11-08 جواهر الحکم المجلد الحادی عشر ـ رسالة في تنبيه بعض علماء النجف ـ مقابله

رسالة فی تنبیه بعض علماء النجف

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 103 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين الطيبين.

اما بعد فقد بلغني کلام علي بعض العبارات من رسالتي التي وضعتها في الاخلاق و الاعمال التي توصل الي سکون النفس و طمأنينة القلب في المعارف الالهية و الحقايق القدسية و معرفة حقايق الاشياء و اسرار الموجودات و کيفية الترقي الي المقامات العلية و المراتب السنية في العلوم العقلية و الرسوم القطعية دون المطالب النقلية و الاحکام التوقيفية فانها مع ما ذکرنا من التورع و الاجتهاد تحتاج الي کلام الموقف و الاخذ عنه کالمطالب الفقهية و الفروع الاجتهادية فانها لاتحصل و لاتتحقق الا بعد معرفة اللغة مدلولاتها و موادها و اعرابها و المتکفل لبيان الاولي کتب اللغة المعروفة و للثانية علم الصرف و للثالثة علم النحو و معرفة الاحاديث و الاخبار الواردة في جزئيات الاحکام و کلياتها المتکفل لبيانها کتب الاحاديث و معرفة کلام (کلام الله ظ) سبحانه من الايات الواردة في الاحکام المتکفل لبيانه کتب التفاسير لاسيما في آيات الاحکام و معرفة الرجال الرواة صدوقها من کذوبها معلومها من مجهولها و مهملها من مبينها اذ قد کثرت الکذابة علي اهل بيت العصمة و الطهارة فلا کل راو مقبول و لا کل ناطق مسموع فلابد من ملاحظة احوال الرواة فتختلف احکام الرواية و الاحاديث بحسب رواتها و المتکفل لبيانها علم الدراية و حيث کان من الاجماع باقسامه من المرکب و المحقق العام و المحقق الخاص و السکوتي و المنقول علي الخلاف و هو لايحصل الا بمطالعة کتب الاصحاب من فقهائنا رضوان الله عليهم و منها المشهور علي قول و المعتصمة و المؤيد علي قول آخرين وجب الرجوع و النظر في کتب الفقهاء لتحصيلها فمن غير مطالعة الکتب المدونة في هذا الشأن مايقدر ان يحصل هذه المطالب.

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 104 *»

و بالجملة فالعلم الذي مداره النقل و التوقيف لايمکن ان يحصله بالعقل المحض من غير ملاحظة کتب اصحاب النقل الا بان يکون مسدداً بروح القدس و هذا الغير المعصوم و غير المؤيد بتسديد الله سبحانه بالعصمة و الرحمة و العناية الخاصة لايتأتي و لو تجرد و ارتاض فان الله سبحانه و تعالي قال الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و المجاهدة في الله لابد ان يأتي البيت من بابها و يجاهد علي الوجه الذي اراد الله سبحانه منه لقوله تعالي لکن البر من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها و هذا هو الباب لذلک الجناب فمن طلب بغير هذا الوجه فقد اتي من غير الباب فلايقبل منه.

و قد ذکرنا فيما کتبنا في المبادي اللغوية في بحث الدلالة ان العلوم علي قسمين علوم عقلية محضة و علوم توقيفية و المراد بالاولي هي التي مناط ادراکها محض العقل بلاتوقف علي الانتساب الي الغير بالتقليد له و الاخذ عنه کمعرفة الله سبحانه و معرفة حقائق الاشياء المجردة في العلم الالهي بمعني الاخص و الاعم و معرفة صور الاشياء و قراناتها و نسبها في العلوم الهندسيات و الرياضي و معرفة للاجسام و الجسمانيات و صفاتها و احوالها في العلم الطبيعي فان هذه العلوم لابد من معرفتها بالعقل القاطع و لا سبيل للتقليد فيها الا للعوام المحض في غير معرفة الله سبحانه و ساير اصول الاسلام و الايمان.

و المراد بالثانية هي التي لايستقل العقل بادراکها بل لابد من استناده فيها الي الغير بالتقليد له و الاخذ عنه و الاستناد اليه کمعرفة الاوضاع اللفظية و الدلالات الوضعية و ان قلنا بالمناسبة فانها لاتغني عن الوضع کما فصلنا القول فيها في رسالة منفردة و الاحکام الشرعية الالهية فانها توقيفية لابد من الرجوع الي الموقف اما بوجود داع و خليفة من الله تعالي يبين للناس ظاهرا مشهورا او بالاسباب التي جعلها الله تعالي للوصول اليها من الکتاب و السنة و الاجماع و دليل العقل فيما يمکن اذا کان الداعي غائباً مستوراً ففي حال الغيبة الکبري کل من ادعي انه يحصل حکم الله تعالي في الاحکام الفقهية من دون النظر الي الکتاب و السنة و مما يتوقف فهمهما و استنباط الاحکام عليه من اللغة و غيرها

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 105 *»

مما ذکره اصحابنا من شرايط الاجتهاد فذلک مبدع في الدين لايلتفت اليه اصلاً و کذلک من ادعي معرفة الاحکام الشرعية بدون الرجوع الي متفاهم العرف و اللغة و الشرع بل الي انواع العلوم الغريبة من الجفر و الرمل و الحساب و انواع علم الحروف من احکام الزبر و البينات و البسط و التکسير او بالرجوع الي بواطن الاسرار من نفي المجاز و الکنايات و الاستعارات و انحاء الدلالات من دلالة التنبيه و الاشارة و لحن الخطاب و فحوي الخطاب و دليل الخطاب و غيرها فذلک ايضا مبدع في الدين و ضال و مضل و کذلک من انکر الاجتهاد و التقليد و اراد ان يحصل الي الاحکام الالهية الفرعية بدونهما فذلک ايضا قد اخطأ الصواب و الحاصل سلوک سبيل في الفقه غير ما سلکه اصحابنا و فقهاؤنا المتقدمون و المتأخرون مما هو المعروف من طريقتهم المشهور و سيرتهم اتباع لغير سبيل المؤمنين و من يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولي و نصله جهنم و ساءت مصيراً.

فاذا عرفت هذا فاعلم ان العبارة التي وقع الکلام عليها هذه.

و اعرض عن مطالعة کتب القوم سيما عامة العميا و کل کتاب قد اخذ منها و کن کأن الله سبحانه ماخلق سواک و ما سطر کتاب و لا ذکر جواب و لاجري خطاب اتري انه يهملک و لايبعث لک من يعلمک اما ظاهراً مشهوراً او غائباً مستوراً و لاتقل ان الله سبحانه جعل هذه الکتب و الآلات سبباً و وصلة الي تحصيل العلوم لانا نقول قد ذکرنا سابقاً ان الله سبحانه سبب کل ذي سبب و مسبب الاسباب من غير سبب و ظهر لک من تلويحات کلامنا انه تعالي جعل لکل سببين سبباً عاماً و سبباً خاصاً فاهل العموم يتمسکون باسباب خاصة و اهل الخصوص يتمسکون بالسبب العام و ذلک السبب العام الکافي لجميع المسببات و المناسب لها هو الانقطاع الي الله عزوجل بکلک و هو قوله تعالي اليس الله بکاف عبده و قوله تعالي و من يتوکل علي الله فهو حسبه و قوله تعالي و من يتق الله يجعل له مخرجاً و قوله تعالي و اتقوا الله و يعلمکم الله انتهي.

و الکلام عليها ان هذه مرکبة من عبارة ملامحمد الاسترابادي و اهل التصوف الذين قالوا بان

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 106 *»

التجرد يعني عن ملاحظة کتب العلم و عن تعاطي الاسباب کلها لان الله سبب کل ذي سبب و هذا سد لباب الاجتهاد و التقليد بل هذا رفع للحاجة الي الاخبار و انا لانحتاج الي الائمة عليهم السلام لان القرآن فيه تبيان کل شيء و الانسان اذا تجرد عرف تلک الاحکام من القرآن و هذه مقالة اهل التصوف بعينها ما هذه الظنون الفاسدة ماذا اراد بقوله و اعرض عن کتب القوم سيما عامة العمياء و اي قوم هم انتهي الکلام.

اقول اعلم انا اردنا في هذه الرسالة الشريفة اثبات معالي الاخلاق و الاعمال التي توصل النفس الي اعلي الدرجات في العلوم العقلية و المعارف الالهية و الاعتقادات الحقة التي لاتنتف الاعمال و العبادات بدون تلک المعارف و الاعتقادات يعني القدر الضروري و ان تفاوت المسلمون و المؤمنون في مراتبها و مقاماتها و ذکرنا في اول الرسالة ان الاصل في هذا المقام و العمدة في بلوغ و المرام (بلوغ المرام ظ) هو التوکل و الاعتماد علي الله وحده في جميع الافعال و الاعمال و الحرکات و السکنات و ان لم‌نصرح بلفظ التوکل الا ان ما ذکرنا صريح في ذلک الا تري انا ذکرنا في اول الرسالة اعلم ان الله سبحانه هو الواحد الذي لاشريک له الي ان قلنا فاذن سد باب نظرک و رفع حاجتک و رجائک و خوفک و طمعک الا اليه تعالي و معناه انه لايلتفت الي الاسباب و يعتمد عليها لا انه لايستعملها و يترکها فهو حين مباشرته للاسباب قاطع نظره عنها کماقال سيدالشهداء و علي بن الحسين عليهم السلام و قد ذکرت قولهما روحي لهما الفداء في الرسالة و هذا المعني ملحوظ في جميع مطالب هذه الرسالة الي ان وصلنا في احکام المعاشرات و ذکرنا للاسباب المانعة للبلوغ الي العلوم الحقيقية و المعارف الالهيه و ذکرت فاذا تعددت الزوجات اعدل بينهن يعني کلما تعمل لواحدة اعمل للاخري في کل شيء و ان لم‌يجب عليک لکنه اقرب للتقوي و افرغ لک و حواسک و الا تقع بينهن العداوة و لايمکنک التوجه الي ما انت بصدده من طلب الحق و المعارف الالهية فعلم ان المقصود المعارف الالهية ثم بينا ان تحصيل المعارف علي القطع و

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 107 *»

اليقين علي کمال ما ينبغي في اعلي المراتب لايمکن الا بان نتطابق (تتطابق ظ) اربعة‌ اشياء في مسألة واحدة.

احدها النظر في الاخبار و الاحاديث و تحصيل تلک المسألة منها علي وجه القطع و اليقين لا الظن و التخمين فان الاعتماد للمسائل للاعتقادية (الاعتقادية ظ) علي الاخبار و الايات المفيدة للظن قبل استفادة القطع منها لايجوز اجماعاً و للآيات و الروايات و ان کانتا ظنية الدلالات الا انها قد تفيد القطع لقراين و احوال خارجية خصوصاً في المسائل العقلية بل ربما اسهل لاستقلال العقل فيها و سهولة استخراج المأخذ خصوصاً اذا کان منقطعاً اليهم طالباً اعانتهم عليهم السلام کما قالوا عليهم السلام علي ما في المتبعون (المتبعين ظ) لقادة الدين لائمة (الائمة ظ) الهادين الذين ينهجون منهجهم و يسلکون مسلکهم يهجم بهم العلم علي حقيقة الايمان فيستلينون من احاديثهم ما استوعر علي غيرهم و يأنسون مما استوحش منه المکذبون و اباه المسرفون اولئک اتباع العلماء حقاً الحديث و لذا قلت في الرسالة و انظر في کتب الاخبار الخ و ما ذکرنا في هذه المسألة کلها بيان اعانتهم لمن طلبهم و انقطع اليهم و هذا لاينکره الا من انکر عصمتهم و شرفهم و شرف مقامهم عند ربهم و کله لتحصيل القطع في المسألة التي يستند فيها الي الروايات من المسائل العقلية دون العملية فان فيها يکفي کمابرهن في محله.

و ثانيها النظر في القرآن علي ما وصفت فيها ليجد آية محکمة مطابقة لما وجده في الاخبار و اليه الاشارة بقولنا فيها ثم لما انهم قالوا ان احاديثنا تعرض علي کتاب الله فخذ ما وافق و اترک ما خالف الي ان قلت فابذل جهدک و شمر عن ساق جدک و تضرع الي الله عزوجل ان يعرفک الآية المحکمة شاهد صدق للحديث حتي لايقولوا ان الحديث المدعي متشابه او انه تلبيس فيکون في الاطمينان اشد و في اليقين اثبت و لحجج المخالفين اقطع و لانکار المنکرين ادحض.

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 108 *»

و ثالثها النظر في العالم في الآفاق و الانفس قال الله تعالي سنريهم آياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و قال تعالي و يضرب الله الامثال للناس, و مايعقلها الا العالمون و لذا قلنا فيها فاطلب و اسع حتي تجد المثال و البيان الحالي علي النهج (نهج ظ) الاکمال علي المنوال الموجود في القرآن و في الاحاديثهم (احاديثهم ظ) عليهم السلام ليکون في الاطمينان اثبت و في اليقين اعظم و اشد.

و رابعها الدليل العقلي و البرهان القطعي علي ما دل عليه الکتاب و السنة و وجدت مثاله في العالم و لذلک قلت فيها اي في الرسالة فابذل جهدک و اسع سعيک و تضرع الي الله عزوجل و الائمة الهداة عليهم السلام ابوابه و وسايل فيضه ان يدلوک الي البرهان العقلي المطابق لما دلت عليه الآيات الالهية من التدوينية و التکوينية لتکون اثبت في الاطمينان و اضبط و اقوي في الايمان و الايقان و تکون کالجبل لاتحرکه العواصف و لاتزيله القواصف و تکون علي بينة من ربک و هداية في دينک و نور في برهانک و انشراح في صدرک و ضياء في قلبک هـ .

فجعلنا المدار في کل مسألة من المسائل العقلية تطابق هذه الوجوه الاربعة و علماؤنا رضوان الله عليهم اکتفوا بالعقل وحده اذا حصل اليقين و الاعتقاد و الحقية فما ظنک بالذي يجمع الکل اي العقل و الشرع من الکتاب و السنة کل ذلک مع اليقين ثم اردنا ان نبين ان الطبيعة سراقه و النفس مع من تميل اليه و قد قال الشاعر:

عاشر اخا ثقة تحظي بصحبته

فالطبع مکتسب من کل مصحوب

کالريح آخذة مما تمر به

نتنا من النتن او طيباً من الطيب

فاذا کانت النفس سالمة عن جميع العاهات و الآفات تدرک الشيء علي ما هو عليه و ان کانت غير ذلک فلا و اغلب امراض النفس مصاحبة اصحاب السوء و الباطل لما ذکرنا من سرعة قبولها و انقيادها فنبهت علي ذلک و قلت و اعرض عن مطالعة الکتب (کتب ظ) القوم سيما العامة العمياء و کل کتاب قد اخذ منها و

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 109 *»

انت خبير بان القوم في الغالب يراد به المخالف ضداً لصاحبه و عليه جري اکثر اطلاقاتنا و عباراتنا و في عرفنا الآن يقال ان هؤلاء ام اصحاب فح فالمراد بالامراض عن الاعراض هو الاعراض عن کتب المخالفين الذين اعرضوا عن ائمة الدين و شريعة خاتم النبيين عليه و آله صلوات الله ابد الآبدين من کتب الفلاسفة و اليونيين (اليونانيين ظ) فانهم قالوا الحکمة هي البحث عن المبدء و المعاد لا علي نهج القانون (قانون ظ) الاسلام فهم لايراعون نهج الاسلام و لا ما عليه اهل البيت عليهم السلام بل يقتصرون علي عقولهم الناقصة و لايزنونها بالميزان القويم و القسطاس المستقيم سواء طابق الاسلام او خالف و علي هذا المذهب الفاسد بنيت کتب الجماعة من الفلاسفة و اليونايين و الصوفية الملحدين و ساير الملاحدة اعداء الدين لانها کتب الضلال و حکم النظر اليها معلوم في الفقه.

و لما انهم قالوا ان الکلام هو البحث عن احوال المبدأ و المعاد علي نهج قانون الاسلام و اغلب الکتب الکلامية من العامة اردنا ان يتبين ان الکلام المرغوب فيه ليس ما عند العامة العمياء فانهم يلحدون في الاسماء بل لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها اولئک کالانعام بل هم اضل و اولئک هم الغافلون و لذا اکدت و قلت و لاسيما العامة العمياء و کل کتاب قد اخذ منها لقوله تعالي فمن تبعني فانه مني.

ثم اردت ان ابين ان في اصول الدين المدار علي القطع و اليقين دون الظن و التخمين و التقليد و المکلف لابد ان ينظر في الآثار لتظهر له الانوار و تحصل له معرفة العزيز الجبار و معرفة خلقه و الحکم المستودعة فيه و ذلک لايحصل کماله الا بخلو الفکر و الفهم عن المعارضات و المناقشات و الاعتراضات فقلت اشارة الي هذا المعني في هذا المعني اي المطالب العقلية کما هي موضوع الرسالة و کن کأن الله سبحانه ماخلق سواک و ما سطر کتاب و لا ذکر جواب و لاجري خطاب کل ذلک لاتلتفت اليه و ان نظرت اليه لکن لا من جهة الاعتماد و الوثوق فان التقليد في غير المسائل الفقهية لغير المجتهد

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 110 *»

لايجوز فيجب عليه النظر بصافي فطرته و خالص طويته معرضاً عن اقوال الرجال المشوبة بانواع المناقشات و الجدال المبعدة للاذهان عن التوجه التام الموروثة للاذهان من غير اطالة التفکر و حيث ان الله سبحانه هو الهادي الي معرفته و علي الله قصد السبيل فمن جهد و طلب منه تعالي الهداية بتسديده و تأييده فوجب عليه تعالي في الحکمة ان يهديه الي ارشد السبيل و يعرفه المدلول و الدليل و اليه اشرت بقولي اتري ان الله يهملک و لايبعث لک من يعلمک اما ظاهر مشهور بالبيان الواضح الجلي المجلي (لغياهب ظ) الظلمات الکاشف لجميع الشبهات او غائباً مستوراً بالتسديد و التأييد و الدعاء بالهام الخير و نحو ذلک من الجهات المورثة للعلم و اليقين و ذلک معلوم من المذهب و الدين.

و لماسبق الي بعض الاوهام ان الله سبحانه جعل کتب هؤلاء سبباً لفهم الحقائق و درک الدقائق و ظهور المطالب الخفية و الاسرار الدقيقة المطوية في کتب (الکتب ظ) المأخوذة جلها بل کلها عن الفتوحات المکية لمميت‌ الدين ابن عربي و فصوص الحکم له و الانسان الکامل لعبد الکريم الجيلاني و ما في کتب غيرهما ککتب ابن سينا و بهمنيار و امثالهما زعماً منهم ان سر الحکمة هو الذي قد نطقوا بها و حقيقتها هي التي اودعوها في هذه الکتب و ان من لم‌يأخذ عنها و عن امثالها و لم‌يطل النظر و الفکر في دقايق معانيها و مبانيها لم‌يبلغ کمال المعرفة و لم‌تحصل له في معرفة الاسرار الغاية اردت ان ابين فساد هذه الواهمة و ان الله سبحانه ما احوجنا اليهم فيها و قد اغنانا ببرکة الانقطاع الي ائمتنا عليهم السلام عنها فقلت و لاتقل ان الله تعالي جعل هذه الکتب و الآلات اي الکتب المدونة في الحکمة و الکلام و غيرهما من المطالب العقلية اسباباً و وصلة الي تحصيل العلوم لانا نقول قد ذکرنا سابقاً ان الله سبب کل ذي سبب و مسبب الاسباب من غير سبب و معني ذلک المنع اولاً عن کونها سبباً و المنع من انحصار السبب فيها ثانياً لان اسباب الامور کثيرة منها خفية و منها جلية و اذا اراد الله امرا هيأ اسبابه و ان لم‌تکن اموراً ظاهرية و ليس

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 111 *»

المراد سد باب الاسباب کيف و ان الله سبحانه ابي ان يجري الاشياء الا بالاسباب الا انه سبحانه و تعا لي يسبب اسباباً اخر ينفذ حکمه تعالي بها و هو قوله تعالي و يرزقه من حيث لايحتسب اي يرزقه بما لايحتسب ان يکون ذلک سبباً للرزق و هذا لايذکره مؤمن موحد لان ذلک من فروع الدين و المذهب لان العلماء اجمعوا ان لاتقليد الا في المسائل الفرعية الشرعية لغير المجتهد.

فح فحصر حصول العلم و اليقين في هذه الکتب الغير الخارجة عن معدن الحکمة و النبوة و جعلها سبباً لتحصيل العقايد من افحش الاغلاط المنقطع الي الله تعالي و المتمسک بحبل ولاية اهل بيت النبوة لايحتاج الي کتبهم و لا الي زبرهم و قد من الله علي عبده کاتب الاحرف و له الحمد و الشکر بذلک حيث ما احتجت الي الآن بعد دخول في هذا الباب الاعظم الي کتب الحکماء و المتکلمين و لا الي الفتوحات المکية و الحتوفات الشامية بل وردت المورد الروي و المنهل الهني اخبار اهل العصمة و الطهارة و کتاب الله و ما اودع الله سبحانه في هذا العالم و ما اودع الله سبحانه في من العقل السليم فما احتجت في العلوم العقلية الي هذه الکتب و قد علم اکثر من يعاشرني و يخالطني ان مصنفاتي و رسائلي و اجوبة مسائلي في غير المسائل الفقهية کلها قد صدرت من غير مراجعة الي هذه الکتب الا لاجل الرد او الشاهد في بعض المواضع و هذا هو المعلوم من طريقتي و سيرتي

کل من يدعي بما ليس فيه

کذبته شواهد الامتحان

و الله سبحانه هو المستعان.

و اما المسائل الفقهية و الفروع الاجتهادية و قد علم ايضاً کل من عاشرني و خالطني و لو يسيراً اني ما اقول فيها الا بعد المراجعة و النظر في کتب الاصحاب و مراجعة الادلة و ملاحظة جهات المعارضات و امعان النظر فيها ثم القول بما من الله سبحانه و قاد الدليل الالهي الشرعي غير ملاحظة للجهات الباطنية و الاسرار الغيبية بل راغباً فهم العرف من سائر الرعية ان لم‌تکن في المقام حقيقة شرعية و بالجملة فلانکتفي في الفقه بما اختلج في الخيال الا بعد التتبع التام و الرجوع العام في کتب فقهائنا الامامية و ما فهموا من

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 112 *»

الاخبار و جاسوا خلال تلک الديار و ملاحظة التعادل و التراجيح و قد اوصاني شيخي العلامة اعلي الله مقامه و قال لي لاتعتمد علي خبر الا بعد ملاحظة ما فهم الاصحاب منه و النظر في کلامهم و فهمهم ثم القول بما يظهر لک و هذه هي عادتي في الفقه و تلک عادتي في الاصول و العقايد و هذه الطريقة هي التي اجمعت عليه (عليها ظ) الامامية و اتفقت عليه کلمة الشيعة و هي الحق الذي لامحيص عنه و ماذا بعد الحق الا الضلال فاني تصرفون و هذا هو بيان مرادي في تلک الرسالة و مقصودي من تلک العبارة ان افترتيه فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون.

و اما الجواب عن الکلام الوارد علي تلک العبارة فنقول اما القول بان هذه العبارة مرکبة من عبارة ملامحمد الاسترابادي و اهل التصوف الذين قالوا بان التجرد يغني عن ملاحظة کتب العلم و عن تعاطي الاسباب کلها لان الله سبحانه سبب کل ذي سبب فاعلم اما ملامحمد الاسترابادي فلم‌نعرفه و لم‌نره مذکوراً في تصنيف و لاتأليف و ان کان المراد الملامحمد امين الاسترابادي فوالذي فلق الحبة و برأ النسمة و تفرد بالجبروت و العظمة اني لارأيت شيئاً من کتبه و لا من رسائله و سمعت ان له کتاباً سمي بالفوايد المدنية رد علي المجتهدين و لارأيتها و لااطلعت علي ما فيها و هو کلامه في الفروع و نحن کلامنا في الاصول و اين هذا من ذاک.

و اما الصوفية فعداوتي معهم و بغضي لهم و تزييفي لکلامهم وابطالي لمرامهم اشهر من ان يسطر و اعلي من ان يذکر قد ملأ الاصقاع و خرق الاسماع حتي في هذه الرسالة في باب المعاشرات قلت و الاموات هم الکفرة الفجرة الصوفية ام الاخباث و اصل الارجاس و اياک و معاشرتهم و ان لم‌تمل اليهم فينجسوک فلايکفي الغسل وحده بل لابد لک معه من الغسل بماء التوبة و الندم علي معاشرتهم و مصاحبتهم و التضرع الي الله تعالي و الغسل بضجر النفس بالاعمال و بالطاعات و ذکرت في آخرها و لاتلتفت الي هولاء الخداعين الکفرة الملحدين اعني الصوفية من تسويلهم للخلق بالرياضات الغير المشروعة

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 113 *»

و مرادهم ان يعبدوا من غير الله حيث اسسوا تصوير صورة المرشد الخبيث و استعذ بالله منهم و لو لم‌اکن علي اهبة السفر مع قلب مشوش لبينت لک من فضائحهم و مثالبهم مايکون تذکرة لاولي الالباب ولکنک خذ الحق و اعرض عن الباطل و احسن فان الله مع المحسنين و قد ملأت رسائلي و کتبي في الرد عليهم و ابطال مقاصدهم و افساد عقائدهم و الله علي ما اقول وکيل فکيف اقرن بهم و يقاس کلامي بکلامهم و معاذ الله ان يکون ذلک کذلک.

و هؤلاء حيث ارادوا صرف وجوه الناس عن اهل البيت عليهم السلام لتشييد قول الذي قال حسبنا کتاب الله فقالوا ان التجرد و الانقطاع الي الله يغني في کشف الحقايق و العلوم عمي (عن ظ) الائمة الاطهار عليهم السلام و زعموا ان العبد يمکنه الوصول الي الحق بدون متابعتهم و مشايعتهم کلا و حاشا بل کذبوا و لعنوا فان الحق منحصر فيهم و الخير محصور لديهم اشهد ان الحق لکم و معکم و فيکم و منکم و اليکم, ان ذکر الخير کنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأويه و منتهاه فاين يطلب الحق و الخير اذن طالبه و الله سبحانه يقول فماذا بعد الحق الا الضلال.

و لاتتوهم اني اقول بجواز التقليد في المعارف الالهية و ان کان منهم عليهم السلام بل المراد انک حصل الحق و اقطع به بمطالعة اخبارهم و مزاولتها و وجدان قواعد الکلية منها کما يصنعون بقراءة کتب الحکماء و المتکلمين و مطالعتها و مزاولتها فانهم لايرون التقليد و الاخذ عن اصحاب الکتب من غير دليل ولکن المطالعة و القراءة و النظر انما هي لحصول القوة و الملکة و الاستعداد و حصول هذه القوة و الملکة و الاستعداد بمزاولة کتب اهل البيت عليهم السلام و مطالعتها اقوي و اولي فان حصل القطع و اليقين فقل به و الا فلا و اعانة الامام عليه السلام غير مفقودة و قد قال اميرالمؤمنين عليه السلام علي ما في النهج اين يتاه بکم و فيکم عترة نبيکم اين تذهبون و رايات الحق منصوبة و اعلام الهداية واضحة فيظهر الحق و بطل ما کانوا يعملون و الذي ذکرنا ضد مذهب الصوفية لا عين مذهبهم خذلهم الله.

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 114 *»

و اما سد باب الاجتهاد و التقليد فلو کان الکلام في الفروع الفقهية و القصد الاعراض عن الکتب مطلقا يصح هذا القول الا ان بين المقامين ابعد ما بين المشرق و المغرب فان الاعراض المقصود هو الاعراض عن کتب القوم لا مطلق الکتب و القوم کما هو المعروف في استعمالات الکتاب و السنة المخالفون کقوم لوط و قوم صالح و قوم شعيب يحلفون بالله انهم لمنکم و هم منکم ولکنهم قوم يفرقون و قال الحسين عليه السلام کفر القوم قدما (و قدما ظ) رغبوا عن ثواب الله الخ و هذا الاطلاق في الکتاب و السنة اعلي من ان يذکر و اجلي من ان يسطر فاذا حصل الاعراض  عن کتب المخالفين و زبر المعاندين فاي انسداد لباب الاجتهاد و التقليد ح فان استنباط الاحکام الفرعية لايتوقف علي النظر في کتب المخالفين سيما العامة العمياء فالمنکر للرجوع الي هذه الکتب لايقال له انه منکر للاجتهاد و قطعاً اجماعاً من جميع الامامية و انما يتوقف علي النظر في کتب اصحابنا الامامية و ذلک ليس بمنکر مع ان هذا العموم ليس مقصوداً في الرسالة فان المراد الاعراض في معرفة اصول الدين عن کتب المخالفين و هذا الاعراض اي دخل له في سد باب الاجتهاد و التقليد و اي دلالة لقولنا اعرض عن کتب القوم المخالفين في معرفة اصول الدين علي سد باب الاجتهاد و التقليد و بين المقامين بون بعيد نعم لو قطعنا النظر عن اطلاق القوم علي المخالفين و قطعنا النظر عما وضع له هذه الرسالة لکان الکلام دلالة باعتبار العموم لشمول کتب القوم للاصول و الفروع ولکن حمل العام علي الخاص مما شاع و ذاع حتي قالوا ما من عام الا و قد خص اما کانت هذه القاعدة الکلية و وضع الرسالة و ذکر القوم الظاهر في المخالف و ما هو المعلوم من طريقتنا و المعروف من سيرتنا العمل اما علي الاجتهاد او التقليد و ما ذکرنا في الرسائل المتعددة ان المکلف في زمان الغيبة … مجتهد و مقلد و انه لايصح العمل الا باحدهما حتي انا نرد الشهود في الحکومات اذا لم‌يکونوا مقلدين و لنا رسالة في جواب مسألة من مسائل سئل عن الرجل اذا مضت عليه برهة من الزمان و لم‌يقلد کيف حال عمله و عباداته و ذکرنا فيها ان المکلف اذا سمع

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 115 *»

بالتقليد و لم‌يقلد و ما کان من اهل الاجتهاد يجب عليه اعادة جميع ما فعل من العبادات بدون التقليد الي آخر ما ذکرنا فيها مع تفاصيل احکام شريفة.

اما کانت الامور و نظايرها قرينة لحمل هذا العام علي فرض عمومه علي الخاص اي في مسائل اصول الدين حتي يقال ان هذه الرسالة ضلالة و القائل بمضمونها ضال و مضل و هلا قالوا ذلک في عبارة الصدوق (ره) في الفقيه في باب حيث قال ان الغلاة و المفوضة لعنهم الله ينکرون سهو النبي صلي الله عليه و اله و قال ان في الغلو انکار سهو النبي صلي الله عليه و آله مع ان عصمته و اهل بيته صلي الله عليه و اله مما قام عليه اجماع الشيعة و اتفاق الفرقة المحقة و قد شمل لعنة المفيد (ره) و من ما حر (كذا) عنه الي زماننا هذا و مع ذلک ما قالوا انه کلام ضال مضل مع انه صرح بالامر فحملوا السهو علي الاسهاء و النسيان علي الانساء نظرا الي جلالة شأنه و نبالة مکانه و هلاقالوا في السيد المرتضي حيث قال ان الله ليس الها للاعراض و لا للجوهر الفرد ليس ذلک اخراج لله عن الوهية في کافة الحوادث و الموجودات و هکذا غيرهما من علمائنا الاعلام و لم‌يکن صدور هذه الکلمات قدحا في مقامهم و لا نقصاً في شأنهم و قد ذکرنا في هذا المقام کلمات عجيبة لعلمائنا الاعلام في رسالتنا کشف (کشف الحق ظ) فليرجع اليها.

و قد ظهر لک مما بينا الجواب عن القول بان هذا دفع للحاجة الي الاخبار و انا لانحتاج الي الائمة عليهم السلام و کيف يکون دفعاً للحاجة الي الاخبار و قد ذکرنا فيها و قلنا انظر الي کتب الاخبار و ما ابعد بين هذه النسبة الينا و نسبة‌الغلو ولکن الحق النمط للاوسط يرجع الينا الغالي و لايسبقنا القالي و نقول انهم عليه السلام عبيد مربوبون مرزوقون لايشارکون الله في حال من الاحوال و لم‌يفوض الله الامر اليهم و لکنهم امناء الله و خلفاؤه فمن شذ عنهم في جميع الاحوال شذ الي النار و لانطول الکلام في هذا المقام فان طريقتنا في هذا الشأن معلوم (معلومة ظ) و کتبنا من هذه المطالب مشحونة والله المستعان و اما القول باحتمال التخيير بين التقليد و التجرد فليس بصحيح بل نحن نوجب الاجتهاد او التقليد فان کان بالتجرد و الرياضات حصل المسائل الفقهية عن ادلتها التفصيلية

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 116 *»

علي ما هو المقرر و المحقق عند العلماء الاعلام من اصحابنا المجتهدين فلابأس بذلک اجماعاً و ان کان بمحض التجرد لا بالقواعد المقررة من الکتاب و السنة والاجماع و دليل العقل فيما يمکن و ذلک مخطي ان قال ببعض و انکر بعضاً و ضال مضل ان انکر الجميع من الکتاب و السنة و هذا هو الاعتقاد الذي تجب الديانة به و عليه انعقد ضميري و سري و علانيتي فان کنت کاذباً فلعنة الله علي الکاذبين و قد کتبت فيما سبق في سنة الحصار جواباً لسؤال بعض السادة الاجلاء احببت ايراد السؤال و الجواب تأکيداً للبيان و ايضاحا للتبيان و لئلاينسب الي ما لااعتقده و ادين الله به و هو هذا:

قال السائل سؤال کيف قولکم في الادلة الاربعة الاصولية التي عليها مدار استنباط الاحکام الشرعية الفرعية من الکتاب و السنة و للاجماع (الاجماع ظ) و دليل العقل قد امرنا الرجوع اليها و استنباط الاحکام منها من امناء رب العالمين صلوات الله عليهم اجمعين و کيف طريقة استنباط الاحکام بالقواعد المعلومة المقررة عند الاصوليين المتداولة المشهورة بين الفقهاء من المتقدمين و المتأخرين کالعلامة و المحققين و الشهيدين و الشيخين رضوان الله عليهم الي يوم الدين و متأخر المتأخرين کالعلامة المجلسي (ره) و الشيخ البهائي العاملي و الآقا باقر البهبهاني و السيد مهدي الطباطبائي و الميرزا ابوالقاسم القمي و غيرهم من العلماء الاصوليين الفقهاء الکرام العالين العاملين اعلي الله درجاتهم في اعلي عليين هل هي طريقة (الطريقة ظ) الحقة المکلف بها من الغيبة المأمور بها في اوان الحيرة فمن بذل جهده و استفرغ وسعه و سلک مسلکها فاصاب … الثواب و ان اخطأ و اصاب و من تخلف عنها و سلک طريقة وراءها فقد هوي في مهوي هوائها و ما بلغ الصواب و لا الثواب ام عندکم طريقة اخري في استنباط الشرعية الفرعية غير هذه الطريقة السوية المستقيمة المتعارفة المتداولة بين العلماء العاملين و الفقهاء الکاملين من الفرقة المحقة المحصة (المحضة ظ) الامامية و هذا (و هذه ظ) هي الطريقة الحقة المنقذة من الاقتحام في الهلکات المنجية من الورطات المهلکات الموصلة الي الدرجات

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 117 *»

العاليات الواصلة الي مراتب العلماء الممدوحين في الآيات و الاخبار المتواترات و تلک الطريقة المتداولة مرجوحة متروکة مذمومة عندکم کما اشتهر بين اصحاب المقالات فالمأمول من جنابکم ان تبينوا ما هو الحق عندکم من الطريقة الاولي و الاخري ليرتفع عن قلبي تشکيک المشککين و اتبع الهدي و قد خاب من افتري و عليه وزر الکذاب و الافتراء و نکال الآخرة و الاولي.

الجواب و من الله تعالي الهام الصواب اقول و انا العبد الجاني کاظم قاسم الحسيني الرشتي ان هذه المسألة قد اختلفت فيها آراء العلماء و تشتت فيها اقوال الفقهاء و تفاوتت في البلوغ اليها احلام العلماء العقلاء و لو اردنا بيان الاختلافات الواقعة و تعدد المذاهب و الاقوال لطال بنا المقال و لايسعني الآن ذلک لاختلال البال و اغتشاش الاحوال و تراکم الاعراض المانعة عن استقامة الحال و قد اشبعنا الکلام في ذلک في کثير من الکتب و الرسائل و اجوبة المسائل و نذکر في هذا المقام ما هو صريح الاعتقاد مجرداً عن البيان و الاستدلال فاقول واثقاً بالله الملک المتعال ان الذي اعطاني النظر بعد ان اعطيته حقه و اتيت البيت من بابه مستعيناً بالله و متوجهاً الي جنابه ان الطريقة المثلي من تلک الطرائق و الحقيقة الوسطي من هذه الحقايق ما عليه محققوا علمائنا الاصوليين و مدققوا فقهائنا المجتهدين من المتقدمين و المتأخرين و متأخر المتأخرين ممن سميتهم و لم‌تسمهم من اکابر العلماء الاجلاء و افاضل الفقهاء النبلاء من هذه الفرقة‌المحقة قدس الله ارواحهم القدسية و طيب الله انفاسهم الزکية من دوران استنباط الاحکام الالهية الفقهية علي هذه الادلة الاربعة اي الکتاب و السنة و اجماع الفرقة المحقة و العقل المستنير المتخلص عن الشک و الشبهة و حصول القطع المنزه عن وصمة الظن و الريبة و ما يؤول الي هذه الاربعة من التفريعات الحقيقية.

اما الکتاب فالحجة منه المحکمات دون المتشابهات الا بعد البيان و نصب القرائن و توضيح الحال من الائمة السادات سلام الله عليهم و المحکمات اعم من النصوص و الظواهر و اما السنة فالحجة منها المتواترات و الآحاد الصحاح و المحفوفة بالقرائن القطعية او الظنية و ما

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 118 *»

ليس له معارض اصلاً فان کان اقوي يطرح الاضعف و ان تساويا تطلب المرجحات الموجودة المفصلة في کتب علمائنا الاصوليين المأخوذة عن ائمتنا المعصومين سلام الله عليهم اجمعين و عند فقد المرجحات التخيير مع التجري (التحري ظ) علي الاصح بعد الارجاء ان امکن و اما الاجماع الکاشف عن قول المعصوم عليه السلام فالحجة منه سبعة اقسام الضروريات و الاجماع المرکب و الاجماع المحقق العام و المحصل الخاص و المنقول بشرط العلم بالمنقول عنه و السکوتي علي الاصح بشرط عدمه المخالف و عدم المعارض و اما دليل العقل فهو حجة عند الاتفاق و اذا اختلفت العقول فالمناط القطع الثابت الجازم المطابق للواقع و ان کان ثانوياً و ما يؤول الي هذه الاربعة من الشهرة فانها حجة عند فقد المعارض الاقوي و الاستحصاب و اصالة البراءة و اصالة الاباحة و ما يتعلق باحکام اللغات و الدلالات من المنطوق و المفهوم و دلالة الاقتضاء و التنبيه و الاشارة و فحوي الخطاب و لحن الخطاب و مباحث الاشتقاقات و احکام الدلالات و کيفية تصاريفها في مجري اللغات و معرفة العرف الخاص و العرف العام و تمييز عرف الشرع عن غيره و تقديمه علي غيره و الا فالعرف العام و الا فاللغة و ان تختلف و الا فالتماس البيان من اهل المعاني و البيان عليهم سلام الله الملک المنان و امثال ما ذکرنا مما هو مفصل في کتب علمائنا رضوان الله عليهم فانه هو الحق الذي يجب الرجوع اليه عند حرمان ملاقات الامام عليه السلام و مشاهدته و ادراک فيض حضوره و قد استمرت علي ذلک طريقة جميع اهل الملل و الاديان بل طريقة جميع اهل العقول و الافهام عند العمل و ان اختلفوا في القول و لذا قال العلامة الماهر الآغا باقر البهبهاني قدس الله نفسه ان الاخباريين مجتهدون من حيث لايشعرون.

و بالجملة فهذه الطريقة هي الطريقة التي عليها عملي و اعتقادي و اخذتها من مشايخي لاسيما شيخي و سندي و معتمدي خاتم المجتهدين الشيخ احمد بن زين الدين اعلي الله مقامه فاني اخذت منه رحمه الله في هذا العلم و في غيره من العلوم حظاً وافراً و نصيباً متکاثراً و ما عهدته في استنباط الاحکام الفقهية الا ما عليه فقهاؤنا المجتهدون و

 

«* جواهر الحکم جلد 11 صفحه 119 *»

علماؤنا الاصوليون و کان شديد الطعن علي مخالفي هذه الطريقة کما ذکره في عدة من الرسائل و اجوبة المسائل مثل اجوبة مسائل الشيخ حسين بن جعفر البحراني مما (سأله ظ) ابوه في الرؤيا و رسالة مستقلة في الاجماع و رسالة‌ مستقلة في المبادي اللغوية و شرحه علي تبصرة العلامة و غيرها من الکتب و الرسائل التي يطول بذکرها الکلام فمن نسب غير ذلک اليه فقد کذب و افتري و ضل و غوي و اتي بما يکرهه الله و رسوله و ائمة الهدي عليهم السلام و وزره عليه يوم الجزاء انتهي.

و قد اوضحت ما هو صريح الحق من المراد من العبارة التي وقع الکلام عليها في تلک الرسالة و هو الذي عليه اعتقادي و انعقد عليه ضميري ان افتريته فعلي اجرامي و انا بريء مما تجرمون فان اصر مصر بعد هذا البيان علي المخالفة فالمحاکمة بيننا و بينه بين يدي الله يوم الفصل القضاء و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم.