08-05 جواهر الحکم المجلد الثامن ـ رسالة في جواب الشيخ محمد بن الشيخ عبدعلي القطيفي ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ محمدبن الشیخ عبدعلی القطیفی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 269 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه کلمات ذات تبيين کشفت بها النقاب عن وجه الحق المبين و اوضحت مناره لطالب القطع و اليقين امتثالاً لامر من تجب علي طاعته والزمت علي نفسي اجابته نسأل الله ان يسددنا للصواب فانه الموفق للمبدأ و المآب.

فنقول اعلم ان الله سبحانه کامل من جميع الجهات بکل الحيثيات و الاعتبارات و التعبيرات و الشؤونات الفعلية و الجهات الاختراعية لتعالي الحقيقة الازلية عن الجهات الاعتبارية فکماله المطلق يقتضي ان يجري فعله سبحانه علي احسن استقامة و اکمل ما تستحسنه العقول المستقيمة المستنيرة بنور المعرفة و البصيرة فلايفعل المرجوح و لايترک الراجح في افعاله و مفعولاته ابداً و لايعدل من الاحسن الي الحسن و لايصح ان يقال في امضاء فعله تعالي ان لو کان کذا لکان احسن, کيف و هو سبحانه عاتب الانبياء و عاقبهم بترک الاولي و هو يفعله مع انه القائل عز من قائل اتأمرون الناس بالبر و تنسون انفسکم حاشا و کلا, تعالي ربي عن ذلک علواً کبيراً فاذا عرفت هذه المقالة (المقدمة خ‌ل) الشريفة التي هي من الابواب التي ينفتح منها الف باب فاعلم ان الثبات و الاستقرار و الاطمينان و الوقوف علي حد اکمل من الاضطراب و التزلزل و عدم الاستقرار بل لايقال انه اکمل لعدم الحد الجامع فاذا وجب علي الحق الحکيم ان‌يوقف الخلق عليه لا علي الاضطراب و التزلزل لنقصانهما و زوالهما و اضمحلالهما و هذه النسبة جارية في کل شيء بکل وضع و بکل رسم و لا شک ان الثبات و الاطمينان و عدم التزلزل انما يکون في العلم و القطع و اليقين

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 270 *»

دون الوهم و الشک و الظن و التخمين فوجب ان لايختار الله سبحانه لعبده علي القطع و اليقين شيئا من مقابلاتهما لانه نقصان في الحکمة و هو سبحانه و تعالي اجل من ان يطرأ النقص في فعله  فلما کان کلما جاز علي الله من الخير و النور في فعله وجب لعدم القوة و الانتظار في متعلقات افعاله علي وجه الحقيقة وجب ان يجري فعله علي ما اختار کما اختار بما اختار و قلنا ان ذلک هو العلم فکان مدار الکاينات في جميع احوالها من التکوينية و التشريعية و الذاتية و الوصفية علي العلم و القطع فعليه جرت الشريعة و اياه طلبت اصحاب الحقيقة فکان هو الامر اللازم و الحکم المبرم سبق به القضاء و جري به عليه الامضاء و ثبت في الالواح و مضي علي حکمة الحقايق و الاشباح فتبين لک انه لايصح علي الله في الحکمة ان‌يتعبد الخلق في الاحکام الشرعية التکليفية و غيرها الا علي القطعع و اليقين دون الظن و التخمين و هذا الاصل مسلم عند الکافة من الخاصة و العامة لايشک فيه مسلم موحد الا ان بعضهم جعله اصلاً اولياً و قالوا قدطرأه اصل آخر اخفي حکمه و غير اسمه و رسمه لاختلاف المقتضيات و هو التعبد بالظن عند سد باب العلم و قالوا ان باب العلم منسد لوجوه اختلالات الادلة من الکتاب و السنة من الوجوه الکثيرة التي ذکروها و فصلوها في المطولات و المفصلات و الاجماع اما لم‌يحصل اصلاً في هذا الزمان کما هو رأي جماعة او قليل لو جوزنا حصوله و وقوعه کما هو رأي آخرين و التکليف ثابت فوجب العمل بالظن الا ما اخرجه الدليل القاطع من الظن الحاصل بالقياس و الرأي و الاستحسان و الرمل و الجفر و امثال ذلک و ما لم‌يدل عليه دليل قاطع فيدخل تحت الاصل الثانوي الذي هو وجوب العمل بالظن و لولا القول بوجوب العمل بالظن لزم التکليف بالمحال و هو التکليف بما لايطاق و الله سبحانه منزه عن ذلک و قدقال عز من قائل لايکلف الله نفساً الا وسعها و معاذ الله ان‌نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده و لايکلف الله نفساً الا ما آتيها و غيرها من الآيات و الروايات الواردة في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 271 *»

هذا الباب فاثبتوا بذلک علي زعمهم حجية مطلق الظنون و انه اصل مستقل طار علي الاصل الاول و ان باب العلم مسدود و الطريق الي العلم مفقود فوجب العمل بکل ظن راجح عنده و ترك المرجوح لئلايرجح المرجوح المتفق علي بطلانه الا ما قام الدليل القاطع و البرهان الساطع علي عدم جواز العمل به مثل ما مر و اشباهه و هذا القول عند اهل التحقيق العارفين بالله سبحانه علي جهة التصديق فاسد باطل و مجتث زايل لعدم الموجب لانتفاء الاصل الاول و اجراء حکمة الله علي سابق مشيته و ماضي ارادته و نافذ کلمته فانه تعالي لم‌يعجز عن ايصال الخلق الي اليقين حتي‌يکلفه بالظن و التخمين و الاسباب الموصلة الي العلم و القطع حيث ان الله تعالي اجري الاشياء باسبابها لم‌تنقطع و مادة العلم لم‌تنعدم و لم‌تضمحل ليضطر المکلفون (علي خ ل) الي العمل بالظن نعم علي القول بخلو الارض من الامام عليه السلام (من الحجة خ‌ل) و الاکتفاء بالاثار النبوية و عدم القول بلزوم وجوب حجة (بلزوم حجة خ‌ل) من الله سبحانه حي حاضر اما ظاهر مشهور او خائف مستور يتمشي هذا القول و هو عند الشيعة بمعزل عن  القبول.

فاذا کان الامام عليه السلام حياً حاضراً بين ظهراني الخلق و المکلفين عالماً باحوالهم محيطاً باسرارهم و امثالهم و شهودهم و غيبهم و هم بمرأي منه و مسمع فما الذي يمنعه عن هدايتهم و اراءتهم السبيل و هم محتاجون حتماً (محتاجون جهال خ‌ل) لايملکون لانفسهم نفعاً و لا ضراً فاذا غاب شخصه روحي له الفداء عليه السلام عنهم لم‌يغيبوا عنه و ليس شرط التدبير و التصرف رؤية المدبر و المتصرف فيه الا تري الملائکة المدبرات امراً فانهم يدبرون الخلق و لايرونهم و الجان يتصرفون في بني‌آدم و لايرونهم و الله سبحانه من ورائهم محيط و هو المتصرف المدبر في الاشياء  کيف يشاء لا اله الا هو له الحکم و اليه ترجعون و الامام عليه السلام وجه الله الذي اليه تتوجه الاولياء و الملائکة خدامهم و الجان تحت حيطتهم و تصرفهم في الحکمين علي مقتضي المشيتين الحتمية و العزمية کل

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 272 *»

ذلک بنص الروايات المتواترة و العقول المستنيرة فاذاً لا مانع من الهداية و لامخل من الاراءة فان کان المانع عدم علمه و اطلاعه علي احوال المکلفين فالکتاب و السنة و اجماع الفرقة المحقةة علي اثبات علمه و احاطته قال تعالي قل اعملوا فسيري الله عملکم و رسوله و المؤمنون و هم الائمة عليهم السلام اجماعاً و ان اعمال العباد تعرض علي الامام مما شاع و ذاع عند جميع الشيعة کافة و الروايات في ذلک کادت تبلغ حد التواتر و في زيارته عليه السلام السلام علي صاحب المرأي و المسمع و ان کان من جهة عدم تمکنه و اقتداره للهداية و الارشاد مع غيبته و نأيه عليه السلام فانه باطل لان هدايته للخلق و ايصاله الي القطع و اليقين لايحتاج الي المشافهة و المشاهدة و المشافهة قطعا کما في غيره من المبادي العاليه و السافلة بل له ان‌يوصل المستحقين الي حقوقهم باطوار مختلفة و انحاء متشتتة من جهات التعريف بالقاء الاصول و القواعد و جزئيات الاحکام بانحاء الدلالات علي حسب ما يري من المصلحة فمنها بالتصريح و منها بالتلويح و منها بلحن المقال و منها بلحن الخطاب و منها بدليل التنبيه و الاشارة و منها بدليل الخطاب و منها بفحوي الخطاب و منها بالبيان و منها بالمثال و منها بالبيان و منها بالسؤال و منها بالجواب و منها بالسکوت و منها بالاعراض و الاهمال و منها من قبيل اياک اعني و اسمعي يا جارة و منها بالجمع و منها بالتفريق و منها بالاعلان و منها بالاخفاء و منها بالناسخ و منها بالمنسوخ و منها بالاجمال و منها بالتفصيل و منها بالکتابة و منها بالتشبيه و منها بقذف في القلوب و منها بواسطة اوعية السوء و منها بروايات ضعيفة لها قراين و منها باخبار صحيحة و منها باجماع الطايفة و منها بالشهرة المقبولة و منها بدلالة عقل موزون و منها بتنبيه هو بالتسديد مقرون يجريها بعموم او خصوص او اطلاق او تقييد او جمع او وحدة کل ذلک بالادلة الثلاثة المحکمة دليل الحکمة و دليل الموعظة الحسنة و دليل المجادلة بالتي هي احسن و غيرها من

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 273 *»

اطوار التأييد و انحاء التسديد و جهات التعريف و هو عليه السلام لايعجزه تدبير رعيته و لا اصلاح غنمه و لا حفظ الشريعة التي هو شارحها (شارعها خ ل) و مبينها و لايصح ان‌يغفل عن جميع رعيته فان الله تعالي اجل من ان‌يجعل حجة علي الخلق ثم يخفي علمهم عنه فلم‌تکن الحجة حينئذ بالغة و کان ذلک نقصاً في الحکمة و عيباً في الخليقة (الخلقة خ‌ل) و ضعفاً في انفاذ المشية تعالي الله عن ذلک علواً کبيراً. و ان کان المانع تقيته عليه السلام فلايصح ايضاً لانه ان کانت التقية علي نفسه فلا معني لذلک بعد اخفاء شخصه و غيبته لعدم فرض الاستيلا‌ء عليه عليه السلام حينئذ و ان کانت عن رعيته فذلک ايضاً حکم ثانوي من احکام الله تعالي تجب الديانة  الي ان‌يتغير الموضوع فيرتفع حکم التقية حينئذ.

و اما الاختلافات الواقعة بين علماء الفرقة فليست لاجل اختلاف انظارهم و خطاء ظنونهم و افکارهم لعدم تمکن وصولهم الي الامام عليه السلام فلو تمکنوا من الوصول به و السؤال مشافهة لما اختلفوا بل لان الاختلاف هو المطلوب عنده عليه السلام في زمانه کما کان مطلوباً في زمن آبائه عليهم السلام اما سمعت قولهم عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينکم و هو قولهم عليهم السلام راعيکم الذي استرعاه الله امر غنمه اعلم  بمصالح غنمه ان شاء جمع بينها لتسلم و ان شاء فرق بينها لتسلم و الحکمة الالهية المستودعة عندهم عليهم السلام اقتضت الاختلاف عند مزج الحق بالباطل و اهل الصلاح مع اهل الفساد و سنة الاختلاف باقية الي ان تزيلوا و لو تزيلوا لعذبنا الذين کفروا الآية و ذلک التزييل سبب ظهوره عجل الله فرجه کما ان المزج سبب خفائه فالاختلاف هو المطلوب الآن و قبله الا تري المشافهين لهم عليهم السلام في مسألة واحدة يختلفون حسب اختلاف بياناتهم عليهم السلام لهم و لذا قالوا ان هذا الاختلاف اسلم لنا و لکم و لو اجتمعتم لاخذ برقابکم و اما شيوع الفساد و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 274 *»

انکباب الخلق علي المعاصي فلاينافي تسديد الامام عليه السلام لان تسديده عليه السلام للتعريف و التبيين لا للاجبار و الالجاء علي الفعل و قدقال تعالي لا اکراه في الدين قدتبين الرشد من الغي فالبيان شأن الحجة لا الالجاء و الاکراه کما قال تعالي ما علي الرسول الا البلاغ مثلاً علي الحجة ان‌يبين ان الزنا حرام و معصية فاذا حصل مانع لهذا الفهم و البيان عليه ان‌يزيله لان البيان من الله سبحانه و علي الله قصد السبيل, ان علينا جمعه و قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه فالاهمال في البيان التام نقص في الحکمة و الايجاد و اما اذا عصي و زني فليس علي الله ان‌يمنعه و الا لکان ظالما تعالي ربي عن ذلک علواً کبيراً فشيوع الفساد ان کان عن جهل بالفساد فذلک لايجوز بل لايقال له فساد ايضاً لان الناس في سعة مالم‌يعلموا کل شيء لک مطلق حتي‌يرد فيه نهي فقبل وصول النهي الي المکلف هو في سعة من الفعل فلايقال له حينئذ مفسد و ان کان بعد العلم فبما کسبت ايديهم و ليس علي الله تعالي ردعهم بعد اقامة الحجة و ايضاح الدليل ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة. و اما تعطيل الحدود فذلک لشريعة التقية فان اقامتها لاتکون الا بظهوره عليه السلام و ظهوره روحي له الفداء مما يأبي الله مادام الخلط و المزج فلاتقام الحدود مادام الامام عليه السلام غائباً لشيوع الفساد و ظهوره في البر و البحر و عدم تحمل الناس للوقوف علي الحدود الشرعية الالهية و عدم بسط يد ولي الامر ليوقفهم علي الحد الالهي الحقيقي فلاتزداد  اقامة الحدود الا فساداً و فتنة و ايقاعاً  لهذه الفرقة الي موارد الهلکة فمنع اقامة الحدود في وقت الغيبة و شدة المحنة من اقامة الحدود فافهم راشداً.

و بالجملة فبعد ما انعم الله سبحانه علينا بوجود امام حق عادل رؤوف عطوف عالم مطلع علينا في غيبنا و شهودنا و ظاهرنا و باطننا قداکمل الله تعالي بذلک النعمة کما قال عز من قائل اليوم اکملت لکم دينکم و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 275 *»

 اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام ديناً فلا معني لسد باب العلم بالاحکام علينا لان هادينا و مرشدنا و ولينا معنا اينما کنا فلاتمنعه غيبته عليه السلام عن رعايتنا و حمايتنا لرأفته بنا و رحمته علينا و لاتصغ الي قول من قال فيه عليه السلام وجوده لطف و تصرفه لطف آخر و عدمه منا فان الجمع بين اللطفين اکمل و ارجح بالضرورة و قدسبق منا ان الله تبارک و تعالي لايترک الارجح و الاولي و ان ائمتنا سلام الله عليهم لايترکون الاولي بخلاف سائر الانبياء فانهم قديترکون الراجح و الاولي و اما نبينا و ائمتنا عليهم السلام فمنزهون و مبرؤون عن جميع ذلک.

فان قلت ان التصرف ليستلزم المفسدة قلت مطلقا ممنوع اشد المنع فليقتصر علي ما يوجب المصلحة من اجراء رعيته علي ما يقتضيه (تقتضيه خ ل) کينونتهم و اصلاح ذات بينهم علي اي جهة کانت من الاتفاق و الاختلاف و التقية و احکامها. و اما جعل الرعية مهمل الناصية مخلي السرب يختارون لانفسهم ما يشاؤون و يترکونهم و يترکون ما يشاؤون بين آيات و روايات ما يعرفون حقايقها و لا مبانيها و لا معانيها و لا تصاريفها و لا وجوهها و لا دقايقها يکلهم علي آرائهم لعيتمدوا علي اهوائهم و يرجحون بينها من انفسهم فلايکون ذلک ابداً و يأبي عن ذلک عدل الله سبحانه و حکمته و قيوميته و قوله تعالي لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤف رحيم و لعمري في ذلک ابطال الدين (لعمري ان في هذا ابطال للدين خ‌ل) رأساً اذ لو جاز هذه التخلية في وقت جاز في کل الاوقات و قوله و عدمه منا ان اراد به المکذبين فما تقصير المصدقين الذين يطلبون دينه و شرعه و يتبرؤون من اعدائه نعم من جهة الخلط مع المخالفين حصل لهم الضعف عن ادراکه و ملاقاته مثل الارمد بالنسبة (بالنظر خ ل) الي نور الشمس و اما الشمس فلاتقصر عن الاشراق و الاضاءة و التدبير و التجفيف و التسخين و غيرها و مثل الطبيب بالنسبة الي الارمد فانه اذا عجز عن مشاهدة الطبيب و الاصم اذا عجز عن استماع کلام الطبيب فلايقصر الطبيب عن معالجته و مداواته

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 276 *»

لاصلاحه و تدبيره کيف و الامام هو يد الله الباسطة و اذنه الواعية و رحمته الواسعة فلاتقل يد الله مغلولة لئلايشملک تأويل قوله تعالي. فاذا نظر الفقيه العادل الجامع لشرائط الفتوي المستأهل  للاستيضاح و ان‌يطرق الباب ليرد عليه الجواب في حکم المسألة و تأمل في دليلها من کتاب او رواية او شهرة او اجماع فان وقف علي اجماع محقق حصل له القطع بدخول الحجة عليه السلام في المجمعين قولاً او رضاء او تصحيحاً او غير ذلک فذلک هو (ذلک هو خ‌ل) العلم عند الکل بالاتفاق الا ان نزاعهم في الحصول و عدمه و الا فبعد حصول العلم لا نزاع في انه العلم القاطع و هو الحجة المقطوع بها و ان وقف علي شهرة تکون اجماعاً فکالاجماع و ان وقف علي ما ليس له معارض و عليه قراين تفيد القطع فکما مر آنفاً و ان وقف علي ما ليس له معارض مانع عن افادة القطع فليطلب المرجحات المنصوصة في الکتاب و السنة. ثم ان الامام عليه السلام ناظر الي نظره في تلک المسألة و ناظر الي حاله و کينونته من حيث نفسه و من حيث قراناته بالامور الداخلة و الخارجة من احکام التقية و غيرها و ناظر الي کل من يقلده فيها و احوالهم و ما تقتضيه اطوارهم و اوطارهم مسبب له اسباب المرجحات علي مقتضي تلک الاسباب حتي يرجح عنده ما هو اللايق بحاله و حال مقلديه و يضعف الجانب الآخر فلايلتفت اليه فتکون صلوة الجمعة بالنسبة الي بعض علي حسب المصالح واجبة و علي آخر محرمة و علي آخر مستحبة و هکذا علي ما تقتضي کينوناتهم فهؤلاء المختلفون لو شافهوا الامام عليه السلام في هذا الوقت ما زاد لهم عما يسر لهم الطريق اليه حرفاً بحرف.

و اما طريق القطع و سبيله فانک اذا وقفت علي دليل مسألة من آية او رواية فيجب ان‌تحملها علي ما هو الظاهر من المعاني الحقيقية اللغوية او الشرعية او العرفية و لاتصرفها علي المجاز لان الحکيم هو الذي يضع

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 277 *»

الاشياء في مواضعها و مواقعها فاذا وضع اللفظ لمعني معين فمقتضي الحکمة استعماله فيه الا ان‌يکون مانع عن ارادة المعني الحقيقي فيجب علي الحکيم حينئذ البيان و نصب القراين و شهادة العيان او الوجدان فاذا لم‌نجد شيئاً من هذه الموانع و کان الکلام کلام الحکيم علمنا يقيناً انه مااراد الا ما وضع اللفظ بازائه و سبيل القطع بالوضع اطباق اهل اللغة او عدم المعارض و اما اذا اختلفوا فلابد من التماس دليل منهم عليهم السلام في تعيين احد القولين او الاقوال فاذا وجدت آية او رواية فاحملها علي المتعارف عند اهل اللسان فانه هو المراد قطعاً و الا لم‌يکن حکيماً و کان مغرياً بالباطل فاذا کان ذلک المعروف هو الحکم الذي يريد الله سبحانه و تعالي من ذلک الناظر سکت عنه و لم‌يردعه و خلاه و الا رد عه و نصب له القراين بخلاف المدلول المعروف بين اهل اللسان فحيث سکت و لم‌يردع علمنا ان ذلک هو حکم الله تعالي يقيناً بحکم التقرير فانهم قد اجمعوا ان التقرير يورث العلم اذا عمل عملاً او ذکر قولاً او حديثاً في محضر المعصوم عليه السلام و لم‌يردعه و سکت عنه و لم‌يکن محل التقية فذلک هو الحکم الحقيقي الذي يجب العمل به و ليس شرط التقرير مشاهدة المقرر المقرر له او العکس او الجميع بل علم المقرر و تمکنه من الردع کاف قطعاً و هذا المقدار في هذا الزمان حاصل يقيناً فان العالم کله للامام عليه السلام بمنزلة بيت واحد لشخص واحد و الخلق کلهم بمنزلة العيال الواجبي النفقة و الکل بمرأي منه و مسمع فانت اذا طلبت دينه و حکمه و شرعه و عثرت علي دليله من کتاب و سنة و تتلوه بمرأي منه و هو يري ان ذلک مخالف لطريقته و سنته و شريعته ثم يسکت عنک و لم‌يدلک علي الصواب و لايوصلک الي فصل الخطاب فاين اذاً محل التقرير و موقعه فان کان استنادک الي الروايات الدالة الناهية عن القول بغير العلم و عن قبول خبر الفاسق و امثالها فهي موجودة في مقام التقرير علي المعني الذي تزعمون من حضور مجلس المعصوم عليه السلام و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 278 *»

مشاهدته له فالجواب, الجواب فاذا حصل التقرير حصل العلم القطعي بان هذا هو التکليف فاين الظن اذاً.

فان قلت ان التقرير انما يکون عند عدم احتمال التقية و الخوف فاذا احتملت التقية فلاقطع بان هذا هو الحکم و التکليف قلت و هذه التقية لاتجري الغيبة ابداً لان التقية ان کانت في القول  ربما يتمشي هذا القول و ان کانت بغيره کما هو المفروض فيکون ذلک هو حکمنا الآن لان التقية ايضاً عندنا من احد الاحکام. کما ورد في حديث علي بن يقطين عن الکاظم عليه السلام في الخبر المشهور من تعليم الوضوء علي طريقة المخالفين ثم نهاه عنه و ردعه الي طريقنا المعروف فان کان سکوته من جهة التقية علي الرعية فلاشک انه لايريد الا العمل بذلک اذ ليس هذا حکم مقالي ظاهري حتي‌يتقي من استماع احد من المخالفين بل انما هو تقية بالفعل فوجب فعله الي ان‌يتغير الموضوع فيرفع الحکم بنصب قرينة فحکم التقرير في الزمانين و الحالين واحد بلا اختلاف و في الدعاء ماضرني غيبتي و لانفعهم حضورهم و في التوقيع الخارج عن الناحية المقدسة حرسها الله تعالي الي المفيد (ره) ما معناه انا غير مهملين لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء و عن الصادق عليه السلام ان لنا مع کل ولي اذناً سامعة و الروايات الواردة علي مضمونها اکثر من ان‌تحصي.

فاذا صح التقرير و وجب ردع الامام عليه السلام و اکمل الله لنا الدين و اتم علينا النعمة بنصب الامام عليه السلام و استحفاظه لامر الانام الي يوم القيام فاي طريق الي الظن حينئذ الا ان‌يکون الله سبحانه قدقصر في ابلاغ الحجة البالغة او الرسول صلي الله عليه و آله قصر في نصب وصي حافظ بصير مطلع ناظر الي مصالح الرعية کافة او الامام عليه السلام قصر في الاداء و التبليغ و الحفظ و الرياسة فما اعطي کل ذي حق حقه و ترک المصدقين المخلصين من الخلق في ظن و شک و وهم و جهل مع قدرته علي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 279 *»

ايصالهم الي طريق العلم و تمکنه منه فان لم‌يتمکن کان عاجزاً و ان تمکن و لم‌يفعل اما ان يکون آثماً او تارکاً للاولي و کل هذه الوجوه علي مذهب الامامية في البطلان بمکان فلم‌يبق الا النظر و السياسة علي مقتضي مصالح الرعية و قدقال عليه السلام ان الله لايخلي الارض من حجة کيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و المؤمنون جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي الشامل لکل فرد فرد کما اذا قيل اکرم العلماء فان المراد به کل فرد فرد لا المجموع من حيث المجموع و ذلک معلوم واضح فاذن ما يحصل للفقيه بعد کمال الاستيضاح و استفراغ الوسع هو الحکم الالهي الواقعي الحقيقي الذي لو شافه الامام عليه السلام و هو علي تلک الحالة ما زاده عليه قطعاً الا ان هذا الحکم لايلزم ان يکون اولياً بل قديکون ثانوياً و لاجل التقية و غيرها.

و بالجملة حکم هذا اليوم و حکم المشاهدة و المشافهة واحد و حکم القريب و البعيد سواء و حکم الحاضر في مجلسه و الغائب عن مجلسه في الغيبة و الحضور واحد في بلوغ کل احد حکمه الذي يحتاج اليه فقديکون حکمه الاحتياط و قديکون حکمه التنجيز و قديکون حکمه التخيير و الاخير قديقتضي التنجيز و الآخر قدتقتضی المصلحة في استمراره و دوامه علي ذلک الفقيه و قدتقتضي المصلحة عدم الاستمرار و عدم الدوام فان کان الاول اي الاستمرار ففي الغالب يلقي الحکم اليه بالاجماعات المحققة اما عامة او خاصة او الادلة المفيدة للقطع اولاً و بالذات لا بانضمام مقدمة التقرير و قاعدة حصوله في هذا الزمان فلولا هذه القاعدة کان الحکم ظنياً ولکن اذا انضمت اليه هذه المقدمة المبارکة کان الحکم قطعياً و ان کان الثاني اي المطلوب عدم الاستمرار ففي الغالب يلقي الحکم اليه بالقسم الثاني من الادلة الراجحة التي لولا ملاحظة مقدمة التقرير کان الحکم ظنياً کما مر آنفاً و ذلک بسهولة النقل و الانتقال بخلاف الاجماعات و غيرها فان الانتقال الذي يسمونه الرأي قديتفق هناک الا انه قليل و ان کانت المصلحة التخيير

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 280 *»

فتعارض الادلة في نظره حتي لايسعه الترجيح و لايمکنه الارجاء و التأخير و لايمکنه طرح الجميع و لا البعض لمکان التکافؤ و لايسع التساقط عند التعارض لثبوت احد الحکمين قطعاً و التميز قدخفي فبأيهما اخذ من باب التسليم وسعه و ان کانت المصلحة الاحتياط يجعل له طريقاً اليه و الفقيه عند النظر في المسألة لايخلو عن الحالات الثلاثة المذکورة و کلها بنظر الامام الحجة عجل الله فرجه و روحي له الفداء فحينئذ فاين الظن الذي يدعون و به يقولون و عليه يعتمدون (الذي يدعون و به يصولون و عليه يعولون خ‌ل) ان هو الا کسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جاءه لم‌يجده شيئاً و وجد الله عنده فوفيه حسابه و الله سريع الحساب.

فان قلت اذا کان الامر کما ذکرت من نظر الامام عليه السلام فوجب ان لايختلفوا لان الاختلاف ليس من الله تعالي لقوله تعالي و لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً و دل مفهوم الشرط علي ان ما عند الله ليس فيه اختلاف و مفهوم الشرط حجة کما هو مذهب المحققين و قال تعالي و لايزالون مختلفين الا من رحم ربک و لذلک خلقهم و قال تعالي ايضاً فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه والله يهدي من يشاء الي صراط مستقيم فاذا کان الناظر و المسدد هو الامام عليه السلام فلايجوز ان يختلفوا لانه ليس حکم الله تعالي قلت نعم الاختلاف ليس هو الحکم الاولي و لکنه من الاحکام الثانوية کالتقية و امثالها فيجب اذا اقتضت المصلحة ذلک کما تقدم و لذا قالوا عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينکم و راعيکم الذي استرعاه الله امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم و غيرهما من الروايات الدالة علي وقوع الاختلافات الکثيرة لاتحصي ثم انا نقول ليس کل اختلاف مذموماً فليس من عند الله بل  الاختلاف المذموم هو الذي اخبره سبحانه في کتابه العزيز بقوله تعالي فمااختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم و ليس

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 281 *»

اختلاف الفقهاء و احاديث اهل البيت عليهم السلام من هذا القبيل کما هو المعلوم.

فان قلت لو کان الامر يجري بتسديد الامام عليه السلام يجب ان لايجوز التقليد لان المدار ليس علي فهمه بل علي ما يجري اليه الامام عليه السلام علي حسب ما يري المصلحة من التأييد و التسديد و هذا الحکم يساوي فيه المجتهد و المقلد (يسوي فيه المقلد و المجتهد خ‌ل)

 قلت ليس کل احد قابلاً لنظر الامام عليه السلام و اهلاً لتحمل عنايته و الا لماصحت بعثة الانبياء و اختيار الاوصياء عليهم السلام لان نسبته تعالي الي جميع المخلوقين سواء و تسديده الي الکل واحد ولکنه سبحانه حيث يجري سبحانه الاشياء باسبابها يجريها اذا تحققت شرايط القبول فوجب بعثة الانبياء عليهم السلام و کذلک الامام عليه السلام بالنسبة الي رعيته فانه عليه السلام يوجه عنايته الي القابل المتحمل لها دون غيره و القابل المتحمل هو العارف باحکامهم المأنوس بطريقتهم و اطوارهم في جهات مخاطباتهم و کلماتهم و القائهم و تلقياتهم المکلفين منهم و انحاء الاصول الملقاة اليهم حتي يصح عليهم قوله تعالي الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و المجتهد هو العارف بطريق المجاهدة للاهتداء لتلقي الاحکام الالهية الشرعية الفرعية فيهديه الله سبحانه بتسديد الامام عليه السلام و تأييده و سبل فيه نکتة لفظية لطيفة و هي ان عدده اللفظي يطابق عدد محمد صلي الله عليه و آله فافهم الاشارة. فالهداية متوقفة علي المجاهدة و اهل المجاهدة هم المجتهدون مثلاً الشمس لها اشراق علي کل من في الارض و لايحکيها و لايحکي مثالها و صورتها و حرارتها الا الزجاجة و البلور فافهم ضرب المثل فان نور الشمس تسديد الامام عليه السلام و تأييده و رعايته و حمايته و قلوب الشيعة ارض حاملة له فالمجتهد کالزجاجة و البلور و سائر الرعية کساير الاجسام الغاسقة و الله سبحانه يقول يضرب الله الامثال للناس و مايعقلها الا العالمون.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 282 *»

فان قلت فعلي ما ذکرت يلزم ان يبطل مذهب التخطئة و يصح مذهب التصويب فان هذه الاحکام انما تجري بنظر الامام عليه السلام فلاتکون الا صواباً فاين الخطاء حينئذ مع ان الامامية مجتمعة علي بطلان مذهب التصويب و صحة مذهب المخطئة

قلت ان المصوبة يزعمون انه ليس لله في الواقع حکم و انما الاحکام تابعة لرأي المجتهد فما ادي اليه ظنه فذلک حکم الله الواقعي و ليس له سبحانه حکم غير ذلک و لا شک ان هذا باطل فاسد فان حکم الله امر واقعي حقيقي و لايصح ان يکون تابعا او متجدداً بتجدد الآراء الناقصة و الافهام الغاسقة الباطلة و انما الاحکام الالهية تجري علي حسب المصالح الواقعية الحقيقية التي عليها الکينونة الاولي العليا التي خلقها الله سبحانه يوم کان طالع الدنيا السرطان و الکواکب کانت في اشراقها ثم لماتحرکت الافلاک و اختلطت الطبايع و مزجت العليا بالسفلي و السفلي بالعليا تغيرت الموضوعات فاستدعت احکاماً اخر و هي ثانوية الهية و قدتسمي ظاهرية و نفس الامرية و غيرها من الاسامي فالخطاء اذا حصل فانما هو في الاولي و لم‌يحصل في الثانية قطعاً مثاله المريض له غذاء في حال الصحة من الاطعمة اللذيذة و الاغذية الطيبة و اما فی حال المرض فلا يصلح له تلک الاغذية و الاطعمة فانها تفسده و لاتصلحه بل المناسب له العقاقير و الادوية المصلحة للمرض فالاولي هي الاحکام الواقعية الاولية و الثانية هي الاحکام الوا قعية الثانوية و کل هذه الاحکام عند الله سبحانه ثابتة في اللوح المحفوظ الا ان الاولي في الورقة العليا الاولي و الثانية في الورقة السفلي الثانية و الکل عند الله ثابت محفوظ في خزائنه و اعظم الخزائن و اشرفها و اعلاها قلب الامام عليه السلام و هو العبد المؤمن الذي وسع قلبه الاحکام الالهية باسرها و قدضاقت عنها السموات السبع والارضون السبع کما في الحديث القدسي فالذي يقول ان الحکم الثانوي الذي ادي اليه نظر الفقيه المسمي عندهم بالحکم الظاهري قديکون

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 283 *»

محض الخطاء و خلاف الواقع بحيث لو شافه الامام عليه السلام کان الحکم غير هذا و انما ساغ له العمل بذلک من قبيل اکل الميتة و الجيفة فقداخطأ الصواب و تعدي في الجواب بل الله سبحانه اجل من ان يکل الخلق الي آرائهم حتي يقولوا في الاحکام العملية التي عليها مدار الفروج و الدماء و النسل و ترقيات الدنيا و الآخرة علي مظنوناتهم ثم يجيز الله تعالي بهم تلک الظنون الکاذبة و الآراء الفاسدة و الاوهام الکاسدة من نسب الي الله ذلک فقداخرج الله عن سلطانه و عزله عن حکمته و ازاله عن قيوميته تعالي الله عما يقولون علواً کبيراً.

فان قلت ان الخطاء و الوهم في الموضوعات قديتفق يقيناً فان المکلف ربما يباشر النجاسة و يتصرف في الحرام و المغصوب و غير ذلک و لم‌يعلمه بها و قداجاز الله تعالي له ذلک و صحح عمله و لم‌يکلفه بما هو الواقع فليکن تلک الاحکام المظنونة التي تقع فيها الخطاء من هذا القبيل فان الضرورات تبيح المحظورات

 قلت هذا قياس سيما مع الفارق فان امر الموضوعات و معرفتها راجعة الي المکلفين و هم الذين يجب عليهم معرفتها و تمييزها و تشخيصها و المداقة فيها حتي‌يميزها کما هو الواقع ليجتنب من النجس و الحرام و المغصوب و غير ذلک و لکن الله سبحانه لماکان يريد بهم اليسر و لايريد بهم العسر سهل عليهم ذلک و قال کل شيء نظيف حتي‌تعلم انه قذر و کل شيء لک حلال حتي‌تعلم انه الحرام بعينه فتدعه و ذلک من اوسع الاحکام و اما نفس الاحکام فبيانها راجع الي الله سبحانه لا الي المکلفين و هو سبحانه و تعالي يقول و علي الله قصد السبيل و قال سبحانه و تعالي لاتحرک به لسانک لتعجل به ان علينا جمعه و قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه فاذا کان بيان الاحکام راجعاً الي الله سبحانه و هو لايعجزه شيء فکيف يکل فهمها الي الخلق انفسهم فهل انزل الله ديناً ناقصاً فاستعان به علي آرائهم ام قصر الرسول و اوصياؤه عليهم السلام في التبليغ و الاداء ام هم شرکاء لله فلهم ان‌يقولوا و عليه ان يقبل فما هو

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 284 *»

من الله سبحانه قد اوضح طريقه و ابان سبيله الا ان الخلق متفاوتون في معرفة تلک الجهات و انحاء التلقيات فمنهم من يتلقون من حيث يشعرون و منهم من حيث لايشعرون و الا فامرهم سلام الله عليهم في هدايتهم و اراءتهم و ايصالهم کل احد الي ما تقتضيه ذاته و کينونته و عمله من اوضح الاشياء بل اظهر من الشمس و ابين من الامس کما في حديث المفضل و قدقال اميرالمؤمنين عليه السلام علي ما في نهج البلاغة اين يتاه بکم و فيکم عترة نبيکم ام اين تذهبون و رايات الحق منصوبة و اعلام الهداية ظاهرة الحديث و تخصيص هذه الاعلام و الرايات بالاصول دون الفروع قول بغير علم و لا هدي و لا کتاب منير و في الزيارة عن علي بن الحسين زين العابدين عليهما السلام اللهم ان قلوب المخبتين اليک والهة و سبل الراغبين اليک شارعة و اعلام القاصدين اليک واضحة الزيارة و الجمع المحلي باللام يفيد العموم فيعم القاصدين اليه في الاصول و الفروع و في الزيارة الجامعة الکبيرة عن الهادي عليه السلام حتي اعلنتم دعوته و بينتم فرائضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احکامه و سننتم سنته و الجمع المضاف يفيد العموم عند المحققين فيکون قدبينوا عليهم السلام جميع الفرايض و اقاموا جميع الحدود و نشروا جميع شرايع الاحکام و هذا ينافي قولهم ما بينوا ما وصل اليهم حتي احتاجوا الي استنباط الاحکام الالهية بالظنون الضعيفة و الاوهام الباطلة و الاحلام الفاسدة الا ان ذلک البيان و النشر و اقامة الحدود ليس علي ما يعرفون بل انما هو علي ما فسرت لک من جريان احکام الاقتضاءات علي نهج المقتضيات من النور و الظلمة و الخير و الشر و هو قوله تعالي کلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظوراً و الامام عليه السلام هو حامل ذلک العطاء بما حمله الله کما اشار اليه بقوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب و في ما ذکرنا يجري تأويل قوله تعالي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 285 *»

و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال فافهم راشدا و اشرب عذبا صافيا.

فظهر لک مما بينا ان الاحکام علي قسمين احکام اولية و هي لاتتغير و لاتتبدل و لاتزيد و لاتنقص و لاتختلف و لايجري عليها النسخ و الاختلاف و احکام ثانوية و هي التي علي مقتضي الکينونة الثانية و هي تختلف و تتغير و تزيد و تنقص و الناس في زمان الغيبة و خفاء الحجة (الحجة بل عند مزج الطينتين مطلقاً خ‌ل) مکلفون بالعمل بالثانية و قديصادفون الاولي و قديخطئونها و لايصادفونها فيکون فرضهم العمل بالثانية لا الاولي فمن قال غير هذا المعني فقد اخطأ‌ الحق و اتي بالجور و الباطل اذ لايصح ان‌يجعل الله سبحانه ما هو راجع اليه موکولاً الي غيره و غير ابوابه و خزان امره و نهيه حتي‌يقول الناس بظنونهم و آرائهم ما يشاؤون ان هو الا کذب مفتري و الله سبحانه و تعالي اجل من ذلک و اعلي تعالي ربي عما يقولون علواً کبيراً.

فان قلت ان جل علماء الشيعة و اساطين الشريعة بعد دقتهم و بذل جهدهم و استفراغ وسعهم و سعيهم و طول فکرهم و نظرهم و مجاهدتهم قداعترفوا بعدم حصول العلم في کل ما يحتاج اليه المکلف فبنوا امرهم علي العمل بالظن و الا يلزمهم الخروج عن الدين فعملوا بالراجح و ترکوا المرجوح لما رأوا من کثرة الامور المانعة من العلم علي ما فصلوها في کتبهم المفصلة و زبرهم المدونة في الاجتهاد و التقليد وغير ذلک فلو کان الامام عليه السلام مسدداً مؤيداً هادياً موصلاً الي العلم فلم لم‌يوصلهم و خلاهم فان کان هؤلاء الاساطين و الاکابر الاعاظم لم‌يستأهلوا لنظر الامام و عنايته و توجهه فعدم استيهال غيرهم بالطريق الاولي اذ ليس لغيرهم مزية عليهم في العلم و العمل و الآداب و الاخلاق فاذن يکون وجود المجتهد کوجود العنقاء و في ذلک تضييع للشريعة و تعطيل لاحکام الملة السهلة و ذلک في البطلان بمکان

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 286 *»

 قلت ان هؤلاء الاساطين لم‌ينکروا استفادة العلم من الاجماع و الاخبار المحفوفة بالقراين القطعي و في غيرها اتوا بغاية ما عندهم بعد استفراغ وسعهم و بذل مجهودهم و سعيهم فذلک الذي نقول انه هو حکم الامام عليه السلام اذ لو لم‌يکن ذلک حکمه لناقض دليله و ردعه عنه و لم‌يترکه علي حاله و الا لکان مغرياً بالباطل و مقصراً في اداء حق الله تعالي و لماکان کما قال (کما قال الامام خ‌ل) عليه السلام ان الله لايخلي الارض من حجة کيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم فاذا انحصر لهم الدليل بما وجدوا اذا کانوا سالکين سبيل الحق و لم‌يخرجوا الي الاستحسانات العقلية و الاستنباطات الظنية الغير المأخوذة عن اهل البيت عليهم السلام کان ذلک تقريراً من المعصوم عليه السلام علي الحکم المراد منه و قدسبق منا سابقا انه لايشترط في التقرير مشاهدة المقرر له للمقرر فاذا حصل التقرير حصل العلم فهؤلاء العلماء علمهم علي الحق و فعلهم علي الصواب و ان لم‌يستشعروا بحقيقة الامر و حکموا بان ما ادرکوا هو الظن و رتبوا مقدمة لصحة العمل عليه و قالوا هذا ما ادي اليه ظني و کل ما ادي اليه ظني فهو حکم الله في حقي و حق مقلدي و لم‌يعلموا ان ذلک هو حکم الله الثانوي الواقعي الذي سبيل حصوله و تحصيله سبيل حصول الاجماع المحصل و الخبر المحفوف بالقرائن القطعي.

نعم يحتاج ذلک الي العلم بحصول التقرير في هذا الزمان فاذا ثبت ذلک فقدتم الامر و اتضح الحق و حصل العلم القطعي بالحکم الثانوي و علي الله قصد السبيل و منها جائر.

فان قلت انهم عليهم السلام قدقرروا لنا قواعد بانکم اذا علمتم فقولوا و الا فها و قالوا عليهم السلام ان الناس قدکذبوا علينا و ان لاتقبلوا خبر الفاسق الا بعد البيان فاذا ورد علينا شيء يخالف الاصول الملقاة منهم عليهم السلام فلاتخصصها به بل لابد من قرينة واضحة تدل علي التخصيص

 قلت نحن ايضا نقول بموجبه و نتکلم علي حسبه و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 287 *»

نقول علي الامام عليه السلام نصب القرائن الحالية و المقالية علي الحکم المناسب للفقيه المستوضح و من هذه الجهة تري علماءنا رضوان الله عليهم يخالفون في الفقه بعض ما قرروا في الاصول من القواعد الاتري صاحب المدارک لايري حجية اجماع الاجماع المنقول و لايعتقد حصول الاجماع المحقق و في بعض المواضع يتمسک بالاجماع کما في مسألة التراوح و ذکر رواية عمار بن موسي الساباطي و هو فطحي و هو لايري العمل بالموثقات و تمسک بها و قال ان المحقق ادعي الاجماع علي صحة العمل بروايات عمار مع انه في اغلب الموارد يرد روايات عمار لکونها موثقة و کذا في الشهرة فانه لايري العمل بها مع انه يتردد في بعض المقامات لاجلها کما قال في موضع, مخالفة الاصحاب مشکلة و القول بغير دليل اشکل و کذلک غيره و لولا ان وراءنا من يسددنا علي ما يحب فاي وجه للجماعة يخالفون قواعدهم المقررة التي اسسوها في اصول الفقه و لايفعله عاقل و لو اردت ان اعدد لک مخالفاتهم في الفقه لقواعدهم في الاصول لطال بنا الکلام مع ما انا عليه من استيلاء الضعف و المرض فمن تتبع کتبهم ادني تتبع وجد ما اقول واضحاً صريحاً فالامام عليه السلام هو الذي يسدد و يؤيد بنصب القرائن و ايضاح الدلايل بحيث لايبقي للفقيه تأمل فيقول به و ان کان يخالف قاعدته.

و الروايات في‌ان الامام عليه السلام هو الذي يعرف الحق و الباطل و يميز بين الخطأ و الصواب اما ظاهراً مشهوراً او خائفاً مغموراً اکثر من ان‌تحصي فمنها ما رواها الصدوق (ره) عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج  قال قلت لابي‌عبدالله عليه السلام تبقي الارض بلاعالم حتي ظاهر يفزع اليه الناس في حلالهم و حرامهم فقال لي اذا لايعبد الله يا ابا يوسف و منها ما رواه في الصحيح عن ابن‌مسکان عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال ان الله لايدع الارض الا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان فاذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم فاذا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 288 *»

 نقصوا اکمله لهم فقالوا خذوه کاملاً و لولا ذلک لالتبس علي المؤمنين امرهم و لم‌يفرق بين الحق و الباطل و منها ما رواه ايضاً عن ابي‌عبدالله عليه السلام ان جبرئيل نزل علي محمد صلي الله عليه و آله يخبر عن ربه عزوجل فقال له يا محمد لم‌اترک الارض الا و فيها عالم يعرف طاعتي و هداي و يکون نجاة في ما بين قبض النبي الي خروج النبي الآخر و لم‌اکن اترک ابليس ليضل الناس و ليس في الارض حجة داع الي و هاد الي سبيلي و عارف بامري و اني قدقضيت لکل قوم هادياً اهدي به السعداء و يکون حجة علي الاشقياء و منها ما رواه عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال الارض لاتکون الا و فيها عالم يصلحهم و لايصلح الناس الا ذلک و منها ما رواه عن اسحاق بن عمار عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 289 *»

 عالم کلما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا شيئاً تممه لهم و منها ما رواه عن اسحاق بن عمار عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال ان الارض لاتخلو من ان‌يکون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها و اذا جاؤوا بنقصان اکمله لهم فلولا ذلک اختلط علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن ابي‌حمزة قال قال ابوعبدالله عليه السلام لن‌تبقي الارض الا و فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قدزادوا و اذا نقصوا منه قال قدنقصوا و اذا جاؤوا به صدقهم و لو لم‌يکن کذلک لم‌يعرف الحق من الباطل و منها ما رواه عن ابي‌حمزة الثمالي عن ابي‌جعفر عليه السلام قال ان الارض لاتبقي الا و منا فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس قال قدزادوا و اذا نقصوا منه قال قدنقصوا و لولا ان ذلک کذلک لم‌يعرف الحق من الباطل و منها ما رواه عن محمد بن مسلم عن ابي‌جعفر عليه السلام قال ان الله لم‌يدع الارض الا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان من دين الله عزوجل فاذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اکمله لهم و لولا ذلک لالتبس علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن اسحاق بن عمار قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ان الارض لن‌تخلو الا و فيها عالم کل ما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اکمله لهم فقال خذوه کاملاً و لولا ذلک لالتبس علي المؤمنين امورهم و لم‌يفرقوا بين الحق و الباطل و منها ما رواه عن يونس عن اسحاق بن عمار عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کل ما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا شيئاً اتمه لهم و منها ما رواه عن ثعلبة بن ميمون عن اسحاق بن عمار قال قال ابوعبدالله عليه السلام ان الارض لاتخلو من ان‌تکون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها و اذا جاؤوا بنقصان اکمله لهم و لولا ذلک لاختلط علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن ابي‌حمزة‌الثمالي قال قال ابوعبدالله عليه السلام لن‌تبقي الارض الا و فيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قدزادوا و اذا نقصوا قال قدنقصوا و اذا جاؤوا به صدقهم و لو لم‌يکن کذلک لم‌يعرف الحق من الباطل و منها ما رواه عن اسحاق بن عمار قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کل ما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اکمله لهم فقال خذوه کاملاً و لولا ذلک لالتبس علي المؤمنين (المسلمين خ‌ ل) امورهم و لم‌يفرقوا بين الحق و الباطل و منها ما رواه عنه عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کل ما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا شيئاً تممه لهم و منها ما رواه عنه قال قال ابوعبدالله عليه السلام ان الارض لاتخلو من ان‌يکون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها و اذا جاؤوا بالنقصان اکمله لهم و لولا ذلک لاختلط علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن ابي‌حمزة الثمالي قال قال ابوعبدالله عليه السلام لم‌تبق الارض الا و فيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قدزادوا و اذا نقصوا قال قدنقصوا و اذا جاؤوا به صدقهم و لو لم‌يکن کذلک لم‌يعرف الحق من الباطل و منها ما رواه عن عبدالاعلي مولي آل سام عن ابي‌جعفر عليه السلام قال قدسمعته يقول ماترک الله الارض بغير عالم ينقص مازاد الناس و يزيد ما

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 290 *»

 نقصوا و لولا ذلک لاختلط علي الناس امورهم و منها ما رواه عن النبي صلي الله عليه و آله ان لکل بدعة من بعدي يکاد به الايمان ولياً من اهل بيتي موکلاً يذهب عنه و يعلن الحق و يرد کيد الکايدين و منها ما رواه عن اميرالمؤمنين عليه السلام في عدة طرق اللهم انک لاتخلي الارض من قائم و حجة اما ظاهر مشهور او خائف مغمور لئلاتبطل حججک و بيناتک و في بعضها اللهم لابد لارضک من حجة لک علي خلقک يهديهم الي دينک و يعلمهم علمک لئلاتبطل حجتک و لايضل متبع اوليائک بعد اذ هديتم به اما ظاهر ليس بمطاع او مکتتم مترقب ان غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فان علمه و آدابه في قلوب المؤمنين مثبتة و هم بها عاملون و منها ما في تفسير قوله تعالي انما انت منذر و لکل قوم هاد و في عدة روايات ان المنذر هو رسول الله صلي الله عليه و آله و في کل زمان امام منا يهديهم الي ما جاء به النبي صلي الله عليه و آله و في بعضها والله ماذهبت منا و مازالت فينا الي الساعة و منها ما روي عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال و لم‌تخلو الارض منذ خلق الله آدم من حجة له فيها اما ظاهر مشهور او غائب مستور و لم‌تخلو الارض من حجة الي ان‌تقوم الساعة و لولا ذلک لم‌يعبد الله قيل کيف ينتفع الناس بالغائب المستور قال کماينتفعون بالشمس اذا سترها الحجاب و منها ما عن حجة القائم عجل الله فرجه و سهل مخرجه و اما وجه الانتفاع بي في غيبتي فکالانتفاع بالشمس اذا غيبها عن الانظارالسحاب و اني لامان لاهل الارض کما ان النجوم امان لاهل السماء و منها ما في التوقيع الي المفيد (ره) الي ان قال عليه السلام انا غير مهملين لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء و منها ما عن اميرالمؤمنين عليه السلام علي ما في نهج البلاغة اين يتاه بکم و فيکم عترة نبيکم ام اين تذهبون و رايات الحق منصوبة و اعلام الهداية واضحة.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 291 *»

هذا ما حضرني من الاخبار في تصرف الامام عليه السلام في الغيبة و الحضور و غيرها مما لم‌نذکر اکثر من ان‌تحصي يجدها المتتبع في کلماتهم و الناظر في احاديثهم و آثارهم فمن نظر بعين الاعتبار و جاس خلال تلک الديار لم‌يبق له شک و لا غبار في انه عليه السلام متصرف في جميع الامصار و في جميع الاعصار لکل واحد واحد من الابرار بل و الاشرار و هو قوله عزوجل کلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظوراً فالامام عليه السلام هو حامل العطاء للفريقين کمايشهد به قوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب و هذا و ان کان في النبي سليمان عليه السلام الا انهم عليهم السلام سبقوه و غيره في کل خير و کمال كما في الزيارة الجامعة ان ذکر الخير کنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأواه و منتهاه و فيها و اشهد ان الحق لکم و معکم و فيکم و منکم و اليکم و انتم اهله و معدنه و مأواه و منتهاه قال تعالي فماذا بعد الحق الا الضلال فاني تصرفون فافهم.

و اما تخصيص تسديده عليه السلام بالنسبة الي کافة المؤمنين باجمعهم دون فرد فرد فدعوي بلا بينة مع ان قوله عليه السلام کيما ان زاد المؤمنون ردهم يأبي عن ذلک فان المؤمنين جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي الشامل علي کل فرد فرد لا المجموع من حيث المجموع فانه اذا قيل اکرم العلماء لايراد به اکرام الجميع من حيث هو هو کما هو الظاهر المعلوم بل يراد اکرام کل فرد فرد کذلک في قوله زاد المؤمنون ردهم فيکون تسديده لکل فرد من المؤمنين جارياً و خذلانه لکل فرد من المنافقين ثابتاً فان تسديده لطف فهو اما واجب عليه او مستحب له فان کان الاول فهو لايخل بالواجب و ان کان الثاني فهو لايخل بالمندوب و لايترک الراجح مع انهم الهداة لکل قوم و الهداية منصبهم و الارشاد طريقتهم فلايترکون ما بعثوا لاجله و لايدعون الخلق عن الحق يتيهون و لا عن الصواب يعمهون اذا سلکوا مسلکهم و طلبوا هدايتهم و رغبوا الي ما

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 292 *»

عندهم فان لهم مع کل ولي اذن سامعة کما قالوا عليهم السلام و في الحديث ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل عن مسألة الا و نفثنا في روعه جواباً لتلک المسألة.

و اما وقوع الحيرة في زمن الغيبة فحاشا عن وقوعها لان الله اجل من ذلک و ما ورد التعبير في بعض الروايات بها فالمراد کثرة الاختلاف و وقوع الفتن و توارد الحوادث مع عدم امام ظاهر يلجأ اليه ظاهراً و اما من طلبه علي الوجه المقرر و النهج المحرر فيجده والله عند ظن کل امرء فافهم و علي من يفهم الکلام السلام.

و قدذکر المولي الماهر الاکمل الکامل الآقا محمدباقر بن محمدتقي اکمل کلاماً موافقاً لما اقول و ان کان في مبحث الاجماع لکن کلامه يصلح للعموم قال (ره) في رسالة الاجماع و اعلم انه تأمل بعض في الاجماع الذي نقله الشيخ و اعتذر بان الشيخ يعتقد حجية الاجماع بوجه فاسد و هو انه اذا اتفق جميع الفقهاء و کان خطاء يجب علي الامام عليه السلام ان‌يظهر و يبين الحق بنفسه او بغيره اذ يرد عليهم منع دليل علي ذلک مع امکان ان‌يکون عدم اظهاره للتقية او مصلحة مع ان الشيخ لايقول بانه يجب علي الامام عليه السلام ان‌يعرف نفسه فامکن ان‌يقال لو کان حديث علي خلاف ما اجمعوا عليه او مجتهد قائل بخلافه يکفي اذ لا فرق ظاهراً بين ذلک و بين ان‌يظهر نفسه و ايضاً نري خلافات کثيرة لم‌يظهر الامام عليه السلام و لم‌يبين الحق فيها. اقول و ساق الکلام الي ان قال (ره) ان ما ذکره الشيخ هو المستفاد من الاخبار المتواترة الدالة علي ان الزمان لايخلو عن حجة لهداية الناس و رد اضلال المضلين و انتحال المبطلين بل هواجماعي الشيعة بل و من ضروريات مذهبهم و النزاع في ذلك بينهم و بين العامة مشهور معروف و استدلالاتهم  بالنقل و العقل في کتبهم الکلامية ظاهر مع انه لا نزاع في کون

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 293 *»

تقرير الامام عليه السلام حجة فاذا کان تقريرهم قيل بالنسبة الي شخص واحد حجة فکيف لايکون حجة بالنسبة الي جميع الامة او الشيعة و خصوصا يرونهم يفتون و الي الشرع ينسبون و الايراد علي ما ذکره الشيخ (ره) و علي ادلته بما مر بانه يمکن ان‌يکون عدم الاظهار لمصلحة او تقية او غير ذلک مما ذکر لعله عين ما ذکره العامة في الرد علي الشيعة و الطعن عليهم في قولهم بان الزمان لايخلو من حجة و في استدلالهم علي ذلک بان المصلحة ربما اقتضت خلو الزمان عن الحجة الي آخر ما ذکر و في الحقيقة هذه الايرادات تهدم بنيان مذهب الشيعة في ان الزمان لايخلو عن الحجة و يصحح مذهب العامة لا انها تضر باجماع الشيخ و طريقته فيه فقط بل و ربما يهدم بنيان کون التقرير حجة ايضاً علي انا نقول اذا لم‌يظهر الامام الخلاف من جهة المصلحة فلاجرم يکون راضياً بما اتفقوا عليه و ان کان من جهة المصلحة بمقتضي ادلة الشيخ و الامامية و مقتضي کون التقرير حجة و غير ذلک فلاجرم يکون حکم الله تعالي في شأنهم هو ما اتفقوا عليه الي ان‌يتغير بمصلحة فيظهر خلافه و حکم الله تعالي يختلف بحسب المصالح فتأمل.

و اما التقية فمعلوم انهم عليهم السلام اظهروها غاية الاظهار کاللعن علي الثلاثة و من تابعهم و المطاعن الشديدة و حکمهم بکفرهم و نفاقهم و غير ذلک مما لايحصي و اي شيء بقي بعد ذلک مع انه لاوجه للتقية عن فقهاء الشيعة سيما عن جميعهم و اذا کان التقية عن غيرهم فحکمه حکم المصلحة و قدعرفت و ساق الکلام الي ان قال (ره) و اما الخلاف بين الفقهاء فکل فقيه لايکون قاصراً و لا مقصراً مثل فقهاء الشيعة فلاشک في انه بعد استفراغ وسعه يکون الامام عليه السلام راضياً بما ادي اليه اجتهاده بالقياس الي نفسه و مقلديه لا بالقياس الي من ادي اليه اجتهاده الي خلافه او الي التوقف فيه او لم‌يجتهد بعد فيه و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 294 *»

ليس بمقلد فيکون راضياً به غير راض به بخلاف المتفق عليه فليس فيه عدم الرضا اصلاً و لم‌يظهر منه غير الرضاء به مطلقاً فيکون الحکم کذلک الي ان يظهر الامام عليه السلام خلاف ذلک کما اشرنا انتهي کلامه و هذا الکلام کما يجري في الاجماع و المجمعين کذلک يجري في کل فرد من المؤمنين المجتهدين اذ بعد القول بالتصرف في زمان الغيبة فاثباته في مقام و نفيه في آخر قول بلابينة و دعوي بلادليل.

و قدسلک ايضاً بهذا المسلک السيد السند السيد مهدي الطباطبايي (ره) في فوائده قال و ثانيهما حصول العلم بقوله للعلم باتفاق غيره من علماء الطائفة و فيه مسلکان الاول استفادة الموافقة من عدم الرد و فيه وجهان:

الاول البناء علي قاعدة اللطف التي لاجلها وجب علي الله نصب الامام فانها تقتضي ردهم لو اتفقوا علي الباطل فانه من اعظم الالطاف فان امتنع حصوله بالطرق الظاهرة فبالاسباب و حيث انتفي الرد مطلقاً علم موافقته لما اجمعوا عليه فيکون حجة و حجيته و ان کانت متوقفة علي وجوب الرد لکن وجوب الردد لايتوقف علي حجيته فلايلزم الدور کما ظن و لايرد علي ذلک ثبوت الحيرة في زمن الغيبة لان وقوع الجميع فيها و شمولها الکل في الحکم الواحد غير مقطوع به و لا نقص الا بامر بين علي ان الرد عن الباطل لايستلزم رفع الحيرة اذ مع التردد و الاشتباه يحصل التخلص بالتوقف في الحکم و الاحتياط في العمل بخلاف ما لو اتفقوا علي الباطل و هذه الطريقة قدسلکها الشيخ في العدة و رأي ان العلم باجماع الطائفة لايحصل الا بها و اختارها جماعة منهم الکليني (ره) في ظاهر الکافي و وافقها المرتضي في الذريعة و احتمل اختصاص اللطف

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 295 *»

المذکور بزمان الحضور قال و اذا کنا نحن السبب في غيبته فقدکان اتينا من قبلنا لا من قبله و في العدة ان هذا هو الذي ذهب اليه المرتضي آخراً و يفهم منه ارتضاؤه لها اولاً و قدينتصر بها بان وجود الامام في زمن الغيبة لطف قطعاً فيثبت فيه کل ما امکن لوجود المقتضي و انتفاء المانع و ان هذا اللطف قدثبت وجوبه قبل الغيبة فيبقي بعدها بمقتضي الاصل و ان النقل المتواتر قددل علي بقائه ثم اورد بعض ما اوردناه من الروايات المتقدمة ثم قال و الاخبار في هذا المعني اکثر من ان‌تحصي و مقتضاه تحقق الرد عن الباطل و الهداية الي الحق من الامام في زمن الغيبة و المراد حصولهما  بالاسباب الخفية کما يشعر به حديث السحاب دون الظاهرة فانها منتفية بالضرورة و لاينافي ذلک تضمن بعضها الاعلان بالحق فانه من باب الاسناد الي السبب و الاحتجاج مبني علي ان المراد حصول الرد و الارشاد قبل الاتفاق و الا لکانت خلاف المطلوب و کان الاکثر حملوها علي بيان الالطاف التي من اجلها وجب نصب الامام و ان تخلفت عنه في زمن الغيبة لوجود المانع و صراحة بعضها في التحقيق مع وضوح الدلالة في الباقي يأبي ذلک.

الثاني دلالة التقرير و الامساک عن النکير علي اصابة المجمعين فان تقرير المعصوم عليه السلام حجة في فعل الواحد فکيف بالجمع الکثير و الجم الغفير و لايمنع منه الغيبة مع العلم بالحال و التمکن من الرد فانه و ان غاب عنا الا انه بين اظهرنا نراه و يرانا و نلقاه و يلقانا و ان کنا لانعرفه بعينه فانه يعرفنا و يرعانا و يطلع علي احوالنا و تعرض عليه اعمالنا و لايلزم من ذلک وجوب الانکار مع الاختلاف لوجوده من المحقق و لاوجوبه في شأن العصاة لجواز الاکتفاء بوضوح الحق و لا وجوب الانکار علي المستتر بالمعصية حال الظهور لانه انما يلزم لو انحصر الوجه في السبب الخفي کحديث عرض العمل و هذا الوجه قداعتمده بعض المتأخرين و يحتمله کلام ابي‌الصلاح و هو مبني علي وجوب التنبيه علي الخطأ مطلقاً او مع العلم

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 296 *»

دون الظن و لو خص بالامام لما‌يلزمه من وجوب الهداية عاد الي قاعدة اللطف انتهي کلامه رفع في الخلد اعلامه.

و هو کما تري صريح في ان التقرير بعدم الرد و الردع و الامساک عن النکير واقع و حاصل في زمان الغيبة فاذا جوزنا وقوعه للادلة العقلية و الشواهد النقلية فلافرق حينئذ بين الواحد و الکل لان لطفه و حمايته و رعايته شاملة للجميع و حاشاه ان‌يراعي الکل و يهمل البعض فان ذلک ليس من دأب الکاملين فضلا عن الامام عليه السلام المبعوث لهداية الخلق اجمعين ممن يقبل منه الهداية و لايعرض عنه و قدنص الله تعالي عليه في قوله تعالي لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤف رحيم امن الرأفة و الرحمة ان يدع المؤمنين في الشدة و الحيرة مع قدرته علي استنقاذهم منها بنفسه او بدله صلي الله عليه و آله اما يعز عليه هذا العنت الشديد و قدقال تعالي و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤک فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً فلا و ربک لايؤمنون حتي‌يحکموک فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً فکيف يتصور ان الله سبحانه يجعل حکماً للخلق ليرجعوا اليه عند التشاجر و التنازع ثم يرفعه عنهم و يهملهم و يترکهم حياري فلايجدون حاکماً و لايلقون هادياً مرشداً و تأبي عن ذلک حکمة الله سبحانه و رأفته و رحمته و قدرته و قيوميته و عزته و غناه و لايشترط في الحکم المشاهدة بل يکفي التقرير او الرد او الردع بالاسباب الظاهرية او الخفية و هذا الحکم ليس خاصاً بطائفة دون آخرين بل يعم جميع المؤمنين من في شرق الارض و غربها فکل مرغبة (فکل من ينبه خ ل) للحق و طلبه فلابد من ان‌يجد ما هو حکمه عن الله تعالي لقوله عزوجل و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و ان الله لمع المحسنين و انما جمع السبل لاختلاف الاحکام حسب اقتضاء کينونات المکلفين و احوالهم و صفاتهم فکل احد اذا بذل مجهوده و استفرغ وسعه فلابد ان‌يناله بهداية الله سبحانه اياه اليه بهؤلاء الائمة سلام الله عليهم دون غيرهم

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 297 *»

لانهم باب الله و خزان امره و نهيه و ارشاده و في الزيارة الجامعة من اراد الله بدأ بکم و من وحده قبل عنکم و من قصده توجه بکم الزيارة فهم عليهم السلام المؤدون عن الله سبحانه جميع ما اراد من خلقه اما علي وجه الظهور و البروز او علي جهة الخفاء و الاستتار فکل احد يأخذ حقه و حکمه اذا طلبه من الوجه الذي هم امروا به و الا فيأخذ اضداده و عکوسه و تلک تلک حينئذ حکمة من الله تعالي کماقال عزوجل فمن يرد الله ان‌يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان‌يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً کأنما يصعد في السماء کذلک يجعل الله الرجس علي الذين لايؤمنون و هذا صراط ربک مستقيماً قد فصلنا الآيات لقوم يذکرون و الامام عليه السلام هو علة السعادة و الشقاوة و اليه ترجع احکامهما فاذن فما طلبه المجتهد المستوضح المستفرغ وسعه الباذل مجهوده فهو حکم الله سبحانه حقيقة اما في الواقع الاولي او الثانوي بحيث لو شافه الامام عليه السلام و واجهه و الحال هذه مارد (مازاد خ ل) عنه قطعاً يقيناً و هو حکم الله سبحانه الذي نزل به الروح الامين عن الله سبحانه علي نبيه و اودع النبي صلي الله عليه و آله عند وصيه صلي الله عليهما ليظهره في کل وقت و زمان علي ما امره الله سبحانه و نقش في صحيفة الامام عليه السلام في کل عصر و اوان و هو حکم الله يقيناً بتقرير من الامام عليه السلام و عدم رده و ردعه فالامر معلوم و الحکم مقطوع به فاين الظن الذي به يصولون و في ميدان المکابرة يجولون و عنه يقولون و عليه يعولون ان هم الا يظنون و قدظهر الامام عليه السلام الامر بعون الله تعالي کالنور علي الطور و من لم‌يجعل الله له نوراً فما له من نور و الله المستعان.

ثم اني اقول ان ما تلوکه السنتهم و تقوله افواههم من ان باب العلم کان مفتوحاً في زمن الحضور للمشافهين الحاضرين و لماحصلت الغيبة انسد باب العلم و انفتح باب الظن لست ادري ما يريدون بمتعلق العلم او الظن هل هو العلم بالاحکام الواقعية الاولية التي تقتضيه الکينونة الاولي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 298 *»

العليا ام العلم بالاحکام الثانوية التي تقتضيه الکينونة الثانية فان کان الاول اي العلم بالاحکام الواقعية الاولية فذلک الباب قدانسد لمااهبط آدم و حوا الي الارض و قتل قابيل هابيل و وقعت الفتنة و ظهر الفساد و شاعت المعاصي و برزت القبايح و حصل الخلط و اللطخ بين الطينتين و فقد التميز من البين فسد الله سبحانه باب العلم بها اذ لم‌تکن المصلحة في ابرازها و اظهارها الا نادراً و لذا وقع النسخ في الشرايع و ظهر الاختلاف في الاحکام و تغير امر الحلال و الحرام فصار الشيء حلالاً في وقت بالنسبة الي شخص او اشخاص ثم انقلب و صار حراماً و هکذا ساير الامور و الاوضاع کلها تجري علي هذا المنوال فاذا حکم النبي او الامام صلي الله عليهما و آلهما بحکم لم‌يحصل القطع بان هذا هو الذي ثابت لم‌يتغير و لم‌يتبدل نعم کان عندهم القطع بان هذا هو حکم الله في حقهم فاذا تغير و اختلف کانوا يعدلون من حق الي حق و من خير الي خير و من حکم الله تعالي الي حکم الله فان کان مرادهم بسد باب العلم بالاحکام الشرعية الاولية هذا فذلک الباب ما انفتح ابداً في هذه الدنيا وتبقي مسدودة الي ان يظهر القائم عجل الله فرجه و سهل مخرجه لامور يطول الکلام بذکرها و قدشرحناها و فصلناها في سائر رسائلنا و مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل و ان کان مرادهم بالاحکام الثانوية فهي ما انسدت مذ  فتحت و لايسدها ايضاً الا مولانا و سيدنا الامام المنتظر عجل الله فرجه و جعلني الله فداه و عليه و علي آبائه افضل التحية و السلام مع انهم يقولون انا نعمل بالقطع و اليقين علي ان هذا هو حکم الله في حقي فاذا حصل لهم العلم و اليقين فاي شيء انسد عليهم الا ان‌يقولوا ان هذا ليس بحکم الله تعالي و انه تعالي ما اراد لعباده و ان الامام عليه السلام لو کان متمکناً بالمشاهدة ماکان يرضي لهم بهذا الحکم و انه ليس بعالم بذلک الحکم المخصوص او ليس بقادر علي الرد و المنع او انه ترکهم سدي مهملين مادامت الغيبة و هم نظروا الي الکتاب و السنة مع کمال

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 299 *»

الاضطرار اما الکتاب فانه لفظ و لايحصل القطع الا بنفي عشر مقدمات کلها ظنية اي نفيها ظني کاصل عدم المجاز و عدم التخصيص و عدم الاضمار و عدم النقل و عدم الاشتراک و هکذا و امثالها و مع ذلک مشتمل علي وجوه و معاني کثيرة و بطون و تأويلات و اشارات و تلويحات و تصريحات و کنايات و استعارات و تشبيهات و فحوي الخطاب و لحن الخطاب و دليل الخطاب و الخطاب من قبيل اياک اعني و اسمعي ياجارة و غيرها من امثالها فاني يحصل العلم مع هذه الامور بان المراد ليس الا هذا حتي ذهب جماعة من اهل العلم الي ان القرآن ليس بحجة و کله متشابه يتوقف علمه علي بيان الامام المعصوم عليه السلام و اما الاحاديث ففيها الوجوه و زيادة السند و الطرق الموصلة الي الامام عليه السلام و الاحتمالات الجارية عليه من کذب و وضع و دس (و مسق كذا) و لم‌نعلم و امثال ذلک مما سطروه في مبحث حجية الظن و مبحث الاجتهاد و التقليد و لانطول الکلام بذکرها.

ثم انهم لما رأوا ان الاجماع قام علي بقاء التکليف و رأوا ان العلم بالمکلف به مع غيبة الامام عليه السلام و شيوع هذه الاضطرابات و الاختلافات في الکتاب و السنة حتي ان کل فرقة يتمسک بهما في حقية مذهبهم لايحصل فالتکليف به و الحال هذه تکليف بما لايطاق و سقوط التکليف بالمرة مخالف لاجماع المسلمين و مستلزم للخروج من الدين فالتجأوا الي المرجحات الظنية فاذا قوي الظن و لم‌يجدوا اقوي منه وقفوا  عنده و قالوا ان هذه غاية الوسع فوجب ان‌لايريد الله سبحانه منا ازيد من هذا فحتموا علي الله بالقبول فامضي الله حتمهم مع عدم رضاه به و عدم جريه لهم في الحقيقة و انما صار هذا حکمهم من باب اکل الجيفة عند الاضطرار فالحکم في الواقعي الاولي او الثانوي خطاء محض و باطل صرف الا انه سبحانه اجري لهم ذلک حيث کان ذلک غاية ادراکهم و مبلغ علمهم و رووا  في ذلک رواية رواها عمرو بن العاص لتصحيح اجتهاد الخلفاء و حرب معاوية مع

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 300 *»

اميرالمؤمنين عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و آله ان المجتهد اذا اصاب فله اجران و ان اخطأ فله اجر واحد فيکون حاصل الکلام في الحکمين ان الحکم الواقعي هو الذي يدرکه عند مواجهة الامام عليه السلام مواجهة ظاهرية او ما دل عليه الدليل القطعي و ان کان مختلفاً متغيراً متعدداً و الحکم الثانوي الظاهري هو الحکم الذي يحصله المجتهد بظنه بعد استفراغ وسعه و هو ليس بحکم الامام عليه السلام الا من باب الرضا الجاءً حيث لم‌يجدوا ملجأً الي غير هذا بحيث لو تمکن  من اعلامهم لماکان هذا حکمهم و انما کان ذلک من باب الالجاء و الضرورة و هذا القول لايصح علي اصول الامامية و لايجتمع  مع مذهب الاثني‌عشرية لانه انما يصح اذا قلنا بان الامام عليه السلام لم‌يتصرف في زمن الغيبة و الخلق ليس لهم راع يرعاهم و لا سائس يسيسهم فوجوده في ايصال الاحکام الشرعية و عدمه سواء فان الامر فيها موکول الي ظنونهم الکاذبة و ارائهم الفاسدة و احلامهم الکاسدة فلافرق علي هذا القول بين الشيعة و العامة في تجويزهم خلو الارض من الحجة فان الفريقين مستغنيين عنه عليه السلام في الاحکام الشرعية و ان کان الله ببرکته يقيم هذا الخلق عن الاضمحلال و الدثور و اما الاحکام الشرعية فلا.

و قدسمعت من بعض من يدعي انه من اکابر المجتهدين و الناس کانوا يصدقونه في دعواه و هو علي المنبر في مجلس الدرس سمعت باذني و الا صمتا يقول لولا الاحکام الشرعية ما احتجنا الي نبي و لا امام فان العقليات لايجوز التقليد فيها و الکون يقيمه الله و لايحتاج الي احد نعم في الشرعيات حيث ان العقول لاتصل الي دقائقها احتجنا الي الامام عليه السلام و هو ايضاً ممن يقول بسد باب العلم و فتح باب الظن المطلق فعلي مذهبه لافرق بين الشيعة و العامة في جواز خلو الارض من الحجة فان الحجة للاظهار و البيان و الا فاي فايدة فيه و انا لعمري متحير في جواب

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 301 *»

ترهاتهم و الکلام علي شبهاتهم فالسکوت اولي و الاعراض احسن.

و قدبينا سابقاً وجوب تصرف الامام عليه السلام و انه هو الناظر في رعيته و الحامي لهم عن الزيادة و النقصان و عن الوقوع في الحيرة و الاختلاف و الحافظ لهذا الدين عن تحريف الغالين و انتحال المبطلين و لايعجزه عن الهداية شيء و لايعيقه عن الارشاد احد و هو الحجة البالغة و قدقال تعالي لمانصب اميرالمؤمنين عليه السلام للخلافة و ابان امره للناس اليوم يئس الذين کفروا من دينکم فلاتخشوهم و اخشون اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام ديناً الاية فاذا کان الکفار قديئسوا من ديننا بنصب امام حافظ و ولي ناصح فلايضرنا حينئذ الاختلافات الواقعة في الکتاب و السنة من الامور التي ذکروها فانهما من دون حافظ مبين لايکفيان لقدکذب من قال حسبنا کتاب الله و کذب ايضاً من قال حسبنا الکتاب و السنة عن الائمة الماضين سلام الله عليهم فلانحتاج الي الامام الحي الحاضر للارشاد و التبيين بل الکتاب و العترة مقرونان لن‌يفترقا حتي‌يردا علي الحوض فيؤول اتصال الي اتصال و يظهر کل منهما علي الصورة الحقيقية علي احسن الاحوال فاذا کان الکتاب و العترة لايفترقان و يجب وجود الامام عليه السلام فلايبالي بدس الداسين و وضع المفترين و تحريف المبطلين و تغيير الضالين و ان الامام عليه السلام يرد عن الزيادة و النقصان و يبين الصلاح من الفساد و يعرف الحق من الضلال و يصفي کلام آبائه و حکمه عن شبهات اهل الجدال و قدنص الله سبحانه في کتابه بقوله و ماارسلنا من قبلک من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحکم الله آياته و الله عليم حکيم و في بعض الروايات و ما ارسلنا من رسول و لا نبي و لا محدث الا اذا تمني القي الشيطان الآية و المحدث هو الامام عليه السلام يقيناً و تمني بمعني قرأ و القاء الشيطان الاحتمالات الباطلة و التغييرات الحاصلة و نسخها و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 302 *»

ابطالها بنصب القرائن و ايضاح الدلايل بالحجة علي الخلق و الحافظ لهذا الدين و هو المعصوم عليه السلام فاذن فکل ما ذکروا من الامور المانعة عن العلم انما يجري اذا لم‌يوجد الامام القادر العالم او انه لم‌يتصرف فاذا وجد و تصرف کما سمعت منا و من الفاضلين اللذين ذکرت کلامهما و ما اوردنا من الروايات المستفيضة بل المتواترة معني و ان ذلک مقتضي حکمة الحکيم و بلاغ الحجة و اکمال الدين و اتمام النعمة فهو عليه السلام يبينها و يوضحها و يوصلها الينا صافية نقية و يهدي الکل الي حکمه اللائق به و علي مقتضي کينونته و حقيقته فالکل علي بصيرة و يقين في حکم الله تبارک و تعالي الا ان منهم  من حيث يشعرون و منهم من حيث لايشعرون و علي الله قصد السبيل.

فظهر لک من هذا البيان التام ان التقرير في هذا الزمان هو العمدة في استنباط الحلال و الحرام و استيضاح الاحکام من امناء الملک العلام و انه يجري لکل فقيه مستوضح عالم بطرق الاستيضاح بصير بمواقع جهات الاستنباط في الاجماع و الاختلاف و في کل حال هو المحفوظ بعين الله التي لاتنام و المستمد برکنه الذي لايرام و ما ربک بغافل عما تعملون و الاخباري ان ادعي العلم علي وفق ما ذکرنا و شرحنا فقد اصاب الحق و نطق بالصواب و الا فقد خبط خبط عشواء و المجتهد ان انکر ما ذکرنا فما الذي يبقي له من الطريق الالهي في وجه الاستنباط الا ان الکل اذا سلکوا سبيل ربهم ذللاً يمدون و يوقفون علي ما هو تکليفهم من عند الله سبحانه بالراعي الذي استرعاه الله امر غنمه فان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم و الکل بمرأي و مسمع فهو صلوات الله عليه صاحب المرأي و المسمع فهم في العمل مصيبون احکامهم الظاهرية و ان اخطأوا في العلم و لذا تراهم يخالفون قواعدهم في کثير من المواضع و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال و في ما ذکرنا کفاية لاولي الدراية و قداحببت ان‌ابسط الکلام في هذا المقام ولکني في وقت قدمد

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 303 *»

الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعا الغي اتباعه فلبوه من کل جانب و مکان فلايستطيعون صبرا علي الحق الصريح و البيان التام الصحيح فاکتفيت بالاشارة لاهلها و اشرت الي نمط الاستدلال و اوضحت السبيل و دللت علي ما کان مختفياً علي اصحاب القال و القيل و علي الله قصد السبيل و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم.

و قدفرغ من تسويدها مؤلفها في عصر يوم الخميس الخامس‌عشر (الحادي‌عشر خ‌ ل) من شهر صفر من شهور سنة 1246 (حامداً مصلياً مسلماً مستغفراً.