08-14 جواهر الحکم المجلد الثامن ـ رسالة اللمعات في بيان الميزان القويم و القسطاس المستقيم ـ مقابله

رسالة اللمعات فی بیان المیزان القویم والقسطاس المستقیم

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 583 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي خير المرسلين محمد و اهل بيته الطاهرين.

اما بعد فيقول الفقير الي الله الغني محمد کاظم ابن محمد قاسم الحسيني الموسوي الرشتي عفي الله عنهما و تجاوز عن سيئاتهما اعلموا يا اخواني وفقکم الله لما يحب و يرضي و اخذکم بهواکم الي رضاه بمحمد و آله انه کان في کل عصر و اوان طائفة من المعاندين الجاحدين للحق المبين الساعين في اطفاء نور الله و ابي الله الا ان‌يتم نوره حباً للدنيا الدنية و طلباً للرياسة الزايلة الفانية فينکرون الحق بعد ما يعرفون و يجحدون بعد ما يفهمون او من جهة الطبع الرباني علي قلوبهم هم لايعقلون يسمعون الکلام فينسبون الي المتکلم الکفر و الزندقة من غير تعقل في معناه المراد او يأخذون بعض المعني منه و يمزجون بباطلهم فينسبون اليه کذباً و افتراء حباً لتشييع الفاحشة في المؤمنين و طلباً لاذلالهم لاطفاء النور الحق المبين و حيل بينهم و بين ما يشتهون و لکنهم لم‌يدروا ان ليس هذا ذلة لهم بل هو فخر و شرف لنا لتأسيهم بائمتهم عليهم‌السلام في صبرهم علي الاذي من هذا القبيل و غيره و هو والله اشد اذية و سيکون لهم دولة يترقبونها بلغهم الله الي منتهي آمالهم بحق محمد و اهل بيته المعصومين و لما کان بعض اصحابنا من الشيعة الاثني‌عشرية من جهة کثرة الفتن و غلبة ظلمة الشکوک و الشبهات قال اميرالمؤمنين عليه‌السلام و روحي فداه علي ما رواه ثقة الاسلام لتبلبلن بلبلة و لتغربلن غربلة و لتساطن سوط القدر حتي يعود اسفلکم اعلاکم و اعلاکم اسفلکم و مزج الحق بالباطل و التباس المعاند بالمسلم و المنافق بالمؤمن روي ان اميرالمؤمنين عليه‌السلام کان يخطب علي المنبر رأي الحسن البصري قبح الله وجهه يکتب فقال عليه السلام ما تکتب يا حسن قال لعنة الله عليه اکتب آثارک يا اميرالمؤمنين فقال عليه‌السلام

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 584 *»

 هذا و الله سامري هذه الامة هـ انما قال عليه‌السلام سامري هذه الامة نظراً الي ما قال رسول الله صلي‌الله‌عليه‌وآله له کلما يکون في الامم الماضية في القرون السالفة يکون في هذه الامة طبق النعل بالنعل و القذة بالقذة حتي انهم لو سلکوا جحر ضب سلکتموه هـ و انما شبهه عليه‌السلام بالسامري نظراً الي ما قال الله تعالي حکاية عنه فقبضت قبضة من اثر الرسول عند قوله لعنه الله اکتب آثارک.

الحاصل انهم من تلک الجهة و من جهة ‌صفاء طويتهم و عدم معرفتهم باحوال الناس و عدم تميزهم بين المحق و المبطل و المعاند و المؤمن قد يصغون الي کلام المنافقين الجاحدين للحق المبين عناداً و جحوداً قال الله تعالي فيهم و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلماً و علواً فيسيئون الظن بالمؤمنين الموحدين التابعين لائمتهم المعصومين و منهم من يعتمدون عليهم في اقوالهم الباطلة و عقايدهم الفاسدة فيفسدون عليهم امرهم فلايبقي عندهم للتشيع الا الاسم لا الحقيقة و لا الرسم اوجبت علي نفسي بايجاب الامام عليه‌السلام حيث قال فيجب علي العالم ان‌يظهر علمه ان‌اکتب الميزان القويم و القسطاس المستقيم لمعرفة الطريق الواضح الحق المبين و معياراً للامتياز بين الصحيح و السقيم و تعيين المؤمن الواجب اتباعه و المنافق الواجب اجتنابه و کيفية دخول البيت من بابه و علامة المحق و المبطل باوضح بيان و اکمل تبيان لئلا يشتبه الامر في زمان الغيبة و عدم ظهور الحجة و خفاء الحجة علي المؤمنين المسترشدين بتلبيس الضالين المضلين المموهين و لنظهرها في عدة لمعات و سميناها بها لکونها لمعة من لمعات انوار الائمة عليهم‌السلام و عکس من اشراقات انوار اخبارهم سلام الله عليهم.

لمعة: اعلم وفقک الله تعالي ان لا حق في الوجود و في عالم الامکان الا عند الائمة الاثني‌عشر لان الله تعالي اختارهم و اصطفاهم و اجتباهم و ادبهم و صفاهم فعصمهم فجعلهم تراجمة لوحيه و عيبة لعلمه و ارکاناً لتوحيده و اعضاداً و اشهاداً لخلقه في خلقه فحيث کانوا تراجمة وحي الله فلاينطقون الا بالحق و

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 585 *»

 حاشا عن نسبة البطلان الي الوحي الرباني و انحصر الترجمة بهم فلاينطقون عن الهوي ان هو الا وحي يوحي, عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون, يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم و لايشفعون الا لمن ارتضي و هم من خشيته مشفقون و من يقل منهم اني اله من دونه فذلک نجزيه جهنم کذلک نجزي الظالمين اما قرأت الزيارة الجامعة و دعاء الصباح و المساء و اشهد ان الحق لهم و معهم و فيهم و بهم اما رأيت کلام مولانا اميرالمؤمنين عليه‌السلام نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا و قوله عليه‌السلام ما معناه ذهب من ذهب الينا الي عيون صافية تجري بنور الله و ذهب من ذهب الي غيرنا الي عيون کدرة يفرغ بعضها في بعض و قول الباقر عليه‌السلام بنا عرف الله و بنا عبد الله و لولانا ماعرف الله کل ذلک رواية عن ثقة‌الاسلام.

و لعمرو بن العاص عليه الف لعنة‌الله کلام احب ان اذکره في هذا المقام لان العدو المنکر المبغض اذا شهد لعدوه فهو الحق الذي لا مرية فيه کما قال هو لعنه الله حين مدح معاوية علياً عليه السلام بقوله:

خير البرية بعد احمد حيدر

و الناس ارض و الوصي سماء

قال لعنه الله:

و فضايل شهدت بها ضراتها

و الفضل ما شهدت له الضراء

و قال يزيد لعنه الله:

و مناقب شهد العدو بفضله

و الفضل ما تشهد به الاعداء

و اما قول عمرو بن العاص المستشهد به في هذا المقام فهکذا قال:

بآل محمد عرف الصواب

و في ابياتهم نزل الکتاب

و هم حجج الاله علي البرايا

بهم و بجدهم لايستراب

علي التبر و الذهب المصفي

و باقي الناس کلهم تراب

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 586 *»

فاذا تحقق لک ان الحق عندهم فاعمل بمقتضي تلک الاحاديث المتقدمة و الکلمات المنقولة کماقال:

اذا شئت ان ‌تختر لنفسک مذهبا

ينجيک يوم الحشر من لهب النار

فدع عنک قول الشافعي و مالک

و حنبل و المروي عن کعب احبار

و وال اناساً نقلهم و حديثهم

روي جدنا عن جبرئيل عن الباري

فکانت کلماتهم و احاديثهم و اخبارهم الکلمة الطيبة التي ضرب الله تعالي لها مثلاً کشجرة طيبة اصلها ثابت من جهة اتصالها بالله سبحانه لکونها وحيه لکونهم تراجمة و فرعها في السماء و تؤتي اکلها کل حين باذن ربها و اما العدو فلا خير عنده و لا حق لديه من جهة المقابلة بعد انحصار الحق فيهم عليهم‌السلام و لذا يجب التبري عنهم اذ لا خير فيهم فلا حق عندهم فکل ما عندهم باطل لايعبؤ به فکانت کلماتهم و اخبارهم الکلمة الخبيثة التي ضرب الله تعالي لها مثلاً بقوله کشجرة خبيثة مجتثة لعدم استنادها الي الاصل الثابت الصريح الصحيح فان العامة تنتهي اخبارهم الي ابي‌بکر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان و احزابهم من ابي‌هريرة و عمرو بن العاص و عبدالله بن عمر و هؤلاء ليسوا باباً لمدينة العلم و هو منحصر الي شخص و احد و من والاه يأخذ منه صلي‌الله‌عليه‌و‌آله بواسطته فهؤلاء المنکرون الملعونون في دعاويهم الانتساب الي رسول الله صلي‌الله‌عليه‌و‌‌آله کاذبون فهم منقطعون عنه صلي‌الله‌عليه‌و‌آله فانقطع اتصالهم الي الله تعالي فاجتثت اقوالهم علي وجه الارض ما لها من قرار و قد قال تعالي و ليس البر بان تأتوا البيوت من ظهورها ولکن البر من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها و بين سبحانه ظهر الباب و ظاهره بقوله الحق فضرب بينهم بسور و هو رسول الله صلي‌الله‌عليه‌و‌آله للنص له باب و هو علي عليه‌السلام باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب فحيث کانوا سلام‌الله‌عليهم ابواباً للعقل و النقل الاحاديث (للاحاديث ظ) المستفيضة فکانوا کما ذکر الامام عليه‌السلام علي بن محمد الهادي عليهما‌السلام في الزيارة الجامعة من اراد الله بدأ بکم و من وحده قبل عنکم و من قصده توجه بکم و قال عليه‌السلام فيها فمعکم

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 587 *»

 معکم لا مع عدوکم آمنت بکم و توليت آخرکم بما توليت به اولکم و برئت الي الله عزوجل من اعدائکم و من الجبت و الطاغوت و الشياطين و حزبهم الظالمين لکم الجاحدين لحقکم و المارقين من ولايتکم الي ان قال و من کل وليجة دونکم و کل مطاع سوا کم و من الائمة الذين يدعون الي النار و لذا قال عليه‌السلام في الحديث المتقدم ذهب من ذهب الي غيرنا الي عيون کدرة يفرغ بعضها في بعض هـ و الذهاب الي غير اعم من ان‌يکون باعتبار المخالفة الکلية و عدم الاقرار بهم اصلاً و رأساً او في بعض الامور و الهلاک و الهوان بمقدار الذهاب.

و من الاعداء الصوفية الکلاب الممطورة قبحهم الله و اصلاهم جهنم و بئس المصير و قد صرحوا بذلک عليهم‌السلام في احاديثهم المتکثرة منها ما روي عن الصادق عليه‌السلام ان الصوفية اعداؤنا الا فمن مال اليهم و اول کلماتهم فانا منهم برءآء فقال واحد و ان کان المائل من محبيکم فنظر عليه‌السلام اليه (ظ) شبه المغضب فقال من قال بحقوقنا لم‌يذهب الي عقوقنا هـ معني الذي يميل اليهم ليس ممن قال بحقوقنا حقيقة و ان قال ظاهراً و فيهم يجري قوله تعالي يحلفون بالله انهم لمنکم و ما هم منکم و لکنهم قوم يفرقون و هذا اعم من ان ‌يکون من حيث يشعر او من حيث لايشعر و قد قال الشيخ محمد بن الحسن الجزار الاحاديث و الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم‌السلام في ذم الصوفية و لعنهم و التبري منهم عموماً و خصوصاً تقرب الفاً و ليس لها معارض ابداً بوجه من الوجوه و الصوفي الملعون من تکلم بالباطن و هو يخالف الظاهر من الشريعة الغراء و ينافي ما عليه عامة العوام من الفرقة المحقة و يعاند ما عليه فقهاؤنا المجتهدين (المجتهدون ظ) رضوان الله عليهم المتصدون لامر ظاهر الشرعية (كذا) الراعون غنمهم و هم عوام الناس اعني المقلدين الي احسن المرعي و احسن الطريقة و هي طريقة الشريعة الاحمدية و هم الحکام في الخلق من قبل ائمتهم عليهم‌السلام عند غيبتهم (ع) کماقال مولانا الصادق عليه‌السلام انظروا الي رجل روي حديثنا و نظر في حلالنا و حرامنا و عرف احکامنا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 588 *»

فارضوا به حکماً فاني قدجعلته حاکماً عليکم و الراد عليه کالراد علي و اي رد اعظم من معاندتهم و مخالفة اقوالهم المستنبطة عن کلمات ساداتهم عليهم‌السلام الحاصل ان کل باطن يخالف ظاهر ما عليه عامة الناس من الفرقة المحقة باطل کفر مردود و صاحبه صوفي ملعون و کل باطن يوافق الظاهر فهو حق و هو الدين الخالص قال الصادق عليه‌السلام ان قوماً آمنوا بالظاهر و کفروا بالباطن فلم‌ينفعهم ايمانهم شيئاً و قوماً آمنوا بالباطن و کفروا بالظاهر فلم‌ينفعهم ايمانهم شيئاً و لا ايمان ظاهراً الا بباطن هـ و الباطن طبق الظاهر حرفاً بحرف بحيث لو کشف لک صورة کل واحد منهما رأيتهما علي صورة واحدة و قد حققنا هاتين المسألتين العظيمتين اعني تحقيق الصوفية و اصل نشوهم و مبدئهم و اصلهم و فرعهم و منتهاهم و بناء امرهم و کيفية انشعابهم الي الشعب المختلفة و تحقيق الباطن باقسامه و مراتبه و کيفية انطباقه بالظاهر و کيفية الاستخراج کلها باکمل بسط في الاجوبة (اجوبة ظ) المسائل التي سألناها واحد من اهل الاصفهان (اصفهان ظ) من اراد الاطلاع علي حقيقة الامر فلينظر اليها و في تفسيرنا لآية الکرسي اشارة بل کشف حجاب عن وجه‌ حقيقة الباطن و التأويل و باطن الباطن و ظاهر الظاهر و ليس هنا موضع استقصاء.

الحاصل انه يجب التبري عن الصوفية التي ذکرناها و الميل اليهم و الرکون اليهم في فهم الحقايق و الاسرار فانهم والله ماعرفوا من السر حرفاً واحداً و تأويل کلماتهم بحيث يو افق و يطابق الشرع و من فعل هذا کافر مردود قدتبرأ منه الامام عليه‌السلام و کذا من انکر ما زبرنا و بينا فان ثبوت هذا المطلب من العقل و الشرع اوضح من الشمس و ابين من الامس والله يقول الحق و هو يهدي الي سواء السبيل و حيث فرغنا من تأسيس هذا الاصل الاصيل الذي کلما يرد علي الشخص يتفرع عليه لانه کالشجرة و الباقي فروعه فلنشرع في بيان تقسيم العلماء الي اقسامه ليتضح لک المقصود.

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 589 *»

لمعة: اعلم ان کل مولود ولد علي الفطرة المستقيمة التي هي هيکل التوحيد علي ما رواه الصدوق عليه الرحمة بعدة طرق و اسانيد و قد قال مولانا اميرالمؤمنين عليه‌السلام في حديث کميل نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياکل التوحيد آثاره و معني ان کل مولود ولد علي الفطرة انه خلق (خلقه ظ) الله سبحانه علي هيکل و هيئته (هيئة ظ) اذا ما غيرها بارتکاب الامور و العا دات و الاعتقادات المخالفة لمراد الله المستنبطة من کلمات اهل الترجمة عرف الله سبحانه کما اراد منه و هو قوله صلي الله عليه و آله اعرفکم بنفسه اعرفکم بربه و قوله عليه السلام من عرف نفسه فقدعرف ربه و قوله عليه السلام علي ما رواه في الغرر و الدرر الصورة الانسانية هي اکبر حجة الله علي خلقه و هي الکتاب الذي کتبه بيده و هي الهيکل الذي بناه بحکمته و هي مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي کل غائب و هي الحجة علي کل جاحد و هي الصراط المستقيم و هي الصراط الموعود في القيامة الحديث. فاذا کان کذلک فلايخلو حاله بعد التولد و بلوغ العقل عن حالتين اما انه يغير ما فطره الله عليه ام لا و يتحقق من ذلک اربعة اقسام:

الاول انه يغير فطرته و هيئته الاصلية الذاتية الحقيقية باعتبار الميل و الرکون الي اهل الخلاف من اهل البدع و الضلال و اکتساب معتقدهم و اعتقاده و اعراضه عن الائمة الطاهرين عليهم‌السلام بالعمل و الاعتقاد و ان کان يدعي امامتهم بالقول و اللسان و القلب الظاهري يحلفون بالله انهم لمنکم و ما هم منکم ولکنهم قوم يفرقون و هؤلاء عرفوا الحق و مالوا الي الباطل و علامتهم ان‌ينکروا اذا اوضحت لهم الامر و اقمت لهم البراهين و بينت لهم الحق و قدقال الله تعالي فيهم يعرفون نعمة الله ثم ينکرونها و قال تعالي و جحدوا بها و استيقنتها انفسهم ظلماً و علواً و قال تعالي بل کذبوا بما لم‌يحيطوا بعلمه و لمايأتهم تأويله و قال اميرالمؤمنين عليه السلام فيهم همج رعاع اتباع کل ناعق يميلون مع کل ريح لم‌يستضيئوا بنور العلم و لم‌يلجأوا الي رکن وثيق و هؤلاء

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 590 *»

 يخطون ابداً و لايظهر منهم الصواب الا باعتبار المزج و الخلط لاظهار کلامهم الباطل و العارف يصفي و يأخذ الحق و يترک الباطل

لو کان في العلم من غير التقي شرفاً(شرف ظ)

لکان اشرف کل الناس ابليس

و العلم هو الخشية و هي اذا کانت لله سبحانه تشتمل علي جميع مراتب الزهد و التقوي من الانصاف و اذعان الحق و الاعراض عن الباطل و القبول اذا ثبت له الحق و التسليم و الانقياد لما جاء عن الائمة الطاهرين صلوات الله عليهم اجمعين و امثال ذلک قال الله تعالي انما يخشي الله من عباده العلماء فحصر الخشية للعالم و قال سيد الساجدين علي آبائه و ابنائه الصلوة و السلام في الصحيفة لا علم الا خشيتک و لا الحکم الا الايمان بک ليس لمن لم‌يخشک علم و لا لمن لم‌يؤمن بک حکم و قدجعل الله تعالي العلم لازماً للتقوي و جعلها ملزوماً له و قال عز من قائل و اتقوا الله و يعلمکم الله و قال سيدنا رسول الله صلي الله عليه و آله ليس العلم بکثرة التعليم و التعلم بل هو نور من عند الله يقذفه في قلب من يحب فينفسح فيشاهد الغيب و ينشرح فيحتمل البلاء قيل هل لذلک من علامة يا رسول الله صلي الله عليه و آله قال صلي الله عليه و آله التجافي عن دار الغرور و الانابة الي دار الخلود و الاستعداد للموت قبل نزوله فاذا کان العلم هذا شرطه و لايحصل الا بالعمل و التقوي کماقال مولانا الصادق عليه السلام العلم يهتف بالعمل فان اجابه و الا ارتحل و قال مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام ليس العلم في السماء فينزل اليکم و لا في الارض فيصعد اليکم بل هو مکنون فيکم مخزون في قلوبکم تخلقوا باخلاق الروحانيين يظهر لکم و ليس الجدال و المراء و الخصومة و تطويل المقال من اخلاق الروحانيين و لا من علامات الخشية.

فثبت ان ليس لهم علم ابداً بشيء قطعي يقطعون به و يقفون عنده بل عندهم بعض الشکوک و الشبهات لاضلال الجهال او الکثرة من النقطة قال عليه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 591 *»

 السلام العلم نقطة کثرها الجاهلون فلايقال لهم عالم اذ لو فتشت عنهم رايتهم مضطربين کمال الاضطراب في کل شيء کمن رأي الشبح عن بعيد انهم يرونه بعيداً و نريه قريباً و لقد رأيت منهم و ابتليت بهم کثيراً فليسوا من العلماء کما حکم مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام في الحديث المتقدم لم‌يستضيئوا بنور العلم و لم‌يلجأوا الي رکن وثيق و الرکن الوثيق هو ولايتهم و محبتهم و متابعتهم و مشايعتهم و التسليم لهم و الميل و الرکون اليهم و هو قوله تعالي و من يکفر بالطاغوت و هو الذي في الزيارة و برئت الي الله من اعدائکم و من الجبت و الطاغوت, و يؤمن بالله بولاية الائمة عليهم السلام فان من لم‌يؤمن بهم لم‌يؤمن بالله لانهم ارکان التوحيد و لذا قال الامام محمد بن علي الجواد عليهما السلام في زيارة ابيه السلام علي شهور الحول و عدد الساعات و حروف لا اله الا الله في الرقوم المسطرات السلام علي اقبال الدنيا و سعودها و من سئل عن کلمة التوحيد فقال انا والله من شروطها الزيارة فالايمان بالله لايتحقق الا بعد الايمان بهم عليهم‌السلام کيف و قد قال الله تعالي في الحديث القدسي علي ما رواية (روته ظ) العامة ما معناه انه لو ان عبداً عبدني و نحل جسمه في عبادتي بحيث صار کالشن البالي ثم يجيء من غير ولاية اميرالمؤمنين عليه السلام لادخلته النار مع ما ورد في الاحاديث المستفيضة المذکورة في الکتب المعتبرة و ما في الادعية بحيث يمکنني ان ادعي فيه التواتر و ان کان معنوياً علي ان الله تعالي لايدخل موحديه في النار مع ان ذلک الرجل العابد کان يقول لا اله الا الله و محمد رسول الله صلي الله عليه و آله البتة.

الحاصل ان هذه المسألة ظاهرة لمن تتبع الاحاديث علي بصيرة فقد استمسک بالعروة الوثقي و هو الرکن الوثيق الذي هو ملجأ الشيعة و ملاذهم و هو ولاية آل محمد صلي الله عليهم لما قلنا من اتصاله و اعتماده بالله سبحانه کما ذکر في الشجرة الطيبة التي اصلها ثابت فلاتنقطع تلک العروة ابداً ابداً و هي الذمام المنيع الذي لايطاول و لايحاول في الدعاء الذي يقرأ الشيعة في کل صباح و مساء اصبحت اللهم معتصماً بذمامک المنيع الذي لايطاول و لايحاول من شر کل غاشم و طارق الدعاء لا انفصام لها

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 592 *»

 اي لا انقطاع کيف و هم السراج الوهاج الذي زيته من الشجرة المبارکة الزيتونة التي ليست بشرقية و لا غربية يکاد زيتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار و ناره من نار الکينونة التي قال اميرالمؤمنين عليه السلام في دعاء ليلة السبت حکاية عن جبرئيل اسألک بکينونتک التي خلقتها فاستقرت في ظلک و لم‌تخرج منک الي غيرک قال الصادق عليه السلام کنا بکينونته کائنين و هؤلاء من جهة عدم اعتمادهم علي رکن وثيق سلبت عنهم الخشية و التقوي و اکتساب اخلاق الروحانيين و طبع علي قلوبهم باعمالهم و انکارهم و اعتقادهم قال تعالي بل طبع الله عليها بکفرهم فلايؤمنون الا قليلاً فليسوا من العلماء بل اجهل الجهال و احمق الحمقاء و انما ادخلناهم في هذه القسمة من جهة انهم في الظاهر يتلبسون بلباسهم و يسلکون مسلکهم من جهة اضلالهم و اهلاکهم ادخلناهم فيهم ظاهرا لنخرجهم منهم حقيقة و انما اطلت الکلام في هذا المقام لاني اشاهد اکثر اهل زماننا من هذا القبيل عصمنا الله و اياک من الزلل بمحمد خير الرسل و ائمة هداة السبل.

الثاني انه غير فطرته باعتبار النظر الي کلمات الغير المعصوم عليه السلام و استنبط منها قواعد و کليات و اعتقد حقيتها فکل ما ترد عليه من العلوم و الاحکام و العقايد من الحق و الباطل يزنها بتلک القواعد و الکليات التي جعلها ميزاناً لتصحيح معتقداته فکل ما يطابقها يقبله و الا يرده و هذا خطاؤه اکثر من صوابه من جهة ان تلک القواعد من جهة عدم استنادها الي الاصل الثابت ليست بثابتة اقول ان هذا العالم لاحظ عدم الاستناد فيفکر بل اقول انه ما لاحظ الاستناد و قديقع التطابق کما رأينا کثيرا من هؤلاء الحکماء الذين نحکم بفساد معتقدهم فانهم قد يتکلمون بالحق المطابق لکن اهل هذه الطبقة ليسوا من اهل العناد و الجحود بل يقبلون الحق اذا اظهرت لهم.

الثالث انه ليس من اهل العناد و لا من الذين عندهم قواعد و کليات اعتقد حقيتها بل مال الي بعض الاشياء و انس ببعض الاشخاص و المطالب فاذا اظهرت له بطلان ما مال اليه و انس به يشکل عليه و يصعب عليه و يريد يوجه

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 593 *»

 هذا المطلب و يؤول اليه و هذا ايضاً خطاؤه اکثر من صوابه و هذا ايضاً نوع من تغيير الفطرة لکنه اسهل و اهون من الاول اي الثاني.

الرابع انه ابقي الفطرة الاصلية الحقيقية علي حالتها و ما غيرها بالميل الي الاعداء‌ و الرکون اليهم و لا بالنظر الي کلماتهم و اقوالهم و رواياتهم و لا بالنظر الي کلمات الحکماء‌ من اليونانيين و الملطيين ليعوج طريقته و لا الي کتب ضلالة هؤلاء المموهين من الصوفية القبيحة و لا الي الکتب المعروفة من المائلين الذين يأتي ذکرهم ان شاء الله تعالي في خلال الکلام و لا الي ما وجد في نفسه من غير استناد الي الله سبحانه و لا الي الائمة المعصومين سلام الله عليهم اجمعين بل قصر نظره في کلمات الائمة عليهم السلام و کتاب (الکتاب ظ) الکريم و ما يفهم منها من دون ميل الي احد و لا اخذ قاعدة و لا انس باحد و بشيء حتي يوجه و يأول کلام المعصوم الي ما يميل اليه و لا الي ما يونس به و لا الي تلک القاعدة بل ينظر اليها بالفطرة المستقيمة التي فطره الله عليها من دون تغير فيفهم مراد الله البتة لان کلام الله و کلام ائمة (الائمة ظ) الطاهرين بيان و وصف لتلک الفطرة و ذکر نقوشها و توصيف لها فان الله وصف آثاره الفعلية و ما اراد الله من الخلق لخلقه بوصفين وصف حالي و هو اجلاهما و اعظمها و هو الفطرة و معرفة الآفاق و الانفس قال تعالي سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قال الصادق عليه السلام و کل‌ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية الحديث و قال الله تعالي و کأين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون و وصف مقالي و هو القرآن و الکتب السماوية و الاخبار النبوية و الآثار المعصومية صلوات الله عليهم و هو علي طبق الاول حرفاً بحرف و لذا قيل ان الکتاب التدويني طبق الکتاب التکويني و قد حققنا في کثير من رسائلنا ان الحروف طبق الذوات علي الترتيب و لذا ورد عن اميرالمؤمنين عليه السلام انه ظهرت الموجودات من باء بسم الله الرحمن الرحيم و قوله عليه السلام و انا النقطة تحت الباء و امثالهما من الروايات من هذا القبيل فالذي اکتسب العقايد بما تدل عليه الفطرة اي الهيکل الانساني اي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 594 *»

 الصورة الانسانية التي هي اعظم حجة الله علي خلقه و ما تدل (يدل ظ) عليه کتاب الله و احاديث آل الله من دون ميل و انس و اخذ قاعدة الي الغير بالغير من الغير فهو حق لا شک فيه و لاريب يعتريه بشرط ان‌يدل العقل الشرعي عليه و هذه المعرفة ان تعلقت بالظاهر و ما حصل لصاحبه الترقي الي المراتب الباطنية فهي عين ظاهر الشريعة من دون تفاوت و لو بقدر رأس شعير و ان تعلقت بالباطن و ما فوقه من المراتب و هي تطابق ظاهر الشريعة حرفاً بحرف بحيث لاتخالف بينهما بوجه کما ذکر غير مرة و هذه المعرفة لاتحصل الا بالانقطاع عن الخلق و التوجه الي الله سبحانه بالعلم و العمل فکل عمل يزيد علماً و کل علم يدعو و يحث و يرغب صاحبه الي العمل حتي بلغ به ما بلغ من الرشد و الکمال هذا والله هو المؤمن الذي ما عداه بهايم قال الباقر عليه السلام ان الناس کلهم بهايم الا المؤمن و المؤمن قليل و المؤمن قليل و هذا و امثاله الکبريت الاحمر کما في الحديث في وصفهم و هذا هو القرية‌ الظاهرة التي امرنا ان ‌نسير فيها الي القرية المبارکة قال الله تعالي و جعلنا بينهم و بين القري التي بارکنا فيها قري ظاهرة و قدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً آمنين قال الباقر عليه السلام نحن القري التي بارک الله فيها و القري الظاهرة شيعتنا هـ و تلک الشيعة هؤلاء الجماعة التي يوصلونک الي امامک و يعرفونک مقامهم و مرتبتهم و يعرفونک من احوال امامک ما اذا دخلت عليه تخر مغشياً عليه و تقول اشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريک له و اشهد ان محمدا عبده و رسوله و فيه سر لاتعرفه الا اذا عرفتهم عليهم السلام بالنورانية و هذا هو المؤمن الذي امتحن الله قلبه للاسلام و شرح صدره للاسلام المرادف للايمان من الطائفة (الطوائف ظ) الثلاثة الذين انحصرت فيهم معرفة احاديث اهل البيت عليهم السلام کماقالوا ان حديثنا صعب مستصعب اجرد کريم ذکوان مقنع لايحتمله الا الملک المقرب او النبي المرسل او المؤمن الذي امتحن الله قلبه للاسلام(للايمان ظ).

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 595 *»

لمعة: يا اخي وفقک الله تعالي اذا وجدت هؤلاء الزمهم فانهم يرشدونک الي الصراط المستقيم و الي النهج القويم و الي الطريقة (التي ظ) بينها الائمة المعصومون و لا سبيل لک الي الامام و الي معرفتهم و الي کيفية التمسک بهم الا منهم و هم المتعلمون عند ائمتهم و سادتهم قالوا عليهم السلام نحن العلماء و شيعتنا المتعلمون و ساير الناس غثاء لکن افتح عينک لئلا‌تقع الي مهلکة مهلکة قال و نعم ما قال:

و کل يدعي وصلاً بليلي

و ليلي لاتقر لهم بذاکا

اذ انبجست دموع في خدود

تبين من بکي ممن تباکا

و لابد لک من علامة تتميز بين هؤلاء الاکابر و الکذابين و هي العلم و العمل اما العلم فبأن يکون جميع علومه مستندة الي الائمة عليهم السلام بل الي اربعة اشياء:

الاول العقل المستقيم الشرعي علي ما بينا لک.

الثاني کتاب الله فان العقل الصرف من غير استناده الي کتاب الله سبحانه باطل البتة و الا يلزم ان‌يکون کل مذهب و ملة علي الحق قالت البراهمة انا لانحتاج الي النبي و لا الي الرسول لان الرسول يجيئنا من الله تعالي بما يدرک عقولنا ام لا فان کان الاول فلانحتاج لان عندنا عقول نعمل بما تدرک و ان کان الثاني فلانقبله و لانؤمن به.

الحاصل ان العقل وحده لايکفي في معرفة الحقايق و العقايد و انما يعتبر اذا کان مستنداً الي کتاب الله و سنة نبيه صلي الله عليه و اله و قد حققنا القول في هذه المسألة العظيمة في رسالتنا مقامات العارفين باکمل بسط و ليس هذا بتقليد بل هو تصحيح کما ان اهل المنطق يصححون انظارهم بالقياسات التي عندهم من الاقترانية و الاستثنائية و برهنا في ذلک الکتاب ان العقل و الشرع واحد لا اختلاف بينهما بوجه و بينا سر عدم موافقة بعض العقول للشرع و ليس هنا موضع استقصائه.

الثالث احاديث اهل البيت عليهم السلام فان الکتاب وحده ما يکفي لظاهر العوام و لاتمام حجتهم و ان کان هو وحده الکافي الشافي لاشتماله علي

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 596 *»

الناسخ و المنسوخ و المحکم و المتشابه و التقديم و التأخير و الالتفات و غير ذلک و اذا طابق العقل مع الکتاب فلايحکم بحقيقته للعلة المذکورة اذ ربما يکون منسوخاً او باعتبار التقديم و التأخير اختلف معناه فلايجوز لک الحکم الصريح بذلک فلابد ان‌يأتي له بدليل من کلمات اهل بيت الوحي و التنزيل اهل الترجمة و التفسير يدل علي مراد الله في القرآن المطابق للعقل.

الرابع الافاق و الانفس و هو العالم من الغيب و الشهادة فان الله سبحانه و تعالي ما کلفک بشيء من العلوم و المعارف و الحقايق الا و قدخلق له مثالا في العالم و هو الوصف الحالي و هو الکتاب التکويني و قد کتب الله سبحانه في هذا الکتاب جميع صفاته الافعالية و آثاره الخلقية و اما الذات و صفاتها فنحن معزولون عن ذلک غير مکلفين به و من قرأ ذلک الکتاب و عرف معاني حروفه لايخطوا (يخطأ ظ) ان شاء الله و هو قوله تعالي و يضرب الله الامثال للناس و مايعقلها الا العالمون اي العالمون بکيفية الاستدلال و قال تعالي او لم‌ينظروا في ملکوت السموات و الارض و ان عسي ان‌يکون قد اقترب اجلهم و قال تعالي و کأين من آية في السموات و الارض يمرون عليها و هم عنها معرضون قال اميرالمؤمنين عليه السلام مخاطباً للانسان في الاشعار المنسوب اليه صلي‌الله‌عليه‌و‌آله:

و انت الکتاب المبين الذي

باحرفه يظهر المضمر

الحاصل ان العقل المطابق للقرآن المطابق للاحاديث ان طابق المثال الذي خلقه الله سبحانه في هذا العالم فهو حق البتة ليس فيه شوب باطل لانه قداجتمعت فيه اربعة اشياء و کل واحد منها مستقل في التميز بين الحق و الباطل و اما الاحاديث فليس کل حديث يروي معمول به بل لابد من النظر فيه علي التفصيل المذکور في الروايات و العارف اذا اتي في کل مطلب ادعي بهذه الادلة الاربعة من حيث المجموع فاعلم ان المؤمن الذي امتحن الله قلبه للايمان و لايکفي اذا اتي بالکل في بعض المطالب دون بعض فانه ليس منهم او اتي بالبعض في کل المطالب لانه قد يکون من القاء الشيطان و حکمه بالمتشابه دون المحکم هذا

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 597 *»

 دلايل علمه و من الدلايل انه يعطي الکل بقدر ما عندهم من الاستعداد و لابرز منه ما يخالف ظاهر ما عليه عامة الناس.

و اما العمل فبأن لايترک النوافل و المستحبات و لا معاشرة الناس و حسن سلوکهم و لکن يکون بدنه مع الناس و قلبه يتعلق بالرفيق الاعلي و يذکر الموت کثيرا و يستعد له قبل حلوله و يتجافي عن دار الغرور و يستعد لعالم السرور و يترقي الي عالم النور کلامه ذکر و صمته فکر و نظره اعتبار صمته اکثر من کلامه و تکون اوقاته موظفة للطاعات و العبادات و النظر الي المصنوعات علي حد ما قال سيدالشهداء عليه السلام في دعاء عرفة الهي امرتني بالرجوع الي الاثار فارجعني اليها بکسوة الانوار و هداية الاستبصار حتي ارجع اليک منها کما دخلت اليک منها مصون السر عن النظر اليها و مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انک علي کل شيء قدير الدعاء و معاشرة الناس علي ما قلنا و حضور الجماعات و قلة الاکل و کثرة البکاء في الخلوات و اعظم العلايم انک اذا دخلت عليه تنسي الدنيا بحذافيرها و تقبل علي الآخرة و لاتذکرها الا اذا خرجت من عنده و اذا وجدت مثل هذا الرجل فعليک بملازمته فانه القرية الظاهرة.

و احمد الله و اشکره انه قد وفقني (وفق ظ) هذا المهجور المسکين المستکين في عنفوان الشباب قبل العشرين ادراک ملازمة المؤمن الممتحن و لما عرفته و انقطعت اليه لما علمت من ان الانقطاع اليه عين الانقطاع الي الله لکونه القرية الظاهرة للسير الي القرية المبارکة الهمني الله سبحانه ببرکة اجدادي المعصومين من العلوم و الاسرار و معرفة البواطن القرآنية و الاحاديث النبوية فوق استحقاقي و قابليتي ولکنه من فضله يرزق من يشاء بغير حساب اقول بلسان حالي و مقالي:

کلما قلت اعتق الشکر رقي

جعلتني لک المکارم عبداً

اين مهل الزمان حتي اؤدي

شکر احسانک الذي لايؤدي

فاذا عرفت العلماء و اقسامهم عرفت ان الاولين لا خير فيهم و لا احد ينتفع بهم الا الضلال و ان القسم الرابع انما يدور مدار الحق و خطاه قليل قليل

 

«* جواهر الحکم جلد 8 صفحه 598 *»

من جهة عدم عصمتهم و ذلک الخطاء ان فرض تحققه معفو عنه حيث کونه من الذين قال الله تعالي فيهم الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و قد هداه السبيل و عرفه المدلول و الدليل و اخرجه عن عالم القال و القيل و عرف الحيث و الکيف و اللم و عرف مفصوله و موصوله و ما يؤول اليه اموره هنيئا له ثم هنيئا له جعلني الله و اياکم منهم و من المستنيرين بنورهم و هو حسبنا و نعم الوکيل نعم المولي و نعم النصير و السلام علي محمد و آله هداة السبيل.