13-05 جواهر الحکم المجلد الثالث عشر ـ رسالة في جواب الشيخ محمد الصحاف الاحسائي ـ مقابله

رسالة فی جواب الشیخ محمدالصحاف الاحسائی

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 275 *»

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلي الله علي محمد و‌ آله الطاهرين.

اما بعد فيقول العبد الجاني و الاسير الفاني کاظم بن قاسم الحسيني الرشتي ان العالم العامل و الفاضل الکامل اللوذعي الالمعي معدن الورع و الانصاف جناب الشيخ محمد الصحاف امده الله بعنايته و سهل له سبيل طاعته قد اتت (اتي ظ) بمسائل في وقت اختلال البال و کثرة الاشتغال و ابتلائي بعروض الموانع المانعة من استقامة الاحوال فاخرت جوابها طلباً للطمأنينة و حرصاً علي سکون القلب و الاستقامة لادري (لاؤدي ظ) بعض حقها من التحقيق و اوصل الطالب للحق سواء الطريق و لم‌اجد الموانع لا (الا ظ) في ازدياد و رأيت العوارض ما لها من نفاد فبادرت الي رسم الجواب بمختصر المقال مع تشتت البال لان ذلک هو الميسور و لايسقط الا بالمعسور (لايسقط بالمعسور ظ) و جعلت کلامه سلمه الله تعالي متناً و جوابي کالشرح له ليطابق کل جواب بسؤاله.

قال سلمه الله تعالي: ما يقول سيدنا و السناد و من عليه في جميع الامور الدينية الاعتماد في وجه الجمع بين قوله سبحانه يوم نقول لجهنم هل امتلأت و تقول هل من مزيد و قوله سبحانه لاملأن جهنم من الجنة و الناس اجمعين فان طلب الزيادة يدل علي عدم الامتلاء.

اقول: اعلم ان الدار الآخرة تنحصر علي ثلاثة مقامات احدها المحشر و ثانيها الجنة و ثالثها النار نعوذبالله منها و لکل مقام من هذه المقامات مواطن و مقامات يجتمع الخلق فيها و تختلف احوال (الاحوال ظ) بها باعتبار المقيمين الواقفين فيها فلنشر الي بعض تلک المواقف و المواطن في کل من المقامات الثلاثة.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 276 *»

اما الاول اي المحشر يوم القيامة اليوم الذي کان مقداره خمسين الف سنة ففيه مواطن يجتمع الخلق فيها و يجري عليها احکام خاصة.

فاولها موطن يجتمع اهل الکفر و المعاصي فيه فيکفر بعضهم ببعض و يلعن بعضهم بعضاً و الکفر يراد به البراءة کما في قوله تعالي حکاية عن ابليس اني کفرت بما اشرکتمون من قبل و عن ابراهيم خليل الرحمن کفرنا بکم يعني تبرأنا منکم.

و ثانيها موطن يجتمعون و يبکون فلو ان تلک الاصوات بدت لاهل الدنيا لازالت جميع الخلق عن معايشهم و انصدعت قلوبهم الا ما شاء الله و لايزالون حتي يستنفدوا الدموع و يفضوا الي الدماء.

و ثالثها موطن يجتمعون فيه فيستنطقون فيه فيقولون و الله ربنا ما کنا مشرکين و هم المقرون بالتوحيد في دار الدنيا لاينفعهم ايمانهم بالله مع مخالفتهم رسله و شکهم فيما اتوا به عن ربهم و نقضهم عهودهم في اوصيائهم و اسرالهم (استبدالهم ظ) الذي هو ادني بالذي هو خير و انکارهم لفضل الاوصياء و اثبات ما هو النقص بهم فکذبهم الله فيما انتحلوه من الايمان بقوله الحق انظر کيف کذبوا علي انفسهم فيختم الله علي افواههم و يستنطق الايدي و الارجل و الجلود فتشهد بکل معصية کانت منهم ثم رفع عن السنتهم الختم فيقولون لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا انطقنا الله الذي انطق کل شيء.

و رابعها موطن يجتمعون فيه فيفر بعضهم من بعض لهول ما يشاهدونه من صعوبة الامر و عظم البلاء فذلک قوله عزوجل يوم يفر المرء من اخيه و امه و ابيه و صاحبته و بنيه.

و خامسها موطن يجتمعون فيه فيستنطق منه اولياء الله و اصفياءه فلايتکلم احد الا من اذن له الرحمن و قال صواباً فيقام الرسل فيسألون عن تأدية الرسالات التي حملوها الي اممهم فاخبروا انهم قد ادوا ذلک الي اممهم و تسئل الامم فتجحدها کماقال تعالي فلنسئلن الذين ارسل اليهم و لنسئلن المرسلين فيقولون ما جاءنا من بشير و لا نذير فتشهد الرسل رسول الله صلي الله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 277 *»

عليه و اله فيشهد بصدق الرسل و تکذيب من جحدها من الامم فيقول لکل امة بلي قد جاءکم بشير و نذير والله علي کل شيء قدير اي مقتدر علي شهادة جوارحکم عليکم بتبليغ الرسل اليکم رسالاتهم و لذلک قال الله تعالي لنبيه صلي الله عليه و آله فکيف اذا جئنا من کل امه بشهيد و جئنا بک علي هؤلاء شهيداً فلايستطيعون رد شهادته خوفاً من ان يختم علي افواههم و تشهد عليهم جوارحهم بما کانوا يعملون.

و سادسها موطن يجتمعون فيه و هو مقام محمد صلي الله عليه و آله و هو المقام المحمود فيثني علي الله عزوجل بما لم‌يثن عليه احد قبله ثم يثني علي الملائکة کلهم فلايبقي ملک الا اثني عليه محمد صلي الله عليه و آله ثم يثني علي الانبياء بما لم‌ يثن عليهم احد مثله ثم يثني علي کل مؤمن و مؤمنة يبدأ بالصديقين و الشهداء ثم بالصالحين فجملة اهل السموات و الارضين و ذلک قوله تعالي عسي ان يبعثک ربک مقاماً محموداً فطوبي لمن کان له في ذلک المقام حظ و نصيب و ويل لمن لم‌يکن له في ذلک المقام حظ و لا نصيب.

و سابعها موطن يجتمعون فيه عند منبر الوسيلة عن يمينها و شمالها و الوسيلة منبر لها الف مرقاة من کل مرقاة الي آخر مسافة‌ الف سنة رسول الله صلي الله عليه و آله جالس علي المرقاة العليا و اميرالمؤمنين واقف دونه بمرقاة و بيده لواء الحمد و مفاتيح الجنان و النيران و الائمة عليهم السلام دونه علي حسب درجاتهم وقوف علي المراقي و يطول الکلام بذکر تفاصيل تلک الاحکام و الخلق کلهم وقوف عن يمين الوسيلة و شمالها ثم يجثون ليقرأ کتاب الله الناطق الاکبر عليهم اعمالهم فيقرأ عليهم فطوبي لمن کان من اصحاب اليمين و ويل لمن کان من اصحاب الشمال و هو قوله تعالي و تري کل امة جاثية کل امة تدعي الي کتابها اليوم تجزون ما کنتم تعملون هذا کتابنا ينطق عليکم بالحق انا کنا نستنسخ ما کنتم تعملون هذا کله قبل الحساب فاذا اخذ في الحساب شغل کل انسان بما لديه نسأل الله برکة ذلک اليوم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 278 *»

و اما في الحساب فهو علي الصراط و هو اصعب مواطن يوم القيامة و عليه خمسون موقفاً يقفون في کل موقف الف سنة و هو قوله تعالي يوم کان مقداره خمسين الف سنة و ذلک يوم الحساب دون يوم المحشر و يوم القيامة.

و اما الثاني اي الجنة ففيها مواطن کثيرة نذکر بعضاً منها رزقنا الله منها الفوز بها بفضله و منه و کرمه و احسانه.

فاولها موطن يجتمعون فيه و يسقيهم الله سبحانه من عين الکافور و ذلک بعد شدة العطش و الحر يوم القيامة و ذلک اول مواطن السعداء.

ثانيها موطن يجتمعون فيه و يشربون من عين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل لا غير و ذلک بعد سريان عين الکافور في جميع اجزائهم و اطوارهم.

و ثالثها موطن يجتمعون فيه و يأکلون من کبد الحوت لاستحقاقهم البقاء الابدي و الدوام السرمدي.

و رابعها موطن يجتمعون فيه و يأکلون من کبد الثور لاستيهالهم لحفظ کل ما يرد عليهم من نعم الله سبحانه و احسانه.

و خامسها موطن يجتمعون فيه الالتذاذ (لالتذاذ ظ) اجسامهم و اجسادهم و اعراضهم في الاطوار الاثني‌عشر من المشاعر العشرة الجسمانية الظاهرة و الباطنة و القلب اللحم الصنوبري بما فيه من الروح الحيواني البخار المتصاعد من العلقة الصفراء من تجاويف القلب و الصدر الوعاء للقلب فتنعمون (فيتنعمون ظ) فيها بانواع الملاذ و التنعمات الجسمانية و ذلک الموطن هو المسمي بالکثيب الاحمر.

و سادسها موطن يجتمعون فيه للملاذ النفسانية و التنعمات الغيبية الصورية من ظهور انواع العلوم و الحقايق و هو المسمي بالرفرف الاخضر.

و سابعها موطن يجتمعون فيه التذاذ (للالتذاذ ظ) الروح الرقايقي عند السدرة (سدرة ظ) المنتهي عندها جنة المأوي و ذلک هو المسمي بارض الزعفران.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 279 *»

و ثامنها موطن يجتمعون فيه لالتذاذ العقل المنخفض و المستوي و المرتفع بانواع المعارف الالهية و الحقايق اللاهوتية و هو المسمي بالاعراف و هو جبل من ياقوتة حمراء في جنة الفردوس.

و تاسعها موطن يجتمعون فيه الالتذاذ (للالتذاذ ظ) بالمشاهدة و ظهور الوحدة الحقيقية و هو مقام الشراب الطهور عن کل ما فيه ذکر غير المحبوب و هو مقام الصحو في السکر و لجة بحر الاحدية و طمطام يم الوحدانية و هو مقام الرضوان و موضع الامان و هو قوله تعالي و رضوان من الله اکبر و هو هذا المقام  و عاشرها موطن يجتمعون فيه لزيارة الرب عند الباب و الوجه و الجناب فينعم عليهم من الآلاء و النعماء ضعف ما کان عندهم سابقاً فيقفون في المواطن التي ذکرناها من الکثيب الاحمر الي مقام الرضوان الا ان هذه المواطن غير اشخاص المواطن المذکورة و ان کانت في النوع واحداً فاذا تمت المواطن باجمعها زاروا الرب سبحانه کما ذکرنا فتعود تلک الحالات في تلک المواطن و هکذا الي ما لا نهاية له من المداء رزقنا الله سبحانه اياها و يسعدنا بها انه ذو المن العظيم و الفضل الجسيم و اما الثالث اي النار ففيها مواطن بحسبها و حسب ساکنيها اجارنا الله منها.

احدها موطن يؤتي فيه بجهنم علي هيئة مهولة قال رسول الله صلي الله عليه و آله يأمر الله سبحانه بجهنم تقاد بسبعين الف زمام لکل زمام سبعون الف ملک في يد کل ملک مقرعة من حديد فيقودونها بازمتها و سلاسلها و بها قوائم غلاظ شداد کل قائمة مسيرة الف سنة من سني الدنيا و لها ثلاثون الف رأس في کل رأس ثلثون الف فم في کل فم ثلاثون الف باب کل باب مثل جبل احد ثلاثون الف مرة کل فم له شفتان کل واحدة مثل اطباق في کل شفة سلسلة يقودها سبعون الف ملک کل ملک لو امره الله ان يلتقم الدنيا کلها و السموات کلها و ما فيهن و ما بينهن لهان ذلک عليه فعند ذلک تفزع جهنم و تخرع و تقاد علي خوف کل ذلک خوف من الله تعالي ثم تقول اقسمت عليکم يا ملائکة ربي هل تدرون ما يريد الله ان يفعل بي و هل اذنبت ذنباً حتي استوجبت منه العذاب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 280 *»

فيقولون کلهم لا علم لنا يا جهنم قال فتقف و تشهق و تعلق و تضطرب و تشرد شردة لو ترکت لاحرقت الجميع کل ذلک خوفاً من الله و فزعاً فيأتي النداء من قبل الله تعالي مهلاً مهلاً يا جهنم لا بأس عليک ما خلقتک لشيء اعذبک به ولکني خلقتک عذاباً و نقمة علي من جحدني و اکل رزقي و عبد غيري و انکر نعمتي و اتخذ الهاً من دوني فتقول يا سيدي اتأذن لي في السجود لک فيقول الله سبحانه افعلي يا جهنم فتسجد لله رب العالمين ثم ترفع رأسها بالتسبيح و الثناء لله رب العالمين و لو سمع احد من سکان المسوات و الارض رفوة من ذخيرها (زفرة من زفيرها ظ) لصعقوا و ماتوا اجمعين و ذابوا کما يذوب الرصاص و النحاس في النار فتقوم و تمشي علي قوائمها و لها زفير و شهيق و تخطي کما تخطوا (يخطو ظ) البعير الهائج و ترمي من افواهها و مناخرها شرراً کالقصر کأنها جمالات صفر فتغشي الخلائق ظلمة دخانها حتي لم‌يبق احد ينظر الي احد من شدة الظلام الا من جعل الله له نوراً من صالح عمله فتضيء له تلک الظلمة فتقودها الزبانية الغلاظ الشداد لايعصون الله ما امرهم حتي اذا نظر الخلايق اليها تزفر و تشهق و تفور يکاد (تکاد ظ) تميز من الغيظ لم‌تقرب انيابها الي بعض و ترمي بشرر عدد نجوم السماء کل شرارة بقدر السحاب العظيمة فتطير منها الافئدة و ترجف منها القلوب و تذهل الالباب و تحر الابصار ثم تزفر الثانية فلم‌يبق في عين دمعة الا و انهملت و انسکبت فتبلغ القلوب الحناجر من الکرب و يشتد الفزع ثم تزفر الثالثة فلو ان کل نبي عمل عمل سبعين لظن انه مواقعها و لم‌تجد (يجد ظ) عنها مصرفاً فلم‌يبق ح نبي مرسل و لا ملک مقرب و لا ولي منتجب الا و جيء علي رکبتيه و بلغت نفسه تراقيه ثم يعرض بها رسول الله صلي الله عليه و آله فيقول ما لي و ما لک فتقول يا محمد صلي الله عليه و آله فقد حرم الله لحمک علي فلايبقي يومئذ احد الا و قال نفسي نفسي الا نبينا صلي الله عليه و آله فانه يقول امتي امتي وعدک وعدک يا من لايخلف الميعاد.

و ثانيها موطن يجتمعون فيه حين اول الدخول في النار و ظهور اعمالهم الخبيثة فاذا کانت صيحة القيامة يخرجون من قبورهم مسودة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 281 *»

وجوههم مزرقة اعينهم قد طالت خواطيمهم و کسف بالهم منکسة رؤوسهم فيأتيهم اعمالهم الخبيثة فيقولون لهم والله ما علمتکم الا کنتم عن طاعة الله مبطئين و الي معصية الله مسارعين و رکبتموني في الدنيا و انا ارکبکم اليوم و اقودکم الي النار ثم يستوي عمل کل واحد منهم علي منکبه حتي ينتهي به الي حجرة جهنم فاذا نظروا الي الملائکة قد استعدوا بالسلاسل و الاغلال قد عضوا علي شفاههم من الغيظ فيقول کل واحد منهم يا ويلتي (ليتني ظ) لم‌اوت کتابيه.

و ثالثها موطن يؤتي فيه بکتابهم لزيادة حسرتهم و ذلک غير ما يؤتون به في عرصة‌ القيامة عند وقوفهم علي شمال منبر الوسيلة و بيانه ان کل واحد منهم اذا قال يا ليتني لم‌اوت کتابيه ينادي الجبار جيئوا به الي النار فصارت الارض تحته ناراً و جاءت نار فاحدقت بعنقه فينادي واطول عقباه قال فتکلمه النار فتقول ابعد الله عقبک ثم تجئ صحيفة تطير من خلف ظهره فتقع في شماله ثم يأتيه ملک فيثقب صدره الي ظهره ثم يغسل بشماله الي خلف ظهره ثم يقال له اقرأ کتابک فيقول کيف اقرأ و جهنم امامي فيقول الله للملک دق عنقه و اکسر صلبه و شد ناصيته الي قدميه ثم يقول خذوه فغلوه فيبتدر لتعظيم قول الله سبعون الف ملک غلاظ شداد فمنهم من ينتف لحمه(لحيته) و منهم من يعض لحمه و منهم من يحطم عظامه فيقول اما ترحموني فيقولون يا شقي کيف نرحمک و لايرحمک ارحم الراحمين.

و رابعها موطن يجتمعون فيه فيدفعون بهم الي النار و ذلک اول دخولهم في عذاب النار و رقو عهم فيها و بيان ان الملائکة يقولون له بعد ما فعلوا به ما ذکر فيوذيک هذا فيقول نعم اشد الاذي فيقولون له يا شقي کيف و لو قد طرحناک في النار فيدفعه الملک في صدره دفعة فيهوي سبعين الف عام فيقولون يا ليتنا اطعنا الله و اطعنا الرسول فيقر معه حجر کبريت من نار يشتعل في وجهه و شيطاناً (شيطان ظ) عن يساره فيخلق الله له سبعين جلداً کل جلد غلظه اربعون ذراعاً بذراع الملک الذي يعذبه بين الجلد الي الجلد حيات و عقارب من نار و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 282 *»

ديدان من نار رأسه مثل الجبل العظيم فخذاه مثل جبل درقا و هو جبل بالمدينة فيسحبه سحباً فيلقي عليه سبعون سلسلة و کل سلسلة سبعون ذراعاً مابين الذراع حلق عدد قطر المطر لو وضعت حلقة منها علي جبال الارض لاذابتها و عليه سبعون سربالاً من قطران من نار و عليه قلنسوة من نار و ليس في جسده موضع الا و فيه حلقة من نار و فيه (في ظ) رجله قيود من نار و علي رأسه تاجاً ستون ذراعاً من نار و قد ثقب رأسه ثلاث مائة و ستين ثقبة يخرج من ذلک الثقب الدخان من کل جانب و قد غلا منها دماغه حتي يجري علي کتفيه يسيل منها ثلاث مائة و ستون نهراً من صديد و ضيق عليه منزله کما يضيق الرمح فمن ضيق منازلهم عليه و من ريحها و شدة سوادها و زفيرها و شهيقها و تغيظها و نتنها اسودت وجوههم و عظمت ديدانهم فينبت لهم اظفار کاظفار النسور تأکل لحمه و تقرض من عظامه و تشرب دمه ليس لهن ماکل و مشرب غيره.

و خامسها موطن يجتمعون فيه بعد شدة العذاب فيأملون و يتوقعون من اهل الجنة و غيرهم و ذلک انتم لمايحدون (انهم لما يجدون ظ) ما بهم من الشدة و العذاب فيتوجهون الي اهل الجنة فينادونهم فيقولون لهم افيضوا علينا من الماء و مما رزقکم الله فيحبس عنهم الجواب اربعين سنة ثم يجيبونهم بلسان الاحتقار و التهوين ان الله حرمهما علي الکافرين و يرون خزنة النار عندهم و هم يشاهدون ما نزل بهم من المصائب فيأملون ان يجدوا فرجاً بسبب من الاسباب کماقال الله جل جلاله و قال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربکم يخفف عنا يوماً من العذاب فيحبس عنهم الجواب اربعين سنة ثم يجيبونهم بعد خيبة الآمال قالوا فادعوا و ما دعاء الکافرين الا في ضلال فاذا يئسوا من خزنة جهنم رجعوا الي مالک مقدم الخزان و املوا ان يخلصهم من ذلک الهوان کماقال جل جلاله و نادوا يا مالک ليقض علينا ربک فيحبس عنهم الجواب اربعين سنة و هم في العذاب ثم يجيبهم الله انکم ماکثون فاذا يأسوا من الله و خابوا و خسروا قال لهم سبحانه ألم‌تکن آياتي تتلي عليکم و کنتم بها تکذبون قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا و کنا قوماً ضالين ربنا اخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون فيبقون اربعين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 283 *»

سنة في ذل الهوان لايجابون و في عذاب النار لايکلمون اربعين سنة ثم يجيبهم الله سبحانه بقوله اخسئوا فيها و لاتکلمون فعند ذلک يأسون (يئسوا ظ) من فرج و راح (راحة ظ) و تغلق ابواب جهنم عليهم.

و سادسها موطن يجتمعون فيه مع الشياطين في مقام غير الاول فذلک ان الملائکة يدفعون في صدورهم مرة ثانية فيهوون بهم سبعين الف عام حتي يقعوا في الحطمة فاذا واقعوها دقت عليهم و علي شياطينهم فيقترنون معهم فيقول کل منهم لقرينه من الشياطين يا ليت بيني و بينک بعد المشرقين فبئس القرين اعمل (احمل ظ) عني عذابي کما اعرنتني (اغويتني ظ) فيقول الشيطان يا شقي کيف احمل عنک عذاب الله من شيء انا و انت في العذاب مشترکون.

و سابعها موطن يجتمعون فيه فيهوون الي عين آنية و بيانه انهم بعد ما فرغوا من مخاطبة الشياطين و معاتبتهم يضرب علي رؤوسهم ضربة فيهوون بها سبعين الف عام حتي ينتهون الي عين يقال لها آنية و هي عين اوقد عليها مذ خلق الله جهنم کل اودية النار تسکن و تنام و تلک العين لاتسکن و لاتنام لها انيين (انين ظ) من شدة حرها فتقول الملائکة يا معشر الاشقياء ادنوا فاشربوا منها فاذا اعرضوا ضربتهم الملائکة بالمقامع و قيل لهم ذوقوا عذاب الحريق ذلک بما قدمت ايديکم و ان الله ليس بظلام للعبيد ثم يؤتون بکأس من حديد فيه شربة من عين آنية فاذا دنا منهم تغلصت شفافهم و اشتوت لحومهم و وجوههم فاذا شربوا منها و صار في اجوافهم تصهر به ما في بطونهم و الجلود فلهم مقامع من حديد.

و ثامنها موطن يجتمعون فيه ليهوون الي السعير و ذلک انه يضربه علي رؤوسهم ضربة فيهوون بها سبعين الف عام آخر حتي يواقعوا السعير فاذا واقعوها سعرت في وجوههم فعند ذلک غشيت ابصارهم من شدتها.

و تاسعها موطن يجتمعون فيه فيهوون الي شجرة الزقوم و بيانه انه يضرب علي رؤسهم ضربة فيهوون سبعين الف عام حتي ينتهوا الي شجرة الزقوم شجرة تخرج في اصل الجحيم طلعها کأنه رؤوس الشياطين قيحاً و نتناً تنبت علي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 284 *»

صخرة ملسة سوداء کانها مرآة زلقة مابين اصل الصخرة الي الصخرة سبعون الف عام اغصانها تشرب من نار ثمارها نار و فروعها نار فيقال لهم يا معشر الاشقياء اصعدوا فلما صعدوا زلقوا فکلما زلقوا صعدوا و لايزال کذلک سبعين الف عام في العذاب و اذا اکل فيها ثمرة يجدها امر من الصَبِر و انتن من الجيف و اشد من الحديد فاذا وقعت في بطنه غلت في بطنه کغلي الحميم فيذکرون ما کانوا يأکلون في دار الدنيا من طيب الطعام.

و عاشرها موطن يزداد عليهم غضب الجبار و ذلک انهم تجذبهم الملائکة فيهوون دهراً في ظلم متراکبة فاذا استقروا في النار سمع لهم صوت كصيح السمک علي المقلي او کقضيب القصب ثم يرمون بانفسهم من الشجرة في اودية مذابة من صفر و هو اشد حراً من النار تغلي بهم الاودية ترمي بهم في سواحلها فتحمل عليهم هوام النار و الحيات و العقارب کامثال البغال الدلم لکل عقرب ستون فقاراً في کل فقار قلة من سم و حيات سود زرق امثال البخاتي فيتعلق بالرجل سبعون الف حية و سبعون الف عقرب ثم يکب في سبعين الف عام ثم يعلق علي کل غصن من الزقوم سبعون الف رجل ما ينحفي (ما ينحني ظ) و ما ينکسر فتدخل النار من ادبارهم فتطلع علي الافئدة تقلص الشفاه و تطير الجنان و تنضج الجلود و تذوب الشحوم و يغضب الحي القيوم فيقول يا مالک قل لهم ذوقوا فلن نزيدکم الا عذاباً يا مالک سعر سعر قد اشتد غضبي علي من شتمني علي عرشي و استخف بحقي وانا الملک الجبار فينادي مالک يا اهل الضلال و الاستکبار في دار الدنيا کيف تجدون مس سقر فيقولون قد انضجت قلوبنا و اکلت لحومنا و حطمت عظامنا فليس لنا مغيث و لا معين فيقول مالک و عزة ربي لاازيدکم الا عذاباً فيقولون ان عذبنا ربنا لم‌يظلمنا شيئاً فيقول مالک فاعترفوا بذنبهم فسحقاً لاصحاب السعير ثم يغضب الجبار فيقول يا مالک سعر سعر فيغضب مالک فيبعث عليهم سبحانه سوداء فتظل اهل النار کلهم ثم تناديهم فيسمعها اولهم و آخرهم و افضلهم و ادناهم فتقول ماذا تريدون ان امطرکم فيقولون الماء البارد واعطشاه واطول هوناه فتمطرهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 285 *»

حجارة و کلاليب و خطاطيف و غسليناً و ديداناً من نار فتنضج وجوههم و جباههم و تعمي ابصارهم و يحطم عظامهم فعند ذلک ينادون واثبورا فاذا بقيت العظام عواري اشتد غضب الله فيقول يا مالک اسعرها عليهم کالحطب في النار ثم يضرب عليهم امواجها سبعين خريفاً ثم تطبق عليهم ابوابها من الباب الي الباب مسيرة خمس‌مائة عام و غلظ الباب مسيرة خمس مائة عام ثم يجعل کل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد بعضها في بعض فلايسمع لهم کلام ابداً الا ان لهم فيها شهيق کشهيق البغال و نهيق کنهيق الحمار و عواء کعواء الکلب صم بکم عمي فليس لهم کلام الا اعين تطبق عليهم ابوابها و يشد عليهم عمدها فلايدخل عليهم روح و لايخرج منهم الغم ابداً و هي عليهم موصدة يعني مطبقة ليس لهم من الملائکة شافعون و لا من اهل الجنة صديق حميم فينساهم الرب و يمحو ذکرهم من قلوب العباد فلايذکرن ابداً فنعوذبالله العظيم الغفور الرحيم.

و حادي‌عشرها موطن يستهزئ بهم المؤمنون و يضحکون عليهم مستهزئين و ذلک ان الله عزوجل اذا اقرهم في دار اللعنة و الهوان و عذبهم بتلک الالوان العجيبة فان هؤلاء المؤمنين في الجنان بحضرة رسول الله صلي الله عليه و آله صفي الملک الديان اطلعهم علي هؤلاء المستهزئين بهم في الدنيا حتي رأوا ما فيه من عجائب اللاعن (اللعاين ظ) و بدايع النقمات فتکون لذتهم و سرورهم و شماتهم بهم لدنهم و سرورهم ببغيهم (و سرورهم بشماتتهم کما ذلتهم و سرورهم بنعيمهم ظ) في جنان ربهم فالمؤمنون يعرفون اولئک الکافرين المنافقين باسمائهم و صفاتهم و هم علي اصناف منهم من هو بين انياب افاعيها تمضغه و تفترسه و منهم من هو تحت بساط زبانيتها و اعمدتها و منهم من هو في بحار جحيمها يغرق و يسحب فيها و منهم من هو في غليلها و غساقها تزجره فيها زبانيتها و منهم من هو في سائر اصناف عذابها و اما الکافرون و المنافقون فينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الذين کانوا بهم في الدنيا مستهزئين فيرونهم منهم من هو علي فراشها يتقلب و منهم من هو علي فواکهها يرتع منهم من هو في غرفها او في بساتينها و منازلها يتبجح و الحورالعين و الوصفاء و الولدان و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 286 *»

الجوار و الغلمان قائمون بحضرتهم و طايعون بالخدمة حواليهم و ملائکة الله عزوجل يأتونهم من عند ربهم بالحباء و الکرامات و عجائب التحف و الهدايا و المبرات يقولون سلام عليکم بما صبرتم فنعم عقبي الدار فيقول هؤلاء المؤمنون المشرفون علي هؤلاء الکافرين المنافقين يا فلان و يا فلان و يا فلان حتي ينادوهم ما بالکم في بال خزيکم ماکثون هلموا الينا و فتح لکم ابواب الجنان لتتخلصوا من عذابکم و تلحقوا بنا في نعيمها فيقولون يا ولينا اني لنا هذا فيقولوا المؤمنون انظروا الي هذه الابواب فينظرون الي ابواب من الجنان مفتحة يخيل اليهم الي جهنم التي فيها تعذبون و يقدرون انهم أيمکنهم ان يتخلصوا اليها فيأخذون في السباحة في بخار (بحار ظ) حميمها و عدوي من بين ايدي زبانيتها و هم يلحقون يضربونهم باعمدتهم و مرزباتهم و سياطيهم فلايزالون کذلک يسيرون هناک و هذه الاصناف من العذاب تمسهم حتي اذا قدروا ان يبلغوا تلک الابواب وجدوها مردومة عنهم و قد هدهم الزبانية باعمدتها فهدوهم الي سواء الجحيم و يستلقي اولئک المنعمون علي فرشهم في مجالسهم يضحکون منهم مستهزئين بهم و ذلک قول الله عزوجل يستهزؤ بهم و قوله عزوجل فاليوم الذين آمنوا من الکفار يضحکون.

و ثاني‌عشرها موطن يسأل الله سبحانه و تعالي عن جهنم هل امتلأت فنقول (فتقول ظ) هل من مزيد و بيان ذلك ان الله سبحانه و تعالي يحاسب اهل جهنم علي الصراط المنصوب علي متن جهنم فوجاً فوجاً و کلما فرغ فوج مما يقتضي لهم قبل النار فيدخلهم النار و يسير بهم في تلک المواطن التي ذکرناها ثم يسأل جهنم هل امتلأت و تقول هل من مزيد فاذا قالت هل من مزيد يدخل فوجاً آخر علي الوجه الذي ذکرنا من سيرهم في تلک المواطن حتي يقرهم قعر جهنم ثم يسألها سبحانه هل امتلأت و تقول هل من مزيد فلايزال يدخل سبحانه فوجاً فوجاً ممن يکذب بآيات الله و يسير بهم في درکاتها الي ان يوصلهم قعرها و يسأل هل امتلأت فتقول هل من مزيد الي ان تمتلي و تتصل باهلها و تستوفي حقها فهناک يحصل الامتلاء التام فتقول جهنم حسبي فبلغ الکتاب اجله و امتلأت

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 287 *»

جهنم و صدق قوله تعالي لاملأن جهنم فتنغلق الابواب و تنقطع الاسباب و يبطل الخطاب فلا منافاة بين الآيتين و لاتناقض في البين و هنا ابحاث.

البحث الاول: لم هذا السؤال و هو سبحانه اعلم من کل شيء بکل شيء فيما له من المقتضيات و الطلبات من الزيادة و النقيصة.

البحث الثاني: لم نسب سبحانه الزيادة هنا الي جهنم و في الجنة نسب الي نفسه بقوله تعالي لهم فيها ما يشاؤن و لدينا مزيد.

البحث الثالث: لم نسب الامتلاء الي جهنم دون الجنة و قد روي ان الله سبحانه اذا ادخل جميع اهل الجنة الجنة تبقي ناحية من الجنة فارغة فيخلق الله سبحانه خلقاً جديداً يسکنهم فيها و الجواب:

اما عن البحث الاول فاعلم ان ذلک مثل قوله تعالي و ما تلک بيمينک يا موسي و قوله تعالي لعيسي بن مريم ءانت قلت للناس اتخذوني و امي الهين من دون الله و قوله تعالي انا عرضنا الامانة علي السموات و الارض و الجبال فابين ان يحملنها و اشفقن منها و حملها الانسان انه کان ظلوماً جهولاً و کل ذلک لاجل البيان و الاشارة‌ الي سر حکمة من الحکم و سر من الاسرار و يطول الکلام بذکر الجميع الا انا نشير اشارة الي ما هو المقصود من الآية الشريفة فنقول ان الله سبحانه بمشيته الحتمية ان لايعطي شيئاً شيئاً الا بما تقتضي کينونته و تتوجه اليه طلبته لئلايکون ترجحاً للمرجوح او من غير مرجح و لماکان الخلق حوادث ليسوا بقدماء وجب ان يوههم(كذا) سبحانه للسؤال اولا ثم يسأل عنهم طلباتهم و يعطيهم مقتضي شؤوناتهم و ذواتهم حسب بدو شأنهم في علم الغيب فاعطاهم ما اذا سئلوا اجابوا فقال فلم يعطهم الا ما سألوا و لم‌يسألوا الا ما لهم ان يقبلوا او لايفيض سبحانه اليهم الا بعد ان يسألهم و لذا قال سبحانه الست بربکم قالوا بلي و قال تعالي کن فيکون و هذا هو الوجه الحقيقي في الحوادث و اعطاء الحق سبحانه اياها من فضله في ذواتها و صفاتها و اعراضها و کينوناتها سواء ذکر بلفظ السؤال او لم‌يذکر علي الوجه الذي ذکر و هو قوله تعالي امن يجيب المضطر اذا دعاه فالسؤال دائم ثابت عند کل حال و عطاء من اطوار القضاء و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 288 *»

القدر حتي لايلزم الترجيح من غير مرجح و التخصيص من غير مخصص و السؤال ليس للجهل حاشاه ثم حاشاه و انما هويتهم قابلية العطاء فافهم فانه دقيق و الوجه الآخر ان بين الحال و المحل و الظرف و المظروف مناسبة و مرابطة تقتضي اختصاص ذلک الحال بذلک المحل دون غيره فما دامت قابلية الحمل موجودة مکونة يجب اعطاء المقبول فاذا تمت القابلية و کملت عن القبول لم‌يحس الاعطاء والله سبحانه و ان کان يعلم تمام القابلية و عدم تحمل الزيادة و عدمه ولکنه سبحانه انما يسأل لتعريف الخلق و التبيين لهم انه سبحانه انما يجري الاشياء علي حسب مقتضياتها اکمالاً للحکمة و هو قوله تعالي ان کنتم في ريب من البعث فانا خلقناکم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم من مضغة مخلقة و غير مخلقة لنبين لکم فالتفصيل و السؤال للبيان اظهاراً لحکمة الحکيم السبحان و تبياناً لقوله سبحانه صنع الله الذي اتقن کل شيء.

و اما عن البحث الثاني فاعلم ان الله سبحانه خلق الوجود و الخير و النور اولاً و بالذات و خلق الماهية و الشر ثانياً و بالعرض اکمالاً و اتماماً لقابلية الخير و الوجود فالخير منسوب اليه و منه و له و اليه و الشر ليس منسوباً اليه و ان کان به تعالي فما هو مقتضي الوجود و الخير ينسبه الي نفسه سبحانه تشريفاً و تفخيماً و تکريماً کما نسب البيت و الروح و الأسف الي نفسه سبحانه مع تنزهه تعالي عنها عز ذکره و طهر بيتي للطائفين و القائمين، و نفخت فيه من روحي، فلما آسفونا انتقمنا منهم و ما هو مقتضي الشر و الماهية حيث انه مجعول بالعرض لاينسبه الي نفسه لالي (لا الي ظ) الواسطة في ثبوته و لماکانت الجنة من مقتضيات الخير و النور و الوجود نسب الزيادة فيها الي نفسه الکريمة و قال و لدينا مزيد و ان کانت تلک الزيادة ايضاً من مقتضياتها بحسب طلبها اهلها و لماکانت النار و جهنم من مقتضيات الماهية و الشر و الظلمة نسب الزيادة فيها اليها و الي طلبها للزيادة مازادت بخلاف الجنة فانها مجعولة بالذات و مقصودة اولاً فجميع مقتضاتها (مقتضياتها ظ) منسوبة اليه تعالي دون جهنم و لذا قال تعالي فاما الذين شقوا ففي النار، خالدين فيها بالبناء للمعلوم لبيان ان السعادة من الله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 289 *»

سبحانه و بامداده و توفيقه و الشقاوة منسوبة الي العبد بخذلان الله سبحانه و عدم توفيقه و ان کان الجميع بامر بين الامرين.

و اما عن البحث الثالث فاعلم ان الله سبحانه حيث ان رحمته سبقت غضبه و رحمته المکنونة محض فضل و کرم وجب ان يکون الجنة واسعة بلانهاية و لا غاية لسعة فضله سبحانه و رحمته و اما جهنم فحيث انها مقصودة ثانياً لا اولاً و ابتداء وجب ان يکون علي مقتضي العدل و هي للضرورة التي تتقدر بقدرها و اما الجنة فلايجوز ان تتقدر لانها علي مقتضي کرمه و لا حد و لا غاية له و النار يراعي فيها قابلية العصاة المخذولين فتمتلي باهلها و تنطبق عليهم بخلاف اهل الجنة فکلما يبلغون مقاماً يجدون اوسع و اعظم حتي تخلو ناحية منها من اهل الدنيا فيخلق الله سبحانه خلقاً علي مقتضاها فيسکنهم فيها و لاتزال في الزيادة و الازدياد و ما لها من نفاد و لالسعتها حد و لانهاية و لاغاية و تزداد سعتها آناً فآناً بخلاف النار فانها تمتلي و لاتتسع و لاتزداد سعتها عن ساکنيها فهي منطبقة عليهم و هم منطبقون عليها فافهم و الکلام في هذا المقام طويل و الوجوه في الجميع بين الآيتين کثيرة علي هذا الوجه.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني الاستثناء في قوله عزوجل خالدين فيها مادامت السموات و الارض الا ما شاء ربک.

اقول: حيث ان الله سبحانه لاتتقدر قدرته و لاتحد عظمته کان البدا من لوازم الامکان اظهاراً لکمال قدرته و اثباتاً لمنتهي عظمته و انه سبحانه لايحتم عليه حال يفعل ما يشاء بما يشاء کما يشاء کيف يشاء لا راد لحکمه و لا مانع لامره فهو سبحانه و ان وعد اهل الجنة الخلود و اوعد اهل النار الخلود لکنه سبحانه لايحتم عليه امر و الوعد لمقتضي فضله و عدله و هو سبحانه قادر علي کل شيء و محيط بکل شيء کما قال لنبيه صلي الله عليه و آله و لئن شئنا لنذهبن بالذي اوحينا اليک مع انه سبحانه و تعالي لايفعل ذلک ابداً لکرامته علي الله سبحانه کماقال عزوجل و کان فضل الله عليک عظيماً ولکنه سبحانه اذا فعله

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 290 *»

لايسئل عما يفعل و هم يسئلون و قال ايضاً سبحانه و تعالي و لو شئنا لآتينا کل نفس هديها ولکن حق القول مني لاملأن جهنم من الجنة و الناس اجمعين.

و بالجملة فالله سبحانه يفعل ما يشاء کما يشاء لا راد لمشيته و لا مانع لحکمه و لا منازع لامره لکنه سبحانه لايخلف الميعاد و قد روي ان يونس عليه السلام قد سجد و بالغ و تضرع الي الله سبحانه ان لايعذبه فاوحي الله سبحانه اليه يا يونس ارفع رأسک فاني لااعذبک قال يونس يا رب ان قلت لم‌تعذبني ثم عذبتني ألست عبداً لک فاوحي الله سبحانه اليه يا يونس اني لااخلف الميعاد و بالجملة فالله سبحانه يفعل ما يشاء و لو اراد ان يخرج اهل الجنة منها و اهل النار منها و ادخل اهل الجنة النار و اهل النار الجنة لفعل و لايمنعه مانع و لايسده ساد ولکنه سبحانه لايفعل کرماً و جوداً و تصديقاً لوعده و اثباتاً لحکمته و اقامة لبرهانه و حجته و هذا هو سر الاستثناء فافهم فهمک الله و هذا اعم من جنة الدنيا و الآخرة و نارهما و نعيمهما و اليمهما و جحيمهما و قد روي عن اهل البيت عليهم السلام انهما من جنان الدنيا و نارها کما في تفسير علي بن ابراهيم و اما قوله تعالي و اما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها جنات الدنيا التي تنقل اليها ارواح المؤمنين مادامت السموات و الارض الا ما شاء ربک عطاء غير مجذوذ يعني غير مقطوع من نعيم الآخرة في الجنة و يکون متصلاً به و هنا وجه آخر و هو ان المراد بالجنة في هذه الآية الشريفة ولاية آل محمد عليه و عليهم السلام و النار عداوتهم و ولاية اعدائهم فان السعيد هو الداخل في هذه الجنة اي الولاية الا ما شاء الله اذا خرج عنها و العياذ بالله و اما الشقي فهو الداخل في النار نار العداوة و هي الاصل لنار جهنم و هي فرعها الا ما شاء الله اذا ادرکته السعادة و خرج منها بالايمان لمن سبقت له من الله الحسني و قد روي ان رجلاً قال بمحضر مولانا الصادق عليه السلام اللهم ادخلنا الجنة قال عليه السلام لاتقل هکذا انتم في الجنة سلوا الله ان لايخرجکم منها فان الجنة ولايتنا اهل‌البيت عليهم السلام فاذا کانت الجنة ولايتهم عليهم السلام تکون النار عداوتهم و علي هذا البيان التام يظهر معني الاستثناء جلياً ظاهراً و قد نص علي ما ذکرنا زايداً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 291 *»

علي ما بينا مولانا الصادق عليه السلام کما في الصافي عن تفسير العياشي عنه عليه السلام و ابيه الباقر عليه السلام ان المراد بالجنة و النار في هذه الآية الشريفة ولاية آل محمد عليهم السلام و ولاية اعدائهم و قال الصادق عليه السلام قال الجاهل بعلم التفسير ان هذه (هذا ظ) الاستثناء من الله انما هو لمن ادخل الجنة و النار و ذلک ان الفريقين جميعاً يخرجنان منهما فتبقيان و ليس فيهما احد و کذبوا قال و الله تبارک و تعا لي ليس يخرج اهل الجنة و لا کل اهل النار منها ابداً کيف يکون ذلک و قد قال الله تعالي في کتابه ماکثين فيه ابداً ليس فيه استثناء و هنا وجه آخر قد اشار اليه مولانا الباقر عليه السلام کما في الصافي ان هاتين الآيتين في غير اهل الخلود من اهل الشقاوة و السعادة هـ اما هذا الشقاوة فظاهر فان العصاة من الشيعة اذا ما تکفرت ذنوبهم في الدنيا و عند الموت و البرزخ و اهوال يوم القيامة و الحساب و الصراط يدخلون نار الحظاير ليستوفوا ما يستحقون من العقاب ثم يخرجون منها و يدخلون الجنة بعد ان غمسوا في عين بحر الحيوان و اما اهل السعادة التي  هم في الواقع اهل الشقاوة کاهل الشقاوة التي  هم في الواقع اهل السعادة و هؤلاء قوم من الکفار يفعلون في الدنيا بحسب ما عندهم من لطخ اهل الايمان بعض افعال الخير فيجازيهم الله سبحانه في الدنيا فان لم‌يستوف يخفف عليهم سکرات الموت و ان لم‌يستوف يخفف عليهم اهوال القيامة و ان لم‌يستوف يجعل في النار و يخفف عليه من العذاب مقدار ما يستحقه من غير ان يحس بذلک فاذا استوفي حظه من مقتضي فعل ذلک الخير يزداد عذاباً لانه يضعف له العذاب مقدار قابليته في اصل استحقاقه فيعلم انه قبل ذلک کان في التخفيف و هذا الذي ذکرنا من انواع الملاذ الدنيوية و عزتها و شوکتها و تخفيف سکرات الموت و ما بعده هو عبارة عن الجنة التي يدخل فيه (فيها ظ) الشقي ثم يخرج منها و يدخل في العذاب المقيم نعوذ بالله من (منه ظ) و صح الاستثناء فافهم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 292 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما حقيقة الشفاعة الثابتة لمحمد و اهل بيته عليهم السلام.

اقول الشفاعة عبارة عن جبر الکسير و تتميم الناقص و اعطاء المضطر الحقير و الشفيع انما سمي شافعاً لان نوره من عطائه و جاهه يشفع و يقرن الناقص او المنکسر فيجبره و يتممه و هو لايکون الا ان يکون لطيفته زائدة علي ذاته فان الاشياء علي اقسام ثلاثة منها ما لطيفته ناقصة عن ذاته کالجوامد الغاسقة في الظاهر و الباطن التي ليس لها نور فظهر ذاته و شؤونه فضلاً عن غيره و منها ما لطيفته مساوية لذاته کالجمر مثلاً في الظاهر و الباطن فانه يظهر نفسه و ليس له من النور الزايد ما يظهر غيره و منها ما لطيفته زائدة علي ذاته فينور و يظهر ذاته و غيره کالشمس و السراج في الظاهر و الباطن فبتلک الزيادة التي له يتمم نقصان غيره و يجبر کسره و علي هذا فکل مؤمن له شفاعة لان له نور زايدة (زايد ظ) و تلک الشفاعة تختلف بحسب اختلاف تلک الزيادة فمنهم من شفاعته مختصة بوالديه و منهم من يتعدي الي اقاربه و معارفه و منهم من يتعدي الي العصاة عدد شعر معرفتي کلب و منهم من يشفع بعدد رمل عالج و منهم من يشفع فئاماً و فئاماً و فئاماً الي عشرة او ازيد و کل فئام مائة الف و العالم من علماء اهل البيت عليهم السلام علي رأسه تاج له ارکان و من کل رکن نور ساطع يضيء کل المحشر و يتمسک به کل من اخذ العلم منه و من اخذ العلم ممن اخذ العلم منه و هکذا الي يوم القيامة و الکل يدخلون الجنة و لماکان نبينا صلي الله عليه و آله هو السراج الوهاج في الوجود کله کماقال سبحانه و تعالي يا ايها النبي انا ارسلناک شاهداً و مبشراً و نذيراً و داعياً الي الله باذنه و سراجاً منيراً فلا سراج سواه و لا منير غيره و نفسه صلي الله عليه و آله فنوره صلي الله عليه و آله يفضل کل نور فيتمم کل ناقص و يجبر کل کسير.

و لماکان الامکان لايخلو من نقص و کسر کائناً من کان من نبي و ولي و وصي و صديق و شهيد و عادل و فاسق و مؤمن و کافر و لا نور اعظم من نور محمد صلي الله عليه و آله فهو الشافع المطلق و کل احد محتاج الي شفاعته لايصال الفيض اليه و تتميم نقصانه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 293 *»

في الدنيا و الآخرة و في کل حال و هذا هو حقيقة الشفاعة الثابتة لمحمد صلي الله عليه و آله و لماکان اهل بيته عليهم السلام نفسه و من حقيقته و طينته کانت الشفاعة الثابتة له صلي الله عليه و آله لهم حرفاً بحرف اشهد ان ارواحکم و نورکم و طينتکم واحدة طابت و طهرت الا انهم عليهم السلام محتاجون الي شفاعة النبي صلي الله عليه و آله فيشفع لهم اولا و هم يشفعون لباقي الخلق زايداً علي ظاهريته صلي الله عليه و آله.

و اما کيفية الشفاعة فان الشفيع يصلح قابلية المحتاج الصالح للشفاعة بحسب الاسباب الجاري علينا صنع الحکيم القادر حيث ان الله سبحانه اجري الاشياء باسبابها و ان کان الله سبحانه قادراً علي ان يفعل ما يشاء کما يشاء بما يشاء لما يشاء کما سبق فيصلح القابلية اولاً و يمکنها حتي يقبل الفيض من المبدأ الفياض فتکون الشفاعة علي انحاء مختلفة فقد تکون باعطاء النور من زايد لطيفته اذا کانت القابلية ناقصة لاتتحمل ما يرد عليها من الفيض و النور کماقال الحجة المنتظر عجل الله فرجه و روحي له الفداء في الدعاء للشيعة و ثقل موازينهم بفاضل حسناتنا و هؤلاء يدخلون الجنة بالشفاعة من غير حساب و کتاب و عذاب فان المقتضي موجود و المانع نقصان القابلية لاخلطها باعراض يقتضي تطهيرها و مثاله البلور الصافي اذا لم‌يشرق عليه الشمس لم‌يحصل اللمعان و ظهور الالوان و الاحراق فهو ناقص عن بلوغ هذه الدرجة و تمامها باشراق شمس العناية اليه فالشمس تشفع للبلور بالاشراق حتي تدخله جنة الکمال و الانوار و الاشراق فافهم المثل فانه مطابق موافق فالشمس شمس النبوة و الولاية و قد تکون بازالة الاغيار و رفع الاکدار حتي تتأهل القوابل للاشراق و هذا القسم علي انحاء مختلفة فمنها ما کانت الغرائب و الاعراض في الظاهر من دون السراية الي الباطن و هذا القسم شفاعته اولاً بازالة تلک الغرائب ثم تتميم ما نقص من القابلية بافاضة النور الزائد و اللطيفة الزائدة و هذا النوع يکون بالابتلاء في الدنيا بالاعراض و الکدورات الدنياوية و الهموم و الغموم و الاحزان و الامراض و العزة و الغنا و الاولاد و امثالها و عند الموت

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 294 *»

يصفي و يطهر فيشفع له بتتميم ما نقص منه بالافاضة من النور المعدلة و منها ما کانت الغرائب و الاعراض و المعاصي متمکنة سارية ممزوجة بظاهره و باطنه اي باطن الظاهر و لاتستحق هذا النوع للاشراق عليه بالافاضة الا بازالة تلک الاوساخ اولاً ثم الافاضة الثانية هي الشفاعة الثانية و الازالة التي هي اول الشفاعة في هذا النوع يکون بالعذاب في البرزخ و هم علي انحاء منها التشديد عند الموت فيطهر و منها التشديد في القبر بحضور النکيرين و رومان فتان القبور فيطهر و يستحق الاشراق من عالم الوفاق بالشفاعة الثانية و منها بمقاسات شدايد نار برهوت و اول مشاهدتها فيطهر و منها بالدخول في حظاير نار البرزخ مدة قليلة فيطهر و منها بالبقاء فيها الي نفخ الصور فيطهر و هکذا و الضابط ازالة تلک الاخلان (الاخلاط ظ) الظلمانية الحاصلة من لطخ اهل الکفر و هي تتفاوت بحسب حال المختلطين من الذين خلطوا عملاً صالحاً و آخر سيئاً عسي الله ان يتوب عليهم و عسي موجبة و لابد من ادراک الشفاعة و منها ما کانت الاعراض و الغرائب متمکنة في باطن الباطن و لم‌يطهرها الآلام البرزخية و يمنعها عن قبولها للافاضات الحقيقية و الاشراقات الالهية فيکون تطهيرها في القيامة علي حسب قلة الاعراض و رقتها و غلظتها فتکون الشفاعة هنا في مقامات فمنها بمشاهدة اهوال المحشر و فقره و غربته و وحدته و عدم اطلاعه بما يؤول اليه امره من جنة او نار و منها بمقاسات شدايد القيامة و اهوال المحشر و شدة العرق الي ان يقول يا رب اما الي الجنة او النار و منها بمشاهدة جهنم و اتيانها في المحشر بتلک الصورة الموصولة التي ذکرناها في المسألة الاولي و منها بوقو عه علي الصراط المنصوب علي متن جهنم ادق من الشعر و احد من السيف.

و بالجملة هکذا تجري عليه الاحوال من الاهوال فاذا بقيت لتلک الاخلاط باقية يدخل في حظاير النيران الي ان يتصفي و يطهر فيخرج من النار و يغسل في عين الحيوان و يدخل الجنة و ذلک کله بالشفاعة المحمدية صلي الله عليه و آله و مثال هذه الاقسام الثلاثة البلور اذا کان کدراً کدورة ظاهرية فيمسح بخرقة و ينظف و هو القسم الاول الذي تطهيره في الدنيا و مثال الثاني الذهب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 295 *»

اذا کان مغشوشاً يتصفي اذا برد و صار برادة و مثال الثالث الذهب اذا کان مغشوشاً برصاص و نحاس و غيرهما فلايطهر حتي يذاب بالنار و يزال تلک الغرائب و يخزن بالخزانة فالتصفية لابد منها و لاتکون بالاسباب الا بالاذابة بالنار و الا فالله سبحانه هو القادر علي ما يشاء کما يشاء الا ان الحکمة و اتقان الصنع اورثت ما ذکرنا و شرحنا فالشافع هو الذي يصفي و يجعله صالحاً للخزانة الالهية التي هي الجنة و هذا الذي هو حقيقة الشفاعة و کيفيتها و احوالها.

و اما محلها فهو الذي ارتضاه الله دينه و هو المأذون بالشفاعة له في قوله تعالي و لايشفعون الا لمن ارتضي و قوله تعالي من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه لانا قلنا ان الشفاعة تتميم الناقص و جبر المنکسر فالذي قلبه مؤمن طاهر و عرضته نجاسة الذنوب فيتطهر بالشفاعة و اما نجس العين الذي قلبه معرض عن الله و مصاغ بصيغة الصورة الشيطانية و منصبغ بصبغ الهيئة الابليسية لايمکن تطهيره الا بقلب الماهية و هو محال علي الحق سبحانه في الحکمة و ذلک معلوم واضح و هو قوله تعالي استغفر لهم او لاتستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرة فلن‌يغفر الله لهم.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني تحملهم ذنوب شيعتهم عليهم السلام و الله سبحانه يقول کل نفس بما کسبت رهينة، و لاتزر وازرة وزر اخري، و ان تدع مثقلة الي حملها لايحمل منه شيء الآية.

اقول: اعلم ان الله سبحانه وصف نبيه صلي الله عليه و آله بالرأفة و الرحمة علي المؤمنين حيث صدق عنهم و آمن من قبلهم لما کلفه الله سبحانه بمضمون الآية و هو قوله تعالي ان تبدوا ما في انفسکم او تخفوه يحاسبکم به الله الآية‌ فسلم رسول الله صلي الله عليه و آله و صدق و قبل و الانبياء عليهم السلام کانوا اذا کلفوا بمضمونها يستصعبون التکليف و يمتنعون و يقولون يا ربنا لاتطيق امتنا ذلک فحيث امتنعوا کان سبحانه يلزمهم بذلک التکليف و لما سلم النبي صلي الله عليه و ‌آله و قبل لانه کان حبيباً و من شأن الحبيب ان يأتي بجميع

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 296 *»

ما يريد المحبوب قال سبحانه آمن الرسول بما انزل اليه ثم قال صلي الله عليه و آله عن امته رأفة بهم و رحمة عليهم و المؤمنون کل آمن بالله و ملائکته و کتبه و رسله الآية و من رأفته صلي الله عليه و آله بامته انه لما رأي انهم يرتکبون المعاصي و السيئات و يستوجبون بذلک انواع سخط الله و مقته و کان قد دعا لهم ان يغفر الله ذنوبهم في الآخرة‌و استجاب الله سبحانه دعاؤه وعد ان يغفر لهم في الآخرة و لماکانت المغفرة لهم في الآخرة وجب ان تکون المکافاة و المجازاة في الدنيا فوجب ان يبتلوا بانواع البلايا و المحن و الشدايد و المصائب و النوايب في دار الدنيا فرحم لهم النبي صلي الله عليه و آله و عطف عليهم لعلمه بهم انهم لايطيقون ذلک فنسبهم الي نفسه الشريفة و جعل ذنوبهم ذنبه و نسبها اليه رحمة عليهم و تفخيماً لامرهم کما ان الله سبحانه نسب الأسف الذي هو شأن الحدوث و الامکان الي نفسه لما اسف اولياؤه بقوله تعالي فلما آسفونا انتقمنا منهم و الأسف لايجوز علي الله سبحانه و کذلک رسول الله صلي الله عليه و آله نسب الذنب و المعصية التي هي منزه عنها و لاتجوز عليها الي نفسه و سأل سبحانه ان يجعل البلاء الذي لامته الذين هم شيعة اميرالمومنين عليه السلام الاثناعشرية خاصة لانهم هم امة الإجابة لا غيرهم فجعل نفسه الشريفة و اهل بيته الاکرمين عليهم السلام وقاء و فداء لامته المرحومة و المحن و المصائب التي کانت معدة للامة صرفوها عنهم الي انفسهم الشريفة عليهم السلام رأفة لهم و رحمة عليهم و هو قوله تعالي لقد جاءکم رسول من انفسکم عزيز عليه ما عنتم حريص عليکم بالمؤمنين رؤف رحيم و ذلک من کمال الرأفة و الرحمة بالمؤمنين الذين هم شيعة مولانا اميرالمؤمنين و اهل بيته الطاهرين عليهم سلام الله ابد الآبدين.

و اما ما يرد علي الشيعة من المصائب و الآلام فليس ذلک مجازاة و انما هي لئلايرکنوا الي الدنيا لان الانسان ليطغي ان رآه استغني و لامر آخر نشير اليه في المسألة الآتية ان شاء‌الله تعالي و لاينافي هذا التحمل قوله تعالي و لاتزر وازرة وزر اخري و ساير الآيات التي اشار اليها جنابکم لان الامة المرحومة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 297 *»

بتصديقهم اياه صلي الله عليه و اله و ايمانهم به استحقوا منه صلي الله عليه و آله عظيم العناية و جسيم الرأفة و دفعوا عنهم الشدايد و نسبها الي نفسه کما نسبهم الله سبحانه الي نفسه مع ما هم عليه من الامکان و الحدوث و تنزه الحق سبحانه عنه و کذلک النبي و خلفاؤه عليهم السلام نسبوا شيعتهم الي انفسهم مع ما هم عليه من المعاصي و الذنوب و السيئات فنزلوا انفسهم منزلهم و جري عليهم ما کان بحسب ان يجري عليهم و هو قوله تعالي ليغفر لک الله ما تقدم من ذنبک و ما تأخر و اي ذنب کان لرسول الله صلي الله عليه و آله فافهم فهمک الله.

قال سلمه الله تعالي: و ما فائدة هذا التحمل مع عذاب بعض عصاة الشيعة‌فان وزر المعصية بعد التحمل ان کان موجوداً فلاتحمل و ان کان مغفوراً فکيف يستحق العذاب و ربما ادي هذا المعني بظاهره الي غرور الشيعة و الرخصة لهم في المعصية فهل هو خاص او عام.

اقول: فائدة التحمل ظاهرة و هي دفع العذاب عن رعيته و امته و اللائذين به المنقطعين اليه صلي الله عليه و اله و اما عذاب بعض عصاة الشيعة فاعلم ان المعصية لها سبب و لها اثر اما آثار المعصية التي هي الادبار عن الله سبحانه فهي کل اذية و بلية و ضرر و فقر و فاقة و جريان و خذلان و مرض و سقم و هم و حزن و قتل و نهب و سلب و غصة و ألم و ساير البلايا و المحن و العقوبات و الفتن اما سمعت الله سبحانه يقول الذين يأکلون اموال اليتامي ظلماً انما يأکلون في بطونهم ناراً و سيصلون سعيراً فالذي تحمله الائمة عليهم السلام و رسول الله صلي الله عليه و آله انما هو زوال تلک الآثار و ترتبها علي العاملين لها و المرتکبين اياها و لو يؤاخذ الناس بما کسبوا ما ترک علي ظهرها من دابة فببرکة هذا التحمل عاش الخلق و بقي الوجود و الوجود اما الامة المرحومة التي هي امة الاجابة و هم الشيعة الاثناعشرية فبما تحملوا سلام الله عليهم من ذنوبهم و اما ساير الناس فلاجل اولئک الاطهار لمن الشيعة لتکون لهم انساً و سبباً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 298 *»

لوصولهم و بلوغهم الي مآربهم و مقاصدهم فلاتؤثر تلک المعاصي بظهور آثارها فيهم.

و اما سببها اي سبب المعصية لطخ من ظله انکار اهل الطغيان و اهل الشقاق و قد تلطخت طينة الشيعة بها لما نزلت من شجرة المزن و وصلت الي الارض و قارنت البقلة او الثمرة التي صعدت من سجين حاملة لروح ملعون من الملاعين فلما تمکنت تلک الظلمة‌صارت سبباً لصدور المعصية من الشيعة و الا لم‌تصدر منهم لانهم الطيبون الذين خلقوا من شعاع نور اهل البيت عليهم السلام و من فاضل طينتهم فلايتصور منهم وقوع المعصية ولکن ظلمة اولئک لماتلطخت بهم و تمکنت فيهم صارت سبب معصيتهم فالمصية لمبادي الظلمة و الموجودة بالعرض في هؤلاء الشيعة يد لاولئک الاصول في المعصية فهم المعصية فهم العاصون بايديهم وهي تلک الظلمات الموجودة في اولئک الابرار من جهة اللطخ و من هذه الجهة کانت معاصي الموجودات و سيئاتهم ثابتة برقابهما و هما الفاعلان کما يعترفان بذلک و لماکان يجب عود کل فرع الي اصل کماقال تعالي الخبيثات للخبيثين و الخبيثون للخبيثات و الطيبات للطيبين و الطيبون للطيبات وجب عود تلک الظلمة التي تلطخت بها ظاهر ابدان الشيعة و الارواح المتعلقة بالابدان و لما تمکنت تلک الظلمة و امتزجت بکينوناتهم صار حکمها حکم الذهب المغشوش فوجبت الاذابة لاخراج الفاسد فالعذاب الذي لبعض عصاة الشيعة انما هو لاخراج ذلک الغش و الاعراض التي تمکنت في تلک الکينونات فابتلاؤهم في الدنيا و في البرزخ و القيامة کل ذلک لتصفيتهم عن تلک الکدورات و الظلمات و حيث وجبت تصفيتهم فلابد من العذاب و الاذية لاخراج ذلک الداء عنهم کما انک تکوي نفسک بالنار لمنع صب المواد الفاسدة و دفع الاعراض الغريبة و ما قصدک الا الاصلاح و لاينافي الا بهذه الوجوه و لاحظ تتمة ما ذکرنا …….

(الظاهر انه سقطت من هنا ورقة او اوراق)

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 299 *»

…….. الساعة و ينزل الغيث و يعلم ما في الارحام و ما تدري نفس ماذا تکسب غداً و ما تدري نفس باي ارض تموت و قد قالوا عليهم السلام ان الله سبحانه تفرد بهذه الخمسة لايعلمها سواه و الجمع بين الآية المذکورة و الآيات السابقة و غيرها هو ان العلوم کلها من الله و من عند الله سبحانه و لايعلم الحادث المخلوق شيئاً الا باذنه و تعليمه و مشيته فهو سبحانه المتفرد يعلم الاشياء کلها من غيبها و شهودها و ظاهرها و باطنها و سرها و علانيتها و هو قوله تعالي و لايحيطون بشيء من علمه الا بما شاء فالذي تفرد به الله سبحانه هو العلم کله من الغيب و الشهودين(كذا) ما يعلمه الخلق فانما هو بتعليمه و تبيينه و هو قوله تعالي عن کل الحوادث و الممکنات لا علم لنا الا ما علمتنا فلا تنافي بين الآيات و الروايات و الدليل علي ما ذکرنا من وجه الجمع قوله تعالي عالم الغيب فلايظهر علي غيبه احداً الا من ارتضي من رسول و قوله تعالي و ما کان الله ليطلعکم علي الغيب ولکن الله يجتبي من رسله من يشاء.

فان قلت علي ما ذکرت کل العلوم هکذا فما وجه الاختصاص بالخمسة المذکورة قلت جميع العلوم و الحقايق کلها ترجع الي هذه الخمسة بوجه من الوجوه و نوع من التأويل يعرفه کل من له ادني مسکة في العلم و وجه آخر ان العلم علي قسمين قسم لايجري فيه البداء و قسم آخر يجري فيه البداء و القسم الاول المخصوص بالله و هو العلم حقيقة و اليه يشير قوله تعالي ثم قضي اجلاً و اجل مسمي عنده و قول اميرالمؤمنين عليه السلام لولا آية في کتاب الله لاخبرتکم بما کان او يکون و هو قوله تعالي و يمحو الله ما يشاء و يثبت و عنده ام الکتاب و هنا تفصيل ذکره يؤدي الي التطويل و لاريب انهم عليهم السلام کثر ما اخبروا عن الارحام و في الزيارة و عندکم ما تزداد الارحام و ما تغيض و اما ساعة الموت و الارض التي يموت الشخص فيها فقد علم اميرالمؤمنين عليه السلام رشيد الهجري اياها باضافة علم البلايا و کان عنده علم المنايا و البلايا و هو من بعض الشيعة فما ظنک بالامام و اما نزول الغيث فاخبارهم عليهم السلام بوقوعه و نزوله قبل ذلک مما شاع و ذاع و خرق الاسماع و ملأ الاصقاع مع انه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 300 *»

شيء يعلمه المنجم و الرمال و الجفار و امثالهم بل من الحيوانات ايضاً و قضية کلب ذلک الطحان مشهورة معروفة و اما ما يکسبه الانسان عند فکذلک فقد اخبروا عليهم السلام عن ذلک بما لايحصي و اما الساعة فلايوجد بعد وقت ظهورها و بروزها و قد ذکرنا انهم عليهم السلام يعلمون ما في الکتابين التکويني و التدويني و الذي ما خلقه الله و لم‌يدخل في خزانة من الخزاين الغيبية و الشهودية و ان لم‌يظهر في الکون الجسماني العرضي فلايعلمونه و ذلک هو الغيب الذي لايعلمه الا الله قل لايعلم الغيب الا الله و اما اقدام احدهم عليهم السلام علي القتل و اکل السموم مع علمهم فذلک بامر من الله سبحانه فان ذلک فعل من الافعال و عمل من الاعمال و الله سبحانه يقول عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فاذا کانوا سلام الله عليهم بامر الله يعملون و بمشيته يفعلون فلا تهلکة اذن فانها تعرض النفس في الهلاک سواء کان هلاک الدنيا او الآخرة بغير امر من الله سبحانه فان مخالفة الله سبحانه هي الهلاک الابدي و اما ساعة الله سبحانه فهي الفوز بالسعادة الابدية و ان کان فيها هلاک نفسه الا تري المجاهدين و ما جعل الله سبحانه لاهل الجهاد و الشهداء من الدرجات و حلايل المثوبات فان الجهاد لاشک انه القاء النفس الي التهلکة لکنه لماکان بامر الله سبحانه کانت حيوة ابدية‌و هو قوله تعالي و لاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم الآية فافهم و لاتکثر المقال فان العلم نقطة کثرها الجهال.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في بعض ضعفاء الشيعة المعتقدين في الله سبحانه ما لايجوز عليه کاعتقاد بعض لوازم الجسمية و ما يدل علي تشبيهه بخلقه او تشبيه بعض خلقه به و اکثر عوام الشيعة هذه الازمان علي مثل هذا جهلاً منهم محضاً و لو عرض عليهم الاعتقاد الصحيح قتلوه هل يحکم عليهم بکفر في کلامهم بمثل هذه الاعتقادات او اسلام و هل يعاقبون علي ترک التفقه في الدين ام لا.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 301 *»

اقول: اعتقاد اللوازم اذا لم‌تکن بنية معلومة ينصرف الذهن الي الملزوم ابتدائ بدون تأمل و نظر و فکر کاحضار الشمس عند مشاهدة الشعاع و ذکره و بالعکس لايوجب کفراً بل و لا فسقاً و الا اتسع الخرق علي الراقع و الاختلافات الموجود (الموجودة ظ) بين علماء الاسلام کلها من هذا القبيل کالذي يقول بالاشتراک المعنوي يقول ان القائل بالاشتراک اللفظي يلزمه القول بان البينونة بين الله و بين خلقه عزلة لا بينونة صفة و هو يستلزم ان لايکون خالقهم فيکون الخلق شريکاً مع الخالق کل في جهة الآخر و هو التحديد و الذي يقول بالاشتراک اللفظي يقول ان القائل بالاشتراک المعنوي يلزمه ترکيب الله سبحانه لاستلزام ما به الاشتراک ما به الامتياز و المرکب حادث مخلوق و هکذا الحکم في جميع غالب الاختلافات في غير الفروع التکليفية ان لم‌نقل کلها فلو اعتبرنا اللوازم حکمنا بکفر المسلم اذ قد لايلتفت الي الملزوم و لم‌يخطر بباله ذلک او لايلزم عنده ذلک الي غير ذلک.

و اما اذا تفوهوا بکلام الکفر کان قالوا لله سبحانه شريک او ان له ولد او ليس له کمال او يعرضه النقصان او هو مرکب و امثالها من مخالفة ضرورة الاسلام و تکلموا بها و لم‌يکونوا ساهين و لا ناسين و لا غافلين و ذاهلين و لا نائمين و لا مجانين و لا سفهاء غير راشدين و لا اطفال غير مميزين و غير بالغين و لا في کلامهم متجوزين فيحکم عليهم بما قالوه بلسانهم و لايلتفت الي ما انعقد عليه جنانهم لقوله تعالي و لقد قالوا کلمة الکفر و کفروا بعد اسلامهم فعلق سبحانه الکفر بالقول لا بالباطن و الاعتقاد کما علق الاسلام کذلک في قوله تعالي و لاتقولوا لمن القي اليکم السلام لست مؤمناً و قال في دعاء سحر اللهم ان قوماً آمنوا بالسنتهم ليحقنوا به دمائهم فادرکوا ما املوا الدعاء و قال تعالي اذا جاءک المنافقون قالوا نشهد انک لرسول الله و الله يعلم انک لرسوله و الله يشهد ان المنافقين لکاذبون ثم قال لنبيه صلي الله عليه و آله و لاتکن للخائنين خصيماً و سلوک النبي صلي الله عليه و آله مع منافقي امته صلي الله عليه و آله معلوم ظاهر و لم‌يحکم علي احد منهم بالکفر مع علمه صلي الله عليه و آله بانهم لم‌يؤمنوا او لم‌يصدقوا.

و بالجملة فمناط الاسلام و الکفر الاقرار

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 302 *»

بظاهر اللسان دون ملاحظة القلب و الجنان طابق اللسان او لم‌يطابق بخلاف الايمان فان شرطه استقرار القلب و الرسوخ فيه و لذا قال تعالي قالت الاعراب آمنا قل لم‌تؤمنوا ولکن قولوا اسلمنا و لمايدخل الايمان في قلوبکم فکل من تکلم بما يخالف ضرورة الاسلام دون ما يلزمها فانه يحکم عليه بالکفر و لذا تري المستضعفين نحکم عليهم بالاسلام اذا اجروا کلمة الاسلام و ان لم‌يعرفوا معناها و نحکم عليهم بالکفر اذا اجروا علي السنتهم کلمة الکفر مع ان قلوبهم غير عارفة و ليس لهم برزخ و اما انهم يعاقبون بترک التفقه في الدين فلاشک في ذلک لان طلب العلم فريضة و هو طلب علم الدين و صحة الاعتقاد هذا اذا کان لهم اعتقاد يضر بدينهم و اما اذا لم‌يکن کذلک بل لهم اعتقاد في المرتبة الادني دون العليا فلاعذاب و لا عقاب و انما عذابهم حرمانهم عن ذلک المقام الاعلي و الرتبة القصوي نسأل الله حسن العاقبه و الخاتمة.

قال سلمه الله تعالي: و هل هذه الرواية التي رواها بعض المحدثين انه صلي الله عليه و آله عرج به مائة و عشر مرة (مرات ظ) معتبرة ام لا.

اقول: روي ثقة الاسلام في الکافي انه سأل ابوبصير اباعبدالله عليه السلام کما عرج رسول الله صلي الله عليه و آله فقال مرتين و هذا الحديث الذي ذکر جنابک عن بعض المحدثين ماوقفت عليه و لعلها صحيحة واقعية اذ لا منافاة لکرامة النبي صلي الله عليه و آله علي الله سبحانه و اراد تشريفه صلي الله عليه و آله بمشاهدة آياته و ظهور انوار عظمته و تشرف الموجودات کافة بقرب ظهوره صلي الله عليه و آله لها في مقام القطبية و الا ففي المقام الاعلي کل الوجود بالنسبة اليه صلي الله عليه و اله سواء ليس شيء اقرب اليه من شيء و الوجه في هذا العدد الخاص ان الاکوان الثلاثة التي هي اللاهوت و الناسوت و الواسطة الجامعة بينهما قد ظهرت فيها اي في کل منها القبضات العشر فصارت ثلاثين ثم ظهرت في کل من الثلاثين الطبايع الاربع و ذلک مائة و عشرون فعروجه صلي الله عليه و آله بعدد مراتب الوجود المنشعبة المتحققة من فاضل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 303 *»

مراتبه و الجمع بين هذه الرواية و ما تقدم من رواية الکافي ان المرتين عبارة عن العالمين عالم الغيب و عالم الشهادة عالم الاجمال و التفصيل فلا منافاة.

قال سلمه الله تعالي: و ما وجه الجمع بين ما ورد من فضيلة العزلة و الفرار من الناس و عدم التعرف لهم و بين ما ورد من فضيلة الاخاء والالفة وهي لاتحصل الا من طريق المخالطة و التعرف.

اقول: الاخاء و الالفة و المزاورة و اجتماع الاخوان بعضهم مع بعض من اعظم القربات و اشرف المرغبات المندبات و هي تقدم علي کل شيء بعد الفرايض الواجبات و لاريب في ذلک ولکن هذه الالفة لابد لها من محل و هي الثقة الامين الورع الذي يذکر الله رؤيته و تزيد في علمک و يکون سبباً لرغبتک الي الطاعات و التجنب عن المعاصي و السيئات و الزيادة في علمک و معرفتک و بلوغک في معرفة التوحيد و النبوة و الولاية و مقتضياتها الي الدرجة القصوي و المرتبة العظمي فاذا حصل من بهذه الصفات او دونها لکنه مستور لادراک العلوم و المعارف و اکتساب الکمالات فعليک بمعاشرتهم و مخالطتهم حتي تعلمهم او تتعلم منهم.

و اما اذا کان الامر بخلاف ذلک کما هو شأن اهل هذا الزمان و العصر الذي غصب فيه حق آل‌محمد صلي الله عليه و عليهم من شيوع المکر و الحقد و الحسر (الحسد ظ) و البغض و الغش و الخيانة و سوء السريرة و غيرها من الملکات الخبيثة و الاخلاق القبيحة الردية و کثرة المعاصي و شيوعها و عدم الوفاء و الصفاء و انطواء الباطن علي الغل و الغش فيجب الفرار و العزلة و عدم التعرف معهم و الي امثالهم اشار عليه السلام بقوله افرر من الناس فرارک من الاسد و قوله ان استطعت ان تکون علي قلة جبل فافعل و قد قال رسول الله صلي الله عليه و آله سيأتي زمان علي امتي لايسلم لذي دين دينه حتي يفر من شاهق الي شاهق و من حجر الي حجر الي ان قال صلي الله عليه و آله ففي ذلک الوقت تحل العزوبة و الحديث طويل فقلت بعض معناه و الکلام في هذا المقام طويل و وقتي قصير و الاشارة لجنابکم کافية فعلي هذا البيان ارتفع التناقض بين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 304 *»

الروايات و الله سبحانه اشار الي ما ذکرنا اوضح اشارة و اجلاها و هو قوله تعالي و نزعنا ما في صدورهم من غل اخواناً علي سرر متقابلين فمع وجود الغل يجب الاعتزال و الفرار و عند نزوعه تجب الاخاء و الالفة.

قال سلمه الله تعالي: و رأيت في بعض کلامکم استدلالاً علي تناکح اهل الجنة البرزخية انهم ينکحون الحور في القصور و اما النساء المؤمنات فمؤخر نکاحهن الي الآخرة و استدللتم علي ذلک بقوله تعالي و لمن خاف مقام ربه جنتان مدهامتان الي قوله تعالي فيهن خيرات حسان حور الآية مع انه ورد في الکافي انهن صوالح المؤمنات قال قلت حور مقصورات في الخيام قال يعني بيض مکنونات في خيام الدر و الياقوت و المرجان فظاهره ان حور بيان لا صفة.

اقول: الاحاديث في تفسير هذه الآية الشريفة مختلفة کلها مرادة بحسب المقامات فکما ورد انهن صوالح المؤمنات ورد ايضاً انهن الحور کما ذکرنا کما في تفسير علي بن ابراهيم فيهن خيرات حسان قال جوار نابتات علي شط الکوثر کلما اخذت منها واحدة نبتت مکانها اخري هـ و في الکافي عن الصادق عليه السلام انه سئل عن قول الرجل للرجل جزاک الله خيراً ما معني (يعني ظ) به قال عليه السلام ان خيراً نهر في الجنة مخرجه من الکوثر و الکوثر مخرجه من ساق العرش عليه منازل الاوصياء و شيعتهم و علي حافتي ذلک النهر جوار نابتات کلما قلعت منها واحدة نبتت اخري سمين باسم ذلک النهر و ذلک قوله تعالي فيهن خيرات حسان الحديث فاذا اختلفت الروايات فالکل مراد لان وجوه القرآن کثيرة لاتحصي فظاهر القرآن مراد کباطنه و مقتضي الظاهر هو الذي ذکرنا و هو الذي ذکره عليه السلام و الوجه الآخر ايضاً مراد فتحمل الجنتان ح علي جنان الآخرة فتکون من المراد من الحور فلا منافاة.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 305 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا لو کان احد شاهدي الطلاق فاسقاً باطناً هل يجوز له التزويج بتلک المطلقة ام لا؟

اقول: يعتبر في الطلاق الاشهاد و الشاهد لابد ان يکون عادلاً عند المطلق لا غير فاذا اعتقد الرجل الزوج عدالة الرجل (و ظ) وثاقته صح طلاقه و ان کان المشاهد (الشاهد ظ) في الواقع فاسقاً و ليست الاحکام منوطة بالامور الواقعية الاولية بل الواقعية عند المکلف فاذا اعتقد المکلف بايقاع الطلاق عدالة الشاهد يوقعه عنده و يقع الطلاق فيجوز للشاهد اذا کان فاسقاً باطناً التزويج بتلک … لصحة طلاقها نعم ذکر شاذ من اصحابنا ان الشاهد اذا لم‌يکن عادلاً في نفسه و اعتقاد الناس فيه العدالة و الخير لايجوز ان يدخل نفسه في الشهود و يظهر عدم الاعتداد بعدالته و هو قول ضعيف جداً لا انه اذا اعتقد المطلق عدالته و اوقع الطلاق يقع خلل في الطلاق.

قال سلمه الله تعالي: و هل يجوز الصلوة للرجل مصاحباً لقارورة فيها نجاسة او خرقة في جيبه لاتستر العورة نجسة او صرة في جيبه نجسة ام لا.

اقول: الاصح الاظهر ان النجاسة الممنوع فيها الصلوة هي التي تصيب الثوب و البدن و اما حمل النجاسة اذا لم‌تسر اليهما کالقارورة اذا کانت فيها نجاسة و رأسها مشدود بحيث لاتصيب النجاسة الثوب و البدن فلم‌يدل عليه دليل اصلا و علي مدعي ذلک البيان و اني له ذلک و بالجملة فحمل النجاسة و المتنجس سواء کان ملبوساً او غيره تجوز الصلوة معه و لاتبطل بحال و اما الخرقة التي لاتستر العورة و کلما لاتتم الصلوة فيه وحدة (وحده ظ) فلا خلاف في صحة الصلوة فيها اذا کانت نجسة و ان اختلفوا في اشتراط کونه اي ما لاتتم الصلوة فيه وحده کالتکة و القلنسوة او الجورب و امثالها في محلها و ان کانت في غير محلها تبطل و عدمه و ضعف القول الاول اظهر لا نها اذا لم‌تکن في محلها کانت بحکم المحمول النجس تصح الصلوة فيه فلافرق بين ان تکون في محلها ام لا.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 306 *»

قال سلمه الله تعالي: و هل تجوز الصلوة في الخيمة المغصوبة مع اباحة ارضها ام لا.

اقول: اذا کانت الارض مباحة فلا مانع للصلوة عليها سواء کان السقف مباحاً او مغصوباً لعدم ارتباط السقف بشيء من افعال الصلوة و الارض مباحة و الهواء المکتف مباح و التصرف انما يقع عليهما دون السقف و ذلک واضح معلوم.

قال سلمه الله تعالي: و هل تکره صلوة المرأة بجنب الرجل ام يحرم و کذا امامه.

اقول: قد اختلف الاصحاب في ذلک الاصح الاظهر بعد التبع التام لمظان الادلة‌ الکراهة و الحرمة و الفاصلة المعتبرة و هي عشرة اذرع بينهما لدفع الکراهة و ازالتها لا الحرمة فحينئذ اذا صلي اصرهما الرجل اي الرجل و المرأة يجب احدهما او امام الرجل من دون الفاصلة المعتبرة فالصلوة صحيحة الا ان المتأخر اتي المکروه سواء کان رجلاً او امرأة دون المتقدم فان سبقت المرأة الي الصلوة لايجوز الرجل ان يصلي بجنبها اما کراهة او حرمة و کذلک العکس.

قال سلمه الله تعالي: و هل فرق في القرطاس الجائز السجود عليه بين کونه حريراً او کتاناً او غير ذلک ام لا.

اقول: لا فرق في ذلک کله لان القرطاس لايتخذ الا من الملبوس و هو لاتجوز الصلوة عليه و قد خرج عن الحکمة اي حکم ما يصح السجود عليه بالدليل فان السجود لايجوز الا علي الارض او ما نبت منها غير مأکول و لا ملبوس عادة و القرطاس لايتخذ الا من جنس الملبوس فالدليل دل جواز السجود علي القرطاس فکلما يصدق عليه هذا الاسم وجب صحة السجود عليه متخذاً من اي شيء کان و الفرق ضعيف جداً لايعبأ به.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 307 *»

قال سلمه الله تعالي: و هل تسقط الوتيرة في الضر ام لا.

اقول: قد اختلف العلماء في ذلک لتصادم الادلة و تعارضها و الاصح عندي انها لاتسقط الا انها مکروهة في الضر کراهة العبادات.

قال سلمه الله تعالي: هل يجوز لمن عليه الفوائت ان يصلي الحاضرة في اول وقتها.

اقول: في هذه المسألة اقوال منتشرة منها مشهورة و منها غير مشهورة و الاصح القول بالتوسعة فيصح الحاضرة في اول وقتها و تصح النوافل لمن عليه القضاء الا ان المستحب تقديم القضاء بحکم المسارعة و للروايات الناصة بذلک.

قال سلمه الله تعالي: و هل يجوز شرب الخمر للتداوي به ام لا.

اقول: لايجوز شرب الخمر و لو للتداوي و لو انحصر الدواء به و لو جوز شربها طبيب حاذق لاستفاضة الروايات و تواردها و ما يعارضه من العمومات تخصص بها و الروايات الخاصة لاتعارضها لضعفها و قوة ما يعارضها و صحتها و طرحتها و لايسعني الآن ذکرها و شرحقها لضيق المجال و تبلبل البال و تعارض الاحوال.

قال سلمه الله تعالي: هل تبيين (تبين ظ) المطلقة ثلاثاً بينها رجعتان في مجلس واحد ام يشترط تعدد المجلس.

اقول: اذا تخللت الرجعة بين الطلاقين مع الشرايط و تحقق الطلاق بشرطه تحصل البينونة و لايشترط الجماع بعد الرجعة فعلي هذا لايشترط تعدد المجالس بل اذا طلق ثم راجع قاصداً للرجوع ثم طلق ثم راجع عامداً قاصداً فالطلاق صحيح کالرجعة و تحصل البينونة و لاتحل له حتي تنکح زوجاً غيره.

قال سلمه الله تعالي: هل يقع الطلاق منفرداً مع البذل بايناً ام لا.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 308 *»

اقول: ان کان المراد من هذه العبارة ‌اجراء الصيغة بان يقال فلانة طالق بکذا و تقول المرأة او وکيلها قبلت و يسبق السؤال منها و لايذکر الخلع في الصيغة فالطلاق صحيح واقع و لايحتاج الي ذکر الخلع فيقع بائناً اذ ليس في الخلع صيغة مخصوصة علي الاصح و ان کان المراد ان الطلاق التباين (الباين ظ) يقع بالطلاق بالعوض منفرداً و ان تجرد عن الکراهة او عن الالفاظ المخصوصة فهذه الصورة و ان جوزها الشهيد الثاني (ره) في المسالک و شرح اللمعة و قال انها تبين بالعوض و ان تجود عن الکراهة فزاد قسم لآخر في الطلاق الباين و جعل اقسامه سبعة مع الاتفاق انها ستة ولکنه مخالف لصريح الآية و الروايات کلها و قد سبقه الاجماع و لحقه و ذکر سبطه في شرح النافع انه لا موافق له في ذلک و بالجملة فهذه الصورة لاتبين بها المطلقة و الطلاق بالعوض ليس الا الخلع او المباراة و لا ثالث هنا هل يقع الطلاق رجعياً او يقع باطلاً قولان و الاول هو الاشهر لايبعد ان يکون هو الاصح و عليه فلايملک الزوج العوض و لايحل ان يأخذ منها شيئاً مع تلايم الاخلاق او عدم کراهة الزوجة و هو قوله تعالي و لايحل لکم ان تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الا ان يخافا ان لايقيما حدود الله فان خفتم ان لايقيما حدود الله فلاجناح عليهما فيما افتدت فاذا وجبت کراهة الزوجة في الخلع فهل يکفي مطلق الکراهة او مع التلفظ بالالفاظ المخصوصة کان تقول لااطيع لک امراً و لااذنن بغير اذنک و لاوطأن فراشک من لاتحب و لاتجمع رأسي و رأسک مخدة و امثالها من الالفاظ و الاقوال الداله علي الکراهة و الثاني هو الاصح و لذا ربما يحصل البذل من الزوجة و لايقع منها تلک الکلمات فيشکل الخلع و حصول البينونة بل الاصح عدم الوقوع.

و اعلم ان البينونة کما تحصل بذکر الطلاق بالعوض منفرداً في الصيغة تحصل بذکر الخلع بدون اتباعه بالطلاق فيکفي اذا قال خالعها بکذا او هي مختلعة و لايحتاج ان يقول بعده فوراً فهي طالق ثم ان الذي ذکرنا في اول الکلام ان الخلع ليس له صيغة مخصوصة ليس مرادي انه يقع بکل صيغة تدل علي الفراق بل المراد ما اشتق من مادة الخلع و لايختص بکونه علي صيغة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 309 *»

الماضي کما زعم بعضهم بل يصح علي الماضي و الاسم و اما لفظ الطلاق فذلک جاز في الخلع علي الاصل فان الطلاق لايقع الا بالقول بان فلانة طالق و لايقع بالکنايات الا ان الطلاق بالعوض جوز الشارع ايقاعه بلفظ الخلع فافهم موفقاً.

قال سلمه الله تعالي: و في الخبر ان الله عوض الحسين عليه السلام عن قتله بثلاثة اشياء اجابة ‌الدعاء تحت قبته و الشفاء في تربته و الائمة عليهم السلام من ذريته ما المراد بالقبة و ما حد التربة تفضلوا علينا بالافادة و لا تمنعونا من حسن الرفادة ختم الله لنا و لکم بالسعادة و رزقنا و اياکم الحسني و الزيادة و السلام عليکم و رحمة الله و برکاته.

اقول: ان الذي يظهر لي ان القبة هي حد الحاير و هو القبة المرتفعة من الارض الي السماء و لو کان المراد منها القبة‌ المعروفة ماصح و ما انضبط لان القبة تتفاوت و تکبر و تصغر و حد الحاير و ان کان المشهور بين الاصحاب انه خمسة و عشرون ذراعاً الا ان الاصح عند الحقير کما هو الاحوط عشرون ذراعاً کماقال عليه السلام و اما حد التربة الحسينية علي مشرفها آلاف التحية و الثناء فاربعة فراسخ و هي ارض کربلا علي الاصح و السلام عليکم و رحمة الله و برکاته.

ثم الحق سلمه الله تعالي بالمسائل المتقدمة مسائل.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني ما ورد في الزيارة السلام علي نفس الله القائمة فيه بالسنن فقد يتوهم منه الاتحاد.

اقول: ان الامام عليه السلام نفس خلقها الله سبحانه و ادبها و شرفها و عظمها و کرمها فوجدها کما برأها و انشأها من اختصاصها به سبحانه و عدم الالتفات الي ما سواه و الاعراض عما عداه کماقال تعالي و من عنده لايستکبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبحون الليل و النهار لايفترون

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 310 *»

فخصها الله سبحانه بنفسه اجلالاً و تعظيماً و تشريفاً و تفخيماً کما نسب البيت الي نفسه و الروح الي نفسه فان الکعبة بيت الله کماقال تعالي و طهر بيتي للطائفين و نفخت فيه من روحي و نسب سبحانه الأسف الراجع الي الامام الي نفسه و قال فلما آسفونا انتقمنا منهم و قال الصادق عليه السلام ان الله لايأسف کأسفنا ولکنه خلق لنفسه اولياء جعل أسفهم أسفه و رضاهم رضاه و سخطهم سخطه نقلت معني الحديث فاذا کان الامر کما عرفت فاميرالمؤمنين عليه السلام لما کان کذلک نسب الي الله سبحانه فقيل نفس الله يعني هو نفس مختصة بالله لان الاضافة لامية و اللام الاختصاص (للاختصاص ظ) و التمليک فهو عليه السلام نفس لله قائمة بالسنن اي بالآداب الالهية في الله يعني لله کما قيل الحب في الله و البغض في الله اي لله فاميرالمؤمنين عليه السلام هو القائم في الله اي في ولاية الله و الله لانه يد الله بالسنن الالهية و الوظائف الربانية فتقدير الکلام انه عليه السلام نفس الله القائمة لله علي کل نفس و شيء بالسنن و القائم بالشيء هو المتولي عليه و الناظر اليه فلو قال نفس الله القائمة بالسنن دل علي الاستقلال و لو قال نفس الله القائمة فيه و لم‌يذکر بالسنن دل علي عدم الحکمة و انهم عباد مکرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون فبهذه العبارة بين انه عليه السلام ولي الله المتصرف في الاشياء و هو لله اي عبده و مملوکه لايقدر لنفسه نفعاً و لا ضراً و لا موتاً و لا حيوةً و لا نشوراً و جميع افعاله عليه السلام جارية علي سنة الله تعالي و طريقة حکمته و امره و تدبيره فابطل التفويض و الاستقلال و الاهمال و اثبت الولاية لله و اثبت انه عليه السلام سبب کل ذي سبب و مسبب الاشياء من غير سبب فافهم الاشارة تصريح (بصريح ظ) العبارة و تعيها اذن واعية.

 و ما ذکرتم من انه قد يتوهم الاتحاد فجوابه انه لايلزم ذلک بعد ما عرفت ان عيسي روح الله فان الاضافة دليل المغايرة و مدعي الاتحاد مطالب بالدليل و الاجل (الاصل ظ) في الاضافة ان تکون لامية و اللام للتمليک فاين الاتحاد و ذلک معلوم ظاهر ان شاء الله تعالي.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 311 *»

قال سلمه الله تعالي: و هل يمکن الوصول الي اسرار بعض افعال الحج التي لولا وجوب الامتثال ربما کاعت عنها الانفس فان بعض الاکابر اعترف بالعجز عنها و قال انه لامجال للعقل فيها.

اقول: لاشک انه يمکن الوصول الي ذلک فان الله سبحانه خلق الخلق لاظهار حکمته و تبيين قيومته و اتقانه صنع الاشياء و ابرازه سبحانه حسن تدبيره في مظاهر الصفات و الاسماء و جعل سبحانه الشرايع التي هي مقتضي امره الثانوي التشريعي الذي هو علي طبق امره الاولي التکويني شرحاً لتلک الحکمة و بيان (بياناً ظ) لظهور تلک القدرة لان امره سبحانه واحدة کما افصح عنه قوله سبحانه و ما امرنا الا واحدة و ماخلقکم و لابعثکم الا کنفس واحدة فوجب ان يکون جميع ما رتبه في الشرعيات من انحاء العبارات و الوظايف و الاعمال و الاقوال و الحرکات و السکنات و اطوار المعاملات من العقود و الايقاعات کلها علي نظم طبيعي و حکم وجودي مبني علي حکم الهية اذا اطلع عليها العارف الخبير و المطلع البصير نکير (يکثر ظ) خضوعه و خشوعه و ينقطع بکله الي معبوده و يتوجه اليه بسره و علانيته لتشمله العناية و تصعد به الي اقصي الغاية ولکن الناس في نزولهم و تعلقهم بالادناس و استبدالهم الادني بالذي هو خير نسوا ربهم فانساهم انفسهم فنسيهم نسوا الله فنسيهم، نسوا الله فانساهم انفسهم اخفيت عليهم تلک الاسرار و حرسوا (حرموا ظ) عن الاستنارة و الاستضاءة بتلک الانوار و الا مجمع الاحکام الشرعية مبنية علي حکم واقعية و مصالح غيبية و اسرار شهودية قد ذکرنا بعض تلک الاسرار و الحکم و الامور … الکلم في جواب مسألة السائل علي اسرار الصلوة و الصوم و الزکوة و الخمس و الحج و قد بسطنا القول فيها بما لم‌… احد فيما اعلم و ذکرت بعض اسرار الحج مما وصل الينا من اهل البيت عليهم السلام فاطلب تلک الرسالة تجدها وافية ان شاء الله بمطلوبک و مرادک و الله سبحانه يوفقک بفهمها و ادراکها.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 312 *»

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا و مولانا لو ان رجلاً وکل زوجته علي طلاقها و نذر ان عزلها عن الوکالة فعليه مائة دينار او طلق رجعياً و نذر ان رجع فعليه هذا المبلغ مثلا فهل ينعقد النذر في الحالين ام لا و کذا اليمين.

اقول: النذر لايتعلق الا علي الراجح من واجب او مندوب و الطلاق قد يعرض له الوجوب کما في الظهار و الايلاء لانه يجب عليه اما الکفارة و الفيء و الطلاق و قد يعرض له الاستحباب کما اذا وقع الشقاق و الکراهة بحيث لايرجي اجتماعهما و لا ايتلافهما ففي هاتين الصورتين اذا وکل و نذر ان لايعزله ينعقد النذر و يحنث ان خالف و اما فيما سوي هاتين الصورتين کما اذا کان حراماً کالطلاق مع عدم اجتماع الشرايط او مکروهاً کالطلاق عند تلايم الاخلاق فلاينعقد النذر و لايجب الوفاء به و هذا کله اذا قلنا بجواز وکالة الزوجة عن الزوج علي طلاق نفسها فان الاصحاب قد اختلفوا في هذه الوکالة فذهب الشيخ و ابن ادريس الي عدم جواز التوکيل و اکثر الاصحاب علي الجواز و المسألة‌غير خالية من الاشکال و الاحوط عدم ايقاع هذه الوکالة و ان کان الجواز لايخلو من قرب و اما الرجوع فحيث انه مباح لم‌ينعقد به النذر نعم ينعقد به اليمين الا ان يکون الرجوع في حقه مرجوحاً فينعقد النذر ح.

قال سلمه الله تعالي: و ما يقول سيدنا في انسان وقف نخلاً او غيره علي شخص معين و ذريته علي ان يقرأ کل يوم جزءاً مثلاً من القرآن و قبل هل يجب علي ذريته الموقوف عليهم القبول ام يجوز لهم رده و لو لاستقلال حاصله.

اقول: ان کان الوقف علي قراءة القرآن لنفسه فالوقف باطل لکونه وقفاً علي النفس و ان کان وقف عليهم و شر(شرط ظ) القراءة و قبل البطن الاول فلاشک في صحته و وجوب التزام البطن الثاني و البطون الآتية بذلک قل محصوله او کثر مع ان الاقرب عدم اشتراط القبول و الرضا من الموقوف عليهم بل يکفي الايجاب من الواقف سواء کان وقفاً الي جهة عامة او خاصة ففي المسألة‌ ثلاثة اقوال احدها لزوم القول مطلقاً لکون الوقف من العقود و العقد

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 313 *»

لايکون الا بايجاب و قبول و ثانيها عدم لزوم القبول مطلقاً للاصل لان الوقف کالاباحة و لانه فک ملک فيکفي فيه الايجاب کالعتق و منع کونه من العقود المصطلحة و ثالثها التفصل بين ما اذا کان لجهة خاصة فيتشرط القبول و اما اذا کان لجهة عامة فلايشترط و المستفاد من الاخبار و الادلة هو الثاني و هو الاوسط لانها مشتملة علي الايجاب و لا ذکر للقبول فيها و بالجملة علي الاقوال کلها لايعتبر قبول البطن الثاني و لا رضاه لتمامية الوقف قبله فلاينقطع و لان قبوله لايتصل بالايجاب فلو اعتبر لم‌يقع کساير العقود اللازمة بل الاجماع قائم علي عدم اعتبار قبول البطن الثاني و قال مولانا العسکري عليه السلام الوقوف علي حسب ما يقفها اهلها هـ و ذلک معلوم ان شاء الله تعالي.

قال سلمه الله تعالي: و الاخير (الاجير ظ) علي صلوة او صوم مع الاطلاق هل يجب عليه التعجيل ام لا و لو تراخي کثيراً و الحال هذه ثم صلي هل يستحق الاجرة ام لا و علي الثاني هل يجب علي الاجير مع فقد المستأجر التصدق بها عن الميت و الاستيجار بها ثانياً.

اقول: قال الشهيد الثاني (ره) في المسالک اعلم ان الشهيد (ره) حکم فب بعض تحقيقاته ان الاطلاق في کل الاجارات يقتضي التعجيل و انه يجب المبادرة الي ذلک الفعل فان کان مجرداً عن المدة خاصة فبنفسه او لا فهو مخير بينه و بين غيره فيقع التنافي بينه و بين عمل آخر في صورة‌ المباشرة و فرع عليه منع صحة الاجارة الثانية في صورة التجرد عن المدة مع المباشرة کما يقع في الاجير الخاص الي ان قال (ره) و لاريب ان ما ذکره احوط و ان کان وجهه غير ظاهر لعدم دليل علي الفورية و عموم الامر بالايفاء بالعقود و نحوه لايدل مطلقه علي الفور عندهم و عند غيرهم من المحققين سلمنا لکن الامر بالشيء انما يقتضي النهي عن ضده العام و هو الامر الکلي لا الافراد خاصة سلمنا لکن النهي في غير العبادة لايدل علي الفساد عندهم الي ان قال و يتفرع علي ذلک وجوب مبادرة‌ اجير الصلوة الي القضاء بحسب الامکان و عدم جواز اجارة نفسه ثانياً

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 314 *»

قبل الاتمام انتهي اقول و الاقرب ما ذکره الشهيد رحمه الله لان الامر علي المذهب الصحيح يدل علي الفور فوجب التعجيل و المبادرة بالايفاء بالعقود و يؤيد قوله موثقة اسحاق بن عمار قال سألت اباابراهيم عن الرجل يستأجر الرجل باجر معلوم فيعجله في ضيعة فيعطيه رجل آخر دراهماً و يقول اشتر بها کذا و کذا و ماربحت بيني و بينک فقال عليه السلام اذا اذن له الذي استأجره فليس به بأس و هذه الرواية‌ کماتري صريحة في المطلوب فتخصيص هذا بالاجير الخاص يحتاج الي دليل و اذ ليس فليس و قوله رحمه الله ان النهي في غير العبارات لايستلزم الفساد قد هدمنا ارکانه و زعزعنا بنيانه في کثير من مباحثاتنا و اجوبتنا.

و اما قوله ان الامر بالشيء يستلزم النهي عن ضده العام فصحيح و اللازم منه صحة الاجارة الثانية و ان فعل حراماً فحينئذ فلو تراخي کثيراً و لم‌تشترط عليه مدة معينة فعل حراماً و الظاهر ان الاجارة لم‌تفسخ و يستحق الاجرة و في الموضع الذي تفسخ الاجارة کما اذا کان اجيراً يؤدي العمل المذکور في مدة معينة ثم لم‌يأت به في تلک المدة فتبطل الاجارة و يجب علي الاجير ان يسلم الاجرة اذا اخذها الي الحاکم الشرعي او وکيله و هو يتفحص عن المستأجر و يوصلها اليه و عند فقده و جهل حاله و اليأس من بلوغ خبره يعمل ما يري و ما يؤدي اليه نظره و لايجوز التصدق بها عن الميت و لا الاستيجار بها ثانياً اذ لا نيابة ‌لهذا الاجير و لا ولاية.

قال سلمه الله تعالي: و هل له ان يصلي مثلاً صبح الشهر اولاً کملاً ثم ظهره کذلک ام لا.

اقول: هذه الصورة في اصل الشرع يجوز بالنسبة الي الاجير اذ لايشترط فيه الترتيب ولکن الاجارة اذا کانت مطلقة يتصرف الي المتعارف المعلوم و هو الاتيان بها ترتيباً.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 315 *»

قال سلمه الله: و لو تعذرت ازالة النجاسة عن البدن لضيق الوقت هل يجوز له الصلوة في الثوب النجس مع امکان الطاهر ام لابد منه اذا امکن و اذ سرت نجاسة البدن اليه.

اقول: اذا لم‌يمکنه ازالة النجاسة عن الثوب و البدن و امکن ابدال الثوب النجس بالطاهر بحيث لاتسري اليه النجاسة يجب ذلک لانه مکلف بازالة النجاسة عن الثوب و البدن فاذ لم‌يتمکن من الجميع يأتي بما يستطيع لقوله عليه السلام اذا امرتکم بامر فأتوا منه ما استطعتم و اما اذا کانت النجاسة‌تسري في الثوب الطاهر فلا فايدة في الابدال اذ لايؤثر شيئاً في ازالة النجاسة و لا في تحقيقها.

قال سلمه الله تعالي: و هل يسقط الاذان و الاقامة عن مريد الصلوة اذا دخل و قد صلت الجماعة و لم‌يتفرقوا مطلقاً ام في المسجد خاصة.

اقول: الظاهر ان الحکم المذکور مخصوص المسجد دون غيره و کان شيخنا اعلي الله مقامه يذهب الي ان الحکم المذکور لاجل الامام لا لخصوص المکان و الاحتياط مطلوب في الشريعة.

قال سلمه الله تعالي: و لو بقي عن انتصاف الليل مقدار اربع رکعات هل يجب عليه تقديم المغرب ثم لا شيء عليه ام عليه مع ذلک قضاء المغرب من بعد.

اقول: الاصح ان الوقت المختص بالعشاء مقدار اربع رکعات عن نصف الليل فاذا کان هذا المقدار هو الوقت المختص بالعشاء فلايجوز ايقاع غيرها في الوقت المختص به و يجب ان يصلي العشاء اداء و يقضي المغرب.

قال سلمه الله تعالي: و هل تجوز الصلوة في فرو السنجاب ام لا.

اقول: الاظهر الاستر(الاشهر ظ) جواز الصلوة فيه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 316 *»

قال سلمه الله تعالي: و لو کان له ملک في بلد قد هجرها و اتخذ غيرها دار اقامة هل يتم بمجرد الوصول اليه ام لابد من نية الاقامة.

اقول: لو کان في البلد الذي له ملک قد استوطنه ستة اشهر بمعني انه اتم الصلوة في هذه المدة متي ما وصل اليه و الملک باقي يجب عليه التمام و ان هجرها و اتخذ غيرها دار اقامة اذ لايشترط فيه الاستيطان بل يکفي فيه مع الملک اقامة ستة اشهر و الظاهر انه لايشترط فيها التوالي بل يکفي و لو کان متفرقة فاذا تحققت هذه الشرائط يتمم صلوته بمجرد الوصول الي ذلک البلد و ذلک المکان و لايحتاج الي نية‌ الاقامة الا اذا انتفي الملک و انتقل الي غيره فانه ح ينقطع هذا الحکم و لايجوز له اتمام الصلوة الا بعد حصول احدي قواطع السفر من اقامة العشرة او ثلاثين يوماً: متردداً او قصد التوطن او کثرة‌ السفر و امثال ذلک.

قال سلمه الله تعالي: و لو فاتت الصلوة في احد المواضع الاربعة فقضيت في احدها هل يتحتم التقصير ام يبقي التخيير.

اقول: بل يتحتم التقصير لان ثبوت التخيير انما هو مادام في ذلک المکان و اما اذا خرج عنه فلا.

قال سلمه الله تعالي: و هل وجوب القصر خاص بالسفر ام و في الحضر.

اقول: لايجوز القصر الا في السفر و هو القصد الي اربعة‌ فراسخ ذهاباً و اربعة فراسخ اياباً و لايجيک لعود (لايجب العود ظ) و الاياب ليومه بل يتحقق السفر و لو کان العود قبل العشرة فلو قصد اربع فراسخ ذهاباً و لم‌ينوي العود يجب عليه التمام و لو صلي في اثناء الطريق لعدم تحقق السفر فانه لايتحقق الا بثمانية فراسخ و لايجب قطعها في يوم واحد قصد الثمانية ابتداء او ذهاباً و اياباً و هذا هو السفر الشرعي الذي يجب علي المسافر تقصير الصلوة فيه فاما في الحضر فلاتکون الصلوة الا تامة الا في مقام الخوف لان صلوة الخوف قصر و لو کان حاضراً.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 317 *»

قال سلمه الله تعالي: و لو مسافر في البحر ثم ردته الريح الي موضع يسمع فيه الآذان او يري الحيطان هل يتم ام يقصر.

اقول: اذا رجع برد الريح الي موضع يسمع فيه الآذان او يري الحيطان في بلده و ذلک هو حد الترخص فيتم الصلوة فيه و اما اذا کان في موضع الاقامة و خرج قاصداً للسفر ثم رجع الي ذلک المکان بعد ما خرج عن حد الترخص فانقطعت اقامته فيقصر الا ان ينوي الاقامة.

قال سلمه الله تعالي: و هل يصح التحليل بلفظ الاباحة و الهبة ام الاذن ام لا.

اقول: القدر المتيقن في تحليل الامة اجراء الصيغة بلفظ التحليل کان يقول احللت لک وطيها او انت في حل من وطيها علي الاصح و اما ماسوي ذلک مما يؤدي مؤداها مثل الاباحة و الهبة و امثال ذلک فانه لايجوز لان اصالة التحريم في الصورة المذکورة اقوي مستمسک و قد دل الدليل بحصول التحليل التحليل بلفظه و اما ماسوي ذلک فلا حتي يقوم دليل شرعي و اذ ليس فليس و لايصح استعمال التحريجات العقلية و الاستحسانات الاعتبارية في الاحکام التوقيفية.

قال سلمه الله تعالي: و ما توضيح شرکة الابدان و اذا وقعت هل يکون الحاصل منها حراماً معني بطلانها ذلک ام غير ذلک.

اقول: شرکة الابدان ان يشترک اثنان و يکون کل واحد منهما في صنعة و يکون الحاصل بينهما اما علي التساوي او علي التفاوت سواء کانت الصفة في مال مملوک او تحصيل مال مباح کالاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش و غيرها مما في معناها و هذه الشرکة باطلة لان المعتبر في الشراکة امتزاج مال الشريکين بحيث لايتميز احدهما عن صاحبه فاذا کانا متميزين فلاتعقل الشراکة و المال الحاصل من هذه الجهة لاينقل الي غير العامل فان تراضيا

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 318 *»

بمساواة الحاصل من العمل او بتفاوته فان کان بمحض الاباحة او الصلح او الهبة فلابأس و ان کان من جهة الشراکة فتصرف کل واحد منهما فيما حصل من عمل الآخر حرام لايجوز و الظاهر ان المسألة اجماعية و مناقشة الاردبيلي في ذلک لايلتفت اليها فتبصر.

قال سلمه الله تعالي: ما معني ما ورد ان العالم اذا مات بکت عليه السماء و الارض و ثلم في الاسلام ثلمة لايسدها الا خلف منه ما معني البکاء و ما معني الثلمة منوا علينا بالجواب وفقکم الله للصواب.

اقول: البکاء انما يحصل عند انقباض الروح و اجتماعه في القلب فتحصل من ذلک الانقباض حرارة تتصاعد بها الابخرة الي الدماغ فتنجمد ببرودة الدماغ کالسحاب ثم يذوب بقوة الحرارة فيتقاطر کالمطر و لماکان اوسع الاجزاء البدنية و افتحها مساماً العين و الانف يخرج تلک القطرات و الرطوبات من العين و من الانف فاذا مات العالم فان کان المراد هو العالم المطلق الذي هو الامام ينقبض قلب العالم و تشتد الحرارة و تتصاعد الابخرة و يحصل الخلل في ارکان العالم و اوضاعه فتحصل ثلمة و هي عبارة عن ذلک الاختلال فلايسدها اي لايرفع الاختلال الحاصل في العالم بموت العالم الذي هو الامام عليه السلام الا وجود الخلف منه الذي هو من سنخه القائم مقامه و لذا تري عند موت الامام عليه السلام يحصل خلل في الوجود مقارن موته ثم يرتفع بسبب وجود اللطف الالهي الذي هو الامام الخلف فيعبر من هذا الاختلال بالبکاء و الثلمة و يختلف هذا البکاء علي حسب نحو وفاة الامام عليه السلام فبکت السماء دماء عند قتل الحسين عليه السلام لشدة المصيبة و عظم الرزية و لکن تلک الثلمة دفعها وجود وصيه و خليفته القائم مقامه و هو قوله تعالي و لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع و بيع و صلوات و مساجد الآية.

و ان کان المراد بالعالم سائر العلماء من الشيعة العلماء الربانيين فکما ذکرنا في مقام التبعية و الفرعية الا ان الخلل في هذا المقام اقل و الثلمة اضيق و البکاء

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 319 *»

لايظهر لعامة الناس الا الخواص الا ان يکون ذلک العالم من اخص الخواص و قد ظهر بعد موت شيخنا و سنادنا خلل کلي من انکسار شوکة الاسلام باستيلاء الفرنک و هم الروس علي سلطان العجم و قتل جمع کثير من المسلمين المؤمنين و هدم بيوت کثيرة و نهب عيال و اطفال و هتک اعراض ثم وقوع الطاعون العام الذي لم‌ير مثله الا نادراً و امثالها من الامور العظام و الخلل العام و مااستقر و ماانتظم الا بعد مدة و لم‌يزل في الاختلال بعد و هذا الذي ذکرنا و امثاله هو الثلمة و لهذا الحديث بيان قشري صوري تجده في کتب العلماء و ليس لي الآن اقبال ذلک البيان.

قال سلمه الله تعالي: و ما معني القباء المشدود حيث تکره الصلوة.

اقول: ظاهر عبارة المفيد حرمة الصلوة في القباء المشدود الا في الحرب قال (ره) و لايجوز لاحد ان يصلي و عليه قباء مشدود الا ان يکون في الحرب فلايتمکن ان يحله فيجوز ذلک الاضطرار و نقل عن صاحب الوسيلة التحريم ايضاً و نقل الشيخ ذلک عن ابن بابويه علي بن الحسين و قال ايضاً رحمه الله سمعناه من الشيوخ مذاکرة و لم‌اعرف به خبراً مسنداً و بعض الاصحاب ذکروا کراهته معترفين بعدم المستند.

اقول: هذه المسألة ليست من الامور الاستنباطية بل تحت الوقوف علي نص خاص و لم‌يذهب هؤلاء الفحول الي التحريم او الي الکراهة لمحض الفتيا و الاستحسان لا طريق اليه و لم‌يبق الا ان يکون هناک خبر قد اعتمدوا عليه و نحن حيث لم‌نقف عليه بالمرة فنحن في سعة لقوله عليه السلام الناس في سعة ما لم‌يعلموا فالکراهة و الحرمة کلتاهما امران شرعيان لابد من دليل خاص الا ان مراعاة الاحتياط لازمة علي کل حال.

و الذي افهمه من القباء المشدود هو القباء الذي لبسه الآن متعارف عند العجم و الهنود و يجعلون للقباء خيوطا يشدون بعضها ببعض لا المزرور و لا القميص المزرور بل المراد به المشدود في نفسه لا ما ذکروه انه الحرام اي المشدود في وسط القباء اسناد الي رواية‌ عامية ان النبي صلي الله عليه و آله قال لايصلي

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 320 *»

احدکم و هو متحزم و لاريب ان شد القباء غير التحزيم و ان هذا الشد صفة للقباء و قد نقل عن الشيخ کراهية شد الوسط سواء کان فوق القباء او القميص و بالجملة فهذا القول لا معني له.

قال سلمه الله تعالي: و ما الحکم لو اشتبه الثوب المباح بالمغصوب او الحرير او الذهب او النجس.

اقول: اذا کانت اثواباً متعددة مشتبهة و اليقين حاصل بان المغصوب و الحرير و الذهب و النجس في هذا (هذه ظ) الاثواب الا ان التمييز مفقود فالجواب ان هذه المسألة ترجع الي ان الشبهة المحصور (المحصورة ظ) هل يجب التجنب عن الجميع ام لا فمن قال بوجوب التجنب عن الجميع تجب عنده او الصلوة في کل واحد واحد ان کان الوقت متسعاً او اخراج المباح بالقرعة لانها لکل امر مشکل و من قال لايجب الاجتناب عن الجميع الا في مسألة الانائين المشتبهين لخروجهما بالنص يختار واحداً من الاثواب و يرمي الباقي و يصلي فيه لعدم العلم بمانعته للصلوة و الاصل عدم کونه مانعاً من الصلوة و قال عليه السلام لاينقض اليقين الا بيقين مثله و الناس في سعة ما لم‌يعلموا.

 و القول بان الصلوة اذا کانت اسماً للصحيحة يجب تحصيل العلم بکونها جامعة للشرائط و هو لايحصل عند الاشتباه المذکور باطل لما ذکرنا مکرراً في کثير من مباحثاتنا ان عدم حصول العلم بالمانع علم شرعي بعدم المانع و ان لم‌يکن عقلياً او عادياً و المطلوب في الاحکام الشرعية العلم الشرعي غالباً و بالجملة بعد القول بعدم وجوب الاجتناب عن الشبهة المحصورة لا اشکال في جواز الصلوة بکل واحد منها و الاحوط ان يصلي في کل منها اذا کان الوقت متسعاً تحصيلاً للبراءة اليقينية و ان کان علي القول الاول يحصل ذلک هذا اذا لم‌تکن الاثواب مبتلة بحيث تسري النجاسة الي البدن اذا فرض کون الثوب نجساً و الذهب الاخير اي عدم لزوم التجنب عن الجميع في الشبهة المحصورة هو القول الفصل و المذهب الجزل و علي هذا يصلي في احد تلک الاثواب و صلوته صحيحة.