الحقيقية مما تقتضي الشؤونات المستجنة في سرائرهم.

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 494 *»

و لهم مراتب بحسب تعلقات ظواهرهم باعتبار الامور العرضية الغير الذاتية کالهواء فانه (فانها خ‌ل) حار رطب في مقام ذاته و حقيقته و اما باعتبار العوارض الخارجة فانه ينقسم الي جنوب و شمال و صباء و دبور فالاول حار رطب و الثاني بارد يابس و الثالث بارد رطب و الرابع حار يابس مع ان طبيعة الهواء واحدة و مزاجه غير متعدد و انما لحقت (لحقه خ‌ل) هذه الکيفيات باعتبار النواحي و الجهات الخارجة العارضة للطافة ذاته ينصبغ بصبغ مايجاوره فکذلک الجن فانهم (فانها خ‌ل) الطف من الهواء لغلبة النارية المقتضية للطافة الحالة (للطافة الحالية خ‌ل) فيه فتعتريهم تلک الاحوال بحسب العوارض الخارجية من اقتضاء الحدود العرضية و قد نص علي ذلک مولانا الصادق7 علي ما رواه في البحار الي ان‌قال فقال السائل کيف صعدت الشياطين الي السماء و هم امثال الناس في الخلقة و الکثافة و قد کانوا يبنون (ينسبون خ‌ل) لسليمان بن داود8 من البناء ما (و ما خ‌ل) يعجز عنه ولد آدم قال7 غلظوا لسليمان کما سخروا و هم خلق رقيق غذاؤهم التنسم و الدليل علي ذلک صعودهم الي السماء لاستراق السمع و لايقدر الجسم الکثيف علي الارتقاء اليها الا بسلم او سبب (بسبب خ‌ل) فالجن بحسب تلک العوارض المختلفة تختلف علي اصناف فمنهم من يغلب (فمنهم تغلب خ‌ل) عليهم جهة الهواء فيسکنون فيه و منهم (فمنهم خ‌ل) من يغلب عليهم (عليه خ‌ل) جهة الماء فيسکنون في الماء و منهم من يغلب عليهم (تغلب عليه خ‌ل) جهة التراب فيسکنون فيه و يقال (قد يقال خ‌ل) انهم اصناف صنف هم (منهم خ‌ل) سکنة کرة النار کما هو مقتضي اصل وجودهم و صنف هم سکنة الهواء (صنف منهم سکتة کرة الهواء خ‌ل) لغلبة الرطوبات و صنف هم سکنة الماء للمناسبة العرضية و صنف هم سکنة التراب کذلک (و صنف سکنة التراب کذلک و صنف سکنة الماء للمناسبة العرضية خ‌ل) و لذا تري من هاجت عليه المرة الصفراء غلبته (و غلبت خ‌ل) علي مزاجه فاذا مر به جني من سکان کرة النار وجد له محلاً مناسباً تعلق به فاذا تعدلت الطبيعة و ذهب هيجان تلک المرة لايجد محلاً لاستقراره

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 495 *»

فيذهب و هکذا سکان الهواء و الماء و التراب يتعلقون بمن هاج عليه الدم و البلغم و السوداء (السوداء و البلغم خ‌ل) و يذهبون عنه (عند خ‌ل) تعديل المزاج و لذا يؤثر فيهم الرقي و علاج الطبيب فافهم و يدل علي هذه الاصناف روايات کثيرة منها ما رواه علي بن ابرهيم في تفسيره انه لما تزوج سليمان7 بفاليحا (بضاليحا خ‌ل) ولد منها ابن و کان يحبه الي ان‌قال7 للجن هل لکم حيلة في ان‌تفروه من الموت فقال منهم واحد انا اضعه تحت عين الشمس في المشرق قال سليمان7 ان ملک الموت يخرج ما بين المشرق و المغرب و قال واحد منهم انا اضعه في الارض (تحت الارض خ‌ل) السابعة فقال7 ان ملک الموت يبلغ ذلک و قال آخر انا اضعه في السحاب و الهواء فرفعه و وضعه علي السحاب فجاء ملک الموت فقبض روحه (و قبضه خ‌ل) في السحاب فوقع جسده ميتاً علي کرسي سليمان الحديث، و انما رضي سليمان7 برفع ابنه في الهواء لتضاد طبيعة الهواء مع طبيعة الموت نظر (مع طبيعته انظر خ‌ل) الي ملاحظة الاسباب حيث ان الله سبحانه ابي ان‌يجري الاشياء الا باسبابها کما يشرب المريض الدواء و حيث ان مقام الانبياء يقتضي قطع النظر عن الاسباب و مشاهدة المسبب عوئب (عوتب خ‌ل) علي ذلک و قال سبحانه (تعالي خ‌ل) و لقد فتنا سليمان و القينا علي کرسيه جسداً ثم اناب و منها ما رواه في مشارق الانوار في تفسير قوله تعالي ما کان لي من علم بالملأ الاعلي اذ يختصمون و الحديث طويل من اراده فليطلب ثمة.

و للجن ايضا اجناس و اصناف من جهة التکليف و العلم فانواعهم بهذا اللحاظ ثلاثة بنظر الاجمال و خمسة علي التفصيل.

اما الاول فکما في البحار عن الخصال بسنده الي ابي‌عبدالله7 انه قال الجن علي ثلاثة اجزاء جزء مع الملائکة و جزء يطيرون في الهواء و جزء کلاب و حيات انتهي.

فالصنف الاول الذي هو الجزء الاول هم المطيعون لله المنقطعون عن اعتبار انفسهم فهم مع الملائکة في ما يجري عليهم و هم اهل الجنة يدخلونها

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 496 *»

بغير (من غير خ‌ل) حساب کالملائکة الذين لايجدون ارادة انفسهم و لا ميل انيتهم.

و الصنف الثاني الذين هم الجزء الثاني هم الذين خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً عسي الله ان‌يتوب عليهم و لذا عبر عنهم بانهم يطيرون في الهواء فان الهواء له اتصال بعالم (لعالم خ‌ل) النار التي هي وجه المبدأ و عالم (المبدأ عالم خ‌ل) الماء و التراب الذين لهم (هم لهم خ‌ل) الوجه الاسفل.

و اما الصنف الثالث المعبر عنهم بالجزء الثالث (و اما الصنف الثالث الذين هم الجزء الثالث خ‌ل) هم اهل المعاصي و السيئات المعبر عنهم بالکلاب و الحيات فالکلاب اعداء اهل البيت: لانهم الغرباء: في هذه الدنيا و الکلب يعادي (لانهم الغرباء و الکلب يعاوي خ‌ل) الغريب و يبغضه و الحيات ساير الملل المتفرقة و الفرق المختلفة و لما کان الجن للطافة بنيتهم يظهرون بصورة اعمالهم في هذه الدنيا فالکفار علي صورة (صور خ‌ل) الکلاب و الحيات و امثالها من الصور الشيطانية و المؤمنون الکاملون متصلون بالملائکة في الصورة الظاهرة يتلقون عنهم و يستأنسون بهم و يستعينون في الشدايد (التدابير خ‌ل) بهم اذ يشملهم عموم قوله تعالي الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملئکة الاتخافوا و لاتحزنوا و ابشروا بالجنة التي کنتم توعدون نحن اولياؤکم في الحيوة الدنيا و في الآخرة و المؤمنون الناقصون من العصاة يطيرون في الهواء و ينصبغون بصبغ مايجاورهم و قلوبهم محفوظة منعقدة علي الولاء لآل الله و هم عصاة الشيعة عسي الله ان‌يتوب عليهم قال7 و عسي موجبة و يشير الي ما ذکرنا ما روي ان سليمان7 لما نظر الي خلق الجن و عجايب صورهم و هم بيض (صورهم بيض خ‌ل) و سود و صفر و شقر و بلق علي صورة (صفر و اسعر و ابلق علي صور خ‌ل) الخيل و البغال و السباع و لها خراطيم و اذناب و حوافر (حوافير خ‌ل) و قرون فسجد سليمان7 لله الي ان‌قال فقال لهم سليمان7 ما لکم صورکم مختلفة و ابوکم الجان واحد فقالوا ان اختلاف صورنا لاختلاف معاصينا و اختلاط

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 497 *»

 ابليس بنا و مناکحتنا مع ذريته الحديث، و اما التفصيل فکما في الخصال ايضا عن النبي9 قال خلق الله الجن خمسة اصناف صنف حيات و صنف عقارب و صنف حشرات الارض و صنف يطيرون في الهواء و صنف کبني آدم عليهم الحساب و العقاب الخ، (انتهي خ‌ل).

فالحيات هم رؤساء الباطل منهم لاستمرارهم و تشعبهم من ظل ابي الشرور الذي ملأ بظلمته الدهر و انهم يسقون اتباعهم سماً قاتلاً ليميتوهم عن الحيوة الابدية التي هي الايمان و النجاة.

و العقارب هم التابعون لهم بالاساءة و هم اهل التراب الذين اخلدوا الي الارض فکما في قوله تعالي و لو شئنا لرفعناه بها و لکنه اخلد الي الارض و العقرب باردة يابسة طبع (و طبع خ‌ل) التراب.

و حشرات الارض هم المستضعفون الذين لايجدون حيلة و لايهتدون سبيلاً فليست لهم ثابتة (حيوة ثابتة خ‌ل) و انما حيوتهم عرضية عنصرية فروح الحشرات ممزوجة باجسادها و لذا تري اذا قطعت رأسها يتحرک ذنبها مدة من الزمان و ليست کالحيوانات التي ارواحها مباينة لاجسادها و المستضعف ليس له حيوة باطنية قلبية و تمييز حقيقي حتي يکون بذلک من اهل التکليف و حيوتهم عرضية صورية لا حقيقة معنوية کحشرات الارض فان قلوب المستضعفين ماخلقت بعد.

و الذين يطيرون في الهواء هم الکاملون البالغون المترفعون عن الارض اي ارض الادناس سايرون مع الملأ الاعلي بالغون الي مقام الحيوة الابدية و البقاء السرمدي و هم الذين مع الملائکة من القسم الاول و يدخلون الجنة بغير حساب.

و الذين کبني آدم في ظهور المعرفة و قوة المشاعر الصالحة لتعلق التکليف بهم في هذه الدنيا و هم الذين خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً و هم الذين عليهم الحساب و عليهم العقاب و الثواب فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 498 *»

 من يعمل مثقال ذرة شراً يره و الحيات و العقارب هم الذين يدخلون النار بغير حساب لان الوزن و الحساب للممتزج المختلط (و المختلط خ‌ل).

و اما الخالص من الفريقين فيلحق باصله بلا ريب و مين و المستضعف (المستضعفين خ‌ل) من حيث هو ليس عليه (عليهم خ‌ل) حساب و لا عقاب الا اذا عرف اما في الدنيا او في البرزخ او يوم القيامة بتأجج (بتأجيج خ‌ل) نار الفلق قل اعوذ برب الفلق و ما ادراک ما الفلق فهناک يثبت عليه الحکم اما الي الجنة او الي النار.

و هنا اصناف اخر من الجن بحسب ظهورهم باعتبار ناحية من النواحي منها الغول و هو اشهرها و هو نوع من الجن يتعرض للمسافر و يتلون في ضروب الصور و الثياب فقيل ان الجن اذا ارادوا استراق السمع تصيبهم الشهب فمنهم من احترق و منهم من وقع في البحر فصار تمساحاً و منهم من وقع في البر فصار غولا و منها السعلاة (و السعلاة خ‌ل) و هي ايضاً نوع من الجن مغايرة للغول و اکثر ما توجد في البراري اذا ظفرت بانسان ترقصه و تلعب به کما تلعب الهرة بالفارة و الذئب ربما يصطادها بالليل و يأکلها فاذا افترسها ترفع صوتها و تقول ادرکوني فان الذئب قد اکلني و ربما تنادي من يخلصني و معي مأة دينار يأخذها و القوم يعرفون انه کلام السعلاة (انه السعلاة خ‌ل) لايخلصها احد فياکلها الذئب و منها الغدار و هو نوع آخر من الجن يوجد باطراف (الجن باطراف خ‌ل) اليمن و اعالي المصر يلحق الانسان فيدعوه الي نفسه فيقع عليه فاذا اصاب الانسان منه يقول اهل النواحي (النواصي خ‌ل) امنکوح او مدغور (مذعور خ‌ل) فان کان منکوحاً ايسوا (ابوا خ‌ل) منه لان له قضيباً کقرن الثور يقتل (و يقتل خ‌ل) الانسان و ان کان مدغوراً (مذعورا خ‌ل) سکن روعه فتشجع و منها الدلهات و هو نوع آخر منهم يوجد في جزائر البحار و هو علي صورة انسان راکب علي نعامة يأکل لحوم الناس الذين يقذفهم البحر و ذکر بعضهم ان الدلهات عرض لمرکب في البحر اراد اخذهم (اراد ان‌يأخذهم خ‌ل) فحاربوه فصاح صيحة خروا (فخروا خ‌ل) علي وجوههم و اخذهم و منها الشق و هو نوع آخر من الجن

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 499 *»

صورته کنصف آدمي يظهر للانسان في اسفاره و بالجملة اصنافهم کثيرة و اجناسهم غيرعديدة و الذي ذکرناه جملة منها مما وصل الينا.

و اما تشکلهم بالاشکال المختلفة فاعلم انا ذکرنا (فاعلم ان خ‌ل) في اجوبة المسائل التي اتت الينا من البحرين تفصيل هذه المسألة و سنشير (نشير خ‌ل) هنا الي نبذة منها لعدم الاقبال لان القلب کليل و البدن عليل فنقول لاشک و لاريب ان الجن يتشکلون بالاشکال المختلفة لانهم اجسام لطيفة غير منجمدة و انما هي ذائبة فالروح الحالة فيها تتصرف فيها و تشکلها باي شکل شاءت لذوبان اجسامهم و عدم انعقادها (لعدم انعقاد خ‌ل) و انجمادها فتقتضي (فيقتضي خ‌ل) الظهور في اي صورة شاءت.

و اما الانسان المخلوق من التراب تراب عليين و سجين غلبت عليهم اليبوسة فانجمدوا و لايسعهم التشکل بالاشکال المختلفة الا البشر الذي خلق من الماء کما ذکره (ذکر خ‌ل) الله سبحانه في القرآن هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهرا فهذا البشر لذوبان ذاته و حرارة باطنه و وفور الرطوبات الغريزية يتشکل في الصور کيف شاء (يشاء خ‌ل) الله و کذلک کل من تبعه اذ ما اتبعه الا لکونه من سنخه اماسمعت الله سبحانه يقول و من تبعني فانه مني فيظهر فيه سره و يظهر في الصور کيف شاء الله فالمتشکل (فالتشکل خ‌ل) بالاشکال المختلفة علي انحاء فمن متشکل بالاشکال المختلفة لضعف ترکيبه کالملائکة و من متشکل بالاشکال المختلفة لقوة الترکيب (ترکيبه خ‌ل) لکنه ذائب لغلبة النار التي اخذت و خلقت من الشجر الاخضر الذي خلق من فاضل تراب طينة آدم فيتمکن للتشکل بالاشکال المختلفة بلبس صورة و نزعها و لبس الاخري و هکذا الي الصور الغير المتناهية لقوة الترکيب و شدة الذوبان و امتزاجه بظاهر الماء الذي به حيوة کل شيء و من متشکل بالاشکال المختلفة لقوة الترکيب و ذوبانه بنار السجين و غلبة الطبايع الشيطانية کاتباع ابليس و جنوده من الانس و الجن.

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 500 *»

و اما المنجمد المنعقد لعدم الذوبان علي الوجه المذکور فلايسعهم التشکل لغلبة التراب اي البرودة و اليبوسة اللتين هما طبع الموت و هم اموات غير احياء و مايشعرون ايان يبعثون و هؤلاء يکونون من المتشبثين بالحق و الباطل،

و لکل رايت منهم مقاماً        شرحه في الکلام مما يطول

و لطافة اجسام الجن اورثت تشکلهم بالاشکال المختلفة کيف شاؤوا و لما کانوا بعيدين من (عن خ‌ل) مبدأ النور تمکنت الظلمة فيهم و ناسبتهم الصور (ناسبهم الصورة خ‌ل) الشيطانية و يتصورون بکل صورة علي صورة اقتضاء کينونتهم عند ظاهر افعالهم من الصورة الخبيثة من هياکل الکفر کصورة الکلاب و الخنازير و الحيات و العقارب و امثالها من الصور القبيحة و حيث کانت کان النور (حيث کان النور خ‌ل) لم‌يضمحل فيهم و تظهر افعاله في کينوناتهم و لذا ظهر الاختيار فيهم من جهة اقتدارهم علي اظهار آثار الميلين اي الداعيين داعي الخير و الشر و داعي النور و الظلمة و داعي الاقبال و الادبار بعد (فعند خ‌ل) ظهور تلک الدواعي النورية الالهية يناسبون الصورة الانسانية هيکل التوحيد فيظهرون بتلک الصور و يتصورون بتلک الاشباح و لذا عرف اهل المنطق الجن بانه جسم ناري يتشکل بالاشکال المختلفة حتي الکلب و الخنزير و التعريف و ان کان رسمياً ليس بحد کاشف عند حقيقة الواقع لکنه رسم و اسم جامع و هم يتشکلون بالاشکال المختلفة لذوبان ماهياتهم يعني کينوناتهم و مناسباتهم لجهات الخير و جهات الشر و اما الملائکة اجسام نورية و جهات الظلمة فيهم خفية ضعيفة بل لايکاد يوجد لها اثر و يظهر عنها خبر لايعصون (و لايعصون خ‌ل) الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون، عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فلا مناسبة لهم مع الظلمات فلاتناسب الشياطين فلايمکن ان‌يتصوروا بالصور الشيطانية التي هي هياکل الکفر و النفاق و يتصورون بکل صورة طيبة ما عدا الکلب و الخنزير و قولهم الکلب و الخنزير مثال لهيکل الکفر و النفاق و صورة الشيطانية و النفاق (الشقاق خ‌ل) لا انهما لهما خصوصية خاصة بل لهما مدخلية عامة من

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 501 *»

حيث ان هاتين الصورتين علي حسب اقتضائهما اقبح الصور و الهياکل و الکافر و ان کان مثلهما لکنه تلبس بلباس الغرور و خدع بالمکر و الزور و لبس هذه الصورة بالاتيان بما يقتضيها کذباً و افتراء و لبس الصورة الانسانية زوراً و اختلافاً فمن هذه الجهة لم‌يذکروا الکافر مع الکلب و الخنزير لظهور الامر فيها دونه في الدنيا فالثلثة انجاس ارجاس اصل الشرور و مبدأ المکر و الزور عليهم لعاين الله مدي الاعصار و الدهور الي يوم ينفخ في الصور بل الي يوم النشور بل ما ترجع الي الله الامور.

ثم اعلم ان الجن و ان قلنا انهم يتصورون بکل صورة و يتشکلون بکل شکل لکنهم لايتشکلون بشکل الانبياء و اوصيائهم: لا في اليقظة و لا في المنام لعدم المناسبة للظهور بتلک الصورة الجامعة المقتضية للعصمة و مستوي الرحمن بالرحمة و هذا لايکون ابداً و اذا کذبوا يجب علي الله تکذيبهم و بيان کذبهم لان الله سبحانه لايصدق الکاذب اذا کان کذبه لايظهر الا من جهته لانه سبحانه خلق الخلق لهدايتهم لا ان‌يسبب لهم اسباب ضلالتهم سبحانه و تعالي عما يظنون علواً کبيراً و شرح هذه الکلمة طويل و القلب لبيانه کليل و اما الصورة الاصلية لکفار (کذا) و هي الصور الشيطانية من صورة الکلاب و الخنازير و اما الصورة الاصلية لمؤمنيهم (لمؤمنهم خ‌ل) فهي الصورة الانسانية و لکنها مشوهة الخلقة غيرمعتدلة الاعضاء و غيرمتناسبة (مناسبة خ‌ل) الاجزاء و غيرجيدة الترکيب و لذا لما جاء عرفطة و هو شيخ احد طوايف الجن حضر عند النبي9 علي صورة (صورة خ‌ل) ايمانه و اسلامه علي حسب مقتضي مقامه فقال (فقال له خ‌ل) النبي6 فاکشف لنا عن وجهک حتي نراک علي هيئتک التي انت عليها قال فکشف لنا عن صورته فاذا شخص عليه شعر کثير و اذا رأسه طويل طويل العينين (العينان خ‌ل) عيناه في طول رأسه صغير الحدقتين و له اسنان کأنها اسنان السباع (و له اسنان السباع خ‌ل) الخ، و کذلک سليمان7 لما نظر الي صورهم و اشباحهم سجد لله و قال اللهم البسني من القوة و الهيبة ما استطيع به النظر اليهم فاتاه جبرئيل

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 502 *»

7 فقال ان الله تعالي قواک عليهم الخ، و عدم استطاعة نظر سليمان لان الصورة الانسانية التي هي علي هيکل (هي هيکل خ‌ل) التوحيد تستوحش من النظر الي الهيئات المختلفة المباينة لها حتي يستعين بالله سبحانه فيعطيه الله سبحانه (تعالي خ‌ل) مدداً من عنده يناسب و يقهر تلک الصور نعم يظهرون بالصور الطيبة و الشکل الحسن العجيب اذا شاؤوا و ارادوا علي حسب اقتضاء المقام فافهم راشداً موفقاً و قال بعضهم ان‌تشکل الجن عبارة عن تشکل الهواء المطيف (اللطيف خ‌ل) به قال ما لفظه و ثالثها ان‌يتشکل الهواء المطيف (اللطيف خ‌ل) به علي اي صورة شاءه (شاء خ‌ل) فيکون الشخص باطن تلک الصورة و يقع الادراک علي تلک الصورة (علي الصورة خ‌ل) الهوائية المتشکلة في الصورة التي اراد ان‌يظهر فيها قال (و قال خ‌ل) و من هذا الباب قوة الجن لمن يعرفهم (الجن يعرفهم خ‌ل) و يشاهدهم فانهم يظهرون في ما شاؤوا من الصور (الصورة خ‌ل) انتهي ملخصاً، و هذا القول احتمال محض ماقام عليه الدليل علي ان قدرة کلهم علي التصرف في الامر الخارج منهم کالهواء مثلاً ممنوع في غاية (ممنوع غاية خ‌ل) المنع و الحق هو الذي بيناه و شرحناه و ليس (فليس خ‌ل) وراء عبادان قرية.

و اما غذاؤهم من حيث انفسهم فاستنشاق (باستنشاق خ‌ل) النسيم و اما عند تنزلهم بصورة من الصور فعلي مقتضي مقام تلک الصور فان تصوروا بصورة (بصور خ‌ل) الانسانية و تغلظوا (غلظوا خ‌ل) کما ظهروا لسليمان و کان يستخدمهم و يفرقهم في الاعمال المختلفة من امر الحديد و النحاس و قطع الاحجار و الصخور و الاشجار (قطع الاشجار و الصخور و الاحجار خ‌ل) و ابنية الحصون و کان يأمر نساءهم بغزل القز و الابريسم و القطن و نسج البسط و النمارق (المفارق خ‌ل) و يأمر بعضهم بعمل المحاريب و التماثيل و جفان کالجواب و قدور راسيات فاتخذوا له قدورا من الحجارة کل قدر يأکل منه الف (الف الف خ‌ل) نسمة و اشتغل طائفة منهم بالطحن و طايفة منهم بالخبز و اخري (الاخري خ‌ل) بالذبح و السلخ و طايفة بالغوص في البحار لاستخراج

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 503 *»

الجواهر و اللآلي و طايفة لحفر الآبار و القنا (القناة خ‌ل) و شق الانهار و طايفة لاخراج الکنوز من تحت الارض و طايفة بالمعدنيات و استخراجها من المعادن و طايفة برياضة الصعاب (الخيل الصعاب خ‌ل) و امرهم بان‌يتخذوا له مدينة من القوارير (قوارير خ‌ل) لاتحجب سقوفها و حيطانها (و لا حيطانها خ‌ل) شيئاً فبنوا مدينة طويلة علي طول معسکر سليمان7 و عرضه و جعلوا لکل سبط من الاسباط فيها قصراً في طول الف ذراع و عرضه مثله و في (عرضه و في خ‌ل) کل قصر دور و مجالس و بيوت و غرف (مجالس بيوت غرف خ‌ل) الرجال و النساء ثم بني مجلساً في طول الف ذراع و عرضه مثله ليجلس فيها (فيه خ‌ل) العلماء القضاة ثم بنوا لسليمان قصراً رفيعاً عجيباً في طول خمسة آلاف ذرعاً (ذراع خ‌ل) و عرضه مثله و زخرفوه بانواع القوارير و رصعوه بانواع الجواهر و کان سليمان7 اذا رکب الريح (في الريح خ‌ل) علي بساطه في هذه المدينة يري (راي خ‌ل) کل شيء کان علي بساطه خارج المدينة لصفاء القوارير حتي الطباخين و الخبازين و جميع من رکب بساطه من الجن و الانس (الانس و الجن خ‌ل) و الخيل و الخدم و الحشم و کان الکل بمرأي من سليمان7 و الريح تجري بامره رخاء حيث اصاب و هؤلاء الخدمة انما ظهروا علي الصورة الانسانية و غلظوا للاستخدام فغذاؤهم من جنس غذاء الانسان و ان تصوروا بالصور المختلفة من صور البهايم و غيرها يکون غذاؤهم علي مقتضي تلک الصور (الصورة خ‌ل) کما ظهروا لسليمان7 علي هيئات مختلفة تدل علي اقتضاءات کينوناتهم و منهم من کانت وجوههم الي اقفيتهم و تخرج النار من فيهم و منهم من کان يمشي علي اربع و منهم من کان له رأسان و منهم من کانت رؤوسهم رؤوس الاسد و ابدانهم ابدان الفيل فرأي سليمان7 شيطاناً نصفه صورة الکلب و نصفه صورة السنور و له خرطوم طويل و قال له من انت فقال (قال خ‌ل) انا مهران بن لهفان بن غيلان (عيلان خ‌ل) و قال سليمان7 ما عندک من الاعمال قال عندي عمل الغنا و عصر الخمر و شربه و ازين الشرب و الغناء (ازين الغنا و شرب

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 504 *»

الخمر خ‌ل) لبني آدم فامر بتصفيده ثم مر به آخر قبيح الشکل اسود له نبح الکلاب و الدم يقطر من کل شعرة علي بدنه و هو سمج الشکل فقال له من انت قال انا الهلهال بن المحول (المهلول خ‌ل) فقال له ما عملک قال سفک الدماء فامر بتصفيده (بتقييده خ‌ل) فقال يا نبي الله لاتقيدني فاني احشر اليک جبابرة الارض و اعطيک العهد و الميثاق ان لاافسد في مملکتک فاخذ عليه الميثاق و ختم (ضم خ‌ل) عنقه و اطلقه و مر به آخر في صورة قرد (قردة خ‌ل) له اظفار کالمناجل و هو قابض علي بربط فقال له من انت فقال (قال خ‌ل) انا مرة (المرة خ‌ل) بن الحارث فقال له ما عملک فقال له انا (فقال انا خ‌ل) اول من وضع هذا البربط و حرکه فلايجد احد لذة الملاهي الا بي فامر بتصفيده و هکذا من ساير الصور فالکل يتغذون عند التنزل (ينفدون عند النزول خ‌ل) علي حسب مقتضي تلک الصورة لان الاحکام کلها تابعة للصورة (للصور خ‌ل) و اما المادة من حيث هي هي (من حيث هي خ‌ل) فلا حکم لها و في البحار عن وهب انه سئل عن الجن هل يأکلون و يشربون او (و خ‌ل) يموتون او يتناکحون قال هم اجناس اما خالص الجن فهم ريح لاياکلون و لايشربون و لايموتون و لايتوالدون و منهم اجناس يأکلون و يشربون و يتناکحون و يموتون (و يشربون و يموتون و يتوالدون خ‌ل) و هي هذه التي منها (منه خ‌ل) السعالي و الغول و غيرذلک.

اقول مراده لاياکلون و لايشربون يعني مثل الاکل و الشرب و الموت و التوالد الذي (التي خ‌ل) لبني آدم و الا فهم يأکلون و يشربون و يتوالدون من سنخهم (يتوالدون سنخهم خ‌ل) علي حسب مقامهم و مرتبتهم لدلالة الاخبار الکثيرة باثبات هذه الامور لهم و انهم اتوا الي رسول الله9 و ارادوا ان‌يجعل9 لهم شيئاً من الطعام فجعل لهم الروث و العظم اما الروث فانه فضلة من الحيوان الطيب و العظم فضلة من طعام بني آدم (من بني آدم خ‌ل) و المراد ان الجن لهم الفضلة و ليس لهم الاصل لانهم فاضل و بقية و بالجملة لهم اکل و شرب و ولادة علي مقتضي کينونتهم فاذا ظهروا بالصورة الانسانية فيتناکحون مع الانسان و يتوالدون اما سمعت ان

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 505 *»

بلقيس کانت امها جنية و غيرها من امثالها کثير و هم يموتون و يقتلون اذا ظهروا بصورة الانسان او حيوان و اما اذا کانوا علي صورهم الحقيقية في مقام ذاتهم فلايجري عليهم مايجري علي الحيوانات التي غلبت عليهم طبيعة التراب الاتري ان الهواء المحض لاينفعل انفعالات الماء و الارض و المتولد منهما و کذلک النار فاذا کان الجن مخلوقين من مارج من نار و من نار السموم کيف يجري عليهم احکام اهل الارض (احکام الارض خ‌ل) من مآکلهم و مشاربهم و حيوتهم و موتهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما مدة اعمارهم و کيف سلوکهم مع الانس و الي اين تؤول نهاية امرهم في الجنة او في النار و ما صورة سؤلهم (سؤالهم خ‌ل) و جوابهم و نهاية ترقيهم و الفائدة في خلقهم.

اقول و اما اعمارهم فهي طويلة لعدم مقتضي الفساد و لقوة الترکيب و لعدم مزج عناصر الکون و الفساد کيف و هم قد خلقوا من مارج من نار و المارج هو الخالص فتبلغ اعمارهم الي الف و الفين سنة بل ازيد و ازيد لوجود المقتضي و رفع المانع فان الله سبحانه ابي ان‌يجري الاشياء الا باسبابها و لولا الدواعي الاخر و الاسباب الخارجة کانت تتأخر (يتأخر خ‌ل) موتهم الي ان‌ينفخ في الصور.

و اما کيفية سلوکهم مع الانس فانهم في ذاتهم و حقيقتهم خدام للانس لانهم مخلوقون من شعاع نورهم و الشعاع يدور مع المنير و اما في مقام تنزل الانس و اجتماعهم في رتبتهم فالمؤمنون منهم مطيعون للانس و اما الکفار المتمردة فهؤلاء هم اعداء (فهؤلاء اعداء خ‌ل) الانس و مبغضوهم يتعرضون لاذيتهم و ايذائهم و يترصدون لهم المراصد و لکن الله سبحانه الجمهم بلجام المنع و منعهم عن ايذاء الانس اشد المنع و جعل لهم معقبات من الملائکة محيطة بهم من بين ايديهم و من خلفهم يحفظونهم اي الانس من شرهم و ايذائهم و اولئک الملائکة المعقبات صادرون من امر الله و هذا الحفظ يعم المؤمن و الکافر اما المؤمن فلاکمال النعمة لهم و اما الکافر فلاتمام الحجة

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 506 *»

عليهم و ليکيدهم من قوله تعالي و املي لهم ان کيدي متين و لاتمام قوله تعالي لايحسبن الذين کفروا انما نملي لهم خير لانفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثماً و لهم عذاب مهين فاذا بلغ الکتاب اجله و نالوا نصيبهم من الکتاب يجري قضاء الله و قدره بما يشاء کيف يشاء بما يشاء (قدره بما يشاء کما يشاء خ‌ل) فلولا دفع الله عن المؤمنين لاهلکتهم الجن و اليه يشير قول مولانا الحجة عجل الله فرجه في توقيعه الي المفيد (للمفيد خ‌ل) انا غيرمهملين لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء، و هي جمع محلي باللام يريد جميع الاعداء (و هي جميع الاعداء خ‌ل) من الانس و الجن و هو7 حجاب الله الاکبر و في البحار عن العلل بالاسناد عن ابي‌جعفر7 قال قال (قال خ‌ل) اميرالمؤمنين7 ان الله تبارک و تعالي لما احب ان‌يخلق خلقاً بيده فذلک بعد ما مضي (ان مضي خ ل) الجن و النسناس في الارض سبعة آلاف سنة قال و لما کان من شأن (کان شأن خ‌ل) الله ان‌يخلق آدم للذي اراد من التدبير و التقدير لما هو مکونه (مکونة خ‌ل) في السموات و الارض و علمه لما اراد من ذلک کله کشط عن اطباق السموات ثم قال للملائکة انظروا الي اهل الارض من خلقي من الجن و النسناس فلما راوا مايعملون فيها من المعاصي و سفک الدماء و الفساد في الارض بغير الحق عظم ذلک عليهم و اسفوا علي اهل الارض و لم‌يملکوا غضبهم اذ (ان خ‌ل) قالوا يا ربنا (يا رب خ‌ل) انت العزيز القادر الجبار القاهر العظيم الشأن و هذا خلقک الضعيف الذليل في ارضک يتقلبون في قبضتک و يعيشون برزقک و يستمتعون (يستقيمون خ‌ل) بعافيتک و هم يعصونک مثل هذه الذنوب العظام لاتاسف و لاتغضب و لاتنتقم لنفسک لما تسمع منهم و تري لقد عظم ذلک علينا و اکبرناه فيک فلما سمع الله عز و جل ذلک من الملائکة قال اني جاعل في الارض خليفة لي عليهم فيکون لي عليهم حجة (فيکون حجة عليهم خ‌ل) في ارضي علي خلقي فقالت الملائکة سبحانک اتجعل فيها من يفسد فيها و يسفک الدماء و نحن نسبح بحمدک و نقدس لک و قالوا فاجعله (فاجعله منا خ‌ل) فانا لانفسد في الارض و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 507 *»

 لانسفک الدماء و قال الله جل جلاله (عز و جل جلاله خ‌ل) يا ملائکتي اني اعلم ما لاتعلمون اني اريد ان‌اخلق خلقاً بيدي اجعل ذريته انبياء مرسلين و عباد صالحين و ائمة مهتدين اجعلهم خلفائي علي خلقي في ارضي (و اجعلهم خلفائي في ارضي علي خلقي خ‌ل) ينهونهم عن المعاصي و ينذرونهم عذابي و يهدونهم الي طاعتي و يسلکون بهم طريق سبلي (طريقي سبيلي خ‌ل) و اجعلهم حجة لي عذرا او نذرا و (او خ‌ل) ابين النسناس من ارضي فاطهرها منهم و انقل مردة الجن العصاة عن بريتي و خلقي و خيرتي و اسکنهم الهواء و في (في الهواء في خ‌ل) اقطار الارض لايجاورون (الا يجاورونهم خ‌ل) نسل خلقي و اجعل بين الجن (الجن و الانس خ‌ل)  و بين خلقي حجاباً و لايري نسل خلقي الجن و لايؤانسونهم و لايخالطونهم و لايجالسونهم الخ، فالله سبحانه منعهم و حجر (حجز خ‌ل) بينهم و بين الانس فلايقدرون عليهم الا اذا رفع (وقع خ‌ل) الحجاب و فتح الباب و هنالک (فهنالک خ‌ل) يأتون بما يقدرون عليه (بما يقدرون خ‌ل) و يرد الله سبحانه کيدهم في نحرهم و يقتل سلطانهم و يطهر الارض من لوث نجاساتهم و ذلک في آخر الرجعات عند ظهور قوله تعالي الحمد لله الذي صدقنا وعده و اورثنا الارض و قد بينا و شرحنا هذه المسألة باکمل بيان فيما (فما خ‌ل) کتبنا في الرجعة فليطلب ثمة من اراد زيادة التحقيق و معرفة نکات التدقيق.

و اما مآلهم في الجنة و النار فاعلم انهم اذا ارتحلوا من هذه الدنيا لايخلون اما انهم مطيعون ام عاصون و العاصون لايخلون اما ان‌يکون معصيتهم في الاعتقاد (الاعتقادات خ‌ل) او في الاعمال فالاقسام ثلثة فان کانوا مطيعين و ماتوا و الله سبحانه و تعالي راض عنهم فهؤلاء من اهل الجنة و ليس حال هؤلاء مثل حال الانس ان لايروا رسول الله9 و الائمة: الا عند موتهم بل هؤلاء لقلة انياتهم و ذوبانهم اذا ماتو غلوا (ماتوا غلوا خ‌ل) في المعاصي يصلون الي الامام7 و يرونه بل و يرون (يرون خ‌ل) رسول الله9 و ساير الائمة: (ساير الائمة الاطهار الاخيار

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 508 *»

الابرار عليهم صلوات الله الملک الجبار خ‌ل) اذا ظهروا و تجلببوا بجلباب (الجلباب خ‌ل) اهل هذه الدنيا من سنخ اجسام العالم الاول يوم کان طالع الدنيا سرطان و الکواکب في اشرافها و هو جسم تقدر (لاتقتدر خ‌ل) ابصار اهل هذه (ابصار هذه اهل هذه خ‌ل) الدنيا ان‌تشاهده و الجن يشاهدونهم في تلک الاجسام و بالجملة فمؤمن الجن اکثر حظاً من الانس بالاتصال بهم و مشاهدتهم و ان کانوا اقل حظاً في معرفتهم و ادراک المقامات التي جعلها لهم فهؤلاء يشاهدونهم عند الموت کماحض الايمان من الانس الا ان ماحض الايمان من الانس يظهر لهم من مقام عظمتهم و جلالتهم ما لم‌يظهر عشر معشاره بل جزء من مئة الف جزء من مئة الف جزء (بل جزء من مئة الف جزء خ‌ل) من رأس الشعير للجن و هم في غبطة و سرور الي ان‌دخلوا (ادخلوا خ‌ل) في القبر و يأتيهم رومان فتان القبور فيملي عليهم اعمالهم و يجعلها (يجعلها بجعلها خ‌ل) في اعناقهم و في القرآن و ان کان نص علي الانسان في قوله تعالي (ان کان نصا علي الانسان خ‌ل) و کل انسان الزمناه طائره في عنقه الا ان الحکمة المقتضية لهذا الالزام جارية و ثابتة لکل المکلفين فبعد خروج رومان فتان القبور يأتيهم الملکان الاسودان الازرقان رأساهما (رأسهما خ‌ل) في السماء السابعة و رجلاهما في الارض السابعة يخطان الارض خطاً و يسألانهم عن جملة الاعتقادات بعين ما ذکرنا في رومان فتان القبور حرفاً بحرف الا ان رومان و نکير و منکر اللذين (الذين خ‌ل) يأتون عند الجن ليس هم الذين يأتون عند الانس و کذلک ملک الموت الذي يقبض (لقبض خ‌ل) روح الجن غير ملک الموت الذي يقبض روح الانس بل الملائکة المتعلقين و الموکلين علي الجن من فاضل نور الملائکة الموکلين بالانس (علي الانس خ‌ل) لما بينا و شرحنا ان الجن انما خلقوا من شعاع (شعاع فاضل خ‌ل) نور الانس و الطفرة في الوجود باطلة و الادوات انما تحد انفسها و الآلات انما تشير (الآلات تشير خ‌ل) الي نظائرها فاذا فرغوا من السؤال ينقل بهم من قبورهم بارواحهم دون اجسادهم الي الجنة و هذه الجنة ليست من الجنان الاصلية البرزخية و انما هي شعاع من

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 509 *»

الجنان الاصلية و هي التي تسمي بالحظاير فهناک مقرهم الي ان‌تظهر دولة الحق فيرجعون کما ترجع (يرجع خ‌ل) الانس لوجود المقتضي و رفع المانع و قد قال7 ما من مؤمن يؤمن بتأويل هذه الآية (بهذه الآية خ‌ل) الا و له ميتة و قتلة و هي قوله تعالي و لئن قتلتم في سبيل الله او متم لالي الله تحشرون يؤمن بان سبيل الله هو علي7 و القتل في سبيل الله هو القتل في سبيل علي7 و المؤمن يعم الجميع و العقل قاطع بان المقتضي لهذه الامور کلها الايمان و المعرفة فحيث ما تحققا تجري عليه احکامهما (احکامها خ‌ل) فاذا نفخ في الصور و جاء يوم القيامة فمؤمن الجن يقفون في صف التابعين لا في صف الاناسي و کلما يجري علي الانسان يجري عليهم الا ان الانس اقوي منهم بسبعين الف درجة و اما الدور في الآخرة تسعة و عشرون ثمان منها الجنة من الجنان الاصلية و سبعة منها جنان الحظاير لان کل حظيرة ظل من جنة (الجنة خ‌ل) و اما جنة عدن لصفائها و نورانيتها و لطافتها فليس لها ظل فکانت الجنان الاصلية ثمانية و الحظاير سبعة فحيث ان الجن تبع للانس مخلوقون من شعاع نورهم فلايمکن اجتماعهم معهم في جنة واحدة فوجب ان‌يکون ما من المنير للمنير (المنير خ‌ل) و ما من الشعاع للشعاع (الشعاع خ‌ل) سبحان الذي اتقن صنع کل شيء انه بکل شيء عليم و اما من (ما خ‌ل) کان من العصاة اذا کان معصيته في الاعتقاد هؤلاء (فهؤلاء خ‌ل) هم الکفار يدخلون النار نار الحظاير فان النار سبع طبقات هي الاصليات و لکل طبقة ظل تسمي حظاير ففي الاحاديث تعبر (يعبر خ‌ل) عنها بالضحضاح فکانت النيران اربعة عشر داراً اعاذنا الله منها و الجنان خمسة عشر جعلنا الله من اهلها و سکانها و المتنعمين بنعيمها.

و اما نهاية ترقيهم فلانهاية لها لان (الا ان خ‌ل) الله سبحانه و تعالي خلق الجن (خلق الخلق خ‌ل) للبقاء دون الفناء و انما ينقلهم من دار (دار الدنيا خ‌ل) الي دار لاستکمالهم و ترقيهم صعوداً و نزولاً لان السکون في الامکان محال و البقاء بدون الترقي بعد رفع الموانع محال آخر لان الله سبحانه و تعالي لايختار الا ما هو الاکمل و لاشک ان الکمال و عدم وقوفه الي حد اشرف من النقصان و هو

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 510 *»

سبحانه و تعالي لايترک الاولي فقال تعالي في الحديث القدسي کلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية الخ (انتهي خ‌ل)، فلاتنتهي ترقياتهم الي حد ينقطعون دونه کلا و حاشا (يقطعونه دونه و حاشا خ‌ل) اماسمعت ان من ضرورة الاسلام ان الجنة و النار لاتفنيان ابداً و کلما تطول المداء يزداد اهلهما (تطول الحد او يزداد اهلهم خ‌ل) نعيماً و اليماً فاين الوقوف و عدم الترقي فان کان مرادهم في الدنيا فکذلک لان بذر المعرفة اذا تزرع (زرع خ‌ل) في ارض القلب تخرج شجرة تنبت بالدهن و صبغ للآکلين و هي الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اکلها کل حين باذن ربها و کذلک بذر الانکار اذا تزرع (زرع خ‌ل) في قلب و سقي ماء حميم من الوساوس و الشکوک و الشبهات تخرج شجرة في اصل الجحيم طلعها کانه رؤوس الشياطين فآکلون (تأکلون خ‌ل) منها فمالئون منها البطون.

و بالجملة فترقيهم لانهاية له و لا غاية و لکن فليکن عندک معلوم ان الجن بجميع الترقيات الغير المتناهية لايصلون الي مقام الانس بحال من الاحوال بل و لا الي جزء من مئة الف جزء من رأس الشعير من مقامات الانس و مراتبهم لاستحالة وصول الشعاع الي مقام المنير و الفرع الي رتبة الاصل (الاصلي خ‌ل) و هم يترقون الي ما لانهاية له و لکنهم في رتبة مقامهم و قد قال عز و جل و ما منا الا له مقام معلوم و يستحيل الترقي ان‌يکون في السلسلة الطولية و الا جاز للممکن ان‌يکون واجباً و الضرورة قضت ببطلانه انظر الي ترقي الجماد الميت الي ان‌صار اکسيراً فعالاً يطرح الواحد علي العشرة (عشرة خ‌ل) ثم يترقي الي ان‌يطرح علي المئة ثم الي الالف و هکذا لکنه لايصعد عن مقام الجماد و لايصل الي مقام الحيوان و مايتراءي في بادي النظر فانه ليس کذلک و ان قال بعضهم فانه کلام قشري ان الجماد يکون نباتاً و النبات يکون حيواناً و الحيوان يکون انساناً و هو کلام قشري لا تحقيقي فان الجماد لم‌يکن نباتاً و انما صار محلاً (محلاً صالحاً خ‌ل) لظهور النبات کالمرآة صالحة (الصالحة خ‌ل) لاظهار مثال الشمس فلايقال ان المرآة کانت نوراً او کانت شمساً فاعتبر بذلک جميع

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 511 *»

المراتب و المقامات فالجن يترقون في مقامهم بلانهاية و لاحد لذلک و الانس کذلک في مقامهم و حقيقة الانبياء في مقامها و الحقيقة المحمدية صلي الله عليها في مقامها و هکذا الاشياء تدور و تسير کل في مرکزه بلانهاية و انما رددت (رددت الکلام خ‌ل) و کررته للتفهيم.

و اما الفايدة في خلقة الجن فما اغفلک عن (من خ‌ل) قوله تعالي و ما خلقت الجن و الانس الا ليعبدون و في الزيارة خلق الخلق لعبادته و دعاهم الي طاعته فشقي و سعيد فالسعيد (و السعيد خ‌ل) من يتولاکم و الشقي من عاداکم و هکذا الفايدة في خلق کل شيء و ذلک لاينافي ان‌يکون شيء تابعاً لشيء او متبوعاً لشيء فرعاً لشيء و اصلاً لشيء دالا علي شيء و مدلولاً لشيء لازماً لشيء و ملزوماً لشيء و متمماً لشيء و مکملاً لشيء فاعلاً لشيء و منفصلاً عن شيء ظاهراً لشيء و باطناً لشيء و هکذا (او متبوعاً لشيء و اصلاً لشيء دالاً علي شيء و مدلولاً کتاباً لشيء و مکتوباً لشيء و شرطاً لشيء و مشروطاً لشيء لازماً لشيء و ملزوماً لشيء و متمماً لشيء و مکملاً لشيء فاعلاً لشيء و منفعلاً عن شيء ظاهراً لشيء و باطناً لشيء و هکذا خ‌ل) ربط الموجودات و اتصالاتها و الله سبحانه خلق کل شيء لطاعته و عبادته ليحصل (لتحصل خ‌ل) له الترقي الي مقام قربه و نجواه ليظهر به کرمه الا ان الاشياء بعضها اصل و بعضها فرع و القول بان الغاية و الفايدة خلقة الانسان الکامل کلام مجمل فان کان مرادکم بالانسان الکامل هو الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله و سلم خ‌ل) فصحيح و يدل عليه تأويل قوله تعالي و اصطنعتک لنفسي و قوله تعالي في الحديث القدسي خلقتک لاجلي و خلقت الخلق لاجلک و في حديث اميرالمؤمنين7 في بيان خلقة نور النبي9 الي ان‌قال7 فخر نور النبي9 مغشياّ عليه الف سنة فلما افاق اوحي الله تعالي اليه انت الحبيب و انت المحبوب و انت المراد و انت المريد خلقتک لاجلي و خلقت الخلق لاجلک.

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 512 *»

و بالجملة هذا شيء معلوم لا سترة (ستر خ‌ل) عليه و قد قام عليه اجماع المسلمين و هو (فهو خ‌ل)9 غاية الايجاد و علته فلولاه ما کان موجوداً و لا مفقوداً و لا ظاهراً و لا باطناً و لا عالياً و لا سافلاً و لا سماء و لا ارضاً و لا براً و لا بحراً و لا غيباً و لا شهوداً و لا نوراً و لا ظلمة و لا تابعاً و لا متبوعاً و ذلک لاينافي ان‌يکون خلقة غيره للعبادة التي هي الغاية في اصل الوجود کما انها غاية وجوده فعبادة الانبياء: لله تعالي لاتتم الا بالاقرار و الاعتراف بالحقيقة المحمدية صلي الله عليها (بالحقيقة المقدسة خ‌ل) و خضوعهم و خشوعهم لها و انقيادهم لامرها و نهيها و کذلک عبادة الانسان لله تعالي لاتتم الا بالاعتراف بالحقيقة (بالحقيقة المقدسة خ‌ل) و بالانبياء و خضوعهم و خشوعهم و تذللهم لهم و انقيادهم و طاعتهم لهم فلو اخلوا بشيء من هذا ماتمت (ماتم خ‌ل) عبادتهم لله و ماعبدوا الله فان العبادة لاتکون الا علي الوجه الذي قرره (قدره خ‌ل) الله.

و بالجملة فکل شيء يعبد الله و خلق لعبادة الله الا ان العبادة لها شرايط و آداب تکفلت الشريعة المطهرة (المقدسة خ‌ل) لاثباتها و تحقيقها في جميع اطوارها و احوالها و ان کان مرادکم بالانسان الکامل الذي هو غاية الايجاد (للايجاد خ‌ل) کل من هو علي الصورة الانسانية ممنوع غاية المنع لان الغاية في الشيء هي العلة لوجوده و کل احد ليست له هذه القابلية مع ان الکامل المطلق لايکون الا من طهره الله عن ادناس لوازم الامکان و اما ماسوي ذلک فلايتحقق فيه الکمال (فلايتحقق الکمال خ‌ل) المطلق فافهم ثم اعلم انه قد (ثم اعلم قد خ‌ل) اشتهر بين العلماء من الفرقة المحقة و جرت به الالسن ان آل محمد صلي الله عليهم (عليه و آله خ‌ل) هم غاية الايجاد و هم العلة الغائية و هذا الکلام لاينطبق علي ما اتفقت کلمة العلماء کافة (و کافة خ‌ل) من الحکماء و غيرهم ان العلة الغائية مقدمة في الذکر و مؤخرة في الوجود کالجلوس الذي هو غاية للسرير و الاکل الذي هو غاية للطبخ و امثال ذلک لانهم صرحوا ان العلة الفاعلية و الغائية خارجتان عن حقيقة المعلول الا ان العلة الغائية مقدمة في الذکر و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 513 *»

مؤخر (مؤخرة خ‌ل) في الوجود و العلة الفاعلية مقدمة في الوجود و الذکر و العلة المادية و الصورية (الصورية و المادية خ‌ل) داخلتان في حقيقة المعلول و هذا کلام صحيح لاشک فيه و لا ريب يعتريه تشمله الادلة و يطابقه الحس و التجربة و شاهده الوجدان و العيان فعلي هذا لو کان آل محمد صلي الله عليهم (صلوات الله و سلامه عليه و عليهم اجمعين ابد الآبدين خ‌ل) هم العلة الغائية علي ما اتفقت عليه کلمتهم ظاهراً يلزم احد الامرين:

احدهما ان الله سبحانه قد فرغ من الامر و الخلق بعد ايجادهم سلام الله عليهم في هذه الدنيا کما زعمت اليهود و قالت (قال خ‌ل) يد الله مغلولة لان العلة الغائية يجب ان‌تکون بعد وجود المعلول فبعد ظهور الغاية لم‌يبق للمعلول شيء يتوقع في الوجود فاذا قلنا انهم سلام الله عليهم (صلوات الله و سلامه عليهم خ‌ل) العلة الغائية لکل العوالم و الموجودات فبعد ان‌وجدوا و تم ظهورهم وجب ان‌يکون قد تمت خلقة (خلقته خ‌ل) العالم و فرغ الله سبحانه عن الايجاد و هذا هو قول اليهود بعينه.

و ثانيهما يجب ان لايخلق آل محمد سلام الله عليهم (صلوات الله عليهم اجمعين خ‌ل) بعد لان الله سبحانه کل يوم في شأن و الخلق دائماً يتجدد و هم الغاية في الخلق فوجب ان‌لم‌يخلق بعد.

و ضرورة الاسلام و الايمان و العقل تقتضي بطلان (ببطلان خ‌ل) هذين الامرين فاذا فما معني قولهم ان رسول الله9 (عليه و آله الصلوة و السلام خ‌ل) و اهل بيته: هي (هم خ‌ل) الغاية و العلة لوجود العالم فيجب حمل کلامهم علي التجوز بزعمهم و انهم ليسوا بالعلة الغائية التي هي من العلل الاربع و انما مرادهم بالغاية هي الاصل لان الله سبحانه خلقهم اولاً و خلق الخلق من شعاع نورهم و فيض جودهم و جعل (خلق خ‌ل) الخلق فرعاً لوجودهم کما خلق الشمس و خلق الشعاع عنها و جعله فرعاً لوجودها و مظهراً لاحکامها فعلي هذا کل اصل بالنسبة الي فرعه هذا حکمه فالانسان (بالانسان خ‌ل) الکامل الذي هو الحقيقة المقدسة صلي الله عليها اصل الاصول و اسطقس

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 514 *»

الاسطقسات و ايس الايسات (الايسيات خ‌ل) و جوهر الجواهر و اوايل جواهر العلل و الخلق ماسواها فروع لها و اشعة (الاشعة خ‌ل) لانوارها يتوجهون الي الله تعالي بها و يعبدون الله بدلالتها و کذلک من دونها و اقرب الحقايق اليها اصل لما عداه و هکذا تترامي السلسلة الي الجن و هم فروع و اشعة لحقيقة (حقيقة خ‌ل) الانسان و لکنهم ذوات (ذوات و اشعة حقيقة الانسان خ‌ل) و جواهر اصول بالنسبة الي من دونهم من حقيقة (حقايق خ‌ل) البهايم و النباتات و الجمادات و ساير اطوار الکاينات و هم عون للامام الظاهر في اجراء (اجزاء خ‌ل) افعاله و شؤونه في مقتضياته اذا کان له ارادة مثلا و مصلحة في الامکنة (الاماکن خ‌ل) البعيدة کالهند و الصين يبعثهم و يستخدمهم و قد سمعت سابقا استخدام سليمان النبي7 (صلي الله عليه و آله خ‌ل) اياهم و فعلهم عجايب (العجايب خ‌ل) الصنايع له7 و کذلک الجن عون للشيعة يدفعون عنها المضار و يجلبون اليهم (عليهم خ‌ل) المنافع لقد جرت لهم معي قصة طويلة في دفع (رفع خ‌ل) المضرة عني و جلب الخير الي و لا احب ان‌اذکر هنا لئلا اهتک ستر بعض الاشرار و لااظهر خزيهم و العار و استعنت بالله و توکلت عليه في الاعلان (بالاعلان خ‌ل)‌ و الاسرار و هو حسبي و نعم الوکيل.

و بالجملة فوجود الجن من اعظم الفوايد و المنافع لکنها مستورة الآن في اعين ابناء هذا الزمان و اذا استقلت دولة الحق و ظهر المستور الغايب (الغايب المستور خ‌ل) عجل الله فرجه تتبين فوايدهم لانهم يظهرون بالعيان و يشاهدهم کل انسان و يتبين هناک ان فايدتهم کفائدة خلق الانسان الا ان کلاً في مقامه فتبين من هذا البيان التام ان الغاية في ايجاد الاشياء لاسيما الجن و الانس معرفة الله من توحيده و عبادته لا غير و کل ماسوي التوحيد و العبادة يرجع اليهما (اليها خ‌ل) و ما قلت من ان الفائدة و الغاية (الغاية هي خ‌ل) خلقة الانسان الکامل معناه ان الله سبحانه خلق ذلک الانسان الکامل اولاً و افتتح به الايجاد فکذلک اختتم به و في الزيارة بکم فتح الله و بکم يختم، و هذا المعني و ان کان في الحقيقة يوجد في الانسان الواحد الکامل و نفسه و من هو من سنخه

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 515 *»

لکنه يجري في کل شيء بحسبه لان کل شيء له فروع (شيء فروع خ‌ل) و له اشعة و له صفات و له آثار تتبع ذاته و تتفرع عليها و تقوم بها و اصل بالنسبة اليها و ان کان فرعاً بالنسبة الي اعلي منها و الي هذا المعني اشير في الزيارة السلام علي الاصل القديم و الفرع الکريم فهو7 اصل بالنسبة الي ما عداه مما تحته و فرع بالنسبة الي رسول الله9 و من هذا البيان التام افهم معني قوله7 کلکم راعون و کلکم مسؤولون عن رعيته فافهم (فافهم الکلام خ‌ل) و علي من يفهم الکلام السلام.

قال سلمه الله تعالي: و علي تقدير تشکلهم بالصور و الاشکال فهل هذا التشکل و التصور بالصور المختلفة حقيقي اصلي او مجازي صوري تصوروا (تصورا خ‌ل) لمحض المشابهة و هل هنا انقلاب حقيقة ام لا و يقولون انهم مظاهر قدرة الله الي اي مقام و مرتبة هم مظاهر القدرة و بالجملة بينوا لنا في هذا الباب بياناً کاملاً و حققوا تحقيقاً شاملاً يشمل (يشتمل خ‌ل) جميع احوالهم من العقل و الشرع و بينوا لنا علة رؤية ارباب التسخير اياهم دون غيرهم و ما العلاج في دفع ضررهم و اذياتهم.

اقول قولکم تشکلهم بتلک الاشکال حقيقي او مجازي ما المراد منه ان کان مرادکم ان تلک الصورة و ذلک الشکل (التشکل خ‌ل) يخرجهم عما هم عليه من کينونة انفسهم کما اذا تصور الکلب بصورة الملح و تصور الهواء بصورة الماء و الماء بصورة الهواء و النار فليس کذلک بل هم عند تصورهم بالصور المختلفة باقون علي ما هم عليه من الحقيقة و الذات و المشاعر و المدارک و غير ذلک و ذلک کتصور جبرئيل7 بصورة دحية بن خليفة الکلبي کانقلاب الانسان من صورة الصغر الي الکبر و من السمن الي الهزال و من الصفرة الي الحمرة و من البياض الي السواد و من الطول الي القصر و امثال ذلک و هذا في الانسان تدريجي لانجماد طينتهم و اما في الجن فدفعي لذوبان فطرتهم يتشکلون باي شکل شاؤوا کالشمعة التي تصورها باي صورة اردت فان (فاذا خ‌ل) اردت بالحقيقي المعني الاول و بالمجازي الثاني فالتشکل (و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 516 *»

التشکل خ‌ل) مجازي لا حقيقي و ان اردت بالمجازي اختلال العين و تصرف الجن بالقوة الباصرة علي حسب مايتخيلون کما يفعله اصحاب علم السيميا الذين سخروا الملائکة الثلاثة شمعون و زيتون و سيمون فانهم يظهرون کل (بکل خ ل) صورة يتخيلونها بالحس الظاهر لکنها صورة ظاهرية (ظاهر خ‌ل) لا حقيقة لها و انما بقاؤها ما دام خيال المسخر (مسخر خ‌ل) فان اردت الصوري (الصور خ‌ل) المجازي هذا المعني فتصور الجن و تشکلهم حقيقي ليس بهذا الوجه لان هذا الوجه لا اختصاص له بالجن و انما هو شأن کل احد اذا استعمل ذلک الفن مع انه خرص (فرض خ‌ل) و احتمال ما قام عليه دليل و لا برهان و کذلک ما قال بعضهم مما نقلناه (نقلنا خ‌ل) عنه سابقاً من ان تشکلهم بالصور المختلفة عبارة عن تشکل الهواء المطيف (اللطيف خ‌ل) بهم فان ذلک ايضا مجاز لا حقيقة فان الجن لم‌يتصوروا بل المتصور ذلک الهواء لاغير و حيث ان المتصرف فيه الجن نسبت (نسب خ‌ل) الصورة اليه تجوزا بل الحق الحقيق بالتحقيق و التصديق ان تتغير الصورة و تبدل (تتبدل خ‌ل) الهيئة و هذا لا اختصاص له بالجن بل انت ايضاً اذا لطف سرک (سترک خ‌ل) و اعتدلت طباعک تتمکن بامر الله سبحانه من ذلک کما تقدم اذ من المستبين ان الصورة التي انت عليها و الحلية (الحيلة خ‌ل) التي منک تري عرض في جوهرک فيزيل الله (عز و جل تبارک و تعالي خ‌ل) ذلک العرض و يلبسک ما اردت ان‌تظهر به من صور الاعراض التي هي لانسان او لحيوان او نبات او جماد و جوهرک (هي للانسان او الحيوان او النبات و الجماد جوهرک خ‌ل) باق و روحک المدبر علي ما هو عليه من العقل و جميع القوي باق و الصورة (الصورة صورة خ‌ل) جماد او نبات او حيوان او انسان و العقل عقل انسان و هو متمکن من النطق و الکلام فان شاء تکلم باي لسان انطقه الله سبحانه (تعالي خ‌ل) فحکمه حکم عين الصورة کما ان الروح اذا تجسد (تجد خ‌ل) اذا رأيته في صورة البشر لابد ان‌يتکلم بکلام البشر او بصورة حيوان يتکلم بکلام ذلک الحيوان بخلاف الانسان او (و خ‌ل) الجن اذا تصوروا بغير صورتهم ينطقون بنطقهم و يتکلمون بکلامهم فافهم و احفظ و ابن

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 517 *»

علي هذا (ابن عليه خ‌ل) امرک فان الجن لغلبة النارية و الهوائية تشکلها (تشکله خ‌ل) دفعي لاتدريجي و الانس منجمد يحتاج الي اذابة (ذاته خ‌ل) المنجمد و حل المنعقد بالعلم و العمل و اما في التصوير (التصور خ‌ل) الحقيقي فالحکم واحد.

فان قلت ان التصور و التشکل لو کان کما ذکرت يجب ان لايمکن (لايمکن اي خ‌ل) ان‌يري الشيء الواحد في الوقت الواحد بالصور العديدة المختلفة لانه حين نزع صورة و لبس اخري لايمکن حين تلبسه بها يلبس اخري لاجتماع الضدين الا علي النحو (نحو خ‌ل) الصورتين المتقدمتين مما يستعمله اهل السيميا او تصوير (تصور خ‌ل) الهواء المطيف (اللطيف خ‌ل) بذلک الجوهر لکن التالي باطل لان الائمة: قد ظهروا في وقت واحد و زمان واحد لاشخاص متعددين بالصور المتعددة و ظهور اميرالمؤمنين7 (و الثناء خ‌ل) في ليلة واحدة في وقت واحد لاربعين شخص معلوم مشهور و ظهور مولانا العسکري7 مع القائم عجل الله فرجه لثلاثة اشخاص من اهل قم منهم احمد (من اهل احمد خ‌ل) بن اسحق (ره) مزبور و مسطور و الملازمة ظاهرة.

قلت ان حکم الائمة: و ظهورهم بالنسبة الي من عداهم (: بالنسبة الي ماعداهم خ‌ل) غير ظهور غيرهم بعضهم لبعض فانهم سلام الله عليهم علل لوجودهم و الخلق مرايا و حملة لاشراق ظهورهم و ابراز نورهم کظهور نور الشمس في القوابل من المرايا و البلور و غيرهما (غيرها خ‌ل) فالمرايا اذا کانت قوابلها متطابقة تري الصور و الاشباح علي عدد المرايا متطابقة و لذا (لذا تري خ‌ل) اربعون واحداً (واحد خ‌ل) کلهم يقول انه اميرالمؤمنين7 و اذا کانت المرايا مختلفة فتختلف الاشباح و الصور فيها علي حسب اختلاف المرايا فيري (فتري خ‌ل) الناظر الاشباح مختلفة کل مرآة تحکي ما فيه فيصفون ذلک الامر الواحد مختلفاً کما وصف اولئک القميون کل منهم الامامين8 بوصف غير وصف الآخر و الکل

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 518 *»

صادقون يخبرون عن ظهورهما8 لهم بهم (و بهم خ‌ل) فاختلافهم دليل اختلاف قوابل (قوابلهم خ‌ل) حقايقهم و کذلک ظهورهم: للاموات عند الاحتضار يظهرون لکل احد علي حسب ما هو عليه من قوة النور و ضعفه و ان کانت قوابل الموتي الذين (الذي خ‌ل) لهم قابلية حضورهم قد اشترکت في التصفية البالغة حتي تأهلت لظهورهم فيها و تجليهم عليها و هذا التجلي و الاشراق لم‌يبرحا مع کل احد الا ان الظهور التام لايکون الا بکمال التوجه و هو لايکون الا بقطع العلايق و هو في الغالب يکون عند الموت فتلک الصور التي يظهرون بها سلام الله عليهم ليست نزع صورة و لبس اخري بل انما هي اشباح و امثال و آيات قال تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قد قال مولانا الصادق7 اي آية اري (اراها خ‌ل) الله الخلق في الآفاق و في انفس الخلايق غيرنا و هذا (غيرنا هذا خ‌ل) بخلاف الجن فانهم يلبسون صورة و ينزعون اخري و هکذا و لايسعهم يظهرون في وقت واحد و آن واحد في (في وقت واحد في خ‌ل) شخص واحد بصور متعددة کما في الائمة: الا ان‌يستعملوا تلک الوجوه من عمل السيميا و مايستعمله السحرة الاشقياء و ذلک خلاف مقتضي کينونتهم و مقتضي مقامهم و مرتبتهم.

احقاق حق و ازهاق باطل

اعلم ان بعض اهل التلبيس و التمويه يموهون علي الناس بانهم يحضرون الارواح من الجنة و (او خ‌ل) النار اذا شاؤوا و کل ذلک تمويه و تلبيس و هم اعجز من ان‌يخرجوا من حبسهم الله سبحانه في سجن جهنم او انعم عليهم بدخول الجنة ليخرجوهم منهما و انما سخر لهؤلاء الجن فيتصورون بصورة ذلک الاشخاص الذين في الجنة او (او في خ‌ل) النار و يعلمون (يعلمونهم خ‌ل) احوالهم بنظر الکواکب و قراناتها و استعمال العلوم التي تکشف المغيبات

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 519 *»

و هم مع ذلک بين صدوق و کذوب و هو قوله تعالي هل انبئکم علي من تنزل الشياطين تنزل علي کل افاک اثيم يلقون السمع و اکثرهم کاذبونو هؤلاء تصويرهم بتلک الاشکال لمحض المشابهة لا غير فليسوا اولئک الاشخاص بل انما ظهروا علي صورتهم و هيکلهم فيظن الناس انهم هم و ليسوا هم و انهم لکاذبون.

و اما قولکم بانقلاب الحقيقة فليس هناک انقلاب حقيقة فان هذا الاختلاف في التشکل في الجسم التعليمي لا غير و الاختلاف في الجسم التعليمي لايوجب الاختلاف في الجسم الطبيعي کما لايوجب اختلاف الشخص بالصغر و الکبر و السمن و الهزال و الحمرة و الصفرة و المرض و الصحة و امثالها اختلافاً في حقيقة (حقيقة ذاته خ‌ل) و ان تبدلت صوره و امثاله فالحقيقة باقية غير منقلبة (منتقلة خ‌ل) فلايلزم انقلاب الحقيقة عند تغير الجسم التعليمي نعم باختلاف الجسم الطبيعي يوجب الاختلاف في حقيقة الجسم و کذلک الروح و ذلک معلوم واضح لاشک فيه و لاريب يعتريه.

و اما مانقلت عن ذلک القائل من ان الجن مظاهر قدرة الله فکلام صوري فان کل شيء من الاشياء و کل موجود من الموجودات مظاهر قدرة الله سبحانه لانه سبحانه اظهر قدرته في تکوينه ثم في تعيينه (تعينه خ‌ل) ثم في قدره ثم في قضائه ثم في الاذن لبروزه (ثم في اذنه خ‌ل) ثم في کتابه الذي هو اللوح الحافظ لاطواره و مراتبه ثم في تجدده و تنقله من حال الي حال و طور الي طور و وضع الي وضع و سکون بعد حرکة و حرکة بعد سکون و ضعف بعد قوة و قوة بعد ضعف و ظهور بعد خفاء و خفاء بعد ظهور و علم بعد جهل و جهل بعد علم و ذکر بعد نسيان و نسيان بعد ذکر و کراهة بعد ميل و ميل بعد کراهة و زيادة بعد نقصان و نقصان بعد زيادة و هکذا في اطوار الشيء و اکواره و ادواره و اوطاره بما يلزمه من متمماته و مکملاته و ما له و عليه و فيه و به و عنه و منه و لديه و ساير احواله (اطواره خ‌ل) فهو بکل طور من هذه الاطوار مظهر قدرة لله (الله خ‌ل) عظيمة و نعمة منه جسيمة لاتحصي تلک النعماء و لاتعد تلک الآلاء و

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 520 *»

لاتقابل تلک القدرة بل تستقهر عندها کل نسمة (نسيمة خ‌ل) و لکن مع هذا کله فالاشياء تختلف في هذه المظهرية علي حسب مقامها في الجامعية فکلما هو اقرب الي المبدأ يظهر سر الجامعية فيه اعظم فيکون في مظهرية القدرة اعلي و اعظم فاول مظاهر القدرة الحقيقة المحمدية صلي الله عليها (عليه و آله خ‌ل) و هي مظهر قدرة الله التي استطال بها علي کل شيء و کل مذروء و مبروء من متحرک و ساکن و حاضر و غايب و مجمل و مفصل و ظاهر و باطن و سر و علانية.

و بالجملة تلک الحقيقة حاملة (حامل خ‌ل) القدرة التي نفذت و ظهرت في کل شيء مما وجد في الامکان الي ما لانهاية له ثم بعدها (بعده خ‌ل) فالانبياء هم (فالانبياء: خ‌ل) مظاهر القدرة و حملة الهيمنة و مهابط ظهور القيومية في الموجودات کلها بعد الحقيقة المقدسة المقدمة ثم بعدها فالانسان الرعية هم مظاهر القدرة و حملة الفيض الالهي الي جميع الرعية دونهم ثم بعدها فالجن مظاهر القدرة و مهابط الهيمنة الي من دونهم من کل ذرة ثم بعدها فالبهايم من الحيوانات مظاهر القدرة و هکذا تترامي السلسلة الي الجماد ثم الي اشباحها و اشباح اشباحها و اشباح اشباح اشباحها هکذا (و اشباح اشباحها و هکذا خ‌ل) الي ما لانهاية له کل اقرب منها اتم في المظهرية و اعلي في حمل القيومية فمظهرية الجن بحسب مقامهم و مرتبتهم لا مطلقاً و لکن لما کان في قوس الصعود بعد تمام قوس النزول انجمد الانس الرعية بعض افرادها من الساکنين في الاقاليم السبعة لامور و حکم و مصالح يطول بذکرها الکلام الا ان حصول هذا الامر فيهم غني عن البرهان و الدليل (هذا الامر فهم غني عن هذا الدليل خ‌ل) و تجشم القال و القيل و انما خصصناهم بسکنة الاقاليم السبعة لاخراج ما عداهم من اهل جابلقا و جابرسا و الجزيرة الخضراء و التسعة و الثلاثون عالماً التي من وراء جبل قاف و امثالها من العوالم الالف الف (الالف الالف خ‌ل) کل اولئک ماجمدوا و لا انعقدوا بل نار غرائزهم ظاهرة و ذوبان طبيعتهم حاصل (حاصلة خ‌ل) و اني للجن و مايظهر من اولئک

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 521 *»

من الافعال العجيبة و الاطوار الغريبة فظهور القدرة فيهم اعظم و اعظم و اعظم (اعظم و اعظم خ‌ل) و المظهرية فيهم اتم و اما اهل الاقاليم السبعة فحيث انجمدت غرائزهم بقوا لاتصرف لهم و لا سرعة انقلاب فيهم الا بمجاهدات و رياضات عظيمة شاقة و هي ايضاً لاتحصل الا في افراد نادرة اذا نسبتهم الي غيرهم يکونون (يکون خ‌ل) کالمعدوم و اما الجن فلاجل (لاجل خ‌ل) غلبة النار فيهم لان النار في الجن خمسون جزءاً و التراب سبعمئة جزء و اذا اتصل النار بالتراب لاجل موافقتها معه في نصف الطبيعة تتقوي الحرارة و تلين الطبيعة و تجعلها صالحة لکل صورة و محلاً لظهور کل فعل خارق لعادة الانسان من اهل هذه الاقاليم مادام باقياً علي الانجماد و مايظهر من الجن من الآثار و الافعال کلها اقوي مما يظهر من الانس فکانت افعال الجن خارقة لعادة افعال الانس فظهور القدرة في الجن في هذه الصورة اکثر من الانس و من هذه الجهة سماه بعض من ليس له ضرس قاطع في العلم مظاهر القدرة صورة ظاهرية (القدرة في الصورة الظاهرية خ‌ل) و الا فالانس بحسب الحقيقة اولي بهذه المظهرية فافهم الکلام فقد اوقفتک علي جوامع العلوم و اسمعتک تغريد الورقاء علي الافنان بفنون الالحان.

و اما العلة (العلم خ‌ل) في رؤية ارباب التسخير فان تلک العزائم و الاحوال و الاذکار و الاوراد علي الوجوه المخصوصة تقوي بصرهم فيرونهم و يشاهدونهم و اما بدون تلک العزائم و الاسماء و الاذکار علي الاوضاع الخاصة و الترتيبات الخاصة فلايقدرون علي رؤيتهم و قد يتفق لبعض المؤمنين في کل الاحوال مشاهدتهم من دون تلک العزائم و الترتيبات الخاصة و قد يتفق لبعضهم (بعضهم خ‌ل) في حال دون حال علي حسب لطف سره و صفاء حسه و ذلک معلوم ظاهر.

و اما علاج دفع اذيتهم فشيئين (فبشيئين خ‌ل):

الاول ان لاتخاف منهم بمعني ان لاتجعل في قلبک منهم خوف (خوفاً خ‌ل) اذا رأيتهم لانهم اقل مرتبة منک و انهم محتاجون اليک و الي نبيک

 

 

«* جواهر الحكم جلد 4 صفحه 522 *»

9 (عليه الصلوة و السلام خ‌ل) و لست بمحتاج (محتاجاً خ‌ل) اليهم و لا الي نبيهم و انت اعلم منهم و ابصر بمعرفة دينک و انهم خلقوا من شعاع نورک فحينئذ ايّ محل للخوف منهم و صورتهم و ان کانت مهولة لکنک اذا تثبت (ثبت خ‌ل) و عرفت مقامک و مقامهم يذهب عنک الهول الحمدلله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور شکور.

و الثاني تلاوة القرآن لاسيما آية الکرسي و الادعية المأثورة عن اهل البيت: و هي کثيرة موجودة في کتب الادعية من تصانيف العالم الزاهر جمال الدين بن طاووس و کتب المجلسي (ره) و غيرهما تتبع تجد فاني في شغل عن کتابة تلک الادعية و الاوراد و اعمل بقوله7 خذ من القرآن ماشئت تسلم و صلي (فصلي خ‌ل) الله علي محمد و آله الطاهرين قد فرغ من انشادها منشيها يوم الاربعاء الحادي و العشرين (العشرون خ‌ل) من شهر رجب و ذلک في الهور حين التوجه لزيارة اميرالمؤمنين7 في السنة السابعة من بعد الخمسين و الالف و المئتين حامداً و مسلماً و شاکراً و الحمدلله اولاً و آخراً.

([1]) (ايا شبه ليلي لاتراعي فانني                    لک اليوم من دون الانام صديق

فعيناک عيناها و جيدک جيدها            سوي ان عظم الساق منک دقيق خ‌ل)