رسالة فی جواب السید حسن رضا الهندی
من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج
سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه
«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 3 *»
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: کيف قولکم في الادلة الاربعة الاصولية التي عليها مدار استنباط الاحکام الشرعية الفرعية من الکتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل التي قد امرنا بالرجوع اليها و استنباط الاحکام منها من امناء رب العالمين صلوات الله عليهم اجمعين و کيف طريقة استنباط الاحکام منها بالقواعد المعلومة المقررة عند الاصوليين المتداولة المشهورة بين الفقهاء من المتقدمين و المتأخرين کالعلامة و المحققين و الشهيدين و الشيخين رضوان الله عليهم الي يوم الدين و متأخري المتأخرين کالعلامة المجلسي و الشيخ البهائي (البها خل) العاملي و الاقا باقر البهبهاني و السيد مهدي الطباطبايي و الميرزا ابوالقاسم القمي و غيرهم من العلماء الاعلام الاصوليين و الفقهاء الکرام العالمين العاملين اعلي الله درجاتهم في اعلي عليين هل هي الطريقة الحقة المکلف بها في زمن الغيبة المأمور بها في اوان الحيرة فمن بذل جهده و استفرغ وسعه فيها و سلک مسلکها فاصاب و استحق الثواب و ان اخطأ و اصاب و من تخلف عنها و سلک طريقة و رآها فقد هوي في مهوي اهوائها و ما بلغ الصواب و لا الثواب ام عندکم طريقة اخري في استنباط الاحکام الشرعية الفرعية غير هذه الطريقة السوية المستقيمة المتعارفة المتداولة بين العلماء العاملين و الفقهاء الکاملين من الفرقة الحقة المحقة الامامية و هذه هي الطريقة الحقة المنقذة من الاقتحام في الهلکات المنجية من الورطات المهلکات الموصلة الي الدرجات العاليات الواصلة الي مراتب العلماء الممدوحين في الايات و الاخبار المتواترات و تلک الطريقة المتداولة مرجوحة متروکة مذمومة عندکم کما اشتهر بين اصحاب المقالات فالمأمول من جنابکم ان تبينوا لي ما هو الحق عندکم من الطريقة الاولي و الاخري ليرتفع عن قلبي تشکيک المشککين و اتبع الهدي و قد خاب من افتري و عليه وزر الکذبات و الافتراء و نکال الاخرة و الاولي.
«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 4 *»
الجواب: و من الله تعالي الهام الصواب اقول و انا العبد الجاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه المسألة قد اختلفت فيها آراء العلماء و تشتت فيها اقوال الفقهاء و تفاوتت في البلوغ اليها احلام العقلاء و لو اردنا بيان الاختلافات الواقعة و تعدد المذاهب (المذهب خل) و الاقوال لطال بنا المقال و لايسعنا الان ذلک لاختلال البال و اغتشاش الاحوال و تراکم الاعراض المانعة من استقامة الحال و قد اشبعنا الکلام في ذلک في کثير من الکتب و الرسائل و اجوبة المسائل و نذکر في هذا المقام ما هو صريح الاعتقاد مجردا عن البيان و الاستدلال فاقول واثقا بالله الملک المتعال ان الذي اعطاني النظر بعد ان اعطيته حقه و اتيت البيت من بابه مستعينا بالله و متوجها الي جنابه ان الطريقة المثلي من تلک الطرائق (الطريق خل) و الحقيقة الوسطي من هذه الحقايق ما عليه محققوا علمائنا الاصوليين و مدققوا فقهائنا المجتهدين من المتقدمين و المتأخرين و متأخري المتأخرين ممن سميتهم و (و من خل) لمتسمهم من اکابر العلماء الاجلاء و افاضل الفقهاء النبلاء من هذه الفرقة المحقة قدس الله ارواحهم القدسية و طيب الله انفاسهم الزکية (الزکية انفاسهم خل) من دوران استنباط الاحکام الالهية الفقهية علي هذه الادلة الاربعة اي الکتاب و السنة و اجماع الفرقة المحقة و العقل المستنير المتخلص عن الشک و الشبهة و حصول القطع المنزه عن وصمة الظن و الريبة و ما يؤول الي هذه الاربعة من التفريعات الحقيقية (الحقيقة خل) اما الکتاب فالحجة منه المحکمات دون المتشابهات الا بعد البيان و نصب القرائن و توضيح الحال من الائمة السادات سلام الله عليهم و المحکمات اعم من النصوص و الظواهر و اما السنة فالحجة منها المتواترات و الاحاد الصحاح و المحفوفة بالقرائن القطعية او الظنية و ما ليس له معارض اصلا و ما له معارض فان کان اقوي يطرح الاضعف و ان تساويا تطلب المرجحات الموجودة المفصلة في کتب علمائنا الاصوليين المأخوذة عن ائمتنا المعصومين سلام الله عليهم اجمعين و عند فقد المرجحات التخيير مع التحري علي الاصح بعد (الاصح و اما خل) الارجاء ان امکن و اما الاجماع الکاشف عن قول
«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 5 *»
المعصوم (ع) فالحجة منه سبعة اقسام الضروريان و الاجماع المرکب و الاجماع المحقق العام و المحصل الخاص و المنقول بشرط العلم بالمنقول عنه و السکوتي علي الاصح بشرط عدم المخالف و عدم المعارض و اما دليل العقل فهو حجة عند الاتفاق و اذا اختلفت العقول فالمناط القطع الثابت الجازم المطابق للواقع و ان کان ثانويا و ما يؤول الي هذه الاربعة من الشهرة فانها حجة عند فقد المعارض الاقوي و الاستصحاب و اصالة البراءة و اصالة الاباحة و ما يتعلق باحکام اللغات و الدلالات من المنطوق و المفهوم و دلالة الاقتضاء و التنبيه و الاشارة و فحوي الخطاب و لحن الخطاب و مباحث الاشتقاقات و احکام الدلالات و کيفية تصاريفها في مجري اللغات و معرفة العرف الخاص و العرف العام و تمييز (تميز خل) عرف الشرع عن غيره و تقديمه علي غيره و الا فالعرف العام و الا فاللغة ان لمتختلف و الا فالتماس البيان من اهل المعاني و البيان عليهم سلام الله الملک المنان و امثال ما ذکرنا مما هو مفصل في کتب علمائنا رضوان الله عليهم فانه هو الحق الذي يجب الرجوع اليه عند حرمان ملاقاة الامام عليه السلام و مشاهدته و ادراک فيض حضوره و قد استمرت علي ذلک طريقة جميع اهل الملل و الاديان بل طريقة جميع اهل العقول و الافهام عند العمل و ان اختلفوا في القول و لذا قال العلامة الماهر الاقا باقر البهبهاني قدس الله نفسه ان الاخباريين مجتهدون من حيث لايشعرون.
فبالجملة (و بالجملة خل) فهذه الطريقة هي الطريقة التي عليها عملي و اعتقادي و اخذتها من مشايخي لاسيما شيخي و سندي و معتمدي خاتم المجتهدين الشيخ احمد بن زينالدين اعلي الله مقامه فاني اخذت منه رحمه الله في هذا العلم و غيره من العلوم حظا وافرا و نصيبا متکاثرا و ما عهدته في استنباط الاحکام الفقهية الا ما عليه فقهاؤنا المجتهدون و علماؤنا الاصوليون (الاصوليين خل) و کان شديد الطعن علي مخالفي هذه الطريقة کماذکره في عدة من الرسائل و اجوبة المسائل مثل اجوبة مسائل الشيخ حسين بن عصفور البحراني مما سأله ابوه في الرؤيا و رسالة مستقلة في الاجماع و رسالة
«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 6 *»
في المبادي اللغوية و شرحه علي تبصرة العلامة و غيرها من الکتب و الرسائل التي يطول بذکرها الکلام فمن نسب غير ذلک اليه فقد کذب و افتري و ضل و غوي و اتي بما يکرهه الله و رسوله و ائمة الهدي عليهم سلام الله مادامت الارض و السماء و وزره (فوزره خل) عليه يوم الجزاء و الحاصل ان هذه الطريقة التي سلکها (ملکها خل) مشايخنا کالشيخين و الفاضلين و الشهيدين و امثالهم ممن حذا حذوهم و نهج منهجهم هي الطريقة المرضية التي يحبها الله و رسوله و امناؤه صلي الله عليهم و امروا بالسلوک فيها وهي المجاهدة في الله التي تعقبها الهداية في قوله تعالي الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و ان الله لمع المحسنين.
فالذي ينکر حجية الکتاب ان اراد به متشابهاته فحسن و صواب و ان اراد به مطلقا فترده روايات عرض الاحاديث علي القرآن و تصحيحها و جرحها و تعديلها به فلو توقف معرفته عليها لدار و لو لميعرف القرآن بالکلية لمتثبت کونه معجزة و الحديث المتفق عليه بين الفريقين اني مخلف فيکم الثقلين اوضح شاهد علي ذلک و الظواهر القرآنية عند فقد القرائن الصارفة تقوم مقام النصوص و الا کان اغراء بالباطل و نقصا في الحکمة فتقوم حينئذ مقام النصوص فالفرق اذن تحکم بارد و قول فاسد و تغيير (تغير خل) القرآن بالنقصان لاينافي الحجية فان الموجود قرآن قطعا و کلام الله و کل ما هو کلام لله (الله خل) حجة.
و الذي ينکر حجية اخبار الاحاد فان کان مراده المتشابهات و (او خل) الضعاف کالموثقات و المراسيل و المضمرات و المجهولات و امثالها مما يورث الضعف في الرواية عند فقد القرائن و الشواهد و المرجحات فحسن و الا فترده روايات الامر بحفظ الکتب و روايات العمل عليها و روايات الامر بالکتابة و روايات امر الاصحاب ببث الاخبار و نشر الاثار و هذه الجملة قد بلغت حد التواتر و ان کان کل جزء من الاحاد فلا ايراد و قوله تعالي ان جاءکم فاسق بنبأ فتبينوا و سيرة اهل العقول و الاجماعات المحققة المنقولة و لعمري ان انکار مثل هذا مصادمة للضروري و مزاحمة للبديهي و القول بلزوم حصول القطع من هذه الاخبار ان ارادوا به القطع الاولي الواقعي فممنوع بشهادة
«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 7 *»
الاختلاف و جواز العمل باقوال المختلفين و قولهم عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينکم و قولهم عليهم السلام راعيکم الذي استرعاه الله امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم و الواقع واحد و الاختلاف تعدد و بينهما تناقض لاستلزام ثبوت کل واحد منهما رفع الاخر و ان ارادوا به الواقعي الثانوي المعبر عنه في عرف الفقهاء و المجتهدين بالحکم الظاهري فالقطع حاصل و الا لماصح له العمل بذلک و ذلک بضم مقدمة بديهية الانتاج هذا ما ادي اليه ظني الخ و بذل جهد المجتهد المستوضح و استفراغ وسعه و مجهوده و فقد القرائن المعارضة و الشواهد النافية يقوم مقام العلم بل هو العلم حقيقة لاستلزام عدمه الاغراء بالجهل و الباطل تعالي ربي عن ذلک علوا کبيرا و هو سبحانه يقول و هو اصدق القائلين و علي الله قصد السبيل و لاتحرک به لسانک لتعجل به ان علينا جمعه و قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه و تفصيل القول في هذا المقام يطلب في سائر مصنفاتنا لاسيما جواب مسائل الملامهدي في بيان الادلة الاربعة فان ما فيها غنية للطالب المسترشد.
و الذي ينکر الاجماع فان کان مراده حصوله مطلقا فهو انکار للوجدان فان عدم حصوله له لايستلزم عدم حصوله لغيره الا بدليل قاطع يدل علي الاستحالة و ذلک ممنوع البتة و دون اثباته خرط القتاد و ان اراد مطلق الاجماع و ان لميکن کاشفا عن قول المعصوم عليه السلام فهو حسن و لاتدعيه الشيعة الفرقة المحقة و ان اراد بعد الکشف عن قول المعصوم عليه السلام فهذا رد علي المعصوم عليه السلام و الراد عليه الراد علي الله و هو علي حد الشرک بالله و لا اظن يقول به احد من الشيعة و اما الاجماع المنقول فان کان منقولا عن المحقق العام فلاريب في حجيته و ان سبيله سبيل الخبر الواحد تشمله آية النبأ و ان کان منقولا عن غيره فلاحجية فيه فان حجية الاصل المنقول عنه ليست عامة لغير المحصل ففي الفرع بالطريق الاولي اذ ليس فهم احد من الفقهاء حجة علي الاخر و لذا ساغ رده و الانکار عليه و لايسعنا الان تفصيل هذا الاجمال و الاشارة کافية لذلک المولي المفضال.
«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 8 *»
و اما الذي ينکر الشهرة فيرده قوله عليه السلام خذ ما اشتهر بين اصحابک و اترک الشاذ النادر فان المجمع عليه لاريب فيه و ادلة اخري.
اما (و اما خل) الاستصحاب و اصالةالاباحة و اصالةالبرائة فالروايات به متظافرة متکاثرة کالايات کما هي مفصلة في کتب الاصحاب.
و بالجملة ما عليه علماؤنا المجتهدون هو الحق الذي لا شک فيه و لاريب يعتريه و عليه عملي و اعتمادي في الاحکام الفقهية الشرعية و ليست عندنا طريقة اخري تنافيها و تعاندها نعم للعلماء طرق و استنباطات تتفاضل درجاتهم بها بسرعة السير و عدمها کماتري اختلاف العلماء في النحو و الصرف و تفاوت درجاتهم فيها کما هو معلوم ظاهر و اليه يشير قوله تعالي و فوق کل ذي علم عليم فمن نسب الينا غير هذه الطريقة السوية التي اشرنا الي مجملها التي عليها کافة علمائنا الاصوليين فقد اتي باطلا و قال زورا و بهتانا سبحانک هذا بهتان عظيم يعظکم الله ان تعودوا لمثله ابدا ان کنتم مؤمنين والله خليفتي عليک و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين قد املي هذه الکلمات العبد الجاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي حامدا مصليا مسلما مستغفرا.