08-04 جواهر الحکم المجلد الثامن ـ رساله کشف الحق ـ مقابله

رسالة کشف الحق

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 197 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان مسألة المعراج الجسماني لنبينا صلي الله عليه و آله مما لاينکرها الا الملحدون و لايجحدها الا المعاندون وهي من ارکان الدين المعروف بين المسلمين و منکرها کافر علي اليقين و مخلد في النار ابد الآبدين و ممن اصر علي وقوع العروج الجسماني الجسداني حتي بثيابه صلي الله عليه و آله و نعله صلي الله عليه و آله و رد علي المنکرين و ابطل شبه المخالفين و اوضح و کشف عن حقيقة الواقع و شرح و اجاب عن جميع الشبهات و زيف ادلة اصحاب الجهالات و اثبت عروج الجسدي الجسمي في جميع الحالات مولانا و استادنا و سنادنا و معتمدنا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه و اسکنه بحبوحة جنانه و اوصله الي اعلي درجات رضوانه حيث بين و اوضح و ذکر فافصح و فصل و شرح في غير موضع من رسائله و کتبه و اجوبته للمسائل و سائر مباحثاته بحيث کل من سمع منه و حضر لديه صار وقوع هذا المعراج عنده من اجلي البديهيات و ابين البينات.

فمما ذکره اعلي الله مقامه ما في شرح الزيارة الجامعة عند قوله عليه السلام مستجير بکم, الي ان قال رحمه الله: و لهذا صعد النبي صلي الله عليه و آله ليلة المعراج بجسمه الشريف مع ما فيه من البشرية الکثيفة و بثيابه التي عليه و لم‌يمنعه ذلک عن اختراق السموات و الحجب, حجب الانوار لقلة ما فيه من الکثافة الا تري انه صلي الله عليه و آله کان يقف في الشمس و لم‌يکن له ظل مع ان ثيابه عليه لاضمحلالها في عظيم نوريته و کذلک حکم اهل بيته الثلاثة عشر المعصومين عليهم السلام و مثال ذلک انک لو وضعت مثقالاً من التراب في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 198 *»

مثقال من الماء او اقل او اکثر بقليل کان الماء کدرا لکدورة کثافة التراب و لو وضعت مثقال التراب المذکور في البحر المحيط لم‌يظهر للمثقال التراب اثر بل يکون وضعه و عدمه بالنسبة الي البحر المحيط سواء نعم لو نظرت الي المثقال التراب في قدره من البحر المحيط قبل المزج و الاستهلاک ادرکته کذلک الخ, انظر الآن ايها المنصف المتدين في صراحة هذا القول في ان عروجه عليه السلام انما کان بجسمه بل بجسده بل بکثافة بشريته بل بثيابه التي هي اکثف من بشرية الجسد و هل يکون تصريح في المقام اعظم و اکثر من ذلک ثم قارن ما ذکره بالدليل القطعي و المثال الحسي.

و ذکر ايضاً اعلي الله رتبته و رفع في عليين منزلته في جواب بعض المسائل قال قدس الله نفسه الزکية ان رسول الله صلي الله عليه و آله عرج بجسده الشريف و عليه ثيابه الي الحجب حتي کان من ربه قاب قوسين او ادني و ساق الکلام الي ان قال رحمه الله و جسمه الشريف الطف من کل ما ذکرنا حتي يقف في الشمس و لايظهر له ظل و عليه جميع ثيابه و صعد الي ما وراء الحجب و عليه ثيابه فانه ما صعد عارياً کما وقف في الشمس و ليس بعار و لاتمنع کثافة ثيابه نوريته اذا وقف في الشمس و لا لطافته اذا خرق الحجب لقلة کثافة ثيابه اذا نسبتها الي لطافة جسمه و نوريته انتهي و هذه الکلمات الشريفة ايضاً صريحة الدلالة واضحة المقالة في المدعي.

و ذکر ايضاً طيب الله نفسه و عطر رمسه في بعض الاجوبة قال و اما ان الجسم يدرک المجردات بغير توسط شيء و المجردات يدرک الجسمانيات بغير توسط شيء فالوجه ان الجسم في الجنة صاف عن جميع الاکدار و الاعراض کمثل جسد النبي و الائمة عليه و عليهم السلام في هذه الدنيا فانه صعد به الي قاب قوسين او ادني و قاب قوسين هو رتبة‌ العقل الکلي و مقام او ادني فوق العقل الکلي فاذا تجاوز بجسمه مرتبة العقل الکلي فبالطريق الاولي يدرک المعاني و ساق الکلام الي ان قال و برهان ذلک مذکور في علم الصناعة يطلع عليه من يعرفه انتهي کلامه اعلي الله مقامه و هذا اصرح من غيره فانه بالغ

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 199 *»

في العروج الجسدي حتي قال انه صلي الله عليه و آله تجاوز عن رتبه العقل الکلي بالجسد البشري.

و مثل هذه الکلمات في کتبه و رسائله و اجوبته للمسائل اکثر من ان‌يحصي و اعلي من ان‌يستقصي ترکناها خوفاً للاطالة و ان العاقل تکفيه الاشارة و الجاهل المعاند لايکتفي بالف عبارة و هل يتوهم عاقل بعد ملاحظة هذه الکلمات مع هذه التصريحات الشديدة و المبالغات الاکيدة نسبة الانکار اليه عطر الله تربته للمعراج الجسماني و الجسداني حاشا و کلا الا ان‌ينکر حسه و يعاند نفسه فالاعراض عنه اولي و السکوت عن جوابه اليق.

ولکن لما کانت مسألة المعراج الجسماني و ان کانت واقعة متحققة لايستريبه احد و لايشک في تحققه مؤمن موحد الا ان تصويرها و تحقيقها و الغور في معانيها و مبانيها و کشف السر عن حقايق اسرارها مع اختلاف العلماء في الخرق و الالتيام و اتفاق الحکماء علي نفيهما و استلزام العروج الجسماني ذلک و ما ورد ان الصلوة و ساير العبادات انما شرعت ليلة المعراج مع ان النبي صلي الله عليه و آله کان يصلي قبل المعراج و يعبد الله و ان المعراج کان بعد بعثته صلي الله عليه و آله بسنتين او بسبع علي الاختلاف و ما ورد ان رسول الله صلي الله عليه و اله رأي الانبياء کل نبي في سماء من السموات مع ما ثبت بضرورة المذهب ان الانبياء بل کل مؤمن في الجنة و ان جنة الدنيا وراء جبل قاف في مدينة جابلقاء و جابلساء او في وادي السلام و ان الجنة فوق السموات السبع في الکرسي کما روي ان الجنان سقفها عرش الرحمن و ما ورد انه صلي الله عليه و آله صلي بالانبياء في البيت المقدس و اي صلوة کانت هذه و يشعر بعض الروايات انها صلوة الظهر مع انه صلي الله عليه و اله صعد في الليل و رجع في الليل فاين موضع صلوة الظهر و روي ايضاً انه صلي الله عليه و آله لماوصل الي العرش اتاه النداء من العلي الاعلي يا محمد ادن من صاد و توضأ لصلوة الظهر و روي ان جبرئيل عليه السلام خاطبه و قال يا محمد لقد وطأت موطئاً ما وطأه قبلک احد لا ملک مقرب و لا نبي مرسل قف فان ربک يصلي قال صلي

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 200 *»

الله عليه و آله و کيف يصلي قال يقول سبوح قدوس انا رب الملائکة و الروح مع ما ورد ان جبرئيل تخلف عن النبي صلي الله عليه و آله قبل الوقوف و قبل تشرفه بکلام الله الملک العلام و مناجاة الرب معه عليه الصلوة و السلام و ان الاذان و الاقامة انما شرعا في السماء الرابعة في تلک الليلة مع انه صلي الله عليه و آله قبل المعراج کان يصلي و يؤذن و يقيم قطعاً و ان هذا الصعود هل کان في الزمان او في الدهر و الزمان و الدهر اي شيء و ما حقيقتهما و سرعة هذه الحرکات و قطع تلک الحقايق و الذوات ما علتها و ما سببها و ان کان الله سبحانه يفعل ما يشاء کما يشاء بما يشاء کيف يشاء لکنه سبحانه ما يفعل الا لحکمة و لايجري فعله الا بسبب کما نطق بذلک فصيح لسان الوحي ابي الله ان‌يجري الاشياء الا باسبابها هـ و الحاصل هذه المسألة تحقيقها و تنقيحها قدتصعب علي العلماء الفحول من اهل المعقول و المنقول ممن له قدم راسخ في العلم فجرت عادة العلماء الماهرين و الفضلاء الکاملين بالبحث عن حقيقتها و السؤال عن ماهيتها و التوفيق بين الاختلافات الواقعة فيها و التحقيق عن هدم القواعد الکثيرة فيها لصعوبة مسلکها و دقة مأخذها.

و لماکان مولانا و استادنا هو المنهل لعطاش الهائمين في فلوات امثال هذه المشکلات و العلم لارشاد السايرين المتحيرين في تيه اشباه هذه المعضلات و الکوکب الدري لاضائة قلوب اهل الشبهات و الشهاب الثاقب لرجم شياطين الشکوک و الخيالات توجهت الي نحو جنابه رکائب السؤلات و اناخت بفناء عزه مطايا الطلبات اذ لم‌تجد سواه بعد ساداته ملاذاً و لم‌تعثر علي غيره بعد مواليه في هذه الازمان لجميع المسائل معاذاً فبقيت العلماء الاعلام ذوو مهارة في فنون و علوم عظام يسئلونه عن مسائل صعب مستصعبة تکل دونها الافهام و تقصر عن ادراکها الاحلام و کان يجيب رحمه الله کل احد علي قدره واضعاً کل شيء في موضعه و يتکلم مع کل احد بلسانه و لغته جرياً علي عادة ساداته و مواليه کما قالوا عليهم السلام انا لانخاطب الناس الا علي ما يعرفون و قالوا ايضاً عليهم السلام ما معناه لو زدتم في السؤال حرفاً واحداً لزدنا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 201 *»

 في الجواب حرفاً واحداً و لماکانت اصطلاحات العلماء في فنون العلوم مختلفة لاتشبه الاخري و هي المعروفة عند اهل الاصول بالعرف الخاص و کل صاحب فن و علم انما سؤاله علي مقتضي اصطلاحه و لغته و قديخالف اللغة و قدلايخالف الا انه ليس مشهوراً في اللغة او انها مشهورة في اللغة لکن معني منها اشتهر عند العوام و البواقي بقيت مشتهرة عند طايفة مخصوصة کالجسد فانه في اللغة يستعمل لمعان کثيرة کما ذکره الجوهري في الصحاح و الفيروزآبادي في القاموس و غيرهما مثل صاحب مجمع البحرين و غيره من ان الجسد يطلق علي الدم اليابس و علي الزعفران و علي الصورة و الهيئة و علي البدن المعروف للانسان و علي الملائکة و الجن و علي الفلزات السبعة و غيرها مما هو مذکور في کتب اللغة و ليس المشهور منها عند العوام الا بدن الانسان بصورته و مادته.

و بالجمة اختلاف العرف و الاصطلاح و جهات المعاني اللغوية في المشترکات و المنقولات و المجازات و غيرها مما لايستريبه من له ادني مسکة في العلم و ادني فطنة في الفقه و کما ان الاصطلاحات مختلفة و اللغات متفاوتة تختص طايفة ببعضها دون الاخري کذلک المعاني و المطالب تختلف بالدقة و الغموض و الظهور و الخفاء و ليست العلوم کلها علي نهج واحد ضرورة ان بعض المطالب و المعاني يعرفه کل عامي و کثير منها يقصر عنها الفطن الذکي الالمعي اللوذعي و کذلک الاشخاص السائلون مختلفون في شدة الذکاء و الدقة و عدمها و وسط الامر بينهما مع اختلاف الاصطلاحات.

فاذا تکثرت جهات الاختلافات کما سمعت, و هؤلاء علي اختلاف مراتبهم و تفاوت مقاماتهم و تباين اصطلاحاتهم و لغاتهم سألوا مولانا و استادنا في فنون شتي من غوامض العلوم و خفايا المکتوم و لماوجب علي المجيب ان‌ينظر الي السائل و مقامه و اصطلاحه و دقة نظره و صفاء فکره و هو اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه قدکان محيطاً بجميع الاصطلاحات و دقايق العلوم المخفيات و انواع الاشارات و التلويحات في طي العبارات و اداء الکلام بلحن المقال و شهادة الحال و بالعيان و المثال و بالنظر و الاستدلال و بالاختصار في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 202 *»

مقام و في الآخر شرح حقيقة الحال و ذلک ببرکة انقطاعه و انقياده لمحمد و آله المفضال عليهم سلام الله بالغدو و الآصال و لماکان الامر کذلک اختلفت کلماته و عباراته و بياناته بالنسبة الي مسألة واحدة مراعاة لمقام السائل و حاله فاجمل في مقام و فصل في مقام و اشار بخفي الاشارة في مقام و اتي بصريح العبارة في مقام و اجري علي اصطلاح طايفة في مقام و علي اصطلاح آخرين في تلک المسألة في مقام کما هو طريقة ساداته و مواليه سلام الله عليهم و لذا تري اختلاف کلماتهم سلام الله عليهم و حاشاهم عن الاختلافات و لذا تري الامام عليه السلام اجاب في مرسلة ابن ابي‌عمير في الکر بانه الف و مأتا رطل و اجاب محمد بن مسلم الطحان بانه ست‌مائة رطل و المقصود في الجميع واحد الا ان ابن عمير لما کان عراقياً يحمل جوابه عليه السلام علي اصطلاح اهل العراق في الرطل و محمد بن مسلم لماکان من اهل الطايف اجابه علي اصطلاحه و لماکان الرطل المکي رطلي العراقي فيکون المقصود واحداً و الجاهل بالامر اذا نظر الي الحديثين يري بينهما اختلافاً و تناقضاً و ليس کذلک و کذلک الشيعة المخلصون و المؤمنون الممتحنون يقتفون آثار ائمتهم سلام الله عليهم و يتأدبون بآدابهم و ينهجون منهجهم حتي هجم بهم العلم علي حقيقة الايمان فاستلانوا من احاديثهم ما استوعر علي غيرهم و استأنسوا بما استوحش منه المکذبون و اباه المسرفون اولئک اتباع العلماء حقاً فلذا اختلفت عبارات شيخنا و استادنا جرياً علي طريقة ساداته عليهم السلام علي حسب اقتضاء المقام و المعني في الکل واحد لا اختلاف فيه ابداً بوجه.

و لما علم اعلي الله شأنه جهل الناس و عدم سعة دايرتهم و عدم اقتدارهم للجمع و التوفيق و ملاحظة العلوم من النقطة التي قال اميرالمؤمنين عليه السلام العلم نقطة کثرها الجاهلون جعل لهم ميزاناً و هو ان کل مذهب و اعتقاد و قول و فعل يخالف ما عليه الفرقة المحقة فهو باطل عاطل فاسد و زور يجب الاعراض عنه و کل ما هو يوافق ما هو المعروف بين الفرقة المحقة فهو الحق الذي لامحيص عنه فوجب الاخذ له و الديانة به لان رسول الله صلي الله عليه و آله قال

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 203 *»

لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي‌تقوم الساعة هـ و ليسوا اولئک الا الشيعة بالادلة القاطعة من العقل و النقل فاذا خالف قول ما عليه الفرقة الناجية باجمعهم يلزم اما ان‌لايکونوا علي الحق او يکون ذلک القول باطلا و الاول باطل للنص النبوي و الاجماع فثبت الثاني فاذا وجدتم شيئاً من کلامي علي حسب ما هو المتفاهم عند الفرقة المحقة فاجعلوه اصلاً محکماً و ما لم‌تعرفوا علي وجه المطابقة فاعلموا انه ان صح انه من کلامي لم‌يخالف ما عليه الفرقة قط و لايختلف کلماتي ابداً فاجعلوه من المتشابهات و ردوا علمه الي و نص بذلک في اغلب رسائله حتي في يزد امر واحداً ان يصعد المنبر و يعلم الناس بما ذکر و يقول عني اني بريء من کل قول و مذهب يخالف ما عليه الفرقة الناجية و کلماتي تبعاً لکلمات ساداتي عليهم السلام مختلفة الالفاظ متفقة المراد الا انهم سلام الله عليهم ربما يقولون بالتقية و اما شيخنا فلاموجب له للتقية فليس الا اختلاف مقام السائل کما ذکرنا و هذه هي الديانيه التي يجب ان يکون المؤمن عليها.

و من هذه الجهة قدسئله العالم النحرير المتتبع للعلوم و المطلع علي الاصطلاحات و الرسوم جناب الشيخ احمد بن الشيخ صالح بن طوق القطيفي سئل مولانا عن حقيقة السر المخفي في المعراج و کيفية صعوده علي فرض عدم بطلان الخرق و الالتيام او لايمکن اثبات العروج الجسمي الا بالقول ببطلان الخرق و الالتيام و دقيق الامر في ذلک و کيفية رؤيته صلي الله عليه و آله الانبياء عليهم السلام في کل سماء و سر اختصاص تلک السماء بذلک النبي دون غيره و معني صلوته الظهر و وقوعه في الليل و معني صلوة الرب و غير ذلک من الاحوال اراد منه (ره) کل ذلک بلسان اهل الحقيقة و العلماء الماهرين لا علي حسب متفاهم العوام فانه لايسمن و لايغني من جوع فاجاب قدس الله نفسه الزکية و حشرني الله معه لانه مع ساداته العترة العلية عليهم سلام من رب البرية و قداجاد في ما افاد و قدتکلم بمکنون العلم و مخزون السر لمن يفهم الکلام.

قال ان حقيقة المعراج هو العروج علي ظاهره و لا جهل فيه و انما الجهل

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 204 *»

في معرفة جسد النبي صلي الله عليه و اله و في معرفة الافاعيل الالهية و في معرفة الخرق و الالتيام فنقول اعلم ان الله سبحانه خلق قلوب المؤمنين من فاضل طينة جسم محمد صلي الله عليه و آله و اهل بيته عليهم السلام و الفاضل اذا اطلق في الاخبار و في عبارات العارفين بالاسرار يراد به الشعاع و هو واحد من سبعين مثلاً جسم النبي صلي الله عليه و آله قرص الشمس و قلوب شيعتهم خلقوا من الشعاع الواقع علي الارض من قرص الشمس فاذا عرفت هذا عرفت انه يصعد بجسمه و لايکون خرق و لا التيام.

 بقي شيء هو انا نقول الجسم و هو کذلک ولکنه ليس الصورة‌ البشرية التي تحس و هي متجسدة و حکمها حکم ساير الاجسام الجمادية و الصعود بها يلزم منه الخرق و الالتيام و نجيب بان الصورة البشرية عند ارادة صعوده يجوز فيها احتمالان هما في الواقع سواء و في الظاهر الاول ابعد عن العقول و الآخر اقرب فالاول ان الصاعد کلما صعد القي منه عند کل رتبة منها مثلاً فاذا اراد تجاوز الهواء القي ما فيه من الهواء فيها و اذا اراد تجاوز کرة النار القي ما فيه منها فيها و اذا رجع اخذ ما له من کرة النار فاذا وصل الهواء اخذ ما له من الهواء لايقال علي هذا يلزم ان هذا قول بعروج الروح خاصة لانه اذا القي ما فيه عند کل رتبة لم‌يصل الا الروح لانا نقول انا لو قلنا بذلک فالمراد اعراض ذلک لان ذوات ذلک لو القاها بطلت بنيته و بنيته باقية لاتنفک و انما مرادنا الجسم بالنسبة الي عالم الکون و الا فهو علي ما هو عليه من التجسد و التخطيط و الثاني ان الصورة البشرية التي هي المقدار و التخطيط تابعة للجسم في لطافته و کثافته فان الملک مثل جبرائيل اذا رجع في صورة البشر کصورة دحية بن خليفة الکلبي يخرج بقدر دحية مع انه يملأ ما بين الارض و السماء و لو شاء مر في ثقب الابرة و اصغر لان الاجسام اللطيفة النورانية تکون بحکم الارواح و لاتزاحم فيها و لاتضايق و لهذا يبلغ المعصوم عليه السلام من مشرق الدنيا الي مغربها في اقل من طرفة عين و لايستغربه السامع و هذا هو ذلک بعينه فافهم.

و اما معرفة الافاعيل الالهية فلانه انما توهم من توهم ان العالم علي وضع

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 205 *»

واحد لو اختل, اختل النظام فاذا خرق حصل حال مروره فرجة بانحباس الاجزاء المختلفة فاذا وقف وقف جميع الفلک علي انه لا فرجة فيها و لايمکن تخلل اجزائه و لاتلززها فاين تذهب تلک الاجزاء المفروضة و مع هذا کله فيلزم فساد النظام و الالتيام انما يکون بانبساط الاجزاء الي الفرجة و لايکون ذلک الا مع التخلل و الترقق و لايمکن فيه ذلک و امثال ذلک و هذا جارٍ علي حسب افاعيل العباد.

و اما الافاعيل الالهية علي تقدير تسليم امتناع الخرق و الالتيام فنقول علي ظاهر العبارة ان الاجزاء التي بقدر جسمه الشريف حال عروجه فنيت في بقاء جسمه کما فنيت الحبال و العصي في جسم عصي موسي و کان جسمه الشريف قائماً مقامها في امداد العالم السفلي من احکام الحيوة في سماء الدنيا و الفکر في الثانية و الخيال في الثالثة و الوجود في الرابعة و الوهم في الخامسة و العلم في السادسة و العقل في السابعة و الصور في الثامنة و التسخير و التقدير في التاسعة بحيث لاتفقد قوة منها لان جسده هو علة في هذه الاسباب فهو اقوي منها قطعاً و کلما تعدي شيئاً رجع ما فتر منه بحيث لايحصل خرق و لا التيام و يکون سيره في ذلک کله موازياً للخطوط الخارجة عن مرکز العالم الي المحيط بها في کل ذلک فيدور معها علي التوالي و لو قلنا انه يسير علي خط مستقيم جاز و کان ما اعترضه من الاجزاء التي يکون اصطفافها بالنسبة الي خط مسيره مستقيم صورياً يکون مستهلکاً في بقائه و عائداً بعد تجاوزه کما مر علي حد واحد و لماکان جسده الشريف علة لوجود جميع الاجساد و جسمه علة لجميع الاجسام کان محيطاً بجميعها فلايکون منها جزء الا و هو محيط به فکان صلي الله عليه و آله في عروجه محيطاً بجميع الاجسام و الارواح و النفوس و العقول لان عقله علة للعقول و روحه علة الارواح و نفسه علة النفوس احاطة المنير بالاشعة فمر في عروجه بکل شيء و رأي کل شيء کلا في رتبته لان من غلب عليه الوهم رآه في السماء الخامسة و من غلب عليه العلم رآه في السماء السادسة و من غلب عليه العقل رآه في السماء السابعة و معني صلوته بالملائکة صلوة الظهر و هو انما عرج بالليل لان عروجه علي سمت بدو الوجود و الشمس قائمة علي قمة

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 206 *»

الرأس في التاسع‌عشر من برج الحمل و السرطان طالع الدنيا فاول ما تحرک الفلک وجب فرض الظهر فهو اول فريضة و هو اول صلوة صليها فان قلت کيف تکون هذه اول صلوة صليها و هو انما عرج الي السماء بعد النبوة بسنتين قلت هذا في الزمان و التي صليها ليلة المعراج في الدهر و ذلک قبل خلق الاجسام بالفي عام و ليلة المعراج عرج صلي الله عليه و آله في الزمان بجسده و في الدهر بجسمه و في السرمد بروحه بعروج واحد و صلي بالملائکة في الدهر و اسبغ الوضوء من صاد و هو بحر تحت العرش و عروجه انما کان في الليل بجسده و اما في جسمه الشريف فهو في النهار قبل الزوال بقليل قدر الفي عام.

و اعلم ان هذا الجواب مما لايمکن بيانه لکل احد و من يجوز البيان له لايکفي له ما ذکر بل لابد من المشافهة لان الفرق بين الزمان و الدهر مما انسد بابه عن فحول العلماء و ان عبروا عنه بعبارة مأثورة عن الوحي ولکن اکثرهم لايعلمون انتهي.

هذا آخر ما اردنا نقله عن کلامه زاد الله في اکرامه و بسط عليه من عوايد جوده و انعامه و هذه الکلمات الشريفة مشتملة علي دقائق العلوم الغامضة و خفايا المسائل الدقيقة المعضلة المختلفة المتراکمة بل کل عبارة اشارة الي حقيقة لطيفة علم من العلوم التي قل من عثر عليها الماهرون الکاملون فيها فما ظنک بالمتوسطين فضلاً عن القاصرين فضلاً عن الذين ما طرقتها اسماعهم و لاوعتها افهامهم و قلوبهم بل ربما ما سمعوا اسمائها و لم‌يروا منارها و اعلامها و جميع هذه العبارات اجمالات خالية من التفصيل و اشارات الي علوم و معارف خفية عارية عن التصريح بکثير و لا قليل صوناً لها عن اصحاب القال و القيل و حفظا لها عن التغيير و التبديل و امتثالا للنص الوارد في صريح التنزيل ان الله يأمرکم ان تؤدوا الامانات الي اهلها و اقتداء لکلام النبي النبيل الجليل لاتمنعوا الحکمة من اهلها فتظلموهم لکون السائل اهلاً لدقائق خفايا التأويل و مع هذا کله قال في آخر الکلام ان هذا الجواب مما لايمکن بيانه لکل احد و الذي يجوز له البيان لايکفي ما ذکر بل لابد من المشافهة, و هذا الکلام منه عبرة لمن اعتبر و تبصرة لمن تذکر و استبصر ثم ان هذه العبارات لايحيط بها و لايعرفها کما

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 207 *»

ينبغي الا ان‌يکون عالماً محيطاً بدقايق علوم شتي:

منها علم الصناعة لتوليد المولود الفلسفي الذي يهزم الصفوف و لايکترث بالالوف و قد سماه اميرالمؤمنين عليه السلام باخت النبوة و عصمة المروة الماء الجامد و الهواء الراکد و الارض السائلة و النار الحائلة صاحب الاوصاف المتناقضة المضادة و يعرفه من جهة العلم التحقيقي عن بصيرة و يقين و ربط کل شيء بکل شيء و استخراج ظاهره من باطنه و باطنه من ظاهره کما قال اميرالمؤمنين عليه السلام الناس يعلمون ظاهرها و انا اعلم ظاهرها و باطنها و قدقالوا عليهم السلام نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون لا معرفة العمل المحض فانه لايسمن و لايغني من جوع في المعارف الالهية و الاسرار الربانية و هو قول استادنا اعلي الله مقامه في ما نقلنا عنه سابقاً في العروج الجسماني و انه صلي الله عليه و آله بجسمه صعد الي مقام قاب قوسين او ادني قال ان برهان ما ذکرنا مذکور في علم الصناعة يطلع عليه من يعرفه و هو اعظم ما له مدخلية في هذا الباب.

و منها علم الهندسة لمعرفة الاشکال و النسب و ضبط الحدود و المقادير و معرفة الاجسام التعليمية و الاجساد التعليمية و نسبها و قراناتها و اوضاعها و کيفياتها و کمياتها و جهاتها و مراتبها و ساير حدودها و هيئاتها و الصور و الاشکال الحاصلة من تلک القرانات و الاضافات معرفة انها کلها هيئات صورية لا جواهر مادية کما قال عليه السلام علي ما رواه ثقة الاسلام في الکافي في تفسير الشبح انه ظل النور و ان الاشباح ابدان نورانية لا ارواح لها و جهل الناس بهذا العلم اوقعهم في کثير من الهلکات و ظنوا بمن ساحة عزه منزهة عما توهموه من الظنون و الخيالات يا ايها الذين آمنوا اجتنبوا کثيراً من الظن ان بعض الظن اثم و لاتجسسوا و لايغتب بعضکم بعضاً ايحب احدکم ان‌يأکل لحم اخيه ميتاً فکرهتموه.

و منها علم الهيئة للافلاک و معرفة نسبها و اوضاعها و مقادير حرکتها و الاصطلاحات التي يستعملون اهل العلم الا تري کيف ذکره طيب الله مضجعه و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 208 *»

يکون سيره في ذلک کله موازياً للخطوط الخارجة عن مرکز العالم الي المحيط بها في کل ذلک فيدور معها علي التوالي الخ و کذلک معرفة القطب و المحور و القطر و الوتر و المرکز و الدايرة و القوس و نسبة کل واحد منها الي الآخر و ضبط تفاوت تلک النسب و مقاديرها و الفضل بين النسب و هو قول مولانا الصادق عليه السلام علي ما رواه ثقة الاسلام في روضة الکافي عن عبدالرحمن بن سباية عنه عليه السلام الي ان قال عليه السلام افتدري کم بين المشتري و الزهرة من دقيقة قلت لا والله قال افتدري کم بين الزهرة و القمر من دقيقة قلت لا قال افتدري کم بين الشمس و السنبلة من دقيقة قلت لا والله ما سمعته من احد من المنجمين قط قال عليه السلام افتدري کم بين السکينة و بين اللوح المحفوظ من دقيقة قلت لا والله ما سمعته من منجم قط قال عليه السلام ما بين کل واحد منها الي صاحبه ستين او تسعين دقيقة ثم قال عليه السلام يا عبدالرحمن هذا حساب اذا حسبه الرجل و وقع عليه عرف عدد القصبة التي في وسط الاجمة و عدد ما عن يمينها و عدد ما عن يسارها و عدد ما خلفها و عدد ما امامها حتي‌لايخفي عليه من قصب الاجمة شيء واحد هـ، و هذا هو ضبط النسب الفلکية علي ما فصلت لک مما ذکرت من الحديث الشريف و تلک القصبة هي قصبة الياقوت المتممة باربعة‌عشر عقداً و الاجمة اجمة اللاهوت و ما امامها رتبة الوجود المطلق و ما خلفها رتبة الوجود المقيد و ما خلفها الظلال المعکوسة و الظلمات المدلهمة ظلمات بعضها فوق بعض في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب فاذا عرف العالم هذه الدقائق عرف بعد ذلک نسبة جسد النبي المختار و اهل بيته الاطهار عليه و عليهم سلام الله بالعشي و الابکار مع الفلک الدوار و بذلک يظهر له حل العبارة بلطيف الاشارة فافهم.

و منها معرفة علم النجوم و کينونة الکواکب الثوابت و السيارات و ما لها و منها و اليها و عنها و فيها و لديها و کيفية ترکيبها و ضبط مقادير امزجتها و الوانها و نظراتها و قراناتها و آثارها و ان کينونتها بنيت و اخذت من اللطافة و من الکثافة فان کانت من الاولي فما بالها تدرک بالابصار دون الهواء و النار مع انها

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 209 *»

فوقهما و الطفرة في الوجود باطلة علي ما برهن في العلم الطبيعي و ان کانت من الثانية فيلزم ما اجمعوا علي بطلانه من الطفرة و معرفة حقيقة الامر في ذلک و بذلک يظهر حکم لطافة جسد النبي صلي الله عليه و آله مع ان الابصار تدرکه و الحواس تحسه و لايمنعه ذلک من ان‌يکون الطف و اصفي من الافلاک و السموات و کذلک معرفة نسب الکواکب و خواصها الا تراه ذکر اعلي الله مقامه ان السماء الدنيا سماء الحيوة و الثانية سماء الفکر و الثالثة سماء الخيال و الرابعة سماء الوجود الثاني و الخامسة سماء الوهم و السادسة سماء العلم و السابعة سماء العقل و الثامنة سماء الصور و التقدير و التاسعة سماء التسخير و هذه الخواص و النسب ايضاً ما سمعها المنجمون فضلاً عن ان‌يعرفوها الا ان المطلع علي الاصطلاح يمکن له تفهيم الکلام اذا لم‌يعاند و لو بالوجوه المختلفة الا تراه اعلي الله شأنه و رفع في الخلد مکانته و مکانه ذکر ان سيره صلي الله عليه و آله کان في بدو الوجود و الشمس قائمة علي قمة الرأس في التاسع‌عشر من برج الحمل و کان طالع الدنيا السرطان و هذا لفظ الحديث الوارد عن مولانا الرضا عليه السلام لما سأله ذو الرياستين عن تقدم الليل علي النهار فاجاب عليه السلام کما سمعت و قدصعب هذا الحديث الشريف علي المنجمين لانه علي خلاف قواعدهم المقررة و الي الآن مارأيت احداً حل مغلاقه علي نهج البصيرة و اني للمنجم معرفة الاسرار المطوية في طي اشارات اهل بيت العصمة و الطهارة سلام الله عليهم فاذا عجز اهل العلم و اهل الاصطلاح و الماهر في الفن عن معرفة هذه الدقايق فغيرهم و لعمري اعجز و اعجز و اعجز.

و منها علم الطبيعي لمعرفة الاجسام الطبيعية و کيفية ترکيبها و اصولها و فرو عها و ذاتيتها و عرضيتها و الفرق بينها و بين الاجسام التعليمية و الاجساد التعليمية و ان الجسم المحسوس المرئي ما هو و في اصل خلقته اي شيء و هل هو مرکب من الهيولي و الصورة او من الاجزاء التي لاتتجزي او من الاجزاء الصغار الصلبة کما ذهب اليه ذيمقراطيس الحکيم او هو الصورة الجوهرية او غير ذلک و کيف يختلف الجسم باللطافة و الکثافة الذاتيتين و ما معناهما و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 210 *»

حقيقتهما و ما الفرق بينهما و بين العرضيتين و ما الفرق بين آثارهما و مقتضياتهما و احوالهما و هل جسم النبي صلي الله عليه و آله و اهل بيته عليهم السلام کان لطيفاً في هذه الدنيا او کثيفاً و علي التقديرين ذاتياً کان ام عرضياً و هذه الابحاث کلها مبرهنة في العلم الطبيعي و ما وقع في العبارة الشريفة اشارة الي تلک المباحث الدقيقة و المطالب الخفية.

و منها علم الالهي بالمعني الاعم علي مصطلحهم ليعرف حقيقة العقل و النفس و الروح و آثارها و مقتضياتها و اصل انبعاثها و تکونها و تذوتها و يحقق قاعدة الامکان الاشرف و بطلان الطفرة و ايجاد السلسلة الطولية و العرضية و الفرق بينهما و معني الصعود و النزول و العروج و الهبوط مع قوله تعالي و ما منا الا له مقام معلوم و انا لنحن الصافون و انا لنحن المسبحون الا تراه قال و جسمه صلي الله عليه و آله علة الاجسام و روحه علة الارواح و نفسه علة النفوس و عقله علة العقول و يعرف حقيقة العلة و المعلوم و ان العلة علي کم معني تطلق و کم وجه منها يراد و معرفة شرايطها و متمماتها و مکملاتها و اقسامها و نسبتها مع المعلول و يعرف معني التقدم و التأخر و القبلية و البعدية و اقسامها و معانيها و يعرف الدهر و الزمان و السرمد و النسبة بين هذه الثلاثة و احکامها و لوازمها و مقتضياتها و تقدم بعضها علي بعض و تأخر بعضها عن بعض الا تراه اعلي الله مقامه قال عرج بجسده في الزمان في الليل و بجسمه في الدهر و ذلک قبل الزوال بقليل مقدار الفي عام و معرفة العام و السنين في عالم الغيب مع انه ليس هناک طلوع و لا غروب و لا ليل و لا نهار و لا ساعات و لا دقائق فکيف کان خلق الارواح قبل الاجسام بالفي عام او باربعة آلاف عام علي اختلاف الروايات و ما معني ان قلوب المؤمنين خلقوا من شعاع جسم محمد صلي الله عليه و آله و ما معني الشعاع و ما معني المنير و ما معني الخلقة و ما معني الانخلاق و في کل مقام من هذه المقامات للعلماء الاعلام بحث طويل و هذه المباحث هي اصعب ما يرد علي العلماء الفحول من اهل المعقول الذين قصروا نظرهم الي المنقول و يريدون وزن هذا بذلک و وزن ذلک بهذا و اما الذين قصروا نظرهم الي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 211 *»

المعقول و ما لاحظوا الوزن و ان کانوا في تعب شديد في تحقيق هذه المطالب و تبيين هذه المقاصد الا ان امرهم اسهل و خطبهم اهون و کان لمولانا الاستاد اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه مباحث شريفة مستخرجة من دقايق کلمات اهل بيت العصمة و الطهارة في هذا الشأن ما عثر عليها اهل الشأن من اهل الشأن و ربما لايعرفونها اذا القيت عليهم فما ظنک بالجهال من اهل الشنآن و اولي البغضآء و العدوان.

و منها علم الالهي بالمعني الاخص علي مصطلحهم و علي مصطلحنا المأخوذ عن ائمتنا الاعلام عليهم سلام الله الکامل التام هو علم المعاني و البيان لقوله تعالي الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان و قال مولانا الباقر عليه السلام لجابر عليک بالبيان و المعاني فقال جابر و ما البيان و المعاني قال اما البيان فهو ان‌تعرف ان الله واحد ليس کمثله شيء فتعبده و لاتشرک به شيئاً و اما المعاني فنحن معانيه و نحن علمه الحديث ليعرف التوحيد في مراتبه الاربعة المشهورة بين العلماء و اما ما عندنا فمراتبه خمسة آلاف و مأتان و ثمانون مرتبة کما ذکرناها في رسالة منفردة و في توحيد الصفات يعرف الفرق بين الصفات الذاتية و الصفات الفعلية و يعرف معني الصفات الفعلية و انها هل هي حادثة کما هو عند الشيعة ام قديمة و ما معني حدوثها و توصيف القديم بها و ان الفاعل و الخالق و الرازق و المحيي و المميت من الصفات الذاتية او الفعلية و هل فرق بين العلة و الفاعل ام لا و علي فرض کون الفاعل من الصفات الفعلية کما صرح به العلامة المجلسي في کتابه الفارسي الموضوع للعوام المسمي بحق اليقين و عدم الفرق بين العلة و الفاعل و الخالق ما موصوف هذه الصفات ان کان الموصوف هو الفعل کما هو مقتضي ما اجمعوا عليه من صفات الافعال و الصفات الفعلية من نسبتها الي الفعل دون الذات فان کان الامر کذلک فکيف يوصف الله سبحانه بها فيقال الله الخالق الرازق و لايقال الفعل الخالق الرازق کما هو مقتضي نسبة کل صفة الي موصوفها و ان کان الموصوف هو الذات البحت فما معني القول بانها هي صفات الافعال فکيف يصح القول بحدوثها

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 212 *»

لاستلزام ذلک ان‌يکون القديم سبحانه محلاً للحوادث و بصحة سلب تلک الصفات و اثباتها يلزم التغير ضرورة مغايرة حالتي النفي و الاثبات و الوجود و العدم و هل هذه الصفات الفعلية جواهر ام اعراض بعد فرض حدوثها فان کانت اعراضاً فاين الجواهر التي تتقوم به فان کان هو الذات يلزم ان‌يکون سبحانه محلاً للحوادث و ان کان هو الفعل و هو ايضاً جوهر ام عرض و علي الثاني کما هو المشهور المحقق عندهم باي شيء يقوم الفعل فيقولون انه امر اعتباري فيکون الصفات الفعلية علي هذا المذهب السخيف کلها اعتباريات و لايرضي به جاهل فضلاً عن فاضل فاذا کان الفعل جوهراً فهو حادث او قديم و الثاني باطل بالضرورة و الاول خلق قبل الصفات الفعلية ام بعد الصفات الفعلية فان کان الثاني بطل کونه موصوفاً ضرورة تقدم الموصوف علي الصفة و تأخرها عنه و ان کان الاول فکان الفعل اول المخلوقات و الحوادث ثم بعده الصفات الفعلية ثاني المخلوقات و الحوادث فعلي هذا فکيف تنسب هذه الصفات الي الله القديم جل شأنه و کيف التوفيق بين هذا و بين ما تواترت الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم سلام الله الملک الجبار من ان اول الحوادث و الکاينات النور المحمدي صلي الله عليه و آله و لم‌يسبقه شيء من المخلوقات و الذوات و الصفات و قد انعقد علي ذلک اجماع المسلمين من المخالف و المؤالف بل و ضرورة الاسلام ان محمداً صلي الله عليه و آله اول ما خلق الله و ما معني ما ورد في الزيارة المشهورة لاميرالمؤمنين عليه السلام السلام علي اسم الله الرضي و نوره المضيء و الزيارة متواترة لاشک فيها و لاريب يعتريها و تنقيح هذه المطالب و تبيين هذه المقاصد انما هو في ذلک العلم الغريب العجيب و من هناک يظهر معني قوله اعلي الله مقامه جسمه علة الاجسام و روحه علة الارواح الخ, و حاشا ان‌يکون خالق سوي الله سبحانه هو الذي خلقکم ثم رزقکم ثم يميتکم ثم يحييکم هل من شرکائکم من يفعل من ذلکم من شيء سبحانه و تعالي عما يشرکون و بالجملة حقيقة المطلب و شرح الامر و المقصد يجري علي اصطلاحات اهل ذلک العلم و لايعرف هذه المسألة الا بعد الاطلاع بدقايقه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 213 *»

و حقايقه و اسراره و لطايفه و لايکفي معرفة بعض المسائل الظاهرية ايضاً.ٍ

و منها علم التوليد و الضم و الاستنتاج و التفريق و الانفصال الذي هو وجه عظيم من علم الطب و لم‌يشتهر عندهم و لم‌يعثروا عليه الا طائفة قليلة من اهل البصيرة و المعرفة النورانية و به تعرف حقيقة السمن و الهزل و الکبر و الصغر و التکبير و التصغير و النمو و الذبول و تولد الآثار من النسب و الاضافات و ان هذه الامور هل هي بزيادة اجزاء في الشيء و نقصانها منها او باعتبار الهيئات (الهيئة خ‌ل) و العوارض لا الاجزاء و انما بتصادم الطبايع و غلبة بعضها علي بعض و انبساط الاجزاء و التزازها و ضم بعضها ببعض و هل يجب حينئذ تداخل اجزاء اخر تخلخل في الاجزاء الاصلية عند الانبساط و هي المسماة بالاجزاء الفضلية ام لا و کيف يتصور القاء شيء عن شيء و اخذه عنه و هل علة الايجاد و الکثافة نفس الاعراض و الاضافات و الهيئات ام لا بل مع ذلک اجزاء خارجية و هل الذوبان و الانجماد مما يغير الشيء عن حقيقته ام لا بل هو هو و الاحکام الجارية عليه و هل هما لا يحصلان الا بتغير الصورة النوعية و الشخصية المتعارفة بحيث يفرق العرف بين الحالتين فرقاً بيناً ام خفياً ام لا يفرقون بل التفاوت انما هو امر خفي حتي‌لاتبتني عليه الاحکام العرفية و لا الاطلاقات اللغوية و الاوامر و النواهي الشرعية و هذه مباحث شريفة و مطالب منيفة دقيقة تنقيحها و بيانها و شرحها و ذکر ادلتها مفصلة في ذلک العلم.

فمن عرف هذا العلم يظهر له معني قول مولانا و استادنا المرحوم اسبغ الله عليه نواله و حشره مع محمد و آله صلي الله عليه و عليهم اجمعين, انه صلي الله عليه و آله القي ما فيه من الهواء و ما فيه من النار فيها و اذا رجع اخذ کل ما القي في کل رتبة و يعرف ان هذا الالقاء و الاخذ ليس علي ما يعرفون و علي ما يظنون لان الکلام جري علي اصطلاح العلماء العارفين الماهرين الکاملين و يظهر له معني قوله (ره) في التمثيل لجبرائيل اذا ظهر بصورة دحية بن خليفة الکلبي و انه يملأ ما بين السماء و الارض و انه يمر من ثقب الابرة بل اصغر و لاينقص منه شيء و لايزيد و انما تتبدل اعراضه و صوره و هيئاته لا غير ذلک.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 214 *»

و منها علم الاحکام النفس الامرية و هذا علم لم‌يعثر عليه العلماء و لم‌يطلع عليه الحکماء نعم قداستخرجه مولانا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه من اشارات کلام الله المجيد و تلويحات الروايات و هذه الاحکام غير الاحکام الواقعية و غير الاحکام الذهنية و انما هي احکام ثابتة في الورقة السفلي من اللوح المحفوظ في مقام لوح المحو و الاثبات و لهذا العلم مسائل کثيرة و فروع غير عديدة اشرنا الي جملة منها في شرحنا علي الخطبة الطتنجية فلانعيدها هنا و يظهر من ذلک (منها خ‌ل) تبدل الصور و اختلاف الهيئات من حين کونه نطفة و خلعها و لبس صورة العلقة و خلعها و لبس صورة المضغة و خلعها و لبس صورة البشرية حالة الجنين و خلعها و لبس الصورة الدنياوية و هکذا من الفطام و الصبا و المراهقة و البلوغ و التمام و الکمال و الشيخوخة و الهرم و الضعف و الموت و الرمم و البعث و هکذا الي ان‌ينتهي الامر و يرفع الموانع التي هي سبب تأسيس حکم العرضي فاختلاف الاحکام انما هو بالهيئات المختلفة و ذلک بالاقتضاءات الخارجية و الداخلية فکل شيء في کل حال و انما يلقي شيئاً و يأخذ شيئاً و هو قوله تعالي بل هم في لبس من خلق جديد و ليس الملقي داخلاً في حقيقة الشيء و لا المأخوذ الا ما کان من باب الواقعي لا النفس الامري و بذلک يظهر معني قوله اعلي الله مقامه القي ما فيه من الهواء في رتبة و القي ما فيه من النار فيها و يظهر معني لطافة جسد النبي صلي الله عليه و اله و جسد الائمة عليهم السلام و کون تلک الاجساد الطيبة (الشريفة خ‌ل) في اعلي مراتب الاعتدال و الاستقامة و انها في هذه الدنيا اصفي و اعدل من اجسام اهل الجنة فيها مع ما يعتريهم من انواع الاعراض و الآلام و الموت و القتل و امثال ذلک و هذه المباحث لاتعرف الا بالفرق بين الاحکام النفس الامرية و الاحکام الواقعية و تحقيقها انما يعرف في ذلک العلم الشريف و البحث اللطيف و اغلب الناس کما سمعت ما سمعوا هذا العلم و مباحثه فضلاً عن ادراک دقائقه و حقايقه و مفتاح هذه العبارة انما هو في هذا العلم.

و منها علم التطبيق و التوفيق بين العوالم و الاناسي الثلاثة الانسان الکبير و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 215 *»

الوسيط و الصغير و اغلب العلماء لم‌يعثروا علي دقائق هذا العلم و حقايقه و الذي عثر علي بعض مقدماته ما استوفي الکلام في تنقيحه و تهذيبه. و اصله ما في کلام اميرالمؤمنين عليه السلام:

                و تزعم انک جرم صغير                         و فيک انطوي العالم الاکبر

و انت الکتاب المبين الذي                     باحرفه يظهر المضمر

             و قال ايضا عليه السلام الصورة الانسانية هي اکبر حجة الله علي خلقه و هي الکتاب الذي کتبه بيده و هي الهيکل الذي بناه بحکمته و هي مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ الحديث، رواه الديلمي في الدرر و الغرر فقلت بعض معناه و قال الله عزوجل ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و قال ايضاً و ما امرنا الا واحدة کلمح بالبصر و قال ما خلقکم و لا بعثکم الا کنفس واحدة و غيرها من الآيات و الروايات المؤيدة بالبراهين القطعية و المعتضدة بالادلة العقلية کما هو معلوم عند اولي الفطنة الزکية و البصيرة القوية و في هذا العلم يظهر کيفية انطباق العالم بما فيه من المجردات و الماديات و العلويات و السفليات و الافلاک و العناصر و المواليد و الحرکات و الکاينات و الجواهر القارة و غير القارة و الاعراض و الصور و الهيئات و اللوازم و المتممات و المکملات و الشرايط و تمکين القابليات و ظهور المقبولات و العرش و الکرسي و السموات و البحار و الاشجار و البراري و الفلوات و الانبياء و الرسل و الشرور و الخيرات و الفروع و الاصول و الانوار و الظلمات (الظلمات و ما استجن في غيب الکاينات خ‌ل) و ما استسر من دقايق الخفيات و الزمانيات و الدهريات و السرمديات و احکام الحرکات و الاوضاع و الاستدارات (و اوضاع الاستدارات خ‌ل) و عجائب ما استودع في الامکان من غرائب النسمات و ما خلق في الامکان و العين خالق البريات کل ذلک و جميع التفاصيل و الاحوال مع کل ذلک يعرف انطباقها مع الحقيقة الانسانية في الوسيط و الصغير و بذلک يظهر اجساد الدنيوية و الزمانية و العنصرية و الهورقلوية و البرزخية و الاخروية و ان هذه الاجساد ليس کما توهمه الناس بل هي اعراض کل عالم جعلها (کل ما

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 216 *»

جعله خ‌ل) الله سبحانه و تعالي في الانسان لتتميم الجامعية و اظهار الکاملية و يظهر لک بالتوضيح معني الالقاء‌ و الاخذ کما ذکره اعلي الله مقامه بما لاينافي ظاهر ما عليه عامة الناس بقدر الشعرة و لهذا العلم مسائل کثيرة و فروع غير عديدة يعثر عليها العارف المتتبع (المتبع خ‌ل) و يغفل عنها الجاهل المتکاسل و لمولانا اعلي الله رتبته و رفع في فسيح الجنان منزلته في هذا العلم استخراجات (استخراج خ‌ل) کنوز اسرار لم‌يعثر عليها دقايق الافهام و استنباطات حقايق علوم انوار تعجز عنها العقول و الاحلام و هذه العبارات الشريفة لايفتح مغلاقها الا بذلک المفتاح التام ان في ذلک لعبرة لاولي الابصار و الافهام.

و منها علم الموازين اي ميزان المطالب بالمشاعر و ميزان المشاعر بالادلة و ميزان الادلة بالميزان القويم و القسطاس المستقيم و من جهة الجهل بهذه الموازين ظهر الخلل العظيم في الافهام و الادراکات اذ ما کل مطلب (طلب خ‌ل) يدرک بکل مشعر و لا کل مشعر يدرک کل مطلب الا تري انک بالبصر لاتدرک الاصوات و بالسمع لاتدرک الالوان و باللمس لاتدرک الطعوم و بالذوق لاتدرک الروايح و کذلک الحواس الباطنية فان المتخيلات لاتدرک بالقوة الفکرية و البرزخيات لاتدرک بالقوة المتخيلة و المتوهمات لاتدرک بالقوة المتصرفة و المتصرفات لاتدرک بالقوة العاقلة و کذلک مطالب و مقاصد لاتدرک بهذه القوي الدماغية و انما هو بالنفس الناطقة القدسية و کذلک مطالب ايضاً لاتدرک بها فانها تدرک بالقلب و ارکانه و کل رکن مخصوص بادراک مطالب لايشمل الرکن الآخر.

و ارکان القلب اربعة الرکن الايمن الاعلي و هو ينبوع النور الابيض الذي منه البياض و منه ضوء النهار و الرکن الايمن الاسفل و هو ينبوع النور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة و الرکن الايسر الاعلي و فيه ينبوع النور الاخضر التي منه اخضرت الخضرة و الرکن الايسر الاسفل الذي فيه ينبوع النور الاحمر الذي منه احمرت الحمره و کل واحد من هذه الارکان مخزن علوم و مطالب لاتدرک و لاتعرف بالرکن الآخر و لاينال احد شيئا منها الا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 217 *»

في کل منها فمن طلبها في غير موضعها لم‌يعثر عليها کمن طلب ادراک الاصوات بالبصر و ادراک الالوان بالسمع و هکذا ساير المشاعر و هنا ايضاً مطالب و مقاصد اخر لايدرکها القلب بارکانها و انما يدرکها الفؤاد بمراتبه و مقاماته منها ما يدرکه في مقام الکلمة التامة و الرحمة العامة و الکلمة العليا الذي اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اکلها کل حين باذن ربها و منها ما يدرکه في مرتبة الحروف العاليات و الصور المکنونات و المخزونات و السحاب المزجي المثار من شجرة البحر بانحاء التطورات و هو المعني من قوله تعالي خلقکم اطواراً و منها ما تدرکه في مقام الالف اللينية و اللطيفة الحقيقية و السريرة الالهية و النفس اللاهوتية و منها ما تدرکه في مقام النقطة البسيطة من السر المعمي و الرمز المفخم (المتمم خ‌ل) معدن علوم الهية و مخزون اسرار ربوبية و ينبوع متممات و صفات الحقيقية المجردة عن الحد و الکيفية المنزهة عن الرسم و الکمية لاتنالها البصائر و العقول و لايصل اليها اهل المعقول و المنقول و قدوقعت الاشارة بصريح العبارة الي هذه المراتب بقول مولانا الصادق عليه صلوات الملک الخالق علي ما رواه في مصباح الشريعة و مفتاح الحقيقة الذي اعتمد عليه جماعة من العلماء الاعلام و طايفة من الفقهاء الکرام منهم السيد الاجل السيد بن طاووس (ره) کان من شدة الاعتناء به و الوثوق عليه يجعله حرزاً و يشده في عضده قال عليه السلام اذا تحقق العلم في الصدر خاف و اذا خاف هرب و من هرب نجي و اذا اشرق نور اليقين في القلب شاهد الفضل فاذا تمکن من رؤية الفضل رجا و من (اذا خ‌ل) رجا طلب و من طلب وجد و اذا انجلي نور (ضياء خ‌ل) المعرفة في الفؤاد هاج ريح المحبة و استأنس في ظلال المحبوب و آثر محبوبه علي من سواه نقلت بعض الحديث بالمعني.

و الحاصل ان الفرق بين المشاعر و القوي المدرکة من اصعب ما يرد علي العلماء الفحول بل لاتقف عند ادراکها و ضبط حدودها و اوضاعها العقول و کان لمولانا و استادنا في هذه المباحث نتايج افکار دقيقة و قواعد رموز رشيقة لايهتدي اليها الکاملون الماهرون في هذه الفنون فما ظنک بغيرهم ممن

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 218 *»

لم‌يتتبعوا في اطوار هذه الدقايق و لم‌يستضئ ابصار قلوبهم بانوار هذه الحقايق اذ لم‌يسمعوها و لم‌يعوها فهم عنها غافلون و جل مطالبه في مباحثه و رسائله مبنية علي الفرق بين هذه المشاعر و اختصاص کل مشعر بمطلب خاص لايصلح الآخر له کما ان البصر لايصلح لادراک الاصوات و السمع لايصلح لادراک الالوان و کذلک باقي المشاعر و صريح قول اميرالمؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسهها و تشير الآلات الي نظائرها خصوصاً مسألة المعراج فانها لاتنال و لاتدرک الا بالفؤاد فمن طلبها بغيره لم‌ينل المقصود و لم‌يحصل المراد و ساير المشاعر عنها بعيدة بمسافة عديدة و لايخفي علي کل ذي لب سليم و عقل مستقيم ان مشاعر الانسان بمراتبها ليست کلها صحيحة معتدلة تامة التأثير و الادراک بل منها ما هي سقيمة عليلة ضعيفة الادراک و منها ما هي محجوبة بحجب تمنعها عن الشعور و منها ما هي عارية عن النور کما نشاهد في الحواس الظاهرة فان من الناس من هو فاقد البصر و منهم من هو فاقد السمع و هکذا قياس ساير المشاعر الظاهرة اذ لايلزم ان‌يکون کل واحدة صحيحة في کل شخص و کذا الحواس الباطنة کما اشار اليه مولانا الرضا عليه السلام في حديث عمران الصابي قدعلم اولوا الالباب ان الاستدلال علي ما هنالک لايعلم الا بما هاهنا و من هذه الجهة شرط مولانا اعلي الله مقامه في فهم کلامه الفرق بين ادراک القلب و الفؤاد کما قال في جواب بعض المسائل في العلم ما لفظه الشريف اوصيک ايها الناظر (الناظر في کلامي خ‌ل) ان‌لاتقف علي الالفاظ و العبارات فان کنت تعرف الفرق بين القلب و الفؤاد و الفرق بين نظريهما و استعملت في کلامي نظر الفؤاد فزت ببلوغ المراد و الا فاقطع الخطاب و لاتطلب الري من السراب فان کنت عطشاناً لهذا المورد فقدضرب دونه الف حجاب و الله سبحانه الموفق للصواب هـ، فاذا کان الامر کذلک فقبل الفرق بين نظر القلب و الفؤاد و التميز بين مدرکاتهما و استعمال نظر الفؤاد کيف يرجي بلوغ المراد في فهم کلام من کلامه مقصور علي نظر الفؤاد و هذا لايعلم قط و لايعرف الا بتنقيح مسائل علم الحواس و تحقيقها علي جهة البصيرة و الايقان

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 219 *»

علي ما هو المعروف عند الحکماء الراشدين و المؤمنين الممتحنين المستخرجين لاولي الاسرار و العلوم من اصداف احاديث الائمة الطاهرين عليهم سلام الله اجمعين و لقدکتبنا في ذلک رسالة منفردة و ذکرنا فيها بعض مسائل هذا العلم باوضح بيان و اکمل تبيين ان في ذلک لايات للمتوسمين.

و اما ميزان المشاعر و المدارک  فهو الادلة و هي ثلاثة کما قال تعالي لنبيه صلي الله عليه و آله ادع الي سبيل ربک بالحکمة و الموعظة الحسنة و جادلهم بالتي هي احسن و المعروف بين العلماء في علم المنطق و غيره ضبط آخر الادلة و ادناها و هو دليل المجادلة بالتي هي احسن و تحقيقه و شرائطه و آدابه و لمن يعرف سياق الکلام ليس هو الدليل المقصود من الله الملک العلام بدليل تغير سوق العبارة لمن يفهم الاشارة في مقام التلويح بصريح العبارة و الدليل الاصلي المقصود لذاته هو الاولان المندرجان في سوق واحد و المنتظمان بنظم غير متعدد:

 اولهما اعلاهما و ابهاهما و اسناهما و اشرفهما و الطفهما و هو دليل الحکمة الموصل الي سر حقيقة المعرفة في جميع الموجودات التکوينية و التشريعية و المعنوية و الصورية و التکوينية و التدوينية و الحقيقية و المجازية علي نهج اليقين بما لايختلجه الشک و التخمين و بها تدرک الاشياء کما هي کما قال رسول الله صلي الله عليه و آله اللهم ارني الاشياء کما هي و قال جل من قائل اثباتاً لعظيم منزلته و اظهاراً لجليل خطره و مرتبته و من يؤت الحکمة فقداوتي خيراً کثيراً و هو الدليل اللمي و السر الغيبي و هو لافادة الاسرار کما قال عليه السلام سر لايفيده الا سر و هو لاخص الخواص البالغين مقام الاختصاص و عليه تنبئ المعارف الالهية و الحقائق اللاهوتية.

و ثانيها دليل الموعظة الحسنة و هو دليل اولي الالباب و اصحاب اليقين و مخلصي شيعة مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام من اهل التحقيق و التمکين الذين تکلموا عن الحقيقة بلسان المجاز و عبروا عن المجاز بصرف الحقيقة و هذان الدليلان اللذان هما الاصل و العمدة لفهم المطالب ما تعرض لهما المشهور بل تصدي العلماء العارفون و الفقهاء الربانيون لتحقيقهما و ذکر شرايطهما و مستنداتهما و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 220 *»

متمماتهما و مکملاتهما و لوازمهما و مقتضياتهما الي ان صدر علماً مستقلاً ذا مسائل عجيبة و مطالب غريبة لاتدرکه العقول و البصائر من اهل الرسوم و الظاهر.

و اغلب مطالب مولانا و استادنا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه مبنية (مبتنية خ‌ل) علي دليل الحکمة و اصل مأخذه و منشئه و شرايط تحققه و اللوازم المترتبة عليه و النتايج المتحصلة منه و نظروا الي کلام مولانا و وجدوا انه لاينطبق علي القاعدة المقررة في المنطق قالوا انه قول بلادليل ولکنهم اخطأوا الصواب و نطقوا بغير علم و لا هدي و لا کتاب و لم‌يعلموا (لايعلمون خ‌ل) ان الدليل هو الذي عنده و السبيل الحق هو الذي سلکه و ان الائمة عليهم السلام ما تمدحوا الا بذلک و لا اثني عليهم الا بما هنالک الا تري تخاطبهم في الزيارات و في ساير المخاطبات و دعوتم الي سبيله بالحکمة و الموعظة الحسنة و لاتقول بالمجادلة بالتي هي احسن و لو کان فيها کمالاً  لامتدحوا بها و لاثنوا عليهم بها.

و لايقال انهما داخلان في المنطق فدليل الحکمة هو البرهان المنطقي و الموعظة الحسنة هي الخطابة و دليل المجادلة هي الجدال علي ما هو المعروف عندهم کما قال ملاصدرا لانا نقول هذا باطل قطعاً لان مولانا الصادق عليه السلام صرح بان البرهان من الجدال بالتي هي احسن علي ما رواه الطبرسي في الاحتجاج و المجلسي في البحار و لدلائل اخر من البراهين العقلية التي ذکرناها في محلها و لسنا نقول دليل المجادلة باطل و انما نقول انه ادني المقامات و دليل الحکمة اعلي منه فالمتمکن منه لايعتني بدليل المجادلة لانه عدول عن الکمال و لايرضي به اصحاب الکمال و لانه لايوصل الي حقيقة المراد فلايلتفت اليها البالغون مرتبة الفؤاد.

و من هذه الجهة اجري مولانا نمط استدلاله و استنباطه علي دليل الحکمة و الموعظة الحسنة فمن لم‌يعرفهما و لم‌يعرف کيفية الاستدلال بهما فلايعقل منه فهم کلام من يستدل بهما و مفاهيم کلماته مستنبطة عنهما و هل هذا الا طمع الاستماع بالبصر و الرؤية بالسمع و الذوق بالمنخرين و ما هذا يفعل انسان و اما ميزان الادلة فهو مذکور في محله و مشروح عند اهله و يتکفل ببيانها آيتان من القرآن و هما

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 221 *»

قوله تعالي فلا و ربک لايؤمنون حتي يحکموک فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً و شرح هذه الآية و بيانها و جواب ما عسي ان‌يرد عليها و توضيح مجملها و تبيين معضلها في الآية الاخري و هي قوله تعالي اليوم يئس الذين کفروا من دينکم فلاتخشوهم و اخشون اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام ديناً و شرح هذه المسألة و بيانها موکول في ذلک العلم علي ما عند اصحاب الحقيقة و قدذکرت في شرح الخطبة الطتنجية شطراً وافياً منه و علي من يفهم الکلام السلام.

و منها علم الکتاب التکويني و هو علم عجيب غريب علم الانبياء و المرسلين و الملائکة المقربين و الاولياء و الصديقين و الخواص من المؤمنين الممتحنين الذين عرفوا الحيث و الکيف و الکم و عرفوا مفصولهم و موصولهم و ما يؤول اليه امورهم و هم القليلون اقل من الکبريت الاحمر کما اشار (اشارت ظ) اليهم الآيات و الروايات و هذا الکتاب قدجمع الله فيه جميع العلوم و المعارف و جميع المقاصد و المطالب و جميع ما يريد من خلقه کلها ببيان حالي و شرح تکويني وجودي بضرب الامثال و بيان الاحوال و تفصيل الاجمال بحيث لايخفي لمن نظر فيه و عرف کيفية قراءته جواب و لا سؤال و لم‌يطلع عليه الا الاقلون و غفل عنه الاکثرون ولکن اکثر الناس لايعلمون والله سبحانه نص عليه في کتابه الحميد بقوله عز من قائل سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قال عزوجل و کذلک نري ابرهيم ملکوت السموات و الارض و ليکون من الموقنين و قال ايضاً قل انظروا ماذا في السموات و الارض  و امثالها من الآيات الکثيرة و في هذا العلم يتبين حقيقة معني قوله اعلي الله مقامه انه صلي الله عليه و آله عرج بجسده في الليل في الزمان و بجسمه في الدهر قبل خلق السموات و الارض بالفي عام او باربعة آلاف عام و بروحه في السرمد اضعاف مقدار بقاء العرش علي الماء قبل خلق السموات و الارض و قدحدد قليلاً منه اميرالمؤمنين عليه السلام للسائل لما سأله عن ذلک فقال عليه السلام لو صب خردل حتي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 222 *»

 ملأ الفضاء و سد مابين الارض و السماء و انت لو عمرت و کلفت مع ضعفک ان‌تنقل حبة حبة من المشرق الي المغرب حتي‌ينفد لکان ذلک اقل (باقل خ‌ل) من جزء من مئة الف جزء من رأس الشعير مما بقي العرش علي الماء قبل خلق السموات و الارض و استغفر الله من التحديد بالقليل هـ، کل ذلک بعروج واحد و هذا من المعضلات التي لايفتح مغلاقها الا بهذا العلم الشريف و هناک يتبين حقيقة المدة و انها اي شيء و اختلاف المدد لماذا و ما منشأ هذا الاختلاف و اي نسبة بين هذه المدد و کيف يکون عروج جسده في الليل بعد البعثة بسنتين و عروج جسمه في النهار قبل خلق السموات و الارض بعروج واحد و ما معني هذا الاتحاد مع هذا الاختلاف و کذلک (هکذا خ‌ل) ساير مباحث المعراج و ان جسمه صلي الله عليه و آله الطف من العرش من محدبه بسبعين الف مرة مع انه يري بالابصار دون العرش و يحس بالحواس و يدرک بلمس اللامس و تجري عليه التغييرات (التغيرات خ‌ل) و تعتور عليه الحالات مع انه هو الثابت القار البات و لايوصف العرش و لا الکرسي و لا السموات بتلک الصفات و السمات ما الوجه في ذلک و ما حقيقة الامر فيما هنالک هذه المباحث کلها مشروحة في هذا العلم الانور و النور الازهر الذي اظهره للناس سادات المحشر و اصحاب الحوض الکوثر عليهم الصلوة و السلام من الله الخالق الاکبر و جعلوا هذا العلم مکتوماً عند اهله مخزوناً في محله ذلک فضل الله يؤتيه من يشاء و اني للاجانب ادراکه و للاباعد فهمه الا ان مولانا اعلي الله مهقامه قد کشف سره و فتح مقفله و اذن للطالبين بالدخول امتثالاً لقوله تعالي ان الله يأمرکم ان‌تؤدوا الامانات الي اهلها فمن عرف غنم و سلم و لاحول و لا قوة الا بالله العلي العظيم.

و منها علم الکون الشرعي و الشرع الوجودي و هما متلازمان متساوقان متحاويان لاينفک احدهما عن صاحبه و هو علم ذو عجايب و غرايب و مقاصد و مطالب لم‌يسمعه الاکثرون و لم‌يعثر علي حقيقته الا الاقلون و قدبسط مولانا و شرح في بعض رسائله و بين فافصح في اغلب مباحثاته بعض مسائل هذا العلم و بعد الاحاطة بحقيقتها يظهر معني قوله اعلي الله مقامه انه صلي بالملائکة في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 223 *»

النهار و اسبغ وضوءه من بحر الصاد و تمضمض و استنشق من ماء الاتحاد و صلي صلوة الظهر في مقام او ادني حين کون الشمس قائمة علي قمة الرأس و الظل منعدماً و الکواکب محترقة و البروج متطابقة متواصلة يظهر من الکل خاصية الکل و هناک صلي صلوة الظهر و هو اول صلوة صليها و اول فريضة اداها قبل المصلين و قبل المؤدين بقبلية غير محدودة و معني صلوة الرب و قوله جل شأنه في صلوته انا رب الملائکة و الروح و ما معني الصلوة و کيف کانت هذه الصلوة و ما وجه اختصاصها دون غيرها و هکذا امثالها من المسائل المعضلة التي تکل دونها الابصار و تحير دون البلوغ الي ادني مراتبها الافکار و هي کلها مشروحة مفصلة مبينة محققة  في هذا العلم الشريف و النور المنيف و لايمکن الاطلاع عليها الا بعد الاحاطة بحقائق هذا العلم و دقائقه و شروطه و متمماته و کلياته و جزئياته و مقتضياته و اسبابه.

و منها علم المناظر و المرايا و معرفة هذا العلم علي ما هو عند اهل العلم عليهم السلام لا علي ما هو المعروف المشهور عندهم من خيالات اليونانيين و اوهام المتفلسفين بل علي ما هو الحق عند اهل الحق من معرفة المرآة و الصورة و الانطباع و المقابلة و کيفية تحقق الصورة و حقيقة المرآة و ان المرآة هي الصورة او الزجاجة و حقيقة النسبة بينهما و ان الصورة هي الشبح المتصل او الشبح المنفصل او المنفصل من المنفصل من المتصل و ما النسبة بين هذه الاشباح و اين تحققها و ما السبب في وجودها و ما العلة في اختلافاتها و کيف ينطبع الصورة في المراة من الشاخص المقابل بلا اتصال و لا انفصال و لا ممازجة و لا مفارقة و لا مداخلة و لا مباينة و انه انطباع فهواني بلا کيف و لا حد و يکف يستدل منها الي المقابل هل بملاحظتها و ملاحظة الشاخص فيکون لحاظان في آن واحد و يأباه قوله تعالي ماجعل الله لرجل من قلبين في جوفه اذا کان الادراک بالتفاتة واحدة من غير لحاظ تعدد النظر ام يلتفت الي المقابل من غير التفاته الي الصورة و يأباه امتناع التوجه الي المدلول من غير ملاحظة (توجه خ‌ل) او يلتفت الي المقابل حين التفاته الي الصورة مع التفاته اليها من غير التفاته

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 224 *»

اليها بل قبل التفاته اليها کما هو الحق و هو سر ملاحظة السافل العالي من غير السافل بل بالعالي و کيف يعقل هذا الامر الدقيق و کيف يعرف هذا المعني الرشيق و کذلک القول في الابصار هل هو بخروج الشعاع او بالانطباع کالصورة في المرآة او بالانعکاس او بغير ذلک من الاقوال الاربعة المشهورة و ما کيفية الادراک و الابصار و ما معني قول اميرالمؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظائرها کيف يدرک البصر نفسه او السمع نفسه مع ما ورد من الانکار الصريح في هذا المعني في کلام مولانا الرضا عليه السلام في حديث عمران الصابي فکيف التوفيق بين الروايتين و ما حقيقة الامر في البين و ما نسبة الالفاظ الي المعاني هل هي نسبة المتباينين کما هو المشهور عند علماء الاصول او نسبة الاجساد الي الارواح کما هو عند علماء الحقايق و الاسرار و يدل عليه صريح قول اميرالمؤمنين عليه السلام المعني في اللفظ کالروح في الجسد و هل المراد بالروح و الجسد الروح الحيوانية المأخوذة من صفو ارواح الافلاک کما في کلام مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام او الروح الناطقة القدسية التي اصلها العقل منه وعت و اليه دلت و اشارت و شابهته (شابهت خ‌ل) اذا کملت او الروح الامري و السر الغيبي المعني في قوله عزوجل قل الروح من امر ربي و قوله عزوجل و نفخت فيه من روحي و علي القول الاخير کما هو الحق المنصور المؤيد بالادلة القطعية المذکورة في محلها فتکون نسبة الالفاظ الي المعاني نسبة المرايا الي الصورة و الاشباح  المنفصلة  و ادراک المعني من اللفظ کادراک المقابل للشاخص من الصورة التي في المرآة فتکون الشروط المعتبرة فيه هي الشروط المعتبرة فيها الکلام الکلام الجواب الجواب الاحتمالات الاحتمالات الاختلافات الاختلافات.

و لذا قال مولانا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه في وصيته لمن يروم معرفة کلامه ايها الناظر في کلامي ان قدرت ان‌تعرف المعني من اللفظ بغير اللفظ فانظر في کلامي و الا فدع عنک بحراً ضل فيه السوابح و هذه العبارة شرط لمعرفة کلامه و حقيقة هذا الشرط لاتعرف و لاتدرک الا بعد الاحاطة بعلم المناظر و المرايا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 225 *»

و تحقيق المطالب التي اوردنا شطرا منها و هذه لاتعرف الا بعد العثور علي حقايق ذلک العلم و دقائقه مما يستفاد من دليل الحکمة لا ما کتبه الهندسيون و اليونانيون في هذا  الشأن فانه لايسمن و لايغني من جوع فمن لم‌يعرف هذه الدقائق کما ذکرناه و لم‌يطلع علي هذه الحقائق کما سطرناه فاياه ثم اياه ان‌يروم معرفة کلامه اعلي الله مقامه و ان‌يحوم حول عباراته و کلماته فانها بحر تضل فيه السابحون و لجة تغرق دونه الجاهلون رحم الله امرءاً عرف قدره و لم‌يتعد طوره.

و منها علم التأويل و الباطن و تأويل التأويل و باطن الباطن و تأويل الباطن و باطن التأويل و ظاهر الظاهر حتي ترتقي المراتب الي السبعة او الي السبعين و هذا علم قد سد دونه الابواب و ضرب دونه الف حجاب لانه من مکنونات علم الائمة الاطياب عليهم سلام الله في المبدأ و المآب و لما انهم سلام الله عليهم قالوا نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و قال الله عزوجل خطاباً لهم بالاصالة و لغيرهم بالتبع ان الله يأمرکم ان‌تؤدوا الامانات الي اهلها و قال ايضاً و لاتؤتوا السفهاء اموالکم التي جعل الله لکم قياماً و ارزقوهم فيها و اکسوهم و قولوا لهم قولاً معروفاً کانوا عليهم السلام يعلمون المنقطعين من شيعتهم المتأدبين (المؤدبين خ‌ل) بآدابهم و الناهجين منهجهم فعلموهم من الاسرار ما يقصر عن ادراکه افهام اولي الابصار و الانظار و حجبوها عن الاغيار علي تفاوت مراتبهم و درجاتهم و مقاماتهم فکان العلماء من الشيعة المخلصين اصحاب الحکمة و اولي الافئدة يتوارثون هذا العلم خلفاً عن سلف و يحمونه عن التضييع و التلف و يکتمونه عن الاغيار و يبعدونه عن تناول الاشرار و لما کان مولانا ممن ورد ذلک المورد و شرب من ذلک المشرب و ادرک العل و النهل کان يجري کلماته لاهل الاشارات و اصحاب اللطايف و التلويحات ذلک المجري لئلايکون مخالفا لما امر الله من سلوک سبيل الحق و اعطاء کل ذي حق حقه و عدم منع الحکمة لاهلها فصار يتکلم لهم بذلک اللسان و يظهر لهم ذلک الشأن و يرشدهم الي سبيل الله بذلک التبيان و يعلمهم حقيقة البيان في قوله

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 226 *»

الملک المنان الرحمن علم القرآن خلق الانسان علمه البيان و يفهمه من کان من سنخ الانسان فاذاً ما معني التأويل و الباطن و ما معني الباطن و باطن الباطن و ما معني الظاهر و ظاهر الظاهر و التأويل و باطن التأويل و ما الفرق بين هذه المراتب و ما النسبة بينها من النسب الاربعة و لما اختلفت و تعددت و لم‌تکثرت و انبسطت مع انه يقول اميرالمؤمنين عليه السلام العلم نقطة کثرها الجاهلون و هل هذا تکثير او بسط و تکسير و لم‌ کانت سبعة و ارتقت الي سبعين و ما النسبة بين هذه المراتب هل هي نسبة العلية و المعلولية و الاثرية و المؤثرية و الشعاعية و المنيرية علي المعني الخاص بالوجه العام او القشر و اللب و التساوق و التضايف او التساوي و التحاذي و ما النسبة بين مدلولاتها و دوالها مما ذکرنا و ما النسبة بين اطلاقاتها و مفهوماتها من الحقيقة و المجاز و النقل و الاشتراک و التواطؤ و التشکيک او الحقيقة بعد الحقيقة او الحقيقة بعد المجاز او غير ذلک من الاطلاقات و الامور التي لم‌يسمعها الاکثرون و کتمها الاقلون و بينها المستسرون و حفظها الغيبيون اولئک کما قال الشاعر:

لله تحت قباب الارض طائفة                                اخفاهم عن عيون الناس اجلالاً

و کلام مولانا و استادنا اعلي الله مقامه و رفع في فسيح الجنان منزلته اغلبه يجري هذا المجري لانه العارف باسرار التأويل و العالم باحکام التنزيل ببرکة انقطاعه الي ساداته و مواليه اهل بيت التکبير و التهليل و التحريم و التحليل خصوصاً مسألة المعراج و ما ذکره طيب الله نفسه و عطر رمسه في هذه العبارات في بيان الجسد و الجسم و الکثافة و اللطافة و النورانية و الافاعيل الالهية و صعود الجسم بثيابه و الجسد بلباسه و نعله من غير لزوم خرق و لا التيام و تلقيه الوحي من جبرائيل مع ان علياً هو المعلم لجبرائيل بالاخبار المتکاثرة و الروايات المستفيضة بل المتواترة مع ان علم علي عليه السلام موجة من بحره و قطرة من سحاب هاطله و رؤيته الانبياء في السموات مع انهم في الجنان متکئون علي الارائک في الغرفات و معني صلوة الظهر و وضوئه من بحر صاد و وقوفه علي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 227 *»

باب المراد و بلوغه الي مقام الحب و الوداد و کل هذه امور يعرف بيانه و يشيد ارکانه بعد معرفة هذا العلم الشريف و النور المنيف و اني للقاصرين و ادراکه و اني للمنقطعين و الوصول الي ساحة معرفته و اين الثريا من يدل المتناول.

و منها علم الاصول و معرفة ان في کلام العرب حقايق و مجازات و کناية و استعارات و محکمات و متشابهات و عمومات و اطلاقات و تفاصيل و مجملات و بيانات و معضلات و واضحات و مبهمات و امثال و اشارات و دلائل و عبارات و ساير تصاريف انحاء الکلمات من فحوي الخطاب و لحن الخطاب و دليل الخطاب و دليل التنبيه و الاشارة و قصد بصريح العبارة و القول من قبيل اياک اعني و اسمعي يا جارة و ان في الکلام نصاً و ظاهراً و ان الالفاظ من حيث انفسها لاتفيد الا الظن و ان استفادة معني من کلام لايکون الا بنفي عشرة اشياء کلها تفيد الظن کاصل عدم التخصيص و عدم التقدير و عدم الاضمار و عدم الاشتراک و عدم النقل و عدم التجوز و عدم الاجمال و امثالها مما هو مذکور في الکتب الاصولية المطولة و ان الظاهر لايعارض النص و ان اعظم ما يستفاد به النص تنصيص المتکلم بمراده و تفسيره لما في قلبه و خاطره و ان الکلام يحمل علي مراده الذي يدعيه لا علي ما يظهر من ظاهر اللغة بعد فتح ابواب التجوزات و المحکمات و المتشابهات الا ان‌يکون خارجاً عن قانون اللغة و مبايناً لطريقة اهل العرف و اللسان من وجوه العربية و قدقال عليه السلام علي ما رواه المفيد في الاختصاص اني لاتکلم بکلمة و اريد منها احداً و سبعين  وجهاً لي لکل منها المخرج فاذا صحت هذه الاحتمالات فيعرض کلام القائل في الاصول و العقايد علي ما صح له من المذهب الا ان يکون القائل يصرح بخلافه او ان‌يکون في کلامه قرائن قطعية يفيد القطع لمن لم‌يکن مسبوقاً بالشبهة بمراده او ان يکون کلامه کله علي نهج واحد يحصل القطع بالمراد و اما اذا کان الکلام يجري علي اوضاع عديدة و احوال مختلفة متشتتة مرة ينفي شيئاً و اخري يثبته و مرة يجمل امراً و اخري يشرحه و مرة يبهم حکماً و اخري يفصله و مرة يتکلم بلسان و اصطلاح و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 228 *»

اخري بآخر ففي هذه الصورة لمن عرف ان القائل داخل في مذهب او دين فلينسب الي ذلک المذهب و الدين و يجعل من کلماته کل ما يوافق او يطابق معتقدات اهل المذهب اصلاً محکماً فيؤول ما سوي ذلک الي ما لم‌يظهر فيه وجه المطابقة و الموافقة الي ذلک الاصل المحکم و ان لم‌يظهر من کلامه وجه الموافقة اصلاً و لا هو صريح في المخالفة بحيث يحصل القطع بالخلاف بمعونة القراين الخارجة و الداخلة و الحالية و المقالية و عرف انتساب القائل الي مذهب معلوم فلينسب الي مذهبه و يجعل تلک تلک الکلمات من المتشابهات فان قدر تأويلها الي مذهبه و معتقده الذي عرف بالانتساب اليه فهو المطلوب و الا فليرد علمه الي قائله فان قائله اولي به لقوله عليه السلام في المتفق عليه ادرؤوا الحدود بالشبهات و لايتسارع الي الانکار و الرد ليشمله قوله عزوجل بل کذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله و قوله عزوجل و اذ لم‌يهتدوا به فسيقولون هذا افک قديم و قوله عليه السلام ان علمتم فقولوا و الا فها و قوله تعالي و لا تقولوا لمن القي اليکم السلام لست مؤمناً و امثال ذلک من الآيات و الروايات و اما اذا لم‌يعرف مذهب القائل و لم‌يعلم انتسابه الي مذهب و دين و کلماته غير صريحة في الامر و لاتفيد القطع في الحکم فيجب التثبت و التوقف لقوله عليه السلام الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلکات و بالجملة هذه الاحکام مشروحة و مفصلة في علم الاصول و مبرهن عليها فيه فاذا عرفت هذه الاحکام و امثالها و اتقنتها عرفت نوع معرفة عبارات مولانا فاجعل ما تلونا عليک في اول المسألة من تصريحه بالعروج الجسماني و الجسداني مع البشرية الظاهرة مع الثياب و اللباس اصلاً محکماً و رد علم ما قرأنا عليک بعد ذلک من دقيق العبارة بلطيف الاشارة الي ذلک المحکم المتقن الاصل الاصيل تجده صحواً بلاغبار و صفواً بلا اکدار و انساً بلا اغيار ان في ذلک لذکري لاولي الابصار.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 229 *»

عباراته المذکورة فاذا عرفتها و اتقنتها و احکمت ما فيها من الدقائق و الاشارات و الحقايق و التلويحات ربما تحظي ببعض مطالبه و لطايف اشاراته المودعة في طي عباراته لا جميع ما يريد منها کما يريد بما يريد فان ذلک صعب المنال عزيز الوصال لايهتدي اليها الا من انار الله قلبه و کشف عن بصيرته و سره و عرفه الحيث و الکيف و الکم و احاط بعلم الکيفوفة و سر القيومة و استنار بنور الکينونة و خرج عن عالم البينونة و ذلک اوحدي العصر و واحد الدهر.

و انا في قديم الايام بعد ان قرأت عليه اعلي الله مقامه في علوم متعددة و سمعت منه عجائب و غرايب من احکام متشتتة خطر بخاطري الفاتر و جاء ببالي القاصر و فکري الباتر ان اشرح شرح  الزيارة الجامعة و ابين عجائب مطلبه مطالبه و غرايب مقاصده و اکشف حجابه و ارفع عن وجه المقصود نقابه فابتدأت لشرحه فکتبت  نحواً من خمسة عشر کراساً علي حجم الربع و وصلت الي فقرة من فقرات اول الشرح فکتبت عليها نحو سبعة کراريس في شرحها و بيانها و استخراج المعاني المبتکرة منها و بعد ذلک تفطنت باني ادور حول المطلب و ما دخلت بابه و ما وصلت الي حقيقة سره و لبه کما اراد  بل ما بلغت الي شيء‌ مما اراد کما اراد فتنبهت علي خطائي في ارتکاب هذا الامر العظيم و الخطب الجسيم فعلمت اني لست من السفن التي يسار بها في هذا البحر المتعاظم و الطمطام المتلاطم و لا من غواص هذه اللجة فکتبت تحت ذلک الکلام بما لفظه: و لله در الشارح حيث جمع في هذا الکلام الوجيز الموجز المختصر جميع ما في الوجود و اسراره و کل ما يجب للموجودات في الشريعة و الطريقة و الحقيقة و ما يستحب في هذه الثلاثة و ما يکره و يحرم فيها و العجب انه في کل من کلماته جميع ما کان في الکل بل في البعض ما کان في الکل بل في کل جزء من اجزاء کلامه ما کان في الکل و ان لاحظت الکل في البعض فالبعض اجمال و بيان و ان لاحظت الکل في الکل فالکل کلام تام بحيث ليس بينهما ارتباط و لا التيام و ان لاحظت الاول مع الآخر يتم المقصود و ان لاحظت المتوسطين في الاول يظهر لک کل موجود و ان

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 230 *»

لاحظتهما في الثاني ينکشف لک کل مقصود و ان لاحظتهما بالافتراق يدل علي الاجتماع و ان نظرت اليهما بالاجتماع يدل علي الافتراق و لعمري ان هذا الکلام مطابق للکتاب التدويني المطابق للکتاب التکويني الذي اجتمع في جزئه کل ما کان في الکل المصحح لقول الشاعر:

کل شيء فيه معني کل شيء                                 فتفطن و اصرف الذهن الي

کثرة    لا تتناهي     عدداً                                    قدطوتها وحدة الواحد طي

ثم قلت و لا عجب فان المرء مخبوء تحت لسانه و الکلام علي مقدار عقل المتکلم و سعة معرفته و احاطة دايرته و هو اعلي الله مقامه و متعنا بفيوضاته و رفع اعلامه قدشرب من شراب المعرفة و تجرع من کأسات المحبة کأسا فسکر فلايري الصحو ابداً و رأي من سکره صحواً فلايري السکر ابداً کما قال اعلي الله مقامه في قصيدته اللامية في مدح الائمة عليهم السلام يشير الي ما شرب من ريق مولانا الحسن عليه السلام و من ريق رسول الله صلي الله عليه و آله في الرؤيا الصادقة و المنامات الصحيحة التي جزء من سبعين جزءاً من النبوة کما روي عنهم عليهم السلام في الخبر المشهور فاشار الي هذا بقوله:

فمذ سکرت باللما اسمعني                                      ودق الحمي و نحلها ينتحل

القصيدة، اني هذه الکلمات من مقامه و اين هذه العبارات من محله و مرتبته لا والله مقامه اعلي من ذلک و مرتبته اشرف من ما هنالک لايتکلم الا علي ما يمکننا معرفته و ادراکه و يکتم ما عنده من الاسرار خازناً في قلبه الشريف تلک الانوار قائلاً تابعاً مقتدياً لما قاله سيد الساجدين عليه و علي آبا ئه و ابنائه صلوات المصلين:

اني لاکتم من علمي جواهره                                کيلا يري العلم ذو جهل فيفتتنا

و قدتقدم في هذا ابو حسن                             الي الحسين و وصي قبله الحسنا

و رب جوهر علم لو ابوح به                              لقيل لي  انت ممن  يعبد  الوثنا

و لاستحل رجال مسلمون دمي                           يرون اقبح  ما    يأتونه  حسناً

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 231 *»

الي هنا کتبت و قطعت الکلام و ترکت الشرح و عثرت علي قصوري و علمت قلة باعي عن تناول تلک المطالب الجليلة و المقاصد الشريفة.

فانظر الآن ايها المنصف المتدين العاقل اذا کان حالي مع قرائتي عليه و سماعي منه و ما يزعمه الناس في حقي باني ممن فهم کلامه و وصل الي بعض مرامه في بعض مقامه کما هو ايضاً رحمه الله يظهر هذا المعني بالنسبة الي بعض المطالب فما ظنک بالذين لم‌يعرفوا من کلامه شيئاً و لم‌يفهموا من مطالبه حرفاً واحداً و بالذي ما سمع منه شيئاً و ما حضر عنده يوماً واحداً کيف يفهم کلامه و يروم مرامه و يصل الي مقامه حتي يتصدي للجرح و التعديل و التمييز و التصحيح و تکثير القال و القيل ان هذا الا خروج عن الانصاف و دخول في الجور و الاعتساف لان العلماء لهم لغات و اصطلاحات يجرون کلامهم عليها و يبنون مطالبهم عليها و قداشتهر عند العلماء بل عند کل الناس من العوام و الخواص ان لا مشاحة في الاصطلاح و ان لکل احد ان يصطلح ما شاء کما يشاء بعد فتح ابواب المجازات و المنقولات و المرتجلات و ان اختلفوا في اسماء الله سبحانه و تعالي هل هي توقيفية ام لا الاکثرون علي الاول کما هو الحق المنصور بالادلة القطعية من العقلية و النقلية فلايجوز الاصطلاح هنا و ذهب شاذ الي الجواز ايضاً و عم الحکم في صحة الاصطلاح في الجميع و مال اليه السيد السند في مفاتيح الاصول فاذا کيف يمکن حمل کلام القائل العالم الفاضل النحرير الکامل علي ما يظهر من ظاهر اللغة المشتهرة عند العوام مع تصريحه بعد ارادة ذلک المعني المعروف عندهم مع تنصيصه بلسانه دون کتابه بخلاف ما يفهمون و يعرفون مع ان مولانا اعلي الله مقامه و حشرني الله معه لم‌يخرج في اصطلاحاته من منطوقات احاديث اهل العصمة و مفهوماته عن ظواهر اللغة الا ان الناس لقلة تتبعهم في الاخبار و في الوجوه العربية و اطوار اللغة و التغور في معني الاحاديث و ما يستنبط منها لم‌يطلعوا علي تلک الاصطلاحات و تلک اللغات في الذوات و الصفات و بقوله تعرضون بان تلک الکلمات مخالفة للاعتقادات المعلومات من

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 232 *»

الائمة السادات عليهم السلام من رب البريات و کان اختلافهم في ذلک اختلاف العربي و الترکي و الفارسي و الرومي فيما يعبر عنه بالعنب و قصتهم مشهورة فرجعت الاختلافات الي اللغات و الاصطلاحات و المعني واحد في جميع الحالات نعم يظهر الفرق بجمود البعض علي ظواهر العبارات و تسري الآخرين الي لطايف الاشارات و التلويحات

و لعل قائلاً يقول لو کان الامر کما ذکرت فلما ذا اتي بعبارات غير مأنوسة و اصطلاحات غير معروفة و في هذه تمويه الناس و التلبيس علي العوام و الخواص و ايقاع الاختلاف في البين و ذلک غير محمود في الشريعة و غير مرغوب علي الحقيقة فان الناظر في هذه الکلمات بين مصدق و مکذب و عارف و متوقف فالعارفون تقول انهم قليلون و المتوقفون سالمون و المکذبون يشنعون و المصدقون يعتقدون خلاف الواقع فيکون وزرهم عليه فلم‌تنشأ هذه الاختلافات الا من امثال هذه العبارات فلو فرض ان قائلها خال عن العيب و لاشک انها مورثة للريب ففي ذلک اهانة للدين المبين و هدم لشريعة خاتم النبيين علي الصادع بها آلاف التحية و الثنا من الحق المبين و الجواب عن ذلک من وجوه:

الاول ان هذا انما يرد لو لم‌يکن شايعاً بين الناس ان في الکلام محکماً و متشابهاً و عاماً و خاصاً و مطلقاً و مقيداً و ظاهراً و باطناً و تعميةً و تصريحاً و تلويحاً و تمييزاً و ايهاماً و اجمالاً و تفصيلاً و کنايةً و مجازاً و استعارةً و تشبيهاً و مثالاً و اصلاً و اشارةً و تلويحاً و لحناً و دليلاً و ان العلوم متشتتة و المطالب مختلفة و الاصطلاحات متفاوتة و الدقائق کثيرة و شاع بينهم و ذاع حتي خرق الاسماع و ملأ الاصقاع ان لا مشاحة في الاصطلاح او علي هذا فالعارف و المتوقف هم السالمون و المکذبون و المصدقون عن غير بصيرة هم الهالکون اذ الاولون يشملهم قوله تعالي بل کذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لما يأتهم تأويله بعد اقامة الدليل و ايضاح السبيل من ان الکلام ليس مجراه واحداً و ان البيان لاينحصر في طور غير متعددة فلايسعه التکذيب و التشنيع الا بعد الاحاطة و الاطلاع علي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 233 *»

مراد المتکلم و حصول القطع بمراده و ذلک اما بتنصيصه او بحصول القرائن القطعية.

و قداتفق علماء الاصول علي ان الظواهر لا حجة فيها مع التمکن من النص لان الاول يفيد الظن و الثاني يفيد القطع و حرمة العمل بالظن مع التمکن من القطع من اجلي البديهيات و اوضح الواضحات مع ان في الاکتفاء بالظواهر عند عدم التمکن من النص في امثال هذه المقامات نظر ظاهر اذ لم‌يقم عليه اجماع و لا دليل قاطع فليقتصر علي حد الضرورة في الاحکام الشرعية الفرعية مع ان في کلام مولانا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه ليس ما يدل في ظاهره علي ما ينافي ما عليه الفرقة المحقة بل ما يذکر کلاماً غير معروف عند العوام الا و يذکر بعده بياناً لذلک الکلام بحيث يرفع الظلام و تدفع شبهة الانام الا ان من نظر الي الکلام و لم‌ينظر الي قرائنه و بياناته يکون کمن قال ان الله تبارک و تعالي حرم الصلوة و نهي عنها بقوله تعالي و لاتقربوا الصلوة و النهي دليل الحرمة فتکون الصلوة محرمة و لم‌ينظروا الي ما بعد الآية من القرينة المعينة في قوله تعالي و انتم سکاري و هکذا حال المکذبين الناظرين في کلام شيخنا و استادنا فانهم نظروا الي بعض الکلام و لم‌ينظروا اليه علي التمام ليروا بدراً لامعاً و نوراً ساطعاً بل اخذوا البعض و حذفوا الاخر لاظهار بواطنهم و الله سبحانه و تعالي اعلم بهم و بسرائرهم يعاملهم حسب ما يفترون و يجزيهم علي ما يصفون سيجزيهم وصفهم انه حکيم عليم الا تري انه اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه ذکر في هذه العبارات المنقولة في مسألة المعراج بعد ما ذکر انه صلي الله عليه و آله عند کل مرتبة منها اي من العناصر مثلاً اي نسباً و هيئات مع انه ما يدل علي شيء مما توهموا استدرک سؤالاً ايضاحاً للامر و تبييناً للحکم بقوله رحمه الله لايقال علي هذا انه قول بعروج الروح خاصة و ساق الکلام في تتميم السؤال و تبيين الجواب الي ان قال و الا فهو علي ما هو عليه من التجسد و التخطيط الخ, و هل يکون تصريح اعظم من هذا في العروج الجسمي الجسدي في القالب البشري و هل يبقي مع ذلک اشتباه او ظاهر يدل علي عروج الروح من غير جسد او جسم نوري غير الجسد المعروف في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 234 *»

عالم البشرية فاين الاشتباه اذاً و اين الظاهر حينئذ ولکن الامر کماقال الشاعر:

و عين الرضا عن کل عيب کليلة                        کما ان عين السخط تبدي المساويا

فظهر لک مما بينا ان المکذبين لا حجة لهم في اظهار التکذيب بل حجتهم داحضة عند ربهم و اما المصدقون عن غير بصيرة فليسوا بمعذورين ايضاً لان الدين الذي ليس بمحکم بحيث يزول مع کل کلام ليس بدين و انما هو تقليد محض و للمتدين لابد من اخذ اصول محکمة و قواعد متقنة مصححة معروفة علي مذهب الفرقة المحقة و اجماع الطايفة الطايفة الناجية و يجب عليه کل ما يرد عليه بذلک الاصل المحکم و يأخذ ما يوافقه و يترک ما خالفه و ان کان من کلام من يعتقد حقيته فيجعله من المتشابهات و يرد علمه اليه و ينسب القصور الي نفسه لا ان يعتقد بکل کلام و يأخذ بظاهر کل بيان و ان کان بظاهره ينافي الملة البيضاء و الشريعة الغراء فلاعذر له اذا ضل و غوي بعد وضوح هذه القاعدة المقررة و شيوع هذه الطريقة المحققة.

و اما العالم النحرير و الکامل الخبير فهو کماقال الشاعر:

علي نحت القوافي من مواقعها                                 و ما علي اذا لم‌يفهم البقر

و الثاني قوله تعالي لقد کان لکم في رسول الله اسوة حسنة لمن کان يرجو الله و اليوم الآخر و قدقال مولانا الرضا عليه السلام ان في کلامنا ککلام الله محکماً و متشابهاً و عاماً و خاصاً و مطلقاً و مقيداً الحديث نقلت بعضه بالمعني فاذا کان التأسي بالنبي صلي الله عليه و آله مما سنه الله و قرره فالمؤمن المخلص هو ان يتأسي به في جميع افعاله و احواله من الامور الغير المختص، به صلي الله عليه و آله فيجري کلامه کما اجراه صلي الله عليه و آله فالاعتراض مشترک الورود و الجواب الجواب و القول بان ايراد المتشابهات مختص بالله تعالي و النبي و الائمة عليهم السلام فکلام يشبه الهذيان اذ لم يدل عليه دليل لا من نص مقطوع به و لا من ظاهر مظنون فيه ولا من ضعيف مشکوک فيه و لا من عقل قاطع و لا اجماع واقع بل المعروف خلافه من

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 235 *»

طريقتهم و المعلوم عکسه من مذهبهم عليهم السلام و لذا اشتهر عنهم عليهم السلام ادرؤوا الحدود بالشبهات کذب سمعک و بصرک مع من تجد اليه سبيلاً و احمل فعل اخيک المؤمن علي سبعين محملاً صحيحاً و ما وقع الاجماع علي ان لا اعتبار بالقرطاس و ان لايحکم بالکفر بمحض الکتابة و ان کانت صريحة في الکفر لعله اراد معني غير ما هو معلوم من ظاهر اللغة و ما رواه علماؤنا رضوان الله عليهم في مصنفاتهم في الامامة کالديلمي في الارشاد و غيره في غيره من ان اعرابياً اتي الي عمر بن الخطاب و قال ان اکره الحق و احب الفتنة و اشهد بما لا اري و لا اعلم و اعلم ما لايعلمه الله و عندي ما ليس عند الله و انا ربکم فغضب عمر و حکم بکفره و امر بضرب عنقه و کان اميرالمؤمنين عليه السلام حاضرا فقال عليه السلام مه يا عمر فان الاعرابي ماقال الا حقاً ولکنکم مافهمتم کلامه اما قوله اني اکره الحق فان الموت هو حق و هو يکرهه و اما قوله اني احب الفتنة هي الاولاد و الاموال فان الفتنة هي المال و الاولاد  لقوله تعالي انما اموالکم و اولادکم فتنة و هو بحب المال و الولد و اما قوله اني اعلم ما لايعلمه الله و هو يتصور (يعلم خ‌ل) لله شريکا في الفرض و الاعتبار و الله سبحانه يقول ام تنبؤنه بما لا يعلم في السموات و الارض ام بظاهر من القول و اما قوله عندي ما ليس عند الله فعنده الظلم و ليس عند الله ظلم و اما قوله و انا ربکم و الکم مفرد الاکمام لا ضمير المخاطب نقلت الحديث بالمعني, و العاقل المنصف اذا شاهد هذا الحديث المقبول المتفق علي صحته لايبقي له لهذا القول الشنيع و الرأي الفظيع فالقول بان عصمة الامام قرينة واضحة لعدم المخالفة لمذهب الفرقة المحقة و وجوب تأويل کلامه عليه السلام و صرفه الي المعروف من المذهب و التوقف عند الجهل بکيفية التأويل بخلاف الغير المعصوم فانه لا دليل علي التأويل فيجب الحمل علي ما يظهر, کلام فاسد و توهم کاسد فان حديث الاعرابي يبطله و يفسده و کذلک الروايات المتقدمة و الادله القطعية من العقلية و النقلية الدالة علي النهي عن القول بما لايعلم فان القائل اذا علم انتسابه الي مذهب و دين فاخراجه عنه و الحکم عليه بخلافه بالالفاظ القابلة للاحتمالات

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 236 *»

الکثيرة المتعددة و الظواهر المفيدة للظن و التخمين جرأة علي الله و رسوله و ائمة الطاهرين صلي الله عليه و عليهم اجمعين و لاشک ان کل منتسب الي کل مذهب و دين يعرف بالانتساب الي ذلک المذهب و تلک الطريقة و ذلک معلوم واضح لمن له عينان و له قلب او القي السمع و هو شهيد.

و ما ورد من النهي عن تأويل کلام الصوفية علي ما رواه الاردبيلي في حديقة الشيعة الا فمن مال اليهم و اول کلماتهم فانا منهم برآء قيل و ان کان المائل من محبيکم فنظر عليه السلام اليه شبه المغضب و قال من قال بحقوقنا لم‌يذهب الي عقوقنا فنحن نقول بموجبه و نتبرأ الي الله ممن يأول کلمات الصوفية الملحدين فانهم الکفرة اعداء الدين و لکن ذلک بعد اثبات تصوفهم لا بمحض الاحتمال و الظن و التخمين فان ذلک لايثبت به الدين و لم‌يقم به الشرع المبين کيف والله عزوجل يقول في کتابه الحکيم ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرةو لاشک ان الرمي بالکفر اشنع و اقبح من الرمي بالزنا و الرمي بالتصوف اقبح من الرمي بالکفر لانه جامع لجميع مراتب الکفر و طبقاتهم و درجاتهم و المؤمن اکرم عند الله من المؤمنة و العالم العارف المسمي في روايات اهل البيت عليهم السلام بالمؤمن الممتحن اکرم عند الله من العالم فانظر ماذا تري من التفاوت الفاحش فان الله سبحانه لعن الرامي للمحصنة قبل ان تقوم البينة المقررة في الشريعة فکيف من يرمي المؤمن العارف بالکفر و التصوف و الغلو قبل ان تقوم عليه البينة الشرعية و هل يکون العثور علي بعض الالفاظ المتشابهة و الکلمات المحتملة للاحتمالات المتساوية علي فرض تحققها و وقوعها يکون بنية. الستم تقولون اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال و في هذه المقامات تکفي الاحتمالات البعيدة الضعيفة فکيف بالمتساوية‌ بل الراجحة اما کفاکم بهذه الاية المبارکة الشريفة رادعاً و زاجراً و ذکري الکلمات المتشابهات فرض و تقدير و تغليظ للامر و الا ففي کلام مولانا و استادنا و سنادنا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه ليس فيه ما يوهم التشبيه و الاشتباه او يکون ظاهراً فيما ينافي ما عليه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 237 *»

الفرقة المحقة حاشا و کلا بل ما صدر منه کلام الا و قارنه ببيان فصيح و ذکر صريح يکشف معضله و يفتح مقفله لمن يفهم و يعرف و يحکم و ينصف ولکن الامر کماقال الشاعر:

اذا لم‌تکن للمرء عين صحيحة                            فلاغرو و ان يرتاب و الصبح مسفر

فقبل ثبوت الامر و وضوح المخالفة کيف يدخل في قوله الا فمن اول کلماتهم ثبت العرش ثم انقش و هل بعد تصريح القائل بان مرادي من هذا الکلام هذا المعني الصحيح لا الذي توهمت فهل يبقي للتأويل مجال؟ اليس هو النص في المطلوب؟ و هل سمع من احد من الجهال فضلاً عن العلماء ان الظاهر يعارض النص او يکون الظاهر حجة بعد تحقق النص اليس النص بالنسبة الي کل کلام تنصيص القائل بمراده و تصريحه بما في باله و ما اشبه هذه المعارضة بقول ذلک الحشوي الصوفي لما حضر عند مولانا الصادق عليه السلام و ذکر انه ممن يروي الحديث من العلماء و قال له الصادق عليه السلام اذکر لنا عما سمعته و رويته فقال اخبرني سفيان الثوري عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عليهم السلام انه قال ان الله سبحانه تجلي لموسي بصورة شاب امرد و ذکر روايات اخر من هذا القبيل و نسبها کلها الي الصادق عليه السلام ثم قال له الامام عليه السلام هل تعرف جعفر بن محمد قال لا قال عليه السلام لو عرفته و قال لک ان هذا القول ليس قولي و انا بريء من هذه العقايد هل تقبل منه ام لا قال لااقبل منه لان الذي اخبرني اوثق منه ذکرت مختصر الحديث بالمعني اذ لم‌احفظ لفظه و هو مذکور بطوله في کتاب العوالم و البحار و ما نحن فيه بعينه ذلک قال تعالي لترکبن طبقاً عن طبق و قال تعالي سنة الله التي قدخلت من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلاً فافهم الکلام و علي من يفهم الکلام السلام.

و الثالث ان ما ذکرتم ليس قدحاً في الشيخ اعلي الله منزلته و رفع في فسيح الجنان مرتبته وحده بل هو قدح في عامة علماء الشيعة و اساطين الشريعة اذ لم‌يسلم منهم احد غالباً الا و ذکر ما في ظاهره المنافاة و المخالفة لظاهر الشريعة مثل ما ذکره الصدوق (ره) في اثبات السهو علي النبي و الائمة عليهم

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 238 *»

السلام کماقال في الفقيه ما لفظه و کان شيخنا محمد بن الحسن بن الوليد يقول اول درجة في الغلو نفي السهو عن النبي صلي الله عليه و آله و لو جاز رد الاخبار الواردة في هذا المعني لجاز ان يرد جميع الاخبار و في ردها ابطال الدين و الشريعة و انا احتسب الاجر في تصنيف کتاب منفرد في اثبات سهو النبي صلي الله عليه و آله و الرد علي منکريه ان شاء الله و قال ايضاً فيه قال مصنف هذا الکتاب ان الغلاة و المفوضة لعنهم الله ينکرون سهو النبي الي آخر کلامه و انت خبير بان عصمة الانبياء عن السهو و النسيان من ضروريات مذهب الشيعة مع ان الصدوق انکره و لعن من ينکر السهو فلو حملت هذا الکلام علي ظاهره لزم شمول اللعنة علي جميع الشيعة و علمائهم و يلزم منه خروجه عن المذهب مع انه لم‌يطعن عليه احد بذلک و لم‌ينسبه احد الي الخروج عن المذهب و لا الي الاهانة بالدين حيث لعن اساطين العلماء من الشيعة المخلصين المنکرين لسهو النبي و الائمة عليهم السلام فيجب ان يحمل سهوه علي الاسهاء و النسيان علي الانساء‌و اللعن علي من يقول بعدم سهوهم مستقلين و کيف ينسب مثل الصدوق الي الخروج عن الدين مع عظم شأنه و نبالة مکانه و شهد له الامام القائم عجل الله فرجه بالخير و السعادة.

و مثل ما ذکره السيد المرتضي في رسالة له مختصرة بان الله ليس الهاً للجوهر الفرد و الاعراض و هذا کما تري صريح في انکاره لضرورة الدين فان الله سبحانه اله کل شيء و خالق کل شيء و وارث کل شيء و لم‌ينسبه احد من العلماء الي هذا بل حکموا عليه بالوثاقة في اعلي مراتبها فظهر انهم لم‌يحملوا کلامه علي ظاهره بل وجهوا له توجيهاً وجيهاً و ذکروا له محملاً صحيحاً مطابقاً لمذهب اهل البيت عليهم السلام و ما عليه الفرقة المحقة و لو حملت العبارة علي ظاهرها لم‌يکن شيء اصرح منها في الدلالة علي الکفر و الزندقة و هي بالضرورة اصرح بالدلالة علي المخالفة من عبارات شيخنا و استادنا اعلي الله درجته و رفع في العليين منزلته و لست ادري ما بالهم يأولون هنالک و لايأولون هنا.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 239 *»

و مثل ما ذکره العلامة المجلسي (ره) في رسالته الفارسية المسماة بصراط النجاة و ذکر فيها المقدورات ثم قال کلاماً حاصله ان المقدورات ثلاثة منها ما هو مقدور لله و ليس مقدوراً للخلق و منها ما هو مقدور لله و للخلق و منها ما هو مقدور للخلق و ليس مقدوراً لله و هذا کما تري بظاهره يدل علي ان الخلق اقدر من الله و هذا مخالف لضرورة الاسلام و هل يجوز لعاقل نسبة هذا الامر الشنيع و الفظيع الي مثل هذا العالم الرباني و الفاضل الصمداني الناشر للاخبار و الغواص في بحار الانوار و لهذا لم‌ينسبه احد الي هذا القول و ما هذا الا صرفوا کلامه من ظاهره و اولوه بما يطابق الحق فلو لم‌يکن التأويل و الحمل و وقوع المتشابه شيئاً معلوماً عندهم لماصدر منهم امثال هذه الکلمات.

و مثل ما ذکره المقدس الاردبيلي قدس سره في حاشيته علي الحضرمي من جواز الترکيب العقلي علي الله مع ان کون الترکيب مطلقاً علامة الحدوث مما اجمع عليه المسلمون بل الميلون بل کافة العقلاء فوجب حمل کلامه علي معني صحيح اذ لم‌يجعله احد من العلماء قادحاً في وثاقته فضلاً عن عدالته فضلاً عن ايمانه فضلاً عن اسلامه و لو لم‌يجز الحمل و التأويل لکان هذا القول صريحاً في الکفر و الزندقة و جلالة شأن القائل تأبي عن ذلک.

و مثل ما ذکره المحقق الخونساري آقا جمال في حاشيته علي حاشية القديم و التجريد من جواز انتزاع الازمنة الغير المتناهية و المدد اللانهاية لها من ذات الله عزوجل و ان ذات الله بذاته منشأ لهذه الانتزاعات و هکذا کما تري بظاهره يستلزم الانفصال و الاقتران و قداجمع العلماء کافة من المسلمين و غيرهم علي ان الاکوان الاربعة التي هي الاقتران و الاجتماع و الحرکة و السکون من علامات  الحدوث مع انه لم‌يطعن في هذا المحقق احد بالکفر و الخروج عن الدين احد من العلماء و ليس هذا الا بحمل کلامه و تأويله و صرفه عن ظاهره کما هو الطريقة المقررة للعلماء خلفاً عن سلف.

و ما ذکره الملا محسن الکاشي صاحب الوافي و الصافي و له کلمات

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 240 *»

قبيحة بظاهرها يخالف الشريعة و الملة و انا اذکر لک شطراً مما احفظ من عباراته بالفاظه منها ما ذکره في الکلمات المکنونة ان الوجود ان اخذ بشرط شيء فهو الوجود المقيد و ان اخذ بشرط لا شيء‌ فهو الوجود العام البديهي و ان اخذ بلا شرط فهو الوجود المطلق و هو الذي يطلق علي الله دون الاولين و هذا الوجود في نفسه ليس بمتکثر و لا متعدد و لا مختلف بل تلزمه هذه المراتب بحسب مراتبه و مقاماته المنبهة عليها بقوله تعالي رفيع الدرجات ذو العرش فيصير کلياً و جزئياً و جنساً و فصلاً من غير حصول تکثر في ذاته, انظر الآن في هذا الکلام و تصريحه بالقول بوحدة الوجود الذي اجمع المسلمون علي بطلانه و تکفير القائل بها و ذکر اصطلاحه في الوجود المطلق اذا اطلق بالمعني المذکور و لا اراکم تحکمون بکفره مع ان عبارات مولانا و استادنا اعلي الله مقامه لاتبلغ معشار ما في هذا الکلام من التصريح بالمخالفة لضرورة الايمان و الاسلام منها ما ذکره في کلماته ايضاً بما لفظه ذات الاسم الباطن بعينه هو ذات الاسم الظاهر و الفاعل بعينه هو القابل و الاعيان الثابتة عينه الغير المجعولة و الفعل و القبول له يدان و هو الفاعل باحدي يديه و القابل بالاخري و الذات واحدة و الکثرة نقوش فصح انه ما اوجد شيئاً الا نفسه و ليس الا ظهوره منها ما ذکره فيها في بيان القدر و سره و سر سره و ساق الکلام الي ان قال و سر سر القدر ان هذه الاعيان ليست اموراً خارجة عن ذات الحق سبحانه بل هي ذاتيات و انيات للحق و ذاتيات الحق لاتقبل الجعل و التغيير و التبديل و الزيادة و النقصان منها ما ذکره فيها ايضاً: دريا چون نفس زند بخارش گويند چون متراکم شود ابرش خوانند چون فرو ريزد بارانش نام نهند چون جمع شود سيلش گويند و چون به دريا پيوندد،

البحر بحر علي ما کان في القدم                                    ان  الحوادث  امواج  و انهار

لا تحجبنک  اشکال  تشکلها                                       عمن تشکل فيها و هي استار

منها ما ذکر فيها: مجنون بحسب ظاهر هرچند طالب جمال ليلي بود و ليکن ليلي آينه‌اي بيش نبود ليلي ديد و خود را دوست داشت  حسن از

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 241 *»

حق است و عشق از حق نامي بر ما ز عشق بازيي است، منها ما ذکره فيها:

جمال يار که پيوسته بي‌قرار خود است             چه در خفا و چه در جلوه بر قرار خود است

هموست عاشق و معشوق و طالب و مطلوب        به راه خويش نشسته در انتظار خود است

منها ما ذکره فيها:

گاه خورشيدي و گه دريا شوي                                       گاه کوه قاف گه عنقا شوي

از تو اي بي‌نقش با چندين صور                                     هم مشبه هم منزه خير و شر

و امثال هذه الکلمات فيها کثيرة لايحصي لو اردنا استقصاءها لطال بنا الکلام. منها ما ذکره في الوافي في باب المشية و الارادة ان مشيته احدية التعلق و هي نسبة تابعة للعلم و العلم نسبة تابعة للمعلوم و المعلوم انت و احوالک و له من امثال هذه الکلمات ما لايحصي و لايستقصي ذکرنا نوعاً منها تنبيهاً للغافلين و ارشاداً للمسترشدين و ايقاظاً للراقدين ممن يصدق او يکذب او يتوقف فافهم.

منها ما ذکره العالم الحکيم الملامهدي النراقي في کتابه المسمي بمشکلات العلوم في ذيل موثقة عمار الساباطي في المعاد و ساق الکلام الي انه ذکر ان الجسم يشتمل علي الاجزاء الاصلية و الاجزاء الفضلية و ان الواجب في المعاد عود الاولي لا الثاني و ساق الکلام الي ان قال و لو قلنا بعدم عود الاجزاء و ساق الکلام الي ان قال و لو قلنا بعدم عود الاجزاء اصلاً اصلية کانت او فضلية و عود الطينة التي خلق الجسم منها کما في الحديث سواء فسرت الطينة بالنفس الناطقة او غيرها کفي في القول بالعود الجسمي هذا معني مختصر کلامه اذ لم‌احفظ بلفظه و هذا کما تري المخالفة

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 242 *»

لکافة المسلمين بل و غيرهم من المليين القائلين بالمعاد الجسماني و لولا حمل کلامه علي المعني الصحيح و صرفه الي وجه وجيه کان ينسب هذا العالم الکامل الي الخروج من الملة و الدين مع انه لم‌ينسبه احد الي هذا و لم‌يطعن عليه بهذا مع انه من اساطين العلماء و زبدة الفقهاء و الحکماء.

منها ما ذکره الشيخ العالم الورع الشيخ حسين النجفي قدس سره في بعض قصائده في مدح مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام احفظ بيتاً منها و هو قوله:

هو صنع الاله و الخلق طراً                                                صنع من کاد ان يکون الهاً

و قال ايضا:

اذا کان ايجاد  العوالم  عنهم                                       فلاتلم الغالي وان ضل في الدعوي

و هذا کما تري صريح في انه عليه السلام و اهل بيته هم العلل الفاعلية في ايجاد الاشياء و خلق العوالم و انتم تقولون ان هذا خلاف ضرورة المسلمين مع ان هذا الشيخ العظيم الشأن قداتفقت السن العامة و الخاصة علي توثيقه و جلالة شأنه و نبالة مکانه و ما هذا الا لانهم لم‌يحملوا کلامه علي ظاهره بل حملوه علي معني صحيح و وجهوه بتوجيه وجيه يوافق ما عليه الفرقة المحقة.

و غيرهم من العلماء الکاملين و الحکماء الراسخين و لو اردنا ذکر بعض ما لهم من الکلمات المتشابهة و العبارات المغلقة المجملة لطال بنا الکلام و اخرجنا عما نحن فيه من اختصار المقام و في ما ذکرنا کفاية لاولي الدراية اذ يدرک الذکي بنظر واحد ما لايدرکه البليد بالف شاهد فلو کان ذکر الکلمات المتشابهة قدحاً في المتکلم قبل الالتفات الي المعروف من مذهبه و ما يذکره من القرائن الموضحة لمطلبه لوجب الحکم بکفر هؤلاء الاکابر الاجلاء الكرام من اساطين العلماء الحاملين للمذهب و الدين و الحافظين لآثار سيد المرسلين عليه و آله صلوات المصلين ابد الآبدين و الحکم بکفرهم کفر بالله رب العالمين مع ان عبارات مولانا و استادنا اعلي الله

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 243 *»

مرتبته و رفع في فسيح الجنان منزلته لاتبلغ معشار معشار ما في عبائر هؤلاء الاجلاء و الاکابر العظماء فالقدح فيه قدح فيهم و قدح في ائمتهم عليهم السلام و القدح فيهم قدح في الله فاختر لنفسک ما تحلو فان ما ذکرنا تمام الکلام و علي من يفهمه السلام.

و لعل بعض القاصرين الغير المتأملين في حقيقة الامر يقول لو کان الامر کما ذکرت من وجوب حمل الکلام بما يوافق المذهب و الدين فلماذا طعن الشيخ اعلي الله مقامه علي جماعة من الموحدين مثل الملامحسن الکاشي و الملاصدر الدين الشيرازي و غيرهما من العلماء و الحکماء بل ربما حکم بکفرهم و ذکر قبايح کلماتهم و فساد عقايدهم و هلا راعي هذه القاعدة المقررة فيهم و حمل کلامهم علي وجه وجيه و محمل صحيح ثم ان العلماء لم‌يزل رأيهم وديدنهم  في مقام التوثيق و الجرح و التعديل علي ظواهر العبارات و الکلمات و الالفاظ فانها سفراء المعاني کما هو الظاهر من تتبع کتب الرجال و لولا ذلک لم‌يعرف علماء الخاصة من العامة و اهل الاسلام من اهل الکفر فان التأويل و التوجيه يجري في کل کلام حتي في قول فرعون انا ربکم الاعلي اذ يجوز ان يقال انا عبد ربکم الاعلي و حذف المضاف شايع و ذايع و هذا القول في البطلان بما لايحتاج الي البيان فاذن فالمدار علي مدلولات الالفاظ و الکلمات و ما يظهر للناظر المتتبع.

و الجواب اما علي القول بان الشيخ اعلي الله مقامه و انار برهانه طعن في الملامحسن و حکم عليه بالفکر فافتراء محض و بهتان صرف لان کلامه يحتمل المعاني و التوجيهات الکثيرة الصحيحة اذ ليس المعتمد هو کلامه بل الناقلين عنه الذين قرأوا عليه من زمانه الي هذا الزمان بعضهم عن بعض نقلوا عنه ذلک و کلماته صريحة غير قابلة للتأويل لانه بين مراده و قال ان الوجود المطلق حيث ما يطلق لانريد به الا الذات الحق سبحانه و تعالي کما نقلنا عنه سابقاً و لا اتي بکلام ينافيه و لايضاده و ساير کلامته متطابقة مع هذا الکلام فاذن يحصل القطع بملاحظة کلامه و تصريحاته و عدم اتيانه بالقراين او بالکلمات

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 244 *»

المنافية او البيان الصريح و نقل النقلة و الحفظة عنه المعتمد عليهم و الموثوق بکلامهم فان کلماتهم و مطالبهم تتوارث من سلف الي خلف من تلميذ الي تلميذ ان‌تبقي حقاً کانت ام باطلة الا تري علم المنطق فانه من وضع ارسطاطاليس و بقي الي الآن متوارثاً و هکذا مطالب العلماء الذين بعد عهدهم عنا فانها تصل الينا علي ما هي عليه بالوسايط الاحياء الموجودين المعينين لفهم مراداتهم من تلک المطالب و الکلمات و ذلک واضح ظاهر و من لم‌يجد فليسأل الله ان‌يصلح وجدانه فاذا رأينا الناقلين الآخذين عنهم الموثوق بکلامهم ينقلون عنه مثلاً في مسألة الوجود کذا و کذا و عباراته کلها متطابقة علي ذلک المعني و لم‌يأت بقرينة منافية و لا بعبارة موضحة بل صرح بمراده في مواضع من کلماته و لاشک و لاريب انه حينئذ يحصل القطع بالمراد و يصح حينئذ الاستناد و ما نقل شيخنا و استادنا اعلي الله مقامه عن الملامحسن و الملاصدرا و امثالهما کله من هذا القبيل فان عباراتهم و کلماتهم کلها صريحة غير قابلة للتوجيه الا الاحتمالات العقلية البعيدة التي نقطع بعدم ارادتها و الا لاشاروا اليها في موضع من کلماتهم و عبارتهم فاذا لم‌يحصل ذلک للمتتبع التام و المتفحص بالفحص البالغ في تلک الکلمات حصل الجزم بالمراد.

و هذا الملامحسن قدصرح في غير موضع من کتبه و رسائله مثل کتاب عين اليقين و الکلمات المکنونة و غيرهما ان العذاب ينقطع عن الکفار في النار و ليسوا بمخلدين في العذاب و ان کانوا مخلدين في النار فانهم يتنعمون فيها کما يتنعم الجعل في النجاسات و القاذورات کماقال في عين اليقين ان الالم عقلياً کان ام حسياً لابد ان‌يزول او يؤول الي النعيم فان القبر لايدوم و قال نحواً من هذا الکلام بزيادة شرح و ايضاح في الکلمات المکنونة و لم‌يأت له بشيء ينافيه و يعارضه و هکذا قوله في وحدة الوجود و ان الله سبحانه بحر و الخلق امواجه کما تلونا عليک قبل هذا و هکذا في غيرها من المسائل.

و اذا اردت ان‌تطلع علي حقيقة الامر في ذلک فانظر طويلاً و تأمل کثيراً في شرح مولانا و استادنا علي المشاعر و العرشية و مع هذا کله لم‌يحکم بکفرهما و استغفر لهما و ان حکم بالخطاء و قدنص

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 245 *»

اعلي الله مقامه علي ما ذکرنا في اجوبة المسائل الدامغانية حيث قال السائل و هل يکون هذا الاعتقاد سبباً لدخول النيران ام لا قال اعلي الله مقامه اقول المستفاد من اخبار اهل البيت عليهم السلام و من کلام العلماء انه يکون سبباً لدخول النار و الخلود فيها لاجماعهم علي کفر القائل بوحدة الوجود و لاشک انهم لايعنون غير هذا القول فانه قطعاً قول بوحدة الوجود بل بوحدة الموجود.

و اما عندي فلاشک في انهم اخطأوا طريق الحق و اتبعوا سبيل الباطل واما تکفيرهم فذلک شيء عند الله و انا لااعلم حکمهم عند الله سبحانه و ذلک لامور: الاول ما روي عن الباقر عليه السلام ما معناه لو ان رجلاً سمع الحديث يروي عنا و لم‌يعقله عقله و انکره و کان من شأنه الرد الينا فان ذلک لايکفر انتهي و انا اعلم بان کثيراً من القائلين بهذا اناس لهم ايمان و ديانة و صلاح و اعتقاد عظيم في اهل البيت عليهم السلام لو علموا بان هذا القول مناف لمذهب ائمتهم عليهم السلام و انه مذهب اعدائهم لترکوا و انکروه ولکن شبه لهم فلاجل هذا سکت عنهم الثاني العلماء من الفقهاء وقع منهم امور عظيمة في المعتقدات نقطع بمخالفتها لمذهب الائمة عليهم السلام و لم‌يحکم احد من العلماء بکفرهم مثل قول السيد المرتضي في رسالته بان الله تعالي ليس الهاً للعرض و لا للجوهر الفرد لان الاله هو المنعم و هذان لايحتاجان الي المنعم و المدد فلايکون الهاً لهما نقلته بالمعني و من ذلک ما وجدته في رسالة للشيخ الطوسي (ره) ما معناه انه قال ان الله سبحانه ليس في مکان و الا لمازج القاذورات و من ذلک اختلاف العلماء في قدم المشية و حدوثها حتي قال الاکثرون بقدمها حتي انه روي الصدوق في التوحيد عن الرضا عليه السلام انه قال ان  المشية و الارادة من صفات الافعال فمن زعم ان الله لم‌يزل شائياً مريداً فليس بموحد و قدذکر الشهيد (ره) في الذکري بعد ان ذکر انه لايجوز ان‌يقتدي الرجل بمن يخالفه في شيء من الواجب مبطل للصلوة بالاخلال به کما لو کان المأموم يري وجوب السورة و الامام يري الاستحباب اما لو کان الخلاف في المسائل الاصولية التي يدق مأخذها کالقول بقدم المشية و حدوثها

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 246 *»

فان ذلک لايضر بالائتمام, و هو شهادة منه بالتسامح في ما يدق مأخذه مع انه لم‌ينقل في ذلک اختلافاً و من ذلک وقوع کثير من الاختلافات الشنيعة في الاصول و الفروع في زمان الائمة عليهم السلام بما يطول نقله و ربما انکروا بعضه مثل ما قيل للامام عليه السلام في ما ذهب اليه هشام ابن الحکم بان لله جسماً و هشام بن سالم بان لله صورة و انکر ذلک و تعوذ منه و لم‌يحکم بکفرهما و امثال ذلک کثير فلهذا وقفت عن القول بالتکفير و جاهرت بالتخطئة لعله يتذکر او يخشي انتهي کلامه رفع في الخلد اعلامه فظهر لک ان ما نسبوا اليه (ره) من تکفير الملامحسن و الملاصدرا افتراء محض و بهتان صرف کما سمعت کلامه بالبرهان فليس وراء عبادان قرية.

فان قلت انه يجري في کلام مولانا الشيخ قدس سره ما اجريته في کلمات  اولئک من حصول القطع بالکلمات الصريحة الواضحة المنافية للحق و عدم الاتيان بشيء ينافي کلامه الاول

قلت ان ذلک قياس مع الفارق بل لا نسبة بين کلام مولانا و استادنا و کلام اولئک الاشخاص فاذا ذکرنا لک ان مطالب اولئک وصلت الينا بنقل النقلة من سماعهم و قراءتهم من جهة التوارث لا بمحض العبارة و الکتابة وحدها و هنا التلامذة الموثوق بهم في النقل عن مولانا باجمعهم يصرحون بخلاف ما تقوله الناس الذين يوسوس في صدورهم الخناس و هؤلاء المعترضون لاسمعوا منه کلاماً و لاعرفوا منه مراماً فاذن اي اعتناء بنقلهم و اي التفات بتصريحهم.

و قدواجهت بعض اشباه الناس و ذکر ان الشيخ يقول بعدم اعادة الجسد العنصري و ذلک کفر مخالف لضرورة الاسلام فقلت له يا هذا اتدري ان الجسد في اللغة علي کم معني من المعاني يطلق و علي کم وجه ينصرف و علي کم اصطلاح يستعمل و ما تلک المعاني و الاصطلاحات فبهت و لم‌يحر جوابا ثم قلت اليس يقبح بالرجل ان ينسب الکفر و الزندقة الي کلام لايعرف وجوهه و تصاريفه و لايعرف معانيه اللغوية من المشهورة و الغير المشهورة فلعل بعض تلک المعاني يوافق الحق و يطابق المذهب و هل يجب علي العالم ان‌لايتکلم الا علي حسب

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 247 *»

متفاهم العرف اذن للعوام ان‌يخطئوا العلماء في ما لم‌يفهموا و يرمونهم بالکذب و الزور و الي الله المشتکي و ثانياً ما صدر منه اعلي الله مقامه کلاماً بعيداً عن فهم العوام الا و قدقرنه ببيان صريح من تصريحات عباراته و اشارته حتي‌لايتوهموا خلاف الحق الا تري في مسألة المعاد لما ذکر الجسمين و الجسدين و حکم بان الجسد العنصري لايعود ذکر المراد من الجسد العنصري الغير المعاد قال و معني کلامي و مرادي هو ان الانسان له جسدان و جسمان الجسد الاول مرکب من العناصر الاربعة المحسوسة و هو الآن في هذه الدنيا عبارة عن الکثافة العارضة و في الحقيقة هو الجسد الصوري و مثاله اذا کان عندک خاتم من فضة فان صورته هي الاستدارة الحلقية و ترکيب موضع الفص المرکب منه مثلاً فاذا کسرته و اذبته و جعلته سبيکة او سحلته بالمبرد و جعلته سحالة ثم بعد ذلک صغت تلک الفضة اعني السبيکة او السحالة خاتماً علي هيئة الاولي فان الصورة الاولي التي هي الجسد الصوري لاتعود ولکن صغته علي صورة کالاولي فهذا الخاتم في الحقيقة هو ذلک الخاتم الاول بعينه من حيث مادته و هو غيره من جهة صورته.

و نعني بالجسد العنصري الذي هو الکثافة البشرية هو هذه الصورة التي هي الجسم الصوري لان اعتقادنا الذي ندين الله به و نعتقد ان من لم‌يقل به ليس بمسلم هو ان هذا الجسد الذي هو الآن موجود محسوس بعينه هو الذي يعاد يوم القيامة و هو الذي يدخل الجنة او النار و هو الخالد الذي خلق للبقاء و هو الذي نزل الي هذه الدنيا من الف الف عالم حتي وصل الي التراب الي ان قال (ره) فهذا الجسد المحسوس هو بعينه المعاد و هو بعينه متعلق الثواب و العقاب لايشک في ذلک الا من يشک في اسلامه لان هذا من اصول الاسلام الي ان قال (ره) مثل الماء هو لطيف فاذا جمد لبس صورة الثلجية فاذا ذاب عاد الي اصله من غير ان‌يختلف الا بمحض الصورة المعبر عنها بالجسد العنصري فاذا جمد ذلک الماء مرة ثانية لم‌يعد اليه الجمود الاول و ليس جموداً ثانياً مع انه بعينه هو ذلک الماء لم‌يتغير مع انه قدتغير و هذا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 248 *»

هو مرادنا بذهاب الجسد الاول الذي لايعود فالموجود في الدنيا بعينه و هو المرئي بالبصر هو جسد الآخرة بعينه الي ان قال (ره) ثم يصفي في الارض بمعني ان الارض يأکل جميع ما فيه من الغرائب و الاعراض و الکثافات المعبر عنها بالجسد العنصري و يخرج يوم القيامة هذا الجسد بعينه اعني الموجود في الدنيا بعينه هو الذي يخرج يوم القيامة بعد ان‌يصفي و معني قولنا بعد ان‌يصفي هو ان‌يذهب عنه الجسد العنصري و معني قولنا هو ان‌يذهب عنه الجسد العنصري يعني يذهب الکثافات الغريبة و هي الصورة الاولي لانه اذا صيغ ثانياً لاتعود الصورة الاولي فافهمه فهذا مرادي و ابرأ الي الله تعالي من غير ذلک و هذا هو مذهب ائمة الهدي عليهم السلام ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون, الي ان قال اعلي الله مقامه فالجسد الاول من العناصر المحسوسة و نريد به هذه الصورة و الترکيب في الدنيا لانه اذا مات و کان تراباً ذهبت هذه الصورة فاذا اعيد علي هذه الصورة بعينها ليست هي الاول مثل ما مثلنا لک بالخاتم و مثل ما مثل الامام عليه السلام باللبنة و هذه الصورة الاولي هي الجسد الاول الذي لايعود و هوالمخلوق  من العناصر المحسوسة و هو الکثافة و قال ايضا (ره) و لانعني بالبشرية و بالعنصرية و بالکثافة و بالاعراض و غيرها الا هذه الصورة العارضة لهه في هذا المقام اعني دار التکليف انتهي کلامه.

و قدملأ کتبه و مصنفاته و اجوبته للمسائل من هذا النوع من البيان للجسد الاول الذي لايعود و هل يبقي مع هذه التصريحات الاکيدة و التأکيدات البليغة في بيان مراده من الجسد من انه هو الصورة و الهيئة الدنيوية لمسلم مؤمن يخاف الله و يراقب دار الآخرة شک و شبهة في انه القائل بان هذا الجسم المرئي المحسوس بالابصار و المدرک بالامساس يحشر يوم القيامة و انما سمي الصورة جسداً کما هو احد معانيه في اللغة علي ما ذکره في مجمع البحرين و القاموس من ان الجسد هو الهيئة و قوله تعالي جسداً اي ذا هيئة و هو الجسم التعليمي و الجسد التعليمي المشتهر بين العلماء کاشتهار الشمس في رابعة النهار و هو البدن النوري کما في الحديث في معني الاشباح النورانية.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 249 *»

و هل مسلم موحد يقول ان الصورة‌ الدنياوية و الهيئات المعوجة العنصرية يتعود يوم القيامة فيعود لقمان الحکيم عبداً اسوداً علي صورة غير مستحسنة و يعود ابوبصير ليث المرادي البختري الذي هو من الاوتاد الاربعة و الارکان الاربعة و السفن الجارية في البحر القمقام يوم القيامة و هو اعمي او يعود الکفار الذين في هذه الدنيا علي الصورة الحسنة و الشمائل المستحسنة يوم القيامة حسن الصورة جميل الشکل و في هذا القول تکذيب للشريعة و تکذيب لله سبحانه و تعالي علي الحقيقة و مخالفة لعامة المسلمين و الله سبحانه يقول و من اعرض عن ذکري فان له معيشة ضنکاً و نحشره يوم القيمة اعمي قال رب لم حشرتني اعمي و قدکنت بصيراً قال کذلک اتتک آياتنا من قبل فنسيتها و کذلک اليوم تنسي فکيف يحشرهم الله اعمي و قدکانوا علي غير تلک الصورة في الدنيا و لست ادري اي صورة‌ دنياوية يوم القيامة تحشر صورة صباه او صورة  بلوغه او صورة شبابه او صورة شيخوخته او صورة هرمه او صورة صحته او صورة مرضه في اي صورة تفرض تبقي صور دنياوية لم‌تحشر فثبت ان تلک الصورة لم‌تعد و ان کانت هي الصورة التي يموت عليها فيلزم ان‌يحشر الخلايق يوم القيامة مرضي علي ضعف شديد لايقدرون علي النهوض خصوصاً اذا کان المرض دماغياً او من جهة الاسهال فمن المثاب و المعاقب و الضرورة قاضية ببطلان هذا الکلام السخيف فان کان هذه الصورة لاتعود فقداقررت بان من الصور الدنيوية, لاتعودو الحاصل هؤلاء المعترضون قداغمضوا اعينهم و ارادوا امراً يأبي الله ذلک و الا فليس في الکلام غبار.

فان استشکلوا في قوله اعلي الله مقامه ان الاجساد العنصرية لاتعود فتلحق النار بمرکزها و الهواء و الماء و التراب کذلک فمراده حشرني الله معه هي الصور و هي الکيفيات العارضة المسماة في عرف الاطباء بالحرارة الغريبة و الرطوبة الغريبة و عنده اعلي الله مقامه جميع الکيفيات تنقسم الي غريزية و غريبية فبالغريزية يقوم الشيء و البدن و بالغريبية

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 250 *»

يفسد و يمرض فيأتي الطبيب فيسکن تلک الکيفية الزايدة من الحرارة و الرطوبة و غيرهما فتلحق باصلها فتعدل البنية فکما ان تلک الکيفيات في الدنيا تأتي عند المرض و تذهب عند الصحة و لماکان دار الآخرة لهي الحيوان ليس فيها مرض و لا موت تذهب تلک الکيفيات الغريبة عند الموت فلاتعود يوم القيامة کما لاتعود في الدنيا في من لم‌يتمرض فمن قال بهذه المقالة اي محذور يخافه و اي کفر يخشاه ولکن الامر کماقال عزوجل فانها لاتعمي الابصار ولکن تعمي القلوب التي في الصدور و اين هذا من عبائر القوم مثل الملامحسن و الملاصدرا في ما اورد عليهم من الاعتراض و اين لهم البيان الموضح لمرامهم و القرينة الصارفة المنئبة لمرادهم فان کان ذلک فاذکروها کما ذکرت لکم هاتوا برهانکم ان کنتم صادقين و قدکتبت في هذه المسألة رسالة مستقلة و دفعت عنه اعلي الله مقامه اوهام الناقصين و شبه السوفسطائيين و من اراد التفصيل فليرجع اليها لتعرف ان ما ذکره (ره) في المعاد هو ما اتفق عليه المسلمون و الراد عليه راد علي النص المبين و تابع غير سبيل المؤمنين و من يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي و نصله جهنم و ساءت مصيراً.

و في مسألة العلل الاربعة ذکر ان الائمة عليهم السلام هم العلل الاربعة في العالم ثم فصل و قال انها فاعلية کما في قوله عليه السلام نحن صنايع ربنا و الخلق بعد ( صنايعنا خ‌ل) صنايع لنا کما في قوله تعا لي و اذ تخلق من الطين کهيئة الطير باذني فتنفخ فيها فتکون طيراً باذني و کما قال تعالي للعقل الکلي الذي هو عقلهم ادبر فادبر ثم قال له اقبل فاقبل انتهي و هذا و ان کان ليس فيه صراحة و لا ظهور في مخالفة ما عليه الامة شرح ذلک و بين و اوضح ذلك و اعلن في شرح الجامعة عند قوله عليه السلام و آثارکم في الآثار علي ان المراد من الفاعل و الخالق و العلة و اشباهها من العبارات ليس ما تتوهمه عامة الناس من الفاعلية الحقيقية و انما هي مجازية کماقال ما لفظه الشريف اوصيک وصية ناصح ان‌لاتستغرب هذه الاشياء و تنکرها فانا لانريد بذلک انهم عليهم السلام فاعلون و خالقون و رازقون بل الله هو الخالق و الرازق

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 251 *»

و الفاعل لما يشاء وحده عزوجل لم‌نجعل له شريکاً في شيء الا انا نقول انه سبحانه لايفعل شيئا بذاته لتکرمه و تنزهه عن المباشرة و انما يفعل ما يشاء بفعله و بمفعوله من غير تشريک بل هو الفاعل وحده و اما فعله للشيء فهو انه اذا اراد شيئاً کان ما اراد کما اراد من غير حرکة و لا ميل و لا انبعاث و لا تفکر و لاروية و ليس معه شيء يفعل به ما يفعل زايداً علي فعله لما فعل اذ ليس شيء غير الذات المقدسة و فعله و مفعوله فلاشيء يصح عليه اطلاق الشيئية الا ذاته ثم فعله شيء بشيئية ذاته اي ان فعله انما هو شيء بذاته تعالي و مفعوله انما هو شيء بفعله و اما مفعوله فهو تعالي يفعل بما يشاء من مفعولاته ما شاء من صنعه مثلاً اذا اراد ان‌ينبت الحبة خلق لها الارض بفعله او بشيء من مفعولهه و خلق الماء کذلک و خلق زيداً مثلاً يزرعها و خلق لزيد جميع ما يتوقف عليه عمله من القوي و العلوم و تسليطه علي البذر و الماء و الارض فاذا القي البذر في الارض و سقاه کما علمه الله و الهمه انبت الله سبحانه هذه الاشياء التي هي مفعولاته ما شاء من صنعه فقال تعالي افرأيتم ما تحرثون ءانتم تزرعونه ام نحن الزارعون و الله سبحانه هو الزارع وحده من غير تشريک مع غيره و کذلک ما خلق في الارحام کما روي انه تعالي خلق ملکين خلاقين يقتحمان الي البطن من فم امه فهما يقدرانه بما امرهما الله و کذلک ميکائيل جعله الله موکلاً بالارزاق و هو تعالي وحده هو الرزاق ذو القوة المتين و کذلک ملک الموت جعله موکلاً علي قبض الارواح قال تعالي قل يتوفيکم ملک الموت الذي وکل بکم مع انه قال تعالي الله يتوفي الانفس حين موتها و اذا قلنا هو الفاعل سبحانه نريد انه يفعل بفعله لا بذاته لان کل فاعل لايفعل الا بفعله و مرادنا بفعله الذي يفعل به ما شاء هو فعله و مفعوله فان مفعوله يفعل به کما يفعل بفعله لا فرق بينهما الا بشيئين احدهما ان فعله احدثه بنفسه و مفعوله احدثه بفعله و ثانيهما ان فعله يفعل به کل ماسواه فهو عام و کلي و غير متناه في تعلقاته و مفعوله خاص جزئي متناه في تعلقاته بالنسبة الي الفعل لا مطلقاً فانه ايضاً غير متناه بالنسبة الي نفسه و له اول في الامکان فان اوله الفعل الذي به کان

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 252 *»

و هذا المقام من غامض الاسرار و (السر ظ )سر الاقدار فان اتي له ذکر في ما بعد فتحت بابه الذي فتح قلبي و مرادنا ان هذه الاشياء من الفاعلين و المفعولات و الافعال کلها قائمة في وجوداتها و في کل ما يصدر عنه بفعله تعالي قيام صدور کقيام الکلام بالنسبة الي نفس المتکلم و شفتيه و اضراسه و لهاته و حلقه و حرکته فيها مع قيامه بالنسبة الي الهواء فلو صح عنهم عليهم السلام انهم قالوا انا نفعل شيئاً من ذلک فليس فيه اشکال کماسمعت قوله تعالي في حق عيسي عليه السلام و اذ تخلق من الطين کهيئة الطير باذني و لايلزم منه غلو و لا جبر و لا تفويض و لا شيء ينافي الحق بوجه ما لانه اذا ورد شيئاً (شيء ظ) من ذلک فمرادنا منه ما ذکرنا اولاً و هو کمال العبودية و الادلة من الکتاب و السنة جارية علي ذلک متواردة فيهه و انما نتوقف علي صحة ورود ذلک عنهم انتهي کلامه رفع الله اعلامه.

انظر الآن ايها العاقل اللبيب المنصف في صراحة هذا الکلام و توضيحه لمعني انهم عليهم السلام علل فقوله اذا اورد شيئاً من ذلک فمرادنا ما ذکرناه من کونهم اسباباً و ابواباً جعلها الله سبحانه لخلقه في ايصال الفيض اليهم کما جعل الشمس سبباً لاضاءة الارض و النار سبباً لطبخ اغذيتهم و الهواء لنضج طبايعهم و الملائکة لايصال التدابير الخاصة اليهم کما روي في تفسير قوله تعالي و المدبرات امراً و هل لعاقل ان ينسب هذه الاشياء و المسببات الي هذه الاسباب و يعزل الله عن حکمه و سلطانه سبحانه و تعالي عما يقولون علواً کبيراً و هل لعاقل ان ينکر مدخلية هذه الاسباب في هذه المسببات و يذهب الي ما تقوله الاشاعرة او مطلقاً او لعاقل ان يقول ان الله تعالي يفعل بذاته و يباشر الاشياء بنفسه حتي المولي المجلسي (ره) جعل الفعل بالمباشرة مما يمتنع علي الله تعالي و مما لايقدر سبحانه عليه او لعاقل ان يقول ان الله تعالي يفعل بغير الاسباب و هو سبحانه سبب کل ذي سبب و مسبب الاسباب من غير سبب فلو قال قائل بان الله سبحانه جعل محمداً و آل‌محمد السبب الاعظم لوجود هذا العالم کما جعل الملائکة للتدبيرات الخاصة الجزئية

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 253 *»

کعزرائيل جعله الله سبحانه سبباً للوفاة و الله سبحانه هو المتوفي و المميت و جعل ميکائيل سبباً لارزاق العباد و الله سبحانه هو الرزاق ذو القوة المتين و جعل الملکين الخلاقين في رحم المرأة سبباً لخلق الولد و نشوه و الله سبحانه هو الخالق وحده و قدقال تعالي الله الذي خلقکم ثم رزقکم ثم يحييکم ثم يميتکم هل من شرکائکم من يفعل من ذلکم من شيء سبحانه و تعالي عما يشرکون و مع ذلک قدنسب سبحانه الفعل الي الاسباب ايضاً مجازاً کما في قوله تعالي قل يتوفيکم ملک الموت الذي وکل بکم و قوله تعالي الذين تتوفيهم الملائکة طيبين و قوله تعالي الذين تتوفيهم الملائکة ظالمي انفسهم و قوله تعالي و اذ تخلق من الطين کهيئة الطير الآية و قوله تعالي انه لقول رسول کريم اي القرآن مع انه قول الله تعالي و کلامه و ابان سبحانه عن حقيقة الامر بقوله الحق فويل للذين يکتبون الکتاب بايديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما کتبت ايديهم و ويل لهم مما يکسبون انظر الي قوله تعالي يکتبون الکتاب بايديهم فنسب الفعل اليهم و جعل اليد آلة و سبباً لاظهار الکتابة و جعل الکاتب حقيقة هو الشخص کما هو المعلوم ثم اراد سبحانه ان يبين ان الفعل قدينسب الي السبب القريب المقارن فقال سبحانه فويل لهم مما کتبت ايديهم فنسب الکتابة الي اليد بعد ما نسبها اولاً الي الشخص و هي نسبة مجازية لا حقيقية کما ان نسبة الاولي حقيقية لا مجازية فلو قال قائل ان محمداً و آله عليهم السلام من اعظم الاسباب و الشرايط لايجاد العالم و اهله في خلقهم و رزقهم و حياتهم و مماتهم کما ان الملائکة کذلک في التدبيرات الجزئيات علي القطع و اليقين فاي ضرر يخافه و اي محذور يخشاه و اي غلو و کفر يلزمه و اي ضرورة ينکرها فان کان ما يحصل بالملائکة تفويضاً باطلاً فکيف يجوز علي الله ان يحکم بالباطل و ينسب الفعل اليهم و يجعلهم من اسباب الايجاد و الخلق و الرزق و کيف جاز هذا التفويض و صح في بعض و لايصح في بعض آخر ان هو الا مجازفة و سفسطة او مکابرة معاندة او قلة معرفة بحق محمد و آله صلوات الله عليهم انظر الي هذا التصريح الواضح و البيان

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 254 *»

اللايح في تفسير العلة الفاعلية بما لاينافي مذهب الفرقة الناجية مقدار شعرة دفعاً لما عسي ان يتوهم من کلامه رفع الله اعلامه.

و لعل متوهماً يتوهم ان هذه السببية لآل محمد عليهم السلام في العالم البشري بعد تولدهم من آبائهم و امهاتهم الظاهرية فمن توهم هذا التوهم علي جهة الکلية فقدخبط خبط عشواء و انما هذه السببية و المدخلية لانوارهم و حقايقهم و اسرارهم التي خلقها الله تعالي قبل الکون و المکان و قبل الاکوان و الاعيان فکانوا انواراً قبل خلق الخلق يسبحونه و يقدسونه و يمجدونه و ينزهونه الي ان خلق الله الخلق من اشعة انوارهم و تلألؤ حقايقهم و اسرارهم کما دلت عليه الاخبار المتواترة و اتفقت عليه العقول المتکاثرة و اجتمعت عليه الآراء المختلفة من العامة و الخاصة و کل من اقر بمحمد صلي الله عليه و آله خير البرية فانهم اجمعوا علي انه (ان محمدا) صلي الله عليه و آله اول من خلقه الله من کافة الموجودات قبل آدم و حواء و قبل العرش و الکرسي و قبل اللوح و القلم و قبل الکان و المکان و قداتفقت الفرقة المحقة علي ان علياً عليه السلام نفس الرسول صلي الله عليه و آله و تکثرت الاخبار من طرق المخالفين ايضاً بذلک (علي ذلک خ‌ل) و اتفقوا ايضاً علي ان الائمة الاحد عشر و الصديقة الطاهرة عليها و عليهم السلام مع النبي صلي الله عليه و آله من طينة واحدة و حقيقة غير متعددة فما يجري له صلي الله عليه و آله يجري لهم عليهم السلام و ما يختص به صلي الله عليه و آله يختص بهم عليهم السلام الا ما استثني به من الخصائص لامور خارجة عن ذاتياتهم يطول بذکرها الکلام فاذن هؤلاء الاربعة عشر سلام الله عليهم قدوقع الاجماع علي انهم عليهم السلام قبل الخلق فاذن انوارهم خلقت قبل آبائهم و امهاتهم و قبل وجود الملائکة و هذه السببية و المدخلية التي عبرنا عنها بالعلة الفاعلية انما کانت في ذلک العالم لا في عالم البشري الجسمي علي جهة الکلية علي الحقيقة الاولية و ان کانت علي حقيقة الثانوية في الوجودات التشريعية و بالجملة و لقدافردنا لهذه المسألة رسالة منفردة و ذکرنا فيها ما يشفي العليل و يبرد الغليل و يدفع الاوهام الفاسدة

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 255 *»

و الآراء الکاسدة و الشبهات السوفسطائية التي لاهل القلوب القاسية و دفعنا عن عبارات مولانا و استادنا اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه اوهامهم و نکسنا بقوة البيانات الواضحة و البراهين اللايحة راياتهم و اعلامهم و من اراد حق الاطلاع فليطلبها.

و مرادنا في هذا المقام ذکر القرينة الواضحة و البيانات الصريحة لکلام مولانا و استادنا من کلامه حتي لاتورث الشبهة و لاتحصل الريبة و مع هذا کله ماسکت الشيطان عنهم و تمکن مما اراد منهم کما اخبر الله سبحانه في کتابه العزيز و ماارسلنا من قبلک من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحکم الله آياته و الله عليم حکيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض و القاسية قلوبهم و ان الظالمين لفي شقاق بعيد و ليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربک فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم و ان الله لهاد الذين آمنوا الي صراط مستقيم و الامنية هي القرائة کما في قول الشاعر:

تمني کتاب الله في کل ليلة                                               تمني داود الزبور علي الرسل

و في قراءة اهل البيت عليهم السلام و ما ارسلنا من رسول و لا نبي و لا محدث بفتح الدال و قدقالوا عليهم السلام انا لانعد الرجل من شيعتنا فقيهاً حتي يکون محدثاً فقيل له ايکون المؤمن محدثاً قال يکون مفهماً و المحدث المفهم فبعد ملاحظة هذه الروايات و وضع کل شيء في موضعه يظهر لک تأويل الآية الشريفة بجميع وجوهها فتبصر و تدبر و اين هذه العبارات مع هذه القراين الموضحة من عبائر القوم مثل الملامحسن و اضرابه حيث بينوا کلامهم و فسروه و اوضحوه و لم‌يأتوا بشيء ينافيه و يضاده و انت قدسمعت من عبارات مولانا و استادنا قدس سره فانه ما اتي بکلام غريب بعيد عن افهام عامة الناس الا و ذکر له بياناً واضحاً کما ذکرنا فان کان لهم (بيان ظ) بياناً مثل هذا فليأتوا قل هاتوا برهانکم ان کنتم صادقين الا ان القوم المعترضين عليه (ره) قد راموا امرا فعز الوصول.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 256 *»

و في مسألة العلم لما ذکر ان العلم علمان علم حادث و علم قديم و العلم القديم هو ذات الله سبحانه و العلم الحادث الواح المخلوقات من اللوح و القلم الي غير ذلک من کلماته اعلي الله مقامه و هذه الکلمات و امثالها و ان لم‌يکن فيها صراحة و لا ظهور بان الله سبحانه لايعلم الاشياء قبل حدوثها و مع هذا قدبين مراده و کشف النقاب عن وجه مرامه ليبين الحق و يوضح الصدق ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة.

و قال في اجوبة مسائل سائل سأله هل معني العلم الحادث انه تعالي يعلم الاشياء بعد وجودها بمعني انه تعالي يوجد لنفسه علماً بها ثم يوجدها قال اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه اقول معني العلم الحادث انه يثبت عنده في ملکه ضبط الاشياء و حفظ صفاتها و مقاديرها و هيئاتها و آجالها و ارزاقها و ما اشبه ذلک مع وجودها لا بعد وجودها بمعني انه يوجد في ملکه العلم بها و ضبط حدودها حين يوجدها لا انه يوجد لنفسه علماً بها لانه عالم بها قبل وجودها کعلمه بها بعد وجودها فکيف يوجد لنفسه علماً بها و اي حالة بذلک لانه لم‌يفقد من جميع حدودها و احوالها من ملکه شيئاً قبل ان يوجدها و قبل ان تکون شيئاً مذکوراً و مثال ذلک انک يکون بينک و بين زيد حساب في بعض المعاملة فتکتبه في الدفتر و ان کنت انت غير ناس للحساب ولکن لاحتمال ان ينسي زيد او يتناسي توصلاً الي انکارک او ليهتم بالوفاء اذا علم انک ضابطه عليه بحيث لو صدر منه ما يوهم الانکار او الاستفهام قلت له انا عندي علم الحساب الذي بيننا في الدفتر فيکون اردع له عن الانکار من قولک انا اعلم بالحساب فانه يشکک في الکلام الثاني دون الکلام الاول و لهذا لما قال فرعون فمابال القرون الاولي قال له موسي عليه السلام علمها عند ربي في کتاب لايضل ربي و لاينسي و هذا هو السر و النکتة في التقييد بقوله في کتاب فافهم. و معني قولنا ان لله علماً حادثاً انه حين خلقها خلق لوازمها و ملزوماتها و کل ما يترتب علي حدوثها فما کان فيها شرطاً خلقه تعالي مع خلقه لها لان الشرط من لوازم المشروط و لايکون اللازم قبل الملزوم لانه في الحقيقة صفة للملزوم و لاتکون الصفة قبل

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 257 *»

الملزوم و لا بعده لانها شرط و المشروط متوقف علي شرطه فلابد ان يکون معه کالکسر و الانکسار و هو سبحانه عالم بها قبل کونها کعلمه بها بعد کونها فلايکون محتاجاً في علمه بها الي ان يخلق له علماً بها و الا لکان قبل ان يخلق ذلک العلم جاهلاً بها و هذا اعتقاد الجاهل به تعالي لا نه لم‌يفقد شيئاً منها في ملکه فعلمه في الازل بحيث لايحتمل الزيادة و النقصان بها في الامکان و لانه لايستقبل و لاينتظر لان المستقبل و المنتظر فاقد في الماضي و الحال و تعالي العظيم المتعال عن تغير الاحوال فعلمه بکل شيء من خلقه ذاته البسيطة المجردة فلو فقد من علمه ذرة نقصت ذاته لکن المعلومات ليست في الازل لان الازل هو الله سبحانه و لايکون في ذاته شيء و انما المعلومات في اماکن حدودها من الحدوث و اوقات وجودها من الامکان و هو بکل شيء محيط فيا ايها المسلم صحح اسلامک باتباعي و اياک و ان تحترق بنار الکفر من مخالفتي فاني لم‌انطق بهوي نفسي و انما انطق بهدي من الله باتباعي لائمة الهدي سلام الله عليهم،

فمن کان ذا فهم يشاهد ما قلنا                                           و ان لم‌يک نفهم فيأخذه عنا

فما ثم الا ما ذکرناه فاعتمد                                           عليه و کن في الحال فيه کما کنا

فمنه الينا ما تلونا عليکم                                                     و منا اليکم ما وهبناکم عنا

و ساق الکلام الي ان قال اعلي الله مقامه و رفع في الخلد اعلامه و الحاصل علم الازلي سبق کل شيء و احاط بکل شيء في رتبة کونه حين کونه و مع کونه و بعد کونه قبل کل شيء اي في ازل الآزال من غير انتقال و لا زوال و لاتحول حال و هو تعالي کما هو و الاشياء کما هي اي کل شيء منها في رتبة تحققه من الامکان کما قال صلي الله عليه و آله في خطبة يوم الغدير قال صلي الله عليه و آله و احاط بکل شيء علماً و هو في مکانه هـ، الي ان قال اعلي الله مقامه و من قال ان علمه لم‌يکن سابقاً بها قبل کونها فهو کافر بل علمه بها قبل ايجادها و وجودها کعلمه بها بعد ايجادها و وجودها الي ان قال و اما اذا اردت بالعلم الحادث فالمراد منه کما ذکرنا سابقاً انه حدود خلقه فانه اذا خلق زيداً مثلاً خلق رزقه و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 258 *»

مدة عمره و فناءه و بقاءه و کتب ذلک في اللوح المحفوظ و انفس الملائکة و سمي هذه الکتابة علماً فاذا سمعت من يقول علم الله الحادث فالمراد منه القلم و اللوح المحفوظ و نفوس الملائکة الموکلين بالخلق في مراتب الوجود الاربع الخلق و الرزق و الحيوة و الموت و اذا سمعت منا نقول انه العلم الاشراقي نريد انه صادر عن فعل الله و مشيته قائم بفعل الله قيام صدور لانه اثره و قائم بشعاع المفعول الاول قيام تحقق فهذا الفعل هو المشية‌ و هذا المفعول الاول هو نور محمد صلي الله عليه و آله و الفعل و المفعول الاول يطلق عليهما امر الله الي ان قال (ره) فالفعل من نور محمد صلي الله عليه و آله اعلي العلوم الحادثة خلقهما الله تعالي فسماهما علماً باعتبار و معلوماً باعتبار فمعني العلم الاشراقي باعتبار تقوم المعلومات بامره کما قلنا فافهم و تدبر و لاتشتبه عليک العبارات فان مراداتنا في هذه کما سمعت انتهي کلامه اعلي الله في الخلد مقامه و رفع الله في الدارين اعلامه.

انظر الآن ايها العاقل المنصف المتدين هل بقي لاحد مع هذا الکلام التام الواضح الدلالة مجال القول بانه اعلي الله مقامه ينکر علم الله بالاشياء قبل وجودها او ان يکون له تعالي حالتان او صدر المخلوقات عنه تعالي عن جهل تعالي ربي و تقدس عن کل ما يقولون علواً کبيراً فاذا قال القائل مرادي من هذا القول هذا المعني و اللفظ يتحمل (يحتمل خ ل) ذلک المعني و لو بعيداً ايجوز في المذهب و في الشريعة ان يکذب و يقال له ليس هذا مرادک لان کلامک يحتمل غير هذا مع ان ما نقله المعترض من کلامه اعلي الله مقامه صريح في ما ذکرنا و نقلنا عنه و انه قال هناک و العلم الحادث فعله و من جملة مخلوقاته و سميناه علماً لله تعالي تبعاً لائمتنا عليهم السلام و اقتداء بکتاب الله حيث قال علمها عند ربي في کتاب لايضل ربي و لاينسي فهل بهذا الکلام يکفر قائله و يقال انه يثبت الجهل لله مع هذه التصريحات الاکيدة و التأکيدات البليغة علي ان علمه تعالي بالاشياء قبل وجودها کعلمه بها بعد وجودها مع البيان الواضح الذي نقلناه عنه اعلي الله مقامه و لو فتح هذا الباب

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 259 *»

بالمصير الي الاحتمالات البعيدة و صرف الکلام الي الخيالات الفاسدة و الاوهام الکاسدة مع تصريح المتکلم بخلا فها و توضيحه المراد منها فلايبقي حينئذ لعالم کلام و يجب تکفير جميع علماء اهل الاسلام. يا ناعي الاسلام قم فانعه. نعوذ بالله عن زلل الاقدام و زيغ الافهام و اضطراب الاوهام و نسأل الله العافية و حسن الخاتمة.

و کذلک القول في المعراج و ما ذکر مولانا فيه من الکلام الواضح الحق الصريح الذي لا مرية فيه و لا شک يعتريه و نقلناه عنه في اول هذه الرسالة ما هو صريح في انه صلي الله عليه و آله عرج بجسده بالکثافة البشرية و بثيابه التي هي اکثف من جسده صعد الي العرش و الي مقام قاب قوسين او ادني کما فصلنا و بينا و شرحنا و اوضحنا سابقاً فليرجع اليه من اراد الاطلاع علي حقيقة الامر.

فاذا کان کذلک و هذا دأبه وديدنه اعلي الله مقامه و رفع اعلامه في ذکر المطالب و تبيينها و تنقيحها و ذکر القراين المبينة لها و الموضحة لمعانيها و الکاشفة عن حقايقها و مبانيها و ما عسي ان يتوهمه المتوهم لاجل معضلات اسرارها فکيف يقاس عباراته و اشاراته بعبارات اولئک الاشخاص الذين ليس في کلامهم الدال علي مخالفة ظاهر ما عليه الفرقة المحقة قرينة موضحة و بيان مثبت لمرادهم الا ما ارادوا من ظواهر کلامهم و حينئذ فالظاهر يکون بحکم النص و يجب العمل عليه ولکن من جهة ما تقدم و احتمال انهم  ربما ارادوا غير هذا المعني المعروف عندهم و المتکرر علي السنتهم و کتبهم سکت عنهم و استغفر لهم کما في شرحه اعلي الله مقامه لرسالة العلم للملامحسن و انما يقول قال عفي الله عنه و قال العالم المتقن الملامحسن و امثال هذه العبارات و ذلک کله تورعه و تقواه و عدم جرأته في تکفير مسلم انعقدت نطفته في الاسلام و ربا و نشأ في الاسلام و اعتقد معتقد اهل الاسلام و لماکانت کلماته ظاهرة فيه جاهر بالتخطئة فلو اتي من تبين کلامه علي نحو معتقد اهل البيت عليهم السلام مما هو المعروف في مذهبهم من کلماته و بياناته و تصريحاته لکان يقبل منه ذلک اذ لم‌يکن الاعتراض لاجل المعاداة و العياذ بالله

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 260 *»

الا انه اعلي الله مقامه لم‌يجد من تبين کلامه و کلام اضرابه من کلامهم و بيانهم و انما يأولون بعض التأويلات الباردة و التوجيهات الفاسدة (الکاسدة خ‌ل) من التوجيه الذي لايرضي به صاحبه و لو اردنا ذکر هذه  الوجوه (الوجوه و التأويلات خ‌ل) و التعليلات لطال بذلک بنا الکلام و لاخرجنا عما نحن في المقام و لسنا ايضاً بصدد الخلاف و النزاع مع الناس و نحن و لعمري في شغل من ذلک بل نقول ان القائل اذا قال قولاً و سکت عنه و مضي علي منواله و لم‌يأت بشيء ينفيه و يبين مراده منه غير ما يعرفه الناس من ذلک القول و الکلام فذلک القول و الکلام هو الذي يجب ان تبني عليه الاحکام من النفي و الاثبات ان لم‌تکن قرينة بخلافه من الحالية او المقالية او غيرهما من انحاء القراين و اما اذا لم‌يکن کذلک بل يذکر کلاماً و يبين مراده بقرينة صريحة و بيان واضح و لايلزم ان يکون تلک القرينة في ذلک الموضع من کلامه بل يکفيه اثباتها و بيانها بحيث يعرف ذلک منه اما بتنصيص مقالي او بيان لساني او باخبار المخبرين الآخذين عنه او بالکتابة و الاتيان بصريح العبارة او بغير ذلک کما فعله مولانا الاستاد اعلي الله مقامه فحينئذ فهو الحکم الذي يجب الحکم عليه علي ما يقتضيه کلامه و يؤديه بيانه و ان اتي بشيئين مختلفين و لم‌يمکن الجمع بينهما بما يعلم منه و لم‌يظهر مذهبه في الخارج فيجب التوقف و السکوت عنه لان الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلکات و ان اختلفت کلماته الا انه المعروف الانتساب الي مذهب و دين فيجب الحکم به علي ما هو المعروف من مذهبه و المعلوم من دينه و ملته لقوله تعالي و لا تقولوا لمن القي اليکم السلام لست مؤمناً و علي ما ذکرنا من هذا التفصيل استقر مذهب علماء الاسلام و علي ذلک جرت طريقتهم و آدابهم فلايحکمون علي احد بالکفر الا اذا تطابقت اقواله و کلماته و عباراته في ما تظهر للناس و تجري علي وتيرة واحدة و اذا اختلفت فيطلبون المرجحات و لذا يختلفون في شخص واحد بالجرح و التعديل و الاسلام و الکفر.

و لذا تري ان عبد الحميد ابن ابي‌الحديد لما ظهر منه بعض الکلمات في بعض قصائده و رسائله حکم عليه جماعة بالتشيع حتي ان

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 261 *»

علماءنا من يقول حشرني الله معه مع کونه معروفاً بالانتساب الي مذهب التسنن و تقويته لمذهبه و دفع الاعتراضات الواردة عليه مما لاينکر بتتبع شرحه علي نهج البلاغة و اما ما ذکر في مدح اميرالمؤمنين عليه السلام فقد بان عذره من المعلوم من مذهبه لانه معتزلي يجوز تقديم المفضول علي الفاضل و لاشک ان اميرالمؤمنين عليه السلام عنده افضل الصحابة ولکن الحکمة اقتضت تقديم فلان و فلان عليه و ان کانوا مرجوحين و يشهد لما ذکرنا قوله في القصيدة العينية:

و رأيت دين الاعتزال و انني                                            اهوي لاجلک کل من يتشيع

و الحاصل ان العلماء اذا رأوا کلاماً حقاً من متکلم يجعلونه اصلاً و يحملون غيره عليه حتي اجروا في ابن ابي‌ا لحديد و اشباهه فما ظنک باکابر الشيعة و اساطين الشريعة و هکذا دأب علماء الرجال.

و کذا الاختلاف في احوال محمد بن سنان و کلماته و اطواره و اختلاف النقل عنه و الروايات فيه اختلفت کلمات علماء الرجال فيه حتي انک ربما تجد عالماً واحداً يناقض نفسه فيه في کتاب واحد فضلاً عن کتابين فضلاً عن العلماء هذا المفيد اعلي الله مقامه في الاختصاص علي ما نقل عنه في العوالم عد من خواص مولانا الرضا عليه السلام محمد بن سنان و مع ذلک قدطعن فيه و رماه بالضعف و هکذا و قدفصل القول فيه سيدنا السيد محمد مهدي الطباطبايي اعلي الله مقامه و ربما يکون رجل واحد قدضعفه المشهور و يتبين لبعضهم من کلامه و آدابه و احواله ما يدل علي حسن حاله فيوثقه کما في عثمان بن عيسي الرواسي فان المشهور الصحيح انه ضعيف واقفي ولکن مولانا الآقا محمد باقر البهبهاني في تعليقته قد وثقه و بعضهم جعلوه ممن اجتمعت العصابة علي تصحيح ما يصح عنه و ربما تختلف احواله بحيث يتوقف فيه العلماء و يسکتون عنه و لم‌يتعرضوا له بجرح و تعديل کما يظهر لمن تتبع کتب الرجال.

فظهر لک ان العلماء رضوان الله عليهم لايکتفون بمجرد العبارة کيف ما کانت بل ينظرون الي القراين و المرجحات و الاحوال و الاطوار ثم يحکمون

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 262 *»

علي مقتضي ما يظهر لهم بعد التتبع التام و الفحص البالغ العام لا انهم اذا رأوا عبارة فرضناها ظاهرة في الکفر او صريحة ثم يرون بعد ذلک عبارة ثانية موضحة و مبينة لمراده من العبارة الاولي صريحة في التوحيد و الاسلام بانه ما اراد منها الا هذا المدلول من هذه العبارة الثانية لا انه اراد من الاولي معناها ثم عدل عنها في الثانية فانه عدول عن الارتداد و ينبئ علي الخلاف في المسألة و اما في الصورة الاولي فلاشک انهم لايعرضون عن الثانية و يحکمون علي مقتضي العبارة الاولي لا والله ماصنع ذلک الي الآن عالم من العلماء من جميع الملل فضلاً عن المسلمين فضلا عن الفئة الناجية و الفرقة المحقة رضوان الله عليهم الا من ابدع في الدين و لم‌يعرف طريقة الفقهاء و المجتهدين و لا ما هو المعروف عند عامة المسلمين

و انا قدتلوت عليک من کلمات مولانا و عباراته مما يوهم المخالفة و ما يکشف عنها بصريح الکشف و البيان و حينئذ فالاعتراض عليه من جهة تلک العبارات بعد البيان و التوضيح خروج عن جادة اهل الاسلام و عن طريقة المسلمين و اتباع لغير سبيل المؤمنين و الله سبحانه و تعالي يقول و يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي و نصله جهنم و ساءت مصيراً و مولانا اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه لم‌يزل علي منهاج بصيرة في الدين و التقوي و جار علي ما جرت عليه العلماء و سالک سبيل اصحاب العصمة ائمة الهدي عليهم السلام ما دامت الارض و السماء ولکن القوم کما اخبر الله تعالي عنهم بل کذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله, و اذ لم‌يهتدوا به فسيقولون هذا افک قديم الم‌يسمعوا قوله تعالي و ما اوتيتم من العلم الا قليلاً و قوله تعالي و فوق کل ذي علم عليم و قوله تعالي و لاتقولوا لمن القي اليکم السلام لست مؤمناً تبتغون عرض الحيوة الدنيا و قوله تعالي الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب اليم في الدنيا و الآخرة و قوله تعالي الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة و امثالها بل لقد سمعوها و وعوها ولکن الدنيا قداحولت في اعينهم و راقهم زبرجها آه آه فوالله قال اميرالمؤمنين عليه السلام لولا حضور الحاضر و قيام الحجة بوجود

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 263 *»

 الناصر و ما اخذه الله علي العلماء ان لايقاروا علي کظة ظالم و لا علي سغب مظلوم لالقيت حبلها علي غاربها و لسقيت آخرها بکأس اولها و لالفيتم دنياکم هذه ازهد عندي من عفطة عنز انتهي و اني کتبت هذه الکلمات تنبيهاً لمن يتنبه و تبصرة لمن يتبصر و تذکرة لمن يتذکر و اتماماً للحجة علي المکابر.

ثم اني اجمل القول في ما هو معتقدي عن هذه المسائل المأخوذة من شيخي و استادي و ادين الله بهذا الاعتقاد و اشهد بالله انه اعتقاد مولانا و شيخنا ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون فاقول ان الذي يجب اعتقاده علي المسلمين في معرفة اصول الدين هو ان الله سبحانه هو الواحد المتوحد الفرد المتفرد بقيوميته و ايجاده و خلقه ليس له شريک و لا وزير و لا هو سبحانه باحد يستشير و لايعينه احد و لايوازره عدد فهو المستقل المتفرد بالخالقية و الفاعلية و الرازقية خلق السموات بلاعمد و سطح الارضين علي وجه ماء جمد و تدل علي ذلک ضرورة اهل الاسلام و الآيات المحکمة کقوله تعالي الله الذي خلقکم ثم رزقکم ثم يميتکم ثم يحييکم هل من شرکائکم من يفعل من ذلکم من شيء سبحانه و تعالي عما يشرکون و قوله تعالي اروني ماذا خلقوا من الارض ام لهم شرک في السموات و امثالها من الآيات الکثيرة و الاخبار المتواترة المستفيضة عن البيان فمن اعتقد بخلاف ذلک فهو خارج عن دين الاسلام و مکذب بما جاء به سيد المرسلين صلي الله عليه و آله و من قال ان عليا عليه السلام او احد الائمة عليهم السلام خالقوا السموات و الارضين فلاحظ له في الاسلام و لا هو في عداد المسلمين و من قال انهم عليهم السلام خالقون باذن الله و امره کالشريک المتصرف في الملک باذن الشريک الآخر او کالوکيل الفاعل باذن الموکل و امره او کالعبد الفاعل باذن المولي و السيد فمن قال بهذه المقالة و دان بهذا الاعتقاد فهو کافر باليقين و خارج عن ذمة (مذهب خ‌ل) المسلمين و اني ابرأ الي الله تعالي منه و ممن يقول بقوله فلااشک في کفرهم فانهم ملعونون علي لسان داود و عيسي بن مريم و هو قول الصادق عليه السلام من قال نحن خالقون بامر الله فقد کفر لان الاذن و الامر علي الاول ينافي توحيد الله و يثبت الشريک له تعالي و

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 264 *»

علي الثاني و الثالث يستلزم اعتزال الحق عن الخلق و يستلزم التعطيل و ضرورة الدين قضت علي فساد کل ذلک علي اليقين و الادلة القطعية من العقلية و النقلية دالة علي بطلانه و کفر القائل به و انه شر اليهود و النصاري لان الغلاة صغروا عظمة الله و کل من يدعي ان لاحد استقلالاً و تذوتاً بدون الله سبحانه فهو کافر ايضاً فمن جعلهم عليهم السلام العلة الفاعلية بالمعاني التي ذکرت لک کما هي الظاهرة المعروفة بين الخلق فاني ابرأ الي الله تعالي منه و ادين بکفره.

و اما اطلاق هذه العبارات و ارادة انحاء التجوزات وضع الاصطلاحات و قصد معني صحيح يطابق ظاهر الشرع الانور المعروف بين هذه الفرقة الناجية کماقال عزوجل و اذ تخلق من الطين الآية و قال عزوجل تبارک الله احسن الخالقين و قدقال تعالي و تخلقون افکاً و کذلک ما في الروايات کما تلونا عليک سابقاً فقدوقع فلابد ان تحمل امثال هذه الاطلاقات علي المعني الصحيح الذي يطابق ظاهر الشرع لان صدور هذه العبارات من الشارع قطعي کما سمعت من القرآن و عدم ارادته ما هو المعروف المتبادر من المعاني التي ذکرت قطعي ايضاً فوجب الحمل علي التجوز و انحاء الوجوه و الاعتبارات و کذلک يجب علي المسلمين اعتقاد ان الله سبحانه عالم بذاته و العلم عين ذاته و انه تعالي يعلم الاشياء کليها و جزئيها و علويها و سفليها و جميع ذرات الکاينات بکمال التفصيل قبل وجودها و بعد وجودها و مع وجودها بلاتغير و من انکر ذلک فهو کافر و نبرأ الي الله تعالي منه براءة الله و رسوله و الائمة الطاهرين.

و کذلک يجب عليهم الاعتقاد بان رسول الله صلي الله عليه و آله عرج بجسمه بل بجسده بل بکثافة بشريته المؤلفة من العناصر الاربعة و معه صلي الله عليه و آله ثيابه و صعد بما ذکرنا السموات حتي وصل الي العرش و بلغ الي مقام قاب قوسين او ادني و من لم‌يعتقد ذلک نبرأ الي الله تعالي منه و کذلک يجب عليهم الاعتقاد بان الخلق بعد الموت في الحشر يعادون بابدانهم و اجسادهم الدنياوية العنصرية بحيث لو وزنتها في الدنيا و الآخرة لم‌يتفاوت قدر حبة خردل و نبرأ الي الله تعالي ممن قال بغير هذا او اعتقد بغير هذا فکل من انکر المعاد الجسماني فهو

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 265 *»

کافر ملعون لعن الله قائله و عذبه بانواع العذاب.

ثم اني اعتقد و اجزم و اقول بلسان حالي و مقالي و جناني و ارکاني و سري و علانيتي, ان ظاهر ما عليه الفرقة المحقة هو الحق الذي لاشک فيه و لاريب يعتريه و کل مذهب او اعتقاد او قول او فعل يخالف ما عليه الفرقة‌ المحقة فذلک باطل عاطل فاسد کاسد ابرأ الي الله و الي رسوله و الي الائمة الطاهرين سلام الله عليهم من ذلک القول و جميع کلماتنا و اقوالنا في جميع مصنفاتنا و مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل لايخرج مما عليه الفرقة المحقة فاذا وجدتم کلاماً متشابهاً او ما في ظاهره المنافاة فردوه الي المحکمات و ادرؤوا الحدود بالشبهات و لاتقولوا لمن القي اليکم السلام لست مؤمناً و لاتکونوا کما قال عزوجل بل کذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم و السلام علي من اتبع الهدي و خشي عواقب الردي و اعلم اني قداعذرت و انذرت و بينت و فصلت و اوضحت و لم‌اترک لذي مقال مقالاً و لا لذي حجة خصاماً و جدالا و بينت ان مولانا و استادنا ماخالف المعروف بين الفرقة المحقة فضلاً عن المعروف بين المسلمين قدر شعرة و ذرة فمن شاء فليؤمن و من شاء فليکفر و المرجع الي الله و الملتقي عند الحساب و الحکم لله و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم.

قدفرغ من نسخها منشيها عصر يوم الخميس الحادي‌عشر من شهر ذيقعدة الحرام في سنة‌المئتين و اثنين و اربعين بعد الالف من الهجرة النبوية علي مهاجرها الف سلام و تحية.