13-03 جواهر الحکم المجلد الثالث عشر ـ رسالة في جواب الشيخ محمد بن الشيخ حسين البحراني (3) ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ محمدبن الحسین البحرانی (3)

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 135 *»

بسم الله الرحمن الرحيم و به نستعين

الحمد لله رب العالمين و الصلوة و السلام علي محمد و آله الطاهرين و لعنة الله علي اعدائهم و مبغضيهم و منکري فضائلهم اجمعين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب العالم العامل و الفاضل الکامل الشيخ محمد بن حسين بن خلف بن سلمان قد ارسل الينا مسائل کثيرة اغلبها صعبة عويصة قد الحقها بمسائله السابقة و اراد الجواب علي الاستعجال و انا مع کثرة الاشغال و تبلبل البال و وفور الاختلال و عروض الاعراض و الامراض المانعة عن استقامة الحال احببت اجابته و بادرت الي جواب مسألته و اتيت بما هو الميسور اذ لايسقط بالمعسور و قد احببت ان تأتيني قبل هذا الوقت لأودي بعض حقها من التحقيق و اوصل السالک الطالب للحق سواء الطريق ولکنه

ما کل ما يتمني المرء يدرکه

تجري الرياح بما لاتشتهي السفن

و قد جعلت کلامه متناً و جوابي کالشرح له کما هو عادتي في اجوبة المسائل.

قال سلمه الله تعالي: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليک يا کافل ايتام آل الرسول و منتهي السؤال الي سلم الوصول و الشهيد بعد الله و اوليائه يوم يأتي السائل و المسؤول الوساطة بيننا و بين امامنا المحجوب و رکننا الذي نلجأ اليه في المنقول و المعقول فيا سيدي قد طرأ علي فهمي القاصر بعض المسائل لما شاقني من الايضاح في المسائل الاول فالقيتها عليک لانک اليوم عمادي و رکني الاشد فاولها:

ما يقول سيدنا و مولانا في تفسير قوله تعالي وسع کرسيه السموات و الارض و ما کيفية خلق السموات و الارض هل هي طباق کماقال الله ام کروية

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 136 *»

و ما معني العرش کما في قوله تعالي و يحمل عرش ربک فوقهم يومئذ ثمانية و کماقال تعالي و هو رب العرش العظيم.

اقول اما معني ان الکرسي وسع السموات و الارض فلانه محيط بالسموات و الارض و هما بالنسبة اليه کحلقة ملقاة في فلاة قي کما في حديث زينب العطارة عن النبي صلي الله عليه و اله و ذلک لان اصغر الکواکب في الکرسي کالسها قالوا انه بعدد الارض خمسة‌عشر (خمس عشرة ظ) مرة و هو کوکب خفي لايدرکه الا حديد البصر و الکواکب الکبار کالجدي و بنات النعش و الشعري و امثالها اکبر من الارض مائة مرة و انت الآن ان نسبت بکل (كل خ ل) کوکب الي مقره من الفلک يتبين لک سعته و عظم احاطته بقوله صلي الله عليه و اله انها في جنبه کحلقة ملقاة في فلاة قي و الشمس اکبر الکواکب جِرماً و هي اکبر من الارض ثلاث مائة مرة او الف علي الخلاف و القمر اصغر من الارض بخمسة و عشرين  مرة و عطارد اصغر من القمر فالسموات بما فيها من الکواکب و الارض بما فيها من الطبقات کلها تحت الکرسي و مستمدة منه فهو اذن يسعهما و يحيط بهما و هو ظاهر معلوم.

و اما حقيقة الکرسي فالکرسي کون ثانوي تفصيلي في العالم الجسماني مقر المبادي الجسمانية التي هي حملة الفيوضات الغيبية في المقامات الشهودية و مهابط الاسماء الالهية السرية في العوالم الجسمية بل هي الاسماء الوجودية الالهية الجسمية التي بها يدبر الکون الشهودي و العالم الجسمي و هو المعبر عنها بالکواکب و النجوم و هي الشعلات المستجنة في زبد البحر الذي هو المادة الجسمانية و من جهة کون هذا الجسم المحيط بالسموات و الارض مقراً لتلک المبادي و مکمناً و محلاً لها و النادي سمي کرسياً و منطقة هذا الفلک الذي هو المحاذي لقطبه الناظر اليه دائماً المفصلة بظهور المبادي باثني عشر تسمي بفلک البروج و تلک المبادي المفصلة في هذه النقطة بحدودها المعينة هي العلامات و الآيات و المقامات التي لاتعطيل لها في کل مکان و بها الاهتداء و بنورها الاقتداء و هو قوله تعالي و علامات و بالنجم هم يهتدون و العلامات هي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 137 *»

التي في دعاء رجب و النجم تلک العلامات اتي بها بصيغة المفرد لبيان ان ذلک الجمع مفرد في مقام الجمع و الکثرة لاتنفک عن عالم الامکان و الوحدة وهي التي تراد من الاکوان و الاعيان و لما لم‌يتفق من الکثرات قد ظهر فيها سر الايتلاف في جميع الاحوال غير الاثني‌عشر و نفس الکرسي و القطب الممد له افرد النجم فافهم و البروج المفصلة في الکرسي في العالم الجسماني مظهر لتلک العلامات و النجم و من حيث التفصيل الي الثمانية و العشرين تمام دورة العناصر الحقيقية في الاطوار السبعة بظهور الاثني‌عشر اي البروج و المقر و القطب في العالمين عالم الغيب و الشهادة تسمي تلک المنطقة بفلک المنازل فالجسم الکري المحيط بالعالم بعد محدد الجهات هو الکرسي من حيث کونه مقراً للکواکب و البروج من حيث منطقة المفصلة بالبروج الاثني‌عشر هو فلک البروج و من حيث تفصيلها الي المنازل هو فلک المنازل و ليست هذه الثلاثة افلاکاً منفصلة کانفصال ساير الافلاک و السموات من الجزئية و الکلية الا ان من جهة‌ اختلاف آثارها و احکامها اختص کل منهما باسم خاص.

و اما کيفية خلق السموات و الارض فاعلم ان الله سبحانه خلق ياقوتة حمرا ء غلظها کغلظ السموات و الارض ثم نظر اليها بعين الهيبة حيث کانت في بدو وجودها شاعرة عاقلة فلما نظرت الي مقامها انجمدت فنظر سبحانه اليه بنظر الهيبة فماعت و کانت بحراً رجراجاً و تياراً مواجاً ثم بتصادم الامواج و نسب بعضها الي بعض غلظت و کثفت و تلطفت و ترققت فصعد اللطيف و هو الدخان و جمد الغليظ ببرودة الماء من جهة الانية فصار زبداً بما يوقد علي النار نار العناية ابتغاء حلية من الطور الطيبة و الصبغ المحمود او متاع يلتذ به القوي الالهية او يدخن للبقاء في الدار الآخرة لا الزيد الذي يذهب جفاء فانه ما يستقر و لايصح لان يکون مقراً للمبادي العالية و مرکزاً و مهبطاً للانوار القدسية و محلاً للاقطاب الاولية فلما تم انجماد الزبد بمشية الله سبحانه و نفاد کلمته دحاها الله سبحانه و جعلها سبع طبقات مستديرات کل طبقة تدور علي الاخري و خلق سبحانه في کل طبقة خلقاً علي مقتضي قوابلها و استعدادها يسکنون فيها

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 138 *»

و يأنسون بها کالحيتان في الماء و جعل الطبقة العليا محلاً لاشرف المخلوقات لاستشراقها بالانوار و تأهلها لحفظ تلک الاسرار ان في ذلک لعبرة لاولي الابصار.

 و اما الدخان المتصاعد فخلق سبحانه منها السموات السبع و جعلها اطباقاً و اقر کل طبقة مقرها بما هو اهله من اللطافة و قوتها و ضعفها و اظهر قبسات الانوار التي هي شعلات النار من الشجرة الزيتونة التي ليست بشرقية و لاغربية يکاد زيتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار في مواقع تلک الطبقات علي حسب قابليتها لحملها و کينونتها لتحمل امر ربها فمنها ما تحمل واحداً منها لضعف قابليتها وهي السموات السبع و الافلاک السبعة و منها ما اقتضي ظهور کل تلک الانوار و القبسات و هو الکرسي لشدة صفاء طويتها و حسن قابليتها و منها ما لم‌يظهر فيه شيء لکمال لطافتها و نوريتها و قوتها لا لاجل ضعفها کالهواء مثلاً فان النور لم‌يظهر فيه و يظهر في الارض و الجسم الکثيف و لاريب ان الارض ليست بالطف من الهواء و کذلک ظهور تلک القبسات في ساير الافلاک و عدم ظهورها في الفلک الاعظم الذي هو العرش فمن هذه الجهة ليس فيه شيء من الکواکب لکمال اللطافة الذاتية و الشرافة الحقيقية فغابت فيه تلک الانوار و خزنت من سرة الاسرار فالعرش ليس فيه کوکب اصلاً و لذا کان اطلس او لکمال اللطافة يقطع کل اربعة و عشرين ساعة دورة تامة مع کمال السعة التي ربما تعرفها بالمقايسة الي الکرسي فانه عند العرش کحلقة ملقاة في فلاة قي و الکواکب کلها في الکرسي و لصفاء قابليته و کثافته الاضافية کالبلور بالنسبة الي الهواء و ظهور الاحراق فيه دون الهواء و السموات السبع في کل منها کوکب واحد لضعف قابليتها عن تحمل اکثر من شعلة من تلک الشعلات و صيرورتها مظهر الاکثر من آية من تلک الآيات.

و لماکانت المتولدات في الارض انما خلقها الله سبحانه و انشأها بنظر تلک الکواکب لانها محال المشية في المراتب الجسمانية السفلية و تدبيرها فيها انما هو بالمحاذاة و اتصال الاشعة بالصفات جعل لکل سماء في السموات افلاکاً جزئية بها تختلف محاذاتها في حرکاتها مع القوابل السفلية و تختلف الصور و الهيئات و الذوات و سائر

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 139 *»

الشؤونات في المتولدات الارضية و انما کان تعدد الافلاک في السبعة لانها الوسايط بين الاجسام السفلية و الفلکين الاعظمين الذين هما العرش و الکرسي فانهما امثال الافاضة و المتولدات هي الاصل في الاستفاضة و لضعف قابلية المتولدات عن التلقي في العرش و الکرسي بغير واسطة جعل الله سبحانه هذه الافلاک السبعة و السموات السبع واسطة في التلقي من العرش و الکرسي و الايصال اليها فالتعدد في الافلاک لاختلاف المحاذاة انما احتيج فيها دونهما فالشمس لها فلکان الممثل و الخارج المرکز و العلويات مع الزهرة لها مع الفلکين التدوير و عطارد مع القمر لکل منهما اربعة افلاک مع الثلاثة المايل في القمر المدير في عطارد فالحاصل في ضرب الثلاثة في الاربعة و الاربعة في الاثنين مع فلکي الشمس و العرش و الکرسي اربعة و عشرون باربعة و عشرين حرکة بها التقدير و التسخير و بالکل التدبير ذلک تقدير العزيز الخبير.

و اما خلق السموات و الارض في ستة ايام اي في ست مراتب فان الشيء له مادة و له صورة و نسبة المادة الي الصورة و نسبة الصورة الي المادة و اول الاقتران و الاجتماع و تمام الاجتماع فالمادة خلقتت يوم الاحد و الصورة يوم الاثنين و النسبة الاولية يوم الثلثاء و الثانية يوم الاربعاء واول الاقتران يوم الخميس و تمام الاجتماع يوم الجمعة و لذا سمي الجمعة لاجتماع الاصلين مع نسبهما فيه مرتبة مجتمعة بحيث صار المجموع شيئاً واحداً يجري عليه حکم واحد و يشار اليه الاسم الواحد مع کثرة مراتبه و اجزائه و اسبابه و هذا في کل شيء و لماکانت السموات في کل عالم مبدأ ذلک العالم و اوله خصها بالذکر قال ان السموات و الارض خلقنا في ستة ايام فافهم، هذا مجمل القول في کيفية خلق السموات و الارض و تفصيل المقال في هذه الاحوال تطلب في ساير رسائلنا لاسيما الجزء الاول من شرح الخطبة الطتنجية و الرسالة الاخري الموضوعة لبيان السموات و الارض و هيئات الافلاک و تفسير آية الکرسي.

و قولکم هل هي طباق ام کروية فاعلم ان السموات لاشک انها کروية لان شکل الکرة افضل الاشکال و اشرفها و اقرب الي البساطة و الوحدة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 140 *»

فمقتضي المبادي ان يکون علي شکل الاستدارة التي هي اشرف الاشکال لان الطفرة في الوجود باطلة فما کان اشرف يجب ان يکون اقدم و لماکانت السموات هي الاشرف و الاعلي تجب ان تکون مستديرة و اما الانسان فهو و ان کان اشرف الا انه من جهة الجامعية علقت بها ثاء الثقيل فاخرجته عن صورة الوحدة التي هي شکل المبدأ فاذا فصلت مراتب الانسان کان کل مرتبة علي شکل الکرة و هذه الصورة انما اکتسبها من جهة الجامعية و لحوق الکثرة.

و اما قوله تعالي طباقاً لاينافي الکروية و انما المراد ان کل سماء علي طبق السماء الاخري فهي طبقات بعضها طبق الآخر.

و اما العرش فاعلم ان له اطلاقات کثيرة في احاديث اهل‌البيت عليهم السلام فمنها العرش الاعظم الاعلي و هو المشية و الارادة و الاختراع و الابداع و منها الحقيقة المحمدية الجامعة لحقايق الاربعة‌عشر المعصومين سلام الله عليه و عليهم من قوله کلنا محمد صلي الله عليه و آله و منها العقل الکلي و القلم الاعلي و منها الانوار الاربعة النور الابيض الذي منه ابيض البياض و النور الاصفر الذي منه اصفرت الصفرة و النور الاخضر الذي منه اخضرت الخضرة و منها کل الوجود المعبر عنه بالملک في قوله تعالي و رب العرش العظيم اي الملک العظيم و منها الدين في قوله تعالي و يحمل عرش ربک فوقهم يومئذ ثمانية اي دينه و الثمانية اربعة من الاولين نوح و ابراهيم و موسي و عيسي و اربعة من الآخرين محمد و علي و الحسن و الحسين سلام الله عليهم و اما قوله تعالي و کان عرشه علي الماء فالمراد به المشية کانت مستقرة و ظاهرة في الحقيقة المحمدية و هي الماء الذي به حيوة کل شيء و يراد ايضاً الدين و من الماء العلم و منها الفلک الاعظم محدد الجهات و يحتمل ان يکون هو المراد هو محدد الجهات الجسمانية الفلک المحيط بالعالم الجسماني و بالماء الزمان لان العرش هو مبدأ الزمان و المکان و قد قال بعض الحکماء ان الزمان هو يجري من تحت جبل الازل الي ما لانهاية له و الکلام في هذا المقام طويل و القلب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 141 *»

سقيم عليل لتناکر ابناء الزمان و انکبابهم علي الجهل و الطغيان و في ما ذکرنا کفاية لاولي الدراية.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في قول اميرالمؤمنين عليه السلام انا الواقف علي الطتنجين و الالف بين الواوين.

اقول: اما قوله عليه السلام في الفقرة الاولي فهو موجود في الخطبة المشهورة الطتنجية و ذکرنا فيه من معناه ما لامزيد عليه بالنسبة الي ابناء الزمان و مجمل بيانه ان الطتنج عبارة عن الخليج المنشعب من البحر الاعظم و الطتنجان خليجان من ماء و المراد بالبحر هو بحر الصاد و اول المداد و مبدأ الاستعداد و هو الماء الذي کان العرش عليه قبل خلق السموات و هو ماء الوجود و سر الشهود و مبدأ العبودية و هو مادة المواد و هيولي الهيوليات و عنصر العناصر و نور الانوار و اسطقس الاسطقسات و ايس الايسيات و هو الفؤاد و مبدأ الوجود المقيد و هذا بحر يجري تحت عين شمس الازل و هو النور المشرق من صبح الازل فيجري علي اودية قوابل الممکنات و صور الکائنات فتظهر به الاضداد و تنشأ به الانداد و يظهر به الظلمة و النور و الخير و الشر و السعادة و الشقاوة و الجنة و الاخيار و الاشرار و کل من النور و الظلمة خليج ينشعب من ذلک البحر و هو قوله تعالي کلاً نمد هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربک و ما کان عطاء ربک محظوراً فالعطاء ذلک البحر و هو يمد النور و الظلمة و الخير و الشر و النور بجهة موافقته و الظلمة بجهة مخالفته الاتري ان اهل الجنة و النار کلهم انما ظهروا بکلمة التوحيد فمن قبلها و وافقها في الاعمال و المقتضيات فهو من اهل الجنة و من خالفها و لم‌يعمل بمقتضاها دخل النار و کالقرآن فانه نور و شفاء للمؤمنين و لايزيد الظالمين الا خساراً و هو قوله تعالي و ليزيدن کثيراً منهم ما انزل اليک من ربک طغياناً و کفراً.

 و لماکان ذلک العطاء الذي يمد المؤمن و الکافر عند رسول الله صلي الله عليه و آله کماقال تعالي هذا عطاؤنا فامنن او امسک بغير حساب و کان اميرالمؤمنين يده و عضده و بابه صلي الله عليهما و الخير و الشر انما

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 142 *»

يظهران بولايته و هو موصل العطاء الي المستحقين و مبلغهم الي درجاتهم من عليين و سجين و هو عليه قسم الجنة و النار و هو نعمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار و هو باب السور الذي باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبلة العذاب کما في قوله تعالي فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و هو اذلة علي المؤمنين و اعزة علي الکافرين و هو العذاب الواقع الذي ليس للکافرين عنه دافع کان اميرالمؤمنين عليه السلام واقفاً علي الطتنجين و الخط الفاصل الموجب لانشعاب البحر الي شعبتين فهو عليه السلام يمد اهل الحق و الخير في التکوين و التشريع بانواع الخيرات و يمد اهل الباطل فيهما من احکام الخذلان بانواع الشرور و المعاصي و الخطيئات و هو الميسر کل احد لماخلق بالله تعالي و لذا کان اميرالمؤمنين اي يميرهم العلم و يقدر لهم فيعطي بقدر و يمنع بقدر و يوسع بقدر فهو الواقف علي الطتنجين يمد کل احد بما يناسب حاله و مقامه في مراتب النشأتين و يرفع الخلاف من البين مع انه موقع الخلاف في الثقلين يا علي ما اختلف في الله و لا في و انما الاختلاف فيک يا علي فهو عليه السلام موقع الخلاف و رافع الوفاق و الايتلاف و کل من الطرفين المختلفين مستمد من العطاء و هو عليه السلام حامل ذلک العطاء‌ و اصل الوفاء و الله سبحانه من ورائهم محيط.

و اما الفقرة الثانية فهي انا الالف بين الواوين فلم‌يعثر عليها الا ان المراد واحد فان الواوين يمکن ان يکون اشارة الي ما ذکرنا فان الواو اشارة الي الحدود الستة التي لاينفک عنها شيء و هي الزمان و المکان و الکم و الکيف و الجهة و الرتبة فلاشيء الا و هو جامع هذه الستة و لايقع التميز و الاختلاف الا بهذه الستة و هي فصل الخطاب و هو الست بربکم و هو خطاب واحد يتميز و يتشخص المخاطبين بهذه الحدود الستة و هذه الحدود قسمان نورانية و ظلمانية و هما متشابهتان في الصورة کالکلمة الطيبة و الکلمة الخبيثة و البلد الطيب و البلد الخبيث و الشجرة الطيبة و الشجرة الخبيثة و شجرة طوبي و شجرة الزقوم فالطتنجان واوان و الالف هو القلب الواقف في البين القائم الممد للطرفين و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 143 *»

الواو اشارة الي جملة العوالم فانها باجمعها تنقسم الي القسمين و يمدهما الله تعالي بالقطب الحقيقي للعالمين و ذلک القطب الواقف في البين النقطة التي تساوي نسبة الکل اليه هو مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام و يمکن ان يراد بالواوين الدنيا و الآخرة و الالف هو الرجعة و هي الواقفة بين العالمين و البرزخ بين النشأتين و الرجعة اصلها و قوامها باميرالمؤمنين عليه السلام ببدله في القائم و الحسين و بنفسه الشريفة و بسره و اصله هو رسول الله صلي الله عليه و آله لانهم حقيقة واحدة و نور واحد صلي الله عليهم و علي تبعيتهم(تبعيهم ظ) من المؤمنين الصالحين الذين يتبعونهم بالاقرار بفضائلهم و السلوک لمسلکهم و الاهتداء بهداهم و لعنة الله علي مبغضيهم و منکري فضائلهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني اجراء مصالح العباد في التکوين و التشريع بواسطتهم عليهم السلام.

اقول لما ثبت بالدليل العقلي ان الله سبحانه لايباشر الاشياء بذاته لتعاليه عن ذلک بل قال العلامة المجلسي ان ذلک محال علي الله سبحانه انما يوجد الاشياء الحوادث بفعله و الفعل ايضاً حادث مخلوق يجب ان يکون له محدث خالق و المباشرة الذاتية ممتنعة فيجب ان يکون الفعل انما يحدثه بنفس الفعل لا بذاته و الا لزم المحذور الاول و الطفرة لماکانت باطلة في الوجود يجب ان يکون اول ما تعلق الجعل به اشرف مخلوقاته و افضلها و اکملها و لو ساواه غيره لم‌يکن افضل و لو لم‌يکن لاول المخلوق نور و جمال و لنوره نور و جمال لم‌يکن ذلک افضل و اکمل و اشرف لان الکمال ان يکون له نور الا تري الشمس اذا لم‌يکن لها نور لم‌تکن کاملة فاذا وجب ذلک فقد اجمع المسلمون علي ان اول الموجودات و اشرف الحوادث المذروءات محمد و اهل بيته السادات فيکونون هم مبدأ الوجود و باب الغيب و الشهود و لماوجب ان يکون لهم نور شعاع وجب ان يکون من سواهم من شعاع نورهم و فاضل ظهورهم و الا لساووهم و الضرورة من الدين قاضية ببطلان المساواة و ان لم‌يکن لهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 144 *»

فاضل لم‌يکونوا کاملين فوجب ان يکونوا سلام الله عليهم هم الاصل في احداث الکائنات من الذوات و الصفات و السبب الاعظم في ايجاد جميع الذرات.

و قد تبين عند کل احد ان الله سبحانه لايجري الاشياء الا باسبابها فيکونون هم السبب الاعظم في کل شيء من التکوين و التشريع و في الزيارة فما شيء منا الا و انتم له السبب و اليه السبيل و معني هذه الوساطة و السببية ان الله تعالي خلقهم بهم عليهم السلام کماخلق النهار بالشمس و کما يمد القلب الاعضاء و الجوارح بالله فان الله سبحانه جعل القلب حاملاً لجميع الفيوضات الواردة علي جميع الجوارح و هي الواسطة في ايصال الحيوة و الوجود اليها و کذلک الائمة عليهم السلام في ابدانهم الصورية حاملين للاحکام التشريعية ممايتعلق بالخلق من حيث ظهورهم في النشأة النفس الامرية اي ما يجري فيه النسخ و التغيير و التبديل و في ذواتهم و حقيقتهم عليهم السلام حاملون للاحکام الوجوية التکوينية کالقلب الحامل للامدادات الکونية للجوارح فلايصدر من البدن شيء من جيمع الحرکات و السکنات الا به و بعلمه و لايرد علي البدن شيء الا بالقلب و بعلمه و لايقبل شيء من الجوارح شيئاً مما ينفعها او يؤذيها و يؤلمها الا بالقلب.

و لاريب ان العالم شخص واحد و جميع الکائنات اما اجزاؤه او آثاره کماقال تعالي و ما خلقکم و لابعثکم الا کنفس واحدة و قال تعالي ماتري في خلق الرحمن من تفاوت و قال تعالي خلقکم من نفس واحدة و المخاطب هو المکلفون و قد برهنا انهم جميع الموجودات لما فيها باجمعها من الاختيار و الشعور فاذا کان العالم شخصاً واحداً فلاشک انه له قلب يدبره و يديره کنفسک انت و ذلک القلب هو الامام عليه السلام يتصرف في العالم کتصرف قلبک فيک و تصرف روحک فيک حرفاً بحرف کما ان في تصرف قلبک فيک لايلزم ان يکون قلبک الهاً مستقلاً او شريکاً معه تعالي في تدبيره و تصرفه و فوض الله سبحانه امره و حکمه اليه ليکون معزولاً عن الله و يستلزم استغناؤه عن الله فاذا لم‌يلزم کل ذلک في قلبک فکيف يلزم اذا اثبت ما تثبت لقلبک و روحک لامامک الذي خلقه الله تعالي قبل خلق الخلق و الزمان و المکان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 145 *»

و الاکوان و الاعيان. فاثبت له عليه السلام التدبير و التصرف و الحکم و الامر في کل الوجود من غير لزوم الاستقلال و الشراکة و التفويض کيف و قد قال عليه السلام في زيارة آل‌يس و من تقديره منائح العطاء بکم انفاذه محتوماً مقروناً فما شيء منا الا و انت له السبب و اليه السبيل الي ان قال عليه السلام فلامهرب عنکم و في الزيارة ارادة الرب في مقادير اموره تهبط اليکم و تصدر من بيوتکم الصادر عما فصل من احکام العباد و هذا لمن يعرف اصول المذهب ظاهر واضح کالشمس في رابعة ‌النهار فالمنکر لما ذکرنا ليس له من الايمان حظ وافر بل و لاغير وافر و لامحمل لانکارهم الا نقصاً في مرتبة ساداتهم و تنزيلاً لهم عن المنازل التي رتبهم الله فيها و المشتکي الي الله و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في تفسير الحروف النورانية مثل الحواميم و الطواسين و الر و المر و المص و کهيعص و حمعسق و ص و ن و ق و يس و طه و ما معناهم من باب التفسير و التأويل و ما معني الم‌ ذلک الکتاب لاريب فيه هدي للمتقين.

اقول ظواهر هذه الحروف هي التي ذکرها المفسرون من انها اسماء للسور او اسماء لله فالحواميم معناها الحميد المجيد و الطواسين الطالب السيد الملک و الم: انا الله اعلم و الر: انا الله اري و المر: انا الله اعلم و اري و المص: انا الله المالک الصادق و کهيعص: الهادي الکافي الولي العالم الصادق و ص: بحر تحت العرش قد توضأ منه رسول الله ليلة المعراج بامر من الله سبحانه قال يا محمد ادن من صاد و توضأ لصلوة الظهر و ن: ملک يؤدي الي القلم و القلم: ملک يؤدي الي اللوح و هو ملک و ق: جبل محيط بالدنيا من زمرد خضراء و خضرة السماء منها حيث ان اکنانها عليها و يس: اسم من اسماء محمد صلي الله عليه و آله و کذلک طه و هذا الذي ذکرنا هو اقصي ما ذکروا في تفسيرها ولکن

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 146 *»

کان يجب عليهم ذکر النکتة لو کان ما ذکر هو المراد في ابراز هذه الاسماء بهذه الحروف بالاشارة.

و اما التأويل فمراده سلمه الله من ما هو اعم من التأويل في العرف الخاص و الباطن و ظاهر الظاهر و تأويل التأويل و لو اردنا ان نشرح جميع هذه الوجوه لطال بنا الکلام و لادي الي ذکر ابي الله ان يذکر في هذا الوقت الذي قد مد الجور باعه و اسفر الظلم قناعه ولکن لا بأس بالاشارة الي نوع ما لم‌يذکر المفسرون نعم قد ذکره آل‌محمد الطاهرون سلام الله عليهم فنقول ان هذه الحروف النورانية اربعة‌عشر حرفاً بعد حذف المکرر دلالة علي تلک الحقايق المقدسة في حد ذا تهم لتشييد سلطانهم التي (الذي ظ) نزل (به ظ) القرآن و بخصوص کل حرف اشارة الي جهة کمال من کمالاتهم فمنها تاريخ قيامهم و ظهور امرهم و خفاء دولتهم و ظهور دولة الباطل و انقطاعها کمايفصح عن ذلک غاية الافصاح حديث ابي‌لبيد المخزومي فمنها بيان بعض اسمائهم و صفاتهم عليهم السلام فعن الکاظم عليه السلام ان حم في کتاب هود اسم لمحمد صلي الله عليه و آله و ذلک لمابرهنا عليه من ان اصل الاسم هو الحرف الوسط فان کان فرداً فاصل الاسم حرف واحد و ان کان زوجاً فالاسم حرفان و ما يکتنفها من الطرفين التوابع و المتممات فالاصل في اسم علي عليه السلام اللام و الاصل في اسم محمد صلي الله عليه و ‌آله حم و قد يعبر عنه بالميم فانها جامعة للحاء بالتداخل کما عن الصادق عليه السلام في رسالة الرتق و الفتق لمفضل ابن عمر (ره) انه عليه السلام اذا اراد ان يعبر عن اسم علي يقول السيد اللام و اذا اراد ان يعبر عن اسم محمد صلي الله عليه و آله يقول السيد الميم فحم اسم لمحمد صلي الله عليه و آله في مقام الحقيقة و لماکانوا سلام الله عليهم في الحقيقة واحداً کرر الاسم الشريف سبع مرات لان الاصل في حقايقهم في مقام التفاوت في الاجابة سبعة و مقتضي الکل واحد و جهة الاختلاف فيهم ضعيفة فلايقتضي لهم في مقام الحقيقة الاصلية الا اسم واحد و اذا اختلفت اسماؤهم في

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 147 *»

القرانات الخارجية و لذا قال عليه السلام کلنا محمد اولنا محمد و آخرنا محمد و اوسطنا محمد.

و اما الزهراء سلام الله عليها فهي معهم تساويهم في الاقتضاء الاصلي دون الخارجي و نص عليه الله سبحانه بقوله تعالي کلا و القمر و اليل اذ ادبر و الصبح اذا اسفر انها لاحدي الکبر، و ضمير المؤنث يرجع الي الزهراء عليها السلام بنص مولانا الصادق عليه السلام علي ما رواه القمي في تفسيره و الکبر هم الائمة عليهم السلام اذ لا اکبر منهم سلام الله عليهم فمن هذه الجهة کرر حم في سبع سور اثباتاً لهذه الدقيقة ما اسعدک لو وفقت لفهمه و الطواسين ورد عنهم عليهم السلام علي ما في تفسير کنز العرفان الدقايق للقمي ان الطاء: اشارة الي طور سينا و السين: الي الاسکندرية و الميم: الي مکة اما طور سينا: فاحد تأويلاته انه النجف کما روي انه الجبل الذي کلم الله موسي تکليماً و هو الوادي المقدس و عليه ظهرت النار في الشجرة کماقال تعالي و شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن و صبغ للآکلين و الشجرة هي السيد الاکبر اميرالمؤمنين شجرة طوبي اغصانها الائمة الطاهرون عليه و عليهم سلام الله ابد الآبدين کما في الحديث في النفس الملکوتية الالهية هي ذات الله العليا و شجرة طوبي و جنة المأوي من عرفها لم‌يشق ابداً و من جهلها ضل و غوي و هذه الشجرة الحقيقية تخرج في الرجعة في اوائلها مع الحسين عليه السلام من طور سيناء اي النجف تنبت بالدهن الاکسير الاحمر مواد الامدادات الالهية التي تصل الي الحقايق الکونية و الشرعية و صبغ الصور الطيبة و الخبيثة التي تمايزها من شؤون ولايته عليه السلام کما ذکرنا في الطتنجين هم للآکلين هم المستمدون و الفقراء اللائذون بباب الحق سبحانه و هو عليه السلام الباب و الجناب و به امداد موادهم و صورهم.

اما الاسکندرية فهي بلدة بناها ذو القرنين و اي شرف فيها حتي ينوه الله سبحانه بذکرها و اسمها رمزاً في کلامه العزيز فذو القرنين هو سيدنا اميرالمؤمنين عليه السلام و قد ذکر ذلک في عدة روايات لايسعني الآن شرحها

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 148 *»

و قد قال عليه السلام انا ذو قرنيها فالبلدة المنسوبة اليه عليه السلام و روحي فداه هي النجف الاشرف و هي الاسکندرية التي فاقت جميع البلدان و هي الجبل الذي کلم الله موسي تکليماً و قدس الله عيسي تقديساً و اتخذ الله ابراهيم خليلاً و محمداً حبيباً و هو الجودي مقر سفينة نوح و فيها سلطنة القائم عليه السلام و مقر حکومته و فيها ينزل رسول الله صلي الله عليه و آله و عليها تقع الشکاية و هذه هي الاسکندرية التي جمعت جوامع الشرف و فواضل الکمال رمز عنها ليصون عن الجهال و تنحفظ للوصول الي معرفتها علماء (العلماء ظ) الابدال و يصابروا و يرابطوا حتي يأتي لهم بالفرج.

و اما مکة فهي اول بيت وضع للناس و لاريب ان اول بيت الشرف لايوضع الا في اشرف المحل و قد دلت الروايات التي لامعارض لها و يؤيدها العقل المستنير بنور الله ان کربلا اشرف جميع الاراضي و ان الله تعالي خلقها قبل خلق الاراضي باربعة و عشرين الف عام فعلمنا بان المراد بمکة البکة و هي موضع البکاء و النحيب و خضعت لله سبحانه و خشعت و البيت الموضوع فيه بيت الحسين عليه السلام و هي قبة من ياقوتة حمراء و حولها اي القبة المذکورة تسعون الف قبة من زمرد (زمردة ظ) خضراء و هي مخفية الآن من العيون و الابصار و يظهر (تظهر ظ) عند ظهور مولانا الحسين عليه السلام و بروزه (يزوره ظ) زواره في تلک القبة المبارکة و هي الشرافة المذخورة و لابد ان يؤتي بذکرها مرموزة فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم و قد ورد ايضاً عنهم ان الطواسين اسم الله الاعظم و يطول الکلام بذکر هذه الفقرة ‌فالسکوت عنها اولي.

و اما الم فالالف مقام النبوة الکبري النبوة المطلقة الاولية و اللام مقام الولاية المطلقة التي هي الاية‌ الکبري و الميم مقام الرتبة‌ الفاطمية العليا و هي الاصول التي يدور عليها الفروع التي هي الاصول السلام علي الاصل القديم و الفرع الکريم و بهذه الاصول ظهرت الکائنات و الحوادث الموجودات اصلاً و فرعاً شعاعاً و منيراً.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 149 *»

و اما الراء فهي تکرار القاف اي ظهورهم في عالم الاجسام علي طورين ظهور الهيمنة العليا کالبدو و العود و ظهور في دولة‌ الباطل مع تراکم السحب و الغيوم المانعة من ظهور شمس الکبرياء في الحجاب الاعلي و اضاف الر الي الالف و اللام في ست سور اشارة الي ان ظهور الحکمين ثابت في ماعدا عالم الجبروت عالم العقول فان العقل لعصمته و صفائه ليس عنده الا ظهور الاصلي.

و اما النفس و الطبيعة و المادة و المثال و الجسم و العرض فهي عند الادبار لاتنظر الا الي سحب مکفهرة و غيوم متراکمة و لاتري ظهور الشمس الا وراء‌ هذه الظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض اذا اخرج يده لم‌يکد يراها و من لم‌يجعل الله له نوراً فما له من نور و عند النظر الي العالم الاعلي اما بنفسها او بظهور الرجعة و يوم القيمة تجد ظهور امر آخر و نور انور فهناک ثبت الحق لاهله فمنها من حيث ينفع و منها من حيث يضر يوم لاينفع الظالمين معذرتهم و لهم اللعنة و لهم سوء الدار و اظهر في ست سور مجرداً عن الراء و غيرها من اللواحق اشارة الي ظهور هذه الاصول الثلاثة بالظهور الاول في ستة عوالم عالم الامکان الاعيان الثابتة في العلم الحادث و عالم الفؤاد و العقل المرتفع و العقل المستوي و العقل المنخفض و الوجه الاعلي من عالم الارواح عالم الرقايق و هذه المقامات لاتصل اليها السحايب المکفهرات و هي ناظرة الي عليين فلها ظهور واحد علي حسب مقامها و مرتبتها و ان اختلفت و في مقام واحد الحقها بالصاد في المص لبيان ان ذلک البحر الذي منه مواد الکائنات و الموجودات هو من هذه الاصول الثلاثة و هذه الامور الغريبة و الاسرار العجيبة يحتاج الي ان تذکر مرموزة و کم من خبايا في زوايا ترکتها خوفاً للتطويل و صوناً عن اصحاب القال و القيل.

و اما کهيعص اشارة الي البلية الکبري و الرزية العظمي و الداهية الدهمي کما نص عليه مولانا القائم عجل الله فرجه و روحي له الفداء ان الکاف اشارة الي کربلا و الهاء الي هلاک العترة الطاهرة و الياء الي يزيد و العين الي عطش اهل البيت و الصاد صبرهم و هي مختصر ما في اللوح من اثبات شهادته عليه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 150 *»

السلام لحفظ النظام و اظهار الحق التام و هنا وجوه اخر کتبتها في ساير ما کتبنا من هنا لاسيما في اللوامع الحسينية.

و اما حمعسق فقد ورد عنهم عليهم السلام ان حم اسم محمد صلي الله عليه و آله هـ و علم علي کله في حمعسق فالعين عقله و السين نفسه و القاف جسمه و العلوم کلها احوال الموجودات وهي لاتخلو عن العوالم الثلاثة فعلم عالم الجبروت في العقل و علم عالم الملکوت في النفس و علم عالم الملک في الجسم ففي العين علم المداد الملقي الي القلم الاعلي و في السين علم اللوح المحفوظ و المحو و الاثبات و في القاف اللوح المحفوظ و لوح المحو و الاثبات في العالم الاسفل.

و اما ص فهو الحقيقة المحمدية في عالم الجمع صلي الله عليهم و هو اول ما تعلق به المشية قول الله کن و هو البحر الذي تحت العرش اي المشية و عالم فاحببت ان اعرف و قد سبق منا ان العرش من اسمائها.

و اما ن فهو الحوت الذي کبده يأکله اهل الجنة في المحشر قبل دخولهم الجنة کماروي عن النبي صلي الله عليه و اله في جواب مسائل عبدالله بن سلام لتستقر حياتهم و هو الحوت الذي جعله الله غرضاً لسهم نمرود لما ان صعد السماء و رمي بسهم ليقتل الله سبحانه و تعالي فامر الله سبحانه حوتاً قابل سهمه خرج منه الدم للفتنة و موه علي الناس بانه قتل الرب سبحانه و تعالي و هکذا الحکم في نمرود هذه الامة لما صعد الي سماء الولاية تعنتاً بسرير غصب الخلافة ليبارز الله بالحرب فانه سبحانه قال من عادي لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة فلما رمي سهم العناد الي جانب الحق سبحانه فامر الله سبحانه حسيناً علي جده و ابيه و امه و اخيه و عليه و بنيه آلاف التحية و السلام ان يقابل ذلک السهم ليخرج منه الدم و يتلطخ بدمه الشريف ليکون فتنة و اختباراً ليهلک من هلک عن بينة و يحيي من حي عن بينة فقتل صلوات الله و سلامه عليه بسهم رماه ذلک الطاغي العنيد فاصاب حوتاً بعد خمسين سنة تقريباً و نعم ماقال الشاعر:

سهم اصاب و راميه بذي‌سلم

من بالعراق لقد ابعدت مرماک

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 151 *»

و اما ق فهو کماقلنا جبل من زمردة خضراء و اطراف السماء عليه و هذا الجبل هو وتد الارض و هو اصل الامامة التي اذا خلت الارض منها لساخت باهلها و الجمع و المفرد هنا بمعني واحد و جهات سماء النبوة لاتستقر الا علي جبل الولاية و الامامة و انما کانت زمردة لصفاء ذاتها عن شوائب الاغيار و حصول الاکدار بملاحظة الانية و انما کانت خضراء لانها مقام الکثرة و الاختلاف کماقال تعالي عم يتساءلون عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون و لقد قال عليه السلام اي آية اکبر مني و اي نبأ اعظم مني و الکثرة من حيث هي تقتضي السواد فاذا امتزجت سواد کثرة الولاية بصفوة ظهور النبوة و آثارها في الولي يظهر لون الصفرة لان من ميل العقل الي النفس ظهرت الحرارة و الرطوبة و لونها الصفرة علي التحقيق فافهم و اغتنم.

و اما يس فهو بيان الاعتدال و تطابق الاسم مع المسمي و الصورة للمعني و الاعتدال التام يقتضي تمام المقابلة لفوارة القدر و هي تقتضي الاحاطة‌ التامة لمن لم‌يکن بهذه المثابة و بيان ذلک ان السين يتساوي زبره و بيناته و لم‌يتفق ذلک في حرف من الحروف و لذا کان اسماً من اسماء محمد صلي الله عليه و آله لان باعتداله وسع جميع احکام الربوبية فصار کل الوجود يستمد منه و يناديه و يقول يس الي ان صار مع حرف النداء اسماً من اسمائه لاقتضاء الاعتدال الحقيقي افتقار الکل اليه و هو اسمه فيکون حقيقة الولي لانه اسم النبي و آية ظهوره و عصا عزه و الاسم هنا مقام في الاثر المتصل لا المنفصل کما هو مقتضي رتبة الاسمية فافهم.

و اما طه فالطا اسم لمولاتنا فاطمة عليها السلام بضم کماليها الشعوري و الظهوري فانه مااتفق اسم قد اجتمع فيه کمالا حرفه الا في اسمها فان الطاء کمالها الظهوري لکل حرف ان تضم اليها واحداً ثم تضرب المجموع في نصف الحرف الاول فالحاصل هو الکمال الظهوري فاذا اضفت الي الطاء واحدا کانت عشرة فاذا ضربت العشرة في نصف التسعة کان خمسة و اربعين و استنطاقها مه و الکمال الشعوري عبارة عن الکمال الظهوري للحرف و التي قبلها فاذا جمعنا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 152 *»

الکمالين کان الحاصل واحداً و ثمانين و استنطاقها فا فجعلنا الطاء التي هي الاصل في الوسط و الکمال الشعوري الذي هو فا في يمينها و الظهوري الذي هو مه في يسارها فاستنطقت فاطمة و ذلک من خواص هذا الاسم الشريف صلي الله علي مسماته و الهاء اسم لمولانا اميرالمؤمنين عليه السلام لان الهاء الاصل فيها الضمة فاذا اشبعت مضمومة تولدت منها الواو فالهاء خمسة و الواو ستة و المجموع احدعشر فاذا نزلتها الي الرتبة الثانية فالعشرة تنزل الي المائة و الواحد الي العشرة فالحاصل مائة و عشرة و استنطاقها اسم علي اميرالمؤمنين عليه السلام و بهذه الحروف وجوه و اسرار و تأويلات اخر اقتصرنا علي ما ذکرنا لانه اشرف و اقرب الي الافهام و الله ولي التوفيق.

و اما الم ذلک الکتاب لاريب فيه هدي للمتقين فلي فيه في باطنه کلام ذکرته في رسالة اسرار الشهادة و وقعة الطفوف علي ما عند اصحاب الکشوف و تلک الرسالة معروفة مشهورة و اظنها توجد في طرفکم فاذا تأملتها وجدت ما لاعين رأت و لااذن سمعت و لاخطر علي قلب بشر الا ما شاء الله و وجه آخر لما بين الم انها الاصول الثلاثة اشار الي شرح هذه الاصول و قال سبحانه ذلک الکتاب اي اللوح المحفوظ الظاهر في کل من هذه الاصول و الحقيقه الجامعة لها الکتاب الکريم الکتاب الناطق و هو قوله تعالي هذا کتابنا ينطق عليکم بالحق انا کنا نستنسخ ما کنتم تعملون و الکتاب هو الامام عليه السلام في مقام الفرق لاريب يعتريه و لاشک فيه و يستنبؤنک احق هو قل اي و ربي انه لحق، هدي للمتقين لولاية‌ الباطل.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قول مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام انا کاب الدنيا لوجهها.

اقول هذا من فقرات الخطبة الشريفة الطتنجية و معناها في الظاهر ظاهر فانه عليه السلام هو الزاهد في الدنيا المعرش عنها فقد کباها لوجهها اي اذلها و لم‌يغتر بغرورها و زخارفها کماقال عليه السلام يا دنيا غري غيري ابي تشوقت

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 153 *»

او تعرضت قد طلقتک ثلاثاً الحديث و لايحتاج اطناب الکلام في هذا المقام لانه ظاهر لا سترة فيه و له معني باطني و هو ان الدنيا هو المستولي علي الحق بالباطل و المتقمص قميصاً ليس له و هو الدنيا الملعونة لان المعرض عن الله الذي يدعو الي الشيطان هي الانثي و قد قال تعالي ان يدعون من دونه الا اناثاً و ان يدعون الا شيطاناً مريداً فالذي يطلب الرياسة لنفسه و ليس لها باهل انثي فتکون دنيا من الدناءة و اليه الاشارة بقوله فاعرض عمن تولي عن ذکرنا و لم‌يرد الا الحيوة الدنيا فالذکر هو اميرالمؤمنين عليه السلام کما في قوله تعالي يوم يعض الظالم علي يديه الي ان قال تعالي لقد اضلني عن الذکر بعد اذ جاءني و کان الشيطان للانسان خذولاً و قال اميرالمؤمنين عليه السلام انا الذکر الذي عنه ضل و لاينافي کون الذکر رسول الله صلي الله عليه و آله لان اميرالمؤمنين عليه السلام نفسه فهو عليه السلام کاب الدنيا لوجهها في جهنم و اکبها لوجهها لاشتغال طغام الناس بظهرها و هو قوله تعالي افمن يمشي مکباً علي وجهه اهدي امن يمشي سوياً علي صراط مستقيم و هو قوله کانوا لايتناهون عن منکر فعلوه لبئس ما کانوا يفعلون فافهم لحن المقال فاکبها لوجهها و جعل صورتها الصورة الشيطانية و الهيکل الابليسي ظهرها الي مبدئها و وجهها الي ارض ابنتها فهي الملعونة الي الملعونة ممسوخة صورة بهيمية و طوية ابليسية فلما اکبها لوجهها في الدنيا يکبها في الآخرة لوجهها في جهنم و هو و اخوه سلام عليهما مخاطبان بقوله تعالي القيا في جهنم کل کفار عنيد مناع للخير معتد مريب الذي جعل مع الله الهاً آخر فالقياه في العذاب الشديد و هذه صفة الدنيا الملعونة التي ذکرناها.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في قول الله سبحانه و السموات مطويات بيمينه و ما هذا الطي و ما معناه و ما هذه اليمين مع ان يمينه اهل البيت عليهم السلام.

اقول: طي السموات بطلان نظمها الطبيعي و بطلان ترکيبها و بطلان آثارها و اضمحلالها (وظ) اليمين الوجه الاعلي من اليد فانها لها وجهان اعلي و اسفل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 154 *»

فاعلاه اليمين و اسفلها الشمال و هو قوله عليه السلام قبض قبضة بيمينه و قبض قبضة بشماله و کلتا يديه يمين و لماکانت السموات جهة الخير و النور و ظهور المبادي العالية و الامدادات الالهية نسب طيها باليمين و الارض حيث کانت صالحة للامرين و هي ملتقي النقطتين نقطة النور و الظلمة ما نسب اليها اليمين وحدها بل قال سبحانه و الارض جميعاً قبضته عبر عن اليد بالقبضة التي اعم من اليمين و الشمال و لماکانت السموات و الارض مضمحلة دون قدرته سبحانه و کبريائه و سطوع نوره و بهائه و القدرة هي المعبر عنها باليد. و لماکان الولي هو حامل القدرة الظاهرة و محلها و مظهرها بل هو عين القدرة الحادثة ضرورة ان الولي لم‌يسبقه سابق من الحوادث قدرة کانت او اسماً او صفة و الا لماکان اول ماخلق الله و قد قال عليه السلام فبلغ الله بکم اشرف محل المکرمين و اعلي منازل المقربين حيث لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و لايسبقه سابق و لايطمع في ادراکه طامع و قد اجمع علي مضمونه المسلمون في النبي صلي الله عليه و آله و الفرقة المحقة في الائمة کلهم عليهم السلام و کل من اثبت ذلک في النبي صلي الله عليه و آله يلزمه ان يثبته في علي عليه السلام لانه نفس النبي صلي الله عليه و آله بنص قوله تعالي و انفسنا فاذا قلنا بان القدرة‌ الظاهرة في المخلوقات و الحوادث کلها ظاهرة و يعبر عنها باليد تارة و بالمشية و الارادة و الاختراع اخري و هي القدرة التي استطال الله بها علي کل شيء کما في دعاء السحر يجب بالضرورة ان نقول انها هي الحقيقة المحمدية فالولي هو يد الله و قدرته و حکمه و امره و کلمته و الاشياء کلها من السموات و الارض و ما بينهما و ما فيهما و ما تحتهما مضمحلة لديه خاضعة عنده ذليلة حقيرة تحت هيمنته و سلطانه اما سمعت ما في الزيارة الجامعة طأطأ کل شريف لشرفکم و ذل کل شيء لکم و اشرقت الارض بنورکم الزيارة فکانت السموات من الاشياء المقهورات الخاضعات الخاشعات و عن استقهارها و خضوعها و خشوعها و بطلانها يعبر بالطي فکانت هي المطويات بيمينه و اليمين هو اميرالمؤمنين عليه السلام و عددها يطابق عدد اسمه الشريف فکانت السموات مضمحلات و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 155 *»

خاضعات لله و محتاجات اليه تعالي.

و لماکان الله سبحانه جعل العالم عالم الاسباب و ابي ان يجري الاشياء الا باسبابها جعل يمينه التي هو الولي سبباً و دليلاً لانکسارها و خضوعها لديه تعالي کما جعل سبحانه الشمس دليلاً علي الظل و سبباً لوجود النور و الشعاع و لو شاءه تفرد في قوام الاسماء ولکنه سبحانه جعل له ولياً من العز اقام الاشياء به فکل متقوم متأصل انما اقامه الله و اصله بالولي و کل مضمحل و منکسر و متقطع انما کسره الله و قطعه و ابطل نظمه بالولي و کل خاضع خاشع انما خضع و خشع له سبحانه بالولي فهو الواسطة في ايصال الفيض الي کل شيء و لايملک لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوةً و لا نشوراً فالسموات بهذا المعني مطويات بيمينه اي بوليه لان الولي هو يد الله و قدرته و عظمته و کبرياؤه و کل اسم و رسم اشارة و عبارة حادثة يراد بها حادث لانه حادث قد سبق الحوادث و ممکن احاط بالامکان و لقد اجاد السيد السند السيد مهدي الطباطبايي في قوله:

تحيرت الاوهام في وصف ممکن

تعالي عن الامکان في الوصف و الفعل

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في معني قوله و شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن و صبغ للآکلين افيدونا فيها علي التحقيق تفسيراً و تأويلاً.

اقول: اعلم ان دهن الزيت اصفي الادهان و انضجها و اعدلها و من هذه الجهة کان نوره انور و ضياؤه ازهر و بقاؤه اکثر و کلما کان اشراق الشمس علي شجرته اکثر کان نضجه و اعتداله اقوي و ظهور النور عند اشتعاله اشد فعلي هذا اذا کانت الشمس دائمة الاشراق علي تلک الشجرة کان احسن و اولي و کلما کانت الشجرة ابعد من الرطوبات الفضلية العرضية کان اتم و اکمل لما يراد منها الدهن المتخذ للنور فحينئذ يجب اذا اريد الکمال ان يکون تلک الشجرة علي الجبل لتبعد علي الرطوبات الفضلية العرضية التي تحملها الارض

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 156 *»

غالباً و ان تکون علي سواء الجبل ليقع عليها نور الشمس دائماً و لاتکون وراء حجاب اشراق الشمس عليها حالاً دون حال و وقتاً دون وقت و اذا کانت الشجرة‌ نابتة في الجبل الذي وقع عليه التجلي او ان نار التجلي المخاطبة لموسي او الحاملة لمخاطب موسي کما هو صريح قوله تعالي ان بورک من في النار و من حولها و الثاني اي من حولها هو موسي و الذي في النار هو المخاطب عن الله لموسي کانت بالغة في الکمال فتبين لک ان هذه الشجرة الطورية الحاملة للخطاب احسن الاشجار و هي تنبت بالدهن اي شجرة يستخرج منها الدهن للاضاءة و الاشعال و صبغ ايضاً للآکلين يتأدمون به في اکلهم فتقوي به الحرارة الغريزية و يذهب بالکسل و يورث النشاط و ينشط الاعضاء و ينعش الحرارة و يرفع الرطوبات الفضلية و ينقي البدن فکان کاملاً في المنفعتين منفعة الاکل و الضوء و فيه منة عظيمة من الله سبحانه بها عباده في قوام معاشهم و احوالهم فافهم، هذا تفسير ظاهر الآية الشريفة.

و اما تأويلها فاعلم ان هذه الشجرة اصلها و بذرها من ثفل الکيموس مخزنها الکبد و اغصانها علي سواء الجبل العظيم و اوراقها السود و اذا مالت الي الشقرة اکمل تنبت بالدهن اذا اخذ ورقها او قطعت من اصلها في فصل الربيع بين الخمسة‌عشر الي الثلاثين و ما ينبت علي الجبال السود اکمل من غيرها فتؤخذ الشجرة و تقطع و يعصر ماؤها و يعزل عن ثفلها ثم يؤخذ من الثفل مقدار او من الماء اربعة امثاله و يجعل في التعفين و يرسل الي حمام مارية و يبقي في الحمام سبعة ايام ثم يعصر الماء و يجعل اربعة امثاله مع الثفل و يعمل العمل الاول الي ان يتکون منها البرزخان فزوجه بکفوه ليخلو بها اربعين يوماً ثم باخري دون الاولي ليخلو بها عشرين الي تمام الاربعة ثم اخذ به بست جواري و طف به بالبيت الحرام اسبوعاً ثم استخرج منه الادهان فاولها دهن رقيق القوام ظاهره بارد و باطنه حار يصلح لهما و يفعل فيما يراد منه من الحرارة و البرودة و ثانيها دهن غليظ القوام ابيض اللون اشبه الاشياء بالزيبق و ثالثها دهن اصفر فاقع لونه يسر الناظرين و رابعها دهن احمر کالياقوتة الحمراء براق شفاف و خامسها

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 157 *»

دهن احمر هو اصل للادهان قد نزل من البيت المعمور و استجن في هذه الشجرة و غاب في سرها و غيبها و کان سراً مجللاً بالسر و مقنعاً و سادسها دهن هو انفحة لهذه الادهان و بها قوامها و نظام ترکيبها و هذه الادهان هي المستخرجة من تلک الشجرة فاذا تمت و تألفت علي النظم الطبيعي کان صباغاً يصبغ بصبغ ثابت ابيض و احمر و اصفر للآکلين الذين يقبلون صبغه اما بواسطة او بغير واسطة و شرح هذا الکلام طويل و القلب لشرحه و بيانه عليل و اللسان کليل.

و اما الباطن فطور سينا هو رسول الله صلي الله عليه و اله لانه جبل الاحدية و عليه نداء انني انا الله لا اله الا انا فاعبدني و اقم الصلوة لذکري و قد وقع النداء اولاً قبل القبل بلاقبل عليه صلي الله عليه و آله و عليه کان التجلي الاعظم و الظهور الاقدم و هو اول ظاهر باول ظهور و الشجرة الخارجة من هذا الطور هو اميرالمؤمنين عليه السلام لانه منه خلق و من نوره ابتدع و هو الشجرة المفرعة بالغصون الاثني‌عشر لان الزوجة ايضاً من فروع الزوج و قد نبت هذه الشجرة المبارکة بالدهن المضيء و هو العلم النوراني الذي يضيء القلوب و ينور الصدور و هو الصبغ للآکلين يصبغ الخلق الفقراء اللائذين بجنابه و السائلين الواقفين ببابه صبغ الايمان و النفاق و يلبسهم الصورة الطيبة الانسانية و الخبيثة الشيطانية و لها باطن آخر ذکرته سابقاً و باطن آخر ترکته.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيمن دفن في کربلاء هل حکمه حکم من في الغري من اسقاط عذاب القبر ام لا و علي تقدير العدم فما الوجه مع ان کربلا لها فضل عظيم و اخبرني سيدي ما حد کربلا و ما حد الغري و ما معني قولهم عليهم السلام کل قبورنا کربلا و ما وجه افضلية الغري و ما وجه قول الحسين عليه السلام هاهنا محشرنا و منشرنا المرجو من احسانکم الايضاح لصغيرکم و فقيرکم ادام الله فوائدکم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 158 *»

اقول: قد دلت الادلة القطعية علي ان کربلا قطعة من ارض الجنة بل هي من اعلي درجاتها فلايعقل في الجنة عذاب و سؤال بل المدفون في کربلا و الغري و سامراء و عند الکاظميين و عند قبور ساير الائمة عليهم السلام اذا کان في حرمهم يسقط عنه عذاب القبر بل ليس بينه و بين الجنة الا ان يقبض روحه و ان کانت عليه ذنوب اهل الدنيا ان کان قلبه منعقداً علي ولايتهم و محبتهم و بغض اعدائهم المنکرين لفضائلهم لان حرمهم آمن و من دخله کان آمناً و من لم‌يکن من مواليهم فاذا مات عندهم يبعد عن جوارهم و يشط عن مزارهم اذ لايدنوا لهم الا الطيبون و لايمسهم الا المطهرون و المتنجس بالذنوب يطهره فاضل نورهم و شعاع ظهورهم و لا فرق بين هذه الاماکن في حفظ الشيعة عن العذاب و ان کان بعض الاراضي اشرف و اقرب من بعض للامور الاخر من الاجابة و السبق اليها.

و اما حد کربلا فاصل الحرم فحده اربعة فراسخ او خمسة علي اختلاف الروايات و اما حد الحاير الشريف فالظاهر انه خمسة و عشرون و الاحوط عشرون ذراعاً.

و اما الغري فمارتقت (فماوقفت ظ) من حدها مومياً من الاخبار نعم ورد حد الکوفة انه اربعة فراسخ.

و اما معني ان قبورنا کربلا فان طينتهم عليهم السلام خلقت من عشر قبضات خمسة من الجنة و خمسة من الارض و عد عليه السلام من الاراضي التي اخذت طينتهم کربلا و حاير و قد وردت الروايات ان الشخص لايدفن الا في مکان اخذ تربته منه فعلي هذا يکون موضع قبورهم مجمع الاراضي الخمسة و لما کان ارض کربلا اشرف الاراضي کان الغالب عليها ارض کربلا فيکون موضع قبورهم قطعة من ارض کربلا فاذا رجعت الاشياء الي اصولها ترجع قبورهم الي اصلها و هو کربلا.

و اما افضلية الغري فان کانت من کربلا فلا و اما من ساير الاراضي کلها کماقال مولانا الحسن عليه السلام لموضع رجل بالکوفة احب الي من دار

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 159 *»

بالمدينة فلان المکان علي حسب المتمکن فلما کانت الارض المذکورة محلاً و مقراً للولي الظاهر بالولاية المطلقة کانت افضل من جميع الاراضي.

لايقال ان المدينة مقر للنبي صلي الله عليه و آله لانا نقول انها ليست مقراً حقيقياً له و انما المقر الحقيقي الکوفة ثم کربلا لا غير فوجبت الارض التي هي مسکنهم افضل الاراضي لانهم سلام الله عليهم لايختارون الا اشرف البقاع.

لايقال علي هذا يلزم ان تکون اشرف من الکربلا لانا نقول ان کربلا خلوة النبي صلي الله عليه و اله کما ان النجف خلوة القائم عجل الله فرجه و دار سلطنته الکوفة و نسبة کربلا الي الکوفة نسبة القلب الي الصدر و الاحکام التفصيلية الي الصدر دون القلب کذلک ارض کربلا بسبقها في الوجود تشرفت علي کل الاراضي لبطلان الطفرة ولکن الاحکام التفصيلية تجري في الکوفة دون کربلا.

و اما الوجه في قول مولانا الحسين عليه السلام هاهنا محشرنا و منشرنا فهو ان ارض المحشر مبدؤها ارض کربلا و منتهاها الصخرة في بيت المقدس و تتسع حتي تکون ثلاث مائة الف فرسخ في مثلها و يقفون الخلق من الانبياء و المرسلين و الشهداء و الصديقين و ساير الخلق اجمعين فيها و لذا قال عليه السلام و هاهنا محشرنا و منشرنا.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيمن قدر ان يزور الحسين او يقيم مأتمه لايملک الا احدهما ايهما اولي له و افضل.

اقول المقصود من شهادة الحسين سيدالشهداء اعلاء کلمة الحق و اعلان دين الاسلام و هذا انما يکون بالاشاعة و الاظهار و کلما يکون الشياع و الاظهار اکثر فهو الافضل لانه علي طبق المقصود و الاشاعة و الاظهار و ان کانا يحصلان بالزيارة و لاشک ان اقامة المأتم و جمع الناس و اعلاء الصوت بالبکاء و النحيب و الشهيق و اللطم و رفع الصوت مع اجتماع الناس من العوام و الخواص اعظم في الاشاعة و التشييع و الاظهار مع ما ورد من الفضل العظيم للباکي من انه قد ادي الينا حقنا اذا بکي علي الحسين ريحانة رسول الله صلي الله عليه و اله فاقامة العزاء

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 160 *»

يکون افضل و اولي و ان کان في الزيارة فضل عظيم لايخفي علي من تتبع الاخبار و جاس خلال تلک الديار و ربما يختلف الحال من جهة اختلاف الموضوعات فقد يکون الزيارة افضل اذا ظهرت المصلحة فيها و الضابط ما ذکرنا.

قال سلمه الله: و ما يقول سيدنا في معني النفخة و هل الاموات حينئذ وصلتهم النفخة ام لا و ما معني قبض عزرائيل الارواح.

اقول: الحياة مبدؤها الرکن الاسفل الايمن من العرش و هو مخزنها و الملک اسرافيل حامل ذلک الرکن يتلقي الحيوة منه و يوصلها الي الخلايق حسب مقامها و قبولها من الحيوة فباسرافيل تصل الحيوة الي جميع الذرات و لماکان القلب هو مقر الحيوة کان اول ما يظهر الحيوة فيه و آخر ما تخرج عنه فاسرافيل بنفخة الدفع يوصل الحيوة الي قلب کل حي فيحيا بما فيه من سر الحيوة و بنفخة الجذب و هو المسمي بنفخة الصعق يجذب الحيوة من قلب کل حي فيقع ميتاً بلا حراک فالموت الذي للافراد الجزئية علي التدريج بجذب اسرافيل کما ان الحيوة يدفعها و لماکان بهذا الموت و الحيوة لايظهر اثر في العالم الکلي لم‌ينتسب الي اسرافيل.

و اما الموت الکلي للعالم الاکبر الکلي فاذا حصلت النفخة في قلب العالم الکلي و انجذبت الحيوة منه تنجذب من کل شيء لان الحيوة الي الکل انما تسري بالقلب فاذا انجذبت من القلب او اجتمعت فيه تنجذب من ساير العوالم التي هي بمنزلة‌ الاعضاء و الجوارح و اسرافيل هو حامل تلک الحيوة و به يکون الجذب فيموت اهل العالم کله و لماکان اسرافيل حاملاً فاذا انجذب الحال من المحل مات اسرافيل و اذا اراد الله سبحانه احياء الخلق اظهر الحيوة في اسرافيل فيحيا اسرافيل و نفخ نفخة الدفع الي قلب العالم ثم الي ساير جزئياته و شعبه فحيي العالم بعد ما کان ميتاً.

و قولکم و هل الاموات وصلتهم النفخة، ان کان المراد الي اجسامهم فنعم اذ لايموت حي الا اذا انزع اسرافيل ما القي فيه من سر الحيوة و هو بالنسبة اليهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 161 *»

نفخة جذب و صعق لکنه جزئي و ان کان المراد ارواحهم و عقولهم و اشباحهم فلا لانها بعد حية مانزع اسرافيل ما القي اليها منها و يکون موتها مع موت العالم الاکبر روحه و جسمه فالصور علي صورة القلب له شعب بعدد ذرات الوجود فاذا جذب الحيوة منه انجذبت من ساير شعبه و اذا القي الحيوة فيه سرت في ساير شعبه و العالم واحد له قلب واحد و هذا القلب هو ظاهرية الامام عليه السلام و بشريته فمادام تلک الحقيقة العليا ناظرة الي هذه البشرية و يحمل اسرافيل الي البشرية کمايحمل ساير الملائکة الوحي من عالم الغيب الي بشريتهم حرفاً بحرف. و بعبارة اصرح و اوضح و ان رغمت انوف اقوام ان الحيوة في القلب و هو ظاهر الامام و باطنه و لماکان اسرافيل هو حامل الحيوة من رکن من ارکان ذلک القلب الي کل الذرات فاذا جذب تلک الارواح الجزئية من افراد العالم الي الروح الکلية و التحق الفرع بالاصل مات الکون کله فاذا صلح الکون و صار قابلاً لتعلق الروح تعلقت به و الاولي نفخة جذب و صعق و الثانية نفخة دفع و حيوة و القلب حي لانه الوجه و کل شيء هالک الا وجهه و نفخ في الصور فصعق من في السموات و الارض الا من شاء ربک فافهم.

و اما عزرائيل فحيث انه في الطبع بارد يابس طبع الموت و الفساد فاذا حضر عزرائيل تفککت الاجزاء و تحللت و فسدت لما فيه من قوة التفتت فلم‌تجد الروح محلاً لابقاء (لايقا ظ) مناسباً فتتصل بمرکزها و تلحق باهلها فيقبض عزرائيل الروح بانفصال الاعضاء الموجب اتصالها علي النظم الطبيعي الحيوة فعزرائيل يفصل و اسرافيل يجذب الحيوة اذ لا محل لها فلايحيا احد الا بنفخة الدفع و لايموت احد الا بنفخة الجذب و عزرائيل يخلل الآلات و يفسدها لخروج الروح اذا لم‌يصلح البدن لتعلق فافهم./

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 162 *»

قال سلمه الله: و ما يقول سيدنا في حديث الثقلين و قوله صلي الله عليه و آله کتاب الله الثقل الاکبر و اهل بيتي الثقل الاصغر کيف هذا و الامام افضل من القرآن.

اقول: اعلم ان الشيء مرة له حکم باعتبار ذاته و اخري له حکم باعتبار نسبه فقد يکون الشيء باعتبار ذاته افضل و باعتبار نسبته اقل و قد يکون باعتبار ذاته اقل من الآخر و باعتبار نسبته افضل و اکمل مثال الطرفين المسجد الحرام و مسجد النبي صلي الله عليه و آله و مسجد الکوفة لوقوعه في الکوفة افضل من مسجد النبي صلي الله عليه و آله و مسجد النبي صلي الله عليه و آله لوقوعه في المدينة افضل من المسجد الحرام لوقوعه في مکة مع ان الصلوة في المسجد الحرام تعدل عام(كذا) الف صلوة و في مسجد النبي صلي الله عليه و اله عشرة آلاف و في مسجد الکوفة الف مع ان مقتضي فضيلة المکان ان يکون في الفضل بعکس الترتيب المذکور و مثال الثاني ماورد في حق ابي‌طالب ان له نوراً يوم القيمة يفوق جميع انوار الانبياء الا خمسة انوار مع ان اباطالب ليس بافضل من نوح و ابراهيم و موسي و عيسي قطعاً فوجب ان يکون نورهم اکثر و شعاعهم انور فانها دونه و السبب في ذلک مجرد النسبة حيث ان اباطالب منسوب الي اميرالمؤمنين عليه السلام اکتسب له فضل عرضي و کذلک المسجد الحرام حيث انه منسوب الي الله کان ثواب الصلوة فيه اکثر و مسجد النبي حيث انه منسوب الي رسول الله صلي الله عليه و آله کان ثواب الصلوة فيه اقل و مسجد الکوفة حيث انه منسوب الي اميرالمؤمنين عليه السلام کان ثواب الصلوة فيه اقل و ان کانت المساجد في الذات بعضها افضل من الآخر و کذلک الکلام بعينه في القرآن فانه بالنسبة‌ الي ذاته اقل درجة و مرتبة من الائمة عليهم السلام الا انه بالنسبة الي انه کلام الله و منسوب اليه تعالي کان اکبر.

فاذا نظرنا الي المقامين قلنا ان الامام افضل و اذا نظرنا الي النسب قلنا ان القرآن اکبر للنسبة‌ العرضية کما قلنا ان الاسم الفاعل مع کونه مشتقاً من المصدر او الفعل و المشتق فرع من المبدأ انه افضل من المصدر او الفعل لانه نسبة‌ الذات و المصدر و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 163 *»

الفعل نسبة الحدث و قلنا ان الفعل افضل و اشرف من الحرف و الحرف قد تعمل (يعمل ظ) في الفعل و العامل من حيث هو عامل افضل من المعمول و حيث هو معمول و الملائکة يقدمون علي الانسان و يتصرفون فيه مع ان الانسان اشرف و افضل منه (منها ظ) و هکذا امثاله کثيرة فافهم و اضبط فانه باب من العلم ينفتح منه الف باب.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في قول الله تعالي ارني انظر اليک موسي مع جلالة قدره کيف يسأل هذا و ما معني اندکاک الجبل و کون ثلث الجبل وقع في البحر و کان منه طعام الحوت کمارواه الصدوق في العلل عن اميرالمؤمنين عليه السلام في علة خلق الذر.

اقول: اما سؤال موسي علي نبينا و آله و عليه السلام ذلک فللجاج بني‌اسرائيل و الحاحهم و قلة ادراکهم و شدة حماقتهم فسأل موسي ربه ليريهم آية (الاية ظ) الکبري و يبين لهم مقام آل‌محمد صلي الله عليه و آله الاعلي و قد کانوا ينکرونه قبل خاصة عند باب حطة حيث ضرب موسي لهم مثلاً لآل رسول الله صلي الله عليه و اله فلم‌يتنبهوا و اخذوا يستهزئون فبدلوا قولاً غير الذي قيل لهم فاراد موسي باجابة سؤالهم و سؤاله لله سبحانه اظهار هذه الآية العظمي و ان يري بني‌اسرائيل ان الذين انکرتموهم ما قدرتهم ان يثبتوا عند ظهور مقدار سم الابرة من نور رجل من شيعتهم فان المتجلي مربي موسي و هو رجل من الکروبيين بامر الله عزوجل کماقال مولانا الصادق عليه السلام علي ما رواه الصفار في بصائر الدرجات ان الکروبيين قوم من شيعتنا من الخلق الاول جعلهم الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم علي اهل الارض لکفاهم و لماسأل موسي ربه ما سأل امر رجلاً منهم فتجلي له بقدر سم الابرة فدک الجبل و خر موسي صعقاً فاجاب موسي دعوتهم و سأل ربه عزوجل ان يريهم نفسه اظهاراً لفضل آل‌محمد صلي الله عليه و آله و نبينا لعظم مقامهم و شأنهم ليکونوا لهم خاضعين و يعلمون ان رؤية الله انما هو رؤيتهم و معرفة الله معرفتهم و طاعة الله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 164 *»

طاعتهم و معصية الله معصيتهم فلايعرف الله الا من جهتهم و نور ذلک الکروبي نورهم عليه السلام قال اميرالمؤمنين عليه السلام نحن الاعراف الذين لايعرف الله الا بسبيل معرفتنا.

و اما اندکاک الجبل فقد تقطع ارباعاً ربع منها وقع في البحر فصار غذاء الحيتان و ربع منها ساخ في الارض فصار غذاء للجن و سکان اطباق الثري و ربع منها انبث في الهواء فکان ذراً و هباء و صار غذاء للحيوانات و ربع منها بقي علي وجه الارض ليکون آية و ذلک ان نور التجلي لما وقع علي الجبل استنار و تقوي و کسب الحيوة و اندفعت عنه الاعراض و الامراض فصار مقوياً للمزاج و مقوماً للاعوجاج فلما انبثت الاجزاء في الهواء و استنشق تلک الذرات الحيوانات صلحت ادمغتهم و جففت رطوباتهم الفضلية فيقوي حفظهم و يکثر فهمهم و يزداد نورهم فکانوا يفهمون الاشارات و يلتفتون الي دقايق الخفيات و قبل ذلک کانوا ضعيفي المدارک قليلي المعارف الا تري ان بني‌اسرائيل صنعوا عجلاً و قالوا هذا الهکم و اله موسي وراء تلک المعجزات الباهرات و التسع الآيات من موسي عليه السلام و لماخرجوا من البحر قالوا يا موسي اجعل لنا الهاً کما لهم آلهة بالجملة هذه الذرات باشراق نور آل محمد السادات سلام الله عليهم اصلحت الکينونات من جميع البريات من الجن و الحيتان و الانس و ساير الحيوانات فتقارقت احوالهم فشعروا و قبل کانوا لايشعرون و علموا و کانوا قبل لايعلمون و نضجت طبايعهم بمزج هذه الاجزاء لقوة يبوستها و شدة نفوذها في الاعماق بتجفيف الرطوبات الفضلية الغريبة و اعتدلت و يقوي شيئاً فشيئاً هذا الاعتدال حتي تکون الحصباء جواهر و ساير الموجودات من الانس و الجن يترقون بنسبة مابين الحصي و الجوهر و کل ذلک من ذلک البذر و هذا الترکيب و العقد التام من تلک الانفحة و علي من يفهم الکلام السلام و تؤثر هذه الاجزاء لقوة نورانيتها مع قلتها في تلک الطبايع تأثير الاکسير مع قلة مقداره في کثير من الفلزات لان الاکسير قد تصفي بالحل و العقد و هذه الاجزاء تصفت بنور التجلي و اشراق المتجلي و کمن في اعماقها و اختلط في مزاجها.

و علي هذا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 165 *»

فقس حکم التربة الحسينية علي مشرفها آلاف الثناء و التحية فانها مصفاة بنور الاصل و اجزاء الجبل مصفاة بنور الشعاع و الفزع(الفرع ظ) فانظر النسبة بينهما و لولا ان تمسها ايدي العصاة و تؤثر فيها تأثيرها في الحجر الاسود لکان من (لکانت ظ) تحيي الموتي و هي رميم و تبرئ الاکمه و الابرص و کانت تصبغ الفلزات بصبغ ثابت غير مباين و کانت ترد الشباب و تذهب الضعف و کذلک تلک الذرات لو نالته ايدي العصاة لمافعلت فعلها لکن الله سبحانه فرقها و قطع ايديهم عنها لامضاء حکمه و نفاذ کلمته و ستظهر آثار التربة الشريفة عياناً و ان کانت ظاهرة احکاماً الا تري انه يستحب السجود عليها و ان کان عند قبر النبي و اميرالمؤمنين عليهما السلام و يستحب ان تکون مع الميت و ان دفن عندهما و شفاء من کل داء و يحل اکلها دون تربتهما و حفظ من کل اذية و بلية و غيرها من احکامها و ذلک لما بينا من طهارتها بنور تجليه و خلطها بدمائه عليه السلام و روحي له الفداء فکان ذلک مطهراً لها و مذهباً بمضارها دون ساير الترب.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا فيما ورد ان في الرجعة تأتي قبة الحسين عليه السلام و معها تسعون قبة ما وجه النکتة في ذلک و کيف هذا و اين قبة اميرالمؤمنين و الرسول صلي الله عليه و آله و ما وجه الاختصاص به عليه السلام و ما المزية في اختصاصه عليه السلام بايام الفضايل دون غيره کعاشورا و عرفة و النصف من شعبان و الاعياد و ليلة القدر و غيرها دون ابيه و جده صلي الله عليه و آله و ما وجه کون الذرية منه مع ان اخيه الحسن افضل منه هل هو عوض الشهادة ام لا و ما معني اجابة‌ الدعاء تحت قبته و هل هي قبة الصبر کما ورد ام هذه القبة المنصوبة.

اقول: اعلم ان الحسين عليه السلام يرجع بعد مضي ملک القائم عجل الله فرجه بتسع و خمسين سنة مع اثني‌عشر الف صديق و شهداء کربلا و يقعد في بيت مبني له قبل بناء الکعبة و الکوفة بل قبل بناء هذه الدنيا و صفة هذا البيت ان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 166 *»

له قبة من ياقوتة حمراء و فيها سرير من ياقوتة حمراء و حولها تسعون الف قبة من زمردة خضراء هذا الذي وقفت عليه من الرواية اما تسعون قبة فلاوقفت عليها فان کان، لعلها من جهة النوع و هذا العدد من جهة الشخص و الوجه في ذلک ان القباب کلها تکون من زمردة خضراء لاسيما قباب مولانا الحسين عليه السلام فانه يحکي اباه اميرالمؤمنين حيث ظهوره في مقام النفس الملکوتية و اللوح المحفوظ و مقتضي مقامه الخضرة في کمال الصفاء فاذا اريد التعبير عنه في عالم الجسماني و الظهور في الخلق الثاني فانما يعبر عنه بالزمردة الخضراء و قد ذکرنا الوجه في الخضرة فيما تقدم ولکنه عليه السلام حيث استشهد و عنده قد ثارت النيران الکامنة و تهيجت الحرارة الباطنة و ظهرت الغيرة و بان الغضب لله اقتضي ثانياً ان يظهر بالحمرة اظهاراً لهذه الحقيقة فصارت القبة الاصلية من بيته من ياقوتة حمراء و السرير کذلک و باقي القباب ظهرت علي ما تقتضيه الکينونة الاولي.

و اما خصوص التسعين الف فلم‌يظهر لي وجه ابرزه و اذکره و لعل ذلک من جهة عدم الاذن في الاظهار و الا ربما يختلج بالبال بعض الوجوه و کتمانها في الصدور خير من ابرازه في السطور.

و اما قبة اميرالمؤمنين عليه السلام فهي في الکوفة محدودة بحدود اربعة احدها الکوفة و ثانيها اليمن و ثالثها البحرين و رابعها الحجاز و قبة واحدة محيطة بهذه الارکان و الحدود و تعلق السرج و القناديل في الليل کأنها الشمس الضاحية و هذه قبته عليه السلام يسکن فيها اذا رجع في الرجعة الاولي لنصرة‌ ابنه الحسين عليه السلام.

و اما رسول الله صلي الله عليه و آله فلم‌نجد له قبة مخصوصة به صلي الله عليه و آله في اخبارهم عليهم السلام و لعل الوجه في ذلک انه صلي الله عليه و آله اذا ظهر يکون الملک له و الحکم له و الدار له و المدار عليه فلم‌يفرض له شيء مخصوص به بل هو روحي له الفداء کماقال و يقول في الرجعة اذ ابدي الائمة عليهم السلام عنده الشکاية الحمدلله الذي صدقنا و عده و اورثنا الارض نتبوأ

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 167 *»

من الجنة حيث نشاء فلايختص به صلي الله عليه و آله شيء دون شيء و دار دون دار و قبة دون قبة بل له الحکم و الامر يفعل ما يشاء و يحکم ما يريد لا راد لقضائه و لا مانع لحکمه لانه، الله سبحانه اقامه مقامه في ساير عالمه في الاداء و جعله سلطاناً علي کل من اقر بانه الله و من هذه الجهة لم‌يجعل له قبة علي‌حدة کغيره.

و اما وجه الاختصاص اي اختصاص الغيبة بالحسين لکون سلطنته اعظم من کل سلطان لانه عليه السلام هو السلطان خمسين الف سنة و ما اتفقت لاحد هذه السلطنة الکبري فان مدة دولة الحق ثمانون الف سنة و لله المشية في الزيادة و خمسون الف سنة منها في سلطان الحسين عليه السلام و هذه والله هي الکرامة العظمي.

و اما اختصاص الحسين عليه السلام بايام الفضايل فلانه عليه السلام لما افني نفسه و قلبه و روحه و فؤاده و ماله و اولاده و اصحابه و عزه و کلما له في محبة الله سبحانه بحيث لم‌يبق لنفسه باقية اقتضت کرامة الله ان يخصه بنفسه فمايثبت لنفسه جعله للحسين عليه السلام تشريفاً له فجعل زيارة الحسين زيارته و قد قالوا عليهم السلام من زار الحسين يوم عاشورا کان کمن زار الله في عرشه و الايام التي ظهرت فيها اسرار الربوبية و احکامها المخصوصة بالله کليالي القدر و الاعياد و عرفة و ليالي الجمع و ايامها و ايام رجب و النصف من شعبان و اول کل شهر جعلها مخصوصة بالحسين عليه السلام و امر بالاتيان الي مشهده الشريف لزيارته دون ابيه و جده و ساير الائمة عليهم السلام و جعل المسافر مخيراً بين القصر و الاتمام في حاير الحسين کما خيره في ساير مساجده الثلاثة المشرفة و امر السجود علي تربته و بالجملة خصه الله بنفسه و قرنه بحکمه يا لها من مرتبة ما اجلها و اعظمها صلي الله عليه و علي جده و ابيه و امه و اخيه و عليه و اولاده.

و اما وجه کون الذرية منه عليه السلام دون اخيه الحسن عليه السلام مع انه افضل منه فلأن الحسين (الحسن ظ) عليه السلام حکي جده رسول الله فکان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 168 *»

مقامه مقام الاجمال و اما الحسين عليه السلام فقد حکي مقام ابيه اميرالمؤمنين عليه السلام فکان مقامه مقام التفصيل فکانت الذرية من صلبه کما کانت من صلب ابيه الطاهر دون رسول الله صلي الله عليه و آله و مثال النبي و الوصي العرش و الکرسي فالعرش اجمال ليس فيه کثرة الکواکب و البروج مع انه اشرف من الکرسي و الکرسي فيه التفصيل و کثرة الکواکب و البروج الاثني‌عشر و مثال الحسنين عليهماالسلام لاشمس و القمر فالشمس صاحب مقام الاجمال لان منها المادة و القمر صاحب مقام التفصيل لانه منه الصورة و هو صاحب العدد و الحساب فمقتضي مقامه ان يکون الذرية منه دون اخيه و ان کان افضل منه صلي الله عليهما فقد فصلنا هذه المسألة في مسألة علي حدة في المسائل العامليات و قولکم عوض شهادته صحيح لکن الشهادة ايضاً انما اقتضاها رتبة مقامه التفصيلي عليه السلام.

و اما اجابة‌ الدعاء تحت قبته فاعلم انه سبحانه و تعالي قال انا عند المنکسرة قلوبهم و القلب اذا کان خاضعاً خاشعاً تتوجه العناية اليه و لماکان الخضوع و الخشوع في جميع اقطار العالم انما هو اصله و سره الحسين عليه السلام و هو مؤسسه و مؤصله و المکان الذي هو قبره الشريف اي الحاير اخضع الاراضي و اخشعها و لذا سمي حايراً و هو المنخفض من الارض و الملائکة الذين هم مجاور قبره الشريف اربعة آلاف ملک هم الشعث الغبر باکون خاضعون خاشعون و الملائکة الذين يأتون لزيارته صباحاً سبعين الف دماء ( و مساء ظ) کذلک علي الاتصال في الغاية في الخضوع و الخشوع و الانبياء و الائمة من زواره عليهم السلام اعظم من الملائکة في الخضوع و الخشوع فحائره الشريف قد جمع جوامع الخيرات و اسباب اجابة الدعوات فاذا صدر الدعاء عن قلب خاضع فلا من الاستجابة لتوفر اسبابها و تکثر دواعيها و الله ارحم الراحمين.

و اما قولکم فهل هي قبة‌ الصبر کما ورد فلم‌اعثر علي حديث وارد في هذا المعني الا اني سمعت عن بعض العلماء الکاملين انها قبة الخضوع و کان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 169 *»

يقول لايستجاب الدعاء الا في قبة سيدالشهداء اذ لايستجاب الدعاء الا عند الخضوع و الخشوع و هما منه عليه السلام اصلهما و منشؤهما و هذا الکلام لابأس به ولکن لاينفي خصوص القبة المعلومة المنصوبة و المراد بالقبة‌ الحاير لاخصوص القبة فانها تکبر و تصغر و ترفع و محل اجابة‌ الدعاء حايره الشريف و الوجه فيه کماذکرنا.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في الحج وحده بغير زيارة الرسول صلي الله عليه و آله هل هو افضل ام زيارة‌ الحسين عليه السلام.

اقول: ان کان الحج واجباً فلابد منه و لايغني منه زيارة الحسين و اما ان کان مستحباً فان زيارة‌ الحسين تعدل بکل خطوة من زواره اذا دخل باب السلام الف الف حجة و الف الف عمرة و الف الف غزوة مع نبي مرسل و امام عادل و الف الف نسمة يعتقها في سبيل الله من اولاد اسماعيل و اين الحج من هذا المقام و قد روي عن عايشة ان زيارة الحسين عليه السلام تعدل ثواب تسعين حجة من حجج رسول الله صلي الله عليه و آله فلايقابل زيارة الحسين عليه السلام شيء من الاعمال الا انه لايجوز ترک الواجبات فانها عزيمة من الله سبحانه و تعالي.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني زيارة الحسين تعدل سبعين حجة او اقل او اکثر المراد به الثواب او غير ذلک و ما معني ايام زاير الحسين عليه السلام لاتعد من آجالهم و انا وجدنا من يموت في ايام الزيارة.

اقول: المراد من الحج الثواب و الفضل عند الله سبحانه فان البيت يأتي اليه کل احد و اما الحسين عليه السلام فلايأتي اليه الا المخلص في التوحيد و النبوة و الولاية فزيارة الحسين مشتاقاً عارفاً بحقه تنبئ عن کمال التوحيد و النبوة و الامامة بخلاف الحج فانه لاينبئ الا عن التوحيد و هو في نفسه من غير ارکانه لايسمن و لايغني من جوع و هذا الحکم و ان کان يجري فيما بعد الحسين عليه السلام للائمة عليهم السلام و فيما قبله من اميرالمؤمنين و الحسن عليهما السلام

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 170 *»

الا ان المقصود من شهادته عليه السلام هو المقتضي لکثرة ثواب زايره دون غيره و قد اشرنا اليه سابقاً اجمالاً و في رسالة اسرار الشهادة تفصيلاً.

و اما معني ان ايام زايري الحسين عليه السلام لاتعد من آجالهم الخ فاعلم انه يظهر من فحوي بعض الاخبار ان زيارة الحسين تزيد في العمر ثلاثين سنة و جوابه ان مقتضي الزيارة اي يکون يزداد في عمر زائريه ثلاثين سنة و ان ايام زايريه لاتعد من آجالهم لانه بزيارته عليه السلام قابل فوارة‌ النور و استنار بظاهره و باطنه و سره و علانيته مع کثرة الانوار المشرقة من تلک الروضة المشرفة من الکرامات الالهية و انوار الانبياء من زواره و نور نبينا صلي الله عليه و آله و اهل بيته عند زيارته عليه السلام و نور الملائکة المقربين و الصلحاء و الشهداء و الصديقين فتحف به الانوار من کل جانب فتزول بذلک ظلمة معاصيه و ظلمة الفساد من مزاجه اذ مع هذه الانوار القوية العظيمة لايبقي للظلمة قرار اذا کانت عرضية و اما الذاتية فلا فتقوي بذلک بنيته و تصلح سريرته و يرفع دواعي النقصان من کل جهة و يأتي اسباب الکمال و الحيوة فيجب في الحکمة تقوية البنية و تطويل العمر کما اذا اکل الاكسيرو معجون المفرح الياقوتي و تأثير هذا الورود في تقوية البنية و دفع الغرايب لايقاس بالمعاجين المقوية المصنوعة من انواع الجواهر و المفرحات و المقويات فحينئذ يجب ما ورد في الاحاديث من طول العمر و قوة القلب و ظهور جوامع الکمال و الجمال ولکن يعرض امران کل واحد منهما مستقل في قصر عمر الزاير:

احدهما انه بذلک يکون حبيباً لله سبحانه و قد ورد عنهم عليهم السلام احب الاعمال الي الله زيارة الحسين عليه السلام و لانه بزيارة الحسين عليه السلام تطهر عن کل خسيسة و عن کل ردية فهو متطهر والله يحب المتطهرين و الحبيب لايحب لحبيبه الا الکون في جواره و الخلاص عن دار الزحمة و المشقة و التعب و النجاسة و الرجاسة و يجب ان ينقله الي دار الکرامة و محل الامن و السلامة و مقام الفرح و السرور و مقام النور و النور علي النور فينقل الله سبحانه الزائر الي دار الآخرة دار الکرامة و يبقي هناک منعماً مسروراً الي ان

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 171 *»

يرجع امامه و سيده و يطهر الارض من الانجاس و الارجاس و تصفو الارض لاهلها فيرجع محبوراً و ينقلب الي اهله مسروراً و هذا کله من برکة الزيارة وفقنا الله سبحانه للتشرف بالقبور انه اکرم مسؤول و اعظم مأمول.

و ثانيهما ان الزائر بعد ما اعد الله سبحانه له من جوامع الخيرات في الدنيا و الآخرة و علم من حاله انه اذا بقي في الدنيا يصيبه ما يحرمه عن هذه الخيرات او يبليه من انواع الفتن و المحن و البليات او يقترف معصية تستحق بها العقوبات ينقله الله سبحانه برحمته و کرمه و کرامة لزيارة ذلک السيد الطاهر الي جواره ليسلم مما يوجب عقابه و يشمله ما اعد له من ثوابه و لذا يموت الزاير حسب ما يري المصلحة اما بعد الزيارة بلا فصل او في ايام الزيارة او بعدها کل ذلک لاجل الزيارة فافهم راشداً موفقاً مغبوطاً.

قال سلمه الله تعالي: افدني فداک ابي و امي و نفسي ما معني قوله تعالي مايکون من نجوي ثلثة الا هو رابعهم و لا خمسة الا و هو سادسهم و لا ادني من ذلک و لا اکثر الا هو معهم اينما کانوا هل هذه الاحاطة‌ القيومية ام لا و ما معني الحديث ان الله داخل في الاشياء لا بممازجة و خارج عنها لا بمزايلة.

اقول: اما الآية الشريفة فهي الظاهر ظاهر ولکن الکلام في مقامين:

احدهما في سر التعبير حيث ابتدأ بالثلاثة مع ان النجوي اقلها اثنان ثم ذکر الخمسة و جعل نفسه الشريفة سادساً و السر في ذلک قوله و لا اکثر لانه لابد من ذکره اذ لاينحصر المتناجون من جهة الکثرة و ذکر کلها يوجب رکاکة يجل کلام الفصيح لاسيما کلام الله سبحانه عنه فاذا قال و لا اکثر فمقتضي الفصاحة الاتيان بالمقابلة و لو فيما لايمکن کما في قوله تعالي اذا جاء اجلهم فلايستأخرون ساعة و لايستقدمون مع ان الاصل اذا جاء لايتصور التقدم عن الوقت الذي جاء بعد ما جاء و ذکروا انه سبحانه انما اتي به من باب المقابلة و کيف فيما يمکن مع حسن المقابلة و لذا ابتدأ بالثلاثة لتصح المقابلة في قوله تعالي و لا ادني من ذلک و لا اکثر فلو اتي بالاثنين و الاربعة ماکان لقوله و لا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 172 *»

ادني معني هکذا قالوا و نحن قد بينا في کثير من مباحثاتنا و رسائلنا ان مبدأ العدد الثلاثة و ان الواحد الحقيقي ليس له في الامکان وجود و لايمکن اقل من الثلاثة فهي مبدأ العدد و الواحد اجمال الثلاثة و الاثنان اجمال الاربعة فابتدأ بالثلاثة لهذه الدقيقة الشريفة ثم انه سبحانه عدل عن التعبير برابع اربعة و قال رابع الثلاثة و سادس الخمسة و ثالث الاثنين لان رابع الاربعة و خامس الخمسة و يوجب ( الخمسة يوجب ظ) السنخية و لذا قال تعالي لقد کفر الذين قالوا ان الله ثالث ثلثة و ما من اله الا اله واحد بخلاف رابع الثلاثة فان الرابع غير سنخ الثلاثة و الخامس غير سنخ الاربعة فان الاربعة و الخمسة اسم للجملة بخلاف الرابع و الخامس فانه اسم للمفرد الواحد کما هو الظاهر المعلوم.

و ثانيهما معني المعية فانها ظاهرة في معني المعية فانها ظاهرة في المقارنة و الاتصال و هما في الازل محال و بيان ذلک ان المعية ان کانت ذاتية فلاتتصور ذلک بل نقول انه تعالي اقرب الي کل شيء من نفسه بعين بعده عنه و لا نهاية لهذا القرب کما لانهاية لهذا البعد و لاکيف لهذا القرب و البعد و لا حد و لا رسم و لا اشارة و لا عبارة و لايعلم کيف هو ذلک في سر و لا علانية و نحو من انحاء المعرفة و لايصل اليها مخلوق من المخلوقات لا نبي مرسل و لا ملک مقرب و قد عجز عن معرفتها خاتم الانبياء صلي الله عليه و آله في مقام ذاته و صفاته و اطلاقه و تقييده بل الخلق في مقام الذات معدوم و لا ذکر له لا معلوم و لا موهوم.

و اما المعية ‌الفعلية الايجادية الاحداثية فهي بالاحاطة القيومية فان الاثر ظاهر بفاضل ظهور مؤثره و ظهور مؤثره عين ذات المؤثر قبل ان يصدق عليه اسم الاثر فانه مقام الکثرة لا مقام الذات للاشارة الي شيئين ذات و اثر و احدهما غير الآخر فحقيقة الاثر من حيث هي لا من حيث انه اثر عين ظهور المؤثر من حيث هو مؤثر لا من حيث هو کذلک و کونه اثراً و رتبة مؤخرة هي مناط الوصف و الاخبار بانه اثر فالمؤثر اقرب الي الاثر من نفسه همن حيث هو المتميز المتشخص عن غيره و ذلک الظهور لايزايله ابداً الا اذا انقطع ذاته و حقيقته و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 173 *»

جميع … و اطوا ره متقومة بذاته و ذاته عين ظهور المؤثر و الظهور ليس بشيء الا بالظاهر بل ليس الا الظاهر الظاهر بالظهور و هذه هي القيومية و هي و ان کانت بلاکيف و لا اشارة الا انها في مقام ذات الاثر يدرکها اذا انتفي عنه الادراک بالکيف و الاشارة اذا انکشفت سبحات الجلال من غير اشارة و محو الموهوم لصحو المعلوم و هتک الستر لغلبة السر فافهم ان کنت تفهم و الا فاسلم تسلم.

و هذه المعية تسمي ذاتية ولکنها فعلية وصفية و هي الربوبية التي هي کنه العبودية و هي مقامات الحدوث و ان لم‌يقصد بها الا القديم و قد علمت من المذهب ان وجه لايخلو منه مکان و زمان و هو قوله تعالي فاينما تولوا فثم وجه الله و المقامات و العلامات و الآيات لاتعطيل لها في کل مکان و قد سمعت قول الحجة المنتظر عجل الله فرجه في دعاء رجب و بهم ملأت سماءک و ارضک حتي ظهر ان لا اله الا انت و قرأت في دعاء کميل و باسمائک التي ملأت ارکان کل شيء و قرئ لک خطبة‌ النبي صلي الله عليه و آله يوم الغدير الذي ملأ الدهر قدسه و روي عن ثقة الاسلام بسنده عن الصادق عليه السلام نحن الاسماء الحسني التي امرکم الله ان تد عوه بها و زرت اميرالمؤمنين بالزيارة المروية عن الصادق عليه السلام السلام علي اسم الله الرضي و وجهه المضيء فاعرف اذن معني قوله تعالي ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم مع ما تقرأ في زيارة الجامعة و اياب الخلق اليکم و حسابهم عليکم فلنقطع الکلام فللحيطان آذان:

و مستخبر عن سر ليلي اجبته

بعمياء عن ليلي بلا تعيين

يقولون خبرنا و انت امينها

و ما انا ان خبرتهم بامين

و اما معني الحديث فهو سبحانه داخل في الاشياء لا کدخول شيء في شيء و خارج عنها لا کخروج شيء عن شيء و انما الاشياء ظهورات فعله و اشعة نور

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 174 *»

ايجاده فهو داخل في الاشياء بظهور المؤثر في الاثر و الشمس في الشعاع و خارج عنها بالذات و الحقيقة فان المعتزلين لايدل احدهما علي الآخر و الدخول تستلزم الممازجة في الامکان اذا کان ذاتياً فدخوله سبحانه فعلي و الفعل اثر لا دخل له في حقيقة المؤثر فلاتستلزم الممازجة و الخروج يستلزم المباينة و هي ترفع الدلالة و الاثر لم يدل علي مؤثره فلامباينة و لا مناسبة و لاموافقة کذلک الله ربنا لا اله الا هو العزيز الحکيم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في معني القصبة الياقوتية التي اشتملت علي سبع عقود کما وقفت عليه في کلام مولانا المقدس الامجد الشيخ احمد بن زين الدين قدس الله نفسه الزکية.

اقول اعلم القصبة الياقوتية عبارة عن الحقيقة المحمدية في مقام الجمع انما کانت قصبة‌لانها مجوفة تدور علي مبدئها لا استقلال و لا تذوت الا بالاستدارة علي مبدئه و الاستمداد منه و انما کانت ياقوتة لصفاء جوهرها و رجحان قابليتها بحيث کاد زيت حقيقتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار المشية بجميع المعاني و ان کانت لاتوجد الا بالمشية و اما حمرتها فلانها محل المشية الالهية و مهبط الافاضات القدسية و المشية حيث انها الحرکة الاجادية‌تستلزم الحرارة المستلزمة للحمرة و اما انها مشتملة علي سبعة عقود فانها حقيقة واحدة في رتبة واحدة اختلفت مراتبها بسبع مراتب حسب اختلافها في الاجابة الاولية العقد الاول هو الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله و هي کالقلب للباقي و العقد الثاني هو حقيقة مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام و هي کالصدر و العقد الثالث هو حقيقة مولانا الحسن عليه السلام و هي کالحرارة الغريزية المودوعة في تجاويف القلب العلقة الصفراء و العقد الرابع مولانا الحسين سيدالشهداء عليه السلام و هو کالروح البخار الساري في الشريانات و به حياة الباقي و العقد الخامس حقيقة مولانا القائم المنتظر عجل الله فرجه و هي کالکبد لاصلاح الاخلاط و تمييزها و تشخيصها و العقد السادس حقايق الائمة الثمانية عليهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 175 *»

السلام فانهم مع تعددهم لهم رتبة واحدة جامعة و اجابوا المنادي دفعة واحدة فما اختلفت مقامهم و هي کالدماغ الحاوي للقوة المحرکة و الحواس الظاهرة و الباطنة و العقد السابع حقيقة الصديقة الطاهرة السيدة‌ الزهراء علي ابيها و بعلها و بنيها و عليها آلاف التحية و الثناء و هي الجسد الحاوي و البدن الحامل لمراتب هذه القوي الفعالة وهي تأخرت عنهم تأخر الحامل عن … و لذا تأخرت في الاجابة و اجابت بعدهم و هذه هي عقود هذه القصبة و ربما يعبر عن العقود باسمائهم السبعة و الباقي تکرارها و هي محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جعفر و موسي و ربما يعبر بالقصبة الياقوتية عن شجرة بلصيال بن جور و هي التي تنبت بالدهن فحينئذ وجه النسبة بالياقوتة ظاهرة لانها مادة الاکسير الاحمر و العقود السبعة الادهان الستة المذکور و السابع الجسد الجديد و الارض المقدسة و ربما يعبر بالقصبة الياقوتية عن الحقيقة الانسانية الظاهرة في عوالم سبعة و هي العقود لاتصالها بشيء واحد و کونها تنزل حقيقة واحدة و هي العقل و الروح و النفس و الطبيعة و المادة و المثال و الجسم و في کل مقام يصرف معناها فيما يناسبه.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني ما ورد ان آدم لم‌يقر و لم‌يجحد و ما معني قوله تعالي فيه و لقد عهدنا الي آدم من قبل فنسي و لم‌نجد له عزماً ما معني النسيان لانه معصوم هل هو الترک کما فسر ام لا.

اقول: ان الله سبحانه خلق للانسان عالمين عالم الغيب و الشهادة و عالم الروح و عالم الجسد و عالم الباطن و عالم الظاهر کل عالم له حکم خاص من التکليف و الامر و النهي و العلم و الجهل و الشک و التوقف فيجري عليه حکمه بحسب مقتضي مقامه ففي عالم الباطن و الغيب و الروح علمه الاعتقاد الثابت الجازم و شکه التردد بين طرفي النقيض و ظنه الطرف الراجح و وهمه المرجوح فاذا لم‌يعلم و لم‌يعتقد او يشک و يتوقف فيما يناط به معرفة الله سبحانه فذلک کافر لايقبل منه صرف و لاعدل و في عالم الشهادة و الظاهر و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 176 *»

الجسد علمه العمل بجميع ما يؤمر به من الفرايض و المستحبات و المحرمات و المکروهات و الشک العمل ببعض و الترک للآخر و الجهل ترک العمل فان کان العلم العيني الاعتقادي الروحاني ثابتاً جازماً منزهاً عن الشک و الريب و الظن و الوهم و الوسوسة فهو المؤمن الذي يدخل الجنة يقيناً و ان وقع منه ترک العمل او العمل بالبعض و الترک للآخر المعبر عنهما بالشک و الجهل الجسماني و ان کان ينقص عن مقامه و مرتبته لامحالة الا انه من اهل النجاة و ان لم‌تکن ذلک العلم العيني ثابتاً و لو فرض حصول العلم الجسماني الذي هو العمل فلاينفعه ابداً.

فاذا فهمت هذه المقدمة النافعة‌ فاعلم ان الله سبحانه خلق الخلق في العالم الاول و اقامهم في باطن الحجر الاسود من الرکن العراقي و سألهم و قال الست بربکم و محمد نبيکم صلي الله عليه و آله و علي اميرالمؤمنين عليه السلام امامکم و الائمة من ولده الاحدعشر و فاطمة الصديقة اولياؤکم و اختلف الناس فمن مصدق و منکر و رئيس الصديقين الانبياء عليهم السلام و هم السابقون المقربون فصدقوهم في کمال الاذعان و اخذ عليهم العهد و الميثاق ان يعملوا بجميع مقتضيات ولاية آل محمد صلي الله عليه و عليهم و ان يعملوا ذلک باجسادهم و اجسامهم و ظواهرهم کما علموها و اعتقدوها بقلبوهم و سرايرهم و ضمايرهم و جعل ذلک العهد عند الملک المنعقد حجراً اي الحجر الاسود فکل من بقي علي ذلک العهد و العلم روحاً و جسداً و ظاهراً و باطناً من اولي العزم و من ترک العلم الظاهري اي الجسمي الشهودي و هو العمل علي الاصطلاح فغير اولي العزم.

و اما آدم عليه السلام فانه اخذ عليه الميثاق و ترک العمل بظواهر ارکانه و ان کان معتقداً بجنانه و قابلاً بلسانه و ترک بعض المستحب و هو الامتناع من الاکل من الشجرة التي هي من نوع الشجرة المنهية فقالوا انه شک و توقف في الولاية و حاشا نبي الله ان لايعتقد او يتوقف في باطنه او يشک الشک المعروف و الا ماکان مؤمناً فضلاً عن ان يکون نبياً لکنه ترک العمل بجميع مقتضي الولاية کما هو العهد المأخوذ و لذا قال عزوجل و لقد عهدنا الي آدم من قبل في محمد

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 177 *»

و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فنسي و لم‌نجد له عزماً قال مولانا الصادق عليه السلام هکذا والله نزلت و العهد المأخوذ علي آدم ان يعمل بکل ما يقتضي الولاية‌ المطلقة من العمل بکل راجح و ترک کل مرجوح فلم‌يثبت آدم عليه السلام و لم‌يقر بعمله و جوارحه و شهادته و لم‌يجحد بفعل باقي الاعمال مما اقتضته الولاية ‌فلم‌يکن من اولي العزم.

و اما اولوا العزم فقد ثبتوا و بقوا علي العهد ظاهراً و باطناً و غيباً و شهوداً و روحاً و جسداً اما سمعت الله سبحانه يقول في حق ابراهيم عليه السلام و اذ ابتلي ابرهيم ربه بکلمات فاتمهن و الکلمات هم آل محمد السادات عليهم السلام بنص الاخبار و الروايات و تما مها العمل علي مقتضي مقامها من العمل علي کمال مقتضي العبودية و لذا کان من اولي العزم و قال مولانا العسکري عليه السلام في ما وجد بخطه الشريف و الکليم البس حلة الاصطفاء لما عهدنا منه الوفاء فشهد له عليه السلام بالوفاء و الاداء کما ينبغي.

و اما ساير الانبياء فقد صدر عنهم ترک الاولي و عبر عنه في الاحاديث بالشک و التردد و التوقف و امثال ذلک من العبارات و ليس معناها الا ما ذکرنا من الشک العملي فان توحيد الاجسام و علمها الاتيان بما امر به من الاعمال و قد بينا في کثير من مباحثاتنا ان العلم و العمل في کل مقام واحد و الاختصاص انما هو علي متفاهم العوام فعمل العقل و النفس و الحواس و القوي انما ادراک المعلومات و حصول تلک الصور في محالها و هو علمها و عملها و علم الجوارح الاتيان بهذه الاعمال و هي عملها و ما سمعت في يونس انه شک في الولاية و في ايوب کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام لماکان عند الانبعاث عند المنطق شک و في يوسف کذلک کل ذلک بترک راجح و فعل مرجوح و لايسعني الآن تطويل المقال بذکر الاحوال التي ترکوا فيها الاولي.

و اما غيرهم من ساير الرعية من الغير المعصومين فشکهم بالمعني الذي ذکرنا لايحصي و ترددهم لايستقصي مع ما هم عليه من الايمان الفايق و اليقين الثابت الجازم و لماکانت ابدان غير الانبياء ماکانت حية في الدنيا کما تحيا في

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 178 *»

الآخرة و ابدان المعصومين حية في الدنيا من دون ارواحهم لم‌يقع التکليف علي الابدان بالعلم و المعرفة کماوقع علي الانبياء فافهم راشداً و اشرب عذباً صافياً.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قوله تعالي مثل نوره کمشکوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة کأنها کوکب دري يوقد من شجرة مبارکة زيتونة لا شرقية و لا غربية يکاد زيتها يضيء و لو لم‌تمسسه نار نور علي نور ما معناه من باب التفسير و التأويل و ما معني الزيت هل هو الحقيقة المحمدية کما في کلام المرحوم الشيخ احمد بن زين‌الدين.

اقول اما تفسير الظاهر لهذه الآية الشريفة قد سبق منا ما يصلح ان يکون تفسيراً لها في تفسير و شجرة تخرج من طور سيناء فلانعيده لان مقصودنا الاشارة الي نوع المراد و قد مثل الله سبحانه لنوره في المحسوس باعظم ما يکون من النور من السراج الموقد من دهن من الشجرة الموصوفة اذا کان المصباح في الزجاجة و هي صافية نورانية تشرق بدون السراج کالکوکب الدري فما ظنک اذا وضع فيها سراج من دهن معلوم و يکون القنديل من الزجاجة الموضوع فيه المصباح في کوة و هي المشکوة يجتمع فيها النور و يکون من نور الزجاجة علي نور من المصباح و هذا ظاهر معلوم.

و اما تأويلها فالمراد بمثل النور هو محمد صلي الله عليه و آله و المشکوة صدره الشريف و المصباح عقله الکلي و الزجاجة قلبه الشريف و الشجرة المبارکة شجرة ابراهيم لا شرقية اي ابراهيم لا نصراني يصلي الي جهة الشرق و لا غربية اي لايهودي يصلي الي جانب الغرب بل حنيف مسلم او المراد من الشجرة‌ الشجرة الکلية اي المشية و الاختراع و هو (هي ظ) ليست بشرقية اي ليست بقديمة و لا حادثة من ساير الحوادث لانها مخلوقة بها موجودة بفاضل ظهورها فلايجري عليها ما هي اجرته فهي بخلاف الحوادث و ان کانت حادثة فعلي هذا الوجه يکون المراد من الزيت الحقيقة المقدسة کما افاد شيخنا العلامة انار الله برهناه و التعبير عنها علي هذا الوجه کناية عن کمال قابليتها و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 179 *»

صفاء طويتها و انها في انصدارها و ايجادها لاتحتاج الي غير جاعلها و خالقها فلاتحتاج الا اليها و هو قوله صلي الله عليه و آله الفقر فخري و به افتخر و علي هذا الوجه يکون معني قوله يکاد زيتها يضيء يکاد العلم يخرج من فم العالم من آل ‌محمد صلي الله عليه و آله و ان لم‌يؤمر بالاظهار و الابراز لغزارة العلم و انفجاره من کل جوانبهم و هو قوله لاتحرک به لسانک لتعجل به ان علينا جمعه و قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه و قد روي عن اميرالمؤمنين عليه السلام في تفسير هذه الآية‌ الشريفة و تأويلها ان مثل نوره هو محمد صلي الله عليه و آله کمشکوة هي اميرالمؤمنين المصباح الحسن و المصباح في الزجاجة الحسين الزجاجة هي الزهراء سلام الله عليها کأنها کوکب دري لنورانيتها و صفائها يوقد من شجرة علي بن الحسين عليهما السلام مبارکة محمد بن علي الباقر عليهما السلام زيتونة جعفر بن محمد الصادق لا شرقية موسي بن جعفر الکاظم و لا غربية علي بن موسي الرضا عليهما السلام يکاد زيتها يضيء محمد بن علي الجواد عليهما السلام و لو لم‌تمسسه نار علي بن محمد الهادي نور علي نور الحسن بن علي العسکري يهدي الله لنوره من يشاء‌ القائم المهدي عجل الله فرجه عليه و علي آبائه السلام و هذه الرواية‌رواها السيد هاشم البحراني التوبلي في تفسيره المسمي بالبرهان و هو تفسير علي احاديث اهل البيت عليهم السلام و لهذه الآية الشريفة وجوه اخر من الباطن و التأويل في العالم الوسيط مرآة الحکماء و العالم الصغير ترکت ذکرها لما بي من الکسل و الملل و معاناة السفر بالحل و الارتحال و فيما ذکرنا کفاية لاولي الفهم و الدراية و اهل الرشد و الهداية و الله ولي التوفيق.

قال سلمه الله تعالي: و ما الفرق سيدي بين مقام الاحدية و الواحدية و معني الصفات الاربع التي هي عين الذات العلم و القدرة و السمع و البصر و ما معني هذا التعدد مع ان الذات لا فيها تعدد و لا تکثر و لا فيها مدخل بوجه من الوجوه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 180 *»

اقول: مقام الاحدية مقام الذات البحت التي ليست فيها کثرة بوجه من الوجوه لا ذکراً و لا وهماً و لا تخيلاً بحال من الاحوال لانها مقام رفع الکيف و الکم و النسب و الاضافات و الجهات و الاعتبارات و هذا المقام لايظهر في عالم الحدوث الذي هو آية القديم و دليله الا بکشف السبحات و ازالة الحدود و الانيات و هي الحقيقة المسؤول عنها في حديث کميل و هي الاسم الذي ليس بالحروف مصوت و باللفظ منطق و لا بالشخص مجسد و لا بالتشبيه موصوف بريء من الامکنة و الحدود مبعد عنه الاقطار محجوب عنه حسن کل متوهم مستتر غير مستور و هذه الحقيقة آية الاحدية من غير ملاحظة الاسمية بکل اعتبار.

و اما الواحدية‌فهي مقام الفعل مقام الکثرة و الوحدة العددية الا تري انک اذا قلت ما رأيت احداً دل علي انک مارأيت انساناً و اذا قلت مارأيت واحداً لايدل علي نفي الحقيقة و لعلک رأيت اثنين الا تري ان الواحد هو نصف الاثنين و ثلث الثلاثة و ربع الاربعة و خمس الخمسة و سدس الستة و سبع السبعة و ثمن الثمانية و تسع التسعة و عشر العشرة و هکذا الي آخر الاعداد فالواحدية مقام الاسماء و الصفات و مبدأ ظهور التعلقات و لماکان هذه التعلقات انما تکون بالفعل کان الفعل و مقتضاه هو رتبة‌ الواحدية المحضة و تصف الله سبحانه بانه واحد کما تصفه بانه خالق رازق و الخالق من الصفات الفعلية کذلک الواحد و الصفات الفعلية حادثة باتفاق من الامامية و لاشک في ذلک.

و اما الصفات الاربع التي هي عين الذات فمعناه انها تعبير عن الکمال الذي هو عين الذات بلافرض المغايرة فان الممکن لما وجد نفسه فقيراً محتاجاً لايملک لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوة و لا نشوراً علم ان له خالقاً و صانعاً و علم بضرورة فهمه ان الصانع اکمل من مصنوعه و الخالق اشرف من المخلوق و لما اراد ان يصفه بالکمال اللايق و الوصف المطابق اريد (ازيد ظ) من انه الخالق ما امکن کما انک اذا رأيت بناء عرفت ببديهتک ان له بانياً ولکنک يمتنع في حقک بالنظر الي نفس البناء تعرف الباني بانه رجل او امرأة جن

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 181 *»

او انس طويل او قصير حسن الصورة‌ او قبيح الصورة من طائفة کرام او من طائفة لئام يعرف غيره من الصانع ام لا و بالجملة ماتعرف منه ازيد من انه بان و هکذا المخلوق لما ارادوا ان يصفوا الخالق بعد ما علموا بالضرورة انه الکامل عبروا عن الکمال باقصي ما عندهم و اعلي ما لديهم فقالوا انه عالم قادر سميع بصير و ليس انهم يريدون بها اذا وصفوه سبحانه بها ان يعرفون من مفاهيهما و مصاديقها يصدق علي الذات سبحانه و انما هي تعبير عن الکمال المحض و لايراد من العلم غير القدرة و لا من السمع غير البصر و لا انه سبحانه بجهة موصوف بالعلم و بالجهة الاخري موصوف بالقدرة ‌مثلاً و لا ان هذه الصفات اذا اطلقت عليه تعالي يراد منها معان مختلفة سبحانه و تعالي عن ذلک بل لما اراد التعبير عن الکمال عبر بهذه الالفاظ و العبارات و هي الفاظ مختلفة معناها واحد مفهوماً و مصداقاً ذهناً خارجاً و وصفنا له تعالي بذلک کالنمل الصغار يزعم ان لله زبانيتين لما رأتهما کمالاً لما اتصف بها و ليست تريد حين اثبات الزبانية انها موجودة فيه تعالي کلا بل تريد اثبات الکمال و انما عبرت بهذا اللفظ اذ لم‌تجد ما يعبر عنه بالکمال سواه.

کذلک نحن اذا وصفنا الله سبحانه لانريد الا محض اثبات الکمال لا خصوص معاني هذه الالفاظ و هو قوله تعالي سبحان ربک رب العزة عما يصفون و سلام علي المرسلين و الحمد لله رب العالمين فاذا سألت الواصف بان الله عالم هل تعرف ما اثبته من العلم و تدرکه من حقيقة ذات العلم لذات الحق سبحانه يقول لک لااعلم و کذا القدرة و السمع و البصر و اذا قلت له ان في الذات جهات متکثرة تصفها بجهة بالعلم و بالاخري بالقدرة يقول لک حاشا ليست هناک جهات مختلفة و اذا قلت له فالعلم عين القدرة و السمع عين البصر في الذات يقول لک نعم و اذا قلت له تعلم معاني هذه الصفات التي تثبتها في کنه ذاته تعالي يقول لک لا فاذا قلت له صف ربک يقول لک عالم قادر سميع بصير و هو الذي ذکرنا لک يقولونه بلسان حالهم و اعمالهم و ان لم‌يقولوا بلسان مقالهم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 182 *»

و اما تقسيمهم الصفات الي الذاتية و الفعلية‌ فذلک بالنظر الي مفهوم الصفة فان وجدوا في مفهومها التعلق الخلقي و الصنع الايجادي قالوا انها فعلية کالخالق و الرازق و المحيي و المميت و الرحمن و الرحيم و امثالها و ان لم‌يجدوا في مفهومها التعلق الخلقي و هو في نفسها وجدوها کمالاً کما قالوا انها ذاتية‌کالعلم و القدرة ثم هذا القسم ان کان في مفهومها الاضافة الي الغير قالوا انها صفة‌ الاضافة کالعلم لاضافته الي المعلوم و القدرة‌لاضافتها الي المقدور و ان لم‌يجدوا في مفهومها الاضافة و الارتباط الي الغير قالوا انها صفة‌ القدس کالحي و العزيز و السبحان و القدوس و امثالها و هذه الاقسام کلها بالنسبة الي مفاهيهما و اضافاتها و عدمها و اذا وصفت ذاته سبحانه لاتلاحظ فيها جهة الاضافة و الارتباط بحال من الاحوال و الا کان سبحانه مختلف الحالات متکثر الجهات و تعدد الصفات انما هو باعتبار التعلقات الفعلية بمتعلقاتها الحادثة و اذا وصف الله سبحانه بها لاتقصد الا ذاتاً واحداً (واحدة كذا) احدي الذات و المعني و انما کررت العبارة و رددتها للتفهيم.

قال سلمه الله تعالي: اخبرني سيدي عن کيفية خلق الملائکة و عن کيفية خلق الجن و ما الفرق بينهم هذا يقدر علي ان يشتکل و هذا يقدر ان يتشکل.

اقول اعلم ان الملائکة خلقوا من النور و ليست في طينتهم من الظلمة الا ما يمسک به وجودهم بان يقول کل واحد منهم انا و يختص بشأن دون الآخر فظلمتهم ضعيفة و ترکيبهم ضعيف و نورهم غالب و اختيارهم ضعيف فلايعصون لضعف ما فيهم من الداعي و لم‌يخرجوا عن الاختيار لوجود شيء ما من الظلمة التي بها يحصل الاختيار فلو تمحض الشيء انعدم و لم‌يوجد بل لابد من الترکيب في الامکان لان کل ممکن زوج ترکيبي الا ان الترکيب يختلف بالقوة و الضعف فمن قوي الترکيب کالانس و الجن و من ضعيف الترکيب کالملک و الشيطان فما قوي ترکيبه قوي و اشتد اختياره و يتساوي فيه جهة الفعل و الترک فان مال الي النور يترقي و تضعف الظلمة الي ان لم‌يبق لها تأثير الا ما

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 183 *»

يحفظ و يمسک به وجوده و يبلغ بذلک اعلي الدرجات و اسني المقامات لقوة اختياره و ان مال الي الظلمة يتسافل و يضعف النور الي ان لم‌يبق له تأثير الا ما يحفظ به وجوده و يمسکه فالثاني لايصدر منه خير ابداً کما ان الاول لايصدر منه شر ابداً و الکل بقوة الاختيار و الفريقان لم‌يزل يزدادون في المقام متعالياً او متسافلاً لم‌يستقر لهم قرار في درجات عليين او درکات سجين في الدنيا و الآخرة فهم دائماً في الزيادة و في الحديث القدسي کلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية هـ و بضده لاهل البغض و العداوة.

و ما ضعف ترکيبه ضعف اختياره و لم‌يتساو فيه الطرفان بل الغالب جهة واحدة تقتضي مقتضاها و لايميل الي مقتضي الجهة الاخري الا بتکليف و ندرة و ذلک کالملائکة فان جهة الظلمة فيهم ضعيفة کما ذکرنا فلايميلون الا الي الطاعة و مثال اختيارهم بالمثال التقريبي مثال شخص جايع اضر به الجوع بحيث اذا لم‌يأکل يموت في ساعته فاذا حضر عنده و الحال هذه اطيب طعام يکون في الدنيا اتراه انه يأکل او لايأکل حتي يموت و اختيار عدم الاکل و ان کان حاصلاً لکن داعي الاکل قوي جداً يغلب تلک الجهة الاخري فهکذا حال الملائکة في داعي الخير و داعي الشر و حيث کان الداعي للشر فيهم ضعيفاً جداً بقوا علي نقصانهم لايترقون ابداً و ان فعلوا ما فعلوا من الاعمال و لذا قال عليه السلام في الملک انه ناقص لايحتمل الکمال فهم معصومون لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و الفرق بينهم و بين الانبياء و الائمه عليهم السلام ان الانبياء بقوة الداعي في الجانب الآخر ترکوا مقتضاه و مالوا الي الخير و النور و الملائکة بضعف الداعي و غلبة جانب النور ما مالوا الي الظلمة و الفرق بينهما واضح ظاهر و نقصان هذا القسم بين باهر فصاروا بذلک حملة و روابط يتلقون الفيض و يصلون الي مقره المخصوص علي الوجه المخصوص و لايمکنهم التعدي من تلک الحالة مثالهم الحروف في الالفاظ فانها ليست الا روابط محضة و لاتدل علي معني في نفسها ابداً و انما تدل علي معني في غيرها و کانوا بذلک حدود جهات المشية في المشاءات فمن ملک موکل بضوء‌ الشمس و موکل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 184 *»

بنور القمر و موکل بالحرارة و موکل بالرطوبة و موکل باليبوسة و موکل بالانجماد و هکذا و الموکل بالحرارة ليس له التصرف في القسم الآخر و کذلک العکس ذلک تقدير العزيز العليم فکان بذلک کل ذرة من الموجودات کائنة ما کانت موکل عليها ملک من سنخه و جنسه يوصل الفيض اليه من اليد اليمني من المشية و الشياطين بعکسهم حرفاً بحرف هم حملة اليد اليسري و ان کان کلتا يديه يمين فافهم.

و لاتتوهم من هذا الکلام انهم مجبورون لضعف ترکيبهم لغلبة احدي الجانبين و ينتفي الاختيار من البين لان الترکيب انما کان بالاختيار التکويني حسب تساوي الصلاحية في الذکر الا مکاني الا تري الذهب بقوة ترکيبه بلغ الي ما بلغ و الزبد بضعف ترکيبه يذهب جفاء و هکذا جميع الذرات الوجودية في الکونية‌ الوجودية الاولية و اختلافها بحسب القوابل في الاستعدادات فان کل ذلک انما هو بالاختيار و الا کان المدبر جائراً او حايفاً او بخيلاً او مرجحاً من غير ترجيح و مخصصاً من غير تخصيص غير واضع للشيء في موضعه و کان وجب التساوي في الموجودات و قد فصلنا و شرحنا هذه المسألة باکمل شرح مما يمکن الکلام فيه في اجوبة المسائل التي فيها اثبات النبوة المحمدية و الولاية‌ العلوية صلي الله عليهما بالدليل العقلي في اول تلک المسائل و بينا ثبوت الاختيار في التکوين و التشريع و الذوات و الصفات و ذکرنا وجه الخطاب و الامر في کن فيکون و ان المفعول هو فاعل فعل الفاعل و ان المخاطب کالاختيار انما حصل بنفس الخطاب و نحوها من المطالب العجيبة التي تصعبت علي الافهام و لم‌تدرکها اقوياء الاحلام فالملائکة ذوات نورانية و قوي روحانية و جسمانية ذوات شعور و ادراک و اختيار لکنها لضعف ترکيبها و عدم کمال انعقادها و غلبة نورانيتها تتشکل باشکال مختلفة و تظهر بصور متفرقة ما عدا القبيحة الخبيثة.

و اما الجن فانهم خلقوا من مارج من نار فبغلبة الحرارة التي فيهم تلطفت ساير قواهم و مشاعرهم و ضعف انجمادهم و ظهر فيهم حکم الذوبان فيظهرون

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 185 *»

بالصور المختلفة حسب ما يشاؤون مما يقدرون عليه من الصور الطيبة و الخبيثة.

و اما الانسان و البشر فحيث انهم خلقوا من صلصال من الطين و من تراب عليين او سجين غلبت عليهم اليبوسة فانجمدوا و لايسعهم التشکل بالاشکال المختلفة الا البشر الذي خلق من الماء کما ذکره الله سبحانه في القرآن هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً فهذا البشر لذوبان ذاته و حرارة باطنه و وفور الرطوبات الغريزية يتشکل بالصور کيف شاء الله و کذلک کل من تبعه اذ ما اتبعه الا لکونه من سنخه اما سمعت الله سبحانه يقول فمن تبعني فانه مني فيظهر فيه سره و يظهر في الصور کيف شاء الله فمن متشکل بالاشکال المختلفة لضعف ترکيبه کالملائکة و من متشکل بالاشکال المختلفة لقوة الترکيب لکنه ذائب بغلبة النار التي اخذت و خلقت من الشجر الاخضر الذي خلق من فاضل تراب طينة آدم عليه السلام فيتمکن للتشکل بالاشکال المختلفة کالجن و من متشکل بالاشکال بالصور المختلفة لقوة الترکيب و شدة الذوبان بمزجه بظاهر الماء الذي به حيوة کل شيء لانه من متابعي البشر الذي خلق من حقيقة الماء الذي به حيوة کل شيء و من متشکل بالاشکال المختلفة لقوة الترکيب و ذوبانه بنار سجين و غلبة الطبايع الشيطانية کاتباع ابليس جنوده من الانس و من منجمد منعقد غير متمکن للتشکل لعدم الذوبان بغلبة التراب البرودة و اليبوسة اللتين هما طبع الموت و هم اموات غير احياء و ما يشعرون ايان يبعثون و هؤلاء يکونون من المتشبثين بالحق و الباطل

و لکل رأيت منهم مقاما

شرحه في الکلام مما يطول

و هؤلاء هم المخلوقون من التراب ماداموا في قبور الطبيعة مقبورين فافهم فقد جمعت لک في هذا الکلام جوامع البيان و لايدرکه الا ذو حظ عظيم و لو اردنا شرح هذا الاجمال لضاق بنا المجال في ذکر هذه الاحوال مع (ما ظ) انا عليه من توفر الاشتغال و بواعث الاختلال.

 

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 186 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما معني السلسلة الطولية و السلسلة العرضية.

اقول: اعلم ان سلسلة (السلسلة ظ) الطولية هي مراتب الموجودات في العلية و المعلولية و معني ذلک ان السافل شعاع للعالي کالنور للسراج اي الشعاع المنفصل لا المتصل و تنحصر هذه المراتب في مقام الظهور بالآثار و الاحکام في ثمان مراتب:

الاولي الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله وهي شجرة الخلد و علي اميرالمؤمنين اصلها و فاطمة فرعها و الائمة عليهم السلام اغصانها.

الثانية حجاب الکروبيين و هم قوم من شيعة آل محمد صلي الله عليه و اله من الخلق الاول جعلهم الله خلف العرش لو قسم نور واحد منهم علي اهل الارض لکفاهم و لما سأل موسي ربه ما سأل امر رجلا منهم فتجلي له بقدر سم الابرة فدک الجبل و خر موسي صعقاً و عدد هؤلاء الملائکة مائة الف و اربعة و عشرون الفاً لان کل ملک مربي نبي من الانبياء.

الثالثة الانسان اي الرعايا و هؤلاء انما خلقوا من شعاع الانبياء عليهم السلام و هم باب فيضهم و امدادهم من الله عزوجل.

الرابعة الجان المخلوقون من نارالشجر الاخضر الذي خلقت من فاضل طينة الانسان کما عن الصادق عليه السلام.

الخامسة الملائکة الغير العالين و الکروبيين و هم انما خلقوا من شعاع نور مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام کما عن النبي صلي الله عليه و آله و هو نور الولاية الظاهرة في رتبة الانسان و الظاهرة في رتبة الجان و هم حملة التدابير المتعلقة بجزئيات العالم و هم الروابط الجزئية و المعاني الحرفية الواقفون في مقام معلوم و هم الخدام للجن و الانس في الجنة و هم ضعيفو الاختيار و الجن و الانس قويو الاختيار.

السادسة البهائم و حشرات الارض من الحيوانات.

و السابعة النباتات کانواع الاشجار البرية و البحرية و البرازخ.

و الثامنة الجمادات من العناصر و المعادن و ساير المرکبات و هذه المراتب انما يقال لها الطولية لوقوع کل واحدة منها تحت رتبة الاخري بحيث

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 187 *»

لا ذکر لها عند من هو اعلي منها کالشعاع بالنسبة السراج (الي السراج ظ) فلايلحق السافل العالي و ان صعد و ترقي الي ما لانهاية له لان له مقام معلوم لايتعداه و لايتجاوز عنه و لذا ورد في الزيارة الجامعة فبلغ الله بکم اشرف محل المکرمين و اعلي منازل المقربين و ارفع درجات المرسلين حيث لايلحقه لاحق و لايفوقه فائق و لايسبقه سابق و لايطمع في ادراکه طامع و لذا حرم علي الرعية تمني مرتبة الانبياء و علي الانبياء تمني مرتبة الائمة عليهم السلام و لذا لما خطر علي قلب ابينا آدم عليه السلام عوقب و اخرج من الجنة حتي تاب مع ان الخطور کان خطوراً عملياً لا علمياً کما ذکرنا سابقاً و الا لعصي و فعل المحرم و ليست هذه الحرمة و هذا النهي الا من جهة ان کل واحد شعاع و اثر للآخر فلايمکن اللحوق الي مرتبة المؤثر و الا لجاز لاحد تمني رتبة الالوهية و ادعاء معرفة الذات المقدسة تعالي الله عن ذلک علواً کبيراً فافهم راشداً.

و اما السلسلة العرضية فهي ما تجمع الکثيرين حقيقة واحدة ظاهرة في الاطوار و التعينات فاذا نظرت الي الحقيقة تري شيئاً واحداً و اذا نظرت الي الاطوار و التعينات و الافراد تري اموراً کثيرة و ظهور تلک الحقيقة في تلک الافراد علي السواء و انما يختلف الافراد في القوة و الضعف و الرقة و الغلظة بالقابليات فيصح للکثيف تمني رتبة الشريف و للضعيف تمني رتبة القوي لا بمعني الحسد بل يستحب له ذلک و تلک نفس تلک المراتب المتقدمة لا بالنظر الي الاعلي و الاسفل کالانبياء فان لهم حقيقة واحدة قد ظهرت في الافراد الغير المتناهية بدواً و عوداً و کذلک الحيوانات و النباتات و الجمادات و هذه الافراد تترقي و تصعد و تزيد نمواً و قوة و صفاء و جدة و شباباً لکنها في مقامها لايتعداه فتستدير بالعرض و الوضع کرة صحيحة الاستدارة و لا انقطاع لهذا السير و هي في مرتبتها و مقامها کما اخبر الحق سبحانه عنهم بقوله و ما منا الا له مقام معلوم ولکنها تتزايد شرفاً الي ما لا نهاية له کما قال عزوجل في الحديث القدسي حديث الاسرار کلما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية انظر الي الجماد فانه يصفو اما بالمعالجة او بالطفرة الي ان تبلغ الرتبة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 188 *»

الاکسيرية اذ (اذا ظ) ازداد سقياً يزداد عملاً و تأثيراً الي ان يطرح المثقال في الف الف و هکذا الي ما لا نهاية له لکنه جماد لايبلغ مقام النبات ابداً فحرکته في العرض و لو کان في الطول لوصل الي النبات و هو الي الحيوان و لايکون ذلک ابداً.

و ما تري في الانسان انه کان نطفة ثم اخذ بالنمو بالروح النباتية الي انتهاء حد النباتية ثم صار حيواناً ثم صار انساناً و ذلک ليس من الحرکة في الطول و انما هو ظهور المراتب الکامنة او المشرقة علي تلک القابلية فلو فصلت الانسان بنظر الفؤاد رأيت کل مرتبة منها في مقامها نعم ظهرت کل مرتبة اذا تم نضج المرتبة الحاملة لها کالجدار الذي اذا تم يظهر نور الشمس عليه و ليس الجدار و النور و الشمس من حقيقة واحدة و لا ان الجدار صار نوراً فاذا فصلتها يعود منهما الي اصله و لذا اذا غربت الشمس لم‌تجد نوراً علي وجه الارض و کذلک الروح الحيوانية اذا فارقت لم‌تجد حرکة و لا اقتضاء و لا طلباً لا فرق بين الجسد الملقي بعد مفارقة الروح و بين الحجر و هذا لا اشکال فيه فالموجودات في رتبهم في السلسلة العرضية يسيرون الي ما لا نهاية له من مبدأ تکوينهم الي ان ظهروا في الدنيا الي ان يرتحلوا الي الآخرة الي ما شاء الله من ابد الآبدين و دهر السرمد بلاانقطاع.

و اذا اردت ان تعرف کليات المراتب في السلسلة العرضية في کل شيء من الاشياء فاعلم ان الشيء لما بدا من فعل الله سبحانه لايکمل و لايتم الا بعد اکمال القوسين الصعودي و النزولي اما النزولي فلصيرورته جامعاً مملکاً و اما الصعودي فلاظهار تلک المراتب و بلوغه الي عاماتها (غاياتها ظ) المقررة لها فلولا النزول لم‌يتم الصعود و لا (لولا ظ) الصعود لم‌يکمل الشيء فاول المبدأ هو الوجود و يعبر عنه بالفؤاد فلما خلقه الله سبحانه تعين و ترکب فحصل من اول ترکبه و تعينه العقل الکلي في العالم الکلي و الجزئي ثم استنطقه الله فقال له ادبر فادبر فاول ما ادبر مقبلاً علي الخلق الي مقام الارواح ثم الي مقام النفوس ثم الي مقام الطبيعة ثم الي مقام المادة ثم الي مقام المثال ثم الي مقام الجسم الکلي ثم الي مقام العرش ثم الي مقام الکرسي ثم الي فلک البروج ثم الي فلک

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 189 *»

المنازل الثمانية و العشرين ثم الي فلک الشمس ثم منها الي زحل و القمر ثم منها الي المشتري و عطارد ثم منها الي المريخ و الزهرة ثم الي کرة النار ثم الي کرة الهواء ثم الي کرة الماء ثم الي کرة الارض و الي هنا تمت مراتب الادبار.

ثم امره الله سبحانه بالاقبال فاخذ في الصعود فاول ما صعد الي مقام الجماد مبدؤه البخار و الدخان و السحاب و المطر و التيام الاجزاء الاربعة علي وزن معلومة مقدر و المزج التام ليکون المجموع شيئاً واحداً و يتحقق الجماد في اول المزج و النضج ثم الي مقام المعدن و هو مقام النضج الثاني اي تمام الاول ثم الي مقام النبات يعني ظهور النفس النباتية علي ما قلنا لا الحرکة في الطول ثم الي مقام الحيوان البهائم ثم الي مقام الجن ثم الي مقام الملائکة ثم الي مقام الانسان و في هذا تظهر المراتب المتقدمة النازلة کلها و يظهر العقل المدبر المقبل ثم الي مقام القطب الغوث الجامع الکلي و هذا المقام هو تمام اتصال البدو بالعود و الاول بالآخر و هو مقام قاب قوسين ثم منه يصعد الي مقام اعلي و هو تلک اللطيفة الالهية و هي مقام اللانهاية و ليس لها مقام اعلي منه ما لا نهاية له ذکر الشيء و مبدأ ذاته فلايتعداها ابداً و انما يسير في هذه الرتبة بلا نهاية و لا غاية لها و هي (هو ظ) دائماً يطلب مقاماً اعلي فلاتصل الي نفسها و تدور علي نفسها سايرة الي اعلي منها فالحق سبحانه دائم التجلي عليها في مقامها بنفسها فلايلحق الي اعلي منها و هذا السير لا انقطاع لها (له ظ) و قد قال الشاعر و نعم ماقال:

قد ضلت النقطة في الدائرة

و لم‌تزل في ذاتها حائرة

محجوبة الادراک عنها بها

منها لها جارحة ناظرة

سمت علي الاسماء حتي لقد

فوضت الدنيا مع الآخرة

و هذا مجمل القول في ذکر السلسلتين و اما تفصيلها فهي عبارة عن العلوم کلها لانها کلها احوالها.

قال سلمه الله تعا لي: و اخبرني سيدي اذا کان النبي صلي الله عليه و آله هو القطب و الغوث بلا واسطة مع انه صلي الله عليه ينتظر الوحي کيف يکون

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 190 *»

الواسطة و السفير مفضولاَ اجبني سيدي في هذه المسألة بجواب شاف صريح لاتمنعني فيض سيبک.

اقول اعلم ان الحقيقة الالهية لما هبطت و نزلت الي عالم (العالم ظ) السفلي ظهرت في کل عالم علي حسب ذلک العالم متلبساَ بلباسه و متجلبباَ بجلبابه فلو لم‌يلبس لباس ذلک العالم لم‌يکن من اهل ذلک العالم و قد فرضناه من اهل ذلک العالم هف فالروح في کمال تجردها و لطافتها لما تنزلت الي عالم الاجسام استعملت آلاتها فلايمکن ادراک شيء من ذلک العالم الا باستعمال تلک الآلات و هذا ليس لان الروح ناقصة او انها عاجزة او ان تلک الآلات افضل و اشرف منها الا تري انک اذا اردت تخيل شيء و تصوره و تفکره و تعقله لاتحتاج الي استعمال شيء من الآلات الجسمانية الظاهرة بل الروح تستقل بادراکه من دون ملاحظة شيء من الادوات الشهودية و اذا اردت احساس شيء و ابصاره و اسماعه فلابد من استعمال الحواس الظاهرة لان السافل يضمحل عند العالي فاذا اراد الظهور للسافل عنده قائماً يظهر له بما يناسب مرتبته و مقامه فالقلب عند ادراک المجردات لاتحتاج (يحتاج ظ) الي شيء من الآلات و اما عند ادراک الجسمانيات فلابد من الحواس الظاهرة و ليس استعمال هذه الحواس لعجز من الروح و لا لنقص فيها و انما هو لحاجة ذلک العالم و لذا قال مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام انما تحد الادوات انفسها و تشير الآلات الي نظايرها.

فاذا عرفت ذلک فاعلم ان الطفرة لما کانت باطلة و الفيوضات کلها انما تنزل من العالم الاعلي الي العالم الاسفل فاول ما نزلت الفيوضات الي الخزانة العليا الاولي من قوله تعالي و ان من شيء الا عندنا خزائنه و ماننزله الا بقدر معلوم و هي الحقيقة المحمدية صلي الله عليه و آله فاول ما تنزل من تلک الحقيقة الي فؤاده صلي الله عليه و آله و هو عالم او ادني ثم ينزل الي قلبه و هو مقام قاب قوسين و القلم الاعلي المنشق من حلاوة اسم محمد صلي الله عليه و آله ثم تنزل الي روحه ثم الي نفسه الشريفة ثم الي جسمه الشريف و لماکان عالم الاجسام کساير العوالم السفلية بالنسبة‌ الي العالم الاعلي ضيقاً فلايأتيه کلما

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 191 *»

في العالم الاعلي مما عند العالي الي العالم الاسفل دفعة و انما يأتيه شيئاً فشيئاً بالتدريج و الا فساواه هف.

و لماکان العالم الاسفل لکثافته و غلظته مبايناً فلابد من روابط و مناسبات حقيقة تربط في ايصال الفيض بين عالم المجردات و الماديات اي بين عالم الغيب و الشهادة يعني ليست في اللطافة مثل الغيب و لا في الکثافة مثل الشهادة و کذا في ايصال الفيض الي اسافل عالم الشهادة لابد من روابط و تلک الروابط الموصلة بين العالم هو الملائکة فهم يأخذون من عالم الغيب و يوصلون الي عالم الشهادة فحاجة النبي صلي الله عليه و آله الي الملائکة في الوحي و غيره حاجة الروح و القلب الي الحواس في ادراک الجسماني و الي الجوارح لظهور الآثار الجسمية فلولا اليد لماظهرت آثار اليد في الاعمال الشهودية و لولا العين لماابصرت و لولا السمع لماسمعت و هکذا مع ان قوام الجوارح کلها بالقلب و الروح و لذا اذا خرجت الروح من البدن تعطلت الجوارح و ماتت فقوامها بالقلب و آثار القلب جارية و ظاهرة بها فلولا لماظهرت المدارک الشهودية و لولا القلب لماکانت و لماتحققت فتوسط الملائکة مادام النبي صلي الله عليه و آله في عالم الکثرة لابد منها لانها روابط في ايصال ما في العالم الاعلي الي العالم الاسفل بالترجمان فالاسفل يد للعالي في اظهار آثاره و ابراز خزائنه لا واسطة فاذا اطلقت الوساطة يراد بها توسعاً لا حقيقة کما ان الله سبحانه بکمال قدرته و نفاذ مشيته انما استعمل الاسباب و اجري فعله بيده تعالي لتعالي ذاته عن مباشرة الامکان و کذلک حکم کل عالم بالنسبة‌ الي سافله فالملائکة اسباب لنزول ما في الخزائن العالية الغيبية علي نحوها الي الحواس السفلية الشهودية الاضافية علي نحوها و ليس فيها ارتفاع للملائکة و لا انخفاض من النبي صلي الله عليه و آله و الائمة عليهم السلام کما اذا ادرک القلب المحسوسات بالحواس الظاهرة ليس فيه ارتفاع للحواس عن مقامها و لا انخفاض للقلب عن مقامه بل ذلک يدل علي تعالي القلب و تسافل الحواس فافهم فقد رددت العبارة و کررتها للتفهيم و من هذا القبيل تعلم موسي من الخضر عليهما السلام لان الخضر من الاسباب الموصلة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 192 *»

لتلک المسائل الي موسي عليه السلام مع ان موسي افضل و اشرف قطعاً و کتعلم النبي سليمان من النملة المسائل المعروفة المبتنية علي المناسبة الذاتية و ليس مدخلية هذه الامور الا کمدخلية اکلهم و شربهم عليهم السلام و نومهم و يقظتهم لحفظ بنيتهم و کينونتهم.

و بالجملة هذه آلات و اسباب لظهور السافل علي ما هو عليه عند العالي و من هذا القبيل نزول الملائکة في ليلة القدر و ليالي الجمع و کل آن و دقيقة عليهم للبيان کنزول العين علي القلب في بيان الالوان و نزول الاذن علي السمع في بيان الاصوات و نزول الذوق علي القلب في بيان الطعوم و نزول اليد علي القلب في فعل الکتابة و غيرها و القلب هو الاصل و هو مقر الفيض يستعمل هذه الآلات لاظهار ذلک الفيض في العالم السفل و ظهوره عنده علي ما هو عليه فهذه الآلات باب الايصال و الاحضار و الحضور کما ان الامام عليه السلام باب الله الي الخلق في الافاضة و باب الخلق الي الله في الاستفاضة و ظهور الکينونة فقد کشفت القناع لمن له عينان و شفتان و لسان و قلب يشاهد البرهان

فان کنت ذا فهم تشاهد ما قلنا

و ان لم‌يکن فهم فتأخذه عنا

و ما هو الا ما ذکرناه فاعتمد

عليه و کن في الحال فيه کما کنا

فالنبي صلي الله عليه و آله هو الغوث و القطب لا شک فيه و لکونه کذلک استعمل هذه الآلات و الاسباب و هو باب الله و جرت سنة الله تعالي فيه صلي الله عليه و آله في اتخاذ الاسباب و الايادي.

و اما القرآن فان الله انزله بجملته في البيت المعمور و قد قرأه اميرالمؤمنين عليه السلام من اوله الي آخره يوم ولد في الدنيا و قد کانت ولادته الشريفة روحي له الفداء قبل المبعث بسبع سنين و الزهراء عليها السلام کانت تقرأ القرآن في بطن امها و الله سبحانه ذکر في کتابه لاتحرک به لسانک لتعجل به ان علينا جمعه و قرآنه فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه و لايسعني الکلام في هذا المقام ازيد من ذلک لا لانه في الاسرار التي يجب کتمانها بل لعناد المعاندين و عدم صولة اولئک، المنافقين الم‌يسمع قول النبي الصادق

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 193 *»

الامين کنت نبياً و آدم بين الماء و الطين و قول اميرالمؤمنين عليه و علي اخيه و علي اولاده و زوجته السلام من الحق المبين کنت ولياً و آدم بين الماء و الطين و ماکان صلي الله عليه و اله نبياً الا بهذا القرآن لان الله سبحانه قال و کذلک اوحينا اليک روحاً من امرنا ماکنت تدري ما الکتاب و لا الايمان و لم‌يکن اميرالمؤمنين عليه السلام ولياً الا بتفاصيل مجملات هذا القرآن و هو انسان يأتي يوم القيمة يشفع

و اياک و اسم العامرية انني

اخاف عليها من فم المتکلم

قال سلمه الله تعالي و ما معني سيدنا ما ورد في الحديث عن ابي‌الصامت انهم عليهم السلام خلقوا من عشر طينات خمسة من طين الجنة جنة عدن و جنة المأوي و النعيم و الفردوس و الخلد و خمسة من الارض مکة و المدينة و الکوفة و بيت المقدس و حاير الحسين عليه السلام کيف هذا و الجنان و الارض انما خلقت من فاضل نورهم.

اقول: اما حقيقتهم عليهم السلام بارواحهم و عقولهم و نفوسهم و اشباحهم و اجسامهم کلها فانما خلقت قبل الخلق و قبل العرش و الکرسي و قبل الجنان و الاراضي و الخلق ماسواهم کائناً ماکان و بالغاً مابلغ انما خلق من شعاع انوارهم و قد دلت عليه الادلة‌ القطعية و النقلية ولکن الخلق لماخلقهم الله سبحانه بهم و اراد تکليفهم و هدايتهم لا نهم جهال لايعلمون شيئاً مما يصلحهم او يفسدهم الا بالله سبحانه و لما ان الله جل شأنه يجل عن مباشرة المخلوقين فلابد ان يوصلها اليهم مناسب(مناسباً ظ) معهم ليتمکنوا من القبول و لماکان محمد و آله صلي الله عليهم هم الاصل في کل خير و الوجه في کل طلبة و الباب لکل مقصد جعلهم الله سبحانه هم الموصلين لتلک التکاليف و الاوامر و النواهي الي کافة الموجودات السارية فيها الاختيار و الشعور و هي کلما سوي الله سبحانه و لذا بعثه الله سبحانه الي کافة الخلق بشيراً و نذيراً قال تعالي تبارک الذي نزل الفرقان علي عبده ليکون للعالمين نذيراً فاذا وجب ان يکونوا هم المبعوثين الي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 194 *»

کافة الخلق فلابد ان يکونوا سلام الله عليهم ظاهرين علي صورهم و هياکلهم و اشباحهم اذ لو ظهروا لهم علي الصورة التي خلقهم الله سبحانه عليها لماتوا و هلکوا و فنوا و قد ذکرنا لکم سابقاً انه ظهر لموسي علي نبينا و آله و عليه السلام مقدار سم الابرة من نور رجل من شيعتهم فدک الجبل و خر موسي صعقاً و مات بنواسرائيل فما ظنک لو ظهرت انوارهم الحقيقية کيف و قد ظهر بعض انوار بعض شيعة اولئک الشيعة الذين رأي موسي مقدار سم الابرة من نور واحد منهم للملائکة في عالم الانوار فزعمت الملائکة انه النور القديم و السر الحکيم الي ان نادت تلک الانوار بحقيقة‌ الاسرار لا اله الا هو العزيز الجبار کما عن النبي المختار صلي الله عليه و آله لکنه قال لاحول و لاقوة الا بالله لتعلم الملائکة انا عبيد مربوبون و هذا القول منه صلي الله عليه و اله بهذا التعبير مقتبس من قول الله سبحانه ان الينا ايابهم ثم ان علينا حسابهم مع ان اياب الخلق اليهم و حسابهم عليهم صلي الله عليهم و روحي فداهم و کذلک ما تجلي للملائکة يجب ان يکون دون ما تجلي لموسي بالضرورة.

و بالجملة لعجز الخلق عن مشاهدة انوارهم فلابد ان يلبسوا لباساً من سنخ الخلق المبعوث اليهم و يظهروا بصورتهم حتي يتمکنوا من مشاهدتهم عليهم السلام و الاخذ منهم حتي يتم حجة الله تعالي و تکمل نعمة الله و تظهر آيات الله و تعلو مقامات الله فحيث وجب لهم ذلک اللباس المعبر عنه بالبدن الظاهري فلابد ان يکون ذلک البدن و ذلک اللباس افضل ما يکون من ذلک العالم حتي يکون قد تم لهم الشرف الکامل في کل مقام و لماکان مناط العوالم الجسمانية عالمين عالم الدنيا و الآخرة و افضل مقامات الآخرة و اشرفها الجنة بطبقاتها و اشرف الطبقات الخمسة المذکورة لان الذي بازاء الجسم و المثال و النفس من الطبقات ادني من باقي الطبقات التي بازاء العقل و الحواس دون الحس المشترک فالخمسة‌ الباقية اشرف الطبقات الجسمانية فوجب ان تؤخذ طينتهم سلام الله عليهم منها و کذلک افضل مقامات الدنيا و منازلها الاراضي الخمسة المذکورة فوجب ان تؤخذ طينتهم من افاضل طين الدنيا و الآخرة لخلق بشريتهم و لباسهم من قوله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 195 *»

تعالي و لو جعلناه ملکاً لجعلناه رجلاً و للبسنا عليهم ما يلبسون فالبشرية الظاهرة من ابدانهم فانما هي من سنخ رعيتهم صلي الله عليهم و لذا کان يجري فيها القتل و المرض و کانوا يعيشون بالاکل و الشرب و کانوا يأکلون مما يأکل الرعية منه و يشرب مما يشربون منه و هو قوله تعالي انما انا بشر مثلکم يوحي الي و قال تعالي لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤف رحيم.

و اما الجنة فقد خلقت من فاضل نور الحسين عليه السلام و الاراضي خلقت من نور الزهراء و شعاعها صلي الله عليها و علي ابيها و بعلها و بنيها و المخلوق من الطين المذکورة بشريتهم الظاهرة.

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي ما معني الصخرة‌ التي تحت الارض هل هي سجين ام غيرها و ما معني جبل قاف و اخبرني ماوراء جبل قاف هل هو خراب ام عمران کماورد عن ابن‌عباس قال خلق الله جبلاً يقال له قاف محيط بالعالم و عروقه الي الصخرة التي عليها الاراضي فاذا اراد الله ان يزلزل البلاد امر ذلک الجبل فحرک العرق اخبرني ما معني ذلک.

اقول ان الصخرة التي تحت الارض قد تطلق و يراد بها قطب الارض و لکمال انعقادها و انجمادها و شدتها في اليبوسة و البرودة التي هي طبع الموت  فقطب الارض هو الغاية في هذه الطبيعة و کل منعقد منجمد ميت غير نافذ ففيه وجه من وجوه الحيوة يسمي الصخرة و هو قوله تعالي ثم قست قلوبکم من بعد ذلک فهي کالحجارة او اشد قسوة و ان من الحجارة لمايتفجر منه الانهار و ان منها لمايشقق فيخرج منه الماء و ان منها لمايهبط من خشية الله و ما الله بغافل عما تعملون و الصخرة اجمد من الحجارة للوجوه التي ذکرها الله سبحانه و قد تطلق و يراد بها کتاب الاشرار الفجار في سجين و هي سجين في مقابلة‌ الزمردة الخضراء التي هي کتاب الابرار في عليين بل هي عليون.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 196 *»

و اما جبل قاف فالمراد به کرة الارض من حيث قبل الاعراض و العوارض التي عرضتها و اخرجتها عن الاستقامة و اللطافة و النورانية و هي سر الارض و اصلها و هي المعبر عنها بالزمردة الخضراء ايضاً لاتصالها بنور المشية التي هي النور الاصفر و انها محلها و موقعها في الکون السفلي الجسماني و هذه الجبال المعروفة کلها اصلها منها و اليها تعود و هي ارض الحشر و ارض الجنة و هي الارض التي تتبدل هذه الارض بتصفيتها عن الکثافات اليها و هي الارض التي لايجد الساکن فيها الليل ابداً لانها لاتحجب ما وراءها و اصفي من البلورة اذا اشرقت عليها الشمس و هي الارض التي کانت الخلايق عليها في الخلق الاول قبل ان يخلق الليل و طالع الدنيا اي اول برج طلع من افق هذه الارض کان هو السرطان و الشمس في شرفها علي قمة الرأس و الوقت الظهر و انما سمي جبلاً لانعقادها بيبوستها و برودتها مع خلط الحرارات الواقعه عليها من اشعة الکواکب المبادي فامتزجت تلک الاشعة بهذه الارض فانعقدت صافية طاهرة مطهرة و علي هذا الجبل جزيرة (الجزيرة ظ) الخضراء و عليه بلد جابلقا و جابرسا و موکل عليه ملک اسمه اسماعيل و عروق الجبال و الاراضي کلها متصلة به و بيد الملک اسماعيل و عروته الي الصخرة الي القطب الذي عليه تدور عليه کرة الارض الاصلية التي يعبر عنها بالجبل القاف و هي مربوطة بقطبها و اصلها.

فاذا اراد الله ان يزلزل الارض بکثرة معاصي اهلها و الغالب ان يکون موجبها انکار فضل آل‌محمد صلي الله عليه و اله الذي يؤثر في الاصول و المبادي امر الله سبحانه الجبل لانه حي او الملک الموکل به المطيع لامر الولي عليه السلام فحرک العروة و هي الخيط الاصفر روابط الفيض المتصلة في المبدأ الاعلي الي ذلک الجبل و اهله و لذا کان اصفر لاتصاله بنور المبدأ مع اقتضاء مقامه السواد فاختلط الصفرة بالسواد فکانت خضرة و هي خضرة الجبل اما نفس الخيوط فهي حدود المشية و رؤوسها و وجوهها المتعلقة بالارض بجهاتها و حدودها و اقتضاءاتها و تلک الرؤوس اذا ظهرت في عالم الشهود الجسماني تظهر بصورة الخيط الاصفر و بصورة العروة لبيان الربط و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 197 *»

الاتصال و لماکان الاصل في کل هذه الآثار و التأثيرات هو الولي عليه السلام و لذا کانت بيده و لماحرک الباقر عليه السلام ذلک الخيط الاصفر تحريکاً دقيقاً تزلزلت المدينة کما في الحديث المشهور بحديث الخيط الاصفر علي ما رواه في البحار.

و اما ماوراء قاف فليس الا البحر المحيط الذي وراءه الهواء الذي وراءه النار المحيط بها فلک القمر سماء الدنيا.

و اما عالم المثال و بلادها و مراتبها و اقاليمها و قطعها و ارباعها و احوالها کلها وراء قاف و هو باحوالها هي العوالم المذکورة في الاحاديث المعصومة و ماوراءه جابلقا و جابرسا و وادي السلام التي تأوي اليها الارواح و وادي برهوت و جبال کمد و عيون بقر التي تأتي اليها الارواح بعد مفارقة الاجسام الدنيوية و هذه کلها وراء هذا الجبل و وراءه العوالم الاخر کمايأتي اليه الاشارة ان‌شاء‌الله تعالي.

قال سلمه الله تعالي: اخبرني عن معني هذا الحديث روي الصفار في بصائر الدرجات عن ابي‌صالح قال سألت اباعبدالله عليه السلام عن قبة آدم فقلت له هذه قبة آدم عليه السلام قال نعم و لله قباب کثيرة ان خلف مغربکم هذا تسعة و ثلاثون مغرباً ارضاً بيضاء مملوءة خلقاً يستضيئون بنورنا لم‌يعصوا الله طرفة عين لايدرون أخلق الله آدم ام لم‌يخلقه يبرؤون من فلان و فلان و فلان.

اقول: هذه التسعة و الثلاثون مع قبة آدم تمام الاربعين و هو تمام مراتب الوجود فان الله سبحانه اکمل خليقة کل شيء في اربعين مرتبة کماقال عزوجل خمرت طينة آدم بيدي اربعين صباحاً و هي ظهور الفيوضات العشر التي خلق الله سبحانه الاشياء کلها بها في اربع طبايع او اربعة ارکان هي الخلق و الرزق و الحيوة و الموت و باعتبار ظهور غلبة کل مرتبة يتحقق عالماً من العوالم و ان کان لايخلو من باقي المراتب مثلاً ان الانسان مرکب من اربع طبايع

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 198 *»

الصفراء و السوداء و البلغم و الدم و لايمکن خلق الانسان من هذه الطبايع الا ان فعلية کل طبيعة يظهر منه آثار مختلفة تختص به اي الانسان من حيث غلبة طبيعة من الطبايع و کذلک العوالم کلها لاتخلو من هذه الاربعين لکن باعتبار غلبة مرتبة في الکل تجري عليها احکاماً خاصة بها و ظني ان هذه الاربعين انما هي العوالم التي في هذه الارض منها علي جبل منها بعد الخلط بالاعراض و قبة آدم هي التي لما اتي اليها آدم عليه السلام انشد و قال:

تغيرت البلاد و من عليها

فوجه الارض مغبر قبيح

و مقام الخلط و اللطخ و ظهور الاعراض و غلبة الظلمة و دولة الفاسقين و خفاء الحجة انماکانت هذه القبة التي نحن عليها من حيث هذه الکثافات و لذا خفي امرهم في هذه الدنيا بحيث اختلفوا فيهم فمنهم حکم بکفرهم و قال ان اليهود و النصاري هم الحسن و الحسين و اولاد الحسين و اليهم الاشارة بقوله تعالي و قالت اليهود و النصاري نحن ابناؤ الله و احباؤه يعني ابناء محمد و علي تعالي الله عما يقولون علواً کبيراً و منهم من لم‌يجدهم اهلاً للامامة و الوصاية فضلاً عن الخلافة الکبري و منهم من حکم بانهم الارباب من دون الله و منهم من جعل حالهم کحال غيرهم من الرعايا و منهم من قال انهم يعلمون کل شيء و منهم من قال انهم لايعلمون کل شيء و منهم من فصل.

و بالجملة الاختلاف فيهم لاينکر و هذا الاختلاف انما هو من جهة هذا الخلط و امتزاج النقطتين و تصادم الاعراض و عدم الاعتدال و الا فلم‌يکن يخفي امرهم و لم‌يستتر نورهم سلام الله عليهم کيف و ان الله تعالي عرفهم الخلق في جميع اطوارهم و لولا هذه الاعراض لکان الامر في اشراقات انوارهم و عکوسات آثارهم عظيماً و الخطب جسيماً و قد اشار الي ما ذکرنا مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام في الخطبة و لولا اصطکاک رأس افردوس و اخلاط الطتنجين و صرير الفلک لسمع کل من في السموات و الارض رحيم دخولها في الماء الاسود في العين الحمئة الخطبة و اما باقي التسعة و الثلثون المغرب و المشرق المعبر عنهما بالعالم المستقل فکلها علي جبل قاف من المقامات و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 199 *»

المراتب المصفاة من الاعراض بل هي طيبة طاهرة بيضاء بننور العقل مملوة من اناس مطهرين و خلق مقدسين منزهين مقبلين علي الله تعالي و متوجهين اليه سبحانه يستضيئون بنور الولاية و يستشرقون باشراقات انوار الامامة و الخلافة لم‌يعصوا الله طرفة عين لانها اما باعراض قلبي و خبث ذاتي و ذلک محله سجين اسفل السافلين و اما بمزج و خلط و بين العالمين و مزج بين النقطتين و ذلک اي المزج قد خلص و رجع کل فرع الي اصله فلا معصية لاصحاب الطينة الطيبة و لا طاعة لاصحاب الطينة الخبيثة و هذا المعني هو الذي يظهر في هذه الدنيا في الرجعة عند ظهور صاحب العصا و الميسم دابة الارض في الوجود و صاحب سر العابد و المعبود و هؤلاء حيث کانوا صافين عن خلط العوارض و اولاد آدم ابينا کلهم اصحاب الخلط و اللطخ في صلبه المؤمن و الکافر و الطيب و الخبيث و المختلط فلايدرون هؤلاء بآدم و لايلتفتون الي ما عليه اولاده من حيث انه عليه السلام اباه لانهم المطهرون و اولئک هم الغافلون.

و لما ان الجهل من هذه الاعراض و اهل تلک العوالم منزهون عنها فلا جهل فيهم بل هم باقون علي الفطرة الاصلية و ما کتب الله فيهم من سر الولاية و ما نقش في ذواتهم من صفات الامامة فلايعلمون الا ان العلم و الحکمة معرفتهم و ولايتهم و التبري من اعدائهم کماقال عليه السلام في تفسير قوله تعالي و من يؤتي الحکمة فقد اوتي خيراً کثيراً ان الحکمة هي معرفة الامام فالعالم يعلم ان الاشياء کلها من شعاع انوارهم و ظل عکوسات آثارهم فلاتدل علي سواهم فليس لهم في العلم و المعرفة و الکمال و العبادة و الطاعة الا معرفتهم و توليهم و التبري من اعدائهم.

و ها انا اورد عليک حديثاً تعلم ان العلم کله فضائل آل محمد صلي الله عليه و آله رواه ثقة الاسلام عن الصادق عليه السلام انه سئل عن العلوم التي علمها رسول الله صلي الله عليه و اله علياً يفتح من کل باب الف باب و من کل باب من الالف الف باب هل هذه وصل الي شيعتکم قال عليه السلام وصل اليهم باب او بابان فقال السائل يا سيدي فما وصل الي شيعتکم من فضلکم الا باب او بابان قال عليه السلام فما عسي ان يصل اليکم من فضلنا والله ماوصل اليکم من فضلنا الا الف

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 200 *»

غير معطوفة هـ و فيه اشعار الي ما ذکرنا و تنبيه علي ما سطرنا يعلمه من کان له قلب او القي السمع و هو شهيد.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني سيدي قول مولانا علي عليه السلام انا آدم الاول انا نوح الاول ما هذه الاولية اَفِدني، فداک ابي و امي و نفسي.

اقول: انا قد ذکرنا في کثير من مباحثاتنا و رسائلنا ان الخير لم‌يسبقهم و هم سلام الله عليهم اصل الخير و معدنه و مأواه و منتهاه فکل خير هم عليهم السلام سبقوه و قد تشعب منهم و تفرع عنهم الي غيرهم و لماکان بين الاسماء و المسميات مناسبة ذاتية فمعني الخير دل علي ان اسمه خير فکما ان المسميات الطيبة انما نشأت منهم کذلک الاسماء الطيبة منهم سلام الله عليهم بما هم عليه من جامعية الخير استحقوا کل اسم طيب نوراني فکان من اسمائهم آدم و نوح و ابراهيم و موسي من ساير الاسماء الطيبة لان المعاني النورانية التي اقتضت هذه الاسماء الطيبة اصلها فيهم فهم سلام الله عليهم آدم الاول و نوح الاول و ابراهيم الاول و هذه واحد من وجوههم التي بها ناسبت الاسماء الخاصة فاعاروهم اسمهم فاسماء الانبياء عليهم السلام انما هي مستعارة من اسمائم وحقايقهم انما هي حکاية من آثارهم و صفاتهم و رسومهم و لذا کانت الاسماء اسماءهم و المسميات هم الفرع فهم الاول بهذا المعني و لذا قد خاطب مولانا الصادق عليه السلام اميرالمؤمنين عليه السلام باسماء الانبياء في الزيارة و هذه الاسماء هي اسماؤه عليه السلام و هي مستعارة عند الانبياء کما ان حقايقها مستعارة من صفاتهم و لاتتوهم ان حقيقة محمد و آله هي حقايق الانبياء عليهم السلام کلا و حاشا و انما حقايق الانبياء رشحات من بحر جودهم و قبسات من نور عزهم و اشراقات من شمس ظهورهم و لايساوي الشعاع الشمس ابداً و لايجمعهما حقيقة واحدة و قد کتبنا في هذه المسألة رسالة منفردة من ارادها فليرجع اليها.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 201 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما معني الحديث الوارد الشقي من شقي في بطن امه و السعيد من سعد في بطن امه ما المراد بالام فان کان هذه الام فاي ذنب له و ان کان فماوجه تسمية المادة بالام.

اقول: المراد بالام هي الوعاء الذي يحفظ الشيء المبهم المجمل و يفصله بالحدود و المشخصات و يميزه بالاوصاف و الصفات و يوجب له الاسم الخاص و هذا المعني انما يصدق في غاية‌ الظهور علي ثلاثة امور:

الاول الام المعروفة اي المرأة و هي تسمي اما من جهة ان النطفة في صلب الام انما کانت شيئاً واحداً مجملا في الغاية من الاجمال صالحاً لان يکون ذکراً و انثي و خنثي حسن الصورة او قبيح الصورة قصيراً او طويلاً و کذا في الصورة الظاهرة من الوجه و الرقبة و الصدر و البطن و امثالها و هذه انما کانت مجملة في النطفة غير متمايزة فتمايزت و تشخصت في بطن المرأة و لذا سميت.

اما الثاني الصورة فان المادة من حيث هي مادة صالحة لقبول الصور و المشخصات و الهيئات و الاضافات و الاوضاع و السعادة و الشقاوة فاذا تصورت تتميز و تتشخص فيحکم عليها بالحسن و القبح بالصورة فالتفصيل يکون بالصورة فلذا سميت بالام عند اهل البيت عليهم السلام و قد قال مولانا الصادق عليه السلام ان الله خلق المؤمنين من نوره و صبغهم من رحمته فالمؤمنين اخو المؤمن لابيه و امه ابوه النور و امه الرحمة و لاريب ان مدخول من فيما يتعلق بالصنع و الايجاد المادة کما اذا قلت صنعت الخاتم من فضة و صنعت السرير من الخشب و البيت من الطين في کل هذه الامثلة لاشک ان مدخول من هو المادة فعرفنا ان النور في قوله عليه السلام خلق المؤمنين من نوره هو المادة و الرحمة کان هو الصبغ هي الصورة ثم قال عليه السلام ابوه النور و امه الرحمة فعرفنا ان الصورة هي الام و المادة هي الاب فدل علي ما ذکرنا العقل و النقل.

اما الحکماء فقد ذهبوا الي ان المادة هي الام لمناسبة القبول فان المادة قابلة للصور الکثيرة و هي فاعلة فقالوا ان المادة هي الام و الصورة‌ هي الاب و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 202 *»

هو غلط فاحش و هذا الحديث الشريف لاينطبق علي قولهم فان السعادة و الشقاوة انما هما في الصورة دون المادة فان المادة کالخشبة صالحة للصنم و السرير فاذا صنع سريراً يحکم عليه بالسعادة و اذا صنع صنماً يحکم عليه بالشقاوة فالسعادة و الشقاوة تبعتا الصورة لا المادة و يحمل عليه الحديث المذکور فيقال ان الام هي الصورة و السعادة و الشقاوة في بطن الصورة فان الحقيقة الانسانية في العالم الاول عالم الذر صالحة لجميع الصور الحسنة و القبيحة فاذا اجابت تصورت بالصورة الانسانية فکانت سعيدة و اذا انکرت تصورت بالصورة الشيطانية فکانت قبيحة خبيثة فالسعادة في الصورة و الشقاوة فيها فدائماً يکسر و يصاغ و يلبس الصورة الانسانية او الشيطانية الي ان تستقر اما بالاطمينان فيکون صاحب النفس المطمئنة الراضية المرضية او بالنکرا و الشيطنة فتکون محلاً للشياطين و موضعاً للجهل و الظن و التخميل فتستقر صورها و تدوم سعادتها و شقاوتها و هذا الاستقرار قد يکون في الدنيا و قد يکون في الآخرة فبطن الام هي الصورة علي ما فصلت لک دون المادة علي ما قالوا.

الثالث الدنيا فان بطن الام المعروفة تربي الجسم الي ان تبلغ به الصورة‌ الانسانية الکاملة و هذه الدنيا تربي الي ان يبلغ بها الي الصورة الانسانية او الشيطانية فکما ان الصورة الجسمانية انما تترقي بالاسباب الجسمية کدم الحيض مثلا و ساير العقاقير الجسمانية کذلک الصورة الانسانية التي هي کمال النفس الانسانية انما تتربي بالاسباب الالهية التي هي الاعمال الصالحة و الاعتقادات و العلوم و الحقايق و الرسوم فان بها تترقي النفس و تصاغ علي الصورة الانسانية هيکل التوحيد و صورة التفريد و التجريد و باضدادها تتسافل و تصاغ علي الصورة‌ البهيمية الشيطانية فتستوفي اجله في الکتاب حتي اذا تمت الصورتان و نضجتا و انعقدتا تتولد و تضعها امها التي هي الدنيا و تخرج منها اما سعيدة او شقية فتستقر السعادة و الشقاوة ابد الابد و تظهر آثارهما بلا انقطاع فهي اي الدنيا بطن الام التي السعيد سعيد فيها و الشقي شقي فيها فاذا خرجت

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 203 *»

من الدنيا اما الي الجنة او الي النار کبطن الام فان الانوثة و الذکورة‌ انما تتمايزان في بطن الام فاذا وضعت الام فلايمکن ان يکون الذکر انثي او العکس و هذا ظاهر معلوم و علي المعنيين يصح تفسير الحديث کما ذکرنا و لايلزم اجبار و لا الجاء و لا اضطرار کما هو المعلوم البين.

و اما علي الام المعروفة فلو حملنا فالمراد بالسعادة الصورة الانسانية و غيرها بالشقاوة او السعادة و الشقاوة المعروفتان علي حسب الاجابة في العالم الاول الذر فان المنکر لذلک اليوم ان کان علي بصيرة و انکار بعد المعرفة و الجحود بعد الايقان فلايختلف في هذه الدنيا کماقال تعالي فماکانوا ليؤمنوا بما کذبوا به من قبل و کذلک ايضاً حکم المقر عن بصيرة و ايقان.

و اما المستضعف فهم المرجون لامر الله اما يعذبهم و اما يتوب عليهم فلايجري الحمل بالنسبة الي … المستضعف فافهم فهمک الله.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني سيدنا قول اميرالمؤمنين عليه السلام ظاهري ولاية و باطني غيب لايدرک.

اقول لاشک ان السافل لايسعه الاحاطة بحقيقة العالي بوجه من الوجوه الا ما يظهر للسافل من ظهوره الخاص به و لايدل و لايظهر الا بذلک القدر کالشعاع الواقع علي المرآة الحمراء و الصفراء لايظهر فيهما الا علي جهة الاحمرار و لايعرف الناظر فيهما الا ان المنير مشرق احمر او اصفر و لايعرف من المنير اذا ما رآه بمجرد رؤية الشعاع انه بسيط کالشمس و الکواکب او مرکب مثل المتولدات و المرکب لايعرف ترکيبه من دهن او حطب و الدهن لايعرف منه اي دهن هل هو دهن الزيت او دهن الجوز او الشحم او غير ذلک و الحطب لايعرف منه اي قسم منه و بالجملة فالناظر الي المنير من جهة الشعاع لايعرف منه الا ما يظهر له في الشعاع انه مضيء مشرق لا غير و اما حقيقة المنير فانها غيب لايدرک بالشعاع الا لمن کان حقيقة المنير حاضرة عنده و لايکون ذلک الا للمحيط بالمنير اما بذاته او بظهوره.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 204 *»

فاذا عرفت ذلک فاعلم انه قد دلت الادلة القطعية من العقلية و النقلية بان مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام و اولاده المعصومين هم المنير و الخلق غيرهم کلهم شعاع لهم خلقوا من شعاع نورهم و فاضل ظهورهم و من المعلوم ان الشعاع لايعرف الا ان المنير مشرق متصرف في الشعاع کمال التصرف لاتحقق له و لاتذوت الا بالمنير و اشراقه و کذلک لايعرف الخلق منهم سلام الله عليهم الا ان لهم الولاية و التصرف في الاکوان و الاعيان بالله سبحانه بان جعلهم الله کذلک و هو معني الولاية‌ المطلقة و الهيمنة العامة علي کل مذروء و مبروء فهم الاصل القديم و الفرع الکريم.

و اما ازيد من ذلک من مراتب حقيقتهم و ذاتهم فلايعرفها احد ابداً لا الملک المقرب و النبي المرسل و هو قوله تعالي و ان تعدوا نعمة الله لاتحصوها و قوله تعالي و لو ان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمده من بعده سبعة ابحر مانفدت کلمات الله و قال الکاظم عليه السلام نحن الکلمات التي لايستقصي فضلنا و لايستحصي في جواب مسألة يحيي بن اکثم و قال تعالي و بئر معطلة و قصر مشيد و في الحديث يا علي ماعرفک الا الله و انا باطنه صلي الله عليه غيب لايدرک مخفي عن کل احد سوي الله سبحانه و الدليل علي ذلک باصرح الدلالة قوله عليه السلام في الصحيفة بعد صلوة الليل و استعلي ملکک علواً سقطت الاشياء دون بلوغ امده و لم‌يبلغ ادني ما استأثرت من ذلک اقصي نعت الناعتين ضلت فيک الصفات و تفسخت دونک النعوت و حارت في کبريائک لطائف الاوهام.

 فالذي ظهر منه عليه السلام للعالم کونه ولياً من العز لله تعالي متصرفاً في الوجود مطلعاً علي الغيب و الشهود و هو الولاية التي هي ظاهره عليه السلام و اما باطنه اي کينونته و کونه علي ما هو عليه في عز قدسه فذلک غيب لايدرک لانه هو الملک المستعلي علي کل شيء تأمل في الدقيقة بسر الحقيقة في قوله عليه السلام و استعلي ملکک و لاريب ان الملک هو الحادث و ان وصف بالقدم في قوله عليه السلام في الدعاء اللهم اني اسألک باسمک العظيم و ملکک القديم ولکن المراد به طول المدة في الاحداث و الانشاء لا القديم الذي هو الازل فاذا ثبت حدوث الملک فقد اجمع

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 205 *»

المسلمون علي انه لم‌يسبق محمداً صلي الله عليه و آله احد في الوجود و الحدوث فيکون هو الملک و لماکان اميرالمؤمنين عليه السلام نفسه فکان هو ايضاً الملک فهو علا علي کل شيء علواً سقطت الاشياء في ذواتها و صفاتها و کينوناتها دون بلوغ امده عليه السلام ثم تنزل عن هذه المرتبة و قال عليه السلام و لم‌يبلغ ادني ما استأثرت به من ذلک اقصي نعت الناعتين و الناعتون جمع محلي باللام يفيد العموم الاستغراقي اي جميع الناعتين من الاولين و الآخرين باقصي نعتهم و مبلغهم في العلم و الادراک عاجزون عن البلوغ الي ادني ما استأثر الله منه من جوامع الفضايل و الکمالات و ذلک الوجه الاسفل منه صلي الله عليه و آله المتعلق باحداث الشعاع فافهم و لاتکثر المقال فان العلم نقطة کثرها الجهال و لهذا الکلام الشريف وجوه کثيرة ترکنا ذکرها و ما ذکرنا احسن الوجوه لمن يسمع و يعقل.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا هل يجوز ان يسمي احد من الائمة بإمرة‌ المؤمنين غير علي بن ابي‌طالب عليه السلام من الحسن الي الحجة.

اقول: لايجوز لاحد من الاولين و الآخرين من ملک مقرب او نبي من مبدأ الوجود الي آخر مقامات الشهود من العلل و المبادي العالية حتي نبينا صلي الله عليه و آله و ائمتنا عليهم السلام ان يتسمي باميرالمؤمنين و يرضي به غير سيدنا و مولانا اميرالمؤمنين عليه السلام فان ذلک اسم خصه الله به دون اهل العالم فمن تسمي به و رضي و استحسن ان يدعي بهذا الاسم فهو کافر مطعون في عجانه مأبون و السر في ذلک بعد الاحاديث المتکاثرة الناصة بالمطلب و اجماع الفرقة الناجية ان الامير من المير و هو الکيل من قوله تعالي و نمير اهلنا و نحفظ اخانا و الکيل هو التقدير و التفصيل.

و اما رسول الله صلي الله عليه و آله فمقامه الاجمال و الوحدة فلايناسب مقامه التفصيل و الکثرة و التقدير لکل احد علي حسب ما يقتضيه مقام المفاض عليه الا تري العرش فانه يلقي الفيض الي الکرسي علي جهة الاجمال و في الکرسي يفصل و يقدر و منه علي التفصل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 206 *»

يفاض علي الاجسام السفلية فالعرش مثال رسول الله صلي الله عليه و آله و الکرسي مثال اميرالمؤمنين و التقدير و التفصيل يکون به عليه السلام و المؤمنون جمع محلي باللام يفيد العموم و يدخل فيهم الائمة الطاهرون سلام الله عليهم بل هم المؤمنون حقيقة و الانبياء و من بعدهم انما يسمون مؤمنين من باب الحقيقة الثانية فلااحد يقدر علي ان يکيل العلم للائمة عليهم السلام بان يعطيهم بقدر دائم الافاضة و ثابت الاعانة بمدد من الله سبحانه علي جهة التفصيل سوي سيدهم و مولاهم فهذه الصفة لاتصدق علي غيره ابداً کما ان صفة الرحمن لاتصدق علي غير الله تعالي لعمومها و کذا عموم هذا التقدير لايتولاه الا حامل الولاة المطلقة و الائمة عليهم السلام و ان کان يطلق عليهم المقدرون الا انه اضافي کما في دعاء رجب اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و المناة جمع ماني و هو المقدر ولکن ليس لهم هذا التقدير العام الکلي فهذا الاسم الشريف خاص به دون غيره فهو اميرالمؤمنين يمير العلم و النور و الخير و الرشد و الهداية و ساير ما تقتضيه الولاية المطلقة للمؤمنين اي کل من آمن بالله و برسوله صلي الله عليه و آله و النبي صلي الله عليه و آله سيده و مولاه و لکن مقامه لايقتضي ان يکون هذا الاسم له کما سبق فافهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا في القرآن هل اسقط منه شيء ام لا و هل حرف شيء ام لا و هذا القرآن الموجود من جمعه هل هو مأخوذ من تأليف علي اميرالمؤمنين؟

اقول: اما الاسقاط فلاينبغي ان يشک فيه المتتبع في الاخبار و الناظر في الآثار و السير و التواريخ و سير الامم بعد الانبياء من الاختلاف الشديد و تحريف کتابهم و قد روي الفريقان ان ما کان في الامم الماضية يکون في هذه الامة حذو النعل بالنعل و القذة بالقذة فلو انهم سلکوا جحر ضب لسلکتموه و قد دل نص القرآن بوقوع التحريف في الکتب الماضية فوجب ان يکون في هذا الکتاب ما في الکتب في الامم السالفة و الاخبار في ذلک اکثر من ان تحصي و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 207 *»

قد ذکر بعض علمائنا انه عثر علي اکثر من الفين حديث في هذا المعني فاذا لم‌يثبت هذا المعني بهذه الاحاديث المتکثرة الواردة من طريق الفريقين فلم يثبت مطلب اصلاً بالاخبار مع ان هذه الاخبار في الکتب المعتبرة و قد ذکر ثقة الاسلام في الکافي شطراً وافياً منها و کذا الثقة الجليل علي بن ابراهيم في تفسيره و غيرهما في غيرهما و ردها بقوله تعالي انا نحن نزلنا الذکر و انا له لحافظون غريب جداً لان الساقط من القرآن ما ضاع و انما هو محفوظ عند اهله و سيظهره و يبين احکامه عجل الله فرجه و کونه عند کل احد يلزم ان يکون محفوظاً عن الغلط في الکتابة و القراءة ايضاً بحيث لايجوز ان يقرأ احد غلطاً شيئاً من آيات القرآن او يکتب کذلک مع ان الضرورة قاضية ببطلانه و کذا ردها ببعض الاستعارات اغرب و اعجب و لايسعني الآن ذکر تلک الاستبعادات من الخرافات و الجواب عنها فان الامر بحمد الله واضح کالشمس في رابعة النهار.

و لماکان القرآن معجزة للنبي صلي الله عليه و آله و لايمکن لاحد ان يأتي بمثله من الجن و الانس فلايمکن التحريف و الزيادة قطعاً و اما النقصان فلا اشکال فيه و قد اسقطوا آيات کثيرة من القرآن الدالة علي ذم المنافقين و التصريح باسمائهم الشريفة فحذفوها تشييداً لباطلهم و تأسيساً لضلالهم کما قتلوا اولياء الله و نهبوهم و نقصوا انفسهم و اموالهم و منعوا الناس عن الرجوع اليهم نعم زيد بعض الحروف و نقصت بما لايخل بالنظم کما في قوله تعالي کنتم خير امة و کان في الاصل خير ائمة و قوله تعالي امة هي اربي من امة و کان في الاصل ائمة هي اربي من ائمتکم و امثالها و کذلک قدم بعض الآيات علي بعض مثل قوله تعالي افمن کان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه و من قبله کتاب موسي اماماً و رحمة و کان اصل النزول افمن کان علي بينة من ربه و يتلوه شاهد منه اماماً و رحمة و من قبله کتاب موسي اخروا اماماً و رحمة ليظهر لهم التوجيه في قوله صلي الله عليه و آله من مات و لم‌يعرف امام زمانه کان (مات ظ) ميتة جاهلية ليقولوا ان المراد بالامام هو الکتاب و القرآن و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 208 *»

يستشهدوا بهذه الآية و لم‌يعلموا ان اضافة الامام الي زمانه يبطل ما ارادوا لان الکتاب ليس خاصاً بزمان دون زمان فلو کان المراد به الکتاب يقال و لم‌يعرف الامام علي جهة الاطلاق کما لايخفي و کذا في الآيات التي فيها ذکر الدابة و قد اخروا آية و قدموا اخري للتمويه علي الناس.

فلو جعلوها کما انزلت کان صريحاً في رجعتهم و ظهور دولتهم و کرتهم و الآيات هي قوله تعالي و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تکلمهم ان الناس کانوا بآياتنا لايوقنون و يوم نحشر من کل امة فوجاً ممن يکذب بآياتنا فهم يوزعون حتي اذا جاؤا قال اکذبتم بآياتي و لم‌تحيطوا بها علماً اماذا کنتم تعملون و وقع القول عليهم بما ظلموا فهم لاينطقون و هذه الآيات علي هذا الترتيب فيها تمويه و کان الاصل في النزول هکذا و يوم نحشر من کل امة فوجاً الي قوله تعالي و وقع القول عليهم بما ظلموا فهم لاينطقون ثم بعدها قوله تعالي و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابة من الارض تکلمهم ان الناس کانوا بآياتنا لايوقنون و قد اجمع المسلمون علي ان دابة الارض انما تخرج قبل يوم القيمة و هذا الحشر قبل ظهور الدابة و خروجها و لايکون ذلک الا في الرجعة و هو قول الباقر عليه السلام لولا ما زيد في القرآن و نقص ماخفي امرنا علي ذي‌حجي.

 و المراد من الزيادة من انفسهم بل المراد بها زيادة آية في غير محلها و نقصانها من محلها فلو لم‌يفعلوا هکذا ماخفي امرهم عليهم السلام علي عاقل کما ذکرنا لکم من الآيتين الشريفين و کذا غيرهما مما ليس لي الآن توجه الي ذکره لکثرة الملل و کوني في السفر و قد تبين لک مما ذکرنا ان التحريف بالمعني المعروف عند الناس لم‌يقع و اما التحريف بمعني اسقاط بعض الآيات و تقديمها و تأخيرها فقد وقع کما اشرت الي کثير منها.

و اما جمع القرآن فان کان مراده مع الاسقاط فقد فعل اول من تصدي لامر الخلافة لما ان لم‌يقبلوا ما اتي لهم اميرالمؤمنين عليه السلام من اصل القرآن الذي نزل علي محمد صلي الله عليه و آله فنادي مناديهم من کان عنده شيء من القرآن يأتي به فکان کل من يأتي بآية فان کان له معها شاهدان کانوا يقبلونها

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 209 *»

منه و يکتبونها و ان لم‌يکن له معها شاهدان لم‌يکتبوها و ان کان علماء الشيعة طعنوا عليهم بهذا الفعل فان الذي لم‌يفرق بين القرآن و غيره حتي يحتاج الي شاهد ليس من العرب و لا عنده من لسان العرب و لايعرف طريقتها في محاوراتهم و الا فالمعجز لايحتاج الي شاهد و اما العجمي مثلاً فحيث لايعرف لسان العرب يحتاج له الي شاهد و بينة و من الغريب ان يکون حجة الله خليفة الله و رسوله عجمياً لايعرف لسان العرب و لا اسلوبه حتي عجز عن تميز المعجزة و رجع الي الشهود ولکن يمکن ان يکون فعلهم هذا لاجل اسقاط الآيات التي ارادوا اسقاطها محتجين بانها ليس عليها شاهد فلايتوجه اللوم عليهم بالاسقاط فرضوا بالطعن الاول لئلايخرج الامر من ايديهم بالمرة و بالجملة تفصيل هذه المسألة مذکورة في کتب الاصحاب و لايحتاج الي زيادة الکلام فيه.

و اما الترتيب الموجود من تقديم السور و تأخيرها و الآيات و ان کان خلاف ما انزل يقيناً لان ترتيب النزول غير هذا الترتيب الموجود الا ان الذي افهمه ان هذا الترتيب من رسول الله صلي الله عليه و آله رتبه علي الترتيب الموجود في اللوح المحفوظ و البيت المعمور فقد نزلت آيات منها علي حسب اقتضاء المصالح ولکنه صلي الله عليه و آله رتبها علي الترتيب الحقيقي و لاينافي ذلک خلاف الترتيب النزولي و تقديم الآيات الناسخة علي الآيات المنسوخة لان حکم الظهور في هذا العالم غير حکم الوجود الحقيقي و الشرف الرتبي کماتقدم آدم علي نوح و هو علي ابراهيم و الانبياء علي رسول الله صلي الله عليه و آله و الائمة عليهم السلام فلما ظهروا في هذه الدنيا ترتبوا علي ما کانوا عليه في الاصل الا تري قوله تعالي و اذ اخذنا من النبيين ميثاقهم و منک و من نوح و ابرهيم و موسي و عيسي.

و بالجملة هذا النظم الغريب و الترتيب العجيب مايمکن لغير المعصوم ان يرتبه و ينظمه و لو لم‌يکن لقلبي ملال لشرحت لک الحال من بدايع نظم القرآن الآن حتي تعرف ان هذا الترتيب ليس في وسع ساير الناس غير العالم بحقايق

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 210 *»

الاعيان و الاکوان و مستترات الامکان نعم کانت السور و الآيات متفرقة لکنها علي ترتيبها کما الآن اذا کتبت اجزاء متفرقة يعرف المطلع علي القرآن ترتيب آياتها و سورها و لاينافي تفرقها و عدم جمعها الترتيب الاصلي و اما قوله انه مأخوذ من تأليف علي عليه السلام فهيهات ان ذلک الجمع و التأليف بعد ما لم‌يقبلوه ما رأوه ابداً و لايرونه الا اذا ظهر صاحبه عجل الله فرجه و سهل مخرجه.

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي عما ورد ان کربلا ترفع من الارض و توضع في الجنة کما في الرواية حتي الاموات و اين من يدفن فيها من الکفار و کذا مثل الکلاب و اخبرني من اثق به ان جنابک قال له ان هذا بيتي في کربلا اليوم هو بيتي في الجنة اخبرني بذلک سيدي فداک ابي و امي و نفسي فاني لکلامک متعطش ظمآن فلاتبخل علي.

اقول: اما ان کربلا توضع في الجنة بما فيها فهو علي ظاهره و لا خفاء فيه و ذلک من فضل الله سبحانه علي هذه البقعة المبارکة الشريفة و الاموات انما استجاروا بها لاجل ذلک و اما الکفار و الکلاب و النواصب فلايبقون هناک بل الملائکة النقالة ينقلونهم و يسحبونهم الي نار جهنم و بئس المصير و اما الکلاب غير النواصب فاکسير جوار الامام عليه السلام يطهرها و يصفها (يصفيها ظ) و يؤهلها لدخول الجنة اما سمعت ما ورد عن الصادق انه سئل عن الناقة هل تدخل الجنة قال عليه السلام نعم ناقة صالح و کل ناقة تموت في ارض کربلا و سئل عليه السلام عن الحمار يدخل الجنة قال عليه السلام حمار بلعم و کل حمار تموت(يموت ظ) في کربلا و سئل عن الکلب يدخل الجنة قال عليه السلام کلب اصحاب الکهف و کل کلب يموت في کربلا و هذه البهائم و الحيوانات يطهرها تراب کربلا و يحيلها الي الطهارة کما اذا وقع الکلب في المملحة و استحال ملحاً طهر و اما النواصب و منکروا فضائل اهل‌البيت

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 211 *»

عليهم السلام فلايبقون هناک و لا کرامة لان حقيقتهم مصاغة من الادبار فلايمکن فيها الاقبال بحقيقة ما هم اهله.

و اما قولي ان بيتي في کربلا الآن هو بيتي في الرجعة فمرادي ان الاراضي تتسع في الرجعة بحيث البيت المذخور للحسين عليه السلام علي الوصف الذي وصفنا لک لايزاحم ساير البيوت بل نسبة البيوت ثابتة کما الآن علي کمال سعتها فان التسعين الالف قبة من الزمردة الخضراء کلها في صحن سيدنا و مولانا الحسين عليه الآن و البيوت التي جواره کلها علي مکا نها و نسبتها و کذلک الامر ان شاء الله تعالي في الجنة و النسبة في الکل معتبرة علي حد واحد فان نسبة الدنيا الي الرجعة نسبة الرجعة الي الآخرة و الاتساع حاصل في کل الاماکن و النسبة محفوظة في کل الحالات فافهم و الذي يظهر من الاخبار و الاعتبار ان کل قبة من قباب بيت الحسين عليه السلام اکبر من قبة بيت اميرالمؤمنين عليه السلام و قد ذکرناها سابقاً فلانعيده و مقدار النسبة في الکبر يحتمل ان يکون واحداً بعشرة فيکون کل قبة من بيت الحسين عليه السلام اکثر من قبة النجف بعشر مرات و حدود قبتها احدها الکوفة و الآخر البحرين و الآخر الحجاز و الآخر اليمن.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في معني تسمية عيسي بن مريم بالمسيح و ما السبب فيه و ما السبب في عدم تزويجه بالنساء هو و يحيي مع انهما من سنن المرسلين.

اقول: اما المسيح فاعلم ان الله سبحانه لماخلق آدم مسح بيمينه علي صلبه و اخرج منه ذريته و مسح بيمينه علي صلب کل اب حتي اخرج ذريته منه ليکلفهم و هو قوله تعالي و اذ اخذ ربک من بني‌آدم من ظهورهم ذريتهم و اشهدهم علي انفسهم ألست بربکم قالوا بلي ثم امر سبحانه الذرية ليرجعوا الي الاصلاب لتتم کلمته سبحانه فيهم فرجع الکل الي الاصلاب ماسوي عيسي فانه قد بقي علي المسح الاول و لذا سمي مسيحاً هکذا رواه الصدوق في العلل عن

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 212 *»

الصادق عليه السلام و المراد بمسح اليمين تعلق المشية بالمباشرة بالاخراج ثم لم‌يأذن له بالدخول اظهاراً للقدرة و ابقاء لعيسي عليه السلام آية و حجة للحجة المنتظر عجل الله فرجه حتي يکون المتعلق بمريم روح الله و کلمته لتأثير کمال قوة الحيوة فلو کان بواسطة البشر مابقيت الحيوة علي صرافة تأثيرها و دوامها لمزجها بقوة الغير المعصومة و کذلک المعصوم ايضاً لو فرضنا اباه نبياً لانهم ربما يترکون الاولي فيؤثر فيهم الضعف بمقدار ذلک و اما الحسنان عليهما السلام فلولا القتل ماماتا و لا غيرهما من جدهما و ابيهما و امهما و بنيهما فوجب ان يکون عيسي عليه السلام باقياً علي المسح الاول حتي يکون روح الله الظاهرة فيه غير مشوبة بالاعراض الغريبة الغير المعتدلة فهو المسيح و هنا کلام آخر و دقيقة اخري کتمانها في الصدور خير من ابرازها في السطور و اليمين قد عرفتها سابقاً و اليد قد علمتها و التفريع عليک و التحقيق عندک علينا ان نلقي اليکم الاصول و عليکم ان تفرعوا فافهم.

قال سلمه الله تعالي: اخبرني سيدي عن افضل الايام زيارة الحسين عليه السلام عاشوراء ام عرفة ام النصف من شعبان ام ليالي الاعياد او الاربعين و ايما افضل زيارة الغدير ام عاشوراء ام عرفة علي التفصيل.

اقول: روي في البحار عن علي بن محمد بن فيض بن مختار عن ابيه عن جعفر بن محمد عليهما السلام انه سئل عن زيارة قبر ابي‌عبدالله الحسين فقيل هل لذلک وقت هو افضل من وقت فقال عليه السلام زوروه صلي الله عليه و آله في کل وقت و کل حين فان زيارته عليه السلام خير موضوع فمن اکثر منها فقد استکثر من الخير و تحروا بزيارتکم الاوقات الشريفة فان الاعمال الصالحة فيها مضاعفة و هي اوقات مهبط الملائکة لزيارته و فيه ايضاً عن البزنطي قال سألت اباالحسن الرضا عليه السلام اي الاوقات افضل ان نزور الحسين عليه السلام قال النصف من رجب و النصف من شعبان فبين عليه السلام ان افضل الاوقات النصف من رجب و النصف من شعبان و لاشک ان النصف من شعبان افضل من

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 213 *»

النصف من رجب و لو علم الناس ما في زيارة النصف من شعبان لقامت ذکور الرجال علي الخشب و من احب ان يصافحه مائة الف نبي و اربعة و عشرين (عشرون ظ) الف نبي فليزر قبر ابي‌عبدالله الحسين بن علي عليهما السلام في النصف من شعبان فان ارواح النبيين عليهم السلام يستأذنون الله في زيارته فيؤذن له منهم خمسة اولوا العزم من الرسل و لو کان وقت افضل من ذلک الوقت لما استأذنوا باجمعهم في ذلک الوقت و ما صافحوا زواره و من يزوره في ذلک الوقت کان کمن زار الله في عرشه و هذا الثواب و ان ورد في غيره من ساير اوقات زيارات الحسين عليه السلام الا انه مقرون بمزايا لم‌يکن لغير ذلک الوقت الشريف فيکون افضل من جميع الاوقات و ان کان في الکل فضل کما نطق به الحديث الاول الذي ذکرنا.

و قولکم زيارة الغدير افضل ام زيارة عاشوراء اعلم انه لولا ماورد ان فضل زيارة اميرالمؤمنين علي زيارة الحسين کفضل اميرالمؤمنين علي الحسين لکان القول بافضلية زيارة الحسين قوياً جداً و لاينافي ذلک کون اميرالمؤمنين عليه السلام افضل من الحسين عليه السلام لان الحسين عليه السلام قد اختص بمزايا لم‌يختص بها النبي و اميرالمؤمنين عليه السلام من شرافة الحسب و النسب کما هو المعلوم الظاهر الا تري اميرالمؤمنين عليه السلام قد قتل في ليالي القدر و زيارة الحسين مستحبة فيها و المسافر مخير في الحاير دون حرم اميرالمؤمنين عليه السلام و بالجملة مقتضي مقام الشهادة اعظم من ذلک ولکن تحت متابعة الحديث ولکن في النفس بعد شيء و زيارة النصف من شعبان افضل من زيارة عرفة و ساير الزيارات لماذکرنا و بينا.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني تطاير الکتب يوم القيمة.

اقول: اعلم ان الميت اذا مات و وضع في القبر فان کان من المستضعفين يلهي عنه في القبر و يبقي ميتاً فلايحس شيئا الي يوم القيمة و ليس له برزخ و لا سؤال و لا عقاب و انما هو ميت و لا حيرة له و المستضعف هو الذي اقر و انکر

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 214 *»

لمحض التبعية و لادخل الايمان في قلبه و الانکار في باطنه قال الناس قالوا و انکروا انکروا و لم‌تضع قلوبهم بعد هي في مقام النطفة لم‌تتصور بالصورة الانسانية و لا البهيمية و هؤلاء مثل البله و السفهاء و امثالهم و ان کان الميت من ماحض الايمان فاول ما يدخل في القبر و يشرج عليه اللبن و تفرق الناس عنه يأتيه ملک اسمه رومان فتان القبور فيحضر الميت و يحل الروح في جسده الي صدره و يقعد فيقول له الملک اکتب يقول و ما اکتب؟ يقول الملک اکتب اعمالک يقول ليس لي قلم يقول الملک اصبعک و يقول ليس لي مداد يقول الملک ريقک و يقول ليس لي قرطاس يقول الملک قطعة في کفنک و يقول ما اذکرها يقول الملک انا اذکرک اياها ثم يملي عليه جميع ما فعله من اول بلوغه الي يوم موته من لفظة لفظ بها و خطوة خطاها و اکلة اکلها و فعلة فعلها من حسن او قبح راجح او مرجوح الا و يذکره فيذکر و يکتب ثم يطويه فيجعله في عنقه و يکون عليه کمثل جبل اُحُد فان کان مؤمناً کان اول سروره و يبقي في عنقه الي يوم القيمة و ان کان الميت من ماحض الکفر يفعل به هکذا الي ان يجعله في عنقه فکان ذلک اول عقوباته و هو قوله تعالي و کل انسان الزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيمة کتاباً يلقيه منشوراً اقرأ کتابک کفي بنفسک اليوم عليک حسيباً و يبقي الکتاب في عنقه الي يوم القيمة فاذا قامت القيمة و وقف الخلايق في ارض الحشر و نصب کرسي الوسيلة و له الف مرقاة من مرقاة الي مرقاة عدو الفرس الجواد الف سنة و صعد عليه رسول الله صلي الله عليه و آله و وقف دون العليا بمرقاة اميرالمؤمنين عليه السلام و بيده لواء الحمد له سبعون الف شقة کل شقة تسع الخلايق کلها و وقفت الخلايق صفاً من يمين الکرسي و شماله تطايرت الکتب التي في الاعناق و اتت کتب اصحاب اليمين و استقرت علي يمينهم و اتت کتب اصحاب الشمال من وراء ظهره و نقبت ظهره و خرج من صدره و استقرت علي شماله و هم اصحاب المشال الذين کتبهم بشمالهم فينظر کل من اصحاب اليمين و اصحاب الشمال ما بيمينهم و شماله (شمالهم ظ) من الکتب و الصحف علي اختلاف ما فيها من الا عمال فيأمر الله سبحانه ان يجثوا و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 215 *»

يأمر الکتاب الناطق حامل اللواء ان يقرأ عليهم کتبهم و هو عليه السلام يتکلم بکلمة واحدة و کلهم ينظروون الي صحايف اعمالهم من اصحاب اليمين و الشمال و يري کل واحد منهم ان يقرأ کتابه من اوله الي آخره و هو قوله تعالي و تري کل امة ‌جاثية کل امة تدعي الي کتابها اليوم تجزون ما کنتم تعملون هذا کتابنا ينطق عليکم بالحق انا کنا نستنسخ ما کنتم تعملون و هذا معني تطاير الکتب و علته اجمالا.

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي عن معني الميزان و الوزن و معني الصراط الذي بين الجنة و النار هل هو الولاية ام شيء آخر.

اقول: ان ارض المحشر ثلاث مائة الف فرسخ في مثلها و في طرف منها جهنم و الصراط موضوع علي متن جهنم مسيره ثلاثة آلاف سنة و الخلق يصعدون عليه الف سنة و ينزلون الف سنة و يقفون في وسطه الف سنة ولکن في وسطه خمسون موقفا عند کل موقف الف سنة و هي مواقف الاعمال و اليه الاشارة بقوله عزوجل في يوم کان مقداره خمسين الف سنة و هو احد من السيف و ادق من الشعر و هو علي متن جهنم و الخلق يمرون عليها کافة ممن کان من اهل الخير و الصلاح يمر علي تفاوت درجاتهم فمنهم کالبرق الخاطف و منهم کالجواد المسرع و منهم کالماشي المسرع و منهم حبواً تأخذ النار بعضه و تترک البعض الي ان يدخلوا الجنة و من کان من اهل الشقاق و النفاق يقف فيها جثياً و ان منکم الا واردها کان علي ربک حتماً مقضياً ثم ننجي الذين اتقوا و نذر الظالمين فيها جثياً و الاعراف کثبان بين الجنة و النار يقف هناک اهل المعاصي من الشيعة المؤمنين فيبقون هناک الي ان يفرغ الخلايق من الحساب و يدخل اهل الجنة الجنة و اهل النار النار ثم يؤتي بهم علي الصراط و يخاطب رؤساء الضلالة ‌مااغني عنکم جمعکم و ما کنتم تستکبرون عن طاعة اولياء الله اهؤلاء الذين زعمتم لاينالهم الله برحمة ثم يخاطبهم رؤساء الاعراف و الجنة و النار يقولون لهم ادخلوا الجنة لاخوف عليکم و لا انتم تحزنون و هو قوله تعالي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 216 *»

و نادي اصحاب الاعراف رجالاً يعرفونهم بسيماهم قالوا ما اغني عنکم جمعکم الآية قال عليه السلام نحن علي الاعراف و نحن المأذونون في قوله تعالي فاذن مؤذن بينهم ان لعنة الله علي الظالمين و هذا هو الصراط الممدود بين الجنة و النار و هذا الصراط و الجنة و النار مثال للصراط و الجنة و النار الاصلية و اما الجنة فهي موافقة الولاية و اما النار فهي مخالفة الولاية و اما الصراط الممدود بينهما فهو نفس الولاية و هي الدقيقة الصعبة التي احد من السيف يشق قدم الساعي فيها في المعقول و المحسوس فان استأنس بها و مال اليها و عمل بمقتضاها فيتسع و تطمئن نفسه حتي لايميل الي المعصية الي ان تکمل بنيته و تتم صبغته و تصاغ علي الصورة الانسانية و تفصح له اللغة العربية فدخل الجنة و تتم (يتم ظ) العبور بد خول الجنة و ان کرهها و سيوحش منها و لم‌يعمل بمقتضاها خبثت طينته و کملت الصورة الشيطانية في سجيته فيقع عن الصراط ناکباً و هو قوله تعالي عن الصراط لناکبون.

 فاذا عمل بمقتضي الولاية دخل الجنة التي هي من فروع الولاية و هي التي عرضها کعرض السماء و الارض و ان لم‌يعمل بمقتضاها دخل النار التي هي من فروع المخالفة فهذه الجنة ظاهر و فرع و مثال لتلک الجنة التي هي ولايتهم عليهم السلام و هذه النار ظاهر و فرع و مثال لتلک النار التي هي مخالفتهم فالولي اذن قسيم الجنة و النار لا ان الجنة المذکورة في القرآن باشجارها و اثمارها و قصورها و حورها و عيونها ليست الا محض الولاية فهي کلها تأويلات لايراد بها الظاهر و کذلک النار فان ذلک خروج من الدين و کفر بما اتي به سيد المرسلين عليه و آله صلوة المصلين بل الجنة الموصوفة في القرآن بعينها موجودة علي ما هي عليه کالنار علي ما هي عليه الا ان کل واحد من الجنة و النار و الصراط فرع لاصل قد تشعبت الثلاثة منها و هو الولي و هو باب السور الذي باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب فلاينافي کون الصراط جسراً ممدوداً بين الجنة و النار مع کونه هو الولاية فالولاية اصل و الجسر فرع و قشر و ظاهر و فرع و ظهور لتلک الحقيقة الشريفة في عالم الاجسام و کذلک الجنة و النار اما سمعت ان الجنة و الحور

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 217 *»

العين خلقوا من فاضل طينة الحسين علي جده و ابيه و امه و اخيه و عليه و بنيه صلوات المصلين.

و اما الوزن فهو ملاحظة نسبة العمل في شرفه و صفائه و قيمته و مقدار ظهوره و نسبته الي غيره فالموازين کثيرة ميزان يوزن به صفاء العمل و ميزان يوزن به جوهره و ميزان يوزن به قيمته و هکذا في اضدادها و من هذه الجهة افرد الله الشخص و جمع الموازين في قوله تعالي فاما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية و اما من خفت موازينه فامه هاوية و اما الوازن فهو الذي تعرض عليه الاعمال و بيده ازمة الحساب قال شيخنا اعلي الله مقامه في بعض اشعاره:

کل السوي ملکوتها بيد الذي

هو محور الاکوار و الاعيان

و المحور هو صاحب الحساب و ولي الکتاب و المرکز القطب هو اصل المحور و هو صاحب الجنة و النار و صاحب الوسيلة و صاحب اللواء و المحاسب هو حامل اللواء و ناصب الوسيلة و قسيم الجنة و النار فافهم فقد نبهتک علي سر الحقيقة في هذه الاحوال کلها والله خليفتي عليک و لاحول و لاقوة الا بالله.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني تجسم الاعمال.

اقول: انهم اطالوا الکلام و اکثرووا من النقض و الابرام و انا اخبرک بالواقع مما استفدته من کتاب الله و احاديث آل الله عليهم السلام فاقتصر عليه و لاتعد عيناک عنه اعلم ان الشيء يقوم برکنيه المادة و الصورة و الاعمال ايضاً لها مادة و صورة فهي قائمة بهما فاذا تم المادة و الصورة اللتان هما الاب و الام تولد الشيء المرکب منهما و استقر فان لم‌تتم کأن لم‌تقترن الصورة بالمادة و لم‌تقم الصورة بالمادة او اقترنتا لا علي النظم الطبيعي لم‌يتحقق الشيء فمادة الاعمال امر الله سبحانه التشريعي و صورتها عمل العامل علي موافقة الامر او مخالفته فان کان الامر الصادر من المبدأ تصور بصورة العمل من جهة الموافقة حيي و کان اصلاً ثابتاً شجرة طيبة اصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي اکلها کل حين باذن ربها فيکون اکلها دائم و ظلها تلک عقبي الذين اتقوا و ان کان قد تصور بصورة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 218 *»

المخالفة کان اصلاً زايلاً في السجين شجرة خبيثة مجتثة اجتثت من فوق الارض اي ظاهر الولاية ما لها من قرار فاذا اقترنت المادة بالصورة تم و استقر و ظهرت منه آثار و اقتضي اقتضاءات و لماکان الخلق في هذه الدنيا اعينهم في غطاء لايرون تلک الاعمال اي الحقايق الکونية المتأصلة المتحققة بالامر التشريعي الظاهرة بالآثار من النعيم و الجحيم و لذا قلنا اي الاعمال الصالحة و الطالحة وجودات شرعية اي ذوات متأصلة متحققة بالامر الشرعي و قلنا ان التکوينات شرعيات وجودية اي شرع منسوب الي الوجود و الکون فان الاکوان ايضاً تأصلت بمادة و صورة مادتها امر الله التکويني و هو قول کن و قول الست بربکم و صورتها الاعمال التکوينية و الصورة الطيبة او الخبيثة او السماوية او الارضية فالاعمال الشرعية متذوتة کالاعمال التکوينية حرفاً بحرف و هي باقية متصورة بصور شتي مستقيمة معوجة ظاهرة بالآثار و المقتضيات فاذا کشف الله الغطاء عن الابصار يوم القيمة و يقال لقد کنت في غفلة من هذا فکشفنا عنک غطاءک فبصرک اليوم حديد فيري تلک الاعمال متأصلة عاملة عملها ظاهرة بآثارها لا ان الاعراض تتجسم و يصعد عن مقامها الي مقام اعلي فان الجسم مقام العامل و العمل مقام الشعاع فلايساوي الشعاع ان ذلک لايکون ابداً و انما هي الاعمال علي ما هي عليه ما خرجت عن حقيقتها و لاصعدت عن کينونتها فهي في مقامها تظهر آثارها و هي في مقامها فافهم فهمک الله و الاعراض جواهر و الجواهر اعراض و الاشياء مختلفة الحقايق فکل شيء جوهر في مقام و عرض في مقام فمن جهة ان غيره دائم (قائم ظ) به جوهر و من جهة انه قائم بالغير عرض فالذوات بهذه الاعتبار اعراض و الاعراض بالاعتبار الاول جواهر و قد قال الشاعر في اميرالمؤمنين عليه السلام:

يا جوهراً قام الوجود به

و الناس بعدک کلهم عرض

و قد اسمعتک تغريد الورقاء علي الافنان بفنون الالحان و السلام.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 219 *»

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في حال التقليد لو مات المجتهد و الآخر بعيد عن بلدي و لم‌يکن له واسطة عندي و لا شيء من کتبه هل يجب علي الوصول اليه ام ابقي علي تقليد الاول حتي اجتمع بالمجتهد.

اقول: تقليد الميت لايجوز بحال من الاحوال لا ابتداء و لا استدامة و لايجوز البقاء علي تقليده فاذا سمعت بموته فان امکن الوصول الي الآخر المجتهد العادل الثقة يجب الوصول و الاخذ منه او من الواسطة و لو بالکتب ان لم‌يکن الوصول بنفسه او بواسطته او کتابه مطلقاً لايجوز له البقاء علي تقليده فان احتاج الي مسألة فلايخلو اما ان يمکنه الارجاء و التأخير الي ان يتمکن وجب الارجاء و ان لم‌يمکنه ذلک فلايخلو اما ان يکون من المعاملات او في العبادات و ان کان في المعاملات فيصها (يفصيها ظ) بالصلح و مراعاة جانب الاحوط و ان کان في العبادات و اضطر الي العمل بها يعمل بالاحوط لقوله عليه السلام عليک بالحائطة في دينک و ان لم‌يمکن الاحتياط يأخذ بالمشهور بين الفرقة المحقة لقوله عليه السلام خذ ما اشتهر بين اصحابک و اذا فقد الشهرة بان يکونا مشهورين او لا شهرة في واحد منهما يأخذ باي منهما من باب التسليم لقوله عليه السلام بايهما اخذت من باب التسليم وسعک و لايرجع الي الکتب (کتب ظ) الاموات بل يجتهد کماذکرنا فانه يجزيه ان‌شاء‌الله.

قال سلمه الله تعالي: واخبرني سيدي ما يري جنابکم في سهم الزوجية هل ام الولد تستحق الثمن کاملاً من کل شيء کما هو مذهب بعض العلماء ام حکمها کغيرها.

اقول: مقتضي عموم الاخبار و ما ورد في العلة في حرمان الزوجة عدم التفصيل بين ام الولد و غيرها من حرمان الجميع عن رقبة الارض و قيمتها و عين الاشجار و العقار و البنيان و الدار و الحايط دون قيمتها و لاتخصص تلک الادلة العامة الغير المخصصة بمقطوعة عمر بن اذينة الغير المنسوبة الي الامام مع عدم معاضد و جابر لها فالقول بالتفصيل لا دليل عليه فلاتعويل عليه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 220 *»

قال سلمه الله تعالي: و مايقول سيدنا فيمن اوصي الي الغير علي طفله او ثلثه مع وجود ابيه وحده تصح عندکم ام لا و ما يري سيدنا في وصية ابن عشر سنين هل تصح ام لا و ما يري سيدنا فيمن وهب ماله کله لآخر في مرض الموت هل يصح ام لا.

اقول: لاشک ان له الوصية الي الغير مع وجود الجد للاب في الثلث و اما الولاية علي طفله فالظاهر انها لاتصح لان الاب و الجد للاب هما الوليان من قبل الله سبحانه و هما وليان جبريان لاينعزلان و هذا قول المشهور و هنا قولان آخران لاتعويل عليهما و اما وصية ابن عشر سنين فالمشهور بين اصحابنا کما هو مدلول روايات کثيرة الصحة و النفوذ في ماله في الثلث و اقل منه و هو الاصح الاقرب و اما منجزات المريض من الهبة و غيرها في مرض الموت فالاصح الصحة لان المرء اولي بماله مادام حياً و ما ورد من النفوذ في الثلث فليحمل علي ما اذا اوصي بها فان الوصية لاتنفذ الا من الثلث کمافعله الشهيد (ره) في لک في بعض الروايات او يحمل علي التقية کما هو الاصوب فان ذلک من مذهب العامة کمانقل عنهم و الروايات الدالة علي القول المختار و ان کان ضعيفة السند الا انها موافقة للقرآن من قوله تعالي فان طبن لکم عن شيء منه نفساً فکلوه هنيئاً مريئاً و هو اعم من الصحة و المرض و قوله تعالي اوفوا بالعقود و هو عقد يجب الوفاء به و مخالفة للعامة کما ذکرنا و معاضدة بالاجماع علي ان الناس مسلطون علي اموالهم و الوصية الممضاة في مال الغير انما خرجت بالدليل مع صراحة دلالتها و ابهام دلالة غيرها في الغالب و مع ذلک کله ففي النفس شيء اما اولاً فلأن المرجحات انما تطلب عند التکافؤ و هو هنا ممنوع ثانياً و يمکن تخصيص العمومات کلها بالاخبار المذکورة مع ان فيها الصحيح و في دلالة الصحيح نظر ظاهر و بالجملة فللتوقف مجال و الوقوف عند الشبهات خير من الاقتحام في الهلکات و ان کان القول الاول اشبه و اقرب.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 221 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يري سيدنا في الوصية للعبد هل تصح عندکم ام لا و سواء کان قناً ام مدبراً ام مکاتبة ام ام‌ولد و هل يشترط اجارة مولاه ام لا.

اقول ان قلنا ان العبد لايملک کما هو الاصوب فلاتصح الوصية للعبد الاجنبي مطلقا اجاز المولي ام لم‌يجز قناً کان ام مدبراً ام مکاتباً مشروطاً ام مکاتباً لم‌يؤد شيئاً اما المکاتب المطلق فظاهر رواية‌محمد بن قيس انها تصح علي حسب ما ادي فيمضي نصف الوصية ان ادي نصف مال المکاتبة او الثلث او الربع و هکذا و بعضهم قال يمضي في المکاتب مطلقاً لزوال سلطنة المولي و صحة اکتسابه و قبول الوصية من الاکتاسب و الرواية تدل علي ما ذکرنا و هي صحيحة و لايضر اشتراک محمد بن قيس لمعلومية الثقة هنا بالقرينة کما نص عليه السيد صاحب المدارک في شرح النافع اما الوصية لعبد الموصي مطلقاً فان کان بجزء مشاع فان کان الثلث بقدر قيمته فقط ينعتق و ليس له شيء و ان کانت قيمته ازيد اعطي الفاضل و ان کان اکثر سعي للورثة فيما بقي ما لم‌يبلغ قيمته ضعفت (ضعف ظ) ما اوصي له به فان بلغت ذلک قيل بطلت الوصية و قيل تصح و سعي في الباقي و هو الاصح و لو اوصي لام ولده صحت الوصية اجماعا و ان کانت الوصية للعبد بجزء معين مسمي فالاصح عدم نفوذها لعدم جواز التبديل و العبد لايملک و السلام خير ختام. تمت بسنة 1256.