13-01 جواهر الحکم المجلد الثالث عشر ـ رسالة في جواب الشيخ محمد بن الشيخ حسين البحراني (1) ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ محمدبن الشیخ حسین البحرانی (1)

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 13 *»

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين

الحمدلله رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و منکري فضائلهم اجمعين ابد الآبدين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي انه قد اتت الينا مسائل صعبة مستصعبة قد ضلت دون معرفة اکثرها الافهام و حسرت عند ادراک جلها الاوهام من جناب الامجد الانجد المسدد المؤيد جناب الشيخ محمد بن الشيخ حسين بن خلف بن سلمان البحراني بلغه الله افضل الاماني و جعله ملجا لکل قاص و داني و اراد من الفقير المعترف بالقصور و التقصير جوابها و کشف حجابها علي الاستعجال و انا مع قصور باعي و قلة اطلاعي قد کنت مبتلي بانواع الامراض و محلاً لانحاء الاعراض مع بال متوزع و قلب منقطع کماقال الشارع:

کم بجنبي للصبابة واد

کل آن حمامة نواح (حمامه ظ)

و انا مع هذه الحالة متعذر من بسط المقال و شرح حقيقة الحال و اجراء الکلام علي نمط الاستدلال بما يدفع الشبهات الواردة علي مدارک الجهال من اصحاب القيل و القال علي اني في اثناء السفر مشغول بمعاناة (بمعافاة خ‌ل) الحل و الارتحال و في مثل هذا الحال (هذه الحالة خ‌ل) ما اتينا به غاية المقدور و الي الله ترجع الامور و جعلت کلامه سلمه الله متناً و جوابي کالشرح له کما هو شأني في اجوبة المسائل طلباً للمطابقة و حرصاً علي الموافقة.

قال سلمه الله تعالي بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله الذي من علي خلقه بارسال الانبياء و نصب الاوصياء و اقامة العلماء ليهدي بهم خلقه من

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 14 *»

الضلالة و يرشدهم عن الجهالة و اخذ علي العلماء ان يعلموا ثم اخذ علي الجهال ان يتعلموا مناً منه و لطفاً.

اقول اعلم ان الله سبحانه و تعالي اخذ العهد علي العلماء ان يعلموا يتامي اهل البيت عليهم السلام و ينقذوهم عن الجهالة و سلوک سبل الغواية و الضلالة الا انهم بنور التوسم و الفراسة يعطون کل سائل ما تقتضيه کينونته و تنطوي عليه سريرته و هم علي احوال مختلفة و اوضاع متفاوتة فمنهم اهل الظاهر و منهم اهل الباطن فيجيبون کلاً من الفريقين بما يقتضي عالمهم من النشأتين و حيث ان دليل کل مطلب من سنخه لان المطلب نتيجة الدليل و النتيجة من سنخ المقدمتين اللتين هما بمنزلة الابوين و لذا لايکون الحمار نتيجة للانسان و بالعکس فالنتيجة تابعة للدليل فان کانت ظاهرية فالدليل ظاهري و ان کانت باطنية فالدليل باطني و حيث ان المطالب لاتخلو عن ثلاثة ظاهر و باطن ظاهر ظاهر (باطن ظاهر خ‌ل) و باطن باطن و لايشذ منها شيء کانت الادلة ثلاثة دليل المجادلة الموصل الي المطالب الظاهرية المحدودة بالحدود الصورية المکتنفة بالمقدمات القياسية من البرهانية و الخطابية و الجدلية مما يدرکه النفس بآلاتها من القوي الدماغية من الحس المشترک و القوة المتخيلة و المتفکرة و الواهمة و الحافظة ممايصلح ان يکون موزوناً بميزان المطالب المنطقية و دليل الموعظة الحسنة الموصل الي المطالب الباطنية مما جري عليه قلم الابداع الثاني من المراتب الحاصلة باقبال العقل و ادباره من مرتبة العقل المرتفع و المستوي و المنخفض و الروح من امر الله و الروح علي ملائکة الحجب و هي باطن الظاهر و لايوصل اليه الدليل الموصل الي الظاهر و دليل الحکمة الموصل الي مطالب باطن الباطن و سر نقطة العلم التي کثرها الجهال و السر المستودع في حقايق الموجودات من سر التوحيد المحض بحسب قابلية رتبة الامکان و الاسماء و الصفات و انحاء التجليات و سر الارکان و حقيقة المعاني و البيان و معرفة ابواب التوحيد من الآيات المرتبة في الآفاق و الانفس بجميع جهاتها و شؤوناتها و اضافاتها فالعالم هو الذي اذا سئل يجيب اهل کل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 15 *»

مسألة بالبيان و الدليل اللايق له من الادلة‌ الثلاثة حتي يصح له التعلم و يصدق علي بيانه التعليم و هو قوله عزوجل ان الله يأمرکم ان تؤدوا الامانات الي اهلها فاذا اعطي اهل المجادلة من مقتضيات دليل الحکمة و الموعظة او بالعکس ما ادي الامانة الي اهلها بل منع الحکمة عن مستحقها فلايصلح ان يکون عالماً مؤدياً عن اهل البيت عليهم السلام و ليس من اهل الذکر الذين امر الله بسؤالهم و ادي الکلام علي مجراه و اعطي کل ذي حق حقه و السائل اراد ان يعرف المسألة من غير دليلها الذي جعله الله لها کمن حاول معرفة مدلولات دليل الحکمة بمدلول المجادلة کما هو اکثر ابناء الزمان فليس بمتعلم و لا وفي بالعهد الذي اخذه الله عليه بالتعلم و القبول من العالم کمن حاول معرفة المبصرات بالسمع و المسموعات بالبصر و هکذا و يستحيل لهذا الناظر ان يتعلم و يتبصر و انا اجري الکلام في هذا المسائل علي نحو هذه الدلائل حتي لااکون مضيعاً لحق التعليم و يجب علي الناظر السائل النظر و التأمل و معرفة مقامه و مرتبته في مقامات هذه الادلة و يروم معرفة کل مسألة عن دليلها الخاص بها من الادلة الثلاثة حتي لايکون مضيعاً لحق التعلم و لاينکر بما لم‌يحط به علماً و لايستبعد بما لم‌يجد له في کتب القوم ذکراً اذ کم ترک الاول للآخر و العلوم تتزايد و المدارک تتخالف و کل احد له مقام معلوم فيجب عليه ان يعرف حده و لايتعدي عنه حتي يقوده التوفيق الي احسن الطريق و هذه وصيتي اليک والله خليفتي عليک.

قال سلمه الله تعالي و نحن نحمد الله حيث لم‌يخل ارضه من حجة بل له الحمد علي کل حال.

اقول اعلم ان الله سبحانه و تعالي بفضله و کرمه لايقطع فيضه و لاينقطع عن الخلق مواد تأييده و تسديده فالذي عليه سبحانه و تعالي ان يقيم للخلق في کل وقت و آن ادلاء مرشدين و هداة مهديين يؤدبهم بآدابه و يقف بهم علي سبيل مشيته وارادته و هم الانبياء الراشدون و الائمة المعصومون ثم لما اقتضت

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 16 *»

المصلحة بوقوع البلية العظمي و حلول الفتنة الصماء و هي غيبتهم عن انظار الخلق و احتجابهم بحجب الغيوب عن ابصارهم جعلوا لهم خلفاء و هم العلماء المتأدبون بآدابهم و الناهجون منهجهم و السالکون مسلکهم و الناظرون الي امثلة هدايتهم و الشاربون من حوض ولايتهم المستنيرة قلوبهم بنور درايتهم المتفجرة عيون العلم و اليقين في قلوبهم علي ظواهرهم و بواطنهم فهم الورثة و الخلفاء و هم الحملة و الامناء و هم القري الظاهرة و هم العدول الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و هم حجج الحجج و السفن الجارية في تلک اللجج کماقال عليه السلام في توقيعه هم حجتي عليکم و انا حجة الله و هم الحکام للعباد و الغوث في البلاد و الفزع يوم المعاد و المسؤولون الذين عليهم الاعتماد و هم النواب و الابواب للحکمة و الرشاد و هم الذينن ما اخلي الله الارض منهم للدالة (للدلالة خ‌ل) علي امامهم و سيدهم صلي الله عليه و علي آبائه الطاهرين و الناس اهل الدعوي لهذه المرتبة‌ العليا في هذا الزمان کسابقه کثيرون و اهل الحقيقة و الوفاء و القائم باعباء هذه الدرجة الکبري قليلون و عمل کل دليل مقامه و النايب لابد له من المناسبة و المشابهة للمنوب عنه فاذا وجدتها و حققتها و تفحصت عن معارضاتها فقف عنه و اسأل عنه فانه الباب الاعلي و المنزل الاقصي و هو الحجة و الدليل علي المحجة و الا ففر منه فرارک من الاسد فانه ضال مضل يدعو اتباعه و مقلديه الي جهنم و بئس المصير لقد ارشدتک و نبهتک فلاتغتر بکل من يدعي العلم و لاتعتبر بکل من اوقف نفسه للحکم الا اذا وجدت فيه العلامة التي هي حجتک عند الله يوم القيمة.

قال سلمه الله: و بعد انا المضطرون الذين وجبت اجابتهم و الجاهلون الذين وجب تعليمهم و قد توجهنا الي جهتک الوجيهة و جعلنا سؤالنا (سؤالها خ‌ل) و اعتمادنا علي جنابک الاقدس حيث اطمأنت الانفس نحوک و سلمت فالمرجو الافادة لنا فان انفسنا قد کاعت فطمنها و ارتاعت فامنها فانت المنزل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 17 *»

الاقصي و الغاية القصوي و محل رجاء الامال ادام الله فوائدکم (فؤادکم خ‌ل) الجليلة فلاتحرمنا فضلک و لاتقطع عنا سيبک (سبيلک خ‌ل).

اقول انه سلمه الله ظنن السراب ماء و الدخان المرتفع سماء ولکنه سبحانه و تعالي يعطي علي حسب الاعتماد و نحو ما انعقد في مستجنات الفؤاد و لذا قالوا عليهم السلام احسن الظن و لو بحجر فان الله سبحانه يلقي الخير به اليک و نسأل الله سبحانه ان لايخيب رجاه و يعطيه ايده الله ما يتمناه فانه القادر علي ما يشاء و هو الفاعل لما يشاء بما يشاء کيف يشاء.

قال سلمه الله: و انا عندي مسائل قد القيتها بحضرتک الشريفة الکريمة فاولها ما يقول سيدنا و مولانا و مقتدانا فيما ورد في الکافي لابد لصاحب هذا الامر من غيبة و لابد في غيبته من عزلة و نعم المنزلة (المنزل )طيبة و ما بثلاثين من وحشة ما معناه.

اقول و بالله التوفيق اعلم ان الله سبحانه قد سبقت کلمته و نفذت مشيته ان لايلجئ احداً في طاعته و لا معصيته بل يجريهم علي ما حتم علي نفسه من اجراء الخلق في افعالهم و احوالهم و مقتضياتهم و ميولاتهم و شهواتهم علي الاختيار کما هو مقتضي مشية (المشية خ‌ل) الحتمية و کذلک سبقت کلمته سبحانه و نفذت مشيته (مشية الله خ‌ل) ان يعلي کلمته و يظهر امره و يفشي حکم هدايته في بريته لئلايکون للناس علي الله حجة و کذلک سبقت کلمته و نفذت مشيته ان يجعل حجته البالغة و نعمته السابغة (السابقة خ‌ل) علي اکمل ما يمکن ان يکون بلاغاً لحکمته و اظهاراً لقدرته و تبييناً لقيوميته ليکون الخلق علي بصيرة من امره في ارشاده و هدايته ففعل سبحانه و تعالي و له الحمد و الشکر و نصب بمقتضي هذه المقدمات القطعية ادلاء مرشدين و حججاً مستحفظين اکملهم في صفاتهم تکريم الاخلاق و في کينوناتهم بمحاسن الاعراق و البسهم ثوب هيبته و کساهم من نور عظمته و بعثهم علي کافة بريته ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة و الرعية لاتخلو اما باجمعهم مطيعين بقلوبهم و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 18 *»

السنتهم و ممتثلين بظواهرهم و بواطنهم غير مخالفين لشيء من اوامرهم و نواهيهم او مخالفين کذلک او البعض مطيعين و البعض الآخر مخالفين و علي الثالث لاتخلو اما ان تکون الغلبة في جانب اهل الطااعة او اهل المعصية و المخالفة فان کان الاول فأتوا بمقتضي ما يراد منهم و ترکوا خلاف ما يراد منهم فعلي الله سبحانه بواسطة هؤلاء الحجج عليهم السلام ان يعطيهم من فضله و کرمه في ذاتهم و صفاتهم و احوالهم و اطوارهم و علومهم و اسرارهم و هداياتهم ما هو اهله علي مقتضي مشية العزمية و هو قوله تعالي و لو انهم اقاموا التورية و الانجيل لاکلوا من فوقهم و من تحت ارجلهم و قوله تعالي و ان لو استقاموا علي الطريقة لاسقيناهم ماء غدقاً و ان کان الثاني فانقطعت عنهم العناية و لم‌يبق فيهم محل لنظر الله سبحانه فيکون ذلک هو السبب الاعظم في هلاکهم و وبارهم فلايقتضي اللطف امهالهم کماقال عزوجل فماوجدنا فيها غير بيت من المسلمين و هو بيت لوط عليه السلام فاخرجه الله سبحانه فانزل علي قومه العذاب لعتوهم و استکبارهم و خروجهم عن طاعته کافة و ان کان الثالث فان کان الغالب اهل الطاعة و الامتثال و المخالف قليل شاذ فالحکم کالاول من اظهار کلمة الحق و عدم الاعتناء بالشرذمة القليلة من اهل الباطل ف جعل کلمة الذين کفروا السفلي و کلمة الله هي العليا و ان کان الغالب اهل الخلاف و المعصية و الادبار فهنالک البلية الکبري و المصيبة العظمي لان حجة الله ان ظهر و اعلي کلمة الحق فاهل الباطل اولو الشوکة و الغلبة يعارضونه و يمنعونه فان منعهم الحجة الامام عليه السلام بالقهر و الغلبة و القتل و سفک الدماء فذلک هو الالجاء الذي ذکرنا ان الله سبحانه حتم علي نفسه عدم وقوعه لا اکراه في الدين مع ان في قتلهم يستلزم قطع الفيض من النطف الطيبة التي في اصلابهم بحکم قوله تعالي يخرج الحي من الميت اي يلد المؤمن من الکافر و ذلک مع استلزام ان يکون للارواح المستجنة في تلک النطف الطيبة الشريفة حجة علي الله تعالي لايجوز ذلک نظراً الي لطفه و کرمه و جوده و مننه و انه تعالي يعطي بلا استحقاق فکيف يمنع فضله مع الاستحقاق فلايجوز الالجاء و قهر اعداء الله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 19 *»

تعالي علي الطاعة و ما فعله رسول الله صلي الله عليه و آله و اميرالمؤمنين عليه السلام من المحاربة و المقاتلة مع من عاداهم و ناراهم (ناواهم خ‌ل) علي التنزيل و التأويل فقد بينا في کثير من مباحثاتنا و رسائلنا و اجوبتنا للمسائل لاسيما في اسرار الشهادة ان ذلک لاعلاء کلمة الحق الذي لايمکن الا به مع ان النبي صلي الله عليه و اله ماجبر احداً علي الاسلام و لذا کان يأخذ منهم الجزية و يقبل منهم الفدية و يمن عليهم منة (منته خ‌ل) في اطلاق اسيرهم و اجارة مستجيرهم علي انه صلي الله عليه و آله قد تدارک هذا التوهم من الالجاء بامره لاميرالمؤمنين عليه السلام ان لايسل سيفه و ان يطلب بحقه من غير قتال و لا جدال حتي تظهر ضغاين الصدور و تنکشف مخبيات الامور و ليتبين المخلص من المرتاب و لايبقي لمحتج حجة و کذلک اميرالمؤمنين عليه السلام رفع واهمة الالجاء في الحرب مع الناکثين و القاسطين و المارقين بامره لابنه الحسن عليه السلام بالصلح لتکون تصفية بعد التصفية و استنطاقاً للسرائر الخبيثة و الضمائر الردية و بعد قتل الحسين عليه السلام ظهر الحق و بطل ما کانوا يعملون و شرح هذا الکلام طويل فليطلب في ساير الرسائل.

فتبين (فبين خ‌ل) لک ايدک الله و سددک ان الامام الحجة عليه السلام عند غلبة الاعداء و الظلمة لايجوز له بامر من الله تعالي الاستيلاء بالقهر و الغلبة لانه ان ظهر بالحجة و اعلن بالدعوة و خالف المخالفون و منعوا (الخالفون و منعوه خ‌ل) عن اظهار الحق فلايخلو اما ان يحاربهم و يقتلهم باجمعهم او يدفع عن نفسه اذيتهم مع محاولتهم لقتله و استيصال شأفته او يوطن نفسه علي القتل و تحمل الاذي و المحنة و الشدة و البلية لا سبيل الي الاول لما ذکرنا من قطع الفيض عن النطف الطيبة التي تتولد بعد قرون و دهور و تملأ الارض و تثقلها بالتوحيد و التمجيد و القيام بطاعة الرب المجيد فان قتل الذين اصلابهم خالية من تلک النطف الطيبة و ترک الآخرين فالذين ابقاهم لتلک الغاية الشريفة يقتلونه و يخلون وجه الارض منه کما فعل الحسين عليه السلام و روحي له الفداء يوم کربلاء فانه روحي فداه ما قتل عجزاً عن المقاومة و لا ضعفاً عن المقاتلة‌ و ان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 20 *»

کثر العدد و تجاوز عن الحصر و الحد فان الامام عليه السلام يجب ان يکون اشجع من کل رعيته منفردين (منفرداً خ‌ل) و مجتمعين بالقوة البشرية و الجبلة الانسانية و انما قتل عليه السلام لانه کان يقتل من کان (کان في خ‌ل) صلبه8 فارغاً و يترک من کان صلبه حاملاً و لو بعد اظهر کثيرة و کذا يترک من کتب الله عليه القتل علي ايدي آخذي الثار کسليمان بن صرد و المختار و غيرهما من الاخيار و من کتب عليه القتل بالصيحة لبيان المعجزة و الکرامة و الذين ترکهم عليه السلام لهذه الغاية هم الذين (الذي خ‌ل) قتلوه فيجب علي الامام عليه السلام عند اظهار اهل الخلاف خلافهم ان لايقتلهم عن آخرهم لما يلزم منه من المفاسد التي اشرنا الي بعضها و لا سبيل الي الثاني ايضاً لاستلزام ذلک توهم الغلو و الربوبية فيه عليه السلام لجهل اغلب الناس بمقتضي مقامات الربوبية و العبودية فيتوهمون بادني ظهور سر من اسرار الله علي يد عبد من عبيده لجاهليته للقدرة و رکنيته للمشية انه هو الرب المستقل کما اتفق لاميرالمؤمنين عليه السلام مع ما هو عليه مما جري عليه من غصب حقه و ايصال الايذاء اليه و ضرب قرنه و سفک دمه عليه السلام فکيف لو لم‌تکن هذه الامور و هو سبحانه بعث الامام عليه السلام علماً للهداية فلايمکن ان يجعله سبباً للضلالة و الغواية فانحصر الامر في الوجه الثالث و هو ان يوطن نفسه عليه السلام علي القتل و الاذي و تحمل المحنة و البلاء و هذا مع وجود امام آخر يقوم مقامه بحيث لاتخلو الارض من حجة الله (لله خ‌ل) تعالي به تمام نضج العالم و اعتداله يمکن و هو الواقع المطابق للحکمة لانا ذکرنا سابقاً ان الله تعالي سبقت کلمته ان يظهر الحق ببرهانه و لايدع الطالب للحق هائماً متحيراً لانه نقص في القدرة و اخلال في الحکمة و لايرضي به القادر الحکيم فيجب ان يقيم حجة بعد حجة و آية بعد آية الي تمام هذا العالم و انقطاع نسل بني‌آدم و هو قوله عزوجل ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها.

و اما اذا تم العدد و بلغ الحد کما في الامام الثاني‌عشر عليه و علي آبائه السلام و جعلني الله فداه و قد انتهي العدد اليه (عليه خ‌ل) لامور يطول بذکرها

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 21 *»

الکلام و قد ذکرناها في عدة من رسائلنا و لاسيما فيما کتبنا في النبوة الخاصة فاذا وطن عليه السلام نفسه الشريفة علي القتل لان اهل الباطل لابد لهم من ذلک و قتل عليه السلام و لم‌يکن امام يقوم مقامه بعد قتله خلت الارض من حجة الله تعالي و ساخت باهلها و تدکدکت السموات و انتشرت (انتثرت خ‌ل) النجوم و هلکت الخلايق و ذلک لايجوز قبل تمام النضج و الاعتدال لکلية العالم

فلم‌يبق الا ان يغيب شخصه عليه السلام عن ابصار هؤلاء اللئام ليسلم من شرهم و يحفظ النظام و يظهر تمام الامر للملک العلام و يحفظ هؤلاء الشرذمة القليلين من شيعته و رعيته في غيبته بغيبته و يعلمهم و يربيهم و يسوسهم و يحفظ ما لهم و عليهم الي ان تدول دولته و تنتهي غيبته فيظهر بامر الله تعالي و يعلي کلمة الله تعالي و يقوم بحجة الله تعالي کما اراد الله تعالي عجل الله تعالي فرجه و سهل مخرجه و اعزنا بدولته و نصرنا بکلمته انه علي کل شيء قدير و هذا معني قول اميرالمؤمنين عليه السلام لابد لصاحب هذا الامر من غيبة (غيبته خ‌ل) و انما اشبعت الکلام في هذا المقام ببعض المرام لشدة احتياج الناس الي معرفة هذا الامر.

و قوله عليه السلام و لابد له في غيبته من عزلة مراده عليه السلام بالعزلة العزلة عما تقتضي مناسبته مع کينونات الرعية ليتمکنوا بها من التشرف بخدمته و الانتفاع منه بحضرته و تلک المناسبة انما تکون لغاية الحضور و الرؤية و اما عند انتفائهما فلاحاجة اليها و هو عليه السلام في غيبته ظاهر بالصورة الجسمية لابس جلباب الجسم لحفظ العالم الجسماني دون آبائه عليهم السلام فانهم عليهم السلام نزعوا هذا الجلباب و اتصلوا بذلک الجناب و هو عليه السلام قائم مقامهم و حافظ هذا النظام بلبس ما نزعوا من جلبابهم لکنه عليه السلام ظاهر بالصورة التي خلقه الله عليها مما يقتضي ظهورها للرعية عند التصفية و التخلية کزمان الرجعة و يوم القيمة و اما ما يتلبس به عليه السلام لانتفاع اهل مطمورة الزمان و المکان فهو في حالة الغيبة معتزلة عنها غير ملتفت اليها فقلت المناسبة و امتنعت الرؤية الا اذا اراد لبعض الاشخاص لبعض المصالح بحيث يرونه و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 22 *»

لايعرفونه و ليس المراد من العزلة ما هو المتعارف عند الناس من معناها في هذا المقام اي التباعد عن الناس و التنائي عنهم لان ذلک هو معني الغيبة فلا وجه للتکرار او المراد اعتزاله عليه السلام في غيبته عن الخلق و توقفه في الجزيرة الخضراء و مدينة جابلقا و جابلصا لانهما واقعتان في الاقليم الثامن و هو معتزل عن الاقاليم السبعة لاهل هذه الدنيا و ان کان في اعتزاله هناک ناظر الي رعيته محيط بهم مطلع عليهم لايخفي عليه ظواهرهم و بواطنهم يغني فقيرهم و يغيث (يغيث عليه خ‌ل) ملهوفهم و يجير مستجيرهم و يدبر امورهم علي ما تقتضي مصلحة کينونتهم لانه صاحب المرئي و المسمع و هو کما وصف جده صلي عليهما (عليه و آله خ‌ل) لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤف رحيم و لذا قال عليه السلام في توقيعه الي المفيد انا غير مهملين لمراعاتکم و لا ناسين لذکرکم و لولا ذلک لاصطلمتکم اللأواء و احاطت بکم الاعداء.

و قوله عليه السلام و نعم المنزل طيبة يريد بطيبة المدينة و هي سرها الذي يظهر عند ظهور صاحبها و تلک ارض طيبة طاهرة مصفاة من لوث الظالمين و خلط المنافقين و ضغن الفاسقين و هي الکرعة التي في وادي شمراخ و شمريخ من البقعة المبارکة و هي منزله عليه السلام و بيته و مسکنه مخفية عن اعين الناظرين کما احتجبت و اختفت جنة عاد عن الابصار وهي موجودة في هذه الدنيا فما ظنک بتلک الحقيقة اللطيفة و الؤلؤة المکنونة الشريفة و قوله عليه السلام و ما بثلاثين من(عن خ‌ل) وحشة يريد بثلاثين النقباء الذين يرونه و يتشرفون برؤيته و يقومون بخدمته و هم رجال الغيب و اوتاد الارض و حملة الفيض و حفظة العلم و هؤلاء الثلاثون هم الابدال الذين لا ينقصون عن هذا العدد فکلما مات منهم يترقي آخر مما هو تحت رتبتهم فيترقي و يستأهل لان يقوم مقامه و يکون بدله و لذا سموا ابدالاً و هم تحت الارکان الاربعة الذين هم عيسي روح الله و خضر وادريس و الياس و في بعض الروايات صالح بدل ادريس.

و قد ذکر العلماء ان مراتب ارباب الوفاء من

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 23 *»

المؤمنين خمسة بعد الغوث و النقطة و القطب اولهم الارکان و هم الاربعة المذکورة و الثاني النقباء و هم الثلاثون المذکورون عدة ميقات موسي و الثالث النجباء و هم الاربعون عدة تمام الميقات و الرابع الصلحاء و هم الثلاث‌مائة و الستون عدة تمام السنة و الخامس المؤمنون و هم ساير اهل الايمان و لا حصر لعدتهم و هؤلاء لاينقصون عن هذا العدد فاذا مات احد الصلحاء يترقي بعض المؤمنين الکاملين فيقوم مقامه و اذا مات بعض النقباء يترقي بعض النجباء فيقوم قمامه و اما الارکان فلايموتون و هم مع الغوث الاکبر صلي الله عليه و علي آبائه يدورون معه حيثما دار.

و هذا التفصيل لم‌نجد ما يدل عليه من آثارهم و ان کان الاعتبار يقتضي ذلک و انما الموجود في الاخبار هؤلاء الثلاثون المذکورون فمعني و ما بثلاثين من وحشة يعني انه عليه السلام (انهم عليهم السلام خ‌ل) يأنس بهم و هم يجرون (يجبرون خ‌ل) علي مقتضي محبته فلايري فيهم مناف و مغاير لارادته التي هي ارادة الله حتي تقتضي الوحشة و عدم الانس و معني ذلک انه عليه السلام لايجد ممتثلاً لامره مجتنباً لنهيه في حال غيبته و نأيه من اهل هذا العالم غير هؤلاء الثلاثين فهم النجباء المطهرون و الامناء المصطفون فلايستوحش منهم کما يستوحش من غيرهم لوجوده (لوجود ظ) مقتضاها من المخالفة و المعصية فقصده عليه السلام بذکر الثلاثين لرفع وحشته روحي له الفداء نسبة (نسبته خ‌ل) اهل هذه الدنيا من انه ماصفي عنهم غاية‌ الصفا غيرهم لا ان انسه عليه السلام منحصر بهم و الا فله شيعة کرام من ساير العوالم ما لايحيط بوصفهم و عدهم الا الله و من اطلعه علي غيبه من اوليائه و حججه فافهم.

قال سلمه الله تعالي: و ايضاً- ما يقول سيدنا في الحديث الوارد عن مولانا الصادق عليه السلام ان لنا مع الله حالات نحن فيها هو و هو فيها نحن الا انه هو هو و نحن نحن.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 24 *»

اقول اعلم ان الاثر الحادث و ان بلغ ما بلغ لايبلغ الي حقيقة ذات المؤثر ابداً لانه هناک ممتنع الوجود و الذکر و الا لم‌يکن الاثر اثراً و لا المؤثر مؤثراً و هو خلاف المفروض و لاتلتفت الي اقوال بعض اهل الضلال حيث يقولون ان الاثر عبارة عن ظهور ذات المؤثر بطور من الاطوار و تعين من التعينات کظهور الماء في الثلج و البحر في الامواج الي غير ذلک من الامثلة الباطلة المقرونة بالحجج الداحضة فان هذا القول من البطلان بمکان و قد فصلنا في کثير من مباحثاتنا و اجوبتنا بطلان هذا القول بما لامزيد عليه فاذاً لايجوز القول بان الحادث يتحد مع القديم او يکون عينه في حال من الاحوال و وقت من الاوقات لاستلزامه الاقتران و الانفعال و التغير و التکثر و غيرها من اللوازم الباطلة الا ان الاثر له جهتان جهة دلالة علي المؤثر و اسم له و الاسم هو المنبئ عن المسمي کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام فاذا نظر العبد الي ذلک الوجه کان له حکم الاسم بل هو الاسم لان کل اثر يکون مبدأ اشتقاق اسم لمؤثره و ذلک الاسم في رتبة ‌الاثر لا في حقيقة ذات المؤثر کالقائم فانه اسم لزيد المشتق عند اثره القيام فالقائم قائم بالقيام قيام تحقق فهو اسم له لکن في رتبة ‌الاثر لا في حقيقة زيد اذ لو کان القائم عين حقيقة زيد لماجاز توصيفه بالقاعد لان ذات الشيء لايفارقه الا عند فنائه و اعدامه و لاشک ان الذات محفوظة حين توصيفها بالقائم و القاعد و لايجوز ان يقال ان القائم لفظ مرکب لمجموع الذات و القيام فان ذلک باطل لاستلزامه تغير الذات باثرها و ذلک مما يأباه اولوا العقول السليمة.

و الحاصل ان القائم اسم لزيد و صفة له و الصفة غير الموصوف کمانص عليه اميرالمؤمنين عليه السلام و الاسم غير المسمي کمانص عليه مولانا الصادق عليه السلام فلايکون القائم عين زيد بل انما هو ظهور زيد بالقيام و ذلک الظهور قائم بالقيام فالقائم حقيقة القيام و وجهه الي مبدئه اذا عرف القائم عرف زيداً اذ لافرق بين القائم و بين زيد في التعريف و التعرف و المعرفة الا ان القائم عبد زيد و اثره و صفته جعلها في الاثر ليعرفه بها و ذلک الاسم و الصفة هي الربوبية بها و هو قول اميرالمؤمنين عليه السلام في وصف الملأ الاعلي علي ما في الغرر و الدرر و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 25 *»

القي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله الحديث فالمثال الملقي هو تلک الصفة المخلوقة و الاسم المشتق عند وجود الاثر فاکمل حالات العبد و اشرفها ان يکون ناظراً الي تلک الجهة‌ العليا فاذا استدام النظر اليها کان حينئذ اسماً و صفة لا فرق بينه و بين الحق سبحانه في المعرفة الا انه عبده و خلقه و لذا قال اميرالمؤمنين عليه السلام من عرف نفسه فقد عرف ربه فمعرفة النفس هي عين معرفة الرب علي قدر الطاقة الامکانية و هو قول مولانا الحجة المنتظر عليه السلام في دعاء رجب و بمقاماتک و علاماتک التي لا تعطيل لها في کل مکان يعرفک بها من عرفک لا فرق بينک و بينها الا انهم عبادک و خلقک فتقها و رتقها بيدک بدؤها منک و عودها اليک الدعاء و لماکان محمد و آله صلي الله عليه و عليهم هم الناظرين الي تلک الجهة العليا فکانوا هم المتمحضين في الاسمية و الصفتية و المثلية و لذا ورد في زيارة مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام السلام علي اسم الله الرضي و وجهه المضيء و قال الصادق عليه السلام نحن الاسماء الحسني التي امرکم الله ان تدعوه بها فمن هذه الجهة صار لا فرق بينهم و بين ربهم في المعرفة لکونهم وجه الله و قال عليه السلام نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا علي احد المعاني و لا فرق في الفعل و المشية و الارادة فصارت مشيتهم عين مشية الله و ارادتهم عين اراده الله و ولايتهم عين ولاية الله و في الطاعة و المعصية و العداوة فکان من احبهم فقد احب الله و من ابغضهم فقد ابغض الله من يطع الرسول فقد اطاع الله، الذين يبايعونک انما يبايعون الله و قال الصادق عليه السلام في قوله تعالي فلما آسفونا انتقمنا منهم ما معناه ان الله سبحانه لايأسف کاسفنا ولکنه سبحانه خلق لنفسه اولياء و جعل اسفهم اسفه و رضاهم رضاه و طاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته الحديث و هو قوله تعالي و نفخت فيه من روحي و الله سبحانه هو المتعالي ان يقترن بشيء من الاشياء فکان ذلک هي الروح المخلوقة و هي روح علي عليه السلام و کذا قوله تعالي الله نور السموات و الارض و امثال ذلک من العبارات و الاشارات فکانوا عليهم السلام لهم مع الله حالات هو فيها هم و هم فيها هو اي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 26 *»

حکمه حکمهم و حکمهم حکمه و امره امرهم و امرهم امره الا انهم اسماؤه الحسني و امثاله العليا و الکبرياء و الآلاء و لماکان في هذه العبارة توهم ما تدعيه الطائفة المخذولة الصوفية لعنهم الله من اتحادهم مع الله و قولهم اني انا الله و امثالهما من الکلمات الباطلة ازال عليه السلام هذا التوهم بقوله عليه السلام الا انه هو هو و نحن نحن اي هو هو في مقام قدمه و ازليته و نحن نحن في مقام الحدوث و العبودية و هذا الاتحاد و الوحدة في المظاهر الفعلية و الاسماء و الصفات الخلقية و الا فهو سبحانه اجل من ان تناله الاوهام و اعلي من ان تبلغه العقول و الاحلام و اعظم من ان يصل اليه کائنات الامکان و الاکوان و هذا الذي ذکرنا لک بعض الوجوه.

قال سلمه الله تعالي: و ايضاً ما يقول سيدنا في معني اکل آدم من الشجرة حتي نزل فيه و عصي آدم ربه فغوي ما معني المعصية مع انه معصوم.

اقول ان الله تعالي نهي آدم عن اکل الشجرة المخصوصة کما هو صريح قوله تعالي و لاتقربا هذه الشجرة ولکنه کان يستحب لآدم ان يجتنب کل ما هو من نو عها و يشبهها لوجود المشابهة لما تعلق به النهي الالهي صريحاً و ان کانت المشابهة المحضة لاتکون علة مستقلة لکن ينبغي التجنب لاهلها و آدم عليه السلام لعصمته و طهارته لم‌يأکل من نفس الشجرة المنهية بل مما هو من نوعها و سنخها و حيث کانت حسنات الابرار سيئات المقربين و يراد من الانبياء ما لايراد من غيرهم من الرعية لکمال قربهم و علمهم و بصيرتهم و طهارتهم عد هذا الاکل اي ترک الاولي معصية بالنسبة و الاضافة و حاشا انبياء الله يعصون ما امرهم الله فلايأتمرون بما يأمرون حتي يستحقوا عتاب قوله تعالي لم تقولون ما لاتفعلون کبر مقتاً عند الله ان تقولوا ما لاتفعلون و کيف و ان الله تعالي وصف ملائکته بانهم لايعصون کما في قوله تعالي لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و قوله تعالي عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون و الانبياء عليهم السلام لاسيما آدم قد نص الله عليهم بانه اصطفاهم علي العالمين و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 27 *»

منهم الملائکة في قوله تعالي ان الله اصطفي آدم و نوحا و آل ابراهيم و آل عمران علي العالمين کيف يتصور في حقهم المعصية و لايتصور في حق من دونهم و الله لايصطفي الا الاکرم الاتقي فمن لايتقي المعصية ليس بالمتقي فکيف يصطفيه الله علي من هو اتقي منه و ذلک لايکون ابداً فاذا وجد في کلام الله ما يدل علي المعصية في حق الانبياء عليهم السلام فالمراد منه ترک الاولي و حکم حسنات الابرار سيئات المقربين و ملاحظة انياتهم و ان کانت مضمحلة فانية لکن الالتفات اليها حاجبة عن الالتفات الي الله وحده و هذا هو الحکم في حق ساير الانبياء ماعدا نبينا و ائمتنا سلام الله عليهم فانهم لايترکون الاولي فاذا نسبت المعاصي اليهم في القرآن و في احاديثهم سلام الله عليهم فان المراد بها ذنوب شيعتهم و معاصيهم تحملوها تشريفاً و تکريماً کما في قوله تعالي ليغفر لک الله ما تقدم من ذنبک و ما تأخر و امثال هذه من الآيات.

قال سلمه الله تعالي: و ايضاً ما يقول سيدنا في کلام شيخنا الشيخ احمد قدس الله سره في فوائده يعني بالوجود الحق الواجب المقدس و من جملة ما هو المقدس عنه اطلاق العبارة عليه فاذا اطلقت عليه فانما تقع علي العنوان و ذلک العنوان هو الوصف الذي ليس کمثله شيء.

اقول ان الواجب حيث کونه في القدم و الازل و الممکن حيث کونه في الحدوث و الامکان لايمکن للممکن الوصول الي الذات المقدسة فلايمکن معرفته (معرفتها خ‌ل) بوجه لانها فرع الاحاطة و الاتصال و هذا ممتنع في ازل الآزال و لما ان الله سبحانه خلق الخلق لعبادته و هي لاتمکن الا بمعرفته و معرفته في حق الممکن ممتنعة وجب عليه سبحانه ان يعرفهم نفسه لتکمل ثمرة ايجادهم و تتم علة انوجادهم و لماکان ما من الله سبحانه لابد ان يکون اکمل ما يمکن وجب ان يکون تعريفه سبحانه بما لايمکن تعريف اجلي و لا اعلي منه و لما کان البيان و التعريف علي قسمين بيان حالي و بيان مقالي و الجمع بينهما اکمل و اولي فوجب عليه سبحانه في الحکمة ان يعرف نفسه لخلقه بالبيانين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 28 *»

الحالي و المقالي اما البيان المقالي فهو الکتاب و السنة و ما يرجع اليهما من مدلولات الالفاظ و العبارات و المفهومات و التوصيفات.

و اما البيان الحالي فهو ما جعله سبحانه و تعالي في الآفاق و في انفس الخلايق من صفات توحيده و امثلة تمجيده و لماکان البيان الحالي بيان بالکينونة وجب عليه سبحانه ان يخلق في حقايق الخلق صفة تنبئ عن کينونته و حيث انه سبحانه و تعالي منزه و مقدس عن جميع الصفات الامکانية وجب ان تکون صفته کذلک فوصفه ليس کمثله شيء و الا لکان مثله شيء لانه يعرف بوصفه فخلق سبحانه و له الحمد و الشکر اسماً بالحروف غير مصوت و باللفظ غير منطق و بالشخص غير مجسد و بالتشبيه غير موصوف و باللون غير مصبوغ بريء عن الامکنة و الحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حس کل متوهم مستتر غير مستور فهذا الاسم المخلوق هو صفة معرفة الله سبحانه و تعالي و مقتضي ان يکون وصفاً ان يکون مقدساً و منزهاً عن جميع الاضافات و النسب.

و منها اطلاق العبارات و وقوع الاشارات کما هو شأن الموصوف جل جلاله حتي يکون دليلاً بکمال الدلالة و من حيث انه آية و دليل لنا بنا تعرف به سبحانه لنا بنا فنحن لانتعداه و لانصل الي الذات الاقدس کان هو محلاً للعبارات و موقعاً للاشارات و موضعاً للنسب و الاضافات و مورداً للاسماء و الصفات التي نثبتها له سبحانه و تعالي و هو المراد تبارک و تعالي و تلک الآية المعبر عنها بالعنوان و المقامات و العلامات التي لاتعطيل لها في کل مکان موقع تقع عليه تلک العبارات و ليس المراد منها الا الذات الظاهرة لنا بنا کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام لاتحيط به الاوهام بل تجلي لها بها و بها امتنع منها و اليها حاکمها و هذا الذي ذکرنا لک هو المراد من قول مولانا قدس سره و علا في العالمين ذکره (العالمين مقامه و ذکره خ‌ل) فانما تقع علي العنوان و ذلک العنوان ليس کمثله شيء و اذا کان العنوان ليس کمثله شيء فکيف تقع عليه العبارات التي تقع علي ساير الممکنات و البيان هو ما ذکرنا لک من انه من حيث آية التوحيد منزه عن کل الصفات الامکانية من حيث الدلالة و الا فهو في الحقيقة امکان و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 29 *»

من حيث انه عنوانه لنا و آية للاسماء و الصفات يکون هو موقع العبارات و ليس المراد منها الا الذات البحت البات و انما کررت العبارات و رددتها للتفهيم فان فهمته فهو و الحمدلله و الا فليس لقصور في التعبير اولا لتقصير منک و انما هو لعلو المطلب و هو ما ذکرنا سابقا من ان دليل الحکمة هو غير متعارف عند اهل المجادلة فان شافهناک تحظي ان شاء الله ببعض المطلب و الله الموفق.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في معني قوله عليه السلام من زعم انا خلاقون بامره فقد کفر.

اقول المعروف عند کافة الناس من الامر التفويض فاذا قيل ان المولي امر عبده بان يبيع الشيء الفلاني فالعبد مفوض اليه البيع فهو في حال البيع ليس في يد المولي بل معزول عنه و انما اقتضي ذلک الفعل الامر الاولي کالوکيل الذي يفعل بامر الموکل فانه حال الفعل مفوض اليه و الموکل بمعزل عنه و لاشک ان من يقول انهم عليهم السلام خالقون بامر الله کالعبد الفاعل بامر المولي و کالوکيل الفاعل بامر الموکل فان ذلک کفر محض و تفويض صرف لايقول به کافة اهل الاسلام في التکوينيات و الفرقة المحقة مطلقاً اي في التکوينيات و التشريعيات و الذوات و الصفات و الافعال من الاختيارية و غيرها علي ما هو المعروف عندهم و لا استلزام التفويض الاعتزال الموجب لاستغناء الممکن فانه اذا صح استغناءه عنه في حال يصح استغاؤه عنه في کل حال و هذا امر في الامکان ممتنع و محال فمن ادعي (فمن ادعي ذلک فيهم فقد ادعي خ‌ل) لهم الاستقلال و هو کفر علي کل حال و ما ورد من التفويض اليهم في بعض الاخبار کما في الزيارة الرجبية انا سائلکم و آملکم فيما اليکم التفويض و عليکم التعويض الزيارة و قول السجاد عليه السلام اخترعنا من نور ذاته و فوض الينا امور عباده ان الينا اياب هذا الخلق ثم ان علينا حسابهم فالمراد به السببية فانهم السبب الاعظم لافاضة الفيوضات الالهية و لولاهم لماافيض علي خلق فيض في جميع مراتبه کالبلور فانه حامل لفعل الشمس الذي هو الحرارة و محرق بها

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 30 *»

فالمحرق حقيقة هو الشمس و البلور سبب لاظهاره فالبلور يصدق عليه انه محرق لکنه باحراق الشمس و اشراقها فهو في حين الاشراق محفوظ بالشمس فلو اعتزلت الشمس عنه ما کان فيه احراق و لا حرارة فما فوض اليه امر الاحراق و لولا البلور ايضاً لم‌يظهر الاحراق من حرارة الشمس فيما هو سبب له فيصح لک ان تقول الشمس محرقة بالبلور و لک ان تقول ان البلور محرق بالشمس و المعني واحد في الموضعين و کالملائکة الذين هم اسباب لظهور الافعال الالهية فان الفاعل هو الله بهم و يصح ان تنسب الفعل اليهم کما هو منسوب الي الله جل و علا اما سمعت الله يقول الله يتوفي الانفس حين موتها و يقول قل يتوفيکم ملک الموت الذي وکل بکم و يقول الذين تتوفيهم الملائکة الآيه فاجمع بين هذه الآيات يظهر لک الحق الثابت البحت البات فالتفويض الوارد في هذه الروايات عن سادة البريات يحمل علي هذا المعني الصحيح و اما التفويض بمعني اعتزال الحق (الاعتزال الحق سبحانه خ‌ل) عن الخلق حال الفعل فذلک باطل فاسد مجتث زائل لايقول به الموحد و انما هو سبيل الغالي الملحد عصمنا الله و اياکم عن زيغ الآراء و اتباع الاهواء فافهم ثبتک الله.

قال سلمه الله: و ما معني قوله عليه السلام اثبات الصفات له توحيد مع ان نفي الصفات عنه توحيد.

اقول يجب ان نثبت لله الصفات بما يخرجه عن الحدين حد التعطيل و حد التشبيه بمعني انک تثبت کمالاً له لکنه ليس ککمال المخلوقين فالصفة المتداولة في افهام عامة الخلق انها غير الموصوف و ان الموصوف غير الصفة و هي من مقتضيات الموصوف و المقتضي غير المقتضي و بينهما نسبة و ارتباط و اتصال و اقتران و لا ريب ان اثبات هذا المعني عند اثبات الصفة لله سبحانه کفر و زندقة لاستلزامه الکثرة و التعدد و الاقتران و کل ذلک من علامات الحدوث و هو قول مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام کمال التوحيد نفي الصفات عنه لشهادة کل صفة علي انها غير الموصوف و شهادة کل موصوف علي انه غير

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 31 *»

الصفة و شهادة الصفة و الموصوف بالاقتران و شهادة الاقتران بالحدث الممتنع من الازل الممتنع من الحدث و بهذا المعني لايتم التوحيد الا بنفي الصفات عنه.

و اما اذا اردت بالصفات اثبات الکمال بلاکيف و لا اشارة بحيث تکون الذات عين الصفات و الصفات عين الذات بلا فرق لا في المفهوم و لا في المصداق و لا في الخارج و لا في نفس الامر بلاتعدد و لا تکثر و لا اختلاف بوجه من الوجوه و حيثية من الحيثيات و هذه الصفة يجب اثباتها لئلايلزم التعطيل فلايتحقق التوحيد الا بها فيجب اثبات الصفات للمعني الثاني و نفيها بالمعني الاول او اثباتها في عين نفيها بالمعني الذي ذکرت لک او يجب اثبات الصفات الذاتية للذات و يجب نفي الصفات الفعلية عنها لانها حادثة فلاتثبت للقديم سبحانه و تعالي و الذاتية هي الذات بلااعتبار المغايرة الا في اللفظ و قولک الله عالم لا فرق بين العلم و العالم و الذات الموصوفة به فقولک علم هو معني قولک عالم و هو معني قولک الله فالعلم هو عين العالم و العالم هو عين الذات و الذات المجردة هي عينها بلافرق و لا اعتبار و علي هذا فابن امرک في اثبات الصفات و نفيها کما في الحديث الشريف.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قوله تعالي في الحديث القدسي ماترددت في شيء انا فاعله کترددي في قبض روح عبدي المؤمن ما معني هذا التردد و هو من صفات الجسم.

اقول لاريب ان التردد الموجب لعدم القطع و اليقين بشيء محال علي الله سبحانه و تعالي و لايجوز اثباته له تعالي في مذهب من المذاهب فيجب تأويل هذا الحديث الشريف بما يطابق المذهب المنيف و احسن التوجيهات فيه ان الله سبحانه لماحکم ان لايميت المؤمن و لاينقله من هذه الدار الي الدار الآخرة الا باختياره و رضاه حتي لايکون مکرهاً له في حال من الاحوال و لماکان المؤمن لنسيانه النشأة الآخرة او حرصاً للعمل الصالح لان الدنيا مزرعة الآخرة ربما يکره مفارقة الدنيا بل هو الاغلب و الاکثر بل ما سمعنا من احد من الانبياء

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 32 *»

المتقدمين و لا من الاولياء السابقين و اللاحقين انه احب الموت و لم‌يکرهه اول مرة الا مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام فانه قال والله لابن ابي‌طالب آنس بالموت من الطفل بثدي امه و لما انهم کرهوا الموت و ما احب الله اکراههم و لابد لهم من الانتقال الي الدار الاخري يرددهم الله سبحانه و تعالي من حال الي حال و من طور الي طور و من فقر الي غني و من غني الي فقر و من صحة الي سقم و من سقم الي صحة و من عز الي ذل و من ذل الي عز و هکذا يرددهم الله سبحانه في احوالهم حتي تشمئز نفوسهم من الدنيا و تطلب الدار الاخري و يکون انتقالها برغبة منه و رضا و لذا قال عزوجل ماترددت في شيء بتغير احواله و تبديل اوضاعه کترددي في قبض روح عبدي المؤمن لاني وعدت بصادق وعدي ان لاانقله عن هذه الدار الا باختياره و رضاه و انتقاله لابد منه و عدم رضاه لنسيانه العوالم الاخروية بشهادة فکشفنا عنک غطاءک فبصرک اليوم حديد معلوم فلابد ان اردده باحواله في تغييرات اوضاعه حتي ينسي الدنيا و يشمئز منها و يطلب الآخرة و يرغب اليها حتي اکون موفياً بعهدي غير مخلف لصادق وعدي و لذا قال تعالي يکره الموت و انا اکره مساءته فخذ ما القينا اليک و کن من الشاکرين.

قال سلمه الله: و ما الدليل العقلي علي وجود الحجة عجل الله فرجه و عليه السلام و رجعة اهل البيت عليهم السلام مع انا نعتقد ذلک حق الاعتقاد و لکن ليطمئن قلبي و لطلب زيادة اليقين.

اقول اما الدليل العقلي علي وجود الحجة عليه السلام فهو الدليل علي وجود آبائه (آبائه عليهم السلام خ‌ل) و هو الدليل علي الامامة الکبري اما علي طريقة المتکلمين و اهل النظر فان الله سبحانه و تعالي يجب ان تکون حجته بالغة و امره محکماً و قضاؤه مبرماً و فعله متقناً و يجب ان لايدع الناس في ظلمة عمياء و لا في بهمة طخياء فبعث نبيه صلي الله عليه و آله لهداية الخلق و اظهار قدرته و اعلاء کلمته و لم‌يبعثه حتي جعله کاملاً مؤدباً بجميع التأديبات الالهية

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 33 *»

فلما قضي عليه الموت لحکم و مصالح کثيرة منها رفع واهمة الغلو فلابد من بعد موته من يقوم مقامه مؤدباً بآدابه متخلقا باخلاقه يرفع الاختلاف و يوصل الي الايتلاف و يعرف القضايا (قضايا خ‌ل) الآتية و التغيرات الواقعة و تبدل الموضوعات و لاشک ان عامة الخلق لا قابلية (لا قابلية لهم خ‌ل) في حفظ الشريعة الغراء و لذا تراهم يختلفون فيما شاهدوه عن النبي صلي الله عليه و آله مرات متعددة فاذا لم‌يحفظوا احکام صلوتهم و وضوئهم التي کان يفعلها صلي الله عليه و آله بحضورهم في مدة نبوته کل يوم خمس مرات حتي اختلفوا فيها اختلافاً شديداً لايکاد ينضبط و هو عمود دينهم و اصل شريعتهم فما ظنک بالاحکام الخفية و الاسرار الدقيقة و الجواب عن المسائل العميقة فيجب علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم ان يختار شخصاً مؤدباً بآدابه متخلقاً باخلاقه و مهتدياً بهداه و متحملاً لعلومه و متربياً في حجره يودعه جميع احکام شريعته و ما يتجدد بعد ذلک في امته و احکام ناسخه و منسوخه و مظهراً لمعجزته و کرامته و محلاً لاسرار وديعته و امانته و هو الامام القائم مقام النبي صلي الله عليه و آله في امته و لما کان استمرار حيوة هذه (هذا ظ) الخليفة يفضي الي المحذور الذي کان في استمرار حيوة النبي صلي الله عليه و آله قضي الله سبحانه عليه الموت فيجب وجود من يقوم مقامه و تکون نسبته اليه نسبة الضوء من الضوء فيکون علي آدابه و اخلاقه و اعرابه و لماکان حجة الله يجب ان يکون کاملاً بالغاً حد الکمال حتي في العدد يجب ان يکون اثني عشر لانه العدد الزايد و مثني العدد التام و قد شرحناه في ذکر النبوة الخاصة المحمدية و الولاية الخاصة العلوية فاطلبها تجدها شفاء للصدور و نوراً في القلوب فوجب انتهاء النبوة الي انقضاء اثني عشر وصياً و لما انقضت مدة احدعشر واحداً منهم فيکون الآن نوبة ولاية الامام الثاني عشر صلي الله عليهم اجمعين فيکون هو الباقي الي انقطاع الدورة المحمدية صلي الله عليه و آله في هذه الدنيا يحفظ الرعية و يظهر حکم الله تعالي في البرية عجل الله فرجه و سهل مخرجه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 34 *»

و اما الدليل علي وجوده عليه و علي آبائه السلام (وجوده عليه السلام و علي آبائه الف التحية و السلام خ‌ل) علي مذاق اصحاب الحقيقة و العرفان فقد اشبعنا الکلام فيه في کثير من مباحثاتنا و مصنفاتنا و اجوبتنا للمسائل فليطلبها من ارادها فاني الآن في اثناء السفر مع قلب متشوش غير مستقر لايسعني الکلام اکثر مماذکر.

و اما رجعة اهل البيت عليهم السلام فاعلم ان الله تعالي جعل للحق دولة و للباطل دولة بحکم التضاد و لئلايکون للباطل علي الله حجة بانک لو جعلت لنا دولة و حکماً لعدلنا في الرعية و لانصفنا في القضية و عبدناک عبادة لم‌تعبد بمثلها في البرية و لما کانت دولة الباطل مجتثة زائلة و دولة الحق ثابتة باقية لم‌يجز ان يتقدم في القوس الصعودي دولة ‌الحق علي دولة‌ الباطل و الا للزم انقطاعها و ثبوت دولة ‌الباطل کما هو شأن عالم الصعود فان کل متأخر اشرف و اثبت من المتقدم کماتري في تنقل احوال الانسان و النبات و الجماد و هو ظاهر معلوم فوجب تقدم دولة الباطل علي دولة الحق و حيث ثبت ان محمداً و آله صلوات الله و سلامه عليه و عليهم هم اشرف الخلق و اقربهم الي الله سبحانه و تعالي و اکرمهم عليه فوجب ان يکون سلطانهم اعظم من کل سلطان و برهانهم فائقاً علي کل برهان و حيث ان سلطنتهم لم‌تظهر لغلبة سلطان الباطل وجب ان يکونوا هم صاحب دولة الحق المتأخرة عن دولة الباطل و حيث قتلهم اهل الباطل من قبل استيفاء سلطنتهم فوجب ان يرجعوا لاظهار تلک السلطنة الکبري و الدولة‌ العظمي في الدنيا کما تظهر في الاخري لتککمل الدولتان و تتطابق النشأتان و لماکان رسول الله صلي الله عليه و اله و اميرالمؤمنين عليه السلام لهما الفخر و السودد وجب ان يکونا حاملي تلک الدولة الشريفة و لماکان باقي الائمة عليهم السلام من سنخهما وجب ان يکون حکمهم حکمهما الا ان لهما الرياسة عليهم کالقلب و الصدر بالنسبة الي سائر الاعضاء فمتي ظهرا ظهرت و متي خفيا خفيت فالدنيا حکم حالة الطفولية و ظهور القائم عجل الله فرجه حکم حال البلوغ و الرجعة حکم حال الکمال اذا بلغ اشده و بلغ اربعين سنة و القول

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 35 *»

بان الرجوع الي الدنيا رجوع قهقري و هو ينافي الصعود مع انهم عليهم السلام في مقام التزايد و علو الدرجات فالرجوع الي الدنيا رجوع من الاعلي الي الاسفل هذا القول کلام باطل و مجتث زائل لان الآن في البرزخ و هو عالم المثال و التنعم و التألم فيه ناقص و هما مع الجسم اکمل و لو رجع المثال الي الجسم الدنيوي بالکيفية الدنيوية لزم ما ذکر ولکنه يظهر في الجسم بحالة برزخية متوسطة بين جسم الدنيا و يوم القيمة و هذا القائل يلزمه انکار المعاد (معاد خ‌ل) الجسماني و رجوع الارواح الي الاجسام يوم القيام فالکلام الکلام و الجواب الجواب فافهم وفق الله تعالي للصواب.

قال سلمه الله تعالي و ما الوجه في افضلية القائم عليه السلام علي الثمانية عليهم السلام.

اقول قد ورد عن النبي صلي الله عليه و آله علي ما رواه ثقة الاسلام في الکافي عن النبي صلي الله عليه و آله انه سئل لماذا صرت افضل الانبياء و قد بعثت آخرهم قال صلي الله عليه و آله لاني اول من اجاب داعي ربي حين قال الست بربکم فيظهر من هذا الحديث الشريف ان التفاضل بحسب اختلاف الاجابة في عالم الذر الاول في التقدم و التأخر فمن سبق و تقدم فقد سبق و تقدم و من لحق و تأخر فقد لحق و تأخر و السابقون السابقون اولئک المقربون فالتفاضل بحسب تلک الاجابة لا بحسب کثرة العمل و قلته کما زعموا الا اذا قارنا في الاجابة و اختلفا في العمل فاکثر عملاً افضل و اما اذا تأخر في الاجابة و ان اکثر العمل بالجوارح (في الجوارح خ‌ل) فقد سبق العمل القلبي الغيبي و هو اعظم شأناً و اکبر مکاناً فافضلية سيدنا القائم عجل الله فرجه و کذا افضلية الافضل من الائمة عليهم السلام فمن جهة السبق في الاجابة في العالم الاول و ان تأخر الظهور لاجل المصالح و الحکم الخفية فرسول الله صلي الله عليه و آله سيدهم و فخرهم ثم اميرالمؤمنين عليه السلام لقول النبي صلي الله عليه و آله الحسن و الحسين سيدا شباب اهل الجنة و ابوهما خير منهما و قول اميرالمؤمنين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 36 *»

عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلي الله عليه و آله ثم الحسنان عليهما السلام بعين ما ذکر ثم الحجة المنتظر عجل الله فرجه لقول النبي صلي الله عليه و آله تاسعهم قائمهم افضلهم ثم الائمة الثمانية عليهم السلام و لم‌يصل الينا ما يدل علي افضلية بعضهم علي بعض ثم الصديقة‌ الطاهرة عليها السلام لان الرجال قوامون علي النساء و سر هذه الافضلية ما ذکرنا من تقدم الاجابة.

و اما هذا التقدم و التأخر في الاجابة فلايحيط به علمنا لانهم سلام الله عليهم باب الافاضة و سر الاستفاضة و نحن انما خلقنا من شعاع انوارهم و لايبلغ الشعاع الي مقام يشخص المراتب التي في المنير الا باخبار منه علي حسب مقامه الا تري الي الکوز يمتلي من الحوض و يمتلي من البحر فلايسع الکوز ان يشخص بين غزارة ماء البحر و عدم غزارة ماء الحوض و کذلک نسبتنا اليهم عليهم السلام فانهم بالنسبة‌ الينا متساوون و لانعرف التفاوت الا ببيان منهم فماقالوا قلنا و مادانوا دنا و ما سکتوا عنه سکتنا فلايسعنا الا التصديق و التسليم و الرد اليهم علي کل حال.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني لابد لکل زمان من امام صامت و ناطق فمن الصامت و الناطق في زمن الغيبة و حين وجود آدم وحده.

اقول هذه الرواية لم‌اقف عليها بل الذي وقفت عليه من الروايات ما ينافي ذلک و قد روي الکليني ثقة الاسلام في الکافي بانه لايجتمع امامان في زمان واحد الا الحسن و الحسين عليهما السلام لانهما امامان الا ان الحسين صامت و الحسن ناطق و اما ان في کل زمان امامان صامت و ناطق فماوقفت عليه مع ان الامام عليه السلام قطب کلي اولي فلايجتمع قطبان في محل واحد.

قال سلمه الله تعالي: و ما المطابقة بين قوله تعالي وقفوهم انهم مسؤلون و بين قوله فيومئذ لايسئل عن ذنبه انس و لا جان.

اقول اما قوله و قفوهم انهم مسؤلون فالمراد انهم مسؤولون عن ولاية اميرالمؤمنين و اهل بيته (اهل بيته الطيبين خ‌ل) الطاهرين و لذا عقبه الله بقوله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 37 *»

تعالي ما لکم لاتناصرون حيث (و حيث خ‌ل) رأيتم الناس قد خذلوهم و اخذوا حقهم و قتلوا رجالهم و سبوا ذراريهم و نساءهم.

و اما قوله تعالي فيومئذ لايسئل عن ذنبه انس و لا جان فالمراد انهم يسألون عن الولاية فمن کان ولايته لاهل البيت عليهم السلام ثابتة راسخة فلايسأل عن ذنبه بعد ذلک و من کان غير ذلک فلايسأل عن طاعته و قدمنا الي ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثوراً و اما عذاب بعض الشيعة الثابت في الولاية فمن جهة التصفية مما اصابه من خلط اولئک المنافقين لا لاجل عذابه بل للرحمة عليه فلايسأل يوم القيمة عن الذنب و انما يسأل عن اولاية لان تارک الولاية يوم القيمة کما اخبر الله عنه يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي و الاقدام و ثابت الولاية کما اخبر الله عنهم سيماهم في وجوههم من اثر السجود فالسؤال انما هو عن الولاية خاصة کما في قوله تعالي ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم و هي النعمة العظمي التي انعم الله بها علي العباد و هو قوله تعالي يعرفون نعمة الله ثم ينکرونها و قوله تعالي و ان تعدوا نعمة الله لاتحصوها و في الزيارة السلام علي نعمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قوله تعالي ربنا امتنا اثنتين و احييتنا اثنتين ما هذه الموتة الاولي و الثانية.

اقول لهذه الآية الشريفة وجوه نقتصر علي بعضها منها ان مبدأ الحيوة الاولي في عالم الذر الاول و تمامها في الذر الثالث و هو عالم الارواح و الموتة الاولي عند نزول الارواح من ذلک العالم الي ان وصلوا الي التراب و هو قوله تعالي کيف تکفرون بالله و کنتم امواتاً فاحياکم و لاريب ان الموت و الحيوة مخلوقان و الحيوة لشرفها مقدمة في الوجود علي الموت و الحيوة الثانية في هذه الدنيا و الموت الثاني موتها.

و منها ان المراد بالحيوة الاولي الحيوة في هذه الدنيا و الموتة الاولي الموت فيها و الحيوة الثانية في البرزخ و الموتة الثانية عند

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 38 *»

نفخ الصور.

و منها ان المراد بالحيوة الاولي و الموتة الاولي ما تقدم في الوجه الثاني و الحيوة الثانية في الرجعة و الموتة الثانية فيها.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني عالم المثال و اين المثال و هو في هذا العالم ام في غيره.

اقول عالم المثال عالم متوسط بين عالم الارواح و الاجسام و هو العالم الذي تأوي اليه الارواح بعد فراقها من الابدان و هو عالم ذو عجايب و غرايب له مادة من صفو المادة الجسمانية و له صورة تشبه الصورة الروحانيه و لذا سمي مثالاً لکونه علي مثال الروح و مثال الجسم لانه ليس بلطافة الروح و لا بکثافة الجسم بل برزخ بينهما و عالم دونهما و لذة هذا العالم و اهله و اَلَمهم اعظم من لذة الاجسام المحضة و المها بسبعين مرة و فيه من انواع النعيم و الاليم و فيه جنة الدنيا التي اصلها وادي السلام و تمتد من جانب المغرب الي وراء جبل قاف في مدينة جابلقا و جابلصا المکتنفان بهورقليا و المدينتان طرفا المشرق و المغرب من ذلک العالم من الجنة و هورقليا هو المبادي العالية من السموات و الارضين من ذلك العالم و نار الدنيا التي اصلها بئر بلهوت في وادي برهوت من ارض حضرموت من جهة المشرق و تمتد منها الي وراء جبل قاف الي ما شاء الله و هذا العالم هو الذي يراه الرائي في الطيف.

و ربما يطلق المثال علي محض الصورة و الشبح من غير المادة و هو البدن النوراني الذي روي عن الحسين عليه السلام في جواب حبيب بن مظاهر لما سأله اين کنتم قبل خلق السموات و الارض قال کنا اشباح نور قال و ما الشبح قال عليه السلام ابدان نورانية لا ارواح لها و من هذا العالم الصور المرئية في الاجساد الصيقلية بالمعني الثاني.

و اما قولکم و اين المثال فاعلم ان ارض هذا العالم محدب محدد الجهات اي الوجه الاعلي من العرش الفلک الاطلس مبدأ عالم الاجسام و سمائه تحت عالم الارواح اي ارضه و هو في با طن هذه الاجسام و هو الاقليم الثامن علي احد الوجهين فلک ان تقول هذا العالم يعني في اعلاه و لطيفه و ليس في هذا العالم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 39 *»

يعني في اسفله و کثيفه و هو مستجن في هذا العالم مستکن فيه فاذا حضر ملک الموت لقبض الروح فانما يقبضها في المثال و يکون النعيم و الاليم لها فيه و ربما يعبر عنه بحوصلة الطير الاخضر.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني المعراج و کم مرة عرج به صلي الله عليه و اله الي السماء.

اقول المعراج عروجه صلي الله عليه و آله بجسمه بل بجسده ببشريته بل بثيابه و لباسه الي السماء و منها الي البيت المعمور و منها الي الکرسي و منها الي العرش و سرادقاته و ارکانه و من العرش الي محيط عالم المثال و منه الي عالم المواد و الطبايع و منه الي عالم النفوس و الارواح و منه الي عالم العقول و الجنة بمراتبها من الکثيب الاحمر و الرفرف الاخضر و ارض الزعفران و مقام الاعراف و مقام الرضوان و هکذا يتصاعد صلي الله عليه و آ‌له الي ان بلغ (بلغ الي خ‌ل) مقام قاب قوسين بل ادني و عنده تمام السير و هو المسجد الاقصي في القرآن و مر صلي الله عليه و آله في عروجه علي کل شيء خلقه الله حين ما خلقه الله ليريه من آياته انه هو السميع البصير.

و اما قولکم و کم مرة عرج به فالمروي عن مولانا الصادق عليه السلام علي ما رواه في الکافي انه عرج به صلي الله علي و آله مرتين و الذي اعرف منه انه عليه السلام يريد بالمرتين النوع دون الشخص فان الشخص متجاوز عن الحصر و العد (العدد خ‌ل) اما النوع فيجمعه امران الغيب و الشهادة فعبر عن عروجاته في عالم الشهادة مرة و في عالم الغيب اخري فافهم و کم من خبايا في زوايا.

قال سلمه الله: و ما معني حسين مني و انا من حسين.

اقول هذا تعبير عن کونهما و الطيبين من ذريتهما من حقيقة واحدة و نور واحد کما في الزيارة و اشهد ان ارواحکم و نورکم و طينتکم واحدة طابت و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 40 *»

طهرت بعضها من بعض و هو قوله تعالي ذرية بعضها من بعض و المراد منه کناية عن حقيقة واحدة حقيقة (حقيقية خ‌ل) ليس فيها تعدد الا بحسب الظهور في المتعلقات و المعني الآخر ان قوله صلي الله عليه و آله حسين مني ظاهر لانه ابوه و اصله الذي تشعب الحسين عليه السلام منه کماقال صلي الله عليه و آله انا الشجرة و فاطمة اصلهها و علي لقاحها و الائمة من ولده اغصانها و علومهم اثمارها و شيعتنا الورق الملتف بالثمرة و هذا ظاهر غني عن البيان.

و اما قوله صلي الله عليه و آله و انا من حسين يريد ان امره و نبوته و شريعته انما ظهرت بالحسين عليه السلام بشهادته و قتله علي الوجه المخصوص فلولا قتله عليه السلام لانطمست اعلام النبوة و اندرست آثارها و لم‌يبق لها الا اسم و لم‌يکن لها الا رسم و ذلک کان ايضاً يتمحي (ينمحي خ‌ل) عن قريب فکان الحسين عليه السلام هو الفجر في القرآن الذي فلق بشهادته غياهب دجي الظلمات و ازال عن القلوب الکشوک و الشبهات مما دخلت بصلح الحسن عليه السلام و سکوت اميرالمؤمنين عليه السلام في مدة خلافة الثلاثة و تحکيم الحکمين و بقبول النبي صلي الله عليه و آله الجزية و الفدية و ابقاء الکفار علي اديانهم و مللهم.

و الحاصل انه عليه السلام اظهر الدين و احيي شريعة سيد المرسلين صلي الله عليه و اله اجمعين فکان به ظهور امره (امره الله عليه و آله خ‌ل) فکني عن هذا المعني بقوله و انا من حسين و في الحديث ان سورة‌ الفجر سورة‌ الحسين عليه السلام فمن واظب عليها في فرايضه و نوافله حشره الله مع الحسين عليه السلام و لذا قال تعالي ان قرآن الفجر کان مشهوداً.

قال سلمه الله: و ما معني الحديث الوارد في الکافي من عبد الاسم و المعني فقد اشرک و من عبد الاسم دون المعني فقد کفر و لم‌يعبد شيئاً و من عبد المعني بايقاع الاسماء عليه فذلک هو التوحيد.

اقول حيث ان القوم اختلفووا في ان الاسم عين المسمي او غيره و الامام عليه السلام ذکر علي ما في الکافي الاستدلال علي ان الاسم غير المسمي بقوله ان لله تسعة (تسع خ‌ل) و تسعين اسماً فلو کان الاسم عين المسمي لتعددت الآلهة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 41 *»

نقلت بعض الحديث بالمعني و لما بين عليه السلام ان الاسم غير المسمي اراد ان يبين نسبة الاسم الي المسمي و ان الاسم حادث و المسمي قديم و العبادة لاتصلح الا للقديم فقال عليه السلام من عبد الاسم و المعني فقد اشرک لقيام الدليل علي ان الاسم غير المسمي و الصفة غير الموصوف و بينا بطلان کون الاسم عين المسمي فحينئذ هما شيئان و عبادتهما معاً بالتوجه اليهما شرک فاذا صح حدوث الاسم (الاسم باثبات خ‌ل) انه غير المسمي فمن عبد الاسم دون المعني فقد کفر.

 ثم اراد عليه السلام ان يبين ان الاسم دليل المعني و سبيله و صراطه و لايمکن التوجه الي المعني الا بالاسم فالاعراض عن الاسم بقطع (بقطع النظر خ‌ل) عنه اعراض عن المعني لان الشيء انما يتوجه اليه بوجهه و بابه فاذا اعرض عن الوجه و الباب فلم‌يتوجه فيقع توجهه باطلاً و نظره لغواً فقال عليه السلام و من عبد المعني بايقاع الاسماء اي بدلالتها عليه دلالة رسم و صفة لا دلالة کشف و عين فذاک هو التوحيد و هو قوله تعالي و لله الاسماء الحسني فادعوه بها و قوله تعالي قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن اياًما تدعوا فله الاسماء الحسني و في الزيارة يسبح الله باسمائه جميع خلقه فالنظر الي الاسم و المعني لابد منه (لابد له خ‌ل) فمن نظر الي الاسم نظر استقلال فقد کفر و من نظر نظر اشتراک مع المعني فقد اشرک و من نظر نظر اعتزال و افتراق بينهما فقد ابطل و من نظر نظر اتصال و اتحاد فقد الحد و من نظر الي المعني بدون الاسم فقد ضل و افسد و من نظر الي الاسم نظر استدلال و المعني نظر استقلال فهو الموحد فافهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما الفرق بين جنة آدم و جنة الخلد و اين جنة آدم و اين جنة الخلد و کذا النار.

اقول اما جنة آدم فهي الجنتان المدهامتان اللتان تظهران في آخر الرجعات عند مسجد الکوفة و ما وراءه الي ما شاء الله و ليست هي جنة الدنيا التي تأوي اليها الارواح بعد فراقها من الاجسام لان تلک من عالم المثال و هذه من عالم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 42 *»

الاجسام و الاجساد لان آدم عليه السلام خلق جسده و جسمه منها فلاتکون هي المثال الذي هو البرزخ و انما هي خلقها الله سبحانه و تعالي بعد عالم المثال و جنة هورقليا الاولية في وقت الظهر وقت کون طالع الدنيا السرطان و الکواکب في اشرافها.

و اما جنة الخلد فهي الجنة التي يدخل فيها الخلق بعد القيمة و الحشر و الصراط و الميزان و هي جنة اسفلها جسماني و اعلاها روحاني و عقلاني تظهر من الاجسام احکام الارواح و من الارواح احکام الاجسام و هي اصفي و الطف و اشرف من جنة آدم بسبعين الف مرة و هذه الجنة هي التي خلقت من فاضل نور الحسين عليه السلام و هي التي لايدخلها يوم عاشورا و قد دخل جنة آدم و جنة عالم المثال و اقيمت فيها المآتم و لطمت الحورالعين.

و اما جنة الخلد فليس فيها هم و لا حزن و لا نکد و هي ثماني طبقات لکل طائفة طبقة و لسبعة منها اظلال و انوار و اشعة و کل ظل و شعاع و نور يسمي حظيرة يسکنها مؤمنوا الجن و اولاد الزنا اذا کانوا مؤمنين و المجانين الذين استوعبت ايام بلوغهم و ايام تکليفهم بالجنون فالجنان من الاصول و الحظاير خمسة‌عشر.

و اما نار الدنيا فقد مرت الاشارة ‌اليها عند ذکر عالم المثال.

و اما نار (دار خ‌ل) الآخرة فهي ما يدخلها المنافقون و الکفار و يخلد فيها الحساب ( الکفار و يخلدون فيها بعد الحساب خ‌ل) علي الصراط و لها سبعة طبقات و لکل طبقة حظيرة يسکنها کفار الجن و نوع من الشياطين و العصاة من الشيعة الذين يخرجون منها بعد ان مکثوا فيها احقاباً نعوذ بالله منها.

و اما قولکم اين جنة آدم و اين جنة الخلد فاعلم ان جنة آدم من جبل قاف و ما وراءه الي ما شاء الله و هي في هذا العالم کالاکسير الغائب المستجن في الاوساخ العرضية النباتية و الجمادية و کذلک جنة آدم فانها قد اکتنفت (اکتفنت خ‌ل) بالعوارض التعليمية من حدود الجسم التعليمي من الصور المختلفة الموجبة للکثافة کالحجر الاسود فانه کان درة بيضاء صافية توسخ باوساخ اهل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 43 *»

الدنيا فصار کما تري فاذا ازيلت هذه الاوساخ رجع کماکان و اما جنة الخلد فهو من سنخ باطن فلک الکرسي و هي مستقرة في غيبها ارضها محدب محددها و سماؤها باطن العرش الجسماني فهي موجودة و مخلوقة و مستقرة الآن في محلها و مکانها و الناس يسيرون اليها بالموت من طريق القبر و شبهه و هي من عالم الاجسام ايضاً کما ان الجنين يخرج الي هذه الدنيا من طريق بطن امه و الدنيا من عالم الاجسام و بطن الام ايضاً من عالم الاجسام (الاجسام و الجنين ايضاً من عالم الاجسام خ‌ل) قد انتقل جسم من طريق جسماني (جسماني الي جسم خ‌ل) اشرف و اولي کذلک جنة الخلد بالنسبة الي هذه الدنيا حرفاً بحرف فافهم المطابقة و لاتکثر المقال فان العلم نقطة کثرها الجهال فقد اوقفتک علي حقيقة علم ما اسعدک لو وفقت بفهمه والله الموفق و هذا الحکم في نار الآخرة بحکم المقابلة و المضادة حرفاً بحرف.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا و يختار في المسافر اذا قصد اربعة فراسخ ذهاباً و اربعة اياباً و لم‌يرد الرجوع ليومه ما مذهبکم فيه التقصير او الاتمام.

اقول المشهور بين المتأخرين من اصحابنا ان المسافر اذا قصد اربعة فراسخ و لم‌يرد الرجوع ليومه انه يتمم و لايقصر نظراً الي الروايات الدالة علي ان حد المسافة ثمانية فراسخ و مقتضي ذلک عدم التقصير في اقل منها و القاصد لاربعة فراسخ اذا رجع ليومه فهو قاصد للثمانية و شاغل ليومه فيجب عليه القصر و الا فالاتمام لانه القدر المتيقن و حکم الاستحصاب.

و الاصح عندي انه في هذه الصورة‌يقصر و الروايات المذکورة نعمل بمقتضاها و نعتقد ان حد المسافة ثمانية فراسخ و اما انه بقطعها (يقطعها خ‌ل) في يوم واحد فممنوع مع دلالة الروايات الکثيرة علي ما نقول مضافاً الي روايات عرفه و الکليني في الکافي لم‌يذکر روايات الثمانية رأساً و انما ذکر ما يدل علي الاربعة فالاظهر وفاقاً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 44 *»

لجماعة من اصحابنا ما ذکرناه من القصر دون الاتمام و الاحتياط طريق السلام في الدنيا و الآخرة.

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا في المقيم عشراً يجوز له الخروج الي مادون المسافة و ان نوي عشراً و بدا له السفر في اثنائها يجوز له السفر ام لا.

اقول الاصح جواز الخروج الي مادون المسافة اذا لم‌يکن قاصداً لخروج (الخروج خ‌ل) عن حد الترخص و لاتبطل به الاقامة لاستصحاب لزوم التمام و عدم ما يصح لنقض (لنقص خ‌ل) الحکم الاول و اما اذا کان ناوياً الخروج عند قصد الاقامة فلاتتحقق الاقامة لمنافاة قصد الخروج اياها و هذا معلوم و ان نوي عشراً فبدا له السفر في اثنائها و لم‌يکن قاصداً له حين النية فان کان قبل الصلوة و لو فرضاً واحداً بقصد التمام تبطل نية الاقامة و يصلي قصراً ما دام فيها و ان کان بعد الصلوة و لو فرضاً واحداً تماماً بقصد الاقامة فهو لايقصر ما دام في تلک البلدة و اذا سافر و خرج عن حد الترخص يقصر و يجوز له ان شاء السفر في اثناء الاقامة قولاً واحداً.

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا في البلد المتخذة دار وطن اذا لم‌يکن له فيها ملک حکمها حکم الملک ام لا.

اقول من قواطع السفر قصد التوطن خاصة و لايشترط فيه الملک فاذا اتخذ بلدة دار وطنه يتمم الصلوة و يصوم کل ما دخل فيها و لايحتاج الي نية ‌الاقامة و لايشترط ان يکون له ملک فيها بلااشکال.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في وجه تسمية فاتحة الکتاب بالسبع (السبع خ ل) المثاني و اني اريد التأويل لا التفسير.

اقول اعلم ان الکتاب کتابان کتاب تکويني و تدويني (کتابان تکويني و کتاب تدويني خ‌ل) و کل منهما يشتمل علي فاتحة الکتاب ففاتحة الکتاب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 45 *»

التدويني سورة‌ الحمد التدوينية المعروفة الواقعة في مبدأ الکتاب التدويني الذي هو القرآن و اما الکتاب التکويني فهو العالم من حيث المجموع ففاتحته مبدؤه و لما دلت الادلة القطعية من العقلية و النقلية ان محمداً و آله الائمة الاثني‌عشر و فاطمة الصديقة عليه و عليهم و عليها الف الف ثناء‌و تحية هم مبدأ الوجود و سر الشاهد و المشهود فيکون هم سلام الله عليهم فاتحة الکتاب التکويني اما سمعت الزيارة بکم فتح الله و بکم يختم و انما سميت الفاتحة السبع المثاني لان اسماءهم سلام الله عليهم سبعة و هم محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جعفر و موسي و باقي الاسماء مکرر هذه الاسامي فالسبعة اذا ثنيت تکون اربعة عشر في العالم الاول الهياکل السبعة التي لها خضعت الکائنات و لها ذلت الموجودات و بها سکنت السواکن و تحرکت المتحرکات و في العالم الثاني هم السبع المثاني بالهياکل الاربعة‌عشر بامر مستقر.

و هذا ما اردت من التأويل و اما الزيادة علي ما ذکرنا فکتمانها في الصدور خير من ابرازها في السطور يضيق صدري باظهارها و لايضيق بکتمانها لاسيما في هذا الزمان الذي قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه و دعا الغي اتباعه فلبوه من کل ناحية و مکان و اجابوه باللسان و (او خ‌ل) الجنان في کل زمان و اوان و هو عذري فيما لم‌اتعمق فيه من شرح بعض هذه المسائل و الا فلو اذن لي بالبيان لاريتکم عجائب مستعظمات و غرايب مستطرفات لم‌تذکر في کتاب و لم‌تجر في خطاب و لم‌ينطق بها فم في (في فم‌ خ‌ل) سؤال و لا جواب و الله سبحانه هو الولي في المبدأ و المآب.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني ما ورد في الصلوة ان قبلت قبل ماسواها و ان ردت رد ماسواها لانها عمود الاعمال ما هذه الصلوة فان کانت هي الصلوة الظاهرة فکيف فضلها علي ساير الاعمال مع ان هنا في الاعمال ما هو اشق و قد ورد افضله احمزه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 46 *»

اقول المراد بالصلوة التي هي عمود الاعمال بحيث ان قبول الاعمال کلها منوط بقبولها ليست الا ولاية الائمة عليهم السلام و ان بها تقبل الاعمال و تزکي الافعال فمن لم‌يأت بها و عمل جميع الاعمال اکبه الله علي منخريه في نار جهنم و انما سميت الولاية صلوة لان الصلوة اما مشتقة من الوصل او من الصلة او من الصلوان و الکل مناسبة للولاية فان الله سبحانه وصلهم بنفسه و قرنهم بامره فجعل حکمهم حکمه و امرهم امره و نهيهم نهيه و طاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته و فعلهم فعله اماسمعت الله يقول من يطع الرسول فقد اطاع الله، الذين يبايعونک انما يبايعون الله، فلما آسفونا انتقمنا منهم، فليعلمن الله الذين صدقوا و ليعلمن الکاذبين و لاريب ان الله تعالي لايأسف و لاينتظر علماً مستقبلاً مستأنفاً لم‌يکن قبل ذلک و انما هو من صفات الحادثين و سمات المخلوقين فاختار سبحانه لنفسه اولياء جعل اسفهم اسف نفسه و علمهم علمه فوصلهم بنفسه فاشتق لهم من الوصل اسماً و هو الصلوة.

و اما الصلة بمعني العطية فان الله سبحانه جعلهم (جعل لهم خ‌ل) نعمته الکبري و عطيته العظمي التي انعم بها علي خلقه بها يصلح شؤونهم و ذواتهم و صفاتهم و افعالهم بحيث لولاهم لماکانت سماء مبنية و لا ارض مدحية و لا فلک سار و لا کوکب جار و لساخت الارض باهلها و تدکدکت السموات بمن فيها فهم لعمري اعظم النعم التي من الله بها علي العالم و جميع النعم من فروعها و في الزيارة ان ذکر الخير کنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه و مأويه و منتهاه و فيها ايضاً بموالاتکم علمنا الله معالم ديننا و اصلح ما کان فسد من دنيانا و بموالاتکم تمت الکلمة و عظمت النعمة الزيارة و حيث کان فهم العطية الکبري و النعمة العظمي و الصلة ‌التي من الله بها فيشتق اشملهم (فيشتق لاسمهم خ‌ل) اسماً منها و هو الصلوة.

و اما الصلوان بمعني المطابقة (المتابعة خ‌ل) الغير المنفصلة و الغير المنفکة فهم سلام الله عليهم کذلک لان الله تعالي قرن طاعتهم بطاعته و جعل مشيتهم تابعة لمشيته فقال عز من قائل و ما تشاؤن الا ان يشاء الله، عباد مکرمون

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 47 *»

لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون، و ماينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي و غيرها من الآيات فلما تمحضوا في التابعية سماهم الله تعالي اسماً من الصلوان فالصلوة اسمهم علي کل المعاني فهم اصل الاعمال و ولايتهم و الديانة بها عمودها ان قبلت قبل ماسواها و ان ردت رد ماسواها فالصلوة اسم لهم حقيقة ثم سميت بها هذه الارکان المخصوصة لانها معراج المؤمن و الوصول و الصلة بتلک الصلوة‌ الحقيقية و انما اختصت بالفضيلة لانها عمل الکينونة بالقلب و الجنان و اللسان و الارکان بغير (من غير خ‌ل) اشتراط بشيء آخر سوي العقل و لذا کانت لاتسقط في حال من الاحوال لا في صحة و لا مرض و لا في سفر و لا حضر لا (و لا خ‌ل) في شدة و لا رخاء و هي لازمة الکينونة بسر البينونة و لذا قال عليه السلام الصلوة خير موضوع فمن شاء فليقل و من شاء فليکثر و هي ايضاً عمود الاعمال بحيث ان من لم‌يفعلها لاتقبل منه ساير الاعمال فان ترکها احد مستحلاً فهو کافر و ساير الاعمال التي بلغت حد الضرورة کالحج و الزکوة و الصوم ايضاً کذلک يکفر کافرها (تارکها خ‌ل) مستحلاً و ان ترک الصلوة غير مستحل فلايکفر ولکنه لايسقط باقي الاعمال لان الحسنات يذهبن السيئات و لاعکس و ليس مسقطاً للعمل الا ترک الصلوة التي هي علة لکلما جل و قل و هو ولاية آل محمد الاخيار و الامناء الابرار عليهم سلام الله ما طلعت شمس و اضاء نهار.

و قولکم ايدکم الله تعالي مع ان في الاعمال ما هو اشق ممنوع و انما هي اشق الاعمال لان فيها مطابقة الظاهر اي ظاهر الارکان و باطن القلب الذي هو حقيقة الانسان و مناجاة الرب معک بام الکتاب و سورة من القرآن و مناجاتک معه بالاذکار و الافعال في اللسان و الجنان و جعل کل هذه المذکورات في موضعه اللايق به من اصعب ما يرد علي الانسان خصوصاً الاخلاص المطلوب فيها يحفظ السر عن النسيان من کافة اهل الاکوان اما سمعت الله (الله تعالي خ‌ل) يقول و استعينوا بالصبر و الصلوة و انها لکبيرة الا علي الخاشعين الآية و لم‌يقل و انهما فافهم ضرب المثل.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 48 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا في الغسل في شهر رمضان بالليل هل هو واجب کمذهب جماعة ام مستحب حتي يتضيق الفجر.

اقول الادلة خالية عن هذا التفصيل بل المستفاد منها الاتيان بالغسل ان وجب بالليل حتي يصبح متطهراً فيکون وقت الغسل للصائم ما يسمي ليلاً سواء کان في اوله او في آخره کما انه لم‌يوقت للصائم نية الصيام في جزء من الليل دون جزء فتقييد الوجوب بتضيق الوقت تخصيص لا موجب له الا بعض التخريجات العقلية و الاستحسانات الاعتبارية التي لاتصلح لتأسيس الاحکام الشرعية الالهية و الاصح الوجوب في اي جزء کان من اجزاء الليل.

قال سلمه الله: و ما يختار سيدنا في کثير السفر ما معناه و ما حکمه.

اقول اعلم ان کثير السفر هو الذي يسافر ثلاث مرات متواليات بحيث لم‌تتخلل بينهما اقامة عشرة ايام بحيث يصلي تماماً سواء کان في بلده او في غيره اذا قصد اقامة عشر (عشرة ظ) ايام فاذا توالت الاسفار ثلاث مرات علي الوجه الذي ذکرنا فهو کثير السفر و حکمه التمام اذا تحققت کثرة سفره و اما الملاح فالظاهر ان الکثرة ترعي (تراعي خ‌ل) فيهما و الاحوط ان يقصر في سفره الاول و يجمع في سفره الثاني و يتمم في الثالث هذا اذا لم‌تتخلل اقامة العشرة في اثنائها فاذا اقام عشر (عشرة ظ) ايام و لو في بيته فانه يقصر بعد ذلک الي ان تتحقق الکثرة و الاحتياط في الدين مطلوب لاهله.

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا في المسافر هل فرضه التمام اذا وصل حدود بلده بحيث يسمع الاذان و يري الحيطان ام اذا دخل منزله و لا بجنبه.

اقول نعم فرضه التمام اذا وصل حد الترخص و لايشترط دخول منزله سواء کان بجنبه او لا.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 49 *»

قال و ما يختار سيدنا في الصلوة علي محمد و آل محمد عند ذکره واجبة ام مستحبة و ما فائدة الصلوة عليهم نفعها لنا ام لهم.

اقول الاصح ان الصلوة علي محمد عند ذکره صلي الله عليه و آله واجبة دون آله لقوله صلي الله عليه و آله من ذکرت عنده و لم‌يصل علي فليتبوأ مقعده من النار و الروايات بهذا المعني کثيرة و لا معارض لها و الامر حقيقة في الوجوب فوجبت الصلوة عليه عند ذکره سواء کان باسمه او بلقبه او بکنيته او بالضمير الدال عليه صلي الله عليه و آله.

و اما فائدة الصلوة فترجع الينا بمعني تصلح شأننا و تنير قلوبنا و تصفينا من الادناس کما في الزيارة و جعل صلواتنا عليکم و ما خصنا به من ولايتکم طيباً لخلقنا و طهارة لانفسنا و تزکية لنا و کفارة لذنوبنا فاذا انتفعنا منها و رجعت الفائدة الينا ينتفعون سلام الله عليهم بانتفاعنا و تزيد شوکتهم و سلطانهم لانا من شيعتهم المضافين اليهم المنسوبين لديهم فنحن لهم و ملکهم فاذا صلحنا صلح ملکهم و سلطانهم فهذا اقصي (و هذا اقضي خ‌ل) ما ينتفعون به اما سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله يقول فاني اباهي بکم الامم الماضية و لو بالسقط.

و اما انتفاعهم بصلواتنا عليهم في رتبة‌ذاتهم فمحال جداً لان الشعاع لايؤثر في حقيقة المنير بحال من الاحوال علي سبيل القطع و اليقين نعم ينتفعون في شوکتهم و سلطانهم لا غير فاذا قلت ان فائدة الصلوة ترجع اليهم بهذا المعني صدقت و ان قلت انها لاترجع اليهم بذلک المعني صدقت لا لما قالوا من انهم عليهم السلام بلغوا رتبة لاتقبل الزيادة عليها و الا لم‌يکونوا کاملين فاذاً لا فائدة في الدعاء لهم الا ما يرجع الينا فان هذا کلام ضعيف و استدلال سخيف فان الممکن لايمکن فرض استغنائه عن القديم سبحانه بحال من الاحوال و الا لکان (لکان قديماً خ‌ل) مثله هف بل الممکن دائم الزيادة فلما (فکلما خ‌ل) قرب و قوي قوي افتقاره اليه سبحانه و تعالي في العطاء لاتقف هذه الزيادة طلباً و عطاء الا اذا انقلب الامکان وجوباً و ذلک محال و هو قوله تعالي في الحديث القدسي کلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 50 *»

ليس لمحبتي غاية و لا نهاية بل عدم انتفاعهم في ذواتهم بصلوتنا لاجل ما ذکرنا لان من سواهم من شعاع انوارهم و لايتصور انتفاع المنير الا بقوة نوره الذي هو نفس الشعاع فافهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قوله تعالي و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء هل الاول علم الذات القدسية و الاستثناء لمقام فعله عزوجل؟

اقول لک ان تجعل الاستثناء منقطعاً و ان تجعل المستثني منه العلم الذاتي و المستثني العلم الفعلي و معناه انهم لايحيطون بشيء من علمه الذاتي لان الممکن محال ان يصل الي الذات الاقدس الا بما شاء کونه و عينه من العلوم الفعلية و لک ان تجعل الاستثناء متصلاً و حينئذ يکون العلم الاول هو العلم الفعلي و المستثني ايضاً کذلک و حينئذ معناه ما في احاديث کثيرة من ان لله علمين علم علمه انبياءه و ملائکته و علم استأثره في علم الغيب عنده و کماقال رسول الله صلي الله عليه و آله ان الاسم الاعظم ثلاثة و سبعون اسماً اثنان و سبعون منها عندنا والله سبحانه و تعالي تفرد بواحد منها و ذلک الاسم هو الامکان الذي به مددهم و زيادتهم فلو احاطوا بذلک لاستغنوا فان المحيط يجب ان يکون اعلي رتبة من المحاط فاعلي من الامکان لايتصور الا الوجوب و اهل الامکان لايتصور ان يحيطوا به فلم‌يبق الا انهم لايعلمون حقيقة الامکان دفعة واحدة الا تدريجاً و لا نهاية لهذا التدريج فلايحيطون بشيء من علمه الامکاني الا بما شاء تکوينه فکلما دخل في الکون فهم عليهم السلام المحيطون به و کلما في الامکان فلا و لک ان تجعل الاستثناء برزخياً لا متصلاً و لا منقطعاً فيکون المستثني منه العلم الذاتي الظاهر في الامکان و المستثني العلم الفعلي من حيث هو هو و الفعل هو (الفعل له خ‌ل) البرزخية الکبري فافهم فان لبسط المقال مقام آخر.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني يا خفياً لفرط الظهور.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 51 *»

اقول ان الشيء اذا کان له ضد يظهر بالتمييز عند ضده فلما رأينا الشمس اذا غربت يرتفع النور و الشعاع عن وجه الارض عرفت (عرفنا خ‌ل) ان النور من الشمس فاذا فرض ان الشمس لايعتريها الغروب و الافول و کانت دائمة الاشراق و البقاء علي وجه الارض لم‌يعلم ان هذا النور من الشمس بل لعلما يفرض استقلاله دونها و ينسب الي غيرها من الاجرام و الاجسام (و الاجرام من الاجسام خ‌ل) فقد خفي حينئذ انتساب النور الي الشمس و هذا الخفاء انما هو لفرط ظهوره فاذا عرفت هذا فاعلم انه سبحانه و تعالي حيث لايجري عليه الزيادة و النقصان و الطلوع و الافول و التغيير و التبديل و الظهور و البطون و الاولية و الآخرية لم‌يسبق له حال حالاً ليکون اولاً قبل ان يکون آخراً فخفي علي الناس اهل الوسواس الذين في صدورهم الخناس نسبة هذا الخلق اليه سبحانه و تعالي لاستقرار امره و وحدته و کونه علي حالة واحدة فانکروه و عاندوه و موهوا علي الغير فخفي الامر و استتر و ذلک لفرط الظهور و لعظم النور فخفي في فرط ظهوره و استتر لعظم نوره کما انک اذا قربت المبصر الي القوة المدرکة لاتبصر شيئاً فخفي لشدة ظهوره و هنا وجه آخر ترکنا ذکره خوفاً للتطويل و صوناً عن اصحاب القال و القيل.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في الحلف عند غير المجتهد بل واسطة له هل يجوز ام لا و هل يسقط به الحق ام لا.

اقول الحکومة حق الامام عليه السلام کما في قوله عليه السلام الحکومة لامام المسلمين لکن في حال الغيبة و شدة المحنة رخصوا الفقهاء من شيعتهم الامناء علي دينهم العارفون باحکامهم و الرواة لحلالهم و حرامهم ان يحکموا بين الناس علي قدر الضرورة فهم النواب و الحکام و اما غيرهم فلارخصة لهم في الحکومة و قطع الخصومة الا من باب الصلح الذي رخص الله سبحانه و تعالي به عامة عباده بقوله انما المؤمنون اخوة فاصلحوا بين اخويکم فالحلف ان کان (کان من خ‌ل) باب الحکومة و کونه قائماً مقام البينة فلايجوز عند غير

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 52 *»

المجتهد الجامع لشرايط الفتوي الموثوق المأمون فلاتسقط الدعوي ان وقع عند غيره و ان کان من باب الصلح فجوز بعض الفقهاء ايقاعه و هو قريب و الاحوط ترکه الا للضرورة العظيمة و حينئذ يسقط به الحق ان وقع التراضي و جرت صيغة الصلح و لا فرق في الحلف صلحاً بين ان يقع بين واسطة‌ المجتهد او غيره.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في ميراث ام الولد هل لها الثمن کاملاً من کل شيء ام لا.

اقول اعلم انهم اختلفوا في ذلک فمن قائل بان ام الولد حکمه (حکمها ظ) حکم ساير الورثة ترث من الاعيان ارضاً کان ام عمارة ام غيرهما من ساير الاثاث و من قائل بعدم الفرق بينها و بين غيرها في حرمانها من الارض عيناً و قيمة و من العمارة و الاشجار عيناً دون القيمة و من غيرهما حکمها حکم الورثة و هو المختار لدلالة ‌الروايات الکثيرة و عدم معارضتها بما يصلح للمعارضة عدا مقطوعة عمرو بن اذينة في الفرق بين ذات الولد و غيرها التي هي مستند الاولين و هي ضعيفة غير مستندة الي الامام عليه السلام و ما هذا شأنه لايصلح لتخصيص الادلة القاهره العامة فان التخصيص لو فرض جوازه من غير دليل خاص لابد من التکافؤ مع العام سنداً و دلالةً و اعتباراً و اين هذه المقطوعة من تلک الروايات الصحيحة فالعمل عليها ان شاء الله و القول بعدم الفرق بين ذات الولد و غيرها في حرمانها و ساير احکامها مما يتعلق بالميراث.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في الجمع بين الشريفين (الشريفتين ظ) جائز ام لا و هل الحديث الوارد في التهذيب معتبر ام لا و هل يري مولانا التحريم او الکراهة.

اقول اعلم ان العلماء من الفرقة المحقة کافة عملهم علي عموم قوله تعالي و احل لکم ما وراء ذلکم الا موارد خاصة دل عليه الدليل القطعي و اجماع الفرقة ‌المحقة و لم‌يذکر احد من محرمات النکاح الجمع بين العلويين (العلويتين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 53 *»

ظ) و لم‌يزل ديدنهم و علمهم علي هذا العموم و استقر عليه العمل مع اطلاعهم علي الرواية التي في التهذيب مع شهرته و تداوله و انکباب العلماء عليه الي ان صارت النوبة للشيخ محمد بن الحسن بن الحر (الحسن الحر خ‌ل) العاملي فانه اطلع علي الرواية التي في التهذيب المروية بسند ضعيف و علي الرواية التي في علل الشرايع التي رواها الصدوق بسند صحيح فحکم بالتحريم عملاً بهاتين الروايتين و زعماً بصحة ما في التهذيب علي القاعدة المقررة عند الاخباريين من صحة ورود روايات التهذيب مثل باقي الکتب الاربعة عن المعصومين عليهم السلام و جاء من بعده من بعض الاخباريين و تبعه في ذلک و قال بالتحريم و لم‌يلتفتوا ان العام اذا استقر العمل عليه لايخصصه الا ما يکافؤه و اين هاتان الروايتان و مکافؤتهما مع الادلة ‌العامة من الکتاب و السنة مع اعراض الاصحاب القدماء و المتأخرين عنهما مع اطلاعهم عليهما و تکرر نظرهم اليهما و هذا اعظم دليل علي ضعفهما و عدم جواز العمل بمضمونهما و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة و لايمکن القول باتفاق الفرقة المحقة علي الباطل و احتمال الخلاف و القائل لايجدي نفعاً في المقام مع انه لو کان ما کان خفي علي اولئک الاعلام مع شدة ضبطهم و فحصهم و اعتنائهم و جريان عادتهم علي انهم اذا وجدوا دليلاً مخالفاً لما هم عليه و له صلاحية الاستدلال يذکرونه و يتکلمون عليه نفياً و (او خ‌ل) اثباتاً الا اذا وجدوا ما لايصلح مطلقاً کما في هذا المقام فانهم لم‌يذکروا في محرمات النکاح الجمع بين العلويين (العلويتين ظ) کما ذکروا الجمع بين الاختين و غيره و حاشاهم ان يکون ذاک مذهبهم و کتموه و لم‌يذکروه في کتبهم فانه غش محال عليهم فالقول بالتحريم في غاية السقوط و اما الکراهة فلا دليل عليها ايضاً و قد (و قد عرفت خ‌ل) حال الروايتين و لو صحتا في العمل کانت ادل دليل علي التحريم و حيث ان الاصحاب ترکوهما و اعرضوا عنهما عرفنا ضعفهما و عدم صلاحيتهما لتأسيس الحکم الشرعي مع قوله عليه السلام في مقبولة عمرو بن حنظة خذ ما اشتهر بين اصحابک و اترک الشاذ النادر فان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 54 *»

المجمع عليه لاريب فيه و الظاهر ان الکراهة ايضاً منتفية و لو ترکه انسان حذراً عن الخلاف و اخذ بالقدر المتيقن المجمع عليه فلا بأس.

قال سلمه الله تعالي و ما يقول في القراءة يجوز بالسبع خاصة ام يجوز بالعشر او بالشواذ.

اقول اما القراءة بالشواذ فيما شرطه القراءة فلايجوز اجماعاً و اما بالعشر فجماعة من الاصحاب قالوا بجوازها و کان شيخنا اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه يقول به و جماعة من الاصحاب انکروها و ربما يکون هو الاحوط عند الخلاف و اما قراءة السبع فتجوز اجماعاً لقوله عليه السلام اقرأکما تقرأه الناس و قراءتهم هي المتفق عليها و يبرأ الذمة بها يقيناً فالاقتصار عليها اولي و الله سبحانه هو العالم.

قال: و ما معني فرض الصلوة احدي و خمسون رکعة و فرض الصوم شهراً و ما معني القراءة في الاوليين و التسبيح في الاخيرتين.

اقول لما کان اشد الاهوال و اصعبها و اضيقها علي المؤمن مواقف الصراط يوم القيمة و هي خسمون موقفاً يقف الناس في کل موقف الف سنة و هو الموضوع علي متن جهنم و هو احد من السيف و ادق من الشعر فلم‌يکن في القيمة موقف اشد و لا اصعب منه اعاننا الله عليه و لماکان الله سبحانه جعل العالم عالم الاسباب و يجري الاشياء باسبابها و يريد للمؤمن اليسر و لايريد به العسر و الشدة جعل له سبباً قوياً للنجاة من تلک الشدايد و تيسير المرور علي تلک المسالک و لما کا نت الصلوة اعظم الارکان وهي خير موضوع و اشرف مشروع و اجذب العبادات و الاعمال للخير للنور (للخير و النور خ‌ل) و ادفعها للبليات و الشرور و اوصلها الي عالم السرور اوجب الله سبحانه خمسين صلوة ليکون کل صلوة موجبة لدفع ضرر و شدة موقف من تلک المواقف الصعبة المستصعبة و لما سأل نبي الله موسي عليه السلام التخفيف خففها سبحانه و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 55 *»

جعلها خمساً ليکون کل صلوة بمنزلة عشر بحکم من جاء بالحسنة فله عشر امثالها لتکون الخمسة قائمة مقام الخمسين و لما اراد الله سبحانه ان لايحرمهم ثواب الخمسين ليرتقي الثواب الي الخمس مائة لتکون اکمل في دفع المضرة و اقرب الي رفع المضرة و نفي الشدة و الصعوبة و اجلب للفيوضات القدسية و اجذب للنفحات الالهية اکمل الخمسة بالخمسين و ضعف رکعات الصلوة الخمسة بالنافلة فصارت اليومية من الفريضة و النافلة خمسين رکعة و انما صارت الفرايض سبعة عشر رکعة من دون زيادة و نقيصة لان اصل الصلوة انما هي رکعة واحدة لان اصل العدد واحد فاذا نقصت من واحد فليس هي صلوة و علم الله ان العباد لايؤدون تلک الرکعة الواحدة التي لا صلوة اقل منها بکمالها و تمامها و الاقبال اليها فقرن اليها رکعة واحدة اخري لتتم بالثانية ما نقص من الاولي ففرض اصل الصلوة رکعتين ثم علم رسول الله صلي الله عليه و آله ان العباد لايؤدون هاتين الرکعتين بتمام ما امروا و بکمالها فضم الي الظهر و العصر و العشاء الآخرة رکعتين رکعتين ليکون فيها تمام الرکعتين الاوليين ثم علم ان صلوة المغرب شغل الناس في وقتها اکثر لانصراف الناس الي الافطار و الاکل و الوضوء والتهية (التهيئة ظ) للمبيت فزاد فيها رکعة واحدة ليکون اخف عليهم و لان تصير رکعات الصلوة في اليوم و الليلة فرداً ثم ترک الغداة علي حالها لان الاشتغال في وقتها اکثر و المبادرة الي الحوايج فيها اعم و لان القلوب فيها من الفکر لقلة معاملات الناس بالليل و قلة ‌الاخذ و العطاء و الانسان فيها اقبل علي صلوته منه في غيره من الصلوة لان الفکر اقل لعدم العمل من الليل هکذا قال مولانا الرضا عليه السلام علي ما رواه ابن شاذان عنه عليه السلام فمن هذه الجهة صارت الفرايض اليومية سبعة‌عشر (سبع‌عشرة ظ) رکعة عشر رکعة (رکعات ظ) منها ما فرض الله و السبعة (السبع ظ) الاخري ما فرضه الرسول صلي الله عليه و آله بالله سبحانه مما افاض عليه بسر کينونته فان ينطق (فان لم‌ينطق خ‌ل) عن الهوي ان هو الا وحي يوحي.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 56 *»

و اما الخمسون في الفرض الاولي (الاول ظ) فهي لايحتاج (تحتاج ظ) الي تعدد کما ذکرنا في اليومية لان التعدد يوجب الاقبال و يصحح الامتثال فکانت الخمسون رکعة بازاء ما ذکرنا من الفرض الاولي (الاول ظ) و لاجل شفاعة موسي علي نبينا و آله و عليه السلام لم‌يوجبها علي الامة و انما ندبهم اليها ليفوزوا بالحظ الاوفي من الرقيب و المعلي و انما کانت اليومية من الفرايض و النوافل احدي و خمسين مع ان ما ذکرنا من الوجه الحقيقي يقتضي ان تکون خمسين لان الرکعة الواحدة و هي الوتيرة التي هما رکعتان من جلوس تعدان برکعة واحدة انما شرعت لان تکون بدلاً من الوتر لمن يغلب عليه النوم او لموانع اخر و لم‌يتمکن من قيام الليل و صلوة‌ مفردة الوتر فاذا قام و صلاها لم‌تحسب الوتيرة من النوافل اليومية و انما هي زيادة خير کما دلت عليه الروايات الکثيرة فاصل الصلوة کما ذکرنا خمسون رکعة للسر الذي ذکرنا و کم من خبايا في زوايا.

و اما فرض الصوم شهراً واحداً لان آدم عليه السلام لما اکل من الشجرة‌ المنهية سرت في حواسه العشر الدائرة علي ثلاث مقامات الکبد لنضجها و اعتدالها في ظهورها و بروزها و القلب لحيوتها و شعورها و ادراکها و الدماغ لتشعب محالها و تطور مواقعها و تفرق اماکنها فالعشرة لما استدارت ثلاثاً کانت ثلاثين و اراد الله سبحانه تطهير هذه المراتب و الجهات بالجوع و العطش و هو قوله عليه السلام ان ابليس يجري في ابن آدم مجري الدم في العروق فسدوا مجاريه بالجوع و العطش فجعل سبحانه لکل مرتبة صوم يوم و انما فرض الصوم علي اولاد آدم لان آدم عليه السلام انما اکل من الشجرة لما في صلبه من بنيه العصاة فانهم هم الذين صاروا سبباً لاکله و لولاهم لمااکل کما عنهم عليهم السلام فهم الاصل فيجب تطهيرهم في مراتبهم و انما وجب في شهر رمضان لانه مبدأ السنة و سر القيمة و قد ذکرنا الوجه فيه في کثير من مباحثاتنا و اجوبتنا.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 57 *»

و اما وجوب القراءة في الاوليين لان الفاتحة اشرف السور و اعلاها و هي الجامعة لجميع ما في القرآن و تعقبها سورة اخري تفصيلاً للاجمال.

و اما التسبيح في الاخيرتين للفرق بين ما فرض الله و فرض الرسول صلي الله عليه و اله فلذا جاز فيهما مطلق الذکر علي الاقرب.

قال سلمه الله تعالي: و اي افضل للامام الحمد في الاخيرتين او التسبيح.

اقول اما سر القراءة في الاولتين و التخيير بينهما و بين التسبيح في الاخيرتين فقد ذکر (ذکرت خ‌ل) السر فيهما فيما ذکرنا (کتبنا خ‌ل) في اسرار العبادة ايضاً بما لامزيد عليه فلانعيده هنا لضيق المجال و عدم اتساع البال و اما ان الحمد للامام افضل او التسبيح فاعلم ان مقتضي التوقيع الوارد للحميري عن الناحية المقدسة حرسها الله ان الحمد نسخت التسبيح افضلية الحمد مطلقاً و في قوله عليه السلام نسخت اشارة الي ان التسبيح کان افضل کما هو مدلول تلک الروايات الا ان افضليتها نسخت فکان الحمد هو الافضل و حيث انا مأمورون بالقول (بالاخذ خ‌ل) بقول الاحدث وجب اتباع هذه الرواية و القول بان النسخ لايقع الا في زمان الرسول صلي الله عليه و آله ممنوع علي اطلاقه و انما الذي لايجوز هو النسخ لا عن قول الرسول صلي الله عليه و آله فاذا کان بامره لوصيه عليه السلام لرفع حکم اذا آ‌ن وقته و قد يکون بعد زمان رحلته صلي الله عليه و آله فلا مانع و لا بأس بل يجب ذلک کما نسخت افضلية التفرقة بين الصلوة کما کانت في زمن النبي صلي الله عليه و آله و قد صار الآن من شعار الشيعة و حاشا ان يکون عملهم کافة علي خلاف الحق و الکلام في هذا المقام طويل ترکنا ذکره لما انا عليه من الکسل و الملل و اکتفينا بالاشارة و الله الموفق.

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا فيما اذا اتي الجماعة و قد فرغ القوم من صلوتهم و هم في غير المسجد هل يسقط الاذان و الاقامة ام مختص بالمسجد.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 58 *»

اقول ثبوت الاذان والاقامة و استحبابهما لکل صلوة ثابت بالضرورة من الدين و سقوطهما في بعض الموارد يحتاج الي دليل قاطع متين فنقتصر (فتقتصر خ‌ل) علي مورده حتي يکون الاقتصار فيما خالف الدليل علي اليقين و قد ورد سقوط الاذان و الاقامة اذا فرغ القوم من صلوتهم في المسجد و التعدي عنه الي غيره يحتاج الي دليل و اذ ليس فالاقتصار علي مورد النص هو الا ولي و ان کان ترکهما علي القول بانهما عزيمة لا رخصة احوط في غير المسجد.

قال سلمه الله تعالي: و ما الخمس التي يزاد بها الامام اللاحق بعد موت السابق.

اقول هذا الحديث ذکره الصفار في بصاير الدرجات وعقد له با با و اورد عدة روايات تدل علي ان الامام اللاحق يزيد علي الامام السابق بخمسة و قد استصعبت علي الافهام معرفتها و الجمع بينها و بين الروايات الدالة علي مساواة اللاحق مع السابق في کلما يتعلق باحوال الخلق الرعية مع نص بعض الاخبار الصحيحة علي عدم الزيادة مثل قوله عليه السلام لئلايکون آخرنا اعلم من اولنا فکيف يزاد الآخر بخمسة لم‌تکن عند الاول و لم‌اقف علي من تعرض لحل هذا الحديث الشريف و الجمع بينه و بين ما ينافيه من ساير الاحاديث و الذي يختلج بالبال في حل هذا الاشکال ان الامام عليه السلام اذا انتقل من هذه الدار نزع عنه جلباب الجسم و دخل في عالم المثال بمثاله دون جسمه فيقد (فيفقد خ‌ل) عنه ظهور القوي و الحواس الخمس في محالها الجسمانية و يتعلق بالمحال و المواقع النورية و المثالية و اما الامام اللاحق صلي الله عليه و علي السابق حيث انه في هذا الجسم الدنياوي و متجلبباً بجلباب البدن البشري فيتعلق القوي و المشاعر بمحالها من القوي الدماغية الجسمية البشرية فعنده عليه السلام ما عند السابق من العوالم النورية و القوي الالهية و حيث ان السابق خلع الصورة الجسمية، و بقيت القوي المثالية و اللاحق لابس الصورة الجسمية مع ساير المراتب فيکون زايداً عليه بهذه القوي حين تعلقها بالمدارک الجسمية و مراد

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 59 *»

الامام عليه السلام ان المراتب الحاصلة للامام السابق حاصلة للاحق بزيادة انه في عالم الاجسام و السابق مرتحل عنه غير لابس لهذه الصورة الجسمية و متعلقاتها هذا اقصي ما يقال في الزيادة و الا فهم عليهم السلام في العلم و الحکم بجميع ما يتعلق في الرعية علي حد سواء فافهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيمن عليه قضاء فريضة في ذمته هل تجوز له النافلة ام لا.

اقول ان الاشبه و الاظهر ان وقت قضاء الفريضة موسع غير مضيق فحينئذ يجوز لمن عليه القضاء فعل النافلة و ان يصلي الاداء من الفرايض في اول وقتها و ان استحب له المبادرة بالقضاء و الاشتغال به الي ان يتضيق وقت الاداء کما هو مقتضي الجمع بين الادلة و مقتضي ما عليه المذهب و الشريعة و ليس هنا مقام تحقيق هذا المطلب.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في علم الاصول يجوز استفادته من الکتب لانه امر عقلي ربما ينفتح للانسان بالمطالعة ما يجب عليه معرفته بخلاف الفروع فهل اعتقاده صحيح ام لا.

اقول لابد للشخص في کل علم تحصيل قوة نورية يتمکن بها من ضبط کليات يتفرع عليها جميع جزئياته فبعد ضبط تلک الکليات و التمکن من تفريع الجزئيات علي الوجه المانع الدافع من الکشوک و الشبهات الموزون بميزان الحق المأخوذ عن بررة السادات فهو العالم الحق في ذلک العلم و لتحصيل هذه القوة و الملکة ليست حد خاص (حداً خاصاً ظ) لايمکن التعدي عنه بل بکل ما يتحقق تلک الرتبة سواء کان بمطالعة الکتب او بمذاکرة المشتغلين و المحصلين او بالقراءة علي العلماء الکاملين علي اختلاف افهام الناس في قوة الانتقال و سرعته و بطئه و جودة الادراک و عدمها فکل احد يجب عليه تحصيل ما يتمکن من معرفة ذلک العلم اصولاً کان او فروعاً بل الفروع احتياجه الي تصفح الکتب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 60 *»

و مطالعتها اکثر من الاصول لانه عقلي محض في مقام اذا کان في الاصول و العقايد و عقلي مختلط بالنقلي اذا کان متعلقاً باصول الفقه فعلي اي حال اذا تمکن من الاستفادة من الکتب کمال التمکن بحيث تحصل له تلک الملکة فلابأس و لاضير.

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا في المجبور اذا سافر الي بلد لقتل مسلم او نهب ماله او انتهاک حرمته و هو لايحب ذلک ولکن زاده و راحلته من الحرام و کذا اذا سافر الي سفر مباح لکن (ولکن خ‌ل) زاده و راحلته حرام هل يقصر هذا ام علي الوجهين.

اقول اما في قتل المسلم فلايجبر المجبور بمعني انه لايقبل و ان قتل اذ لا تقية في قتل المسلم و اما اذا سافر الي بلد و هو غير قاصد الي المعصية و لا مريد لها و انما علة سفره اجبار الجائر فان کان قاصداً للسفر ناوياً له لکن غير قاصد للمعصية فهذا يقصر صلوته لان سفره مباح و قصد المعصية منتف منه فيجب التقصير و اما اذا لم‌يکن قاصداً للسفر في نيته و انما جبره الجائر بحيث متي ما تمکن من الرجوع و لو بالهزيمة رجع فهذا لايقصر لانه غير قاصد للمسافة و قصد الغير لايکفي عنه و سيره کما اذا طلب منهزماً و کذا في الصورة الثانية اذا کان اصل سفره في قصده مباحاً کما اذا قصد الحج او زيارة ‌الائمة عليهم السلام فانه في هذه الصورة يقصر و ان کان زاده و راحلته حراماً فان الموجب لاتمام المسافر اذا کان قصد سفره لمعصية و اما اذا کان لطاعة و ارتکب حراماً في اثناء السفر فانه لايوجب الاتمام و الموجب للاتمام هو ان شاء السفر لاجل المعصية لا غير لا فعل المعصية في اثناء السفر من غير قصد لها في اول انشائه.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قول الجواد في زيارة ابيه عليهما السلام السلام علي شهور الحول و عدد الساعات و حروف لا اله الا الله في الرقوم المسطرات.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 61 *»

اقول لقد شرحت هاتين الفقرتين بتفصيل قريب الي الافهام في جواب مسائل جناب الشيخ (شيخ خ‌ل) ضيف الله بن المرحوم المقدس الشيخ احمد بن طوق القطيفي فانظر فيه فانما فيه (فانما هو خ‌ل) شفاء للصدور و نور للقلوب و لايسعني الآن تکرارها لاني في اثناء السفر و القلب غير مستقر و مسائل جنابک کثير.

قال سلمه الله تعالي: و ما العلة في خسوف القمر في ليالي البيض لا غير و الشمس في ثمانية و عشرين و تسعة و عشرين لا غير.

اقول الذي يقول بقول المنجمين في علة الخسوف و الکسوف يجب علي قوله ان لايقع الا هکذا لان الخسوف عندهم انما يکون بحيلولة الارض بين القمر و بين الشمس و هذه لاتکون الا بمقابلتهما و هي لاتتحقق الا في ليالي (الليالي ظ) البيض و لذا کانت بيضاً لان القمر بکل وجهه المقابل لنا يقابل الشمس و لذا تراه مستنيراً بکله فاذا کانا في احدي النقطتين نقطة الرأس و نقطة الذنب فتحصل کمال المقابلة فتحول الارض بينهما و تمنع القمر عن الاستنارة من الشمس فان کانت المقابلة تامة کالحيلولة يحترق القرص و يقع الخسوف الکلي و الا فبقد الحيلولة و هي تختلف (تختلف و يختلف خ‌ل) مقدار الکسوف باختلافها و اما الکسوف فانه عند المنجمين انما يکون بحيلولة القمر بين الشمس و بين ابصار الناظرين و ذلک لايکون الا عند المقارنة و هي لاتتحقق الا في ثمانية و عشرين او تسعة و عشرين بشرط ان يکونا في احدي النقطتين ايضاً فيستنير وجه القمر المقابل لاهل الارض المحاذين لتلک المقارنة و الاجتماع و حيث ان القمر جرم کثيف حاجب لما وراه فيغيب نور الشمس عن الابصار و لماکان القمر اصغر حجماً من الشمس بمراتب کثيرة لم‌يکن الکسوف الواقع في بلد عاماً في جميع البلدان بخلاف القمر فانه عام لان الارض اکبر من القمر بخمسة و عشرين مرة فتحيط عند الحيلولة به فيکون الخسوف عاماً بخلاف الشمس فلايمکن ان يکون الکسوف عاماً في جميع

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 62 *»

الارض و البلاد فالذي لايحصر علة الکسوف و الخسوف بما يقول (يقوله خ‌ل) المنجمون بل يعتقد ان لهما اسباباً اخر و ما ذکروه بعض اسبابهما و ان کان هو الغالب فلايحصر الخسوف في ليالي (الليالي ظ) البيض و لا الکسوف في ثمانية و عشرين (ثمانية و عشرين او تسعة و عشرين خ‌ل) من ليالي المحاق کما وقع الکسوف يوم قتل الحسين عليه السلام و هو يوم العاشر و الخسوف في ليلته و هي ليلة ‌الحادية عشر (عشرة ظ) و کلاهما لاينطبق علي ما يقوله المنجمون و کذلک ما يکون عند ظهور مولانا المنتظر عجل الله فرجه من الکسوف و الخسوف بخلاف المعتاد المقرر عند المنجمين و علل الاشياء لاتحصي و اسبابها لاتقيد و حکم الله لاتکتنه و يفعل الله في ملکه ما يشاء بما يشاء کيف يشاء.

قال سلمه الله تعالي: و ما العلة في صلوة‌ الکسوفين.

اقول لما ابي الله سبحانه ان يجري الاشياء الا باسبابها جعل سبحانه و تعالي الشمس و القمر من اعظم الاسباب لنضج العالم و اصلاحه من العلوليات و السفليات و الذوات و الصفات و ساير الکينونات فجعل الشمس سلطان النهار و بها الحرارة و اليبوسة لتکوين المواد الجسمانية و جعل القمر سلطان الليل و به البرودة و الرطوبة لتکوين الصور و اظهار الحيوة في المتولدات فاذا انکسفت الشمس تنحجب الحرارة بالنهار عن مستحقها في وقت احتياجه اليها فيکون ذلک سبباً لفساده و عدم اعتداله في النضج فيتولد منه الامراض و الاعراض و ساير المفاسد و کذلک القمر اذا انخسف تنحجب البرودة في وقت الاحتياج فيحصل بذلک الفساد الکلي في العالم العلوي و السفلي و الله سبحانه و تعالي لرأفته بالعباد و رحمته علي البلاد امر (امر عباده خ‌ل) ان يصلوا عند ظهور هاتين الآيتين ليندفع بنور الصلوة ذلک الفساد و ينجبر کسر ما وقع في البلاد و العباد لان الصلوة اعظم الارکان و اکبر الاسباب لدفع البلايا و الفتن فاوجب علي الناس عيناً حتي تکثر الانوار و تجذب الخيرات لتدفع البليات و ذلک نعمة من

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 63 *»

الله سبحانه علي عباده الضعفاء الفقراء ليصلح بها کينونتهم و يصفو عن الاکدار سرائرهم و طويتهم يريد الله بکم اليسر و لايريد بکم العسر.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في زلزلة وقعت في قرية من قري البصرة او غيرها هل يجب علي من هو ساکن بمدينة البصرة او يتعلق الحکم باهل القرية خاصة.

اقول حکم الصلوة خاص في القرية التي وقعت فيها و اما القري و المداين التي لم‌تقع فيها لم‌يکن علي اهلها شيء و هذا معلوم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في حکم المجتهد بعد الموت في مثل الايقاعات و المعاملات و اجراء الاحکام المتعلقة بغير العبادات هل يجوز تجديدها ام لا.

اقول اما حکم المجتهد فيما يتعلق بالفتاوي فلايجوز العمل عليه بعد موته سواء کان في العبادات او المعاملات و الايقاعات و اما ما اجراه و امضاه في حال حيوته من احکام المرافعات و اجراء الولايات و التصرف في اموال اليتامي و الغائبين و التصرف في اموال الحجة المنتظر عجل الله فرجه و بيع ما يبيعه الحاکم و ساير الحوال و الاحکام التي نجزها فانها تمضي و لاتعاد و لاتجدد و الا تکن فتنة و فساد کبير ماسوي احکام النيابات و الوکالات فيما عينه في الجهات فانها تبطل بموته فان الوکالة تبطل بموت الموکل کالنيابة (النيابة خ‌ل) بموت المنوب عنه.

قال سلمه الله تعالي: و ما يختار سيدنا هل يجوز العدول عن المجتهد الحي الي الآخر سواء کان بافضلية او غيرها.

اقول اختلف الاصحاب في ذلک فمنهم من ذهب الي الجواز مطلقاً و منهم من ذهب الي العدم مطلقاً و منهم من ذهب الي الوجوب فيما اذا کان افضل و العدم عند التساوي و منهم من ذهب الي الجواز بعد العمل و العدم قبله و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 64 *»

المختار من هذه الاقوال هو الاول لوجود المقتضي و رفع المانع و استصحاب الاختيار و عدم دليل يدل علي رفع الاختيار بالاختيار و اما دعوي الاجماع في محل الخلاف فلايجدي نفعاً کالقول بان العدول قبل العمل يستلزم الرد بخلاف ما اذا کان بعد العمل اذ بقصد الرد لايجوز مطلقاً قبل العمل او بعده و بعدمه لايتفاوت الحکم و الفرق دعوي لا بينة لها فيما نعلم فيجوز العدول عن المجتهد الحي سواء کان المعدول اليه فاضلاً او مفضولاً لان الحق عندنا جواز تقليد المفضول مع وجود الفاضل و لبسط الکلام مقام آخر.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في نوح و ابراهيم ايهما افضل مع ان ابراهيم فيه مزايا تفوق علي نوح عليهما السلام.

اقول ان نوحاً علي نبينا و آله و عليه السلام افضل الانبياء بعد محمد صلي الله عليه و آله لان بعثته عامة لجميع الخلق بدليل عموم الطوفان کعموم شريعته عليه السلام و هذا لم‌يتفق لاحد الا لنبينا صلي الله عليه و آله و اما آدم عليه السلام فلم‌تکن هناک کثرة توجب العدد بخلاف ابراهيم و باقي اولي العزم فان شريعتهم عامة دون بعثتهم و لان نوحاً قد اعطي من الاسم الاعظم خمسة عشر اسماً و اعطي ابراهيم ثمانية و اما آدم عليه السلام فانه و ان اعطي خمسة و عشرين لکنه ليس لاستحقاقه في ذاته بل لانه حيث کان ظهوره عند خراب العالم و فساده بالجان و الشياطين و البهايم و حشرات الارض استحق مؤونة زائدة بخلاف ما اعطي نوحاً و ابراهيم و لان نوحاً قدمه الله سبحانه و تعالي في الذکر في قوله تعالي و اذ اخذنا من النبيين ميثاقهم و منک و من نوح و ابراهيم و موسي و عيسي لان هذا الترتيب ان کان من جهة الظهور فوجب تأخير نبينا في الذکر و ليس الا من جهة تقديم الاشرف فالاشرف و لقوله تعالي و ان من شيعته لابرهيم فان الضمير في الظاهر يرجع الي نوح و الشيعة باي معني يفرض لايخرج عن المفضولية و لقوله عليه السلام في زيارته السلام عليک يا شيخ المرسلين و لاتثبت الفضيلة بهذه الفقرة الا بحمل الشيخ علي الرئيس و اما مزايا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 65 *»

ابراهيم لاتنکر و لکنه مع مزاياه في کل ما تفرض دون مزايا نوح و ليس تفضيل نوح علي ابراهيم لنقيصة فيه بل لفضيلة نوح و شرفه و ذلک معلوم ظاهر ان شاء الله تعالي.

قال سلمه الله تعالي: و ما العلة سيدنا في قول سفير الله المنعم بعد الله لو کشفت الغطاء ماازددت يقيناً مع انه ورد عنهم عليهم السلام لولا انا نزداد لنفد ما عندنا ما المطابقة.

اقول هذه المسألة بعينها سألنا عنها شيخنا شيخ ضيف الله المتقدم و کتبنا جوابها بما يشفي العليل و يطفي الغليل فاطلبوها منه سلمه الله و اياکم ليتبين المراد و الله خير موفق و هاد.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في الخضرة التي تسقي بالماء النجس هل يکون اکلها حراماً او مکروهاً.

اقول من المطهرات الاستحالة فالنجاسة و المتنجس اذا استحالا الي حقيقة اخري طهرا فلاحرمة في اکل ما يستحيلان اليه و لا کراهة اذا کان ذلک مما لايحرم و لايکون مکروهاً و الا فيتبع حکمه.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيمن يعتقد العدل و التوحيد ( التوحيد و العدل خ‌ل) و النبوة و الامامة و المعاد اعتقاداً جازماً بحيث لايرجع عنه ولکنه لايقدر علي اقامة الدليل مع قدره علي النظر کالنساء و العوام هل هو مثاب ام لا.

اقول اذا اعتقد ما ذکر اعتقاداً جازماً و علمه علماً ثابتاً قاطعاً فلايکلف بازيد منه لان المراد سکون القلب و اطمينان الفؤاد بالمعارف الخمسة و اما اقامة الدليل و رفع شبه الخصم فذلک شأن اوحدي الدهر و واحد العصر و ما سواه عاجزون عن رفع جميع الشکوک و الشبهات و اقامة البراهين و البينات

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 66 *»

فيکتفي منهم بالقطع البحت البات فان الله تبارک و تعالي يقول فاعلم انه لا اله الا الله.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في محمد بن حنفية (الحنفية ظ) و عبدالله بن جعفر و جابر بن عبدالله الانصاري و اضرابهم في تخلفهم عند (عن خ‌ل) نصرة الحسين عليه السلام و ما الجواب عنهم و اي عذر لهم.

اقول قد سئل مولانا الصادق عليه السلام عن هذه المسألة فاجاب عليه السلام و قال ما معناه اني اعطيک اصلاً تعرف به احوال هولاء فان الحسين عليه السلام عند مسيره الي کربلا کتب کتابا الي بني‌هاشم اما بعد فمن يلحقني يقتل و من لم‌يلحق بي لم‌ير الفتح ابداً انتهي کلامه عليه السلام و هذا کلام کاف شاف و اما هؤلاء المذکورون فلاشک انهم موالون و محبو اهل البيت عليهم السلام و معادو اعدائهم لکنهم ماوفقوا بذلک التوفيق لانهم ما علموا ان الامر يبلغ به الي ما رأوا سريعاً لانهم علموا باخبار النبي صلي الله عليه و آله و اميرالمؤمنين و الحسن و الحسين عليهم السلام بانه عليه السلام يقتل ولکنهم لم‌يعلموا ان اهل الکوفة يکتبون اليه تلک المکاتيب ثم يمنعونه من دخول الکوفة الي ان يقتلوه و تخيلوا ان الحسين عليه السلام يدخل الکوفة و يبقي فيها زمانا و تأتيهم الاخبار وقتاً بعد وقت و حيناً بعد حين فاذا وصلهم خبر سوء و ان اهل الکوفة ارادوا الغدر به يلحقون به عليه السلام و يفدون انفسهم دونه ولکن جري القضاء بخلاف ما ارادوا اما سمعت ان خبر قتل الحسين عليه السلام لماوصل الي عبدالله بن جعفر و ان ولديه قتلا معه عليه السلام اخذ يبکي بکاء شديداً و قال عبد له ان هذا هو الذي اصابنا من الحسين و قتل ابناک فغضب عبدالله و ضربه ضرباً موجعاً و حذفه بنعله و قال والله ماکنت اعلم ان الامر يبلغ هکذا و الا لکنت اول فاد نفسه بين يديه و اني احمد الله ان حرمت عن ذلک فان ولدي وفقا لذلک نقلت الحديث بالمعني و هذا و امثاله عذرهم في ذلک و هو عذر موجه و ان کانوا لايبلغون بذلک رتبة الکمال لان المخلص الموافي لايصبر

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 67 *»

عن مفارقة امامه لاسيما في ذلک الوقت الذي تبين لهم اشتداد بني‌امية و حرصهم علي قتل الحسين عليه السلام و بعث يزيد عمر بن سعد بن العاص مع ثلاثين من رؤساء بني‌امية لقبض الحسين عليه السلام و قتله و انه عليه السلام لهذه الجهة احل من احرامه و خرج من مکة يوم التروية و توجه الي العراق و اي محب يصبر علي فراق حبيبه ولکن الله سبحانه يؤت کل ذي فضل فضله.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في الماء المطلق لو صعد هل حکمه حکم المطلق ام المضاف و في الصقيع النازل آخر الليل هل يجوز به الوضوء او الغسل ام لا.

اقول کل ذلک الماء المطلق يجوز به الوضوء و الغسل و الشرب و ساير الاستعمالات.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا فيما ورد عنهم عليهم السلام اتقوا الخروج بعد نومة فان لله دوار يدورون ما معني النومة و ما معني الدوار.

اقول اذا هدأت الليل و نامت العيون و سکنت الارض يخرج (تخرج خ‌ل) العباد و يظهر رجال الغيب و يعبدون الله سبحانه و تعالي و يدورون في الارض و يعتبرون في احوال العالم و لايحبون اشراف احد عليهم ليشغلهم عن ذکر الله و عما هم عليه من التوجهات و مشاهدة التجليات و ربما اذا ظهر عليهم شخص ليس من سنخهم و يري تلک الاحوال العجيبة الغريبة يغشي عليه و تحصل له روعة تتولد منها امراض منکرة و کذلک الجن يظهرون بالليل فاذا خرج شخص يتفق انه يصادفهم يحصل له منهم اذية الا ان يکون قوياً في ذات الله منغمراً في محبة‌ الله مستأنسا بذکر الله فان الجن تنهزم منهم و اولئک الابدال الاخيار يستأنسون به و هذا ظاهر الحديث و له باطن و تأيول ليس الآن موضع ذکره و انما قال بعد نومة لان سکون الارض و صفاءها في الغالب ذلک الوقت و خصوص النومة لا مدخلية لها و اما الدوار فهؤلاء الاخيار ام اولئک الاشرار.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 68 *»

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في الحديث الوارد صلوة فريضة خير من عشرين حجة و حجة خير من بيت مملو ذهب (ذهباً ظ) يتصدق به حتي يفني کيف هذا و الحج فيه الصلوة و اعظم مشقة و قد ورد ان افضل الاعمال احمزها.

اقول ما فرض الله سبحانه علي قسين قسم فرض لاصل الکينونة و عبادة له سبحانه و تعالي بسر الحقيقة في ظاهره و باطنه و قوله و فعله و قسم لامر آخر لا لاصل الحقيقة بل عند عروض ذلک العارض فالاول مقصود لذاته و الثاني مقصود لغيره فالصلوة اليومية من القسم الاول و الحج و الصلوة التي فيه من القسم الثاني لان الحج انما يجب بالمال و الصلوة اليومية انما تجب بکينونة الشخص و ذاته و عقله و اما الحج فوجوبه لماله و هو امر خارج و اليومية لذا ته و هو امر ذاتي حقيقي و لا ريب ان بالذات اشرف و اعظم مما بالعرض فالصلوة التي في الحج تابعة و التي في اليومية (التي باليومية خ‌ل) متبوعة ذاتية فلاتساويها ابداً و لذا لاتسقط اليومية في احال من الاحوال و تسقط رکعتا الطواف عند عدم وجوب الحج و اما قولکم ان الحج اشق و احمز فممنوع قد ذکرنا وجه المنع في معني حديث الصلوة عمود الدين الخ فقد تقدم فراجع.

قال سلمه الله تعالي: ما معني الضغطة في القبر و ما معني خزن الرياح الاربعة تحت الکعبة و ما معني قول اميرالمؤمنين عليه السلام لسلمان يا سلمان انا خازنها.

اقول اما الضغطة فهي علي ظاهرها و هي حاصلة لمن هو دون العصمة و هي اول التخليص و مبدئه في القبر للتصفية و التمکن من مشاهدة الاحوال الاخروية الا المتشبث بسبب اعظم و المستنير بنور اقدم کزيارة سيدنا و مولانا الحسين عليه السلام و امثالها فان نوريته تذهب بظلمات الاوساخ و تکشف الغطاء ليکون بصره حديداً و هي تکون اول الاهوال قبل اتيان رومان فتان القبور لتمام الکتاب و قراءته عليه و جعله في عنقه و الملکين النکير و المنکر و هي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 69 *»

جارية و ثابتة للمدفون و المصلوب و الغريق و من اکلته السباع و الوحوش و المحروق و امثالها في التراب و الهواء و الماء و النار و بطن السباع و تقع في الجسم المحشور المثاب و المعاقب لتصفيه عن الاکدار و تذهب باوساخ الاغيار او تکون اول العذاب و مقدمة العقاب لاصحاب النار اعاذنا الله واياکم منها.

و اما خزن الرياح الاربعة تحت الکعبة فاعلم ان الله سبحانه جعل العرش مستوي رحمانيته و اودع عنده خزائن قدرته و رحمته مما يوصله الي بريته و خليقته و لماکانت الاشياء انما تکونت و تحققت بتقدير الله سبحانه من الطبايع الاربع و جميع الفيوضات تجري علي مستحقيها من هذه الطبايع في کل مقام بحسبه جعل سبحانه مبادي هذه الطبايع في العرش و رتبها علي ارکانه فخلقه من اربعة انوار النور الابيض و هو مبدأ طبيعة الماء الذي به کل شيء حي و النور الاصفر و هو مبدأ طبيعة الهواء و النور الاخضر و هو مبدأ طبيعة التراب و النور الاحمر و هو مبدأ طبيعة النار و جعل سبحانه علي کل رکن ملکاً من العالين ليحمل آثار ذلک الرکن الي الخلق فحامل رکن النور الابيض روح القدس يفيض علي الخلق بالله سبحانه عقولهم التي بها معاشهم و معادهم و حامل رکن النور الاصفر الروح من امر الله يفيض علي الخلق بالله سبحانه ارواحهم التي بها حيوتهم و نشوهم و حامل رکن النور الاخضر الروح الاول علي ملائکة الحجب يفيض علي الخلق بالله سبحانه نفوسهم التي بها نقوش ارواحهم و صورها و اشباحها و تقاديرها و حامل رکن النور الاحمر الروح الثاني علي ملائکة الحجب يفيض علي الخلق بالله سبحانه اجسامهم و اجسادهم ثم خلق سبحانه بلطيف حکمته و نفاذ مشيته البيت المعمور في السماء الرابعة بحذاء العرش و جعله علي اربعة ‌ارکان بعدد (ارکان و خ‌ل) ارکان العرش و رتبها علي ترتيبه فجعل علي الرکن الايمن الاعلي ميکائيل يفيض علي الخلق بالله سبحانه ارزاقهم و جعل علي الرکن الايمن الاسفل اسرافيل يفيض علي الخلق بالله سبحانه حيوتهم و جعل علي الرکن الايسر الاعلي عزرائيل يفيض علي الخلق

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 70 *»

احکام الموت (المزيد خ‌ل) و القبض و جعل علي الرکن الايسر الاسفل جبرائيل يفيض علي الخلق بالله سبحانه ترکيبهم و ايجادهم و خلقهم علي الجهات الخاصة فميکائيل يستمد من روح القدس و اسرافيل من الروح من امر الله و عزرائيل من اول الروحين و جبرائيل من ثانيهما ثم خلق سبحانه الکعبة في عالم الظهور العنصري و جعلها بحذاء البيت المعمور و جعل علي کل رکن منها ملکاً يستمد من هؤلاء الملائکة الاربعة فجعل علي رکن منها ملکاً اسمه الصبا و سخر له الريح المخصوص به و هي تهب من الجنوب الي المشرق و هو من جنود ميکائيل يستمد منه و يصلح بها الرية و المواد البلغمية في الانسان و يظهر الرطوبات لنضج المتولدات و جعل علي (علي کل خ‌ل) رکن ملکاً اسمه الشمال و سخر له الريح التي تهب من ناحية الشمال و هو من جنود عزرائيل يستمد منه و يصلح المرة (مرة خ‌ل) السوداء و القوة الحافظة في الانسان و يظهر البرودة و اليبوسة لنضج العالم و حفظه عن الاندراس و جعل علي رکن منها ملکاً اسمه الدبور و سخر له الريح التي تهب من ناحية المشرق و هو من جنود جبرائيل يصلح بها المرة الصفراء و القوة الجاذبة في الانسان و يعدل الحرارة الغريزية و يظهر الحرارة لنضج المتولدات و جعل علي رکن منها ملکاً اسمه الجنوب و سخر له الريح التي تهب من ناحية الجنوب يصلح بها الدم الذي هو مرکب الروح في الانسان و يظهر الحرارة و الرطوبة لنضج المتولدات و اصلاح القوة الهاضمة و هؤلاء الاربعة مقرهم ارکان الکعبة لانها بازاء البيت المعمور الذي هو بازاء العرش و اصلها و ينبوعها الرکن اليماني کما ان اصل حملة ‌العرش النور الابيض و من ذلک الرکن و تلک الارکان تدبر الملائکة الاربعة بآلاتها التي هي الرياح الاربعة طبايع المتولدات الثلاثة علي ما يريد الله سبحانه و تعالي کما يريد بما يريد لا راد لقضائه و لا مانع لحکمه فالرياح الاربعة مخزنها الکعبة‌ اي مخزن اصولها و مباديها و عللها و اسبابها التي منها انتشرت ومنها ثارت و بها نشأت فمن تلک الارکان ظهورها و نشوها و نشرها فافهم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 71 *»

و اما قول اميرالمؤمنين عليه السلام لسلمان انا خازنها فاعلم ان الولي المطلق قد جعلت عنده مفاتيح الغيب التي لايعلمها الا هو فجميع خزاين الفضل و العدل بيد الولي بالله سبحانه فلايدعو داع و لايعي واع و لايزود (لايذود خ‌ل) ذائد و لايسبق رائد الا باذن الولي عليه السلام فخذها قصيرة من طويلة.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني ما ورد ان الميت اذا دفن لايتخلف احد عند القبر لان لايحدث علي الميت شيء فتسمع الاحياء کيف هذا و الحديث في المثال و کيف يسمعونه اهل هذا العالم و ما المطابقة بين هذا و بين ما ورد لتخلف اعز الناس عند الميت بعد انصراف … ليقف علي قبره عند رأسه فيلقنه الشهادتين في وقت حضور الملائکة.

اقول ان الميت اذ دفن و کان من اهل المعصية بعد تخلف الناس عنه يعني بعد فراغه من دفنه ياتيه الملکان الاسودان الازرقان راسهما في السماء السابعة و رجلاهما في الارض السابعة بيد کل منهما مرزنة (مرزبة خ‌ل) من نار و لهما صوت کالرعد و من فيهما يخرج النار کالبرق يسألانه عن ربه و عن نبيه و عن امامه فيقول لا ادري فيقولان لا دريت فيضرب کل واحد منهما بمرزبته فيمتلي قبره من النار فيصعق الميت صعقة و يصيح صيحة يسمعه کل احد الا الثقلان و لذا قال عليه السلام اذا نفرت الدابة فلا تضربوها لانها تسمع ما لا تسمعون و اذا عثرت فاضربوها و انما منع الثقلان عن سماعها لئلايلزم الالجاء و ليمکنهم ان يعيشوا في الدنيا الا ان في بعض الاحوال لاقتضاء بعض المصالح ربما يسمعون شيئاً منها و لعل لهذه العلة امر عليه السلام ان لايتخلف احد عند القبر لئلايحدث (لئلايسمع خ‌ل) اذا حدث علي الميت شيء.

و اما انهم کيف يسمعون و الحدث في عالم المثال فجوابه اما اولاً فلان هذا الحدث انما يحدث في القبر بعد ولوج الروح في الجسم الي صدره فهو من عالم الاجسام.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 72 *»

و اما ثانياً فلان عالم المثال له وجهان وجه الي عالم الغيب فيسمع به اصواتهم و يعرف و يري اشخاصهم و وجه الي عالم الشهادة فيدرک به احوال عالم الشهادة فاهل الدنيا ربما يسمعون اصوات (اصوات اهل خ‌ل) عالم المثال للمناسبة المذکورة و لا منافاة نعم لايسمعون صوت اهل عالم الارواح لفقد جهة المناسبة.

و اما المطابقة بين الحديث المذکور و ما ورد يتخلف اعز الناس عليه ليلقنه الشهادتين فبيانها ان اعز الناس و اولاهم (اولاهم به خ‌ل) يتخلف عند قبره و يلقنه الشهادتين و ينصرف حتي لايحدث حدث او لعل عند (لعل هذا خ‌ل) التلقين يکون سبب الدفع عنه اذا کان مؤمناً مقراً بالحق في قلبه و علي اي حال يلقنه و ينصرف فلامنافاة بين الحديثين لان وقوع الحدث بعد حضور الملائکة و سوال الملکين انما هو بعد التلقين فينصرف قبل ان يحدث به حدث.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في الضرايح المقدسة هل هي قبورهم او حفرهم کما ورد في شأن الحسين عليه السلام انه لم‌يبق في قبره الا ثلاثة ايام ثم صعد الي الملأ الاعلي تحت العرش ينظر الي زواره.

اقول لاشک ان الضرايح المقدسة و المشاهد المنورة هي قبورهم و محل ابدانهم و اجسامهم و محل نظر ارواحهم و اشباحهم و ان الزوار يقصدونهم فيها من کل مکان و انه ينزل علي قبر الحسين عليه السلام کل يوم سبعون الف ملک يزورونه ثم يصعدون و ينزل فوج آخر و ان (فان خ‌ل) الانبياء عليهم السلام يزورونه بمشهده في کربلا و لاسيما ليلة النصف من شعبان و يأتي لزيارته مائة الف و اربعة و عشرون الف نبي فيهم اولوا العزم و يصافحون زواره فلو کان الحسين عليه السلام بجسده في السماء کان نزول الملائکة و ارواح الانبياء في کربلا لزيارته عليه السلام عبثاً لتمکنهم منه في الملأ الاعلي و هذا ليس الا لان مقره عليه السلام في قبره مع ان الحديث الوارد في هذا المعني ليس خاصاً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 73 *»

بالحسين عليه السلام و ان ورد فيه ايضاً بل هذا الحکم لکل نبي و شهيد (نبي شهيد خ‌ل) و صديق حتي الملک العادل مع انک سمعت ان نوحاً عليه السلام اتي بعظام آدم من مکة المشرفة الي النجف الاشرف و دفنه فيه و ان موسي عليه السلام اخرج بدن يوسف عليه السلام من شاطئ النيل و دفنه في بيت المقدس و بينهما سنون عديدة مع ان الوارد انه لايبقي في قبره اکثر من ثلاثة ‌ايام او اربعين يوماً و الواقع بخلافه فمراده عليه السلام من عدم بقائهم في القبر و انهم (انه خ‌ل) يصعد بهم الي السماء امر آخر و هو ان الامام او النبي عليهم السلام لما ظهروا في الدنيا ما ظهروا بالصورة التي خلقهم الله عليها لان الرعية لايمکنهم النظر اليها و هم عليهم السلام انما اتوا لانتفاع الخلق منهم فتلبسوا بلباس الرعية و تصوروا بالصورة اللايقة لمشاعرهم و قواهم حتي يتمکن الرعية من الاستفادة منهم و الاستضاءة بنورهم فهم عليهم السلام ماداموا في هذه الدنيا متلبسين ذلک اللباس و متصورين بتلک الصورة العرضية المناسبة لاهل الارض فلما ارتحلوا و انتقلوا من هذه الدار فلا فائدة لتلک الصورة و التلبس بذلک اللباس لانه امر عرضي للغير فلما صاروا في القبر خلعوا ذلک اللباس عنهم و ارتفعوا عما کانوا ظاهرين به للناس و ذلک الارتفاع بنزع ذلک اللباس هو السماء التي ورد انهم يصع دون اليها و الا فهم في قبورهم و حفرهم لکنهم لايشاهدهم ابصار اهل الدنيا لارتفاعهم عن مدارکهم و ابصارهم الا في بعض المقامات لاظهار بعض المعجزات و الکرامات فانهم يظهرون لهم اما بتقوية ابصار الناظرين او بتصورهم عليهم السلام بصورهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا فيمن اوصي بثلث الي وصي و لم‌يعين الوصي (الموصي خ‌ل) شيئاً من الثلث هل يجوز ان يأخذ من الثلث شيئاً ام لا.

اقول نعم يجوز ان يأخذ من الثلث بمقدار اجرة المثل لانه لايجوز استخدام مؤمن الا بطيب نفسه فان لم‌تطب نفسه ان يخدمه مجاناً فله اجرة‌ المثل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 74 *»

و اما ما ذکره بعض الفقهاء في القيم علي اليتيم انه يأخذ الاقل من اجرة المثل و مما يکتفي به من نفقة عياله مدة اشتغاله في تنجيز مطالبه فذلک مما دل عليه الدليل الخاص و ان کانت الادلة‌ في قدر ما يأخذ القيم علي اليتيم من ماله متعارضة و اما في الوصي فلااشکال في اجرة المثل اذا اراد و لم‌يعين له الموصي شيئاً و اما اذا عينه فلايتعداه علي الاحوط.

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا في الدعوي علي الميت بشاهدين و يمين هل هذا في جميع الامور سواء کان في الديون او الامانات من عين و قيمة ام يختلف الحکم.

اقول هذا الحکم في الديون خاصة لورود النص فيها فيقتصر علي (علي ما خ‌ل) موضعه لانه القدر المتيقن و اما ماسوي ذلک کالامامة او ادعاء عين انها له و کان الميت غاصباً او مستعيراً او مستأجراً او غير ذلک فانه يکفي فيها الشاهدان او الشاهد و اليمين لعموم الادلة و خروج ما خرج من الدين بدليل خاص.

قال سلمه الله تعالي: و هل الحسين عليه السلام صامت في ايام الحسن عليه السلام ام (او خ‌ل) ناطق و في الحديث ابناي هذا (هذان ظ) امامان ان قاما و ان قعدا.

اقول لاريب ان الحسين عليه السلام کان اماماً في ايام الحسن عليه السلام لکنه صامت غير ناطق الا تري انه عليه السلام يتبع اخاه الحسن عليه السلام في کل ما يأمره و ينهاه و لايمکن ان يکون ناطقاً (ناطقان ظ) في وقت واحد الا ان يختص احدهما بناحية دون الآخر کما کان في الانبياء السابقين عليهم السلام و اما في ائمتنا عليهم السلام فلايجري ذلک لان کل واحد منهم مبعوث علي کافة الخلق فلاينطق الصامت الا بامر الناطق و هکذا کان الحکم في الحسنين عليهما السلام و الحديث المذکور غاية دلالته انهما امامان و نحن نقول بموجبه و اما انهما ناطقان فلا دلالة فيه عليه بشيء من الدلالات الثلاث.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 75 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا في الصلوة خلف مقلد الميت تجوز ام اذا اعتبرت فيه العدالة ‌التامة.

اقول مقلد الميت اذا کان تقليده عن معرفة و بصيرة و علم فيما بينه و بين الله تعالي اذا کان عادلاً و هي حسن الظاهر عندنا يجوز الاقتداء بصلوته و الا فلا.

قال سلمه‌الله‌تعالي: و ما يختار سيدنا هل تعتبر العدالة التامة في الشاهد ام يکتفي بظاهرها (بظاهر خ‌ل).

اقول العدالة التامة عندنا المعتبرة في الشاهد و امام الجماعة هي حسن الظاهر بان يکون معروفاً عند طائفته و قبيلته و اهل بلده (بيته خ‌ل) بالخير بعدم ارتکاب المعاصي و خلاف المروات بحيث يجعلونه محلاً لاماناتهم و اما ما سوي ذلک من شروط اخر فلم‌يقم عليه دليل بل الدليل علي خلافه واضح السبيل.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في ذبيحة الناصب اذا کانت في سوق المسلمين هل يجوز الاخذ منها ام لا مع امن الضرر.

اقول ذبيحة الناصب ميتة نجسة لايجوز اخذها و لا التناول منها بحال من الاحوال سواء کانت في سوق المسلمين او غيرهم و ما ذکره الفقهاء من ان ما يوجد في سوق المسلمين حلال طاهر فذلک اذا لم‌يکن معلوماً و اما اذا علم امره فيتبع ما علم و يجري عليه حکم من طهارة و نجاسة و حلية و حرمة و اما اذا خاف الضرر علي نفسه او ماله او عرضه اذا لم‌يأخذها فيقتصر علي ما يندفع به الضرر متدرجاً.

قال سلمه الله تعالي: و ما العلة سيدنا في الاذان و الاقامة في الفرايض اليومية دون غيرها.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 76 *»

اقول قد کتبت العلة‌ فيهما و اختصاصهما باليومية دون غيرها في اسرار العبادات مشروحاً مفصلاً فارجع اليها يتبين لک الامر.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في سکني البيوت الميت عنها اهلها و لم‌يکن لها وارث اصلاً و علي تقدير جوازه هل يقدر لها اجرة ام لا.

اقول البيوت اذا لم‌يکن لها وارث اصلاً بجميع الطبقات في مال الامام يرجع امرها الي حاکم الشرع المنصوب من قبله القائم مقامه و حينئذ لايجوز سکني تلک البيوت الا باذنه او وکيله يقدر له الاجرة علي حسبها الا ان يرضي الحاکم بدونها.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في افضلية زيارة الرضا عليه السلام علي الحسين عليه السلام لحديث الجواد عليه السلام ان الحسين تزوره العوام و ابي لايزوره الا الخواص و هل ترون وجوب زيارة الحسين عليه السلام ام استحبابها.

اقول لاشک ان فضيلة‌ الزيارة علي حسب زيارة‌ المزور افضل (علي حسب فضيلة المزور فاذا کان المزور افضل خ‌ل) فزيارته افضل و لذا ورد ان فضل زيارة اميرالمؤمنين علي الحسين کفضل اميرالمؤمنين علي الحسين عليهما السلام و قد يختلف الفضل باعتبار الزائر و لعله هو السر في اختلاف الروايات في ثواب الزائر فمنها ان زيارة ‌الحسين عليه السلام تعدل حجة و عمرة و في اخري عشرين حجة و عمرة و في اخري تسعين حجاً من حجج رسول الله صلي الله عليه و آله و في اخري الف حجة و في اخري اذا وصل باب السلام و سلم عليه و دخل فله بکل خطوة الف الف حجة و الف الف عمرة و الف الف غزوة مع نبي مرسل و امام عادل و ثواب عتق الف الف نسمة من اولاد اسماعيل عليه السلام و غيرها من الروايات في هذا الشأن و المزور واحد و الاختلاف بحسب اختلاف الزايرين في المعرفة و الاخلاص (الاخلاص

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 77 *»

و الشؤون خ‌ل) و زيادة المحبة و الهجرة اليه و امثالها من الجهات و کذلک الامر في زيارة ‌الحسين عليه السلام اذا نسبتها الي زيارة ‌الرضا عليه السلام فمن حيث المزور زيارة الحسين افضل لانه عليه السلام افضل من الرضا عليه السلام و ان کان فيما يتعلق بالخلق نسبتهم سواء و من حيث الزائر بالنوع فزيارة الرضا عليه السلام افضل لان نوع زوار الرضا عليه السلام افضل من نوع زوار الحسين عليه السلام لان الحسين عليه السلام يعتقد امامته الکيسانية و الزيدية و الناووسية و الفطحية و الواقفية و کل هؤلاء يزوزون الحسين عليه السلام و هم الکلاب الممطورة من النار فلا خير فيهم و لا في زيارتهم لابارک الله فيهم و اما الرضا عليه السلام فکل من يعتقد امامته لم‌يقف عليه و علي احد من اولاده بعده (بعده من اولاده خ‌ل) عليهم السلام فزواره لايکونون الا الاثني‌عشرية و لاشک ان هؤلاء هم الخواص و هم افضل من نوع زوار الحسين عليه السلام و اما اذا زار الحسين عليه السلام شيعي اثني‌عشري و زار الرضا عليه السلام آخر مثله في المعرفة و الشوق او هو نفسه فلاريب ان زيارة الحسين عليه السلام افضل فافهم و اما وجوب زيارة الحسين عليه السلام فالظاهر عدمه و ما ورد بلفظ الوجوب محمول علي الثبوت و تأکد الاستحباب لمعارضتها للروايات الکثيرة الدالة علي جواز الترک و الاحتياط في الداين لاينبغي ترکه خصوصاً في زيارة هذا السيد الطاهر عليه السلام لاسيما بالنسبة الي اهل اليسار و لو في العمر مرة.

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا في نذر الولد هلي يتوقف علي اذن الوالد کالزوجة و العبد ام لا وهل يجوز للولد السفر علي (الي خ‌ل) طاعة بدون رضا ابيه ام لا وهل يملک ماله دون ابيه ام لا.

اقول اما نذر الولد و الزوجة بدون اذن الوالد و الزوج فالظاهر انعقاده الا اذا کان نذر الزوجة فيما يخل بالواجب من حق الزوج فانه لاينعقد و نذر المملوک بدون اذن المالک لاينعقد لان المملوک ممنوع عن جميع التصرفات الا باذن المالک سوي ما اخرجه الدليل و ما ورد من عدم انعقاد يمين الولد و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 78 *»

الزوجة و المملوک بدون اذن الوالد و الزوج و المولي فحمل النذر علي اليمين في احکامه الخاصة بها لايخلو من قياس لان کلا منهما غير الآخر من جهة اطلاق اليمين علي النذر في بعض الروايات جرأة ‌عظيمة لان الاطلاق المجازي لا اطراد له و اما جواز سفر الولد بدون اذن ابيه فالظاهر عدمه لوجوب طاعته عليه الا فيما استثني و هذا ليس منه الا ان يکون سفره لاجل طلب العلم اي العلم الراجح شرعاً سواء کان واجباً عيناً ام کفاية فلايشترط رضاء الوالدين و ان نهياه و کذلک السفر لدفع الضرر و تحصيل نفقة نفسه و عياله و اما ان الولد يملک ماله دون ابيه فنعم و ان جاز للاب التصرف في ماله.

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا فيما يأخذه الظالم باسم الزکوة او باسم المقاسمة هل يجوز تناوله و اخذه لو اعطي احداً ام لا سواء کان زائداً عن المقدر او مساويه.

اقول المشهور بين اصحابنا جواز ذلک کله لورود النصوص من اهل الخصوص و استلزام تجنبه الفساد و منافاته للتقية و لزوم العسر و الحرج و غير ذلک و اما ما کان زايداً علي (عن خ‌ل) المقدر ففيه اشکال و الاحتياط لايخفي و اما اذا کان الظالم من الفرقة المحقة فانه لايجوز قولاً واحداً.

قال: و ما يقول سيدنا فيمن عنده ازواج و فيهم ما هو اشرف من الاخري لنسب او حسب هل يجوز له الزيادة علي غيرها لشرفها ام لا.

اقول اذا لم‌ينقص الاخري حقها و ما اوجب الله عليه لها من الحقوق من المضاجعة بعد کل اربع ليال و المواقعة بعد کل اربعة اشهر و النفقة و الکسوة و المنزل و دفع الاذية و امثالها يجوز له تفضيلها عليها بجودة المسکن و حسن اللباس و التزيين و اللباس و البيتوتة عندها اکثر من ليلة اذا لم‌يکن عنده اربع نسوة الا ان العدالة و التساوي مستحبة و ان تعدلوا خير لكم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 79 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا ايما افضل نافلة الليل ام نافلة الزوال.

اقول الظاهر ان نافلة الزوال افضل لانها تقع في وقت مبدأ الوجود و ظهور النور و انتشار الملائکة بالانفاق و الاعطاء و فتح ابواب السماء و تسبيح کل شيء خلقه الله فاذا وقعت الصلوة في ذلک الوقت المبارک تزداد نوراً و بهاء و جمالاً و سناء و نافلة کل صلوة تتبعها فصلوة الظهر افضل الصلوات و اشرفها و اول صلوة فرضها الله سبحانه و تعالي و هي الصلوة الوسطي و النور الاعلي و الکلمة العليا لاتحصي فضائلها و لايحصر بعض ما فيها اما نافلة الليل فهي لها فضيلة من حيث العامل المصلي لانها تقع في وقت تهدأ فيه الاصوات و تسکن الارض و يقل البخار و تجتمع الحواس و يکون التوجه اکثر و الاقبال اشد فوقوع نظر العناية عليه اعظم و هو قوله تعالي و من اليل فتهجد به نافلة لک عسي ان يبعثک ربک مقاماً محموداً و النسبة بين النافلة کالنسبة بين زيارة الرضا و الحسين عليهما السلام راجع تفهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في زينب (زينب بنت اميرالمؤمنين عليه السلام خ‌ل) هل هي معصومة ام لا.

اقول ان اريد بالعصمة ما ثبتت للصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها فلا و اين هي منها و اين الثريا من يد المتناول و ان اريد بها الطهارة من الادناس و الارجاس و المعاصي و السيئات فهي معصومة سيدة طاهرة لايعتريها زيغ و لا فتنة و لاشک و لا شبهة و لايتمکن الشيطان منها لانها مکتنفة بالنورين و قبسة نور اخذت من النيرين فاين محل الظلمات في البين.

قال سلمه الله تعالي: و ما وجه الحکمة في وصية الحسين عليه‌السلام لها دون زين العابدين عليه‌السلام

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 80 *»

اقول الذي وقفت عليه من الرواية ان الحسين عليه السلام جعل الوصية عند ابنته فاطمة ‌الکبري لتسلمها الي زين العابدين عليه السلام بعد مرضه اما باقي الوصايا مثل التوصية بالاطفال و مداراتهم و تسليتهم فانه عليه السلام اوصي بها اليها لانها من شأنها دون زين العابدين عليه السلام و لو فرض انه لعيه السلام جعل الوصية عندها فمن جهة جبر خاطرها و اصلاح شأنها و لم‌تکن هي الوصية و انما هي حاملة لها.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في من ادرک الاضطرارين (الاضطراريين خ‌ل) هل يجزيه ذلک ام لا.

اقول نعم يجزيه ذلک کمن اذا ادرک اختياري المشعر و اضطراري عرفة فانه يجزيه و لو ادرک اضطراري المشعر خاصة لايجزيه او العکس او اختياري المشعر خاصة او اختياري عرفة خاصة و الذي لايجزي ادراک اضطراري عرفة وحده و اما اضطراري المشعر وحده ففيه خلاف و اشکال و الاظهر عدم الاجزاء و هو الاحوط بل الاظهر.

قال سلمه الله تعالي: فما يقول سيدنا في امرأة دخلت مکة بعمرة التمتع فلما دخلت حاضت قبل طوافها و بقيت في حيضها حتي خرجت الي عرفة هذه ما حکمها هل تعدل الافراد او تبقي الي التمتع و تقضي بعد و علي تقدير بقائها هل التمتع الي کم وقت قضاها ما يري سيدنا و يختار.

اقول بل تعدل الي الافراد و تخرج الي عرفة و تقف بها ثم الي المشعر و هکذا تأتي بباقي المناسک فاذا دخلت مکة بعد الفراغ من اعمال مني فان طهرت اغتسلت و طافت و سعت و الا تصبر الي ان تطهر ثم تطوف و تسعي و تتم العمل.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 81 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا العدالة شرط في امام الصلوة علي الميت.

اقول المشهور بين الاصحاب اشتراط العدالة لانها امامة و الامام يجب ان يکون عادلاً و ذهب بعضهم الي عدم الاشتراط نظرا الي الاخبار الدالة علي انه يصلي علي الميت اولي الناس به من غير تفصيل و اولي الناس بالميت لا يلزم ان يکون عادلاً و هو قريب و الاحتياط مع المشهور.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيمن قصد نية الصوم بقلبه و هو في الصلوة هل تصح (تصلح خ‌ل) تلک الصلوة و تلک النيه ام‌ لا.

اقول اذا لم‌يقصد بنية الصوم في قلبه و هو في الصلوة نية قطع الصلوة مع فعل موجب بالقطع فلاتبطل الصلوة و يصح الصوم و الا فتبطل الصلوة و يصح الصوم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيمن رأي من يخل بافعال الصلوة و شرايطها کوضوء و غيره هل يجب عليه اعلامه ام لا و کذا من رأي غيره علي نجاسة او فيه نجاسة هل يجب عليه اخباره ام لا

اقول الذي يخل بافعال الصلوة و شرايطها فان کان يخل بها عمداً او جهلاً بالحکم فذلک يجب اعلامه من باب الامر بالمعروف والنهي عن المنکر ان تحققت شرايطه من العلم بتجويز التأثير و عدم الضرر و الا فلا و ان کان سهواً ففيه اشکال و اما الذي يري علي غيره نجاسة فلايجب اخباره بل و لايستحب و يجوز ان يصلي معه جماعة في تلک الحالة.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني و ان منکم الا واردها و الآية فيها عموم يشمل الانبياء و الائمة و الصلحاء.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 82 *»

اقول ان الصراط موضوع علي متن جهنم و الخلق کلهم من الانبياء و الائمة و الصلحاء و الکفار و ساير الخلق يمرون عليه فالمؤمن يتجاوز عنه و الکفار و من يستحق النار يقعون فيها الا تري في آخر الاية بعد قوله تعالي و ان منکم الا واردها کان علي ربک حتماً مقضياً (مقضياً قال تعالي خ‌ل) ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثياً و قال عليه السلام في هذا وجه آخر و هو ان الحمي رائد الموت و حرها من فيح جهنم و هي حظ کل مؤمن و مؤمنة من النار و هنا وجه آخر مذکور في احاديث الطينة و هو ان الله سبحانه و تعالي لماخلق الخلق في عالم الذر اجج لهم نارا فامرهم بالدخول فيها فمن دخلها کانت عليه بردا و سلاما و من لم‌يدخلها دخل نار جهنم و کلهم دخلوا النار و وردوها فالذي دخلها في العالم الاول دخل الجنه و من لم‌يدخلها هناک دخل نار جهنم و المتوقفون في ذلک العالم تؤجج لهم يوم القيمة نار الفلق فمن دخلها کانت عليه بردا و سلاما و من لم‌يدخلها دخل نار جهنم فدخول النار لابد لکل احد علي ما فصلنا لک.

قال سلمه الله تعالي: و ما العلة و المزية في افضلية التمام في المواطن الاربعة دون غيرها و ما (ما يري خ‌ل) سيدنا في التمام هل يختص في مکة بالبيت دون مکة و بقبر الرسول صلي الله عليه و آله دون المدينة و بالحاير دون البلد و ما معني الحاير وحده.

اقول اعلم ان هذه الاراضي الاربعة اشرف الاراضي واعظمها عند الله سبحانه تعالي لسبقتها في الاجابة علي ماسواها حين قال سبحانه للجمادات و البسايط الست بربکم و محمد صلي الله عليه و اله نبيکم و علي وليکم و الائمه الاحدعشر سلام الله عليهم و فاطمة الصديقة عليها السلام اولياؤکم فلما اجابت هذه الاراضي و سبقت علي غيرها مع اختلاف مراتبها في السبق شرفها الله سبحانه و عظمها و جعلها مهابط للانوار القدسية و الاسرار الالهية و الملائکه الکروبيين و محل عناية ‌الانبياء و المرسلين فهي لم‌تزل مهبطاً للانوار و محلاً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 83 *»

للاسرار و موضعاً لوقوع اشعة الافاضة و باباً واسعاً للاستفاضة ثم ان الله سبحانه و تعالي زادها نوراً علي نور و سروراً فوق (سرورا علي خ‌ل) سرور حيث جعلها بيتاً له و نسبها الي نفسه تعظيماً و تشريفاً و توقيراً و تکريماً ثم شرفها بتشريف آخر اخذ طينة ائمتنا المعصومين عليهم السلام لظهورهم الي هذه الدنيا فصارت هي معدن الکنوز الالهية و مخزن الانوار القدسية و مهبطاً للفيوضات السرمدية في العوالم الجسمية و لماکانت الصلوة خير موضع (موضوع خ‌ل)و اشرف مشروع اجذب الاعمال للخيرات و اقربها للايصال الي معالي الدرجات وهي معراج المؤمنين و انس الموحدين و لماکانت الصلوة کلما تکاملت شرايطها و آدابها في اطوارها کانت اکمل و اوفي و اعلي و اسني في جذب الخيرات و لما کان الله سبحانه و تعالي بفضله و کرمه و ارادته لليسر و عدم ارادته للعسر قصر صلوة المسافرين لاشتغالهم بوعثاء السفر و تحملهم لمشاقه الذي هو قطعة من سقر فاکتفي منهم بالوضع الاولي لها و هي الرکعتان ماسوي المغرب لانها قد زيدت فيها رکعة واحدة فجبر کسرها بعدم قصرها.

و لماکانت تلک الاماکن المشرفة کما وصفتها لک من کونها مجمعاً للخيرات العلوية و موقعاً للمظاهر القدسية و کانت الصلوة کما وصفتها لک و کما هي المعروفة من انها عمود الدين و خير موضوع في شريعة سيد المرسلين عليه و علي آله صلوات الله ابد الآبدين و الله سبحانه و تعالي احب لعباده ما هو اکمل نفعاً و اعظم خيراً رخص المسافر في الاتمام في هذه الاماکن لتمام الخير و النور و کمال الحبور و السرور و لينال من الخيرات اکملها و يصل الي معالي الدرجات اشرفها و افضلها و حيث انه في السفر ما حتم عليه لما ذکرنا لک من الامر المستقر و هو ارادة اليسر و اما حاير سيدنا الحسين عليه السلام فهو و ان لم‌يکن مسجداً علي الظاهر لکن الله سبحانه و تعالي قرن الحسين عليه السلام بنفسه و حباه مزايا (مرايا خ‌ل) قدسه کرامة لشهادته (لشهادة خ‌ل) التي اتي عليه السلام بما لم‌يأت احد بمثله فخصه الله سبحانه بمزايا لم‌يجعلها لاحد من غيره حتي لابيه و جده سلام الله عليهم (و جده صلي الله عليه و آله و علي ابيه سلام الله و صلواته

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 84 *»

عليه خ‌ل) فجعل الائمة من ذريته و الشفاء في تربته و الاجابة تحت قبته و ندب الي زيارته في الاوقات المنسوبة اليه تعالي کالعيدين و عرفة و شهر رمضان و ليالي القدر و اول رجب و النصف من شعبان و ليالي الجمع و کل وقت ظهر (مظهر خ‌ل) فيه سر من اسرار الربوبية و طور من الاطوار الالهية بخلاف غيره فان زيارة اميرالمؤمنين عليه السلام مندوبة في الايام المنسوبة اليه و الي اخيه صلي الله عليه و آله کالغدير و المبعث و المولود و هي ايام لهما ظاهر فيها امرهما بخلاف زيارة الحسين عليه السلام فانها مندوبه في ايام الله فلما خصه الله سبحانه بنفسه جعل حکم حايره حکم مسجده فرخص للمسافر في حايره ما رخصه في مسجده واباح لبيته ما اباح لبيته و تلک والله هي الکرامة العظمي و السعادة الکبري التي لايضاهيها بشر و لايسمو اليها ذو خطر و لاينافي ذلک افضلية جده و ابيه و اخيه عليهم السلام لان هذه المزايا مزايا خارجية عرضية منشأها الشهادة و الافضلية بالمزايا الذاتية کما روي ان اباطالب له نور يفوق يوم القيمة علي انوار جميع الانبياء و المرسلين ماسوي الخمسة عليهم السلام مع ان اباطالب عليه السلام لم‌يبلغ بالمراتب الذاتية رتبه الانبياء و شرح هذا الکلام يطول و الاشارة کافية لاهلها.

و اما حد التمام في المواطن الاربعة فالظاهر کما هو الاحوط انه في مکة و المدينة شرفهما الله و زادهما تشريفاً و تعظيماً مختص بمسجديهما دون بيوتهما و دون حجرة النبي صلي الله عليه و آله التي هي محل قبره.

و اما مسجد الکوفة فمسماه و هو الآن هذا المسجد المحدود بالحدود المعلومة و ان کان في الاصل حد المسجد اثني عشر الف ذراع لکن القدر المتيقن الآن هذا المعلوم و کذلک التمام مختص بالحاير دون البلد و اما معني الحاير فهو الموضع الذي حار فيه الماء و استدار و لاينافي ذلک اطلاق الائمة عليهم السلام کالباقر و الصادق و الکاظم و الرضا عليهم السلام الحائر عليه قبل ان يحير الماء و يستدير لان ذلک (ذلک کان خ‌ل) في زمان المتوکل و اطلاق الحاير عليه قبل ذلک لانهم لما علموا ذلک سموه باسمه قبل وقوعه اخباراً بوقوعه و تعليماً علي ان هذا هو

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 85 *»

الاسم الحقيقي من جهة ظهور هذا الامر العظيم فيه او ان الحائر في اللغة هو المکان المنخفض و لماکان هذا المکان الشريف اخضع الاماکن لله و اخفضهم عند استشعار عظمته و کبريائه کما في الحديث المشهور سمي حائراً و اما حده فقد اختلف الاصحاب فيه.

و الذي يختلج بخاطري الفاتر بعد ملاحظة الادلة و امعان النظر انه عشرون ذراعاً من حد القبر الي اربعة جوانب کل جانب عشرون ذراعاً و کل ذراع شبران و کل شبر اثني عشر اصبع من اصابع مستوي الخلقة فالمسافر في هذا الحد المذکور مخير بين القصر و الاتمام و الاتمام افضل و الي ما اشرنا اشار عليه السلام علي ما رواه في الاستبصار ان من مخزون علم الله تخيير المسافر في المواطن الاربعة فافهم و اتقن.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا و مولانا و مقتدانا فيما ورد عن النبي صلي الله عليه و آله حملت به امه في ايام التشريق فولدت به في سابع‌عشر ربيع الاول فعلي هذا يکون الحمل ثلاثة اشهر او سنة و ثلاثة اشهر و العلماء مجمعون علي ان منتهي مدة الحمل سنة فکيف هذا و ما الجواب.

اقول ايام التشريق في هذا الحديث ايام النسيء و هو الذي اشار الله سبحانه و تعالي اليه بقوله انما النسيء زيادة في الکفر يضل به الذين کفروا يحلونه عاماً و يحرمونه عاماً ليواطؤا عدة ما حرم الله الآية فان العرب في زمان الجاهلية کانوا اذا ارادوا الحرب في ايام حجج (ايام الحج خ‌ل) الشهر الحرام کانوا يحاربون و يقاتلون و يؤخرون حجهم الي بعد الفراغ من شغلهم ثم بعد ذلک يجعلون ذلک الشهر الحرام و يخرجون الي عرفات و مني للحج و يجعلون ايام التشريق مدة مکثهم بمني في حجهم ذلک و لايلتزمون الحج في ذي الحجة خاصة و تلک الايام هي ايام النسيء و علي هذا فلايلزم ما ذکر جنابک لان ذلک انما يکون اذا کان الحج في ذي الحجة ولکن العرب کانت تؤخر الحج لتشغل بشغلهم او عدو يقاتلهم فيکون ايام التشريق التي حملت به صلي الله عليه و آله امه اياماً تساوي مدة الحمل المتعارفة التي هي تسعة اشهر و هذا هو المعلوم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 86 *»

بنص القرآن و اطباق المورخين و دلالة الروايات من الائمة الطاهرين سلام الله عليهم اجمعين.

قال سلمه الله تعالي: و ايضاً سيدنا ان الطينتين طينة عليين و طينة سجين علي التساوي و هذا شأن العدل فکيف يصير المخالف اکثر و المؤالف اقل ما الجواب و ان قلنا بعدم التساوي فهو مشکل.

اقول ان کان المراد من الطينتين في اصل الخلط لتحقق الاختيار فهذا لا شک فيه فان الله سبحانه و تعالي اخذ طينة من عليين و طينة من سجين و خلطهما فعرکهما و صلصلهما و جعلهما شيئاً واحداً صحيح الاختيار مخلي السرب فلو اختلفت الطينتان يلزم الجبر و ذلک خلاف شأن العدل و هذا الخلط لاجل الاختيار فالمختار يفعل ما يشاء بحفظ الله سبحانه و تعالي و مدده و توفيقه او خذلانه فتختلف الموجودات بما جعله الله سبحانه و تعالي فيهم من سر الاختيار الموجب لاختلاف الميولات و الشهوات.

و اما قولکم فکيف يصير المخالف اکثر و المؤالف اقل فذلک کلاً (اقل هذا کلام خ‌ل) قشري لايفتح منه الف باب و انما المخالف بعدد المؤالف و الظلمة علي طبق النور و العکس مطابق للعاکس و ما تراه من کثرة المخالفين کما هو ظاهر بعض الآيات الشريفة فانما هو في هذه الدنيا في القوس الصعودي فاذا صعد العالم و بلغ منتهاه کان الامر بالعکس کما يکون في الرجعة و اما ظهور الطينتين فيکون يوم القيمة فريق في الجنة و فريق في السعير اما طينة عليين التي اختصت به الاخيار و طينة سجين التي اختصت به الاشرار فانما هو في الخلق الثاني في احداث کينونتهم الظاهرة عند الاقرار و الانکار فالمقرون خلقهم من طينة عليين زيادة عما کان مستقراً في طويتهم فکانت لهم بذلک نوراً علي نور و المکرون خلقهم من طينة سجين زايداً عما کان مستودعاً في حقيقتهم منها فکانت لهم ظلمات بعضها فوق بعض و هذا لايشترط فيه التساوي بحسب البرهان العقلي لکن الامر الواقع کما ذکرنا لک من مساواتهم في

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 87 *»

الشؤونات و الاطوار الا في بعض المختصات کالجنة و النار و طبقاتهما و الدرجات و الدرکات و هذا مجمل المقال و اما التفصيل فاطلبه في ساير ما کتبنا من الرسائل و اجوبة المسائل.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في جواز احرام البعيد قبل القريب هل ترون جوازه و علي تقدير جوازه فالي اي حد يجوز هل هو مطلقا و لو في آخر الصف ام يختص بوجه واحد افدونا (افيدونا خ‌ل) ادام الله فوائدکم و السلام خير ختام.

اقول الظاهر جواز احرام البعيد قبل القريب اذا کانوا وقوفا لان استعلام (استعلال خ‌ل) الحال مشکل و اليسر في الشريعة مطلوب و سيرة المرسلين (المسلمين خ‌ل) علي هذا النهج جارية و عدم ورود نص في المقام مع شدة البلوي و قولهم عليهم السلام فاسکتوا عما سکت الله و ابهموا ما ابهمه الله و ليس له حد خاص فيجوز و لو في الصف الاخير نعم اذا کان بعضهم جلوساً و بعضهم قياماً فهناک يراعي الفاصلة المعتبرة شرعاً بين الامام و المأموم و الصف المتقدم امام الصف المتأخر و الفاصلة المعتبرة بين الامام و المأموم معتبرة بينهما و هي مقدار مربط الفرس علي اصح الاقوال فحينئذ يلاحظ في حال جلوس بعض الصفوف الفاصلة المعتبرة فيحرم ان کانت الفاصلة هي المعتبرة بين الامام و المأموم و الا فيصبر الي ان يقوم او يحرم و السلام.

الحمدلله علي الاتمام و صلي الله علي محمد و آله سادات الانام مادام الليالي و الايام.