09-05 جواهر الحکم المجلد التاسع ـ رسالة اصولية في جواب الآقا محمد تقي ـ مقابله

رسالة اصولیة فی جواب الآقا محمد تقی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 107 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي محمد و آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الانجد الامجد ذا الفهم و الوقار و الفکر النقاد اللوزعي (اللوذعي ظ) الالمعي راقي مراق (مراقي ظ) المعرفة و سالک مسالک المحبة احب الا خوان الروحاني و اصدق الاخلاء الايماني التقي النقي الاقا محمدتقي سلمه الله تعالي قد سألني عن مسألة طال ما تنازع فيه علماؤنا الاعلام و تشاجر فيها فقهاؤنا الکرام و اکثروا فيها من النقض (النقص خ‌ل) و الابرام و تغوصوا في هذا اليم الهائل و لم‌يصلوا بتصادم امواج الشکوک و الشبهات الي الساحل (الاصل خ‌ل) و اراد من الحقير حقيقة الجواب و الاشارة الي مخ الحق و الصواب مما وصل الي من تصفح طريقة الائمة الاطياب عليهم سلام (صلوات خ‌ل) الله في المبدأ و المآب و انا مع قصور باعي و قلة اطلاعي و فکري الکليل و فهمي العليل و متاعي القليل مايسعني ايراد کل ما اعلم و اثبات کل ما افهم اذ ابتليت بزمان قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعي الغي اتباعه فکثر ملبوه و شاع مجيبوه ولکني مورد لايسع (مايسع خ‌ل) بيانه و لايصعب برهانه لمقام السائل عندي و رکوز محبته في قلبي و کونه اهلاً للجواب و ان لايمنع الحکمة و فصل الخطاب و الله الموفق للصواب و جعلت کلامه ايده الله تعالي متنا و جوابي کالشرح له کما هو عادتي في اجوبة المسائل مراعيا لحصول کمال الانطباق و تحقق غاية‌ المطابقة و الوفاق و الله المستعان و عليه التکلان.

قال سلمه الله تعالي: مولانا و مقتدانا من الله بوجودکم علينا مانجد اليوم في المعارف مثلکم شرح الله صدورکم بانواره و اطلعکم علي کثير من اسراره فمنوا علي کالسائل الناقص بالجواب المبين الازهر و اما السائل فلاتنهر اني

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 108 *»

ماوجدت منهلا اعذب و موردا اطيب من شرع افاداتکم و لايکون للظمآن ماء احلي و اهني (اهلي خ‌ل) من زلال افاضاتکم تشفعوا ببيان الجواب (الجواب به خ‌ل) بدليل النقل و برهان العقل حتي تکشف علي (عني خ‌ل) حجب الحيرة و الاعمي بصير علي البصيرة.

اقول قوله ايده الله شرح صدرکم (شرح الله صدورکم خ‌ل) بانواره، المراد بهذه الانوار انوار تشعشعت و تلألأت من باطن الکرسي من اللوح المحفوظ الي ظاهره الي سر الشمس و غيبها و منها الي غيب النيران المستجنة في باطن الکواکب لاسيما الي السماء الثانية (سماء الثالثة خ‌ل) عند الملائکة الثلاثة شمعون و سيمون و زيتون الواقعة منها الي مواقع الحواس المبثوثة في الدماغ عن الصدر فافهم.

و قوله علي کثير من اسراره و هي اربعة نوعا (انواع خ‌ل) و سبعة صنفا (اصناف خ‌ل) و سبعون شخصا في مقامات الاضافة و الا فمراتبها لاتتناهي قال الله تعالي في حديث القدسي کلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً (علما خ‌ل) ليس لمحبتي غاية و لا نهاية و قال تعالي خطابا لنبيه صلي الله عليه و آله و قل رب زدني علماً و هو علم الاسرار الخارجة عن معدن الغيب بسر عظمة الجبار القهار و الاشارة الي الاربعة المصرح بها في الاول في کلام مولانا الصادق عليه السلام علي مارواه الصفار في بصائر الدرجات انه قال عليه السلام ان امرنا هو الحق و حق الحق و هو الظاهر و باطن الظاهر و باطن الباطن و هو السر و سر السر و السر المستسر و السر المقنع بالسر.

و قوله سلمه الله و منوا علي السائل (عليه کالسائل خ‌ل) الناقص المراد به سر الحاجة و حقيقة انصافه (الفاقة خ‌ل) و تزايد الاستعدادت المستفيضة لتزايد الامدادات فالممکن دائما هو الزايد الناقص و هو الحار (الجار خ‌ل) المنجمد فلايقف عن الطلب و لايخلو (لايخطو خ‌ل) عن المدد و هما البحران الملتقيان بينهما برزخ لايبغيان و المؤمن دائما لسان اعماله و اقواله (اقباله خ‌ل) مطابق

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 109 *»

للسان کينونته و حاله و هو دائما نصف الشيء ناقص عن التمام فضلا عن الکمال لان الشيء انما يتم بسلطانين سلطان الليل و سلطان النهار فالاول من نفسه دائما و الثاني من ربه مستمرا فهو ابدا بما هو طالب ما عند ربه و ان کان ما عنده بربه و هو قوله تعالي ادعوني استجب لکم و في الدعاء اللهم اني ادعوک کما امرتني فاستجب لي کما وعدتني و الکافر حيث انه يري نفسه مستقلة فکانت بذلک مضمحلة کان تاما أفرأيت من اتخذ الهه هواه و الي ما ذکرنا الاشارة بقول اميرالمؤمنين عليه السلام لما سأل الجاثليق عن تمام الشيء و نصفه قال عليه السلام اما تمام الشيء فکافر مثلک و اما نصفه فمؤمن مثلي.

قوله سلمه الله بالجواب المبين الازهر يريد ما زهر نوره عند الملائکة الکروبيين و المقدسين (الکروبيين المقدسين خ‌ل) و الروحانيين لا ما تداوله ايدي الاقيسة و البراهين مما عند الناس من الحکماء و المتفلسفين و المأخوذة من کلمات العامة العمياء الملحدين و قد قال عليه السلام علي ما في (ما رواه في خ‌ل) الکافي ما معناه ذهب من ذهب الي غيرنا الي عيون کدرة يفرغ بعضها في بعض و ذهب من ذهب الينا الي عيون صافية تجري بنور الله و لايحسن الکلام علي التفصيل خوفا من اصحاب القال و القيل و انا اقول اللهم لاتؤاخذني بما يقولون و اجعلني خيرا مما يظنون و اغفر لي ما لايعلمون.

قال سلمه الله: السؤال الاول هل يمکن حصول العلم في الشرعيات و فتح الباب لمن جاهد في الله و توجه اليه بالتصفية و التزکية و الرياضات الشرعية کما اخبر بعض علمائنا اعلي الله درجاتهم يفتح الباب لانفسهم و صرح بامتناع حصول الظن في الشرعيات لکون (لان خ‌ل) الظنون منتوجة عن العاديات و التجربيات و الطبيعيات و ليس بناء الشرع علي شيء من ذلک.

اقول اما امکان حصول العلم في الشرعيات فلا شک انه ثابت اذ لا استحالة في ذلک و لا نزاع فيه و لا احد انکر امکان العلم نعم انما الکلام في الوجود و التحقق في عالم الکون و الوجود اما وجوده (في وجوده خ‌ل) في الجملة فلاکلام فيه ايضا و لا نزاع لاتفاق کلمتهم عليه اما في الجميع کما هو مذهب طائفة

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 110 *»

من العلماء او في البعض مثل الاجماعيات الضرورية و المحققة الخاصة و العامة و ما يستفاد من الاخبار المحفوفة بالقرائن القطعية و من العقل المقطوع به الموزون بالموازين الشرعية و لاشک في استفادة العلم من هذه الاسباب و الوجوه و لايستريب فيه احد من العقلاء فضلا عن الفضلاء و کذا لاشک و لاريب في حصول العلم في الشرعيات لمن جاهد في الله و توجه اليه بالتصفية و الرياضات الشرعية و فروغ (فرغ خ‌ل) فؤاده لمحبته و اخلي قلبه لسلوک سبيل هدايته و صدره لتلاوة کتابه و آياته و نظر بصافي طويته و خالص سريرته في الامثال المضروبة في الآفاق و الانفس و جمع حواسه لارتفاع معارج مقامات القدس و الوصول الي مراتب الانس و اتصل بالملائکة الکروبيين و الملائکة المقربين و سکنة السموات و الارضين کماقال عزوجل الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائکة الا تخافوا و لاتحزنوا و ابشروا بالجنة التي کنتم توعدون نحن اولياؤکم في الحيوة الدنيا و في الاخرة فاذا کانوا اولياءه في الحيوة الدنيا فيحدثون اليه (فيتحدثون خ‌ل) الانوار و يعلمونه الاسرار و يعرفون (يعلمون خ‌ل) الحيث و الکيف و الکم و يفهمونه مفصوله و موصوله و ما يؤول اليه اموره و قد قال اميرالمؤمنين عليه السلام علي ما في الکافي ما معناه المتتبعون (المتبعون خ‌ل) لقادة الدين و الائمة الهادين الذين يتأدبون بآدابهم و ينهجون منهجهم يهجم بهم العلم علي حقيقة الايمان فيستلينون من احاديثهم ما استوعر علي غيرهم و يأنسون بما استوحش منه المکذبون و اباه المسرفون اولئک اتباع العلماء حقا الحديث و قال رسول الله صلي الله عليه و آله ليس العلم بکثرة التعلم بل هو نور يقذفه الله في قلب من يحب فينفتح و يشاهد الغيب و ينشرح فيحتمل البلاء الحديث فهؤلاء الابدال و ذکور الرجال و لاشک انه يحصل لهم العلم في جميع الاحوال بلافرق في حال دون حال و هؤلاء قليلون اعز من الکبريت الاحمر کماقال مولانا الباقر عليه السلام فهم علي بصيرة و قطع في جميع احوالهم و اقوالهم و افعالهم و ليس الکلام في هؤلاء العظام في ميدان النقض و الابرام و انما الکلام في غيرهم من الاعلام من الخواص و العوام

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 111 *»

في حصول العلم و تحققه لهم في جميع الاحکام و جميع مسائل الحلال و الحرام في کل مسألة مسألة فقد انکره جماعة من العلماء فاکتفوا بالظن فيما لم‌يحصل فيه العلم و هم المعروفون باهل الاصول و الاجتهاد الذين يستفرغون الوسع في تحصيل الحکم الظني.

و جماعة آخرون انکروا جواز العمل بالظن و استقبحوه و منعوا من التعبد في دين الله بدليل ظني و حکم غير قطعي و هم المعروفون باهل الاخبار و المحدثين الذين يزعمون اختصارهم علي الرواية و لايتعدون عنه فيحصل لهم بها (لهم العلم بها خ‌ل) بمعونة القرائن في جميع الاحکام المحتاج اليها فيعملوا بالعلم و اذا لم‌يحصل يتوقفون او يرجعون الي القواعد الشرعية و الاصول المرعية.

فاما (و اما خ‌ل) ا لحقير الفقير کثير الذنب و التقصير فلي کلام في هذا المقام لم‌يسبقني اليه احد من الاعلام فيما اعلم کتبته في هذه الايام (في هذا الامر خ‌ل) امتثالا لامر شيخنا الممجد و مولانا المسدد و مخدومنا المؤيد الشيخ محمد بن عبدالجبار القطيفي ايده الله و سدده و قد اجريت الکلام فيه علي طور انيق و طرز وثيق و ليس بعده کلام لانه غاية‌ القصد و المرام و انا احب ان اذکره (ان اسره خ‌ل) لک في هذه الوريقات لتتبين لک حقيقة الحال و تعرف بذلک نمط الاستدلال علي وجه المرغوب عند آل محمد المفضال عليه و عليهم صلوات الله بالغدو و الآصال و هو:

اعلم ان الله سبحانه کامل من جميع الجهات بکل الحيثيات و الاعتبارات و کماله المطلق يقتضي ان يجري فعله سبحانه علي احسن استقامة و اکمل ما تستحسنه العقول المستقيمة المستنيرة بنور المعرفة و البصيرة فلايفعل المرجوح و لايترک الراجح في افعاله و مفعولاته ابدا و لايعدل من الاحسن الي الحسن و لايصح ان يقال في امضاء فعله تعالي لو کان کذا لکان احسن کيف و هو سبحانه عاتب الانبياء و عاقبهم بترک الاولي و هو يفعله سبحانه القائل اتأمرون الناس بالبر و تنسون انفسکم و حاشا و کلا تعالي ربي عن ذلک علواً کبيراً. فاذا عرفت هذه المقدمة الشريفة التي هي من الابواب التي يفتح منها الف باب فاعلم ان الثبات و الاستقرار (الاستقراء خ‌ل) و الاطمينان و الوقوف علي

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 112 *»

حد العلم لکل (اکمل خ‌ل) من الاضطراب و التزلزل و عدم لااستقرار بل لايقال (بل الاطمينان يقال خ‌ل) انه اکمل لعدم الحد الجامع فاذن وجب علي الخلق (الحق خ‌ل) الحکيم ان يوفق الخلق لا علي الاضطراب و التزلزل لنقصانهما و زوالهما و اضمحلالهما و هذه النسبة جارية في کل شيء و بکل وضع و بکل رسم و لاشک ان الثبات و الاطمينان و عدم التزلزل انما يکون في العلم و القطع و اليقين دون الوهم و الشک و الظن و التخمين فوجب ان لايختار سبحانه لعبده علي القطع و اليقين شيئا من مقابلاتهما لانه نقصان في الحکمة و هو سبحانه و تعالي اجل من ان يطا (يطاء‌ خ‌ل) النقص في فعله فلما کان کلما جاز علي الله من الخير و النور في فعله وجب لعدم (بعدم خ‌ل) القوة و الانتظار في متعلقات افعاله علي وجه الحقيقة وجب ان يجري فعله علي ما اختاره کما اختار بما اختار و قلنا ان ذلک هو العلم فکان مدار الکاينات في جميع احوالها من التکوينية و التشريعية و الذاتية و التوصيفية علي العلم و القطع فعليه جرت الشريعة و اياه طلبت اصحاب الحقيقة فکان هو الامر اللازم و الحکم المبرم سبق به القضاء و جري عليه الامضاء و ثبت في الالواح و مضت علي حکمه الحقائق و الاشباح.

فتبين لک انه يقبح علي الله تعالي ان يتعبد الخلق في الاحکام الشرعية التکليفية و غيرها الا علي القطع و اليقين دون الظن و التخمين و هذا الاصل مسلم عند الکافة الخاصة و العامة لايشک فيه مسلم موحد الا ان بعضهم جعله اصلا اوليا و قالوا قد طرأ اصل آخر اخفي حکمه و غير اسمه و رسمه لاختلاف المقتضيات و هو التعبد بالظن عند سد باب العلم و قالوا ان باب العلم منسد لوجوه اختلالات الادلة من الکتاب و السنة من الوجوه الکثيرة التي ذکروها في المطولات و المفصلات و الاجماع اما لم‌يحصل اصلا في هذا الزمان کما هو رأي جماعة او قليل الوجود نادر حصوله و وقو عه کما هو رأي الآخرين و التکليف ثابت فوجب العمل با لظن الا ما اخرجه الدليل القاطع و الظن (و هو الظن خ‌ل) الحاصل من القياس و الرأي و الاستحسان و الرمل و الجفر و امثال

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 113 *»

ذلک و ما (ذلک مما خ‌ل) لم‌يدل عليه دليل قاطع فيدخل تحت الاصل الثانوي الذي هو وجوب العمل بالظن و لولا القول بوجوب العمل بالظن لزم التکليف بالمحال و هو التکليف بما لايطاق والله سبحانه منزه عن ذلک و قد قال عزوجل من قائل لايکلف الله نفسا الا وسعها و معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده و لايکلف الله نفسا الا ما آتيها و غيرها من الآيات و الروايات الواردة المواردة في (الواردة في خ‌ل) هذا الباب فاثبتوا بذلک علي زعمهم حجية مطلق الظنون و انه اصل مستقل طار علي الاصل الاول و ان باب العلم مسدود و الطريق الي العلم مفقود فوجب العمل (العلم خ‌ل) بکل ظن راجح عنده و يترک المرجوح لئلايرجح المرجوح المتفق علي بطلانه الا ما قام الدليل القاطع و البرهان الساطع علي عدم جواز العمل به مثل ما مر و اشباهه.

و هذا القول عند اهل التحقيق العارفين بالله سبحانه علي جهة التصديق فاسد باطل و مجتث زائل لعدم الموجب لانتقال الاصل الاول و اجراء حکمة الله علي سابق مشيته و ماضي ارادته و نافذ کلمته فانه تعالي لم‌يعجز عن ايصال الخلق الي اليقين حتي يکلفه بالظن و التخمين و الاسباب الموصلة الي العلم و القطع حيث ان الله تعالي اجري الاشياء باسبابها لم‌تنقطع و مادة العلم لم‌تنعدم (لم‌ينعدم خ‌ل) و لم‌تضمحل ليضطر المکلفون الي العمل بالظن الا علي القول بخلو الارض من الحجة و الاکتفاء بالآثار النبوية صلي الله عليه و آله وعدم القول بلزوم وجود حجة من الله سبحانه حي حاضر اما ظاهر مشهور او خايف مستور يتمشي هذا القول و هو عند الشيعة بمعزل عن القبول فاذا کان الامام عليه السلام حيا حاضرا بين ظهراني الخلق و المکلفين عالما باحوالهم محيطا باسرارهم و امثالهم و شهودهم و غيبهم و هم بمرأي منه او (و خ‌ل) مسمع فما الذي يمنعه عن هدايتهم و ارائهم (اراءتهم خ‌ل) السبيل و هم محتاجون جهال لايملکون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و اذا غاب شخصه عليه السلام و روحي له الفداء عنهم لم‌يغيبوا عنه و ليس شرط التدبير و التصرف الرؤية الا تري الملائکة المدبرات امراً فانهم يتصرفون في الخلق و لايرونهم و الجان يتصرفون في بني‌آدم و

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 114 *»

لايرونهم والله من ورائهم محيط و هو المتصرف المدبر في الاشياء کيف يشاء لا اله الا هو الحکم (هو له الحکم خ‌ل) و اليه ترجعون و الامام عليه السلام وجه الله الذي اليه يتوجه الاولياء و الملائکة خدامهم و الجان تحت حيطتهم و تصرفهم في الحکمين علي مقتضي المشيتين الحتمية و الفرعية (العزمية خ‌ل) کل ذلک بنص الروايات المتواترة و العقول المستنيرة فاذا لامانع من الهداية و لا مخل من الاراءة.

فان کان المانع عدم علمه و اطلاعه علي احوال المکلفين فالکتاب و السنة و اجماع الفرقة (الفرقة المحقة خ‌ل) علي اثبات علمه و احاطته و قال تعالي و قل اعملوا فسيري الله عملکم و رسوله و المؤمنون و هم الائمة عليهم السلام اجماعا و ان اعمال العباد تعرض علي الامام عليه السلام من ما شاع و ذاع عند جميع الشيعة کافة و الروايات في ذلک کانت تبلغ حد التواتر و في زيارته عليه السلام السلام علي صاحب المرأي و المسمع.

و ان کان من جهة عدم تمکنه و اقتداره للهداية و الارشاد مع غيبته و نائبه عليه السلام فانه باطل لان هدايته للخلق و ايصاله اياهم علي القطع و اليقين لايحتاج الي المشافهة و المشاهدة قطعاً کما في غيره من المبادي العالية و السافلة بل له ان يوصل المستحقين الي حقوقهم باطوار مختلفة و انحاء مشتتة من جهات التعريف بالقاء الاصول و القواعد او (و خ‌ل) جزئيات الاحکام بانحاء الدلالات علي حسب ما يري المصلحة فمنها بالتصريح و منها بالتلويح و منها بلحن المقال و منها بلحن الخطاب و منها بدليل التنبيه و الاشارة و منها بدليل الخطاب و منها بالفحوي و منها بالمثال و منها بالبيان و منها بالسؤال و منها بالجواب و منها بالسکوت و منها بالاعراض و الاهمال و منها من قبيل اياک اعني و اسمعي يا جارة و منها بالجمع و منها بالتفريق و منها بالاعلان و منها بالاخفاء و منها بالناسخ و المنسوخ و منها بالاجمال و منها بالتفصيل و منها بالکناية و منها بالتشبيه و منها يقذف (بقذف خ‌ل) في القلوب و منها بواسطة اوعية السوء و منها بروايات ضعيفة لها قرائن و منها باخبار صحيحة و منها باجماع الطائفة و منها بالشهرة المقبولة و منها بدلالة

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 115 *»

عقل موزون و منها بتنبيه هو بالتسديد يجريها بعموم او بخصوص او اطلاق او تقييد او جمع او وحدة کل ذلک بالادلة الثلاثة المحکمة دليل الحکمة و دليل الموعظة الحسنة و دليل المجادلة بالتي هي احسن و غيرها من اطوار التأييد و انحاء التسديد و جهات التعريف و هو لايعجزه تدبير رعيته و لا اصلاح غنمه و لا حفظ الشريعة التي هو شارحها و مبينها و لايصح ان يغفل عن جميع رعيته فان الله تعالي اجل من ان يجعل حجته علي الخلق ثم يخفي علمهم عنه فلم‌تکن الحجة ح بالغة و کان ذلک نقصاً و عيباً في الحقيقة (الخليفة خ‌ل) و ضعفاً في انفاذ المشية تعالي الله عن ذلک علواً کبيراً و ان کان المانع تقيته (ع) فلايصح ايضا لانه ان کانت التقية عن نفسه فلامعني لذلک بعد اخفاء شخصه و غيبته لعدم فرض الاستيلاء عليه و ان کانت عن (من خ‌ل) رعيته فذلک ايضا حکم ثانوي من احکام الله تجب الديانة به الي ان يتغير الموضوع فيرتفع حکم التقية ح.

و اما الاختلافات الواقعة بين علماء الفرقة فليست لاجل اختلاف انظارهم و خطاء ظنونهم و افکارهم بل لعدم (لعدم تمکن خ‌ل) وصولهم الي الامام عليه السلام فلاتمکنوا (فلو تمکنوا خ‌ل) من الوصول او السؤال مشافهة لمااختلفوا لان الاختلاف هو المطلوب عنده في زمانه کما کان مطلوباً في زمن آبائه عليهم السلام اما سمعت قولهم نحن اوقعنا الخلاف بينکم و قولهم راعيکم الذي استرعاه امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء جمع بينها لتسلم و ان شاء فرق بينها لتسلم و الحکمة الالهية المستودعة عندهم اقتضت الاختلاف عند فرج (مزج خ‌ل) اهل الحق بالباطل و اهل الصلاح مع اهل الفساد و سنة الخلاف باقية الا ان تزيلوا لعذبنا الذين کفروا الاية و ذلک التنزيل (التزييل خ‌ل) سبب ظهوره عجل الله فرجه کما ان المزج سبب خفائه فالاختلاف هو المطلوب الآن و قبله الا تري المشافهين لهم عليهم السلام يختلفون حسب اختلافات بيناتهم لهم (بنياتهم خ‌ل) و لذا قالوا ان هذا الاختلاف اسلم لنا و لکم و لو اجتمعتم لاخذ برقابکم.

و اما شيوع الفساد و انکباب الخلق علي المعاصي فلاينافي تسديد الامام عليه السلام لان تسديده عليه‌السلام للتعريف و التبيين لا للعمل (العمل خ‌ل) و الالجاء

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 116 *»

علي الفعل و قد قال تعالي لااکراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فالبيان شأن الحجة لا الالجاء و الاکراه قال الله تعالي و ما علي الرسول الا البلاغ (البلاغ المبين خ‌ل) مثلاً علي الحجة ان يبين انه (ان الزنا خ‌ل) حرام و معصية فاذا حصل المانع لهذا الفهم و البيان عليه ان يزيله لان البيان من الله سبحانه و علي الله قصد السبيل, ان علينا جمعه و قرانه فاذا قرأناه (فاتبع قرانه خ‌ل) ثم ان علينا بيانه فالاهمال في البيان التام نقض (نقص خ‌ل) في الحکمة و الايجاد و اما اذا عصي و زني فليس علي الله ان يمنعه و الا لکان ظالماً تعالي ربي عن ذلک علوا کبيرا فشيوع الفساد ان کان عن جهل بالفساد فذلک لايجوز بل لايقال (لايقال له خ‌ل) فساد ايضا لان الناس في سعة ما لم‌يعلمون (ما لم‌يعلموا ظ) (مما لايعلمون خ‌ل) کل شيء لک مطلق (شيء مطلق خ‌ل) حتي يرد فيه نهي فقبل وصول النهي الي المکلف هو في سعة من الفعل فلايقال ح له مفسد و ان کان بعد العلم فيما کسبت و ليس علي الله ردعهم بعد اقامة الحجة و ايضاح الدليل ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة.

و اما تعطيل الحدود فذلک لشريعة التقية فان اقامتها لايکون الا بظهوره عليه السلام و ظهوره روحي فداه مما يأبي الله مادام الخلط و المزج فلاتقام الحدود مادام الامام غائبا لشيوع الفساد و ظهوره في البر و البحر و عدم تحمل الناس الوقوف علي الحدود الشرعية الالهية و عدم بسط يد ولي الامر ليوقفهم علي الحد الحقيقي فلاتزداد اقامة الحدود الا فسادا و فتنة و ايقاعا لهذه (ايقاع لهذا خ‌ل) الفرقة المحقة الي موارد الهلکة (التهلکة خ‌ل) فمنع اقامة الحدود في وقت الغيبة و شدة المحنة من اقامة الحدود فافهم راشدا.

و بالجملة فبعد ما انعم الله سبحانه علينا بوجود امام حق عادل رؤوف عطوف عالم مطاع شاهد علينا في غيبتنا و شهودنا و ظاهرنا و باطنا (باطننا خ‌ل) قد اکمل الله تعالي بذلک النعمة کماقال سبحانه اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام دينا, فلا معني لسد باب العلم في الا حکام علينا لان هادينا و مرشدنا و ولينا معنا اينما کنا و لاتمنعه غيبته عن

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 117 *»

رعايتنا و حمايتنا لرأفته (رأفة خ‌ل) بنا و رحمته (رحمة خ‌ل) علينا و لاتصغ الي قول من قال فيه عليه السلام وجوده لطف و تصرفه لطف آخر و عدمه منا فان الجمع بين اللطفين ارجح و اکمل بالضرورة و قد سبق منا ان الله لايترک الارجح و الاولي و ان ائمتنا سلام الله عليهم لايترکون الاولي بخلاف ساير الانبياء فانهم قد يترکون الراجح الاولي و اما نبيننا و ائتنا عليهم السلام فمنزهون و مبرؤون عن جميع ذلک.

فان قلت ان التصرف يستلزم المفسدة.

قلت مطلقا ممنوع اشد المنع فيفتقر علي ما هو المصلحة من اجراء رعيته علي ما تقتضيه کينونتهم و اصلاح ذات بينهم علي اي جهة کانت من الاتفاق و الاختلاف و التقية و احکامها و اما جهل (اما ما جعل خ‌ل) الرعية مهمل الناصية مخلي السرب (علي السرب خ‌ل) يختارون لانفسهم ما يشاقون (يشاؤون خ‌ل) و يترکون ما يشاقون (يشاؤون خ‌ل) بين آيات و روايات (الآيات و الروايات خ‌ل) مايعرفون حقايقها و لا مبانيها (نفسها و لا مبينها خ‌ل) و لا معانيها و لا تصاريفها و لا وجوهها و لا دقائقها بکلهم (يکلهم خ‌ل) علي ارائهم ليعتمدوا (ليعقدوا خ‌ل) علي اهوائهم و يرجحوا بينها من انفسهم فلايکون ذلک ابدا و يأباه عدل الله سبحانه و حکمته و قيوميته و قوله تعالي لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين روف رحيم و في هذا ابطال الدين رأسا اذ لو جاز هذه التخلية في وقت جاز في کل الاوقات و قوله و عدمه منا ان اراد به المکذبين فما تقصير المصدقين الذين يطلبون دينه و شرعه و يتبرؤون من اعدائهم نعم من جهة الخلط مع المخالفين حصل لهم الضعف عن ادراکه و ملاقاته مثل الارمد بالنسبة الي نور الشمس و اما الشمس فلاتقصر عن الاشراق و الاضاءة و التدبير و التجفيف و التخمين (التسخين خ‌ل) و غيرها و مثل الطبيب بالنسبة الي الارمد فانه اذا عجز عن مشاهدة الطبيب و الاصم اذا عجز عن کلام (استماع کلام خ‌ل) الطبيب فلايقصر الطبيب عن معالجته و مداواته

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 118 *»

لاصلاحه و تدبيره کيف و الامام هو يد الله الباسطة و اذنه الواعية و رحمته الواسعة فلاتقل يد الله مغلولة لئلايشملک تأويل قوله تعالي.

فاذا نظر الفقيه العادل الجامع للشرايط المتأهل للاستيضاح و ان يطرق الباب ليرد عليه الجواب في حکم المسألة و تأمل في دليلها من کتاب او رواية او شهرة او اجماع فاذا وقف علي اجماع محقق حصل له القطع بدخول الحجة في المجمعين قولاً او رضي او تصحيحا او غير ذلک فذلک هو العلم عند الکل بالاتفاق الا ان نزاعهم في الحصول (الاصول خ‌ل) و عدمه و الا فبعد حصول العلم لانزاع في انه العلم القاطع و هو الحجة المقطوع بها و ان وقف علي شهرة تکون اجماعا فکالاجماع و ان وقف علي ما ليس له معارض و عليه قراين تفيد القطع فکما مر ايضا و ان وقف علي ما له معارض مانع عن افادة القطع فليطلب المرجحات المنصوصة في الکتاب و السنة ثم ان الامام عليه السلام ناظر الي نظره في تلک المسألة و ناظر الي حاله و کينونته من حيث نفسه و من حيث قراناته بالامور الداخلة و الخارجة من احکام التقية و غيرها و ناظر الي کل من يقلده فيها و احوالهم و ما يقتضيه اطوارهم و اوطارهم يسبب له الا سباب المرجحات علي مقتضي تلک الاسباب حتي تترجح (ترجح خ‌ل) عنده ما هو اللائق بحاله و حال مقلده (مقلديه خ‌ل) و يضعف الجانب الآخر فلايلتفت اليه فتکون (فيکون خ‌ل) صلوة الجمعة بالنسبة الي بعض علي حسب (بحسب خ‌ل) المصالح واجبة و علي آخر محرمة و علي آخر مستحبة و هکذا علي ما تقتضيه کينوناتهم فهؤلاء المختلفون لو شافهوا الامام عليه السلام بالسؤال في هذا الوقت مازاد لهم عما يسر لهم الطريق اليه حرفاً بحرف.

و اما طريق القطع و سبيله فانک اذا وقف (وقفت خ‌ل) علي دليل مسألة من آية او رواية فيجب ان تحملها علي ما هو الظاهر من المعاني الحقيقية و اللغوية و الشرعية و العرفية (الفرعية خ‌ل) فلاتصرفها علي المجاز لان الحکيم هو الذي يضع الاشياء في مواضعها و مواقعها فاذا وضع اللفظ لمعني معين فمقتضي الحکمة استعماله فيه ان يکون مانع (مانعا خ‌ل) عن ارادة المعني الحقيقي فيجب

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 119 *»

ح علي الحکيم البيان و نصب القرائن و شهادة العيان او الوجدان فاذا لم‌يجد شيئاً من هذه الموانع و کان الکلام کلام الحکيم علمنا يقيناً انه مااراد الا ما وضع اللفظ بازائه و سبيل القطع اطباق (اتباع خ‌ل) اهل اللغة او عدم المعارض و اما اذا اختلفوا فلابد من التماس دليل منهم عليهم السلام في تعين احد القولين او الاقوال فاذا وجدت اية او رواية فاحملها علي المتعارف عند اهل اللسان فانه هو المراد قطعاً و الا لم‌يکن حکيماً و کان مغريا بالباطل فان کان ذلک المعروف هو الحکم الذي يريد الله سبحانه و تعالي من ذلک سکت عنه و لم‌يردعه و خلاه و الا ردعه و نصب القراين بخلاف المدلول المعروف بين اهل اللسان فحيث سکت و لم‌يردع علمنا ان ذلک هو حکم الله تعالي يقيناً بحکم التقرير فانهم قد جمعوا (اجمعوا خ‌ل) ان التقرير يورث العلم اذا عمل عملاً او ذکر قولا او حديثاً في محضر المعصوم عليه السلام و لم‌يردعه و سکت عنه و لم‌يکن محل التقية فذلک هو الحقيقي الذي يجب العمل به و ليس شرط التقرير مشاهدة المقرر للمقرر او العکس او الجميع بل علم المقرر و تمکنه من الردع کاف قطعاً و هذا المقدار في هذا الزمان حاصل يقيناً فان العالم کله للامام عليه السلام بمنزلة واحد (بمنزلة بيت واحد و شخص واحد خ‌ل) و الخلق کلهم بمنزلة العيال الواجبين النفقة و الکل بمرأي منه و مسمع فانت اذا طلبت دينه و حکمه و شرعه و عثرت علي دليله من کتاب و سنة و تتلوه بمرأي و هو يري ان ذلک مخالف لطريقته و سنته ثم يسکت عنک و لم‌يدلک علي الصواب و لايوصلک الي فصل الخطاب فاين اذا محل التقرير و موقعه فان کان استنادک الي الروايات الدالة الناهية عن القول بغير العلم و عن قبول غير الفاسق و امثالها فهي موجودة في مقام التقرير علي المعني الذي تزعمون من حضور مجلس المعصوم عليه السلام و مشاهدته له فالجواب الجواب فاذا حصل التقرير حصل العلم القطعي بان هذا هو التکليف فاين الظن.

فان قلت ان التقرير انما تکون (يکون خ‌ل) عند عدم احتمال التقية و الخوف فاذا احتملنا التقية فلاقطع بان هذا هو الحکم التکليفي.

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 120 *»

قلت و هذه التقية لاتجري عند الغيبة ابداً لان التقية ان کانت في القول خاصة ربما يتمشي هذا القول و ان کان لغيره کما هو المفروض فيکون ذلک هو حکمنا الآن لان التقية ‌ايضا عندنا من احد الاحکام کما ورد في حديث علي بن يقطين عن الکاظم عليه السلام في الخبر المشهور من تعلم الوضوء علي طريق المخالفين ثم نهيه عنه و ردعه الي طريقتنا المعروف فان کان سکوته من جهة التقية علي الرعية فلاشک انه لايريد الا العمل بذلک اذ ليس هذا حکم مقالي ظاهري حتي يبقي من استماع احد من المخالفين بل انما هو تقية بالفعل فوجب فعله الي ان يتغير الموضوع فيرفع الحکم بنصب قرينة فحکم التقرير في الزمانين و الحالين واحد بلاخلاف و في الدعاء ما ضرني غيبتي و لانفعهم حضورهم و في التوقيع الخارج عن الناحية المقدسة حرسها الله تعالي الي المفيد (ره) ما معناه انا غير مهملين لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء و عن الصادق عليه السلام ان لنا مع کل ولي اذن سامعة و الروايات الواردة علي مضمونها اکثر من ان تحصي فاذا صح التقرير وجب لردع (ردع خ‌ل) الامام عليه السلام و اکمل الله لنا الدين و اتم علينا النعمة بنصب الامام عليه السلام و استحفاظه لامر الانام (لامر الدين خ‌ل) الي يوم القيام فاي طريق الي الظن ح الا ان يکون الله سبحانه قد قصر في ابلاغ حجة الله البالغة (الحجة البالغة خ‌ل) او الرسول صلي الله عليه و آله قصر في نصب وصي حافظ بصير مطلع ناظر الي مصالح الرعية کافة او الامام عليه‌السلام قصر في الاداء و التبليغ و الحفظ و الرياسة فما اعطي کل ذي حق حقه و ترک المصدقين المخلصين من الخلق في جهل و ظن و شک مع قدرته علي ايصالهم الي طريق العلم و تمکنه منه و ان لم‌يتمکن کان عاجزا و ان تمکن و لم‌يفعل اما ان يکون آثما او تارکا للاولي و کل هذه علي مذهب الامامية في البطلان بمکان فلم‌يبق (و لم‌يبق خ‌ل) الا النظر و السياسة علي مقتضي مصالح الرعية و قد قال عليه السلام ان الله لايخلو الارض من حجة کيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و المؤمنون جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي کل ( في

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 121 *»

کل خ‌ل) فرد فرد کما قيل اکرم العلماء فان المراد به کل فرد فرد لا المجموع من حيث هو المجموع و ذلک معلوم واضح فاذا لايحصل (فاذن ما يحصل خ‌ل) للفقيه بعد کمال الاستيضاح و استفراغ الوسع هو الحکم الالهي الحقيقي الذي لو شافه الامام عليه السلام و هو علي تلک الحالة ما زاده عليه قطعا الا ان هذا الحکم لايلزم ان يکون اوليا بل قد يکون ثانويا و لاجل التقية و غيرها.

بالجملة حکم هذا اليوم و حکم المشاهدة و المشافهة واحد و حکم القريب و البعيد سواء و حکم الحاضر في مجلسه و الغائب عن مجلسه في الغيبة و الحضور واحد في بلوغ کل احد الحکم الذي يحتاج و قد يکون حکمه الاحتياط و قد يکون حکمه التخيير و الاخير قد يقتضي المصلحة عدم الاستمرار و عدم الدوام فان کان الاول اي الاستمرار ففي الغالب يکفي الحکم عليه (اليه خ‌ل) بالاجماعات المحققة اما عامة او خاصة او الادلة المفيدة للقطع اولا و بالذات لا بانضمام مقدمة التقرير و قاعدة حصوله فلولا هذه القاعدة کان الحکم ظنيا ولکن اذا انضمت هذه المقدمة المبارکة کان الحکم قطعيا و ان کان الثاني اي المطلوب عدم الاستمرار فالغالب يلقي الحکم اليه بالقسم الثاني (الثالث خ‌ل) من الادلة الراجحة التي لولا (لولا ملاحظة خ‌ل) مقدمة التقرير کان الحکم ظنيا کما مر آنفا و ذلک بسهولة النقل و الانتقال بخلاف الاجماعيات و غيرها فان الانتقال الذي يسمونه بتجدد الرأي قد يتفق هناک الا انه قليل و ان کانت المصلحة التخيير يتعارض الادلة في نظره حتي لايسعه الترجيح و لايمکنه الارجاء و التأخير و لايمکنه طرح الجميع و لا البعض لمکان التکافؤ و لايسع التساقط عند التعارض لثبوت احد الحکمين قطعا و التميز قد خص فبايها قد اخذ (اخذه خ‌ل) من باب التسليم او سعة (التسليم وسعه خ‌ل) و ان کانت المصلحة الاحتياط يجعل له طريقا اليه و الفقيه عند النظر في المسألة لايخلو عن الحالات الثلاثة المذکورة و کلها بنظر الامام عليه السلام الحجة عجل الله فرجه و روحي له الفداء فحينئذ فاين الظن الذي يدعون و به يصلون و

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 122 *»

عليه يتعولون ان هو الا کسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتي اذا جاءه لم‌يجده شيئا و وجد الله عنده فوفيه حسابه و الله سريع الحساب.

فان قلت اذا کان للامر (الامر خ‌ل) کما ذکرت من نظر الامام عليه السلام فوجب ان لايختلفوا لان الاختلاف ليس من الله تعالي لقوله تعالي و لو کان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً کثيراً دل مفهوم الشرط علي ان ما عند الله ليس فيه اختلاف و مفهوم الشرط حجة کما هو مذهب المحققين و قال الله تعالي و لا يزالون مختلفين الا من رحم ربک و لذلک خلقهم و قال تعالي ايضاً فهدي الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق باذنه و الله يهدي من يشاء الي صراط مستقيم فاذا کان الناظر و المسدد هو الامام عليه السلام فلايجوز ان يختلفوا لانه ليس حکم الله.

قلت نعم الاختلاف ليس هو الحکم الاول ولکنه من الاحکام الثانوية کالتقية و امثالها فيجب اذا اقتضت المصلحة ذلک کما تقدم و لذا قالوا عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينکم و راعيکم الذي استرعاه الله امر غنمه فهو اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع لتسلم و غيرهما من الروايات الواردة علي وقوع الاختلاف کثيرة لاتحصي.

ثم انا نقول کل اختلاف مذموما ليس من عند الله (نقول ليس کل اختلاف مذموما عند الله کل اختلاف مذموما ليس من عند الله خ‌ل) بل الاختلاف المذموم هو الذي اخبره الله سبحانه في کتابه العزيز بقوله فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم و ليس اختلاف الفقهاء و احاديث اهل البيت عليهم السلام من هذا القبيل کما هو المعلوم.

فان قلت لو کان الامر يجري بتسديد الامام عليه السلام يجب ان لايجوز التقليد اذ المدار ليس علي فهمه بل علي ما يجري اليه (عليه خ‌ل) الامام عليه السلام حسب ما تري من المصلحة من التأييد و التسديد و هذا الحکم يساوي فيه المجتهد و المقلد.

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 123 *»

قلت ليس کل احد قابلا لنظر الامام عليه السلام و اهل (اهلا خ‌ل) لتحمل عنايته و الا لماصح بعثة الانبياء و اختيار الاوصياء عليهم السلام لان نسبته تعالي الي جميع المخلوقين سواء و تسديده الي الکل واحد ولکنه سبحانه حيث يجري الاشياء باسبابها يجريها اذا تحققت شرائط القبول فوجب بعثها الانبياء و کذلک الامام عليه السلام بالنسبة الي رعيته فانه عليه السلام يوجه عنايته الي القابل المتحمل (التحمل خ‌ل) هو العارف باحکامه المأنوس بطريقتهم و اطوارهم في جهات مخاطباتهم و کلماتهم و القائهم و تلقياتهم المکلفين منهم و انحاء الاصول الملقاة اليهم حتي يصح قوله تعالي الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و المجتهد هو العارف بطريق المجاهدة للاهتداء لتلقي الاحکام الالهية الشرعية الفرعية فيهديه الله سبحانه بتسديد الامام و تأييده عليه السلام.

و سبل فيه نکتة لفظية لطيفة و هي ان عدده اللفظي يطابق عدد محمد صلي الله عليه و آله فافهم الاشارة فالهداية متوقفة علي المجاهدة و اهل المجاهدة هم المجتهدون مثلا الشمس لها اشراق علي کل من في الارض و لايحکيها مثالها و صورتها و حرارتها الا الزجاجة و البلور فافهم ضرب المثل فان نور الشمس تسديد الامام عليه السلام و تأييده و رعايته و حمايته و قلوب (قلوب الشيعة خ‌ل) ارض حاملة (حاملة له خ‌ل) فالمجتهد کالزجاجة و البلور و ساير الرعية کالاجسام (کساير الاجسام خ‌ل) الغاسقة و الله سبحانه تعالي يقول و يضرب الله الامثال للناس و مايعقلها الا العالمون.

فان قلت فعلي ما ذکرت يلزم مذهب (بطلان مذهب خ‌ل) التخطئة و يصح مذهب التصويب فان هذه الاحکام انما تجري بنظر الامام عليه السلام فلمايکون صوابا فاين الخطاء ح مع ان الامامية مجتمعة علي بطلان مذهب التصويب و صحة مذهب المخطئة (التخطئة خ‌ل).

قلت ان المصوبة يزعمون انه ليس لله في الواقع حکم و انما الاحکام تابعة لرأي المجتهد فما ادي اليه ظنه فذلک حکم الله الواقعي و ليس له سبحانه حکم غير ذلک و لاشک ان هذا باطل فاسد قطعا فان حکم الله امر واقعي حقيقي

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 124 *»

و لايصح ان يکون تابعا او متجددا يتجدد (بتجدد خ‌ل) الاراء (لاراء خ‌ل) الناقصة و الافهام الغاسقة الباطلة و انما الاحکام الالهية تجري علي حسب المصالح الواقعية الحقيقية التي عليه الکينونة الاولي العليا التي خلقها الله سبحانه يوم کان طالع الدنيا السرطان و الکواکب کانت في اشراقها ثم لماتحرکت الافلاک و اختلطت (اختلفت خ‌ل) الطبايع و مزجت العليا بالسفلي و السفلي بالعليا تغيرت الموضوعات فاستدعت احکاماً اخر و هي ثانوية الهية و قد تسمي ظاهرية و نفس الامرية و غيرها من الاسامي فالخطاء اذا حصل فانما هو في الاولي و لم‌يحصل في الثانية مثاله المريض له غذاء في حال الصحة من الاطعمة اللذيذة و الاغذية الطيبة و اما في حال المرض فلايصلح له تلک الاغذية و الاطعمة فانها تفسده و لاتصلحه بل المناسب له العقاقير و الادوية المصلحة للمرض فالاولي هي الاحکام الواقعية الاولية و الثانية هي الاحکام الواقعية الثانوية و کل هذه الاحکام عند الله سبحانه ثابتة في اللوح المحفوظ الا ان الاولي في الورقة العليا الاولي و الثانية في الورقة الثانية و الکل عند الله محفوظ في خزائنه و اعظم الخزائن و اشرفها و اعلاها قلب الامام عليه السلام و هو العبد المؤمن الذي وسع قلبه و الاحکام (الاحکام خ‌ل) الالهية باسرها و قد ضاقت عنها السموات السبع و الارضون السبع کما في الحديث القدسي.

فالذي يقول ان الحکم الثانوي الذي ادي اليه نظر الفقيه المسمي عندهم بالحکم الظاهري قد يکون محض الخطاء و خلاف الواقع بحيث لو شافه الامام عليه السلام کان الحکم غير هذا و انما ساغ له العمل بذلک من قبيل اکل الميتة و الجيفة فقد اخطأ الصواب و تعدي في الجواب بل الله سبحانه اجل من ان يکل الخلق الي آرائهم (رأيهم خ‌ل) حتي يقولوا في الاحکام العملية التي عليها مدار الفروج و الدماء و النسل و ترقيات الدنيا و الآخرة علي مظنوناتهم ثم تخير (يجيز خ‌ل) الله تعالي بهم تلک الظنونات الکاذبة و الآراء الفاسدة و الاوهام الکاسدة فمن نسب الي الله تعالي ذلک فقد اخرج الله عن سلطانه و عزله عن حکمته و ازاله عن قيوميته تعالي الله عمايقولون علوا کبيرا.

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 125 *»

فان قلت ان الخطاء و الوهم في الموضوعات قد يتفق يقيناً فان المکلف ربما يباشر النجاسة و يتصرف في الحرام و المغصوب و غير ذلک و لم‌يعلمه بها و قد اجاز الله تعالي له ذلک و صح عمله و لم‌يکلفه بما هو الواقع فليکن تلک الاحکام المظنونة التي تقع فيها الخطاء من هذه القبيل فان الضرورات تبيح المحذورات.

قلت هذا قياس سيما مع الفارق فان امر الموضوعات و معرفتها راجعة الي المکلفين و هم الذين عليهم معرفتها و تميزها و تشخيصها و المداقة فيها حتي يميزها کما هو الواقع ليجتنب من النجس و الحرام و المغصوب و غير ذلک و لکن الله سبحانه لماکان يريد بهم اليسر و لايريد بهم العسر سهل عليهم ذلک و قال کل شيء نظيف حتي تعلم انه قذر و کل شيء حلال حتي تعلم الحرام بعينه فتدعه و ذلک من اوسع الاحکام و اما نفس الاحکام فبيانها راجع الي الله سبحانه و تعالي لاتحرک به لسانک لتعجل به ان علينا جمعه و قرانه فاذا قرأناه فاتبع قرانه ثم ان علينا بيانه فاذا کان بيان الاحکام راجعاً الي الله سبحانه و هو لايعجزه شيء فکيف يکل فهمها الي الخلق انفسهم فهل انزل الله تعالي ديناً ناقصاً فاستعان به علي آرائهم ام قصر الرسول و اوصياؤه عليهم السلام في التبليغ و الاداء ام هم شرکاء لله فلهم (فيهم خ‌ل) ان يقولوا و عليه (عليهم خ‌ل) ان يقبل فما هو من الله سبحانه قد اوضح طريقه و ابان سبيله الا ان الخلق متفاوتون في معرفة تلک الجهات و انحاء التلقيات فمنهم من يتلقون من حيث يشعرون و الا فامرهم سلام الله عليهم في هدايتهم و اراءتهم و ايصالهم کل احد الي ما يقتضيه ذاته و کينونته و عمله اوضح الاشياء بل اظهر من الشمس و ابين من الامس کما في حديث المفضل و قد قال اميرالمؤمنين عليه السلام علي ما في نهج البلاغة اين يتاه بکم و فيکم عترة نبيکم ام اين تذهبون و رايات الحق منصوبة و اعلام الهداية ظاهرة الحديث و تخصيص هذه الاعلام و الرايات بالاصول دون الفروع قول بغير علم و لا هدي و لا کتاب منير (مبين خ‌ل) و في الزيارة عن علي بن الحسين زين‌العابدين عليهما السلام اللهم ان قلوب المخبتين اليک والهة و

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 126 *»

 سبل (سبيل خ‌ل) الراغبين اليک شارعة و اعلام القاصدين اليک واضحة الزيارة و الجمع المحلي باللام يفيد العموم فيعم القاصدين اليه في الاصول و الفروع و في الزيارة الجامعة الکبيرة عن الهادي عليه السلام حتي اعلنتم دعوته و بينتم فرائضه و اقمتم حدوده و نشرتم شرايع احکامه و سننتم سنته و الجمع المضاف يفيد العموم عند المحققين فيکون قد بينوا عليهم السلام جميع الفرايض و اقاموا جميع الحدود و نشروا جميع شرايع جميع الاحکام و هنا تنافي (ينافي خ‌ل) قولهم ما بينوا ما وصل اليهم حتي احتاجوا الي استنباط الاحکام الالهية بالظنون الضعيفة و الاوهام الباطلة و الاحلام الفاسدة الا ان ذلک البيان و النشر و اقامة الحدود ليس علي ما يعرفون بل انما هو علي ما فسرت لک من جريان احکام الاقتضاءات علي نهج المقتضيات من النور و الظلمة و الخير و الشر و هو قوله تعالي کلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظوراً و الامام (في الامام خ‌ل) عليه السلام حامل ذلک العطاء بما حمله الله تعالي کما اشار اليه بقوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب و فيما ذکرنا يجري قوله تعالي و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال فافهم راشدا و اشرب عذباً صافياً.

فظهر لک مما ذکرنا ان الاحکام علي قسمين احکاما اولية و هي لاتتغير و لاتتبدل و لاتزيد و لاتنقص و لايختلف (لاتختلف خ‌ل) و لايجري عليها النسخ و الاختلاف و احکاما ثانوية و هي التي مقتضي (علي مقتضي خ‌ل) کينونة الثانية و هي تختلف و تتغير و تزيد و تنقص و الناس في زمان الغيبة و خفاء الحجة بل عند مزج الطينتين مطلقا مکلفون بالعمل بالثانية و قد يتصادفون الاولي و قد يخطئونها ولايصادفونها فيكون فرضهم العمل بالثانية لا الاولي فمن قال غير هذا المعني فقد اخطأ الحق و اتي بالجور و الباطل اذ لاتصح ان يجعل الله سبحانه ما هو راجع الي غيره و غير ابوابه و خزان امره و نهيه حتي يقول الناس بظنونهم و آرائهم ما يشاؤون ان هو الا کذب مفتري و الله سبحانه اجل من ذلک و اعلي تعالي عما يقولون علواً کبيراً.

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 127 *»

فان قلت ان جل علماء الشيعة و الشريعة بعد دقتهم و بذل مجهودهم و استفراغ وسعهم و سعيهم و طول نظرهم و فکرهم و مجاهدتهم قد اعترفوا بعدم حصول العلم في کل ما يحتاج اليه المکلف فبنوا امرهم علي (الي خ‌ل) العمل بالظن و الا يلزم الخروج من الدين فعملوا بالراجح و ترکوا المرجوح لما رأوا من کثرة الامور المانعة من العلم علي ما فصلوه في کتبهم المفصلة و زبرهم المدونة في الاجتهاد و التقليد و غير ذلک فلو کان الامام عليه السلام مسدداً مؤدياً (مؤيداً خ‌ل) هادياً موصلاً الي العلم فلم لم‌يوصلهم و خلاهم فان کان هؤلاء الاساطين و الاکابر الاعاظم لم‌يستأهلوا النظر (لنظر خ‌ل) الامام عليه السلام و عنايته و توجهه فعدم استيهال غيرهم بالطريق الاولي اذ ليس لغيرهم مزية عليهم في العلم و العمل و الآداب و الاخلاق فاذا يکون وجود المجتهد کوجود العنقاء و في ذلک تضييع للشريعة و تعطيل لاحکام الملة السهلة و ذلک في البطلان بمکان.

قلت ان هؤلاء الاساطين لم‌ينکروا استفادة العلم من الاجماع و الاخبار المحفوفة بقرائن القطع و في غيرها اتوا بغاية ما عندهم بعد استفراغ وسعهم و بذل مجهودهم و سعيهم و ذلک (فذلک خ‌ل) الذي نقول انه هو حکم الامام عليه السلام اذ لو لم‌يکن ذلک حکمه لناقض دليله و ردعه عنه و لم‌يترکه علي حاله و الا لکان مغريا بالباطل و مقصرا في اداء حق الله سبحانه و تعالي و لماکان کماقال عليه السلام ان الله لايخلو الارض من حجة کيما ان زاد المؤمنون ردهم و ان نقصوا اتم (اتمه خ‌ل) لهم فاذا انحصر لهم الدليل بما وجدوا و اذا (اذا خ‌ل) کانوا سالکين سبيل الحق و لم‌يخرجوا الي الاستحسانات العقلية و الاستنباطات الظنية الغير المأخوذة عن اهل البيت عليهم السلام کان ذلک تقريراً من المعصوم عليه السلام علي الحکم المراد منه و قد سبق منا سابقاً انه لايشترط في التقرير مشاهدة المقرر له للمقرر فاذا حصل التقرير حصل العلم فهؤلاء العلماء عملهم علي الحق و فعلهم علي الصواب و ان لم‌يستشعروا بحقيقة (لحقيقة خ‌ل) الامر و حکموا بان ما ادرکوا هو الظن و رتبوا مقدمة لصحة العمل عليه و قالوا هذا ما

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 128 *»

ادي اليه ظني و کل‌ما ادي اليه ظني فهو حکم الله في حقي و حق من قلدني و لم‌يعلموا ان ذلک هو حکم الله الثانوي الواقعي الذي سبيل حصوله و تحصيله سبيل حصول الاجماع المحصل و الخبر المحفوف بقرائن القطع نعم يحتاج ذلک الي العلم بحصول التقرير في هذا الزمان فاذا ثبت ذلک فقد تم الامر و اتضح الحق و حصل العلم القطعي بالحکم الثانوي و علي الله قصد السبيل و منها جائر.

فان قلت انهم عليهم السلام قد قرروا لنا قواعد بانکم ان علمتم فقولوا و الا فها و قالوا عليهم السلام ان الناس قد کذبوا علينا و ان لاتقبلوا خبر الفاسق الا بعد البيان فاذا ورد علينا شيء يخالف الاصول المتلقاة منهم فلاتخصصها به بل لابد من قرينة واضحة تدل علي التخصيص.

قلت نحن ايضا نقول بموجبه و نتکلم علي حسبه و نقول علي الامام عليه السلام نصب القرائن الحالية و المقالية علي الحکم المناسب للفقيه المستوضح و من هذه الجهة تري علماءنا رضوان الله عليهم يخالفون في الفقه بعض ما قرر ففي (قرروا في خ‌ل) الاصول من القواعد الا تري ان صاحب المدارک لايري حجية الاجماع المنقول و لايعتقد حصول الاجماع المحقق و في بعض المواضع يتمسک بالاجماع کما في مسألة التراوح ذکر رواية عمار بن موسي الساباطي و هو فطحي لايري العمل بالموثقات و تمسک بها و قال ان المحقق ادعي الاجماع علي روايات عمار مع انه (انه في اغلب الموارد يرد رواية عمار لکونها موثقة و کذا في الشهرة فانه لايري العمل بها مع انه خ‌ل) يتردد في بعض المقامات لاجلها کماقال في موضع مخالفة الاصحاب مشکلة (مشکل خ‌ل) و القول بغير دليل اشکل و کذلک غيره و لولا ان وراءنا من يسددنا علي ما يجب فاي وجه للجماعة يخالفون قواعدهم المقررة التي اثبتوها في اصول الفقه و لايفعله عاقل و لو اردت ان اعدد لک مخالفاتهم في الفقه (الفقه لقواعدهم خ‌ل) في الاصول لطال بنا الکلام مع ما انا عليه من استيلاء الضعف فمن تتبع کتبهم ادني تتبع وجد ما اقول واضحاً صريحاً فالامام عليه السلام هو الذي يسدده و يؤيد بنصب القرائن و

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 129 *»

ايضاح الدلائل بحيث لايبقي للفقيه تأمل فيقول به و ان کان يخالف قاعدته الروايات في ان الامام عليه السلام هو الذي يعرف الحق و الباطل و يميز بين الخطاء و الصواب اما ظاهراً مشهوراً او خائفاً مغموراً اکثر من ان تحصي.

فمنها ما رواه الصدوق (ره) عن الحسن بن محبوب عن يعقوب السراج قال قلت لابي‌عبدالله عليه السلام تبقي الارض بلا عالم حي ظاهر يفزع اليه الناس في حلالهم و حرامهم فقال لي اذا لايعبد الله يا ابايوسف (بايوسف خ‌ل) و منها ما رواه في الصحيح عن ابن‌مسکان عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال ان الله لايدع الارض الا و فيها عالم (امام خ‌ل) يعلم الزيادة و النقصان فاذا زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اکمله لهم فقال خذوه کاملاً و لولا ذلک لالتبس علي المؤمنين امرهم و لم‌يفرق بين الحق و الباطل و منها ما رواه ايضاً عن ابي‌عبدالله عليه السلام ان جبرئيل نزل علي محمد صلي الله عليه و آله يخبر عن ربه عزوجل فقال له يا محمد صلي الله عليه و آله لم‌اترک الارض الا و فيها عالم يعرف طاعتي و هداي و يکون نجاة فيما بين قبض النبي صلي الله عليه و آله و الي خروج النبي صلي الله عليه و آله و لم‌اکن اترک الابليس يضل الناس و ليس في الارض حجة داع الي و هاد الي سبيلي و عارف بامري و اني قد قضيت لکل قوم هاد (هاديا خ‌ل) اهدي به السعداء و يکون حجة علي الاشقياء و منها ما رواه عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال (قال الارض لاتکون الا و فيها عالم يصلحهم و لايصلح الا ذلک و منها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال خ‌ل) سمعته يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کلما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا اتمه لهم و منها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال ان الارض لاتخلو من ان يکون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها و اذا جاؤوا بنقصان اکمله لهم فلولا ذلک اختلط علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن ابي‌حمزة الثمالي قال ابوعبدالله عليه السلام لن تبقي الارض الا و فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا و اذا انقصوا (نقصوا خ‌ل) منه قال قد انقصوا (نقصوا خ‌ل) و اذا

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 130 *»

جاؤوا به صدقهم و لو لم‌يکن کذلک لم‌يعرف الحق من (عن خ‌ل) الباطل و منها ما رو اه عن ابي‌حمزة‌الثمالي عن ابي‌جعفر عليه السلام قال ان الارض لاتبقي الا و منا فيها من يعرف الحق فاذا زاد الناس قال قد زادوا و اذا نقصوا قال قد نقصوا و لولا ان ذلک کذلک لم‌يعرف الحق من الباطل و منها ما رواه عن محمد بن مسلم عن ابي‌جعفر عليه السلام قال ان الله تعالي لم‌يدع الارض الا و فيها عالم يعلم الزيادة و النقصان من دين الله عزوجل فاذا زاد (کلما زاد خ‌ل) المؤمنون شيئاً ردهم و اذا انقصوا (نقصوا خ‌ل) اکمله لهم و لولا ذلک لالتبس علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن اسحق بن عمار قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کلما زاد المؤمنون شيئا ردهم و اذا نقصوا اکمله لهم فقال خذوه کاملا و لولا ذلک لالتبس علي المؤمنين امورهم و لم‌يفرقوا بين الحق و الباطل و منها ما رواه عن اسحق بن عمار عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال سمعته يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کلما زاد المؤمنون شيئا ردهم و کلما نقصوا شيئا تممه لهم و منها ما رواه عن تغلبة بن ميمون عن اسحق بن عمار قال قال ابوعبدالله عليه السلام ان الارض لاتخلو من ان يکون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون بزيادة طرحها و اذا جاؤوا بالنقصان اکمله و لولا ذلک لاختلط علي المسلمين امورهم و منها ما رواه عن ابي‌حمزة الثمالي قال قال ابوعبدالله عليه السلام لن تبقي الارض الا و فيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيها قال قد زادوا و اذا نقصوا قال قد نقصوا و اذا جاؤوا به صدقهم و لو لم‌يکن کذلک لم‌يعرف الحق من (عن خ‌ل) الباطل و منها ما رواه عن اسحق بن عمار قال سمعت اباعبدالله عليه السلام يقول ان الارض لاتخلو الا و فيها عالم کلما زاد المؤمنون شيئاً ردهم و اذا نقصوا اکمله لهم فقال خذوه کاملاً و لولا ذلک لالتبس علي المؤمنين امورهم و لم‌يفرقوا بين الحق و الباطل و منها ما رواه عنه قال قال ابوعبدالله عليه السلام ان الارض لاتخلو من ان يکون فيها من يعلم الزيادة و النقصان فاذا جاء المسلمون (بالزيادة خ‌ل) طرحها و اذا جاؤوا بالنقصان اکمله لهم و لولا ذلک لاختلط علي المسلمين

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 131 *»

 امورهم و منها ما رواه عن ابي‌حمزة‌الثمالي قال قال ابوعبدالله عليه السلام لم‌تبق الارض الا و فيها رجل منا يعرف الحق فاذا زاد الناس فيه قال قد زادوا و اذا نقصوا قال قد نقصوا و اذا جاؤوا به صدقهم و لو لم‌يکن کذلک لم‌يعرف الحق من الباطل و منها ما رواه عن عبدالاعلي مولي ال‌سام عن ابي‌جعفر عليه السلام قال سمعته يقول ماترک (الله خ‌ل) الارض بغير عالم ينقص ما زاد (الناس خ‌ل) و يزيد ما نقصوا و لولا ذلک لاختلط علي الناس امورهم و (منها خ‌ل) ما روي عن النبي صلي الله عليه و آله ان لکل بدعة من بعدي يکاد به الايمان ولياً من اهل بيتي موکلاً يذب عنه و يعين الحق و يرد کيد الکائدين و منها عن اميرالمؤمنين عليه السلام في عدة طرق اللهم انک لاتخلو الارض من قائم و حجة اما ظاهر مشهور او خائف مغمور لئلاتبطل حجتک (حججک خ‌ل) و بيناتک و في بعضها اللهم لابد لارضک من حجة لک علي خلقک يهديهم الي دينک و يعلمهم علمک لئلاتبطل حجتک و لايضل متبع اوليائک بعد اذ هديتهم اما ظاهر ليس بالمطاع (بمطاع خ‌ل) او مکتتم مترقب ان غاب عن الناس شخصه في حال هدايتهم فان علمه و آدابه في قلوب المؤمنين مثبتة و هم بها عاملون و منها علي تفسير قوله تعالي انما انت منذر و لکل قوم هاد في عدة روايات ان المنذر رسول الله صلي الله عليه و آله و في کل زمان امام منا يهديهم الي ما جاء به النبي صلي الله عليه و آله و في بعضهم و الله ماذهبت منا و مازالت فينا الي الساعة و منها عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال و لم‌تخلو الارض منذ خلق الله آدم عليه السلام من حجة له فيها ظاهر مشهور او غائب مستور و لم‌تخلو الي ان تقوم الساعة و لولا ذلک لم‌يعبد الله قيل کيف ينتفع الناس بالغائب المستور قال کماينتفعون بالشمس اذا استرها (اسرها خ‌ل) السحاب و منها عن حجة (الحجة ظ) القائم عليه السلام عجل الله فرجه و اما وجه الانتفاع بي في غيبتي فکالانتفاع بالشمس اذا غيبتها عن (علي خ‌ل) الانظار السحاب و اني لامان اهل (لاهل خ‌ل) الارض کما ان النجوم امان لاهل السماء و منها ما في التوقيع الي المفيد (ره) الي ان قال انا غير مهملين لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 132 *»

 لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء و منها عن اميرالمؤمنين عليه السلام علي ما في نهج البلاغة اين يتاه بکم و فيکم عترة نبيکم ام اين تذهبون و رايات الحق منصوبة و اعلام الهداية واضحة.

هذا ما حضرني من الاخبار في تصرف الامام عليه السلام في حال الغيبة و الحضور و غيرها (غيرهما خ‌ل) مما لم‌نذکر اکثر من ان تحصي يجدها المتتبع في کلماتهم و الناظر في احاديثهم و آثارهم فمن نظر بعين الاعتبار و جاس خلال تلک الديار لم‌يبق له شک و لا غبار في انه عليه السلام متصرف في جميع الامصار و في جميع الاعصار لکل واحد من الابرار بل و الاشرار و هو قوله عزوجل کلا نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ماکان عطاء ربک محظورا فالامام عليه السلام هو حامل العطاء للفريقين کمايشهد به قوله تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب و هذا و ان کان في النبي سليمان عليه السلام الا انهم سبقوه و غيره في کل خير و کمال لما في الزيارة الجامعة ان ذکر الخير کنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأويه و منتهاه و فيها و اشهد ان الحق لکم و معکم و فيکم و منکم و اليکم و انتم اهله و معدنه و مأويه و منتهاه قال الله تعالي فماذا بعد الحق الا الضلال فاني تصرفون فافهم.

و اما تخصيص تسديده عليه السلام بالنسبة‌ الي کافة المؤمنين باجمعهم دون فرد فرد فدعوي بلا بينة مع ان قوله عليه السلام کيما ان زاد المؤمنون يأبي ذلک فان المؤمنين جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي الشامل علي کل فرد فرد لا المجموع من حيث هو فانه اذا قيل اکرم العلماء لايراد به اکرم الجميع من حيث هو هو (حيث هو خ‌ل) کما هو الظاهر المعلوم بل يراد اکرم کل فرد فرد کذلک في قوله زاد المؤمنون ردهم فيکون تسديده عليه السلام لکل فرد من المؤمنين جارياً و خذلانه لکل فرد من المنافقين ثابتاً فان تسديده لطف فهو اما واجب عليه او مستحب له فان کان الاول فهو لايخل بالواجب و ان کان الثاني فهو لايخل بالمندوب و لايترک الراجح مع انهم الهداة لکل قوم و الهداية منصبهم و الارشاد طريقتهم فلايترکون ما بعثوا لاجله و لايدعون الخلق عن

 

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 133 *»

الحق يتيهون و لا عن الصواب يعمهون اذا سلکوا مسلکهم و طلبوا هدايتهم و رغبوا الي ما عندهم فان لهم مع کل ولي اذن سامعة کما قالوا و في الحديث ما من عبد احبنا و زاد في محبتنا فاخلص في معرفتنا و سئل مسألة الا و نفثنا في روعه جوابا لتلک المسألة.

و اما وقوع الحيرة في زمن الغيبة حاشا من وقوعها لان الله تعالي اجل من ذلک و ما ورد التعيين في بعض الروايات بها فالمراد کثرة الاختلافات و وقوع الفتن و توارد الحوادث مع عدم امام ظاهر يلجأ اليه ظاهراً و اما من طلبه علي الوجه المقرر و النهج فيجده والله عند ظن کل امرء فافهم و علي من يفهم الکلام السلام.

و قد ذکر المولي الماهر الآقا محمد باقر بن محمد اکمل کلاماً موافقاً لما اقول و ان کان في مبحث الاجماع لکن کلامه يصلح للعموم قال (ره) في رسالة الاجماع و اعلم انه تأمل بعض في الاجماع الذي نقله الشيخ و اعتذر بان الشيخ يعتقد حجية الاجماع بوجه فاسد و هو انه اذا اتفق جميع الفقهاء و کان خطاء وجب علي الامام ان يظهر و يبين الحق بنفسه او بسفيره اذ يرد عليه منع دليل علي ذلک مع امکان ان يکون عدم الاظهار للتقية او مصلحة مع ان الشيخ لايقول بانه يجب علي الامام عليه السلام ان يعرف نفسه فامکن ان يقال لولا حديثنا علي خلاف ما اجمعوا عليه او مجتهد قائل بخلافه يکفي اذ لا فرق ظاهراً بين ذلک و بين ان يظهر نفسه و ايضاً تري خلافات کثيرة لم‌يظهر الامام عليه السلام و لم‌يبين الحق فيها.

اقول و ساق الکلام الي ان قال رحمه الله ان ما ذکره الشيخ هو المستفاد من الاخبار المتواترة الدالة علي ان الزمان لايخلو من حجة لهداية الناس و رد اضلال المضلين و انتحال المبطلين بل هو اجماعي الشيعة بل و من ضرويات مذهبم و النزاع في ذلک بينهم و بين العامة مشهور و معروف و استدلالهم بالعقل و النقل في کتبهم الکلامية ظاهر مع انه لا نزاع في کون تقرير الامام عليه السلام حجة فاذا کان تقريرهم بالنسبة الي شخص واحد حجة فکيف لايکون حجة الي جميع الامة او الشيعة و خصوصاً يرونهم يفتون و الي

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 134 *»

الشرع ينسبون و الايراد علي ما ذکره الشيخ (ره) و علي الله (و علي ادلته خ‌ل) بما مر بانه قد يکون عدم الاظهار لمصلحة او تقية او غير ذلک مما ذکر لعله عين ما ذکره العامة في الرد علي الشيعة و الطعن عليهم في قولهم بان الزمان لايخلو عن حجة و في استدلالهم علي ذلک بان المصلحة ربما اقتضت خلو الزمان عن الحجة الي آخر ما ذکر و في الحقيقة هذه الايرادات تهدم بنيان مذهب الشيعة في ان الزمان لايخلو عن الحجة و تصح مذهب العامة لانها تضر باجماع الشيعة و طريقته فيه فقط بل و ربما تهدم بنيان کون التقرير حجة ايضاً علي انا نقول اذا لم‌يظهر الامام عليه السلام الخلاف من جهة المصلحة فلاجرم يکون راضياً بما اتفقوا عليه و ان کان من جهة المصلحة بمقتضي ادلة الشيخ و الامامية و مقتضي کون التقرير حجة و غير ذلک فلاجرم يکون حکم الله تعالي في شأنهم هو ما اتفقوا عليه الا ان يتغير بمصلحة فيظهر خلافه و حکم الله تعالي يختلف بحسب المصالح فتأمل و اما التقية فمعلوم انهم عليهم السلام اظهروها غاية الاظهار کاللعن علي الثلاثة و من تبعهم و المطاعن الشديدة و حکمهم عليهم السلام بکفرهم و نفاقهم و غير ذلک مما لايخفي و اي شيء بقي بعد ذلک مع انه لا وجه للتقية مع فقهاء الشيعة سيما عن جميعهم و اذا کان التقية عن (من خ‌ل) غيرهم فحکمه حکم المصلحة و قد عرفت و ساق الکلام الي ان قال (ره) و اما الخلاف بين الفقهاء فکل فقيه لايکون قاصراً و لا مقصراً مثل فقهاء الشيعة فلاشک في ان بعد استفراغ وسعه يکون الامام عليه السلام راضياً بما ادي اليه اجتهاده بالقياس الي نفسه و مقلديه لا بالقياس الي ما ادي اليه اجتهاده الي خلافه او الي التوقف فيه او لم‌يجتهد بعد فيه و ليس بمقلد فيکون راضياً به غير راض به بخلاف المتفق عليه فليس (و ليس خ‌ل) فيه عدم الرضا اصلاً و لم‌يظهر منه غير الرضاء به مطلقاً فيکون الحکم کذلک الي ان يظهر الامام عليه السلام خلاف ذلک کما اشرنا انتهي کلامه و هذا الکلام کما يجري في الاجماع و المجمعين کذلک يجري في کل فرد فرد من المؤمنين المجتهدين اذ بعد القول بالتصرف في زمان فاثباته في مقام و نفيه في اخر قول بلابينة و دعوي بلادليل.

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 135 *»

و قد سلک ايضاً هذا المسلک السيد السند المهتدي السيد مهدي الطباطبايي (ره) في فوائده قال و ثانيها حصول العلم بقوله للعلم باتفاق غيره من علماء الطائفة و فيه مسلکان الاول استفادة الموافقة من عدم الرد (عدم الرواية الرد خ‌ل) و فيه وجهان الاول البناء علي قاعدة اللطف التي لاجلها وجب علي الله نصب الامام لانها مقتضي ردهم لو اتفقوا علي الباطل فانه من اعظم الالطاف فان امتنع حصوله بالطرق الظاهرة فبالاسباب (بالاسباب خ‌ل) حيث انتفي الرد مطلقاً علم موافقة بل (موافقته لما خ‌ل) اجمعوا عليه فيکون حجة و حجية و ان کان متوقفة علي وجوب الرد لايتوقف علي حجية فلايلزم الدور کما ظن و لايلزم علي ذلک ثبوت الحيرة في زمن الغيبة لان وقوع الجميع فيها و شمولها الکل في الحکم الواحد غير مقطوع به و لا نقص الا بامر بين الا عن (بين علي ان خ‌ل) الرد عن الباطل ( عن الرجل خ‌ل) لايستلزم دفع الحيرة اذ مع التردد و الاشتباه يحصل التخلص بالتوقف في الحکم و الاحتياط في العمل بخلاف ما لو اتفقوا علي الباطل و هذه الطريقة قد سلکها الشيخ في العدة و راي ان العلم باجماع الطائفة لايحصل الا لها و اختارها جماعة منهم الکليني (ره) في ظاهر الکافي و زيفها المرتضي في الذريعة و احتمل اختصاص اللطف المذکور بزمان الحضور قال و اذا کنا نحن السبب في غيبته فقد اتينا من قبلنا لا من (الا من خ‌ل) قبله و في العدة ان هذا هو الذي ذهب اليه المرتضي اخيراً و يفهم منه ارتضاؤه لها اولاً و قد ينتصر لها بان وجود الامام عليه السلام في زمان (زمن خ‌ل) الغيبة لطف قطعاً فيثبت فيه کل ما امکن لوجود المقتضي و انتفاء المانع و ان هذا اللطف قد يثبت وجوبه قبل الغيبة فيبقي بعدها بمقتضي الاصل و ان النقل المتواتر قد دل علي بقائه بما ورد بعض ما اردناه (اوردناه خ‌ل) من الروايات المتقدمة ثم قال و الاخبار في هذا المعني اکثر من ان تحصي و مقتضاها تحقق الرد من الباطل و الهداية الي الحق من الامام في زمان الغيبة و المراد حصولهما بالاسباب الخفية کمايشعر به حديث السحاب دون الظاهرة فانها منتفية بالضرورة و لاينافي ذلک تضمن بعضها الاعلان بالحق فانه من باب

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 136 *»

الاسناد الي السبب و الاحتجاج مبني علي ان المراد حصول الرد و الارشاد قبل الاتفاق و الا لکانت خلاف المطلوب و کان الاکثر حملوها علي بيان الالطاف من اجلها وجب نصب الامام عليه السلام و ان تخلفت عنه في زمن الغيبة لوجود المانع و صراحة بعضها في التحقق مع وضوح الدلالة في الباقي يأبي ذلک الثاني و دلالة التقرير و الامساک عن النکير علي اصابة المجمعين فان تقرير المعصوم عليه السلام حجة في فعل الواحد فکيف بالجمع الکثير و الجمع (الجم خ‌ل) الغفير و لايمنع منه الغيبة مع العلم بالحال و التمکن من الرد فانه و ان غاب (غاب عنا خ‌ل) الا انه عليه السلام بين اظهرنا نراه و يرانا و نلقاه و يلقانا و ان کنا لانعرفه بعينه فانه يعرفنا و يرعانا و يطلع علي احوالنا و تعرض عليه اعمالنا و لايلزم من ذلک وجوب الانکار مع الاختلاف لوجوده من المحقق و لا وجوبه في شأن العصاة لجواز الاکتفاء بالوضوح (بوضوح خ‌ل) الحق و لا وجوب الانکار علي المستتر بالمعصية حال الظهور لانه انما يلزم لو انحصر الوجه في السبب الخفي کحديث عرض العمل و هذا الوجه قد اعتمده بعض المتأخرين و يحتمله کلام ابي‌الصلاح و هو مبني علي وجوب التنبيه علي الخطاء مطلقاً او مع العلم دون الظن و لو خص بالامام لمايلزمه من وجوب الهداية عاد الي قاعدة اللطف انتهي کلامه رفع في الخلد مقامه.

و هو کما تري صريح في ان التقرير بعدم الرد و الردع و الامساک عن النکير واقع و حاصل في زمان الغيبة فاذا جوزنا وقوعه للادلة العقلية و الشواهد النقلية فلافرق ح بين الواحد و الکل لان لطفه و حمايته و رعايته شاملة للجميع و حاشاه ان يراعي الکل و يهمل البعض فان ذلک ليس من دأب الکاملين فضلاً عن الامام عليه السلام المبعوث لهداية الخلق اجمعين ممن يقبل منه الهداية و لايعرض عنه و قد نص الله تعالي في قوله لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤف رحيم امن الرأفة و الرحمة ان يدع المؤمنين في الشدة و الحيرة مع قدرته علي استفادهم (استنقاذهم خ‌ل) منها بنفسه او بدله صلي الله عليه و آله ما يغير (ظ) عليهم هذا العنت الشديد و قد قال

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 137 *»

تعالي و لو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤک فاستغفروا الله و استغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيماً فلا و ربک لايؤمنون حتي يحکموک فيما شجر بينهم ثم لايجدوا في انفسهم حرجاً مما قضيت و يسلموا تسليماً فکيف يتصور ان الله سبحانه يجعل حکماً للخلق ليرجعوا اليه عند التشاجر و التنازع ثم يرفعه عنهم و يهملهم و يترکهم حياري فلايجدون حاکماً و لايلقون هادياً مرشداً و يأبي عن ذلک حکمة الله سبحانه و رأفته و رحمته و قدرته و قيوميته و عزته و غناه و لايشترط في الحکم المشاهدة بل يکفي التقرير او الرد و الردع بالاسباب الظاهرية او الخفية و هذا الحکم ليس خاصاً بطائفة دون اخرين بل يعم جميع المؤمنين من في شرق الارض و غربها فکل من تنبه للحق و طلبه فلابد من ان يجد ما هو حکمه عن الله تعالي لقوله عزوجل و الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و انما جمع السبل لاختلاف الاحکام حسب اقتضاء کينونات المکلفين و احوالهم و صفاتهم فکل احد اذا بذل مجهوده و استفراغ (استفرغ خ‌ل) وسعه فلابد ان يناله بهداية الله سبحانه اياه البتة بهؤلاء الائمة سلام الله عليهم دون غيرهم لانهم باب الله و خزان امره و نهيه و ارشاده و في الزيارة الجامعة من اراد الله بدأ بکم و من قصده توجه اليکم و من وحده قبل عنکم الزيارة فهم عليهم السلام المؤدون (مؤدون خ‌ل) عن الله سبحانه جميع ما اراد من خلقه اما علي وجه الظهور و البروز او علي جهة الخفاء و الاستتار فکل احد يأخذ حقه و حکمه اذا طلبهم من الوجه الذي هم امروا به و الا فيأخذ اضداده و عکوسه و تلک ح حکمه من الله تعالي کماقال عزوجل فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً کأنما يصعد في السماء کذلک يجعل الله الرجس علي الذين لايؤمنون و هذا صراط ربک مستقيماً قد فصلنا الايات لقوم يذکرون و الامام عليه السلام هو علة السعادة و الشقاوة و اليه ترجع احکامها فاذا فما طلبه المجتهد المستوضح المستفرغ وسعه الباذل مجهوده فهو حکم الله سبحانه حقيقة اما في الواقع الاولي او الثانوي بحيث لو شافه الامام عليه السلام و واجهه و الحال هذه ما زاد عنه قطعاً يقيناً و هو حکم الله

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 138 *»

سبحانه الذي نزل به الروح الامين عن الله سبحانه علي ما بينه (علي نبيه خ‌ل) صلي الله عليه و آله و اودع النبي صلي الله عليه و آله عند وصيه عليهما السلام ليظهره في کل وقت و زمان علي ما امره الله سبحانه و نقض (نفض ظ) في صحيفة الامام عليه السلام في کل عصر و اوان و هو حکم الله يقينا بتقرير من الامام عليه السلام و عدم رده و ردعه فالامر معلوم و الحکم مقطوع به فاين الظن الذي به يصولون و في ميدان المکابرة يجولون و عنه يقولون و عليه يعولون ان هم الا يظنون و قد ظهر الامر بعون الله تعالي کالنور علي الطور و من لم‌يجعل الله له نوراً فما له من نور و الله المستعان.

ثم اني اقول ان ما تنوله السنتهم و تقوله افواههم من ان باب العلم کان مفتوحا في زمن الحضور للمشافهين الحاضرين و لماحصلت الغيبة انسد باب العلم و انفتح باب الظن لست ادري ما يريدون من متعلق العلم و الظن بل هو (هل هو خ ل) العلم بالاحکام الواقعية الاولية التي نقيضه (تقتضي خ‌ل) کينونة الاولي العليا ام العلم بالاحکام الثانوية التي نقيضه الکينونة الثانية فان کان الاول اي العلم بالاحکام الواقعية الاولية فذلک الباب قد انسد لما اهبط (هبط خ‌ل) الادم عليه السلام و الحوا (ادم (ع) و حوا ظ) الي الارض و قتل قابيل هابيل و وقعت الفتنة و ظهر الفساد و شاعت المعاصي و برز القبايح و حصل الخلط باللطخ بين الطينتين و فقد التميز من البين فسدّ الله سبحانه باب العلم بها اذ لم‌تکن المصلحة في ابرازها و اظهارها الا نادرا و لذا وقع النسخ في الشرايع و ظهر الاختلاف في الاحکام و تغير امر الحلال و الحرام فصار الشيء حلالاً في وقت بالنسبة الي شخص او اشخاص ثم انقلب و صار حراماً و هکذا ساير الامور و الاوضاع کلها يجري علي هذا المنوال فاذا حکم النبي او الامام صلي الله عليهما بحکم لم‌يحصل القطع بان هذا هو ثابت لم‌يتغير و لم‌يتبدل نعم کان عندهم القطع بان هذا هو حکم الله في حقهم فاذا تغير و اختلف کانوا يعدلون من حق الي حق و من خير الي خير و من حکم الله تعالي الي حکم الله تعالي فان کان مرادهم بسد باب العلم بالاحکام الشرعية الاولية هذا فذلک الباب ما انفتحت ابدا في هذه

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 139 *»

الدنيا و تبقي مسدودة الي ان يظهر القائم من آل محمد عليه و عليهم السلام لامور يطول الکلام بذکرها و قد شرحناها و فصلناها في ساير رسائلنا و مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل.

و ان کان مرادهم بالاحکام الثانوية فهي ما انسدت منذ فتحت و لايسدها ايضاً الا مولانا و سيدنا الامام المنتظر عجل الله فرجه و جعلني الله فداه و عليه و علي آبائه افضل التحية و السلام مع انهم يقولون انا نعمل بالقطع و اليقين (اليقين علي ان هذا هو حکم الله في حقي فاذا حصل لهم العلم و اليقين خ‌ل) فاي شيء انسد عليهم الا ان يقولوا ان هذا ليس بحکم الله تعالي لانه تعالي ما اراد لعباده و ان الامام عليه السلام لو کان متمکناً بالمشاهدة ما کان يرضي لهم بهذا الحکم و انه ليس بعالم بذلک الحکم المخصوص او ليس بقادر علي الرد و المنع او انه غضب عليهم او انه ترکهم سدي مهملين مادامت الغيبة و هم نظروا الي الکتاب و السنة مع کمال الاضطراب اما الکتاب فانه لفظ و لايحصل القطع الا بنفي عشرة مقدمات کلها ظنية اي نفيها (نفسها خ‌ل) ظني کاصل عدم المجاز و عدم التخصيص و عدم النقل و عدم الاشتراک و هکذا امثالها و مع ذلک مشتمل علي وجوه و معاني کثيرة و بطون و تأويلات و اشارات و تلويحات و تصريحات و کنايات و استعارات و تشبيهات و فحوي الخطاب و لحن الخطاب و دليل الخطاب و الخطاب من قبيل اياك اعني و اسمعي يا جارة و غيرها من امثالها فاني يحصل العلم مع هذا (هذه ظ) الامور بان المراد ليس الا هذا حتي ذهب جماعة من اهل العلم الي ان القرآن ليس بحجة و کله متشابه يتوقف علمه علي بيان الامام المعصوم عليه السلام و اما الاحاديث ففيها هذه الوجوه و زيادة السند و الطرق الموصلة الي الامام عليه السلام و الاحتمالات الجارية عليه من کذب و وضع و دس و فسق و لم‌نعلم و امثال ذلک مما سطروه في مبحث حجية الظن و مبحث الاجتهاد و التقليد و لانطول الکلام بذکرها.

ثم انهم لما رأوا ان الاجماع قام علي بقاء التکليف و رأوا ان العلم بالمکلف به مع غيبة الامام عليه السلام و شيوع هذه الاضطرابات و

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 140 *»

الاختلالات (الاختلافات خ‌ل) في الکتاب و السنة حتي ان کل فرقة يتمسک بهما في حقية مذهبهم لايحصل فالتکليف به و الحال هذه تکليف بما لايطاق و سقوط التکليف بالمرة مخالف لاجماع المسلمين و مستلزم للخروج من الدين فالتجأوا الي المرجحات الظنية فاذا قوي الظن و لم‌يجدوا (فلايجدوا خ‌ل) اقوي منه و وقفوا عنده و قالوا ان هذا غاية الوسع فوجب ان لايريد الله سبحانه منا ازيد من هذا فحتموا علي الله بالقبول فامضي الله حتمهم مع عدم رضاه به و عدم جريه لهم في الحقيقة و انما صار هذا حکمهم من باب اکل الجيفة عند الاضطرار فالحکم في الواقعي الاولي الثانوي (و الثانوي خ‌ل) خطاء محض و باطل صرف الا انه سبحانه اجري لهم ذلک حيث کان غاية ادراکهم و مبلغ علمهم و ردوا (و رووا خ‌ل) في ذلک رواية رواها عمرو بن العاص (عن النبي ص) اجتهاد الخلفاء و حرب معاوية مع اميرالمؤمنين عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و آله ان المجتهد اذا اصاب فله اجران و ان اخطأ فله اجر واحد فيکون حاصل الکلام في الحکمين ان الحکم الواقعي هو الذي يدرکه عند مواجهة الامام عليه السلام مواجهة ظاهرية او ما دل عليه الدليل القطعي و ان کان مختلفاً متغيراً متعدداً و الحکم الثانوي الظاهري هو الحکم الذي يحصله المجتهد بظنه بعد استفراغ وسعه و هو ليس حکم الامام عليه السلام الا من باب الرضا الجاءً حيث لم‌يجد ملجأ الي غير هذا بحيث لو تمکن من اعلامهم لماکان هذا حکمهم و انما کان ذلک من باب الالجاء و الضرورة. و هذا القول لايصح علي اصول الامامية و لايجتمع مع مذهب الاثني‌عشرية لانه انما يصح اذا قلنا بان الامام عليه السلام لم‌يتصرف في زمن الغيبة و الخلق ليس لهم راع يرعاهم و لا سائس يسيسهم فوجوده في ايصال الاحکام الشرعية و عدمه سواء فان الامر فيها موکول الي ظنونهم الکاذبة و آرائهم الفاسدة و احلامهم الکاسدة فلا فرق علي هذا القول من الشيعة (بين الشيعة خ‌ل) و العامة في تجويزهم خلو الارض من حجة فان الفريقين مستغنيين (مستغنيان ظ) عنه عليه السلام في الاحکام الشرعية و ان کان الله

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 141 *»

ببرکته يقيم هذا الخلق عن الاضمحلال و الدثور و اما الاحکام الشرعية فلا.

و قد سمعت من بعض من يدعي انه من اکابر المجتهدين و الناس کانوا يصدقونه في دعواه و هو علي المنبر في مجلس الدرس سمعته سمعت باذني و الا صمتا يقول لولا الاحکام الشرعية ما احتجنا الي نبي و لا امام لان (فان خ‌ل) العقليات لايجوز فيها التقليد و الکون بقيمة (تقيمه خ‌ل) الله تعالي و لايحتاج الي احد نعم في الشرعيات حيث ان العقول لاتصل الي دقائها احتجنا الي الامام عليه السلام و هو ايضا من (ممن خ‌ل‌) يقول بسد باب العلم و فتح باب الظن المطلق فعلي مذهبه لا فرق بين الشيعة و العامة في جواز خلو الارض من الحجة فان الحجة للاظهار و البيان و الا فاي فائدة فيه.

و اني لعمري متحير في جواب ترهاتهم و الکلام علي شبهاتهم فالسکوت اولي و الاعراض احسن و قد بينا سابقا وجوب (في وجوب خ‌ل) تصرف الامام عليه السلام و انه هو الناظر في رعيته و الحامي لهم عن الزيادة (علي الزيادة خ‌ل) و النقصان و عن الوقوع في الحيرة و الاختلاف و الحافظ لهذا حافظ (حافظ هذا خ‌ل) الدين عن (من خ‌ل) تحريف الغالين و انتحال المبطلين و لايعجزه عن الهداية شيء و لايعيقه عن الارشاد واحد (احد خ‌ل) و هو الحجة البالغة و قد قال تعالي لمانصب اميرالمؤمنين عليه السلام للخلافة و ابان امره للناس اليوم يئس الذين کفروا من دينکم فلاتخشوهم و اخشون اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام دينا الاية فاذا کان الکفار قد يئسوا من ديننا بنصب امام حافظ و ولي ناصح فلايضرنا ح الاختلافات الواقعة في الکتاب و السنة من الامور التي ذکروها فانهما من دون حافظ مبين لايکفيان لقد کذب من قال حسبنا کتاب الله و کذب ايضا من قال حسبنا الکتاب و السنة عن الامام (عن الائمة خ‌ل) الماضين سلام الله عليهم فلانحتاج الي الامام الحي الحاضر للارشاد و التبيين بل الکتاب و العترة مقرونان لن‌يفترقا حتي يردا علي الحوض فيؤول اتصال الي اتصال و يظهر کل منهما علي الحقيقة علي احسن الاحوال فاذا کان الکتاب و العترة لايفترقان و يجب وجود الامام عليه السلام فلانبالي بدس الداسين و وضع المفترين و

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 142 *»

تحريف المبطلين (المفترين خ‌ل) و تغيير الظالمين و ان الامام عليه السلام يرد عن الزيادة و النقصان و يبين الصلاح من الفساد و يعرف الحق من الضلال و يصفي کلام آبائه و حکمه عن شبهات اهل الجدال و قد نص الله سبحانه عليه في کتابه بقوله و ماارسلنا من قبلک من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحکم الله آياته و الله عليم حکيم و في بعض الروايات ما ارسلنا من رسول و لا نبي و لا محدث الا اذا تمني الآية و المحدث هو الامام عليه السلام يقينا و تمني بمعني قرأ و القاء الشيطان الاحتمالات الباطلة و التغيرات الحاصلة و نسخها ابطالها بنصب القرائن و ايضاح الدلائل بالحجة علي الخلق و الحافظ هذا الدين و هو المعصوم عليه السلام فاذن کلما ذکروا من الامور المانعة عن العلم انما تجري اذا لم‌يوجد الامام عليه السلام القادر العالم او انه لم‌يتصرف فاذا وجد و تصرف کما سمعت منا و من الفاضلين اللذين ذکرت کلامهما و ما اوردنا من الروايات المستفيضة بل المتواترة و ان ذلک مقتضي حکمة الحکيم و بلاغ الحجة و اکمال الدين و اتمام النعمة فهو عليه‌السلام يبينها و يوضحها و يوصل الينا صافية نقية و يهدي الکل الي حکمه اللائق به و علي مقتضي کينونته و حقيقته فالکل علي البصيرة و اليقين في حکم الله تعالي الا منهم من حيث يشعر و منهم من حيث لايشعر و علي الله قصد السبيل.

فظهر لک من هذا البيان التام ان التقرير في هذا الزمان هو العمدة في استنباط الحلال و الحرام و استيضاح الاحکام من امناء ملک العلام و انه يجري لکل فقيه مستوضح بطرق الاستيضاح بصير بمواقع جهات الاستنباط في الاجماع و الاختلاف و في کل حال هو المحفوظ بعين الله التي لاينام (لاتنام خ‌ل) و المستمد برکنه الذي لايرام و ما ربک بغافل عما يعملون.

و الاخباري ان ادعي العلم علي وفق ما ذکرنا و شرحنا فقد اصاب الحق و نطق بالصواب و الا فقد خبط (فقد خطأ خ‌ل) خبط عشواء و المجتهد ان انکر ما ذکرناه فما الذي يبقي له من الطريق الالهي في وجه الاستنباط الا ان الکل اذا سلکوا سبيل ربهم

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 143 *»

ذللا يمدون و يوقفون علي ما هو تکليفهم من عند الله بالرعي (بالراعي خ‌ل) الذي استرعاه الله امر غنمه فان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم و الکل بمرأي منه و مسمع و هو صلوات الله عليه صاحب المرأي و المسمع فهم في العمل (العلم خ‌ل) مصيبون احکامهم الظاهرية و ان اخطأوا في العلم و لذا تراهم يخالفون قواعدهم في کثير من المواضع و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلبهم ذات اليمين و ذات الشمال و فيما ذکرنا کفاية لاولي الدراية و قد احببت ان ابسط الکلام في هذا المقام ولکني في وقت قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعا الغي اتباعه فلبوه من کل جانب و مکان فلايستطيعون صبراً علي الحق الصريح و البيان التام الصحيح فاکتفيت بالاشارة لاهلها فاشرت الي نمط الاستدلال و اوضحت السبيل و دللت علي ما کان مختفيا علي اصحاب القال و القيل و علي الله قصد السبيل و لاحول و لا قوة الا بالله العلي العظيم و فيما ذکرنا کفاية لکل عاقل منصف و اما الجاهل المتعسف فلايکفيه البيان و ان کان مع الف برهان و قد ذکرت ما کان مخفياً علي اغلب الناس و لم‌يحم حولهما معرفته (حولها معرفة خ‌ل) الا الخواص فافهم راشداً و اشرب صافياً.

قال سلمه الله تعالي: و هو عليه السلام ان غاب عن الناس شخصه لم‌يغب عنهم علمه و آدابه في قلوب شيعته مثبتة و بتقصير الناس سد باب العلم علي الخواص مغاير للطف (لللطف خ‌ل) ام لا و کيف تکون طريقه (طريقته خ‌ل) المبتنية علي الظن بحيث يختلف و تتکرر (يتکرر خ‌ل) قضية واحدة شخصية منها بانظار متکررة الصراط المستقيم غير ذي عوج مع انه لايتصور خط المستقيم من الواحدي التشخصي (الشخص خ‌ل) الي الواحد الحقيقي غير واحد و قال الله تعالي فاعبد الله مخلصا له الدين و الاخلاص تمحيض العبادة و لايمکن الاخلاص من غير (علي غير خ‌ل) اليقين و المعرفة و العلم بامر المعبود و العمل متفرع علي العلم.

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 144 *»

اقول اما قوله سلمه الله تعالي ان غاب عن الناس شخصه عليه السلام الي آخره (آخر کلامه خ‌ل) فکلام متين و جوهر ثمين يليق ان يکتب بالنور علي وجنات الحور و قد شرحت فيما تقدم في المسألة الاولي حقيقة الامر و ماابقيت لذي مقال مقالا نعم بنوره عليه السلام معرفتنا و ادراکنا و هدايتنا و استبصارنا فلولاه و لو (لولا خ‌ل) تسديده عليه السلام لکنا من الهالکين و قول القائل وجوده لطف و تصرفه لطف آخر و عدمه منا ليس بصحيح لان وجودهم لاينفک عنه فهم عليهم السلام الا ان التصرف علي انحاء و اطوار اشرنا الي بعضها فيما تقدم فراجع.

قوله و بتقصير الناس الي آخره فاعلم ان الله تبارک و تعالي يقول و اتقوا فتنة لاتصيبن الذي ظلموا منکم خاصة و هذا التعميم لمن هو راض بفعل الظالم لا مطلقاً و اما غير الظالم المخلص في الولاء فلايعمه ابداً کيف و قد اخبر الامام عليه السلام ان لنا مع کل ولي اذن سامعة و قال عليه السلام ما من عبد احبنا و زاد في حبنا و اخلص في معرفتنا و سئل مسألة الا و نفثنا في روعه جواباً لتلک المسألة و قال الحجة عليه السلام انا غير مهملينن لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء فلايمنعون الطالب عن مطلبه و لايترددون (و لايذودون خ‌ل) الوارد عن مورده فلايتفاوت الحال بالنسبة اليهم في تدبير رعيتهم في الغيبة و الحضور و قد قال اميرالمؤمنين عليه السلام اين يتاه بکم و فيکم عترة نبيکم ام اين تذهبون و رايات الحق واضحة و اعلام الهداية منصوبة فالعلم لايخرج عن مقره و لايتعدي عن اهله و اللطف لمن طلبه و اراده عام غير ممنوع.

و قوله کيف يکون طريقته المبتنية علي الظن الي آخره اعلم ان الاختلاف في الحکم الثانوي (الثانوي دون الحکم الاولي فانه لايسع فيه الاختلاف و هو في الحکم الثانوي خ‌ل) ثابت محتوم و ليس مناطه الظن کما زعموا بل الاختلاف سنة سنوها عليهم السلام مادام دولة الباطل کماقالوا عليهم السلام نحن اوقعنا الخلاف بينکم و راعيکم الذي استرعاه الله تعالي امر غنمه اعلم بمصالح غنمه ان شاء فرق بينها لتسلم و ان شاء جمع بينها لتسلم فاذا کان

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 145 *»

المناط ما ذکرناه فلابد من الاختلاف فاذن هو الصراط المستقيم غير ذي عوج و الاتفاق و الحال هذه هو الطريق المعوج فان الحکيم وضع کل شيء في موضعه نعم ليس هو الحکم الواقعي الاولي و انما هو حکم (الحکم خ‌ل) الثانوي و لذا تري الذين يزعمون حصول العلم في الاحکام مختلفين غاية الاختلاف و لو اردنا احصاءها لطال بنا الکلام و هذا الاختلاف ليس بمذموم في الشرع بل الاختلاف المذموم هو الاختلاف مع العمد و العناد نعوذ بالله کماقال عزوجل فما اختلفوا الا من بعد ما جاءهم العلم بغياً بينهم ففي الحقيقة سبيل الاختلافات بين علماءنا في الاحکام الشرعية الفرعية سبيل جداول المنشعبة عن عين واحد و الکل يجري من تلک (ذلک خ‌ل) العين و ليس فيه قصور و لا بأس فليس کل اختلاف ينافي استقامة الصراط انظر الي قوله عزوجل فمن يرد الله ان يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً کأنما يصعد في السماء کذلک يجعل الله الرجس علي الذين لايؤمنون و هذا صراط ربک مستقيماً قد فصلنا الآيات لقوم يذکرون و قال تعالي فاعبد الله مخلصاً له الدين الي آخره.

هذا الاعتراض لايرد (لم‌يرد خ‌ل) عليهم لانهم لايعملون بالظن ابتداء حتي يصح (حتي لايصح خ‌ل) الامتثال و لايتحقق العبادة و انما يعملون به بعد ما قام الدليل القاطع بان الله سبحانه اراد منکم ذلک فيکون العمل ح علي العلم و اليقين دون الظن و التخمين الا تري انه بعد ما قامت الادلة علي اعتبار قبول قول العدلين في الشهادة فيکفي به و ان لم‌يحصل العلم بل و لا الظن ايضاً و کذلک يحکم علي الشيء بالطهارة عند عدم القطع و العلم و ان حصل الظن بالنجاسة فلايقال ح انا نعمل بالموهوم حيث ان الطهارة موهومة و النجاسة مظنونة فرجحنا الوهم علي الظن و ذلک عند الفضلاء (العقلاء خ‌ل) کافة لان العمل ليس علي الوهم و الظن و انما هو علي ما دل الدليل بان کل شيء نظيف حتي تعلم انه قذر و امثال ذلک في الشريعة کثيرة جدا و الجواب الجواب فاذا تم دليلهم الذين (الذي خ‌ل) يزعمون انه الدليل الرابع في اثبات حجية الظن و ثبت ان ذلک هو الذي يريد الله سبحانهم منهم تمت دعواهم فلايرد عليهم انهم زکوا العمل

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 146 *»

بالقطع و عملوا بالظن بل يکون عملهم ايضاً علي القطع فيصح اخلاصهم في العبادة و تمحيض الطاعة لان المطاع اذا رضي بالظن فلا کلام فان کان اعتراض فانما هو علي اصل الدليل و تماميته و اعتباره لا علي انهم يعملون بالظن و جميع الآيات و الروايات الناهية عن العمل بالظن غير واردة عليهم فانهم علي قطع و بصيرة و هم يقولون بموجبها و يعملون بمضمونها و قد صدر هذا الاعتراض عن کثير من الاخباريين غفلة منهم عن حقيقة الامر.

قال سلمه الله تعالي: و ان جاز في عدل الله تکليف العباد بظنونهم في الشرعيات و صاروا بذلک معذورين (معذورين في عدل الله خ‌ل) في الخطاء بعد الاجتهادات فلم لم‌يجز في عدله الاکتفاء بالظن في الاعتقادات و ان نصب الدليل القطعي في الاصول فلم لم‌ينصبه (لم‌ينصب خ‌ل) في الفروع من منقول او معقول مع ان الامر يمکن (ممکن خ‌ل) ان يتعلق به قدرة الله سبحانه ان ارادوا نسبة قبح التعبد بالخطاء و الاختلاف و الفساد و منافاته لغرض تکليف العباد سواء اليه اصولاً و فروعا مع انه عليه السلام قال الايمان کله عمل و ان صار اختلاف الدليل و تفاوت الانظار علة لاعذار المخطي في الفروع فهذا موجود في المخطي في الاصول و هناک الاختلافات و تصادم الادلة موجودة فکيف يخص مخطي الاصول بالتقصير دون مخطي الفروع و قال عليه السلام فاما (و اما خ‌ل) الهالکون فحائر حار معتمداً و مجتهد اخطأ و هل تقبل العبادة مع ريب و تردد بينوا توجروا.

اقول لايجوز في عدل الله و حکمته تکليف عباده بالظنون مطلقاً اصولاً و فروعاً فان الظن لايغني من الحق شيئا و الظن لايصح معه التوجه و الاقبال و لا العمل و الامتثال لان جهة المخالف و ان کان ضعيفة تمنعه عن الاستقرار و الثبات المقصود في العبادة و هذا لا اشکال فيه و لم‌يکلف الله سبحانه عبداً بشيء الا و نصب له الدليل القاطع لئلايکون علي حيرة و تردد الا ان الاصول لما کانت ادلتها واضحة ظاهرة يعرفها کل (کلها خ‌ل) من نظر اليها اذا لم‌يکن

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 147 *»

مسبوقاً بشبهة اکتفي بها و الفروع لما کانت شعبتها و جهاتها و احوالها و صفات احوال المکلفين و ذواتهم صعبة الوصول عزيزة المنال و هي منوطة علي تلک الصفات و تتغير بتغيراتها و کانت معرفتها لايتيسر لکل احد و مبني الدين علي السهولة و اليسر لا علي الصعوبة و العسر جعل الله سبحانه و له الحمد و الشکر بلطف حکمته و نافذ مشيته للخلق اميناً عالماً عارفاً بمواقع تلک الاحکام و مطلعاً علي مبادي الحلال و الحرام و ناظراً الي تلک الصفات و شاهداً علي ارتباطاتها في اطوارها بالذوات و مؤيداً من عنده تعالي بالنفس اللاهوتية و الملکة الالهية معصوماً مطهراً عن جميع الصفات الردية و الاخلاق الغير المرضية و امر الخلق باتباعه فهو الدليل القاطع و البرهان الساطع لجميع الاحکام الشرعية الفرعية التکليفية ثم ندب الخلق اليه و امرهم بالطاعة له بقوله الحق ما آتاکم الرسول فخذوه و ما نهيکم عنه فانتهوا فوجب علي الخلق ان يأخذوا احکامهم و حلالهم و حرامهم من ذلک الدليل الجليل و يقلدوه في کل ما يقول و لابد ان لايکون الارض خالية منه و من بدله و من مثله و الا لکان الله سبحانه معرفا (مغريا خ‌ل) بالباطل و في ذلک فساد النظام و انهدام الاکوان و الاعيان و ذلک الدليل اما ظاهر مشهور او خائف مغمور مستور و (هو خ‌ل) علي کل الاحوال يدل علي سبيل الحق و الصواب و يهدي الي طريق النور و الرشاد و لاتنقطع موارد العلم و لاتنمحي الحکم و الله سبحانه يقول انا نحن نزلنا الذکر و انا له لحافظون و قد فصلت هذه المسألة فيما سبق فراجع.

فالفرق بين الاصول و الفروع ليس بجواز الاکتفاء بالظن و عدمه کما سبق الي بعض الاوهام و انما الفرق بجواز التقليد و عدمه و جواز الاختلاف و عدمه فان الفروع يجوز فيه تقليد النبي و الامام عليه السلام في کل ما يقول من غير سؤال دليل زائد بخلاف الاصول فانه لايکفي فيه التقليد اذ لايسع لاحد ان يقول ان الله واحد لان النبي صلي الله عليه و آله قال هکذا او ان الله ليس بجسم لان الامام عليه السلام قال هکذا بل لابد من برهان و ميزان و شرح ذلک و بيان اسبابه يطول به الکلام بخلاف احکام التکليفية فانهم في سعة منها و يکفي منهم بان يقولوا

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 148 *»

انما صلينا لان النبي صلي الله عليه و آله امرنا و هکذا في باقي الاحوال و يجب ان يکونوا في الجميع علي بصيرة و يقين ان اليقين في الفروع بدليل اجمالي و في الاصول بدليل تفصيلي (الاصول بتفصيلي خ‌ل) الا ان الفروع يجوز فيها الاکتفاء بالظن دون الاصول فان هذا الکلام لايصدر عن محصل فضلا عن عالم محقق الا ان اهل الاصول الذين فتحوا باب الظن لهم ان يدفعوا عن انفسهم هذا الاعراض (الاعتراض خ‌ل) بانا في جميع الاحکام الفرعية علي قطع و يقين و نعلم ان هذا هو حکم الله في حقنا لکن هذا الظن من الاسباب التي تستنبط (يستنبط خ‌ل) منها الحکم الشرعي کشهادة العدلين فانها سبب جعله الشارع لاداء الحقوق و الحکم في المقامين (المقابلين خ‌ل) واحد فلولا امر الشارع ما اکتفينا بمحض الشهادة الي ان يثبت و يتحقق العلم و کذلک في حکم الطهارة و النجاسة و الحلية و الحرمة و تصرفات المسلم و اخبار ذي اليد و کون الولد للفراش و امثالها کلها يکتفي بمجرد الظن بل الشک بل الوهم بخلاف مسايل الاصول الدينية فانها لايکتفي فيها بامثال هذه المذکورات و کذلک حکم العقل القاطع بجواز العمل بالظن في الفروع فهو ح عالم في الاحکام الفرعية من غير فرق بينها و بين الاصولية لان (الا ان خ‌ل) الشارع اعتبر الظن في الفروع دون الاصول و امثال هذه الاعتراضات لاترد عليه نعم يجري الکلام في الملتهم في اثبات هذا الظن و ان الامام عليه السلام هو الذي امرهم بالعمل علي هذه الظنون کما امر في احکام الشهادة و الطهارة و النجاسة و الحلية و الحرمة فان اتوا ببرهان قاطع ساد لجميع الاحتمالات تم لهم الامر فلايعترض عليهم بمثل ما ذکر و غيره و الا فهو في البطلان غني عن اقامة البرهان فان الظن من سبل الشيطان.

و اما المخطي في الفروع فليس خطاؤه في الحکم الظاهري التکليفي الذي يجب ان يعمل في هذا الوقت و انما خطأه في الحکم الواقعي الاولي و ذلک لايضر اذا اصاب بدله و لابد من ان يصيب بتسديد الامام عليه السلام الدليل و هذا لايقال انه اخطأ (خطاء خ‌ل) و ان صح ذلک بالنسبة الي الاولي فهذا

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 149 *»

مثاب مأجور قد جري عليه الحکم في الورقة السفلي من اللوح المحفوظ لان زمان التقية لايسع فيه الاتفاق قطعاً فکيف يکون الاختلاف حکم الله الواقعي الاولي و اذا کان الاختلاف بامر الامام عليه السلام و حکمه فيکون ذلک حکم الله الثانوي فالمجتهد المستوضح ان سلک سبيل ذللا (سبيل ذلک خ‌ل) و لم‌يخرج عن الاصول قررها الشارع عليه السلام له فلابد ان يصيب حکمه الظاهري الثانوي فاذا اصاب لماذا يعاقب بل انما يثاب و يوجر و اما اذا اجتهد علي خلاف وجه (وجهه خ‌ل) الذي امره الامام عليه السلام و خلاف الاصول التي قررها له فذلک الذي ورد في حقه ان اصبت لم‌توجر و ان اخطأت عاقبک الله و هو المجتهد المذکور في الحديث الذي في السؤال فاما الهالکون فحائر حار معتمدا و مجتهد اخطأ و اما اذا اجتهد علي القواعد التي قررت و اصلت عنهم عليهم السلام کما قالوا علينا ان نلقي اليکم الاصول و عليکم ان تفرعوا فذلک لايخطي حکمه الثانوي الظاهري لانه ح محفوظ بعين الله التي لاتنام و مکلوءا (مکلوء ظ) بحفظ الله الذي لايرام فسبيل هذه الاحکام في زمان (زمن خ‌ل) الغيبة و اختلاف المجتهدين فيها سبيل احکام التقية في زمان الحضور و اختلاف الاصحاب و الروايات فيها حرفا بحرف کما قررنا سابقا و قلنا ان هذا ليس تصويباً باطلاً کما زعمه فرقة من العامة العمياء و اما المخطي في الاصول فلايخطي الا اذا خالف ما نصبه الله تعالي من الادلة کالفروع حرفاً بحرف فلاشک انه لايعذر في الفروع اذا خالف فافهم و خذ صريح الحق و لاتذهب يميناً و شمالاً فتکون من الهالکين و اما العبادة فاذا وقعت مع ريب و تردد فلاشک انها باطلة ترد علي صاحبها و هذا لا اشکال فيه.

قال سلمه الله (تعالي خ‌ل) في السؤال (السؤال الثاني خ‌ل) لا خلاف بين الامامية في اشتراط العصمة في الخليفة و انحصار طريق العلم في نص المعصوم عليه السلام و کذلک لا خلاف عندهم في وجوب العلل و الاعراض (الاغراض خ‌ل) بفعل الله تعالي سبحانه و اشتراطهم اعتبار العصمة اما ليس لغرض فهو

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 150 *»

نقص لمذهبهم و ان کان هو فهو يحفظ دين الله القويم ام لا و قال ابوعبدالله عليه السلام ان الارض لاتخلو الا و فيها امام کيما ان زاد المؤمنون شيئاً ردهم و ان نقصوا شيئاً اتمه لهم و قال عليه السلام ان لنا في کل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين والله تعالي اراد حفظ الدين الکامل و اکمله و اتم نعمته کرامه لرسول الله صلي الله عليه و آله و الرسول صلي الله عليه و آله جاهد في اظهاره و الائمة عليهم السلام قتلوا و غابوا لاظهار الدين و القائم عجل الله فرجه يتصرف و يحفظه مع هذه المقدمات کون الدين غير محفوظ بحيث لايحصل العلم للمکلف بتکاليفه هل هو نقص للدين الکامل ام لا و ان کان الدين کاملاً بحقيقته من غير ان يکون باباً للمکلفين لتحصيل العلم بتکاليف الله تعالي فاتمت النعمة عليهم و الظن بالتکاليف کيف جري في هذه الامة المرحومة دون الامم الماضية مع ان الله سبحانه و تعالي اکمل دين نبيه الخاتم صلي الله عليه و آله و سلم.

اقول المقدمات المذکورة کلها مسلمة لاشک فيها و لاريب يعتريها و الامام عليه السلام حاضر موجود بين ظهراني الخلق يسددهم و يحفظهم و يتصرف فيهم کيف شاء الله و اراد و لايدع الخلق في ظلمة بهماء و لا في ظلمة عمياء بل يدلهم علي السبيل و يوضح لهم الدليل و يردعهم عن الباطل و يوصلهم الي الحق علي ما قررنا سابقاً فاذا لا سبيل للظن و الشک و الوهم فانما هو العلم فان الله عزوجل يقول اليوم اکملت لکم دينکم و اتممت عليکم نعمتي و رضيت لکم الاسلام ديناً و لاشک ان اکمال الدين ينافي عدم ايصالهم الي اليقين و حصول هذا اليقين انما يکون بتقرير الامام عليه السلام و عدم ردعه کما فصلنا سابقاً فلانعيدها لاحقاً اذ ليس دونه کلام و انقطع عنده کل نقض و ابرام و علي من يفهم الکلام السلام.

قال سلمه الله و هل يکون القواعد الاصولية کلها مسلمة عندکم او بعضها مردودة و صرحوا بالقواعد المردودة و اذکروا اساميها بالاجمال و اخاف من

 

«* جواهر الحکم جلد 9 صفحه 151 *»

تطويل السؤال الظني (لظني خ‌ل) ان في هذه الايام لايکون لکم الفراغ و المجال.

اقول القواعد الاصولية المعروفة مشتبهة غثها بثمينها (بسمينها) و خفيفها بوزينها و لو اردنا ان نبين و نميز لطال زمام الکلام بل يحتاج الي تصنيف کتاب کبير الحجم فنذکر لکم اسماء القواعد المقبولة عليها بناء علمنا من دون التفصيل و التبيين و اثبات القال و القيل وهي محکمات الکتاب و السنة و الاجماع المحقق العام و الخاص و المرکب و السکوتي ان ثبت و الضروريات و المنقول عن المحقق العام و المشهوري دون المنقول عن المرکب و المحقق الخاص و السکوتي و اما الضروريات فلانقل فيها و الاستصحاب و اصالة البراءة و اصالة الاباحة و الشهرة بشروطها و العقل المعتضد بالنقل او بالاجماع و ملاحظة القرائن التي هي من تسديد حافظ الشريعة علي ما يجب بما يجب و تفصيل الامر يطلب من ساير رسائلنا و اجوبتنا للمسائل في هذا العلم و لولا خوفي ان تقولوا جن او ارتد لاخبرتکم بامور عجيبة غريبة يقصر دونها الاحلام و يحسر عن ادراکها الافهام ولکن قال اميرالمؤمنين عليه السلام ما کل ما يعلم العالم يقدر ان يفسره فان من العلوم ما تحتمل و منها ما لاتحتمل و من الناس من يحتمل و منهم من لايحتمل و الا ان فيما ذکرنا کفاية لاولي الدراية و الله الموفق للصواب.

(تمت الرسالة التسديدية بعون الله الملک الوهاب خ‌ل)