08-03 جواهر الحکم المجلد الثامن ـ فایدة فی بیان مشیة العزم و مشیة الحتم ـ مقابله

فائدة فی بیان مشیة العزم و مشیة الحتم

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 191 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

فائدة جليلة

اعلم انه لما اقتضت الحكمة الالهية لاقتضاء الكينونات الامكانية زايداًًًً علي اقتضاء حسن النظام و قبح الجبر و الظلم علي القادر العلاّم ان‏تكون الاشياء كماهي اي يجري الحق سبحانه اياها علي حسب مقتضي قابلياتها و استعداداتها الحاصلة عند وجود المقبول بنفس القبول بالمقبول  و الاّ لم‏تكن كماهي و قدفرضناها كذلك و لزم مالوحنا اليه تصريحاً حكم الحق سبحانه علي الاشياء بذلك و حتم ذلك لذلك و احبه كذلك.

و لماكانت الاشياء لا تحقق لها و لا تأصل و لا تذوت و لا استقلال الاّ بالفعل اجري فعله الحق الذي هو الولاية للّه الحق علي مراتب الموجودات عاليها و سافلها اقصاها و ادناها علي هذا النظام القويم و النهج المستقيم اذ لولا ذلك لفسدت السموات و الارض فلم‏يكن القابل حين كونه قابلاً, قابلاً و لا المقبول حين كونه مقبولاً, مقبولاً فلم‏يصح كن فيكون و هذه طريقة جارية و حقيقة سارية في جميع اطوار الوجود بجميع احواله من التكوينيات و التشريعيات و الذوات و الصفات فاحب ان‏يجري الاشياء علي مقتضي كينوناتها و هذا هو المشية الحتمية  النافذة حكمها في كلّ شي‏ء في كلّ اطواره و احواله و مراتبه و خزائنه و معارجه و ترقياته و تنزلاته و لذا قال7 لايخالف شي‏ء منها محبتك و قال7 كلهم صايرون الي حكمك و امرك و امورهم آئلة الي امرك و قال7 ليس لنا من الامر الاّ ماقضيت و قال7 لايكون شي‏ء في الارض و لا في السماء الاّ بسبعة بمشية و ارادة و قدر و قضاء و اذن و اجل و كتاب انتهي, انما كانت سبعة مع ان الفعل واحد لتعدد جهات تعلقات الفعل بتعدد جهات المفعول من الخلق و التسوية و التعديل و التركيب المشار اليها في قوله تعالي الذي خلقك فسويك فعدلك في اي صورة ماشاء ركبك و اصل الحكم اربعة و السبعة و مازاد فهو تفاصيل التعديل المعبر عنه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 192 *»

بالقدر و لماكان منشأ الايجاد و الوجود الخير المحض و الصلاح الخالص الغير المشوب بشي‏ء من اضداده لعلو شأن الحكيم ان‏يجعله غاية لفعله العايدة الي مفعوله الاّ ان التمكن من جهة تحقق نفسه فاحب ذلك فدلّ الخلق اليه و اراده منهم لكن هذه الارادة لاتجوز ان‏تكون حتمية لمكان التضاد و التناقض مع المشية الاولية المستلزم عدمها عدم الاشياء و فقد الكينونات في الواقع و الجبر و الظلم و خلاف الحكمة علي ظاهر القول فكانت المشية الثانية عزمية اي مشية المحبة. فان وافقتا في الطاعات و الخيرات فهو المطلوب و المراد و لذا قال7 و في الطاعة يكون محبة الحق و مشيته و ارادته و قدره و قضاه فان خالفتا في المعصية فالحكم للمشية الاولية و هي اجراء الاشياء علي نحو الكينونة و الاّ لانعدم و لزم الجبر بانقلاب الماهية فلم‏يكن اياه بل هو غيره هذا خلف فلولا مشية العزم لم‏يظهر الاختيار و لم‏يثبت فعل للعبد و لولا مشية الحتم لكان التفويض لازماً و الجبر منعدماً و هو من اقبح الاقوال و اشنعها فكان بالمشيتين النمط الاوسط فلا جبر لوجود مشية العزم و لا تفويض لمكان مشية الحتم بل منزلة بينهما و هو اقتران الامرين معاً العزمية و الحتمية اوسع من السماء و الارض لان الفرجة دهرية بل سرمدية و اين هي من السماء و الارض الزمانيين لايعلمها الاّ العالم اي الامام صاحب الازلية الاولية و نفس الازلية الثانوية صاحب لواء الحمد لان العلم بحقيقة القيومية لايمكن الاّ لمن اشهده اللّه تعالي خلق السموات و الارض و خلق انفسهم بل اقام به الكون و العين و الملك و الملكوت و الجبروت و اللاهوت او من علمه اياه العالم بالتعليم الخاص و هم الشيعة لقولهم: نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء فكان للّه عزّوجلّ مشيتين و ارادتين مشية حتم و هو الحكم باجراء الموجودات علي مقتضي كينوناتها و بعبارة اخري اجابة المضطرين سؤالهم او سؤالهم لماسألوه ان‏يسألهم كما سألهم كما سألوا كما اراد و هي المحبة التي لايخالفها شي‏ء اصلاً و هو قوله تعالي ام حسب الذين اجترحوا السيئات, ان‏يسبقونا ساء مايحكمون و مشية عزم و هي المحبة الثانوية التي هي المحبة الاولية في كنت

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 193 *»

 كنزاً مخفياً فاحببت ان‏اعرف فخلقت الخلق لكي‏اعرف علي احد المعنيين و الاّ علي الآخر يناسب الاول و بهذه المشية كان التكليف و ظهر الاختيار و اثر الدعاء و الاستغفار. يأمر و لم‏يشأ بمشية حتم و ان شاءه بمشية عزم لحسنه و رجحانه و لو شاءه بمشية حتم لكان القابل غير قابل حين كونه قابلاً او انقلب الحقيقة و الاول ليس بمتعلق القدرة و الثاني قبيح لايصدر عن الحكيم و ينهي و هو يشاء بمشية حتم اي يجيب المضطر و ان لم‏يشأ بمشية عزم لعدم حسنه و رجحانه و مخالفته لمحبته الاولية التي لها خلق ماخلق و برأ مابرأ فلا منافاة بينه و بين قوله7 فيماتقدم لايخالف شي‏ء منه محبتك لان المحبتين متخالفتان فلا تناقض لان من شرايطه اتحاد الموضوع امر ابليس ان‏يسجد آدم و شاءه ايضاً بمشية عزم لكرامة آدم و تعظيم من كان في صلبه من الانوار المشرقة من صبح‏الازل و نقص مرتبة ابليس لكونه من الجن عن مرتبة آدم بمرتبتين لكونه انما خلق من نار الشجرة التي خلقت من فاضل طينة آدم في القوس النزولي الظاهرة اولاً قبل ظهوره في القوس الصعودي كماهو شأن العالي و السافل في سلسلتي الصعود و النزول فافهم.

و ماقال الملعون انا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين فانما كان كذباً و افتراءاً و لهذا لعن و طرد و شاء ان لايسجد بمشية حتم و هي ماقلنا من اجراء الشي‏ء علي نحو الكينونة و اقتضائها و تلك انما كانت حين اعراضه لعنه اللّه و ان كانت قبله بالف دهر فلو شاء ان‏يسجد بمشية حتم لسجد و انقلب ابليس عن حقيقته و كونه و قدقلنا انه باطل قبيح ولو لم‏يشأ اصلاً لمااستوي علي العرش و مااعطي كلّ ذي حق حقه و ماساق الي كلّ مخلوق رزقه لم‏يتحقق شي‏ء و هو يستلزم الجبر و ان لايجيب المضطر اذا دعاه و هو باطل بالضرورة.

و لمّابطل الاحتمالان تعين الثالث و هو انه شاء ان لايسجد كمافي الحديث لئلايلزم الجبر و منع الفيض عن المستحق المحتاج و صحّ قوله تعالي الرحمن علي العرش استوي فافهم وفقك اللّه لمايحب و يرضي و نهي آدم عن اكل الشجرة المعلومة و لم‏يشأه بمشية عزم للمصلحة الخفية الدقيقة الاّ لاهلها و شاء ان‏يأكل بمشية حتم

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 194 *»

كماذكرنا قبله حرفاً بحرف. فافهم و اغتنم و كن من الشاكرين و انما نقلت بعض الحديث بالمعني و لم‏يحضرني الآن لفظه.

و كتب العبد الجاني ابن محمدقاسم, محمدكاظم الحسيني الموسوي في مشهد مولانا الحسين7 حامداً مصلياً مستغفراً في سنة 1232.