12-06 جواهر الحکم المجلد الثانی عشر ـ رسالة في جواب الشيخ ضيف الله القطيفي ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ ضیف الله القطیفی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 345 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين و الصلوة علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين.

اما بعــد؛ فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان هذه كلمات كتبتها جواباً لمسائل اتت من جناب المقدس العالم العامل الاواه الشيخ ضيف الله ابن المرحوم المبرور العالم الفاضل الشيخ احمد بن طوق القطيفي ايده الله و سدده في كمال اغتشاش البال و اختلال الاحوال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال نسأل الله ان‏يلهمنا الصواب في المبدأ و المآب.

قــال سلمه الله تعالي: الاولي من المسائل مايقول سيدنا في معني ماورد في دعاء الصباح المروي عن اميرالمؤمنين7 يا من دل علي ذاته بذاته فما الذات الثانية.

اقــول: الذات لها اطلاقان كالنفس مرة يطلق و يراد بها مايقابل الصفات و مرة يطلق و يراد بها مايقابل الغير كماتقول انا بنفسي قلت و فعلت و انا بذاتي اتيت و لاريب ان القول و الفعل و الاتيان آثار لايكون الاّ بالاثر و الفعل و المراد بالذات هنا الاطلاق الثاني دون الاول فانه لماثبت ان بين المدرك و المدرك (بالفتح) و الكسر لابد من مناسبة و النسب بين الواجب و الممكن و القديم و الحادث بكل وجه ممتنعة فامتنع الادراك و المعرفة و لما انه سبحانه خلق الخلق لمعرفته و هي ممتنعة لامتناع نزول الواجب الي الامكان و صعود الممكن الي الواجب و الخلق ايضاً جهال لايعلمون مايليق بجلال قدسه و عظيم جبروته فوجب عليه سبحانه في الحكمة ان‏يصف نفسه لهم بالبيانين البيان الحالي و البيان المقالي فماعرفه الخلق الاّ بماوصف به نفسه و هو قوله7 بك عرفتك و انت دللتني

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 346 *»

عليك و دعوتني اليك و لولا انت لم‏ادر ما انت.

فدل علي ذاته بذاته لا بغيره يعني لولا بيانه و تعريفه لماعرفه احد من الخلق كما انك اذا دخلت بلدة لم‏يعرفك اهلها تعرفهم نفسك بنفسك فتقول انا فلان بن فلان صفتي كذا و صفتي (صنعتی خ‌ل) كذا و امثال ذلك من التعريفات و كل ذلك تعريف رسم لا تعريف ذات قد وصفت نفسك به فقددللت علي ذاتك بذاتك.

و اعلم ان بعض الذوات الحادثة ينسبها الله سبحانه الي نفسه تشريفاً و تعظيماً و تكريما كمانسب الي نفسه الروح فقال و نفخت فيه من روحي و لا ريب ان الروح المنفوخ ليس هو ذاته سبحانه و لا جزؤه و نسب البيت الي نفسه فقال و طهر بيتي للطائفين و كذلك هو سبحانه خلق ذاتاً ظاهرة شريفة نسبها الي نفسه تكريماً و تعظيماً كماقال اميرالمؤمنين7 في النفس الملكوتية الالهية و هي ذات الله العليا و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لم‏يشق ابداً و من جهلها ضل و غوي.

و لاشك انها ليست هي ذاته سبحانه و تعالي فهي ذات حادثة اشرف الذوات و الحوادث نسبها الي نفسه تعظيماً و لماكان اشرف الحوادث و الكائنات ال‏محمد: و اشرفهم محمد و علي8 و هم سلام الله عليهم مع تعددهم حقيقة واحدة فكانوا هم الذات الواحدة التي لله سبحانه و لماكان الخلق جاهلين معرفتهم عرفهم الله سبحانه فدل بذاته لا بغيره علي تلك الذات الحادثة الشريفة المخلوقة المنسوبة اليه سبحانه تشريفاً و تعظيماً كماقال7 في الزيارة الجامعة حتي لايبقي ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق و لا شهيد الي ان قال7 الاّ عرفهم جلالة امركم و عظم خطركم و كبر شأنكم الخ فهو الذي عرف الخلق تلك الذات الشريفة و في زيارة الحجة عليه‌السلام سلام من عرفك مما (بما خ‌ل) عرفك به الله و نعتك ببعض نعوتك التي انت اهلها و فوقها و حيث كانوا سلام الله عليهم هم الادلاء علي الله تعالي كماقال اميرالمؤمنين7 نحن الاعراف الذين لايعرف الله الاّ بسبيل معرفتنا فهو سبحانه دل بتلك الذوات المنسوبة اليه تعالي ذاته فدل بذاته

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 347 *»

الحادثة علي ذاته القديمة كما دل بذاته القديمة علي ذاته الحادثة علي ما (كما خ‌ل) شرحنا لك و لماكان الله سبحانه هو الذي وصف نفسه فكان وصفه لايشبه وصف المخلوقين و الاّ لكان له سبحانه شبه فيجب ان‏يعرف (تعرف خ‌ل) الله سبحانه بوصفه اللائق له و وصفه لايشبه وصف غيره فقدعرفت الله بالله اي بماهو عليه من وصفه اللائق لجناب قدسه و عظم شأنه و هذا التعريف حيث كان به سبحانه فقددل علي نفسه و ذاته بذاته اي بماهو عليه من صفاته اللائقة بجلاله (لجلاله خ‌ل) و جماله.

فتبين لك مماذكرنا في معني الدعاء اوجه:

الاول انه تعالي دل علي ذاته القديمة بذاته اي بنفسه دون غيره فان الله اجل ان‏يعرف بخلقه.

الثاني انه تعالي دل علي ذاته القديمة بذاته الحادثة كماقال نحن الاعراف الذين لايعرف الله الاّ بسبيل معرفتنا.

الثالث انه تعالي دل علي ذاته الحادثة بذاته القديمة كماذكرنا.

الرابع انه تعالي دل علي ذاته بماهو عليه من وصفه اللائق بجلال قدسه.

الخامس انه تعالي دل علي ذاته الحادثة بذاته الحادثة بعين ماذكرنا في الدلالة علي ذاته القديمة لان الادوات انما تحد انفسها و الآلات انما تشير الي نظائرها فهم الادلة علي انفسهم و علي الله سبحانه و لولا انهم بينوا لنا مقاماتهم ماعرفناهم و في زيارة اميرالمؤمنين7 السلام علي نفس الله القائمة فيه بالسنن و معني ذلك هو الذي ذكرنا في معني ذات الله و علي هذا فافهم معني قوله تعالي و يحذركم الله نفسه و كن به ضنيناً.

قــال سلمه الله تعالي: (و الثانية خ‌ل) ما معني قولهم: لولا نزداد لنفد ماعندنا فما هذه الزيادة مع انهم: اثار الله و انواره و مظاهره و اسراره و انهم احاطوا بعلم ماكان و مايكون الي يوم القيمة و ما وجه الجمع بين هذا و بين ماورد عن سفير الله المنعم بعد الله لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً.

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 348 *»

اقــول: اما زيادتهم فلانهم محتاجون مربوبون مخلوقون لايملكون لانفسهم نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً و هم اشد احتياجاً الي الله تعالي من كل شي‏ء و هم الواقفون علي باب الفيض و القدر يستمدون منه سبحانه المدد آنا فآناً و لولا ذلك المدد لماكانوا شيئاً فشيئيتهم بذلك و هذه زيادة كينونية تعم كل شي‏ء في كل حال و لذا ماخصصوها بالعلم و هذا لبيان فقرهم و حاجتهم و الرد علي من زعم استقلالهم و تذوتهم لانفسهم و هذا لاينافي كونهم اثار الله و انواره و مظاهره و اسراره فانهم في كل هذه الاحوال فقراء محتاجون اليه سبحانه و هو سبحانه يمدهم بهم: بالمدد الجديد فلولا ذلك المدد لنفد ماعندهم و انعدموا و اضمحلوا الاتري في المثال الحسي الجسماني ان الانسان اذا ما اكل يومين يذبل الي ان‏يموت فلمالم‏يزدد نفد ما عنده فمات و السراج اذا قطع عنه الدهن نفد ماعنده من الدخان المكلس فينطفي و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الاّ العالمون و كذلك هم ايضاً: لو لم‏يزداد (لو لم ‌يزدادوا بمدده خ‌ل) سبحانه نفد ما عندهم فانعدموا و اضمحلوا و هذا في كل مقام في اسرارهم و ارواحهم و اشباحهم و غيرها من مقاماتهم سلام الله عليهم.

و اما انهم احاطوا بعلم ماكان و مايكون الي يوم القيمة فلاينافي ايضاً اما اولاً فلانهم في حال الاحاطة و العلم لايخرجون عن الامكان و الحدوث فهم في كل حال محتاجون الي المدد من الله سبحانه و هذا المدد و ان كان زيادة الاّ ان الزيادة علي قسمين قسم مدد يحفظ ماظهرت به القابلية الاولي و هذا المدد و ان كان حافظاً و زايداً الاّ انه بتحليل ماسبق و الاتيان ببدل مايتحلل لم‏تتبين زيادة كالشعلة اذا سقيت دهناً علي حد ماكان قبل و القسم الثاني زيادة مدد توجب زيادة متبينة كما اذا زيد الدهن في السراج ليكون كالمشعل و غيره و عدم الزيادة الثانية لايوجب عدم الزيادة الاولي فافهم.

و اما ثانياً فلان معني انهم احاطوا بعلم ماكان و مايكون الي يوم القيمة ليس انهم يساوي علمهم علم الله سبحانه و تعالي عمايقولون  بل المراد انهم يحيطون بعلم ماكان علي جهة

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 349 *»

الاطلاق مماجري عليه قلم التقدير في جميع العوالم لانهم الواسطة في الابداع فلايوجد شي‏ء الاّ من شعاع انوارهم او من عكوسات آثارهم و هذا ظاهر معلوم في المذهب لاينكره الاّ مكابر لحسه او معاند لربه.

و اما مايكون فان كان محتوماً بجميع اقسامه فانهم:يعلمونه بتعليم الله سبحانه و اما ماكان مشروطاً غير محتوم او لم‏يدخل عالم الكون و هو بعد في عالم الامكان و لم‏يوجد و لم‏يلبس حلة الكون فانهم لايعلمونه و يزدادون بذلك فمنه مايأتيهم في ليلة القدر من محتومات ماكان مشروطاً من احوال السنة و منه مايأتيهم في ليالي الجمع من محتومات احوال الاسبوع و منه مايأتيهم في كل آن و دقيقة من فوارة القدر بامر مستقر فان الله سبحانه لم‏يفرغ من الامر و الخلق بل هو سبحانه كل يوم في شأن فاذا تجدد شي‏ء من ذلك يعلمهم الله سبحانه و لماكان هذا الفيض لا انقطاع له فتكون زيادتهم لا انقطاع لها و لاينافي ذلك ماقدمنا من ان الشي‏ء لايوجد الاّ بوساطتهم فانهم: ايضاً يزدادون فماكان بذلك المدد الجديد ذاتاً و شعاعاً لايعلمون ذلك الاّ عند تجدده فهم سلام الله عليهم يعلمون كل مافي الكون و اما مافي الامكان فلايعلمونه الاّ اذا دخل في عالم الكون و الاّ لكانوا واجبين مستغنين عن المدد و كل ممكن لايستغني عنه ابداً في حال من الاحوال.

و اما وجه الجمع بين ماورد من زيادتهم و كلام اميرالمؤمنين7 لو كشف الغطاء ما ازددت يقيناً فمن وجوه احسنها و اعلاها ان المراد من كشف الغطاء كشف حجاب الجسم فان الله سبحانه يقول و جاءت کل نفس معها سائق و شهيد لقدكنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد و مراده7 ان احوال الاخرة و نعيمها و جحيمها و اهوالها و شدايدها و امر الحساب و الميزان و تطاير الكتب و الوسيلة و الصراط و حشر الناس و غيرها من الاهوال و الاحوال كل ذلك لديه7 ظاهر مكشوف بحيث اذا كشف حجاب الجسم و غطاء العوارض و الغرايب لم‏يزدد يقيناً و علماً لان تلك الامور خلقها الله تعالي لاجله و صادرة بامره و هو7 ولي

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 350 *»

الحسنات (الحساب خ‌ل) و اليه الاياب و هو قسيم الجنة و النار و موصل الثواب و العقاب فلايخاطب عليه (السلام خ‌ل) كغيره فبصرك اليوم حديد و اما العلوم و الواردات الغيبية و الشهودية فهي دائمة الورود متجددة آناً فآناً شيئاً بعد شيء (و وقتاً بعد وقت خ‌ل) لانهم عليهم‌السلام علي فوارة القدر بامر مستقر قالت اليهوديد الله مغلولة غلت ايديهم و لعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء و هم اليد المبسوطة و العين الناظرة و الانفس الشاهدة و الذي لايتجدد و لايزيد و لاينقص و لايتغير و لايتبدل هو الله سبحانه الواجب القديم الحي القيوم انظر كتاب الكافي باب علومهم رواية ابي‏بصير تجد الامر كماذكرنا واضحاً ظاهراً و ا ما انهم يعلمون ما كان و ما يكون علي التفصيل الذي ذكرنا لك فافهم.

قــال سلمه الله تعالي: الثالثة ما معني قوله تعالي ان السمع و البصر و الفؤاد كل اولئك كان عنه مسئولاً و ورد عن رسول الله9 كماتضمنه حديث العيون انه قال انت يا ابابكر السمع و انت ياعمر البصر و انت يا عثمان الفؤاد فما وجه شبه الاول بالسمع مع انه قلب اهل ض و بالثالث الفؤاد.

اقــول: لان الاول كان يكذب علي رسول الله9 من جهة السمع يقول سمعت رسول الله9 قال كذا و لم‏يسمع اماسمعت قوله سمعت رسول الله9 قال نحن معاشر الانبياء لانورث و اما الثاني فانه كان يكذب علي رسول الله9 من جهة البصر يقول رأيته فعل كذا و امر بكذا و لم‏ير وذلك لترويج باطله و تشييد ضلاله و الثالث كان يكذب عليه9 من جهة الفؤاد و الفهم و الاستنباط يقول فهمت عنه كذا و لم‏يفهم و لما انهم ادعوا خلافته و الانتساب اليه و الاخبار عنه فكان النسبة اليه9 من جهة الحواس الظاهرة اولي و اقرب و من هذه الجهة تري العلماء اختلفوا في الشهادة العلمية بخلاف الحسية باحدي الحواس الظاهرة و ذلك ظاهر معلوم و

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 351 *»

لماكان الاثنان اعلي رتبة من الثالث في مقامهم فانتسبا اليه9 من جهة الحواس الظاهرة ليكون ادل و اظهر في التصديق بخلاف الثالث فانه ينتسب الي الفهم و الاستنباط و هذا شأن العاجز الضعيف اذ تطرق الخطاء و الغلط في الفهم اكثر و اعظم من تطرقه في السمع و البصر و لماكان السمع اقوي الحواس الظاهرة و اشدها علي ماهو التحقيق و الاول اقدم و اعلي رتبة من الثاني اختص بالسمع لقوته و لماكان البصر بعد السمع في الشرف و القوة اختص به الثاني نعم لو ادعوا الاستقلال و الاستبداد بانفسهم لكان التعبير عن الاول بالفؤاد و الثاني بالسمع و الثالث بالبصر هو المتعين و حيث انهم ادعوا التلقي عن الغير و الانتساب الي الغير فحينئذ المنتسب الي الفؤاد يوهم الاستقلال و هو خلاف المفروض فكان اضعف المقامات و المراتب و من هذه الجهة خالف سبحانه في الترتيب فانه لاينطبق علي الترتيب الصعودي و لا علي النزولي فانه علي الاول يجب ان‏يقول ان البصر و السمع و الفؤاد و علي الثاني يجب ان‏يقول ان الفؤاد و السمع و البصر لكنه رتب سبحانه هكذا لبيان انه (ان خ‌ل) الترتيب النزولي في مقام الاستناد الي الغير و التلقي عنه.

قــال سلمه الله تعالي: الرابعة مايقول مولينا في جمع الشريفتين هل هو حرام ام حلال مع كراهة او بلاكراهة.

اقــول: الاصح الاظهر ماعليه المشهور من الجواز و ان الحرمة ماكان لها ذكر عند قدماء الاصحاب و متأخريهم الي زمان الشيخ الحر صاحب الوسائل فعمل بمضمون رواية اعرض عنها الاصحاب مع تكررها و ورودها و لم‏يعملوا بها و استقر العمل علي عموم قوله تعالي و احل لكم ماوراء ذلكم و لم‏يذكروا من محرمات النكاح الجمع بين العلويتين كماذكروا الجمع بين الاختين و غيرها من ساير المحرمات بالنسب و الرضاع و المصاهرة و ساير العوارض مثل اللعان و العقد او الدخول في العدة الرجعية و الزناء بالمحصنة و امثالها فلو كان هذا القسم ايضاً عندهم من المحرمات لذكروها فان تأخير البيان عن وقت

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 352 *»

الحاجة لايجوز عند جميع العقلاء و لم‏يزل ديدن المسلمين الجمع و عدم الفحص و عدم التجنب و الخاص انما يعارض العام ليحمل عليه عند التكافؤ و اما اذا كان العام هو المعمول‏به الذي قداستقر العمل عليه الي ان وصل الي حد الاجماع و قدقال رسول‏اللّه9لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة و لاشك ان اولئك هم الفرقة الناجية فلو فرض ان الحرمة هو الحق يلزم خلوهم عن الحق اذ لم‏ينقل ذلك من احد قبل الشيخ الحر و القول بان عدم الوجدان لايدل علي عدم الوجود لايصح في الامور النقلية خصوصاً الاحكام الفرعية فعلي هذا لايعادل هذا الخاص ذلك العام حتي يورث الحمل عليه و لو فرضنا التعادل و التعارض لايجوز الجمع و الحمل الاّ بدليل شرعي من كتاب او سنة او اجماع او عقل قاطع فاذا فقد لايجوز الجمع لانه تشريع محرم و الشريعة توقيفية فوجب الرجوع الي القواعد الشرعية و بالجملة فهذا القول ساقط من اصله و اما الكراهة فاعتبارها لايخلو من الاحتياط.

قــال سلمه الله تعالي: الخامسة ماتقول ايدك الله تعالي في تقليد الاموات هل هو جائز ابتداءاً و استدامة مطلقاً او استدامة خاصة او لايجوز مطلقاً.

اقــول: اما تقليد الاموات فالمعروف من مذهب اهل‏البيت: عدم جوازه مطلقاً ابتداءاً و استدامةً علي كل حال و لم‏يزل ذلك ديدن المخالفين و طريقتهم و قداستقر عليه مذهبهم من تقليد الاموات و رفع الاجتهاد الي ان وقع التشاجر بينهم و بين اصحابنا فمال اليهم من كان فيه لطخ من عادتهم لبعض الاستحسانات و كان القول عندهم اثنين بعد حدوث القول بالجواز فهم بين ناف علي مااستقرّ عليه مذهبهم و بين مثبتٍ تشبّثاً ببعض الشبهات التي هي اوهن من بيت العنكبوت و انه لمن اوهن البيوت و استمرّ بهم الحال الي قريب زماننا فحدث قول ثالث بالتفصيل بين الابتداء و الاستدامة فجوّز في الثاني دون الاول و هم ايضاً بين معين و محرم العدول الي الحي في الصورة الثانية و بين مجوّز و هذه اقوال حادثة لم‏يكن لها ذكر في الاولين و لاشبه

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 353 *»

بمذهب ساداتنا الاطيبين و هو لعمري يفتح باب القول بعدم لزوم الحجة في كل عصر او يلزمهم القول بان المجتهد اقوي من الامام الاصل7 فان الامام7 اذا مات و لم‏يكن امام مثله يقوم مقامه لم‏ينحفظ مااتي به الامام السابق عن اللّه تعالی بل تسيخ الارض باهلها و تعدم الحركات و تبطل نظم السكنات كما تواترت بذلك الاخبار عن الائمة الاطهار و معلوم ايضاً بالضرورة من المذهب و يقولون ان المجتهد اذا مات يبقي مااتي‏به و عرف من استنباطه و ادراكه و فهمه تلك اذاً قسمة ضيزي.

و بالجملة ان الاصل عدم جواز التقليد كما هو مذهب الحلبيين و لماقامت الادلة علي جوازه للضرورة فالضرورات تتقدّر بقدرها و غاية مااستفيد منها تقليد الاحياء و اما غيره فيحتاج الي دليل قاطع و اذ ليس فليس مع ان ذلك مذهب القوم خذ ماخالف القوم فان الرشد في خلافهم و قدروي عنهم: بعدّة طرق صحيحة ان اللّه لاينتزع العلم انتزاعاً و انما ينتزعه بموت العلماء و ان العلم يموت بموت حامليه و نقل جماعة من اصحابنا الاجماع علي عدم الجواز و اما القول بحصول الظن بقول الميت فباطل لمنع حجية كل ظن الاّ ماقام عليه الدليل و لم‏يقم دليل علي حجية الظن الحاصل من قول الميّت و كذا القول باستصحاب البقاء لان الاستصحاب قدانقطع بتغيير الموضوع مع ان الاستصحاب لايجري فيما ثبت بالاجماع فان تقليد الاموات انما استفيد من الاجماع المحقق العام فيقتصر في محله و لايحتج به في محل الخلاف. و اما ماسوي الاجماع من بعض الروايات فهي مدخولة و تصلح للتأييد و لولا الاجماع لكان للكلام فيها مجال و بالجملة فالمستفاد من الادلة ليس الاّ القول بتقليد الاحياء خاصّة و قدشرحنا هذه المسألة في اجوبة المسائل التي اتت الينا من اصفهان و ليس لي الآن اقبال اكثر مماذكرنا و فيه ان شاء اللّه كفاية للمستوضح المسترشد.

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 354 *»

قــال سلمه الله تعالي: مايقول فقيهنا امد الله ظله في اعراب صلي الله عليه و آله يجب الجر او يجوز النصب و الجر.

اقــول: المانع من الجر نظراً الي ماذكره جماعة من النحويين و هم البصريون بان العطف علي الضمير المجرور من غير اعادة الجار قبيح لاستلزام ذلك العطف علي بعض الكلمة فان الضمير المجرور اشد اتصالاً بالكلمة من الضمير المرفوع فانه ينفصل و يستقل كالضمير المنصوب بخلاف المجرور فيكون بمنزلة جزء الكلمة فالعطف عليه يستلزم العطف علي بعض الكلمة و هو غير جايز فاذا بطل العطف بطل الجر لعدم العامل فالتجاؤا الي النصب اما بالعطف علي المحل او بالحمل علي المعية فيكون مفعولاً معه فيجب النصب عندهم و لايجوز الجر للمحذور الذي ذكرنا و اما الكوفيون فجوزوا العطف المذكور لوقوعه في القرءان الذي هو افصح كل لغة و كل كلام مثل قوله تعالي و كفر به و المسجد الحرام و قوله تعالي و اتقوا الله الذي تساءلون به و الارحام علي قراءة الجر فعندهم هذا العطف سايغ جايز و يؤيده ورود الجر في الادعية و الزيارات و لم‏ينقل بالفتح الاّ نادراً فيكون قراءة الجر جائزة بل راجحة و اما النصب فيجوز ايضاً لماذكروا و اما وجوب الجر و عدم جواز النصب فلم‏اجد له وجهاً و لا قائلاً.

قــال سلمه الله تعالي: السابعة ما معني قوله تعالي ان عدة الشهور عند الله اثناعشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السموات و الارض منها اربعة حرم فما الاربعة الحرم منهم: و بمااختصوا بالحرم و ما معني وصفهم به منّ بالجواب ادام الله فوائدكم و من علي العالم بادامة ظلكم.

اقــول: يريد سلمه الله تعالي المعني الباطني كمايشير اليه قوله فما الاربعة الحرم منهم: اعلم ان الشمس لاتكمل دورة و لاتتمها الاّ بعد ان‏يكمل القمر اثني‏عشر دورة و يتمها و تمام الدورة الشمسية يسمي سنة و القمرية يسمي شهراً و لماكانت الشمس مثالاً للنبوة و القمر مثالاً للامامة و

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 355 *»

الخلافة و الوصاية و الولاية كانت نبوة نبي من اولي الشرايع بانقضاء شريعته لاتكون الاّ بانقضاء اثني‏عشر وصياً فيكون كل وصي شهراً من سني النبوة فتكون السنون ستة و كل سنة مشتملة علي اثني‏عشر شهراً فالسنة الاولي سنة ادم انقضت باثني‏عشر وصياً و الثانية سنة نوح و السادسة سنة محمد9 و شهور هذه السنة اوصياؤه و قمر الولاية يسري في هذه الاشهر و تمام الدورة عبارة عن انقضاء خلافة الوصي و انتهاء عمره الشريف و هي الشهور الاثني‏عشر المتحققة الموجودة عند خلق سماء النبوة و ارض الولاية قبل خلق الخلق في العوالم الاول بل قبلها و هو قوله9كنت نبياً و ادم بين الماء و الطين و هو ادم الاول بين ماء الوجود و طين الماهية و الانية (و خ‌ل) قبل كمال التركيب.

فظهر لك من هذا البيان التام ان الشهور هم الاوصياء: و السنين هم الانبياء و هو قول مولانا الجواد7 في زيارة ابيه8 السلام علي شهور الحول و عدد الساعات و حروف لا اله الاّ الله في الرقوم المسطرات و اما الاربعة الحرم ففي الاشهر المعروفة ثلثة سرد و واحد فرد و هو ذوالقعدة و ذوالحجة و محرم و الفرد و هو رجب المرجب و منهم: اميرالمؤمنين7 و الحسن و الحسين و سيدنا القائم عجل الله فرجه و اختصاصهم بالحرم لزيادة احترامهم و مزيتهم بالنسبة الي غيرهم سلام الله عليهم فان الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة فدل علي افضليتهما علي الكل ثم استثني اباهما و قال9 و ابوهما خير منهما ثم خص الحسن7 بالافضلية في دعاء العديلة المروي عن اميرالمؤمنين7 في قوله ثم من بعده سيد اولاده الحسن بن علي ثم اخوه السبط التابع لمرضات الله الحسين ثم فضل القائم7 علي باقي التسعة في قوله9 تاسعهم قائمهم افضلهم اعلمهم و بالجملة فهؤلاء الاربعة افضل الاثني‏عشر:فاختصوا بمزيد الاحترام سلام الله عليهم مدي الدهور و الشهور و الاعوام و هذا مجمل الكلام في هذا المقام و التفصيل يطلب في ساير رسائلنا و اجوبتنا للمسائل.

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 356 *»

قــال سلمه الله تعالي: الثامنة ماتقول كفاك الله كل محذور في الصلوة في فضلة غير مأكول اللحم هل تصح فيها ام لا.

اقــول: اما الصلوة في فضلة الغير المأكول‏اللحم مما له نفس سائلة فلاتصح بلا اشكال الاّ في فضلات الانسان ماعدا البول و الغايط و المني سواء كان لنفسه او لغيره للعسر و الحرج المنفيين اية و رواية و قداختلفوا في زرق الغير المأكول‏اللحم من الطيور و ابوالها في انها طاهرة او نجسة فعلي الاول تصح الصلوة فيها و علي الثاني لاتصح و هو المشهور و الاحوط و اما فضلات غير مأكول‏اللحم مما ليس له نفس سائلة كالبعوضة و الذباب و الزنبور و غيرها فالظاهر ان الادلة الدالة علي المنع في الصلوة في غير مأكول‏اللحم لاتشمله لعدم التبادر العرفي و قولهم:انا لانخاطب الناس الاّ بمايعرفون و اصالة الجواز الي ان‏يقوم دليل قاطع اقوي مستمسك و اذ ليس فليس و كلزوم العسر و الحرج فحينئذ لا بأس بالصلوة في الحرير المختلط بالقطن المنسوج او ما اذا لم‏يكن ساتراً و الثوب و البدن اذا وقع عليهما العسل و الشمع و الفص الذي تحته الشمع و امثال ذلك فان ذلك خارج عمادلت عليه الادلة المانعة من الصلوة في فضلة الغير المأكول‏اللحم.

قــال سلمه الله تعالي: ثم مايقول سيدنا في ابوال الدواب الثلث اكرم الله وجهه و اعلي قدره هل هي طاهرة ام نجسة.

اقــول: الاصح انها طاهرة و القول بالنجاسة مردود و الروايات الدالة عليها محمولة علي التقية لانها المعروف من مذهبهم و الرشد في خلافهم مع دلالة الادلة القاطعة علي الطهارة.

 

«* جواهر الحكم جلد 12 صفحه 357 *»

هذا آخر مسائله اجزل الله عليه جزيل نواله كتبتها في بعض الاسفار مع كمال الاختلال و الحمد لله اولاً و آخراً و صلي الله علي محمد و آله و قدفرغ من تسويدها مؤلفها في يوم (اليوم خ‌ل) الاربعاء الثامن و العشرين من شهر رجب المرجب من شهور سنة 1252 حامداً مصلياً مستغفراً.