11-04 جواهر الحکم المجلد الحادی عشر ـ وصية الي المرحوم المبرور الاغا محمدشريف الکرماني ـ چاپ

وصیة الی المرحوم المبرور الاغا محمدشریف الکرمانی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 67 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و صلي الله علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و اله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و مخالفيهم و منکري فضائلهم اجمعين الي يوم الدين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه کلمات شريفة و اشارات لطيفة و تلويحات منيفة تنبي عن الحقايق الربانية و تشير الي المبادي الحقيقية من المطالب الالٰهية في القوانين الحقه من الاصولية و الفروعية بوجه مختصر و طرز محبر کتبتها لاعز الاخوان و خالص الخلان و هو العالم العامل و الفاضل الکامل و الواصل الفاضل اللوذعي الالمعي جناب الآقا محمدشريف الکرماني وفقه الله بها و جميع المؤمنين و جعله ذخرنا يوم الدين.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

اعلم يا اخي و قرّة عيني بلّغك اللّه منتهي امالك و فرّغ لذكره و مناجاته بالك و اصلح لطاعته و عبادته حالك و جعل الي الرفيق الاعلي مئالك و سلك بك بفضله و كرمه احسن المسالك و نجّاك بجوده و كرمه عن الوقوع في مهاوي المهالك انّ الدنيا دار قد اذن اللّه لها بالدثور و الاضمحلال و جعل اصلها و مبناها علي الفناء و الزوال و لابد لكل من فيها من الهجرة عنها و الارتحال و هي دار جعلها اللّه تعالي للتميز و تقلب الاحوال و غطّاها بحجب العزّ و الجلال و هي للارواح و الحقائق كبطن الامّ للاشباح و الامثال بل الامر بالعكس عند ضرب المثال و انت خبير بانّ في بطن الامّ يتميز الذكر من الانثي و حسن الصورة من قبيحها و معتدل الخلقة من معوجّها و جيّد التركيب من رديّها فاذا خرج من بطن الامّ دار الضيق و الكثافة الي هذه الدنيا يبقي علي ماكان عليه في بطن الام في

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 68 *»

الهيئة و الكينونة و الذكورية و الانوثية و لا تبديل لخلق اللّه ذلك الدين القيّم ولكن اكثر الناس لايعلمون.

و اعلم يا قرّة عيني ان كل عمل من خير و شرّ جاذب روح حقيقي من المبدء الفياض و تقتضي صورة عين من الاعيان الوجودية لما صحّ عندنا و عند العارفين من انّ الاعمال جواذب الفيض كالمرايا الجاذبة للصور و كالبلّور الجاذب للنار من حرارة الشمس فشهوة النكاح من الحرام تقتضي صورة الدبّ و شهوة الغضب لغير اللّه تقتضي صورة الكلب و شهوة المكر و الخديعة تقتضي صورة الثعلب و شهوة الرياسة تقتضي صورة السبع و شهوة التكبر تقتضي صورة الذرّ و له انياب اكبر من جبل احد و شهوة العشق تقتضي صورة القرد و شهوة الدرهم و الدينار تقتضي صورة الخنزير و شهوة الغناء تقتضي صورة بعض الطيور و الجمال و شهوة المفعولية تقتضي صورة الفرس و شهوة النميمة تقتضي صورة العقرب وهكذا مجمل القول كل عمل لم‏يقصد فيه رضاء اللّه سبحانه فعامله ذلك الوقت علي هيئة بهيمة من البهائم مُنكّس الرأس ظهره الي مبدئه و وجهه الي الاسفل الاّ انه يختلف اقتضاءاته فيختلف صوره فانت اعرف قدرك و قدر غيرك باعمالك و اعمالهم فانّ اميرالمؤمنين 7 يقول يقين المرء يري في عمله و يقين الكافر يري عمله و علي هذا يظهر لك معني قوله تعالي ان هم الاّ كالانعام بل هم اضل اولئك هم الغافلون و قول مولانا الباقر7 الناس كلّهم بهائم الاّ المؤمن و المؤمن قليل و المؤمن قليل و ليس الانسان حقيقة الاّ من عمل الصالحات و داوم عليها و اقبل علي ربه و خضع له في سرّه و علانيته و هذا رأسه و وجهه الي جهة العلو و رجله و اسفله الي جهة السفل فمن كان في الباطن

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 69 *»

انساناً يحشر يوم القيمة معتدل القامة حسن الصورة و من كان غير ذلك لايحشر الاّ بصورة عمله علي مافصّلت بعضاً منه و هو قوله تعالي و جاءت سكرة الموت بالحق ذلك ماكنت منه تحيد اي علي ماهو عليه من العمل الظاهري و الباطني و الحقيقي و اللطخي و الخلطي.

و اعلم انك حال العمل تنصبغ بذلك الصبغ و هو الرحمة الواسعة ينصبغ الناس بها و هي قائدها اما الي الجنة او الي النار و انت بعد ماصبغت بها تري علي ذلك الصبغ و يريك كل احد من الانبياء و المرسلين و عباد اللّه الصالحين و الملائكة الموكلين و المقربين و الكروبيين و لاتحتجب الاّ عن بعض السفلة فانظر الان بعين بصيرتك هل تحب ان‏تري بصورة بهيمة من البهائم و تطرد عن باب الرحمة المكتوبة و تبعد عن حضرة القرب و تفقد عن مجلس الانس و تحرم عن تجرّع كاسات المحبة و عن الورود علي شرائع المصافات و المودة.

و اعلم انك تنتقل من هذه الدار لامحالة و لاتبقي فيها البتة فهي منزل نزلت فيه ثمّ ارتحلت عنه فلاتجعلها اذاً دار مسكن و خلود و انظر اليها بعين الراحل عنها و اقعد فيها قعود المستوحش عنها فلاتفرح اذا اقبلت عليك فانها لاتبقي بل تزول و خف سوء عاقبة هذه الاقبال فانه يورث الكلال في حرم الكبرياء و لاتحزن اذا ادبرت عنك فانك ستستغني عنها بل اجعل همّك للباقي الذي لاتزول و الدائم الذي لايفني فلاتفزع عند شدائدها و نوائبها فانها تمرّ مرّ السحاب و لاتفرح عند مسارّها و منافعها فانها تنقطع و تزول و لاتدري استدامتها بعد تلك الساعة بل اجعل نظرك الي من بيده تلك الاسباب و منه البدء و اليه الاياب اذ لايخيب من قصده بالسؤال و لاييأس من نزل بساحته رحال الامال و توجه الي حضرة عزّه و حرم كبريائه بالغدوّ و الاصال.

و اعلم انه سبحانه اقرب اليك من حبل الوريد بل اقرب اليك منك بلانهاية كما انه بعيد عنك كذلك فانت بين يديه حاضر لديه فاطلب ماتريد و اسأل عن كريم بابه ماتشاء و لاتقصد سواه و لاتطلب غيره أ ليس اللّه بكاف عبده اللهم ان قلوب المخبتين اليك والهة و سبل الراغبين اليك شارعة و اعلام القاصدين اليك

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 70 *»

 واضحة فاذاً ففرّوا الي اللّه اذ لا ملجأ و لا ملتجأ الاّ اليه و لا استعانة الاّ منه و لا توكل الاّ عليه لانه سند من لا سند له و عماد من لا عماد له و ذخر من لا ذخر له و كنز من لا كنز له و غياث من لا غياث له و سبب كل ذي‏سبب و مسبب الاسباب من غير سبب فاطرق بابه و اسأل جنابه و تذلّل لديه و لاتعتمد علي عمل و لاتخش اي لاتيأس عند الزلل و استعن منه تعالي في الاحوال كلها فانه تعالي يقول قل بفضل اللّه و برحمته فبذلك فليفرحوا هو خير ممايجمعون من الاعمال الظاهرة و الباطنة و الحقيقية و المجازية و الدنيوية و الاخروية.

و اعلم يا حبيب قلبي ان اللّه سبحانه و تعالي جعل قلبك محلاً للانوار و مخزناً للاسرار و اودع فيه معاني جميع الاكوار و الادوار و الاوطار و الاطوار و جعلك انموزجاً للعالم العلوي و السفلي و صيّركً كتاباً لعلويه بالخط الواضح الجلي كما في كلام اميرالمؤمنين7 ان الصورة الانسانية هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي الهيكل الذي بناه بحكمته و هي مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي كل غائب و هي الحجة علي كل حاضر و هي الصراط المستقيم و هي الصراط الممدود بين الجنة و النار فكل مايريد منك و تريد منه فهو حاضر لديك موجود عندك و قد ذكرت في بعض مانظمت هذا المعني:

كل الذي تهواه عندك حاضر   من كل ما في عالم الامكان
سرّ العلي في غيب ذاتك كامن   قدصرت عرشاً مستوي الرحمن

الي اخر الابيات. فاذاً كل ماتريد تطلب عندك و لاتحصله منك الاّ بعد اجتماع الحواس و سكون الخواطر حتي تقابل مرءاة ذاتك و حقيقتك لفوّارة النور علي حد الغيور و تستقرّ بوادي طور في مجلس السرور فهناك تجد صحواً بلا غبار و سرّاً بلا اكدار ان في ذلك لذكري لاولي الابصار.

و اعلم ان ال‏محمّد صلّي اللّه عليه و عليهم هم النهج القويم و الصراط المستقيم و النور العظيم الواقفون علي الطتنجين الناظرون في المغربين و المشرقين و الحكام في النشأتين و هم عصمة المعتصمين و كهف الفقراء و

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 71 *»

المساكين و ملجأ الخائفين و منجا الهاربين فتمسك بهم و اوِ الي كهف حمايتهم و ولايتهم و استمسك بعروة محبتهم و افزع في الشدائد اليهم فانك بمرئي منهم و مسمع لايخفي عليهم امرك و لايفقد عندهم ذكرك فاذا ناديتهم اجابوك و اذا استنصرتهم نصروك و ان استعنتهم اعانوك و ان تعلّمت منهم علّموك لانهم سلام اللّه عليهم سرّ الوجود و اصل الشاهد و المشهود و مظاهر الرحمانية فلاتفقدهم حيث تطلبهم لانهم المقامات و العلامات التي لاتعطيل لها في كل مكان يعرف اللّه بهم و يعبد بهم.

و اعلم انك مسئول يوم القيمة عن امور دينك من عقايدك و اعمالك فاستعدّ للجواب ليوم الحساب فلاتسامح فان الامر عظيم و الخطب جسيم و لايسع للانسان ان‏يعتقد او يعمل الاّ مااراد اللّه منه بحيث اذا قبل له ءاللّه اذن لكم ام علي اللّه تفترون يقول بل اللّه اذن لي و لايسع لك ان‏تقول ذلك بمحض عقلك و مجرّد فهمك و ادراكك فان العقل و ان كان نبياً باطناً معصوماً مطهراً ولكنه قد يخفي امره و يستولي سلطان النفس الامارة بالسوء و تخدع الحواس التي تتلقي من العقل و تخون و توصل مايخالف الواقع كالرواة الظاهرة حرفاً بحرف اذ ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثمّ ارجع البصر كرّتين ينقلب اليك البصر خاسئاً و هو حسير فاذاً يجب عليك ان‏تعرض مافهمته بصافي فطرتك من العقائد علي اهل‏البيت: الذين قد حصر اللّه سبحانه الحق فيهم و زِنْها بميزانهم فان وافق الميزان القويم و القسطاس المستقيم فاحمد اللّه تعالي و كن من الشاكرين و ان خالف فاضرب ماعندك علي عرض الحائط اذ ما بعد الحق الاّ الضلال.

و اما في العبادات و الاعمال و الشريعة فتمسك في زماننا هذا الذي هو زمان الغيبة بكتاب اللّه المنزل علي نبيّه المرسل9 و اعمل بمحكمه و ردّ اليه متشابهه و اعمل بعامّه و خاصه و مطلقه و مقيده الاّ ان العام و المطلق قد خصّصه و قيّده النبي و الامام7باجماع او بخبر متواتر او محفوف بقرائن قطعية او واحد صحيح ليس له معارض لانهم: شارحوا القرءان و مبيّنوه و لايفترق القرءان عنهم: و كذا اذا لم‏يكن صحيحاً

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 72 *»

بحسب الاصطلاح الاّ انه لا معارض له فانه ايضاً عندنا صحيح لان الامام7 صاحب المرئي و المسمع و ليس مغرياً بالباطل و ان مع كل ولي اذن سامعة و ان اللّه سبحانه لايخلي الارض من حجة كيما ان زاد المؤمنون ردّهم و ان نقصوا اتمّه لهم و الجمع المحلّي‏باللام يفيد العموم الاستغراقي الافرادي و اذا تعارضت الاخبار في التخصيص و التعميم و لامرجّح في البين فالعمل عمل ماوافق الكتاب لانه الاصل في مقام التعارض علي مادلّ عليه الاخبار المتكثرة و اقرأه بالقراءة السبع المتواترة الاّ ان‏تختلف و تختلف المعني و الحكم لاجل ذلك مثل قراءة مطهرون و يطهرن فتوقف حينئذ الاّ ان‏تجد بيانه من الامام7 و الاّ فتوقف فان الوقوف في الشبهات خير من الاقتحام في الهلكات.

و تمسك ايضاً بالسنة المعصومية علي قائلها الاف الثناء و التحية و اعمل بالتواترات المعنوية لانه المتفق‏عليه و بالتواترات اللفظية كما في القرءان حرفاً بحرف و بالمحفوفة بالقرائن القطعية بلا كلام و بالاخبار الاحاد اما الصحاح منها فبالاتفاق و من غير خلاف و اما غيرها فعند عدم التعارض كذلك علي الصحيح لثبوت التقرير و قاعدة اللطف و اما عند التعارض فعند عدم التكافؤ فالاقوي مقدم كما اذا عارض الصحيح مع الضعيف وحده و اما عند التكافؤ كما اذا كانا صحيحين فارجع الي ما هو المشهور بين اصحابك و اترك الشاذّ النادر و الاّ فارجع الي ماخالف القوم فان الرشد في خلافهم لانهم كانوا يأخذون عن علي7 و يعملون بخلافه فخلافهم دليل علي الوفاق فيخصص به عموم القرءان و يقيد به مطلقه و الاّ فارجع الي ماوافق القرءان ان كان لانه الاصل المحكم في هذا الشأن و الاّ فارجع مافيه الحائطة و القطع ببراءة الذمة فان شغل الذمة اليقيني يستدعي البراءة اليقينية و لقوله7عليك بالحائطة في دينك و الاّ فارجه حتي تلقي امامك بالبيان لا العيان و الاّ ان لايمكن التأخير و الارجاء فان كان من المعاملات فاعمل بالصلح مهما امكن و ان كان من باب العبادات تخيّر و التحري عندي اقوي.

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 73 *»

و تمسك بالاجماع اما الاجماع الضروري للدين و المذهب فلا شك في اعتبارهما و حجيتهما اما الاجماع المركب فكذلك ان حصل لك القطع بانحصار قول المعصوم7 في احد القولين بالدليل القطعي فتنقلب المركب بسيطاً و ان حصل لك دليل ظني و ترجيح اعتباري فان كان مع احدهما نصّ فلتعمل غير مدّعٍ للاجماع و الاّ فذلك من الاستحسان المحرّم باتفاق الشيعة و ان لم‏يحصل الترجيح فسبيله سبيل الخبرين المتعارضين عند فقد المرجح كماتقدم و اما الاجماع المشهوري و هو المسمي بالمحقق العام فاعمل عليه ان حصل لك ذلك يقيناً بدليل اللفظ و التقرير و اما الاجماع المحصّل الخاص فكذلك لاجل ذلك و اما الاجماع السكوتي فبان قال بعض الفقهاء و سكت الباقون فهو حجة ان كان بعد الفحص التامّ لانه دليل علي سكوت الامام7 و هو دليل علي تقريره و اشتراط التقرير بمشافهة المقرّر له للمقرّر او اتحاد مجلسهما او غير ذلك ممنوع بل باطل يقيناً و تقية الامام7 هي حكم شرعي لنا ايضاً و القول بعدم تصرف الامام7 هو القول بان يد اللّه مغلولة لانه7 يد اللّه و عين اللّه و جنب اللّه و لسان اللّه و اما الاجماع المنقول فان كان منقولاً عن الاجماع المركب فلا حجية فيه اذ قد لايحصل القطع بالانحصار لكل فقيه اذا نظر فيرجع القطع الي فهم بعض الفقهاء و لا حجية في فهمه و كذا المنقول عن المحصل الخاص لا حجية فيه لماذكرنا بعينه و الاّ لم‏يقع الاختلاف الشايع و المنقول عن الضروري لايكون ابداً و المنقول عن السكوتي لا حجية فيه لاحتمال عدم الفحص التامّ البالغ اذ قديكون لبعض العلماء كلام من باب دليل التنبيه و الاشارة او الصريح و لايلتفت اليه غيره و المنقول عن المحقق العام هو الحجة اذا لم‏يعارضه ما هو اقوي منه بشرط وثاقة الناقل و اذا ادعي الاجماع فالظاهر انه المنقول عن المحقق العام الاّ اذا شهدت القرائن بنفسه و ربما تجد في عباراتهم اجماع الامامية و اجماع الفرقة المحقة و هو من المحصل الخاص

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 74 *»

فرجح كلامهم ببعض الوجوه الصحيحة و لاتكن غافلاً و لاتعتمد بكل قول و لا بكل دعوي فان المعصوم من عصمه اللّه تعالي و لاتعتمد علي قول الاّ بملاحظة الحديث و لاتبادر بالعمل بالحديث الاّ بعد ملاحظة فهم الاصحاب فان له مدخلية تامة في هذا الباب.

و اعلم انك انت المخاطب في كلام اللّه تعالي و كلام المعصومين و لاتقل ان الخطابات خاصة بالمشافهين في مجلس الخطاب فان اللّه سبحانه ليس له زمان و لا حال و لا استقبال و لا مضي و لاينتظر و ليس كمثله شي‏ء.

و اعمل بما اشتهر بين اصحابك و اترك الشاذّ النادر سواء كانت الشهرة في الفتوي او في العمل او في الحديث او الجميع للنص القاطع و العبرة بعموم اللفظ الاّ اذا عارضها ماهو اقوي منها فان العمل علي الاقوي اذ رب مشهور لا اصل له و اذا تتبعت و لم‏تجد دليلاً من الشرع في حكم من الاحكام فالاصل براءة ذمتك عن ذلك لان اللّه يقول علي اللّه قصد السبيل و يقول ان علينا بيانه فاذا مابيّن علمنا انه مايريد منك و الاّ لكان مغرياً بالباطل فكل شي‏ء لك مباح و حلال لقوله7 كل شي‏ء مطلق حتي يرد فيه امر او نهي فماورد ان الامور ثلثة امر بيّن رشده فيتبع و امر بيّن غيّه فيجتنب و امر مشكل فردّ علمه الي اللّه و رسوله لايكون الاّ عند تعارض الادلة فاذا قامت التراجيح من كل وجه هو الشبهة التي يجب الوقوف عندها و عند عدم التعارض و عدم نص خاص فابعده بقوله7 كل شي‏ء لك مطلق و العام في جميع افراده حجة و العام المخصّص حجة في الباقي و هذا لا اشكال فيه و هذا هو اصل الاباحة و اذا ثبت حكم بالكتاب و السنة دون الاجماع فذلك الحكم ثابت مستصحب حتي يتغير الموضوع يقيناً فعند الشك يرجع الي ماكان قبل ذلك بالقطع لقوله تعالي ان اللّه لايغيّر ما بقوم حتي يغيّروا ما بانفسهم و قوله7لاتنقض اليقين الاّ بيقين مثله و لاتنقض اليقين بالشك ابداً و هذا هو اصل الاستصحاب.

و اذا دلّ العقل القاطع علي حكم فزنه بالميزان و هو قسمان احدهما معرفة العقول عدله و الثاني مطابقته بالكتاب و

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 75 *»

السنة علي وجه المقرر و الاّ فلاتعتمد عليه و لاتركن لديه فان النكراء و الشيطنة شبيهة بالعقل و ليس بعقل فاعقل و افهم.

و لاشك ان العالم يدور علي عالم و متعلم و عالم و جاهل و بصير و مستبصر و متبوع و تابع و اصل و فرع و علي ذلك بني الوجود و به يعبد المعبود و هو المجتهد و المقلد في الاصطلاح فانكار التقليد جهل بهذا الاصل السديد مع دلالة الاخبار الكثيرة و كلام اللّه المجيد.

و ما اشتهر عنهم ان في زمان غيبة الحجة7 انسدّ باب العلم فانفتح باب الظن لاجل الضرورة ان كان مرادهم بالعلم هو العلم بالحكم الواقعي الاولي فذلك ماكان مفتوحاً و قد انسدّ حين خرج ادم7 من الجنة و قتل قابيل هابيل و ان كان المراد الحكم الظاهري التكليفي فهو ما انسدّ ابداً لان كل احد يقطع بان هذا الذي فهمه هو حكم اللّه سبحانه في حقه و حق مقلديه و يجب ان‏تعلم انك لو بذلت جهدك عرفت الحق من تكليفك بحيث لو فرضت مشافهة الامام7مازادك لانك ماعرفت الاّ بمدد و تسديد منه فان اللّه تعالي يقول و تحسبهم ايقاظاً و هم رقود و نقلّبهم ذات اليمين و ذات الشمال فالذي تفهمه سمّه ماشئت ان شئت سميته علماً بالحكم الثانوي المختلف لانه المقصود من صاحب الشريعة مادامت دولة الظالمين و الفاسقين و ان شئت سميته ظناً او غير ذلك و لا مشاحة في الاصطلاح فتفهّم و كن من المهتدين.

و اعلم يا اخي اني قد ارشدتك الي نهج الصدق و الصواب و بيّنت لك حقيقة الامر في كل باب و لاتنس نصيبك من الدنيا و احسن كما احسن اللّه اليك و احبّ ان لاتضيّع اوقاتك و تتجنب مجالسة اهل الدنيا و كل من يشغلك عن اللّه تعالي و اصبر فان الدنيا ايام قلائل تمضي عنها و تبقي معك عملك خيراً كان ام شراً و انظر الي ماكتبت لك في هذه الاوراق بنظر البصيرة و واظب علي تلاوة الكتاب الكريم و الذكر الحكيم فانه نور للقلوب و شفاء للصدور و تأمل في معانيها و مبانيها فانها مفتاح العلوم الحقيقية و مصباح القلوب المظلمة المدلهمّة

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 76 *»

حفظك اللّه و ايّدك و رعاك اللّه و سدّدك انه علي كل شي‏ء قدير.

و صلّي اللّه علي محمّد و اله الطاهرين و الحمد للّه رب العالمين.

و كتب بيمناه الداثرة العبد الفاني الجاني الغريق في بحار الامال

و الاماني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي عصر يوم الجمعة

الخامس‏عشـر من شهر محـرم‏الحـرام في سنـة 1243

حامـداً مصلّيـاً مسلّمـاً.