13-04 جواهر الحکم المجلد الثالث عشر ـ رسالة في جواب الشيخ محمد بن الشيخ حسين البحراني (4) ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ محمدبن الحسین البحرانی (4)

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 227 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي علي خير خلقه و مظهر لطفه محمد و آله الطاهرين (و لعنة الله علي اعدائهم و مخالفيهم و منکري فضائلهم اجمعين الي يوم الدين خ‌ل).

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان جناب الشيخ الاجل الانبل الافضل الاکمل اللوذعي الالمعي المؤيد الممجد الشيخ محمد بن حسين بن خلف بن سلمان قد بعث الي مسائل يريد الجواب علي الاستعجال و أنا في الغاية من تشويش البال و اختلال الاحوال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال و مع ‌ذلک لايمکنني الا اجابته و انجاح طلبته و آت بما هو الميسور لانه لايترک بالمعسور و جعلت سؤاله سلمه الله تعالي متناً و جوابي کالشرح له کما هو عادتي في اجوبة المسائل ليطابق کل جواب بسؤاله (لسؤاله خ‌ل).

قال سلمه الله: ما معني الآية الشريفة لواحة للبشر عليها تسعة عشر ما معني هذا العدد الخاص دون غيره.

اقول: قد تکرر في القرآن ان الله سبحانه يضل من يشاء و يهدي من يشاء لقد اشتبه علي الناس معني هذه الآية (الهداية خ‌ل) حتي ذهبت طائفة الي الجبر و الآخرون الي وجوه بعيدة و معان غير سديدة و التبس الامر علي اهل الظاهر المحجوبين عن مراتب الحقايق و الا فاهل الحقايق لهم في کل شيء شواهد واضحات و آيات بينات تدل علي مراد الله سبحانه في جميع الآيات و الالفاظ و الکلمات و لکن المحجوبين يلتبس عليهم الامر بتخالف بعض الکلمات و حيث ان امر الله سبحانه و تعالي يجب ان يکون ظاهراً بيناً في کل المقامات اراد سبحانه کشف الحجاب و ازاحة النقاب عن وجه المقصود علي الحقيقة ليبين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 228 *»

المراد و بيان ذلک انه سبحانه و تعالي يريد ان يميز الخبيث من الطيب و يظهر البواطن و السرائر لانه سبحانه لايقبل الا العمل الخالص کماقال ألا لله الدين الخالص فيختبر الخلق بانحاء الاختبارات و يفتتنهم بانواع الفتن لتظهر البواطن و تبدوا السرائر و تخرج ضعائن الصدور و تبين (تتبين خ‌ل) حقايق الامور و يتميز اهل الجنة من اهل النار لئلايکون للناس علي الله حجة فيأتي سبحانه في بعض المقامات (مقامات الاختبار خ‌ل) بکلام متشابه لاستخراج بواطن الفجار ثم يبينه بياناً واضحاً و برهاناً لائحاً لينجلي الغبار و تخرج الاغيار ان في ذلک لعبرة لاولي الابصار و اليه الاشارة بقوله تعالي و ماارسلنا قبلک من رسول و لا نبي الا اذا تمني القي الشيطان في امنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحکم الله آياته و الله عليم حکيم ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض و القاسية قلوبهم و ان الظالمين لفي شقاق بعيد الي ان قال تعالي و ان الله لهادي الذين آمنوا الي صراط مستقيم و التمني بمعني القراءة کما في قول الشاعر:

تمني کتاب الله في کل ليلة

تمني داود الزبور علي الرسل

و القاء الشيطان عبارة عن الاحتمال الباطل الغير المراد لاجل التمويه و التلبيس و ليس اللفظ صريحاً ظاهراً في رده کما في قوله تعالي انما وليکم الله و رسوله و الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة و يؤتون الزکوة و هم راکعون و قد اتي بلفظ ما يمکن القاء الشيطان من الانس (بلفظ يمکن القاء الشيطان الانس خ‌ل) و الجن الاحتمال الباطل فيه کالاتيان بلفظ الولي المشترک في معاني عديدة و الاتيان بلفظ الجمع و هو يريد المفرد و الاتيان بلفظ الزکوة الظاهر منها الواجبة و هو سبحانه يريد المستحبة فبهذه الآية و اتيانه هکذا اخرج ما في قلب الرازي و اضرابه من الضغائن بصرف هذه الآية عن اميرالمؤمنين عليه السلام باحتمال ان الولي بمعني المحب و غيره من الاحتمالات الباطلة و لما اخرج ضغاينه و ابدي سرايره احکم الله آياته و قال النبي اولي بالمؤمنين من انفسهم فبين ان ولاية النبي صلي الله عليه و آله ولاية تصرف فولاية الذين آمنوا الذين يقيمون الصلوة ولاية التصرف لان المعطوف متحد مع المعطوف عليه في الحکم و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 229 *»

کذلک في هذا المقام قال تعالي يضل من يشاء و يهدي من يشاء اخرجت الاشاعرة و الجبرية ضغائن صدورهم و کوامن ضمائرهم ثم احکم الله ذلک المتشابه بالبيان الواضح في هذه الآية‌ الشريفة و اوضح معني الهداية و الضلالة و قال عز من قائل عليها تسعة عشر اي علي جهنم تسعة عشر فلما نزلت هذه الآية ضحک الکفار و المشرکون و منافقوا هذه الامة و الذين کانوا يظهرون الاسلام و يکتمون النفاق فقالوا ما اقل الموکلين علي سجن رب محمد حتي قال بعضهم ممن يعد من شجعانهم ان علي ثمانية عشر من الموکلين بجهنم و انتم کلکم تعجزون عن واحد فاخذوا في السخرية و الاستهزاء و اظهروا البغضاء و الشحناء و ظهرت الضغاين من البواطن و تبين المحق من المبطل و من آمن ظاهرا دون ان يکون باطناً فلما تبين و تميز بين الله سبحانه المراد و قال و ما جعلنا اصحاب النار الا ملائکة و ما جعلنا عدتهم الا فتنة للذين کفروا ليستيقن الذين اوتوا الکتاب و يزداد الذين آمنوا ايماناً و لايرتاب الذين اوتوا الکتاب و المؤمنون و ليقول الذين في قلوبهم مرض و الکافرون ماذا اراد الله بهذا مثلاً ثم لما بين سبحانه وجه الحکمة و ابان عن سر الحقيقة قال سبحانه کذلک يضل الله من يشاء و يهدي من يشاء و مايعلم جنود ربک الا هو فتبين لنا المراد عن معني هداية‌ الله و اضلاله.

و اما خصوص العدد فان المراد بتسعة عشر هو الواحد و هو استنطاق حروف بسم الله الرحمن الرحيم المکتوبة و لماکانت البسملة هي الاسم الاعظم و حاملة سر الاسم الاعظم الاعظم الاعظم بل الذکر الاجل الاعلي الاعلي الاعلي کان حامل هذا الاسم واحداً وتراً فرداً و هو الذي اليه الاياب و عليه الحساب و عنه الثواب و العقاب و هو قسيم الجنة و النار و هو نعمة الله علي الابرار و نقمته علي الفجار و هو الماء النازل من سحاب القرآن الذي مقام الوصال و الاجمال المعبر عنه بالحقيقة المحمدية و هو شفاء و رحمه للمؤمنين و لايزيد الظالمين الا خساراً و هو الواحدة في قوله تعالي انما اعظکم بواحدة کمانص عليه مولانا و سيدنا الصادق عليه السلام و التاء لمبالغة الوحدة کما في

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 230 *»

قوله تعالي و ما امرنا الا واحدة و لماکان الولي اليه امر النار کالجنة و هو الواحد و هو استنطاق تسعة‌عشر و هي عدد حروف البسملة التي هي الاسم الاعظم فبين سبحانه ان المتولي لدائرة النار و القائم عليها لايکون الا حاملاً سر الاسم الاعظم و لايکون الا واحداً فافهم و لاتکثر المقال فان العلم نقطة کثرها الجهال.

قال سلمه الله تعالي: ما معني روح القدس المسددة لهم هل هي هم ام غيرهم ما معني هذا التسديد لهم لانه (لانهم ظ) الحجج بلاواسطة.

اقول: المراد بالروح القدس هو اول الروحانيين حملة العرش و هو العقل الاول الکلي و هو عقلهم عليهم السلام و قد قال مولانا الصادق عليه السلام ان الله خلق العقل و هو اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و في حديث محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام اول ماخلق الله العقل ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر الحديث و قال رسول الله صلي الله عليه و آله اول ماخلق الله عقلي فاذا جمعت هذه الروايات بصحيح الفکرة و صافي الطوية علمت ان الروح المسددة لهم هو روح القدس و هو عقولهم و لاريب ان التسديد و التأييد کله بالعقل في کل بحسبه و هو نور انا انزلناه في ليلة القدر فيسددهم الله سبحانه بهم لا بغيرهم لان عقلهم سلام الله عليهم اول مراتبهم في الوجود المقيد و به قوام الاکوان و الاعيان فلاينافي ذلک انهم الحجج بلاواسطة صلي الله عليهم و هذه الواسطة ليست غيرهم وهي العمود من النور و نور التفرس و التوسم فافهم.

قال سلمه الله تعالي: و ايضاً سيدي اخبرني ان الله خلق المشية بنفسها و خلق الاشياء بالمشية فکيف قبضها هل هو بنفسها ام بغيرها ان قلنا بنفسها فما الوجه في الاخبار الواردة في قبض ملک الموت ارواحهم عليهم السلام کماجري للنبي صلي الله عليه و اله حين موته صلي الله عليه و آله.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 231 *»

اقول: ان لهم سلام الله عليهم مراتب و مقامات في کل مقام يجري عليه حکم ذلک المقام فهم في مقام مشية الله لانها اول صادر لقد قام الاجماع مع الاخبار المتواترة انهم (انه خ‌ل) ماسبقهم سابق و لايلحقهم لاحق و لايطمع في ادراک مقامهم طامع فان کانت المشية غيرهم فان کانوا سبقوها ايضاً (سبقوها فماخلقت الاشياء کلها بالمشية و ان کانوا سبقوها خ‌ل) فلاسابق علي المشية غير الذات جل و علا فلم‌يبق الا انها هم لکنها في اعلي مراتبهم و درجاتهم سلام الله عليهم و في مقام هم محل المشية و هذا دون مقامهم الاول و في مقام ثالث هم (هو خ‌ل) المفعول المطلق و المصدر و هنا اثر المشية الاثر المتصل و في مقام رابع هم حملة آثار المشية الي المنشئات (المشاءات خ‌ل) و هکذا ساير المراتب.

و اما قبضهم الي الله ففي المراتب الاول فالله سبحانه هو المتولي لقبضها بما جعل عندهم من الاسم الاعظم و السر الاکبر و اما في مقام بشريتهم التي من سنخ الناس کماقال تعالي انما انا بشر مثلکم و قال تعالي و لو جعلناه ملکاً لجعلناه رجلاً و للبسنا عليهم ما يلبسون و قال تعالي لقد جاءکم رسول من انفسکم الآية و قال تعالي هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم خ‌ل) و قال تعالي يا معشر الجن و الانس الم‌يأتکم رسل منکم و الآيات بهذا المعني کثيرة و لقد ظهروا للرعية ببشريتهم من نحو سنخ البشر الرعية فالمتولي لقبض الروح الظاهرة في مقام البشرية هو المتولي لقبض ارواح سائر البشر کما ان جبرائيل و سائر الملائکة يأتون اليهم بالعلوم و الاحکام عن (من خ‌ل) الله سبحانه فملک الموت يقبض الروح في عالم الدنيا من البشرية الظاهرة في الجسمانية الجسدانية لا المراتب الحقيقية و هکذا في سائر الناس لان ملک الموت يقبض الروح من هذا البدن و اما باقي مراتب الموت فلايتولاها ملک الموت الظاهري الجسماني و ان کان الکل بملک الموت علي المعني الاعم و الوجه الاتم و اما ماسواها من مراتب البشرية فان الله سبحانه هو الذي يتولي لقبضها و لذا ورد ان المؤمن يتولي الله سبحانه قبض روحه فافهم لقد اوضحت المقال.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 232 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما معني قول النبي صلي الله عليه و آله عند الشدائد (لاتخذلني خ‌ل) يا اخي جبرائيل مع انه خادم من جملة خدامه و في هذا المقام يحتاج الي جبرائيل.

اقول: لا منافاة باعتبار مقام البشرية کما قلنا في ملک الموت حرفاً بحرف مع انا نقول ان ذلک من باب اياک اعني واسمعي يا جارة و حيث ان رسول الله صلي الله عليه و آله نسب شيعة اميرالمؤمنين عليه السلام الي نفسه و اختصهم به و جعل شدتهم شدته و اذيتهم اذيته و اوصي رسول الله صلي الله عليه و آله جبرائيل ان يحضر شيعتهم عند موتهم حتي يکون سبباً لتفريح (لتفريج ظ) کربه و تنفيس غمه و رفع الشدائد و الکروب عنه و قد امتثل جبرائيل امره صلي الله عليه و آله و بقي يحضر معه صلي الله عليه و آله و الطيبين من اولاده عند نزع روح کل مؤمن من ماحض الايمان محضاً و قوله صلي الله عليه و آله لجبرائيل عند الشدائد لاتخذلني کقوله تعالي لموسي بن عمران علي نبينا و آله و عليه السلام اني مرضت فلاتعودني و هو جل شأنه يجل علي المرض فالمقصود مرض بعض المؤمنين فنسبه اليه سبحانه تفخيماً و تکريماً و قال تعالي فلما آسفونا انتقمنا منهم و هو سبحانه لايأسف کأسفنا ولکنه سبحانه خلق احباء لنفسه يحزنون و يأسفون و جعل اسفهم اسفه و رضاهم رضاه و محبتهم محبته و بغضهم بغضه و طاعتهم طاعته و معصيتهم معصيته و نسب احوالهم الحادثة الي نفسه تکريماً و تفخيماً و کذلک هم سلام الله عليهم بالنسبة الي خواص شيعتهم و محبيهم اما سمعت حديث الطاس و المنديل و قول اميرالمؤمنين عليه السلام اني شککت في وضوئي فاردت ان اسبغ الوضوء و حاشا اميرالمؤمنين عليه السلام عن الشک و اعتراء الشبهة فافهم لقد فتحت لک باباً واسعاً فادخل فيه حيث شئت و قل حطة.

قال سلمه الله تعالي: ما الوجه في اکل المعصوم السم و تأثير السيف فيه مثل اميرالمؤمنين و الحسين عليهما السلام و السم بباقي الائمة مع ان الامام

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 233 *»

يعرفه و هو لايخفي عليه شيء و يعلم به حال اکله و يعلم ضرره فکيف يتناول منه مع علمه به و بضرره و ايضاً کيف يؤثر و هو العلة في وجوده و المعلول لايؤثر في العلة اجبني يا سيدي و اکشف عني بالله عليک.

اقول: هذه المسألة تنحل الي سؤالين:

احدهما ان السيف و السم کيف يؤثران فيهم سلام الله عليهم و هم العلة في وجودهما و هم العالي و غيرهم السافل و السافل لايلحق العالي بنفع او ضرر.

الجواب قد سبق منا انهم سلام الله عليهم في مقام البشرية يظهرون بما هو من سنخهم و من جنسهم و ما تلونا عليک من الايات المتقدمة فاذا کانوا معهم في جنس واحد فيؤثر فيهم کما يؤثر الحديد في الذهب و النار في الاکسير و ابدانهم سلام الله عليهم في هذه الدنيا بالنسبة الي ابدان الرعية کالاکسير بالنسبة الي باقي الاجسام الکثيفة الغاسقة و لاريب ان الاکسير من سنخ باقي الاجسام و من جنسها لکنه فعال مؤثر فيها يجعل السافل عاليا و الزيبق و النحاس ذهبا و کذلک هم سلام الله عليهم في مقام بشريتهم يؤثرون في الناس من هذا النوع من التأثير و يؤثر الرعية فيهم سلام الله عليهم تأثير الحديد و النار في الذهب لا غير و انهم سلام الله عليهم لم‌يظهروا للرعية في مقام کونهم علة و الا لهلکوا و فنوا و اضمحلوا و انعدموا و قد قال سيد الساجدين علي بن الحسين عليهما السلام انا لو ظهرنا للناس بالصورة التي خلقنا الله عليها مارآنا احد الا و قد مات و قد ظهر مقدار سم الابرة من نور رجل من الکروبيين الذين هم من شيعتي لموسي بن عمران علي الجبل فدک الجبل و خر موسي صعقاً و مات بنواسرائيل و هذا مقام سم الابرة من نور رجل من شيعتهم فما ظنک لو ظهروا للخلق بما هم عليه من البهاء و الجمال و الکمال و النور فلم‌يظهروا للناس الا قدر ما يطيقون و يتحملون.

و بالجملة فبشريتهم من سنخ الرعية يجري عليها ما يجري عليهم حرفاً بحرف و ان کانت بشريتهم في اعلي المقامات و ارفع الدرجات کمامثلت لک بالاکسير الخالص و الجسم الکدر المتغير و مثال آخر

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 234 *»

بشريتهم کالقلب و سائر الناس کباقي (کسائر خ‌ل) الاعضاء و الجوارح و لذا کان الامام عليه السلام قلب العالم و قوام البدن و ان کان بالقلب الا ان القلب ايضاً ينفعل بهيجان الاخلاط الغريبة الغير الغريزية فينطفي لکثرة البلغم و يتضيق بهيجان الدم و يحترق بغلبة الصفراء و يموت بهيجان السوداء و هکذا سائر العلل الواردة کيف ينفعل القلب بها فافهم الکلام و علي من يفهم الکلام السلام و هذا هو المثال الجامع فتدبر فيه تجد صحواً بلاغبار.

و ثانيهما ان الامام عليه السلام مع علمه بالسم و ان ابن‌ملجم لعنه الله هو الذي قصد قتله کذلک قاتل الحسين عليه السلام فلماذا مامنعاهما عن انفسهما و شربوا السم مع قدرتهم علي الامتناع منه فهذا القاء النفس علي التهلکة (بالتهلکة خ‌ل).

و الجواب انهم سلام الله عليهم عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون لايتخطون ماامرهم الله سبحانه لقد انزل الله سبحانه اربعة‌عشر صحيفة لاربعة عشر معصوماً عليهم السلام کل واحد منهم اذا آل الامر اليه نشر صحيفته و نظر فيها و عمل بمضمونها فاذا امره الله ان يخرج من الدنيا مقتولاً يمتثل امرالله و اذا امره ان يخرج مسموماً يمتثل امر الله لا راد لمشيته و لا معقب لحکمه له الحکم و اليه ترجعون (يرجعون خ ل) فهم انما قتلوا و شربوا السم بامر من الله سبحانه لعن الله من قتلهم و سقاهم السم و هذا ليس بالقاء للنفس بالتهلکة لان الهلاک هي معصية الله و اما في طاعة الله فهو عين الراحة و الفوز بالسعادة الا سمعت ان اميرالمؤمنين عليه السلام لماضرب علي قرنه الشريف قال فزت و رب الکعبة و اي فوز مع القاء النفس في التهلکة؟ اما تأملت في الجهاد فان الامام عليه السلام اذا امر رجلا ان يخرج الي الجهاد و لايرجع حتي يقتل هل يسعه ان يقول ان الله نهاني عن ذلک بقوله و لاتلقوا بايديکم الي التهلکة فلو قال هذا الکلام کان راداً علي الامام مشرکاً بالله الملک العلام و کذلک هم سلام الله عليهم لما امرهم الله يجب عليهم امتثال امر الله و ان علموا ان ذلک يوجب مماتهم و خروجهم عن الدنيا فان ذلک هو السعادة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 235 *»

الابدية اما سمعت قول الحسين عليه السلام لاخيه محمد بن الحنفية شاء الله ان يراني قتيلاً و لما عذر له منعه (عذله و منعه خ‌ل) عن الخروج باهله قال عليه السلام شاء الله ان يراهن سبايا.

 لايقال فعلي هذا لاتقصير لقاتليهم حيث انهم سلام الله عليهم مأمورون بذلک قلت ان القاتل لعنه الله منهي عن قتلهم و کان محرم عليهم ذلک فلما علم الله سبحانه ان القاتل بسوء اختياره يقدم علي هذا الفعل الشنيع امرهم الله بالکف عن دفاعه و عدم التعرض له ليقضي الله امراً کان مفعولاً و اليه الاشارة بقوله تعالي حکاية عن هابيل الامة لئن بسطتت الي يدک لتقتلني ما انا بباسط يدي اليک لاقتلک اني اخاف الله رب العالمين و قد کفر القاتل بفعله و استحق الخلود في النار في دار البوار و استحقوا سلام الله عليهم بنيلهم مقام الشهادة افضل السعادة في الدنيا و الاخرة.

قال سلمه الله تعالي: و ايضاً سيدي ما معني خلق المعصية في العبد و هو يعلم انه يأتي بها و هذا من باب الاعانة عليها ام لا.

اقول: ان الله سبحانه و تعالي نهي العبد عن فعل المعصية و اعطاه ما يتمکن به عن الامتناع عنها و حفظ سبحانه بالعبد قدرته عليها و تمکنه منها فاذا قارن بسوء اختياره مع قدرته علي الامتناع معصية (معصيته خ‌ل) خلق الله سبحانه بفعله ظلمة تکون منشأ تکون نوع من انواع العذاب فان کانت المعصية ذاتية يعني ناشئة من القلب کانت تلک الظلمة توجب الخلود الدائم و الا فتوجب العقوبات العرضية (عقوبات عرضية خ‌ل) زائلة فيشتمله خطاب يا عبادي الذين اسرفوا علي انفسهم لاتقنطوا من رحمه الله ان الله يغفر الذنوب جميعاً انه هو الغفور الرحيم مثلاً ان الرجل اذا ارتکب الزنا العياذ بالله بسوء اختياره خلق الله سبحانه في الرحم ولد الزنا و هذا معني خلق المعصية لا کما تزعمه الاشاعرة من ان العباد خلق الله سبحانه فيهم المعصية فهم مجبورون فيها مقهورون عليها لايسعهم الامتناع منها فان ذلک لايجوز و تأبي حکمة الله ذلک.

و قد يطلق الخلق و يراد به الفعل المتعلق بمادة الشيئ فحينئذ يمکن ان يراد من خلق المعصية اثر

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 236 *»

القوة الحاصلة لصرفه في الطاعة و المعصية فاذا صرفها في الطاعة کان سبب خلق الطاعة و ان صرفها في المعصية کان سبب خلق المعصية فالطاعة و المعصية متقومتان بتلک المادة فلولاها لم‌يکن شيء منهما الا ان صيرورتها معصية او طاعة فذلک بفعل العبد المتقوم بتلک المادة و تلک المادة کالماء النازل من السماء و الطاعة کالنبات الطيب اذا وقع في الارض الطيبة و کاللؤلؤ اذا وقع في الصدف و المعصية کالنبات المر مثل الحنظل و غيره و اذا وقع في الارض السبخة الخبيثة و کالسم القاتل اذا وقع الماء في بطون الحيات و الافاعي و العقارب فلولا الماء ماکان شيء من النبات الطيب و المر و اللؤلؤ و السم و لولا الارض و الصدف و بطن الافعي ماتميز اللؤلؤ من السم و النبات الطيب من النبات الخبيث فالارض و الصدف و بطون الافاعي اختيار العبد و الماء من الله تعالي فالله هو الخالق ابداً و العبد هو الفاعل ابداً و هو سر الامر بين الامرين قل الله خالق کل شيء و الله سبحانه لايفعل القبايح و لايأتي بها و لايأمر بها و لايريدها لان الله لا يأمر بالفحشاء و المنكر أتقولون علي الله ما لاتعلمون و ذلک ليس من باب الاعانة فانه تعالي لايعين علي الاثم و المعصية کيف و هو سبحانه يقول تعاونوا علي البر و التقوي و لاتعاونوا علي الاثم و العدوان.

قال سلمه الله تعالي: ما معني ليلة القدر و نزول الملائکة علي صاحب الوقت مع انه الحجة علي الکل بلاواسطة و کيف تکون الملائکة واسطة.

اقول: معني ليلة‌ القدر ليلة الضيق فان القدر بمعني الضيق و هو قوله تعالي و من قدر عليه رزقه فلينفق مما آتيه الله و قوله تعالي و ذا النون اذ ذهب مغاضباً فظن ان لن‌نقدر عليه يعني تيقن ان لن‌نضيق عليه و انما سمي تلک الليلة ليلة القدر لان الارض تضيق لکثرة نزول الملائکة فانها ليلة تنزل الملائکة و تخبر امام العصر روحي له الفداء بما حتم مما کان مشروطاً من احوال العالم في تلک السنة من اجل و رزق و حيوة و عزة و ذلة و غناء و فقر و سائر الاحوال و معني قولي «بما حتم مما کان مشروطاً» ان من الاشياء مشروطات معلقات باشياء فاذا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 237 *»

وقع ذلک الشرط حتم ان لم‌يمنعه مانع مثلاً کان مشروطاً بان من وصل الرحم او فعل طاعة مثلاً يکون له من العمر کذا و ينسي في اجله کذا و هکذا في مقابلاته فاذا وصل الرحم و فعل تلک الطاعة وقع الشرط فحتم فصار المشروط محتوماً و کلما وقع في تلک السنة من هذا القبيل تخبر الملائکة امام العصر في تلک الليلة و لذا کان ليلة القدر يستحب الاجتهاد في العمل لعله يمنع مقتضي الشرط عن وقوع ما حتم او يمحوه بعد ما حتم و ثبت لقوله تعالي يمحوا الله ما يشاء و يثبت و هذا مجمل الکلام في هذا المقام و التفصيل يطلب في سائر رسائلنا و اجوبتنا للمسائل فان لي في هذا المقام تحقيقاً شريفاً قل من عثر عليه من العلماء الاعلام.

و اما اخبار الملائکة مع انهم عليهم السلام (هم خ‌ل) الواسطة في وجودهم فانهم اسباب لظهور الفيض الي هذا العالم في البشرية الظاهرة مثاله القلب فانه الواسطة في وجود الحواس الخمس من الظاهرة و الباطنة مع انها هي التي تؤدي الي القلب جزئيات ما في العالم الجسماني الا تري ان العين اذا لم‌تکن او اذا اغمضها (غمضها خ‌ل) الانسان لم‌يدرک القلب المبصرات کالسمع عند فقده لم‌يدرک المسموعات و کذا ساير الحواس مع ان القلب هو العلة و المقوم لهذه الحواس فيعطي کل ذي حق حقه فتعطيه منافعها و هو قوله تعالي و من اصوافها و اوبارها و اشعارها اثاثاً و متاعاً الي حين.

و بالجملة فهي اسباب في عالم التفصيل کما انک اذا علمت المسألة من کتاب لايقتضي ان يکون (الکتاب خ‌ل) افضل منک او هو الواسطة في ايصال الفيض اليک و ذلک معلوم ظاهر ان شاء‌الله تعالي.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا في رجل دعي الي السب او البراءة (و خ‌ل) ما يعمل هل (هو خ‌ل) يعمل کما ورد اذا دعيتم الي السب فسبوا و الي البراءة فمدوا الاعناق او يعمل عمل عمار بن ياسر کماقال تعالي الا من اکره و قلبه مطمئن بالايمان.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 238 *»

اقول: بل يعمل عمل عمار بن ياسر فان الوقت وقت الهدنة و حفظ البنية اذا کان القلب مطمئناً باليقين و الصدر منشرحاً بالايمان فلابأس باظهار خلافه بما تحفظ به من کينونته (به کينونته خ‌ل) و تسلم نفسه و نوعه و الروايات دالة عليه و المذهب منطبق عليه و الاعتبار يقتضيه و اما التفصيل الذي في الحديث فمحمول علي کمال المبالغة في عدم اظهار البراءة و علي کل حال لايعارض هذه الرواية النصوص الکثيرة و المذهب واجماع الشيعة و ذلک واضح معلوم.

قال سلمه الله تعالي: ما معني قوله عليه السلام فيما رواه الشيخ فخر الدين في رواية مسمع بن عبدالملک ان الکوثر ليفرح لمحبينا اذا ورد عليه حتي انه ليذيقه من ضروب الطعام ما لايشتهي ان يصدر ما معني هذا الفرح المنسوب للحوض و هل هو الحوض الموجود ام غيره و ما کيفية الکوثر المذکور و اين هو الآن و في القيامة في اي مکان في الجنة ام خارج عنها و هل هو (الآن خ‌ل) موجود في الدنيا ام لا و ما معني ان علي الکوثر اميرالمؤمنين و بيده عصا عوسج.

اقول: اعلم ان الله سبحانه و تعالي قال و ان الدار الآخرة لهي الحيوان لو کانوا يعلمون فليس في الآخرة ما يقتضي الموت فکل شيء فيها حي من جماد و نبات و حيوان فانا قد بينا في کثير من مباحثاتنا و رسائلنا (و اجوبتنا خ‌ل) للمسائل ان کلما دخل عالم الکون حي لانه آية للحي و اثر الحي القيوم لايکون الا حياً قيوماً لان الاثر يشابه صفة مؤثره و قد قال اميرالمؤمنين عليه السلام ألقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله فکل اثر لابد ان يکون حياً يجري عليه مقتضي الحياة و لکن في هذه الدنيا لما کانت ملتقي العالمين و موقع امتزاج نقطة النور و الظلمة سرت الظلمة و لم‌يقبلها النور فتعارضها و تخالفا فضعف (فضعفت خ‌ل) آثار النور و ضعفت آثار الظلمة فبقي جماداً لايتحرک فبهذا انقسم الخلق الي حي و ميت و متحرک و ساکن و اذا خلص المزج و مال کل شيء الي مرکزه و مبدئه و تنتفي العوارض و الموانع و تزاحم المقتضيات و عدم ظهور آثار کل منها علي وجه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 239 *»

الحقيقة رجعت الآثار الي مؤثراتها و المقتضيات الي اقتضائها فتظهر آثار الظلمة و آثار النور کل في محله اللايق و موضعه المقرر و لذا لما ذهبت احکام هذه الدنيا يؤتي بالموت في صورة کبش املح و يذبح بين الجنة و النار بشفرة يحيي و لذا قال سبحانه و تعالي تأکيداً لهذا المطلب و تبييناً لهذا المذهب و ان الدار الآخرة لهي الحيوان جمع بين تأکيدات کثيرة لفظية من الاتيان بان و الضمير المنفصل و ادخان اللام علي الخبر و تأکيدات اخر معروفة عند اهلها مشروحة في محلها.

فاذا تبين لک ذلک عرفت ان الکوثر ماء الحيوة و هو حي تظهر منه آثار الحيوة فيفرح و يحزن ولکن لا موجب للحزن لان مقتضياته منتفية فاذا ورد عليه شخص من المحبين عرفه و اقبل عليه و توجه اليه بذاته و حقيقته للمناسبة الذاتية و المجانسة الحقيقية فيفرح باقباله اليه و يستبشر بتوجهه اليه و يذيقه من کل طعام و يسقيه من کل شراب من الانهار الاربعة الماء الغير الآسن و اللبن الغير المتغير طعمه و الخمرة (الخمر خ‌ل) التي هي لذة للشاربين و العسل المصفي و هکذا مما يقتضي الطعم الحاصل من مزج الجميع او من مزج الاثنين او الثلاثة فلا اقل ستة عشر طعماً من قسم الماء و اما من الطعام فان شاء الوارد عليه جامداً انجمد له و ظهر علي وفق مشتهاه من انحاء الاطعمة من اقسام الحيوان و من اقسام النبات او المرکب من الجمادات من اقسام الحلويات المرکبة و البسيطة بسائر اطوارها و احوالها و اقتضاءاتها و صورها و طبايعها و مزاجها و امثال ذلک و ان شاء الوافد مايعاً (فان خ‌ل) کان رقيقاً جداً يرق له مثل النسيم و ان کان مشتهاه غليظاً جداً يغلظ له في حال ميعانه و ان کان متوسطاً يظهر له کما يشاء و ذلک لان الطبايع معتدلة و ارتفع عنها التنافر و التباغض و حصلت بينها المودة و المحبة و الالفة فعند الانجماد فالحکم للتراب و سائر الطبايع تتبعه علي مقتضي آثاره و عند الميعان مع الرقة فالحکم للهواء بمعاونة النار بظهورهما في الماء و عند الميعان مع الغلظة فالحکم للماء و يتبعه التراب بما يقتضيه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 240 *»

و بالجملة فالکوثر ماء و هو شخص حي عنده کل طعام و کل شراب اصله و مبدؤه بحر الصاد بحر توضأ به رسول الله صلي الله عليه و آله ليلة المعراج وضوءاً دني به الي مقام القرب و هو مقام او ادني و اليه الاشارة بقوله تعالي في تلک الليلة يا محمد صلي الله عليه و آله ادن من صاد و توضأ لصلوة الظهر فالدنو مقام او ادني و الصلوة وصل و اتصال و الظهر مقام غاية الظهور و زوال الفيء الموجب لبقاء الانية و الماهية و وسطه ماء يجري في الجنة يسقي اشجارها و يکون معادنها و يجري انهارها و يکون شراباً لاهلها اول ظهوره في جنة عدن ثم هکذا يتدرج في النزول الي آخر الجنان الاخروية ثم يتنزل الي ان يظهر في طرف من القيامة (و خ‌ل) يظهر بثلاثة عيون.

الاولي عين الکافور يشرب منها عباد الله المخلصون بعد حر عطش المحشر و عطش حرارة الشمس القريبة الي الجماجم و عطش ضم الخلق بعضهم الي بعض و حصول العرق الشديد يسقيهم الله سبحانه من هذه العين لتسکن فورة الحرارة و تؤثر اليبوسة المعتدلة المقتضية للبقاء و حفظ ما يرد عليه من الاضافات (الافاضات خ‌ل).

الثانية عين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل لاصلاح ما حصل في الطبايع و الغرايز من البرودة من شرب الکأس الاوفي من العين الاولي.

الثالثة عين کان فيها شراب طهور بعد ان تصفو القوابل في القيامة بالکسر و الصوغ و شدة الحر و تطاير الکتب فيبقي کل احد علي ما هو عليه من مقتضي شؤونه الغيبية و الشهودية فظهر (فطهر خ‌ل) و خلص عن الروابط العرضية الغير الذاتية الحاصلة من الاحکام النفس الامرية و عند ذلک يکون الکوثر هو الشراب الطهور المذکور في القرآن في سورة هل اتي.

فالکوثر الموجود في القيامة عبارة عن هذه العيون الثلاثة و کل عين علي حافتها حور و غلمان و بايديهم کؤوس و قوارير يسقون من يأمرهم اميرالمؤمنين عليه السلام من الاشخاص الذين ذکرتهم لک بحسب احوالهم يوم القيامة ثم تنزل الي عالم البرزخ الجنتين المدهامتين فجري في انهارها و اينع به ثمارها و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 241 *»

ظهر في طبقاتها و مراتبها و درجاتها ثم تنزل و ظهر في الجنة التي خلق فيها ابونا آدم و امنا حواء عليهما السلام و هي ايضاً تسمي الجنتان المدهامتان تظهران في الکوفة و ماوراءها الي ما شاء الله و قد سقي مولانا الصادق عليه السلام من هذا الکوثر عبدالله بن سنان و شرب منه فيه العيون الاربعة المذکورة.

فلما اقتضي خروج آدم من الجنة الي الارض اتي جبرئيل بقطرة من الکوثر فمزجه بطبايع هذه الارض و هذه الدنيا و امزجتها فنبت منه النبات (النباتات خ‌ل) من انحاء الموجودات و تکون منها المعادن و الاحجار و تفجرت منها العيون و الانهار و سقيت منها الاشجار و اينعت منها الثمار و اختلاف اطوار الموجودات الارضية بسبب کثرة المزاج (المزج خ‌ل) و قلته و زيادته و نقصه و غلظته و رقته و امثال ذلک من سائر حالاته و عرضياته و قد ظهر صفاء الکوثر في هذه الدنيا بصفة العلم فالعلوم کلها من الکوثر و الموجودات کلها من الکوثر و ثمار الجنة و نعيمها من الکوثر و انه حي بالذات يفرح اذا ورد عليه محب آل محمد السادات عليهم السلام من رب البريات و يذيقهم من انواع الطعام و الشراب و قد تبين مما ذکرنا جواب قولک و ما کيفية الکوثر المذکور.

و اما قولک و اين هو الآن فقد ذکرنا لک انه بکل مکان بطور من اطواره الخاصة به و هو في القيامة عن يمين منبر الوسيلة في ثلاثة مواضع کل موضع باسم مخصوص علي ما فصلنا لک سابقاً ففي موضع و هو وادي الرفرف الاخضر يعني مبدأ ظهوره يسمي بعين الکافور و في موضع آخر عن يمين المنبر في ارض الزعفران يسمي بعين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل و في موضع آخر عند مبدأ الاعراف يسمي بالشراب الطهور و هو في الجنة و في القيامة و في الدنيا و في البرزخ و في جنة آدم و في بئر زمزم و يقطر منه سبع قطرات في القران (الفرات خ‌ل) و يجري منها اي من هذه السبعة ميزابان فالمجموع اربعة‌عشرة قطرة في کل ميزاب سبع قطرات لاهل عالم الاجمال و التفصيل و الوحدة و الکثرة و الاصل و الفرع فافهم فقد فصلت لک البيان و بينت لک هذا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 242 *»

الشأن فخذه و کن من الشاکرين و لاتسمعه من غيري و لاحول و لاقوة الا بالله العلي العظيم.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني ان علي الکوثر اميرالمؤمنين و بيده عصا عوسج.

اقول: هذه العصا ليذود عليه السلام بها المنافقين الغير المستأهلين عن شربه حيث ابوا ان يردوه في الدنيا الذي هو ولايته و محبته و العلوم الحقة المنشعبة عنه عليه السلام فکل من لم‌يرده في هذه الدنيا يذوده اميرالمؤمنين عليه السلام عنه في الآخرة و هکذا الحکم في سائر الاحوال التي تظهر في الآخرة و هي کانت في الدنيا بصورة اخري و هو قوله تعالي يوم يکشف عن سابق و يدعون الي السجود فلايستطيعون يعني لايستطيع من لم‌يسجد في الدنيا لان من سجد في الدنيا يستطيع السجود اذا کشف عن ساق اي ساق العرش و من لم‌يسجد لله الي جهة الکعبة التي هي ظهو العرش لايستطيع ان يسجد لله اذا کشف عن ساق العرش و العرش الاعظم هو رسول الله صلي الله عليه و آله ساقه اميرالمؤمنين عليه السلام لانه حامل اعباء النبوة و الرسالة و هو السائق لکل شيء الي ما خلق له و مثل مسجد الکوفة فانه يأتي يوم القيامة بصورة رجل محرم عليه ازاران فمن دخل في مسجد الکوفة في الدنيا خاضعاً خاشعاً لله يتمکن من الوصول الي مسجد الکوفة في الآخرة وتناله شفاعته و من لم‌يدخل و ابي من (عن خ‌ل) دخوله لم‌يتمکن من الوصول اليه کذلک اميرالمؤمنين عليه السلام من ورد الکوثر في هذه الدنيا التي هي ولايته و محبته و الاذعان لفضله و الاقرار بفضائله و القبول من حملتها و التسليم لرواتها فيرد الکوثر في الآخرة و من لم‌يرد في هذه الدنيا بمعني انه انکر ولايته و ابي عن محبته و من لم‌يقر بفضائله و وجه اذا سمع شيئاً منها بتوجيهات بعيدة و تأويلات غير سديدة فهذا و امثاله اذا وردوا يوم القيامة يذود بهم اميرالمؤمنين عليه السلام عن الحوض و يمنعهم عن شربها بعصا عوسج و هي الملائکة الغلاظ الشداد اما انهم عصا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 243 *»

فلأنهم آلة للدفع و المنع و السوق من قوله تعالي و اهش بها علي غنمي و قوله تعالي و سيق الذين کفروا الي جهنم زمراً اما انها عوسج لانها (لانهم خ‌ل) غلاظ شداد لايعصون الله ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون.

قال سلمه الله تعالي: مسألة الآية الشريفة ان اول بيت وضع للناس نرجو بيانها علي التفصيل ما معني هذا البيت و ما معني الامن والدخول و اي بيت هو باطناً و ظاهراً لاتکلني الي احد ممن اجبته عنها لان جنابک هو مرجعي لا غير.

اقول: اما في الظاهر فالبيت هو الکعبة و هي التي فرض الله سبحانه السعي اليها عند الاستطاعة و هي التمکن عن الزاد و الراحلة ذهاباً و اياباً و النفقة لعياله الواجب النفقة و الذي يعول به من غيرهم و تخلية السرب و عدم الخوف علي نفسه و علي عرضه و علي ماله بما لايتحمل (لايتحمله خ‌ل) عادة و عدم مانع و لو من جهة تحصيل علم (العلم خ‌ل) الواجب قدر الضرورة (و خ‌ل) بهذه و امثالها من نوعها تحصل الاستطاعة و اما السبيل فهي الطريق الموصل الي البيت قرباً و بعداً سهلاً و حزناً و غير ذلک و اما الموصوف بالکفر فهو الذي يترک الحج مع التمکن و الاستطاعة و هذا الکفر کفر طاعة لا کفر شرک و قد قال عليه السلام من استطاع اليه الحج (استطاع الحج خ‌ل) و لم‌يحج ان شاء فليمت يهودياً و ان شاء فليمت نصرانياً هذا اذا اعتقد عدم مشروعية‌ الحج (و اما اذا اعتقد المشروعية خ‌ل) و ترک تهاوناً فذلک فاسق لکنه ليس بکافر الا کفر طاعة کما نص عليه الامام عليه السلام و هذا لايوجب الخلود في النار و هذه المسائل قد فصلها و دونها اصحابنا رضوان الله عليهم في کتب الفقه و نحن ايضاً کتبنا رسالة مختصرة في مناسک الحج و آدابه و شرائطه و اسبابه و من اراد تفصيل الحج فليرجع اليها هذا ما يتعلق بظاهر الآية الشريفة.

و اما ما يتعلق بباطنها فوجوه کثيرة يضيق البيان عن احصائها ولکنا نذکر منها وجهين (لتعرف بهما نوع المراد من الباطن خ‌ل).

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 244 *»

اما الوجه الاول فاعلم ان المراد بالبيت هو بيت الحسين عليه السلام المبني في کربلا قبل دحو الارض لان کربلا هي اب القري و الکعبة هي ام القري و لاريب ان اباً (اب خ‌ل) القري اقدم وجوداً و اسبق تحققاً من ام القري و لذا ورد ان الله سبحانه خلق کربلاء قبل خلق الکعبة (العالم خ‌ل) باربعة و عشرين الف سنة فاذا کان کذلک وجب ان يکون اول بيت وضع للناس هو البيت الذي في کربلاء لان الله سبحانه لايخل بالحکمة و لايترک الاولي فوجب ان يکون اول البيت في اول البقاع و اشرفها و ذلک البيت بيت الحسين عليه السلام خصه الله سبحانه به لشهادته و هو قبة حمراء من ياقوتة حمراء فيها سرير من ياقوتة حمراء صافية مشرقة يغشي نورها الابصار و حول هذه القبة تسعون الف قبة من زمردة خضراء فالبيت واحد و قببه کثيرة واسعة و لو اردنا ان نذکر سعة کل قبة و ما يترتب عليه من جوامع المحاسن لضاقت الدفاتر و کلت البصائر فکتمانها في الصدور خير من ابرازها في السطور و هذا البيت هو الذي ببکة و بکة هي کربلاء محل البکاء و الخضوع و الخشوع و الذلة و المسکنة لله سبحانه و تعالي و هو المبارک الذي عم برکتها کل الوجود اذا حل فيه الحسين عليه السلام اي يظهر ذلک و الا فهو حال فيه دائماً و برکات العالم کلها انما تبرز و تظهر و تنتشر في الوجود من هذا البيت لانه علي موضع القطب الدائر عليه الکون الجسماني من العرش و الکرسي و السموات السبع و الارضين السبع و ما يظهر من استداراتها من المتولدات فکانت من تلک القطعة اي موضع قبر الحسين عليه السلام من ارض کربلاء جميع البرکات الواصلة الي جميع الذرات (الذوات خ‌ل) الجسمانية فلاجل ذلک وصف الله ذلک البيت بالبرکة بقوله مبارکاً و من ذلک البيت نشرت الهداية في العالم اما في هذا الکون الظلماني فبقتل الحسين عليه السلام في هذه الارض و ظهور الآيات البينات من بکاء السموات دماً و کسوف الشمس يوم العاشر و خسوف القمر في الليلة الحادية عشرة و هما عند المنجمين محال و قد اقاموا علي محاليتهما براهين عقلية لقد نقضت براهينهم تلک الآيات الجليلة و سينقضها ايضاً الليلة الطويلة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 245 *»

عند ظهور مولانا عجل الله فرجه و سهل مخرجه و روحي له الفداء و عليه و علي آبائه السلام فکان ذلک (ذاک خ‌ل) البيت المشرف هدي للعالمين و فيها آيات بينات من نحو ما ذکرناه و فيها مقام ابراهيم الاول حين قال صلي الله عليه و اله حسين مني و انا من حسين و سيأتي زيادة بيان لذلک.

فاذا عرفت ما ذکرناه علمت ان الذي دخل هذا البيت کان آمنا من جميع المکاره الحقيقية من الدنيوية و الاخروية.

و اما ما يصيب المؤمن من المکاره في ارض کربلا فذلک حقيقة لارتفاع درجة و انحطاط سيئة و الا فکل من مات و دفن في ارض کربلاء و کان مؤمناً موحداً موالياً امن من جميع الضراء و قد ورد عن اهل البيت عليهم السلام انه سئل عن الناقة هل تدخل الجنة قال عليه السلام ناقة صالح و کل ناقة تموت في ارض کربلاء و سئل عن الحمار يدخل الجنة قال عليه السلام حمار بلعم بن باعورا و کل حمار يموت في ارض کربلا و سئل عليه السلام عن الکلب هل يدخل الجنة قال عليه السلام کلب اصحاب الکهف و کل کلب مات في ارض کربلاء و هذه الرواية رويتها عن شيخي و استادي اعلي الله مقامه و رفع في الدارين اعلامه مرفوعاً عن الصادق عليه السلام فاذا کانت هذه الارض اماناً لهذه الحيوانات و امثالها من البهائم فما ظنک بالانسان الموحد الموالي فذلک البيت امان اذن لکل من دخل فيه.

و اما الاستطاعة للوصول الي هذا البيت علي (فعلي خ‌ل) قسمين لان لهذا البيت له مقامان مقام وجود و تحقق و مقام ظهور و بروز.

ففي المقام الاول هو الآن موجود في ارض کربلاء ولکن لاتراه الابصار و قد خفي عن الانظار کالملائکة الموجودين و الجن و الجنة و النار و غيرها من الامور الموجودة المخفية عن ابصار الناس ففي هذا المقام المراد بالاستطاعة هو ما ذکرنا من الاستطاعة للوصول الي الکعبة المشرفة من الزاد و الراحلة و غيرهما مما ذکرنا هناک و کذلک في هذا المقام من حصول الزاد و الراحلة و النفقة الموصلة الي الارض المقدسة الحسينية علي مشرفها آلاف الثناء من رب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 246 *»

البرية فاذا وصل اليها نال اقصي المني لدخول ذلک البيت المعظم و المشهد المکرم و لذا ورد ان زيارة الحسين عليه السلام تعدل عشرين حجة و عمرة و في رواية تسعين حجة من حجج رسول الله صلي الله عليه و آله و في رواية (له خ‌ل) بکل خطوة الف الف حجة و الف الف عمرة و الف الف غزوة مع نبي مرسل او (و خ‌ل) امام عادل و عتق الف الف رقبة من اولاد اسماعيل ذبيح الله و المراد بالسبيل الطريق الموصل الي تلک الارض الطيبة المبارکة التي حل فيها ذلک البيت المعظم المکرم الذي هو اول بيت وضع للناس. و اما الاستطاعة علي المقام الثاني اي ظهور ذلک البيت و بروزه فلايکون ذلک الا في الرجعة رجعة الحسين عليه السلام و اصحابه و هي (فهي خ‌ل) المعرفة النورانية و البلوغ الي مقام الثبات و الطمأنينة في العلم و العمل و التمسک بالرکن الرابع (بالرابع خ‌ل) الذي به تمام بيت المعرفة و تصديق قوله تعالي و لئن قتلتم في سبيل الله او متم اي معرفة ان سبيل الله هو علي عليه السلام و القتل في سبيل الله هو القتل في سبيل علي عليه السلام فاذا حصلت له معرفة هذا النوع من المطالب و العقايد فقد استطاع سبيلاً الي دخول ذلک البيت عياناً ظاهراً مع الحسين عليه السلام في الرجعة اي يرجع حتي يدخل ذلک البيت کما وردت به الاخبار عن الائمة الاطهار عليهم سلام الله العزيز الجبار و ما ذکرناه هو مجمل (محمل خ‌ل) وجه واحد من وجهي الباطن الذي وعدناک ببيانهما.

و اما الجواب (الوجه خ‌ل) الثاني فاعلم ان البيت في هذه الآية الشريفة هو اميرالمؤمنين عليه السلام لانه اول بيت من البيوت التي اذن الله ان ترفع و يذکر فيها اسمه و تلک البيوت رجال لاتلهيهم تجارة و لابيع عن ذکر الله علي قراءة المبني للمجهول في يسبح و الوقف علي الآصال و هم عليهم السلام بيوت النبوة و بيوت المعرفة و بيوت المجد و الشرف و بيوت السودد اول تلک البيوت هو الذي وضع حمله في بکة و هو موضع البيت من مکة و لاريب ان الذي وضع حمله في مکة ليس الا اميرالمؤمنين عليه السلام فهو اذن اول بيت وضع حمله في مکة لاجل الناس لهداياتهم و ارشادهم و ايصال ما لهم و منهم و اليهم و فيهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 247 *»

و عندهم و بهم و عليهم کلها اليهم من فوارة القدر بامر مستقر و بذاک کان اميرالمؤمنين لانه کان يمير يعني يکيل يعني يقدر لهم عن الله سبحانه و عن رسول الله صلي الله عليه و آله ما يقتضي کينونات الناس و هو عليه السلام هدي للعالمين فيه آيات بينات و هم الائمة عليهم السلام لانهم الآيات المرئية في الآفاق و في انفس الخلائق کما نص عليه مولانا الصادق عليه السلام و فيه مقام ابراهيم الاول لان اميرالمؤمنين عليه السلام مقام ظهور رسول الله صلي الله عليه و آله و به ظهر رسول الله صلي الله عليه و آله الخلق (للخلق خ‌ل) کما ظهر العرش بالکرسي فافهم ضرب المثل و لاريب ان من دخل هذا البيت يعني دخل في ولايته مؤمناً خالصاً مطمئناً و هو امن من کل لأواء و بأساء و ضراء و هو معلوم ظاهر و ما تجد من ابتلاء شيعته و رعيته باذية الظالمين فذلک شيء مأخوذ عليهم العهد و الميثاق في العالم الاول بان يصبروا و يصابروا و يرابطوا فهذه الشدة عليهم احلي من العسل فالذي يتذکر ذلک العهد فلايجد بأساً و لا الماً و الذي نسي العهد فسيذکر و يکون کماقال اميرالمؤمنين عليه السلام:

عند الصباح يحمد القوم السري

و تنجلي عنهم غيابات الکري

فحينئذ تکون الاستطاعة يراد بها العقل و الادراک و الشعور و الاختيار و المعرفة بالوجوه السبعة في الاطوار الاربعة اما الوجوه السبعة فالتوحيد اولاً ثم المعاني ثانياً ثم الابواب ثالثاً ثم الامام رابعاً ثم الارکان خامساً ثم النقباء سادساً ثم النجباء سابعاً اما الاطوار الاربعة التسليم و التصديق و الايمان و المعرفة في کل وجه من تلک الوجوه السبعة يراعي کل هذه الاربعة و قد قال عليه السلام انکم لن تؤمنوا حتي تعرفوا و لن‌تعرفوا حتي تصدقوا و لن‌تصدقوا حتي تسلموا ابواباً اربعة لايصلح اولها الا بآخرها ضل اصحاب الثلاثة و تاهوا تيهاً بعيداً فاذا تحققت المعرفة علي الوجه المسطور حصلت الاستطاعة لک للسير في سبيل الولاية فالاستطاعة هي ما ذکرنا (ذکرناه خ‌ل) و السبيل هي القري الظاهرة للسير الي القري المبارکة و القري الظاهرة هم العلماء الربانيون و العرفاء الالهيون و الابواب للباب الاعظم الذي هو باب (باب خ‌ل) مدينة العلم صلي الله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 248 *»

عليه و آله و سلم فافهم راشداً و اشرب صافياً فحينئذ فالمراد بالکفر هو الکفر الحقيقي فان من لم‌يؤمن بالولي لم‌يؤمن بالنبي و من لم‌يؤمن بالنبي لم‌يؤمن بالله و من لم‌يؤمن بالله هو الکافر المخلد في مهاوي جهنم نستجير بالله منها و قد روي اخطب خوارزم عن النبي صلي الله عليه و اله انه قال ليلة اسري به الي المعراج اوحي الله اليه و قال يا محمد لو ان عبداً عبدني صام نهاره و قام ليله حتي يصير کالشن البالي ثم يأتيني من غير ولاية‌ ابن عمک علي بن ابي‌طالب اکببته علي منخره في نار جهنم فلهذه الآية‌ الشريفة وجوه کثيرة ترکناها خوفاً للتطويل و صوناً من اصحاب القال و القيل.

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي عن الخصايص التي يختص بها النبي صلي الله عليه و آله دون الامة کم هي فاني سمعت من بعض الفضلاء يقول ان ازواج اميرالمؤمنين عليه السلام يحرم نکاحهن علي الامة کازواج النبي صلي الله عليه و آله.

اقول: قد ذکر العلماء له صلي الله عليه و آله خصائص کثيرة حتي افردها بعضهم في التصنيف في کتاب حجيم و العلامة رحمه الله في التذکرة ذکر منها ما يزيد علي سبعين و نحن نذکر لک ما ظهر لنا مما يسهل بيانه و لايعسر برهانه فنقول الکلام في هذه المسألة في مقامين:

احدهما ان الخير کله و النور باسره و الحق بحذافيره في اي مادة کانت و اي حقيقة ظهرت کله مختص به صلي الله عليه و آله لايشارکه غيره اما اهل بيته عليهم السلام الاربعة‌عشر المعصومون فانهم انما نالوا بتبعيتهم تبعية البدل و فرعيتهم فرعية الجزء للکل فالحق له و النور له و الخير له و اما ما سواهم فان الخلق کلهم مخلوقون من اشعة انوارهم و رشحات بحار عطفهم و جودهم کما برهنا عليه في کثير من مصنفاتنا و رسائلنا و اجوبتنا للمسائل و ما في الشعاع من خير و نور فانه للمنير و هو قوله عليه السلام في الزيارة الجامعة ان ذکر الخير کنتم اوله و اصله و فرعه و معدنه ومأواه و منتهاه هذا بالنسبة الي ما عداهم و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 249 *»

اما بالنسبة (اليهم خ‌ل) فالاولاد فرع للوالد و اميرالمؤمنين صلوات الله عليه فرع للنبي صلي الله عليه و آله کما في قوله عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلي الله عليه و آله و الي هذا المعني الاشارة بقوله عليه السلام في الزيارة السلام علي الاصل القديم و الفرع الکريم و هو عليه السلام اصل بالنسبة الي ما عدا رسول الله صلي الله عليه و آله و فرع بالنسبة اليه و کل ما للفرع فانما هو عطية من الاصل فحينئذ کل خير و (کل خ‌ل) نور و کل حق من خصائصه و مختص به صلي الله عليه و آله و کل ما عند غيره فانما هو عارية منه اليه ليس لنا من الخير الا ما اعطيت و لا من الحکم الا ما قضيت و هو قوله صلي الله عليه و آله يابن عباس لن‌تجد بيد احد حقاً الا بتعليمي و تعليم علي صلي الله عليهما و علي اولادهما و قد تواترت (تواتر في خ‌ل) الاخبار ان کل ما عند علي عليه السلام من رسول الله صلي الله عليه و آله فلما کان صلي الله عليه و آله هو الفاتح کان هو الخاتم فجمع (فجميع خ‌ل) جوامع الخير و الحق و النور کله فما عند الغير مستعار منه و مأخوذ عنه فهو له عند غيره و يرثه عند فقده و هو قوله تعالي و لقد کتبنا في الزبور من بعد الذکر ان الارض يرثها عبادي الصالحون و الارض ارض الاکوان و الاعيان و ما يرثهم يرثه رسول الله صلي الله عليه و اله وحده لانه الباقي بعد فناء کل شيء ثم يجري قضاء الله و قدره عليه علي وجه ذکرناه في کثير من مباحثاتنا فعلي هذا الوجه الذي ذکرناه يکون الخير کله من خصائصه و منه استعارت الاکوان و الاعيان الخير و النور و مع‌ذلک هو صلي الله عليه و آله کما قال تعالي ليس لک من الامر شيء فافهم وفقک الله لفهم حقايق اسراره.

و ثانيهما في مقام انما أنا بشر مثلکم يوحي الي و مقام قد جاءکم رسول من انفسکم و مقام يا معشر الجن و الانس ألم‌يأتکم رسل (منکم خ‌ل) و مقام هو الذي بعث في الاميين رسولاً منهم و مقام و للبسنا عليهم ما يلبسون فهو صلي الله عليه و آله في هذا المقام مخصوص بخصائص ليست لغيره صلي الله عليه و آله لعدم اقتضاء کينونة الغير تلک الخصائص من الکرامات و ان کان معهم و من

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 250 *»

سنخ رتبتهم کاقتضاء القلب ما يختصه دون باقي الاعضاء و ان کانت معه في رتبة واحدة و تلک الخصايص امور:

ا) انه سيد الاولين و الآخرين و لايضاهيه في هذه الرتبة احد من الخلق (المخلوقين خ‌ل) فاذا قال اميرالمؤمنين عليه السلام انا عبد من عبيد محمد صلي الله عليه و آله فما عسي ان يقول قائل او يتکلم متکلم و هو هو و هذا لا شک فيه.

ب) انه صلي الله عليه و آله باب الله في الوجود مطلقاً حتي لاميرالمؤمنين عليه السلام و هو اولي بالمؤمنين من انفسهم علي المعني العام الظاهر من الآية الشريفة.

ج) انه اول المخلوقات و لم‌يسبقه سابق و لايلحقه لاحق و لايطمع في ادراکه طامع و هذا شيء معلوم غني عن البيان.

د) خاتم النبيين و لا نبي بعده انقطعت الوساطة و السفارة بين الله و بين خلقه به فلايدعيها الا کاذب بعده.

هـ) ان شريعته ناسخة للشرايع مطلقاً و غير منسوخة بشيء ابداً فـحلال محمد حلال الي يوم القيامة و حرامه حرام الي يوم القيامة و انه صلي الله عليه و آله مبعوث علي کافة‌ الخلائق اجمعين و العالم کله رعية (رعيته خ‌ل) کما افصح عنه صريح قوله تعالي تبارک الذي نزل الفرقان علي عبده ليکون للعالمين نذيراً.

ز) انه تعالي جعله رحمة للعالمين علي جهة العموم و من آثار هذه الرحمة ما بينه الله سبحانه و قال فانظر الي آثار رحمة الله کيف يحيي الارض بعد موتها فافهم.

ح) کون معجزته من سنخ الالفاظ و الکلمات الدائرة علي جميع الالسن في جميع الاوقات و عجز الخلق کله عن الاتيان بمثله بعد التحدي التام و التبليغ العام.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 251 *»

ط) ان معجزته باقية ابد الآبدين بخلاف سائر الانبياء فان معجزتهم لاتبقي بعد موتهم نعم لهم اوصياء يظهرون المعاجز و يأتون بخوارق العادات عند اقتراح الامة اياها بخلاف معجزته صلي الله عليه و آله فانها باقية مابقيت الايام و الليالي بل باقية ابد الآبدين و دهر الداهرين.

ي) انه مخصوص بوصي مثل اميرالمؤمنين عليه السلام الذي هو خير الاولين و الآخرين و قد روت عايشة عنه صلي الله عليه و آله علي خير البشر و من ابي فقد کفر و الانسان خير من غيره لقوله تعالي لقد خلقنا الانسان في احسن تقويم.

يا) انه مخصوص بابوة فاطمة سيدة نساء العالمين و ليس في النساء لها نظير من الاولين و الآخرين.

يب) انه صلي الله عليه و آله مخصوص بالسبطين الاطهرين سيدي شباب اهل الجنة.

يج) انه اول من ينشق عنه التراب و اول من يحشر.

يد) انه مخصوص بالشفاعة الکبري کماقال تعالي مخاطباً له عليه الصلوة و السلام سل تعطي و اشفع تشفع.

يه) انه مخصوص بالسلام عليه بالانفراد في الصلوة.

يو) يحرم مناداته من وراء الحجرات.

يز) يحرم رفع الصوت علي صوته و هو قوله تعالي لاترفعوا اصواتکم فوق صوت النبي.

يح) لايجوز ان يتقدم عليه احد في حياته و بعد مماته من نبي او وصي او صديق او شهيد و هو يتقدم علي کل احد کماقال تعالي يا ايها الذين آمنوا لاتقدموا بين يدي الله و رسوله و قال اميرالمؤمنين عليه السلام ان رسول الله امامنا حياً و ميتاً.

يط) تطوعه قاعداً کتطوعه قائماً من غير عذر.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 252 *»

ک) انه صلي الله عليه و آله اکثر الانبياء تبعاً لان من مبعثه الشريف الي يوم القيامة من اتباعه في الظاهر و عمر الدنيا مائة الف سنة ثمانون الف منها دولته صلي الله عليه و آله من غير معارض و قد بعث صلي الله عليه و اله في الالف الثامن بعد تمام الالف السابع من خلقة آدم عليه السلام و ماسواها کلها عهد دولته صلي الله عليه و آله.

کا) انه صلي الله عليه و آله اول من يدخل الجنه لانها خلقت له.

کب) انه صلي الله عليه و آله اول شافع و اول مشفع (شفيع خ‌ل).

کج) انه المنصور بالرعب دون غيره.

کد) شريعته باقية‌ الي ابد الآبدين.

که) امته خير الامم.

کو) نساؤه امهات المؤمنين.

کز) لايجوز لاحد ان يتزوج بهن من جميع امته سواء کن مدخولاً بهن ام لا.

کح) حرام ان يسألهن غيرهن شيئاً الا من وراء حجاب.

کط) فضلهن علي غيرهن بشرط التقي لقد قال تعالي يا نساء النبي لستن کاحد من النساء ان اتقيتن.

ل) جعل ثوابهن و عقابهن ضعف غيرهن.

لا) له ان يأخذ الطعام و الشراب من المالک مطلقاً سواء کان حالة الاحتياج ام لا و انا اقول لا اختصاص بالطعام و الشراب بل له ان يأ‌خذ ما شاء من المالک لا نه اولي بالمؤمنين من انفسهم و هذا الحکم و ان کان للائمة عليهم السلام بالنسبة‌ الي رعيتهم الا ان هذا الحکم يجري للنبي صلي الله عليه و اله بالنسبة‌ الي الائمة من غير عکس و لذا کان من خصايصه صلي الله عليه و آله.

لب) ابيح له دخول مکة بغير احرام لان مکة به شرفت و له عظمت.

لج) يحرم عليه ان يمد عينه الي ما متع الله به الناس.

لد) اذا لبس لامة حربه لايجوز ان ينزعها قبل لقاء العدو.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 253 *»

له) لايجوز ان يکتب الخط بيده الشريفة و ان کان يحسنه و يقدر عليه علي اکمل ما يکون.

لو) يحرم عليه انشاد الشعر و ان کان يحسنه و قوله تعالي و ما علمناه الشعر مراده انه تعالي ماعلمه تعليماً يظهره و يصوره و الدليل علي ذلک قوله تعالي و ما ينبغي له فافهم.

لز) يجب عليه مشاورة اصحابه اذا اراد ان يفعل امراً و ان کان هو صلي الله عليه و آله اعلم و اعرف بهم من انفسهم الا ان الله سبحانه اوجبها عليه جذباً لتأليف قلوبهم و طمأنينة لهم.

لح) يجب عليه انکار المنکر اذا رآه و لايجوز عليه التقية لانه صلي الله عليه و آله اتي بشريعة جديدة ناسخة فلاموجب للتقية بالنسبة اليه.

لط) اذا رغب في نکاح امرأة فان کانت خلية وجب عليها الاجابة وحرم علي غيره خطبتها و ان کانت ذات زوج وجب عليه طلاقها.

م) يجوز له الزيادة علي الاربع من النساء بالنکاح الدائم.

ما) يجوز له العقد بلفظ الهبة کما في قوله تعالي و امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنکحها خالصة لک من دون المؤمنين.

مب) وجوب تخييره صلي الله عليه و آله لنسائه بين الاقامة عنده و مفارقته.

مج) تحريم نکاح الاماء عليه لفقد الشرط و هو خوف العنت فيه صلي الله عليه و آله.

مد) عدم وجوب القسمة عليه بين زوجاته کما في قوله تعالي ترجي من تشاء منهن و تؤوي اليک من تشاء و من ابتغيت ممن عزلت فلاجناح عليک ذلک ادني ان تقر اعينهن الآية.

مه) وجوب السواک عليه.

مو) وجوب الوتر عليه.

مز) وجوب الاضحية عليه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 254 *»

مح) وجوب قيام الليل (عليه خ‌ل) و ان کان الوتر يقع في الليل و کل منهما واجب علي حدة.

مط) تحريم الصدقة الواجبة عليه مطلقاً سواء کان من هاشمي ام لا و ثبوت هذا الحکم لباقي الائمة عليهم السلام لاينافي اختصاصه به کما ذکرنا سابقاً في اخذ الطعام و الشراب من المالک و الاقوي عند عدم حرمة (و الاقرب عندي حرمة خ‌ل) الصدقة المندوبة.

يحرم عليه خائنة الاعين و هي الغمز بها بمعني الايماء بها الي مباح من ضرب او قتل علي خلاف ما يظهر و يشعر به الحال.

نا) صوم الوصال المحرم علي غيره و هو يتحقق بامرين احدهما الجمع بين الليل و النهار في الامساک عن ترک الصوم في النية و الثاني تأخير عشاه الي سحوره في النية بحيث يکون صائماً مجموع ذلک الوقت و هو بمعنييه (بعينه خ‌ل) محرم علي امته و مباح له صلي الله عليه و آله.

نب) تنام عينه و لاينام قلبه بمعني بقاء التحفظ و الاحساس کماکان في اليقظة.

نج) عدم انتقاض وضوئه بالنوم لعدم غلبته علي الحاستين و عدم فقدان التمييز و الشعور فلم‌يؤثر النوم فيه حتي يجب عليه مقتضاه.

ند) يبصر من ورائه کما يبصر من امامه.

نه) يؤثر وطي قدميه الشريفة في الحجر و لايؤثر في الرمل.

نو) لم‌يکن له ظل اذا وقف في الشمس و هذا الحکم و ان کان ثابتاً للائمة عليهم السلام الا انه في حقه صلي الله عليه و آله کان مستمراً دائماً و في حقهم سلام الله عليهم کان احياناً اذا شاؤوا.

نز) يجوز له صلي الله عليه و آله ان يتزوج و يطأ بغير مهر.

نح) ابيح له الاصطفاء لما اختاره من الغنيمة قبل القسمة.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 255 *»

نط) ابيح له اخذ الماء من العطشان و الطعام من الجايع و ان اضطر اليهما اذا اضطر لهما (اليهما خ‌ل) ابتلائاً للمکلفين و تبييناً ان حفظ نفسه الشريفة اولي من کل نفس.

س) الحمي لنفسه الشريفة (لرعي خ‌ل) ماشيته و للمسلمين و لم‌يکن ذلک لاحد من الانبياء و لا الائمة عليهم السلام نعم للامام ان يحمي للمسلمين کما في المبسوط و التذکرة و هذا الذي ذکرناه بعض الخصايص التي تختص نفسه (تخص نفسه الشريفة خ‌ل).

و اما خصائص امته صلي الله عليه و آله من الامة المرحومة المنسوبة اليه بلاواسطة مما من الله تعالي به عليهم و هي (فهي خ‌ل) کثيرة الا انا نذکر (بعض خ‌ل) ما ذکره اميرالمؤمنين عليه السلام لبعض اليهود:

ا) انهم خير امة اخرجت للناس و انهم امة وسط.

ب) اذا کان يوم القيامة و جمع الله الخلق في صعيد واحد سأل الله عزوجل النبيين هل بلغتم فيقولون بلي فيسأل الامم فيقولون ماجاءنا من بشير و لا نذير فيقول الله جل شأنه و هو اعلم بذلک للنبيين من شهداؤکم اليوم فيقولون محمد و امته فتشهد لهم امة محمد بالتبليغ و تصدق شهادتهم و هو قوله تعالي لتکونوا شهداء علي الناس.

ج) انهم اول الناس حساباً و اسرعهم دخولاً الي الجنة قبل سائر الامم کلها.

د) انهم لايعذبون بالنار الاصلية و في الغالب ان ذنوبهم تکفر في الدنيا و في البرزخ و باهوال يوم القيامة و شدائدها و اهوال الصراط و الميزان فان بقي عليهم شيء يعذبون في نار الحظائر دون النيران الاصلية فينقطع عذابهم و يغسلون بماء الحيوان و يدخلون الجنة هـ ان الله عزوجل فرض عليهم في الليل و النهار خمس صلوات في خمسة اوقات اثنتان بالليل و ثلاث بالنهار ثم جعل هذه الخمسة تعدل خمسين صلوة و جعلها کفارة خطاياهم و قال عزوجل ان الحسنات يذهبن السيئات و يقول صلوة الخمس تکفر الذنوب ما اجتنبت الکبائر.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 256 *»

و) ان الله تعالي جعل لهم الحسنة الواحدة التي يهم بها العبد و لايعملها فان عملها کتبت له عشر حسنات و امثالها الي سبع‌مائة ضعف فصاعداً.

ز) ان الله عزوجل يدخل الجنة من اهل هذه الامة سبعين الفاً بغير حساب و وجوههم مثل القمر ليلة البدر و الذي بلونه (يلونه خ‌ل) علي احسن ما يکون مثل الکوکب الدري في افق السماء و الذي بلونهم (يلونهم خ‌ل) علي اشد کوکب في السماء اضاءة و لا اختلاف بينهم و لا تباغض.

ح) ان القاتل منهم عمداً ان شاء اولياء المقتول ان يعفوا عنه فعلوا و ان شاؤوا قبلوا الدية فعلي اهل التوراة يقتل القاتل و لايعفي عنه و لاتؤخذ منه دية قال الله عزوجل ذلک تخفيف من ربکم و رحمة.

ط) ان الله عزوجل جعل فاتحة الکتاب نصفها لنفسه و نصفها لعبده قال الله تعالي قسمت بيني و بين عبدي هذه السورة و اذا قال احدهم الحمدلله فقد حمدني و اذا قال رب العالمين فقد عرفني و اذا قال الرحمن الرحيم فقد مدحني واذا قال مالک يوم الدين فقد اثني علي و اذا قال اياک نعبد و اياک نستعين فقد صدق عبدي في ذلک بعد ما سألني و بقية هذه السورة له.

ي) ان الله تعالي بعث جبريل عليه السلام الي النبي صلي الله عليه و آله ان بشر امتک بالزين و الثناء و الرفعة و الکرامة و النصر.

يا) ان الله سبحانه اباحهم صدقاتهم يأکلونها ويجعلونها (يجعلون خ‌ل) في بطون فقرائهم و کانت صدقات من قبلهم من الامم يحملونها الي مکان قصي ليحرقونها بالنار.

يب) ان الله عزوجل جعل لهم الشفاعة خاصة دون الامم و الله تعالي يتجاوز عن ذنوبهم العظام لشفاعة نبيهم عليه و آله الصلوة و السلام.

يج) انهم يوم القيامة هم الحامدون قبل جميع الامم يحمدون الله عزوجل علي کل منزلة و يکبرونه علي کل مناديهم (کل محل يناديهم خ‌ل) في جو السماء لهم دوي کدوي النحل.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 257 *»

يد) الله تعالي لايهلکهم جوعاً و لايجمعهم علي ضلالة و لايساخ بهم و لاينزل عليهم العذاب و جعل لهم الطاعون شهادة.

يه) ان الله سبحانه جعل لهم اذا صلوا علي نبيهم عشر حسنات و محا عنهم عشر سيئات و رد الله عليهم مثل صلواتهم (صلاتهم خ‌ل) علي نبيهم صلي الله عليه و آله.

يو) ان الله تعالي جعلهم ازواجاً ثلاثة فمنهم ظالم لنفسه و منهم مقتصد و منهم سابق بالخيرات و السابق يدخل الجنة بغير حساب و المقتصد يحاسب نفسه حساباً يسيراً و الظالم لنفسه مغفور له ان شاء الله.

يز) ان الله عزوجل جعل توبتهم السلام و الاستغفار و الترک للاصرار و کانت بنواسرائيل توبتهم قتل النفس.

يح) قول الله عزوجل لنبيه صلي الله عليه و آله امتک هذه مرحومة عذابها في الدنيا الزلزلة و الفقر.

يط) ان الله عزوجل يکتب للمريض و الکبير من الحسنات علي حسب ما کان يعمل في شبابه و صحته من اعمال الخير.

ک) ان الله عزوجل الزم امة محمد صلي الله عليه و آله کلمة التقوي و جعل بدو الشفاعة لهم في الآخرة.

کا) انهم اختصوا بالقنوت و الرکوع و السجود في صلواتهم (صلوتهم خ‌ل) دون سائر الامم.

کب) ان الله سبحانه جعل علي الامم من قبلهم ان لايقبل فعلاً منهم الا في بقاع الارض التي اختارها لهم و ان بعدت و قد جعل سبحانه الارض لامته صلي الله عليه و آله طهوراً و مسجداً.

کج) ان الامم السابقة کانوا اذا نسوا ما ذکروا به فتحت عليهم ابواب العذاب و رفع ذلک عن هذه الامة المرحومة.

کد) کانت الامم الماضية يؤاخذون بالسهو و النسيان و الخطأ و حديث النفس و قد رفعت عن هذه الامة ببرکة نبيهم صلي الله عليه و آله.

که) کانت الامم
«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 258 *»

الماضية اذا هموا بمعصية و لم‌يفعلوها تکتب لهم سيئة و هذه الامة لايکتب لهم شيء ان لم‌يعملوها و لو هموا.

کو) ان الامم السابقة (السالفه خ‌ل) کانت تحمل قرابينها علي اعناقها الي بيت المقدس و قد رفعت من (عن خ‌ل) هذه الامة.

کز) ان قربان الامم السالفة ان کانت مقبولة تأتي اليها النار فتحرقها و الا تبقي علي حالها فکان بذلک عليهم عار و وصمة و قد رفعت عن هذه الامة کرامة لنبيها.

کح) کانت الامم السالفة مفروض عليهم صلواتها في کبد الليل و انصاف النهار و قد رفعت عن هذه الامة هذا التعيين الخاص و فرضت عليهم الصلوات في اطراف الليل و النهار.

کط) کانت الامم السالفة مفروض عليهم خمسون صلوة في خمسين وقتاً و قد رفعت عن هذه الامة.

ل) کانت الامم السالفة اذا اذنبوا کتبت ذنوبهم علي ابوابهم و کانت توبتهم من الذنب ان يحرموا عليهم بعد التوبة احب الطعام اليهم و قد (و هذه خ‌ل) رفعت عن هذه الامة.

لا) کانت الامم السالفة يتوب احدهم من الذنب الواحد المائة سنة و المائتي سنة ثم لم‌تقبل توبته دون ان يعاقبه في الدنيا و قد رفعت عن هذه الامة و ان الرجل من هذه الامة ليذنب طول عمره ثم يتوب و يندم طرفة عين يغفر له و تقبل توبته.

لب) کانت الامم السالفة اذا اصابهم اذي نجس قرضوه من اجسادهم و قد جعل الماء طهوراً لهذه الامة من جميع الانجاس.

لج) ان امته يظهرون علي الامم کلها حتي لايبقي في شرق الارض و لا غربها دين الا دين نبيهم.

و امثالها من الخصايص کثيرة و لو عددناها لطال بنا الکلام و اقتصرنا علي هذا القليل و لقد احببت ان تأتيني هذه المسألة في وقت فراغ البال و استقامة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 259 *»

الاحوال حتي اسمعک من عجائب المقال ما تحير عنده احلام اولي (اولو خ‌ل) الفضل من الرجال ولکن الامور مرهونة باوقاتها.

و اما قولک ايدک الله و سددک اني سمعت من بعض الفضلاء يقول ان ازواج اميرالمؤمنين عليه السلام يحرم نکاحهن علي الامة کازواج رسول الله صلي الله عليه و آله فلم‌يتحقق عندي و لم‌يثبت و لااظنه قول احد من العلماء الذين عليهم العمل في النقض و الحل.

و اما فاطمة الزهراء سلام‌الله‌عليها و علي بعلها و بنيها فلها خواص و خصائص في النکاح و هي امور:

ا) ان تزويجها من الله عزوجل کما روي في الکافي عن ابي‌جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلي الله عليه و اله انما انا بشر مثلکم اتزوج فيکم و ازوجکم الا فاطمة فان تزويجها من السماء و هذا ظاهر معلوم.

ب) انه لا کفو لها الا اميرالمؤمنين عليه السلام في جميع الموجودات و جميع الصديقين و الشهداء کما رواه في التهذيب عن المفضل عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال لولا ان الله خلق اميرالمؤمنين لم‌يکن لفاطمة عليها السلام کفو علي ظاهر الارض من آدم فمن دونه و هذا ايضاً ظاهر معلوم و الي هذا المعني يشير تأويل قوله تعالي فلااقسم بمواقع النجوم و انه لقسم لو تعلمون عظيم انه لقرآن کريم في کتاب مکنون لايمسه الا المطهرون.

ج) تحريم النساء علي اميرالمؤمنين عليه السلام مادامت فاطمة عليها السلام حية في دار الدنيا کما رواه في التهذيب عن ابي‌بصير عن ابي‌عبدالله عليه السلام قال حرم الله النساء علي علي عليه السلام مادامت فاطمة حية قال قلت و کيف قال لانها طاهر لاتحيض و اما ما روته العامة من انه عليه السلام خطب ابنة ابي‌جهل فکذب و زور و غرور و حاشا اميرالمؤمنين ان يفعل ذلک لتضمنه وجوهاً من القبح قد اوردناها في بعض مباحثاتنا.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 260 *»

و اما نساء اميرالمؤمنين عليه السلام فلايثبت لهن ما يثبت لرسول الله صلي الله عليه و آله بالنسبة الي نسائه و ان کان احترامهن في ذلک لازماً لان اميرالمؤمنين نفس الرسول صلي الله عليه و آله.

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي ما الوجه في عدم الجمع في الصلوة في حيوة النبي صلي الله عليه و ‌آله و الجمع تکليف آله عليهم السلام و اميرالمؤمنين عليه السلام حال خلافته صلي بالجمع ام بالتفريق اشبع لي الکلام في هذه جزاک الله خير الجزاء.

اقول: لاشک و لاريب ان التکليف حسب اقتضاء شأن المکلفين و حالهم في کينوناتهم و يجري ذلک علي حسب مصالحهم و تلک المصالح المقتضية بخصوصيات التکليف قد تکون حقيقية ذاتية ثابتة في دولة الحق و فقدان الباطل و ظهور الدين الحق و استيلائه علي کافة الخلق علي حد قوله تعالي هو الذي ارسل رسوله بالهدي و دين الحق ليظهره علي الدين کله و لو کره المشرکون فعند ظهور تلک الدولة العلية العالية لاتتغير الموضوعات تغاير التضاد فلاتتغير المصلحة فلايختلف الحکم و قد تکون عرضية غير قارة و غير ثابتة مختلفة متغيرة و ذلک مادامت الدولة للظالمين و عدم ظهور الدولة الالهية المالية بنورها و عدلها جميع الآفاق في السموات و الارضين فاذا اختلفت الموضوعات و تبدلت و تغيرت اختلفت المصالح و تبدلت و تغيرت فاختلفت التکاليف و هذا هو سر النسخ و قد يکون الحکم الاصلي الاولي ثابتاً فعند تغير الموضوع تغير الحکم کما ان صحيح المزاج غذاؤه الاغذية الحلوة الدسمة فاذا تغير موضوعه بان تمرض يتغير الحکم الاول و يکلف بالحکم الثانوي من شرب الادوية المرة و ترک تلک المآکل اللذيذة الطيبة و قد يکون الامر بالعکس فيکون الحکم الثانوي الزايلي مقدماً حسب اقتضاء احوال المکلفين فاذا زالت العوارض او خفت و رجعت الي الاعتدال او الي ما هو قريب الي الاعتدال يرجع الحکم الاولي کالمريض اذا زال مرضه و ارتفع المه و ذلک في

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 261 *»

الاحکام التکليفية مثل القبلة کانت الي جانب بيت المقدس في الحکم الثانوي.

ثم اذا زالت الاعراض الموجبة لتغيير الموضوعات المقتضي للتوجه الي بيت المقدس حال الصلوة رجع الحکم الاولي الالهي و هو التوجه الي الکعبة المشرفة فالقبلة الحقيقية الاولية الالهية کانت هي الکعبة ولکن المصلحة (الالهية خ‌ل) في تلک الازمان قد اقتضت التوجه الي غيرها فلما انتهت مدة المصلحة و انقضت (انقضي ظ) اجل الحکمة رجع الحکم الي الوضع الاولي و هو قوله تعالي و ما جعلنا القبلة التي کنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه فبين سبحانه ان تلک القبلة لم‌تکن حقيقية و انما تشريعها لتلک الغاية و کذلک الصلوة المفروضة لاشک ان اول وقتها افضل اوقات ايقاعها کماورد عنهم عليهم السلام ان الصلوة في اول وقتها جزور و آخر وقتها عصفور و في اول وقتها رضوان الله و في آخرها عفو الله و الروايات بهذا المضمون و المعني مستفيضة و عليه استقر المذهب.

و قد ثبت ان اول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر اي بعد مضي امتداد اربع رکعات جامعة الشرايط و الارکان و الآداب و بعد ذلک يدخل وقت العصر و کذلک وقت العشاء يدخل بعد مضي امتداد فعل ثلاث رکعات فاذا ثبت في المذهب ان ذلک اول وقت العصر و ذلک اول وقت العشاء و قد قال بعض العلماء اذا زالت الشمس دخل وقت الفريضتين معاً الا ان فرض الاداء الترتيب فلايجوز تقديم الثانية علي الاولي عمداً کما في الوقت المشترک حرفاً بحرف فاذا کان ذلک الوقت اول الوقت و من المعلوم في المذهب کما هو مورد الروايات ان اتيان الصلوة في اول الوقت افضل وجب ان يکون العصر بعد الظهر بلافاصلة و العشاء بعد المغرب بلافاصلة افضل و هو الجمع لانهما اول وقتهما و اول الوقت جزور و آخره عصفور.

فلما عرفنا الافضلية المذکورة الاولية نقول ان رسول الله صلي الله عليه و اله حيث کان في صدر الاسلام اقتضت المصلحة في تفريق الصلوة لامور لايسعنا الآن ذکرها لادائها الي التطويل ففرق استحباباً و من العامة من نص علي ذلک قال شارح متن التنبيه من الشافعية (التنبه من الباب خ‌ل) ان الجمع سنة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 262 *»

مستحبة لانه صلي الله عليه و آله قد فعله من غير سفر و لا ضرورة هـ فلما اقتضت المصلحة في التفريق لتمرينهم في العبادة و لئلايطول اوقات العبادة ليتغافلوا و يتساهلوا و لارادة التخفيف و اليسر بعدم حبسهم في المصلي لاداء الفرضين لعدم تعودهم و بالجملة لما (فلما خ‌ل) ذکرنا و امثالها ما الزم عليهم بالجمع و فرق بين الصلوات کان لهذه المصلحة مدة تتصرم و تنقضي و کانت تلک المدة لايوافق حيوته صلي الله عليه و اله اوصي الي وصيه و ولي الامر بعده من خلفائه و اوصيائه ان يلزموا شيعتهم بالجمع لان المانع اذا زال عاد الممنوع فلما کان وقت انتهاء استحباب التفريق للاقتضاء العرضي و بلغ الکتاب اجله رفعوا الحکم الاولي الذي هو الثانوي و اثبتوا استحباب الجمع الذي هو الاولي لما عرفت من ان الاتيان في اول الوقت هو الافضل و وقت العصر بعد الفراغ من الظهور و وقت العشاء بعد الفراغ من المغرب ففعلوا الافضل و هو الجمع و قد استقر علي ذلک مذهب الاثني‌عشرية حتي انهم عرفوا بذلک و قابلوا مخالفيهم بما هنالک بحيث من اجل العلامات بين السنة و الشيعة ان الاولين يفرقون و الآخرون (الاخرين خ‌ل) يجمعون فلو فرق احد من الشيعة لاقتضاء الحکم الشرعي حکموا عليه بانه قد خرج من هذا المذهب فاذا اجمعوا علي الجمع بحيث لايختلفون في ذلک في العمل و هو الاصل دون القول الخالي عن العمل فان من اصحابنا قال باستحباب التفريق لکنه قول باللسان و شيء جري به القلم و الا فعمل الطائفة و فعلهم علي الجمع و محال ان يجمعوا علي شيء مرجوح و قد قال صلي الله عليه و آله لاتزال طائفة من امتي علي الحق حتي تقوم الساعة و المتشبث بالحق هم الامامية الفرقة الناجية و لان جماعهم و اتفاقهم في العمل يکشف عن قول سيدهم و امامهم کما ان اجماع الحنفية و اتفاقهم يکشف عن ان ذلک هو مذهب ابي‌حنيفة کاجماع الشافعية و المالکية و غيرهم فاذا کشف اتفاقهم عن قوله (قول ظ) رئيسهم کان الجمع الآن هو المستحب و هو الحکم الواقعي الاولي لما ذکرنا من افضلية الصلوة في اول وقتها فکان الجمع هو المستحب و اما رسول الله صلي الله عليه و آله فرق لمصلحة اقتضت و امره الله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 263 *»

سبحانه بذلک و تلک المصلحة ارتفعت فرجع الحکم کما کان و في هذا المقام ايضاً يأتي قوله تعالي و ماجعلنا القبلة التي کنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه فافهم و الکلام في هذا المقام طويل اقتصرنا علي قدر الکفاية.

و اما قولک ادام الله حراستک ان اميرالمؤمنين عليه السلام صلي بالجمع ام بالتفريق فجوابه انه عليه السلام صلي بالتفريق کسنة رسول الله صلي الله عليه و آله و ما کان يسعه عليه السلام الجمع لان القوم ماکانوا يطيعونه کما لم‌يطيعوه في عزل شريح القاضي و ترک صلوة التراويح و غيرهما من امثالهما فهو عليه السلام صلي بالتفريق حتي لايفرق بينهم و يجمعهم کما فعله رسول الله صلي الله عليه و آله و مبدأ الجمع ليس بمعلوم خوفاً من فرعون و ملئه و حيث کان اميرالمؤمنين عليه السلام مع سلطنته الظاهرة ما امکنه الجمع فکيف بغيره من اوصيائه صلي الله عليه و آله و عليهم (عليه و عليهم خ‌ل) فلم‌يمکنهم ان يتجاهروا ولکنهم عليهم السلام اوقعوا هذا الحکم بين الفرقة المحقة و ربطوا قلوبهم عليه و هم لايشعرون فما شعروا الا وجدوا هذا الحکم شايعاً ذايعاً معمولاً (به خ‌ل) متفقاً عليه بحيث لايشذ عنه شاذ و لايتخلف عنه احد من الشيعة في العمل نعم ربما يؤخرون صلوة العصر عن صلوة الظهر و العشاء عن المغرب ولکنه ليس لاقتضاء الحکم الشرعي ذلک بل لامور تعرض لهم جرياً علي حکم التوسعة فالتفريق کان مستحباً و الجمع ايضاً مستحب فالعدول من التفريق الي الجمع عدول من حق الي حق و (من خ‌ل) مستحب الي مستحب فافهم و سلم.

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي عما يختار جنابکم في العيوب التي ترد بها الامة و (او خ‌ل) العبد کم هي و ما هي و الي کم ترد هل هو الي سنة ام انقص او ازيد.

اقول: هذه المسألة لها جوابان احدهما اجمالي و الثاني تفصيلي.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 264 *»

اما الاول فاعلم ان العيب هو الخروج عن المجري الطبيعي کزيادة او نقصان في ذات او صفة او فعل موجب لنقض (لنقص خ‌ل) المالية في الغالب فاذا خرج عن (من خ‌ل) المجري الطبيعي کان عيباً و ان کان سبباً لزيادة القيمة او لم‌يکن سبباً لزيادة او نقيصة و انما قيدنا الغالب لان ذلک في الغالب ينقص المالية لا مطلقاً و مستند هذا الحکم بعد الاجماع رواية السياري ان ابن ابي‌ليلي قدم اليه رجل خصماً له فقال ان هذا باعني هذه الجارية فلم‌اجد علي رکبتها (رکبها خ‌ل) حين کشفتها شعراً و زعمت انه لم‌يکن لها قط قال فقال له ابن ابي‌ليلي ان الناس ليحتالون لهذا بالحيل حتي يذهبوه فما الذي کرهت (فقال خ‌ل) ايها القاضي ان کان عيباً فاقض لي قال حتي اخرج اليک فاني اجد اذي في بطني ثم دخل و خرج من باب آخر فاتي محمد بن مسلم الثقفي (ره) فقال اي شيء تروون عن ابي‌جعفر الباقر عليه السلام في المرأة لايکون علي رکبتها (رکبها خ‌ل) شعر ايکون ذلک عيباً فقال له محمد بن مسلم اما هذا نصاً فلااعرفه ولکن حدثني ابوجعفر عليه السلام عن ابيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلي الله عليه و آله قال کلما کان في اصل الخلقة فزاد او نقص فهو عيب فقال له ابن ابي‌ليلي حسبک ثم رجع الي القوم فقضي لهم بالعيب انتهي و هذه الرواية متلقاة بالقبول عند اصحابنا رضوان الله عليهم فهي قاعدة کلية و ضابطة مرعية تجمع العيوب کلها سواء کانت في الحيوان او في غيرها و سواء کان في الانسان او في ساير البهايم و الانعام فکلما يرجع الي زيادة او نقيصة في اصل الخلقة و الفطرة فذلک عيب يرد به المبيع.

و اما الثاني التفصيلي فاعلم ان العيب الذي ترد به العبد او الامة امور: الاول الجنون سواء کان مطبقاً ام ادواراً لخروجه عن المجري الطبيعي الثاني الخبل الثالث السفه و البلاهة الرابع السهو السريع الکثير الخارج عن العادة و کذلک النسيان الخامس الصرع السادس الجذام السابع البرص الثامن العمي ط العور ي العرج يا القرن في الامة بسکون الراء شيء في فرج المرأة کالسن يمنع من الطوي يب الفتق بالتحريک و هو ان ينقطع اللحم الذي علي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 265 *»

الانثيين يج الرتق في الامة و هو ان يکون الفرج ملتحماً ليس للذکر فيه مدخل يد القرع و هو تحاتت شعر الانسان في الذکر اقرع و الانثي قرعاء يه الصمم ان لايسمع اصلاً او بصعوبة و علاج سواء کان في اصل الخلقة يعني مع الولادة ام لعارض خارجي يو الخرس مطلقاً کما ذکر (ذکرنا خ‌ل) في الصمم يز انواع المرض سواء کان مستمراً کالممراض و لايتفاوت مرض دون مرض خفيفاً کان او ثقيلاً مزمناً کان او زايلاً کحمي يوم مثلاً يح الاصبع الزايدة و غيرها من الاعضاء الزايدة او اللحم الزايد الثابت (النابت خ‌ل) سواء کان معه عظم ام لا يط الحول ک السبل و هو زيادة في الاجفان و غشاوة في العين توجب انتفاخ عروقها کا الشلل کب البکم کج الرمة (الرتة خ‌ل) بالضم العجمة في الکلام بحيث لايفهم المرام کد فاقد حاسة الذوق و غيرها من باقي الحواس من الشامة و اللامسة که ناقص الاصبع او الانملة او الظفر او الشعر او السن او ساير الاعضاء کو کونه ذا قروح او ثآليل کثيرة او کونه ابيض الشعر في غير اوانه و لابأس بحمرته و صفرته کز الحبل في الاماء و ان کان يوجب زيادة القيمة لکنه عيب يوجب الرد لعدم يقين السلامة بالوضع کح البول في الفراض في العبد و الامة اذا کانا کبيرين و اما اذا کانا صغيرين يبول مثلهما في الفراش فانه ليس بعيب لجريان العادة فکان کالطبيعي و الضابط في الکبير و الصغير بالنسبة الي البول في الفراش العادة و لاقدر له بحسب السنين کماقدر بعض المخالفين بسبع سنين و لو کانا يبولان في اليقظة فان کان ذلک لضعف في المثانة او لسلس او لمرض فانه عيب اجماعاً يرد به المملوک و ان کان عن سلامة و انما يفعلان ذلک تعبثاً فليس بعيب بل يؤدبان علي فعله و اما الغايط فان کانا يفعلانه في النوم کان عيباً الا ان يکونا صغيرين کما قلنا في البول کط البخر في العبد و الامة صغيرين کانا ام کبيرين لانه موذ عند المکالمة و تنقص به القيمة و البخر الذي يعد عيباً هو الذي يکون من تغيير المعدة دون ما يکون لقيح الاسنان فان ذلک ليس بعيب لانه يزول بتنظيف الفم ل الصنان المستحکم المخالف للعادة الحاصل من فساد في الطبيعة في العبد و الامة لانه موذ يتنقص منه (ينتقص به خ‌ل) القيمة و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 266 *»

مخالف لمجري الطبيعة واما الذي يکون لعارض من عرق و حرکة عنيفة او اجتماع وسخ فانه ليس بعيب لا انسداد الحيض و عدم جريانه في الامة و هي في سن من تحيض للخروج عن المجري الطبيعي و کذا لو تباعد حيضها الي ستة اشهر فصاعداً او ناقصاً و اما اذا کان شهراً او شهرين فلاعيب لاقتضاء الطبيعة ذلک غالباً و اما اذا کانت صغيرة او يائسة فلاعيب لقضاء العادة بذلک لب البهق عيب يرد به المملوک امة کان ام عبداً لکونه خارجاً عن المجري الطبيعي لج الزنا عيب في العبد و الامة لتأثيره في نقص القيمة و تعريضه للحد لعدم يقين السلامة بعد اقامة الحد لانه ربما ادي الي اتلافه لد السرقة عيب لا نه يقتضي تفويت عضو منه باقامة الحد و هو ايضاً ربما ادي الي اتلافه له الاباق و هو من افحش عيوب المماليک عبداً کان ام امة و الاباق الذي يوجب الرد هو ما يحصل عند البايع و لو لم‌يأبق عند المشتري و المرة الواحدة في الاباق يکفي في ابدية العيب کالوطي في ابطال العنة لو التخنيث عيب يرد به المملوک لز التمکين من نفسه اذا کان عبداً او امة و قد تقدم حکمها و هو الزنا لانه يقنص المالية و يثبت به العار علي مالکه لح الخنثي مشکلاً کان ام غير مشکل للخروج عن المجري الطبيعي لط عدم الختان اذا کان کبيراً في العبد لانه يخاف عليه من ذلک و اما اذا کان صغيراً فليس بعيب لقضاء العادة به و اما الجارية اذا لم‌تکن مختونة فليس بعيب صغيرة‌ کانت ام کبيرة لان الختان فيها ليس بواجب نعم لو کان العبد الکبير مجلوباً من بلاد الشرک و علم المشتري جلبه لم‌يکن عيباً لقضاء العادة بذلک عند الکفار م الارتداد عيب في العبد و الامة لانه يوجب الاتلاف فکان من اعظم العيوب ما استحقاق القتل في الردة او القصاص و القطع بالجناية مب الاستسعاء في الدين لانه (لان فيه خ‌ل) تفويت المنافع مادام مستسعياً و فيه اشکال مج آثار الشجاج و القروح و الکي مد سواد الاسنان مه نقص بعض الاسنان و زيادته مو ذهاب اشفار العين مز الکلف المغير للبشرة مح کون احدي الثديين في الجارية اکبر من الاخري و کذلک احدي اليدين في الرجل و المرأة مط الحفر في الاسنان و هو تراکم الوسخ الراسخ في اصولها.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 267 *»

و هذه و امثالها من العيوب التي يرد به المملوک الرقيق و الضابط ما ذکرنا من ان کل شيء خارج عن المجري الطبيعي و لم‌يعلم به المشتري حين العقد فذلک عيب يثبت للمشتري الخيار في الرد فعلي هذا فالثيبوبة ليست عيباً و لا الصيام و لا الاحرام و لا الاعتداد و لا التزويج و لا معرفة الغنا و النوح و لا کونه ولد زنا و لا عدم معرفة‌ الجارية للطبخ و الخبز و غيرهما و لا کونه حايکاً او حجاماً و اما الکفر ففيه خلاف و الاقرب عندي ثبوت الرد و هو من اعظم العيوب لاسيما اذا کانت الجارية وثنية او مجوسية لانتفاء الاستمتاع بالجماع.

و اما قولکم و الي کم يرد هل هو الي سنة ام انقص ام ازيد فجوابه ان المملوک لايرد الي سنة‌ الا اذا کان فيه العيوب الاربعة المسماة في الاخبار و عند الفقهاء باحداث السنة و هي اربعة الجنون و الجذام و البرص و القرن و هي المشهور بين الاصحاب و معني ذلک ان هذه العيوب اذا حدثت من حين البيع الي سنة فالمشتري له خيار الرد بالفسخ و لو بعد سنة لعدم فورية خيار الفسخ و اما غير هذه الاربعة فلايوجب الخيار الا اذا کان حدوثها في ملک البايع و اذا حدثت في ملک المشتري فلا خيار الا في هذه الاربعة فان الظاهر ان علتها تتقدم الي سنة فکيف کان هکذا اراد الشارع عليه السلام من المکلفين و هو اعرف بعلل التکاليف و اسرارها و حقايقها و الجذام و ان کان حدوثه يوجب انعتاق المملوک الا ان ذلک بعد استقرار الملک لا قبل استقراره فيندفع بذلک ما قيل ان الجذام ان کان المناط حدوث علله و اسبابه و قد حصلت في ملک البايع فقد انعتق الرقيق فبطل البيع و ان کان المناط حدوثه و ظهوره بالفعل و هو قد حصل و حدث في ملک المشتري فينعتق الرقيق عليه فلا معني للخيار في الصورتين و وجه الاندفاع ان مناط الجذام و انه سبب للانعتاق حدوثه و ظهوره بالفعل في الملک المستقر لا غير و ان الملک في العبد لايستقر الا اذا سلم عن هذه الاربعة طول السنة فاذا حدث احدها فاذا فسخ و کان من جهة الجذام ينعتق علي البايع و ان اختار بقاء العقد انعتق علي المشتري.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 268 *»

قال سلمه الله تعالي: و اخبرني سيدي هل يجوز عتق المملوک في حال مرضه و حال اباقه مع القطع بعدم برئه و رجوعه ام لا و هل يدرک ثواب العتق ام لا و ما ثواب العتق.

اقول: ان العتق حيث کان من الايقاعات لايحتاج الي قبول و ليس الشرط في العتق الا الملک و قد اختلف اصحابنا في الاسلام فشرطه جماعة و نفاه آخرون و جوزوا عتق العبد الکافر مطلقاً و فصل آخرون بان کان العتق ان کان وجب عليه بنذر عتق مملوک بعينه و هو کافر فيجوز و الا فلا و ليس في العتق شرط آخر اجماعاً فعلي هذا لايمنع المرض و ان کان مأيوساً من برئه من العتق و لا الاباق و ان کان مأيوساً من رجوعه لعدم اشتراط القبول حتي (لا خ‌ل) يحتاج الي قبوله او قبول وکيله و ثواب العتق حاصل له يقيناً و ان کان الثواب له درجات و مقامات حسب نيات العاملين لان الاعمال بالنيات و لکل امرئ (ما نوي خ‌ل).

و اما ثواب العتق فقد روي عن النبي صلي الله عليه و آله من اعتق مؤمناً اعتق الله العزيز الجبار لکل عضو عضواً له من النار و( قال ايضاً صلي الله عليه و آله خ‌ل) من اعتق رقبة مؤمنة کانت فداءه من النار و في الکافي في الصحيح عن ابي‌عبدالله عليه السلام انه قال في الرجل يعتق المملوک قال ان الله يعتق بکل عضو منه عضواً من النار قال عليه السلام و يستحب للرجل ان يتقرب عشية عرفة و يوم عرفة بالعتق و الصدقة و فيه في الصحيح عن زرارة عن ابي‌جعفر عليه السلام عن النبي صلي الله عليه و اله من اعتق مسلماً اعتق الله بکل عضو منه عضواً من النار و فيه عن ابي‌عبدالله عليه السلام من اعتق نسمة صالحة لوجه الله عزوجل کفر الله عنها مکان کل عضو منه عضواً من النار و الاحاديث في هذا المعني کثيرة و فيما ذکرناه کفاية و لاريب ان في العتق اجر عظيم نسأل الله التوفيق له. تمت.