13-10 جواهر الحکم المجلد الثالث عشر ـ رسالة في جواب اسئلة امر الشيخ (اع) بجوابها ـ مقابله

رسالة فی جواب اسئلة امر الشیخ اعلی الله مقامه بجوابها

 

من مصنفات السید الاجل الامجد المرحوم الحاج

سید کاظم بن السید قاسم الحسینی اعلی الله مقامه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 475 *»

بسم اللّه الرحمن الرحيم

الحمدللّه رب العالمين و الصلوة و السلام علي خير خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين.

اما بعــد؛ فيقول العبد الفاني الجاني كاظم بن قاسم الحسيني الرشتي انه قدامرني مولاي و سيدي و من اليه في كل حق مستندي شيخي و استادي اطال اللّه بقاه و جعلني في كل محذور فداه و بلّغه الي مايتمناه و امدّ ظلاله علي رؤوس عباده و رعاياه بمحمد و آله الهداة صلي اللّه عليهم ان‏اكتب جواب هذه المسائل التي اتي بها اليه بعض اخواننا المخلصين ايده اللّه تعالي بروح اليقين و لم‏يكن له اطال اللّه بقاه اقبال الجواب لتوارد الاشغال(الاشتغال خ ل) عليه من كل باب فامتثلت امره مع قلة البضاعة و كثرة الاضاعة و اختلال البال و اغتشاش الاحوال و عروض الامراض المانعة من استقامة الحال و سلكت في الجواب مسلك الاختصار و اكتفيت بادني الاشارة لانه الميسور في مثل هذه الحال و اللّه المستعان و لاحول و لاقوة الاّ به.

قــال سلمه اللّه تعالي: مايقول السيد السند و الملاذ المعتمد شيخ العلماء و رئيس الحكماء امدّ اللّه له بالبقاء بمحمد و آله النجباء و جعل اللّه آخرته خيراً له من اولاه في معني قول ابي‏عبداللّه7 ان اللّه اذا اراد بعبد خيراً نكت في قلبه نكتة من نور و فتح مسامع قلبه و وكل به ملكاًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًًً يسدده و اذا اراد بعبد سوءاً نكت في قلبه نكتة سوداء و سد مسامع قلبه و وكل به شيطاناً يضله ثم تلا الآية فمن يرد اللّه ان‏يهديه يشرح صدره للاسلام و من يرد ان‏يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كانما يصعد في السماء فهذا ينافي قضية الاختيار.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 476 *»

اقــول: اعلم ان اخبار اهل البيت: لاتنافي القرآن قط لانها منه و القرآن لا اختلاف فيه لقوله عزوجل ولو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاًًًًًًًًًًًًً كثيراًًًًًًًً و ان اشتمل القرآن علي بعض المتشابهات لاستنطاق السراير و استعلام الضماير و امتياز الخبيث من الطيب لكنه سبحانه جعل محكمات و جعلها اصولاً ترجع اليها عند المتشابه كماقال عزّوجلّ هو الذي انزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن ام الكتاب و اخر متشابهات الآية و المتشابه لايخالف المحكم قط و الاّ جاء الاختلاف المنفي او الاغراء بالباطل تعالي اللّه عن ذلك علواً كبيراً ثم ان الكتاب و السنة لايخالفان ماانعقد عليه اجماع الفرقة المحقة قط لان المعصوم7 باذن اللّه قداقرهم عليه و ليس عند اللّه و لا عند رسوله و لا عند اوليائه اختلاف فاذا فهمت هذه القاعدة الكلية فردّ كلّ مايشتبه عليك الي الاخبار و رد الاخبار عند الاشتباه الي القرآن و رد متشابهه الي محكمه بما لايلزم خلاف الفرقة المحقة فتجد الامر واضحاً ظاهراً ان شاء اللّه.

و كذلك هذا الحديث الشريف فان القرآن قد نطق ببيانه و ايده العقل المستنير بنور اللّه و اجماع الفرقة المحقة و الاحاديث الاخر الكاشفة للمراد فقوله7 اذا اراد اللّه بعبد خيراً فهذه الارادة انما يكون بعمل العبد و اختياره و سؤاله من اللّه عزوجل اياها بلسان اعماله كماقال اللّه عزوجل يهديهم ربهم بايمانهم فجعل الايمان سبب الهداية و قال ايضاً ياايها الذين امنوا اتقوا اللّه و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نوراً تمشون به و يغفر لكم و اللّه غفور رحيم فجعل سبحانه النور مسبباً للايمان به و برسوله فاذا اراد اللّه بعبد خيراً من جهة ايمانه و قبوله لامره و اذعانه له بالربوبية و لرسوله و ولاة الامر بعده9 بالطاعة و الاخلاص في الموالات نكت في قلبه نكتة من نور و هذه النكتة من نور هي نور من شعاع نور العظمة و هو مبدأ الانوار و الخيرات الظاهرة فيه و هو التأييد الالهي و المدد الرباني و فتح مسامع قلبه لظهور ذلك النور فيه بالوان مختلفة و انحاء متفاوتة من معرفة العلوم و الاسرار و الاطلاع علي العلوم المخزونة في الحجب الغيبية فان للقلب اربعة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 477 *»

اركان و هي مسامعه و يظهر ذلك النور في كل ركن بلون من الالوان و طور من الاطوار يطول بذكرها الكلام و الاركان هي العقل و الروح و النفس و الطبيعة ثم ينتشر النور اي التأييد و التسديد في كل قواه و مشاعره الظاهرية و الباطنية فيكون بكله مستنيراً بنور اللّه و مثال ذلك الشمس اذا اشرقت علي المرآة الصافية فانك تجد النور فيها ظاهراً لامعاً حاكياً للشمس و لا كذلك عند اشراقها علي الاجسام الغاسقة كالجدران مثلاً اذ ليس لها ذلك التشعشع و اللمعان كمافي المرآة فدل ان المرآة انما طلبت ذلك النور من الشمس بصفائها و قابليتها و ماطلبت الاجسام الغاسقة و وكل به ملكاً يسدده و هذا الملك هو الملك الكلي الموكل بالقلب اسمه روح‏القدس من شعاع روح‏القدس الذي يسدد الانبياء الذي هو من شعاع الملك الاعظم روح‏القدس الذي يسدد نبينا و آله9او تقول ان ذلك الملك وجه من وجوه روح‏القدس الذي مع ائمتنا سلام اللّه عليهم و لهذا الملك جنود و اعوان موكل بكل جزء من اجزاء الشخص و كل قوة من قواه و مشعر من مشاعره.

و اذا (اذ خ ل) اراد بعبد سوءاً بعمله السوء و اختياره الباطل و ادباره و اعراضه عن اللّه عزّوجلّ كماقال تعالي بل طبع اللّه عليها بكفرهم فجعل الكفر سبباً للطبع الذي هو النكتة السوداء و قال تعالي و ماكان اللّه ليضل قوماً بعد اذ هديهم حتي يبين لهم ما يتقون و قال ايضاً و اما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي و امثالها من الآيات كثيرة و قد أجمعت الفرقة المحقة علي ان اللّه عزوجل لايجبر الخلق علي الطاعة و المعصية فانه ظلم و انما يحتاج الي الظلم الضعيف، نكت في قلبه نكتة سوداء و هذه النكتة هي انطباع الصور الباطلة التي في كتاب الفجار الذي في سجين و ذلك الانطباع انما يحصل بالاعراض عن اللّه عزّوجلّ بقلبه و عمله فيكون حينئذ رأسه منكوساً ناكسوا رؤسهم عند ربهم ناظراً الي أسفل السافلين و فيه مبادي كل شر و طغيان فيسود قلبه باحتجابه عن نور الاقبال الي اللّه و سد مسامع قلبه عن الخير كماقال عزوجل لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل. و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 478 *»

وكل به شيطاناً يضله و هذا الشيطان وجه من الجهل الكلي متعلق بمركزه و هو النفس الامارة بالسوء يزين له الباطل و يسوّفه عن الخير كماقال عزوجل و من يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين و كذلك علي كل قوة من قواه و مشعر من مشاعره شيطان من وجوه ذلك الشيطان الموكل بالقلب الجهة السفلي منه و هي النفس الامارة و يظهر مماذكرنا معني الآية و معني قوله تعالي ضيقاً حرجاً ان العاصي بمعصيته و توغّله فيها و عدم توبته منها تحصل له فطرتان الاولي هي الفطرة الاصلية التي كل مولود يولد عليها و هي التي لاتميل الي الباطل و لايلتفت اليه ابداً و الثانية هي الفطرة الثانية المغيرة قال تعالي و ليغيرن خلق اللّه و هذه هي التطبع و بها يميل الي المعصية و الشر و اعتقاد الباطل فبالفطرة الاولية يعرف الحق و يريه و بالثانية يعرض عنه و يتوغل في الظلمة ثم يلتفت الي سوء فعله بالفطرة الاولي فينقبض فهو لايزال علي هذه الحالة من ضيق الصدر و انقباض الخاطر الي ان‏تتوفاهم الملائكة ظالمي انفسهم فيكافيهم باعمالهم و هو قوله تعالي و من اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكاً.

و قولكم و هذا ينافي قضية الاختيار (وخ ل) قدعلمت علي مابيّنّا انه عين الاختيار و انما لم‏يصرح7 بالعمل لانه7 ماكان بصدد بيان الجبر و الاختيار لان ذلك معلوم من مذهبه7 عند جميع شيعته و غيرهم و انما اراد بيان مايترتب علي اختيار الايمان و الكفر و (الكفر من خ ل) المثوبة و العقوبة في الدنيا فان فرح القلب و انبساطه و اطمينانه يذهب كل الهموم و الاحزان و لايحس بالآلام الحسية الدنيوية لما قدتعلق قلبه به من نعيم الآخرة و سرورها و لمايعلم من ان تلك الآلام موصلة اليها فيزداد سروراً و بهجة فهو في نعيم و لذة في الدنيا و الآخرة و اما انقباض القلب و تكدره و اضطرابه فتذهب كل المسرات لان القوي و المشاعر و ساير الجوارح تابعة للقلب فاذا كان مضطرباً مغشوشاً لايلتذ بشي‏ء من الملاذ و ان كان يتكلف في طلبها بالفطرة المغيرة الثانية فهو في عسر شديد في الدنيا و الآخرة هذا مراده7

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 479 *»

و لايلزم ذكر كل الوجوه في المقام الواحد سيما اذا كان ذلك الوجه معروفاً عند الكل و لعلل اخري يطول بذكرها الكلام و مرادنا الاختصار و الاقتصار بادني الاشارة.

قــال سلمه اللّه تعالي: مامعني قول ابي‏عبداللّه7 ماعظّم اللّه بمثل البدا و قولهم:ماعبد اللّه بشي‏ء مثل البدا و ما معني البدا.

اقــول: (ان خ ل) العبد اذا علم و تيقن ان الامكان فقر محض و ان الشي‏ء لا تذوت له في حال من الاحوال و ان للّه عزوجل فيه المشية يصرفه كيف يشاء بمايشاء في كل الحالات و ان اللّه يمحو مايشاء و يثبت مايشاء و يمحو ما ثبت و يثبت مايمحو و لايسأل عمايفعل فلايري لشي‏ء شيئية اصلاً و مطلقاً و يري الاشياء كلها فانية باطلة مضمحلة مقهورة تحت عظمته و مشيته فانية عند ظهور قدرته فيظهر له بذلك ان عرفه معرفة عيانية عملية لا قولية رسمية عظمة اللّه سبحانه بمالايطيق مع ذلك تماسك نفسه فيكون ذليلاً حقيراً خاضعاً عند ظهور عظمة اللّه جل‏جلاله و هذه العظمة الماحية للاشياء كلها و المفنية لها بقضها و قضيضها في كل مقام يفرض وجودها و ان كان بعد تغيرات كثيرة ماتظهر بغير ملاحظة البداء بساير الظهورات و الصفات و ان كانت بصفة الخالقية و القيومية الاّ ان‏تؤولا بماذكرنا في مقام البدا و لذا قال7 ماعظم اللّه بشي‏ء  من (مثل ظ) البدا.

و اما معني الحديث الثاني فهو ان العبادة هي الاعتراف بذلة العبودية للواحد الفرد عزّ شأنه و هي توحيد العبادة و هي لاتتحقق الاّ بان‏يري ماسوي معبوده باطلاً زايلاً فانياً في كل الاحوال و الاّ لم‏يكن موحداً في العبادة و هذه المشاهدة و الرؤية لاتحصل علي وجه الكمال الاّ بالقول بالبداء كماذكرنا و ايضاً يجب علي العابد ان لايتكل علي عبادته و عمله اذا عمل و ان لاييأس من رحمة اللّه اذا عصي و نكل فاذا اعتقد بالبدا و ان اللّه يمحو مايشاء و يثبت فلايتكل علي عمله اذ لعل اللّه يمحو ماكتب له بذلك العمل و لاييأس

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 480 *»

من رحمة اللّه اذا عصي اذ لعل اللّه يمحو مايقتضي عصيانه من الخذلان لانه ذوفضل عظيم قاهر علي عباده معذب (يعذب خ ل) لمن يشاء بمايشاء كيف يشاء و يغفر لمن يشاء بمايشاء كيف يشاء فهو لايزال بين خوف و رجاء و اما اذا لم‏يقل بالبداء فيتكل علي عمله و يطمئن اذا عمل و كذلك في مقابله اذا عصي فلم‏يحصل له الخوف و الرجاء اللذان هما جناحان للعابد يطير بهما الي مقام القرب فما عبد اللّه بشي‏ء مثل البداء.

و اما معني البداء فهو اظهار حكم من الاحكام الوجودية الكونية بعد انقضاء مدة الحكم السابق لتغيير الموضوع لان اللّه عزوجل لايغير مابقوم حتي يغيروا ما بانفسهم فالبداء نسخ تكويني وجودي كما ان النسخ بداء تشريعي فيمحي الحكم الاول الثابت للشي‏ء باعتبار وصفه الذاتي او العرضي و يثبت الحكم الثاني له علي مقتضي وصفه الحاصل له ثانياً مثلاً ان اللّه عزوجل حكم علي زيد بمقتضي اجابته في عالم الذر مقداراً من العمر و الرزق مثلاً خمسين سنة فاذا بقي علي مقتضي تلك الاجابة فلايمحي شي‏ء مماكتب له الاّ ان‏يشاء اللّه عزوجل فانه قادر و قاهر علي كل شي‏ء لكنه قدجرت حكمته تعالي ان لايمحوه فاذا زاد علي تلك الاجابة بعمل آخر قوي كزيارة الحسين7فانها تقوي الكينونة باذن اللّه عزّوجلّ فتمحي (فيمحي ح ل) كتابة خمسين سنة و يكتب له ثمانون سنة و كذلك اذا نقصها بعمل قاطع كالزنا او قطيعة الرحم مثلاً فانه تمحي ايضاً كتابة خمسين (سنة خ ل) و يكتب له مثلاً اربعون او ثلثون و هكذا فبالاعمال يغير اللّه عزوجل احكام الخلق و صفاتهم و كينوناتهم و تلك الاعمال هي قابلياتهم فحكم اللّه و امره واحد يختلف بالاعمال و القابليات و ليس البداء بمعني الندامة كمايزعمها(يزعمون خ ل) بعض الجهال و ليس البداء في ذات اللّه عزّوجلّ لان ذاته عزّوجلّ لاتتغير و لاتتبدل و لا في علمه الذاتي لانه هو عين ذاته و هو قدسبق المعلومات و لا تغير فيه و انما البداء في آثار الصنع الظاهرة بالصفات الفعلية و هي الجهات الخاصة المتعلقة لا الجهة العامة الكلية فافهم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 481 *»

و اما الامور المحتومة التي لا بداء لها فهي علي قسمين:

احدهما يستحيل عليه التغيير و التبديل فلا بداء و هي الامور الواقعة الثابتة فان الشي‏ء اذا وقع لايمكن ان لايقع بعد ماوقع فان الكاتب مثلاً اذا كتب لايمكنه ان لايكتب و هو معلوم فلايمكن فيه البداء.

و ثانيهما ما علة محتوميته الحكمة و الوعد الالهي الذي لايخلف او لتوقف النظام الكلي عليه و الاّ لفسد مثل اسعاد الانبياء و اشقاء الاشقياء و القيمة الصغري و الكبري و ماسواهما يجري عليه (عليهما خ ل) المحو و الثبات لدوام فوران فوارة القدر و اختلاف جهات المقابلات لتلك الفوارة و هنا كلام لايناسب المقام ذكره.

و اما الاجل المحتوم و المخترم اللذان في الاخبار فالمراد بالاول هو الذي استوفي ما اقتضته شرايط وجوده و اسباب حدوده و ساير المتممات و المكملات من الاجل و الرزق و ساير الحدود المقدرة و الثاني الذي لم‏يستوف ذلك و بقي له شي‏ء من اجله و رزقه و ساير حدوده (الحدود) المتعلقة به فقضي عليه و مات و هذا يرجع لاستيفاء ذلك الي تلك المدة فيموت في ساعته.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قول المعصوم7 من عبد الاسم فقد كفر و من عبد الاسم و المسمي فقد اشرك.

اقــول: اعلم ان الاسم علي قسمين معنوي و لفظي لان الاسم مشتق من الوسم و هو العلامة و هي كماتكون لفظاً تكون معني ايضاً و قدقال اميرالمؤمنين7 الاسم ماانبأ عن المسمي و قال الرضا7 و قدسئل عن الاسم انه صفة لموصوف فكل ماينبئ عن الشي‏ء هو اسم له فكانت الاشعة اسماً للسراج و الشمس و الآثار كلها اسماء لمؤثراتها و هي الاسم المعنوي و الاسماء اللفظية اسماء للاسماء المعنوية فلفظ القائم اسم لتلك الهيئة المتصلة بفعل زيد المنتقش (المتنقش خ ل) في مكان ذلك الظهور الخاص بزيد و زمانه و جهته كما انك اذا رأيت زيداً قائماً في المسجد يوم الجمعة فكلما

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 482 *»

تلتفت الي ذلك الوقت و ذلك المكان(الزمان خ ل) تري تلك الهيئة علي ماهي عليه موجودة و ذلك هو الشبح المنفصل فالقائم اسم لتلك الهيئة اي ذلك الشبح و هو اسم لزيد و صفة له بحيث اذا التفت اليه انتقلت الي زيد اي(الي خ ل) ذاته ولكن لماكان معني اللفظ صفة لا استقلال لها الاّ بموصوفها و وجهاً لمعرفة موصوفها و آلة لملاحظته كان لايلتفت الي المعني المدلول عليه من اللفظ و انما يلتفت الي المعني المراد كالصورة في المرآة فانك اذا نظرتها لم‏تلاحظها من حيث هي هي و انما تلتفت الي المقابل من حيث هو و ان كان لاتراه الاّ كماظهر فيها لكن المرآة من جهة انها واسطة و آلة للملاحظة فلايلتفت ابداً اليها الاّ اذا احتجب (احتجبت خ ل) عن المقابل بالنظر اليها.

فاذا علمت ان الاسم هو الاثر و الصفة فاعلم ان السافل لايمكنه ان‏يعرف العالي الاّ باثره و صفته اذ لايلحقه في ذاته و الاّ لم‏يكن سافلاً بل كان عالياً هف مثاله التقريبي هو ان المقابل اذا كنت محجوباً عنه بل تري شبحه الواقع في المرآة فانك تحكم عليه بماظهر لك بشبحه فكان ذلك الشبح هو اسمه الدال عليه و لايمكن ان‏تعرفه بدونه حين احتجابك عنه فيكون ذلك الشبح هو وجهه اليك و اسمه لك لا له فاذا اردت ان‏تعرفه و تتوجه اليه فلاتتوجه الي ذلك الشبح من حيث هو شبح فانه ليس شيئاً و لا تحقق له الاّ بغيره فقصر النظر علي الوجه و قطعه عن ذي‏الوجه جهل بمقام الوجه و ذي‏الوجه و هو نظر باطل لانه سراب و اذا توجهت في القصد و الطلب اليهما معاً اي الي الصفة و الموصوف معاً فقد اشركت و جعلت مع الموصوف آخر حيث لاحظته في صقعه و مرتبته و هو ايضاً باطل جهل بالمقامين و ان نظرت الي الموصوف بدلالة الصفة و لم‏تنظر الي الصفة الاّ انها دالة و قطعت النظر عنها بملاحظة الموصوف فيها و ذلك هو المعرفة التامة للمقابل بالنسبة اليك. و المثال التحقيقي في ذلك هو شعاع الشمس بالنسبة الي الشمس اذا فرضت الشعاع ذا شعور و ادراك له توجه الي الشمس و نظر اليها فاجر كل ماذكرنا في هذا المثال آنفاً فيهما.

فاذا كانت الموجودات كلها آثار صدرت عن فعل اللّه عزّوجلّ فلايمكنهم ان‏يتوجهوا اليه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 483 *»

سبحانه بالعبادة او بالمعرفة او بالدعاء و طلب الحاجة(الحاجات خ ل) الاّ باسمائه الحسني و صفاته العليا و هو قوله عزّوجلّ و للّه الاسماء الحسني فادعوه بها و قال7 في الزيارة يسبح اللّه باسمائه جميع خلقه و تلك الاسماء حقايق و ذوات لا مفاهيم و الفاظ قدجعلها اللّه عزّوجلّ آية لعباده ليعرفوه تعالي بها حيث كان(كانت خ ل) المعرفة الازلية للخلق ممتنعة و تلك هي الآيات التي اشار اليها في كلامه العزيز سنريهم آياتنا في الآفاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق و هي الآيات و المقامات و العلامات التي لا تعطيل لها في كل مكان فجعلها سبحانه اسماً و صفة و دليلاً للخلق ليعرفوه بها علي اختلاف مراتبهم فمن نظر اليها نظر استقلال او توجه اليها في العبادة فقدكفر و لم‏يعبد شيئاً لانها ليست شيئاً الاّ دلالة الغير و حكايته كالقائم بالنسبة الي زيد فان الصفة اذا فرضتها منفكة عن موصوفها بطلت و عدمت فلم‏تقع(و لم تقع خ ل) عبادته علي شي‏ء و من نظر اليها مع المسمي الحق الظاهر بالاسم فقد اشرك لان الدليل لايجتمع مع مدلوله في مقام واحد فاذا ظهر المسمي غاب الاسم و اذا ظهرت الذات غيبت الصفات فملاحظتك اياها مع الذات دليل(علي خ ل) انك جعلتها في مقامها و رفعتها عماهي عليها و ذلك شرك و كفر لان اللّه عزّوجلّ لم‏يزل وحده و ليس معه شي‏ء فمهما لحظت معه غيره اسماً كان او صفة او ذاتاً لا فرق بينها الاّ بالعبارة فقد صح الشرك و بطل ماكانوا يعملون فاذا توجهت الي المسمي المعبود بدلالة الاسماء عليه دلالة الوجود لا دلالة الكشف فذلك هو التوحيد كما قال مولينا الصادق7 من عبد الاسم دون المسمي فقدكفر و لم‏يعبد شيئاً و من عبد الاسم و المسمي فقداشرك و من عبد المسمي بايقاع الاسماء(الاسم خ ل) عليه فذاك(فذلك خ ل) التوحيد فافهم.

قــال سلمه اللّه: و ما معني قوله تعالي قل هو اللّه احد اللّه الصمد.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 484 *»

اقــول: اعلم ان معناه علي ماتدل عليه اخبار ائمتنا: ان قـل اي اظهر ما اوحينا اليك و نبأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ليهتدي بها من القي السمع و هو شهيد.

و هـو اسم مكني مشار الي غايب فالهاء تنبيه علي ثابت و الواو اشارة الي الغايب عن الحواس كما ان قولك هذا اشارة الي الشاهد عند الحواس و ذلك ان الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف اشارة الشاهد المدرك فقالوا هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالابصار فاشر انت يا محمد9 الي الهك الذي تدعو اليه حتي نراه و ندركه فانزل اللّه سبحانه قل هو فالهاء تثبيت للثابت و الواو اشارة الي الغايب عن درك الابصار و لمس الحواس و انه تعالي منزه عن ذلك بل هو مدرك الابصار و مبدع الحواس.

اللّه هو الاسم الاكبر الجامع لكل الصفات من القدس كالعزيز و القدوس و السبحان و العلي و امثالها و الاضافة كالعالم و القادر و السميع و البصير و امثالها و الخلق كالخالق و الرازق و المحيي و المميت و امثالها و كل الاسماء الحسني مندرجة تحته بل هي اسم له كماقال عزوجل قل ادعوا اللّه او ادعوا الرحمن اياً ما تدعوا فله الاسماء الحسني قال7اللّه معناه المعبود الذي اله الخلق عن درك مائيته و الاحاطة بكيفيته و تقول العرب اله الرجل اذا تحير في الشي‏ء فلم‏يحط به علماً و وله اذا فزع الي شي‏ء ممايحذره و يخافه و الاله هو المستور عن حواس الخلايق.

احـد هو الفرد المتفرد الذي لا تكثر فيه بوجه من الوجوه لا فرضاً و لا وهماً و لا خيالاً و لا عقلاً و لا حساً و هو الواحد في المراتب الاربعة واحد في الذات كماقال تعالي لاتتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد و واحد في الصفات كقوله عزوجل ليس كمثله شي‏ء و واحد في الافعال كقوله عزوجل قل اللّه خالق كل شي‏ء و واحد في العبادة كماقال عزوجل فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملاً صالحاً و لايشرك بعبادة ربه احداً و الاحد مقوم للواحد بلاكيف و الواحد مقوم للاعداد كلها فليس الواحد من الاعداد و الاحد بالطريق الاولي لان مقوم الشي‏ء ليس معه في رتبته.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 485 *»

و اما الصمـد فعن الباقر7 قال حدثني ابي زين‏العابدين عن ابيه الحسين بن علي:انه قال الصمد الذي لا جوف له و الصمد الذي قد انتهي سؤدده و الصمد الذي لا يأكل و لا يشرب و الصمد الذي لاينام و الصمد الدائم الذي لم‏يزل و لايزال و عن الصادق7 عن ابيه8ان اهل البصرة كتبوا الي الحسين بن علي8 يسألونه عن الصمد فكتب اليهم بسم اللّه الرحمن الرحيم اما بعد فلاتخوضوا في القرآن و لاتجادلوا فيه و لاتتكلموا فيه بغير علم فقدسمعت جدي رسول‏اللّه9 يقول من قال في القرءان بغير علم فليتبوأ مقعده من النار و ان اللّه قد فسر الصمد فقال اللّه احد اللّه الصمد ثم فسره فقال لم‏يلد و لم‏يولد و لم‏يكن له كفواً احد لم‏يلد لم‏يخرج منه شي‏ء كثيف كالولد و ساير الاشياء الكثيفة التي يخرج(تخرج خ ل) من المخلوقين و لا شي‏ء لطيف كالنفس و لاتنشعب منه البداوات كالسنة و النوم و الخطرة و الهم و الحزن و البهجة و الضحك و البكاء و الخوف و الرجاء و الرغبة و السأمة و الجوع و الشبع تعالي(عن خ ل) ان‏يخرج منه شي‏ء او يتولد منه شي‏ء كثيف او لطيف و لم‏يولد و لم‏يتولد من شي‏ء و لم‏يخرج من شي‏ء كما يخرج الاشياء الكثيفة من عناصرها كالشي‏ء من الشي‏ء و الدابة من الدابة و النبات من الارض و الماء من الينابيع و الثمار من الاشجار و لا كما يخرج الاشياء اللطيفة من مراكزها كالبصر من العين و السمع من الاذن و الشم من الانف و الذوق من الفم و الكلام من اللسان و المعرفة و التمييز من القلب و كالنار من الحجر لا بل هو اللّه الصمد الذي لا من شي‏ء و لا في شي‏ء و لا علي شي‏ء مبدع الاشياء و خالقها و منشئ الاشياء بقدرته يتلاشي ماخلق للفناء بمشيته و يبقي ماخلق للبقاء بعلمه فذلكم اللّه الصمد الذي لم‏يلد و لم‏يولد عالم الغيب و الشهادة الكبير المتعال و لم‏يكن له كفواً احد.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي اخرجنا لهم دابة من الارض تكلمهم.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 486 *»

اقــول: قدانعقد اجماع الفرقة المحقة ان الدابة في قوله تعالي هو اميرالمؤمنين7يخرجه اللّه سبحانه قبل يوم القيمة و بعد قيام القائم7 اقول بل بعد رجعة الحسين و الائمة: فيميز بين الخبيث و الطيب و يسم كل احد علامة الايمان و الكفر فهناك ينسد(منسد خ ل) باب التوبة و لاينفع نفساً ايمانها لم‏تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيراً و قد دلت عليه اخبار متكثرة كما عن الصادق7 قال انتهي رسول‏اللّه9 الي اميرالمؤمنين7 و هو نائم في المسجد قد جمع رملاً و وضع رأسه عليه فحركه برجليه ثم قال له قم يا دابة الارض فقال رجل من اصحابه يا رسول‏اللّه9 يسمي بعضنا بعضاً بهذا الاسم فقال لا واللّه ماهو الاّ له خاصة و هو الدابة التي ذكره اللّه تعالي في كتابه فقال عزوجل و اذا وقع القول عليهم الآية ثم قال9 يا علي اذا كان آخرالزمان اخرجك اللّه في احسن صورة و معك ميسم تسم به اعداءك فقال رجل لابي‏عبداللّه7 ان العامة يقولون ان هذه الدابة انما تَكْلِمُهُم فقال ابوعبداللّه7 كلمهم اللّه في نار جهنم انما هو تكلمهم من الكلام و عنه7قال قال رجل بعمار (لعمار خ ل) بن ياسر يا ابااليقظان ان آية في كتاب اللّه قدانسدت قلبي و شككتني فقال و أية آية هي قال قوله عزوجل و اذا وقع القول عليهم الآية فاية دابة هذه قال عمار واللّه مااجلس و لاآكل و لااشرب حتي اريكها فجاء عمار مع الرجل الي اميرالمؤمنين7 و هو يأكل تمراً و زبداً(زيتا خ ل) فقال7 يا ابااليقظان هلم فاقبل عمار و جلس يأكل معه فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل سبحان‏اللّه انك حلفت ان لاتأكل و لاتشرب و لاتجلس حتي تريني الدابة قال عمار قداريتكها ان كنت تعقل و في الكافي عن الباقر7 قال قال اميرالمؤمنين7 و لقداعطيت الست علم المنايا و علم البلايا و الوصايا و فصل‏الخطاب و اني لصاحب الكرّات و دولة الدول و اني لصاحب العصا و الميسم و الدابة التي تكلم الناس و في الاكمال عن مولينا اميرالمؤمنين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 487 *»

7في حديث بعد ان ذكر الدجال و من يقتله قال الا ان بعد ذلك الطامة الكبري قيل و ما ذلك يا اميرالمؤمنين قال خروج دابة الارض من عند الصفا معها خاتم سليمان و عصي موسي8 تضع الخاتم علي كل مؤمن ينطبع فيه هذا مؤمن حقاً و تضعه علي وجه كل كافر فيكتب هذا كافر حقاً حتي ان المؤمن لينادي الويل لك حقاً يا كافر و ان الكافر ينادي طوبي لك يا مؤمن وددت اني كنت مثلك فافوز فوزاً عظيماً ثم ترفع الدابة رأسها من بين الخافقين باذن اللّه جلّ‏جلاله و ذلك بعد طلوع الشمس من مغربها فعند ذلك ترفع التوبة فلاتقبل توبة و لايرفع عمل و لاينفع نفساً ايمانها لم‏تكن آمنت من قبل او كسبت في ايمانها خيراً ثم قال7لاتسألوني عمايكون بعد هذا فانه عهد الي حبيبي رسول‏اللّه9 الا ّأخبر به غير عترتي و عنه7انه سئل عن الدابة فقال7 اما واللّه ما لها ذنب و ان لها لَلِحية.

و بالجملة هذا امر معلوم لاينبغي التشكيك فيه لكنك اعلم ان هذه الاحوال اي ظهور دابة الارض انما كان في الكرة الثانية فانه(فان خ ل) له7 كرتين و يقتل قتلتين و يخرج مرتين كماقال7 انا الذي اقتل مرتين و احيي مرتين و لي الكرة بعد الكرة هـ الكرة الاولي بعد خروج سيدنا الحسين7 و قتل القائم7 و استقلال الحسين7 بالامر و هجوم الكفار عليه7 من كل جانب و احتصاره في مكة المعظمة فيخرج مولينا علي7 لنصرة ابنه فيقاتل مع اولئك الكفار الي ان‏يبدد شملهم و يفرق جمعهم فيبقي7 مقدار بقاء اصحاب الكهف في الكهف و هو ثلثمائة سنة و تسع سنين ثم يقتل صلوات اللّه عليه فيبقي(ويبقي خ ل) ماشاء اللّه ثم يرجع الي الدنيا فهو7 هناك دابة الارض و معه عصي موسي و خاتم سليمان فيميز بين الخبيثين و الطيبين فيظهر ابليس لعنه اللّه و يجمع عساكره و جنوده فيقاتل علياً7 بجنوده و يكون قتالاً عظيماً حتي يكون الغلب بعسكر(لعسكر خ ل) ابليس فيأتي تأويل قوله تعالي هل ينظرون الاّ ان‏يأتيهم اللّه في ظلل من الغمام و الملائكة الآية، فينزل رسول‏اللّه9

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 488 *»

من السماء و هو في الغمام و الملائكة محتفون به9 فيهرب ابليس لعنه اللّه اذ يري تلك الحالة فيقول له اصحابه اين تهرب و قدصار لك النصر و الغلب فيقول لهم اني اري مالاترون اني اخاف اللّه رب العالمين فيلحقه رسول‏اللّه9و يطعنه في كتفه فيقتله هذا مجمل القول فيه و التفصيل يطلب فيما كتب شيخنا اطال اللّه بقاه في شرح‏الزيارة الجامعة و في الرسالة المنفردة في الرجعة.

و انما سمي اللّه علياً7دابة الارض لان الارض هي ارض العلم و الوصاية و الولاية قال تعالي او لم يروا انا نأتي الارض ننقصها من اطرافها قال7 يعني بموت العلماء و قال تعالي و الارض وضعها للانام قال7 اي الامام نصبه للخلق و علي7 هو اصل العلم و الوصاية و الولاية فكان7هو الداب لتلك الاراضي بالاصالة و ماسواه اما بالبدلية او بالفرعية و لوجوه اخر اعرضت عن بيانها لمابي من شدة هيجان مواد الامراض و الاعراض و اغتشاش البال لتوجه النفس بالطبيعة لدفع الامراض و اللّه المستعان و لا حول و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي حكاية عن ابراهيم فلمّا جـنّ عليه الليل رأي كوكباً قال هذا ربي الآية.

اقــول: معني هذه الآيات علي ماذكره مولانا الرضا7 علي مارواه الصدوق; في العيون ان المأمون سأله7 فقال(و قال خ ل) له يابن رسول‏اللّه9 أليس من قولك ان الانبياء معصومون قال7 بلي قال فاخبرني عن قول اللّه عزّوجلّ فلماجنّ عليه الليل رأي كوكباً قال هذا ربي فقال الرضا7 ان ابراهيم7 قدوقع الي ثلثة اصناف صنف يعبد الزهرة و صنف يعبد القمر و صنف يعبد الشمس و ذلك حين خرج من السرب الذي اخفي فيه فلماجن عليه الليل رأي الزهرة قال هذا ربي علي الانكار و الاستخبار فلما افل الكوكب قال لااحب الآفلين لان الافول

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 489 *»

من صفات المحدث لا من صفات القديم فلمارأي القمر بازغاً قال هذا ربي علي الانكار و الاستخبار فلما افل قال لئن لم‏يهدني ربي لاكونن من القوم الضالين فلما اصبح و رأي الشمس بازغة قال هذا ربي هذا اكبر من الزهرة و من القمر علي الانكار و الاستخبار لا علي الاخبار و الاقرار فلما افلت قال للاصناف الثلثة من عبدة الزهرة و القمر و الشمس يا قوم اني بري‏ء مماتشركون اني وجهت وجهي للذي فطر السموات و الارض حنيفاً و ما أنا من المشركين و انما اراد ابراهيم علي نبينا و آله و7 بما قال ان‏يبين(يتبين خ ل) لهم بطلان دينهم و يثبت عندهم ان العبادة لخالقها و خالق السموات و الارض و كان ما احتج به علي قومه ما الهمه اللّه و آتاه كماقال تعالي و تلك حجتنا آتيناها ابراهيم علي قومه نرفع درجات من نشاء.

قــال سلمه اللّه تعالي: و قوله تعالي رب ارني كيف تحيي الموتي قال اولم‏تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي.

اقــول: روي الصدوق; في العيون عن مولينا الرضا7 في معني هذه الآية الشريفة ان اللّه تعالي كان أوحي الي ابراهيم اني متخذ من عبادي خليلاً ان سألني إحياء الموتي لاجبته فوقع في نفس ابراهيم7 انه ذلك الخليل فقال رب ارني كيف تحيي الموتي قال اولم‏تؤمن قال بلي ولكن ليطمئن قلبي علي الخلة قال فخذ اربعة من الطير فصرهن اليك ثم اجعل علي كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً و اعلم ان اللّه عزيز حكيم فاخذ ابراهيم7 نسراً و بطاً و طاووساً و ديكاً فقطعهن و خلطهن ثم جعل علي كل جبل من الجبال التي كانت حوله و كانت عشرة منهن جزءاً و جعل مناقيرهن بين اصابعه ثم دعاهن باسمائهن و وضع عنده حباً و ماءاً فتطايرت تلك الاجزاء بعضها الي بعض حتي سوت(استوت خ ل) الابدان و جاء كل بدن حتي انضم الي رقبته و رأسه فخلي ابراهيم عن مناقيرهن فطرن ثم وقعن فشربن من ذلك الماء و التقطن من ذلك الحب و قلن يا نبي اللّه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 490 *»

أحييتنا أحياك اللّه فقال ابراهيم بل اللّه يحيي و يميت هـ فالاستفهام للتقرير و التثبيت مثل قوله تعالي هل اتي علي الانسان حين من الدهر لم‏يكن شيئاً مذكوراً و لبيان ان السؤال المذكور لم‏ينشأ عن شك او اضطراب في ايمانه7 بان اللّه يحيي الموتي و انما كان اطمينان القلب المطلوب في الخلة كماذكر7 و الاّ فقلبه7 في غاية الاطمينان و الانشراح لانه معصوم مسدد و من اكابر اولي العزم.

قــال سلمه اللّه تعالي: و قوله تعالي حكاية عن آدم7 فنسي و لم‏نجد له عزماً.

اقــول: ان اللّه عزّوجلّ نهي آدم7 عن اكل الشجرة المعينة المخصوصة كمايشهد عليه قوله تعالي و لاتقربا هذه الشجرة و كان الاولي و الاليق ان لايأكل آدم7عماهو من نوع تلك الشجرة ايضاً تنزيهاً و تكرمة و ماكان يحرم عليه ذلك لان النهي انما تعلق بالفرد المعين لا النوع المطلق ولكن الافراد الاخر من جهة نوع التشابه(به خ ل) قدتظهر فيها العلة الموجبة للاحتراز لكنها لماكانت غير تامة ماتعلق النهي التحريمي بها نعم قدتعلق النهي التنزيهي بها و للمكلف ان‏يفعلها لكنه ترك الاولي و الارجح و لايعد عاصياً لا شرعاً و لا عرفاً و لا لغة و يدل علي ماذكرنا ماروي الصدوق; في العيون عن الرضا7ان اللّه تعالي قال لهما لاتقربا هذه الشجرة و اشار لهما الي شجرة الحنطة و لم‏يقل لهما و لاتأكلا من هذه الشجرة و لا مماكان من جنسها فلم‏يقربا من تلك الشجرة و انما اكلا من غيرها الحديث فاذا كان كذلك فكان الاولي و الاليق لآدم7 ان‏يجتنب من نوع تلك الشجرة و هذا هو العهد المأخوذ منه7 كماقال عزّوجلّ و لقدعهدنا الي ادم من قبل في اكل الشجرة ان‏يتركها بخصوصها وجوباً و ماكان من نوعها استحباباً فنسـي اي ترك لا بمعني النسيان كيف و ان الشيطان قال مانهيكما عن هذه الشجرة الاّ ان‏تكونا ملكين او تكونا من الخالدين و قاسمهما

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 491 *»

اني لكما لمن الناصحين فدلّيهما بغرور فكان النسيان هنا بمعني الترك كمافي قوله تعالي نسوا اللّه فنسيهم و قوله تعالي و كذلك اتتك آياتنا فنسيتها فكذلك اليوم تنسي. و لم‏نجد له عزماً و هو الثبات التام الذي لايترك معه الارجح و الاولي ابداً و لاينظر الي نفسه ابداً و لايجـد لنفسه شهوة و لا تحققاً دون ارادة اللّه عزّوجلّ و لم‏يتشرف بهذه المرتبة الجليلة الاّ الخمسة محمد9 و نوح و ابراهيم و موسي و عيسي:.

و اذا سمعت بعض الاخبار من ان الآية انما نزلت هكذا و لقدعهدنا الي آدم من قبل في محمد و علي و فاطمة و الحسن و الحسين فنسي و لم‏نجد له عزماً و الاخبار الاخر التي تدل ان آدم حسدهم: و تمني مكانهم و مرتبتهم و الاخبار الاخر التي تدل علي ان آدم اكل من شجرة الحسد و امثال ذلك فالمراد من كلها واحد و هو ماذكرنا لك الاّ ان معرفته تصعب علي الاذهان و بالبيان التام يفتح(يفتق خ ل) المغلق و يزول الاشكال الاّ اني من جهة تشدد المرض مايمكنني البسط في المقال لكني اشير اليه بمجمل القول لمن طلب الهداية و المعرفة فاقول:

اعلم ان اللّه عزّوجلّ خلق محمداً و آله9 لنفسه لا لغيره كما قال عزّوجلّ و اصطنعتك لنفسي و ان كان في الظاهر يخاطب به موسي لكنه في‏الحقيقة يريد به محمداً9 فهو و اهل‏بيته المعصومون سلام اللّه عليهم قدخلقهم اللّه قبل ان‏يخلق الانبياء بالف دهر و كل دهر مائة الف سنة و كانوا يعبدون اللّه عزّوجلّ و يقدسونه ثم خلق سبحانه الانبياء ثم خلق ساير المخلوقين فامرهم بالطاعة لهم و اخلاص الولاء فيهم و لماكانوا: لايحبون الاّ ماهو الارجح و الاولي فضلاً عن الراجح و الواجب فكان طاعتهم في‏الحقيقة هو فعل(كل خ ل) مايحب اللّه عزّوجلّ من جميع المستحبات و هو مقتضي ولايتهم فمن قصر في شي‏ء من طاعة اللّه عزّوجلّ فما اطاعهم حق الاطاعة فكل من لم‏يطع احداً فقدجعل نفسه مساوياً له او اعلي منه و ان لم‏يكن بالاعتقاد لكن( و لكن خ ل) بالعمل و لذا قال تعالي ارأيت من اتخذ الهه هواه و آدم7 لمااكل من الشجرة

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 492 *»

ترك الاولي فقصر في طاعتهم فقدتمني مرتبتهم و مقامهم بعلمه لا باعتقاده اذ لو لم‏يتمن و كان تابعاً لهم:مخلصاً لما وقع منه هذا التقصير و عن هذا و مثله يعبرون: بالشك في الولاية و الترديد و التوقف فيها و الحسد و امثال ذلك فافهم فان هنا عجايب يقصر اللسان عن ادائها و هذه الاشارة المجملة كافية لمن طلب الحق.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي لنوح احمل فيها من كل زوجين اثنين هل خاص بنوع الحيوان ام شامل لانواع الاشجار و الفواكه.

اقــول: بل خاص بنوع الحيوان فان الفواكه و الاشجار تحصل في كل حال و لاتتوقف(لا يتوقف خ ل) علي اسباب كثيرة كالحيوان و انما هي تتوقف علي الماء النازل من السماء الواقع علي الارض و اشراق الشمس عليها كما ذكر اللّه عزّوجلّ(في خ ل) صفة تكوّن النبات في كلامه العزيز و انما قلنا هذا لان اللّه عزّوجلّ ابي ان‏يجري الاشياء الاّ بالاسباب (باسبابها خ ل)و الاّ فهو القادر علي مايشاء كيف يشاء و قدروي(كما قد روي خ ل) علي بن ابراهيم عن الصادق7 لمااراد اللّه عزوجل هلاك قوم نوح عقم ارحام النساء اربعين سنة فلايولد لهم مولود فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة امره اللّه ان‏ينادي بالسريانية ان‏تجمع جميع الحيوانات فلم‏يبق حيوان الاّ حضر فادخل من كل جنس من اجناس الحيوان زوجين ماخلا الفأر و السنور و انهم لما شكوا سرقين الدواب و القذر(القذرة خ ل) دعي بالخنزير فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج فأر فتناسل فلماكثروا شكوا اليه منها فدعي بالاسد فمسح جبينه فعطس فسقط من انفه زوج سنور و في حديث آخر انهم شكوا القذرة فامر اللّه الفيل فعطس فسقط الخنزير و عن الصادق7 في حديث فلما فرغ نوح من اتخاذ السفينة امر اللّه(امره خ ل) ان‏ينادي بالسريانية لايبقي بهيمة و لا حيوان الاّ حضر فادخل (من خ ل) كل جنس من اجناس الحيوان السفينة و كان الذين آمنوا به من جميع الدنيا ثمانين رجلاً فقال اللّه عزّوجلّ إحمل فيها من كل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 493 *»

زوجين اثنين الآية، و كان نجر السفينة في مسجد الكوفة فلماكان في اليوم الذي اراد اللّه عزّوجلّ هلاكهم كانت امرأة نوح تختبز في الموضع الذي يعرف بفار التنور في مسجد الكوفة و كان نوح7 اتخذ لكل ضرب من اجناس الحيوان(الحيوانات خ ل) موضعاً في السفينة و جمع لهم فيها مايحتاجون اليه من الغذاء فصاحت امرأته بما فار التنور فجاء نوح الي التنور فوضع عليها طيناً فختمه حتي ادخل جميع الحيوان السفينة ثم جاء الي التنور ففض الخاتم و رفع الطين و انكسفت الشمس و جاء من السماء ماء منهمر صبّ بلا قطر و تفجر الارض عيوناً و هو قوله عزّوجلّ ففتحنا ابواب السماء بماء منهمر و فجرنا الارض عيوناً فالتقي الماء علي امر قدقدر هـ و اما سبب حمل هذه الحيوانات فلوجوه منها ان الانسان مايتم تمام معاشه و معاده الاّ بها فان في كل منها خاصية تنفع الانسان ليست في غيرها كما اشارت اليها الاخبار و اما الفواكه و الاشجار فهي لماكانت تفسد اذا قطعت من اصلها بخلاف الحيوان جعلت في الارض و هي حاملة لبذرها مستودعة لها يخرجها اللّه عزّوجلّ منها اذا احتاج الخلق اليها و اما الحيوانات فهي في تحققها محتاجة الي اسباب كثيرة لم‏تجر عادة اللّه عزّوجلّ علي اجرائها بدونها و لم‏تنضج بنية العالم حتي يكون جميع احواله فعلية فلذا امره اللّه عزّوجلّ ان‏يحمل في السفينة من كل زوجين اثنين لتوقف النظام عليه.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي لنبيه9 ليغفر لك اللّه ماتقدم من ذنبك و ماتأخر.

اقــول: لبيانه وجوه كثيرة مستفادة من الاخبار و نحن نكتفي بوجهين منها طلباً للاختصار احدهما ما في العيون عن مولينا الرضا7 انه سئل عن هذه الآية قال7لم‏يكن احد عند مشركي اهل مكة اعظم ذنباً من رسول‏اللّه9 لانهم كانوا يعبدون من دون اللّه ثلثمائة و ستين صنماً فلما جاءهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 494 *»

بالدعوة الي كلمة الاخلاص كبر ذلك عليهم و عظم قالوا أَََ جعل الآلهة الهاً واحداً الي قوله الاّ اختلاق فلما فتح اللّه علي نبيه مكة قال يا محمد انا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك و ما تأخر اي عند اهل مكة و قريش يعني ما تقدم قبل الهجرة و بعدها فانك اذا فتحت مكة بغير قتل لهم و لا استيصال و لا اخذهم بما قدموا من العداوة و القتال غفروا ما كانوا يعتقدونه ذنباً لك عندهم متقدماً و متأخراً و ما كان يظهر من عداوته لهم في مقابلة عداوتهم له فلما داره(رأوه خ ل) قدتحكم و تمكن و ما استقصي غفروا ماظنوه من الذنوب و ثانيهما ماروي عن الصادق7 كمارواه القمي انه سئل7 عن هذه الآية فقال (لا خ ل)واللّه ما كان له ذنب و لا همّ بذنب ولكن اللّه حمله ذنوب شيعته ثم غفرها له و عنه7 ايضاً في هذه الآية قال واللّه ماكان له ذنب ولكن اللّه سبحانه ضمن له ان‏يغفر ذنوب شيعة علي7 ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر هـ و ذلك لانهم: جعلوا شيعتهم منهم كماقال الحجة7 اللّهم ان شيعتنا منا خلقوا من فاضل طينتنا و عجنوا بماء ولايتنا الدعاء فجعلوا معصية شيعتهم معصيتهم لكمال الاتصال الذي بينهم لان مرجع العبد الي سيده و معوّله الي مولاه و كل الشيعة عبيد لمحمد و آله9 و محسوبون منهم فجعلوا سلام اللّه عليهم ذنوبهم منسوبة اليهم فاستغفروا اللّه عنها فغفرها اللّه لهم فقال ليغفر الله ما تقدم من ذنبك اي من ذنب شيعة علي7 من آدم الي زمانه7 لانهم كلهم من شيعة علي7 لانه7 كان ولياً و آدم بين الماء و الطين و كذلك محمد9 كان نبياً و آدم بين الماء و الطين فالمؤمنون من كل امة مع انبيائهم من امة محمد و شيعة علي صلي اللّه عليهما و ان من شيعته لابراهيم. و ما تأخر الي يوم القيمة و في هذا المقام تفصيل لايسع الوقت لذكره و المغفرة العامة لكل الشيعة ان لايدخل احداً منهم النار الاصلية و ان ادخل بعضهم النار التي في الحظاير تطهيراً لدرن ذنوبهم و استيهالاً لدخول الجنة و لذا قال مولينا الصادق7 في قوله تعالي ما لنا لانري رجالاً كنا نعدهم من الاشرار

 

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 495 *»

أتخذناهم سخرياً ام زاغت عنهم الابصار قال7 واللّه لايرون منكم مائة و لايرون منكم خمسين و لايرون منكم عشرة بل و لايرون منكم واحداً(احداً خ ل) انكم في الجنة تحبرون و في النار تطلبون.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي هو الذي في السماء اله و في الارض اله.

اقــول: يعني انه سبحانه القيوم الصمد في كل اوان و مكان لم‏تغيره الازمنة و الدهور فهو هو في عزّ صفاته في كل زمان و مكان لم‏يتغير بتغير المكان و لم‏ينتقل و لم‏يختلف بزيادة و لا نقصان سبحانه و تعالي بل هو اللّه في السماء و هو اللّه في الارض و هو اللّه في المشرق و المغرب و هو اللّه في الجنوب و الشمال و هو اللّه سبحانه في كل مكان و كل حال لم‏يخل منه مكان و ليس في مكان و لم‏يغب عنه زمان و لايشمله زمان و هو اللّه في السماء و الارض و لايتوجه اهل السماء و الارض الاّ اليه سبحانه بنسبة واحدة و قدروي ان اربعة املاك التقوا احدهم من اعلي الخلق و احدهم من اسفل الخلق و احدهم من شرق الخلق و احدهم من غرب الخلق فسأل بعضهم بعضاً فكلهم قال من عند اللّه ارسلني بكذا و كذا هـ فهو سبحانه الذي في السماء اله اي معبود فيها و في الارض اله اي معبود فيها يعني هو المعبود في السماء و الارض و كل زمان و مكان لا اله الاّ هو و هذا ظاهر ان شاء اللّه تعالي.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قول المعصوم7 نحن وجه اللّه الذي يؤتي منه و لولانا لم‏ يعرف اللّه و لم ‏يعبد اللّه.

اقــول: قدذكرنا فيماسبق ان اللّه سبحانه كان من غير اقتران بزمان و لا مكان و لم‏يكن شي‏ء و هو الآن علي ما عليه كان ثم اخترع بمشيته محمداً و آله صلي اللّه عليهم هياكل انوار ناطقة بحمده و قدسه و الثناء عليه فتلألأت من نور ثنائهم علي اللّه عزّوجلّ انوار اخر فخلق اللّه سبحانه من تلك الانوار حقايق

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 496 *»

الانبياء: بسؤالهم و طلبهم و قسمها الي مائة الف و اربعة و عشرين الفاً و كل هؤلاء الانوار متقومة بنور محمد و آله9 كتقوم اشعة الشمس بها فاوحي اللّه سبحانه الي الانبياء التكاليف و الشرايع التي يعبدون اللّه بها بواسطة محمد و آله9 فكان الانبياء: لايتوجهون الي اللّه الاّ بهم و هو سبحانه لايمدهم في وجودهم و (في خ ل) تكليفهم الاّ بمحمد و آله صلي اللّه عليهم فهم: باب اللّه الي الانبياء: و بابهم الي اللّه و الباب و الوجه واحد ثم ان اللّه سبحانه خلق من نور الانبياء حقايق الشيعة المؤمنين باختيارهم ذلك عن اللّه تعالي فاوحي اليهم الشرايع و التكاليف بواسطة الانبياء بواسطة محمد9 فكان لاينزل اليهم حكم من اللّه الاّ بواسطتهم الاتري السراج فانه لاينزل حكم من النار الي الاشعة الاّ بواسطته فكذلك(فكذا خ ل) محمد و آله9 قدخلقهم اللّه سراجاً وهاجاً فاستضاء بنورهم: كل ماكان و يكون فلولاهم لم‏يكن شي‏ء فبهم تشيئت الاشياء و تذوتت الذوات و عرفت الاشياء خالقها و باريها و كيفية عبادتها لخالقها و رازقها فلا احد من الاولين و الآخرين عرف اللّه الاّ بهم و لا احد عبد اللّه الاّ بدلالتهم اما الانبياء: فقداخذوا عنهم معالم دينهم و براهين توحيدهم و اقروا بولايتهم و اما ساير الامم فعن انبيائهم اخذوا فرجع الامر اليهم صلي اللّه عليهم و اما الملائكة فقددلت الروايات المتكثرة انهم قدتعلموا معرفة اللّه عنهم: و تعليم علي7لجبرائيل من المشهورات المقبولة فهم: وجه اللّه لكل مخلوق و كلهم يتوجهون الي اللّه عزّوجلّ بهم قال علي7 نحن الاعراف الذين لايعرف اللّه الاّ بسبيل معرفتنا و في الزيارة من اراد اللّه بدأ بكم و من وحده قبل عنكم و من قصده توجه بكم و كذلك العبادة ماعرفت كيفيتها الاّ بهم صلي اللّه عليهم فلولاهم ماعرف اللّه و لا عبد اللّه.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 497 *»

قــال سلمه اللّه تعالي: و نور نبينا محمد9 و عترته الاخيار: في كم من الاصلاب و هل كانوا في اصلاب اولي‏العزم ام غيرهم و علي(فعلي خ ل) الاول ان موسي و عيسي لم‏يكن لهما اولاداً.

اقــول: قدوقع الخلاف في ذلك بعد اجماعهم علي آبائه9 الي عدنان و عنه9من لم‏يعرف آبائي الي عدنان فهو ناقص الايمان لكون آبائه9 الي عدنان معروفين متفقاً عليهم و اما مافوق عدنان الي آدم7 فاختلف اهل التواريخ فيه اختلافاً شديداً و ذكر المجلسي في بعض كتبه ان هذا الترتيب هو المشهور و هو محمد9 بن عبداللّه بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان بن ادّ بن اذر بن اليسع بن الهميسع بن سلامان بن النبت بن حمل بن قيدار بن اسمعيل بن ابراهيم الخليل7 بن تارح بن ماخور بن شروع(تارخ بن ماهور بن شروغ خ ل) بن ارغون بن فالغ(فانع خل) بن عابر بن شالح بن ارفخشد بن سام بن نوح7 بن ملك بن متوشلخ(متوشلح خ ل) بن اخنوخ بن اليارد بن مهلائيل بن فينان(قينان خ ل) بن انوش بن شيث بن آدم7 و كان7 في صلب نبيين من اولي‏العزم و هما نوح و ابراهيم8 و هما اشرف الاربعة اتفاقاً و اما تفضيل احدهما علي الآخر فاختلفوا لكن المختار عند شيخنا اطال اللّه بقاه ان نوحاً افضل من ابراهيم لقوله تعالي في الظاهر و ان من شيعته لابراهيم فان الضمير يرجع الي نوح.

قــال سلمه اللّه تعالي: لم لايجوز البقاء علي تقليد المجتهد بعد موته و لم لايجوز تقليد المجتهد و هو ميت.

اقــول: اعلم ان صاحب الشريعة و الدين هو الامام7 قدنصبه اللّه عزّوجلّ علماً لهداية الخلق كلهم فهو7 عنده الحكم و الامر و العزايم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 498 *»

و الرخص و غيرها فان كان حاضراً ظاهراً مسموع الكلام نافذ الحكم فيلقي الي كل احد من الرعايا حكمه و يعطي كل ذي‏حق حقه و ان كان غائباً محتجباً عن ابصار الخلايق لاقتضاء المصالح فيلقي احكامه و شرايعه الي المكلفين من وراء الحجب و الوسايط فاذا اقتضت الحكمة الاختلاف يجعل تلك الحجب اي الحملة مختلفة و علي كل حال فالحكم للامام7 و عنده و في يده و المجتهد في زمان الغيبة حامل ذلك الحكم عنه7 يؤدي الي شيعته و غنمه7 كالمرآة التي هي حاملة لظهور المقابل حيث لايمكن الظهور الاّ بها فمهما تلك المرآة موجودة فهي حامله للظهور فيتوجه بها اليه و اما اذا تكسرت (انكسرت خ ل) او ارتفعت فبطل الحمل و الحكاية فلا ظهور فيها فلايمكن ان‏يتوجه بها حال انكسارها الي المقابل فكذلك(فكذا خ ل) المجتهد حامل لحكم الامام7 الي الرعية في هذه الدنيا في مقام احتجاب الامام7 عن الرعية فمهما هو في هذه الدنيا فهو حامل يصح الاخذ عنه و الالتفات اليه لانه حينئذ يحكي عن الامام7 فاذا مات بطلت حامليته و حكايته فلايظهر نور الامام7فيه فلايصح الاخذ عنه و الالتفات اليه و لذا قال7 كذلك يموت العلم بموت العلماء فافهم هذا الدليل الوجداني القطعي و تدبر فيه و لاتكثر المقال فان العلم نقطة كثرها الجهال.

و اذا اردت الدليل من جهة المجادلة بالتي هي احسن فاعلم ان الاصل هو عدم التقليد مطلقاً و قدثبت علي هذا الاصل الحلبيون حيث انكروا التقليد رأساً و اوجبوا الاجتهاد عيناً لكنا نقول ان غاية ما ثبت من الادلة الشرعية تقليد الحي و اما تعميم التقليد حتي يشمل تقليد الميت فلا دليل عليه شرعاً فنقف علي حد ما قام عليه الدليل شرعاً مع ان(معظم خ ل) الاصحاب بل جلهم علي عدم الجواز و لم‏يكن جواز العمل بقول الميت الاّ شعاراً لعامة المخالفين و قدنقل اجماع الشيعة علي عدم الجواز و قال الشهيد في المسالك قدصرح بذلك الاصحاب في كتبهم المختصرة و المطولة و في غيرهما باشتراط حيوة المجتهد في جواز العمل بقوله و ان الميت لايجوز العمل بقوله و لم‏يتحقق الي الآن خلاف ممن

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 499 *»

يعتد بقوله من اصحابنا و ان كان للعامة في ذلك مشهور و قال صاحب المعالم «العمل بفتاوي الموتي مخالف لمايظهر من اتفاق علمائنا علي المنع من الرجوع الي فتوي الميت مع وجود المجتهد الحي» انتهي و لو لم‏يكن الاّ كون العمل علي قول الميت شعاراً للعامة كان كافياً في عدم الجواز لما قدصح من ان الرشد في خلافهم مع ان الآيات و الروايات الدالة علي التقليد كلها مشعرة بل ظاهرة في الحي مثل قوله تعالي فلولا نفر من كل فرقة الآية فانه ظاهر في حيوة المنذر المبين و قوله تعالي فاسألوا اهل الذكر فان الميت ليس من اهل الذكر و انما هو في اقليم غير اقليمنا فلاينفع ذكره هناك لنا هنا لان حكم الاقليمين مختلف قطعاً فافهم و قوله7انظروا الي رجل منكم روي حديثنا الحديث فان الظاهر منه النظر الي الحي.

و بالجملة هذا مما لا اشكال فيه فلايلتفت اذن الي قول من دخلت عليه الشبهة من كثرة تتبع اقوال المخالفين و قال بجواز تقليد الميت فانه قول بغير دليل و ماذكروا من الادلة كلها ضعيفة فلايقاوم ماذكرنا اذ اعظم ما عندهم امران:

احدهما لزوم الحرج و العسر لو لم‏نقل بجواز تقليد(المجتهد خ ل) الميت لان كثيراً من الازمنة و الامكنة تخلو عن المجتهد فلو لم‏يجز لزم الحرج.

و ثانيهما ان قول المجتهد الميت يفيد الظن فيجب العمل به لعموم ما دل علي حجية الظن و الجواب اما عن الاول فبالمنع منه فان اللّه عزّوجلّ يأبي كرمه ان‏ يجعل عبيده بغير علم هداية و دليل رشد الاّ انهم يقصرون في الطلب و الاهتداء و قدقال عزّوجلّ الذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا و لو فرضنا خلو زمان و مكان عن المجتهد الحي فلايلزم من دفع الحرج القول بتقليد الميت لمكان الواسطة و هي الاحتياط او القول بالمشهور او التحري او غير ذلك مما بينه ائمة الهدي: عند الاضطرار و اما عن الثاني فبالمنع من حجية الظن مطلقاً فانه لايغني من الحق شيئاً الاّ اذا كان مستنداً الي الكتاب او السنة او

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 500 *»

الاجماع او العقل المتفق‏عليه و لا ريب ان حجية الظن المستفاد من قول الميت تقليداً لاتستند الي شي‏ء مماذكرنا فلا حجية في هذا الظن و الحاصل ان هذا قول حادث في اصحابنا فلايلتفت اليه بوجه لعدم مساعدة الدليل و كذلك لا فرق بين التقليد الابتدائي او البقاء علي التقليد السابق لعموم ما دل علي حرمة تقليد الميت و اما ما جوزه بل اوجبه بعض العلماء متمسكاً بالاستصحاب بان الحكم الشرعي من الوجوب و الندب و غيرهما قدتعلق بالمقلد بتقليده و لم ‏يعلم كون الميت و افعاله(الميت رافعاً له خ ل) فالاصل بقاؤه او ان تقليد المقلد قدصح في حال حياة المجتهد فالاصل بقاؤه بعد موته فباطل فان الاستصحاب انما يجري اذا كان الموضوع باقياً و اما اذا تغير فلا كما نحن فيه لان المقلد في معرفته للاحكام ليس مستقلاً و انما هو فرع و مستند الي غيره فاذا ذهب الاصل و تغير فالفرع بالطريق الاولي فان ما يعرف المقلد نور وقع عليه من ذلك المجتهد فاذا هلك المجتهد فلايبقي نوره كمن وقف مقابلاً للشمس فاستنار بنور الشمس فاذا غابت الشمس فلايبقي النور علي ذلك المستنير فاذا حصل التغير في الموضوع بطل حكم الاستصحاب.

و بالجملة دليل المجادلة بالتي هي احسن لايوقف الانسان علي اليقين و البصيرة التامة و الذي يوصل الانسان الي البصيرة التامة هو دليل الحكمة و أنا قداشرت لك اليه في المقامين فتدبره فانك تجد الامر واضحاً ان‏شاءاللّه و لايمكنني الاطناب في المقال لما انا عليه من(من علة خ ل) تهجم الامراض.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما الثمرة في قتل يزيد بن معاوية يوم القيمة اذ جهنم اشد عذاباً من القتل و هذا ينافي ايضاً ان يوم القيمة ليس فيه موت.

اقــول: ان هذه القيمة هي القيامة الصغري و هي رجعة آل‏محمد: يخرج يزيد بن معوية و جميع اصحابه و انصاره و اعوانه علي قتل الحسين سيد شباب اهل الجنة7و ذلك حين خرج الحسين7 و الثمرة فيه طلب القصاص و تشفي صدر الشيعة و الانصار الذين

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 501 *»

قتلوا مع الحسين7 و هذا رجوع و بعث الي الدنيا ليستكمل السعداء ما اعد اللّه لهم من النعيم المقيم في الدنيا و يستكمل الاشقياء ما اعد اللّه لهم من الخسران و العذاب في الدنيا و ليستولي اولياء اللّه علي اعداء اللّه في الدنيا و اما الآخرة فلها حكم آخر و العذاب(لعذاب خ ل) الآخرة اشد و ابقي و اما هذا الرجوع لاستيفاء الحقوق الدنياوية و يعذبونهم اذا رجعوا بكل العقوبات الدنياوية بايدي المؤمنين لتشفي صدورهم منهم حتي ورد انهم يقتلون لكل مؤمن سبعين الف قتلة و اما القيامة التي ليس فيها موت هي يوم الفزع الاكبر و يوم نحشرهم فلا يغادر (فلانغادر خ ل) منهم احداً فهنالك يذبح الموت علي صورة كبش املح و يرجع كل شي‏ء اصله قال تعالي و ان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون.

قــال سلمه اللّه تعالي: و الاموات الذين لم‏ يمحضوا الايمان و لا الكفر الاحاديث تدل علي انهم لايحاسبون في القبر فهل ارواحهم تبقي مع اجسادهم في حفرهم الي يوم القيمة ام يخرجون في الرجعة ام تروح الي الجنة(جنة خ ل) الدنيا ام الي النار و هل المراد بهم اهل الكباير من الشيعة ام مطلق العصاة منهم ام غيرهم.

اقــول: اعلم ان الناس علي ثلثة اقسام:

الاول قوم طلبوا الحق و عرفوا الحق و قبلوا الحق و عملوا الحق فثبتهم اللّه بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و الآخرة فهم لايزالون مطمئني(مطمئنين خ ل) القلب باردي الفؤاد لايضطربون في امر دينهم و لايشكون و لايرتابون اولئك الذين كتب اللّه في قلوبهم الايمان و ايدهم بروح منه.

الثاني قوم اعرضوا عن الحق و مالوا عنه الي الباطل و عاندوه لمّا ظهر لهم و انكروه حيث تبين لهم كما قال عزّوجلّ يعرفون نعمة اللّه ثم ينكرونها و اكثرهم الكافرون فخذلهم اللّه و طبع علي قلوبهم و ختم علي سمعهم و جعل علي ابصارهم الغشاوة(غشاوة خ ل) و لهم عذاب عظيم اولئك الذين لهم قلوب

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 502 *»

لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم آذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضل و اولئك هم الغافلون.

الثالث قوم غلبت عليهم الاعراض و الرطوبات و تراكمت عليهم الميولات المتدافعة المتعارضة فقعدت بهم عن الادراك و المعرفة فطائفة وافقوا الاولين من غير علم و بصيرة و قالوا بقولهم و سلكوا مسلكهم بظاهر العمل و الاخري وافقوا الآخرين كذلك و قالوا بقولهم و سلكوا مسلكهم بظاهر العمل و القول او انه ما استقرت لهم طريقة كالمجانين و الذين لم ‏يسمعوا صيت الاسلام و الذين ماتوا في زمن الفترة و امثالهم.

فالقسم الاول قدحكم اللّه سبحانه عليهم في ظاهرهم و باطنهم فاذا قبضت ارواحهم انفتحت لها ابواب السموات حتي صعدت الي تحت العرش فتسجد للّه تحت عرشه ثم ترجع الي حفرتها فبعد سؤال منكر و نكير بعد رومان فتّان القبور تأوي الي جنة الدنيا جنة هورقليا في جهة المغرب و يبقي جسده في قبره يفتح له باب من الجنة فيأتيه هناك من روح الجنة فيتنعم الي ان‏يأتي اوان الرجعة فيرجع الي الدنيا من اراد اللّه فهؤلاء(هؤلاء خ ل) هم ماحضوا الايمان محضاً.

و اما القسم الثاني فهم في مقابلة القسم الاول في جميع ما ذكرنا فتعذب ارواحهم بعد موتهم في عيون بقر و في بلهوت؟ في وادي برهوت عند عين الشمس في المشرق و يفتح باب من النار في قبره يعذب فيه جسده الي رجعة آل‏محمد9 فيرجع اللّه سبحانه الارواح الي الابدان فيخرجها للعذاب و النكال نعوذباللّه من سخط اللّه و هؤلاء هم اصحاب الشمال (و خ ل) ماحضوا الكفر محضاً.

و اما القسم الثالث فهؤلاء يبقون في قبورهم و يلهي عنهم الي يوم البعث فارواحهم و ابدانهم في حفرهم(حفرتهم خ ل) و لهم مراتب علي حسب تنبههم في هذه الدنيا فمنهم من يخدّ لهم خداً من الجنة في قبورهم يأتيهم منها روح ان كان من اهل الايمان في ظاهر اعمالهم و منهم من يخد له من النار في قبورهم

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 503 *»

فيأتيهم منها عذاب علي مقدار كفره و انكاره و منهم من لايشعرون بشي‏ء الي يوم القيمة و هؤلاء هم الذين لم‏يمحضوا الايمان و لا الكفر و هذه حالهم الي يوم القيمة كما دلت عليه الروايات كما عن الباقر7في الكافي و تفسير علي بن ابراهيم و هؤلاء لايرجعون في الرجعة و لايدخلون جنة الدنيا و لا نارها و لا اختصاص لهم باهل الكباير من الشيعة لانهم قديكون(يكونون خ ل) من العارفين و هؤلاء يعذبون اغلبهم في البرزخ كما عن الصادق7 انا نخاف عليكم في البرزخ و كذا لا اختصاص لهم بالعصاة بل كثيراً ما يتفق ان الرجل تراه في الظاهر عابداً زاهداً يتجنب المعاصي و هو من الذي لم‏يمحض الايمان و لا الكفر و نظايره كثيرة و كذا العكس بل القاعدة فيهم ما ذكرنا لك انه دخل في الشي‏ء من غير بصيرة و هو يكون من الشيعة و من غيرهم من ساير الملل و الفرق من اهل الاسلام و غيرهم من ساير الكفار و هؤلاء يجدد(يتجدد خ ل) لهم التكليف في القيمة اما الي الجنة او الي النار قال الله عزّوجلّ و آخرون مرجون لامر اللّه اما ‏يعذبهم و اما يتوب عليهم.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني تطاير الكتب يوم القيمة.

اقــول: اعلم ان العبد اذا مات فادخل في قبره يأتيه ملك اسمه رومان فتان القبور فيقول له اكتب فيقول الميت اي شي‏ء اكتب يقول اكتب اعمالك فيقول ما عندي مداد يقول ريقك و يقول ما عندي قلم يقول اصبعك و يقول العبد ما عندي قرطاس يقول قطعة من كفنك فيقول ما اذكرها يقول انا اذكرك اياها فيملي عليه و هو يكتب فلايدع صغيرة و لا كبيرة الاّ احصيها ثم يطوق ذلك الكتاب في عنقه فيكون عليه ثقل جبل أحد فان كان مملواً من الحسنات يستر لها(بها خ ل) و ان كان مملواً من السيئات كان ذلك اول عذابه و هو قوله تعالي و كل انسان الزمناه طائره في عنقه و نخرج له يوم القيمة كتاباً يلقيه منشوراً إقرأ كتابك كفي بنفسك اليوم عليك حسيباً فاذا كان يوم القيمة تطايرت الكتب فمن كان محسناً اتاه كتابه من وجهه و اخذه(اخذ خ ل) بيمينه و من كان مسيئاً اتاه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 504 *»

كتابه وراء ظهره و ضربه و خرق ظهره و خرج من صدره و اخذه بشماله فيقفون صفاً جميع الخلايق بين يدي كتاب اللّه الناطق صلوات اللّه عليه و هو الذي يعرض عليه الاعمال فينطق علي الخلايق بماكانوا يعملون و كل ينظر في كتابه فلايخالف حرف حرفاً و هو يقول قولاً واحداً و هو قوله تعالي و تري كل امة جاثية كل امة تدعي الي كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق انا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون لانه كانت اعمال الخلايق تعرض عليه في دار الدنيا.

قــال سلمه اللّه تعالي: و هذا الدود الذي يأكل لحوم الاموات في القبر هل يحييه اللّه تعالي في(يوم خ ل) القيمة ثم يعود لحماً كما كان ام يضمحل و يكسيها اللّه غيره.

اقــول: ان كل شي‏ء له اعراض تعرض عليه من الامور و الاوضاع الخارجية و له ذات و تأصل بها هو هو لايمكن له تحقق بدونها و منه الاجساد التي في القبور فان لها اجزاء ذاتية و اجزاء عرضية اما الذاتية فانها تبقي في القبر و لا لاحد تسلط عليها من الجن و الانس لانها فوق هاضمة اهل الدنيا و اما الاعراض فهي التي يتصرف فيها فالدود الذي يأكل لحوم الاموات ما يأكل من الاجزاء الذاتية التي هي الطينة الاصلية فانه قدروي عن الصادق7 بانها تبقي في القبر مستديرة لكنها لاتري لشدة صفائها و كمال نورانيتها و انمايأكل من الاجزاء العرضية و تلك ايضاً ليست جزءاً ذاتياً له فاذا اعيد يوم القيمة يعاد علي ما هو عليه من الذاتيات الاصلية فاذا اكل الانسان او السبع او غيره جميع لحوم اهل الارض فلاترجع الاّ الي التراب و يعود كل واحد منهم في(يوم خ ل) القيمة علي ما هو عليه من اللطايف الذاتية لانهم ما أكلوا من الجسد الذاتي الحقيقي و انما أكلوا من الاعراض فاذا عاد كل شي‏ء الي اصله رجعت الاعراض الي اصولها و مباديها و كذلك الذوات و الجواهر فكل شي‏ء من جسم او جسد او روح او نفس او غير ذلك له ذاتيات لاتفارقه لانها كينونته و له اعراض تفارقه

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 505 *»

و لماكانت هذه الدنيا دار تكليف و امتحان اختلطت الاعراض مع الذاتيات و الآخرة لماكانت دار التصفية و رجوع الاشياء الي مباديها و اصولها ترجع الاشياء الي كينوناتها الاصلية و تصفي الاعراض و الغرائب كالذهب المغشوش و الذهب المصفي فجسد الانسان يحشر يوم القيمة علي ما هو عليه في الذات و الاصل لان الدود مثلاً او السبع ما أكلا من الاجزاء الذاتية و انما أكلا من العرضية و الاعراض ليست داخلة في حقيقة الذات حتي لايتم بدونها و الدود و السبع ايضاً يحشران علي ما هما عليه في الدنيا فكل‏ ما هو من ذاتيات لحوم الانسان رجعت اليه لانها فوق هاضمة الدود و السبع و كل‏ما هو من عرضياته ترجع الي التراب فافهم فاني كررت العبارة لاجل التفهيم.

قــال سلمه اللّه تعالي: و هل جنة الآخرة و النار موجودتان في الدنيا ام في الآخرة ينشئان و هل يكونان في السماء ام في الارض.

اقــول: لا شك انهما موجودتان الآن و قددخلهما النبي9 ليلة المعراج و اخبر اللّه عزّوجلّ بوجودهما في كتابه العزيز في غير موضع و لاينشئان في الآخرة والاّ لزم وجود الاشرف بعد الاخس بل ليس في هذه الدنيا نور و رحمة و خير و لذة الاّ من الجنة التي في الآخرة و كذلك الشرور بالنسبة الي النار و قدروي ان هذه النار التي في(هذه خ ل) الدنيا قداخذت من نار جهنم اخذها جبرئيل7 و غسلها في الكوثر سبعين مرة والاّ لأحرقت الدنيا و ما فيها و بالجملة وجودهما من ضروري المذهب لايختلف احد من الشيعة فيه.

و اما قولكم في الدنيا فاعلم انهما موجودتان في باطن باطن الدنيا فلو كانتا في الدنيا لماكان فرق بين الدنيا و الآخرة و انما قلت باطن الباطن لان باطن الدنيا هو البرزخ و فيه جنة الدنيا و نارها و باطن البرزخ و غيبه جنة الآخرة و نارها فاذا اردت ان‏تعرف ذلك فاعلم انك نسخة العالم الاكبر كماقال اميرالمؤمنين7 :

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 506 *»

و تزعم انك جرم صغير   و فيك انطوي العالم الاكبر
و انت الكتاب المبين الذي   باحرفه يظهر المضمر

فانظر في نفسك فانك انت الذي في الدنيا و انت الذي في البرزخ و انت الذي في الآخرة و ليس الذي في البرزخ غير الذي في الدنيا و كذا الذي في الآخرة غير الذي في البرزخ و الدنيا والاّ لبطل الثواب و العقاب فكذلك العالم الاكبر بعينه فيكون عالم البرزخ غيباً لهذه الدنيا و الآخرة بجنتها و نارها غيباً و باطناً للبرزخ فنسبة جنة الدنيا و نارها الي نعيم الدنيا و اليمها نسبة السبعين الي الواحد و نسبة جنة الآخرة و نارها اليها نسبة الاربعة الآلاف و التسعمائة الي الواحد.

و اما قولكم انهما في السماء او الارض فقداشرنا الي حقيقة الجواب و نقول ايضاً كيف يمكن ان‏ يكونا في الارض او السماء من السموات السبع مع ان ادني ما يؤتي لاحد في الجنة جنة عرضها عرض السموات و الارض كما قال عزّوجلّ و سارعوا الي مغفرة من ربكم و جنة عرضها السموات و الارض و في الحديث ان المؤمن اذ ادّي زكوة ماله يخلق اللّه سبحانه فرساً كاحسن جواد في الدنيا فيقال للمؤمن إركب هذا الفرس و اركض في ارض الجنة سنة فمابلغ جوادك فهو لك و انه يقطع في أقل من طرفة عين(العين خ ل) بقدر الدنيا سبع مرات تأمل في هذا الحديث بعين البصيرة و أنظر كيف يمكن للدنيا ان ‏تسع جنة الآخرة و نارها فجنة الآخرة في باطن الكرسي الذي قال عزّوجلّ وسع كرسيه السموات و الارض، و سقفها عرش الرحمن كما في الحديث و نار الآخرة تحت الارض السابعة السفلي بل تحت الصخرة و الثور و الحوت و البحر و الريح العقيم نعوذ باللّه من النار.

قــال سلّمه اللّه تعالي: و كيف يجوز علي اللّه تعالي ان ‏يعذب الجمادات و هي لاتعقل حين اتخذت اصناماً اذ من شأن من يعقل ان‏يكون له قابلية الامتناع

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 507 *»

فهي لو فرض لها ادراك في‏الجملة و بحسبها فهي مجبورة علي ذلك من الخلق و علي تقدير تعذيبها فهل تعذب في جهنم ام نوع آخر من العذاب و الطائع منها في الجنة يجزي ام نوع آخر من النعيم و علي الاولين فما الفرق بين البشر و بينها و كيف صورة حسابها.

اقــول: قددلّ العقل و النقل علي ان كل ذرة من ذرات الوجود باي نوع من انواعه لها شعور و اختيار و قبول و امتناع كما قال عزّوجلّ في الجماد انا عرضنا الامانة علي السموات و الارض و الجبال فابين ان‏يحملنها و اشفقن منها فاثبت اللّه عزّوجلّ لها الامتناع و عدم القبول و الاشفاق و الخوف و هو سبحانه اصدق القائلين و قال عزّوجلّ فقال لها و للارض ائتيا طوعاً او كرهاً قالتا أتينا طائعين فاثبت عزّوجلّ لها القبول و الطاعة و المحبة فكل ذي‏شعور(يحب خ ل) يجب ان‏يكلف و الاّ لكان خلقه عبثاً و وجوده مهملاً و كل مكلف يجري عليه الثواب و العقاب و الحشر و النشر فظهر ان اللّه عزّوجلّ يعذب الجمادات بسوء اختيارها و عدم قبولها لطاعة ربها و اما الاحجار التي تؤخذ اصناماً فانما تعذب لرضائها بان‏تعبد من دون اللّه عزّوجلّ فان الذين عبدوا من دون اللّه سبحانه علي قسمين قسم ماكانوا راضين بذلك و يرون انفسهم عبيداً اذلاّء كمولينا علي بن ابي‏طالب و الائمة: و عيسي بن مريم8 و الملائكة و امثالهم و قسم رضوا بذلك و فرحوا به كفرعون و شدّاد و الشمس و القمر و بعض الاحجار التي اتخذت اصناماً و قداشار سبحانه و تعالي الي القسمين فقال عزّوجلّ انكم و ما تعبدون من دون اللّه حصب جهنم انتم لها واردون فاشار الي القسم الثاني ثم قال عزّوجلّ ان الذين سبقت لهم منا الحسني اولئك عنها مبعدون فما عذبت الاحجار حين اتخذت اصناماً الاّ لرضائها بذلك و قداشار اللّه اليه بقوله تعالي لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها بضمير العقلاء لانها لو لم‏تكن لها عقول لقال ماوردتها و انما قال ماوردوها للدلالة علي ان لها عقولاً فاذا ثبت ان لها عقول و شعور(عقولاً و شعوراً خ ل) فهل رضيت بان‏ يعبدوها من دون اللّه ام لا فان رضت(رضيت خ ل) فهو الذي قلنا لك و ان لم‏ترض فاللّه سبحانه اعز و

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 508 *»

اكرم من ان‏ يعذب من يقال فيه شي‏ء لايحبه بمجرد القول فيه فعلي هذا يلزم ان‏يعذب عيسي بن مريم و الملائكة: حيث عبدوهم فثبت ان العذاب انما هو لرضائها و طلبها ان‏تعبد من دون اللّه.

و اما قولكم ليس لها قابلية الامتناع فقدصرح الحق سبحانه بان لها قابلية الامتناع بل امتنعت حين(حيث خ ل) عرضت عليها الامانة لان‏يقبلها ثم انها لو امكن اجبارها و ليست لها قابلية الامتناع فلاي شي‏ء لم‏يكن(لا يمكن خ ل) ان‏يبني الجدار من الماء السيال او يظهر الرطوبة من الحجر الصلد مثلاً فلو امكن للخلق اجبارها فلم لايجبرونها فيما ذكرنا بل الاشياء كلها مختارة قابلة في احوالها و شئوناتها الاّ ان بعضها لضعفه ما يمكنه اظهار الآثار المتضادة الاّ باعانة الامر الخارج و الكلام فيه طويل و الاشارة كافية لاهلها.

و اما ان تعذيبها في جهنم الخ فقدقال شيخنا و مولينا اطال اللّه بقاه و جعلني فداه «ان القصاص من الجمادات و الاشجار فانه في الدنيا كما وردت به الاخبار الكثيرة مثل ان زمزم افتخرت علي الفرات فاجري اللّه فيها عيناً من صبر و مثل قوله7 لو طغي جبل علي جبل لهدّه اللّه و امثال ذلك كثيرة و انما كانت عقوبة الجمادات مثل ما ورد ان الارض السبخة و الماء المالح و النبات المرّ كالبطيخ المر لما عرضت عليها ولاية محمد و اهل‏بيته9 و لم‏يقبل جعلت مرة و مالحة و انما جعلت عقوبتها في الدنيا لانها ليس لها اختيار كلي قوي فينتظر بها (الي خ ل) الآخرة عسي ان‏ترجع بل اختيارها جزئي لايكاد يرجي رجوعها و انما اخرت عقوبة الاصنام الي الآخرة و ان كان اختيارها و ادراكها جزئياً لاجل التبكيت لمن يعبدها من دون اللّه» انتهي كلامه جعلني اللّه فداه و هو متضمن لجواب ما سألت و صورة حسابها اعطاء ما سألت و طلبت بلسان قابليتها حين ما عرضت عليها ولاية الائمة: فان بادرت بالقبول (القبول خ ل)جعلت طيبة طاهرة في الجمادات كالمعادن من الذهب و الفضة و الياقوت و امثالها و في الاشجار جعلت مثمرة حلوة نضرة و ان انكرت جعلت سبخة و مالحة و مرة كمامرّ.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 509 *»

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما السر في ان القمر بعد النصف من الشهر ينقص و يضعف حتي انه يري في اول كل شهر كما يري بعد ذلك النور العظيم و الشمس تبقي علي حالها و اين تذهب في الليل و مايكون سبب انكسافهما.

اقــول: ان الشمس لماكانت خلقها اللّه سبحانه نيرة بذاتها مضيئة بجوهرها و الكواكب ماعداها كلها مستنيرة و مستضيئة(مضيئة خ ل) بها كانت حال الشمس لاتختلف في الغروب و الطلوع بزيادة النور و نقصانه و تختلف احوال الكواكب الأخر في ازدياد النور و نقصانه و لماكان القمر اقرب الكواكب الينا و اشد بياضاً من غيره و اسرعها في الحركات كان تحس زيادة النور و نقصانه فيه دون ساير الكواكب و الوجه فيه ان الافلاك لماكانت مستديرة و بعضها اسرع حركة من الآخر لم‏يكن للكواكب المركوزة فيها ان‏تكون نظراتها متسقة فتختلف بالسرعة و البطؤ لامحالة و القمر له مع الشمس اجتماع و افتراق فاذا اجتمع مع الشمس في درجة واحدة لايري للقمر نور لانه جرم كثيف و واقع تحت الشمس فيكون الطرف الذي يقابلنا مظلماً و الوجه المقابل للشمس مستنيراً فاذا تحرك و تطرف استنار الطرف المقابل فكلما يبعد تظهر المقابلة للنور اكثر حتي اذا بعد عنها بنصف الفلك و هو نظر المقابلة في اصطلاح اهل النجوم يقابل الشمس بكل الوجه الذي يلينا و هو نهاية البعد عن الشمس و هي ليالي البيض و في هذه الليالي تقع الخسوف في العادة لان الارض يمكن ان‏ تكون حائلة بين القمر و بين الشمس فينخسف القمر بقدر الحيلولة لاحتجاب نورها عنه بقدر الحيلولة فاذا تجاوز النصف يأخذ بالقرب من الشمس فيتطرف كماذكرنا اولاً فكلما يقرب اليها يضعف و ينقص حتي يقع تحت شعاع الشمس اي في درجتها بالمقابلة و المحاذاة حتي لايبقي له نور في الوجه الذي يلينا فاذا بعد عن درجة الشمس بقدر اثني‏عشر درجة يقابل الشمس بطرف منه و لما كان شكل القمر مستديراً فيستنير قوساً من محيطه وهكذا كلما بعد زاد استنارة الي النصف كما ذكرنا و اما الشمس فليس نورها مكتسباً من الغير حتي تختلف

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 510 *»

حالاتها بمقابلتها مع ذلك الغير كالقمر فانه مستنير من الشمس و مكتسب عنها كما قال عزّوجلّ هو الذي جعل الشمس ضياءاً و القمر نوراً.

و اما قولكم اين تذهب في الليل فاعلم ان الشمس اذا غربت ترفع من سماء  حتي ترفع الي السماء السابعة العليا حتي تكون تحت العرش فتخر ساجدة فتسجد معها الملائكة الموكلون بها ثم تقول يا رب من اين تأمرني ان‏اطلع من مغربي ام (من خ ل) مطلعي فيأتيها جبرئيل بحلة ضوء من نور العرش علي مقادير ساعات النهار في طوله في الصيف او(في خ ل) قصره في الشتاء او ما بين ذلك في الخريف و الربيع فتلبس تلك الحلة كمايلبس احدكم ثيابه ثم ينطلق بها في جوّ السماء حتي تطلع من مطلعها هكذا ورد عن اهل بيت العصمة سلام اللّه عليهم و الحكماء يقولون ان الارض لما كانت مستديرة كثيفة و الفلك ايضاً مستدير فاذا قابلت الشمس جزءاً من الارض يحدث من الارض بانعكاس نور الشمس ظل مخروط و هو الظلمة و هو الليل فاذا كانت الشمس فوق الارض بالنسبة الينا كان نهاراً لنا و ليلاً لما تحت الارض فاذا تحركت و مالت عن محاذاتنا كان ليلاً لنا و نهاراً بالنسبة الي ما يقابلنا و يحاذينا من الارض و هكذا لم‏يزل يوم لطائفة و ليلة لآخرين و الشمس علي ما هي عليه و هذا القول لاينافي ما ذكرنا من الحديث و يطول الكلام بذكر رفع المنافاة و الاختصار اولي.

و اما سبب انكسافهما فقدورد عن السجاد7 قال من الاقوات(الآيات فصل) التي قدرها اللّه للناس مما يحتاجون اليه البحر الذي خلقه اللّه بين السماء و الارض و ان اللّه قدقدر فيه مجاري الشمس و القمر و النجوم و الكواكب ثم قدر ذلك كله علي الفلك ثم وكل بالفلك ملكاً و معه سبعون الف ملك و هم يديرون الفلك فاذا اداروه دارت الشمس و القمر و النجوم و الكواكب معه فتنزلت في منازلها التي قدرها اللّه فيها ليومها و ليلتها فاذا كثرت ذنوب العباد و اراد اللّه سبحانه ان‏ يستعتبهم بآية من آياته امر الملك الموكل بالفلك ان‏يزيل الفلك الذي عليه مجاري الشمس و القمر و النجوم و الكواكب فيأمر الملك اولئك السبعين الف ملك ان‏ يزيلوا الفلك عن مجاريه فيزيلونه فتصير الشمس

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 511 *»

في ذلك البحر الذي يجري الفلك فيه فيطمس ضوءها و يتغير لونها فاذا اراد اللّه ان ‏يعظم الآية طمس الشمس في البحر علي ما يحب اللّه ان ‏يخوف خلقه بالآية فذلك عند شدة انكساف الشمس و كذلك يفعل بالقمر فاذا اراد اللّه ان‏ يجليها و يردها الي مجراها امر الملك الموكل بالفلك ان‏ يرد الشمس الي مجراها فيرد الملك الفلك الي مجراه فيخرج من الماء و هي كدرة و القمر مثل ذلك ثم قال السجاد7 اما انه لايفزع لهما و يرهب بهاتين الآيتين الاّ من كان من شيعتنا فاذا كان كذلك فافزعوا الي اللّه تعالي ثم ارجعوا اليه انتهي هذا هو قول الامام7 و هو اولي بالتصديق فاحمل كل ما قال7 علي حقيقته و لاتتكلف فيه بصرفه الي المجاز فاقوال الحكماء ان كانت تطابق ما قال7 فصحيحة و الاّ فلا فلانطول الكلام بذكر ما قالوا و نطابقه بالحديث لان الحكماء تكلموا بلسان الظاهر و المجاز و اهل البيت: تكلموا بلسان الحقيقة فافهم.

قــال سلّمه اللّه تعالي: و لم كانت الشمس اشد حرارة من القمر و كيف ان الشمس في السماء الرابعة و نري نورها و حرارتها كذلك و هي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش و العرش لم‏نره.

اقــول: روي علي بن ابراهيم في تفسيره عن الباقر7 قيل له لاي شي‏ء صارت الشمس اشد حرارة من القمر فقال7 ان اللّه خلق الشمس من نور النار و صفو الماء طبقاً من هذا و طبقاً من هذا حتي اذا كانت سبعة اطباق ألبسها لباساً من النار ثم صارت اشد حرارة من القمر قيل و القمر فقال7 ان اللّه تعالي ذكره خلق القمر من ضوء نور النار و صفو الماء طبقاً من هذا و طبقاً من هذا حتي اذا كانت به سبعة اطباق البسها لباساً من ماء ثم صار(صارت خ ل) القمر ابرد من الشمس.

 و اما العرش فهو مظهر العلة الفاعلية في الاجسام فهو من شدة صفائه و لطافته و قربه من مبدئه و كونه اعلي مراتب الاجسام كان لايظهر نورها لاهل

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 512 *»

العناصر و الكثافات الارضية و العرضية بذاته(لها خ ل) و انما يظهر بظهوراته و آثاره كالكواكب خصوصاً الشمس فانها المظهر الاعظم لاهل السموات و الارضين كالروح فان آثارها لاتظهر في عالم الاجسام و الشهود الاّ بالجسد مع ان الجسد متقوم بالروح و لا نسبة لقوة نورانية الروح بظلمانية الجسد كذلك العرش فان اهل الارض من اهل العناصر لايمكنهم ان‏ يشاهدوا نور العرش الاّ من وراء الحجاب كالشمس و القمر و ساير الكواكب و الاّ فلا شي‏ء في الجسمانيات(للجسمانيات خ ل) الاّ و قدسري فيه نور العرش بل كل الجسمانيات انوار متلألأة من العرش و انما خفي لشدة ظهوره و استتر لعظم نوره و الابصار قاصرة عن مشاهدة تلك الانوار الاّ اذا خرج عن طور هذا العالم الحسي و دخل في الباب الملكي الصوري اذ هناك تظهر له الانوار العرشية و يشاهد استواء الرحمن عليه فافهم و الشمس جزء من سبعين جزءاً من نور الكرسي و الكرسي جزء من سبعين جزءاً من نور العرش فالشمس جزء من اربعة آلاف و تسعمائة جزء من نور العرش.

قــال سلمه اللّه تعالي: و اي شي‏ء اول ماخلقه اللّه و اطاعه و اي شي‏ء اول ماخلقه اللّه و عصاه و اي شي‏ء يبقي الي آخر الدنيا.

اقــول: اعلم ان اللّه سبحانه اول ماخلقه العقل نورانياً من الماء العذب الفرات فاستنطقه ثم قال له اقبل فاقبل ثم قال له ادبر فادبر فقال عزّوجلّ و عزتي و جلالي ما خلقت خلقاً احب الي منك و لااكملتك الاّ فيمن احب فالعقل اول ماخلقه اللّه كماقال9اول ما خلق(خلقه خ ل) اللّه عقلي و اول ما خلق اللّه القلم و اول ماخلق اللّه روحي و المراد من الكل واحد باعتبار و هو اول من وقع عليه الخطاب التكليفي بالاقبال و الادبار فامتثل امر اللّه و آمن و اطاع فجعله اللّه نبياً و جعل له الهيمنة علي كل الخلق و لذا كان عالمه عالم الجبروت.

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 513 *»

و اما اول ماخلقه اللّه و عصاه فهو الجهل الكلي الذي في مقابلة العقل الكلي خلقه اللّه عزّوجلّ ثم قال(له خ ل) ادبر فادبر ثم قال له اقبل فلم‏يقبل فخالف امر اللّه و عصي حكم اللّه فلعنه اللّه و طرده فصار سبب طغيان كل الطغاة و علة عصيان كل العصاة و مبدأ ظلمة كل الظلمات و لايعصي احد الاّ بوجه من وجوهه.

و اما الذي يبقي الي آخر الدنيا فهو ابليس خلقه اللّه عزّوجلّ قبل آدم اول الدنيا ثم كلفه بالسجود لآدم7 فامتنع و ابي فلعنه اللّه و غضب عليه فاستنظره سبحانه الي يوم القيمة فانظره اللّه عزّوجلّ الي يوم الوقت المعلوم و هو آخر الدنيا عند ظهور الجنتين المدهامتين عند مسجد الكوفة فيقتل و يموت لعنه اللّه و لهذا الكلام وجوه كثيرة و فيما ذكرنا كفاية لأولي الدراية.

قــال سلمه اللّه تعالي: و ما معني قوله تعالي و كان ربك قديراً.

اقــول: الظاهر ان وجه الاشكال في اتيان الفعل بصيغة الماضي لان قدرته عزّوجلّ هي ذاته و ذاته سبحانه و تعالي لايوصف بمضي و لا حال و استقبال لانه عزّوجلّ فوق الزمان و المكان بلانهاية.

الجواب ان الافعال المستعملة في اللّه سبحانه مثل قوله7كان اللّه و لم‏يكن معه شي‏ء و امثال ذلك كلها منسلخة عن الزمان اذ لاتقع هذه العبارات علي الذات البحت و انما هي تعبيرات للدلالة و البيان و لايراد منها خصوصات(خصوصيات خ ل) الصيغة و لذا قال اميرالمؤمنين7فان قيل كان فعلي معني ازلية الوجود انتهي فلايراد منه زمان الماضي حتي يرد الاشكال و القدرة قدرتان احديهما هي ذاته عزّوجلّ بلامغايرة لا فرضاً و لا مفهوماً و ثانيهما هي القدرة الفعلية و هي المتعلقة بالمقدورات و هي التي تقبل التشكيك كما في قوله7 في دعاء سحر اللّهم اني اسألك من قدرتك باوسعها و كل قدرتك واسعة اللّهم اني اسألك بقدرتك كلها و القدرة هي الهيمنة و التسلط علي كل شي‏ء ممكن

 

«* جواهر الحکم جلد 13 صفحه 514 *»

مما يحس و يجس و يتخيل و يتوهم و يتفكر و يتصور و يتعقل و يشاهد و يعرف بحيث لايشذ عنها شي‏ء و هو واضح ظاهر ان شاء اللّه تعالي.

قدفرغ من تسويد هذه الاجوبة منشيها كاظم بن قاسم الحسيني يوم الاحد الرابع من شهر ذي‏القعدة الحرام مع كمال اختلال البال و اغتشاش الاحوال و اللّه المستعان في المبدأ و المآل من شهور سنة 1235.