08-08 جواهر الحکم المجلد الثامن ـ رسالة في جواب السيد مقيم القزويني ـ مقابله

رسالة فی جواب السید مقیم القزوینی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 427 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي اللّه علي خير خلقه محمد و اله الطاهرين و لعنة اللّه علي اعدائهم اجمعين.

اما بعــد؛ فيقول العبد الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان السيد الجليل و السند النبيل ذا الفضل العظيم و الخلق الكريم جناب السيد مقيم بن السيد  القزويني ايده الله لمايحب و يرضي بمحمد و آله امناء الله العليم الحكيم عليهم افضل الصلوات و اكمل التحيات من الله الحي القديم قداتي بمسائل عويصة قدتاهت دونها علي سبيل الحقيقة اكثر الافهام و ذلك حين مسافرتي الي مشهد مولينا الرضا عليه آلاف التحية و الثناء و في مثل تلك الحال لايكون للقلب اقبال لتوارد الاختلال و تبلبله بمعاناة الحل و الارتحال و مع‏ذلك ماوسعني الاّ اجابته لانه ممن تجب رعايته فاتيت بمايحضرني في الحال مع تبلبل البال و اغتشاش الاحوال لان ذلك هو الميسور و لايسقط بالمعسور و الي الله ترجع الامور.

قــال سلمه الله تعالي: التمس منكم مولينا و سيدنا فخر العلماء الاولين الماضين و الغابرين اللاحقين ان تبين لعبدكم الضعيف في ان كمافي الدنيا لتولد بني آدم و سائر الحيوانات مبدء و منتهي اين مبدأ تولد اهل الآخرة و متي منتهاها.

اقــول: ان الله سبحانه الحق القديم لا نهاية له و لا بداية اذ ازله ذاته و ابده ذاته فلايتصور و لايعقل و لايدرك و لايمكن فيه جهة و جهة و حيث و حيث و هو سبحانه كريم فياض وهاب جواد غني ملي و قطع الفيض من غير علة موجبة قبيح من الفياض و فرض العلة الموجبة للقطع غير ذاته تعالي و فيضه و اثر فيضه ممتنع بالضرورة كفرض نفاد فيضه فمابقي الاّ ادامة فيضه و استمرارجوده و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 428 *»

كرمه ابد الابد و دهر السرمد فلايكون له انقطاع و لا له من نفاد و اليه الاشارة في التأويل علي بعض وجوهه بقوله تعالي و ماكنا عن الخلق غافلين و قال اميرالمؤمنين7 كمافي نهج‏البلاغة فان قيل كان فعلي ازلية الوجود و ان قيل موجود فعلي تأويل نفي العدم و حيث كانت معرفته عزوجل انما هي في الخلق لامتناعها في الذات و الاول اوجد الخلق علي كينونة معرفته و هيئة تجليه و صفته فعرف الخلق نفسه بوصفه بماجعل و اظهر فيهم من صفته و قال تنبيهاً و ارشاداً سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و الجمع المضاف يفيد العموم فاذن اري عزوجل كل آياته و صفاته الخلق و من الصفات كونه عزوجل لا نهاية له بدواً و عوداً فوجب اظهار هذا المعني في كينونات الخلق ففعل و له الحمد و المنة الاتري الاعداد خلق من مخلوقاته عزوجل و لاينتهي الي حد بدواً و عوداً و لايكون وراءه شي‏ء منه و ذلك واضح ظاهر لمن كان له قلب او القي السمع و هو شهيد.

فاذا فهمت ذلك عرفت ان فيض الحق عزوجل لا حد له و لا نهاية و ان كان الكل نقطة عند جلال عظمته بل مضمحل تحت سلطان قدرته ولكن لماكان فيضه تعالي و فعله يجب ان‏يجري علي اكمل مايمكن و كان خلق الخلق لاظهار القدرة و حصول المعرفة و لاشك ان بتعدد الاطوار و تكثر العوالم و الانوار و الاسرار تظهر القدرة و الاسماء و الصفات اعظم و اكثر بالنسبة الي ما اذا كان علي طور واحد و نمط غير متعدد و يكون خلقه حينئذ بتكثر العلوم الحاصلة لهم بتعدد(بتعدد النشآت اشرف و اکمل بالنسبة ما اذا کان لهم علم واحد و سر غير متعدد خلق خ ل) النشآت الكثيرة و العوالم العديدة بل الغير المحصورة و جعل لكل عالم و نشأة اقتضاءاً و علماً و رتبة غير ماكان للنشأة الاخری و لماترتب العوالم وحدة و كثرة و غلظة و رقة و تجرداً و مادية و صفاءاً و كدورة ليكون الخلق بذلك جامعاً مملكاً سار بخلقه في تلك العوالم نزولاً و صعوداً و كل عالم خزينة ينزل منها الي خزينة اخري انزل منها في النزول و هو قوله عزوجل و ان من شي‏ء الاّ عندنا خزائنه و ماننزله الاّ بقدر معلوم و في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 429 *»

الصعود يصعد من خزينة سفلي الي خزينة عليا و هكذا الي ان‏يصل الي ما بدأ منه فهناك يسير مستديراً و لا نهاية لذلك السير ابداً و هو قوله عزوجل كمابدأكم تعودون فاذا كان الامر كذلك فماتجد من مبدأ بني‏آدم و ساير الحيوانات من كونها نطفة الي ان‏تصير خلقاً سوياً و منتهاها حال موتها فذلك انما هو مبدأ هذه الخزينة الدنياوية و منتهاها و الاّ فقدكان قبل النطفة في عالم النبات الي ان صار غذاء للاب و قبله كان في عالم الجماد و المعادن حتي انتقل و سافر صعوداً الي النبات و قبله كان في التراب ميتاً و قبله كان في الماء و البخار و قبله كان في السحاب و قبله كان بيد الملائكة و قبله كان في العناصر و قبله كان في الافلاك و قبله كان في الاشباح و قبله كان في المواد و الطبايع و الارواح و قبله كان في الانوار و الاظلة و قبله كان في الاسرار و قبله كان في الحجب و السرادقات و قبله كان في الاسماء و الصفات و رتبة المشتقات المشتقة من المصدر المشتق من الفعل و هناك مقامات و مراتب يقصر اللسان عن بيانها و الجنان عن حملها فالشي‏ء لايزال ينزل من خزينة الي اخري سفلي حتي ينزل الي التراب ثم ينتقل منه صعوداً الي المعدن و ينتقل منه صعوداً الي النبات و ينتقل منه الي صلب الرجل او مكان آخر صالح ثم ينتقل منه صعوداً الي رحم المرأة ثم ينتقل منه صعوداً الي مقام الحيوان ثم ينتقل منه صعوداً الي هذه الدنيا ثم ينتقل من اول ظهوره في هذه الدنيا الي الاطوار و الاوطار من الرضاع و الفطام و الصبي و المراهقة و البلوغ و هو اول انتقاله صعوداً من خزينة عالم الحيوان الي خزينة عالم الانسان ثم يتدرج في الانتقالات الي ان‏ينتقل من عالم الدنيا الي عالم البرزخ بخلع لباس الجسم و الجسد و ذلك الخلع لازالة الاوساخ الكامنة في الجسم اللازمة للادبار المقتضي للاكدار ثم من عالم البرزخ ينتقل بعد النضج و الطبخ التام و الصفاء العام الي القيمة ثم منها اما الي الجنة او الي النار و هو قوله7 انما خلقتم للبقاء و ماخلقتم للفناء و انما تنتقلون من دار الي دار هـ

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 430 *»

و علي مقتضي حكم الدنيا ولادة اهل العقبا فان النطف الطيبة المجتمعة في بحر المزن تحت العرش في اعلي درجات الجنة اول مقام الرضوان ينزل الي شجرة المزن و هي شجرة تحت ذلك البحر و منه اصل الشجرة سدرة المنتهي و شجرة طوبي فتنزل تلك النطفة الي طبقات الجنة و درجاتها صافية طاهرة مطهرة حتي تنزل الي صلب الرجل و رحم المرأة من غير كدورة و لا شوب و لا لطخ فنزلت صافية الي محل صافي فيتولد منها الولد من غير ان‏يخرج من الفرج و لا ان‏يصيبها الم و وجع و لا ان‏تطول المدة بل اذا ارادا ظهرعندهما و تولد من مائهما و يخرج منهما من غير ان‏يجري عليهما ماكان يجري عليهما في الدنيا فيظهر الولد كاملاً عاقلاً فاهماً متمكناً شريفاً لطيفاً في غاية من الحسن و الجمال والكمال و اللطافة و النورانية و ليس فيه خلط من الاعراض و الغرائب حتي يحتاج الي التصفية و التزكية بالموت فان الموت انما هو كسر لان‏يصاغ صيغة لاتحتمل الكسر و الكسر انما هو للغرايب و الاعراض و لاجل التصفية و ليس في الجنة غرابة و كدورة و لايحتاج الي تكليف كمافي الدنيا و انما هو صاف طاهر لايميل الا الي الخير و الرضا لانه ظهر في مقام الصفاء في مقام الصعود لا في مقام الصفاء في مقام النزول و بين المقامين فرق واضح فالاختبار انما هو في الثاني دون الاول فافهم فاذا كان كذلك فلا يطرؤ الموت كمافي هذه الدنيا فلايكون له منتهي كما هنا و انما ينتقل في الاطوار العلوية متصاعداً الي ما لا نهاية له لان فيض الحق سبحانه لايفني و لاتبيد خزائنه و لاينفد ماعنده و ماعندكم ينفد و ما عند الله باق عطاء غير مجذوذ اي غير مقطوع فيسير في مقامات الرضوان ابد الابد اما سمعت ان الارواح الموجودة اي المنتقلة من هذه الدنيا الي البرزخ تموت و تفني عند نفخة الصعق الاّ من شاء الله و هم وجه الله الاربعة عشر اي محمد و آله صلي الله عليه و عليهم اجمعين و هو قوله عزوجل و نفخ في الصور فصعق من في السموات و الارض الاّ من شاء الله و قال الصادق7 نحن الذين شاء الله ان‌لانموت و لانصعق نقلت معني الحديث و ذلك انما هو لصفاء طويتهم و نور حقيقتهم فلا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 431 *»

شوب عندهم فلا موت لانه كسر للصوغ الجديد كماذكرنا غير مرة فاذا كانت البنية قوية محكمة صالحة للبقاء الابدي و باقية علي الاعتدال الحقيقي فلا وجه للموت ابداً و الاّ لم‏يكن الحق سبحانه حكيماً تعالي ربي عن ذلك علواً كبيراً فكذلك الولد المتولد في الجنة لايموت ابداً هذا اذا اردت بالمبدأ و المنتهي المعروفين كمافي الدنيا كماوقع السؤال عنه.

و اما اذا اردت المبدأ و المنتهي الحقيقيين فاعلم ان كل شي‏ء لايخلو منه و كل شي‏ء له مبدأ معين معلوم و ليس له ذكر قبله و سيره في مراتبه ثم عوده الي مبدئه فلايتجاوز عن ذلك ابداً نعم يسير حول مركزه و يتوجه الي وجه علته و هو قوله تعالي في الحديث القدسي حديث الاسرار كلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية مثلاً السراج اذا اشعل(اشتعل خ ل) فانه متحصل و متقوم بالنار فمبدؤه مس النار و هذه الشعلة المتراكمة مراتبها و منتهاها الي مس النار فلايلحق بالنار ابداً فانما يسير في مقام نفسه و كذلك الاشعة مبدؤها نور السراج و تجليه و عوده الي ذلك و هو منتهاه فلايصل الي مقام السراج ابداً و كذلك الموجودات في السلسلة الطولية لها مبادي مختلفة نهاياتها الي تلك المبادي فلايتعداها ابداً و قدذكرت مراتبها في الرسالة البهبهانية في اجوبة مسائل السيد علي البهبهاني ايده الله تعالي فاهل الدنيا يسيرون الي غاياتها و نهاياتها التي خلقوا منها في درجات الجنة او دركات النيران فالرعية لايلحقون الاصول المتبوعين في الجنة و النار فافهم و ليس لي الآن اقبال شرح المراتب كلها و الاشارة كافية لاهلها.

و ما اشتهر ان كل ذي روح و حيوة يتعقبها الموت فعلي فرض تسليم العموم فالمراد بالموت اضمحلال الحي عند الحي القيوم و افتقاره اليه و استمداده منه و كونه في كل حال طرياً يأتيه مدد جديد فينكسر الممكن فيصاغ مع المدد الجديد صيغة اخري فالكسر موت و الصوغ حيوة و لايلزم من ذلك تفكيك الاجزاء و تفريقها كمافي المحسوس و ان كان ذلك ايضاً كذلك الاّ انه سريع لايعدم الحيوة و هذا المعني حاصل لاهل الجنة انفسهم و اولادهم الذين يتولدون في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 432 *»

الجنة لان كل ممكن يحتاج في بقائه و تقومه الي مدد جديد فاذا اتي المدد الجديد يذهب الاول او يصاغ معه صيغة اخري و ذلك معني الموت العام الشامل لكل الموجودات و الذرات.

و اما الموت المعروف المحسوس اي فقدان الشعور و الادراك فان ذلك يذبح في القيمة بين الجنة و النار بعد ماادخل اهل الجنة الجنة و اهل النار النار فيؤتي بالموت علي صورة كبش املح فيذبح فيقال يا اهل الجنة لكم الخلود و يا اهل النار لكم الخلود فاين الموت حينئذ و اين الموت في الاخرة و الله سبحانه يقول و ان الدار الآخرة لهي الحيوان فهناك بقاء مستمر و دوام موجود و محقق فلايقطعه متي و لايسأل متي منتهاها فان الانتهاء بحسب الوقت غير معقول هناك لان الوقت جزء مقوم للشخص فلايفني مع بقاء الشخص و قدقلنا ان الفيض لاينقطع و الاشخاص لاتموت و لاتنعدم كيف و الله سبحانه يقول و من دخله كان آمناً اي دخل مقام الوجود و رتبة الشهود فهو آمن من الاعدام و الافناء لان الله الكريم اجل من ذلك و قدقيل لارسطاطاليس: أربك حكيم؟ قال بلي قيل أمن الحكمة ان‏يخلق الخلق فيعدمهم قال لايعدمهم و انما يكسرهم ليصيغهم صيغة لاتحتمل الكسر.

قــال سلمه الله تعالي: أتكون في الآخرة ولادة ام لا فان كان الاول هل هي كمافي الدنيا من المراتب التي تحصل للولد في الرحم الي ان‏يصل الي غاية الكمال في الرتبة الانسانية ام لا و كيف تكون مراتبها في الآخرة.

اقــول: الذي يفهم من الاخبار و صحيح الاعتبار و شواهد الكتاب التكويني و التدويني ان في الآخرة ولادة اي في الجنة اذا شاء اهلها لان الجنة دار النشاط و الراحة و اللذة و تكثر الخدم و الحشم و الاجتماع و الجمعية و لاشك ان النفس بكثرة الاولاد مع العزة و الاموال و الجاه و الشوكة و الراحة اميل منها الي كثرة الاموال و القصور و الازواج فحسب و لا ريب ان طلب الولد مرغوب مطلوب لاصحاب النفوس المطمئنة من الانبياء و الاولياء و كانوا يطلبون الاولاد من الله عزوجل كمايطلبون الاموال و النكاح و كانوا يتأثرون بفقدها كما كان رسول

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 433 *»

الله9 قدتأثر بفقد ابراهيم و كان يقول7 القلب يجزع و العين تدمع و لانقول الاّ مايرضي الرب فاذا كان كذلك و الجنة انما خلقت لاجل الراحة و التنعم و التعزز و الجاه و الدولة و الثروة و رغد العيش كماقال عزوجل و اذا رأيت ثم رأيت نعيماً و ملكاً كبيراً و الراحة و اللذة بالاولاد اكثر بالنسبة الي القصور و الاموال الاتري ان العاقل يفدي ماله للولد و لايفدي ولده للمال و كان ذلك ايضاً من شأن اهل الآخرة كالانبياء و الاوصياء الذين يكرهون ملاذ الدنيا و لذاتها و شهواتها اذا كانت فيها معصية الله عزوجل و كانوا يحبون الاولاد و البنين و الله سبحانه من علي خلقه باعطائهم الاولاد في عدة مواضع من القرءان و قدورد ان المؤمن في الرجعة لايموت حتي‌يري الف ذكر من صلبه و ليست دار الرجعة بدار الهزل حتي‌تكثر فيها مالايحبه الله سبحانه.

فاذا ثبت ذلك ثبت انه لابد منه في الجنة فان قلت لا كل مايلتذ منه في الدنيا يجب ان‏يكون في العقبا و الجنة اذ لاشك ان الرجل في الدنيا يلتذ من المعصية و مخالفة امر الله عزوجل قلت قدذكرنا ماهو جواب لهذا القول من ان مايكرهه الله سبحانه لايكون في الرجعة و ان المؤمن و ان كان في هذه الدنيا يكره المعصية و يجتنب عنها كمايجتنب عن الجيفة المنتنة و اما عن الاولاد و الاموال اذا وافقا محبة الله سبحانه فلايكرهونهما و لايرغبون عنهما و ذلك واضح معلوم و قدقال الله تعالي كلما رزقوا منها من ثمرة رزقاً قالوا هذا الذي رزقنا من قبل و اتوا به متشابهاً فمافي الدنيا من الامر المرغوب شبيه مافي الآخرة لان الدنيا مزرعة الآخرة و قدقال عزوجل لهم فيها ماتشتهيه الانفس و تلذ الاعين و لاشك ان النفس تشتهي الاولاد في العوالم كلها و المراتب باسرها لانها فروع و نضارة الاصل و ترواته(طراوته خ ل) بالفرع فاذا اراد الوالدان اي الزوجان في الجنة الولد فالله سبحانه لايمنعهما لان في الجنة ماتشتهيه الانفس و تلذ الاعين.

و اما قولكم هل هي كمافي الدنيا الخ فاعلم ان هذه الدنيا لماكان اول القوس الصعودي للشخص الانساني غلبت البرودة و اليبوسة و اختلطت

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 434 *»

بالرطوبة و الحرارة الخفيفة فسدت البنية و ضعفت الكينونة فلايمكن اظهار القلب الحامل للحرارة الغريزية الحاملة للروح اول مرة و الاّ لفسدت و بطلت فلابد من اظهارها شيئاً فشيئاً و تقوية الحرارة الغريزية متدرجة حتي‌ينضج البدن و يكون صابراً علي النار و ثابتاً له القرار و بعد ولوج الروح ايضاً لضعف الكينونة و البنية مايمكن اظهار جميع مقتضيات الروح و آثارها و اظهار العقل و احكامه صوناً للبدن عن التضييع و الهلاك فوجب في الحكمة ان‏يظهر النور الالهي و اللب الانساني في الجسم المنوي شيئاً فشيئاً بالتدريج و اما في دار الآخرة و لاسيما في الجنة لمانضجت البنية و صفت الكينونة و ظهر فيها سر الحيوة الالهية و انتفت الاعراض الغريبة كان اذا تصور شيئاً و تمناه و الماء النازل من بحر الصاد و المزن دائم الجريان فيقع علي هيئة تصوره فيظهر الشخص بسر حقيقة مادته ذلك الفيض الجاري من تحت العرش و صورته مايتصور الشخص علي حسب ماتصوره من طعام او شراب او نكاح او علم او ولد او غير ذلك فيظهر في الوجود دفعة واحدة و لايحتاج ان‏يكون الولد هناك نطفة ثم علقة ثم مضغة الي آخر المقامات التي في الدنيا لانها كلها لاجل الكثافات و الغرايب و اما الجنة فليس فيها حالة الانتظار و هو و ان كان يظهر دفعة واحدة الاّ ان فيه المراتب كلها مماوجد في الايام الستة العقل في يوم الاحد و النفس في يوم الاثنين و الطبيعة في يوم الثلثاء و المادة في يوم الاربعاء و الصورة في يوم الخميس و الجسم في يوم الجمعة و ظهوره بالتأثير في يوم السبت و هو يوم الكمال و الاّ فالتمام كان في الستة الايام و ايضاً خلق مادته يوم الاحد و صورته يوم الاثنين و قران المادة بالصورة في يوم الثلاثا و قران الصورة بالمادة يوم الاربعاء و اول الجمع يوم الخميس و تمام الجمع و صيرورة المجموع شيئاً واحداً يوم الجمعه و ظهوره و كماله مشروح العلل مبين الاسباب يوم السبت و هذه الايام هي الايام الشأن و الاّ ففي الجنة ليس فيها ليلة بها تتمايز الايام فافهم وكل هذه المراتب علي درجاتها المترتبة تظهر في

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 435 *»

الوجود دفعة واحدة اذ ليس في الجنة حالة منتظرة و كل من يري الولد يعلم انه من والديه لاغير و هما حفظا و حملا مادة وجوده و صورته.

قــال سلمه الله تعالي: و بين ايضاً ان مادة الجنين هل هو المني ام اربعة اشياء ام شي‏ء آخر.

اقــول: اعلم ان مادة الجنين نور ذائب من عالم الملكوت انعقد في عالم الملك و نزل الي العرش محدد الجهات فصحب قبضة منه فكان بها قلبه ثم نزل الي الكرسي و صحب قبضة منها فكان بها صدره ثم نزل الي فلك الشمس و صحب قبضة منها فكان بها حرارته الغريزية ثم بالشمس نزل الي فلك زحل و صحب قبضة منه فكان بها دماغه الذي محل عقله و الي فلك القمر و صحب قبضة منه فكان بها حيوانه و صورته ثم بالشمس نزل الي فلك المشتري و صحب قبضة منه فكان بها علمه و الي فلك عطارد و صحب قبضة منه فكان بها فكره ‏ثم بالشمس نزل الي فلك المريخ و صحب قبضة منه فكان بها وهمه و الي فلك الزهرة فكان بها خياله ثم نزل الي كرة النار و صحب قبضة منها فكان بها المرة الصفراء ثم نزل الي كرة الهواء و صحب قبضة منها فكان بها الدم ثم نزل الي كرة الماء و صحب قبضة منها فكان بها البلغم ثم نزل الي كرة الارض و صحب قبضة منها فكان بها المرة السوداء ثم سري في البخار و الهباء و حمله الملائكة و القته الي السحاب و قذفه السحاب الي المطر و المطر اودعه الي الارض و عمل فيه الملائكة حتي القته الي النبات و الي غيرها من المأكل و صار غذاءً للاب و خلص من ثفل الكيلوس و الكيموس الي ان صار ماءً ناضجاً قداستجن فيه ذلك النور بقواه و طبايعه ثم يخرج من صلب الرجل بداعي الشهوة و ينتقل الي رحم المرأة و يمتزج بمائها و تطبخ الحرارة الغريزية باعانة حرارة الحمي حتي‌تجعل المائين ماءاً واحداً و هو حينئذ ظاهره مادة الجنين الظاهري و باطنه مادة الجنين الباطني  مرادي بالظاهري القشر و الباطني اللب لا الروح و الجسد فالماء هو مادة الجنين و هو قوله عزوجل فلينظر

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 436 *»

 الانسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب و الترائب و لاشك ان مدخول من في مقام الصنع و الخلق مادة للمصنوع المخلوق كماتقول صغت الخاتم من فضة و صنعت السرير من الخشب و البيت من اللبنة و الفضة و الخشب و اللبنة كلها مواد للخاتم و السرير و البيت فقوله عزوجل خلق من ماء دافق هو المني فيكون مادة للجنين و كذلك قوله عزوجل الم‏يك نطفة من مني يمني ثم كان علقة فخلق فسوي فجعل منه الزوجين الذكر و الانثي يشير الي هذا المعني حيث قال منه اي المني فقولكم هل هو المني ام اربعة اشياء ام شي‏ء آخر كل هذه الثلثة صحيحة.

اما المني فلماسمعت من انه حامل لذلك النور المنعقد المستجن فيه القوي و الطبايع و الاركان فيتصور في الرحم علي حسب ما اراد الله عزوجل بتدبير الملكين الخلاقين اللذين يقتحمان رحم المرأة من جانب فمها كمافي الفقيه عنهم: و يتبعه القشر الظاهري في الهيئة و الصفة من الاوساخ الحاصلة من ظلمة الادبارو كدورة ايلاج الليل في النهار و النهار في الليل فالمني هو المادة في مقام و الحامل للمادة في مقام آخر.

اما الاربعة الاشياء فالمراد بها الطبايع الاربع و هي النار و الهواء و الماء و التراب و هي الاسطقسات و كل شي‏ء مركب منها لما امتزج بعضها مع بعض و سري كل واحد منها في الآخر سرياناً يكون المجموع شيئاً واحداً يستدعي اسماً واحداً كالمني مثلاً فانه مجمع تلك الاربعة و مظهر آثارها ففي اول المزج جماد فاذا صفي الجماد بتكرر دوران الافلاك و اشعة الكواكب و قلت الاعراض و الغرائب ظهرت الطبايع بآثارها فالنار تتحرك الي العلو و تصعد بصاحبها اليه و التراب ينزل به الي الارض و يثقله كيلاتصعد به النار بالمرة و الهواء يحلل الغذاء و ينضجها و النار تقبض الصافي و التراب يحله و الماء يدفع الفضلات فيظهر بذلك النبات و لذا كان رأسه و اعلاه الي العلو و اسفله الي الارض و هو ينمو بجذب الغذاء و تحليله و هذه هي الطبايع العنصرية محل النفس النامية النباتية و مقرها و ينبوعها الكبد و منه تنتشر بتأثيرها الي كل اقطار البدن

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 437 *»

ثم تصفو البنية بتزايد الحرارة و تكرر دوران الافلاك و نظر الاملاك و وقوع اشعة النجوم فتظهر فيها الطبايع الفلكية حاملة لارواحها و مقرها و محلها القلب اللحم الصنوبري و هو الدخان المعبر عنه بالروح الحيوانية و هو قوله7 و النفس الحيوانية الفلكية ثم تصفو البنية بصفاء الطبايع و تكرر الرياح الاربع و نظرات الكواكب و حركات الافلاك فتظهر فيها الطبايع الانسانية و مقرها و محلها باطن الروح الحيوانية و تلك الطبايع هي حاملة للنفس الانسانية و الحاصل ان الاصل و المادة لكل الاشياء هي الطبايع و بها تقوم الكائنات و لماكانت جهة التوجه الي المبدأ بالمادة لانها جهة الوحدة لا بالصورة لكونها جهة الكثرة فالمبدأ المتوجه اليه حال الفرق اربعة و هي حدود الاسم الاعظم كمافي الكافي عن ابي‏الحسن الاول7 ان الاسم الاعظم اربعة احرف الحرف الاول لا اله الاّ الله و دليل هذ الحرف هو طبيعة النار لانها تمحي الآثار و تفني الاغيار و تذهب الاكدار و الحرف الثاني محمد رسول الله و دليل هذا الحرف هو الهواء لانه الواسطة و الرابطة بين الفاعل و القابلة فيحفظ حرارة النار التي هي الفاعلة برطوبته ليتمكن الاجسام السفلية من الانتفاع فله وجهان وجه الحرارة يأخذ من النار و وجه الرطوبة يسيل بها الي الغير و هو شأن النبوة المطلقة الخاصة به9 و هو طبع المصدر و محمد9 قداشتق من الحمد الذي هو المصدر فافهم و الحرف الثالث نحن اي حدود الولاية التفصيلية و اعطاء كل ذي حق حقه و السوق الي كل مخلوق رزقه و هو مقام الصور و التمييز و التبيين و دليل هذا الحرف هو الماء لانه سريع القبول للتشكل بالاشكال المختلفة كماهو طبع القمر الذي هو دليل الولي و ينبوع الصور هو الولي لانه العلة الصورية لخلق الموجودات من في الارضين و السموات و للاشارة الي هذه الدقيقة قال الله سبحانه هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً و ليس ذلك الاّ علي بن ابي‏طالب7 لانه7 نسيب(نسب) النبي9 و صهره و قدخلقه الله تعالي من الماء و هو اصل للتراب و هو تحته ليكون بذلك ابوتراب

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 438 *»

روحي له الفداء و الحرف الرابع شيعتنا اي القابلين لفيضنا و المتحملين لعلمنا و الذليلين لنا و الماسكين بعروة محبتنا و دليل هذا الحرف هو التراب لان له جهة القابلية و الحاملية و الماسكية و الذلة و كونه اسفل المراتب فلولا ان‏تكون المادة مؤلفة من هذه الطبايع لماامكن للشي‏ء ان‏يعرف توحيد ربه لان الثلثة اركان التوحيد و هو لايقوم بدونها و لذا كان من عرف نفسه فقدعرف ربه بجميع صفاته و توحيده و اسمائه و معانيه فالنار للتوحيد و الهواء للاسماء و الماء للاركان و التراب للمعاني فافهم و ثبت.

و اما الشي‏ء الآخر الواقع في السؤال فيصح ايضاً لماذكرنا من انها اي المادة هي النور المنعقد الساري في الافلاك و العناصر و البقولات و الثمار و الطعام و ساير المئاكل و المشارب الي ان صار غيباً مستجناً في المني فصار بذلك مادة الجنين و شق له السمع و البصر و القلب و الصدر و ساير المراتب و انشقاق هذه المراتب عبارة عن صفو المزاج و ذهاب الغرايب و الاعراض حتي ظهر علي صورة ماكان مجيباً في عالم الذر و ساير العوالم و الاحوال من هيكل التوحيد و هيكل النفاق من الصور الانسانية و الصور الحيوانية البهيمية.

قــال سلمه الله تعالي: و ما مادة الجنين في الآخرة و ما تناكح اهل الآخرة و تناسلهم بين لنا جواباً بطور البسط و المعني لا بطريق القشر و اللفظ بحق ساداتكم جواباً صريحاً دقيقاً و السلام عليكم و علي اجدادكم الطيبين.

اقــول: اعلم ان مادة الجنين في الآخرة قدذكرنا سابقاً انها نور الهي متلألئ كان تحت حجاب القدرة فاشرق عليه نور القدس ففني عن نفسه فكان بذلك فاعل فعل اللازم او المتعدي ثم نظر الي نفسه و عرف انه عبد خاضع لله مضحمل عند جلال عظمته و قهاريته فاستشعر الخوف و هربت الحرارة الغريزية الي الباطن فكثرت البرودة و غلبت في الظاهر فذاب و ماع و كان ماء بحراً مواجاً متلاطماً لبقاء حرارة الشوق التي كانت مصحوبة معه في النور الاول ثم غلب الخوف عليه و كثر فسكن تموجه و وقف تلاطمه و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 439 *»

استقر تحت العرش و هو قوله عزوجل أفرأيتم الماء الذي تشربون ءانتم انزلتموه من المزن ام نحن المنزلون و هو الماء الذي به حيوة كل شي‏ء و هو الصاد في قوله تعالي في حديث المعراج يا محمد ادن من صاد و توضأ لصلوة الظهر و هو المدار و النون في ن و القلم و مايسطرون فكان ينزل من ذلك البحر قطرات الي شجرة المزن و شجرة طوبي و منها تنزل الي مقام الاعراف و هو جبل في جنة الفردوس من ياقوتة حمراء اعلي مقامات تلك الجنة و منها تنزل الي ارض الزعفران و تنصبغ بصبغها و منها تنزل الي الرفرف الاخضر و منه تنزل الي الكثيب الاحمر و منه تنزل الي ماتصور الرجل و المرأة علي حسب مقامهما و رتبتهما و لماكانت تلك المادة صافية طاهرة جارية علي محبة الله تعالي تصورت علي هيكل التوحيد علي مقتضي تصورهما بعد مانزلت اليهما ثم انتقلت الي البروز العيني الكوني جامعة المراتب محفوظة المقامات و كل ذلك دفعة واحدة علي ماذكرت سابقاً.

و اما النكاح فاعلم ان الله سبحانه خلق من فاضل كل رجل اربع نسوة او ازيد الاّ انه ليس اقل من الاربع و هو الاصل لهن و هن فروع له لايتعدي احد عن صاحبه كفرع الشجرة و اصلها فاذا دخل الرجل الجنة دخلن معه و انتسبن اليه نسبة حقيقية لاتنافر بينهن و بينه و قديكون ازيد من الاربع علي حسب مقام الرجل في الفاضل قال تعالي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و اما الاربعة فلسر يطول به الكلام بذكره و هذه الاربعة قديتفق ان‏يكن مع الرجل في الدنيا بالزواج جميعهن و بعضهن و قديتفق ان لايتزوج واحدة منهن نعم قديحصل خلط و لطخ بينهن و بين الاجانب فبذلك اللطخ يحصل الزواج فاذا تم اللطخ و الخلط تحصل المفارقة اما بموت احدهما او بالطلاق و قديكون لواحدة نسبه عرضية مع المتعددين و قديكون لواحد نسبة عرضية مع نساء كثيرة و اما النسبة الذاتية اذا حصلت لاتحصل المفارقة بينهما لا في الدنيا و لا في الآخرة فلابد ان‏يحصل الوصال بينهن و بينه في الجنة و اقلهن اربعة و ربما يزدن علي ذلك و مع‏ذلك لاتنافي بين ماذكرنا و بين ماورد

 

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 440 *»

ان الرجل في الجنة اكثر من المرأة لان المراد بالكثرة و القلة هنا في الطبيعة و الذات لا بالسنخ و العدد فافهم و اما التناسل فكما مر فراجع.

قــال سلمه الله تعالي: و ما الدليل القاطع علي المعاد الجسماني كمافي الدنيا ليكون داحضاً لحجج المعاندين و ارشاداً للمسترشدين و سكوناً للطالبين الصادقين من المؤمنين الممتحنين.

اقــول: قدعد العلماء هذه المسألة من اغمض المسائل و اغبرها و ابعدها عن العقول و الافهام فهم بين ناف للمعاد الجسماني كماهو شأن الحكماء الذين لم‏ينتحلوا الاسلام و بين مثبت له و قائل بان التشخص بالنفس الناطقة في ضمن اي جسم كان و تبدل الجسم مع حفظ الصورة و التشخص لايخرج الشي‏ء و الشخص عن كونه اياه كتبدل زيد مثلاً في اطوار الجنين و الولادة و الرضاعة و الفطام و الصبي و المراهقة و البلوغ و التمام و الكمال و الفتور و سن الشيخوخة و اطوار المرض و الصحة و امثالها ممايحصل من التبدلات و التغيرات الكثيرة مع ان الغذاء يتحلل و يأتي البدل و مع‏ذلك كله فلايخرج هذه الاطوار الشخص عن كونه اياه و عن لزوم جريان الاحكام عليه فالمحفوظ في كل هذه الاطوار هو النفس و اما البدن فانه تابع و لايلزم خصوصية البدن و قدذهب اليه الملاصدرا و من تبعه في في الحقيقة هذا ايضاً انكار للمعاد الجسماني و بين قائل بان المعاد الجسماني قدثبت بضرورة الشرع و العقل قاصر عن اثباته و الاستدلال عليه كماهو مذهب الكثيرين.

و اما نحن فنقول ان الله سبحانه اقام الحجة و اوضح المحجة و نصب لنا اعلام الهداية و ارسل الينا حججاً ظاهرية و هم الانبياء و المرسلون: و حججاً باطنية و هم العقول و هما متطابقان متوافقان فكل ما حكم به الشرع حكم به العقل و لايجوز ان‏يثبت حكم الهي و لايدل عليه دليل عقلي و الاّ لماكانت الحجة بالغة و لماكانت للخلق في امور دينهم بصيرة و الرب سبحانه اجل من ذلك و اعظم و اما الانبياء فهم المذكورون و المنبهون لماكان مستجناً في الذات الانسانية و مغطي بحجب الشهوات فالمعاد

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 441 *»

الجسماني علي ماهو عليه المسلمون من ان هذا الشخص بهذا البدن و الجسم الدنياوي يحشر و يبعث يوم القيمة و يحاسب و يعاقب الاّ ان البدن في الآخرة يكون يكون بصفاء بدن الائمة: في هذه الدنيا ثابت و محقق بالادلة العقلية هي الادلة الثلثة من دليل الحكمة و الموعظة الحسنة و المجادلة بالتي هي احسن و قدبينا الدليل علي ذلك مستوفي مشروحاً في كثير من اجوبة مسائلنا مثل جواب سؤال الشاهزاده ادام الله اسعاده عن حل شبهة الآكل و المأكول و اجوبة المسائل البهبهانية و جواب سؤال محمدرحيم خان و غيرها الاّ ان مافي هذه الثلثة مايشفي العليل و يبرد الغليل فعليك بمطالعتها و التأمل في معانيها و التضرع الي الله عزوجل ان‏يكشف لك دقايقها و حقايقها و تلويحاتها و اشاراتها لانها من مكنونات علم اهل البيت: و من جهة الاستعجال و ضيق الوقت ماامكنني انشاء الكلام الكلام مرة اخري و الله خليفتي عليك و لا حول و لا قوة الاّ بالله العلي العظيم.

و اما ماسألتم من جهة الاذكار فخذ من القرءان ماشئت لماشئت فانه سر الله في العالمين و كذلك الصلوة علي محمد و آل‏محمد فاذا كان لك حاجة عند الله فحصل اسماً من اسماء الله سبحانه يوافق مطلوبك ثم حاسب عدده بالجمل الكبير ثم ابدأ بالصلوة علي النبي و آله9بذلك العدد ثم كرر ذلك الاسم بذلك العدد ثم اذكر حاجتك فاعد الصلوة علي النبي كالبدء بذلك العدد ليكون الابتداء و الانتهاء بالصلوة فانها تقضي البتة ان شاء الله تعالي و لتصفية الباطن و تنوير القلب الصلوة علي النبي و آله ايضاً و تكرار الاسم يا نور يا هادي بعدهما و يا واحد يا احد بعدهما و اما في ساير الاحوال و الادعية المخصوصة و الاذكار المخصوصة للحوائج المخصوصة فعليك بما الفه علماؤنا رضوان الله عليهم ممااسندوا الي الامام7 فانك مجاز و مأذون بقراءة كل ذكر و دعاء و اسم من اسماء الله الحسني علي ماورد من اهل العصمة: لك و لغيرك و روايته و اعذرك يا سيدنا و مولينا في البسط في المقال لما انا عليه من ضيق المجال و تبلبل البال و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 442 *»

كثرة الاشتغال الاّ اني اعطيتك اصلاً وافياً كافياً فيه نجاتك ان شاء الله اذا عملت علي مقتضاه و الحمد لله رب العالمين و قدفرغ من تسويدها منشيها صبيحة يوم الخميس من شهر جمادي الثانية في سنة 1238 حامداً مصلياً مستغفراً.