16-01 شرح القصيدة – چاپ – الجزء الاول

شرح القصيدة – چاپ – الجزء الاول

 

 

 

من مصنفات

العالم الرباني و الحكيم الصمداني

الحاج السيد محمد كاظم الحسيني الرشتي

اعلي الله مقامه

 

بسمه تعالي

«فهـرس القصيـدة»

 

وافتك يا موسي بن جعفر تحفة
  منها يلوح لنا الطراز الاول ـ ص 11
رقمت علي العنوان من ديباجها
  ديباجة الشرف الذي لايجهل ـ ص 25
كم جاورت قبراً لجدّك فاكتست
  مجداً له انحطّ السماك الاعزل ـ ص 34
و تقدّست اذ جلّلت جدثاً ثوي
  في لحده المدّثّر المزّمّل ـ ص 73
فاشتاق ستر العرش لو بمحلّها
  يوماً علي تلك الحظيرة يسبل ـ ص 81
نشرت ففاح من النبوة نشرها
  ما المسك ما نفحاته ما الصندل ـ ص 88
اعطيت ما لم‏يحظ يعقوب به
  اذ جاءه بشذا القميص الشمأل ـ ص 99
طوبي لكم من وارثين فقد غدت
  اثار جدّكم اليكم تنقل ـ ص 101
شملتكمُ معه العبا بحيوته
  و مماته استاره لك تشمل ـ ص 115
هذا رواق مدينة العلم التي
  من بابها قد ضلّ من لايدخل ـ ص 140
هذا كتاب من غدا بيمينه
  يعطي الذي يرجو غداً و يؤمّل ـ ص 206
هذا الزبور و ذلك التورية و الـ
  انجيل بل هذا القران المنزل ـ ص 239
هذا هو التابوت فيه سكينة
  وافي علي ايدي الملائك يحمل ـ ص 269
هذا الغشاء به تغشّت سدرة
  للمنتهي و غداً عليها يُسدل ـ ص 301
هذا هو الستر الذي كشف الغطا
  عن اعينٍ بالغَيْن كانت تكحل ـ ص 310
هذا الازار يحطّ عن زوّاره
  وزراً به رضوي ينوء و يذبل ـ ص 320
لمّا به ساروا و اعلام لهم
  خفقت باثواب الجلالة ترقل ـ ص 329
باهي الالهُ بهم ملائكة السماء
  فبدت علي الزوراء ضحي تتنزل ـ ص 335
من تحت اخمص زائريه كم لها
  من اجنح نشرت وطتها الارجل ـ ص 343
و اتوا لبابك يحملون وسيلة
  المرسلون بها غداً تتوسل ـ ص 352
نزلوا علي الجرعاء من وادي طوي
  و تفرّسوا بقبولهم فترجّلوا ـ ص 361
و تقدّسوا بحظيرة القدس التي
  رِجْل ابن عمران بها لاتنعل ـ ص 369
شاموا السنا من قبتيك و عنده
  وجدوا منار هدي يشبّ و يشعل ـ ص 372
فتهافتوا مثل الفراش و احدقوا
  فغشيهم النور القديم الاول ـ ص 427
قد سبّحوا لمّا اتوك و كبّروا
  اذ شاهدوا منك الضريح و هلّلوا ـ ص 457
و تزاحموا و تراكموا و توسّلوا
  و توقّعوا و تخضّعوا و تذلّلوا ـ ص 475
جاءوك في اثار رحمة ربّهم
  قد توّجوا فيها الرءوس و كلّلوا ـ ص 478
فاقبل هدية امة الهادي التي
  منك الاغاثة في الشدائد تسأل ـ ص 495
بضجيع حضرتك الجواد محمّد
  و حفيدها و هو الامام الافضل ـ ص 513
يا كعبة الاسلام حول ضريحكم
  نسعي و نحفد بل نطوف و نرمل ـ ص 530
و حياتِكم من كنتمُ سؤلاً له
  بمماته في قبره لايسئل ـ ص 544
فترحّموا يا ال بيت المصطفي
  و تكرّموا و تفضّلوا و تقبّلوا ـ ص 561
صلّي الاله عليكمُ ما رنّحت
  ريح الصبا غصناً و غرّد بلبل ـ ص 575

 

٭   ٭   ٭   ٭   ٭   ٭   ٭

 

«* شرح القصيدة صفحه 1 *»

d

الحمد للّه الذي طرّز ديباج الكينونة بسرّ البينونة بطراز النقطة البارز عنها الهاء بالالف بلا اشباع و لا انشقاق و دارت باركانها علي نفسها فبرزت ديباجة عنوان الازل فلاح عنها الطراز الاول باستنطاق الكاف بايتلاف و وفاق و تثنّت فتكعّبت([1]) و تذوّتت فتمّ بها نظم الكلمة التي هي الاصل في الاشتقاق و هي اثنتان فعزّزنا بثالث الاصل و اربعة الفرع فنسبت فكانت مطلع قصايد ديوان الكون بظهور لا اله الاّ اللّه عند الانشاد و الاستنطاق فانتظمت و انتثرت و اختلفت و ائتلفت و اجتمعت و تفرّقت و اجملت و تفصّلت فملأت بها الافاق. و الصلوة علي السبب الخفيف الظاهر بالسبب الثقيل المستسرّ ببواطن مطالع الاشراق البيت الرفيع العالي القائم بالوتدين بل القائم به الوتدان المحوران جمعاً و فرقاً في كوني التكويني و التشريعي في رتبة التمييز و الافتراق. و علي اله و اصحابه الذين هم الفواصل الكبري و الصغري في النشأتين و نظم الكون في الكورين و بيت القصيدة في الدورين فبهم و منهم الوفاق و لهم و عنهم الفراق.

 

«* شرح القصيدة صفحه 2 *»

اما بعـد؛ فيقول العبد الجاني محمدكاظم بن قاسم الحسيني الرشتي انه قد ورد التوقيع الرفيع المنيع عن صدر دست الوزارة و بدر اوج الصدارة و محور كرة الامارة محدب افلاك الكمال محدد جهات الجمال و الجلال قطب رحي الاقبال و مركز دائرة الامال عمادالدولة البهيّة العظمي و سناد السلطنة السنيّة الكبري نور حدقة المعارف الربانية و نور حديقة العوارف الصمدانية جامع الرياستين و حائز المرتبتين الدستور الاعظم و الوزير المعظّم ابي‏الفتوح علي‏رضا پاشا بلّغه اللّه ما يتمنّاه و اخذه بهواه الي رضاه بان‏اشرح القصيدة الغرّاء و الخريدة الفريدة النوراء التي لم‏يسمح بمثلها الافكار و لم‏يحط بادراك معانيها الانظار قد سمحت بها فكرة الاديب الاريب اللبيب الحسيب النسيب النجيب البارع الصادع الرحيب الساحة الراقي اعلي مراقي البلاغة و الفصاحة مفخر الشعراء و الادباء و الفصحاء و البلغاء المؤيد بلطف اللّه الخفي و الجلي عبدالباقي افندي الموصلي لازال فسحة بساتين الفصاحة مخضرّة بزلال اشعاره و عرصة ممالك البلاغة معمورة بنشر اثاره في تهنية مولي الانام و صدر الاسلام سبط الرسول و قرة عين الزهراء البتول السيد الاطهر و النور الازهر الامام الهمام موسي بن جعفر عليهما التحية و الثناء من اللّه الاكبر حين ورود قطعة من الحجاب المحجّب به القبر المفخّم و الجدث المعظّم للنبي المقدم و الطراز الانور الاقوم9 التي اهداها الي جنابه سلطان سلاطين عصره و خاقان خواقين عهده حامي حوزة الاسلام و المسلمين حافظ قواعد الملة و الدين السلطان بن السلطان بن السلطان و الخاقان بن الخاقان بن الخاقان السلطان محمودخان تغمّده اللّه برحمته الواسعة و اوصل اليه من عوائده الجامعة انه رحيم غفور.

و لقد احببت ان‏يأتيني امره العالي و حكمه السامي في وقت و حال يمكنني ان‏اؤدي بعض حقها علي التحقيق و اوصل السالك سبيل معانيها سواء الطريق فان ماشاهدنا و رأينا بمنّه و فضله تعالي من ملكوت الاشياء و حقايق عالم الصفات و الاسماء و ذوات([2]) الكاينات العليا و السفلي و وردنا المناهل و الشوارع من الخلج

 

«* شرح القصيدة صفحه 3 *»

المنشعبة من البحر الاعظم المجتمع من الانهار الاربعة الجارية من كلمات البسملة المنتهية الي نقطة العلم التي منها برزت الاشياء و عنها صدرت و اليها عادت و رجعت و لديها اجتمعت و بها قد فصلّت كثير([3]) منها ليست له عبارة و لم‏اعط بياناً و لا اشارة و منها ما لايمكن بيانه لعدم حضور اوانه و منها مايتوقف ذكره علي بيان مقدمات غريبة بعيدة عن الافهام فيجب طيّها لقول الاكابر الاعلام لاتتكلّم بما تسارع العقول الي انكاره و ان كان عندك اعتذاره و ليس كل‏ما تسمعه نكراً اوسعته عذراً و منها ما يطول بذكر جميع ما يتوقف عليه الكلام فيخلّ بالمقام و الذي يسعنا بيانه و لايعسر برهانه قد تمنع عن نشره و بيانه العلائق و يطوي صحيفة اعلاقه العوائق مع ما انا عليه من مقاساة مضض الزمان و مكادحة الدهر الخوّان و تبلبل البال و اغتشاش الاحوال و عروض الامراض المانعة عن استقامة الحال و انّي لي في مثل هذه الحالة شرح الحقائق و ذكر غرائب النكات و الدقائق و اظهار مطويات المعاني و ابراز مستجنات القلب من اطوار البيان و المباني و حيث لايسعنا الاّ انفاذ امره العالي و الاذعان بحكمه السامي اتيت بما هو الميسور لانه لايسقط بالمعسور و مع‏ذلك قد اتيت في هذه التعليقة الوجيزة عجائب من المطالب و غرائب من المراتب لم‏يذكر اكثرها في كتاب و لا جري ذكرها في سؤال و لا جواب و لا تضمّنه كلام و لا خطاب نعم هي مستودعة في بواطن الكتاب المستطاب و مخزونة عند اهلها من العلماء الاقطاب فاعرف قدرها و اغل مهرها فسيظهر امرها اذا صاح الديك و نعق الغراب و انتشرت اجنحة الطاوس و هدرت الحمامة علي الافنان في ارض النفوس و اللّه المستعان و عليه التكلان.

و لنذكر قبل الشروع في الشرح مقدمة مهمة هي مطلع لاشراق شمس النور بتجلي الظهور علي اكناف الطور الظاهر باختلاف مقابلة مرايا القلوب اليها عجائب الامور علي مرّ الدهور و هي تشتمل علي مطالع.

المطلع الاول: اعلم ان الاشكال مغناطيس لارواحها و المراد بها الصور و الحدود

 

«* شرح القصيدة صفحه 4 *»

التي هي التعينات و جهات الماهيات و اطوار المشخصات و الهيئات و الصور المستدعية لاختلاف ظهور الوجود المطلق و النور الحق و بها اختلفت الاشياء بالجوهرية و العرضية و الذاتية و الصفتية و التجرديّة و الماديّة فكل هيئة و صورة اذا ترتّبت علي الوضع الطبيعي او غيره اقتضت ظهور فيض من الفيض المقدّس فيها علي حسبها في الاعتدال و عدمه و اليه الاشارة في قوله تعالي انزل من السماء ماء فسالت اودية بقدرها و الاودية تلك القوابل و هي الحدود المعينة و الاطوار المشخصة في عالم الالفاظ و المعاني و الحقائق و المباني و الماء هو ماء التجلي النازل من سماء المتجلي فيظهر علي حسب تلك الاودية و قابليتها فزبد متكوّن من قشور تلك الحدود بعوارض الادبار و هو الذي يذهب جفاء الشجرة المجتثّة من فوق الارض مالها من قرار و زبد متكوّن من الحدود الناظرة الي وجه مبدئها و هو الذي يوقد في نار المحبة ابتغاء حلية من لباس التقوي او متاع من اشراق نور المبدء علي صفاء القوابل.

و بالجملة اذا ترتبت الهيئات و الصور علي النظم الطبيعي يظهر اشراق شمس التجلي الفيض الالهي عن النفس الرحماني فيها علي كمال ماينبغي و ان كانت علي خلاف النظم الطبيعي يظهر ذلك الاشراق فيها لا علي كمال ماينبغي و هو كمال ماينبغي كما تشرق الشمس علي المرايا المختلفة المتفاوتة في الصفاء و الكدورة و الحمرة و الصفرة و السواد و تلك الهيئات اعمّ من ان‏تكون لفظية او معنوية اصلية او فرعية نظماً او نثراً و غيرها و هي تقتضي ظهور ما يقابلها من سرّ الكينونة في عالم البينونة فافهم و احفظ و كن منها علي ذكر.

المطلع الثاني: ان النقطة الحقيقية الالهية بعد تنزلها من حجاب الاحدية استقرت في مقر الوحدانية رتبة الواحدية فكانت عنها الالف اللينيّة و هي تكرار النقطة و تأكيدها و تحت حجاب الواحدية ظهرت بالالف المتحركة و هي الالف القائمة التي طولها الف الف ذراع كما ان الالف اللينية طولها الف الف قامة و القائمة باب اللينية و دليلها و وزيرها و في حجاب الرحمانية ظهرت الالف المبسوطة التي طولها الف الف شبر و هكذا الي تمام مراتب الحروف التكوينية و التدوينية صعوداً و نزولاً و ظهوراً و بطوناً و

 

«* شرح القصيدة صفحه 5 *»

هذه المراتب كلها متطابقة متوافقة كل سافل تفصيل للعالي و شرح و بيان له فكل ما في المراتب السافلة اصولها و حقائقها في المراتب العالية و هو قوله تعالي و ان من شي‏ء الاّ عندنا خزائنه و ماننزّله الاّ بقدر معلوم فالشي‏ء الواحد له خزائن متكثرة كلها متطابقة اذ لو كان من عند غيراللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً و هي عوالم وجوده و نزوله باطوار تعيّنات الوجود المطلق و النور المنبسط في العوالم الكونية الالهية الوجودية فكل ما في كل عالم علي طبق ما في العالم و التفاوت بالاجمال و التفصيل و الظهور و الخفاء و الخلق لهم مقامات في الوصول الي ادراك تلك الاصول و الحقايق فمن ساكن و متحرك و ان كان السكون في عالم الامكان محالاً.

المطلع الثالث: اعلم ان الخلق باجمعهم سائرون و مسافرون الي المبدء و سيرهم منحصر في اربعة اسفار:

السفر الاول من الخلق الي الحق و هو سفر كثير الاخطار بعيد المنازل صعب المراحل و كليات منازله الف الف و هو السير بقدم التوجه و الاقبال للصعود الي العوالم الالهية التي قد نزل منها من عالم الاعراض الي عالم الاجسام الثانوية الي الاجسام الاولية الي قطر كان طالع الدنيا فيه سرطان و الكواكب في اشرافها الي وقت الظهر في بدء الكون الجسماني عند تقدم النهار علي الليل قبل حصول الافاق المائلة و تحقق المشارق و المغارب و المشرقين و المغربين الي وراء جبل قاف و مشاهدة الشمس و القمر الاربعين و افلاكها و حواملها و تداويرها و الوانها([4]) و طبايعها و انظار كواكبها و اختلاط امزجتها و اقطابها و دوائرها و اكوارها الي عالم جابلقا و جابلصا و هورقليا بعد السير في اطوار الجزيرة الخضراء الي الجنتين المدهامّتين و مشاهدة تلك العوالم و المقامات بالاثر و العين الي عالم المثال و مبدء الخيال و البرزخ بين الغيب و الشهادة و الظهور و الكمون و الخفاء و البروز و هو قوله تعالي و مما يعرشون الي عالم المواد و ينبوع الاجسام و الاجساد الي عالم الطبيعة مثال الحقيقة الي عالم النفوس الي عالم الارواح الي عالم

 

«* شرح القصيدة صفحه 6 *»

العقل المنخفض و العقل المستوي و العقل المرتفع الي الوجود المنبسط الي الوجود المطلق الي الايات و العلامات من قوله تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبيّن لهم انه الحق الي الاسماء و الصفات و ظهور التجليات الي الاسم الاعظم الاعظم الاعظم الي الذكر الاعلي الاعلي الاعلي و هنا منتهي السفر الاول.

و السفر الثاني السفر في الحق بالحق و هو الفناء و البقاء و السكر و الصحو و كشف سبحات الجلال من غير اشارة و محو الموهوم و صحو المعلوم و هتك الستر لغلبة السرّ و جذب الاحدية لصفة التوحيد و الاحدية المحضة و الغيب المطلق مقام القدس و سرّ الانس و اصل المحبة بل مقام المحبوب و حجب المحبة و هنا مقام محو ذكر الغير بالمرة و الدخول في لجّة بحر الاحدية و طمطام يمّ الوحدانية بلا اسم و لا رسم و لا ذكر و لا اشارة و لا عبارة و هو الموطن الاصلي و غاية قصد الطالبين و منتهي رغبة الراغبين.

و السفر الثالث السفر من الحق الي الخلق و هو الصحو بعد السكر و السكر بعد الصحو و البقاء بعد الفناء و الوجود بعد العدم و الوجدان بعد الفقدان او العدم بعد الوجود و الفقدان بعد الوجدان و في هذا السفر يمرّ بالعوالم التي مرّ عنها و يشاهدها و ينظر اليها من حيث اشراف([5]) المبدأ عليها و احاطته في سيره فيها و اليها و هو في كل عالم ناظر الي اطواره و اكواره و ادواره و اوطاره بجميع مالها و منها و اليها و فيها و بها و عنها و عليها و عندها كل ذلك علي جهة المشاهدة و الاحاطة حسب([6]) مقامه و مرتبته.

السفر الرابع السفر في الخلق بالحق و هو في الخلق بعين الحق و هو قطب الوجود و الناظر في الغيب و الشهود و هو الذي قال تعالي فيه في الحديث القدسي كنت سمعه الذي يسمع به و بصره الذي يبصر به و يده التي يبطش بها ان دعاني اجبته و ان سألني اعطيته و ان سكت عني ابتدأته و هو القرية الظاهرة للسير الي القري المباركة التي امر الناس بالسير فيها ليالي و اياماً امنين و هذا الساير في هذا السفر عين اللّه الناظرة و يده الباسطة و هو الانسان الكامل و الولي الذي يرجع اليه المفضول و الفاضل و اما ماسواه

 

«* شرح القصيدة صفحه 7 *»

ممن لم‏يقطع هذه الاسفار و لم‏يشاهد تلك المنازل و الديار فمنحطّ المقام عن ذا([7]) المرام و لايصدق عليه اسم الانسان علي الحقيقة بل علي الظاهر من حيث الصورة الظاهرة لا غير.

فالعلماء علي حسب سيرهم في تلك المنازل و المقامات تختلف مقاصدهم في تعبير العبارات و طي الاشارات و ابراز التلويحات فالواقف في مقام الظاهر الذي هو مقام الاجسام الثانوية المختلطة المشوبة الغير الصافية المقتضية لكون القلب في الجانب الايسر و تشابه حركات الدوائر الفلكية علي غير قطبها و مركزها و تشابهها علي نقطة معدّل المسير الذي هو بين مركز العالم و مركز الخارج علي السوية و تشابه حركة مايل القمر حول مركز العالم دون مركزه المقتضية لقصر الاعمار و فساد الثمار و غلاء الاسعار و اختلاف اوضاع الليل و النهار و تعاكس الادوار و تعارض الاوطار يحمل مايسمع من الكلام علي ظواهر ماهو المعروف في اللغة الظاهرية دون غيرها كما اذا سمع السماء و الارض و الاشجار و الثمار و البراري و القفار في كلام اللّه سبحانه او كلام النبي9 او كلام الخلفاء الابرار و الاولياء الاطهار او العلماء الاخيار او الشعراء مع اختلاف الانظار يحملها علي ما هو المعروف بين اهل اللغة و لايتعدّي الي غيرها.

و الصاعد عن مقام الظاهر و الراقي عن مرتبة الاجسام يحمل تلك الكلمات علي حسب ما ظهر له من تطابق المراتب في العوالم فيحمل السماء علي عالم هورقليا او عالم العقول او عالم الفؤاد او الاسم الاعظم او([8]) النور الاقدم او النبي الافخم الذي كان نبيّاً و ادم بين الماء و الطين و يحمل الارض علي الجزيرة الخضراء و جابلصا و جابلقا و الجنتين المدهامّتين و عالم النفوس و الدواة الاولي و ارض الجرز و الامكان الراجح و العمق الاكبر و النور الانور و ليلة القدر و الشجرة علي سدرة المنتهي و شجرة طوبي و القلم الاعلي و المشية الكبري و الحقيقة العليا و المصدر الواحد الظاهر بالامثلة المختلفة و عالم الدماغ بقواه و عالم القلب الصنوبري بشرايينه و عالم الكبد باوردته و

 

«* شرح القصيدة صفحه 8 *»

هكذا الي ساير المقامات التي حصل للسالك السير اليها.

فمن اكمل الاسفار فلا غاية لعلمه و لا نهاية لسيره و يحمل كلمة واحدة الي ما شاء من انواع العلوم لاسيّما اذا كان الكلام جارياً علي النظم الاعتدالي و الترتيب الطبيعي. و لمّا كان مولينا الناظم ايّده‏اللّه و سدّده اتفق له نظم هذه القصيدة الشريفة علي الترتيب الطبيعي الالهي اعرضنا عن ذكر متفاهم اهل ظاهر اللغة و تصدّينا لذكر ما شاهدناه من تلك العوالم و ما رأيناه من رسم تلك المعالم و نحمل الكلام علي لسان اهل الشهود الخارجين عن مقام الجدال و الواصلين الي محل الوصال و الناظرين الي الاشياء بعين المشاهدة و الاحاطة لان كلامي مع من شاهد تلك الاطوار و جاس خلال تلك الديار ان في ذلك لعبرة لاولي الابصار و اللّه سبحانه هو الموفق للسداد في المبدأ و المعاد.

المطلع الرابع: الولاية هي النور الازل و التعين الاول و الازلية الثانية و صاحب الازلية الاولية و الفيض الاقدس و الفيض المقدس و هي في حقيقة الذات احد و في مقام الذكر الاول و مبدء الاسماء و الصفات واحد قال تعالي انما اعظكم بواحدة و هي الولاية و التاء لمبالغة الوحدة و هي الحق المخلوق به و الامر الذي به قوام السموات و الارض علي جهة العموم قال تعالي و ما امرنا الاّ واحدة  و التاء كما ذكرنا و قال تعالي انما امره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فيكون ، و من اياته ان‏تقوم السماء و الارض بامره و الواحد تسعه‏عشر و اليها يلوح قوله تعالي عليها تسعة عشر اذ بالولاية افاضة الامدادات علي اطوار الموجودات من الشرور و الخيرات فبها الجنة و بها النار و هي العطاء الذي يمد اللّه اهل الخير و الشر([9]) منه كما قال تعالي كلاًّ نمدّ هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ما كان عطاء ربك محظوراً و هي الماء الفيض النازل من عالم الوصال المعبر عنه بالقرءان و هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الاّ خساراً و هي نعمة اللّه علي الابرار و نقمته علي الفجار و في مقام الربط و الاقتران اثنتان لظهور النبوة لبيان حكم التوسط و انها التعين الاول و الغيب المطلق و السرّ المقنّع بالسرّ و السرّ المستسرّ بالسرّ لا الذات

 

«* شرح القصيدة صفحه 9 *»

البحت و مجهول النعت ففي مقام الطواف عند جلال القدرة ولاية و عند الطواف حول جلال العظمة ظهرت النبوة فهما المقترنتان المتصلتان اللتان عند التوصيف اثنتان و عند الذات واحدة و في مقام بروز الاشياء و ظهورها منها ثلثة زوج و زوجة و اولاد قال تعالي خلقكم من نفس واحدة و خلق منها زوجها و بثّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً و الواحدة هي الولاية كما مرّ و ذلك عند التعلق باطوار وجودها و ظهورها في مبدأ ظهور المبادي و العلل و هذه الثلاثة هي اوائل جواهر العلل و في مقام اظهار الاركان لتحقيق الاكوان و الاعيان اربعة بها ظهرت الانوار الاربعة لتركيب([10]) العرش الاعظم و بها جرت الانهار الاربعة في اركان قبّة بسم اللّه الرحمن الرحيم فالماء الغير الاسن من الميم و الخمر الذي لذّة للشاربين من الهاء و اللبن الذي لم‏يتغير طعمه من ميم الرحمن و العسل المصفي من ميم الرحيم كما روي عن النبي9 و في مقام الجمع بين الاركان و الاكوان الثلثة سبعة العدد الكامل و الفيض الباذل قال تعالي و لقد اتيناك سبعاً و في مقام الضرب بين الاركان و الكيان([11]) بملاحظة نسبة كل منهما([12]) الي تمام الاخري بايصال الفيض الذي يحمله اسم من اسماء اللّه اثنتي‏عشرة و هي كليات الاسماء التي بها الافاضة في جميع الاطوار و الادوار و في مقام تثنية السبعة من قوله تعالي و لقد اتيناك سبعاً من المثاني لظهور العدد الكامل في العالمين عالم الاجمال و التفصيل و الغيب و الشهادة اربعه‏عشر فظهرت بتمام تثنية العدد الكامل اليد يداللّه قال اللّه تعالي قالت اليهود يداللّه مغلولة غلّت ايديهم و لعنوا بماقالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء فهو سبحانه انما ينفق باليد و هي بظاهرها و باطنها حدود الولاية في الاكوان الوجودية و الاعيان الذاتية الاولية و الثانوية فهي واحدة في قوله تعالي يداللّه فوق ايديهم و هي اثنتان في قوله تعالي بل يداه مبسوطتان نبوة و ولاية و هي متعددة في قوله تعالي و السماء بنيناها بايدٍ و الجمع باعتبار قوي اليد و التثنية باعتبار لفظها و المفرد باعتبار وضعها فافهم و كن به ضنيناً فانه باب ينفتح منه الف باب.

 

«* شرح القصيدة صفحه 10 *»

و لمّا كانت الاطوار الوجودية هي حدود الولاية و حكاياتها و اياتها ظهرت اصولها علي جهاتها فوحدة العالم من حيث هو دليل وحدتها و تثنيته بالغيب و الشهادة و الظهور و البطون و الاجمال و التفصيل و العلوي و السفلي و المجرد و المادي و الجوهر و العرض و الصفة و الموصوف و الكون و العين دليل اثنينيتها و رباعيته بالطبايع و الاركان و انوار العرش و اركان القلب دليل رباعيتها و سباعيته بالسيارات و الاسابيع دليل سباعيتها و اثناعشرية البروج التي بها الافاضة في عالم الكون و الفساد في كل عالم بحسبه دليل اثني‏عشريتها و اربعة عشريته بجمع السموات و الارض كالوجه و اليد و الاسم الجواد و الوهاب دليل اربعة عشريتها.

و لمّا كانت الوحدة هي الاصل و النور و الشرف و الفخر و الكثرة هي النقص و الزوال و الدثور و كانت الكثرة في مقام التعين و القرانات مما لابد منه لاستحالة عالم الفرق من غير كثرة و كانت الضرورات انما تتقدر بقدرها و الولاية وجه المبدأ و باب الابواب و علة العلل و اوائل جواهر العلل وجب ان‏تكون كثرتها في اشرف مقاماتها حتي تكون في مقام الوحدة حائزة لاشرف مراتبها و في مقام الكثرة جامعة لاكمل مقاماتها و لمّا كانت الكثرة انما كانت من باب العدد و هو علي اربعة اقسام ناقص و زايد و تامّ و كامل و الناقص يتنزّه عنه المبدأ الاول وجب ان‏تظهر حدود الولاية في مقام الكثرة بالعدد التام و مثنّاه الزائد و العدد الكامل و مثنّاه الاكمل و الولاية سرّ بدا في كل الوجود من الغيب و الشهود و بها عرف العابد من المعبود و الشاهد من المشهود و الموجود من المفقود.

و لمّا كانت الولاية لابد لها من مظهر حامل وجب ان‏يكون حاملها و مظهرها اشرف المخلوقات و الموجودات و لمّا دلّت الادلة العقلية و النقلية انّ محمّداً9 اول الخلق و سيدهم و اشرفهم لايساويه بشر و لايدانيه خطر وجب ان‏يكون هو9 حامل تلك الولاية المطلقة و النبوة المطلقة ثم الاقرب فالاقرب اليه9 من المتخلقين باخلاقه و ادابه و علومه و اسراره و البالغين مقام الجامعية في الخلق و الخلق بان‏يشفع قرب الخَلق من قرب الخُلق و لا ريب ان الجمع اقرب في مقام القرب من الواحد لان القربين

 

«* شرح القصيدة صفحه 11 *»

اقوي من الواحد و لذا كان في الميراث الجامع بين القربين اكثر نصيباً من الواحد.

و لمّا كان سيدنا و مولينا الكاظم عليه التحية و الثناء ممن جمع بين القربين و له الولاية الكبري لاختصاصه بالنبي9 بالقربي خصّه حضرة السلطان الاعظم تغمده اللّه برحمته بارسال قطعة من ثوب قبره الشريف كما ان في الباطن و الحقيقة ليس له الكل و انما له قطعة لكونه احد الحدود اقتضت الفطرة العلية السلطانية غشيت بالرحمة كل غدوة و عشية التنبيه الي تلك الدقيقة فبعث اليه قطعة من ذلك الستر كما انه قطعة من ذلك السرّ لان الولد جزء لوالده بنصّ القرءان و الولد سرّ ابيه و حيث كانت تلك النسبة الحاصلة بين السرّين هي النسبة الحاصلة بين القبرين الشريفين لما ذكرنا في المقدمة من حكم التطابق في جميع النسب و الاطوار و كان في هذه القطعة للقبر المقدس غاية الفخر و الشرف و نهاية الرفعة و التحف تصدي جناب الناظم ايّده‏اللّه برحمته في مطلع القصيدة بذكر بشارة الامام عليه التحية و الاكرام علي هذه النعمة الجليلة و المنقبة العظيمة و الموهبة الكبيرة فخاطبه بشيراً و الي مقامه مع جدّه9 مشيراً و الي نسبة مراتبه الحقيقية ذاكراً فقال و قد اجاد:

وافتك يا موسي بن جعفر تحفة   منها يلوح لنا الطراز الاول

اقـول: يعني اتتك وافية بحقك الذي كنت عليه و تستحقه من مبدأ الوجود في قوس النزول الي ان وصلت اليك في قوس الصعود بنسبة مكانك و زمانك و رتبتك و ذلك لان النبي و الولي لهما مقامان مقام جمع و اتحاد و مقام فرق و انفصال. ففي مقام الجمع حقيقة واحدة و نور واحد لا فرق بينهما بحال و لذلك جمعهم تحت العباء اظهاراً لسرّ الباطن و اعلاناً لاتحاد حكم البدء و العود كما في قوله تعالي كما بدأكم تعودون و قد علمت ان الولد جزء للوالد قد ظهر فيه سرّه و لذلك يظهر علي مثاله و هيأته و يتحقق في الخارج علي شاكلته و الظاهر عنوان الباطن و الصورة مثال الحقيقة الاّ اذا تبيّن الاختلاف باختلاف الاخلاق المنبئة عن اختلاف الاعراق في الباطن فتظهر المباينة المعنوية فلاتداركها المناسبة الصورية و لذا قال تعالي يا نوح انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح فتوافق الاخلاق دليل توافق الباطن فيجتمع في الظاهر فيبلغ الكمال

 

«* شرح القصيدة صفحه 12 *»

ببلوغ الوصال فتتحد الحقيقة باتحاد الوجود في الخليقة و لذا شملتهم العباء في الصورة و جمعتهم لبيان اجتماعهم معه في الحقيقة و الطويّة و السريرة و في مقام الجمع واحد و جمع الجمع احد و قد قال النبي9 الجمع بلا تفرقة زندقة و التفرقة بلا جمع الحاد و الجمع بينهما توحيد علي احد المعاني و قد علم الخلق طرّاً من اهل الاسلام ان الامام موسي بن جعفر عليهما التحية و الرضوان ماباين النبي9في شي‏ء من اخلاقه و ادابه و افعاله و اقواله و قد جري علي منواله و احتذي مثاله و قد ذهبت الامامية الي عصمته و طهارته و ساير المسلمين اتفقوا علي جلالة مقامه و منزلته و انه من المعنيين في قوله تعالي قل لا اسئلكم عليه اجراً الاّ المودّة في القربي و القربي مؤنت اقرب([13]) و ليس اقرب من الولد الي الوالد احد و كل ماسواه اما يساويه او ادني منه فاتفقت ملائمة الاخلاق مع مناسبة الاعراق فدلّت علي الولادة الظاهرية و الباطنية فثبتت له الجزئية الحقيقية و الفرعية الاصلية فتمّ الاجتماع في تلك الاصقاع و هو تمام السبعة([14]) في الدورة الثانية و مبدأ الدورة([15]) فيها و تمام المجذور الاول في الدورة الاولي و مبدأ الدورة الاخري فيها فبه تمّ الكمال في الدورتين و فيه ظهر التمام لذي العينين.

و اما في مقام الفرق فالنبي9 صاحب القرءان و الولي صاحب الفرقان و النبي الالف المستورة في البسملة و الولي نقطة الباء فيها و النبي فاتحة الكتاب و الولي امّ‏الكتاب و النبي هو العرش الاعظم و الولي هو الكرسي الاقدم و النبي هو القلم الاعلي و الولي هو اللوح المعلّي و النبي هو شمس الوجود و الولي هو قمر السعود و النبي هو الطور و الولي هو الشجرة و الكتاب المسطور و النبي هو الالف و الولي هو اللام لتركبها من الالف و النون فالالف سرّ الوحدة و النون هي نون كن مقام الارادة عالم الكثرة فباقتران الالف بالنون اي ظهور المبدأ في اطوار الكثرات بحكم التعينات التي هي ستر و حجاب للوحدة الحقيقية ظهرت الولاية التفصيلية مشروحة العلل مبيّنة الاسباب فحدود الولاية و محالّها انما تكثّرت باسبال الستر الذي جعله النبي9 لاظهار مااراد

 

«* شرح القصيدة صفحه 13 *»

اللّه سبحانه من نشر فيضه و اعلاء كلمته و نفاذ مشيته و الستر تلك الحدود المشخصة التي بها تحققت الكثرة لان الحقيقة المحمديّة9اقرب الاشياء الي الحضرة الاحدية لانها التعيّن الاول فهي اشرف الاشياء فكانت في اعلي مقامات الوحدة و الاجمال في الحقيقة الاولي علي الوجه الاعلي و في الرتبة الثانية التي هي رتبة الفرع الاعلي الذي هو الاولاد مطلقاً بالمعني العامّ تظهر الكثرات بتكثر اطوار التعينات و لمّا كانت هذه الكثرات الاضافية من تلك الوحدة نشأت و عنها برزت و بها تحققت و لها تكوّنت و هي لاتكون الاّ بالحجب و الاستار فكانت الاستار و الحجب من النبي9تحفة الي الولي هذا حكم بدء شأنه في علم الغيب و استحقاقه الحقيقي بلا ريب فظهر صعودا ً كما كان كذلك نزولاً و لذا قال سلّمه‏اللّه تعالي وافتك و هو السرّ للاتيان بـوافتك دون مايدلّ علي مطلق الاتيان من ساير الصيغ الموضوعة لهذا الشأن.

و اما الاسم موسي بن جعفر فقد روي عن اهل‏البيت عليهم التحية و الرضوان انّ موسي مركب من كلمتين احديهما مو و هو بمعني الماء و الاخري سي و هو بمعني الشجر و لمّا كان موسي7 لقي في الماء في التابوت المتخذ من الشجر سمّي موسي دلالة علي اول ظهوره فقلب الاستعمال و ابدلت الياء الفاً مع بقاء الصورة لان مقام النبوة يأبي عن الجر و الخفض و الكسر لاسيّما اذا كان مع السين التي هي اعدل الحروف و اشرفها و سرّها و لبّها لتوافق ظاهرها مع باطنها و اسمها مع مسمّاها و سرّ الصفة مع موصوفها لايناسبها الكسر فلم‏يتلفظ الاّ مع الالف لظهورها عند انكسار الياء فان الربوبية انما تظهر بفناء العبودية فابقيت الياء في الرسم و لم‏تلفظ في اللفظ للدلالة علي هذه الدقيقة الانيقة.

و المراد بموسي في ابن عمران ماء النبوة لانها مقام الربط و الاتصال و الايصال كما هو شأن الماء الموصِل للفيوضات العلوية باشعة الكواكب بواسطة الهواء الي الاجسام الارضية و نار الشجرة التي منها الوحي اليه و عنها صدر الخطاب و التابوت مُنبّه و سبب للتسمية للاصل الذي لم‏يظهر الاّ بعد مدّة فافهم.

و اما الامام موسي بن جعفر عليهما الاف التحية و الثناء فحيث انه متخذ و ظاهر

 

«* شرح القصيدة صفحه 14 *»

من البشر الذي خلقه اللّه من الماء و جعله نسباً و صهراً و النسب لاشرف المخلوقات الجامع لجميع الاسماء و الصفات مقروناً بالصهر ليس الاّ اميرالمؤمنين7 في كل المخلوقات و الولد جزء من الوالد فيظهر فيه سرّه فيكون قد وجد في الماء و من الماء و هو7 ايضاً متخذ من شجرة ابرهيم و الشجرة المحمديّة9 و هي الشجر الاخضر الذي جعل فيه النار و خضرتها ريانيتها بماء الوجود المطلق المنبسط و فيه نار المحبة و لذا كان حبيباً علي الاطلاق و هذا الاسم و ان كان يستحقه كل من انتسب الي تلك الشجرة و الماء الاّ ان سرّهما قد ظهر غاية الظهور فيه كما قال تعالي و الامر يومئذ للّه و الملك يومئذ للّه مع ان الامر و الملك دائماً للّه في الدنيا و الاخرة و السرّ ما ذكرنا و اختصاصه عليه التحية و الثناء دون ابائه و ابنائه ممن يساويه في الشأن و المرتبة لخصوصية فيهم دونه و خصوصية فيه دونهم يطول بذكرها الكلام.

و اما جعفر فانه النهر الصغير و الكبير اما النهر فلانه حامل الولاية التي حملت الفيوضات فتلك الفيوضات من بحر الاحدية بواسطة النهر تصل الي المستحقين الواردين و هو عليه الاف التحية و الثناء ممن قابل فوارة الفيض و اما الصغر و الكبر فانهما اضافيان فبالنسبة الي الولي المطلق نهر صغير و بالنسبة الي من سواه نهر واسع كبير و ذكر الاسم و ان كان فيه اعتناء و استقلال و تفرد الاّ ان الاولي و الاحسن و الاظهر عند المتعارف للغالب ان‏يأتي باللقب او الكنية فلو قال سلمه اللّه تعالي وافتك يا سرّ الوجود هدية كان اولي و احسن و معناه ان الوجود المطلق المنبسط بانواره و اشعته علي الذرات هو الحقيقة المحمّدية9و لمّا كان الامام7 ولده و الولد سرّ ابيه جاز ان‏يقال سرّ الوجود و لوجوه اخر كثيرة لايناسب هذا المختصر شرحه و تبيانه واللّه الموفق للصواب.

قوله سلّمه اللّه تعالي منها يلوح لنا الطراز الاول اقول هذا كلام مااجوده و احسنه و اوفاه بالمراد و هو من طراز اللّه و هو من الطراز الاول لان الطراز علي ما في الطراز ثياب تنسج للملوك و اي ملك اعظم من الاولياء العارفين حملة التجلي و مظاهر المتجلي و اي ولي اعظم من الولي المطلق الحامل لنور وجود الحق و الظهور المطلق و هو مقام التعين الاول و المراد بهذا الطراز و الثياب هياكل التوحيد و مجالي التفريد و قد لوّح

 

«* شرح القصيدة صفحه 15 *»

بقوله سلّمه اللّه تعالي يلوح الي كلام اميرالمؤمنين7 في الحقيقة نور اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل التوحيد اثاره و المراد عند اولي‏الالباب و اولي‏الافئدة دون اصحاب الرسوم ان بهذا الهيكل الاخر المسمي بهيكل التوحيد المظهر للتجلي الاول في اخر مراتب التعينات لانحاء التجليات في مقام الاسماء و الصفات التي حملها هذا الثوب المطهر و الطراز المنور يلوح لنا اصحاب التعين من وراء الحجب تلك الهياكل الاول و هي الطراز الاول و بيانه بلسان اهل التوحيد و اهل الانس و التفريد ان الاول اوّلان و الثاني ثانيان و الثالث ثالثان و الرابع رابعان و الخامس خامسان و هكذا الي اخر المراتب و اقتصرنا علي الخامس في المثال لانه اشرف المظاهر و هو مظهر التوحيد الذي ظاهره في باطنه و باطنه في ظاهره و سرّه علي وفق قشره و هو الحافظ لنفسه و الظاهر بشخصه في جميع مراتب التربيع و التكعيب و عنده([16]) ظهور الحقيقة الوحدانية في اصل الصورة الانسانية لانها اول تركيب وقع و اول زوج اجتمع. فاوّل لا ثاني له و هو اولية الوجود المطلق و هو الذي ملأ الدهر و احاط الكون فاين غيره و مثله حتي يكون ثانيه فان الثاني مثل الاول و باين منه بينونة العزلة دون بينونة الصفة و بينونة الوجودات لهذا الوجود بينونة الصفة لا بينونة العزلة فاين الثاني اذن و كذلك اولية الجنس بالنسبة الي انواعه فانها ليست بثانية له بل بعض اطواره و شئونه و كذلك اولية النوع في افراده و الجوهر في اعراضه و الموصوف في صفاته و المسمّي في اسمائه و الذات في شئوناتها([17]) و اول له ثانٍ و هو في سلسلة العرض عند ظهور الواحد المحض بنفسه بتعينات مختلفة فان كانت التعينات مترتبة بمعني ان التعين الثاني بالتعين الاول و الثالث بالثاني فالاول حينئذ متعيّن معلوم لايصدق علي غيره كالثاني و ذلك كتعين الحقيقة المحضة بالفؤاد و تعين الفؤاد بالقلب و تعين القلب بالعقل المرتفع و تعينه بالعقل المستوي و تعينه بالمنخفض و تعينه بالروح ورق الاس و تعين الروح بالنفس الكاملة ثم بالمرضية ثم بها بالراضية ثم بها بالمطمئنة ثم بها بالملهمة ثم بها باللوّامة ثم بها بالامارة

 

«* شرح القصيدة صفحه 16 *»

ثم بالنفس القدسية الجامعة للنفوس المذكورة بالطبيعة ثم بها بالمادة ثم بها بالمثال ثم به بالجسم الكل ثم به بالعرش ثم به بالكرسي ثم به بالشمس ثم بها بزحل و القمر ثم بها بالمشتري و عطارد ثم بها بالمريخ و الزهرة ثم بها بالعناصر و هذه المراتب المتعينة المعدودة المعلومة كل منها في مقامه فلايصلح احدها لمقام الاخر فلايطلق علي كلٍ اسم اخر فالفؤاد هو الاول و العقل هو الثاني و الروح هو الثالث و النفس هي الرابعة و هكذا الي ان‏تنتهي المراتب في العدد فلايصحّ ان‏يقال للعقل هو الاول و الفؤاد هو الثاني و كذا الواقع في كل مرتبة لاتسمّيها بسمة غيرها فكل مرتبة تخصّ بعدد واقع فيها فالصدق في الامر الوجداني في هذه المراتب علي التشكيك و ان كانت التعينات غيرمترتبة بمعني ان كل تعين لا مدخلية له لتعين ذلك الامر الواحد بتعين اخر كتعين النور الواحد المشرق من المبدء الواحد بمرايا مختلفة غيرمترتبة فلا ترتيب بينها فكل واحدة تصلح لان‏تكون اولاً و الاخر ثانياً و ثالثاً علي مقتضي الاسباب فكل واحد يصلح لان‏يوصف بكل عدد فلا تعيين.

و اما الثاني الذي لا ثالث له فهو ما اذا لوحظ تعين الوحدة الحقيقية في حدين جامعين للحدود كلها كما اذا قلت العالم اثنان عالم الغيب و الشهادة و الظاهر و الباطن و الخفاء و الظهور و الجمع و الفرق و الوحدة و الكثرة و الاجمال و التفصيل و الاطلاق و التقييد و الطول و العرض و الفاعل و المفعول و العلة و المعلول و النور و الظلمة و الاصل و الفرع و الولي و المولّي‏عليه و النبي و الرعية و القطب و الدائرة و العلوي و السفلي و المجرد و المادي و المحيط و المحاط و المتساوي و المتفاوت و الحركة و السكون و القرب و البعد و عليين و سجين و الخلق و الامر و الصافي و المشوب و البسيط و المركب و القرءان و الفرقان و غير ذلك من الاثنينيات التي لايخلو شي‏ء منها فكل هذه المذكورات و امثالها ثانٍ لا ثالث له لان الاشياء كلها لاتخلو منهما فهما حدّان جامعان للاطوار كلها و الحدود باسرها و كل من هذه الاول و الثاني له مراتب لاتحصي و لاتتناهي و اما الثاني الذي له ثالث فكما ذكرنا في بيان التعينات و اما الثالث الذي لا رابع له فهو تعين الامر الواحد بثلثة حدود جامعة فكل ما سواه من فروعها و اطوارها فلاتكون

 

«* شرح القصيدة صفحه 17 *»

في رتبتها حتي تكون رابعة معها كالعوالم الثلثة عالم الجبروت و عالم الملكوت و عالم الملك و الزوج و الزوجة و الاولاد و الفاعل و الفعل و المفعول و المادة و الصورة و الهيئة التأليفية و جهة الشي‏ء الي ربه و جهته الي نفسه و الجامع بين الجهتين، الافلاك و العناصر و المتولدات، السماء و الارض و مابينهما، القابل و المقبول و الجامع بينهما، العالي و السافل و البرزخ بينهما، النور و الظلمة و المركب منهما و هكذا من المثلثات الجامعة لحدود الاكوان كلها فلايشذّ منها غيرها حتي يكون رابعاً لها فهذا النوع هو الثالث الذي لا رابع له و اما الثالث الذي له رابع فكما ذكرنا في بيان اطوار التعينات و هذا الحكم في الرابع الذي له خامس و الذي ليس له خامس كالخامس.

فاذا عرفت هذه الدقيقة اللطيفة فاعلم ان قول جناب الناظم ايّده‏اللّه تعالي الطراز الاول اشارة الي ان هذا الستر المبارك و الحجاب المعظّم هو الطراز الثاني و هذا هو الثاني الذي لا ثالث له و كل من الاول و الثاني يشتمل علي مراتب كثيرة كل مرتبة توصف بانها طراز اول او ثاني فالطراز الاول هو طراز عالم الغيب و الطراز الثاني هو طراز عالم الشهادة فقال سلّمه‏اللّه ان هذا الطراز الذي هو الستر الثوب المعلم بالنور و الذي نسج لملك الارض و السماء باتحافه الي هذا القبر المنور و الجدث المطهر لاح لنا منه و انكشف و ظهر لنا الطراز الاول في العالم الاول فيا له من ستر كشف الاستار و حجاب ازال الحجب و اظهر الانوار و ثوب اظهر ماتحته من الاسرار.

تنبيـه: اذا قلنا الستر و الحجاب و الثياب و الهيكل و الصورة و التعين و الحدود نريد بها في هذا المقام معني واحداً و ان كان كل يختص عند الخصوص بمايخصّه الاّ انا قصدنا العموم في الخصوص فلنرجع الي ما كنّا فيه.

فنقول ان الطراز الاول يشتمل علي طرز كثيرة لواردنا تعدادها و بيان احوالها من مبدئها و مئالها لطال بنا الكلام و ان كانت فوائدها كثيرة و منافعها غيرحصيرة الاّ ان القلب عليل و اللسان كليل فاقتصرنا علي ذكر اربعة منها التي هي الكليات الجامعة. فالطراز الاول من الطراز الاول الحجاب الابيض النور المشرق من سرّ الاحدية و هو حجاب الواحدية التعين الاول طراز اهل الاسماء و الصفات و هو الاسم الاعظم الاعظم

 

«* شرح القصيدة صفحه 18 *»

الاعظم و النور الاقدم و هو اول ستر و حجاب و ثياب نسجتها يد القدرة بالولاية الاجمالية القرءانية للواقف في الحضرة الاحدية الظاهرة في الواحدية و العجب ان الناسج و المنسوج و النسج و المنسوج‏به و المنسوج‏له واحد ذوعجايب و اطوار و ذلك حين الطواف حول جلال القدرة فاتحف الواقف في تلك الحضرة ذلك الطراز الي الطائف حول جلال العظمة فلبسه و تأزّر به فكان به ملكاً في ملك عوالم الاسماء و الصفات و هو طراز ابيض عليه نقط حمر لظهور الاسم الفاعل الموجب للحرارة الموجبة للحمرة الاصلية المعنوية و الطراز الثاني حجاب اصفر ثوب الذهب لُبْس العرب موضع العجب نسج في بلد بسم اللّه الرحمن الرحيم و صبغ بالماء الاحمر من عين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل المنفجرة تلك العين في ارض الجرز النازلة من بحر الصاد اول المداد و هو قوله تعالي انزل من السماء ماءً فسلكه ينابيع في الارض تحت السدرة المنتهي عندها جنّة المأوي ناسج هذا الثوب الملك وحدائيل و صابغه اسرافيل عن روح‏القدس بروح من امراللّه و متحفه عن اللّه سبحانه الواقف في حضرة الجلال النازل من موطن الوصال الي الواقف في مقام الباء في البسملة الظاهر بالولاية في الحضرة الاحمدية و لمّا كان تمام هذه المرتبة بالسبعة لانها مبدء التفصيل و ظهور الحبيب بالخليل ظهر بالاتحاف اليه السابع فلبس الثوب الاصفر الجسد الجديد و الباقي الذي لايبيد فكان به سلطاناً متمكّناً قد اشرق نوره و طلع ظهوره فخضعت له المغرّدات علي افنان السدرة المنتهي و اخضرّت السدرة باشراق نوره عليها و الطراز الثالث حجاب اخضر من السندس صبغ من الماء المتحصل من نزول القطرات البيض من بحر المزن و الصاد علي شجرة المزن ثم علي ارض الجرز و البلد الميت فمن البحر المزن بياض و من الشجرة صفرة و من الارض سواد و مجتمع هذه الالوان خضرة مشرقة شفافة ناسج هذا الثوب الملك ثعائيل و صابغه الروح علي ملائكة الحجب و متحفها الجالس علي سرير الملك علي منبر الوسيلة التي لها الف مرقاة من مرقاة الي اخري مسيرة الف سنة للجواد المسرع الذي يقطع في كل طرفة عين بقدر الدنيا سبع مرات و هو ملك الوجود و سلطان الغيب و الشهود اتحفه الي حامل اللواء ليكون له اللواء و جعله سبعين الف شقة كل شقة

 

«* شرح القصيدة صفحه 19 *»

تسع الخلائق باسرها و هؤلاء المتحف اليهم حملة الولاية الكبري العليا و تراجمة قول اني انا اللّه و الالسنة الناطقة بالوحدانية عن العلي الاعلي و الطراز الرابع حجاب احمر ثوب مورّد للملك الاكبر الظاهر بالكبرياء بعد العظمة و العزة و البهاء قد انصبغ بالصبغ الاحمر المتحصل من الماء الابيض الجاري تحت حجاب اللؤلؤ الممتزج بالماء الاصفر النابع في ارض الذهب كالزنجفر المركب من الزيبق الابيض و الكبريت الاصفر و صابغه الملك الكروبي ضطائيل بالروح الثاني علي ملائكة الحجب و متحفه الواقف مقام نقطة الاعتدال بين المنطقتين لمزج اثارهما في البين و محو حكم كل منهما في العين الي حامل الاركان و باسط الاعيان و مظهر الاحسان و ينبوع الامتنان فافهم.

اشعـار: فاذا ظهرت هذه الاثار و الاحوال في الافلاك الغيبية و الشهودية التي هي الروابط لا الاصول الجوهرية ففي الانسان الكامل الحامل للتجلي الاعظم اعظم و اعظم و اعظم و تلك الامثال نضربها للناس و مايعقلها الاّ العالمون و هذه الاربعة هي كليات مراتب الطراز الاول و كم من عجائب تركتها و غرائب كتمتها لم‏اجد لها حملة آه آه

و في النفس لبانات   اذا ضاق لها صدري
نكتّ الارض بالكفّ   و ابديت لها سرّي
فمهما تنبت الارض   فذاك النبت من بذري

و اما الطراز الثاني فهو ايضاً يشتمل علي طرز كثيرة نكتفي بذكر اربعة منها كالطراز الاول:

الطراز الاول من الطراز الثاني حجاب اخضر شديدة الخضرة و عليه علم و هو نقط حمر ظهرت من العالم الاول بحكم التطابق و محله في الجنتين المدهامّتين اللتين خلق ادم فيهما و اخرج منهما فانّ جنة الخلد لايخرج داخلها و لايسافر قاطنها و هما من جنان الدنيا كما في قوله تعالي و من دونهما جنّتان مدهامّتان و انما عبّرنا في وصف علم الطراز بالنقطة لان ما يظهر في العالم الاسفل بالاضافة الي العالم الاعلي من سرّ ذلك العالم نقطة و هي المعبّر عنها بسمّ الابرة في حديث المعراج انه9رأي من نور العظمة مقدار سمّ الابرة لان السافل لضيق مجاله و عدم اتساع باله و حاله لايحمل من ظهور

 

«* شرح القصيدة صفحه 20 *»

العالي الاّ يسيراً و مااوتيتم من العلم الاّ قليلاً اي العلم بالعالي والاّ علم انفسهم حاضر عندهم كحضور انفسهم عندهم ولكنّ اكثر الناس لايعلمون لهم قلوب لايفقهون بها و لهم اعين لايبصرون بها و لهم اذان لايسمعون بها اولئك كالانعام بل هم اضلّ و اولئك هم الغافلون و هو قوله تعالي و لايحيطون بشي‏ء من علمه الاّ بما شاء وسع كرسيه السموات و الارض و ما شاء بالاضافة اليه قليل اقل من سمّ الابرة و لذا عبّرنا عنه بالنقطة و انما قلنا نقط بالجمع مع ان الظاهر وجه واحد و هو نقطة واحدة لان السافل الكرة حيث استدارت علي المحور تحدث من كل جزء دائرة تكون نقطة واحدة من المحور([18]) قطباً لها فتعددت الدوائر بالعظام و الصغار و اختلفت فكل دائرة حاملة نقطة من ظهور القطب في المحور و اما اذا استدارت علي القطب لاتختلف و لاتحدث الاّ الكرة لان ضرب الواحد في نفسه لايؤثر الاّ الواحد.

و توضيح هذا المرام ان العالم الاسفل بل عالم الامكان له ثلث حركات الاولي حركته من حيث نفسه من حيث مبدئه في مقام الهي كيف ادعوك و انا انا و كيف لا ادعوك و انت انت و الثانية حركته من حيث نفسه منكّس الرأس عند ربه في مقام قوله تعالي و من يقل منهم اني اله من دونه فذلك نجزيه جهنم و الثالثة حركته من حيث مبدئه فحسب من غير النظر الي نفسه في مقام الامتثال لقوله تعالي القها يا موسي و قوله تعالي قل اللّه ثمّ ذرهم في خوضهم يلعبون علي حدّ ما قال سيدنا الحسين الشهيد7في المناجات يا من استوي برحمانيته علي العرش فصار العرش غيباً في رحمانيته كما صارت العوالم غيباً في عرشه محقت الاثار بالاثار و محوت الاغيار بمحيطات افلاك الانوار فالحركة الاولي هي الحركة علي المحور و الثالثة هي الحركة علي القطب و الثانية عرضية و اثارها مجتثّة فالحركة علي القطب لاتؤثّر كثرة و علي المحور تؤثّر كثرة توجب تكثر الاسماء فنور التوحيد ظاهر من خلالها فلذا قلنا نقط بالجمع لان الطراز مقام الكثرة و اشرف مقاماتها عند الحركة علي المحور فيحصل من كل جزء من العالم السفلي ظهور للعالم

 

«* شرح القصيدة صفحه 21 *»

العلوي و نسبة ذلك الظهور نسبة النقطة الي الدائرة و كثرة الدوائر تستدعي كثرة النقط و لذا اتينا بالجمع فافهم و اتقن.

الطراز الثاني حجاب اخضر ايضاً غلب عليه السواد الاّ ان اثار الخضرة ماانمحت رأساً لظهور الوحدة و بقاء احكامها احياناً و لمّا كان الغالب عليها احكام الكثرة و جهات الانية كان الغالب عليها السواد و محلّه في الجزيرة الخضراء علي ساحل البحر الابيض من وراء جبل قاف و صابغه سطال اونطائيل بالملك جبرائيل و متحفه الظاهر بالملك اسماعيل الي الولي القائم بامر اللّه الذي القي عصاه فاذا هي حيّة تسعي ثم القاها فلقفت بعد حياتها ما اماتت السحرة من حياة ظهور الوحدة في انيّات جهات([19]) الكثرة في مقام الحركة الثانية المذكورة انفاً فاظهر الحياة بماء الفيض المقدس بالعصي التي هي غصن اخذ من شجرة طوبي فبين الماء و الشجر اظهر الامر المستقر الثابت و ازال المجتثّ الزائل الباطل فحقيق بان‏يسمّي موسي في اول مقام التسمية في الرتبة الثانية في مقام الفرق دون الجمع فان فيه كل ولي متخذ من شجرة النبوة و ماء الفيض موسي فالكل موسي و الكل احمد و الكل محمّد و في مقام الفرق جاء الفرق و ومض البرق و امتاز الغرب من الشرق انّ في ذلك لايات للمتوسمين فبطن القرءان و جاء الفرقان و لم‏يظهر الاول الاّ بالثاني كما لم‏يظهر العرش الاّ بالكرسي فهو مضارع مع العرش شربا من ثدي واحد من غذاء المدد في مقام الجمع و في مقام الفرق تعالي العرش و خفي و تسافل الكرسي بظهور الكثرات من النجوم و البروج و المنازل و ظهر و لذا سمّي المضارع مضارعاً في الافعال ولو كان كما يقولون لكانت المشابهة و المناسبة انسب فافهم فكم من خبايا في زوايا و تعيها اذن واعية.

الطراز الثالث حجاب اخضر الغالب عليه السواد ايضاً و هو الادهم و محله خط الاستواء قطب العالم عند الحركة عن المقام الذي كان طالع الدنيا فيه سرطان و الكواكب في اشرافها و الشرف اعم من المصطلح والاّ فعلي الاصطلاح لايستقيم شرف عطارد و

 

«* شرح القصيدة صفحه 22 *»

الزهرة لانهما لايبعدان عن الشمس باكثر من الميل الكلي فيجب التعميم فيتمّ المقصود فذلك الوقت وقت الظهر فلمّا تحركت الافلاك بحركاتها و هي الاربعة و العشرون حركة و كانت حركاتها علي المحور تحققت الافاق المائلة و تقدم الليل علي النهار و اختلفت الساعات المستوية و المعوجّة و اختلفت الايام و الليالي و القطب في هذه الحركات في غيب خط الاستواء عالم([20]) الجسماني الثانوي و هو الوسط و القطب ليس في الطرف لانه وجه المبدء و هو متساوي النسبة ولو كان في الطرف لم‏يتساو و القطبان المشهوران هما طرفا المحور الذي تنتهي اليهما الدوائر الصغار و كل واحد قطب للدائرة الصغيرة التي لا اصغر منها و اما القطب فهو في الوسط و هو السرّ و باب المدد و محل الولاية الظاهرة في هذا الكون كالقلب بالنسبة الي البدن فالفيض يرد علي القلب اوّلاً اجمالاً ثم يفصّل في الصدر ثم ينشرح في الدماغ ثم ينبسط في الاركان ثم في الاجزاء فالواقف علي خط الاستواء في باطنه هو القطب الاجمالي و ظهور اجماله في العرش و تفصيله في الكرسي. و لمّا كان الطراز انما يكون من الاجمال الي التفصيل و من البطون الي الظهور و من الخفاء الي الشهود كان المتحف اليه الطراز حامل ولاية المتحف الي اطوار تلك التفاصيل و صابغه الملك بشحائيل([21]) بالملك عزرائيل بمعونة اسرافيل و الصبغ هو الماء الذي يشبه البرقا حين سقيه بالطلق بعد حلّه فيحصل به الصبغ الاخضر الغالب عليه السواد فكان طرازاً لحامل الولاية الظاهر بنوره علي قطب الشمس الظاهر بمنطقتها من حيث محاذاتها لمنطقة الكرسي من حيث محاذاتها لمعدل النهار من حيث محاذاتها للقطب الغايب في خط الاستواء و لذا كانت الشمس لا عرض لها و لذا كانت كل واحدة منها لها تأثير و تدبير في جهات محاذاتها و كل تلك الجهات مستمدة من صاحب الطراز الذي اتحف اليه من الواقف علي قطب خط الاستواء.

الطراز الرابع الستر الذي كان علي ظاهرية النبي9 في مقام قل انّما انا بشر مثلكم، ولو جعلناه ملكاً لجعلناه رجلاً و للبسنا عليهم ما يلبسون و هو اللباس اي ثوب الملك

 

«* شرح القصيدة صفحه 23 *»

لانتفاع الناس به و تمكّنهم منه و هو اخر التعينات في مراتب التنزلات و لمّا كان القبر الشريف حاملاً لذلك الجسد الحامل لذلك التعين الكلي المتنزل من تلك العوالم للتأدية الي الخلق تكويناً و تشريعاً جعل طراز القبر و ثيابه علي نهج تنزّل ظاهريته و حيث انه في اخر العوالم دليل علي اللّه و ذكر للّه من وراء الحجاب فكان في عالم الكثرة دليلاً علي اللّه سبحانه فمن جهة الكثرة يقتضي ان‏يكون اسود و من جهة انه من اللّه و دليل عليه يقتضي ان‏يكون اخضر لاختلاط صفرة عالم الغيب مع سواد الكثرة و من جهة انه مبيّن اسماء اللّه و صفاته علي الحدود المباينة لصفات المخلوقين والاّ لشابه المخلوقين و من حيث انه واصف تلك الحدود بنفسه و اوليائه و خلفائه و اصحابه وجب([22]) ان‏يكون ذلك الثوب الستر و الطراز مُطرّزاً معلّماً منقوشاً بلا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه و الصلوة علي محمّد و اله و صحبه اجمعين فظهر الظاهر علي طبق الباطن و الفرع علي وفق الاصل و المجاز علي نهج الحقيقة و كم من مراتب طويتها و مقامات ماذكرتها مما شاهدتها عياناً في مرايا انحاء التجليات و لو اذن لي بالبيان لاطلقت عنان القلم في هذا الميدان و اريت الناظرين ما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر علي قلب بشر و فيما ذكرنا كفاية لمن اعتبر و تذكّر ما مرّ عليه في العالم الاول عالم الذرّ.

ثم اعلم ان الطراز الاصلي الجامع للكينونة و هذه الطُرُز المذكورة و غيرها هو الصورة الانسانية و هي لباس التقوي و هيكل التوحيد و صورة التفريد و التجريد و المثل الاعلي و المثال الاسني و الربوبية التي هي كنه العبودية كما قال سيّدنا جعفر الصادق عليه التحية و الثناء العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال اللّه تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق او لم‏يكف بربك انه علي كل شي‏ء شهيد اي موجود في غيبتك و حضرتك هـ و قد قال اميرالمؤمنين7 في الصورة الانسانية هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي الهيكل الذي بناه بحكمته و هي

 

«* شرح القصيدة صفحه 24 *»

مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي كل غائب و الحجة علي كل جاحد و هي الصراط المستقيم و الصراط الممدود بين الجنة و النار الحديث و ذلك لان الصورة الانسانية مجمع التجليات و جامع التعينات و محل الاسرار و الاطوار و عليها يدور الليل و النهار و فيها العوالم التي كلياتها الف الف عالم و الف الف آدم و فيها الاسماء العظام التي اصلها و سرّها الاسم الاعظم «هو» فكل عالم لمبدئه طراز اتحف من الولاية الاجمالية و بذلك الطراز كان ملكاً علي اهل ذلك العالم متصرفاً فيه فالانسان الكامل الذي ظهرت مراتبه و فصّلت الاسماء و الصفات المربّية له و الاثنان و السبعون من الاسماء العظام و الاسم الاعظم الاعظم الاعظم القاهر علي الاسماء كلها له الغلبة و الهيمنة و العزة و المنعة والتصرف و الولاية علي الموجودات كلها فالواقف مقام التوحيد مع اجتماع تلك المراتب مع قطع النظر عنها له مقام الولاية الاجمالية و النبوة و الواقف مقام التوحيد الظاهر بالاسماء و الصفات حيث ان وجوده بالاول كان له مقام الولاية التفصيلية الظاهرة في جميع الاطوار و الادوار و الاكوار و التفصيل لمّا كان بالصور[23] المميزة المشخصة و هي الحدود يعبّر عنها بالثوب و الستر و الحجاب و الطراز و لمّا كان التفصيل انما كان بالاجمال فحامل الولاية المطلقة الاجمالية لقربها الي الوحدة الحقيقية الحضرة الاحدية هو الذي يتحف الطراز الي حامل الولاية الخاصة التفصيلية و لمّا كان اكمل المظاهر و اشرف الاطوار الصورة الانسانية كانت هي الطراز الاول الجامع و النور الاقرب الساطع اللامع و الكلام في هذا المقام طويل الذيل ممتد السيل تركناه طلباً([24]) للاختصار و صوناً عن الاغيار انّ في ذلك لعبرة لاولي الابصار.

و لمّا ذكر ايّده اللّه و وفّقه مراتب هذا الستر من البدء الي الختم و البداية و النهاية و شرحنا بعض احوالها و ذكرنا بعض خزائنها و اصولها و فصولها علي وجه الاجمال لضيق المجال و تبلبل البال و تعارض الاحوال اراد سلّمه اللّه تعالي ان‏يذكر ما في تلك الاستار من النقوش و الاطوار فقال ادام اللّه بقاه:

 

«* شرح القصيدة صفحه 25 *»

رقمت علي العنوان من ديباجها   ديباجة الشرف الذي لايجهل

اقـول: لمّا كان التوحيد هو الظاهر في المظاهر و البارز في اطوار التعينات فكل ظهور مظهر توحيد و كل تجلي محل تقديس و تفريد و الاعيان و الاكوان حدود تلك المظاهر و وجوه تلك المجالي فلا شي‏ء الاّ و هو دليل توحيده و شرح تجريده:

و في كل شي‏ء له اية   تدلّ علي انه واحد

و قد قال سيّدنا الحسين روحي فداه تعرّفت الي في كل شي‏ء فرأيتك ظاهراً في كل شي‏ء فانت الظاهر لكل شي‏ء بكل شي‏ء بعد قوله7 أيكون لغيرك من الظهور ما ليس لك حتي يكون هو المظهر لك متي غبت حتي تحتاج الي دليل يدلّ عليك و متي بعدت حتي تكون الاثار هي التي توصل اليك عميت عين لاتراك و لاتزال عليها رقيباً و خسرت صفقة عبد لم‏تجعل له من حبّك نصيباً و قال سيّدنا زين‏العابدين7 لايري فيها نور غير نورك و لايسمع فيها صوت غير صوتك و قال سيدنا الكاظم7 ليس بينه و بين خلقه حجاب غير خلقه احتجب بغير حجاب محجوب و استتر بغير ستر مستور هـ  كل ذلك لاجل تجلي الحق و ظهوره في مرايا الافاق و الانفس و قوابل الاكوان و مجالي الاعيان فالكل كلمات التوحيد و مرقوم علي الكل لا اله الاّ اللّه و لمّا كانت الحضرة الاحمدية9اقرب الحضرات الي الحضرة الاحدية و الفرق بالميم و الميم مقام التمام في مقام الواحدية كانت هي التعين الاول و الوجود المنبسط و قال الشيخ الاكبر ان اول الحضرات الحضرة الاحدية و اقرب الاشياء اليها الحضرة المحمّدية9 و الموجودات كلها ظهورات و تجليات لتلك الحضرة ظاهرة فيها ظهور الاحدية فيها لحكم الانبساط و الاحاطة هـ  فاذن كل شي‏ء ظهر فيه التوحيد و الولاية و النبوة فكل شي‏ء مرقوم عليه لا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه9 و لمّا كانت الولاية انما ظهرت في المراتب التفصيلية في الاقرب و الاقرب الي الحضرة المحمّدية9 و لمّا كان الولد جزء الوالد بنص القرءان و الجزء تابع للكل تبعية البدل و لذا كان علي شكله و هيأته في الظاهر و الباطن و الاجساد و الارواح كان لايذكر النبي9 الاّ و يذكر معه الاولاد المعنوية و الظاهرية الصورية لحيازتهم الرتبة الجامعة او المعنوية فقط كما لايذكر الكل الاّ و الجزء معه بالدلالة

 

«* شرح القصيدة صفحه 26 *»

التضمّنية فيكون في كل شي‏ء مكتوب بقلم القدرة بالكتابة التكوينية و التشريعية و التدوينية باليد الباسطة لا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه9 و اولاده و خلفاؤه و اصحابه اولياء اللّه.

و لمّا كانت الحضرة المحمديّة9 واقعة في اول مراتب الوجود لانها التعين الاول و النفس الرحماني الاولي و الموجودات كلها تعينات ظهوره و مجالي مرايا([25]) نوره كان له الكمال المطلق الفائق علي كل كمال و الشرف الظاهر علي كل شرف لان جميع الكمالات من فروع كماله و جميع المفاخر من شئون جلاله و جماله فكل جميل حسنه من جماله معار له بل حسن كل مليحة كما هو شأن جلال اللّه و جماله و صفاته و اسمائه طأطأ كل شريف لشرفه و بخع كل متكبر لطاعته و خضع كل جبار لفضله و ذلّ كل شي‏ء له و اشرقت الارض بنوره فكان هذا الحكم بالتبع ثابتاً في كل من كان بمنزلة جزئه و نفسه و اقرب التعينات اليه و اجلي مجاليه.

و لمّا كان الامام موسي بن جعفر عليهما التحية و الاكرام من اولاده و اجزائه الظاهر فيه مثاله و ولايته للقرب المعنوي و الصوري كان المرقوم علي كل شي‏ء بعد لا اله الاّ اللّه و محمد رسول اللّه و خلفاؤه و اصحابه و اولاده اولياءاللّه ان محمّداً و اله لهم الشرف الفائق و الفخر الظاهر و النور الباهر قدسبق كل شرف و فخر و نور و عزة و منعة و كرامة فلما رقمت هذه الارقام الواضحة في حقايق الاشياء و ذواتها و انفسها و ليس شي‏ء اقرب الي الشي‏ء من نفسه اليه و هذه الارقام هي الايات المرئية في الافاق و في الانفس ظهرت هذه الارقام للاشياء كلها ظهور انفسها اليها و لا شي‏ء اظهر منها اليها فلم‏يبق شي‏ء لا ملك مقرب و لا نبي مرسل و لا صديق و لا شهيد و لا عالم و لا جاهل و لا دني و لا فاضل و لا مؤمن صالح و لا فاجر طالح و لا جبّار عنيد و لا شيطان مريد و لا خلق فيما بين ذلك شهيد الاّ عرّفهم جلالة امر النبي و اوليائه و اولاده و خلفائه و عظم خطرهم و كبر شأنهم و تمام نورهم و صدق مقاعدهم و ثبات مقامهم و شرف محلهم و

 

«* شرح القصيدة صفحه 27 *»

منزلتهم عند اللّه و كرامتهم عليه و خاصتهم لديه و قرب منزلتهم منه و هذا الشرف الاعظم و السرّ الاقوم و النور الاقدم مرقوم و مكتوب في كل شي‏ء و كل موجود و مفقود و شاهد و غائب و جوهر و عرض و صفة و موصوف.

و لمّا كان اشرف الاشياء و اعلاها و اسناها و ابهاها مقامات الطراز الاول و الثاني المتحف الي هؤلاء الاولياء الاقطاب كما اشرنا اليه مما اشار اليه الناظم ايّده اللّه بتوفيقه و اسعده بامداده خصّ الناظم سلّمه اللّه تعالي بالكتابة و الرقم عنوان ذلك الطراز الثاني الذي يلوح منه الطراز الاول و اذا كانت مرقومة في تلك المبادي التي ساير الموجودات فروع و توابع لها ففي التوابع بالطريق الاولي لان الفرع لايخالف الاصل و التابع يعرب باعراب متبوعه و يوصف بصفات سابقه فاذن رقمت و كتبت علي الاشياء كلها بالرقم التكويني شرف هؤلاء الاولياء و فخرهم و ان لهم الرياسة الكبري و الولاية العظمي و هو فخر لايدانيه فخر و شرف لايحاذيه شرف و هو معلوم عند كل شي‏ء كعلمه بنفسه ولكن اكثر الناس لايعلمون و لمّا غلب علي الخلق في القوس النزولي حكم الانّية نسوا ظهور تلك المراتب العالية بنسيانهم ربهم نسوا اللّه فانسيهم انفسهم بقوا لايعلمونها و لايدرون بها([26]) و الاّ فهي اقرب اليهم منهم و نحن اقرب اليكم منكم ولكن لاتبصرون فللّه درّ الناظم حيث اشار الي شرف رائق و فضل فائق في هذا البيت مع الاول فهما معاً ممثّل لفلك البيان التامّ و كل واحد متمم الاّ ان الاول المتمم الحاوي لاشتماله علي الاصول([27]) و الثاني المتمم المحوي و ان كان كل منهما تامّين في المقصود و فلك علي‏حدة داير علي قطب الحقايق و المعارف و الخارج المركز للمتممين و ما نشير اليه في البين من اطوار الغيوب فنقول قوله سلّمه‏اللّه تعالي رقمت علي العنوان من ديباجها المراد به ان تلك التحفة و الهدية لها ديباج و لديباجها عنوان و علي العنوان مرقوم مايذكره في الشطر الثاني مما اشرنا اليه و نشير ان‏شاءاللّه تعالي او التحفة هي الديباج و الاول اعلي في الفضل و المدح و نجري الكلام علي الاول فنقول انها مشتملة علي

 

«* شرح القصيدة صفحه 28 *»

الديباج و غيره و الديباج هو الوجه الاعلي و المثال الملقي من تلك التحفة الجامعة للطرز بانحائها و ذلك الوجه مشتمل علي عنوانات و الاتيان بالمفرد لملاحظة الجنس الواحد.

احدها عنوان التوحيد و فيه عنوانات: العنوان الاول مراتب التوحيد في نفسه توحيد الذات و توحيد الصفات و توحيد الافعال و توحيد العبادة العنوان الثاني مراتبه من حيث الموحّد و هما قسمان ذاتي و وصفي العنوان الثالث مراتبه من حيث الوصف و هو توحيد العبادة و توحيد الذات و التوحيد الشهودي و التوحيد الحقيقي العنوان الرابع مراتبه في السلسلة الطولية الثمانية و ملاحظة المراتب المتقدمة و هي سته‏عشر فيها العنوان الخامس مراتبه في كل سلسلة المسماة بالعرض و ملاحظة المراتب المذكورة بالتربيع في الثمانية و العشرين التي هي تمام القوسين في العالمين العنوان السادس مراتبه في الجميع من حيث الكيان الثلث الوجه من ربه و الوجه من نفسه و الجامع بين الوجهين الذي به الاختلاف في البين العنوان السابع مشاهدة الغيب المطلق و الواحد الحق في هذه الوجوه و طي الاضافات و سلب الاشارات و محو الجميع و نفي المراتب و الرجوع الي الواحد انّا للّه و انّا اليه راجعون علي حدّ ما قال سيّدنا الحسين7الهي امرتني بالرجوع الي الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار و هداية الاستبصار حتي ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السرّ عن النظر اليها و مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك علي كل شي‏ء قدير و هذه المراتب في مقام العلم دون العمل.

و ثانيها عنوان الاسماء و الصفات و ظهور نور التوحيد في خلال التعينات و فيه عنوانات: العنوان الاول الاسم الاعظم الاعظم الاعظم اسم الذات الجامعة لكل الصفات و الشئون و الاضافات و هو «ه» بلا اشباع يوجب تولد الواو العنوان الثاني الاسم الاعظم «هو» مع الواو ليكون هو الاول و الاخر و الظاهر و الباطن و هو بكل شي‏ء عليم و هو الذي يدخل تحته اسم الجلالة اللّه قل هو اللّه احد فـاللّه صفة و هو موصوف و الفرق بينهما معلوم عند اولي‏الابصار.([28]) العنوان الثالث الاسماء العظام الاثنان و السبعون

 

«* شرح القصيدة صفحه 29 *»

قوي كن مع المستتر فيها و الغايب المستور في المستتر من سرّ المضارع المخاطب و المشتق فرع للمشتق منه كما هو الظاهر المعلوم و هو تمام الاثنين و السبعين و هي الاسماء المتعلقة بكليات العوالم العنوان الرابع رتبة الاحدية و هي مقام كشف السبحات و هي صفة لاسم الجلالة قل هو اللّه احد و نسبتها اليه نسبة الشكل المثلث الي المستدير و الثاني فرع للاول و هو ابوالاشكال و المستدير شكل الوحدة فافهم العنوان الخامس رتبة الواحدية رتبة الفيض الاقدس و الاعيان الثابتة و الصور العلمية و لوازم التعين الاول و الاحاطة الكلية بجميع العلوم و الحقايق العنوان السادس رتبة الرحمانية و الفيض المقدس و ظهور الاسماء المتقابلة مثل المنعم و المنتقم و المريد و الكاره و المحيي و المميت و غيرها و هو مقام الاستواء علي العرش و اعطاء كل ذي‏حق حقه و السوق الي كل مخلوق رزقه و هنا عنوانات كثيرة رأيناها مرقومة علي عنوان ذلك الديباج و قرأناها و تركنا ذكرها و اشرنا الي نوعها صوناً عن الاغيار و حفظاً للاسرار و ايصالاً للامانات الي اهلها و منعها من غير مستحقها و هو سبحانه يقول انّ اللّه يأمركم ان‏تؤدّوا الامانات الي اهلها و لاتؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل اللّه لكم قياماً فارزقوهم منها و اكسوهم و قولوا لهم قولاً معروفاً.

و ثالثها عنوان الربط بين الظاهر و المظهر و المتجلي([29]) و المتجلي‏له و التعين و المتعين و فيه عنوانات: العنوان الاول الولاية المطلقة الاولية الكلية الظاهرة بامر كن السارية بنورها و ظهورها في جميع الذرات الوجودية من مبدء الغيب الي اخر مراتب التعينات و ان كانت لا نهاية لها و لها الهيمنة بالاضافة علي الاشياء كلها بجميع مراتبها و اطوارها العنوان الثاني رتبة النبوة و هي الوساطة في التشريع و في التكوين ايضاً بوجه دقيق و لا شكّ ان النبوة مقامها بعد الولاية و ان كان الجامع له السبق علي المتفرد و بجمعيته تفرد كما ان المتفرد بتفرده اجتمع و اقترن و اشار الشيخ الاكبر الي العنوان الاول و الثاني من الثالث علي ما ذكرنا ولكن يحتاج في التطبيق الي لطيفة سرّ قال «فكل

 

«* شرح القصيدة صفحه 30 *»

نبي من لدن ادم الي اخر نبي ما منهم احد يأخذ الاّ من مشكوة خاتم‏النبيين و ان تأخّر وجود طينته فانه بحقيقته موجود في جميع العوالم و هو معني قوله كنت نبيّاً و ادم بين الماء و الطين و غيره من الانبياء ما كان نبيّاً الاّ حين بعث و كذلك خاتم‏الاولياء كان وليّاً و ادم بين الماء و الطين و غيره من الاولياء ما كان وليّاً الاّ بعد تحصيل شرائط الولاية من الاخلاق الالهية و الاتصاف بها من كون اللّه يسمّي بالولي الحميد فختم الرسل من حيث ولايته نسبته مع الختم للولاية نسبة الانبياء و الرسل معه فانه الولي الوارث الاخذ عن الاصل المشاهد للمراتب و هو حسنة من حسنات ختم([30]) الرسل محمّد9» انتهي كلامه و هذا هو الذي نقلنا عنه سابقاً من ان الحضرة المحمّدية اقرب الحضرات الي الحضرة الاحدية فكانت له الولاية العامة الواقعة علي كل مذروء و مبروء و له النبوة الخاصة العامة المطلقة فهو من حيث ولايته اعلي منه من حيث نبوته و بالامرين تقدم علي صاحب الولاية فقط كما قال الشيخ الاكبر ان الولي حسنة من حسنات خاتم‏النبيين العنوان الثالث رتبة الولاية في مقام جمع الجمع و هو الاحدية الثانية العنوان الرابع رتبة الولاية في مقام الجمع و هو مقام الواحدية في هذه الرتبة العنوان الخامس رتبة الولاية في مقام الفرق و هو مقام اعطاء كل ذي‏حق حقه العنوان السادس رتبة الولاية في مقامات الفرق و مراتبه كما فصّلنا في المقدمة اجمالاً العنوان السابع رتبة الكمالات الحقيقية و الملكات النفسانية و الاخلاق الالهية و الاطوار الربانية مما يقتضي ظهور التوحيد في الصورة الانسانية من احكام الربوبية الظاهرة في العبودية و احكام العبودية المنوطة بالربوبية من مراتب التقوي و الزهد و العبادة و العلم و الحلم و الكرم و الشجاعة و الوفاء و الحياء و الحيوة المطلقة الظاهرية و الباطنية و الانوار القدسية و معرفة النفس بكشف السبحات و ازالة الانيات و هذه العنوانات هي المرقومة علي ذلك الديباج و هو العنوان لها و هي الديباجة للشرف الذي لايجهل لان ديباجة الكتاب مشتملة علي اشرف ما في الكتاب من الثناء علي اللّه و الصلوة علي محمّد و اولاده و خلفائه و

 

«* شرح القصيدة صفحه 31 *»

اصحابه سلام‏اللّه عليهم و هي عبارة عن العنوانات المذكورة من التوحيد و الاسماء و الصفات و الولاية و النبوة و كرامة النفس و هي المجتمعة في كينونة الانسان الكامل.

و حيث ان اصول الشرف و كماله ترجع الي هذه الحدود و الجهات كانت الصورة المذكورة و الطراز الاصلي ديباجة عنوان لهذه الديباجة فالشرف كتاب و ديباجته اكمل ما فيه و اشرف ما سطر فيه و اشرف ما في الوجود من الغيب و الشهود من اطوار الشرف ظهور هذه المراتب في حدّ جامع و لمّا كانت الصورة الانسانية هي الجامعة لهذه المعالي و المفاخر في الوجه الاعلي كان الانسان الكامل جامعاً لهذه المراتب فهيكل التوحيد و الحقيقة([31]) الانسانية طراز مرقوم في ديباجة الوجه الاعلي منه ديباجة الشرف و اصوله و مقاماته العلوية و هو الذي لايجهله احد لما ذكرنا من ان ظهور هذه الكمالات مساوقة لوجود الاشياء و هي حكاية لها و هي اظهر لها من انفسها بها ولكن العلايق البشرية و لوازم الانية و مقتضيات الماهية لمّا حجبتهم عن مشاهدة تلك المقامات القدسية و المراتب الالهية و الشرف اللامع و النور الساطع لهذا الانسان الكامل نسوا تلك الاحوال و الامور فبقوا بين جاهل و مشكك و منكر فاذا كشف الغطاء يقال للغافلين لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد فيري عند الكشف ظهور تلك العنوانات و بروز تلك الجهات و يجدها اظهر الاشياء و اعلاها و ابهاها و اسناها فيعرف انها لشدة ظهورها خفيت و لعظم نورها سترت فخفاؤها لعظم نورها و استتارها لشدة ظهورها و لهذا قال سلّمه اللّه تعالي ديباجة الشرف الذي لايجهل اي واللّه لايجهله احد الاّ ان الخفاء نسيان كما نسوا العوالم الماضية سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق، و اذا وقع القول عليهم اخرجنا لهم دابّة من الارض تكلّمهم انّ الناس كانوا باياتنا لايوقنون و لقد كرّرت العبارة و ردّدتها لزيادة التعريف و التفهيم لصعوبة مسلك هذا المطلب و دقة مأخذه و مااسعد من وفّق لتحقيقه هذا ما يتعلق بباطن الكلام و تأويله.

 

«* شرح القصيدة صفحه 32 *»

و اما ما يتعلق بظاهر الكلام في قوله سلّمه اللّه تعالي الشرف الذي لايجهل فاعلم ان الشرف اما بالنسب او بالحسب و الامران قداجتمعا في هذا الانسان الكامل و القول الفاصل. اما النسب فلانّ اشرف طوايف بني‏ادم7العرب لانّ محمّداً9منهم و اشرف طوايف العرب قريش لانّ النبي المعظم9 منهم فتشرّفوا به و اشرف قبائل قريش بنوهاشم لوجود ذلك النور المكرّم منهم و اشرف بني‏هاشم اهل‏البيت:لانّهم من محمّد9 و محمّد منهم الاّ من اخرجه من البيت مباينة اخلاقه له9  لان شرافته لانتسابه اليه فاذا انتفت النسبة في العالم الاعلي من مقامات القلب و الفؤاد تنتفي في العالم الجسماني يا نوح انه ليس من اهلك و الدليل علي ذلك انه عمل غير صالح فهذه هي قاعدة الهية قرءانية لاتختلف بحال من الاحوال فلايضاهي اهل‏البيت في شرافة النسب احد باتفاق جميع المسلمين المقرّين بشرف محمّد9.

و اما الحسب فعلم و عمل و ملكات نفسانية و غير ذلك مما مرّ بعضها و التنزّه عن الارجاس و الادناس و سوء الاخلاق و دناءة الاعراق و قد شهد اللّه لهم بذلك في القرءان في مواضع شتّي الاّ ان اظهرها و ابينها قوله تعالي انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل‏البيت و يطهّركم تطهيراً فاذا اذهب اللّه عنهم الرجس فلم‏يبق معهم شي‏ء من الاخلاق الرديّة و الملكات الغيرالمرضية مما لايحبّه اللّه تعالي فان الرجس هو الذي يكرهه اللّه سبحانه و لم‏تتوجه اليه العناية الالهية الربّانية فكل ما كان كذلك فهو بعيد عنهم لان اللّه سبحانه تفرّد باذهابها عنهم فوجودها مع ذلك محال لانه يستلزم تكذيب اللّه سبحانه فاهل‏البيت منزّهون عن كل شي‏ء لايريده اللّه و لايحبّه و نهي عنه الزاماً كان ام تنزيهاً ثم اكّده سبحانه بالتطهير فاذا لم‏يكن عندهم شي‏ء من الرجس مما يحصل به الاعراض عن اللّه سبحانه فهم دائماً متوجهون اليه و مقبلون عليه و مستمدون منه سبحانه بالاعمال الصالحة و لايعقل ان‏يكون العبد مقبلاً علي اللّه مستشرقاً من انوار عظمته و جلاله من الباب الذي امر اللّه سبحانه ان‏يقبلوا و يتوجهوا اليه من ذلك الباب و هو سبحانه يعرض عنه و لايشرق عليه من انواره و لايحلّيه بحلية كينونته و اطواره ان ذلك محال كيف و هو سبحانه الذي قال من اقبل الي شبراً اقبلت اليه ذراعاً، و لدينا مزيد،

 

«* شرح القصيدة صفحه 33 *»

يا ابن‏ادم اطعني حتي‏اجعلك مثلي انا اقول للشي‏ء كن فيكون و انت تقول للشي‏ء كن فيكون و الشواهد العقلية و النقلية تأبي عن ذلك فكان اهل‏البيت:هم المتحلّون بحلية كل كمال و المنزّهون عن كل نقص و زوال سوي نقص الامكان و حدود الاكوان و الاعيان و ذلك بنص القرءان و شهادة اللّه الملك المنّان و اجماع اهل الاسلام و الايمان و قال الشيخ الاكبر في الفتوحات «و لمّا كان رسول اللّه9عبداً محضاً اي خالصاً قد طهّره اللّه تعالي و اهل بيته تطهيراً و اذهب عنهم الرجس و كل ما يشينهم فانّ الرجس هو القذر عند العرب علي ما حكاه الفراء قال تعالي انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل‏البيت و يطهّركم تطهيراً فلايضاف اليهم الاّ مطهّر و لابد ان‏يكون كذلك فان المضاف اليهم هو الذي يشبههم فما يضيفون الي انفسهم الاّ من له حكم الطهارة و التقديس فهذا شهادة من النبي9لسلمان الفارسي بالطهارة و الحفظ الالهي و العصمة حيث قال فيه رسول اللّه9سلمان منّا اهل‏البيت  و شهد اللّه لهم بالتطهير و ذهاب الرجس عنهم و اذا كان لايضاف اليهم الاّ مطهّر و مقدس و حصلت له العناية الالهية بمجرد الاضافة فما ظنّك باهل‏البيت:في نفوسهم فهم المطهّرون بل هم عين الطهارة» انتهي اقول و هذا هو الشرف الذي لايجهل و الذكر الذي لايخمل و النور الذي لايطفي و الفخر الذي لايخفي.

و قال ابوعثمان الجاحظ في اهل‏البيت و شرفهم «فكيف يقاس بقوم منهم رسول اللّه9و الاطيبان علي و فاطمة و السبطان الحسن و الحسين و الشهيدان اسداللّه و ذوالجناحين و سيد الوادي([32]) عبدالمطلب و ساقي الحجيج العباس النجدة و الخير فيهم و الانصار انصارهم و المهاجر من هاجر اليهم و معهم و الصدّيق من صدّقهم و الفاروق من فرّق بين الحق و الباطل فيهم و الحواري حواريهم و ذوالشهادتين لانه شهد لهم و لا خير الاّ فيهم و لهم و منهم و معهم» انتهي فقد جمعوا جوامع الشرف حسباً و نسباً و هذا هو المرقوم علي الطرز المنسوجة لهم في جميع العوالم و المراتب و

 

«* شرح القصيدة صفحه 34 *»

المقامات و لمّا كانت الولاية لهم و التأثيرات بهم اشرق نورهم علي كافة الموجودات فرقمت علي كل ذرّة منها تلك الديباجة الشريفة و الكتابة اللطيفة و هو لعمري كما قال ايّده اللّه و سدّده و وفّقه الشرف الذي لايجهل قال سلّمه اللّه تعالي و سدّده:

كم جاورت قبراً لجدّك فاكتست   مجداً له انحطّ السماك الاعزل

اقـول: هذا البيت ظاهر في معناه لا سترة عليه و لا اشكال فيه في النظم الترتيبي الاّ ان الكلام بقي في امور الاول في المجاورة و الجوار و مايتعلق بها من الاطوار الثاني في حقيقة القبر و المراد منه عند اهل الكشف و الحقايق الثالث في معني الجدّ و يستطرد فيه ذكر الاب الرابع في المجد و سرّه و بيان المراد منه الخامس في السماك الاعزل و المراد منه في الظاهر و الباطن السادس كيفية الانحطاط و حقيقته و الستة هي العدد التامّ ظاهره في باطنه و سرّه في علانيته بها خلق اللّه الوجود و ميّز الغيب من الشهود و اتمّ به الحدود و دلّ الي قوله سبحانه صنع اللّه الذي اتقن كل شي‏ء و هذا هو القول الفصل الذي ليس بالهزل و ما كنّا عن الخلق غافلين فافهم.

اما الاول فاعلم ان الشي‏ء من حيث هو هو منزه عن الاسم و الرسم و الاشارة و العبارة و التعريف و التعرّف و الافادة و الاستفادة و انما الاحكام و الاوصاف تجري عليه من حيث تعيّنه و تقيّده فاذا تعيّن بالوحدة ظهرت له اسماء و اوصاف و احكام كالوحدة الحقيقية و الانبساطية الاطلاقية([33]) و الجنسية و النوعية و الشخصية و العددية و الاصل و الاسطقس و المادة و الامر و العنصر و الاسم و الفعل و الحرف و امثالها من الاسماء التي للتعين الاول او الواحد من حيث هو واحد و قد ذكرنا احوال الواحد في كثير من مصنفاتنا و اجوبتنا للمسائل لاسيّما في كتابنا اللوامع الحسينية و اذا اقترن ذلك الواحد المتعين بالاخر فهما المتجاوران المقترنان فان اقترنا بحيث انمحي اثر كل منهما و رسمه و اسمه و حصل من الاقتران حقيقة اخري يستحق اسماً اخر و هما اضمحل اعتبارهما و اكتسبا([34]) وحدة لهذه الكثرة عند اجتماعهما فهو المركب و يتحقق الكل و الجزء و غاب

 

«* شرح القصيدة صفحه 35 *»

الجزء في الكل و ظهرت الوحدة المستقرة تحت حجاب الواحدية عند اجتماع الجزئين او الاجزاء فهي كثرة جاذبة للوحدة و عبودية مظهر ربوبية فلا طفرة في الوجود لاستلزام وجود الوحدة بعد الكثرة و لا استحالة في الكون لاستلزام وجود الكل قبل الجزء فافهم الدقيقة بسرّ الحقيقة و ان اقترنا مع بقاء اثار كل منهما فان توقف وجود احدهما علي الاخر بان احدثه لا من شي‏ء و لا علي شي‏ء فهما العلة و المعلول فان توقف وجود الثاني بمادته و صورته و كينونته علي الاول بان‏يحدث المجموع لا من شي‏ء فهما الفاعل و المفعول و ان كان احدهما واسطة في صدور الاخر و يداً للاعلي غير معتبر اعتباره في نفسه بل الثاني انما ينسب الي الاعلي لا الواسطة فهما السبب و المسبَّب (بالفتح) و اما بالكسر فهو الاعلي و يقال للسبب يد كالحركة بالنسبة الي افعال الشخص فانها منسوبة اليه لا اليها مع انها لاتحصل بدونها و ان كان احدهما واسطة لقابلية وجود الاخر فهو المعدّ و المعدّ له كالنطفة للعلقة و هي للمضغة و هي للعظام الي الانسان الهيكل البشري و ان كان احدهما واسطة لقابلية الظهور للاخر([35]) فهو الشرط و المشروط كالارض لظهور النور و كالبلور لظهور احراق المنير و ان كان الثاني من مقتضيات الاول فهو اللازم و الملزوم كالزوجية للاربعة و الكلية للطبايع لا الاحراق للنار و الاشراق للشمس فانهما من قسم العلة و المعلول  لا اللازم و الملزوم و انفكاك الاحراق من النار في قصة ابرهيم ليس انفكاك العلة من المعلول المستحيل بل من قبيل انفكاك اثر المختار منه ان لم‏يشأ ككلامك بالنسبة اليك و اقمنا براهين قطعية في مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل ان كل ممكن زوج تركيبي و ان كل مركب مختار و اختيار كل شي‏ء بحسبه و لولا خوف التطويل لاعطينا الكلام حقه ولكن الاشارة كافية لاهلها.

و ان كان الثاني من تنزل وجود الاول يعني انجماده و انعقاده و تعينه فهو الشهادة و الظاهر و الاول هو الغيب و الباطن و ان كان كل واحد منهما يتوقف علي الاخر فهما المتفاعلان كاللبنتين و ان كان نسبة احدهما الي الثاني متوقّفاً علي نسبة الثاني اليه فهما

 

«* شرح القصيدة صفحه 36 *»

المتضايفان كالابوة و البنوة و الموضوع و الموضوع‏له و ان كان وجود كل منهما عند وجود الاخر معاً فهما متساوقان كالوجود و الماهية و ان كان كل منهما ينتهي الي الاخر فهما متحاويان كالجسم و الزمان او الجسم و المكان و كالامكان و الحقيقة المحمّدية9 و يدور كل من المتفاعلين و المتساوقين و المتضايفين و المتحاويين علي الاخر فالدور معي و ان كان احدهما مثال الاخر و شبحه فهما الصفة و الموصوف و ان كان في احدهما مثال الاخر و صفته فهما الدليل و المدلول و العلة و المعلول و العلة تدلّ علي المعلول في فعلها لا في ذاتها و ان لم‏يتوقف احدهما علي الاخر و انما اقترنا لنسبة([36]) بينهما فهما المتجاوران بوجه خاص و يدور الجوار مدار النسبة شرفاً و ضعةً علواً و سفلاً و رقةً و لطفاً و انما قلنا بوجه خاص لان اطلاق الجوار علي هذا الوجه هو الشايع الذايع و الاّ ففي الحقيقة كل ما يجتمع مع الاخر و يقع تلوه فهو مجاور له و متصل به و ذلك الاتصال لايخلو من الاقسام المذكورة و الغيرالمذكورة و المراد من الجوار في هذا البيت سنذكره ان‏شاءاللّه تعالي‏بعد بيان معني القبر و نذكر ان جوار هذا الستر لهذا القبر الشريف باي نحو من انحاء المجاورة من الاقسام التي ذكرت.

و اما الثاني فاعلم ان القبر هو محل الجسد الذي نزعت عنه الحيوة و هذا و ان كان هو الظاهر المتبادر عند عامة الناس من الواقفين مقام الاجسام الثانوية عند تصادم العناصر و تمانع القواسر و تخالف المتمائلات([37]) و تعاكس المتشابهات مقام التناكر و الاختلاف و التباغض و الاعتساف دون التوادد و الايتلاف هو القبر المعروف الحامل لهذا الجسد الميّت المتواري فيه الاّ انّ عند اهل الوصال و اصحاب الاتصال و ارباب الانس المتجاوزين عن حدود القيل و القال مطلق الحيوة و مطلق الموت و مطلق الحامل عملاً بقوله تعالي و ان من شي‏ء الاّ عندنا خزائنه و ماننزّله الاّ بقدر معلوم  و هذا الاطلاق سرّ سار من مبدء الوجود الي ادني مقامات الشهود فكل ممكن في كل حال من الاحوال من([38]) المبدء و المـئال لايقوم الاّ بالاركان الاربعة الخلق و الرزق و الحيوة و الموت

 

«* شرح القصيدة صفحه 37 *»

فالخلق بقوة الحرارة و اليبوسة و الرزق بدفع البرودة و الرطوبة و الحيوة بسريان الحرارة و الرطوبة و الموت بغلبة البرودة و اليبوسة و هذه الاركان لايخلو منها شي‏ء من الاكوان و الاعيان مما تعلق به قول كن من جميع المراتب و المقامات المستودعة في سرّ الانسان الاّ انّ الموت و الحيوة في كل مقام علي حسب ما يقتضي ذاته من الامكان و هو قوله تعالي هو الذي خلق الموت و الحيوة ليبلوكم ايّكم احسن عملاً و هو العزيز الغفور و ضمير «كم» عام شامل لجميع الامة و قد ذكرنا في كثير من اجوبتنا للمسائل و مباحثاتنا انّ الموجودات باسرها و الكاينات بحذافيرها و الكلمات باحرفها و الاسماء و الصفات بدلالاتها و الجواهر و الاعراض بامزجتها و قراناتها امّة لمحمّد9بنصّ القرءان و قد جعل اللّه سبحانه الموت و الحيوة ابتلاء لهذه الامة المرحومة فكل شي‏ء له موت و حيوة بحسبه الاّ ان الحيوة متقدمة علي الموت لبطلان الطفرة و قاعدة امكان الاشرف و لذا عرفنا العوالم الاول من قوله تعالي كيف تكفرون باللّه و كنتم امواتاً فاحياكم و لمّا كانت الحيوة سابقة و الموت لاحقاً علمنا وجود عوالم اخر كانت احياءً فاصابتها مصيبة الموت و هو قوله تعالي في التأويل الم‏تر الي الذين خرجوا من ديارهم و هم الوف حذر الموت فقال لهم اللّه موتوا فماتوا و دفنوا ثم احياهم اللّه في هذه الدنيا عالم الاجسام عالم النقش و الارتسام.

و بالجملة فالحيوة متقدمة و الموت متأخر و هما في كل عالم بحسبه فكل موت تتقدمه حيوة و لايلزم ذلك في كل حيوة و لمّا كانت الاشياء لها خزائن متنزلة من قوله تعالي و ان من شي‏ء الاّ عندنا خزائنه و ماننزّله الاّ بقدر معلوم فافرد الشي‏ء و جمع الخزائن للدلالة علي انها لشي‏ء واحد ثم اردفها بالتنزل لبيان انها ليست متساوية بل انما هي متنزلة فاثبت بالنزول الصعود لاستحالة ان‏يكون النزول هو الغاية و المقصد و النهاية و المطلب فالنزول لغاية الصعود فاثبت سبحانه و تعالي القوسين باكمل بيان لذي‏العينين ففي كل هذه المراتب موت و حيوة و كل ميّت لابد له من قبر يواري فيه ليحفظه و يستره و لمّا كانت العوالم كثيرة غيرمحصورة و ما حصرنا منها من انواعها و كلياتها مما قال سيّدنا الباقر عليه التحية و الثناء انّ اللّه خلق الف الف عالم و الف الف ادم و

 

«* شرح القصيدة صفحه 38 *»

انتم في اخر تلك العوالم و اولئك الادميين فالمحصور من تلك العوالم لايسعنا ضبط احوال موتها و حياتها و امواتها و احيائها فنقتصر علي ذكر بعض كليات تلك الكليات و اجناس تلك الانواع.

فنقول اما الحيوة الاولي اي الحيوة الابدية التي لايعتريها موت و لايواريها قبر النور الازل و وجه الحق لم‏يزل وجه اللاتعيّن بل حقيقة اللاتعيّن اسم استقر في ظلّه فلايخرج منه الي غيره و هو اسم بالحروف غيرمصوّت و باللفظ غيرمنطق و بالشخص غيرمجسّد و بالتشبيه غيرموصوف و باللون غيرمصبوغ بري‏ء عن الامكنة و الحدود مبعّد عنه الاقطار محجوب عنه حسّ كل متوهّم مستتر غيرمستور و هو بحر الاحدية و طمطام يمّ الوحدانية الاية الكبري المثل الاعلي و مقام او ادني ظاهره امر لايملك و باطنه غيب لايدرك سرّ الاسرار و نور الانوار غيب الغيوب السرّ المقنّع بالسرّ و المجلّل به فهي عين الحيوة المنزهة المبرّئة عن الممات لايعتريها فتور و لايشوبها قصور فهي عين الكافور و ينبوع النور و مبدء الانس و السرور اصل المحبة سرّ المودّة غيب الكينونة نقطة الكلمة باطن الالف اللينية الالف([39]) المطويّة في البسملة عين الهوية و الحقيقة في العبودية و الغيب البحت المجهول النعت ذات ساذج و ذات بلا اعتبار مدلول اسم «هُ» بلا واو و لا ظهور الاشباع و لا انشقاق الهاء بل «ه» بلا كيف و لا اشارة و لا نطق و لا عبارة و هي الاية التي منها رأي رسول اللّه9في اقصي سيره ليلة([40]) المعراج كما في قوله تعالي لنريه من اياتنا و تلك الاية هي نور العظمة و جلال القدرة و سرّ اللاهوت قبل الظهور بتعين الماهوت الذي هو مبدء سرّ الناسوت و بالجملة هذه الحيوة لا موت لها و لا قبر لها و لا بعث لها و لا نشور و انما هي حيوة دائمة و نعمة باقية و حقيقة غير زائلة تسمّي بالاسماء التي ذكرناها و غيرها و الناس بالنسبة اليها متفاوتون فمنهم من لم‏يصل اليها و لا ظهر اشراق نورها عليه و لا جذبته المحبة التي هي سرّ الاحدية اليه فهو متحير هائم غافل كالبهائم و منهم من اَلحَد في اسمائها و وصفها بغير صفاتها و سمّاها بغير اسمائها و

 

«* شرح القصيدة صفحه 39 *»

لم‏ينكرها لكنّه لم‏يعرفها و منهم النمط الاوسط و النمرقة الوسطي و الطريقة المثلي يسمّيها باسمائها و يصفها بصفاتهاو هي بعض ما ذكرنا و اشرنا و لوّحنا ولكني مع ذلك كما قال الشاعر:

تعرّضت في قولي بليلي و تارة   بهند فلا ليلي عنيت و لا هندا

تنبيــه: الحيوة و الموت و الحي و الميّت و القبر امور مختلفة متعددة في عالم الاجسام الذي هو اخر مقامات التفصيل و كل عالم فوقه اقرب الي الوحدة فكل ما هو قريب الي عالم الاجسام جهة الكثرة فيه غالبة ولكنها لاتبلغ كثرة عالم الاجسام و كل ما هو بعيد عنه فجهة الوحدة غالبة ولكنّها لاتبلغ حدّ الوحدة الحقيقية فالتمايز التامّ انما يكون في هذا العالم و اما غيره من العوالم فلايلزم ان‏يكون تمايزه تمايزه لما ذكرنا من الاجمال و التفصيل و الجمع و التفريق و مقام جمع الجمع و وصل الوصل فافهم و ليكن علي ذكر منك فلنرجع الي ما كنّا فيه.

فنقول اما الحيوة الثانية في العالم الثاني التعين الاول و السرّ المستسرّ بالسرّ و السرّ المجلّل بالسرّ و باطن الباطن و هي في مقام الاعراف رتبة الايتلاف و مقام نفي الاختلاف قال تعالي و علي الاعراف رجال  و هم جمع بمعني واحد و واحد بمعني الجمع يعني ان الحقيقة اجمالية و التفاصيل مطويّة فان عبّرت عنها بالجمع صدقت و ان عبّرت عنها بالمفرد صدقت و ان عبّرت عنها بالتثنية صدقت و ان عبّرت عنها بالتذكير صدقت و ان عبّرت عنها بالتأنيث صدقت و ان عبّرت عنها بالمخاطب صدقت و ان عبّرت عنها بالغائب صدقت و ان عبّرت عنها بالمتكلّم صدقت فهو جمع و واحد و غائب و مخاطب و مذكر و مؤنث و مولود و والد و قد قال صاحب الشذور و نعم ما قال:

و محمومة طبعاً عدلت مزاجها   الي ضدّها لمّا عَلَت زفراتها
بجنّية انسيّة ملكيّة   هوائية نارية نفحاتها
جنوبية شرقية مغربية   شمالية كل الجهات جهاتها

فهذا الرجل الواقف علي الاعراف ابيض اللون و اللحية علي صورة انسان معتدل المزاج

 

«* شرح القصيدة صفحه 40 *»

طول قامته الف الف ذراع بيده عصاه([41]) من نور علي رأسه تاج من نور مزاجه في ذاته العليا حارّ يابس و في ذاته الثانية بارد يابس و في حال القران في الوجه الاعلي حارّ رطب و في الوجه الاسفل بارد رطب فحيث ان حكم الظهور في العالم الاسفل كان في حال الاقتران قلنا ابيض والاّ فلونه في ذاته العليا حمرة و السفلي سواد و القران الاعلي صفرة فاذا نظر الي السواد بكي و اشتد وجده و بكاؤه فالحرارة تهيّج الابخرة الصاعدة من ارض الامكان و الرطوبة تذيبها و تجريها و البرودة تدفعها و تبرزها دموعاً فبكثرة الدموع باستجنان النيران نيران الشوق و المحبة التي حوتها الضلوع جرت المياه و ابيضّ الوجه و بطنت الحرارة فبطنت الحمرة و الصفرة و مال السواد الي البياض فكان زبرجدياً او سماوياً و لذا قال7 و كان بينهما حجاب يتلألؤ بخفق و لا اعلمه الاّ و قد قال انه زبرجد هيئته القيام و شأنه الرضا و التسليم و امره فعل الطاعات و صفته الذلّة و المسكنة و افتراش التراب و قرائته و تلاوته فاتحة الكتاب التكوينية و التدوينية و دليله الموعظة الحسنة و فعله النقش في اللوح بقلم من نور طوله الف الف قامة ينقش فيه ما كان و ما يكون الي يوم القيمة و اسمه النور الابيض و حجاب اللؤلؤ و الدرة البيضاء و القلم الاعلي و الالف المتحركة و روح‏القدس اول خلق من الروحانيين عن يمين العرش و الروح الاعظم و الاسم الذي اشرقت به السموات و الارض و الاسم الذي صلح به امر الاولين و الاخرين باب الابواب و اول الحجاب النفس الرحماني الثانوي و الرحمة المكتوبة بباطنه و الواسعة بظاهره و النعمة السابغة و الحجة البالغة و العلم الباطن و العرش الاعظم و الملك الذي له رءوس بعدد رءوس الخلائق و الغيب الاول بعد الغيب الثاني و الركن الايمن الاعلي و اول غصن اخذ من شجرة الخلد و الباكورة في جنان الصاقورة و الباء في البسملة و سرّ العرش و مبدء الفرش قطب الوجود و سرّ الشهود و مؤكد الركوع و السجود و الرابط بين العابد و المعبود و الشاهد و المشهود محور فلك الولاية و الاصل المايز بين البداية و النهاية مدار الدهر و ناموس العصر اي المعتصر من

 

«* شرح القصيدة صفحه 41 *»

التعين الاول والعصر انّ الانسان لفي خسر العقل الكلي و العقل المحمّدي و النور المحمّدي و الروح المحمّدي9مالئ الامكان و سرّ الاكوان و حقيقة الاعيان و مستوي الرحمان باللّه الملك المنان و له اسماء كثيرة غير ما ذكر([42]) تركناها خوفاً للتطويل و صوناً من اصحاب التطفيل.

و هذا اول حي بالحيوة الثانية عبد خاضع للّه مستسلم منقاد له استنطقه اللّه فوجده كما اراد و اختاره لما اراد بما اراد و اوقفه فيما اراد طلب له الكمال ليوصله الي الوصال فامره بالادبار ليجد اللذّة حين الاقبال و حكم عليه بالاغتراب ليحصّل ما اريد منه اذا اب فاماته ليحييه حيوة ابدية بان ناداه بلسان سرّه بل بحقيقة نفسه ان ادبر ٭ تغرّب عن الاوطان في طلب العلي ٭ فلمّا سمع الفراق و ايس عن التلاق و التفّت الساق بالساق فشهق شهقة فمات من شدة الوجد و سورة البرد فالادبار موت و ان كان للاقبال و المدبر ميت و القبر هو الوجه الاعلي من الحدود الرقايقية رأس الشكل المخروط ورق الآس ومبدء الاساس و الستر هو الوجه الاسفل تمام الصورة قاعدة الشكل المخروط و هذا الستر مسدل علي ذلك القبر المكرّم المقبور فيه ظاهرية النبي([43]) المعظّم9علي حسب مقتضي ذلك العالم والا فهو بالنسبة الي هذه الدنيا و القبر المحسوس ذات الذوات و الذات في الذوات للذات و لمّا دفن و قبر و اسدل عليه ما يناسبه من الستر و هو الثوب الاصفر المصبوغ في ارض الزعفران بالركن الاسفل الايمن من العرش و الفتي الشرقي و شي‏ء يشبه البرق عن([44]) بعض حكايات اطوار هذا الصبغ لمن عرف اخت النبوة و عصمة المروة بباطنها و ظاهرها و مكتوب علي هذا الستر لا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه و اله و اولاده و خلفاؤه و امناؤه اولياء اللّه.

ثم احيي اللّه سبحانه هذا الانسان الرباني و النور الشعشعاني في العالم الثالث بالطور الثاني مقام([45]) الرفرف الاخضر و هو انسان معتدل المزاج عظيم الابتهاج

 

«* شرح القصيدة صفحه 42 *»

مضطجع مستلقي ظهره الي الارض التي هي عبارة عن الوجه الاسفل بمعني ادباره و تنزّهه عن لوازم الانية و مقتضيات الماهية المعبّر عنها بالارض السفلي و وجهه الي السماء بكله يتلقي الوحي و الالهامات الربانية و المعارف القدسية و العلوم الملكوتية تسبيحه سبحان ذي‏الملك و الملكوت و ذكره يارحمن يا اللّه يا باسط يا اللّه يا باعث يا اللّه يا محيي يا اللّه يا منعم يا اللّه و شأنه الشكر للّه علي النعماء الجسام و العطايا العظام و تعداد النعماء و التصديق لقوله تعالي و ان تعدّوا نعمة اللّه لاتحصوها و معرفته العلم الحصولي الحضوري اي الظلّ الملكوتي النور المنقسم الي التصور و التصديق و مايتولد منهما عند اصحاب النظر الدقيق و الفكر العميق و ترتيب القضايا و تحصيل البراهين و القياسات و دليله المجادلة بالتي هي احسن و ديدنه الخوف لمقام ربه و مزاجه البرودة و الرطوبة في ظاهره و البرودة و اليبوسة في باطنه فيخاف بالنظر الي باطنه و يبكي برطوبة ظاهره الي ان جرت من دموع عينيه بحور السموات و الارضين منها عذب فرات سائغ شرابه و منها ملح اجاج و من كلٍ يأكل الناس لحماً طريّاً و يستخرجون حلية يلبسونها و تري الفلك مواخر فيه بجميع المعاني طول قامته الف الف شبر فعله العمل بالطاعات التفصيلية و ترك المحرمات كذلك و مقرّه اواسط الدهر وعاء المجردات و محل الثابت الباتّ و ادراكه الصور المجردّة عن المادة الجسمية و المثالية و الصورية الجسمية و المقدارية درّاك للصور كلها ناظر الي اللوح المحفوظ و الكتاب المسطور و الرقّ المنشور و هو زمردة خضراء مساحتها سبعمائة الف ذراع في مثلها بذراع الشارع الذي هو الف شبر و كل شبر اثناعشر الف اصبع و كل اصبع سبعمائة الف شعيرة و كل شعيرة سبعمائة الف شعرة و كل شعرة كألف ذراع مما تعدّون فافهم ان كنت تفهم والاّ فاسلم تسلم و قد قال الشيخ محي‏الدين:

فان كنت ذافهم تشاهد ما قلنا   و ان لم يكن فهم فتأخذه عنّا
فما ثمّ الاّ ما ذكرناه فاعتمد   عليه و كن في الحال فيه كما كنّا

و اسم هذا الانسان الكبير ذات اللّه العليا و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي النور الاخضر العلم الظاهر الكرسي العظيم الملك القديم اصل اللاهوت و سرّ الملكوت

 

«* شرح القصيدة صفحه 43 *»

و ظهور الجبروت مصدر الالاء منطقة الفلك الاعلي ظاهر المثل الاعلي فرع الاية الكبري الاصل القديم و الفرع الكريم النور الاقدس و الفيض المقدس ظاهر الولاية اصل الاية العالم اللدنّي و البشر الثاني كتاب الابرار نعمة الاخيار و عنصر الابرار سرّ الاسرار القرءان المبين الذكر الحكيم المثل الاعلي و الطريقة المثلي و الاية المعنيّة من قوله تعالي فاريه الاية الكبري، و لقد اريناه اياتنا كلها حجاب الزبرجد قصبة الياقوت و مبدء الرحموت و مظهر الماهوت ظاهر الغيب باطن الشهادة النفس الكلية و النفس الملكوتية الالهية النفس الناطقة القدسية محل الاسماء المتقابلة و مظهر النعماء المتواترة و قراءته و تلاوته من القرءان سورة البقرة بوجهه الاعلي و سورة ال‏عمران باخر وجهه الاعلي لانه مقام معمورة الوجود و العمارة الظاهرة بالاحكام([46]) التفصيلية انما نشأت منه و انتهت اليه و صدرت عن اللّه تعالي به ثم سورة النساء بالوجه الاوسط لانها محل الصور الشخصية و الحدود التفصيلية فما به الابهام ينسب الي الذكر الاب و ما به التفصيل ينسب الي الانثي الامّ و لذا كانت النطفة في صلب الاب التي هي في الحقيقة الاب امراً مبهماً مجملاً شايعاً تقبل جميع الصور فاذا انتقلت الي رحم المرأة الامّ التي هي في الحقيقة الامّ تشخّصت و تميّزت و تباينت([47]) و اختصّت بما لاتشمل غيرها و لذا نسبت الصورة الي المرأة و المادة الي الرجل و لذا قلنا انه يقرأ سورة النساء في الوجه الاوسط لبروز حكم الصورة و الحدود المشخصة فيه ثم سورة المائدة بالوجه الاعلي من الاوسط لظهور موائد اللّه و جلائل مننه و عظائم نعمه بالاجناس المختلفة و الانواع المتعددة فيه ثم سورة الانعام في الوجه الاوسط الاسفل لظهور حكم الانية المستدعية للغفلة اولئك كالانعام بل هم اضلّ اولئك هم الغافلون ثم سورة الاعراف لظهور التعريف و التعرف و التمييز و التشخص في هذه الرتبة و لذا اشتملت هذه السورة الشريفة علي مبادي الحدود التفصيلية من احوال ادم و موسي8 ثم سورة الانفال لظهور التمييز بين مقام النبي و الرعية في هذا المقام و اثبات مايختص به النبي9 من صفايا الاحوال المعنوية

 

«* شرح القصيدة صفحه 44 *»

و الظاهرية مما يطول بذكره الكلام من خصايصه في صورته و هيأته و خلقه و اولاده المعنوية و الظاهرية و ازواجه كذلك و غير ذلك من الاطوار التي لسنا بصدد ذكرها و بيانها لان الكلام فيه طويل الذيل ممتدّ السيل ثم سورة براءة في الوجه الاسفل من الاسفل لظهور احكام الكفار و المشركين و مظاهر النفس الامارة بالسوء و فيه تظهر النفس الملهمة و اللوّامة و المطمئنة و الراضية و المرضية و الكاملة ثم سورة يونس صاحب الحوت و ذي‏النون بالوجه الظاهر الجامع لظهور الكثرة المستدعية للرطوبة القابلة لكثرة التشكل و سرعته ثم سورة هود لتشعّب الامم المختلفة المقتضية للانبياء المختلفين و ظهور الطاعة و المعصية و مقتضياتهما من الثواب و العقاب و الهلاك و النجاة في الدنيا و الاخرة و هود مشتق من الهداية او الهداية مشتقة منه و المراد به الهداية و ما يتعلق بها ثم سورة يوسف لتنزّل المحبة الحقيقية الي المظاهر السفلية المشوبة بالاعراض الدنيوية المصاحبة للشهوات النفسانية و الاحوال الجسمانية في هذا المقام ثم سورة الرعد لبيان الايات المخوفات و المثلات الظاهرات المترتبة علي الشهوات من مقتضيات الانيات ترهيباً و تخويفاً ثم سورة ابرهيم لظهور المحبة الالهية الخارجة عن الشهوات النفسانية و مقتضيات الانية بل بالتوجه الي المبدء الحق في المقامات التفصيلية و المراتب المتمايزة و لذا سمّي ابرهيم لانّه برَّ و هيم في محبة اللّه سبحانه و لمّا كان المحبة في مقام الكثرة و لم‏تستوعب جميع المراتب لتقتضي الوحدة سمّي خليلاً دون ان‏يسمّي حبيباً و بين الحبيب و الخليل فرق كثير فانّ الحبّ يستدعي الاحاطة في جميع المراتب لانه علي نحو القبضات العشر التي خلق منها العالم بكله و بجزئه و بجنسه و بنوعه و بصنفه و بفرده و الكثرة في الخليل ظاهرة و الخاء و اللام في كليهما مخرج الثلث الذي هو شكل التفريق المنافي للحبّ فافهم و الحاء من الحروف المهموسة و من حروف عالم الغيب و الباء من حروف عالم الشهادة فقد جمع الحبّ الغيب و الشهادة و الاجمال و التفصيل بخلاف الخلّة فان الحروف الاصلية حرفان من حروف عالم الملكوت مقام الكثرة من المقام الذي كلامنا فيه و ليس فيها حرف من عالم الغيب الاول و لا من عالم الشهادة كالحبّ و الخاء و ان كانت من حروف الحلق لكنها من

 

«* شرح القصيدة صفحه 45 *»

ادناها و اسفلها و هي مجهورة و الكلام في الفرق كثير و الاشارة كافية.

ثم سورة الحجر و هو المنع و هو مقام العقل المنخفض المرتبط المتصل بعالم الكثرة عالم النفس فان العقل انما سمّي([48]) عقلاً لانه يمنع المتمسك به عن ارتكاب خلاف المحبة مأخوذ من العقال فاذا ظهرت المحبة و ان كانت في المراتب التفصيلية حصل المنع فانّ الحبّ يمنع المحب عن العمل علي خلاف مقتضي مراد المحبوب في كل عالم بحسبه و مقتضاه و لذا ذكر فيها لوط المانع لقومه عن ارتكاب ذلك الفعل القبيح و ان كان باهلاكهم و افنائهم و فيه يظهر تأويل قوله تعالي توبوا الي بارئكم فاقتلوا انفسكم و التوبة تورث المحبة لقوله تعالي  انّ اللّه يحبّ التوّابين و يحبّ المتطهّرين ثم سورة النحل اذ بعد حصول المنع عن العمل بخلاف مقتضي المحبة تتوجه العناية و تريه ملكوت الاشياء و تظهر له جلائل نعم الاله و تلتذّ بحلاوة العلم و اليقين و المعرفة و تظهر له حقايق المراتب التفصيلية و يخرج من بطن قواه و مشاعره شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس بكل الوجوه فيكون الممنوع بذلك النحل اي منتحل العلم فدلّ الظاهر علي ظاهر الظاهر و لذا تجد في هذه السورة الشريفة بيان احوال النحل و تفاصيل النعم التي انعم اللّه تعالي علي عبده بالنوع و فيها و ان تعدّوا نعمة اللّه لاتحصوها و عندها يظهر و كذلك نري ابرهيم ملكوت السموات و الارض و ليكون من الموقنين  فبرّ و هيم في سورة ابرهيم7 و منع النفس عن خلاف مقتضيات المحبة في سورة الحجر و رأي ملكوت السموات و الارض و كان نحلاً منتحل العلم في سورة النحل فافهم و اشكر اللّه.

ثم سورة الاسراء اذ بعد ما حصل له الاستعداد للسفر الي اللّه سبحانه اخذ في السفر الي المبدء الحق فابتدأ بالسفر من الخلق الي الحق اول المعراج الي ان وصل في سيره الي اقصي الغاية و اكمل النهاية و هو المسجد الاقصي و الدخول في السفر الثاني و السفر في الحق بالحق و رأي من ايات ربه الكبري و لمّا كان مبدأ السفر من الخلق عالم الكثرة اقتضي ان‏يكون مبدأ العروج من الليل و لمّا كان منتهاه ظهور الوحدة و خفاء

 

«* شرح القصيدة صفحه 46 *»

الكثرة اقتضي ان‏يكون ذلك في النهار و لمّا كان العروج مقام الوصل و الانس اقتضي ان‏يكون العمل هناك الصلوة و لمّا كان في اعلي العروج نفي الكثرة بالمرة فكان عنده الظهور التامّ لسرّ الوحدة كانت الصلوة صلوة الظهر فاذا تمّت الاسفار و جاس خلال تلك الديار و صار كاملاً و مرجعاً و كهفاً و مأوي لساير الخلق يقرء بعد الاسراء سورة الكهف و هناك مقام الوصول الي اقصي غاية الوصول و اذ اعتزلتموهم و ما يعبدون الاّ اللّه فأووا الي الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته و يهيّئ لكم من امركم مرفقاً و هكذا الي اخر القرءان ولو اردنا تفصيل جميع السور و علة نظم ترتيبها و ما يظهر في هذا العالم لهذا الرجل المكرّم من الاسرار لطال بنا الكلام و ان كان لايخلو من فوايد جمّة ولكن لتبلبل البال و اغتشاش الاحوال اكتفينا بما ذكرنا.

و اسم هذا الانسان الكبير العظيم الشأن الجليل القدر اية اللّه الكبري و المثل الاعلي و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي النور الاخضر العلم الظاهر الكرسي العظيم الملك القديم شرح اللاهوت و سرّ الملكوت و ظهور الجبروت مصدر الالاء منطقة الفلك الاعلي فرع الاية الكبري الاصل القديم و الفرع الكريم و النور الاقدس و الفيض المقدس و ظاهر الولاية اصل الاية العالم اللدنّي و البشر الثاني كتاب الابرار نعمة الاخيار عنصر الابرار سرّ الاسرار الفرقان المبين الذكر الحكيم الطريقة المثلي محل الاسماء الحسني و الاية المعنيّة من قوله تعالي فاريه الاية الكبري، و لقد اريناه اياتنا كلها حجاب الزبرجد قصبة الياقوت و مبدأ الرحموت و مظهر الماهوت ظاهر الغيب باطن الشهادة النفس الكلية النفس الملكوتية الالهية النفس الناطقة القدسية محل الاسماء المتقابلة و موضع النعماء المتواترة الشجر الاخضر النور الانور الضياء الازهر منبع الماء الجاري في الحوض الكوثر الخمر التي هي لذة للشاربين الجارية من ميم الرحمن في بسم اللّه الرحمن الرحيم و بهذا الحي و هذه الحياة تمّ الخلق الاول من مراتب التعين الاول و ظهر الغيب باكمل مراتب الظهور في المقامات التفصيلية و المشخصات التمييزية فتفرّع تمايز الاشياء منه و ظهرت الاسماء المتقابلة به و نزل الكلام النفسي علي اكمل ما ينبغي عليه و عنده الذكر الحكيم و الكتاب الكريم و تمييز

 

«* شرح القصيدة صفحه 47 *»

الفرقان و تحقيق البرهان دعا الخلق الي طاعة اللّه المنّان فمؤمن و كافر و مسلم و منافق علي حسب اختلاف تعيناتهم و صور هيئات كينوناتهم فلمّا كمل حدّه و استوفي حظّه و نال نصيبه من الكتاب اماته اللّه سبحانه بلطيف حكمته لانفاذ مشيته و اقبره في التراب تراب عالم الطبيعة ثم حاكت يد القدرة لهذا القبر المكرّم ستراً سداه من عالم الهباء و لحمته من عالم الاظلّة و بهما معاً تمّ الستر و احكم الامر و تمّت الحكاية في بلد جابلقا و جابلصا و رقمت عليه حروف لا اله الاّ اللّه و ابوابها و محمّد رسول اللّه و اركانها و خلفاؤه و اولاده اولياء اللّه و نوابها بخط عربي مبين فاسدل ذلك الستر علي ذلك القبر ثم احياه اللّه سبحانه في العالم الثالث عالم الاجسام و هو كما قال عز و جل كنتم امواتاً فاحياكم  فاحيي ذلك الانسان الكامل في هذه الدنيا بعد ما اقامه في تسعة و ثلثين عالماً من وراء جبل قاف و بقي في هذه الدنيا معروفاً بالنعوت و الصفات غير مخفي حاله علي من امن به من الكاينات الي ان ان اوان ارتحاله علي مقتضي الحكمة الالهية و الاسرار القدسية فاماته اللّه سبحانه بيده فقبر في موضع موته في بيته9و اسدل عليه الستر خلفاً عن سلف الي ان وصلت النوبة الي حضرة سلطان السلاطين و خاقان الخواقين حضرة السلطان تغمده اللّه برحمته و اسدل علي القبر المفخم ستراً و بعث قطعة من الستر السابق الذي كان مجاوراً لقبر النبي المعظم9 الي سيّدنا و مولينا الكاظم صلوات اللّه عليهما فالجوار بالنسبة الي هذا القبر الظاهر هو المعني الاخير و بالنسبة الي القبور التي سلفت كما شرحنا بعض صفاتها و احوالها اختصاراً و اشارة بمعني الانجماد و الانعقاد اي الظاهر و الباطن فالستر تنزّل من القبر و القبر تنزّل من الميّت و الميت تنزّل الحي فافهم و تبصّر و هذه القبور و الاموات كما ذكرنا لك سابقاً اضافية و الاّ فلاتحسبنّ الذين قتلوا في سبيل اللّه امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون فرحين بما اتيهم اللّه من فضله و يستبشرون بالذين لم‏يلحقوا بهم من خلفهم فالسافل بالنسبة الي العالي قبر و ان كان بالنسبة الي سافله حيوة و قد يكون الجوار بالنسبة الي استار تلك القبور من باب المعدّات فانّ المراتب المتنزلة في السلسلة العرضية ليست الاّ لكونها سبباً للظهور في قوس الصعود ففي حال النزول انجماد و انعقاد و في حال

 

«* شرح القصيدة صفحه 48 *»

الصعود معدّ موجب للاستعداد و التأهّل([49]) لبروز تلك الحقيقة النازلة فيها كالنطفة فانها قبر للعلقة و هي قبر للمضغة و هي قبر للعظام و هي قبر للصورة الشخصية الحاصلة من اقتران اللحم بالعظم و هي قبر للروح الحيوانية الفلكية و عندها الولادة الجسمانية الحاملة لظهور هذه الروح الصورة الجنينية و هي قبر للصورة الحاصلة عند الولادة الدنيوية و هي قبر للصورة الرضاعية و هي قبر للقوة الحاصلة عند الفطام و هي قبر للقوة الحاصلة عند الصبا و هي قبر للقوة الحاصلة عند المراهقة و هي قبر لظهور القوة العاقلة الحاصلة عند البلوغ و هي حدّ التمييز و التشخيص بين الجيّد و الردي و الحسن و القبيح و هي قبر للقوة الحاصلة عند التمام اي تمام النشو و عندها يتمّ الاختيار بظهور النفس المطمئنة من جانب الخير و القوة المميزة حال البلوغ ميّزت فاختارت و تمّ اختيارها في هذه الرتبة و هي البلوغ الي حدّ ثلثين سنة في الفطرة المستوية لا المعوجّة و تلك الرتبة قبر لظهور الكمال باظهار اثار([50]) مختارة من السعادة و تكميل غيره و مشاهدة النشـئات الغيبية فيه و هو ليلة الجمعة عند تمام اربعين سنة و هو بلوغ الاشدّ و الاستواء قال تعالي و لمّا بلغ اشدّه و استوي اتيناه حكماً و علماً  و قال ايضاً حتي اذا بلغ اشدّه و بلغ اربعين سنة قال ربّ و هي قبر بالنسبة الي ظهور النشأة الثانية و تلك النشأة انما تظهر باعداد السنين بعد الاربعين الي المائة و العشرين فهي معدّات لتخلّل الالات الجسمانية الي ان‏تحصل المفارقة لعدم المناسبة في مقام يحصل فيه الخلل و الفساد اما بالاصل و الحقيقة مثل مزاج اهل الكثرة و عدم الاعتدال في هذه الدنيا من اهلها او بالتبع مثل مزاج الذين عند اللّه لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبّحون الليل و النهار لايفترون و هؤلاء لا مقتضي للخلل و الفساد فيهم لذهاب التناكر المقتضي للانهدام فالموت فيهم تبعي اجراءً لحكم الغير و هو قوله تعالي انك ميّت و انهم ميّتون ففي العدول عن قوله انكم ميّتون مع انه اخصر الي ما ذكر سبحانه اشارة واضحة الي الاصالة و التبعية لوجوه كثيرة يطول بها الكلام.

 

«* شرح القصيدة صفحه 49 *»

فاذا انتزعت الروح من الجسد كانت تلك الروح المنتزعة قبراً لظهور تلك النشـئات الروحانية و النفسانية و العقلانية الاخروية من ظهور الكمالات التي لايفي باقل جزء من معشار جزء من مائة الف الف جزء من رأس الشعير منها جميع مراتب هذه الدنيا بدرجاتها و مقاماتها و ترقياتها و بواطنها و كان الجسد المنتزع منه الروح قبراً للجسد الاخروي بنشـئاته و مقاماته و مراتبه علي حدّ ما سبق في الروح و لمّا كانت هذه الحفرة محلاً لذلك القبر سمّيت الحفرة قبراً توسعاً عند العارفين الكاملين و كذلك يطلق القبر علي عالم تلك الروح المنتزعة المسمي بالبرزخ كما ورد انّ القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النيران فاطلاق القبر علي تلك الحفرة كاطلاق المرءاة علي الزجاجة اذ لا ريب انها من حيث نفسها ليست محلاً لرؤية المقابل و انما المحل و الحامل لها نفس الشبح الذي هو الصورة و كذلك القبر فانه حقيقة لذلك الجسد و تلك الروح و انما اطلق علي الحفرة و البرزخ توسعاً و تجوزاً اطلاقاً لاسم الحالّ علي المحلّ و الستر في هذه المراتب المذكورة قشرها و ظاهريتها و مرادي بالقشر ظاهر الشي‏ء حين اتصاله بالغير بادني منه قبل تخلّصه منه و استخلاصه فالاشياء المتصلة المترتبة([51]) لها ثلث مقامات مقام اتصالها باعلي منها و اتصالها بادني منها و الاوسط الذي هو مقامها في نفسها ففي رتبة اتصالها باعلي منها هو قشر العالي و في مقام اتصالها بادني منها قشرها و في الحد الاوسط نفسها الذي هو القبر للغيب المستجنّ فيها و القشر ستر مسدول عليه و الوان هذا الستر المسدول علي القبر علي حسب مقامه و مزاجه من حمرة و صفرة و بياض و سواد و كدورة ولو اردنا ان‏نشرح تلك الالوان و مايقتضيها من البيان لطال بنا الكلام و ان كانت مفيدة فائدة تامّة عند التحقيق و الامعان لمن عنده التصديق و الاذعان و اللّه المستعان و عليه التكلان.

تنبيـه: كل سافل قبر للعالي يستجنّ فيه ظهورات العالي اما في السلسلة العرضية فكما ذكرنا و لذا كان اميرالمؤمنين7قبراً لرسول اللّه9 قد اودع فيه علومه و اسراره و

 

«* شرح القصيدة صفحه 50 *»

خفايا مغيبات اموره و ما ظهر تلك الاسرار علي احد من الاغيار فانّ المودع في القبر([52]) لايجوز اظهاره و اخراجه و لذا كان نبش القبر حراماً و النبّاش تقطع يده حدّ السارق.

و اما في السلسلة الطولية فالرتبة الثانية اثر للرتبة الاولي العليا و ظهورها قد خفي بحدود تلك الرتبة و تعيّنها و قابليتها فتلك الحدود قبر لذلك الظهور قد خفي فيه ذلك النور لايخرج و لايظهر الاّ بشقّها و ازالة قيودها و سلب حدودها و ذلك عند القيمة الكبري او اذا كانت الوديعة لها امد و هكذا كل ثانية بالنسبة الي اوليها من المراتب الثمانية المعلومة فالمراتب السبعة قبر علي الترتيب للثامنة العليا الاولي فافهم اذن معني قوله و قلوب من والاه قبره حيث ان القلب هو حامل النور الاول و هو الهوية التي القي مثال العالي فيها كما في قول اميرالمؤمنين7 فالقي في هويتها مثاله فاظهر عنها افعاله و قول مولينا و سيّدنا علي بن محمّد الهادي8 و قبوركم في القبور فان الحفرة المودع فيها الجسد قبر لقبرهم سلام اللّه عليهم فتلك الحقايق كلها قبور لهم خفي في تعينها و حدودها و قيودها نورهم العظيم و سرّهم الذي هو الخطب الجسيم و ذلك السرّ فينا رشح طفح من ظاهريتهم:كما في حديث كميل لمّا قال لاميرالمؤمنين7اولست صاحب سرّك قال بلي ولكن يرشح عليك ما يطفح مني قد طفح من طامي([53]) بحرهم سرّ الانبياء و رشح من ماء ذلك الوجود رشحاً كان ذلك سرّ الرعية و حقيقتها و هكذا الي اخر المراتب و التعين الثاني لتلك الحقايق التي يكون الجسم التعليمي شرحه و بيانه استار علي تلك القبور و هي تختلف الوانها في كل حال و زمان و كينونة فلو كان لي مجال و للقلب اقبال لاريتكم من عجايب المقال في هذه الاحوال ولكني كيف اصنع و الزمان كما اقول:

عتبت علي الدنيا و قلت الي متي   اكابد همّاً بؤسه ليس ينجلي
أ كلّ شريف من علي جدوده   حرام عليه العيش غير محلّل
فقالت نعم يا ابن الحسين رميتكم   بسهم عنادي حين طلّقني علي

 

 

«* شرح القصيدة صفحه 51 *»

و هذه الاستار لتلك القبور لايصح اهداؤها الي قبر الامام موسي بن جعفر8 لانها قبره ايضاً لانه مع جدّه صلّي‏اللّه عليهما في هذه الرتبة في مقام الجمع دون الفرق فقبره قبره بل المقبور واحد و القبور انما تتعدد بحسب التعينات فالقبر في الحقيقة في الاصل واحد كالمقبور و لا تعدد في كل منهما الاّ بحسب الحدود و التعينات في القبر كتعدد النور الواحد في السرج الكثيرة و الانسان الواحد في الافراد الغيرالعديدة و كالالف اللينية الواحدة في الحروف الثمانية و العشرين و هكذا امثالها فافهم.

و اما الامر الثالث فاعلم ان الجدّ في غالب الاستعمال كما هو مراد الناظم اسعده اللّه بتوفيقه هو اب الاب و اب الامّ و الاب يطلق علي الجدّ حقيقة بخلاف الجدّ فانه لايطلق علي الاب بوجه و الاصل في ذلك ان النقطة الابتدائية لمّا انجعلت بالاختراع الاول دعت اللّه سبحانه باسمه الاعظم الاعظم الاعظم الذي هو بالحروف غيرمصوّت و باللفظ غيرمنطق و بالشخص غيرمجسّد و بالتشبيه غيرموصوف و باللون غيرمصبوغ بري‏ء عن الامكنة و الحدود مبعّد عنه الاقطار محجوب عنه حسّ كل متوهم مستتر غيرمستور فلمّا تحركت بالحركة الاستمدادية كانت عنها الالف فلمّا نظرت الي نفسها و تعيّنت و انبسطت بحدودها و جهاتها كانت عنها الباء فالباء اثنان و هما زوجان يدلّ باحدهما علي الزوج و الثاني علي الزوجة فلمّا حصل الازدواج و تمّ الاجتماع ظهرت الاولاد ثم تكثرت فالمبدء ثلثة والد و والدة و اولاد و اليه الاشارة في قوله تعالي خلقكم من نفس واحدة و جعل منها زوجها و بثّ منهما رجالاً كثيراً و نساءً فعند تحقق الولد صار للزوج و الزوجة اسم اخر فالزوج الاب و الزوجة الامّ فالاب في اصل مفهومه يدلّ علي ثلثة اشياء لانه لايكون الاّ ان‏يكون له ولد و لايكون الولد الاّ بالزوجة فتضايفت الثلثة و لمّا كان الاصل في هذا المعني الزوج سمّي اباً و اوتي([54]) له من اسمه ثلثاً([55]) فان الالف واحد و الباء اثنين فالاب مثلث و من هذه الجهة كان المثلث ابا الاشكال و اصلها و باقي الاشكال كلها تفرّعت منه فوجب ان‏يكون هذا الاب اسمه ادم لانه وفق تمام المثلث و

 

«* شرح القصيدة صفحه 52 *»

ان‏يكون احد اضلاعه حوّا لانها وفق كل ضلع منه فلمّا تفرّع من ولده ولد اخر و تغصّن([56]) هذه الشجرة غصن اخر تكرّر هذا المعني الذي ذكرنا مع حصول المرتبة الاخري في الاختصاص فكان الاب جدّاً فالجدّ يدلّ علي ابوة فوق ابوة و الاب ثلثة فهما ستة و الاختصاص مرتبة اخري فكملت سبعة فاستنطق له اسم الجدّ فالجيم يدلّ علي الثلثة الاولي و الدال يدلّ علي الثلثة الاخري مع حصول المرتبة فالجدّ لايدلّ دائماً الاّ علي السبعة كما ان الاب لايدلّ دائماً الاّ علي الثلثة فتكرار الاب ستة و مثناها اثني‏عشر و الجدّ سبعة و مثناها اربعه‏عشر فالجدّ يدلّ علي الابوين بخلاف الاب فافهم ضرب المثل.

ثم ان كينونة الاسم المذكور حيث ان الاسم مطابق للمسمّي تدلّ علي ان الشي‏ء لايتمّ و لايكمل الاّ باصول سبعة و كل اصل اب بالنسبة الي فروعه و لمّا كان الانسان اشرف الموجودات و اكمل التعينات([57]) تفصلت تلك الاصول في حقيقته الظاهرة فلا تتمّ خلقة الانسان بحيث تظهر عنها اثارها الاّ بتمام تلك الاصول و ان كان كل شي‏ء فيها تلك علي جهة الاجمال: الاصل الاول عالم العقل عالم الجبروت بمراتبه الثلثة و اركانه الاربعة و هي ايضاً سبعة. الاصل الثاني عالم الارواح الرقايقية بمراتبها و اركانها و تمامها سبعة. الاصل الثالث عالم النفوس عالم الملكوت و وجه الجبروت بمراتبها و اركانها و قد تفصلت بحسب ترقياتها الي سبعة زايداً علي تلك السبعة حيث ان مقامها مقام التفصيل الاولي النفس الامارة لونها اسود غليظ حالك من اخرج يده فيها لم‏يكد يريها لتراكم الانّيات و تزاحم حدود التعينات الثانية النفس الملهمة لونها يضرب الي الزرقة و قد غلب عليها السواد و هو قوله تعالي فالهمها فجورها و تقويها الثالثة اللوّامة لونها زرقة عميقة و لذا اقسم بالنفس اللوّامة الرابعة النفس المطمئنة لونها زرقة تميل الي البياض الخامسة الراضية لونها ابيض يميل الي الزرقة السادسة المرضية لونها ابيض و الي الثلثة المذكورة اشار سبحانه بقوله ياايتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية السابعة الكاملة لونها ابيض شديد البياض مشرقة كالشمس الضاحية في

 

«* شرح القصيدة صفحه 53 *»

رجوعها الي مبدئها و اتصالها بباريها و هو قوله تعالي ياايتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي و هي جنّة الوصال و رتبة الاتصال قد بلغت بذلك اقصي مقامات الكمال و لذا سميت كاملة. الاصل الرابع عالم الطبيعة محل الكسر مقام التراب قبر عالم المجردات مبدء الاجسام الماديات و الواقف فيها و الناظر اليها و عدم المنكشف له مراتب فوقها ميّت الاحياء و اليه الاشارة بقوله تعالي انّ اللّه يسمع من يشاء و ما انت بمسمع من في القبور و قوله تعالي اموات غير احياء و مايشعرون ايّان يبعثون و قوله تعالي الهيكم التكاثر حتي زرتم المقابر في التأويل و قال اميرالمؤمنين7فيما ينسب اليه:

فانّ امرأ لم‏يحي بالعلم ميّت   و اجسامهم قبل القبور قبور

الاصل الخامس عالم المواد و ظهور الاستعداد و رتبة المداد لكتابة الاجسام علي لوح الارتسام و هي البحر المتكوّن من ذوبان الياقوتة الحمراء التي نظر اليها سبحانه بعين الهيبة. الاصل السادس عالم المثال و البرزخ بين المجردات و الماديات اصله من اعلي المواد و الوجه الاعلي من الصور و هو في اللطافة و الكثافة بين بين مؤلّف المتباينات يحمل الارواح الي الاجسام. الاصل السابع عالم الاجسام محل النقش و الارتسام به تمام الشي‏ء في الرتبة الانسانية ظاهرة المراتب مشروحة المقامات يختص كل بفعله وينجذب الي شكله فالاصل الاول الذي هو العقل الكلي في الكلي و الجزئي في الجزئي وله الهيمنة و الولاية علي جميع المراتب و الاصل الخامس اب و بيان ذلك نشير اليه فيما بعد.

و لمّا انه ليس في خلق الرحمن من تفاوت كانت الاشياء كلها كذلك فبالاصول السبعة التي هي الاباء يتمّ الوجود و يمتاز الشاهد من المشهود و هي الاباء السبعة و قولهم الاباء التسعة فغيرموجّه الاّ بنظر قشري ظاهري نظراً الي الافلاك التسعة فانها في الحقيقة تدور علي اصلين الاصل الاول العرش و الثاني الكرسي فالعرش اب و الكرسي امّ بمزج منطقتيهما ظهرت الافلاك السبعة التي اصلها الشمس و هي الجدّ الاكبر و باقي الافلاك تتفرع منها و تنتهي اليها و الاجسام السفلية من المركبات و المتولدات تتحقق بتأثيرها فيها

 

«* شرح القصيدة صفحه 54 *»

اذ لا قابلية لها لكمال تدنّسها من الاستمداد من العرش و الكرسي لتعاليهما فجعل اللّه السموات السبع واسطة و حاملة للامداد للمناسبة الظاهرة فاباؤها سبعة لا تسعة و كل اب له زوجة هي امّ حقيقة يتولد منها ذلك الشي‏ء المتولد فقولهم الاباء تسعة و الامهات اربعة بمعزل عن التحقيق فان الاربعة بعد مزج بعضها مع بعض تكون حقيقة جامعة صالحة لقبول تأثيرات تلك الافلاك فكل واحدة ليست بامّ بل انما هي جزء لماهية الامّ فاذا التئمت الاجزاء و تألفت و امتزجت فصارت شيئاً واحداً كانت قابلة لحمل اثار اشعة فلك من الافلاك علي حسب قابليتها من المزج و الايتلاف منها ما يقبل تأثير جوزهر فلك القمر و هو البطن الاول من التجويف الاول من الدماغ المسمي ببنطاسيا و منها ما يقبل تأثير فلك الخارج المركز المسمي بالمدير من عطارد و هو البطن المؤخر من التجويف الاول علي ما هو الاصح عندنا من تقديم المفكرة علي المتخيلة و منها ما يقبل تأثير فلك الخارج المركز من الزهرة و هو البطن المقدم من التجويف الثاني و منها ما يقبل تأثير الخارج المركز من الشمس و هو الحرارة الغريزية التي محلها ما في تجاويف القلب من العلقة الصفراء و منها ما يقبل تأثير الخارج المركز من فلك المريخ و هو البطن المؤخر من التجويف الثاني و منها ما يقبل تأثير الفلك الخارج المركز من فلك المشتري و هو البطن المقدم من التجويف الثالث و منها ما يقبل التأثير الخارج المركز من زحل و هو البطن المؤخر من التجويف الثالث و منها ما يقبل تأثير المائل من فلك القمر و هو الروح البخاري المتكوّن من الحرارة الغريزية في تجاويف القلب الخارج من القلب الي الشريانات و منها الي ساير الاعضاء و منها ما يقبل تأثير الكرة الاثيرية و هو المرّة الصفراء و منها ما يقبل تأثير الكرة الهواء بمراتبها([58]) الاربع و هي الدم بمراتبه الاربع و منها ما يقبل تأثير الكرة الماء المحيطة بالارض و قد خرج منها ربع الارض لحكمة يطول بذكرها الكلام و هو البلغم و منها ما يقبل تأثير كرة التراب و هو المرّة السوداء فالامّ واحدة دائماً و الاب واحد فكل اب معه امّ و لايجتمع الابوان مع امّ واحدة عند فرض التخالف بوجه ما

 

«* شرح القصيدة صفحه 55 *»

لاتكون امّاً حينئذ ولو فرض ان الاباء تسعة بضرب من التأويل تكون الامهات تسعة لحصول القابلية في كل تأثير و تلك التسعة هي بنات البطارق لكل اب من الافلاك التسعة فافهم و تبصّر و بهذا التأويل يصحّ القول بانّ الاباء ثلثه‏عشر كالامهات فافهم و تبصّر.

قاعـدة: كل اصل من جهة الفاعلية بحيث يتفرع عليه الفروع فهو اب و كل اصل من جهة القابلية كذلك فهو امّ و الفروع اولاد فعلي هذا فالماء ابوتراب و الهواء اب الماء و النار اب الهواء و سماء الدنيا اب النار و الثانية اب الاولي و هكذا الي السماء الرابعة و هي اب الجميع و الافلاك التي تحتها و فوقها متولدة منها منتهية اليها علي تفصيل ربما نذكره فيما بعد ان‏شاءاللّه تعالي و الكرسي اب الافلاك السبعة التي الشمس منها و لذا كانت الشمس لاتفارق منطقته بحال من الاحوال فهي لاتزال تستمدّ منه من جهة منطقته التي هي محاذية للقطب لا من جهات اخري و انما قلنا ذلك لنفرّع عليه مسألة دقيقة نشير اليها عن قريب و العرش اب الكل فاذا عرفت هذا الحكم في العالم الجسماني فاجره في كل عالم من الروحانيات و العقلانيات اذ ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرّتين ينقلب اليك البصر خاسئاً و هو حسير.

قاعـدة: لمّا كان الاب هو الذي يستخرج منه الابن كان كل ما يستخرج منه الشي‏ء يسمي اباً و ان لم‏يكن اصلاً له و كان المستخرج اصلاً له كاللبّ المستخرج من القشر فالقشر من حيث انه وعاء يخرج منه اللبّ يسمي اباً و اللبّ ابناً و من حيث ان اللبّ اصل للقشر يسمي اباً و القشر ابناً و كل منهما اب للاخر و لذا كان ادم ابوالبشر اباً لنبينا9 من حيث انه قشره و وعاؤه و هو9 سلالته قد انسلّ منه انسلال اللبّ من القشر و نبيّنا9 اب لادم من حيث انه اصل له و محقّق حقيقته و مذوّت ذاتياته و التعين الاول الذي كانت هذه التعينات اي تعينات الانبياء و غيرهم من فروعه و توابعه و اليه يشير معني قول الشاعر:

و انّي و ان كنت ابن ادم صورة   فلي فيه معني شاهد بابوّتي

و كذلك كل اصل قد انسلّ من لبّه و قشره اما بظهوراته او بتعيّناته او باشعّته و اشباحه فكل منهما يطلق عليه اب و ابن و امّ و ولد بجهتين مختلفتين و لذا قال الشاعر:

 

«* شرح القصيدة صفحه 56 *»

ولدت امّي اباها   انّ ذا من عجبات

فلاتستغرب في اصل سمّي ابناً و في فرع سمّي اباً من جهة الحاملية و الوعائية و لهذه القاعدة فروع كثيرة تقف عليها عند التأمل في مطاوي الكتاب و السنة و كلمات العارفين علي الحقيقة.

قاعـدة: اعلم ان الاب في الحقيقة هو المادة و الامّ هي الصورة اما الاول فلانّ الاب هو الفاعل و جهة الفاعلية انما تظهر في المادة لقربها الي الوحدة القريبة الي المبدء فكل ما قرب الي المبدء يكون في الفاعلية اقوي و بالمؤثرية احري و بالاستيلاء و الاستقهار اولي و كل ما بعد عنه يكون الي الانفعال و القابلية اقرب و بالتأثر اولي و لاشكّ ان الصورة جهة الكثرة و الكثرة بعيدة عن المبدء فهي بان تكون اُمّاً اولي بان تكون اباً اذ لا شك ان الوحدة اقرب الي المبدء فهي اقرب الي التأثير و اولي بالفعل و التدبير و ما يتراءي في الصورة من جهة الفعل فهي ظهور الشي‏ء([59]) و لا تأثير لها فيه و لا ريب ان الشي‏ء انما يظهر بالوجه الاسفل دون الوجه الاعلي لان الظهور بالحدود المشخصة في حال الانّية انما يكون بالتعين و هو الوجه الاسفل دون الوجه الاعلي الا تري في الظاهر من الاب و الامّ الظاهريين فان ما من الاب اجمال و وحدة و ما من الامّ تفصيل و كثرة الا تري ان نطفة الاب اذا انتقلت الي رحم الامّ تتصور و تتشخص فيها فالصورة منها و اليها و المادة من الاب و اليه و الحكماء في بيان هذه المسألة علي عكس الصواب لما يتراءي لهم من ظاهر الامر من المادة و الصورة و قد تكلمنا في هذه المسألة في ساير مباحثاتنا و اجوبتنا بما لا مزيد عليه و قد روي من طريق اهل‏البيت ما يدلّ علي ذلك فقد قال مولينا و سيّدنا الصادق7 ان اللّه خلق المؤمنين من نوره و صبغهم في رحمته فالمؤمن اخو المؤمن لابيه و امّه ابوه النور و امّه الرحمة و لا شكّ ان مدخول «من» في اللغة العربية في مقام الصنع و الايجاد المادة و الصبغ في الرحمة ظاهر ان المراد منه الصورة و هو نصّ علي ان الصورة هي الامّ و المادة هي الاب و سيّدنا

 

«* شرح القصيدة صفحه 57 *»

الصادق7اعلم بمواقع الحكمة و اصولها من الحكماء لانه من معدن العلم و اهل بيت الوحي فعلي ما بيّنّا ظهر ان الاب في الحقيقة النطفة الحارة اليابسة و الامّ في الحقيقة النطفة الباردة الرطبة و لمّا كان الزوج حاملاً لهذه النطفة سمي اباً و لمّا كانت الزوجة حاملة لتلك النطفة سميت اُمّاً و الاّ فالاب و الامّ ليسا الاّ مادة الشي‏ء و صورته و اما الاشياء الخارجة التي هي حوامل القشور سميت بتلك الاسماء في اصل اللغة توسّعاً و تجوّزاً و هذا الاطلاق و الوضع الحقيقي كان في بلد طالعه السرطان و الكواكب في اشرافها و لمّا تحرّكت الدائرات و اختلفت الاوضاع من الثوابت و السيارات و تقدّم الليل علي النهار و الظلمة علي النور و استقرّ القلب في الجانب الايسر و فسدت الثمار و غلت الاسعار و اوحشت القفار و ما انتظمت اوضاع الليل و النهار انقلب الوضع بحسب التبادر فبقي اهل النظر القاصر ماينظرون الاّ الي القشر و الظاهر فسمّوا الحامل باسم المحمول و القشر باسم اللبّ نظراً الي انجماد فطرتهم و قلّة بصيرتهم فلاتتبادر اذهانهم اذا ذكر الاب و الامّ الاّ الي الزوج و الزوجة الحاملين لا الاصليين فافهم وليكن([60]) علي ذكر منك.

اشراق الهي و شهود غيبي: اعلم ان محمّداً9 في الولادة الظاهرة الجسمانية الجسدانية جدّ لسيدنا الكاظم7 من جهة الامّ و هذا ظاهر لا شك فيه و اختلف العلماء في ان الجدّ من الامّ هل([61]) يطلق عليه اسم الجدّ و الاب حقيقةً ام مجازاً هذه مسألة مذكورة في محلها موجودة في كتب اهلها فليرجع اليها من يطلبها و نحن انما نتكلم في المقامات الباطنية و الاسرار الغيبية الالهية علي ما شهدنا([62]) و رأينا عند السفر الي تلك المنازل و السير في هاتيك المراحل و انكشاف الاشياء كما هي علي ما يحصل للسالك الواصل بعد بلوغ المني و الجلوس علي سرير الانس مع المحبوب المقصود في الملأ الاعلي و خلع القيود و الحدود للاتصال بالمثل الاعلي و البلوغ الي الوطن الاصلي و الموطن الحقيقي الذي هو المبدأ في الذكر الاول و اليه الرجعي ثم الرجوع الي السفر الثالث و معاينة الحقايق و مشاهدة النكات و الدقايق في السابق و اللاحق علي وجه

 

«* شرح القصيدة صفحه 58 *»

لايعتريه الخفاء.

فنقول حيث ان مولينا و سيدنا الكاظم7فرع من فروع خاتم الولاية المطلقة فكان ابناً له في الظاهر و الباطن و اما خاتم النبوة المطلقة مع خاتم الولاية المطلقة فلهما نسب مختلفة و اوضاع متعددة حسب الجمع و الفرق في الارض و السماء في الغيب و الشهود فحيث ان حالتهما في الارض لاتختلف مع حالتهما في السماء اذ لم‏تغيّرهما العوارض و لايختلف صفاتهما باختلاف العوامل الظاهرية فهما و ان كانا معربين بالاعراب الذي بمعني الاظهار و الظهور الاّ انهما مبنيان لايعتريهما العوامل و لاتؤثر فيهما الحوامل الاّ عوارض خارجية هي منهما اليهما كالمطر من السحاب الي البحر فانه من البحر الي البحر فمن هذه الجهة لاتجري عليهما في انفسهما الاحكام الثانوية التي سميناها في الاصطلاح بالاحكام النفس الامرية فحالتهما اذن في نسبتهما في الارض و السماء واحدة و لمّا كان خاتم النبوة المطلقة كان نبيّاً و ادم بين الماء و الطين و خاتم الولاية المطلقة كان ولياً و ادم بين الماء و الطين علي ما نصّ عليه في الحديث النبوي و الولوي و صرّح به الشيخ الاكبر و قال ايضاً ان اقرب الحضرات الي الحضرة الاحدية الحضرة المحمّدية و اقرب الحضرات اليها الحضرة العلوية فحينئذ يجب سبقهما في الوجود علي كل مذروء و مبروء لانهما وجدا بالتعين الاول و باقي التعينات و الظهورات كلها انما كانت بهما فهما سبقا الكاينات من المكونات المتعينات فلهما في كل مقام ظهور و في كل مرتبة نور و بنسبة ذلك المقام حكم اقتضاه حفظ المرتبة.

فاول منازل ظهوراتهما في السموات السبع فخاتم النبوة ظهوره في مقام الشمس و خاتم الولاية في مقام القمر فهما في هذا المقام ابنا عمّ لان القمر ابن للكرسي و الشمس ابن للعرش فكل منهما ابن‏عمّ للاخر و ثاني المنازل في العرش و الكرسي فخاتم النبوة ظهوره في مقام العرش و خاتم الولاية في مقام الكرسي فهما في هذا المقام اخوان رضعا من ثدي واحد و ثالث المنازل في بلد بسم اللّه الرحمن الرحيم فهما في هذا المقام واحد بلا اختلاف الاّ من جهة التعلقات و من هذه الجهة جرت الانهار الاربعة في هذه القبة الشريفة من هاء البسملة و ميماتها فالجاري من ميم البسم و هاء اللّه من متعلقات

 

«* شرح القصيدة صفحه 59 *»

ظهورات خاتم الانبياء و الجاري من ميمي الرحمن و الرحيم من متعلقات ظهور خاتم الاولياء لكنهما في الاصل واحد و لذا كانت البسملة استنطاقها واحداً و رابع المنازل منازل مبادي مراتب الجنة فخاتم النبوة في الكثيب الاحمر و خاتم الولاية في مقام الرفرف الاخضر يضرب الي البياض فخاتم الولاية في هذا المقام ابن لخاتم النبوة و لذا كنّي بابي‏القاسم نظراً الي القاعدة الاولي التي اسّسناها من ان كل اصل اب و كل فرع مأخوذ من ذلك الاصل ابن و خامس المنازل ظهورهما في مقام العلم فخاتم النبوة في مقام القلم الاعلي و خاتم الولاية في مقام اللوح المحفوظ و حيث ان اللوح مستمد و مأخوذ من القلم كان فرعاً له فكان ابناً له و سادس المنازل مقامهما في المبادي الوجودية فخاتم النبوة في مقام المداد بحر الصاد ماء المزن الذي به الامداد في قوابل الاستعداد و خاتم الولاية في مقام الدواة و القابلية الاولي و ظهور الاعيان الثابتة في القلم الاعلي و حيث ان الدواة حاملة للمداد و هو اصل لتحققها لان مرادنا بالدواة نفس القابلية و هي متكثرة و بالمداد نفس المقبول و هو واحد فكان قوام القابل بالمقبول فمؤصّل المقبول اصل لمؤصّل القابل فخاتم الولاية اذن ابن لخاتم النبوة و سابع المنازل مقامهما في التدبير و التصرف العامّ فخاتم النبوة في مقام الاختراع و خاتم الولاية في رتبة الابتداع و خاتم النبوة في مقام المشية و خاتم الولاية في مقام الارادة و لمّا ان الابتداع انما كان بالاختراع كان خاتم الولاية في هذا المقام ايضاً ابناً لخاتم النبوة و ثامن المنازل مقام الصنع و الاحداث فخاتم النبوة في مقام النقطة و خاتم الولاية في مقام الالف و خاتم النبوة في مقام الرحمة الاولية و خاتم الولاية في مقام النفس الرحماني الاولي و النقطة لاريب انها اب للكل فخاتم الولاية في هذا المقام ايضاً ابن لخاتم النبوة.

فاذا كان خاتم النبوة في هذه المنازل و المقامات ماعدا منزلهما في السموات السبع و العرش و الكرسي و بلد البسملة اباً لخاتم الولاية و سيدنا الكاظم7 ابن لخاتم الولاية فكان خاتم النبوة جدّاً له في هذه المقامات الروحانية و الولادة الحقيقية لابيه كما كان جدّاً في الولادة الجسمانية لامّه فالجدّ للاب في مراتبه انتهي الي اربعة اذ لا رتبة فوقها و ليس وراء عبّادان قرية فخاتم النبوة هو الجدّ الرابع و الثالث و الثاني و الاول

 

«* شرح القصيدة صفحه 60 *»

للاب و خاتم الولاية ابوه في المقامات كلها و المراتب باسرها و اذا دقّقت النظر و امعنت الفكر رأيت ان خاتم الولاية ايضاً جدّه الرابع و حيث ان الاب يطلق علي الجدّ فكان ايضاً خاتم النبوة اباه كما كان جدّه و خاتم الولاية جدّه كما كان اباه و كل منهما جدّ و اب علي ما فصّلت لك فافهم بالفهم المسدّد فما اسعدك لو وفّقت لفهم هذه المراتب التي نزلت من بحر الصاد علي قلوب اهل الاستعداد الواقفين بباب المراد.

تشقيـق: اعلم ان الاب و الابن علي ثلثة اوجه اب هو ابن و ابن هو اب و ابن ليس بابن و لا اب و ابن هو حقيقة ابن فالابن الذي ليس باب و لا ابن هو كما قال تعالي في ابن نوح انه ليس من اهلك مع انه ابنه في الظاهر و ليس بابنه في الواقع و ليس بابيه ايضاً اذ لا ولاية له عليه حقيقة و الابن الذي هو الاب حقيقة كرسول اللّه9 فانه ابن لعبداللّه في الظاهر و في الحقيقة اب له كما بيّنا سابقاً و الابن الذي هو الابن حقيقة كالحسن و الحسين8 فانهما ابنا اميرالمؤمنين7حقيقة في الظاهر و الباطن و فرعان من فروعه اقتطعا من نفسه و اشتقّا من ذاته ظهرا علي هيئته و مضيا علي شاكلته فاحفظ هذه المقامات فانها من الابواب التي يفتح([63]) منها الف باب.

تقسيـم: الاباء ثلثة الاول ابوالعقول و هو خاتم النبوة و خاتم الولاية([64]) و الثاني ابوالنفوس الامارة بالسوء و هو ابليس و الجهل الكلي المقابل للعقل الكلي الثالث ابوالاجسام و هو ابونا ادم7 و قد اشار الحق سبحانه الي الثلثة في قوله تعالي و وصّينا الانسان بوالديه احساناً هذا ابوالعقل و الوالدان خاتم الانبياء و خاتم الاولياء و العقل لايدلّ الاّ الي الخير فيجب الاحسان الي هذين الوالدين علي كل حال لانهما يدلاّن علي الخير في كل حال.  و ان جاهداك علي ان‏تشرك بي ما ليس لك به علم فلاتطعهما والضمير يرجع الي والدي النفس فانها قدتكون امارة بالسوء و هو الاغلب و قدتكون مطمئنة بالخير ففي الصورة الاولي والدها الجهل و ابليس و من هذه الجهة اتي بالشرطية لاستثناء حالة الاطمينان و اما في الصورة الاولي فلاتطعهما ابداً علي كل حال لانهما

 

«* شرح القصيدة صفحه 61 *»

يدعوان الي الاعراض عن نور الوحدة و الخلود في الارض ارض الكثرة و الانّية و التعين الهيكم التكاثر حتي زرتم المقابر.  و صاحبهما في الدنيا معروفاً و هما والدا الجسد و لذا خصّهما بالدنيا لانّ هذا النسب ينقطع في الاخرة و النشـئات الروحانية و المقامات العالية و هو قوله تعالي فاذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ و لايتساءلون و العبرة بوالدي العقل اللذين يدعوان الي البقاء الابدي و الفناء السرمدي و الي السكر و الصحو و التكوين([65]) و التمكين و الحبّ و القرب و هذه الدعوة و ان كانت لرتبة فوق العقل الاّ ان العقل بابها و دليلها و هما الوالدان اللذان يوصي بهما اللّه سبحانه دائماً بعد ذكر توحيده في القرءان مثل قوله تعالي و قضي ربك ان لاتعبدوا الاّ اياه و بالوالدين احساناً و امثاله و هو النسب الذي لاينقطع و قد قال رسول‏اللّه9كل نسب ينقطع يوم‏القيمة الاّ نسبي فافهم الاشارة بلطيف العبارة و الاولاد علي طبق الاباء و الاب الثالث يجمع الاثنين و هو قوله تعالي يخرج الحي من الميّت و يخرج الميّت من الحي فتري المؤمن يخرج من صلب الكافر كالعكس و يختلف اخلاق الاولاد و الاباء و يلحق كل عند التصفية و التمييز بابيه الحقيقي من الاولين فيجري عليه حكمه تفطّن الي تلويح بل تصريح قوله تعالي و الذين امنوا و اتبعتهم ذرّيتهم بايمان الحقنا بهم ذرّيتهم و ماالتناهم من عملهم من شي‏ء و مفهوم الشرط حجة عند اهل‏البيت فالذين لم‏يؤمنوا فلايُلحقون بابائهم المؤمنين و انما يلحقون بابائهم الكافرين لان كل شي‏ء يرجع الي اصله و ذلك اصله في مقام التعين و رتبة الانية و ان عملوا ما عملوا كما ان اولئك الاخيار يلحقون و ان لم‏يعملوا و الجدّ في كل هذه المراتب و المقامات فوق الاب بمرتبة و لذا كان عدد اسمه سبعة و عدد اسم الاب ثلثة كما ذكرنا في اول المسألة فقد اجملت لك الامر و التفصيل عليك فانه علينا ان‏نلقي اليكم الاصول و عليكم التفريع كما امر اللّه سبحانه بقوله عزّ ذكره و اوحي ربك الي النحل اي منتحل العلم اي علم التوحيد بلا كيف و لا اشارة في حقيقة الحقيقة ان اتخذي من الجبال بيوتاً اي من جبل الانّية و الماهية عند

 

«* شرح القصيدة صفحه 62 *»

تراكم التعينات و تزاحم القيود و الماهيات الي اخر المراتب عالم الاجسام قواعد كلية و اصولاً الهية و من الشجر و مما يعرشون و الشجر اقرب التعينات الي التعين الاول فذابت و تكثرت اطواره و ما([66]) يعرشون من النسب و الروابط و البرازخ التي بين العالمين في جميع العوالم فامر سبحانه منتحل العلم ان‏يتخذ قواعد كلية من العوالم الثلثة عالم الغيب و عالم الشهادة و عالم البرزخ علي الاطلاق لاستدعاء كل حقيقتين متباينتين في السلسلة العرضية بل في السلسلتين اعتبار الظهور الذي هو العلامة في النشأتين ذلك الطولية([67])كذا في معرفة الاشياء و حقايقها و ذواتها و صفاتها و جواهرها و اعراضها و ساير ما لها و بها و منها و اليها و عليها و عندها و لديها و ها انا قد القيت اليك بعض تلك الاصول و القواعد لتستنبط منها علوم تلك المعاهد و المشاهد و المطالب العالية الحقيقية ولو اردنا ان‏نشرح تلك الفروع المستنبطة من تلك الاصول لطال بنا الكلام و لاخرجنا عما نحن بصدده من المرام ولكني في سعة مع من اخاطب لانه قد ظعن عن مطمورة الزمان و قطع مسافة الدهر و وصل الي ساحل بحر السرمد و هو خائض في تلك اللجج الغامرة و سالك تلك السبل العامرة ايّده اللّه باسعاده و امدّه بامداده.

و اما الامر الرابع فاعلم ان الجدّ من المجد نيل الشرف و الرفعة و كرم الاباء و المجيد هو الرفيع و الشرف و الرفعة علي قسمين ذاتية و عرضية و الثانية ما تحصل من النسب و الاضافات الخارجة عن حقيقة الشي‏ء ككونه اباً لشريف او امّاً او اخاً او ابناً او عمّاً او خالاً او تعلّم من العلوم الرسمية من اقوال العلماء و من كتبهم و رواياتهم من غير ان‏ينفجر العلم من قلبه و امثال ذلك من النسب و الاضافات و الاطوار الخارجة عن حقيقة الذات و هذه بمجردها مع عدم الذاتية ليست بقوية و اما عند معاكسة الذاتية اياها فلا عبرة بها و قد روي عن اهل‏البيت: انّ الجنة خلقت لمن اطاع و ان كان عبداً حبشياً و النار خلقت لمن عصي و ان كان سيّداً قرشيّاً و اما الذاتية فهي المبادرة الي الاجابة عند قوله تعالي ألست بربكم و المسارعة اليها و عقد القلب علي موافقتها في

 

«* شرح القصيدة صفحه 63 *»

جميع العوالم السفلية و بعبارة اخري القرب الي التعين الاول او الي اللاتعين عند رقّة الحجاب و رفع النقاب و هذه المبادرة و المسارعة انما تظهر بقوة العلم في هذه الدنيا المقرون بالعمل من العلوم اللدنّية و الاسرار الغيبية و الاطوار الالهية و الانوار اللاهوتية و الوقوف علي حقايق الاشياء و الاطلاع علي ملكوتها و سريان نوره في جبروتها و ناسوتها و عدم الاعراض عن المبدء الحق و الناموس الاكبر فاذا اقترنت هذه الجهات الحقيقية و الشرافة الذاتية مع العرضية من النسب الخارجية فكان نوراً علي نور و شرفاً علي شرف و رفعةً علي‏رفعة كما اتفق لسيدنا الحسين سيد شباب اهل‏الجنة روحي‏له‏الفداء فانه قد قارن الشرافة الذاتية الحقيقية بالشرافة الاضافية النسبية لكون جدّه رسول‏اللّه9 سيد العالمين و ابيه اميرالمؤمنين خاتم الاولياء و امّه فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين و اخيه الحسن المجتبي سيد شباب اهل الجنة اجمعين و اولاده السادة الميامين من ال‏طه و يس و عمّه جعفر الطيار في الجنان مع الكروبيين و اخواله ابرهيم و القاسم و الطيب و الطاهر اولاد رسول اللّه الصادق الامين و هذه لعمري شرافة لم‏يسبقه بها احد من المخلوقين من الاولين و الاخرين فاذا افترقت الشرافة الذاتية عن الشرافة العرضية فلا عبرة لها كما اتفق لابن نوح و قال تعالي انه ليس من اهلك انه عمل غير صالح.

و اما مجد رسول اللّه9 فالوجوه فيه كثيرة و نحن نذكر هنا وجهاً واحداً من الوجوه الغيرالمتناهية و هو قوله تعالي تبارك الذي نزّل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و العالمون جميع افراد ما سوي اللّه سبحانه و تعالي و بيّن سبحانه انه نذير علي كل شي‏ء دخل في الامكان من كل عال و سافل و ذات و صفة و جوهر و عرض و دالّ و مدلول و كتاب و مكتوب و شاهد و غائب و مخفي و ظاهر و صغير و كبير و حقير و جليل و جزء و كل و كلي و جزئي و مستقيم و مستدير و ساكن و متحرك و مشتق و جامد و لطيف و غليظ و ذائب و منعقد و نور و ظلمة و سماء و ارض و برّ و بحر و شجر و حجر و كل رطب و يابس و كل ما احاط به الامكان فاذا كان رسولاً عليهم([68])

 

«* شرح القصيدة صفحه 64 *»

فلا ريب ان الرسول اشرف من المرسل‏اليه في كل كمال فمّا نصّ اللّه سبحانه انه9رسول الي كافة الخلق من جميع الذرات الوجودية كائنة ما كانت و بالغة ما بلغت كان جامعاً لجميع الكمالات الامكانية و جامعاً للكمالات التي خلت منها[69] الموجودات من اهل الامكان و الاكوان و الاعيان حتي يكون له9بذلك علي الممكنات الهيمنة و الاستيلاء و الفخر و الشرف و المنعة و العزّة بحيث يكون جميع الممكنات كافة و عامة و خاصة مستقهرة عند ظهور ادني كمال من كمالاته و مستهلكة عند سطوع ادني نور من اشراقات ظهوراته و مضمحلة عند ظهور اقل اية من اياته حتي يري كل ممكن علي حسب ما هو عليه من الكمال انّ كماله9 خارق للعادة بالنسبة الي تلك الرتبة كما هو شأن النبي9مع الرعية في اظهار خارق العادة بحيث طأطأ كل شريف لشرفه و بخع كل متكبّر لطاعته و خضع كل جبار لفضله و ذلّ كل شي‏ء له و اشرقت ارض الامكان و المكوّن بنوره و هو المجد الذي ليس وراءه مجد و الشرف الذي مافوقه شرف فانتهي المخلوق الي مثله و الجأه الطلب الي شكله و قد اشار سيد الساجدين زين‏العابدين علي بن الحسين8 في دعاء الصحيفة الي هذا المجد الشامخ و الفضل الباذخ بقوله خطاباً لربّه و استعلي ملكك علوّاً سقطت الاشياء دون بلوغ امده و لم‏يبلغ ادني ما استأثرت به من ذلك اقصي نعت الناعتين فتأمل في هذا المقام وقف السائلون ببابك و لاذ الفقراء بجنابك و وقفت سفينة المساكين علي ساحل بحر جودك.

فانظر في حدود هذه الكلمات و لاحظ القواعد العربية و ان هذه كلها صفات الملك و الملك خلق و هل خلق يستأهل لهذه الرتبة غير محمّد9 فهو الماجد و له المجد لانه كهيعص و حمعسق و الم و الر و المر و طه و يس و ص و ق و ن و طسم و طس و حم بل و فاتحة الكتاب و البسملة و الباء و النقطة التي تحت الباء و الالفات الثلث المحتجبة و الكلمة التي هي الفعل الذي نشأ منه الاسم و حروف الكلمة و الفها و نقطتها و الظاهر و الظاهر من حيث هو ظاهر و الباطن و الباطن من حيث هو باطن و غير

 

«* شرح القصيدة صفحه 65 *»

ذلك مما لايجري به قلمي و لاينطق به فمي و لايفوه به كلمي فكتمانه في الصدور خير من ابرازه في السطور من مقاماته التي لا عبارة عنها و لا اشارة اليها و لا انارة و لا استنارة بل نور غيب و سرّ لا ريب و هذا الجدّ هو الذي نال من المجد ما لم‏ينله احد من المخلوقين و اتيه اللّه ما لم‏يؤت احداً من العالمين فلاتحتاج اذن لتذكير و تنبيه ان الستر الذي يجاور قبر هذا السيد القمقام و البدر المشرق التامّ ماذا يكتسب في المجد من المقام ان في ذلك لذكري لاولي الافهام فيا له من ابن فاز بالشرافة الذاتية و الكرامة المعنوية و العزّة الالهية و قارنها بشرافة جدّ مثل هذا السيد الكريم و النبي العظيم الذي من فيض جوده الوجود و من عميم كرمه الغيب و الشهود

و انّ من جودك الدنيا و ضرّتها   و من علومك علم اللوح و القلم

و شرافة اباء ينتهون الي اب هو نفس هذا السيد المتقدم و المولي المعظّم نصّاً من اللّه في القرءان المفخم و ليس فوق ذلك رتبة فيما اعلم و بعمّ سيد شباب اهل الجنة الذي وهبه جدّه9سودده و شرفه الاعظم و بامّ سيّدة نساء العالمين و فلذة كبد سيّد المرسلين عليه و علي اولاده و خلفائه صلوات‏اللّه ابد الابدين فهي واللّه الكرامة العظمي و الشرافة الكبري في الرتبة القصوي و قداكتسب هذا الستر المنيف بمجاورة هذا القبر الشريف من الشرافة الظاهرة و الباطنة و الرفعة الغيبية و الشهودية مع اصلاح قابليته و تمكينها من ورود الفيوضات الاولية الازلية بمجاورة هذا القبر المطهر ما لاتسعه الدفاتر بل لاتتحمله الصدور و الضماير و لو اردنا شرح بعض خصوصيات تلك الفضايل الجمّة و المطالب المهمة لطال بنا الكلام و ان كان لايخلو من الفوايد العظام الاّ ان النفس من شأنها الكسل و الجبلة من عادتها الملل فاكتفينا بما ذكرنا فليُقَسْ عليه ما لم‏نذكر.

و اما الامر الخامس فاعلم ان السماك الاعزل المنزلة الرابعه‏عشر من منازل القمر التي يجري فيها لامر مستقر و حكم مقدر لمعرفة السنين و الحساب و لملاحظة المكتوب و الكتاب لاقتضاء([70]) السبعة التي هي العدد الكامل بظهورها في الطبايع

 

«* شرح القصيدة صفحه 66 *»

الاربعة تلك المنازل علي الثمانية و العشرين و اختصّت كل منزلة بحرف من الحروف في التكوين و التدوين و لسنا بصدد شرحها و بيان مقتضياتها و احكامها و عللها و مباديها و معدّاتها و اسبابها و شرايطها و اوضاعها و هيئاتها و الوانها و طبايعها و امزجتها و سعدها و نحسها و ساير اطوارها و حركاتها و اوضاعها و اقتضاءاتها في سير القمر فيها و غيره من الكواكب السيارات و الثوابت فيها بما يقتضي الاختلاف في الهيئات في اطوار الذوات و الصفات و العلل و المعلولات و ساير الشئونات ولو تصدّينا لشرح ذلك و بيان ماهنالك لكان كتاباً عظيم الحجم و العوائق مانعة عن اظهار المستجنات في النفس و العوارض عائقة عن ابراز المخزونات في القلب و اقول كما قال اميرالمؤمنين7 :

و في النفس لبانات اذا ضاق لها صدري   نكتّ الارض بالكفّ و ابديت لها سرّي

و مهما تنبت الارض فذاك النبت من بذري

و قد ذكر بعض قشور و ظواهر هذه الامور علماء النجوم فليرجع اليها من ارادها و هذه المنزلة كمال الاربعه‏عشر النورانية فان هذه المنازل لم‏تزل اربعه‏عشر منها نورانية و الاخري ظلمانية لاتختلف ابداً و لمّا كان مبدء الوجود من دور الحمل في العالم فاذا كان علي نقطة الافق الشرقي تكون المنزلة الرابعة عشر علي الافق الغربي لامحالة و لمّا نظرنا الي نفس الشرق و الغرب وجدنا الغرب اشرف من حيث الرتبة لان الغرب مقام كمال العلم و ظهور جميع المراتب مشروحة العلل مبيّنة الاسباب فان العوالم جميعها اخذت بالحركة من مبدء الشرق الي ان وصلت الي نقطة الغرب فالغرب مقام العلم و مقام الجامعية و مقام ظهور العظمة و الكبرياء و الجلالة و لذا كان الموت مابعده اشرف و اعظم من ماقبله بخلاف الشرق فانه مقام الوقوف و اول الظهور علي رتبة واحدة من غير اجتماع المراتب كماتري عياناً من حال شروق الشمس و غروبها و لذا كانت الجنة في طرف الغرب و النار في جانب الشرق و لمّا كانت المنزلة الواقعة علي نقطة الافق الغربي هي الرتبة الجامعة الحاملة لظهور اطوار تلك المنازل علي التفصيل فبالحري ان‏تري سماكاً لارتفاعها علي غيرها لحصول المراتب و تحقق الدرجات و ظهور المقامات التي

 

«* شرح القصيدة صفحه 67 *»

بها تفصيل العلم للسائر في هذه المنازل و الدرجات و العلم يرفع كل من لم‏يرفع و يرفع اللّه الذين امنوا و الذين اوتوا العلم درجات.

و لمّا كانت المقامات النورانية انما انتهت الي هذه المنزلة فارتفعت علي غيرها لهذه العلة سمّيت سماكاً لانه بمعني الارتفاع او ما يرتفع به و المعنيان حاصلان فيه علي الحقيقة دون المجاز و انما اختص باسم السماك مع ان اللفظ الدالّ علي الارتفاع كثير للاشارة الي دقيقة خفيّة و هي ان هذه المرتبة التي هي اخر المنازل النورانية في مقابلة اخر المنازل الظلمانية علي هذا النظر و اللحاظ من ملاحظة مبدء الوجود و كان اخر المراتب الظلمانية التي بها تمامها الحوت و هي البهموت التي عليها المقامات السفلية و المراتب الظلمانية فحسن المقابلة في النظم الالهي الاولي اقتضي ان‏يكون في هذه المنزلة الشريفة ما يدلّ علي تلك المقابلة في الضدية مع دلالته علي الارتفاع و الافتخار فلم‏يكن الاّ السماك فانه عند فقد الالف يكون سمك و هو بمعني الحوت ثمّ اضيف الالف اللينية حرف العلة مبدأ الحروف و اسّها و اسطقسها لبيان انه سمك عليه الانوار في اطوار السموات لا الحوتة التي عليها الارضون و مبادي الظلمات فالسين اشارة الي كمال الاعتدال في مطابقة الصفة مع الموصوف و الاسم للمسمي و الظاهر للباطن و الميم اشارة ايضاً الي كمال الاعتدال في الحرارة الغريزية فان الميم ميزان اعتدال النار اي نار الشجرة الزيتونة التي تفصّلت هنا بالشرقية و الغربية فالسين لامان و الميم  لام و ياء فهي جوامع([71]) مراتب القوابل في العوالم الثلثة و المقبول الواحد الذي هو العشرة التي تظهر كمال الظهور عند تمام القابليات فبالسين و الميم تمّ الوجود و امتاز الشاهد و المشهود فالسين بتحليل اللام اصل اسم خاتم الولاية و الميم اصل اسم خاتم النبوة و الكاف اشارة الي كلمة كن التي بها صدور الفيوضات الربانية و حدوث الافاضات السبحانية بلا انقطاع و لا زوال و الالف قطب الاقطاب رب الارباب مسبب الاسباب مالك الرقاب منه البدء و اليه الاياب فدلّ هذا الاسم الشريف علي مايشتمل هذا

 

«* شرح القصيدة صفحه 68 *»

المسمي من المفاخر و المزايا و الماثر و لذا اختصّت به دون غيره من الاسماء التي تدلّ علي العلوّ و الرفعة و الاستعلاء.

فان قلت كيف يكون هذه المنزلة المعبّر عنها بالسماك ارفع و اعلي مع ان مما قبلها من المنازل ما هو اشرف منها و امثل كالحمل و الاسد و امثالهما مع ان المنجمين صرّحوا بانها من المنازل المنحوسة قلت لا منافاة بين ظهور الشرف و الرفعة في شي‏ء مع ان غيره مما لم‏يظهر فيه تلك الرفعة اشرف فان المناط في هذا المقام ظهور الرفعة و الشرف لا وجودها كما في قوله تعالي و الامر يومئذ للّه مع ان الامر للّه في كل حال و تأمّل في قول النبي9 بين قبري و منبري روضة من رياض الجنة فان المنبر يظهر فيه الارتفاع و الافتخار و الشرافة بخلاف القبر و ان كان القبر اشرف و اعلي الاّ ان ظهور الرفعة و الافتخار في المنبر اكثر و اعظم و لذا سمّي بالقائم و المهدي مع ان رسول‏اللّه9 هو القائم المهدي و اما ما ذكروا من نحوستها فكنحوسة زحل و المريخ و قد ورد عن طريق اهل‏البيت:انهما كوكبا رسول‏اللّه و اميرالمؤمنين صلوات اللّه عليهما و نحوستهما علي اهل الدنيا و سعادتهما علي اهل الاخرة كما قال تعالي و ننزّل من القرءان ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الاّ خساراً و قال تعالي و ليزيدنّ كثيراً ما انزل اليك من ربك طغياناً و كفراً و قال تعالي اذلّة علي المؤمنين اعزّة علي الكافرين و قال تعالي فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و قد شرح سبحانه الاحوال في هذا المجال و بيّن المعني في هذه الايات بقوله الحق كلاًّ نمدّ هؤلاء و هؤلاء من عطاء ربك و ماكان عطاء ربك محظوراً فافهم و تبصّر.

و لمّا كانت المرتبة كلما تسمو و المنزلة كلما تعلو يخفّ اعتبارها من نفسها بل يعدم شيئاً فشيئاً للنظر الي جهة المبدأ و مشاهدته في جميع الاطوار و خلع الانية و قطع النظر عن الماهية وجب ان‏يوصف السماك بالاعزل لتجرده عن جهة نفسه و مشاهدته الي ربه و لذا ورد انّ الشمس عند الغروب تخرّ ساجدة تحت عرش ربها و السجدة رفع الانية و نزع جلباب الماهية و بذلك كان سماكاً حقيقياً رافعاً و مرتفعاً و هو في الحجاب بغير حجاب و اما السماك الرامح فهو و ان كان ليس من المنازل الاّ انه لقربه من الاعزل

 

«* شرح القصيدة صفحه 69 *»

اكتسب نوراً و ضياء و روحانية لكنّه من وراء الباب و رقّة الحجاب و لذا سمّي رامحاً لطعنه الحدود الغيرالموافقة لمحبة اللّه و المخالفة لمراد اللّه فمقامه القهر و الغلبة و الاستيلاء و لذا سمي عالم رقة الحجاب عالم الجبروت لحصول القهر و الاستيلاء و منع المشاهدة في اطوار الحدود و التعينات الي ما سوي اللّه و هو كوكب اصحاب النفس المطمئنة و الراضية و المرضية و الكاملة علي حسب مراتبه و اما السماك الذي من المنازل فهو اعزل مجرد فهو متمحض النظر الي جهة المبدأ و الواحد الحق فتمت بها المنازل النورانية و الحقايق الربانية فافهم و قد اوقفتك علي ظلّ شجرة سدرة المنتهي و اسمعتك تغريد الورقاء علي تلك الافنان بفنون الالحان فللّه درّ الناظم ايّده اللّه و وفّقه حيث اتفق في جري كلامه المنظوم الوقوف علي هذا الدرّ المنثور فعبّر عن المقامات العلوية بالسماك الاعزل فقد ذكر جميع المراتب و المقامات العاليات لاندراجها كلها في تلك الحقيقة البحت الباتّ هذا ما يتعلق بمجمل ظاهر السماك الاعزل.

و اما تأويله و باطنه فشرحه طويل و القلب عليل و اللسان كليل ولنُشِر من كثير منه الي قليل فنقول انه قد دلّ الدليل القطعي المقرون بالنصّ الجلي من الكتاب الذي لايأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ان الظاهر علي طبق الباطن و المعني علي وفق الصورة فالمقتضي لترتيب نظم العالم الجسماني علي هذه الافلاك و البروج و المنازل و النورانية و الظلمانية و العلوية و السفلية و الخفاء و الظهور و التأثير و التأثّر و الفعل و الانفعال هو بعينه المقتضي لوجودها في كل العوالم و كل المقامات و المراتب فتكون العوالم الروحانية كل عالم منها مشتملة علي افلاك روحانية و منازل روحانية و عرش و كرسي روحانيين يحملان التدبير و التقدير للتسخير لهذه الجهات الي باقي مراتبها و احوالها و اوضاعها و اطوارها فيكون في كل عالم من العوالم عرش و كرسي و بروج و منازل و سيارات و ثوابت و في كل منها اربعة عشر منازل روحانية و منازل ظلمانية و اخر المراتب النورانية و منتهاها السماك الاعزل في كل عالم بحسبه و رتبته في جميع مراتب السلسلة الطولية و العرضية و العرضية الف الف عالم و الطولية ثمانية فاضرب الطولية فيها فالحاصل هو عدد العوالم ففي كل عالم سماك اعزل منحطّ

 

«* شرح القصيدة صفحه 70 *»

المرتبة و القدر عند هذا الستر المكرّم المجاور لذلك القبر المعظّم و شرح تفاصيل السماك الاعزل و القبر و الستر في كل عالم بعد هذا البيان و التنبيه موكول الي هذا الفكر الثاقب و الفهم الصائب فانّ بذكر التفاصيل يطول الكلام و يخرجنا عن مقتضي المقام.

و اما الامر السادس فاعلم ان كيفية الانحطاط انما تعرف و تظهر بعد معرفة القبر و الستر و الجوار فيجري في كل مقام علي حسب ذلك المقام بقي الكلام في معرفة الانحطاط اعلم انه بجميع مراتبه يدور علي اصلين:

احدهما انحطاط الاثر و النور عند ظهور المؤثر المنير كانحطاط مقام الشعاع عند ظهور المنير و ان علا مقام الشعاع و جلّ و هذا الانحطاط مقداره اذا اردنا ان‏نعبّر عنه بالعبارة الظاهرة نقول انه جزء من سبعين جزء لا بمعني ان النور اذا ضعّف سبعين مرة يساوي المنير بل المراد ان المنير بعد ما يتنزل فعله الي سبعين مرة يظهر النور و يوجد و لا نهاية لضعف النور بالنسبة الي قوة المنير و لا غاية له اذ النسبة منتفية و الشعاع في ذات المنير معدوم و مايتراءي لك في الصورة الظاهرة هو مثال المنير و ايته و دليله و علامته فلا وجود له من حيث هو نور في ذات المنير بحال من الاحوال و الاّ لتغيرت حالة المنير بزيادة النور و نقصانه و قلته و كثرته و جمعه و انبساطه و غير ذلك لاستدعاء الانبعاث من الذات ذلك بالضرورة فهذا الانحطاط لا قدر له و لا نهاية و السبعون الذي ذكرنا تبعاً لما ورد عن الائمة الصادقين هو مراتب تنزّل المنير لا نسبة قوته بالنسبة الي الشعاع.

و ثانيهما الانحطاط في السلسلة العرضية و هذا علي قسمين: احدهما انحطاط السافل للعالي و مرادي بالسافل ما كان للعالي مدخلية في اصل وجوده كالافلاك للعناصر و الارواح للاجسام و الاجمال للتفصيل و الغيب للشهادة و المجرد للمادي و الجوهر للعرض و الاب الحقيقي للابن الحقيقي و الجدّ للجميع و هكذا في كل ما له وساطة في ثبوت شي‏ء لا في صدوره و كذلك القول في المراتب السبع بالنسبة الي العالم الصغير و الكبير كالاسرار بالنسبة الي الانوار و الانوار بالنسبة الي الاشباح و الاشباح بالنسبة الي الاظلة و الاظلة بالنسبة الي عالم الذرّ و الذرّ بالنسبة الي الهباء و الهباء بالنسبة الي الماء و الماء بالنسبة الي السحاب المتراكم الاخضر و هكذا كل ثانٍ من

 

«* شرح القصيدة صفحه 71 *»

حيث هو ثانٍ بالنسبة الي اوله من حيث هو اول و هذا الانحطاط انحطاط وجودي لايمكن للمنحطّ الوصول الي رتبة العالي من حيث هما كذلك ابداً بحال من الاحوال.

و ثانيهما انحطاط فاقد الكمال لواجده سواء كان كمالاً واحداً او اكثر فيختلف الانحطاط علي حسب اختلاف فقدان الكمال قوةً و ضعفاً و قلةً و كثرةً و ظهوراً و خفاءً و غير ذلك و الفرق بين القسمين ان المنحطّ في الاول لايمكنه الوصول الي المقام الذي قد انحطّ عنه ابداً  كالنفس فانها لايمكنها الوصول الي رتبة العقل و كذلك ساير المراتب و اما القسم الثاني فمنحطّ([72]) لكنّه يمكنـه الوصول الي ذلك الكمال اي من شأنه و امكانه ذلك كالجاهل بالنسبة الي العالم و الضعيف بالنسبة الي القوي فهذه قاعدة كلية خذها راشداً موفقاً و اصرفها حيث ما ذكرنا من مراتب القبر و الستر.

فان كان القبر هو اميرالمؤمنين7لحمله اسرار النبي9 و حفظه اياها و عدم اظهاره لها و الستر هو الهيمنة الظاهرة و الولاية العامة التي غشيته قد اهدي وجه منها المعبّر عنها بالقطعة الي الاولياء المنشعبة منه الذين منهم سيّدنا المعظّم مولينا الكاظم فولايته من ولايته لا  كل ولايته لانه جزؤه و قطعة منه لكنّه علي شاكلته و صورته فظهر الجزء علي هيئة الكل فاهديت له قطعة من الستر الذي جاور قبر النبي9 من الولاية حين استخلصه في القدم بعد طوافه حول جلال القدرة ثمانين الف سنة و وصوله الي جلال العظمة قد اهدي اليه سلطان السلاطين و ملك الملوك صاحب الملك الذي علا علي كل شي‏ء علواً سقطت الاشياء دون بلوغ امده و لم‏يبلغ ادني ما استأثر به من ذلك اقصي نعت الناعتين ضلّت فيه الصفات و تفسّخت دونه النعوت و حارت في كبريائه لطائف الاوهام و هذا السلطان اعظم الملوك و السلاطين و هذه الهدية اكبر التحف و الهدايا فبورك من مهدي و مهدي‏اليه([73]) فالانحطاط اي انحطاط السماك الاعزل في جميع العوالم الالف الف من القسم الاول اي انحطاط الظلّ لذي الظلّ و الشعاع و النور للمنير علي الوجه الذي ذكرنا.

 

«* شرح القصيدة صفحه 72 *»

و ان كان القبر هي القابلية الكبري و الدواة الاولي للمداد الاعلي و القلم الاسني و الستر هو صورة الابتداع و هيكل التوحيد و صفة التجريد و التفريد قد اهديت قطعة اي وجه من هذا الهيكل العاصم و النور الدائم القائم و السلطان المالك للعرش و ما احاط به من الفرش بتمليك اللّه سبحانه مالك الملوك([74]) بالسلطان الاول الاعظم الاقدم الذي خضعت له الملوك و ذلّت له الرقاب و هكذا اذا كان القبر التعين الثاني النفس الرحماني الاولي او([75]) التعين الثالث و الستر قشره و ظاهريته الي الوجه الاسفل او([76]) التعين الرابع و التعين الخامس و السادس و السابع الي العاشر و الستر ظاهرية تلك المراتب ففي هذه المقامات و المراتب للقبر مقامان كالستر احدهما مقام له في رتبة ذاته و ثانيهما مقام عند ظهوره للغير ففي المقام الاول يكون الانحطاط من القسم الاول و في المقام الثاني يكون الانحطاط من القسم الاول من القسم الثاني لان السماك الاعزل في اطواره العلوية و السفلية بجميع مراتبه و مقاماته تحت مرتبة القبر والستر فالوساطة هنا في الثبوت لا في الصدور فجميع المراتب العلوية منحطّة في هذا المقام بحيث لايمكن الوصول اليه بحال من الاحوال في عالم من العوالم و طور من الاطوار فافهم.

و ان كان القبر يراد به هذا الجدث الظاهر في هذا العالم في مقام انما انا بشر مثلكم يوحي الي و هو الذي في المدينة المشرفة و الستر هو الستر الاخضر المعلوم المنقوش عليه لا اله الاّ اللّه محمّد رسول اللّه صلي الله عليه و اله و صحبه قد اهدي قطعة منه الي حرم سيدنا و مولينا الكاظم7سلطان السلاطين و خاقان الخواقين ليكون طبقاً للهدايا و الاستار الباطنية الغيبية التي اهداها اليه اولئك السلاطين ليكون الظاهر طبقاً للباطن و الصورة علي مثال الحقيقة فالانحطاط اي انحطاط السماك الاعزل من القسم الثاني من القسم الثاني و انما خصّ الناظم سلّمه اللّه تعالي و وفّقه السماك الاعزل بالذكر دون العرش و الكرسي مع ان ذكرهما ابلغ في التعظيم و اقرب الي مقام التفخيم لان العرش و ان كان ارفع الاّ ان مقامه مقام الوحدة و الاجمال و لذا كان اطلساً خالياً من الكواكب و

 

«* شرح القصيدة صفحه 73 *»

المنازل و الستر و الحجاب مقام الولاية التفصيلية لا النبوة الاجمالية ذات الولاية الاجمالية فلايناسب ذكر العرش في هذا المقام و اما الكرسي فهو و ان كان مقام الولاية التفصيلية ولكن كمال التفصيل انما ظهر في البروج المفصلة بالمنازل و السماك الاعزل كما ذكرنا لك سابقاً انما وقع علي الافق الغربي عند منتهي المنازل النورانية فله مقام الجامعية علي التقريب الذي قد تقدم.

و لمّا ذكر سلّمه اللّه تعالي ان السماك الاعزل الذي هو عبارة عن الكينونة الجامعة لجميع جهات النور و الخير المجرّد عن لحاظ التعين و المتصل بعالم الوحدة بكونه اعزل مجرداً عن جهات الانية و لوازم الماهية اراد سلمه اللّه تعالي ان‏يبين ان السماك بتلك العظمة و الجلالة لحكايته لعالم الوحدة و وقوعه مقام الختم الذي هو دليل البدء بل عينه اذا كان منحطّ المقام عند هذا الستر فما ظنّك بالستر في مقام التنزّه و التقدّس لاجل المجد الظاهر عليه فقال وفّقه اللّه و سدّده في البيت الرابع:

و تقدّست اذ جلّلت جدثاً ثوي   في لحده المدّثّر المزّمّل

اقـول: للّه درّ الناظم حيث ادرج في هذا البيت من جلائل المطالب و عظايم المراتب و تحقيق الحقايق و تدقيق الدقايق ما يتحير الفكر في اظهارها و ابرازها و القلم عن شرح اشاراتها و نكاتها الاّ انّا نأتي بما يسعنا بيانه و لايعسر برهانه علي حسب اقبال القلب و نشاط الخاطر و نعرض عما سوي ذلك و نكتفي بما اشرنا عما لم‏نشر و مما ذكرنا عما لم‏نذكر.

فنقول لمّا ذكر سلّمه اللّه تعالي ضمناً في البيت الاول تقدّس هذا الستر و تنزّهه عن كل ما لاينبغي و كل ما يوجب بعداً عن الحق فاراد ان‏يصرّح بالامر الملوّح اليه هناك فذكر ان الستر و ان كان من شأنه ان‏يكون حجاباً مانعاً عن مشاهدة الوحدة لكونه في اعلي مقامات الكثرة لظهور الحجاب و الستر و من العجب انه مع هذا مقدس منزه عن جميع الرذايل التي اعظمها و اكبرها مشاهدة الكثرات و ملازمة الانّيات فهو مع كونه حجاباً لايحجب و ستراً لايستر

رقّ الزجاج و رقّت الخمر   فتشابها و تشاكل الامر

 

 

«* شرح القصيدة صفحه 74 *»

فكأنّما خمر و لا قدح   و كأنما قدح و لا خمر

و ذلك لما ظهر فيه من نور الوحدة و مقامات الانس في الخلوة و ان كان في ظلمات الكثرة لان ماء الحيوة في الظلمات فاذا ذقتها تيقنت فيها ان ماء الحيوة في الظلمات و لمّا كان هذا الستر هو التحفة التي ذكرها ايده اللّه بتوفيقه في اول القصيدة اتي بضمير المؤنث فقال و تقدّست اي تلك التحفة و الهدية عما يقتضيه الامكان و صفاته من الكثرات و الاحوال الغير اللائقة من رذايل الصفات فاذا تنزّهت عن العيوب و النقايص مطلقاً جمعت لجميع الكمالات و معالي الصفات و فضائل الدرجات مطلقاً لوجود المقتضي الذي هو محض الفيض اظهاراً لكمال الالهي و رفع المانع الذي هو وجود النقايص و حصول القبايح فاثبت بهذه العبارة ان هذه التحفة جامعة لجميع الكمالات مما يعدّ في الامكان كمالاً عدا ما اختص بالقبر و صاحبه من المـئاثر الحقيقية و المكارم الذاتية و اما ماعداها كلها ثابتة فيها موجودة عندها و منزهة عن جميع النقايص الامكانية مما يعدّ في الامكان نقصاً سوي نقص الامكان فانه نقص لايكمل و جرح لايندمل الاّ اذا ذهب الامكان و جاء العيان و ظهر المكنون كما كان فبقوله تقدّست اثبت جميع هذه الكمالات في جميع المراتب في كل مقام بحسبه ففي عالم الاجسام قد ظهرت علي نحو ظهور الاشياء في بدء الوجود علي حسب ما اليه يعود في الجنة و مراتبها فان الخلق صاعدون الي ان‏يصلوا الي الجنّة و يتدرجوا في مراتبها و لايصعدون الاّ الي ما منه نزلوا فاعلي مقامات الجنة التي لا اعلي منها هي وجه المبدأ فاذا([77]) خلص الشي‏ء عن النقايص بالمرة يصل اليها و هذا الخلاص قديكون في الدنيا و هو القليل الوقوع النادر الحصول كالاكسير الاحمر بل اعزّ منه و قديكون في البرزخ و هو الكثير و قديكون في القيمة و هو الكل و حيث ان قوله تقدّست لم‏يذكر له متعلقاً خاصاً و التخصيص بشي‏ء دون شي‏ء من غير موجب و دليل غير معقول فوجب ان‏يكون هذا التقدّس عن كل عيب و عايق يمنعه عن الوصول الي اعلي درجته التي تعلق به الفيض

 

«* شرح القصيدة صفحه 75 *»

الابداعي اولاً و لايكون ذلك في الاجسام الاّ الجسم الظاهر في اعلي مقامات الجنة و اقصي درجاتها و ابلغ مراتبها بحيث نور حورية من حواري الجنة قبل الاطلاع عليها يوهم الشخص انه نور اللّه و الاجسام في الكينونة الاولي كانت هكذا و انما تغيّرت لمكان الادبار و نقص القوابل عن اظهار ما فيها من احكام الامكان و ما تقتضي من الاكوان و الاعيان فاذا تمّ النقصان و جبر الكسر بفاضل طهارة صاحب البيت الذي اذهب اللّه الرجس عن اهله و طهّره تطهيراً يحكي كمال الاصل و صفته و يظهر علي شاكلته فيرجع الي اعلي ما كان مما اقتضاه الامكان فكان مقدساً عن كل رجس نجس و مطهّراً عن كل لؤم و خبث لبطلان الطفرة و اقتضاء الوحدة و كذلك ظهور سرّ التقدّس علي ما ذكرنا في الاجسام يظهر في جميع مراتب الاكوان من عوالم المجردات و مراتب المفارقات فتتصفي و تتقدّس و تصل الي اكمل ما يمكن في تلك المقامات العاليات و الدرجات المتعاليات علي حسب ما ذكرنا في صفاء الاجسام حرفاً بحرف لان امر اللّه واحد ماتري في خلق الرحمن من تفاوت.

اشـراق و ازهـاق: قد لوّح الناظم اسعده اللّه بتوفيقه في هذا البيت الي مقام عظيم و خطب جسيم و سرّ شريف و معني لطيف و حقيقة من اشرف الحقايق و دقيقة من اجلّ النكات و الدقايق فاثبت حين نفي و نفي حين اثبت علي حدّ قوله تعالي و ما رميت اذ رميت و لكنّ اللّه رمي فرفع الحجاب في عين الحجاب و اثبت النقاب برفع الحجاب و لوّح بذلك الي باب الابواب و سبب الاسباب و اختلاف النشـئات و حفظ المراتب و المقامات و الي لزوم كل احد مقامه ولو علم ابوذر ما في قلب سلمان لقتله لحفظ ايمانه و الي ان طرق التوحيد بعدد انفس الخلايق و تفاوت الدرجات في العلم و اثبت ان فوق كل ذي‏علم عليم و انه ما منا الاّ له مقام معلوم و انّا لنحن الصافّون و انّا لنحن المسبّحون و انه ما قدروا اللّه حق قدره و الارض جميعاً قبضته و السموات مطويّات بيمينه و الي ثبوت مقام هو توحيد لطائفة و شرك بالنسبة الي طائفة اخري و معذورية جماعة في المعرفة و عدم معذورية اخرين و الي مفاد قول سيدنا الصادق7لو لم‏يقبل منهم حتي‏يكونوا مثلكم فلايقبل منكم حتي‏تكونوا مثلنا و الي قول سيد الساجدين7:

 

«* شرح القصيدة صفحه 76 *»

و ربّ جوهر علو لو ابوح به   لقيل لي انت ممن يعبد الوثنا
و لاستحلّ رجال مسلمون دمي   يرون اقبح ما يأتونه حسنا

و الي قول رسول‏اللّه9 لم‏يبلغ الرجل كمال الايمان حتي‏يشهد الف صديق بأنه زنديق و غير ذلك من الاطوار و العلوم التي لاتحصي كثرة فللّه درّه من ناظم مبيّن و من ملوّح متقن و من طبيعة مستقيمة تجري علي هيئة اعتدالية و تجذب العلوم الحقيقية و الاسرار و تظهرها صفواً بلا اكدار ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء.

و الاشارة الي بيان ما ذكر مجملاً انه سلّمه‏اللّه تعالي جعل ستراً قد جلّل قبراً دفن فيه المدّثّر المزّمّل مقدساً و منزهاً عن كل عيب و نقص و لا ريب ان الكثرة و الاختلاف و تعدد الجهات و الكيفيات و الكمّيات من اعظم النقايص فيكون هذا الستر المكرّم مقدساً و منزهاً عن جميع ما لايرجع الي المبدء الحق فحركته دائماً علي القطب لا المحور في سيره في مقامات الترقي الي ان‏يصل الي مقامات وجوده مقام غيبه و شهوده و ظهوره بلا كيف و لا اشارة و استماعه بلا لفظ و لا عبارة فيدور علي نفسه فيصحو له المعلوم بعد محوه الموهوم فيهتك الاستار لمشاهدة نور الانوار و ظهور سرّ الاسرار و قد ظهر هذا السرّ المجلّل بالسرّ فيه لانه جلّل قبراً فيه المدّثّر المزّمّل9 فالمزّمّل تعين و هو حجاب و المدّثّر تعين علي تعين و حجاب علي حجاب و ستر علي ستر و القبر خفاء و استتار و الدفن عدم بروز و اظهار مقام الكنز المخفي و السرّ المختفي و الجلال ستر اغلظ الحجب و هذه الاستار و الحجب اقتضت كشف الاستار و ظهور الانوار و التقدّس و التنزّه عما يوجب الاكدار بذكر الاغيار و هذا من اغرب الغرائب و اعجب العجائب.

و بيان هذا الاجمال و شرح هذا المقال علي جهة الاشارة ان المرايا و المجالي اذا تقابلت و ترتبت و تعددت ففي كل المتأخرة منها اشراق من المتقدمة هي جهة مبدئها و وجه علتها و اعلي ما عندها و اقصي مقام وحدتها و كثرتها انما تكون بالاقتران بانيتها و هي الحدود الموجودة في المرءاة من الصغر و الكبر و الاعوجاج و الاستقامة و البياض و الحمرة و الصفرة و السواد و الكدورة و غيرها من الحدود فبالنظر الي هذه الحدود متكثرة و بالنظر الي المرءاة التي قبلها و فوقها و ما يشرق منها فيها واحدة وحدة مايمكن

 

«* شرح القصيدة صفحه 77 *»

لها ادراك وحدة غيرها و ذلك الاشراق اشراق تعين ما في المرءاة العليا و مقام كثرة تلك المرءاة فلو نظرت بها الي مبدئها اشركت و كثّرت و لو نظرت السافلة بها وحّدت ولو لم‏توحّدها بها كفرت فلايزال ما عند السافلة كفر بالنسبة الي ما عند العليا و توحيد بالنسبة الي نفسها و اعلي مقامات التوحيد بالنظر الي الاسفل منه ففي كل مقام شرك و توحيد و مايؤمن اكثرهم باللّه الاّ و هم مشركون ففي المرءاة الاولي صورة واحدة و في الثانية مرءاة و صورتان و في الثالثة مرءاتان و ثلثة اشباح و في الرابعة ثلث مرايا و اربعة اشباح و في الخامسة اربع مرايا و خمسة اشباح و هكذا الي ما لا نهاية له ففي كل مقام كثرة و وحدة بالنسبة الي الاعلي و الاسفل فمقام تقدّس السفلي و تنزهها مقام تعين و كثرة الاولي بل السفلي انما تحكي في عين توحده([78]) مقام تعين العليا و كثرتها و هو قوله تعالي سبحان ربك ربّ العزّة عما يصفون و سلام علي المرسلين والحمد للّه ربّ العالمين.

و لمّا كانت الحقيقة المحمّدية هو التعين الاول فلمّا تمّت حدوده و جهاته اشرق عنها بالاشراق المتصل التعين الثاني الذي هو قبرها و حجابها([79]) و لمّا تمّ التعين الثاني بحدوده و جهاته اشرق عنه الستر فالستر اعلي مقامات تقديسه و تنزيهه لاستشراقه عن ذلك النور ادني مقامات تعين و تكثر الحقيقة المقدسة صلّي‏اللّه عليها ففي التعين الاول هو المزّمّل و في التعين الثاني هو المدّثّر فان الدثار ثوب علي الشعار فيكون في الحجاب الثاني و في التعين الثالث اختفت تلك الكنوز و تعجّمت تلك الرموز فصارت في قبر لايسافر قاطنه و لاينتقل الي العالم الاول ساكنه و الستر قد استشرق من وراء الحجاب و وقف علي الباب و تغشّي ذلك الجناب و صار قشراً لذلك اللبّ الذي هو لبّ اللباب فتقدّس و تطهّر عن كل شي‏ء يعوقه عن ذلك الجناب فبذا صار القشر لبّاً و الفرع اصلاً و الرشح بحراً و الذرّ نوراً لماعداه من الاطياب و هو و ان كان واحداً بالنسبة اليه و ماتحته لكنّه متكثر و متشعّب بالنسبة الي تمام التعين الاول و الثاني و الثالث فالمزّمّل

 

«* شرح القصيدة صفحه 78 *»

الذي هو التعين الاول له مراتب و مقامات: المقام الاول في المقام الاول و العلامة الاولي و الاية الكبري و النقطة و الرحمة و السرّ المجلّل بالسرّ و الباطن و الغيب المطلق مقام اللاهوية.([80]) المقام الثاني في المقام الثاني و العلامة الثانية و الاية العليا و السرّ المستسرّ و الالف التي لا نهاية لطولها بدءاً و عوداً و العماء المطلق و الباطن من حيث هو باطن. المقام الثالث في المقام الثالث و العلامة الثالثة و الاية العظمي و سرّ السرّ و باطن الظاهر و الحروف العاليات و السحاب المثار من شجر البحر. المقام الرابع في رابع المقامات و الايات الظاهرات و البينات الواضحات و الكلمة التامة و السرّ و الظاهر من حيث هو ظاهر و الوجود المطلق و الحق المخلوق به و المفعول المطلق و النفس الرحماني الاولي و الاسم الذي استقر في ظلّه فلايخرج منه الي غيره و عالم فاحببت ان‏اعرف المحبة الحقيقية و المودّة الواقعية الالهية رتبة الواحدية بحر الاحدية طمطام يمّ الواحدية الاختراع الاول كهيعص الكلمة التي انزجر لها العمق الاكبر و الاسم الذي صلح به امر الاولين و الاخرين و الكلمة التقوي و الشجرة الاولي و القلم الاعلي و باتمام هذا المقام الرابع تمّ التعين الاول فتزمّل بهذا الثوب و كان به اليه الاوب و اما المدّثّر فبعد ان تزمّل بهذا الثوب الدائم الذي لايبلي و لاينفد و لايعتق و لايخلق بل كلما ازداد المدي ازداد بهاءً و اشراقاً و سروراً و وفاقاً تدثّر باثواب اخر: الاول الثوب الابيض في الحجاب الابيض في اللؤلؤة البيضاء. الثاني الرداء الاصفر في الحجاب الاصفر و ارض الزعفران و هو ثوب اصفر فاقع لونها يسرّ الناظرين. الثالث الثوب الاخضر في حجاب الزمرد في مقام اللوح المحفوظ. الرابع الثوب الاحمر في الحجاب الاحمر في مقام الياقوتة الحمراء التي غلظها غلظ السموات و الارضين. الخامس الثوب الكمد المغموس في بحر المدد([81]) المنفجر من صاد الصمد و الجاري من تحت جبل الازل الي الابد و هو الماء الذي منه كل شي‏ء حي دهر السرمد. السادس الثوب الاخضر عميق الخضرة في حجاب الاظلة في مقام الزمردة الخضراء في حوصلة الطير الاخضر ذلك

 

«* شرح القصيدة صفحه 79 *»

طير القدس الطاير في هواء الانس الذي وكره فوق جبل الملكوت متنزلاً الي اعلي الملك. السابع الثوب الازرق المايل الي البياض كلون السماء الحجاب الاخضر وراء جبل قاف.

فلمّا تمّت هذه الاثواب و تدثّر بها ذلك الجناب اوحي اليه ربّ الارباب يا ايّها المدّثّر قم فانذر لان المقام مقام الكثرة المقتضي للخوف الحاصل من الانذار و ربّك فكبّر لان الكبرياء ظهور الحق في عالم الاجسام و ذات النقش و الارتسام و ثيابك فطهّر هذه التعينات لتراكمها و تزاحمها و غلظتها تحمل اوساخ الادبار المقتضية لتطهيرها فصدع صلوات‏اللّه عليه بما امر و ادّي ما حمّل  و حفظ ما استودع و ادّي الامانات الي اهلها و اتقن الامور بحلّها و عقدها الي ان جاء نصر اللّه و الفتح و رأيت الناس يدخلون في دين اللّه افواجاً  فآن اوان خلع ذلك الجلباب و التوجه الي ذلك الجناب و ايداع تلك الاثواب قبراً مطهراً عن الاكدار و مقدساً عن الاغيار فجلّل الستر الشريف ذلك القبر المنيف فتطهّر بفاضل تطهيره و تقدّس بفاضل تقديسه فصار مقدساً لاجل كونه ستراً لذلك القبر و قد اعتني صاحبه بتطهيره امتثالاً لامر ربه حيث امره بقوله تعالي و ثيابك فطهّر فاشار الناظم وفّقه اللّه و سدّده الي تلك الدقايق ملوّحاً الي تلك الحقايق مؤمياً الي هذا المقام و مبيّناً لهذا المرام باستقامة فطرته و اعتدال طويته فقال:

و تقدست اذ جلّلت جدثاً ثوي   في لحده المدّثّر المزّمّل

و قدّم المدّثّر علي المزّمّل اشارةً الي قوس الصعود و ابانةً عن وجه الشهود و تحقيقاً لسرّ العابد و المعبود والاّ فالمزّمّل مقدم علي المدّثّر اما رأيت ما عقّب اللّه سبحانه بعد ذكرهما بما يناسب مقتضي مقام كل منهما فتعرف بذلك ان القيت السمع و انت شهيد مقامهما و قد قال تعالي في المزّمّل قم الليل الاّ قليلاً نصفه او انقص منه قليلاً او زد عليه و رتّل القرءان ترتيلاً انّا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً انّ ناشئة الليل هي اشد وطأ و اقوم قيلاً و في كل ذلك يريد سبحانه منه9خلع الاضداد و رفع الانداد و ازالة الاغيار و ازاحة ظلمة الاكدار و التوجه الي الوحدة الحقيقية في الليل و النهار و السير في الاسماء و الصفات و سائر الاطوار و اين هذا المقام من قوله تعالي في المدّثّر قم فانذر و ربّك فكبّر

 

«* شرح القصيدة صفحه 80 *»

و ثيابك فطهّر و الرجز فاهجر و كل ذلك تكليف بالنزول الي مقامات الخلق و شتّان مابين الصعود و النزول فشتّان([82]) مابين المدّثّر و المزّمّل و لذا فسّرنا الاول بالتعين الاول و الثاني بالثاني و كم من خبايا في زوايا و كم من امور في الصدور لم‏يؤذن لنا في ابرازها علي السطور

و لمّا شربناها و دبّ دبيبها   الي موضع الاسرار قلت لها قفي
مخافة ان‏يعلو علي شعاعها   و يطلع ندماني علي سرّي الخفي

و لمّا وصف سلّمه‏اللّه تعالي هذا الستر بالتقديس([83]) و التطهير و اجتماعه لجميع الكمالات و تنزّهه عن رذائل السمات و الصفات فكان ببركة ذلك القبر المقدس جامعاً لجميع الكمالات اذ ظهر فيه سرّ كمال صاحب القبر بحيث كل كمال دون كماله و كل جمال تحت جماله فالموجودات حيث انها بفطرتها تطلب الكمال طفقت تطلب الكمال منه فابتدأ بذكر اشرف الاشياء و اعلاها و اكملها و اقويها و مدبّرها و مقدّرها و مسخّرها و انه يطلب من باب طلب المحال ان‏يكون بمحل ذلك الستر ليستشرق بذلك النور ليتمّ له السرور و يستولي في الظهور فيكون له نور فوق كل نور فقال ايّده اللّه و سدّده:

فاشتاق ستر العرش لو بمحلّها   يوماً علي تلك الحظيرة يسبل

اقـول: العرش له اطلاقات كثيرة يجمعها معنيان احدهما كل عالٍ محيط بالسافل و ممدّ له بحيث لايكون في تلك المرتبة اعلي منه و لذا يقال للفلك الاطلس محدد الجهات عرش لاحاطته بجميع الاجسام و استمدادها جميعاً منه لانه مظهر التدبير و التقدير بالتسخير([84]) و ليس فوقه من الاجسام شي‏ء فالعرش في كل مرتبة يكون هكذا لا كل عال بالنسبة الي سافله فلايقال للسموات عرش و قد اشتق من العريشة و هي([85]) السقف و هو اعلي ما في الدار فالعرش ليس فوقه شي‏ء من جنسه و لذا كان مستوي الرحمن و منبع الاحسان و ينبوع الامتنان و ثانيهما مقرّ السلطنة و سرير المملكة و تخت

 

«* شرح القصيدة صفحه 81 *»

الدولة الظاهرة عليه اثار السلطنة و القدرة كما في قوله تعالي من يأتيني بعرشها قبل ان‏يأتوني مسلمين فبالنظرين و اجتماعهما و افتراقهما اختلفت اطلاقات العرش و يجمع الكل قوله تعالي الرحمن علي العرش استوي.

فالاول من اطلاقات العرش الاختراع و الابتداع و الوجود المطلق لانه مبدأ الكل و لا رتبة فوقه و اللّه سبحانه تعالي لايتصل بشي‏ء و قد ورد عن اهل‏البيت:في وصفهم خلقكم اللّه انواراً فجعلكم بعرشه محدقين و هو العرش الاعظم لانّ محمّداً9 اول خلق([86]) اللّه و هو قبل الاجسام و الجسمانيات و الارواح و الروحانيات و البرازخ و مواقع الارتباطات مع ان خاتم الانبياء كان نبياً و ادم بين الماء و الطين و خاتم الاولياء كان ولياً كذلك و الماء ماء الوجود و الطين تراب الانّية فافهم فيكون هذا العرش هو الاختراع الاول لا غير. و الثاني الحقيقة المحمّدية و الحضرة الاحمدية و هو العرش مستوي الرحمن و مبدأ الوجود و اول مقام الشهود و هو مقام المفعول المطلق لاشتقاقه من الفعل علي ما هو الاصح المختار من ان المصدر مشتق من الفعل فهو العرش العظيم و خاتم الولاية المطلقة الكرسي الرفيع. و الثالث العقل الكلي و النور المحمّدي9لاحاطته علي جميع الموجودات([87]) المقيدة كافة و هو مقام المفعول‏به بعد المفعول المطلق في الوجود الاول. الرابع الدين لقوله تعالي و كان عرشه علي الماء و الماء هو العلم في الزمان او الوجود من حيث هو بتفسير ان العرش الاختراع الاول و قد قيل لاميرالمؤمنين7 كم بقي العرش علي الماء قبل خلق السموات و الارض قال7أتحسن ان‏تحسب قال بلي قال7اخاف ان لاتحسن قال بلي يا اميرالمؤمنين قال7لو صبّ خردل حتي ملأ الفضاء و سدّ ما بين الارض و السماء ثم لو عمّرت مع ضعفك و كلّفت ان‏تنقل حبّة حبّة من المشرق الي المغرب حتي ينفد لكان اقل من جزء من مائة الف جزء من ما بقي العرش علي الماء قبل خلق السموات و الارض و استغفر اللّه عن التحديد بالقليل. الخامس الطبيعة الكلية و هو تفسير اخر للاية الشريفة المتقدمة و الماء هو المادة

 

«* شرح القصيدة صفحه 82 *»

الجسمانية و هو بحر لذوبانها و صلاحيّتها لكل صورة من الصور الجسمانية و هو البحر الذي من دخانه اي من لطائفه خلق اللّه السموات السبع و من زبده اي من كثافته الارض. السادس العلم الباطن و قد نصّ عليه مولينا الصادق7في كلام له الي ان قال ثم العرش في الوصل منفرد عن الكرسي لانهما بابان من اكبر ابواب الغيوب و هما جميعاً غيبان و هما في الغيب مقرونان الاّ ان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب منه مطلع الابداع و منه الاشياء كلها و العرش هو الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف و الكون و القدر و الحدّ و الاين و صفة الارادة و علم الالفاظ و الحركات و علم العود و البدء فهما في العلم بابان مقرونان لان ملك العرش سوي([88]) ملك الكرسي. السابع كل العالم و هو قوله تعالي ربّ العرش العظيم اي الملك العظيم علي الوجه الثاني. الثامن قلب المؤمن كما قيل ان قلب المؤمن هو العرش مستوي الرحمن و هو ايضاً علي الوجه الثاني و يحتمل الوجه الاول علي الوجه الاول اذا جعلنا القلب كليّاً كالعقل الكلي و النور المحمّدي. التاسع الانوار الاربعة كما قال اميرالمؤمنين7 العرش مركب من اربعة انوار نور احمر منه احمرّت الحمرة نور اخضر منه اخضرّت الخضرة نور اصفر منه اصفرّت الصفرة و نور ابيض منه البياض و منه ضوء النهار و قد افردنا رسالة في تفسير هذه الانوار الاربعة و العرش المركب منها. العاشر التاسع من الافلاك و هو الفلك الاطلس محدّد الجهات الجسمانية منتهي الاجسام و ممدّها و خزانة اللّه للفيوضات النازلة اليها. الحادي‏عشر الوحدانية كما نصّ عليه سيدنا و مولينا الصادق7في تفسير قوله تعالي سبحان اللّه ربّ العرش عما يصفون اي ربّ الوحدانية. الثاني‏عشر المثل الاعلي كما في قول سيدنا الصادق7 في تفسير الاية المتقدمة ربّ المثل الاعلي و له اطلاقات اخر يجدها المتتبع في الكتاب و السنة و كلمات العارفين باللّه و العلماء بالعلوم الحقيقية.

تنبيــه: و اذ قد اعطيناك اصلاً كلياً في العرش و الاصل لهذا الاطلاق فلك ان تصرف لفظ العرش في جميع الاطوار التي تجد ما ذكرنا من الوجهين فاذن يصحّ اطلاق

 

«* شرح القصيدة صفحه 83 *»

العرش في كل اصل اول تشعّب منه الفروع فعلي مبدء كل عالم من عوالم الامكان يقال له عرش و علي كل مظهر من مظاهر الوجود الظاهر به السلطنة الكبري يقال له عرش ايضاً فاذن لا حصر لاطلاقات العرش و ما عددناه من اطلاقاته هنا فهو ما وجدنا من اطلاقات الكتاب و السنة و عبارات العارفين علي الحقيقة فتنبّه فلو اردنا من الستر الستر الظاهر المعروف فيكون المراد من العرش العرش الجسماني او غيرها من سايرها ماعدا الحقيقة المحمّدية9 و لواحقها من العقل الكلي و النفس الكلية و الطبيعة الكلية و امثالها فانّ هذا الستر بالنسبة العرضية من جهة هذه النسبة خاصة اكتسب شرفاً و كمالاً وجودياً يشتاق جميع العوالم لانّ اشتياق الاصل يعمّ اشتياق الفروع كلها فاشتياق العرش في كل عالم دليل اشتياق جميع المراتب في ذلك العالم و بالجملة اشتاقت الاشياء كلها ان‏تكون بمحله في وقت ما حتي‏يحصل له نوع اختصاص لتنال به هذا الشرف الاعظم و الفخر الاقوم لانّ مدار الوجود علي خاتم النبوة و الولاية و كل ما انتسب اليهما و استشرق من نورهما و حصل له اختصاص بهما يحصل له الفخر الباذخ و الشأن الشامخ كل شي‏ء يرومه و كل احد يتوقعه و اما اذا عمّمت القبر و الستر و صرفتهما الي المعاني التي ذكرت للقبر علي تلك التفاصيل التي شرحت فالكل في كل مقام في([89]) كل عالم يدعي هذا الاشتياق و يتألم من هذا الفراق و يطلب من اللّه سبحانه هذا الاتفاق و لايناله اذ كل شي‏ء له مقام معيّن و ما منا الاّ له مقام معلوم و انّا لنحن الصافّون نعم يطلبونه من حيث الامكان علي حدّ قول الشاعر:

الا ليت الشباب لنا يعوديوماً   فاخبره بما فعل المشيب

و من هذه الجهة اتي الناظم ايّده‏اللّه و وفّقه في الشرط بلو الامتناعية في قوله لو بمحلها و لو حرف امتناع  لامتناع فقد يكون ذاتياً كما في قوله تعالي لو كان فيهما الهة الاّ اللّه لفسدتا  و قديكون عادياً كما في هذه الاشياء في بعض الصور و قديكون كونياً كما في هذه الاشياء اي الموجودات الكونية بعد لزوم الحدود و التعينات و وقوع كل شي‏ء في

 

«* شرح القصيدة صفحه 84 *»

مرتبة من المراتب بالنسبة الي القبر و الستر علي حسب التفصيل الذي ذكرناه من عدم امكان الدنوّ في اكثر المراتب من القبر و الستر في الاكوان دون الامكان.

ثم ان العرش قد ورد عن النبي9 ان له ثلثمائة الف و ستين الف ركن و خلق اللّه سبحانه و تعالي عند كل ركن ثلثمائة الف و ستين الف ملك اصغرهم لو امر ببلع السموات السبع و الارضين السبع كانت في لهواته اصغر من الخردلة في البرية الواسعة فامرهم اللّه سبحانه بان‏يحملوا العرش فعجزوا عن ذلك ثم جعل اللّه سبحانه و تعالي عند كل ركن ضعف ما كان و امرهم بحمل العرش فعجزوا ثم خلق عند كل ركن عشرة اضعاف ما كان فامرهم بحمله فعجزوا ثم قال لهم تنحّوا عنه فاني امسكه بقوّتي و قدرتي فتنحّوا عنه ثم امر اربعة من الملائكة ان‏يحملوا بعد ان علّمهم كلمات ليخفّ علي كواهلهم و هي بسم اللّه الرحمن الرحيم لا حول و لا قوّة الاّ باللّه العلي العظيم و صلّي‏اللّه علي محمّد و آله الطيبين و كانت حملة العرش اربعة و يوم القيمة يصيرون ثمانية و الوجه في ذلك ان الاسم الذي خلقه اللّه بلا كيف و لا اشارة جعله في مقام التعين ثلثة اجزاء عالم الجبروت و الملكوت و الملك و لمّا كانت هذه المراتب حادثة مااستغنت كل مرتبة عن اربعة اركان الخلق و الحيوة و الرزق و الموت كما قال تعالي هو الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم و المخاطب عامّ فاذا لوحظت الاركان الاربعة في العوالم الثلاثة كان المجموع اثني‏عشر ثم كل مرتبة من هذه المراتب المذكورة حيث ان اللّه خلقها اظهاراً لقدرته و اكمالاً لنعمته و اتماماً لحجته سار بها في ثلثين عالماً و جعل له من كل عالم قبضة فقبضة من الامكان و قبضة من الوجود المقيد و قبضة من العقل و قبضة من الروح و قبضة من النفس و قبضة من الطبيعة و قبضة من المادة و قبضة من المثال و قبضة من الاجسام و قبضة من الاعراض و لكل منها ثلث مراتب الاعلي و الاوسط و الاسفل و هو تمام الثلثين و اذا لوحظ الثلثون في اثني‏عشر يكون الحاصل ثلثمائة و ستون و لمّا كان العرش ممدّاً لهذه العوالم كلها كان فيه وجهاً منها فمن هذه الجهة كانت اركانه ما ذكر و اما ترقّيها الي الالوف لانّ العرش من العالم الربوبي و انّ يوماً عند ربك كالف سنة مما تعدّون الاتري ان العرش مستوي الرحمن و سقف الجنان و انما كان ما

 

«* شرح القصيدة صفحه 85 *»

ينسب الي الرب الفاً لان العوالم اربعة عالم الملك و عالم الملكوت و عالم الجبروت و عالم اللاهوت و مراتب الاعداد اربعة الاحاد و العشرات و المـئات و الالوف فاذا جعلت كلاً منها بازاء الاخر يكون الالف بازاء عالم اللاهوت و هو عالم الربوبية و لمّا كان العرش من ذلك العالم كان عدد اركانه ثلثمائة الف و ستون الف ركناً.

و اما الحملة الذين هم الملائكة فهم حملة الروابط و النسب الجزئية للافاضات من وجه الفعل الجزئي و لا ريب ان النسب تتكثر اذا تعددت المراتب فاذا كانت جميع الاركان ما ذكر كان اول النسب ملاحظة كل في الكل فيكون في كل ركن بعدد المجموع من الملائكة و لمّا كانت النسب كلما تكرّرت تتضاعف فلايسع لحامل البعض ان‏يحمل الكل فلا جرم عجزوا عن حمله ثم ثاني التفصيل و الكثرة رتبة العشرات فضعّف اللّه سبحانه و تعالي كل مرتبة عشراً فصار المجموع ما سمعت ثم لمّا تضاعفت النسب تحصل نسب اخري من هذه التضاعيف و الحامل للبعض عاجز عن حمل الكل فعجزوا و لمّا كانت الجزئيات لاتتناهي و نسبها ايضاً كذلك فلاتنتهي الي حدّ و يحصل العجز و ان بلغ عدد الملائكة الي ما لا نهاية له فنحّاهم اللّه سبحانه و تعالي عن حمل المجموع و جعل الاربعة من الملائكة الكلية بتقويتهم بتلك الكلمات العاليات و الاسماء العظام حاملاً له فكانت حملة العرش اربعة و لمّا كان يوم‏القيمة من هذا العالم و هذه الدنيا لاتعدم وجب ان‏تكون حملة العرش يوم القيمة ثمانية اذ يحصل لكل من الملائكة الاربعة وجهان وجه للدنيا و وجه للاخرة.

كشف حجاب في الستر و الحجاب: اعلم ان الحجاب هو الواسطة بين المحجوب و المحجوب‏عنه كالستر الذي واسطة بين المستور و المستورعنه ففي السلسلة العرضية كل سافل مستمدّ من عاليه و ممدّ الي غيره بذلك المدد من غير تصرف و ترجمة حجاب و ستر و في السلسلة الطولية كل وجه من وجوه الفعل حامل لفيض من الفيوضات الفعلية الي الاثار حجاب و ستر فعلي هذا فالستر في كل عالم بالنسبة الي كل مقام يختلف اختلافاً لايسعني الان شرح تفاصيله و نذكر ما هو المهم.

فنقول ان ستر العرش هم الحملة الذين يتلقون من المدد المخزون في العرش

 

«* شرح القصيدة صفحه 86 *»

حين استواء الرحمن عليه الي جميع مراتب من دونه و هذه الاستار و ان كانت بعدد الاركان الثلثمائة و الستين الف الاّ ان كلياتها اربعة: فالستر الاول ثوب احمر نسج من ريش جناح جبرائيل و ناسجه الروح علي ملائكة الحجب في الوجه الاسفل باسم اللّه القابض في حجاب الياقوت و باب الملك و منتهي الملكوت. الستر الثاني ثوب اخضر نسج من ريش جناح عزرائيل و ناسجه الروح علي ملائكة الحجب في الوجه الاعلي و هو النفس التي لايعلم ما فيها عيسي و هو ذات الذوات و الذات في الذوات للذات و هو شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لم‏يشق ابداً و من جهلها ضلّ و غوي و صبغ في ارض الزعفران في حجاب الزمردة الخضراء عند الجسد الجديد و الملك الذي لايبيد و هو قبضة من ارض الشام. الستر الثالث ثوب اصفر نسج من ريش جناح اسرافيل و ناسجه الروح من امر اللّه و صبغ بماء الذهب في ارض العرب و بشي‏ء يشبه البرقا عند تغريد الورقاء. الستر الرابع ثوب ابيض نسج من ريش جناح ميكائيل و ناسجه الروح القدس في الماء الغير الاسن و الابيض الغربي اشبه الاشياء بالزيبق و ماء ذي‏الوجهين كوكب زحل قد صبغ بقبضة من ارض مصر بعد ماينفخ عليه بريح الجنوب و هذه الاربعة كليات استار العرش كل واحد منها له سبعون الف شقة و كل شقة يسع استظلال الخلايق به اجمعين و افرد الناظم وفّقه اللّه الستر مع انه متعدد اشارة الي نوعه فلاينافي تعدد الافراد فستر العرش اربعة و ثلثمائة الف و ستون الف و سبعمائة الف و عشرون الف و سبعة الاف الف و مأتا الف و اربعة منها كليات و الباقي جزئيات اضافية و لا حصر لجزئياتها الحقيقية و هذه الاستار مسدولة علي العرش مسبلة عليه قدتغشاه([90]) كل ستر في محله و مكانه.

و تلك الاستار لمّا نظرت الي تلك الشرافة العظيمة التي حصلت لهذا الستر الكريم المجاور لقبر النبي العظيم9قد جمع بتلك المجاورة جوامع الخيرات و نال بها كل المسرّات و ساد بها علي كل سيّد من السادات من العلويات و السفليات

 

«* شرح القصيدة صفحه 87 *»

فاشتاقت تلك الاستار ان‏تسبل ولو يوماًما علي تلك الحظيرة القدس و مهوي الافئدة من الملائكة و الجن و الانس و لتنال بعض ذلك الشرف و لترقي الي بعض المراقي الصاعدة الي تلك الغرف و هيهات و اني لها ذلك و اين الثريا من يد المتناول فاذا فهمت حقيقة العرش و استاره فعمّم الحكم في جميع معانيه و اطواره ملاحظاً لمعاني القبر و معاني الستر علي ما فصّلنا لك سابقاً تجد نوراً لايطفي و كنزاً لايفني و بدراً لايخفي و لايسعنا الان تفصيل ذلك لكنّك تعرفه من تضاعيف الكلام علي حسب المقام.

تنبيـه: هذا كله بالنسبة الي كون الاضافة في ستر العرش لامية و اما بالنسبة الي كونها بيانية فيكون العرش احد الاستار لانه حجاب لخاتم الولاية في افاضة الفيوضات الكونية و العينية علي جميع الذرّات([91]) فتمنّي العرش ان‏يكون في الفرش بمنزلة ذلك الستر المسبل علي ذلك القبر صلّي اللّه علي الحالّ فيه.

و لمّا بيّن الناظم وفّقه اللّه تعالي ان ذلك الستر قد بلغ من الكمالات اقصاها و من المعالي اعلاها اراد ان‏يبيّن العلة في ذلك بانه قد ظهر فيه ظهور سرّ النبوة المطلقة و هي عامّة شاملة لجميع الذرّات و لذا اشتاق كل عال و ان جلّت فضائله و عظمت مناقبه ان‏يكون بمحله لظهور سرّ النبوة في كل الاطوار و هو يقتضي الاستعلاء علي كل الاكوار و الادوار فيتمني كل شي‏ء ان‏يكون بمحله و لايتمني هو ان‏يكون بمحل شي‏ء تلك هي الشرافة البالغة التي بلغت حدّها و وصلت غايتها فقال ايده اللّه بتوفيقه:

نشرت ففاح من النبوة نشرها   ما المسك ما نفحاته ما الصندل

اقـول: يعني نشرت تلك التحفة و الهدية التي هي الستر المكرّم و الحجاب المعظّم و فصّلت و سطعت انوارها و فاحت روائحها فكان نشرها اي طيب رائحتها من النبوة التي تلزمها الولاية التي كل رائحة طيبة من بعض اطوار طيب رائحتها فلايعادلها بل و لايدانيها رائحة طيب من طيب الدنيا و الاخرة و قد روي عن النبي9 انه قال لو علقت شعرة من شعور الحور العين بين السماء([92]) و الارض لمات اهل السموات و الارض من

 

«* شرح القصيدة صفحه 88 *»

طيبها و حسن رائحتها و رائحة النبوة و طيبها اعظم و اعظم و النبوة وساطة و ترجمة عن اللّه سبحانه و تعالي الي ماعداه يحملها بشر جسماني تعلق به نور روحاني و سرّ سبحاني و علم لدنّي و وجه صمداني فان كان في تعلق([93]) الاختراع و الابتداع([94]) و المشية و الارادة و القدر و القضاء و الامضاء فهي نبوة تكوين و ان كان في الاحكام العملية و الافعال القولية و الجوارحية و التكاليف القلبية و البدنية فهي نبوة تشريع و كل منهما خاصة و عامة لان تلك الوساطة ان كانت مختصة في تكوين اشياء خاصة لايتعداها فهي نبوة تكوينية خاصة و ان كانت شاملة لكل الاطوار في الاكوار و الادوار و الاوطار في جميع العوالم الالف الف بحيث لايشذّ ذرّة من الذرّات الوجودية من العلوية و السفلية و الغيبية و الشهودية و المجردية و المادية و غيرها فهي عامّة مطلقة واسطة في الصدور و الاثبات لانها صفة التعين الاول قد ظهر بنوره و ظهوره في كل شي‏ء من الاشياء و موجود من الموجودات يتلقي الفيض من اللاتعين و يوصله الي جميع الموجودات في السلسلتين الطولية و العرضية فيلقي الفيض اولاً عن اللّه الي طبقة الانبياء و هم مائة الف و اربعة و عشرون الفاً ثم بواسطة الانبياء الي حقيقة الرعية و هو اطوار الانسان الذي علّم البيان ممن يجري عليه الامر و النهي و تنفي عنه المتبوعية ثم يلقي بالواسطتين الي حقيقة الجن من حيث الاجمال و التفصيل بجميع ما تحتاج اليه من حيث نوعها و صنفها و شخصها من الاطوار التكوينية([95]) و الافاضات الوجودية ثم يلقي عن اللّه بالوسايط الثلث الي الحيوانات من البهايم بالاجناس المختلفة و الانواع المتعددة و كذا الحشرات باجناسها و انواعها و اصنافها و اشخاصها و الطيور بمراتبها و اختلاف اجناسها و انواعها و اشخاصها و هيئاتها و اوضاعها ثم يلقي عن اللّه الوحي التكويني بالوسايط الاربع الي النباتات من اقسام الاشجار المثمرة و غير المثمرة باختلاف اغصانها و عروقها و اثمارها و اوراقها و استقامتها و اعوجاجها و كثرة اغصانها و قلّتها و مايتعلّق بها من نموّها و ذبولها و سقوط ورقها و صلاح ثمرها و فسادها و غير

 

«* شرح القصيدة صفحه 89 *»

ذلك من اطوارها ثم يلقي بالوسايط الخمس الي الجمادات من المعادن و غيرها من المايعات و الجامدات و المنطرقات و غير المنطرقات و الجواهر الثمينات و غيرها من ساير المعدنيات و كذا غيرها من الجمادات و الاحجار الغاسقة من الكبار و الصغار و الرمل و ساير المتولدات كل ذلك من اللّه سبحانه و تعالي بواسطة النبي9 بهؤلاء الوسايط فالواسطة و الترجمة و ايصال كل فيض الي محله المقصود عن اللّه سبحانه هي النبوة التكوينية و هذه المراتب المذكورة هي السلسلة الطولية كل ثانية منها اشراق و شعاع من الاولي و كل هذه الاشراقات و الاشعة من فاضل اشراق و شعاع النبي المطلق9 و في كل من هذه السلسلة افلاك و عناصر و متولدات و للافلاك جوزهرّات و تداوير و خوارج المركز و الحوامل و ما يترتب عليها من الاثار و ما يتفرع علي قراناتها من الاضواء و الانوار من احكام الليل و النهار فالنبي المطلق الموحي اليه عن اللّه سبحانه و تعالي يفيض تلك الفيوضات الي محالّها و مواقعها و يمكّن القابليات لقبولها فهي باب اللّه الي الخلق في الافاضة من اطوار الاكوان و الاعيان و مستجنات الامكان و الوساطة العامة في هذه الاطوار المذكورة و الغير المذكورة هي النبوة التكوينية و التصرف فيها علي حسب ما يراه مما اراه اللّه سبحانه و اعطاء كل ذي‏حق حقه و السوق الي كل مخلوق رزقه و اظهار السلطنة و اعلاء الكلمة و اثبات الهيمنة العامة و الخاصة هي الولاية العامة و الخاصة و لذا قال تعالي انما انت منذر و لكل قوم هاد فالنبوة هي الانذار و الولاية هي الهداية بالمعنيين اي الاراءة و الايصال الي المطلوب فخاتم النبوة هو المنذر و خاتم الولاية هو الهادي كما جاءت في الاثار الصحيحة بطرق متعددة عن النبي9.

و اما النبوة التشريعية فهي وساطة في الاحكام مما يقتضي كينونة العباد من حيث عبوديتهم ان‏تكون عليها لتدلّ علي بارئها و صانعها و تشهد له ببلاغ الحكمة و تمام الحجة و هذه قد تكون عامة و قد تكون خاصة اما الثانية فهي اذا كانت متعلقة باشخاص مخصوصين لاتتعدي عنهم الي غيرهم كما كانت نبوة ساير الانبياء سوي نبينا9 و نبوة نوح7و اما ماسواهما فمختصة باناس مخصوصين كما كان ابرهيم7مبعوثاً علي اربعين بيتاً و لوط مبعوثاً علي اهل المداين السبع و موسي7و عيسي7 فانهما

 

«* شرح القصيدة صفحه 90 *»

مبعوثان علي بني‏اسرائيل خاصة و هكذا ساير الانبياء و كان يتفق في زمان واحد انبياء متعددين كما ان بني‏اسرائيل قتلوا سبعين نبيّاً بين طلوع الفجر و طلوع الشمس و قتل كيخسرو ملك العجم كثيراً من الانبياء و هذا شي‏ء معلوم و اما العامّة فان‏تعمّ النبوة جميع الموجودات ممن يصلح لان‏يتعلق عليه التكليف من البالغ العاقل المختار و قد بيّنا في ساير اجوبتنا للمسائل و مباحثاتنا بالادلة القطعية من العقلية و النقلية ان كل شي‏ء من الجمادات و النباتات له شعور و ادراك و عقل علي حسب حاله و مقامه فيكون تكليفه علي حسبه اما سمعت اللّه سبحانه يقول و ان من شي‏ء الاّ يسبّح بحمده ولكن لاتفقهون تسبيحهم ولو كان تسبيحاً بالحال و الكينونة و دلالة الاثر علي مؤثره لما صحّ قوله لاتفقهون لان دلالة الاثر علي المؤثر و الحادث علي القديم و العاجز علي القوي و المعدم علي الغني من اوضح الواضحات بل من ابده البديهيّات فما بقي الاّ تسبيح خاص بشعور و اخلاص لايدركه عامة الناس و قوله تعالي انا عرضنا الامانة علي السموات و الارض و الجبال فابين ان‏يحملنها و اشفقن منها و حملها الانسان انه كان ظلوماً جهولاً و لا ريب ان الاباء و الاشفاق مع عدم العلم و الشعور كذب محض و زور صرف ينزّه كلام اللّه سبحانه و تعالي عنه مع عدم موجب علي تكلّف التجوزات و تجشّم الاستدلالات بانواع المجازات و قوله تعالي ثم استوي الي السماء و هي دخان فقال لها و للارض ائتيا طوعاً او كرهاً قالتا اتينا طائعين و لا ريب ان هذا الطوع يضادّ الكراهة بنص الاية و لاتكون الطاعة الاّ بشعور و علم كما تكون الكراهة كذلك انظر الي دقيقة قوله تعالي طائعين و الاّ لقال طائعات و قوله تعالي ظلالهم عن اليمين و الشمائل سجّداً للّه و هم داخرون و لم‏يقل و هي داخرة و قوله تعالي حكاية عن يوسف اني رأيت احدعشر كوكباً و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين و لم‏يقل رأيتها لي ساجدة و قوله تعالي و كل في فلك يسبحون و لم‏يقل سابحة و امثالها من الايات اذا تتبعتها في القرءان تجد اكثر من ان‏تحصي و اعلي من ان‏تستقصي و قد ذكر سيد الساجدين في الصحيفة يخاطب القمر ايها الخلق المطيع الدائب السريع المتردد في منازل التقدير الي قوله في كل ذلك و انت له مطيع و الي ارادته سريع الدعاء و روي عن النبي9 في دعائه لحمّي يا امّ‏ملدم ان كنت

 

«* شرح القصيدة صفحه 91 *»

امنت باللّه فلاتأكلي اللحم و لاتشربي الدم و لاتفوري من الفم و انتقلي الي من يزعم ان مع اللّه الهة اخري فاني اشهد ان لا اله الاّ اللّه وحده لا شريك له و اشهد ان محمّداً9عبده و رسوله و الاحاديث في هذا المعني كثيرة و لا داعي لتأويلها اذ لا احد يقول ان شعورها و علمها كشعور الحيوانات الظاهرة بحيث يدركهما كل احد حتي يكون العمل بظاهر اللفظ خلاف حسّ العقلاء فيجب ارتكاب التأويل و التجوز و بالجملة لسنا بصدد بيان هذه المسألة و شرحها و انما المقصود الاشارة الي نوعها.

فنقول اذا صح الاختيار فيصح الشعور فيصح التكليف فلابد من مكلف فوجب ان‏يكون علي كل موجود من الموجودات من جميع اصنافها و انواعها و اجناسها بجميع مراتبها و اطوارها نبيّاً منذراً و علماً هادياً يبيّن له ما يريد اللّه سبحانه من خلقه و من الاعمال و الافعال علي حسب مقتضي الكينونة الاعيانية و الكونية و الامكانية و لم‏يحظ بعموم هذه النبوة في جميع الازمان من مبدأ الوجود الي اخر مراتب الشهود الاّ محمّد9 فانه قد بعثه اللّه علي كافة الخلق نذيراً في التشريع لقوله تعالي تبارك الذي نزّل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و جعله نبيّاً علي الانبياء و اوجب عليهم الايمان به لقوله تعالي و اذ اخذ اللّه ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتاب و حكمة ثم جاءكم رسول مصدّق لما معكم لتؤمننّ به و لتنصرنّه قال ءاقررتم و اخذتم علي ذلكم اصري قالوا اقررنا قال فاشهدوا و انا معكم من الشاهدين و كذلك بعثه نبيّاً في التكوين لقوله تعالي ياايّها النبي انا ارسلناك شاهداً و مبشّراً و نذيراً و داعياً الي اللّه باذنه و سراجاً منيراً فاذا كان هو السراج المنير فيجب ان‏يكون كل ماسواه من اشعة انواره و عكوسات اثاره فهو النور الحق و النبي المطلق و كان نبيّاً و ادم بين الماء و الطين و عمّ حكمه كل الوجود في الغيب و الشهود فالانبياء تلقوا منه من وراء حجاب كما تلقّت الكواكب النور من الشمس في الليل من وراء حجاب الارض و لمّا كانت تحت الحجاب بدت الكواكب و ظهرت و تميزت باشخاصها و صفاتها و اثارها فلمّا ارتفع الحجاب و انكشف النقاب و طلعت الشمس منخلعة عن الجلباب غابت الكواكب و خفيت اشخاصها و انمحقت اضواؤها و انوارها فلا سلطان الاّ للشمس و لا برهان الاّ لها و لا عيان لغيرها و كذلك

 

«* شرح القصيدة صفحه 92 *»

الانبياء لمّا كانوا مستمدين من نور خاتم الانبياء9 من وراء حجاب الاصلاب و الارحام ظهرت الانبياء متميزة متشخصة باحكامها و اثارها و لمّا بزغت شمس النبوة المطلقة من افق الظهور غابت و خفيت و نسخت احكام الانبياء و لم‏يبق الاّ حكمه فهو الحاكم علي كل احد من الانبياء و غيرهم الاّ ان في الانبياء من وراء حجاب([96]) و في غيرهم بعد انقطاعهم بلا حجاب و اليه الاشارة بقوله9 علماء امّتي كانبياء بني‏اسرائيل بناء علي ان المشبه عين المشبه‏به فيكون المعني علماء امتي انبياء بني‏اسرائيل فالعالم امته و علماء امته الانبياء و انما خصّ بني‏اسرائيل لكثرتهم و شيوعهم و ظهورهم والاّ فجميع الانبياء من ادم و من تحته علماء امته و اليه الاشارة في قوله تعالي لمن يعقل و يفهم و يعرف لحن المقال و يشاهد حقيقة الحال و يعرف وضع كل شي‏ء في موضعه و هو قوله تعالي عباد مكرمون اي الانبياء اكرموا بالنبوة و الطهارة و العصمة و طيب الولادة و كمالات معنوية و صورية لايسبقونه بالقول يعني محمّداً9لدلالة الحال في لحن المقال و هم بامره يعملون في تكاليفهم و رسالاتهم و تبليغاتهم لانه اذا كان نبياً و ادم بين الماء و الطين فلانسخت نبوته و لا خصّت رسالته و هم بامره يعملون في جميع ما لهم و منهم و اليهم و عندهم يعلم ما بين ايديهم و ما خلفهم لانه قدسبقهم فهو قبلهم و بعدهم فهو الفاتح و الخاتم و المبدء و الوارث و لايشفعون الا لمن ارتضي محمّد9ارتضي دينهم و عرفه من امته و رعيته و كان معتقداً بنبوته لما اخبر من النبي المبعوث اليه ظاهراً فمن لم‏يكن هكذا في جميع الامم و الازمان فلاتناله شفاعة الشافعين لانهم كانوا عن التذكرة معرضين فمالهم من شافعين و لا صديق حميم و هم من خشيته مشفقون اي الانبياء من خشية مخالفة محمّد9مشفقون لانه باب اللّه و وجهه و مخالفته مخالفة اللّه من يطع الرسول فقد اطاع اللّه ، و من يقل منهم اني اله من دونه ان قالوا ذلك و ادعوا الاستقلال من دونه فقد ادعوا الالهية([97]) و الربوبية دون الاله الحق جل و علا من قوله تعالي أفرأيت من اتخذ الهه هويه و قوله7من استمع الي ناطق

 

«* شرح القصيدة صفحه 93 *»

فقد عبده فان كان الناطق ينطق عن اللّه فقد عبد اللّه و ان كان الناطق ينطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان  فاذا ادعوا الاستقلال بانفسهم و اعرضوا عن باب اللّه فقد اتخذوا انفسهم الهة من دون اللّه و قال اني اله من دون اللّه و من قال ذلك و فعل كذلك فذلك نجزيه جهنم و كذلك نجزي الظالمين الذين يضعون الاشياء في غير مواقعها بمخالفة محمّد9 الذي هو احمد الذي فرّق بينه و بين الاحد بالميم و اما نبوة نوح7 فهي و ان كانت عامة الاّ ان عمومها بالنسبة الي اهل زمانه لا في جميع الازمنة فانه من احد رعايا محمّد9خاتم النبيين و هو الشاهد عليه و دليله الي ربه و المهيمن علي ذلك كله.

تحقيق الهي: اعلم ان الرسالة قد تكون خاصة و الشريعة التي اتي بها الرسول9عامة و قد تكون كلتاهما عامتين اما عكس الاول فبان تكون الشريعة خاصة و النبوة عامة فلا تكون ابداً اما القسم الاول فكشرايع الستّ فانها عامة في جميع الخلق مع ان نبوة بعض حامليها خاصة كما ذكرنا في ابرهيم و موسي و عيسي و اما النبوة العامة الحاملة للشريعة العامة في زمانه فهي شريعة نوح7 و اما النبوة العامة الحاملة للشريعة العامة في كل الازمان و الامكنة فخاصة نبيّنا9دون غيره في جميع الاكوان و مغيبات الامكان بجميع الانحاء و الاطوار.

حكمة سماوية و حقيقة الهية: اعلم انه قد سبق منا ان محمّداً9واقف في مبدأ الوجود فهو اذ ذاك واحد مثال للاحد و الواو لفرق المرتبة و لمّا كان وجه الاحد و الواسطة فكان متبوعاً مطلقاً لا تابعاً فهو الواحد المتبوع الذي لايتبع احداً و لمّا سبح في بحر القدرة و بحر الجلالة و بحر العظمة و بحر الكبرياء و بحر الجمال و بحر العزّة و بحر الحيوة و بحر القيومية الي تمام اثني‏عشر بحراً الي تمام العشرين و تمّت سباحته في هذه الابحر التي هي شعب بحر الاحدية و خلجان طمطام يمّ الوحدانية قطرت منه مائة الف و اربعة و عشرون الف قطرة او لمّا ظهرت فيه حرارة نار الشجرة الزيتونة في رتبة الوساطة المقتضية للرطوبة عرق فبرز منه مائة الف و اربعة و عشرون الف رشحة عرق او لمّا تجلّي فيه النور المشرق من صبح الازل اشرق و اضاء فظهر من اشراقه و اضاءته مائة الف و اربعة و عشرون الف شعاعاً او لمّا كملت ذاتيته و تمّت كينونته فضل نوره فانقسم

 

«* شرح القصيدة صفحه 94 *»

بمائة الف و اربعة و عشرين الف قسمة و كل هذه الفقرات معناها واحد

عباراتنا شتّي و حسنك واحد   و كلّ الي ذاك الجمال يشير

و هذه الطبقة الثانية حيث انهم اقرب الاشياء الي المبدء و لا واسطة بين مبدء الحق و بينهم و لكمال قربهم اضمحلت انياتهم و ذهبت ماهياتهم فلم‏يبق فيهم الاّ وجه الحق و به كانوا واسطة بينه و بين الخلق فاستحقت تلك الرتبة اسم النبوة لكونها ظهرت علي مثاله و جرت علي شاكلته فجعل اللّه سبحانه و تعالي كل قطرة من تلك القطرات و رشحة من تلك الرشحات و ذرّة من تلك الذرّات و قبسة من تلك القبسات نبيّاً من الانبياء فكانوا بذلك متبوعين لا تابعين امرين لا مأمورين كما في قوله تعالي و ما ارسلنا من رسول الاّ ليطاع باذن اللّه.

و اما ظهورهم بهذا العدد الخاص فاعلم ان الكثرة و الوحدة انما تكونان علي مقتضي المرتبة و اقتضائها و مقتضي تعلق الايجاد و قابليته و لمّا كانت رتبة الانبياء رتبة ثانية فهنالك يعتبر امران احدهما ملاحظة الرتبة من حيث هي و الثاني ملاحظة وجود اهلها في انجعالها و انفعالها عن الاختراع فباللحاظ الثاني يحصل اربعة و عشرون مرتبة لان جهة الكثرة في التعين الثاني اعظم و اكثر و لمّا كان حدود التعين و جهاتها لاتكون اقل من الستة و هي الكمّ و الكيف و الجهة و الرتبة و الزمان و المكان و كل من هذه الستة لايتحقق الاّ في اربع طبايع فاذا لاحظت حدود التعين في الطبايع الاربع كان الحاصل اربعة و عشرين و باللحاظ الاول تحصل مائة لان العشرات اذا لوحظت في نفسها تكون مائة و هذا اللحاظ باعتبار وجود العوالم العشرة في العوالم العشرة لتمام الشي‏ء مشروح العلل مبيّن الاسباب و هي عالم الامكان الراجح و عالم الوجود المقيد و عالم العقل و عالم الروح و عالم النفس و عالم الطبيعة و عالم المواد و عالم المثال و عالم الاجسام و عالم الاعراض و في كل من هذه عشرة عوالم عالم القلوب عالم الصدور عالم التعقل عالم العلم عالم الوهم عالم الخيال عالم الفكر عالم الوجود الثاني و هي الحرارة الغريزية و عالم الحياة و عالم المركبات فتمّت المائة بمراتبها الكلية الاولية فلمّا جمعنا هذه المراتب مع مراتب حدود التعين فصار الحاصل مائة و اربعة و عشرون و لمّا كان عالم

 

«* شرح القصيدة صفحه 95 *»

الانبياء عالم الربوبي و هم الربانيون كان الواحد في مقامهم الفاً بالقياس الي غيرهم علي ما ذكرنا في العرش فاقتضي ان‏يكون عددهم مائة الف و اربعة و عشرين الفاً كل واحد ظهر فيه جهة من جهات هذه المراتب و اثارها و احكامها فبالمجموع تمّت المراتب فكان كل نبي حامل اسم من الاسماء الخاصة بمقامه و مرتبته و لمّا كانت هذه المرتبة بكثرتها و جمعيتها للاسماء رشحة من رشحات بحر النبوة المطلقة كان الحامل لتلك الرتبة و هو خاتم الانبياء جامعاً حاوياً لجميع الاسماء و الصفات و حائزاً لجميع مظاهر الرحمانية مما ظهرت في رتبة الانبياء فكان حاملاً للاسم الاعظم الاعظم الاعظم و ذاكراً بالذكر الاجلّ الاعلي الاعلي الاعلي و جميع الكمالات التي في مقامات الانبياء([98]) ذرة من ذرات نور وجوده و قطرة من رشحات بحر جوده فاذا نسب الشي‏ء اليه و ان كان في مقام الرعية بحيث حكي مثاله فظهرت عنه افعاله كان له الرتبة العليا علي كل ماعداه فحينئذ فقول الناظم نشرت ففاح من النبوة نشرها اثبات لاستعلائها في جميع الكمالات التي ظهرت من نشر تلك التحفة و الهدية و ظهور طيبها و نشرها في كافة الموجودات و تعطّر مشامّها من طيبها و لمّا كانت العوالم مترتّبة([99]) و المقامات متطابقة و هذه التحفة قد نزلت من الخزينة العليا الي ان وصلت الي هذه الرتبة المحسوسة كان نشرها في ثلثين عالماً و قد استنشق اهل تلك العوالم من حسن طيبها و رائحتها ما لم‏يجدوا نوعها عندهم فسكرت فصحت في سكرها و سكرت في صحوها و خرّت مغشية عليها عند ظهور طيبها فتقوّت بذلك مشامّها و مداركها فاول تلك العوالم عالم الجبروت عالم العقول فلما نشرت تلك الهدية في اعلي مرتبتها هناك استنشقت مشامّ روح‏القدس منها و امتلأت من شذا طيبها فخرّ مغشياً عليه فلمّا افاق زاد اللّه سبحانه في قوته و نوره و بهجته و كماله ما لاتسعه الدفاتر و لاتتحمل ذكره الضماير ثم في العالم الثاني عالم الارواح فلمّا نشرت هناك و فاح نشرها فعل بالروح من امر اللّه ما ذكرناه في الروح‏القدس ثم في العالم الثالث في الجنة التي سقفها عرش الرحمان بجميع مراتبها من

 

«* شرح القصيدة صفحه 96 *»

حورها و قصورها فلما نشرت ففاح من النبوة نشرها و ظهرت لاهل الجنة مقاماً من اللذّة و السرور ما نسوا ما كانوا يجدونها من نعيم([100]) الجنة قبلها ولو شئت لشرحت لك بعض تلك اللذّات و لاسمعتك من تلك النغمات ولكنّي الان في شغل عن ذلك لعادة الناس بغير تلك اللذات ثم في العالم الرابع في الكثيب الاحمر علي جبل الياقوت فظهرت فيه و اظهرت من القوة و النور ما لم‏يكن عندهم قبل ذلك ثم في العالم الخامس في البحر الابيض ثم في العالم السادس في البحر الاخضر في الجزيرة الخضراء و الجزائر الخُضر التي في تلك النواحي من اهل الملأ الاعلي ثم في العالم السابع وراء جبل قاف في تسعة و ثلثين عالماً الموجودة في تلك الوادي ثم في العالم الثامن في بلد بسم اللّه الرحمن الرحيم و بهجة الملك وحدائيل بجنوده و اعوانه من الملائكة الذين لايحصيهم الاّ اللّه و استنشقت مشامّه من تلك الروايح الطيبة و انسته و جنوده كل شي‏ء سواهم ثم في العالم التاسع عالم العرش من محدبه الي مقعره في اركانه و حملته و نشرت هناك ففاح من النبوة نشرها ففعل بهم ما تقدم ذكر نوعه ثم في العالم العاشر عالم الكرسي ثم في العالم الحادي عشر عالم البروج و المنازل و الكواكب و الملائكة الحاملين فاستنشقت مشامّهم بتلك الرائحة العطرة الطيبة فازدادوا و تقوّوا لذكر اللّه ثم في العالم الثاني‏عشر عالم فلك المشتري بظاهره و باطنه بحامله و تدويره([101]) و الملائكة الحاملين له و المقيمين فيه ثم في العالم الثالث‏عشر عالم فلك المريخ من محدبه الي مقعره مع ما يشتمل عليه من الافلاك الجزئية و الدوائر ثم في العالم الرابع عشر عالم الشمس محل البيت المعمور بافلاكها و مراتبها ثم في العالم الخامس عشر عالم فلك الزهرة بمقاماتها ثم في العالم السادس عشر في عالم فلك عطارد بالحاملين و المقيمين و التدوير([102]) ثم في العالم السابع‏عشر عالم فلك القمر بافلاكه و جوزهرّه ثم في العالم الثامن‏عشر عالم الكرة الاثيرية بمراتبها و ساكنيها ثم في العالم التاسع‏عشر عالم الهواء بمراتبه الاربعة ثم في العالم العشرين عالم الماء بمراتبه من البحر المحيط و الابحر المنشعبة منه و الحيتان

 

«* شرح القصيدة صفحه 97 *»

المتكوّنة منه و ساير ما في البحر من الحيوانات و النباتات و الجمادات ثم في العالم الحادي و العشرين عالم الارضين السبع بطبقاتها و اطرافها و جهاتها و اهاليها ثم في العالم الثاني و العشرين عالم الجماد مبدء الاستعداد ثم في العالم الثالث و العشرين عالم النبات باشجارها و اثمارها ثم في العالم الرابع و العشرين عالم الحيوان باجناسها و انواعها و اشخاصها ثم في العالم الخامس و العشرين عالم الجن باطوارها و اختلاف احوالها و طبقاتها ثم عالم الملائكة من المقربين و الكروبيين و العالين و ساير انواعها من المدبرات و المقسمات و المعقبات و ساير ملائكة الارضين و السموات من المسبحات و غيرها ثم في العالم السادس و العشرين عالم الانسان مقام الرعية بمراتبهم و اطوارهم و غيبهم و شهادتهم ثم في العالم السابع و العشرين مقام الانبياء علي نحو ما وصفنا لك سابقاً من اولي‏العزم و اولي‏الشرايع و غيرهم من المرسلين و الغيرالمرسلين ثم في العالم الثامن و العشرين مقام الانسان الكامل الجامع مقام البشرية في الحقيقة المحمّدية في مقام انما انا بشر مثلكم و مقام و للبسنا عليهم ما يلبسون و مقام قد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتّم ثم في العالم التاسع و العشرين عالم([103]) الاسماء و الصفات المربية لتلك المراتب و المدبرة لتلك الذوات ثم في العالم الثلثين عالم الهوية الانسانية و الحقيقة الالهية و المثال الملقي و المثل الاعلي و في كل هذه العوالم نشرت تلك الهدية المشرفة ففاح نشرها و طيب شذاها و بلغت الي كل احد و استنشقت منها مشامّ كل موجود في كل علي حسبه لان نشر طيبها من النبوة و هي النبوة الاحمدية التي كل شي‏ء دونها و تحت رتبتها فاذا ظهرت اخفت و اذا اخفت تلقّت الاشياء منها مايناسب مرتبتها و محلها و لعلّك ما استنشقت من تلك الروائح و ما شممتها حين نشرت لك تلك التحفة و الهدية و ليس ذلك الاّ لضعف في قوتك الشامّة و فتور في حاسّتك العامّة كما لاتسمع صرير الاقلام و صوت خفقان الاعلام فاذا ان اوان قوله تعالي لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد تظهر تلك الرائحة و تسمع تلك

 

«* شرح القصيدة صفحه 98 *»

الاصوات و تفهم تلك اللغات و تري تلك المعالم و المشاهد و هي قدتكون في الدنيا و قدتكون في البرزخ و قدتكون في الاخرة وفقنا اللّه و اياكم لنيل الدرجات العالية و الصعود الي اقصي المقامات السامية. فعلي ما وصفنا لكم من نشرها و انها من نشر النبوة و وصفنا بعض مقاماتها فتعلم بذلك انه مايقاس بذلك طيب من طيب الدنيا و الاخرة و الجنة و مقاماتها فاذن ما المسك ما نفحاته ما الصندل و كذا غيرهما لانها تولدت من تأليف العناصر و ذلك الطيب نشر من محل يكون كل الخلق عن ادراكه قاصراً و اين الثريا من يد المتناول ولو كان لي مجال و للقلب اقبال لذكرت لك من حقيقة المسك و الصندل من مبدء وجودهما الي منتهي مقام شهودهما و كل ما يتعلق بهما مما شاهدناه عند السير في عوالمهما ولكني في واسع العذر و نسأل اللّه الحفظ و الستر فاذا كان كذلك فمن اعطي هذه الهدية الفاخرة الطيبة فقد اعطي ما لم‏يعط به احد.

و لمّا كان قميص يوسف7 لمّا ارسله الي يعقوب من اظهر الافراد ففي المقام([104]) خصّهما بالذكر فقال سلّمه اللّه تعالي:

اعطيت ما لم‏يحظ يعقوب به   اذ جاءه بشذا القميص الشمأل

اقـول: معني هذا البيت ظاهر فان القميص الذي بعثه يوسف الي يعقوب8انما اكتسب الطيب باتصاله بيوسف و ادرك ذلك الطيب يعقوب في كنعان و بينهما من المسافة اثني‏عشر يوماً لمّا فصلت العير ولو كانت المسافة اكثر من ذلك بمراتب كثيرة لادرك يعقوب ذلك الطيب لقوة الرائحة و شدة الاتصال لمحض هذه النسبة و لمّا كان يعقوب و يوسف8 وجهاً من وجوه خاتم الانبياء و كان القميص اكتسب الطيب من ظاهرية بدن يوسف7 كان الطيب المكتسب من قبر النبي9 المجاور لقبره الشريف مدة متمادية اعظم و اعظم و اعظم فحينئذ لايقاس شذا القميص بشذا الستر بل لا نسبة بينهما فان جعل شذا القميص يعقوب بصيراً و فتح عين بصره فقد جعل شذا هذا الستر المدركين له و الناظرين اليه بعين الحقيقة بصيراً و فتح عين قلبهم و سرّهم اذا قادهم

 

«* شرح القصيدة صفحه 99 *»

التوفيق و وفّقهم التسديد فاين ما يورث النور للبصر مما يورث نور البصيرة و هذا الكلام انما هو من باب المثال اذ لم‏يظهر تأثير من اكتساب الطيب بمجرد المجاورة العرضية مثل ما ظهر ليعقوب من قميص يوسف7 والاّ فجميع من حظي لشي‏ء من الاشياء للنسبة العرضية لم‏يحظ كما حظي سيدناالمعظّم موسي الكاظم بهذا الستر المكرّم المجاور لقبر النبي المفخم9 و اما قصة يعقوب و يوسف فهي مشهورة معروفة لا حاجة لنا الي ذكرها اذ قصدنا ان‏نذكر ما لم‏يذكروا و نسطر ما لم‏يسطروا و نشرح ما لم‏يعثروا عليه من خفيات المطالب و عجائب المراتب و اما قصة يعقوب و يوسف و التعرض لذكر الشمال و الجنوب و الصبا فليس من شأننا لانها مذكورة في كتب القوم موجودة عندهم و يعقوب انما سمي يعقوب لانه جاء الي الدنيا عقيب عيص فعيص و يعقوب كلاهما من ولد اسحق بن ابرهيم و الانبياء بعده كان اكثرهم من نسل يعقوب و هم انبياء بني‏اسرائيل لان يعقوب7 كان يسمي اسرائيل بمعني العبد في اللغة السريانية و العيص كان منه الروم اسم ابن له و كان لونه اصفر فبنو الاصفر كلهم من نسل عيص و اما يوسف فالظاهر انه مشتق من الاسف لاسف ابيه عليه اما سمعت اللّه سبحانه يقول فتولّي عنهم و قال يا اسفي علي يوسف و ابيضّت عيناه من الحزن و لاسفه علي فراق ابيه حين كونه في الجبّ و كونه مملوكاً في مصر و كونه مقيّداً في السجن الي ان اجتمع معه لمّا كان عزيزاً في مصر و لاسف كل من يراه عليه عند فراقه لكمال حسنه و اعتدال قامته و جودة تركيبه و كل من ينظر اليه لايحبّ مفارقته فاذا فارقه يأسف عليه فقد روي عن النبي9مرسلاً ان اللّه سبحانه خلق الحسن مائة جزء و جعل في يوسف تسعة و تسعين جزء و قد سدّ جوع اهل المصر بالنظر اليه ستة اشهر كان يقعد علي نشز من الارض و يأذن الناس للنظر اليه صباحاً و مساءاً و كان ذلك قوتهم في يومهم و ليلتهم فكيف لايأسف من يفارق هذا الحسن الفايق فهو يوسف علي([105]) كل حال.

و اما الشمأل فانه اسم ملك من الملائكة الموكل بالريح التي تهبّ من تلك الناحية

 

«* شرح القصيدة صفحه 100 *»

كالجنوب و الصبا و الدبور و مقرّ هؤلاء الملائكة في الركن اليماني من الكعبة فالشمال من جنود عزرائيل و هو بارد يابس و الجنوب من جنود اسرافيل و هو حارّ رطب و الصبا من جنود ميكائيل و هو بارد رطب و الدبور من جنود جبرائيل و هو حارّ يابس و هؤلاء الاربعة حملة الفيوضات النازلة من الملائكة الاربعة حملة العرش فكل ملك من هذه الملائكة ناظر الي ركن من اركان العرش فاذا اقتضت المصلحة في العالم بهبوب الريح من جهة خاصة يأمر الملك الحامل لذلك الركن من العرش المتعلق به من الملائكة الاربعة فيأمر احد الاربعة ان‏يحرّك الهواء من الناحية المنسوبة اليه جنوباً كان ام شمالاً ام صبا ام دبوراً و قد ذكرنا في شرح الخطبة الطتنجية لسيدنا و مولينا اميرالمؤمنين7 ما يتعلق بهذه الرياح الاربعة علي طريقة اهل الكشوف و الاسرار السالكين مسالك الانوار بما لا عين رأت و لا اذن سمعت و لا خطر علي قلب بشر سوي بشر روحانيين و علماء ربانيين.

فلمّا ذكر الناظم ايّده اللّه بتوفيقه بعض مزايا هذا الستر الشريف و الحجاب المنيف و مقاماته بالاجمال و فصّلنا نحن بعض ذلك الاجمال بالاجمال و اما في التفصيل فقد اتي بقليل من كثير اذ كل ما يصفه الواصفون و ينعته الناعتون بكل مجهودهم قليل و قد اكتفي بالاشارة تنبيهاً لاهل العبارة ثم اخذ في وصف المهدي اليه و حيث انه من شجرة طيّبة اصلها ثابت و فرعها في السماء جمع الاصل و الفرع و الاغصان و الافنان فخاطبهم و قال سلّمه‏اللّه تعالي:

طوبي لكم من وارثين فقد غدت   اثار جدّكم اليكم تنقل

اقـول: انما اتي بضمير الجمع زايداً علي ماذكر لان الاولاد كلهم جزء من حقيقة الوالد فهم متحدوا النسبة من جهة هذه الجزئية فما يصل اليهم من جهة الوراثة من الاب و الجدّ فكلهم في ذلك سواء و اما ما اكتسبوا لانفسهم بانفسهم من خصوصيات نشأتهم فربما يختلفون في ذلك الاتصال فيختصّ كل بما كسبت يداه و اما ما استحقوا من الجهة الجامعة فهم فيه واحد فالجمع بحكم المفرد و المفرد بحكم الجمع بلا اختلاف و اما الوارث فهو الباقي بعد مورثه فحينئذ لايصحّ ان‏يكون الوارث الاّ اعلي من المورث او

 

«* شرح القصيدة صفحه 101 *»

مساوياً له في الطبقة او تابعاً له تبعية([106]) البدل و اما اذا كان اثراً مستمداً منه متقوماً به منحطّاً عن درجته الذاتية بحيث يكون استمداده من عكسه و ضدّه فلايصح ان‏يكون وارثاً لان الاثر لايبقي بعد المؤثر و المستمد لايبقي بعد وجود الممدّ حتي يكون وارثاً له و مستحقاً لبقيته اذ بانعدام المؤثر في كل مرتبة ينعدم اثره فلايكون الوارث الاّ اعلي منه او مساوياً له كما جعل سبحانه في الارث الظاهري التشريعي كذلك فان الوارث هو الاب و هو الاعلي و الامّ كذلك و الاخوة هم المتساوون له و الاعمام اخوة الاب مساوون له و اعلي من المورث بمرتبة و الاخوال اخوة الامّ مساوون معها و الزوج و الزوجة متقارنان متساوقان لهما رتبة واحدة و ان كان الزوج اعلي لكن الزوجة خلقت من نفسه و السلطان العادل اعلي من الكل و المولي المعتق لوجه اللّه كذلك و ضامن الجريرة مساوٍ و هؤلاء هم اهل الارث و قد عرفت حالهم و اما العبد الحاكي مقام الاثرية في الصورة الظاهرة فلا ميراث له لانه الاسفل و الكافر سواء كان مرتداً فطرياً او ملّياً او كافراً اصليّاً لا ميراث له و كذلك القاتل كولد الملاعنة و امثالهم لانحطاط درجتهم و مرتبتهم في النور و الظلمة فلايرثون ابداً بحال من الاحوال و حيث ان الوارث يجب ان‏يكون عالياً قال اللّه تعالي كنّا نحن الوارثين و قال تعالي و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر انّ الارض للّه يرثها عبادي الصالحون و بهذا المعني يقال للنبي9انه وارث الانبياء بمعني([107]) الباقي بعد فنائهم و المالك لما بقي من اثارهم مما استعاروا منه9 و انه وارث التورية و الانجيل و الزبور و انه وارث علم الاولين و الاخرين و امثال ذلك من العبارات فالوارث هو الخاتم الباقي بعد الكل و الخاتم هو الباقي بعد فناء الاشياء لانه وجه اللّه الذي به يتوجه الاولياء و اما المساوي لبقاء الحقيقة في تعين بعد ازالة التعين الاخر و ظهور تعين اعلي و اسفل كالاخ فانه يرث اخاه فالكرسي وارث العرش([108]) انتهت اليه جميع اثار العرش و اطواره و الفيوضات المخزونة فيه في مقام التفصيل كل ذلك انتهي اليه و السموات ورثة العرش و الكرسي بانتهاء اثارهما و احكامهما و امداداتهما اليها.

 

«* شرح القصيدة صفحه 102 *»

فاذا فهمت و اتقنت ما ذكرنا عرفت سرّ مااودع الناظم ايّده اللّه بتوفيقه في هذا البيت الشريف من جوامع الاسرار و حقيقة الانوار و اثبت مقاماً لال‏محمّد الاطهار تعجز عنه العقول و الافكار بقوله وارثين اذ الوارث علي ما هو المعروف ليس الاّ العالي او المساوي في الحقيقة و ان تفاوتت و اختلفت بحسب الصفات الخارجة العرضية فاهل البيت لايصح ان‏يكونوا اعلي من جدّهم9 لقيام الاجماع و دلالة الكتاب و السنة علي ذلك و ليسوا من شعاعه و اثره لان الوارث لايكون من الشعاع و الاثر فما بقي الاّ ان‏يكونوا مساوين معه في مقام الجمع لان الولد جزء للوالد و الجزء من سنخ الكل لامحالة و ان كانت الجامعية للكل و الجزء قطعة من الكل و وجه منه لكنّه من سنخه و حقيقة ذاته و لطيفة سرّه و شقيق نوره و لذا قال تعالي في اية المباهلة ما قال من قوله تعالي قل تعالوا ندع ابناءنا و ابناءكم و نساءنا و نساءكم و انفسنا و انفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة اللّه علي الكاذبين و ذكر الفاضل جار اللّه الزمخشري في تفسير الاية الشريفة ما ذكر مما هو معلوم لمن راجع تفسيره و رأي تحقيقه و من لم‏يعلم فليرجع اليه فاذا كانوا مساوين معه9في الرتبة الذاتية و لم‏يظهر منهم ما ينافيه9 في الرتبة الافعالية و الاقوالية و الجوارحية فما يثبت له من معالي الاخلاق ثابتة لهم سلام‏اللّه عليهم و اليه يشير قول النبي9 حسين منّي و انا من حسين و قوله9 الحسن و الحسين سيّدا شباب اهل الجنة و ليس في الجنة الاّ شباب فلولا قوله9 و ابوهما خيرٌ منهما شمل الكل و حيث انهما و ابوهما ليسوا باعلي من رسول اللّه9 فيكونوا مساوين له في الرتبة الذاتية في الجهة الجامعة و ان كان خاتم الانبياء افضل منهم في مقام التفصيل عند الفرق فقد ورثوا من محمّد9كل كمال و كل جمال و كل صفة كمالية مما احاط به الامكان و كل علم اوحي اللّه الي رسوله9 و كل قدرة اقدره عليها و كل فضل فضّله به و بالجملة كل خير اقتضته النبوة المطلقة فهم ورثوه لانهم اهل بيت النبوة و كل نور اقتضته الولاية المطلقة فهم ورثوه و كل تصرف و تدبير اقتضته السلطنة العامة فهم ملكوه كل ذلك وراثة من النبي المكرّم و السيّد المعظّم9 فهم الف حين كونه نقطة فهم ورثوا النقطة من الهوية المطلقة و ورثوا الالف اللينية من النقطة و ورثوا الحروف العاليات من

 

«* شرح القصيدة صفحه 103 *»

الالف و ورثوا الكلمة التامة من الحروف و ورثوا الدلالة الظاهرة في كل الامكان من الكلمة و ورثوا شجرة الخلد من الدلالة الكلية و ورثوا شجرة طوبي من شجرة الخلد و هي شجرة في الجنة اصلها في دار اميرالمؤمنين7 و ليس في الجنة بيت الاّ و فيه غصن منها و ورثوا السدرة المنتهي من شجرة طوبي و ورثوا الجنة المأوي من السدرة المنتهي و ورثوا منها جميع الروحانيين بجميع الكمالات و جميع المعاني و جميع الصور الحسنة بل جميع الخيرات كلها فهذه هي الوراثة المطلقة الحقيقية و اليه يشير الناظم ايّده اللّه بتوفيقه اثار جدّكم اليكم تنقل و ماذكرنا كله من اثار جدّهم قد نقلت اليهم اما سمعت اللّه سبحانه يقول انظر الي اثار رحمة اللّه كيف يحيي الارض بعد موتها فرحمة اللّه هو رسول اللّه9لقوله تعالي و ما ارسلناك الاّ رحمة للعالمين و العالمون كل([109]) ما سوي اللّه فاذا ثبت انه9 هو الرحمة المطلقة العامة الشاملة ثم ذكر سبحانه ان اثار هذه الرحمة حياة الارض بعد موتها فلمّا حصر سبحانه اثار الرحمة بما ذكر علمنا ان الارض لايراد بها خصوص الارض السفلية الجسمانية لان الاشياء كلها بالرحمة وجدت و بها نشأت و منها تحققت و اليها عادت لاستواء الرحمن برحمته الواسعة علي العرش و اعطائه كل ذي‏حق حقه و سوقه الي كل مخلوق رزقه فالرحمة عامة و لذا كانت خاصة فاذا كانت تلك‏ا لرحمة العامة الواسعة رسول اللّه9 فكيف يكون اثارها محض حياة هذه الارض بعد مماتها و انما المراد بالارض ارض الامكان و النون في كلمة كن الجامعة لجميع الاعيان و الحياة تعلق الكاف بالنون و غيبة الواو في البين فاذا حييت العلة حييت المعلولات فاذا تمّت الكلمة و ائتلفت الفرقة اي فرقة الحروف العاليات الكونية ظهرت الدلالة و هي فيكون عند قوله تعالي كن فافهم و لاتكثر المقال فان العلم نقطة كثّرها الجهال.

فجميع اثار الرحمة هي الحيوة و الحيوة هي الوجود لان الفقد و النقص موت و انعدام فتكون هذه الحياة فاقدة النقصان و الفقدان و هي حياة ابدية سرمدية باقية دائمة

 

«* شرح القصيدة صفحه 104 *»

لانها من عند اللّه و ما عندكم ينفد و ما عند اللّه باق و تلك الاثار التي هي الكمالات([110]) كلها و الاسماء الحسني باسرها و الكلمات التكوينيات الطيبة كالتدوينيات بحذافيرها نقلت الي الوارثين الذين منهم سيدنا المعظّم موسي الكاظم عليه الصلوة و السلام و انما قال سلّمه اللّه تعالي تنقل بفعل المضارع الدالّ علي التجدد و الحدوث دون الماضي الدالّ علي الدوام و الثبوت لبيان ان تلك الاثار لم‏تزل تتجدد شيئاً فشيئاً اناً فاناً تظهر من الخزائن الغيبية و تكمل و تتمّ محفوفة بالانوار القدسية فتنقل اليهم لان فيضه تعالي برحمته يفاض علي الموجودات و لا تعطيل للفيض و لا نهاية لتلك الرحمة و لا حدّ لانحاء التجليات في اطوار التعينات و هو السرّ في قوله تعالي كن فيكون و لم‏يقل كن فكان لتجدد تلك الاطوار و القابليات و عدم التحقق و الاستقرار و العطاء من الخزائن الغيبية في كل الاحوال كما قال تعالي في الحديث القدسي كلّما رفعت لهم علماً وضعت لهم حلماً ليس لمحبتي غاية و لا نهاية و هو قوله تعالي أفعيينا بالخلق الاول بل هم في لبس من خلق جديد و لهذه النكتة الجليلة([111]) عبّر سبحانه في اية التطهير بلفظ المضارع دون الماضي لبيان ثبوت الطهارة و استمرارها متجددة اناً فاناً في الحال و الاستقبال لاتنقطع عنهم موادّها و لم‏تزل تتجدد عليهم اثارها من المتصلات و المنفصلات كما هو سرّ الامكان و سرّ الظهور و التجلي باطوار الاعيان كما لايخفي علي من له عينان و اذنان.

عود في التحقيق بطور دقيق انيق: اعلم ان ال‏محمّد: اصحاب الولاية الباطنة و السلطنة العامة ورثوا من فخرهم و سيدهم خاتم الانبياء جميع الشرف من العلم و الخير اما العلم فاطواره كثيرة لاتحصي و لاتستقصي و نشير الي انموزج منها فنقول انهم ورثوا من جدّهم خاتم الانبياء9 علوماً لايحصي ادني مراتبها و مقاماتها منها علم المحبة و علم المودّة و علم الخلّة و هذه الثلثة و ان كان ربما يتوهم اتحادها او تقاربها و هو كذلك عند اهل النظر الظاهر ولكن عند اهل الحقيقة بينها فرق بيّن و تفاوت فاحش و كل واحد منها مشتمل علي موضوع و محمول الذي هو العوارض الذاتية و مسائل و احكام

 

«* شرح القصيدة صفحه 105 *»

لاتشبه بعضها بعضاً فاين الحبّ من الوداد و هما من الخلّة ولو كان لقلمي مداد و في قلبي استعداد لاظهرت في هذا المقام من مستجنات الفؤاد ما يوصلك الي المراد ولكنّ الجور قد مدّ باعه و اسفر الظلم قناعه و دعي الغي اتباعه فلبّوه من كل جانب و مكان فيجب علينا ان نصمت كما صمت اباؤنا الكرام و امناء اللّه علي الاعيان و الاكوان و هذا الكلام فيما نذكره عند تعداد العلوم مما يتوهم الاتحاد و منها علم الوصال و علم الاتصال و علم الوحدة و علم الاتحاد و علم الاجتماع و علم الاقتران و علم الجمع و علم جمع الجمع و علم الاجمال و علم الاطلاق و علم الانبساط و علم الكينونة و علم الجامع و علم البيان و علم المعاني و علم الكيان و علم الاكوار و علم الادوار و علم الاسرار و علم الانوار و علم التفرقة و علم الاسماء الحسني و علم الامثال العليا و علم الكبرياء و الالاء و علم الاذكار من قوله تعالي بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون و علم الاطوار من قوله تعالي مالكم لاترجون للّه وقاراً و قد خلقكم اطواراً و علم الحيوة في الممات و علم البقاء في الفناء و علم النعيم في الشقاء و علم العزة في الذلّ و علم الصحو في السكر و علم التمكين في التلوين و علم العلم في الجهل و علم المعرفة في الانكار و علم الرفعة في الضعة و علم القرب في البعد و علم الظهور في الخفاء و علم الاعلان في الاسرار و علم الانوار في الظلمات و علم روابط الانّيات وعلم النسب و الاضافات و علم المحور و الدوائر و الكرات و علم الاحدية و علم الواحدية و علم الرحمانية و علم الاستواء و علم المستوي و علم المستوي (اسم المفعول) و علم التجلي و علم المتجلي و علم المتجلي‏له و علم الظهور و علم الظاهر و علم المظهر و علم البطون وعلم الباطن و علم الغيب الاول و علم الغيب الثاني و علم الغيب الثالث و علم المكاشفة و المشاهدة و علم الكشف و الشهود و علم المعاينة و العيان و علم الوجوب الظاهر في الامكان و علم الامكان و علم النقطة و علم الالف و علم الحروف العاليات و علم الكلمة التامة و علم الدلالة العامة و علم الفعل و علم الاسم و علم الحرف و علم التصرفات الفعلية و علم الانفعالات الاسمية و علم الحوامل الحرفية و علم مراتب البينونة و علم الفرقان بعد علم القرءان و علم التفصيل بعد علم الاجمال و

 

«* شرح القصيدة صفحه 106 *»

علم العرش الاعظم و علم الكرسي الاقدم و علم الافلاك في العالم الاول لاول ادم و علم اللاهوت و علم الماهوت و علم الجبروت و علم الملكوت و علم الملك الناسوت و علم الالهي العام و علم الالهي الخاص و علم التقدم و التأخر و علم الكثرة و علم الحجب و علم السرادقات و علم اللواء و علم الاركان و علم التركيب و علم الهيئات و علم الصور و علم الصفات و علم اللاتعين و علم التعين و علم اللاكيف و علم الكيف و علم الكيفوفة و علم العلل و علم المبادي و علم الامثال الملقاة في هويات الاشياء و علم جهات التعينات و علم روابط العلويات بالسفليات و علم الجواهر و الاعراض و علم الضمّ و الاستنتاج و علم الاستيداع و الاستقرار و علم الناطقات و علم الصامتات و علم العلايق المعبّر عنها بالسحب المكفهرّات و علم مبادي المعاصي و السيئات و علم اقسام الموجودات في الاجابات و علم علة الاختلاف في الصور و التعينات و علم المشوب و علم الصرف البحت الباتّ و علم المنقطعات و علم الثابتات و علم السواكن و علم السيارات و علم الجوامد و علم المشتقات و علم ان ليس في الامكان جامد و علم سريان الاشتقاق في جميع الذرّات و علم النعم و علم الابتلاءات و علم المحن و علم الاختبارات و علم الجوامد و علم المايعات و علم المركبات المطهرة المقبولة و علم المركبات المسخوطات و علم تجلي الذات و تجلي الاسماء و الصفات و علم النقطة التي كثّرها الجهال و علم مبدء الادبار و الاقبال و علم السرّ و ظهور الاغيار و علم اختلاف الليل و النهار و علم تسبيح كل شي‏ء من الظلمات و الانوار و علم الفقر و الغناء في الاطوار و علم الموت و الحيوة في جميع الاكوار و الادوار و علم الرحمة بطبقاتها و علم الغضب بدركاته و علم سبق الرحمة بالغضب و علم الجنة و النار في جميع العوالم في جميع الاحوال و علم الادبار و الاقبال و علم الوصال و الفراق و علم الدالّ و المدلول و علم الشاهد و المشهود و علم الكتاب و المكتوب و علم اللوح و القلم و علم اللفظ و المعني و علم الحقيقة و المجاز و علم المجاز في الحقيقة و علم الحقيقة في المجاز و علم الاشتراك و علم الامتياز و علم النقل و الارتجال و علم الحروف و الاعداد و علم النجوم و الافلاك و علم الاراضي و الطبقات و علم العناصر و المتولدات و علم

 

«* شرح القصيدة صفحه 107 *»

الجماد و النبات و علم اختلاف المعادن و سرّ تباين انواع النباتات و الجمادات و علم المرايا و المناظر و علم تطهير الذوات النازلة المتكدرة بازالة الاوساخ و علم الصناعة الفلسفية في توليد المولود الكريم الذي يهزم الصفوف و لايكترث بالالوف و علم الهندسيات و علم الطبيعيات و علم سائر الاسرار المستودعات في اطوار الارضين و السماوات و علم احوال الكلام و علم استنطاق الاعجام و علم اختلاط النور و الظلام و علم الاخفاء و الابهام و علم مراتب الاعراض و علم مقامات الجواهر و علم الميزان و علم المشاعر و المدارك و علم التطبيق و علم الفارق بين الحق و الباطل و علم مقتضيات الكينونات و علم كيفية توجه الموجودات بظواهرها و بواطنها الي خالق المخلوقات و بارئ النسمات و علم الافعال و الاعمال و علم الحركات و السكنات و علم الجوازم و المرفوعات و علم العوامل المنصوبات و ساير العلوم و الاطوار مما لم‏ينطق باكثرها فمي و لم‏يجر بها قلمي و ما ذكرنا و ما لم‏نذكر من مستودعات السراير و مستجنات الضماير من العلوم التي لا حصر لعددها و لا نهاية لامدها و كل ما يترقي الاولياء من الرعية بانحاء ترقياتهم في العلوم مما يدركونها في الدنيا علي جهة الترقي و ما يدركونها في البرزخ في درجات جنة الدنيا و مراتبها و ما يدركونها في القيمة عند شربهم من عين الكافور و ما يدركونها عند شربهم من عين السلسبيل التي مزاجها زنجبيل و ما يدركونها عند تناولهم من كبد الثور و عند تناولهم من كبد الحوت و عند وقوفهم علي الكثيب الاحمر و علي الرفرف الاخضر و مكثهم في ارض الزعفران و صعودهم علي جبل الاعراف الياقوتة الحمراء التي لا نهاية لها و لا غاية و عند سباحتهم في لجة بحر الرضوان عند انتفاء السنة و النوم كل هذه العلوم و الاطوار اذا قايستها بعلم ال‏محمّد الاطهار كان جزء من مائة الف جزء من رأس الشعير مما عندهم من العلوم و استغفر اللّه عن التحديد بالقليل و قد ورثوا تلك العلوم من جدّهم صلّي‏اللّه عليه و عليهم مما علّمه اللّه من علم البيان من قوله تعالي الرحمن علّم القرءان خلق الانسان علّمه البيان و من علم الاسماء من قوله تعالي و علّم ادم الاسماء كلها لانه9ادم الاول و نور الازل و قد كان نبياً و ادم بين الماء و الطين و الاسماء كلها كل الامكان و كل الحوادث

 

«* شرح القصيدة صفحه 108 *»

بجميع مالها و اليها و عندها و لديها و فيها و بها و عنها و منها لانها كلها تسبّح بحمد ربها و تنزّهه سبحانه و تعالي عما ينافي القدم و الوجوب فاذن كلها اسماء له تعالي و كل هذه الاسماء علّمها اللّه تعالي نبيه9 و اهل‏البيت:قد ورثوها من جدّهم صلّي‏اللّه عليه و عليهم في الظاهر و الباطن و السرّ و الحقيقة و هذه العلوم من اعظم اثار جدّهم9 اذ ليس في الوجود اشرف من العلم اذ به تنال الدرجات و توصل الي اعلي المقامات و به تتوجه الي رب الارضين و السموات.

و لمّا دلّ الدليل القطعي من العقلي و النقلي انّ محمّداً9 هو الواسطة في جميع الفيوضات من جميع العوالم و تلك الفيوضات انما تجري عن اللّه سبحانه و تعالي بيده فنقلها اللّه سبحانه و تعالي اليه و ملّكها اياه و هو قوله تعالي و لقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر ان الارض للّه يرثها عبادي الصالحون و هو9 هو العبد الصالح و هو مفرد في معني الجمع و جمع في معني المفرد و الوارث اذا كان اعلي يكون هو الفاتح المورث كما بيّنا سابقاً فدلّت الاية بلطايف الاشارة لمن يعقل صريح العبارة ان ارض الامكان و ما حوته من الاكوان و الاعيان كلها ملك لرسول اللّه9 و هو قوله تعالي  خلق لكم ما في الارض جميعاً و القرءان قد سبق الموجودات في كل العوالم و الاكوان كخاتم النبوة فاول ما شمله اياه في الارض ارض الامكان و ارض التعين و اللام للتمليك لانه الاصل في الاختصاص و اعلي في مقامه فكل ما في ارض الامكان من العوالم كلها ملك لخاتم الانبياء9 قد ملّكه اللّه سبحانه بفضله و كرمه اياه كما ملّكك بيتك فانه للّه و لا فرق عند اللّه سبحانه بين القليل و الكثير و الحقير و الجليل و العالي و الداني و الضعيف و القوي و الكل عنده سبحانه علي حدّ سواء فلا فرق اذن بين ان‏يملّك سبحانه القليل او الكثير او الجزئي او الكلي لان نسبة الكل في اضمحلاله عند ذاته سبحانه علي حدّ واحد ماتري في خلق الرحمن من تفاوت فكما ملّكك بيتك و عبدك و جعل لك الولاية عليه كذلك ملّكه سبحانه بيته و البيت علي حسب المالك انظر تفاوت بيوت الخلق علي حسب تفاوت مراتبهم فاشرف الموجودات و اقدمها و اقومها و الواسطة بينه و بينها يجب ان‏يكون بيته اوسع البيوت و اعلاها و ليس ذلك الاّ العمق الاكبر و كافة

 

«* شرح القصيدة صفحه 109 *»

الاكوان و الاعيان فهو9 انما صنع و خلق للّه كما يشهد عليه تأويل قوله تعالي و اصطنعتك لنفسي و العالم بيته و ملكه فهو9يصلح شأن بيته و ملكه بما اراه اللّه سبحانه و عرّفه و هو قوله تعالي قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعزّ من تشاء و تذلّ من تشاء بيدك الخير انك علي كل شي‏ء قدير فرسول‏اللّه9 هو الذي شاء اللّه ان‏يؤتيه الملك الدائم و الكبير الواسع و شاء ان‏يعزّه لانه التعين الاول و الفاتح الخاتم و وجه اللّه الذي يتوجه به الي اللّه تعالي كل شي‏ء و هو يد اللّه الباسطة و عين اللّه الناظرة الشاهد عن اللّه تعالي علي كل شي‏ء لان الشهادة و المشاهدة للعالي يستلزم لمن نظر بعين الحقيقة مشاهدة السافل و قد قال تعالي ملّة ابيكم ابرهيم هو سمّيكم المسلمين من قبل و في هذا ليكون الرسول شهيداً عليكم و تكونوا شهداء علي الناس و كل ما غير الناس تابع له كما برهنّا عليه في عدة مواضع من رسائلنا و مباحثاتنا فله9الملك الخالد الواسع و له العزّ الدائم الباقي9.

و لمّا كان الموت هو الانتقال من عالم الي عالم اعلي و اقوي كما نشاهده عياناً و نراه كشفاً و شهوداً فالمالك في كل عالم اذا ارتحل عنه الي عالم اعلي يورث ملكه بقيته التي من سنخه ان كانت والاّ فالوارث هو اللّه سبحانه يرث من يشاء من عباده كما ذكرنا في الاية المتقدمة و لمّا دلّ الدليل ان الاخوة و الاولاد هم البقية فيكون هم الوارثين ان وجدوا عند موت مورثهم و انتقاله من العالم الاسفل الي العالم الاعلي و لمّا كان خاتم الانبياء9 لم‏يزل منتقلاً من عالم اسفل الي عالم اعلي فيورث ما ملك في كل عالم عند انتقاله الي عالم اعلي اولاده الحقيقيين و احفاده الواقعيين و لمّا اثبت الناظم ايّده‏اللّه سبحانه لال‏محمّد صلّي‏اللّه عليهم الوراثة و لم‏يقيّدها بشي‏ء دون شي‏ء فاثبت بلطيف الاشارة لهم كل خير و كمال و جمال و ملك و سلطنة و هيمنة و ابهّة كانت له9فانتقل اثار جدّهم9 و ملكه اليهم فهم سلام الله عليهم ورثوا من جدّهم9الاكوان و الاعيان و الاكوار و الادوار و الاطوار و الاوطار و الغيب و الشهادة و الخفاء و الظهور و المخفي و الظاهر و الكون و المكان و الزمان و الجهات و الرتب و الكمّ و الكيف و الاين و متي و قد و مذ و الي و علي و في و من و الاشارة و العبارة و التلويح و التصريح و القوي

 

«* شرح القصيدة صفحه 110 *»

الظاهرة و القوي الباطنة و الفؤاد و القلب و الشريانات و الاوردة و الاضلاع و الادوات و الالات و الجوارح و العرش و الكرسي و اللوح و القلم و السموات و الارض و الحيوان و النبات و الجماد و البسايط و المركبات و الانوار و الظلمات و الحجب و السرادقات و التعين و اللاتعين و بحرالاحدية و بحرالواحدية([112]) و بحر الاسماء و الصفات و بحر النسب و الاضافات و بحر النور و بحر النار و بحر الماء و بحر الهواء و مواقع النجوم و حقايق الرسوم و عالم العقول علي مراتبها الثلث من العقل المرتفع و العقل المستوي و العقل المنخفض و عالم الارواح عالم الرقايق ورق الآس بوجهيه الاعلي و الاسفل و عالم النفوس باشجارها من شجرة طوبي و سدرة المنتهي و شجرة الخلد و شجرة اليقين التي كان رسول اللّه9 عليها و الخلق اختلفت اطوارهم و شئونهم و قبولهم الصنايع بحسب نظرهم الي وجه من وجوهه9و عالم النفوس القدسية و النفوس الحيوانية الفلكية و النفوس النامية النباتية و النفوس البرزخية و عالم المثال من جنة هورقليا و جابلقا و جابرصا و الجزيرة الخضراء و حوصلة الطير الاخضر و عالم الاجسام بمراتبها و مقاماتها و طبايعها و امزجتها و الوانها و روايحها و اركانها و اعيانها و انحاء تراكيبها و متولداتها باجناسها و انواعها و اصنافها و اشخاصها و حركاتها و اثارها و اتصالاتها و انفصالاتها و غيبها و شهادتها و ورثوا الجواهر جواهر العلل لانهم من اوائلها و جواهر الوجود و صفايا الغيب و الشهود و جواهر الحقايق و الذوات و جواهر الاسماء و الصفات و جواهر العلويات و ورثوا الاعراض اعراض([113]) هي الذوات علي مصطلحنا من ان كل شي‏ء عرض و جوهر في مقامين بلحاظين و اعراض هي الصفات و اعراض هي الاضافات و اعراض هي الاثار المتصلة و اعراض هي الاثار المنفصلة و اعراض هي الحدود المشخصة و اعراض هي التعينات الاولية و الثانية و هكذا من مراتب التعينات بالتقدم و التأخّر الي ما لا نهاية له و اعراض هي التقدم و التأخّر و اعراض هي الشرافة و الدناءة و ورثوا الالفاظ الفاظ عالم القدس و الفاظ اصحاب الانس و الفاظ اهل الجبروت

 

«* شرح القصيدة صفحه 111 *»

و الفاظ اهل الماهوت من اللاهوت و الناسوت فان اللاهوت له مقامان و اطلاقان احدهما لا كيف و لا اشارة فليس هناك الفاظ و لا مقابل له و ثانيهما المراتب العلوية التي في مقابلها الناسوت و الفاظ اهل العرش بجميع اطلاقاته و الفاظ اهل الكرسي كذلك و الفاظ اهل السموات بجميع اطلاقاتها و عوالمها و مراتبها و الفاظ اهل الارضين كذلك و الفاظ سكّان الثري و الفاظ سكان ما تحت الثري و ورثوا من جدّهم مواد الالفاظ مواد الهيئة و مواد الكينونة و هي الحروف و الهيئة الخاصة و الاولي نفس الحروف مع قطع النظر عن الهيئة الخاصة الاّ ان‏تكون من الهيئات النوعية دون الشخصية و ورثوا صفات الالفاظ العارضة لها من حيث المادة من صفاتها كالجهر و الهمس و الاطباق و القلقلة و امثالها و من بسطها و مزجها و تكسيرها و من استخراج غوامض الاسرار و الملائكة الحافظين القائمين بتدبيرها من العلويات و الخدام السفلية حملة الجهات السفلية و من قواها و هي الاعداد و هي روحانيتها بتكرارها و بجمعها و جذرها و قسمتها و ضربها و استخراج المجهولات منها و ورثوا المعاني علي طبق الالفاظ حرفاً بحرف بلا زيادة و نقصان في جهة المقابلة فان لكل لفظ في غيبه معني هذا اذا كان المعني في مقابلة اللفظ فان المعني قديطلق علي ما يقابل اللفظ و علي ما يقابل الصورة و علي ما يقابل العين كالمصادر و اسمائها و الصفات و اعراضها و هم ورثوا المعاني بجميع المعاني.

و بالجملة هم سلام‏اللّه عليهم ورثوا من جدّهم المُلك الاكبر الذي اشار اليه سيد الساجدين7 و استعلي ملكك علواً سقطت الاشياء دون بلوغ امده و هذا الملك للّه ملّكه من شاء من خاصة عبيده و صفوتهم و لا شك ان خاتم الانبياء اخصّ الخواص و اصفي الصفوة و هو الذي اوتي الملك الذي مالكه اللّه قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و قوله تعالي و تنزع من قبيل قوله تعالي و لئن شئنا لنذهبنّ بالذي اوحينا اليك ثم لاتجد لك به علينا وكيلاً الاّ رحمة من ربك ان فضله كان عليك كبيراً فلاينتزع الملك منه ابداً و اذا رأيت ثمّ رأيت نعيماً و ملكاً كبيراً و هذا الملك قد ورثه ال‏محمد صلي الله عليهم من جدّهم و هو ملك لايحصي و امر لايستقصي و قد

 

«* شرح القصيدة صفحه 112 *»

اشار الناظم ايّده اللّه بتوفيقه و اعانه بتسديده في المخمس الذي خمّس به قصيدة الشيخ الاديب الاريب اللبيب الصالح الشيخ صالح التميمي في مدح مولينا و سيدنا اميرالمؤمنين7 بقوله سلّمه اللّه تعالي:

رتب نلتها بنسبة طه   قصرت كل رتبة عن مداها
ان نظرنا الانام من مبتداها   ما نري ما استطال الاّ تناهي

و معاليك ما لهنّ انتهاء

فقوله سلّمه‏اللّه تعالي «رتب نلتها بنسبة طه» يشير الي هذه الوراثة فان الوارث هو النسيب كما قدّمنا ذكره و هذه النسبة انما اقتبسها سلمه‏اللّه تعالي من قوله تعالي هو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً و صهراً و كان ربك قديراً و لا ريب ان الجامع بين النسب و الصهر لرسول اللّه9ليس الاّ اميرالمؤمنين7في جميع الامة من جميع الموجودات فبهذه النسبة كان له7الشرف الفايق و الفضل الرايق و حيث انه خلق من الماء ماء الوجود و ماء الرحمة و ماء العلم كان اباتراب بجميع المعاني فحيث تحققت هذه النسبة التامّة في العوالم الاول تحققت الوراثة مضافاً الي ما ذكرنا سابقاً من كون خاتم الولاية ابناً لخاتم النبوة في العوالم الاربعة و اخاً له في بعض العوالم و ابن‏عمّ له في عالم الاجسام من الافلاك السبعة الي الارض فاستحق الميراث من الوجوه الثلثة فاستأرثه و ورثه ملكه و ماله9و المالك له هيمنة علي مملوكه و قيومية عليه فان الناس مسلّطون علي اموالهم فاذا انتقل اليه ملك الوجود و بقي يتصرف فيه كما يشاء بما يشاء كما يشاء اللّه سبحانه فقد نال بهذه النسبة رتباً في عالم التوحيد و عالم الجمع و جمع الجمع[114] و عالم الكينونة و عالم البينونة و عالم الاسماء و الصفات و عالم التعينات من باقي الحضرات و كل ذلك باعتبار نسبته الي خاتم النبوة و لمّا كان خاتم النبوة9 هو التعين الاول و اقرب الحضرات اليه خاتم الولاية و قد قال9ادم و من دونه تحت لوائي فقد نال خاتم الولاية بنسبته الي خاتم النبوة مراتب عجيبة غريبة في

 

«* شرح القصيدة صفحه 113 *»

عوالم كثيرة اشرنا الي بعضها انفاً بحيث قصرت كل رتبة عن مداها لان كل المراتب تحت نقطة الولاية و خاتم الولاية هو الفاتح فله الهيمنة علي جميع المراتب و المقامات و كل احد تحت رتبة مقامه فيقصر كل احد في كل رتبة عن البلوغ الي ادني درجة من مراتب هذه النسبة فضلاً عن البلوغ اليها و لمّا كانت الاشياء و الموجودات تحت الولاية التي هي اول مقتضيات التعين الاول فيثبت لها حدّ تقف عنده لكونها محاطة فاذا نظرنا في اطوار احوال الانام من مبتداها و ظهور تعينها ما نري ما استطال في المعالي و المراتب العالية حسب ما فيه من نور التجلي الاّ تناهي لكونه مسبوقاً بها بدءاً و عوداً ماعدا معاليك يا اميرالمؤمنين فانها لا نهاية لها لانك نفس النبي9و حامل اللواء و خاتم الولاية المطلقة فلايسبقك احد فلا نهاية لمعاليك لانك وارث الملك الذي قد استعلي علواً سقطت الاشياء دون بلوغ امده و لم‏يبلغ ادني ما استأثر اللّه به من ذلك اقصي نعت الناعتين ضلّت فيك الصفات و تفسّخت دونك النعوت و حارت في كبريائك لطائف الاوهام فان كل كبير دون كبريائك و كل شريف دون شرفك و كل جليل دون جلالك و هو قوله7 في وصف نفسه الشريفة في بعض خطبه ينحدر عني السيل و لايرقي الي الطير و السيل انما ينحدر من المكان المرتفع فحيث لم‏يذكر متعلق هذه الرفعة كان هو المحل الاعلي الارفع الذي لا مقام فوقه و لا رتبة اعلاه و السيل انحاء الافاضات و الماء الذي به كل شي‏ء حي من اطوار الموجودات و هو الولاية الكبري فحينئذ لايرقي اليه طير الافكار و الافهام و العقول و الاوهام و الخواطر و الاحلام فكيف يكون لمعاليه انتهاء اذن و كل هذه المقامات و الدرجات و المراتب انما نالها بنسبته الي خاتم النبوة في المقامات الثلثة من كونه ابناً و اخاً و ابن‏عمّ فاذا صحّت النسبة صحّت الوراثة و اذا صحّت الوراثة صحّ الاستعلاء و اذا صحّ الاستعلاء علي كل شي‏ء كما يشهد عليه اسمه الشريف علي القول بالمناسبة الذاتية بين الاسم و المسمي و اللفظ و المعني كان لايصل اليه احد و اذا لم‏يصل اليه احد فقد قصرت كل مرتبة عن الوصول الي مقاماته و درجات ذاته ماعدي خاتم النبوة الذي هو من جهة الانتساب اليه نال هذه الدرجات و المقامات فالمعالي كلها تنتهي اليه و معاليه لاتنتهي في الامكان الي حدّ

 

«* شرح القصيدة صفحه 114 *»

بمعني انه لايمكن لاحد الوصول اليه لانه في مقام التعين الاول و نور الازل و الصبح المشرق من نور الازل و الهيكل الاول و الولاية المطلقة و محالّها و مواقعها هي الكلمات في قوله تعالي ولو انّ ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمدّه من بعده سبعة ابحر ما نفدت كلمات اللّه و قد روي عن سيدنا و مولينا الكاظم7 انه قال في جواب يحيي بن اكثم نحن الكلمات التي لايستقصي فضلنا و لايستحصي.

ثم ان الناظم اطال اللّه بقاه و امدّه بمعونته لمّا ذكر في هذا البيت مقام وراثتهم و قسّم الشجرة الزيتونة الالهية و فرّقها علي قسمين اصل و فرع و وارث و مورث اراد ان‏يبيّن ان لال‏محمّد صلّي‏اللّه عليه و عليهم مقامان مقام جمع و مقام فرق فلمّا ذكر مقام الفرق باكمل تفصيل و اوضح بيان اخذ في بيان مقام الجمع بما لا مزيد عليه فقال سلّمه اللّه تعالي و ايّده بتقويه:

شملتكمُ معه العبا بحيوته   و مماته استاره لك تشمل

اقـول: اخذ سلّمه اللّه تعالي في بيان مقام الجمع فقال لمّا كان العالم الاسفل شرحاً و دليلاً للعالم الاعلي و العوالم كلها متطابقة كل سافل شرح للعالي الاّ ما اقتضته المرتبة قبل الخلط بالعوارض التي توجب التغيير و سلب الحكاية من قوله تعالي حكايةً عن ابليس و لامرنّهم فليغيّرنّ خلق اللّه و لمّا كان حملة الولاية و مظاهر الواحدية قد خلصوا من هذا الخلط و تصفّوا من هذا الشوب بتصفية اللّه سبحانه و تطهيره كما اخبر عن ذلك بقوله الحق و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبّحون الليل و النهار لايفترون و هو دليل التصفية الكاملة و التطهير البالغ والاّ لحصل فتور علي حسب الخلط و الشوب و حينئذ فجميع اطوارهم و احوالهم الدنياوية مطابقة لكينوناتهم الغيبية في العوالم العلوية الاولية فارجع البصر هل تري من فطور ثم ارجع البصر كرّتين ينقلب اليك البصر خاسئاً و هو حسير.

و العباء لمّا شملت الخمسة الاطهار كفّ الحكيم و نور القديم دلّ هذا الاشتمال علي امر عظيم و هو اتحادهم في الحقيقة و اجتماعهم في اصل الوجود و شمول مرتبة واحدة لهم و هو كونهم في مقام التعين الاول و سرّ الازل و انما عبّر عن هذا المعني

 

«* شرح القصيدة صفحه 115 *»

بالعباء بدلالة حروفه علي تلك الحقيقة الشريفة علي الترتيب الطبيعي و النظم الالهي و التقديم و التأخير المشتملين علي اسرار عجيبة و اطوار غريبة من سرّ الاجتماع و الاتحاد و الوصل و لذا يستحب في العالم الاسفل في مقام التنزل لبس العباء في الصلوة التي هي معراج المؤمن لحصول الوصال و تحقق الاتصال بالاعمال التي هي سلّم الوصول الي التسليم و البلوغ الي الفناء في بقاء الحي القيّوم فالعين في العباء اشارة الي التعين الاول و سرّ الازل و وجه الحق لم‏يزل لانها كلمة كن التي([115]) انزجر لها العمق الاكبر و الكلمة التي نفذت بتأثيرها في كل شي‏ء و هي صبح الازل و الاختراع الاول و الابتداع و المشية المتعلقة و الارادة و مبدء القدر و القضاء و علة علل الاشياء و نور الكينونة و القدرة المستطيلة علي كل شي‏ء و العلم النافذ في كل شي‏ء و هو العلم المطلق و الرحمة الاولية التي بها استوي الرحمن علي العرش و الشجرة الكلية و النفس الرحماني الاولي و الكاف المستديرة علي نفسها و الحقيقة المحمّدية و الحضرة الاحمدية و الولاية المطلقة و الازلية الثانية و عالم فاحببت ان‏اعرف و المحبة الحقيقية و الحركة الجوهرية بنفسها و عالم الامر مجمع الذوات الاحدية و مقام الواحدية و البرزخية الكبري و الغيب الثاني و الرابطة بين الظهور و البطون غاية الغايات و نهاية النهايات مرجع الذوات و منتهي تعلقات الصفات حقيقة الحقايق الظاهر الاول و المظهر الاول بالظاهر الاول و التجلي الاول و المتجلي بالتجلي الاول القابلية الاولي و الاسم الاعظم الاعظم الاعظم و الذكر الاجلّ الاعلي الاعلي الاعلي و الاسم المكنون المخزون الذي استقر في ظلّه فلايخرج منه الي غيره النور الازلي مؤيّس الايس مظهر الليس السرّ المقنّع بالسرّ البحر المحيط الاول الذي لايساحل عالم اللانهاية قطب دواير البداية و النهاية القدرة الواسعة و الرحمة الشاملة مقام العلم اذ معلوم و القدرة اذ مقدور و السمع اذ مسموع و البصر اذ مبصر ينبوع الافاضة و منبع الانارة ادم الاكبر الاول الواحد التامّ البسيط الاضافي الاولي فلك الولاية المطلقة العرش الاعظم القلم الاعلي في الاطلاق الاعلي النار الظاهرة في

 

«* شرح القصيدة صفحه 116 *»

الشجرة الزيتونة التي ليست بشرقية و لا غربية فالنار عين الشجرة كما انها عينها السحاب المتراكم الوجود المطلق الحق المخلوق به الامكان الراجح و غيرها من الاسماء التي يعبّر عنها بها لان تلك الحقيقة الاولية هي التعين الاول من حيث انها جهة الحق سبحانه و ذكره و مذكوريته في الامكان و الاكوان و الاعيان سميت ظهوراً اولاً و تجلياً اولياً و من حيث انها بها يظهر الحق سبحانه لغيره و يوصل فيضه سبحانه الي ما يريد سميت فعلاً و حركةً و من حيث انها ذات تذوتت بها الذوات سميت حركة جوهرية لا الحركة التي ضدّها السكون فان هذا مقام رفع الاضداد و الانداد و من حيث انها اول الذكر و المذكور و بها نشأت الاشياء و تأصّلت سميت مشية قال اميرالمؤمنين7 و هو منشئ الشي‏ء اذ لا شي‏ء اذ كان الشي‏ء من مشيته و من حيث انها مبدء الصور و الاعيان و بها العزم سميت ارادة و من حيث انها تكوّنت و كوّنت لا من شي‏ء سميت اختراعاً و من حيث انها تكوّنت و كوّنت لا علي احتذاء مثال سميت ابتداعاً و من حيث انها اول مظاهر الحق سميت التعين الاول و من حيث انها الاصل الذي تتشعب عن وجوهه حقايق الاكوار و الادوار سميت شجرة مباركة زيتونة و من حيث انها مبدء الايجاد و علّته و اول التعلق و ان كانت بنفسه سميت محبةً و من حيث انها بها الاحسان و الامتنان و من اثرها الماء الذي به حيوة الاشياء كلها سميت رحمةً و من حيث انها بها تدبير الخلق و هي الاخذة بناصية كل شي‏ء و كل دابّة لان كل شي‏ء متحرك فكان دابّة سميت ولاية مطلقة و من حيث انها لا غاية لاولها و لا نهاية لاخرها و لا انقطاع لامدها مع انقطاعها عند بارئها سميت ازلاً ثانياً و من حيث انها اول ظهور الحق سميت صبح الازل لان الصبح اول ظهور نور الشمس و من حيث انها اول الاصول التي تفرعت عنها الفروع سميت ادم الاول لانه انما استنطقت حروف لفظه من الثلثة التي هي اول الاعداد و اول الفرد بظهورها في التسعة و ظهور التسعة في النسبة الجمعية فالتسعة التي هي مبدء الاحاد اذا اجتمعت كانت خمسة و اربعين و هي عدد حروف ادم و لمّا كان هو الاصل الاول اوتي بالالف اشارة اليه و لمّا كان هذا الاصل انما كانت بالطبايع الاربع اوتي بالدال و لمّا كان تمام الطبايع انما تكون بالاصول العشرة التي هي القبضات العشر اوتي بالميم لتمام

 

«* شرح القصيدة صفحه 117 *»

العدد و كيفية تمام الخلقة([116]) و صفة المخلوق من كونه اصلاً اولاً ذلك تقدير العزيز العليم و من حيث انها لاتتوقّف في تكوّنها و انصدارها علي شرط و سبب سوي ذاتها سميت الوجود المطلق و من حيث ان كل الظهورات و التجليات الالهية التي هي جهة الدلالة الاسمية انما كانت بها و وجدت بفاضل ظهورها و تجليها سميت الاسم الاعظم الاعظم الاعظم و من حيث ان الاذكار كلها انما تكون بفاضل ذاكريتها سميت الذكر الاجلّ الاعلي الاعلي الاعلي لاستعلائها علي كل ذكر و تفوّقها علي كل امر و من حيث انها متممة و قطب لحقايق الامكان و الاكوان و قطب لنفسها بنفسها فهي الكرة المصمّتة الدائرة علي نفسها علي خلاف التوالي و الدائرة نفسها عليها علي التوالي و من حيث انها مدلول كلمة كن و من حيث ان الاصل فيها هو الكاف سميت الكاف المستديرة علي نفسها و من حيث انها علة العلل و مبدء المبادي سميت السرّ المقنّع بالسرّ فان المعلول ظاهر العلة فهي سرّه و باطنه و من حيث ان الماء الواقع علي ارض الامكان ارض الجرز انما نشأ منها و صدر عنها و تأصّل بها سميت سحاباً و من حيث انها مرمي الصادر بنفسه عن اللّه تعالي سميت كلمة لانها اللفظ الموضوع للمعني المفرد و اللفظ هو الرمي في اللغة و من حيث انها حكم اللّه علي الموجودات و هي التي قال اللّه تعالي انما امره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فيكون سميت امراً و من حيث انها اول المخلوق و اول التعين سميت الحقيقة المحمّدية صلّي‏اللّه عليها و من حيث ان لها الاحاطة في الاكوان و الاعيان و هي للامكان كالعرش المحدّد للجهات للاجسام و بها التأثير و منها التدبير و عنها التقدير سميت فلك الولاية المطلقة و من حيث ان الموجودات كلها مذكورة فيها و صادرة عنها سميت علماً مطلقاً و من حيث ان التأثيرات كلها انما تكون بها سميت قدرة و من حيث ان التعلق انما تكون في هذه الحقيقة بهذه الحقيقة و قبلها و فوقها انما كان منقطع الاشارات سميت علماً اذ معلوم و قدرة اذ مقدور و سمعاً اذ مسموع و من حيث ان النفي و الاثبات بها تحقّقا و تأصّلا سميت مؤيّس الايس و مظهر الليس و من حيث ان

 

«* شرح القصيدة صفحه 118 *»

الحقايق و الذوات من حيث بدئها و حكايتها عن احدية مبدئها فيها ذكرت و عنها برزت و اليها عادت سميت مجمع الذوات الاحدية و من حيث انها مقام ذكر الاعيان الثابتة سميت مقام الواحدية و من حيث ان الفيض بها يجري علي اطوار الموجودات سميت الرابطة بين الظهور و البطون و من حيث انها ليست بشرقية و لا غربية سميت البرزخية الكبري و من حيث ان مقامها التعين الاول و هو دون اللاتعين و هي بالنسبة الي ساير التعينات ايضاً غيب سميت الغيب الثاني و من حيث ان الاشارات و الوجوه اي وجوه الطلبات انما تنتهي اليها سميت غاية الغايات و مرجع الذوات و من حيث ان الظاهرية اول ما بدت انما كانت فيها سميت الظاهر الاول.

و بالجملة لهذه الحقيقة الشريفة المعبّر عنها بالعين اسماء كثيرة بجهات مقاماتها و روابط نسبها ولو اردنا ان‏نشرح ما وقفنا عليه من جوامع المقال في بيان حقيقة الاحوال لاخرجنا عمّا نحن فيه من الاشارة و الاختصار و هذا المقام حيث كان اول التعين مقام الاجمال و مقام الاطلاق و مقام الانبساط ليس فيه اختلاف و لا تعدد و انما هو مقام جمع و لمّا كان هذا المقام ليس هو الاول المبدء اللاتعين ازل الازال و انما هو الرتبة الثانية في التعبير و فيه ذكر الكثرات و ان كانت مضمحلة في المقام الثاني من هذه الحقيقة فان لها ثلثة مقامات الاول مقامها في نفسها و ذاتها و هيمنتها و استعلائها و استيلائها فاشار الي هذا المقام بالعين و الثاني مقامها في الوجه الاسفل و ذكر الكثرة و التعدد و تعلقها بوجوهها الي الحقايق و الذوات فاشار الي هذا المقام بالباء  فانها مقام نون العين و ظهور الكثرات كما قال النبي9ظهرت الموجودات من باء بسم اللّه الرحمن الرحيم فالباء هو اللوح المحفوظ و الكتاب المسطور مرجع الحقايق الالهية و محل الاسماء و الصفات الاضافية و الخلقية و الباء مظهر الجليل و قلم التفصيل و المبدء و الدليل و السبب و السبيل و السرّ و التعليل و هي للاستعانة لانها مظهر القدرة التي بها كان ما كان و وجد الاكوان و الاعيان و هي الولاية الظاهرة التي بها الاعانة و التيسير اي اعطاء كل ذي‏حق حقه و السوق الي كل مخلوق رزقه و هي للتعدية لان الاشياء و الموجودات لاتصل الي مراداتها و مطلوباتها الاّ بالاتصال و هي تعدّي اللوازم الي اظهار مستجنّات

 

«* شرح القصيدة صفحه 119 *»

الامكان في عالم العيان في الاكوان و الاعيان و هي للمصاحبة اذ بها حصلت الممازجة بين العوالم المتباينة و هي الوجه الذي لا تعطيل له في كل مكان فاينما تولّوا فثمّ وجه اللّه ، مايكون من نجوي ثلثة الاّ هو رابعهم و لا خمسة الاّ هو سادسهم و لا ادني من ذلك و لا اكثر الاّ هو معكم اينما كنتم و نحن اقرب اليكم منكم ولكن لاتبصرون و هي للالصاق اذ بها يحصل الوصول و الاتصال الي المبادي الاولية بل الي التوحيد الحقيقي لانها باب الخلق الي اللّه فلايصلون اليه الاّ بها و باب اللّه الي الخلق فلايصل فيض من اللّه سبحانه الي احد و شي‏ء و كون من الاكوان الاّ بها فهي الباب المطلق و الولي الحق و هي للقسم فان الاشياء كلها قائمة بها متحصلة منها فلايتوجّهون لنيل مقصودهم و حصول مطلوبهم الاّ بها فهي وجه المدد و باب السرمد و هي للزيادة لان لها مقام فوق مقام المخلوقين لان القدرة الالهية التي حملتها هذه الحقيقة المقدسة في طورها و شأنها منزهة عن الحصر في المراتب المتعلقة الظاهرة في المقامات الخلقية فلها اللطيفة الزايدة التي بها كانت بئراً معطّلة و قصراً مشيداً و بها كان قول خاتم الولاية ظاهري ولاية و باطني غيب لايدرك و هي النعمة التي قال سبحانه و ان تعدّوا نعمة اللّه لاتحصوها فهي زايدة عما يحتاج اليه الخلق في ذواتهم و حقايقهم و صفاتهم و اسمائهم و ساير مقدوراتهم و هي للصلة لان بها الوصول و التيسير و بها يبلغ كل طالب الي مطلوبه و يصل كل امل الي مأموله و يتصل كل محبّ بمحبوبه فهي الواصل الرابط و القاضي العاقد و حكم اللّه في العباد و فصل الخطاب و عنها البدء و اليها الاياب و هي للسببية لانها سبب كل ذي‏سبب و الواسطة لتعين جميع التعينات فالباء بعد العين اشارة الي ان تلك الحقيقة مجمع الذوات القدسية و مظهر الصفات الالهية و مجمع الشئون الحقية و الخلقية و فيها جمع لكن مع ذكر التمييز و اجمال مع ذكر التفصيل فلمّا جمعت في تلك الحقيقة الشريفة صفتا الجمع و جمع الجمع و تحقق فيها حكم الاختراع و الابتداع كان فرداً في حقيقة الجمع و التثنية و اصلاً واحداً بالنسبة الي مابعده من الحقايق المطلقة و المقيدة فهو واحد في الصورة و جمع في المعني و قد شملت الوحدة مقامات الكثرة و اضمحلّت الكثرة عند سطوع نور الوحدة فغلب عليها حكم الوحدة الحقيقية فاشير الي هذه الدقيقة في هذه الحقيقة

 

«* شرح القصيدة صفحه 120 *»

بالالف بعد الباء فقيل عبا و ربما تؤكد بالهمزة فالالف هي الالف اللينية التي طولها الف الف قامة و هي و ان كانت واحدة وحدة انتفت عنها جميع الكثرات بحيث سلمت من حدود المخرج ولكنها قد اجتمعت فيها حقيقة النقطة و انبساطها و امتدادها و ظهور حركاتها([117]) فالنقطة هي كلمة كن المعبّر عنها بالعين التعين الاول و الامتداد و الانبساط و ظهور المثال و الفاعلية و ذكر الحروف الكونية و غيرها فيها هو المشار اليه بالباء و هي باء بسم اللّه الرحمن الرحيم و الجامع المكتسي ثوب الوحدة المتجلبب بجلباب الواحدية هو الالف الجامع و النور الساطع و الاصل الاول فكان باجتماعها للمرتبتين اباً حاملاً للنشأتين و لذا ظهرت فيها حروف الاب فالباء اب فعبا اب فعّال لها الهيمنة بجامعيتها علي كل ما سواها فعبّر عن الفاعلية و التأثير بحرف العين فظهور الفاعلية بالعين و ظهور الابوة بالباء فالالف خلاصة المجموع و الاصل لذلك الينبوع فالعين كلمة كن و الباء سرّ يكون و الالف الاصل الاول المتحقق المتأصّل من اجتماعهما و المتكوّن من اقترانهما و لذا كانت الالف حرف العلة مبدء الحروف و اباها و اسّها و اسطقسّها و الحروف كلها من اشراقاتها في مقام و من تطوراتها و تعيناتها في مقام و هي من الحروف في مقام و لذا قال النبي9 ان الحروف تسعة و عشرون حرفاً و انكر علي من قال ثمانية و عشرون غاية الانكار و ذلك لما ذكرنا من اختلاف اطوارها و احوالها في مقاماتها لما ظهر فيها من سرّ الاصالة و الوحدة في مقام الواحدية فالالف في المقام الثاني بعد النقطة غيب لايدرك و محيط لايملك و جوهر بسيط و وحدته([118]) مطلقة و انواره([119]) مشرقة و هو حرف نوراني و سرّ رباني و هو اسم للقائم الاعلي الذي منه اسم اللّه سبحانه ثم لكل مستخلف في القيام كادم  و فيه سرّ العالم و مراتب العلم و اجتمعت فيه الاسرار العلوية و الانوار الولوية و الاطوار النبوية فالالف دائرة احاطية العبارات فيها محذوفة و الاشارات فيها مطوية و هي عبارة عن اليوم المطلق برق خاطف و محق خاسف الظاهر فيه باطن و الباطن فيه ظاهر و التوحيد عنه لاينقطع و هو شكل احاطي و تبيين استنباطي بعزّته

 

«* شرح القصيدة صفحه 121 *»

الباطنة روح الحيوة و بعزّته الظاهرة تمسك اسباب القدرة فهو سرّ الاسرار و نور الانوار و مفتاح الغيوب و مصباح القلوب فالباء الذي بعد الالف بهاء الالف و التاء تاج الالف و الثاء ثناء الالف و الجيم جمال الالف و الحاء حياء الالف و الخاء خلق الالف و الدال دوام الالف و الذال ذات الالف الظاهرة في الحروف و الراء روح الالف و الزاء زين الالف و السين سناء الالف و الشين شرف الالف و الصاد صفاء الالف و الضاد ضياء الالف و الطاء طيب الالف و الظاء ظاهر الالف و العين علم الالف و الغين غاية الالف و الفاء فخر الالف و القاف قلب الالف و الكاف كمال الالف و اللام لطف الالف و الميم ملك الالف و النون نور الالف و الهاء هداية الالف و الواو ولاية الالف و الياء يقين الالف و هذه الحروف كلها جهات تطورات الالف و شئون ذاته و اطوار صفاته و له الهيمنة علي الجميع في الجميع.

اشراق و ازهاق: قد تحقق عندنا كما اقمنا عليه براهين قطعية من العقلية و النقلية ان اصل الاسم حرف واحد و هو الوسط و هو بمنزلة القلب و الخارج المركز و ما اكتنفه من الحروف فهو متمماته و اطواره و ظهوراته و تعيناته الاّ ان مبدء اليمين وجه للوسط الاصل فالاسماء المفردة اصل اسمها واحد و المزدوجة اثنان فاسم محمّد9هو حم و هو قول سيدنا و مولينا موسي بن جعفر 8 ان حم اسم محمّد9 في كتاب هود و اسم الولي اللام و هو قول سيدنا و مولينا جعفر بن محمّد 8في الاشارة الي الولي بقوله السيّد اللام و اشارته الي النبي9 بقوله السيّد الميم ليس نقضاً لما ذكرنا بل انما هو اثبات لما قلنا ثانياً من ان الحرف الاول في اليمين وجه لاصل الاسم يظهر سرّه فيه و يعرف به كما يعرف الانسان بالوجه و ان كان اصله هو القلب و انما التوجه و النظر و الخطاب للوجه و هو الظاهر لذلك الباطن و لذا وقع في كلمات الحكماء و العلماء الاشارة الي ما ذكرنا كما قال الشيخ الرئيس في قصيدته في تنزل العالم العلوي الي العالم السفلي و علّته و سرّه و كيفية التنزل التي اولها قوله:

هبطت اليك من المحل الارفع   ورقاء ذات تعزّز و تمنّع
محجوبة عن كل مقلة عارف   و هي التي سفرت و لم‏تتبرقع

 

 

«* شرح القصيدة صفحه 122 *»

الي ان قال:

حتي اذا اتصلت بهاء هبوطها   عن ميم مركزها بذات الاجرع
علقت بها ثاء الثقيل فاصبحت   بين المعالم و الطلول الخضّع

الابيات. فاذا تحقق ذلك فيجب بيان ان الباء كيف كان اصل الاسم في عباء و كيف يكون الالف الذي هو الاصل في الباء فرعاً و الباء الذي هو الفرع اصلاً و بيان ذلك من وجهين احدهما خاصّ في المقام و ثانيهما عامّ في كل الاوضاع و الاعلام اما الاول فاعلم ان الباء لها مقامان احدهما فوق الالف و هو الباء في بسم اللّه الرحمن الرحيم و قد قال اميرالمؤمنين7كل ما في العالم في القرءان و كل ما في القرءان باجمعه في فاتحة الكتاب و كل ما في الفاتحة في البسملة و كل ما في البسملة في الباء و انا النقطة تحت الباء و لم‏يجعل7 فوق الباء الاّ النقطة و ان كانت النقطة تطلق علي الالف في بعض الاطلاقات و قد رأيت ليلة اشرف من ليلة القدر و انور من وقت الظهر سيدنا و مولينا الحسين سيّد شباب اهل الجنة روحي له الفداء و سألته عن معني كلام ابيه اميرالمؤمنين7 في الحديث المذكور فذكر7في بيانه ما لاتحمله العبارة و لاتفي بعشر من معشارها الاشارة و قد رتّبت في تفسير البسملة كتاباً و جعلت له خمسة اسفار الاول[120] في تمام الكلمة و الثاني في الاسم و الثالث في اللّه و الرابع في الرحمن و الخامس في الرحيم و جعلت لكل سفر منازل و لكل منزل اميال و قد ذكرت في الميل الثاني من المنزل الاول من السفر الاول من الاسفار الخمسة مازاد علي خمسة كراريس حجم الربع و قد منعتني العوايق و العوارض عن اتمامه و ثانيهما تحت الالف و هي الالف المبسوطة التي طولها الف الف شبر و هي الكتاب المسطور و اللوح المحفوظ و هي تفصيل الالف كالكرسي الذي هو تفصيل للعرش و بالجملة فالباء في هذا المقام هو الاول الاعلي لان المراد بها التعين الاول الذي هو ثاني مقام اللاتعين بل هذا هو النقطة الحقيقية الكاف المستديرة علي نفسها و قد اشار اليها الشاعر بقوله:

 

«* شرح القصيدة صفحه 123 *»

قد طاشت النقطة في الدائرة   و لم‏تزل في ذاتها حائرة
محجوبة الادراك عنها بها   منها لها جارحة ناظرة
سمت علي الاسماء حتي لقد   فوّضت الدنيا مع الاخرة

و عبّر عنها بالباء لانها الازل الثاني و الغيب الثاني و العالم الثاني كما تقدّم بيانه فاذا كانت الباء اشارة الي هذه الحقيقة فلا ريب ان الالف تحتها و الباء في العباء اشارة الي التعين الاول الذي فيه سرّ كن فيكون و الالف اشارة الي صيرورة المجموع شيئاً واحداً و اصلاً اخراً تفرّعت الموجودات الكاينات منه و تأصّلت به و تحقّقت منه و صدرت عنه فالالف في هذا المقام فرع لا اصل فلذا اقتضي في الوضع الاول تأخير الالف عن الباء و تفريعه عليه فاصل الاسم في هذا المقام هو الباء لا غير لظهور اسرارها و بروز اطوارها في هذا الاسم المعظّم و السرّ الاقدم و النور الاقوم و السرّ المعمي و الرمز المنمنم فافهم ان‏كنت تفهم والاّ فاسلم تسلم و اما الثاني فاعلم ان ترتيب الحروف بحسب مقاماتها و درجاتها و مراتبها في الشرف و الضعة و التقدم و التأخر و العلو و السفل و الزيادة و النقصان لا دخل له في وضع الاعلام من الاجناس و الانواع و الافراد علي المعني العامّ فان الواضع سبحانه و تعالي انما يضع الالفاظ علي حسب المناسبات الحقيقية الواقعية فالمناسب لكل معني يجعله اصلاً لذلك الاسم و اللفظ و ان كان غيره من الحروف اعلي و اشرف منه و قديكون الاشرف فرعاً لاحقاً متمّماً علي حسب مناسبة ذلك المعني لان المعاني تختلف جهاتها و نسبها و اضافاتها و اطوارها و احوالها فكذلك الالفاظ علي حسبها و هذا لايقدح في اصل تقديم الحروف و تأخيرها و شرفها و ضعتها.

تحقيق فيه تبيين: اعلم ان الكساء هو عين العباء لان الكاف اشارة الي العين لان النون لاتنفكّ عن الكاف بحال من الاحوال لان الكاف اشارة الي مخترع الوجود و النون الي مبتدع الماهية لان الامكان لاينفكّ عن التعين ابداً فحصول التعين بالنون و حصول الوجود و الكون بالكاف فهما لايفترقان ابداً فالنون تدلّ علي الكاف و الكاف تدلّ علي النون قطعاً و السين تكرار الباء ثلثون مرة في مقام المراتب المتنزلة الحاصلة من الكيان الثلاث في القبضات العشر فحيث كان اللام اصل اسم الولي و نقطة الولاية سارية في

 

«* شرح القصيدة صفحه 124 *»

العالمين عالم الغيب و الشهادة و عالم الدنيا و الاخرة و عالم الاجمال و التفصيل و عالم النفي و الاثبات فتكرر اللام فتكون السين و هي اشارة الي ظهور الولاية في جميع الاكوان و الاعيان و مستسرّات حقايق الامكان فالولاية المطلقة المعبّر عنها بالسين حاملة للعين و الالف فالاولي لسرّ الفعالية و الثانية لبيان الوحدة و الاصالة فالسين لها سرّ الجامعية التفصيلية و لذا كانت قلب القرءان علي ما ورد في الاحاديث الصحيحة عن النبي9فالاصل في الكساء السين كما ان الاصل في العباء الباء و السين في العالم الاعلي هو الباء كما ان الباء في العالم الاسفل هو السين فالعباء اسم للرتبة الجامعة في العالم الاول الاعلي و الكساء اسم لها في العالم الاسفل و هما واقعان علي معني واحد في العالمين المتباينين المتخالفين و حيث ان هذه الجامعية انما كانت في اصل الوجود في المبدء الاول عبّر الناظم ايّده اللّه تعالي و سدّده عنها بالعباء دون الكساء و هذه الجامعية ثابتة لحملة الولاية الباطنة([121]) الي ان عرضتهم عوارض التعين و الحدود فنزلوا في مقام الفرقان بعد ما كانوا في مقام القرءان في مجلس الانس و وادي القدس و لمّا ظهروا في مقام التفصيل و تمايزوا و تباينوا فماداموا في العوالم العلوية عالم المجردات لرقّة حجابها و ضعف انّياتها([122]) و كون جهة الاختلاف و التمايز فيهم ضعيفاً لم‏يلتبس الامر علي احد في انهم حدود الولاية و مهابط العناية و سرّ اللاهوت و مبدء الملك و الملكوت و لمّا ظهروا في مقام الاجسام عالم النقش و الارتسام غلظت الحجب و تراكمت حدود الانية فالتبس الامر علي الواقفين مقام الادبار الغيرالمقبلين علي المبادي العالية علي وجه الاقبال فاراد رسول اللّه9 تجديد عهد ذلك المقام و تذكير امر اولئك الاعلام فجمعهم تحت العباء و خصّهم بنفسه الشريفة في ذلك الكساء فانزل اللّه سبحانه انما يريد اللّه ليذهب عنكم الرجس اهل‏البيت و يطهّركم تطهيراً فالرجس لاطلاقه و عدم تقييده بشي‏ء عبارة عن نواقص الامكان و رذائل الاكوان و الاعيان التي اصل حصولها و سرّ تحققها ملاحظة الكثرة و الاشتغال بلوازم الانية و الالتفات الي حدود

 

«* شرح القصيدة صفحه 125 *»

الماهية و هذه عين كل نقص و رجس و جميع النواقص و الارجاس انما تتولد و تتحصل منها فالتطهير هو التنزه عن هذه اللوازم و التقدس عن تلك الوجوه فاذا انتفي نظر الكثرة جاء حكم الوحدة فبطل حكم الاختلاف و ظهر الايتلاف و ذهب الفرق و جاء الجمع و جمع الجمع و رجع الامر في العالم الاسفل علي ما كان في العالم الاول فاستدار الامر عوداً كما استدار بدءاً فالحقيقة واحدة و الذات غير متعددة و الكثرة ذاهبة و الوحدة جائية و الفرق منتفٍ و الفصل مرتفع فكان العباء و الاجتماع تحتها دليل الاجتماع في مقام التعين الاول و نور الازل و صبح شمس الازل.

و قوله سلّمه اللّه تعالي و ايّده بهداه و اسعده بتقويه شملتكم معه العبا بحيوته اراد ان‏يبيّن مقام الجمع بعد ما ذكر حكم الفرق في البيت الذي قبله من اثبات حكم الوراثة و لاتكون الوراثة الاّ بعد انتقال المورّث و بقاء الوارث و هو فرق بيّن و فصل ظاهر و لايكون ذلك الاّ بعد الموت الذي هو عبارة عن الانتقال المذكور و اما الاجتماع و الاتصال فلايكون الاّ بالاقتران في الرتبة معه و لايكون ذلك الاّ بالحيوة هذا ظاهر المقام و اما في الحقيقة فاراد سلّمه اللّه تعالي ان مقام الجمع و جمع الجمع هو مقام الوحدة و رفع الكثرة و الرجوع الي عالم الوحدة و هو الحيوة الابدية التي لا موت فيها و هو السباحة في لجّة بحر الاحدية و هي عين الحيوان([123]) في ظلمات الكثرة التي من اغتسل فيها بعد رفع حجب الكثرات و ظلمة الانّيات حيي حيوة ابدية لايعترية موت و لا لواحقه من السنة و النوم و السنة في مقام رقّة الحجاب و النوم في مقام غلظة الحجاب بتكاثف ابخرة الانّيات و تصاعدها الي مجاري الحيوة التي هي الوحدة المطلقة و الموت ظهور حكم الحجاب و خفاء امر المحتجب فيخرج الحجاب عن كونه حجاباً و يأتي حكم الاستقلال من قوله تعالي أفرأيت من اتخذ الهه هويه و اضلّه اللّه علي علم و ختم علي سمعه و بصره و جعل علي قلبه غشاوة فالوحدة حيوة و الكثرة ممات و مابينهما بين بين و العباء لمّا كان مقام الجمع و الوحدة عبّر عنه سلّمه اللّه تعالي بالحيوة

 

«* شرح القصيدة صفحه 126 *»

و الكثرة و الفرق لمّا كانت مماتاً و موتاً و الارث لايكون الاّ عن موت عبّر عنه بالموت لكنّه مع كمال الادب و الاحترام الدالّين علي كمال مقام الناظم في المعرفة فاشار الي الموت بالوراثة و لم‏يصرّح بالموت لما فيه من اساءة الادب و قلّة الاحترام و اثبت بهذا الموت الحيوة للوارث و كونه بقيته و كون الحيوة في هذه المرتبة التي هي عبارة عن الكمال قد انتقلت اليه.

و من اللطايف العجيبة و الاسرار الغريبة ان هذين البيتين المجاورين([124]) مع تباين مضمونهما كل منهما يدلّ علي الاخر الاّ ان في الاول تلويح الي الثاني و في الثاني تصريح بالاول لان الوارث لايكون كذلك الاّ عند اجتماعه مع مورّثه اولاً في حيوته والاّ لم‏يكن وارثاً له فبهذه الوراثة اثبت الاجتماع و شمول العباء المعبّر عنه بمقام الجمع ولكنّه سلّمه اللّه تعالي افصح عن المراد في هذا البيت و قد كان كامناً في البيت الاول فافهم فاذا فهمت ما ذكرنا اولاً من ان العباء مقام الجهة الجامعة و رتبة الواحدية و ان الاصل فيه هو الباء و هو سرّ الاسم و ان العين و الالف قد ظهرتا بها و انتهيتا اليها في مقام الظهور و ان سرّ الباء في النقطة و الباء غطاؤها و العباء في الحقيقة هو الباء يظهر لك بقائد التوفيق و التسديد ما ذكره الناظم سلّمه اللّه تعالي في المخمس المذكور في مدح مولينا اميرالمؤمنين7اقتباساً من كلامه الشريف7 بقوله:

نقطة افرغت و ليس وعاء   ملئت حكمة و لا املاء
تحت باء لها العباء غطاء   لا الخلا يوم ذاك فيها خلاء

فيسمي و لا الملاء ملاء

النقطة هي سرّ الكينونة و هي بالحروف غيرمصوّت و باللفظ غيرمنطق و بالشخص غيرمجسّد و بالتشبيه غيرموصوف و باللون غيرمصبوغ بري‏ء عن الامكنة و الحدود مبعّد عنه الاقطار محجوب عنه حسّ كل متوهم مستتر غيرمستور و هي افرغت اي انصبّت من بحر الازل اي من النور الذي لم‏يزل قد اشرق من صبح الازل فيلوح علي هياكل

 

«* شرح القصيدة صفحه 127 *»

التوحيد اثاره او افرغت من بحر نفسها بنفسها كما قلنا في بيان الوجود المطلق انه قبض من رطوبة الرحمة نفسها بها اربعة اجزاء بها و من هبائها جزء به فالقابض و القبض و المقبوض و المقبوض‏به و المقبوض‏منه واحد بلا اختلاف الاّ من جهة التعلق[125] فهذه هي النقطة التي افرغت بنفسها لنفسها من نفسها الي نفسها في نفسها فالحقيقة و من و الي و في و عن كلها واحد و هي التي ليست بشرقية و لا غربية و لا جنوبية و لا شمالية بل هي شرقية و غربية و جنوبية و شمالية و نارية و مائية و هوائية و قد قال صاحب الشذور و نعم ما قال:

و محمومة طبعاً عدلت مزاجها   الي ضدّها لمّا علت زفراتها
بجنّية انسية ملكية   هوائية نارية نفحاتها
جنوبية شرقية مغربية   شمالية كل الجهات جهاتها

و هي صاحب الازل و مبدء الابد و علة العلل قد افرغت من سماء الجود و لا وعاء هناك لان الاوعية ثلثة الزمان و الدهر و السرمد و كلها حدود و تعينات لتلك النقطة فهي نفسها تجلّ عنها او المراد بالوعاء كل الحدود علي جهة الاطلاق و حيث انها التعين الاول كان وعاؤها نفسها و هي الكاف المستديرة علي نفسها تدور علي نفسها علي خلاف التوالي و نفسها تدور عليها علي التوالي و هي العين التي وصفناها سابقاً عند وصف العباء و هذه النقطة قد افرغت و لا وعاء هناك غير نفسها يحملها و يحدّها من الامتداد او الفراغ الذي هو المكان في كل عالم بحسبه او الحدود مطلقاً لانها بها تحقّقت و بها تأصّلت و عنها صدرت و منها برزت و اليها عادت و لايجري عليها ما هي اجرته و لاتبدء بها بما([126]) هي ابدته لانها قد سبقتها و هي قد لحقتها و السابق موجود قبل اللاحق فالنقطة موجودة بلا وعاء و اشار سلّمه اللّه تعالي الي حدوثها بقوله افرغت و الفاعل مجهول لم‏يأت بذكره اجلالاً و تعظيماً و تنويهاً و تقديماً و تشريفاً فاذا اثبت حدوثها صحّ وصفها بالافراغ و لمّا كان كل حادث حاملاً لاثر فعل محدثه و الحامل هو الوعاء الحامل للفيض

 

«* شرح القصيدة صفحه 128 *»

و لمّا كان الفعل ايضاً حادثاً يتسلسل لو اثبتنا للفعل المحدث لهذه النقطة فعلاً اخر قلنا هذه النقطة هي الفعل و لما كان الحادث اثر الفعل و يتسلسل لو اثبتنا لهذه النقطة اثراً غيرها لتكوّنها قلنا هي الاثر و لمّا كان الفاعل مشتقاً و المشتق فرع وجود المبدء و يتسلسل لو اثبتنا فاعل المشتق([127]) غير الفعل و المصدر قلنا هذه النقطة هي اسم الفاعل المشتق و هي الفاعل الذي هو اسم الفاعل ايضاً فقلنا هذه النقطة التي افرغت و ان كان ليس هناك وعاء غيرها لكنّها هي وعاء نفسها و هي فعل لحصول نفسها و هي اثر لفعل نفسها و هي فاعلية نفسها في مقام الاشتقاق و التعلق لا في مقام الذات و التحقق فاذن هي اسم الفاعل و الفعل و الاثر و الحامل فمن حيث اسم الفاعل حرارة و من حيث الفعل و الاثر رطوبة و من حيث الوعاء و الحاملية يبوسة و برودة فاجتمعت فيها الحرارة و اليبوسة و الحرارة و الرطوبة و البرودة و الرطوبة و البرودة و اليبوسة فاجتمعت فيها النار و الهواء و الماء و التراب و اسم الفاعل و الفعل و الاثر الذي هو المفعول المطلق و الحامل الذي هو المفعول‏به و اذا لاحظت الاربعة في الاربعة كان الحاصل ستة عشر و كل منها عين الاخر و المجموع واحد فالنار ماء و هو تراب و التراب هواء و الفعل مفعول و المفعول المطلق هو المفعول‏به و الكل عين البعض و البعض هو تمام الكل علي حدّ ما ذكره الشذوري كما نقلنا عنه سابقاً و هذا هو الجهة الجامعة و الحقيقة الواحدة التي بوحدتها متكثرة و بتكثّرها متوحدة و هي وحدة التعين الاول و كثرته و كثرته وحدته و هو مقام جمع الجمع و تعالي القديم الحق اللاتعين عن هذه الوحدة التي تشوبها الكثرة و ان كانت كل واحدة منهما عين الاخر و هذا هو معني قول الشاعر الناظم ايّده اللّه بتوفيقه و سدّده بعنايته «نقطة افرغت و ليس وعاء» مشروحاً مجملاً و لاتتوهم ان ما ذكرته لغزاً و تعمية لا و التعين الاول و الولي المطلق بل ما ذكرنا تعبير عن الواقع و لغة اهل ذلك العالم مما سمعناه و شاهدناه و قد تكلم سلّمه اللّه تعالي علي وفق المراد و المستجنّ في الفؤاد و اين الاستعداد ثمّ اين الاستعداد في اظهار المراد علي طبق ما في

 

«* شرح القصيدة صفحه 129 *»

الفؤاد ما كذب الفؤاد ما رأي و قد اشار الناظم وفّقه اللّه تعالي الي ما رأي الفؤاد لاهل الاستعداد بقوله سلّمه اللّه تعالي «ملئت حكمة و لا املاء» اي ملئت تلك النقطة المنزّهة عن الوعاء حكمة من اسرار الوجود و مستجنّات الغيب و الشهود فقد ذكر فيها كل رطب و يابس و كل جليل و حقير و كل ما في عالم الامكان من الاكوان و الاعيان في جميع الاكوار و الادوار و الاطوار علي وجه اشرف و هي الاعيان الثابتة و هي العلم المطلق العامّ و هي القدرة العامّة الواسعة المستطيلة علي الاشياء كلها.

و مختصر المقال في الحكمة ما ذكره سيدي و مولاي ابوعبداللّه جعفر بن محمّد الصادق8في تفسير قوله تعالي و من يؤت الحكمة فقد اوتي خيراً كثيراً ان الحكمة هي الولاية المطلقة و هي كما ذكره روحي له الفداء فانّ نقطة الولاية قد عمّت الوجود و لايشذّ منها شي‏ء من الغيب و الشهود فهي الحكمة العامّة التي هي وضع الاشياء في مواضعها و مشاهدة الاشياء كما هي كل شي‏ء في محله و العلم بهذه الاطوار هو علم الحكمة فهو اذن العلم باحوال اعيان الموجودات علي ما هي عليه في نفس الامر بقدر الطاقة البشرية و البشر هو البشر الاول خاتم النبوة المطلقة التي من فروعه خاتم الولاية المطلقة كما اشار اليه سيدنا و مولينا الصادق7 في زيارة خاتم الولاية و بيان بعض اوصافه عند السلام عليه السلام علي الاصل القديم و الفرع الكريم فهو الاصل القديم السابق لكونه حامل الولاية المطلقة و فاتحها و خاتمها و نقطة سرّ الولاية هي السارية في اطوار الكائنات كلها فهو اذن اصل تفرّع منه الكاينات قديم قد سبق الموجودات اول فتحت به الاوائل و اخر ختمت به الاواخر سرّ الهيمنة و نور القيومية ولكنّه مع ذلك فرع كريم فرع تفرّع من الشجرة الزيتونة التي اصلها خاتم النبوة كريم احاط كرمه الاشياء كلها و الموجودات باسرها و الاكوان بحذافيرها و الاعيان بشراشرها و تلك النقطة قد جمعت فيها جميع اسرار الحروف و في الحروف جمعت و ملئت اسرار الكلمات و في الكلمات استجنّت اسرار المعاني فالمعاني غيب في الكلمات و الالفاظ مطلقاً تكوينية كانت ام تدوينية و الالفاظ و الكلمات غيب في الحروف و الحروف غيب في الالف المتحركة و هي غيب في الالف اللينية و هي غيب في النقطة فهي غيب الغيوب و سرّ

 

«* شرح القصيدة صفحه 130 *»

الاسرار فملئت حكمة في مقام جمع الجمع و ليس هناك املاء لانه لايكون الاّ بالمملي و المملي‏عليه و حدود الاملاء و هذه الكثرات منتفية هناك اذ المفروض انه ليس هناك الاّ النقطة و هي سرّ الحكمة فاين الاملاء و المملي و المملي‏عليه فان الاول هو الالف اللينية و الثاني الالف المتحركة لانها القلم و الثالث الالف المبسوطة و هذه كلها غيب في النقطة فهي في مقام الجمع امتلأت حكمة و لا املاء الاّ نفسها كما ذكرنا في الوعاء في النقطة حرفاً بحرف فراجع تفهم ففيها الاملاء و المملي و المملي‏عليه واحد بلا تكثر و لا اختلاف لانك لاتري في خلق الرحمن من تفاوت و الاشياء السافلة مذكورة في مباديها([128]) المتصلة المتعلقة علي الوجه الاشرف و هو وجه الوحدة اشرف الوجوه و اعلاها و اكملها و اسناها و قد ظهر جزء من مائة الف جزء من رأس الشعير بوجه من وجوه تلك الحكمة فملأ اركان الوجود و احاط بكل الحدود.

ثم لمّا وصف سلّمه اللّه تعالي النقطة بما وصف من عدم الوصف اراد ان‏يذكر مظهرها و مهبط فيضها و حامل اصلها و فرعها فقال ايّده اللّه «تحت باء لها العباء غطاء» و هذه الباء هي باء العباء و هي التي اسم لحقيقة العباء كما ذكرنا و هي باء بسم اللّه الرحمن الرحيم و المراد بتحت الباء غيبها و سرّها لا الواقعة تحتها كما هو المعروف من النقطة التي تميّز الباء عن التاء و الثاء لانها حدود عرضية و صفات خارجية و علامات مميزة لا دخل لها في جوهر الذات فالنقطة هي التي قدظهر وجه منها فعبّركذا كان استنطاق العين فالنقطة افرغت من عالم اللانهاية فكانت هي الكاف المستديرة علي نفسها و بيان ذلك ان النقطة افرغت و افراغها استدارتها فكانت هاء فلو انها اشبعت بعد الاستدارة كانت هي الاسم الاعظم الاعظم الاعظم ولكنّها قبل الاشباع نظرت الي جهة المفرغ و الافراغ من حيث المصدر و من حيث المفعول المطلق و من حيث المفعول‏به فكانت اربعة اركان و الهاء لمّا نظرت الي هذه الاركان استنطقت منها الكاف و لمّا تنزّلت الي مقام انزل كانت مبدء مرتبة اخري و هي الياء و لمّا كعّبت الهاء في الياء استنطقت

 

«* شرح القصيدة صفحه 131 *»

النون و لمّا قارنت الكاف بالنون استنطقت العين فلمّا تمّت الكلمة و ظهر سرّ النقطة وجد المبدء الاول و هو الماء الذي به كل شي‏ء حي و هو الماء الذي كان العرش عليه قبل خلق السموات و الارض و هو بحر الصاد اول([129]) المداد الذي قدتوضأ منه رسول اللّه9ليلة المعراج عند وصوله الي مقام اللانهاية([130]) لصلوة الظهر للوصول([131]) الي اصل الظهور الظهور الاول الماحق كل ظلمة و الماحي كل مدلهمّة فتمّت بتمام هذه المعاني كلمة الاسم الاكبر كهيعص فالهاء استدارة النقطة و انبساطها و عند اعتبار اركانها التي هي اركان التوحيد تكون صورتها هكذا () و هو مبدء الاسم الاعظم و السرّ الاقدم و الكاف ظهور الهاء باعتبار وجوهها الاربعة و الياء تنزّل الهاء في مرتبة و العين تمام الكاف و النون الحاصل بتكعيب الهاء في الياء و الصاد اثر العين فتركبت الكلمة المذكورة كهيعص و هي جامعة للوجودين الوجود المطلق بالعين و الوجود المقيد بالصاد فلها مقام الجمع و هي مع ما فيها و عليها من المقامات مجتمعة في النقطة فلها مقام جمع الجمع فالنقطة التي هي السرّ في الكون تحت الباء اي غيب فيها و باطنها و الباء قشرها و ظاهرها و الباء عباء للنقطة جامعة لها مشتملة عليها و العباء الذي هو الجهة الجامعة غطاء للباء و هي غيب في الوجود فالباء غيب في العباء و النقطة غيب في الباء فهي اذن غيب الغيوب و سرّ الاسرار و نور الانوار و كلمة الجبار و معدن الفخار فالنقطة مقام جمع الجمع و الباء التي هي الاصل في اسم العباء مقام الجمع و العباء هو الاسم الجامع للمقامين و الغطاء في البين و هذه الحقيقة قد سبقت الكون و الوجود نفياً و اثباتاً و خلاء و ملاء فان الصادق جعفر بن محمّد صلي اللّه عليه و علي ابائه و ابنائه قال كل ما ميّزتموه باوهامكم في ادقّ معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود اليكم فما ندركه من الخلاء و الملاء و نعقله كل ذلك مخلوق داخل تحت تعين الوجود فالنفي مجازي اضافي اذ العدم المطلق لا اشارة اليه و لا عبارة عنه و التعين الاول الذي هو الولاية المطلقة قد سبق كل شي‏ء معدوم و موجود فهي موجودة قبل كل شي‏ء و بعد كل شي‏ء و مع كل

 

«* شرح القصيدة صفحه 132 *»

شي‏ء فنقطة الولاية التي هي تحت الباء المغطّي بالعباء كانت موجودة و ليس غيرها شي‏ء من الاطوار لا خلأ و لا ملأ فاذا انتفي الخلأ و الملأ لم‏يبق شي‏ء و لذا قالوا فوق العرش محدّد الجهات لا خلأ و لا ملأ فاثبت الناظم و للّه درّه من مبيّن متقن ان نقطة الولاية في محلها ثابتة قبل الخلأ و الملأ و لذا ربط نظم كلامه في التخميس و تمم كلام الشاعر المفلق الشيخ صالح التميمي سلّمه اللّه تعالي بقوله:

تحت باءٍ لها العباء غطاء   لا الخلا يوم ذاك فيها خلاء

فيسمي و لا الملاء ملاء

و انما قلنا سابقاً انه سلّمه اللّه تعالي اقتبس من كلامه الشريف لانه قد روي عن اميرالمؤمنين7 رواه ابن عباس كما ذكرنا سابقاً ان كل ما في القرءان في الحمد و كل ما في الحمد في البسملة و كل ما في البسملة في الباء و كل ما في الباء في النقطة و انا النقطة تحت الباء و الناظم ايّده اللّه و سدّده قد اقتبس منه علي اخيه و عليه السلام و شرحه و فصّله و قال ان تلك النقطة التي تحت الباء قد شملته العباء و العباء هي الباء و هي غطاء النقطة كما كانت العباء في هذه النشأة غطاء للنقطة الحقيقية الظاهرة في الاركان الخمسة([132]) كما في الدعاء يا اباالخمس بحق الخمس الاّ ما قضيت حاجتي و يسّرت امري فالنقطة عند استدارتها و ظهورها بالاركان الخمسة في مبدء شكل الاسم الاعظم كما تقدم مثاله هي ابوالخمس و الخمس اركانها كما تقدم و غيرها و هو المسمي بالخاتم كما قال اميرالمؤمنين7 في الدعاء الجلجلوتي الي ان قال7 :

و بلّغني ربي و كل مَـئاربي   بسرّ حروف يا الهي تجمّعت
ثلث عصي صفّفت بعد خاتم   علي رأسها مثل السنان تقومّت

الي ان قال7 :

و اخرها مثل الاوائل خاتم   خماسي اركان علي السرّ قد حوت

فتلك الخمسة اي اركان النقطة هي الظاهرة في هذه النشأة بالاشباح الخمسة المجتمعة

 

«* شرح القصيدة صفحه 133 *»

تحت عباء الولاية و العباء اسم للباء و هي الكتاب الجامع و النور الساطع و اللوح المحفوظ فهذه العباء الظاهرة شرح و بيان لتلك العباء الباطنة و لمّا كان الظاهر ينبغي مطابقته مع الباطن يستحب اشتمال العباء و التردّي بها في الصلوة في هذه الدنيا لبيان وصل الولاية بالنبوة و التصديق و التسليم لقوله تعالي قل لا اسألكم عليه اجراً الاّ المودة في القربي و القربي مؤنث اقرب و لا شي‏ء اقرب من النفس و الاولاد فالعباء هي الجهة الجامعة و الحقيقة الواحدة المشتملة علي حقيقة الحكمة التي جاء النبي و بعث9لتعليم الناس اياها و هو قوله تعالي هو الذي بعث في الامييّن رسولاً منهم يتلوا عليهم اياته و يزكّيهم و يعلّمهم الكتاب و الحكمة فالكتاب هو الباء و هو قول النبي9ظهرت الموجودات من باء بسم اللّه الرحمن الرحيم و الحكمة هي النقطة و اليها اشار الناظم ايّده اللّه بتوفيقه في قوله في النقطة «ملئت حكمة و لا املاء» كما شرحنا لك سابقاً و انما كرّرت العبارة و ردّدتها للتفهيم ولو اني هذّبت العبارة و اكتفيت بالاشارة لكلّت البصائر الي هذه المطالب و مع ذلك فان عرفتها فانت انت و لا قوة الاّ باللّه العلي العظيم.

ايقاظ و تنبيه: اعلم ان الناظم ادام اللّه تأييده و تسديده قد اشار في قوله «نقطة افرغت و ليس وعاء» مع ما ذكرنا سابقاً من الاشارات الرايقة و التلويحات الفايقة و ما لم‏نشر مما استجنّ في مخزن القلب و لم‏نظهرها في السطر فان كتمانه في القلوب خير من ابرازه في السطور الي الحق في مسألة اختلفت فيها الحكماء و العلماء و صارت معركة للاراء و افردت في بيانها الرسائل و اكثرت الحجج و الدلائل في ان النقطة الجوهرية التي هي طرف الخطّ المسماة عندهم بالجوهر الفرد و الجزء الذي لايتجزّي هل لها وجود في الكون و العين الخارجي ام لا و انما قيّدنا النقطة بالجوهرية لان العرضية قد اجمعوا علي وجودها و تحققها في الموضوع الذي هو الوعاء و اما الجوهرية فقد اختلفوا فيها فمن قائل بوجودها و هم المتكلمون متمسكين بالكرة المدحرجة اذا كانت صحيحة الاستدارة فانها تنقسم الي نقط و من قائل بعدمها و هم عامة الحكماء من الاشراقيين و الرواقيين و المشائين متمسكين بمنع الوسط من الاجزاء المفروضة عند الوضع الترتيبي عن تلاقي الطرفين والاّ انتفي التركيب من البين و

 

«* شرح القصيدة صفحه 134 *»

لم‏يتألف الجسم و لم‏يتركب من الاجزاء الموصوفة و هو المفروض و عدم التلاقي يورث القسمة اذ الملاقي لاحد الطرفين غير الملاقي للطرف الاخر بالضرورة والاّ حصل التلاقي و ذلك هي القسمة البيّنة الواضحة عند كل ذي‏حجي و الناظم ايّده اللّه بتوفيقه اختار وجودها و تحققها و اشار الي تحقّقها و تأصّلها بقوله «نقطة افرغت و ليس وعاء» يعني ان تلك النقطة افرغت بالافاضة من المبدء الحق الي عالم الامكان و الكون او افرغت من بحر الامكان الي عالم الكون او افرغت من البحر الذي حصل من ذوبان الياقوتة الحمراء التي كان غلظها غلظ السموات و الارض لمّا نظر اليها الحق سبحانه بنظر الهيبة الي عالم الجسم في مقام الجسم الكلي او الجسم الكل و ليس وعاء لها لتكون حالّة فيه و تكون النقطة العرضية التي اتفقوا علي وجودها و تحققها بل هي نقطة جوهرية غير متجزء و لا متقسم.

تحقيق فيه تصديق و تزييف: اعلم ان هذا الكلام اي عدم قبول قسمة الجزء او وجود الجوهر الفرد ان كان يراد به نفي القسمة مطلقاً ولو من الوجود و الماهية و التعين و الوجود المطلق فذلك ينافي الامكان و الحدوث فان الامكان علي مذهب اهل الوحدة الوجود المطلق حين التعين و علي مذهب الحكماء و المتكلمين الفعل و الانفعال الحاصلان من قوله تعالي كن فيكون و بالجملة كل ممكن زوج تركيبي و قد قال سيدنا و مولانا علي بن موسي الرضا8ان اللّه لم‏يخلق فرداً قائماً بذاته لما اراد من الدلالة علي نفسه فخلق كل شي‏ء و جعل له‏ضداً و هو قوله تعالي و من كل شي‏ء خلقنا زوجين و بالجملة تركيب الامكان من حيث هو امكان لايشكّه انسان و المركب لايكون الاّ منقسماً فالحق علي هذا التقدير مع النافين و ان كان يراد به نفي القسمة في عالم الاجسام او كل عالم كما صرّحوا بذلك فحينئذ الحق مع الناظم سلّمه اللّه تعالي و جماعة المثبتين فان حدود العالم الاسفل منتفية في العالم الاعلي و لا شك ان القسمة في كل مقام صفة تجري علي الشي‏ء من حيث هو فاذن فالشي‏ء من حيث هو هو لاتجري فيه القسمة لان المقسم غير الاقسام و كذلك اذا قلت الشي‏ء اما مقسوم او غير مقسوم او كلي او جزئي او صفة او موصوف او جوهر او عرض فالشي‏ء اي الحقيقة من حيث هي هي ليست الاّ

 

«* شرح القصيدة صفحه 135 *»

هي و الانقسام جهة مغايرة لذاتها فلاتجري عليها من حيث ذاتها فالنقطة من حيث ذاتها بالاضافة الي ما تحتها من المراتب لاتقبل القسمة و ان كانت بالاضافة الي اعلي منها تقبل فنقطة وجود كل مرتبة التي هي وجه مبدئها من حيث استدارتها علي مبدئها لاتعتبر فيها الكثرة و الاختلاف و قبول القسمة لان القسمة احوال تنزلاتها فلاتجري عليها والاّ لساوي المتنزل و الغير المتنزل و ساوي المطلق و المقيد و هو في البطلان بمكان و من حيث استدارتها علي المحور اي من حيث ظهورها بالمحور تقبل القسمة و تتجزي الكرة دائرة دوائر ففي السلسلة الطولية وجه الاعلي الي الاسفل لاتقبل قسمة الاسفل بالضرورة و ذلك الوجه في العالم الاسفل هو النقطة و هو حكم يجري في كل السلسلة و في السلسلة العرضية ايضاً تكون النقطة وجه ذلك الاعلي فلايصحّ انقسامها بحال من الاحوال و طور من الاطوار الاّ باعتبار امكان القسمة في الاعلي علي الوجه الاعلي و بالجملة ان كان نزاعهم في الاجزاء التي يتركب الجسم منها نفياً و اثباتاً اي النقطة التي يتركب الجسم منها لا توجد اصلاً للزوم القسمة علي ما ذكروا فنفيهم للجوهر الفرد مقيد بالذي يتركب الجسم القابل للطول و العرض و العمق منه فالحق مع النافي لان اجزاء المركب اذا لم‏تكن قابلة للقسمة لايحصل التركيب بالضرورة و ان كان نفيهم للجوهر الفرد مطلقاً سواء تركب الجسم منه ام لا فالحق مع المثبتين  علي الوجه الذي ذكرنا بالتفصيل الذي بيّنّا و ذلك معلوم بعد البيان ان‏شاءاللّه تعالي فمبدء كل مرتبة لاتقبل قسمة تلك المرتبة قطعاً و هو الجوهر الفرد اما انه جوهر لان العرض حالّ فيه و وجوده شرط لوجود العرض فلايصحّ ان‏يكون مبدء الوجود عرضاً فهو اما جوهر او اعلي منه و قد جري الاصطلاح ان ماعدا العرض يسمي جوهراً لحصرهم الامكان فيهما في ظاهر المقال والاّ فكلام سيدنا و مولينا جعفر بن محمد الصادق8ان اللّه خلق اسماً بالحروف غيرمصوّت و باللفظ غيرمنطق و بالشخص غيرمجسّد و بالتشبيه غيرموصوف و باللون غيرمصبوغ بري‏ء من([133]) الامكنة و الحدود مبعّد عنه الاقطار

 

«* شرح القصيدة صفحه 136 *»

محجوب عنه حسّ كل متوهم مستتر غيرمستور فاذا كان بريئاً من الحدود محجوباً عنه حسّ كل متوهم فاين مقام الجوهر و العرض لانهما من الحدود و يتعلق بهما مدارك الاوهام و كيف يكون الجوهر مستتراً غير مستور مع انه اما مستتر او ظاهر و قد قال ابن ابي‏الحديد المعتزلي في مدح اميرالمؤمنين7 :

صفاتك اسماء و ذاتك جوهر   بري‏ء المعاني عن صفات الجواهر
يجلّ عن الاعراض و الكيف و المتي   و يكبر عن تشبيهه بالعناصر

فنفي عنه7 صفات الجواهر و الشي‏ء انما يظهر بصفته و بالجملة ما ليس بعرض يسمي جوهراً علي الظاهر و لذا سميناه جوهراً سواء لاحظنا مقابلته مع العرض ام لا و اما انه فرد فلانه واحد ليس في مقامه شي‏ء سواه و كل ما سواه حدود تنزلاته و اطوار مشخصاته و جهات تعيناته فلايكون له ثاني و لا ثالث ابداً بحال من الاحوال و طور من الاطوار فاين الثاني له و لذا قلنا فرداً تبعاً لقولهم  و هو الحق و لمّا كانت النقطة في كل عالم من العوالم الالف الف جوهر فرد غير حالّة في موضوع([134]) و لا محلّ و ليس لها وعاء فما ظنّك بنقطة الولاية السرّ الوحداني و النور الربّاني و النقش الفهواني و الخطاب الشفاهي و الامر الالهي في مبدء التعين تحت حجاب اللاتعين فهي اذن نقطة حقيقية و ليس هناك وعاء لا لها و لا لغيرها اذ ليس هناك غيرها و كل ما سواها منها و لها و اليها و قد قال الشاعر و نعم ما قال:

ما في الديار سواي لابس مغفر   و انا الحمي و الحي مع([135]) فلواتها

فهي نقطة الوجود و سرّ الشاهد و المشهود و حقيقة الموجود و المفقود و لمّا صرّح الناظم ايّده‏اللّه بتوفيقه حكم الجمع و جمع الجمع و بيّن مقام الصلوة التي هي من الوصل في العباء و الجمع بين النبوة و الولاية في مقام واحد و اشار الي تلك المقامات و المراتب و المطالب التي اوضحناها و فصّلناها بوجه من وجوهها و شأن من شئونها و هيهات ان‏يجمع الكل في الكتاب او يحويه خطاب او يفصّل في سؤال و جواب لانها

 

«* شرح القصيدة صفحه 137 *»

من الكلمات التي لو كان ما في الارض من شجرة اقلام و البحر يمدّه من بعده سبعة ابحر ما نفدت و هي النعمة التي لو اجتمع علي احصائها كل امة محمّد رسول اللّه9 من العالمين عجزت عن احصاء شأن من شئونها و طور من اطوارها و هي الحكمة التي لايؤتاها الاّ ذوحظّ عظيم ذلك فضل اللّه يؤتيه من يشاء و اللّه ذوالفضل العظيم.

و بالجملة فالناظم المفلق و العالم المحقق لمّا بيّن مقام الجمع باكمل جمع اراد ان‏يشرح([136]) مقام الفرق و الفصل تبعاً لقول العزيز الحكيم في الكتاب الكريم و اتيناه الحكمة و فصل الخطاب  فالحكمة هي الجمع و فصل الخطاب كاسمه هو الفرق و الفصل فقال سلّمه اللّه تعالي في المصرع الثاني من هذا البيت و مماته استاره لك تشمل اتي بخطاب المفرد لان كل واحد في حكم واحد في مقام الجمع و الفصل يعني انتم في مقام الحيوة شملتكم معه العباء في مقام الوحدة و التوجه الي المبدء و في مقام الممات اي انتقال سيدكم و فخركم من مقام اجتماعكم معه الي المقام الاعلي و العروج الي الدرجة القصوي استاره تشملكم لان بها حصل الفراق و معها انتفي التلاق و عندها عدم التلاق فالاستار حجب مانعة و حدود قاطعة و فصول واقعة تميّز كل واحد عن الاخر و يثبت لكل حكم خاصّ به دون الاخر و لمّا كانت تلك الحدود موافقة لمحبّة اللّه تعالي و مطابقة لمشيّته كما قال تعالي خطاباً لهؤلاء المخلصين و السادة الموحدين و ماتشاءون الاّ ان‏يشاء اللّه كانت نورانية منصبغة بصبغ اللّه و من احسن من اللّه صبغة فلها في كل مقام لون خاصّ بها كما اشرنا سابقاً في الطراز الي ان نزلت في عالم الحسّ الظاهري و مقام الاختلاف و مقام نسوا اللّه فنسيهم علي الستر المعروف و هو ثوب اخضر المتحصل من صفرة الروح من امر اللّه و سواد الجسم اخر المراتب البعيدة مظهر اسم اللّه المميت و هذا هو خضرة القاف اي جبله و اما خضرة هذا الستر فانما هي من تجلي اسم اللّه البديع و اسمه الباعث فتولد من اقتران اثريهما الخضرة و المنقوش عليه لا اله الاّ اللّه هو الذكر الاول لاهل الحلقة الاولي العليا تحت الستر الاول و الحجاب الاكبر و

 

«* شرح القصيدة صفحه 138 *»

محمّد رسول اللّه9 هو([137]) الذكر الثاني لاهل الحلقة الثانية تحت الستر الثاني و الحجاب الثاني و اله و صحبه اولياء اللّه و خلفاء اللّه و هو الذكر الثالث لاهل الحلقة الثالثة تحت الستر الثالث و الحجاب الثالث و هذه الاستار قد ظهرت في هذا الستر و المجموع الظاهر و المظاهر هو الرابع و هو خليفة الخليفة و حجة الحجة و نور المحجة و الركن الرابع و النور الساطع و البدر اللامع و كل نقش دليل ستر و المجموع دليل الجامع([138]) و هو حامل اسرار الثلثة و الجامع للاذكار الثلثة و الظاهر بالاطوار الثلثة و هذا الستر دليل المرشد الكامل و الشيخ العادل الباذل مظهر الانوار و مهبط الاسرار و دليل الجنة و النار فالمقامات اربعة مقام التوحيد الخالص في لا اله الاّ اللّه و مقام النبوة المطلقة في محمّد رسول اللّه9 و مقام الولاية العامة في اله و اصحابه خلفاء اللّه و مقام الشيخ الكامل و المرشد الواصل و الدليل علي تلك المعاهد و المراحل الموصل للفاني فيه الي اشرف المقاصد و هو الحجاب الاكبر و الباب الارشد و الطريق الاقصد و العالم المسدّد مأوي الفخار و مثوي الحكم و الاثار و بقية البقية من الصفوة الاخيار حامل العناية الازلية للابرار و الاشرار مصدر([139]) العلوم و الاسرار و مهبط الفيوضات و الانوار و به تتمّ الاركان و يعتدل الزمان و يستقر الخير و النور لاهل الايمان حملة القرءان و الفرقان صلي الله علي محمد و اله و صحبه و خلفائه و خلفاء خلفائه اصحاب الحق و الايقان فبيّن الناظم اشاد اللّه شأنه و اوضح برهانه في هذا البيت اقصي مقامات الجمع و الفرق بمراتبهما و احوالهما فللّه درّه من مبين محكم متقن جارٍ علي الفطرة الاعتدالية و الطويّة المستقيمة الحقيقية.

فلمّا ذكر الستر و بعض احواله و صفاته اراد سلّمه اللّه تعالي ان‏يوضح الامر و يسفر عن وجه الستر و يكشف الحجاب عن وجه الحجاب و يبيّن ان الستر و ان كان في الظاهر([140]) هذا الستر و لكن لاتتوهم انه هو الثوب المعروف الاخضر و ان كان هو الثوب

 

«* شرح القصيدة صفحه 139 *»

المعروف الاخضر و لاتتخيل انه هو النقوش المرقومة المسطورة و ان كان هو النقوش المرقومة المسطورة ولكنّه رجال و جماعة من الابدال قد غمسوا في بحر الوصال و سبحوا لجّة الجلال و نظروا في مرايا الجمال فتجلي لهم نور الاقبال في خلال تلك العكوس و الظلال و صاروا حجباً لغير الواصلين و سلّماً لغير البالغين و حملة الافاضة من السابقين الاولين المعبّر عنهم بالقبور الحافظين في الصدور ما القي اليهم من مقامات السرور و مراتب النور و هؤلاء الابدال حجب اولئك الرجال بالمعني الاول مرّ ذكره في باب الحجاب و الستر من انه الواسطة بين الاعلي و الاسفل فقال للّه درّه و عظّم برّه و تولّي امره:

هذا رواق مدينة العلم التي   من بابها قد ضلّ من لايدخل

اقـول: يعني ان هذا الستر و الحجاب رواق مدينة العلم و الرواق مقدّم البيت و شقّته التي هي دون الشقّة العليا الاولي كما في القاموس فهنا([141]) ثلثة اشياء الرواق و المدينة و الباب و معانيها الظاهرة غنيّة عن البيان و عن التذكار و التبيان فان كتب العلماء مشحونة بذلك و اقوالهم ناطقة بما هنالك و شرطنا ان‏نكتفي بما ذكروا و لانتعرض بكل ما زبروا بل نذكر ما افيض علينا من بحر النور و ما القي علينا بحمد اللّه تعالي من عالم السرور و مما لم‏يحوه كتاب الاّ اشارات السنة و الكتاب و تلويحات العلماء الاطياب ان في ذلك لذكري([142]) لاولي الالباب.

فالرواق هو الجناب و باب الباب و حجاب الحجاب و الموصل الي الاحباب الدليل الي الدليل و السبيل الي السبيل و الحجة من الحجة و الداعي الي الخليفة و هو سلّم الطريق و هو اول الرفيق و الركن الوثيق و الجار اللصيق و المرشد علي التحقيق و نور النور و حجاب الظهور السفينة في البحر القمقام و الساحل للتيّار الطمطام و الركن الذي يلجأ اليه الانام و القطب الذي يدور عليه الايام بدر الظلام السبب العامّ و السلطان العامّ كهف الضعفاء عون([143]) الفقراء منجي الهلكي منقذ الغرقي معزّ الاولياء مذلّ الاعداء جامع

 

«* شرح القصيدة صفحه 140 *»

الكلم علي التقوي و العدل الذي ينفي عن الدين القويم تحريف الغالين و انتحال المبطلين و الحاكم علي الرعية و خليفة الامام الامين الواقف علي الثغر الذي يلي ابليس و جنوده من الشياطين المكمل للاسفار الاربعة الساير في العوالم الاربعة الشارب من حوض الولاية اوفي كأس الواقي لمن التجأ اليه من شرّ الوسواس الخنّاس الذي يوسوس في صدور الناس الكلمة العليا و شجرة التقوي من لولاه لانطمست اثار النبوة و لولاه لانهدمت اركان بنيان ظهور الولاية الناظر في الاشياء بنور التوسم العالم بغير التعلّم العارف باسرار الوجود من الغيب و الشهود و المطلع علي نقطة العلم التي كثّرها الجاهلون و انكرها الضالّون المضلّون و اقرّ بها المخلصون العالمون و العالم بسرّ المذهب و سرّ التوحيد و سرّ الولاية و سرّ القيمة و احكام يوم الطامّة و سرّ الجنة و النار و سرّ الوحدة و الاختلاف و سرّ الكثرة و الايتلاف و سرّ الجمع و جمع الجمع و سرّ الثواب و العقاب و سرّ مبدء المعاصي و السيئات و سرّ الاقبال و الادبار و سرّ الاكوار و الادوار و سرّ اليمين و اليسار و سرّ الصغار و الكبار و سرّ القلب و الاطوار و سرّ النفس التي من عرفها عرف اللّه و سرّ النفس الامارة و سرّ النفس الملهمة و سرّ النفس اللوّامة و سرّ النفس المطمئنة و سرّ النفس الراضية و سرّ النفس المرضية و سرّ النفس الكاملة و سرّ النفس النامية النباتية و سرّ النفس الحيوانية الفلكية و سرّ النفس الناطقة القدسية بقواها و اطوارها و سرّ النفس الملكوتية الالهية التي هي شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لم‏يشق ابداً و من جهلها ضلّ و غوي و سرّ الروح من امر اللّه و سرّ العقل المرتفع و سرّ العقل المستوي و سرّ العقل المنخفض و سرّ العقل بالملكة و سرّ العقل بالمستفاد و سرّ العقل بالفعل و سرّ الظهورات و الايات و سرّ المقامات و العلامات و سرّ الايات في قوله تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتّي يتبيّن لهم انه الحق فاذا عرف هذه الاسرار و جاس خلال تلك الديار فهو العروة الوثقي و النور الاعلي رواق مدينة العلم و القرية الظاهرة للسير الي القري المباركة و الحاكم الذي من انكر حكمه كفر و اشرك فالعناية من الغوث انما تتوجه اليه و به و له تصل الفيوضات الي غيره.

فان كان مع علمه بهذه الاسرار و غيرها من الاطوار خضعت له الاشياء و انقادت

 

«* شرح القصيدة صفحه 141 *»

له الامور و تيسّرت له الاسباب و خشعت له الرقاب و ذلّت له الملوك و نزلت عليه الملائكة و بشّرته بالمساعدة و المعاونة كما في قوله تعالي الذين قالوا ربّنا اللّه ثمّ استقاموا تتنزل عليهم الملائكة الاّ تخافوا و لاتحزنوا و ابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن اولياؤكم في الحيوة الدنيا و في الاخرة و اعطي الاسم الاعظم بالمعاني كلها لاسيّما الاسم اللفظي فاعطي به اجابة الدعاء متي ما اراد و كان هو المضطرّ الذي اذا دعا اجيب فتطوي له الارض و تحمله السحاب و الدنيا كلها له خطوة واحدة و يتصرف في الوجود كيفما شاء و اراد بما شاء و اراد فان ارادته لاتخالف ارادة اللّه كمشيته فتكون لهذا العالم نيابتان عن الولي المطلق: احدهما نيابة في بذل العلوم و التصرف في الاسرار كيفما يريد الولي المختار. و ثانيهما نيابة في التصرف في الوجود من الغيب و الشهود و انفعال الاشياء و ذوات الموجودات و صفاتها و اعراضها و اطوارها له تمتثل امره و تنقاد لحكمه و تخبره بخبرها و تعلمه باثرها و يشاهد الشعور و الارادة فيها و يعرف اللغات لغات الجمادات و النباتات و الحيوانات فاذا اجتمعت فيه النيابتان و تمّت فيه الخصلتان فذلك يسمي في عرف اهل الحقايق و الشهود نقيباً و هم ثلثون نفساً كما نصّ عليه اميرالمؤمنين7 و هؤلاء عددهم لاينقص ولكن اشخاصهم تتبدّل و لذا سمّوا بالابدال اذ متي مات واحد منهم جاء بدله مثله من اهل الطبقة الثانية فلاينقص عددهم عن قوي لام التعريف لانهم مصلحوا القوابل و هي لاتصلح الاّ بعد ثلثين دورة كما اشرنا اليه سابقاً و ربما نصرّح اليه لاحقاً في مقام يقتضي ذلك ان ساعد القدر و اللّه هو المساعد و المعين و هنا اشخاص موصوفون بهذه الصفات المذكورة و فوقها و لهم الهيمنة علي هؤلاء النقباء ايضاً يسمون بالاركان و هم اربعة لاتتبدّل اشخاصهم و لا صفاتهم فهم باقون الي يوم الوقت المعلوم.

فان كان جامعاً للعلوم خاصة و له نيابة في العلوم والاسرار يعطي من يشاء و يمنع عمن يشاء فهو المسمي بالنجيب و الاشخاص الذين في مقامهم يسمون بالنجباء و هؤلاء يقال انهم اربعون و الدليل العقلي و الاعتبار الاستحساني و ان كان يساعد ماذكروا و يقوّي ما علموا الاّ انّا ماوجدنا بذلك حديثاً عن النبي و اهل‏بيته و خلفائه صلّي‏اللّه

 

«* شرح القصيدة صفحه 142 *»

عليه و عليهم و لا وجدنا اية من الكتاب تدلّ علي هذا العدد و لذا توقفت عن العدد و اقتصرت بالصفة.

و بالجملة فالرواق في هذا المقام ينقسم الي ثلثة اقسام: احدها الاركان و هم اربعة موجودون باشخاصهم و اعيانهم لايتغيّرون و لايتبدّلون و لايختلفون و لهم الهيمنة علي الاشياء كلها حتي علي النقباء و ذلك اعلي المقامات و اعلي الدرجات و اقرب الي البيت. و ثانيها النقباء و هم ثلثون نفساً و لهم هيمنة علي الاشياء بطاعة اللّه سبحانه و ظهرت عليهم احكام الاسماء العظام الثمانية و العشرين و كل اسم له هيمنة علي عالم من العوالم و طور من الاطوار كالبديع المربّي لعالم العقول و قد ظهر عليه سرّ هذا الاسم فيتصرف في العقول كيف شاء اللّه من الزيادة و النقصان و الصحة و الفساد و الخلل و الثبات و كالباعث المربّي لعالم الارواح و النفوس باحوالها يتصرّف في الارواح و النفوس كيف ما يريد مما اراد اللّه و هكذا الي تمام الثمانية و العشرين من الاسماء المربّية لقوسي النزول و الصعود و المراتب كلها مجتمعة في الانسان الصغير لكونه انموزجاً من العالم الانسان الكبير فاذا ظهرت عليه اثار تلك الاسماء تظهر تصرّفاته لظهور تلك الاسماء فيدعو اللّه سبحانه بالاسم المربّي لذلك العالم فيقع الامر كما يريد و بالجملة فالنقباء قد كمّلوا الاسفار الاربعة في مراتب التكوين و الذوات و كمّلوا الاسفار الاربعة في مقام الاسماء و الصفات و كمّلوا الاسفار الاربعة في مقام الحروف و القوي و الاعداد فصاروا مظاهر للحق سبحانه في كل المقامات فيكون لهم التصرف في كل الجهات و هؤلاء الثلثون لهم الاتصال بالغوث الاكبر و السرّ الاعظم بواسطة الاركان و يتّصلون به ما ارادوا و شاءوا في كل الاحيان فكل منهم الانسان الكامل و البشر الواصل قد ظهرت فيه النفس الناطقة القدسية التي من عرفها فقد عرف اللّه و من جهلها فقد جهل اللّه و من تخلّي منها فقد تخلّي من اللّه قد ظهرت فيه القوي الخمس و الخاصيتان اما القوي فهي علم و حلم و فكر و ذكر و نباهة و اما الخاصيتان فالنزاهة و الحكمة فنزّهوا عن مقتضي الكثرات و امتلؤا حكمة من بارئ السموات و سامك المسموكات و هؤلاء هم الرواق الثاني بعد الرواق الاول. و ثالثها النجباء و هم اربعون علي ما ذكروا و قالوا و

 

«* شرح القصيدة صفحه 143 *»

هؤلاء هم الذين اكملوا الاسفار الاربعة في التكوين و لم‏يصلوا الي مقام الاسماء و الصفات و مقام سلب القيود و الانّيات مهما شاءوا و ارادوا و هم العلماء الاعلام و الامناء و القوّام و الحفاظ و الحكام و هم الذين كلّفوا بحفظ الدين و سدّ الثغور التي فيها طرق للشياطين و حفظ القلوب عن تطرّق ابليس اللعين بجنوده من الجن و الانس اجمعين و علموا طرق التعليم بامارات الحق و اليقين و معاونة([144]) الضعفاء و المساكين في امر الدين من غير ان‏يتصرّفوا في التكوين و لايلزم ان‏تنقاد الاشياء و تنفعل لهم و للنقباء هيمنة و استيلاء عليهم و نسبتهم الي النقباء نسبة النقباء الي الاركان و هم الذين ورد فيهم عن طرق اهل‏البيت:انّ لنا في كل خلف عدولاً ينفون عن ديننا تحريف الغالين و انتحال المبطلين و هم القري الظاهرة للسير الي القري المباركة في قوله تعالي و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدّرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و اياماً امنين الليل عبارة عن الظنّ و التخمين و اليوم عن العلم و اليقين و الامان عن الغلط و الفساد و هم الذين في علومهم مستندين الي كتاب اللّه و سنة نبيه9 و الدليل العقلي الواضح و اية من العالم فانه الكتاب الاكبر من قوله تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتّي يتبيّن لهم انه الحق و هم اصحاب الشريعة و الطريقة و الحقيقة و هؤلاء اخر الرواق او الرواق الثالث.

و بعض المشايخ قال ان بعد النجباء قوم صالحون و هم ثلثمائة و ستّون نفساً و هم العلماء الاّ ان مقامهم دون مقام النجباء و لم‏يثبت لنا ذلك بواضح الدليل و الذي دلّ عليه الدليل من وسائط الخلفاء و رواق مدينة العلم هو الذي ذكرناه و نصّ عليه سيد الساجدين و زين‏العابدين7 في كلام له يخاطب جابر بن عبداللّه الانصاري الي ان قال7 أتدري ما المعرفة المعرفة اثبات التوحيد اولاً و معرفة المعاني ثانياً و معرفة الابواب ثالثاً و معرفة الامام رابعاً و معرفة الاركان خامساً و معرفة النقباء سادساً و معرفة النجباء سابعاً و الحديث طويل.

 

«* شرح القصيدة صفحه 144 *»

فمعرفة التوحيد هي الوصول الي معرفة مقام الاحدية مقام الذات البحت المجهول النعت و ذات ساذج و الذات بلا اعتبار الصفات و المنقطع الوجداني مقام كشف سبحات الجلال من غير اشارة و محو الموهوم و صحو المعلوم و هتك الستر لغلبة السرّ و جذب الاحدية لصفة التوحيد و النور الذي اشرق من صبح الازل و لاح علي هياكل التوحيد اثاره فاذا بلغ الي هذا المقام فقد بلغ القرار في التوحيد بالنسبة الي مقامه و يشاهد التجلي و ظهور المتجلي و لايزال يظهر مقام اعلي فوق مقام الي ما لا نهاية له و هذا هو المعرفة اي اثبات التوحيد و المعاني هو ظهور مقام الواحدية و ظهور معاني الاسماء و الصفات كالعلم للعالم و القدرة للقادر و مقام العزة و العظمة و الجلال و الجمال و الكبرياء و القدس و السبحان و المشية و الارادة و النور و الشرف و الفخر و السلطان و الغفران و هكذا الي اخر الاسماء و الصفات فهي معانٍ للّه سبحانه و تعالي و الابواب هم([145]) الانبياء:فانهم ابواب اللّه سبحانه في التشريع و نبينا9لانه باب اللّه سبحانه في التكوين و التشريع فلايصل الي احد من الذرّات([146]) الوجودية الاّ بواسطته و واسطة الاولياء من بعده لاسيما خاتم الولاية المطلقة التي انتهت اليه الرياسة و السلطنة العامة عن خاتم النبوة9 و الامام هو الخليفة بعد النبي9 في الاحكام التشريعية و الولاية الظاهرة في حفظ الشريعة المطهرة و حفظ الاسلام و المسلمين و تأدية احكام الدين الي جميع المكلفين و ردّ شبه الخصم من الكفار و الزنادقة و الملحدين و ردّ كل ذي‏حق الي حقه بالحجج و البراهين و الاركان هم الاربعة اركان العرش و الملائكة الاربعة و الانبياء الاحياء الاربعة و هم عيسي روح‏اللّه و الخضر و الياس و ادريس و هم الاحياء الي يوم الوقت المعلوم و النقباء ثلثون و قد استفدنا عددهم من كلام مولينا اميرالمؤمنين علي بن ابي‏طالب7 و النجباء هم الذين وصفناهم سابقاً و قالوا انهم اربعون فلو كان هناك قسم اخر من الذين لهم مدخلية في الدين من التشريع و التكوين لذكره عليه الاف التحية و الثناء([147]) لانه من معدن العلم و

 

«* شرح القصيدة صفحه 145 *»

من اهل‏البيت الذين اذهب اللّه عنهم الرجس و طهّرهم تطهيراً فالابدال هم النقباء و النجباء لان اعيانهم تتبدّل اذا مات رجل من النقباء قام مقامه بعد ان‏يترقي احد من النجباء و اذا مات احد منهم اي من النجباء يقوم رجل من المؤمنين الاتقياء مقامه بعد ان‏يتأهّل لذلك بتوفيق من اللّه سبحانه و بفضل عناية من رسول اللّه و خلفائه:فاعيانهم تتبدل و صفاتهم باقية لاتتغيّر و لاتتبدّل و هؤلاء هم حملة اسرار الولاية المطلقة الظاهرة من النبوة المطلقة.

توجيه وجيه: اعلم ان الذي ذكرناه([148]) من بيان النقباء و النجباء محصّله ان الفرق بينهم باعتبار صعودهم لاكمال الاسفار الاربعة فمن سافر متصاعداً الي ان بلغ مقام مبدء تكوينه و قطع المنازل الثمانية و العشرين في التكوين و المنازل الثمانية و العشرين في التدوين و هو مراتب الحروف ثمّ صعد منها الي ان قطع المنازل الثمانية و العشرين من منازل الاسماء التي هي ارباب الانواع حافظة وجود كل مرتبة من مراتب التكوين و التدوين و مفيضة عليهما بالفيض المقدس من خزانة الفيض الاقدس فاذا قطع تلك المنازل و سري تلك المراحل فقد حصّل الاسم الاعظم الجامع الكلي بالنسبة الي جميع مراتب العوالم و الاسماء العظام المختصّة كل اسم منها بمرتبة من المراتب فقام مؤثراً في جميع شئون تلك المرتبة و اطوارها و احوالها و كل ما لها بها منها اليها عندها فهو الواقف علي فوارة القدر الجاري بامر مستقر و يفيض علي كل مرتبة بحسب اطوارها و شئونها ما يناسب مقامها و مرتبتها فقد بلغ من المقام الي ان حصّل الاسماء العظام و الاسم الجامع الكلي التامّ منفعل له الاشياء لما عنده من تلك الاسماء و تخضع لديه و تخشع عنده فهو الفعال في مراتب الوجود مما([149]) يختصّ بمرتبته في السلسلة العرضية و هذا الواصل الكامل هو النقيب و النجيب هو الذي اكمل الاسفار الاربعة في مراتب التكوين و التدوين و لم‏يقطع منازل الاسماء و لم‏يرحل اليها فمادام هو في هذا المقام نجيب و اذا رحل عنه الي مراحل الاسماء و منازلها و قطع تلك المراحل الي ان وصل

 

«* شرح القصيدة صفحه 146 *»

مقام الاسم الجامع يكون نقيباً فالنجيب قبل النضج التامّ و الاعتدال العامّ و النقيب هو المعتدل الفعال فالنجباء يصلون الي مقام النقباء و النقباء هم في كمال المرتبة و لايصلون الي رتبة الاركان لان سلسلة النقباء مع الاركان طولية و مع النجباء عرضية هذا ملخص ما ذكرناه و محصّل ما بيّناه ولكنّه في هذه الايام قد ورد وارد غيبي من عالم اللاهوت علي القلب و عرفت ان النقباء و النجباء هم قسمان لايصل كل منهما الي ما يصل اليه الاخر.

توضيح و تبيين: اعلم ان الفيض الابداعي لمّا صدر عن المبدأ الاول الحق و ان كان نسبته الي جميع محالّه و مواقعه واحدة ولكن تلك المواقع و المحالّ كلما قرب من مبدئه كان واسطة لايصال الفيض الي من بعُد عنه بحيث لايمكن ان‏يتحقق البعيد من دون توسط القريب و معني ذلك انه قد قبل ذلك الفيض قبولاً لايصلح للبعيد ان‏يقبل الاّ به كما تري اختلاف النور بحسب قربه من السراج و بعده عنه و كذلك نور الشمس بحسب قربه من الشمس و بعده عنها فما قرب من الشمس يفيض الي ما بعُد فظهور تلك الحقيقة في تلك الحدود علي تفاوت و ترتب لايمكن وجود السافل الاّ بتحقق العالي كافراد الانسان فان كل فرد و ان كان شيئاً واحداً و شخصاً واحداً لكن له مراتب في وجوده مترتبة فلايمكن تحقق السفلي الاّ بالاولي العليا كالفؤاد و العقل و الروح و النفس و الطبيعة و المادة و المثال و الجسم و العرض فان العرض لايقوم و لايتحقق الاّ بالجسم و الجسم لايتحقق الاّ بالمثال و المثال لايتحقق الاّ بالمادة و هي لاتتحقق الاّ بالطبيعة و هي لاتتحقق الاّ بالنفس و هي لاتتحقق الاّ بالروح و هي لاتتحقق([150]) الاّ بالعقل و هو لايتحقق الاّ بالفؤاد فاذا فرض عدم كل مرتبة عليا يعدم ما تحته([151]) من المراتب و صدق الحقيقة في هذه المراتب يكون بالتشكيك بالاقدمية و الاولوية و كل مرتبة من هذه المراتب لها معدّات لايصال فيض كل مرتبة الي مراتبها مثلاً الاجسام عالم مستقل يصل الفيض اولاً الي القطب ثم منه الي العرش علي جهة الاجمال ثم منه يفصّل في الكرسي

 

«* شرح القصيدة صفحه 147 *»

بالبروج و المنازل فهما المبدءان الاولان لتحقق عالم الاجسام فالعرش مبدء الاجمال و الكرسي مبدء التفصيل و لايحتاج تحقق الشي‏ء الي مبدء اخر غيرهما و لمّا كان الارض في الغاية من التدنّس([152]) و الكثافة و العرش و الكرسي في الغاية من النورانية فخلق اللّه سبحانه و تعالي السموات السبع واسطة و وصلة لايصال الفيض من العرش و الكرسي الي الارض و مايقترن بها من العناصر فهذه السموات و العرش و الكرسي و ان كانت من سنخ واحد لان الكل اجسام الاّ ان العرش و الكرسي قد سبقا السموات في الوجود فكانتا هما الواسطة في ثبوتها و تحققها و هذه السموات و ان كانت مع العناصر من سنخ واحد الاّ انها قد سبقت العناصر فكانت واسطة في ثبوتها و تحققها و هذا السبق سبق وجودي لا زماني فان السبق الزماني ليس عليه المدار فكم من سابق في الزمان متأخر في الوجود و كم من متأخر في الزمان مقدم في الوجود و التحقق الاّ الزمان الذي هو جزء وجود الشي‏ء و جزء ماهيته فان حكمه حكم الشي‏ء في حال التقدم و التأخر و السبق و اللحوق فزمان العرش مقدم علي زمان الكرسي و زمان الكرسي مقدم علي ازمنة السموات و ازمنتها مقدمة علي ازمنة العناصر لان الشي‏ء لايتجاوز وقته و ماقالته الحكماء من ان الزمان منتزع عن حركات الافلاك كلام شعري قد هدمنا بنيانه و زعزعنا اركانه في كثير من مباحثاتنا و مصنفاتنا و اجوبتنا للمسائل و بالجملة فوجود هذه الاجسام مترتبة في اصل التحقق فلايتحقق السافل الاّ بالعالي .

عود في التحقيق بطور انيق: فان تحقق لك هذا المثال و عرفت حقيقة الحال فاعلم ان العالم ينحلّ الي شيئين احدهما الاجزاء و الثاني الكل فالموجودات لها مقام في الجزئية و لها مقام في التمامية و الجامعية فكما ان الاجزاء تحتاج في تحققها الي وجود ما هو اقرب منها كذلك الكليات و مرادي بها الحقايق الجامعة كافراد الانسان مثلاً فان كل واحد تامّ في الجامعية و جامع للاجزاء الحقيقية و تمام([153]) هذا النوع لايتحقق الاّ بالوسايط كالاجزاء ففي الانسان من هو بمنزلة القطب النقطة التي يدور عليه الكون

 

«* شرح القصيدة صفحه 148 *»

بتمامه و هو الحقيقة المحمّدية صلّي‏اللّه عليها مع ما تشتمل عليه من المراتب و المقامات التي ذكرها سيد الساجدين و سند العابدين علي جدّه و عليه الاف التحية و الثناء من مقام التوحيد الذي هو مقام البيان و مقام المعاني اركان التوحيد و مقام الابواب مقام الانبياء الذين هو سرّهم و مبدء تحققهم و كلهم قطرات من فاضل سباحته في ابحر التفريد و التجريد و لجّة بحر الاحدية و طمطام يمّ الوحدانية([154]) كما ذكره الشيخ الاكبر و في الدعاء ربّ ادخلني في لجّة بحر احديتك و طمطام يمّ وحدانيتك و لذا روي انس بن مالك عن النبي9 انه سئل عن تفسير قوله تعالي اولئك الذين انعم اللّه عليهم من النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين و حسن اولئك رفيقاً قال9 اما النبيون فانا الخ فهو9جامع لمقام الابواب بعد مقام التوحيد و المعاني و من مقام الامام الذي هو مقام خلفائه و اولاده الحقيقيين الذين من سنخ ذاته و نفسه فهو9 و خلفاؤه و اولاده هو القطب الذي يدور عليهم الوجود من الغيب و الشهود و الموجود و المفقود و لولا واحد من خلفائه الحامل لولايته لساخت الارض باهلها و لذا اشتهر عند الناس كلمة صحيحة و هي قولهم لو خلّيت لقلبت و من هو بمنزلة العرش الاركان الاربعة المذكورين و من هو بمنزلة الكرسي الحامل للمنازل التي بالسير فيها يكمل القمر شهراً تامّاً ثلاثين يوماً هم النقباء ثلاثين نفساً علي ما قاله اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب7و من هو بمنزلة الافلاك السبعة هم النجباء فعلي هذا البيان التامّ تبيّن لك ان النجباء لهم مركز يدورون حوله و مقام يقفون عنده لايصلون الي مقام النقباء في حال من الاحوال و وقت من الاوقات كما ان الافلاك السبعة لاتصل الي العرش و الكرسي في حال من الاحوال و وقت من الاوقات فالسبعة في مقامها تدور و تمدّ و تستمدّ بلا انقطاع و الكرسي في محله و مركزه يدور بلا انقطاع و العرش في محله و مركزه يدور بلا انقطاع و كل عالٍ منها محل فيض للسافل و كذلك النجباء لهم مقام و مرتبة لايصل اليها احد مما تحتهم من المؤمنين و غيرهم و ان ترقوا ما ترقوا و بلغوا ما بلغوا و وصلوا الي ما وصلوا فهم قدّامهم

 

«* شرح القصيدة صفحه 149 *»

اينما ترقوا يدلجون بين يدي المدلج من عباد اللّه و خلقه من الذين تحت مرتبتهم و المستقهرين لسلطانهم و المحاطين تحت احاطتهم فهم اكملوا الاسفار و جاسوا خلال تلك الديار و بلغوا اعلي مراتب الانوار و وصلوا الي سرّ الاسرار و ساروا و قطعوا مراحل الثمانية و العشرين من منازل الاسماء و بلغوا الي الاسم الاعظم و عرفوه بسرّهم المقدّم الاقدم و استداروا علي نقطة وجودهم و فنوا عن غيبهم و شهودهم فاشرق عليهم الجبار مقدار سمّ الابرة من نور عظمته فامدّوا و استمدّوا و لم‏يزل هذا شأنهم و دأبهم الي ما لا نهاية له و اليهم اشرت فيما قلت سابقاً شعراً :

فيا لهم بشراً عزّت مدارجهم   حتي علوا رتبة الاوهام و الفكر
ساروا فطاروا و داروا اذ احاط بهم   لطف الحبيب بلا عين و لا اثر

فهؤلاء هم النجباء تنفعل لهم الاشياء و تنقاد لهم الامور و تخضع لهم الرقاب الصعاب و هم من حيث لايشعرون و اما النقباء فهم علي وصفهم المتقدم و لهم رياسة عامة و سلطنة تامة تصدر النجباء و ترد عن امرهم و ينفذ عليهم حكمهم و لذا سموا بالنقباء و النقيب انما سمي نقيباً لعلوّ شأنه و نفوذ امره و حكمه و هم نافذوا الحكم في الاشياء مما هي تحت رتبتهم علي جهة العموم و اللّه سبحانه يريد لارادتهم و يشاء لمشيتهم علي حدّ ما قال ذلك العارف الكامل الذي لعله منهم انا نترك ما نريد لما يريد اللّه سبحانه فهو سبحانه يترك ما يريد لما نريد و لايريدون الاّ ما يريد اللّه و لايشاءون الاّ ما يشاء اللّه و هو قوله تعالي و ماتشاءون الاّ ان‏يشاء اللّه و هؤلاء و ان ظهروا بالثلثين عدد قوي لام التعريف و عدد اول ميقات موسي ولكنهم اذا مات منهم واحد يقوم بدله ما هو من سنخه و رتبته لا انه يترقي احد من النجباء بل الذي يقوم بدله شخص من رتبة مقامه و مرتبته و كذلك اذا مات رجل من النجباء يقوم شخص من سنخه و مرتبته مقامه لا ان رجلاً من المؤمنين الاتقياء يترقي و يكون بدله حاشا و كلا لايكون ذلك ابداً كيف و ان المتأخر في الوجود لو ساوي المتقدم لم‏يكن متأخراً الاّ من جهة العوارض الخارجية([155])

 

«* شرح القصيدة صفحه 150 *»

كالاب الظاهري للولد الذي هو اصل لوجوده كاباء الانبياء:و اما فيما نحن فيه لايقوم احد مقام الاخر الاّ ان‏يكون من سنخه في رتبة الحدود لا في رتبة الذات ذات الحدود هذا هو الذي ورد من عالم الغيب علي خاطر هذا الضعيف بوارد غيبي و ان كان الذي ذكرنا سابقاً صحيحاً فان النجباء هم حملة العلوم و الاسرار و هم القري الظاهرة للسير الي القري المباركة و هم العلماء الذين ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين و انتحال المبطلين و تأويل الجاهلين الاّ ان الذي ذكرناه اخيراً هو الاوفق للقواعد العرفانية الجارية علي الشؤن الالهية من عالم العلم في التعين الاول فافهم راشداً موفقاً مسدّداً مؤيّداً هذا مجمل احوال الرواق علي ما عند اهل الاشراق من اهل الوفاق و الاتفاق و هو ثلثة في عين كونها واحدة الرواق الاول الاركان و الرواق الثاني النقباء و الرواق الثالث النجباء فالاول مظهر التوحيد في مقام التابعية و الثاني مظهر النبوة في ذلك المقام و الثالث مظهر الولاية في ذلك المقام و ان كان الكل مظهر التوحيد و الكل مظهر النبوة و الكل مظهر الولاية و الكل مظهر البعض و الكل مظهر الكل قال تعالي و ما امرنا الاّ واحدة ماتري في خلق الرحمن من تفاوت ، فلو كان من عند غير اللّه لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً فالناظر الي الوجه الواحد اعور و الناظر الي الوجهين في الوجه الواحد من حيث هو واحد احول و الناظر الي الجميع بالوجه الواحد لا من حيث هو كذلك بصير كامل فافهم و ابن عليه امرك.

و اعلم ان ابواب الباب و وجوه الجناب كلها واحدة اذا كان الالتفات و النظر الي ما في البيت و المدينة و ان كان النظر و الالتفات الي نفس الابواب فارتفع الباب و انقطع الجناب و كان الباب عين البيت و انقلب السافل عالياً و لم‏يكن الباب باب حطة بل  بيت ارتفع من غير ان‏يرفعه اللّه بل ارتفاعه ادعاء ما انزل اللّه بها من سلطان لقد قال مولينا و سيدنا علي بن محمّد الهادي عليهما الاف التحية و الثناء في بعض احاديثه و كلماته اذا صرت بالباب فاشهد الشهادتين و انت علي غسل الخ فكم من عجايب في هذا المقام تركتها و غرايب كتمتها لم‏اجد لها حملة و ليس لها الاّ مستجنّات زوايا القلب و لايسع بيانها الاّ بالرمز المنمنم و السرّ المعمّي لاني قد ابتليت بزمان قد مدّ الجور باعه و اسفر

 

«* شرح القصيدة صفحه 151 *»

الظلم قناعه و دعي الغي اتباعه فلبّوه من كل جانب و مكان و اجابوه باللسان و الجنان رضوا بالجهل انيساً و بالظلم قريناً فما عسي ان‏اقول و هل يسعني الاّ العزلة و الخمول غير اني كما قال الشاعر:

تعرّضت في قولي بليلي و تارة   بهند فلا ليلي عنيت و لا هندا

نسأل اللّه حسن الخاتمة الكاشفة عن الفاتحة هذا ما يتعلق بالامر الاول من الامور الثلثة التي وعدناك بيانها في مفتتح شرح هذا البيت و هو الرواق.

و اما الامر الثاني اي المدينة فاعلم انها هي رسول اللّه9 لانها مشتملة علي ثلث ميمات و حاء و دال و بيان ذلك ان الميم الاول هو المثبت ظاهراً في اول مدينة و الميم الثاني يحصل من ضرب الدال في الياء و الميم الثالث يحصل من النون لان النون بيّنات الميم و البينات صفة للزبر و الصفة تدلّ علي موصوفها بالالتزام و بالحكاية ثم ذكر الهاء في المدينة لبيان انها مخرج القسمة فاذا قسمت احد الميمات الثلث بالهاء يعني بخمسة اقسام فكانت كل قسمة ثمانية و استنطاقها الحاء فحصل عندنا ميمان و من الميم الثالث تولدت الحاء و الدال ملفوظ في اللفظ فاجتمع عندنا ميمان و حاء و دال و الميم الثالث مدغم لاجل استخراج الحاء فاستنطق محمّد فالمدينة اسم محمّد9 و من هذه الجهة قال انا مدينة العلم و علي بابها و الاضافة بيانية يعني انه هو العلم كما سنشرح و نبيّن لك ان‏شاءاللّه تعالي مفصلاً في عين الاجمال و انما كان استخراج اسم محمّد9من المدينة علي هذا النحو لسرّ غامض ابي اللّه هتكه ولكنّي الوّح تلويحاً من دون اشارة و هو ظهور المراتب الثلث من التوحيد بالوجه الاعلي و النبوة علي الوجه الاتمّ و الولاية علي الوجه الاعظم فالهاء اصل التوحيد و سرّه و اذا اشبعتها يظهر منه الاسم الاعظم الجامع لجميع الاسماء و الصفات فكان ذلك اسماً للذات و دلالته علي الهوية المطلقة فاذا لوحظ ظهوره في التعينات استنطق منها اسم اللّه العلي لان الهاء بالتعين الثاني تكون نوناً و الواو تكون سيناً و اذا جمعت الجميع و استنطقته كان علياً و هو العلي العظيم و هو العلي الكبير و انه في امّ الكتاب لدينا لعلي حكيم و قد قال مولينا الرضا عليه الاف التحية و الثناء انّ اللّه سبحانه و تعالي خلق لنفسه اسماً لغيره ليدعوه

 

«* شرح القصيدة صفحه 152 *»

بها فاوّل ما اختاره لنفسه العلي العظيم فاسمه العلي و معناه اللّه و هو سرّ التوحيد و حقيقة التفريد و اسم للذات الجامعة لجميع شئون الصفات و ماوراءه في التوحيد مقام الارتفاع([156]) عن مقام الاسم و الرسم و رفع التعين و سلب الحدود و رفع الاضافات و هناك يرفع التمييز([157]) و تطفي السُرُج و يشرق النور الذي اندكّ به الجبل و خرّ موسي صعقاً فافهم.

و اما النون ففيه ظهور النبوة لان النون تمام كلمة كن و مقام الكثرة الذكرية و مقام العلم الفعلي و مقام الاعيان الثابتة في العلم الامكاني و العمق الاكبر و ذكر الاشياء من قوله تعالي بل اتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم معرضون فيجب علي اللّه سبحانه و تعالي ان‏يبعث اليهم نبيّاً لانها اول كثرة صحبت التعين الاول فكانت اول امة و ان من امة الاّ خلا فيها نذير و النبي النذير للطاغين تحت حجاب النون و هو الكاف الموحي اليه بالوحي التكويني و التشريعي و الكاف ادم الاول و النذير الاول حامل الاسم الاعظم موصل الامدادات و الاحكام الالهية الي المستجنّات المذكورات في مقام النون و هو العمق الاكبر و البحر الزاخر و التيّار المتلاطم الموّاج ولكن اهلها ساجدة تحت عرش الجبار منقطعة عن انفسها مذهبة لانياتها لاتحقق لها و لا تذوت و لا تثبت مستقهرة تحت جلال العظمة مضمحلّة عند سطوع نور الجبروت و الهيمنة

ليس الاّ الانفاس تخبر عنه   و هو عنها مبرّء معزول

و هم اول الامم فمن شدة الوجود سمّوا بالعدم و هو قوله تعالي هل اتي علي الانسان حين من الدهر لم‏يكن شيئاً مذكورا قال سيدنا و مولانا جعفر بن محمد الصادق عليه و علي ابائه الاف التحية و الثناء كان مذكوراً في العلم و لم‏يكن مكوّناً و من هنا جاء الوجود علي النحو المذكور الذي هو المتعارف عند اهل الشهود و قال تعالي او لايذكر الانسان انّا خلقناه من قبل و لم‏يك شيئاً و من هنا جاء العدم فلمّا انعدمت انّيّاتهم رجحت وجوداتهم فسمّوا بالوجود الراجح و هو قوله تعالي يكاد زيتها يضي‏ء و لو لم‏تمسسه نار

 

«* شرح القصيدة صفحه 153 *»

و النار هي الكاف و لمّا كان الرسول لابد ان‏يكون مقروناً و متصلاً بمن ارسل اليه اقترن الكاف بالنون فقيل كن و لذا قال عزّ من قائل انما امره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فالكاف هو النبي المطلق و النور الرعية و هي عبارة عن ذكر الممكنات كلها مما يمكن ان‏يتعلق به الجعل الالهي فافهم الدقيقة بسرّ الحقيقة و تعيها اذن واعية فالنون مبدء ظهور النبوة الجامعة لجميع مراتبها و اطوارها و احوالها في اطوار تنزلاتها في الخزائن الغيبية الالهية من قوله تعالي و ان من شي‏ء الاّ عندنا خزائنه و ماننزّله الاّ بقدر معلوم فالنون اشارة الي النبوة المطلقة فالهاء هي اشارة الي التوحيد المطلق و العالم الربوبي بجميع مقاماته و الهاء هو قلب العبد المؤمن الذي قال تعالي في الحديث القدسي ما وسعني ارضي و لا سمائي و و سعني قلب عبدي المؤمن و الهاء هي التي وسعت جميع الشئونات الالهية

و اياك و اسم العامرية انني   اغار([158]) عليها من فم المتكلم

و اقول:

اخاف عليك من غيري و مني   و منك و من زمانك و المكان
فلو اني جعلتك في عيوني   الي يوم القيمة ما كفاني

و الياء و النون اذا جمعتهما تولد منهما السين و السين تكرار اللام و اللام هو النون مع اتصال الالف به فالكاف ظهرت بالالف و الالف اقترن بالنون فتولد منهما اللام فاشتق منهما اسم الولي لانا قد بيّنا في كثير من مباحثاتنا و اجوبتنا للمسائل ان سرّ الاسم في الحرف الوسط كما ان سرّ الانسان في القلب فالولي اسمه اللام لانه مربّي القوابل في ثلثين ليلة التي هي تمام عدّة ميقات موسي و تمام قوي لام التعريف و سرّ التوصيف فبذلك كان يعطي كل ذي‏حق حقه و يسوق الي كل مخلوق رزقه و الولي هو يد اللّه التي فوق ايديهم و الدال و الياء في المدينة اذا جمعتهما عند الجمع يكون يداً بها المنع و الاعطاء و الكرم و السخاء ينفق اللّه بها كيف يشاء و يستنطق من الدال و الياء عند الجمع اسما الجواد و الوهاب فبهما اظهر اللّه الجود و وهب لكل شي‏ء مايستحقه و ما

 

«* شرح القصيدة صفحه 154 *»

لايستحقه من فيض فضله و من عميم جوده فهذه هي الولاية الظاهرة و الدال سرّ التربيع و به حصل الشكل المربع اول شكل بعد المثلث بل هو تمامه و لذا ظهر بالتأليف و المحبة و المودّة و الايتلاف لانه مقام التمام و الياء اشارة الي القبضات العشر التي مايتمّ خلق شي‏ء من الاشياء الاّ بها و هذه العشرة في كل عالم لها اسماء خاصة بها تحقق تفاصيل وجود الشي‏ء و كمالاته و من هذه الجهة قال تعالي تلك عشرة كاملة و الميم اشارة الي تمام عدّة ميقات موسي و قوله تعالي و واعدنا موسي ثلثين ليلة و اتممناها بعشر فتمّ ميقات ربه اربعين ليلة و الاربعون مدة تخمير طينة ادم و انضاجها و ظهورها مشروحة العلل مبيّنة الاسباب فالميم اشارة الي الوحدة الحاصلة بالاربعين و بها الكمال المطلق فافهم فالمدينة بلفظها باقتضاء المناسبة الذاتية بين الاسم و المسمي تدلّ علي جلائل النعم و عظائم الامور بل هي محتوية علي جميع الاسرار الوجودية من الغيبية و الشهودية من الوجود المطلق الي الوجود المطلق فالميم جمع و اجمال و تمام الشي‏ء علي وجه الكمال و ظهور المقامات و المراتب علي جهة الوصل و الاتصال و روابط الذوات([159]) الوجودية الموصلة بها الي رتبة الوصال فالميم تمام و كمال و تفصيل و اجمال و الدال و الياء تفصيل الميم بان حصول هذا التأليف انما كان باصلين الدال المعبّر عنها بالاركان و الياء المعبّر عنها بالمراتب العشرة التي تدور عليها الاكوان و الاعيان و الزمان و المكان هذا اذا لاحظت الدال في الياء فيكون ظهور هذه الاركان في كل من العشرة التي بها الامكان فاذا لاحظت الياء مع الدال فهناك يداللّه الحاملة لرحمته التي وسعت كل شي‏ء قالت اليهود يد اللّه مغلولة غلّت ايديهم و لعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان و التثنية عين المفرد و المفرد عين التثنية و الفرق بالتعين و بهما ظهر الاسمان الاعليان الجواد و الوهاب اللذان لهما الهيمنة علي كل مذروء و مبروء فالجواد يجود محض التفضل و الوهاب يهب من غير استحقاق و اليد الاسمان المذكوران تعطي كل ذي‏حق حقه و توصل الي كل مخلوق رزقه و الهاء حرف ليلة القدر و الاشارة الي كفّ

 

«* شرح القصيدة صفحه 155 *»

اليد و قبضته لان الخمسة كفّ الحكيم و قبضة العلي العظيم قال تعالي و ماقدروا اللّه حق قدره و الارض جميعاً قبضته و السموات مطويّات بيمينه سبحانه و تعالي عما يشركون و الياء مع النون هو السين يس و القرءان الحكيم انك لمن المرسلين علي صراط مستقيم و السين حرف معتدل زبرها طبق بيناتها صفتها علي وفق موصوفها و ما حكي الاعتدال في جميع الحروف غيرها و هي سرّ الاعتدال و رتبة الوصال و مقام الاجمال و اصل الكمال و هو قلب القرءان و هو البيان الذي علّمه الانسان و هي الاشارة الي الكينونة الاولية و الفطرة الاعتدالية التي جري الكون عليها و هي اسم محمّد9جمعت جوامع الخير و هي اصل الحروف و اول ايجادها و معطية حقايقها و هي اول سرّ قامت بها السموات و الارض و بها الارتقاء([160]) الي العوالم العلوية و لها شكل في العرش و هي من حروف الاسم الاعظم و لها ظاهر و باطن فظاهرها صامت و به قامت السموات و بباطنه امسكت العلويات و بها ظهرت الولاية في العالمين عالم الغيب و الشهادة و عالم الظاهر و الباطن و عالم الاجمال و التفصيل و عالم الالف و الباء و بهما تمّ الكون فالسين سرّ الوجود و تمام الغيب و الشهود و مؤكد الركوع و السجود و مبين العابد و المعبود منها بدئت الاشياء و اليها تعود و النون تمام كلمة كن الوجود الراجح حوّاء و ادم الاول ارض الجرز قال تعالي و من اياته انك تري الارض هامدة فاذا انزلنا عليها الماء اهتزّت و ربت و انبتت من كل زوج بهيج فالكاف هو الماء و النون هو الارض و النبات البهيج هو قوله تعالي يكون  و هذا كله اسم محمّد9 فيدلّ هذا الاسم علي التعين الاول مظهر التوحيد المطلق و له النبوة المطلقة و الولاية المطلقة لانه كامل مطلق ظاهر بالتأليف و جامع للمراتب الكامل المكمل و هو الظاهر بالوحدة و محل جود اللّه و موضع هبة اللّه و هو يداللّه و عين اللّه و وجه اللّه و الكلمة([161]) التي انزجر لها العمق الاكبر و اليمين التي انطوت بها السماوات العاليات من العقول القادسات و النفوس المجردات و الحجب و السرادقات و القبضة التي تستقهر عندها الارض التي هي عبارة عن السفليات و اطوار

 

«* شرح القصيدة صفحه 156 *»

الظلمات و قوابل السيئات و متممات الطاعات فيالها من مدينة مااوسعها و اعظمها و مااشرفها و اكرمها فلذا اختصت الارض التي حملت ذلك النور الاعظم و السرّ الاقدم و السيد المكرّم9 بهذا الاسم اي المدينة لان المكان يناسب المتمكن و هو علي هيئة صفته و نور مرتبته قل كلّ يعمل علي شاكلته و كل ظاهر عنوان لسريرته و كل صورة شرح لمعنويته فلنقطع الكلام و علي من يفهمه([162]) السلام.

ثم نقول عند ملاحظة المدينة فالمحالّ ثلثة كما هو المتعارف بلغة اهل هذا الوقت و الزمان الاول البيت و الثاني القرية و الثالث المدينة و هذه الاوعية الثلثة كل واحد يطلق علي الاخر اذا اجتمعت افترقت و اذا افترقت اجتمعت فالبيت عند الافتراق هو المدينة و هو القرية قال تعالي في بيوت اذن اللّه ان‏ترفع و يذكر فيها اسمه يسبّح له فيها بالغدوّ و الاصال علي قراءة المبني للمفعول في يسبَّح رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه و اقام الصلوة و ايتاء الزكوة الاية فالبيوت هم الرجال و هم الخلفاء اي خلفاء اللّه و الاولياء و هم الذين اذن اللّه تعالي رفع شأنهم و اعلاء بنيانهم و حيث لم‏يقيّد اللّه الرفع بقيد و لم‏يحدّه بحدّ عرفنا انه فوق القيد و الحدّ و ما كان من البيت الذي هذا صفته اي لا نهاية لرفعته و لا غاية لعلوّه بل هو مرتفع الي ما لا نهاية له فيجب ان‏يكون ذلك البيت او تلك البيوت اقرب الخلق الي اللّه سبحانه و تعالي منزلةً و شأناً و ليس شي‏ء اقرب الي اللّه سبحانه من الحقيقة المحمديّة لقد قال الشيخ الاكبر ان اقرب الحضرات الي اللّه الحضرة المحمدية و لمّا كان اولاده الروحانيون و خلفاؤه الاقدمون الطيبون حملة انواره و قبسة ذرّات اسراره لابد ان‏يكونوا من سنخه و من حقيقته لان الولد جزء من والده كما قال تعالي ردّاً علي من جعل الملائكة بنات اللّه و جعلوا له من عباده جزءاً فيكون خلفاؤه و اولياؤه من سنخ رتبته و من داخل حضرته اقرب الحضرات الي اللّه سبحانه و حضرتهم متحدة مع الحضرة المحمّدية فاذن هم البيوت التي اذن اللّه ان‏ترفع رفعةً لا غاية لها و لا نهاية و قد قال اميرالمؤمنين علي بن ابي‏طالب عليه السلام و روحي له

 

«* شرح القصيدة صفحه 157 *»

الفداء في خطبته المشهورة ينحدر عنّي السيل و لايرقي الي الطير اي طير الاوهام و العقول و المدارك و الافهام و الاحلام لانه قال7ظاهري ولاية و باطني غيب لايدرك و هذا بعينه حكم الخلفاء المشاركين له في الولاية المضاهين له في الرتبة فافهم وفّقك اللّه و سدّدك و ايّدك و ثبّتك بالقول الثابت في الحيوة الدنيا و في الاخرة.

و اول تلك البيوت هو الذي وضع علماً لهداية الناس و مناراً لارشادهم الي طريق النجاة و الخلاص هو الذي ببكّة اي مكّة لان رسول‏اللّه9 وضع حمله في مكّة و بعث لهداية الخلق في مكّة فيه الايات البيّنات و الحجج الظاهرات و الدلائل القاهرات و البراهين الباهرات و فيه مقام ابرهيم فان شرافة ابرهيم7 و عزّته و جلالته ماظهرت الاّ بعد ظهور هذا النور من صلبه فكان بذلك له الشرف الباذخ و الفضل الشامخ و له المجد الاثيل و الكرم النبيل و كان نبينا9 مقام ظهور نور ابرهيم الخليل و هو المبارك الذي جعل اللّه سبحانه البركة في ذاته بان‏يفيض منها علي جميع ذرات الوجود مما يستحقونه من الاحكام التكوينية و التشريعية فيالها من بركة شاملة لجميع حقايق الاكوان و الاعيان و جعل سبحانه البركة في بشريته الظاهرة بان جعل نسله و ذريته من البنت الواحدة عليها و علي ابيها و بعلها الاف التحية و الثناء بحيث ملئت الاقطار و ظهرت و اشتهرت اشتهار الشمس في رابعة النهار لاسيّما في هذه الاوقات و الازمان بحيث قلّ ما تجد شخصاً لاينتمي اليه بالنسب الظاهر بل الغالب في الناس الفاطميّون و العلويّون و ساير بني‏هاشم لان شرافة اولئك من بركاته9 لان بركاته عمّتهم و شرافته خصّتهم فبركاته عامّة لانه رحمة اللّه قال تعالي و ماارسلناك الاّ رحمة للعالمين و قال سبحانه و رحمتي وسعت كل شي‏ء و خاصة ببني‏هاشم لاسيما العلويين و لاسيّما الفاطميين لاب كانت النسبة او لامّ قال تعالي و اذا نفخ في الصور فلا انساب بينهم يومئذ قال9كل نسب ينقطع يوم‏القيمة الاّ نسبي و لا ريب ان النسبة اليه9 و هو السلطان الاعظم يوم جلوسه علي منبر الوسيلة التي لها الف مرقاة و من مرقاة الي مرقاة عدو فرس الجواد الف سنة و هو9الجالس علي اعلي المراقي و الحاكم علي كل الخلق و بيده مفاتيح الجنة و النار و اليه الاياب و عليه الحساب أتريه يغفل عن اولاده و المنتسبين اليه بظاهره و باطنه و ببدنه و

 

«* شرح القصيدة صفحه 158 *»

كينونته و دينه لا واللّه ما كان الظن به هكذا بل يحسن اليهم غاية الاحسان و يمنّ عليهم عظيم الامتنان و لايفضحهم بسيئاتهم عند مخالفيهم الذين عادوهم لاجله انّ ذلك لهو الفوز العظيم هنيئاً للمنسوبين اليه جسداً و جسماً و روحاً و ديناً جعلنا اللّه منهم و من الذين لهم حظّ عظيم من بركاته انه ذوالفضل العظيم و المنّ الجسيم.

و هو9هدي للعالمين كما انه بركة لهم فانّ هدايته عمّت جميع الخلق فبين من يهديهم الي النعيم المقيم و بين من يهديهم الي العذاب الاليم لانه الموصل الي كل ذي‏حق حقه و السائق الي كل احد رزقه و هو الهادي المطلق علي المعنيين بمعني اراءة الطريق و الايصال الي المطلوب للعالمين علي جهة العموم لانّ اللّه سبحانه جعله نذيراً للعالمين فقال عزّ من قائل تبارك الذي نزّل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و من دخل هذا البيت المقدس بيت النبوة و بيت العلم و بيت الرفعة و بيت الفخر و بيت السودد و بيت الشرف و بيت النور و بيت البهاء و بيت الثناء و بيت الضياء و بيت الجلال و بيت الجمال و بيت الرحمة و بيت الكرامة و بيت السلطنة و بيت الاسماء و الصفات و بيت التوحيد و مأوي التفريد كان امناً من الشدة العظمي و البلية الكبري و الداهية الدهماء عذاب النار و غضب الجبار و الحشر مع الاشرار و حرمان لقاء الابرار و مقاسات كتاب الفجار و دخول هذا البيت عبارة عن الاذعان به و التصديق لحكمه و الانقياد لطاعته و الاجتناب عن معصيته و الدخول في دينه بشرايطه و ادابه فمن كان هكذا هو امن يوم المحشر و يوم النشر و يوم القيمة و يوم الحساب علي الصراط و يوم العقاب([163]) و هو امن في كل هذه المواقف لانّ اللّه سبحانه استجاب دعوة نبيّه لمّا دعاه و قال ربّنا لاتؤاخذنا ان نسينا او اخطأنا ربنا و لاتحمل علينا اصراً كما حملته علي الذين من قبلنا ربنا و لاتحمّلنا ما لا طاقة لنا به و اغفر لنا و ارحمنا انت مولينا فانصرنا علي القوم الكافرين استغفر الله لامته و نسب ذنبهم اليه كرامةً و تشريفاً و تعظيماً لامته فلمّا استغفر لهم اجاب اللّه سبحانه دعوته و قبل شفاعته و قال انّا فتحنا لك فتحاً مبيناً يعني فتحنا

 

«* شرح القصيدة صفحه 159 *»

الوجود بجميع ذرّاته من الغيب و الشهود ابتدأناه و ابتدعناه لك بانّا صنعناك لنا و صنعنا الخلق لك و اليه الاشارة في تأويل قوله تعالي و اصطنعتك لنفسي فاذا كان مخلوقاً و مصنوعاً للّه سبحانه و كان ماسواه مصنوعاً و مخلوقاً له ليغفر لك اللّه ما تقدّم من ذنبك اي ذنب امتك الذي نسبته الي نفسك و استغفرته فغفرنا لك ذلك بل انّا فتحنا لك فتحاً مبيناً انما فتحنا لك و خلقنا الخلق لاجلك ليكون الخلق كله لك و شفاعتك لهم عندنا مقبولة لانهم لك تمضي ارادتك و تنفذ مشيتك و تقوم حجتك فهم بين يديك تجري([164]) فيهم كل ما تريد لانك المحبوب و الحبيب و المراد و المريد و حاشا رسول‏اللّه9ان‏يقترف ذنباً او يرتكب اثماً كيف و قد خصّ اللّه سبحانه اشخاصاً بانهم عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبّحون الليل و النهار لايفترون فاذا كان اوقاتهم في الليل و النهار مستوعبة بذكر اللّه الجبار القهار و لايحصل لهم فتور و لا تهاون فاين وقت اذا يعصون اللّه سبحانه فيه لان المعصية لاتكون الاّ بالغفلة عن ذكر اللّه تعالي و قد شهد اللّه سبحانه لهؤلاء الاشخاص انهم لايزالون يسبّحون اللّه في الليل و النهار و ليس لهم فتور و ضعف عن التسبيح و التمجيد و التقديس كما قال له من في السموات و الارض و من عنده لايستكبرون عن عبادته و لايستحسرون يسبّحون الليل والنهار لايفترون و معلوم ان الذي في الارض هو الجن و الانس و الذي في السماء هم الملائكة فمن الذين عنده؟ ثم نقول هؤلاء الذين عند اللّه هكذا صفتهم هل رسول اللّه9 داخل فيهم ام لا فان كان الثاني هل هو9افضل و اشرف منهم ام لا بل هم اشرف و افضل منه و علي الثاني يلزم ان لايكون رسول اللّه9اول الخلق و مبدئهم لان الطفرة في الوجود باطلة و قاعدة امكان الاشرف ثابتة و محال علي اللّه ترجيح المرجوح و تفضيل المفضول و تأخير ما هو حقه التقديم و تقديم ما هو حقه التأخير لان ثبوت هذه الاشياء يلزم اما ان لاتكون نسبة الحق الي جميع الخلق علي السوية و التزام ذلك يوجب ان‏يكون اللّه محدوداً متجزّءاً متقسماً و ان لايكون الخلق حادثاً بل قديماً مختلفاً و

 

«* شرح القصيدة صفحه 160 *»

لايلتزم بذلك من له ادني شعور و عقل و اما ان لايكون اللّه سبحانه عالماً حيث لم‏يعلم ان ذاك اكمل و اشرف حتي يوجّه جعله و خلقه اليه دون الاخس([165]) و التزام الجهل في اللّه من الجهل باللّه و خروج عن ضرورة الاسلام و دخول في الكفر و الطغيان و اما ان يكون اللّه سبحانه و تعالي ظالماً حيث وضع الشي‏ء في غير موضعه و لانعني بالظلم الاّ هذا و ما ربّك بظلاّم للعبيد و اما ان يكون اللّه سبحانه و تعالي بخيلاً حيث بخل علي المقدم و ما اعطاه من فيض فضله و جوده و اعطي المؤخر و هو الجواد الكريم او يكون اللّه سبحانه و تعالي عابثاً حيث انه اعطي و منع من غير داع و جهة و سبب و هو الحكيم العليم و اما ان يكون اللّه سبحانه و تعالي ممنوعاً مقبوضاً علي يده حيث منع عن اعطاء المقدّم الشرافة و الفضيلة بجبر جابر و قسر قاسر لا رادّ لمشيته و لا مانع لحكمه او انه سبحانه تجدّد له سبحانه زيادة مـئونة لم‏يكن له عند خلق الاول المقدم و وجد عند خلق المؤخر فاعطاه اياه دون المقدم و اثبات هذه التوالي له سبحانه مكابرة للضروري و مزاحمة للبديهي فلم‏يبق الاّ القدح في انه9 اول خلق اللّه و اول من اختاره اللّه سبحانه بالايجاد و اول التعين و التجلي الاول و التعين الاول و الاشراق الاول و([166]) انه افضل خلق اللّه و اشرف عباد اللّه و خير الخلق و القدح في الاول قدح في ضرورة الاسلام و ما نطق به القرءان مع ان اللّه سبحانه قد بعثه علي كافة الخلق نذيراً و قال عزّ من قائل تبارك الذي نزّل الفرقان علي عبده ليكون للعالمين نذيراً و تخصيص العالمين بالجن و الانس من اسخف الاقوال فان اللّه سبحانه و تعالي قال الحمد للّه ربّ العالمين فالعالمون الذين اللّه ربهم يكون محمّد9 نبيّهم.

و بالجملة فان رسول‏اللّه9 اول البيوت و اشرفها لانه العبد المؤمن الذي وسع قلبه جميع شئون الربوبية و الاحكام الالهية و مراتب الاسماء و الصفات و هو مجمع([167]) شئون الذات و في الحديث القدسي ما وسعني ارضي و لا سمائي و وسعني قلب عبدي المؤمن و هو المؤمن الاول لانه التعين الاول و صبح الازل و اطلاق البيت عليه عند

 

«* شرح القصيدة صفحه 161 *»

العارفين باللّه حقيقة دون المجاز لان المقتضي لوضع الاسم اي اسم البيت للمسكن المعروف فيه9 اعظم و اولي فهو بيت النبوة و بيت اللّه الاعظم و المسجد الجامع المكرّم و انّ المساجد للّه فلاتدعوا مع اللّه احداً فاذا اطلق البيت علي جهة الاطلاق يراد به تلك الحقيقة المقدسة و اولياؤه و خلفاؤه و يطلق ايضاً علي مقابله اذا قيّد كما اذا قيل بيت الشرّ و بيت العصيان و بيت الفسوق و الطغيان و بيت الكفر و الضلال فانه يراد به ابليس او محالّه و مواقعه و هو ابوجهل و ابوالدواهي و فرعون و هامان و امثال ذلك فانهم بيوت الفسوق([168]) كما ان اولئك بيوت النبوة و بيوت الولاية و سيدهم رسول‏اللّه9 و كلمة اللّه و عين اللّه و وجه اللّه و هذا الذي ذكرنا هو مايتعلق بالبيت عند الاطلاق. و اما القرية فانها ايضاً رجال و قد نصّ علي ذلك في مواضع كثيرة من القرءان مثل قوله تعالي و كم من قرية اهلكناها فجاءها بأسنا و قوله تعالي و كأيّن من قرية اهلكناها و امثالهما من الايات كثيرة و ارتكاب التجوّز فيها علي خلاف قواعد اهل اللّه فان القرية محل البيوت و الحيطان و الجدران و العقود و امثالها و اللّه سبحانه خلق الانسان و جعل فيه كل ما في العالم من العلويات و السفليات و المجردات و الماديات و البسايط و المركبات و الانوار والظلمات و المعادن و النباتات و الانهار و العيون و ساير الاشياء المتفرقات كلها قد جمعها في هذاالشخص كلاً في موضعه و كل فرد من افراد الانسان قرية فان كانت جهاتها نورانية كاملة منصرفة في وجوه الخير فقرية مباركة و ان كانت جهاتها ظلمانية ناقصة منصرفة في وجوه الشر فهي القرية السوءي و هي التي استوجبت الهلاك من اللّه سبحانه و لا ريب ان القرءان كان قد نزل علي رسول اللّه9قبل خلق السموات و الارض و قبل العرش و الكرسي و قبل اللوح و القلم و قد قال سبحانه و تعالي و لقد اوحينا اليك روحاً من امرنا ما كنت تدري ما الكتاب و لا الايمان و قد قال رسول‏اللّه9 كنت نبياً و ادم بين الماء و الطين يريد به ادم الثاني لانه التعين الاول و لايعقل ان‏يكون نبياً و لايدري ما الكتاب و لا الايمان و لا ريب ان القرية كانت موجودة

 

«* شرح القصيدة صفحه 162 *»

في القرءان القديم مع رسول اللّه9 و لم‏تكن هذه القري([169]) المعروفة بين اهل اللغة الظاهرة فاين المجاز لانه ان صحّ قبل الاستعمال لايصح قبل الوضع قطعاً فكيف يتحقق الاستعمال مجازاً و لم‏تكن هذه القري مخلوقة موجودة و هل يجوّز عاقل ان‏يكون اللفظ موجوداً قبل المعني فان ذلك مكابرة واضحة فان اللفظ من عالم الشهادة و المعني من عالم الغيب و لايمكن ان‏يوجد عالم الشهادة قبل عالم الغيب لبطلان الطفرة و قاعدة امكان الاشرف و بالجملة فالقرية حقيقة في الذوات و الرجال و عالم التأويل و الباطن مقدم علي عالم القشر و الظاهر فان الباطن اب و اصل و الظاهر فرع و قشر و لايكون الفرع اصلاً و الاصل فرعاً في مقام من المقامات و حال من الحالات الاّ ان لايكون اللّه حكيماً بل كان عابثاً تعالي اللّه عما يقولون علواً كبيراً.

قاعدة كشفيّة عرشيّة: اعلم ان اللفظ اما ان‏يطلق علي معني او معنيين فان كان الاول فهو الحقيقة ان لم‏يدلّ دليل قطعي علي مجازيته و ان كان الثاني بان‏يطلق علي المعنيين او اكثر فلايخلو اما ان‏يكون بينهما ترتب ام لا فان كان هناك ترتب فلايخلو اما ان‏يكون الترتب علّية و معلولية ام لا و ان كان الاول فلا شك ان اطلاقه علي العلة حقيقة اولية قطعاً والاّ لساوي العلة و المعلول او يكون المعلول اصلاً و العلة فرعاً و هو في البطلان بمكان اذا كان الواضع حكيماً و اذا كانت علائم الحقيقة في الاطلاق علي المعلول موجودة فالاطلاق هناك حقيقة بعد حقيقة ليس من باب الاشتراك اللفظي لان الشرط فيه اتحاد الصقع و البينونة بين المشترك بالاشتراك اللفظي بينونة عزلة لا بينونة صفة و العلة و المعلول بينونتهما بينونة صفة لا بينونة عزلة و لايصح ان‏يكون الاشتراك معنوياً لاستلزامه حقيقة واحدة و معني واحداً و العلة و المعلول لاتجمعهما حقيقة واحدة والاّ لم‏يكن احدهما اولي بان‏يكون علةً و الاخر معلولاً الاّ من جهة بعض العوارض الخارجية المقتضي لصدق العلة مجازاً دون ان‏يكون حقيقة و لايصح ان‏يكون حقيقة و مجازاً لان المفروض عدم المجازية و لايصح ان‏يكون منقولاً لان الشرط في

 

«* شرح القصيدة صفحه 163 *»

النقل هجر الاول و المفروض انه ليس بمهجور و لايصح ان‏يكون مرتجلاً لفقد الشرطين فوجب ان‏يكون حقيقة بعد حقيقة و يكون الثاني ايةً و دليلاً للاول حاكياً لصورته ظاهراً علي شاكلته و ان كان الترتب بينهما ليس بالعلّية و المعلولية بل باللبّ و القشر و الاثر المنفصل([170]) فاللفظ موضوع للمعني الجامع و صدق ذلك الامر الجامع علي المعاني التي يطلق عليها و يصدق عليها بالتشكيك ان([171]) لم‏يدلّ هناك دليل علي ارادة خصوصيات الافراد و ان لم‏يكن ترتب و لا دليل علي خصوصيات الافراد و يصح ان‏يكون هناك جهة جامعة للجميع فالوضع للمعني الجامع لقربه الي الوحدة التي هي المتعينة باللحاظ و الكثرة لا خير فيها فلاتلحظ الاّ لامر عارض و دليل خارج و ان لم‏يكن هناك امر جامع او علم عدم ارادة الواضع فالوضع للجميع بالاشتراك و يراد جميع المعاني عند الاطلاق فخذ ماذكرنا لك قاعدة كلية تصرفها في جميع تصاريف الالفاظ و المعاني و الصور و المباني و الحقايق الاول و الثواني فتعرف بذلك ان البواطن و الاسرار كلها حقايق اولية و الظواهر و القشور حقايق ثانوية و هي مجازات للاولية بعين كونها حقايق فلو لوحظ مجازيتها لم‏يكن الثاني اية و حكاية لان بين الحقيقة و المجاز لابد من العلاقة و العلاقة و الرابطة تقتضي الاثنينية و الاثنين كل واحد حجاب للاخر لا دليل علي الاخر([172]) لقوله تعالي ماجعل اللّه لرجل من قلبين في جوفه و الدليل ان لم‏يلحظ المدلول فيه لم‏يكن دليلاً بل كان حجاباً و ان لوحظ في عين ملاحظة الدليل بدون ملاحظة الدليل و المدلول فهناك يكون دليلاً فلا دلالة الاّ اذا اتحد في اللحاظ فاذا نظرت الي الصورة التي في المرءاة و لاحظت انها هي الصورة و هي المنفصلة عنك الصادرة منك و هي شبحك و اشراقك ففي هذه الملاحظة ليست دليلاً عليك و لا سبيلاً اليك و اما اذا قطعت النظر عن ملاحظتها و رأيت نفسك ظاهراً فيها لا من حيث الظهور و لا من حيث الصورة بل من حيث نفسك فانت([173]) تري نفسك لكنها في ظهور شبحك بل

 

«* شرح القصيدة صفحه 164 *»

ماتري الاّ شبحك و لذا اذا سئلت عن هيئة صورتك تجيب عما المرءاة عليه لا عما انت عليه فعلم ان الذي وصلت اليه شبحك و هو دليلك و هو المدلول عليك فلو كان المدلول هو ذاتك ماوصفتها علي هيئة الشبح ولو كان الدليل غير الشبح كان قد حجب([174]) عنك لان الغير من حيث المغايرة حاجب لا دليل فاتحد المدلول و الدليل مع ان المدلول غيرالدليل و قد اشار الي ما ذكرنا سيدنا الحسين عليه الاف التحية و الثناء الهي امرتني بالرجوع الي الاثار فارجعني اليها بكسوة الانوار و هداية الاستبصار حتي ارجع اليك منها كما دخلت اليك منها مصون السرّ عن النظر اليها و مرفوع الهمة عن الاعتماد عليها انك علي كل شي‏ء قدير و الشاهد في قوله روحي فداه مصون السرّ عن النظر اليها الي اخر فبالجملة فالبواطن حقايق لا مجازات بل المجاز عند اهل المجاز و اهل الحقايق ليس عندهم مجاز قال اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب عليه الاف التحية و الثناء انما تحدّ الادوات انفسها و تشير الالات الي نظائرها و المجاز لضيق المجاز و الحقيقة هي الاصل في اول الطراز ماادري ما اقول :

كم ذا تُموّه بالشعبين و العلم   و الامر اوضح من نار علي علم
اراك تسأل عن نجد و انت بها   و عن تهامة هذا فعل متهم

فلنقبض العنان و للحيطان اذان و تعيها اذن واعية.

فالقري رجال اهلكوا و رجال بورك عليهم و قد قال سبحانه و جعلنا بينهم و بين القري التي باركنا فيها قري ظاهرة و قدّرنا فيها السير سيروا فيها ليالي و ايّاماً امنين فالقري المباركة رجال لاتلهيهم تجارة و لا بيع عن ذكر اللّه يعني لاتشغلهم الامور الدنيوية و مقتضيات الانّية عن ذكر اللّه الذي به تطمئن القلوب فهم مطمئنوا القلب باردوا الفؤاد لايصيبهم شك و لا وهم و لا ريب و لا وسوسة و لا سفسطة و لا ظن و لا مايوجب الفتن و لا المحن و قد قال سيدالعابدين و امام الزاهدين في المناجات الي ان قال روحي له الفداء فانّ الشكوك و الظنون لواقح الفتن و مكدّرة لصفو المنايح و المنن و هؤلاء([175]) الرجال

 

«* شرح القصيدة صفحه 165 *»

لايلهيهم التكاثر حتي يزوروا المقابر ابدانهم مع الناس و قلوبهم معلّقة بالرفيق الاعلي و هؤلاء هم القري المباركة و هم الانبياء و الخلفاء الذين من سنخهم المأخوذون من حقيقتهم و هم الذين بارك اللّه سبحانه فيهم بكمال البركة علي ما وصفنا لك سابقاً من بعض البركات التي كانت لسيد الكاينات9 و حيث ان البركة ما قيّدها بقيد و لا حدّها بحدّ عرفنا ان‏المراد به البركات كلّها و الفيوضات باسرها و قد ورد عن طريق اهل‏البيت انّ القرءان ذلول ذاوجوه فاحملوه علي احسن الوجوه و الذي حاز البركات باسرها و جميع الفيوضات بحذافيرها و اختص بالكرامات كلها و ظهر بالتجليات جميعها ليس الاّ الولي المطلق و النبي المطلق و قد تبيّن و وضح سابقاً و سيتضح لاحقاً و عليه اجماع العارفين الكاملين ان النبوة المطلقة و الولاية المطلقة منحصرة في الحضرة المحمّدية و تلك الحقيقة المقدسة بشعبها و حدودها و اطوارها هي القري المباركة علي المعني العامّ الشامل و الوجه التامّ الكامل و القري الظاهرة علماء امته الذين هم كانبياء بني‏اسرائيل تأدبوا بادابهم و نهجوا منهجهم و اختصوا بهم و انقطعوا اليهم و قالوا([176]) عنهم و مالوا اليهم و اعرضوا عن اعدائهم و قصروا انظارهم فيهم و مدّوا اعناقهم اليهم و شخصوا ابصارهم نحوهم و توجهوا بكلهم اليهم فاستشرقت سرائرهم من انوارهم و استضاءت بواطنهم من نور اسرارهم و ظهر فيهم سرّهم و صاروا هم الوسايط بينهم و بين رعيتهم الايتام المنقطعين عنهم القاصرين الغيرالبالغين في معرفتهم و ادابهم و هؤلاء القري الظاهرة الذين وصفناهم لك في الرواق الاول و الرواق الثاني و الرواق الثالث و هم الرواق و القري الظاهرة و اولئك العوام الجهال الذين يجب عليهم الاخذ عنهم و السير اليهم هم الرواقيون يعني منسوبين([177]) الي الرواق لا انهم الجالسون في الرواق و هؤلاء القري الظاهرة يجب علي الناس كافة السير فيهم اي الاخذ عنهم و السؤال منهم لانهم اهل الذكر و هؤلاء هم الذين لايعلمون فيجب الاخذ عنهم ليالي و اياماً امنين يعني مقلدين يأخذون قولهم عن محض التقليد فيبيّنون لهم بالقول السديد بفائز([178]) التسديد و

 

«* شرح القصيدة صفحه 166 *»

التأييد و هذا هو المراد بالسير في الليالي فان الساير في الليل يتوجه الي المقصود و يصل اليه ولكنّه لايري شيئاً و لاينظر الي الطرق و لا الي الدلايل و العلامات الموصلة الي المطلوب و اذا ساروا فيهم يعني اخذوا عنهم بالبرهان و الدليل بالكتاب و العقل المستنير كما افصح عنه قوله تعالي فاسألوااهل الذكر ان كنتم لاتعلمون بالبينات و الزبر البينات هي البراهين العقلية و القياسات الاعتبارية المطابقة للواقع و الزبر الكتاب و السنة و العقل وحده لايكفي و النقل وحده لايبصر به لانه تقليد و اما اذا حصل الدليل و البرهان العقلي و مشاهدة الايات الافاقية و الانفسية يكون الاخذ عنهم علي بصيرة و يقين و بيّنة من اللّه رب العالمين و هم الذين يدعون الي اللّه بعلم و هدي و كتاب منير و هذا معني سيرهم في القري اياماً و اليوم عبارة عن البصيرة و البينة و هم اي المقلدون التابعون في كل هذه الاحوال امنون عن الخطاء و الغفلة و السهو لانهم اهل الذكر و الذكر مضاد للنسيان و الغفلة و لانهم هم الذين جاهدوا في اللّه و احسنوا و اللّه معهم و اللّه سبحانه ليس مع المخطين لقد قال تعالي الذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سبلنا و ان اللّه لمع المحسنين و المراد بهذه المعية معية عناية و كرامة و تسديد و تأييد لا معية قيومية من قوله تعالي مايكون من نجوي ثلثة الاّ هو رابعهم  الي ان قال سبحانه و هو معكم اينما كنتم و قال تعالي و نحن اقرب اليه منكم ولكن لاتبصرون فالمعية في قوله تعالي و انّ اللّه لمع المحسنين معية اكرام و احسان و انعام و امتنان فلايكون ذلك الاّ بحفظ عن الوقوع في الخطاء و منع للشياطين المغوية لهم و بالجملة اللّه سبحانه لايكون الاّ مع اوليائه بالمعني الذي ذكرنا الا انّ اولياء اللّه لا خوف عليهم و لا هم يحزنون فالتابعون السائرون في هذه القري الظاهرة الي القري المباركة امنون مطمئنون غيرمضطربين و لامشوّشين عالمون عارفون و هم الذين قال سبحانه لايملكون الشفاعة الاّ من شهد بالحق و هم يعلمون و السائرون في القري اي التابعون و المتبوعون الذين هم القري كلهم عالمون الاّ ان علوم القري عن مشاهدة و عيان و علوم التابعين عن دلالة و بيان و الفرق عظيم و الخطب جسيم فافهم.

و اما المدينة عند الاطلاق تطلق علي كل فرد من افراد الانسان بل كل ذرة من

 

«* شرح القصيدة صفحه 167 *»

ذرات الاكوان بعين ما ذكرناه في القرية قال الشاعر:

كل شي‏ء فيه معني كل شي‏ء   فتفطّن و اصرف الذهن الي
كثرة لا تتناهي عددا   قد طوتها وحدة الواحد طي

فكل شي‏ء لاشتماله علي مقتضيات و خواص و صفات و اسماء و ذوات و جواهر كل شي‏ء كلاً([179]) من الكل مدينة جامعة لجميع الاحوال و المراتب و حصن مانع عن دخول الاغيار ان في ذلك لذكري لاولي الابصار و هذا الذي ذكرنا بيان الاسماء الثلثة عند الاطلاق و تطلق([180]) البيت علي ما تطلق عليه القرية و تطلق القرية علي ما تطلق عليه المدينة و معني الكل واحد لان كل شي‏ء مركب من العناصر و جميع الموجودات علي تفاصيلها كلها انما تشعبت من العناصر و قد روي ان ادم علي نبينا و اله و7 لمّا تفرّقت اولاده بعد ان كثرت و تشتّتت في البلاد احب ادم7ان‏يطلع علي احوالهم و سأل اللّه سبحانه ذلك و اللّه سبحانه و تعالي اراد ان‏يعرّفه و ذريته([181]) هذه المسألة احتواء كل شي‏ء علي كل شي‏ء و ان يقنّن له قانوناً يستخرج منه سرّ هذا الامر لمن يعقل و يتدبّر امر جبرئيل ان‏يخطّ بجناحه في الارض اربع نقط كل واحدة تحكي الاخري فلمّا رأي ادم7تلك النقط علي الترتيب اراد ان‏يحصّل امراً جامعاً لايشذّ شي‏ء منها فشبّه النقطة الاولي بالنار و الثانية بالهواء و الثالثة بالماء و الرابعة بالتراب و حصّل شكلاً ثم نسبه الي نفسه فتولد منه سته‏عشر شكلاً و هي بيوت الرمل يستخرج منها جميع مايريد الانسان من احوال العالم من العلويات و السفليات و الظواهر و المخفيات و المجردات و الماديات و التامّات و الناقصات و الكاملات و الناضجات و الغير الناضجات و الذاتيات و العرضيات و الحقايق و المجازات و الضمائر و المستسرّات بل و جميع ما في الارضين و السموات من احكام الموجودات كل ذلك بقرانات تلك النقط و الاضافات و لمّا بيّنا بالبراهين القطعية ان كل ما تعلق به الجعل يجب ان‏يكون فيه العناصر الاربعة ظاهرة بكيفياتها و اثارها و جميع الذرات انما تحققت بتلك القرانات الاّ

 

«* شرح القصيدة صفحه 168 *»

ان بعضها ظاهرة بحصول الشرايط و المتممات و اغلبها مخفية تنتظر وجود المتممات و المكمّلات وجب ان‏يكون في كل شي‏ء معني كل شي‏ء فافهم و لاتكثر المقال فانّ العلم نقطة كثّرها الجهال هذا ما يتعلق بالامور الثلثة اذا انفرد كل منها بالذكر.

و اما اذا اجتمعت فقيل مدينة و قرية و بيت و بينها فرق واضح عند اهل اللسان الحقيقي اما المدينة فهي السواد الاعظم و اما القرية فهي التابعة للسواد الاعظم و اما البيت فهو اجزاء القرية و المدينة فعلي هذا فالمدن بالنسبة الي اجزاء العالم ثلثة المدينة الكبري و هو العالم الاكبر و المدينة الصغري و هو العالم الاصغر عالم الانسان فانه المختصر من اللوح المحفوظ و الجامع لجميع ما في عوالم الغيب و الشهادة و قد قال اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب7الصورة الانسانية هي اكبر حجة اللّه علي خلقه و هي الكتاب الذي كتبه بيده و هي الهيكل الذي بناه بحكمته و هي مجمع صور العالمين و هي المختصر من اللوح المحفوظ و هي الشاهد علي كل غائب و هي الحجة علي كل جاحد و هي الصراط المستقيم و الصراط الممدود بين الجنة و النار لقد جمعت هذه الصورة جميع ما في الوجود من الغيب و الشهود و الظاهر و الباطن و قد قال ايضاً اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب عليه السلام و روحي له الفداء في الابيات المنسوبة اليه:

دواؤك فيك و ماتشعر   و داؤك منك و ماتبصر
اتزعم انك جرم صغير   و فيك انطوي العالم الاكبر
و انت الكتاب المبين الذي   باحرفه يظهر المضمر

و في قوله تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبيّن لهم انه الحق دلالة صريحة علي ما ذكرناه من انطواء الانسان علي كل ما في الاكوان و الاعيان زايداً علي ما ذكرناه سابقاً من كون هذا الانطواء في كل شي‏ء لان الجمع المضاف يفيد العموم الاستغراقي فيكون جميع ايات اللّه كلها ظاهرة موجودة في مقامين الافاق و انفس الخلايق و كل ما في الافاق من الايات كلها في الانفس و قد علمت ان كل حادث من الحوادث و كل موجود من الموجودات بحدوثها و كينونتها اية من الايات و الايات كلها موجودة في الانسان و ستري في اخرالزمان و كل الموجودات باجمعها وجب ان‏تكون

 

«* شرح القصيدة صفحه 169 *»

موجودة في الانسان فعلي هذا فالانسان مدينة كبيرة لكنها صغيرة لصغر ما في هذه المدينة من الالات و الاسباب.

و المدينة الثالثة المولود الفلسفي الولد العزيز قرة عين اهل التميز اخت النبوة و عصمة المروة الناس يعلمون ظاهرها و يعلم اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب روحي له الفداء ظاهرها و باطنها و هذه مدينة قريبة للمدينتين لكنها متوسطة في البين فالمدينة الاولي لكبرها و سعتها لاتدركها الابصار و لاتنالها ايدي الافكار لانها اوسع من دائرتها و اعظم من حيطتها و هي كما قال مولينا و سيدنا جعفر بن محمد الصادق7خلق اسماً بالحروف غيرمصوّت و باللفظ غيرمنطق و بالشخص غيرمجسّد و بالتشبيه غيرموصوف و باللون غيرمصبوغ بري‏ء عن الامكنة و الحدود مبعّد عنه الاقطار محجوب عنه حسّ كل متوهّم مستتر غيرمستور و هذه المذكورات كلها صفات هذا العالم الكبير لانه ليس بالشخص مجسّد لان الشخص و الفرد و الجسم و الجسد بعض اجزائه فلايوصف الكل بما يوصف به الجزء و ليس باللفظ منطق لان اللفظ من بعض اجزائه و لا بالتشبيه موصوف و لا باللون مصبوغ الي اخره فان كل ذلك من بعض اجزائه و هي بري‏ء من الحدود لان بعض اجزائه الغير المحدود و بري‏ء عن الامكنة لان المكان من بعض اجزائه و حينئذ فالامر كما قال روحي له الفداء محجوب عنه حسّ كل متوهم.

و اما الانسان المدينة الصغري فمن جهة صغر حدودها و الاتها و ساير ما يتعلق بها و خفائها لايمكن الاحاطة بها الاّ اوحدي الزمان و نادرة الاوان ممن اشهده اللّه خلق السموات و الارض و خلق نفسه و اما المدينة الوسطي فليست في الصغر كالثانية و لا في الكبر كالاولي و لذا سمّوها مرءاة الحكماء فانهم اذا تصعّب عليهم امر من الامور الغيبية و الشهودية و الروحانية و الجسمانية كانوا يستعملون هذه المرءاة لتكشف لهم حقيقة الامر و فيها ما في كل من المدينتين من الاحكام و الاحوال و الاثار و الافلاك و العناصر و المتولدات و الانبياء و الاولياء و السعداء و الشهداء و الاخيار و الاشرار و الفجار و الفساق و اعداء الانبياء و الخلفاء و فرعون و هامان و قارون و جميع الروايح الطيبة العطرة و الروايح الخبيثة العفنة و السمومات و الترياقات و بالجملة فكل شي‏ء

 

«* شرح القصيدة صفحه 170 *»

يتخيله الانسان او يراه بالوجدان من احوال المدينتين يراها ظاهرة في هذه المدينة المعظمة المشرفة و كل ذلك لتوليد الولد الواحد و هكذا كل من المدينتين انما تأسّست و تمّت و ارتبطت و اقترنت بتوليد ولد واحد و هو الشجاع الذي يهزم الصفوف و لايكترث بالالوف فهذا لاينافي ما قلنا سابقاً من ان كل شي‏ء فيه معني كل شي‏ء فلا اختصاص للمدن بهذه الثلثة لان ما ذكرناه صلاحية ان‏يكون كل شي‏ء فيه معني كل شي‏ء و ليست تلك الاشياء ظاهرة بارزة فيه و انما يعرفها دقيق النظر لما يظهره من الدليل و اما هذه الثلثة فالانطواء و تحقق الاشياء و الذرّات([182]) فيها ظاهرة غيرخفية متحققة متكيفة متميزة تظهر بادني روية و لذا قال تعالي و في انفسكم افلاتبصرون و من هذه الجهة خصّصنا هذه الثلثة لظهور الامر فيها دون غيرها و هذه الثلثة هي المدن و اما ماعداها كلها قري توابع او بيوت اجزاء و ليس لنا الاقبال الان في ذكر تفاصيل تلك القري و معني كونها اتباع و تفاصيل تلك الاجزاء و معني كونها بيوتاً معني يطول به الكلام و يخرجنا عما نحن فيه من المرام فنقصد ما هو الاهمّ من المهامّ.

فنقول العالم ما سوي اللّه كله من غير استثناء يدور علي مدينة و قرية و بيت فالمدينة هي الحقيقة المحمّدية بالمعني الاول و هو السابقون من المهاجرين الذين هاجروا الي اللّه سبحانه بقدم الاقبال و التوجه حتي كشفوا سبحات الجلال و محوا الموهوم و هتكوا الستر و انجذبت صفات التوحيد حتي اشرق لهم النور المشرق من صبح الازل فلاح علي هياكل التوحيد اثاره و انما افردنا ضمير هو و جمعنا السابقون للنكتة التي ارادها اللّه سبحانه من قوله تعالي بكلمة منه اسمه المسيح عيسي ابن مريم و قول رسول اللّه9اما النبيون فانا و قوله7 في الدعاء مقاماتك و علاماتك التي لا تعطيل لها في كل مكان يعرفك بها من عرفك لا فرق بينك و بينها الاّ انهم عبادك و خلقك فتقها و رتقها بيدك بدؤها منك و عودها اليك اعضاد و اشهاد و مناة و اذواد و حفظة و روّاد فبهم ملأت سماءك و ارضك حتي ظهر ان لا اله الاّ انت انظر كيف انّث الضمير و افرده

 

«* شرح القصيدة صفحه 171 *»

ثمّ ذكّره و جمعه و المعني واحد و لذا قلنا هو السابقون الاولون من المهاجرين الي اللّه و الانصار الذين نصروا خلقه باتخاذهم اللّه عضداً لخلقه و وجودات الاشياء من اشعة امداداتهم و صورها من اشراق هياكلهم و اصلها تفرّع منهم لانهم في مقام التعين الاول و الحق المخلوق به و هو واحد و هو جمع و هو عالٍ و هو دانٍ و هو متسع و هو مضيق و هو بحر و هو برّ و هو سماء و هو ارض و بالجملة هو التعين الاول و وجه الازل و النور لم‏يزل و هذه المدينة تشتمل علي محلات مختلفة بالسعة و غيرها ولو اردنا ان‏نحصي محلات هذه المدينة لعجز عنها قلم الاحصاء فضلاً عن الاستقصاء ولكني اتٍ بما هو الميسور من بيانها لانه لايسقط بالمعسور.

اما المحلّة الاولي من هذه المدينة فمحلة التوحيد و مقام التفريد و التجريد و هي محلة وسيعة لا غاية لها و لا نهاية لاينقطع السائر عن سيره ابداً و لايصل اول درجة من هذه المحلة و لايسير في هذه سوي اهل المدينة و اما ما سويهم فقد انقطع سيرهم دونها و مايمكنهم الوصول الي اقل درجة منها و هي اعمر المحلات و اوسعها و اكبرها مع انه ليس هناك بيت و لا باب و لا سقف و لا حائط و لا جدار و هي مشرقة بالنور مملوة بالسرور مجلس المحبين مأوي المشتاقين مكان الانس و موضع القدس غاية مطلب الطالبين و نهاية مقصد القاصدين و اعلي امل الاملين و منتهي مني المريدين فعندها انقطع الكلام و انتهي المرام و ان الي ربّك المنتهي.

المحلّة الثانية محلة الاسم الاعظم و النور الاقدم و السرّ المعمي و الرمز المنمنم.

المحلة الثالثة بحر الاسرار المختصّ بالعزيز الجبار و مبدأ الانوار ظاهره مظلم للاغيار و قد قال اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب عليه السلام و روحي له الفداء بحر مظلم كالليل الدامس كثير الحيّات و العقارب و الحيتان يعلو مرّة و يسفل اخري في قعره شمس تضي‏ء لاينبغي ان‏يطلع عليها الاّ الواحد الفرد فمن تطلّع عليها فقد ضادّ اللّه في ملكه و نازعه في سلطانه و باء بغضب من اللّه و مأويه جهنم و بئس المصير  و هذا هو الغيب الذي لايعلمه الاّ اللّه من قوله تعالي قل لايعلم الغيب الاّ اللّه و عنده مفاتح الغيب لايعلمها الاّ هو ثم انّ اللّه عنده علم الساعة و ينزّل الغيث و يعلم ما في الارحام و ماتدري نفس

 

«* شرح القصيدة صفحه 172 *»

ماذا تكسب غداً و ماتدري نفس باي ارض تموت و هذه الامور و الغيوب كلها تنشؤ من هذا البحر المتلاطم و التيّار المتعاظم.

المحلة الرابعة محل الاسماء الثلثة اللّه الحي القيّوم.

المحلة الخامسة مقام الاسماء الثلثة و السبعون التي عند ادم7 من قشورها خمسة و عشرون و عند نوح7خمسه‏عشر و عند ابرهيم خليل الرحمن ثمانية و عند موسي اربعة و عند عيسي7روح اللّه اثنان و الباقي كله عند نبينا محمّد9 الاّ واحد منها و زيادة ما عند ادم7ليس من ذاته و انما هو لامور خارجة لانه في مبدء الصعود و العالم في الغاية([183]) من الخراب و الفساد فيحتاج الي معونة زيادة و الواحد منها مختصّ باللّه سبحانه و تعالي و هو الشمس الذي في قعر البحر المذكور انفاً.

المحلة السادسة مقام باقي الاسماء العظام فانها تحت هيمنة هذه الثلثة و سبعين.

المحلة السابعة مقام الوجود المطلق و الحق المخلوق به و فلك الولاية المطلقة و الاختراع و الابتداع عالم احببت ان اعرف و المحبة الحقيقية و التعين الاول و النور الازل و صاحب الازلية الاولية و الازلية الثانية.

المحلة الثامنة البحر المتعاظم و التيّار المتلاطم البحر المواج مقام الابتهاج مرتبة الذكر مبدء الامكان و سرّ الاكوان بحر لايساحل و طمطام لايطاول.

المحلة التاسعة موارد الافعال السبعة الماضي و المضارع و النفي و النهي و الجحد و الاستفهام و الامر و موارد هذه الافعال هي التي تشعّبت الفعل المطلق الي هذه السبعة.

المحلة العاشرة رتبة الفؤاد و باب الاستعداد متعلق فعل الامر كن المجيب الممتثل للكاف من كن قبل تمامه و ان كان بعد تمامه و هو الواقف في مقام الصفة باب لاتعين و هو الماء الذي به حيوة كل شي‏ء و هو المعبّر عنه بالوجود المقيّد و عالم النور و مقام السرور و وادي المحبة و سرّ الالفة و هو مع انه وجود مقيد سرّ اللاهوت و وجه الحي الذي لايموت و هو تمام الوجود الراجح و مبدء الوجود الجايز فافهم ما اقول فانه

 

«* شرح القصيدة صفحه 173 *»

لايسعني الكلام الاّ هكذا فان البيان يطول.

المحلة الحاديه‏عشرة ارض الجرز الدواة الاولي القابلية الكبري معدن الوجود و محل التمايز بين الغيب و الشهود و العابد و المعبود و الشاهد و المشهود و هناك ظهور سرّ ايّاك نعبد و ظهور الخطاب و حكم العبودية و التكلم مع الغير و لولا هذا المقام لم‏يتحقق هذا الكلام.

المحلة الثانيه‏عشرة مقام العقل الكلي و السرّ الغيبي موضع الاجمال و مقام الاتصال دون الوصال و منه تشعبت العقول و بلغ الي كافة الفروع و الاصول و العقول كلها قبسات من هذا النور و اشعة من هذا السطوع و الظهور و هو باب الممكن و الامكان و مقام قاب قوسين عند العروج و الصعود الي الامكان و هو وحده يعبد الحق سبحانه في الاسرار و الاعلان و هو نور ذائب و عبد راغب واقف خدمة الحق.

المحلة الثالثه‏عشرة مقام الارواح و محل الاشباح النور الاصفر فاقع لونها تسرّ الناظرين عالم الرقايق مبدء الحقايق ورق الاس قوي البنيان و الاساس.

المحلة الرابعه‏عشرة مقام الجنة مأوي الاحبّة و هذه محلة واسعة عظيمة لاتوصف سعتها و لايعبّر عن احاطتها و هاانا اذكر لك شيئاً قليلاً من مقام سعتها في الفروع فقس انت حكمها في الاصول لان الجنة خلقت من نور وجه واحد من وجوهه الخمسة المعبّر عنها بالهاء في كهيعص فقد روي ان من ادّي زكوة ماله يخلق اللّه سبحانه له جواداً في الجنة و يؤمر بان‏يركب ذلك الجواد و يركض في ارض الجنة سنة فمابلغ جواده في هذه المدة فهو له و انه ليقطع في كل طرفة عين بقدر الدنيا سبع مرات فانظر ماتري ان هذا كله ثواب اداء الزكوة و ثواب اقامة الصلوة اعظم و اعظم و اعظم لان الصلوة خير موضوع و هؤلاء كل جمعة بعد ان‏يزوروا الربّ يزدادون بالضعف بمعني الضرب لا تضعيف شي‏ء واحد فان ذلك مقتضي كرم اللّه و قدرته و عظمته و روي من طريق اهل‏البيت ان ملكاً من الملائكة اراد ان‏يعرف سعة الجنة و كان له ثلثون الف جناح كل جناح يملأ مابين المشرق و المغرب فضعّف اللّه سبحانه تلك الاجنحة بلغت ستون الفاً ثم اعطاه اللّه سبحانه قوة ثلثين الفاً اخر فامره بان‏يطير في هواء ارض الجنة فطار ثلثين الف سنة الي ان

 

«* شرح القصيدة صفحه 174 *»

عجز ثم قوّاه اللّه سبحانه فطار ثلثين الفاً اخر الي ان عجز ثم خطر بباله ان الجنة مااوسعها و ارحبها فنادته حورية من حوراء الجنة و قالت له يا فلان انت من اول طيرانك الي الان تسير في ملكي و الان وصلت اواسط ملكي و انا لرجل واحد من اهل الجنة تأمّل في هذا الحديث الشريف و انظر الي سعة دار كرامة اللّه و هذه السعة سعة جسمانية و السعة الجسمانية و ان عظمت و جلّت بالنسبة الي السعة الروحانية كحلقة ملقاة في فلاة قي او كالخردلة في البرية الواسعة و السعة الروحانية اذا نسبتها الي السعة العقلانية تكون كنسبة السعة الجسمانية الي الروحانية و السعة العقلانية اذا نسبتها الي السعة الحقيقية اللاهوتية كالنسب المذكورة و السعة الاولي العليا اي الحقيقة اللاهوتية اذا نسبتها الي سعة هذه المحلة من محلات هذه المدينة المعظمة نسبة([184]) الشعاع الي المنير و ما عسي ان تكون نسبة الشعاع الي المنير فعلي هذا ما عسي ان يكون نسبة ما ذكرنا من سعة الجنة الي هذه المحلة فافهم الدقيقة و سرّ الحقيقة.

المحلة الخامسه‏عشرة مغرس شجرة طوبي و سدرة المنتهي و هذه اعلي منازل النفس الملكوتية الالهية لقد قال اميرالمؤمنين علي بن ابيطالب7فيها ان اصلها العقل و عنه وعت و اليه دلّت و اشارت و شابهته اذا كملت فهي ذات اللّه العليا و شجرة طوبي و سدرة المنتهي و جنة المأوي من عرفها لم‏يشق ابداً و من جهلها ضلّ و غوي.

المحلة السادسه‏عشرة مقام النفوس و هذه محلة واسعة بحسب درجات هذه النفس و مقاماتها فهي ترتقي بحسب الكمال من المطمئنة الي الراضية الي المرضية الي الكاملة كما في قوله تعالي يا ايّتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي و ادخلي جنتي و اما النفس الامارة و الملهمة و اللوامة فليست داخلة في هذه المحلة بل هي انما عرضت و سكنت غصباً الي ان‏يخرجها من مكانها المغصوب سلطان العقل و هذه النفس لها شعب اعلاها النفس الملكوتية الالهية و ادناها النفس النامية النباتية و اوسطها النفس الناطقة القدسية و النفس الحيوانية الحسّية و ليس

 

«* شرح القصيدة صفحه 175 *»

مرادي من هذه هي التي في الحيوانات و البهايم و الانسان الرعية و الجن و النباتات المعروفة فان هذه النفوس ليست من محلات المدينة المنورة المعظمة بل هي في الانسانية لايقة بمقامها و كذا الحيوانية النباتية فافهم و مااسعدك لو وفقت لفهمها.

المحلة السابعه‏عشرة محلة الطبيعة النور الاحمر الذي منه احمرّت الحمرة و مبدء الخلق الثاني ظاهره حرارة و يبوسة و باطنه برودة و رطوبة و هو شيخ كبير قاعد علي كرسي من النور و محلته مافيها متنفس كلهم هائمون مستقهرون تحت هيمنة القدرة و دائماً ينادي منادي الحق في هذه المحلة اين الجبارون اين المتكبرون اين الذين اكلوا رزقي و عبدوا غيري لمن الملك اليوم فيأتيه الجواب من ناحية من نواحي هذه المدينة للّه الواحد القهار.

المحلة الثامنه‏عشرة المواد بحر الصاد بحر المزن الذرّ الثالث الاعيان الثابتة في الكون الاخير و الياقوتة المذابة من هذا البحر ثار الدخان و انعقد الزبد من الاول مبدء خلق السموات الجسمانية و من الثاني مبدء خلق الارضين الجسدانية.

المحلة التاسعه‏عشرة حظيرة القدس و محل الطيور الخضر و محل الصور المثالية و هذه المحلة تشتمل علي عقود منها عقد جابلسا و جابلقا و هما مدينتان احدهما من ناحية المشرق و الاخري من ناحية المغرب في كل منهما سبعون الف باب من زمردة خضراء عند كل باب سبعون الف امة يتكلمون بسبعين الف لغة كل لغة لاتشبه الاخري و يخرجون من كل باب في كل يوم سبعون الفاً و لايدخلون ابداً و يدخل سبعون الفاً و لايخرجون ابداً و هم في نعمة عظيمة و منها موضع خلف البحر مسيرة اربعين يوماً للشمس فيها قوم لم‏يعصوا اللّه قط و لايعرفون ابليس و لايعلمون خلق ابليس قد ظهرت فيهم مظاهر الولاية فهم مقبلون عليها و متوجهون اليها و يسألون اللّه دوام هذه المظاهر و بقاءها ففيهم عبادة و اجتهاد شديد و لمدينتهم ابواب ما بين المصراع الي المصراع مائة فرسخ لهم تقديس و اجتهاد شديد لو رأيتموه لاحقرتم عملكم يصلّي الرجل منهم شهراً لايرفع رأسه من سجوده طعامهم التسبيح و لباسهم الورع و وجوههم مشرقة بالنور لهم دوي اذا صلّوا اشد من دوي الريح العاصفة و منها عقد ملكوت الارض و هو اثني

 

«* شرح القصيدة صفحه 176 *»

عشر عالماً كل عالم اكبر من عالمنا هذا سبعمائة الف مرة و منها عقد فيه تسعة و ثلثون مغرباً ارض بيضاء مملوة خلقاً يستضيئون بنورها و منها عقد فيه اربعون شمساً مابين شمس الي شمس اربعون عاماً فيها خلق كثير مايعلمون ان اللّه خلق ادم ام لم‏يخلقه و منها عقد فيه اربعون قمراً مابين قمر الي قمر مسيرة اربعين عاماً و منها ما ذكره اميرالمؤمنين7ان من وراء هذه الافاق عالم لايصل اليه غيري و انا الحفيظ بما وراءه و علمي به كعلمي بدنياكم هذه و انا الحفيظ الشهيد عليها ولو اردت ان اجول([185]) الدنيا باسرها و السموات السبع و الارضين باقل من طرفة عين لفعلت لماعندي من الاسم الاعظم و انا الاية العظمي و المعجز الباهر و منها عقد فيه اثني‏عشر شمساً و اثني‏عشر مغرباً و اثني‏عشر برّاً و اثني‏عشر بحراً و اثني‏عشر عالماً و هنا عقود اخر لايصل اليها علمنا و لايسعه فهمنا و كلها شعب من هذه المحلة الواسعة.

المحلة العشرون محلة جسم الكل المحيط بالاجسام كلها بل العلة لتكوّنها.

المحلة الحادية و العشرون محلة العرش بما فيه من الحجب و السرادقات و هي سبعون الفاً و باركانه الثلثمائة و الستون الفاً و حملته السبعة الاف الف و مأتا الف ملك اصغرهم لو امر ببلع السموات السبع و الارضين السبع و مافيهما و ما بينهما كانت في لهواته اصغر من الخردلة في البرية الواسعة.

المحلة الثانية و العشرون محلة النيران الكامنة في زبد البحر و هي الاسماء الالهية الجسمية المدبّرة للعوالم السفلية و هي من الاسماء التي ملئت اركان كل شي‏ء و في ناحية من نواحي هذه المحلة و هي([186]) وسطها ثلثمائة و ستون عقداً احبّ ان‏اذكر تلك العقود و اربابها و اسماء اربابها و ان كان يطول به الكلام لكنها مشتملة علي الفوايد العظام: الاول عقد صاحبه رجل معه خنجر اسمه رخيبا الثاني عقد صاحبه رجل و يحمل زقّاً اسمه شمشالك الثالث رجل وجهه وجه الكلب اسمه بعوريا لوط هشا الرابع عقد صاحبه رجل معه تمثال خطاف من حديد اسمه طوطيع ال العقد الخامس عقد

 

«* شرح القصيدة صفحه 177 *»

صاحبه رجل معه سيف مسلول اسمه عدرنا السادس عقد صاحبه انسان ميّت و في رواية انسان قائم اسمه سقطون سحسويلا السابع عقد صاحبه رجل يحمل سيفاً اسمه ده‏دره و برواية ده درده الثامن عقد صاحبه ثعبان ينفخ ناراً اسمه سهرونا التاسع عقد صاحبه صورة كبش يلتفت الي خلفه رأسه علي ظهره اسمه ارهوطا وهمشتو العاشر عقد صاحبه كبش رأسه مع ذنبه اسمه طنوريا الحادي‏عشر عقد صاحبه امرأة بيدها قضيب من ذهب اسمه قادروس الثاني‏عشر عقد صاحبه عقاب علي نخلة اسمه لطونا سده الثالث‏عشر عقد صاحبه صورة لايدري اي شي‏ء هي قال ذرشت اسمه صندووره الرابع‏عشر عقد صاحبه رجل له قرنان و بيده سرطان اسمه سميسور الخامس‏عشر عقد صاحبه رجل عليه درع من حديد اسمه لوه هره السادس‏عشر عقد صاحبه رجل رجلاه من ذهب قائم علي منبر اسمه حفظا السابع‏عشر عقد صاحبه رجل عليه ثوب من ديباج اسمه شنوط الثامن‏عشر عقد صاحبه امرأة متكئة علي سرير اسمها طرطيروش العقد التاسع‏عشر عقد صاحبه رجل علي رأسه تاج و بيده حلقة كافور وقف علي ماء يضطرب اسمه كشعنعيويل العشرون عقد صاحبه اسد بلا رأس يتكلم اسمه خيارش‏شورش الحادي و العشرون عقد صاحبه ذئب ملتفت و مهول اسمه ايرادس الثاني و العشرون عقد صاحبه حيّة لها جناحان اسمها طلالوريا الثالث و العشرون عقد صاحبه امرأة عريانة اسمها حساشل الرابع و العشرون عقد صاحبه صورة شي‏ء نحيف الساق اسمه حشيشلعون الخامس و العشرون عقد صاحبه قلة مطبوعة برصاص من لونين اسمها كشكطرح السادس و العشرون عقد صاحبه رجل علي حمار اسمه سوسصمال السابع و العشرون عقد صاحبه رجل غضبان اسمه كوفيوكدان الثامن و العشرون عقد صاحبه فرس تقوده جارية اسمها ترتونون التاسع و العشرون عقد صاحبه اسد يهيج نفسه اسمه خونبرينوز الثلثون عقد صاحبه شجر عظيم اخضر اسمه هونبشطا الحادي و الثلثون عقد صاحبه امرأتان متعانقتان اسمه دوطايرلان الثاني و الثلثون عقد صاحبه رجل علي كرسي اسمه راش الثالث و الثلثون عقد صاحبه رجل علي فيل اسمه قدتنعيطيال الرابع و الثلثون عقد صاحبه رجل بيده

 

«* شرح القصيدة صفحه 178 *»

مصحف اسمه كربابل العقد الخامس و الثلثون عقد صاحبه رجل يحرث ارضاً اسمه رصانصابل السادس و الثلثون عقد صاحبه رجل خفّاه من حديد اسمه قيّا السابع و الثلثون عقد صاحبه عقرب عظيمة اسمها كدرة الدر الثامن و الثلثون عقد صاحبه ضبع اسمه اسطونش التاسع و الثلثون عقد صاحبه رجل يكثر الثمار اسمه ينسدقبال الاربعون عقد صاحبه رجل يرسل النسور اسمه يتسانون الحادي و الاربعون عقد صاحبه رجل يرفع الفتن و القتل اسمه ارسائل الثاني و الاربعون عقد صاحبه امرأة تضرب بالدفّ اسمهـا ضعط الثالث و الاربعون عقد صاحبه رجـل معه قضيب اسمـه (.  .  .  .  .  .  .) الرابع و الاربعون عقد صاحبه حمام طاير اسمه غريبون الخامس و الاربعون عقد صاحبه رجل علي حمار اسمه حريحا السادس و الاربعون عقد صاحبه ثور مضي اسمه وسالوسط‏له‏لول السابع و الاربعون عقد صاحبه ثوران يجريان اسمه سفسائيل الثامن و الاربعون عقد صاحبه رجل معه شعاع بوجهه اسمه شماخ التاسع و الاربعون عقد صاحبه امرأة تضرب بالعود اسمها شطحال الخمسون عقد صاحبه كلب يقابل كلباً اسمه الوياسلوفايون الحادي و الخمسون عقد صاحبه صورة ارنب اسمه جليجون الثاني و الخمسون عقد صاحبه صورة الخنفساء اسمها حجبنون الثالث و الخمسون عقد صاحبه رأس مقطوعاً اسمه حضبط قلقنه الرابع و الخمسون عقد صاحبه رجل عيناه فوق رأسه اسمه كنجطيلشعظع الخامس و الخمسون عقد صاحبه رجل ممسك شعر لحيته اسمه بنيطياش السادس و الخمسون عقد صاحبه رجل يقرء في مصحف اسمه طريعسككاك السابع و الخمسون عقد صاحبه رجل في ارض مزروعة بانواع النباتات اسمه عريصال الثامن و الخمسون عقد صاحبه رجل راكب غزال اسمه كحتاح التاسع و الخمسون عقد صاحبه قرد كثيرة اسم نوعه فطريليوس العقد الستون عقد صاحبه امرأة اسمها حميربرحوشه الحادي و الستون عقد صاحبه امرأتان تقتل([187]) احديهما الاخري اسمها حرابيكلسحص الثاني و الستون عقد صاحبه غلام في يده

 

«* شرح القصيدة صفحه 179 *»

دواة و قرطاس اسمه عطلشاه سمتال شمال الثالث و الستون عقد صاحبه رجل عليه قلنسوة متقلد سيف بيده مزراق اسمه كشومنال الرابع و الستون عقد صاحبه رجل يقرء كتاباً اسمه دهشال الخامس و الستون عقد صاحبه رجل يشتعل بالنار اسمه ريشاويل السادس و الستون عقد صاحبه رجل يضرب اصل شجرة اسمه نيشا السابع و الستون عقد صاحبه رجل يحمل فأساً اسمه حصال الثامن و الستون عقد صاحبه رجل بيده قوس و سهم من حديد اسمه حنينارشرفار التاسع و الستون عقد صاحبه رجل في ريح باردة و مطر اسمه كريحل العقد السبعون عقد صاحبه ابوقلمون اسمه توهال الحادي و السبعون عقد صاحبه امرأة تنكحها قردة اسمها سطشال الثاني و السبعون عقد صاحبه صورة طائر يقال له ابوسعيد البخيل اسمه شخصكين الثالث و السبعون عقد صاحبه مدرة حولها غنم اسمها هيهواشيل الرابع و السبعون عقد صاحبه تنّين له سبعة ارؤس اسمه وههئيل الخامس و السبعون عقد صاحبه علي نهر جارٍ سريع الحركة اسمه انانشصطح السادس و السبعون عقد صاحبه رجل مقطوع اليدين اسمه غضسغصياك السابع و السبعون عقد صاحبه صورة ثعلب هارب اسمه درهيا وبرطشغاش الثامن و السبعون عقد صاحبه جيشان ملتقيان اسمه حنيونوشا التاسع و السبعون عقد صاحبه علي صورة القبور اسمه هاللولهان الثمانون عقد صاحبه رجل راكب فرس حامل رمح اسمه طربعلسعفرنون العقد الحادي و الثمانون عقد صاحبه عزبان طاير اسمه عيقشيال الثاني و الثمانون عقد صاحبه رجل جاث علي ركبتيه اسمه ححصحاح الثالث و الثمانون عقد صاحبه امرأة باكية اسمها وشيصفا الرابع و الثمانون عقد صاحبه اسد رابض اسمه جلداش الخامس و الثمانون عقد صاحبه رجل علي ظهر رجل اسمه يشهرمار السادس و الثمانون عقد صاحبه رجل بنبت عظيم اسمه يسغيال السابع و الثمانون عقد صاحبه رجل عليه قلنسوة مطروحة اسمه مليعيفوريا الثامن و الثمانون عقد صاحبه رجل هارب نجس اسمه سعدعابورقا التاسع و الثمانون عقد صاحبه رجل هارب اسمه خشامضا العقد التسعون عقد صاحبه رجل يحمل مصحفاً منشوراً اسمه دهساطامس‏طامع العقد الحادي و التسعون عقد صاحبه رجل ملتفت الي خلفه اسمه

 

«* شرح القصيدة صفحه 180 *»

عيمحل‏هذا الثاني و التسعون عقد صاحبه رجل يشبه الرعد اسمه عجلفعل الثالث و التسعون عقد صاحبه تمساح اسمه وساس الرابع و التسعون عقد صاحبه طاير يشبه الاوّز اسمه جيقشلع الخامس و التسعون عقد صاحبه ماء قليل اسمه نقصيشان السادس و التسعون عقد صاحبه حمار علي مرور اسمه طحشيلقط السابع و التسعون عقد صاحبه ثور يسقي كرماً اسمه صطيش الثامن و التسعون عقد صاحبه رجل مريض اسمه نرنباش التاسع و التسعون عقد صاحبه خان خراب اسمه كحيطن المائة عقد صاحبه سفينة اسمها درهبشط الحادي و المائة عقد صاحبه رجل بيده سوط اسمه رطلامش الثاني و المائة عقد صاحبه رجل يسلّ سيفاً اسمه تمحيطيلشط الثالث و المائة عقد صاحبه رجل راكب علي حوت عظيم اسمه عيعسقليون العقد الرابع و المائة عقد صاحبه حوت و نمر يكلّمه اسمه هلسطفسع العقد الخامس و المائة عقد صاحبه صورة غراب اسمه لعسطححح  العقد السادس و المائة عقد صاحبه امرأة تضرب بربط اسمها رهظايل العقد السابع و المائة عقد صاحبه جوار يلعبن في ماء جاري اسمهن بلسعي جحلشع العقد الثامن و المائة عقد صاحبه صورة مزمار عظيم اسمها هلع العقد التاسع و المائة عقد صاحبه رجل علي عجله اسمه طمعوراس العقد العاشر و المائة عقد صاحبه قمح منشور اسمه حلسوشا المائة و الحادي‏عشر عقد صاحبه ماء مسكوب اسمه اوماسل المائة و الثاني‏عشر عقد صاحبه برذون اسمه صياصيل المائة و الثالث‏عشر عقد صاحبه رجل عريان اسمه طيحشفل العقد المائة و الرابع‏عشر عقد صاحبه شجرة عليها طاير اسمها دساطشل المائة و الخامس‏عشر عقد صاحبه عنز مذبوحة اسمها فحلسعقط المائة و السادس‏عشر عقد صاحبه رجل علي ثلثين و اخر راكب علي نمر اسمه كشفح يشهم المائة و السابع‏عشر عقد صاحبه رجل يبكي في فيه اسمه صكحانيطل المائة و الثامن‏عشر عقد صاحبه امرأة علي سرير من ذهب اسمها ترذان المائة و التاسع‏عشر عقد صاحبه صورة مدينة اسمها ارصاب المائة و العشرون عقد صاحبه وجه اسيل اسمه دهاطيل المائة و الحادي و العشرون عقد صاحبه دجاجة علي ذنب ثعبان اسمه فسعطشكم المائة و الثاني و العشرون عقد صاحبه سفينة معلقة

 

«* شرح القصيدة صفحه 181 *»

اسمها لفاذيل المائة و الثالث و العشرون عقد صاحبه تنّور تقد ناراً اسمه محل‏طكرا المائة و الرابع و العشرون عقد صاحبه رجل لاتطيق ان‏تنظر اليه اسمه الاتوباش المائة و الخامس و العشرون عقد صاحبه حيّة عظيمة اسمها طهلسطو المائة و السادس و العشرون عقد صاحبه رجل حامل سيف اسمه خططوبطيس المائة و السابع و العشرون عقد صاحبه رجل راكب اسد اسمه عطشكع المائة و الثامن و العشرون عقد صاحبه نار ملتهبة تحرق الوجوه اسمه وورشناهض المائة و التاسع و العشرون عقد صاحبه انسان عليه رفيس اسمه هحطلت‏شمعون المائة و الثلثون عقد صاحبه انسان مضروب الوسط اسمه هاطاشا المائة و الحادي و الثلثون عقد صاحبه موتي يطرحون اسمه مهلهل المائة و الثاني و الثلثون عقد صاحبه رجل عليه كفن اسمه مهبشايل المائة و الثالث و الثلثون عقد صاحبه امرأة ضاحكة اسمها طمطحشوه المائة و الرابع و الثلثون عقد صاحبه شخص له سرور و فرح لا اقدر علي وصفه اسمه درفحنابنص المائة و الخامس و الثلثون عقد صاحبه كفّ مقطوعة اسمها ححكفل المائة السادس و الثلثون عقد صاحبه دابة لها قرنان اسمها لونينا تمرتار السابع و الثلثون عقد صاحبه رجل يولّد الهواء اسمه بعضاثلكوتل المائة و الثامن و الثلثون عقد صاحبه رجل كثير الجرأة اسمه سمطي كشبع المائة و التاسع و الثلثون عقد صاحبه صفر و رمال كثير اسمه هايا المائة و الاربعون عقد صاحبه جُبل([188]) و عظم انسان اسمه جاجانوراد المائة و الحادي و الاربعون عقد صاحبه في صحراء واسعة لايري اطرافها اسمه سل‏شكول المائة و الثاني و الاربعون عقد صاحبه بيت من ذهب اسمه عزاواران المائة و الثالث و الاربعون عقد صاحبه رجل يدفن عقيقة في الارض اسمه صلصرطلشل المائة و الرابع و الاربعون عقد صاحبه رجل معه مفتاح عظيم اسمه شمعشاسل واذاسل المائة و الخامس و الاربعون عقد صاحبه انسان له رأسان و رجلان من حديد اسمه هزديارش المائة و السادس و الاربعون عقد صاحبه رجل يضرب بسوط اسمه شمطلوتا المائة و

 

«* شرح القصيدة صفحه 182 *»

السابع و الاربعون عقد صاحبه امرأة تستحمّ اسمها طحاهيل المائة و الثامن و الاربعون عقد صاحبه رجل يحثو التراب علي رأسه اسمه كويطط المائة و التاسع و الاربعون عقد صاحبه رجل يحصد قمحاً و يزرع زرعاً تحت التراب اسمه قرطه المائة و الخمسون عقد صاحبه امرأة حسناء و خضرة شديدة اسمها جيسمكسب المائة و الحادي و الخمسون عقد صاحبه جارية حسناء تحمل صبيّاً اسمها كهليلسفح المائة و الثاني و الخمسون عقد صاحبه رجل معه كتاب ينظر اسمه حيوثاشطيا المائة و الثالث و الخمسون عقد صاحبه رجل معه ثور و حراث اسمه فل يعطسه المائة و الرابع و الخمسون عقد صاحبه غراب ينعق اسمه سركشاشيط المائة و الخامس و الخمسون عقد صاحبه شخص لايري اسمه مطاطا المائة و السادس و الخمسون عقد صاحبه امرأة معها سنبلة اسمها هيوشل المائة و السابع و الخمسون عقد صاحبه امرأة ليس معها فرج اسمها درهيل المائة و الثامن و الخمسون عقد صاحبه امرأة و رجل متعانقان اسمها ملسارون المائة و التاسع و الخمسون عقد صاحبه رجل مربوط اليدين و الرجلين اسمه انانسهه المائة و الستون عقد صاحبه صورة ماادري ما هي و اسمع صوت بكاء اسمها الشور السنديل المائة و الحادي و الستون عقد صاحبه غنم كثيرة اسمها لاندنانطيس المائة و الثاني و الستون عقد صاحبه طير اسود اسمه كلشفونعو المائة و الثالث و الستون عقد صاحبه غلام يضحك بيده تفاحة اسمه هسايل بروش دهوباش المائة و الرابع و الستون عقد صاحبه شجرة ياسمين اسمها ريثا المائة و الخامس و الستون عقد صاحبه بركة فيها ماء عليها اوان حبشي اسمها لقيقطط المائة و السادس و الستون عقد صاحبه خدان مختلفان اسمه كلساشط المائة و السابع و الستون عقد صاحبه نور مختلف اسمه محشهله سطسحكر المائة و الثامن و الستون عقد صاحبه رجل بيده اكليل اسمه طيلمااهههور المائة و التاسع و الستون عقد صاحبه انسان في يده ثور اسمه كحنطيش المائة و السبعون عقد صاحبه انسان يعلّم الناس اسمه وكعسي سطال المائة و الحادي و السبعون عقد صاحبه انسان ينقش حديداً اسمه كراص ثوطا صححح المائة و الثاني و السبعون عقد صاحبه قرد فوق شجرة اسمه والنشط الجميع تلطي اهشل المائة و

 

«* شرح القصيدة صفحه 183 *»

الثالث و السبعون عقد صاحبه انسان يحمل ياقوتة اسمه ترهاهلعيهلش المائة و الرابع و السبعون عقد صاحبه ثعلب اسمه بتاثيره المائة و الخامس و السبعون عقد صاحبه سفينة اسمها مرشاه‏حسفيناش المائة و السادس و السبعون عقد صاحبه شجرة لها اثناعشر غصناً اسمها رحيا شطان المائة و السابع و السبعون عقد صاحبه رجل يقطف ريحاناً اسمه كاهرئا المائة و الثامن و السبعون عقد صاحبه انسان ركب بشره اسمه صهاديلطهاطاس المائة و التاسع و السبعون  عقد صاحبه هامة و تامة اسمها مهلصي‏لحفطط المائة و الثمانون عقد صاحبه رجل بيده حربة اسمه تطاطربشاط المائة و الحادي و الثمانون عقد صاحبه رجل معه ثعبان اسود اسمه ظطسعفصهبط المائة و الثاني و الثمانون عقد صاحبه رجل له وجهان اسمه بردهالسرخ المائة و الثالث و الثمانون عقد صاحبه صورة نسر اسمه صطحلكعوس المائة و الرابع و الثمانون عقد صاحبه رجل علي يده طير اسمه سهصطهمبامعس المائة و الخامس و الثمانون عقد صاحبه رجل خاتمه من حديد اسمه كهلسصطحح المائة و السادس و الثمانون عقد صاحبه رجل ينظر الي جسده و يبكي اسمه هلته المائة و السابع و الثمانون عقد صاحبه امرأة تبكي علي زوجها و هو مطروح بين يديها اسمها قنصاسل كلفلش المائة و الثامن و الثمانون عقد صاحبه نصف انسان اسمه سمسابل المائة و التاسع و الثمانون عقد صاحبه رجل بيده ميزان اسمه كلكعسلس المائة و التسعون عقد صاحبه رجل معروف بالخير اسمه عزينطانوس المائة و الحادي و التسعون عقد صاحبه رجل يتكلم بكلام لايفهم اسمه هحلطسلطرند المائة و الثاني و التسعون عقد صاحبه امرأة تدعو الي نفسها اسمها تبرهابيل المائة و الثالث و التسعون عقد صاحبه امرأة لطيفة مزينة الوجه اسمها هوبهلبل المائة و الرابع و التسعون عقد صاحبه امرأة راكبة بيدها سيف مسلول اسمها كعلشوط المائة و الخامس و التسعون عقد صاحبه يمامة سوداء اسمها درهم المائة و السادس و التسعون عقد صاحبه صياح مسموع اسمه اماه المائة و السابع و التسعون عقد صاحبه رجل علي سرير معه سيف مسلول اسمه جهسطال المائة و الثامن و التسعون عقد صاحبه رجل قائم علي رأس انسان اسمه وليبادرفطاش

 

«* شرح القصيدة صفحه 184 *»

المأتان عقد صاحبه رجل يرسل بيده جوّ اسمه حبتاطيشعل الاحدي و المأتان عقد صاحبه رجل عليه حديد و سيف اسمه حطعفعلو الثاني و المأتان عقد صاحبه رجل ملتفّ بشي‏ء اسود و لا اعرفه بتجريد اسمه عحهرمد الثالث و المأتان عقد صاحبه ريح شديد اسمه تكارنوش الرابع و المأتان عقد صاحبه رجل حسن الخلق و الخلقة اسمه مضكنازيل الخامس و المأتان عقد صاحبه رجل يحمي حديداً لايلين منه شي‏ء اسمه كسطوسا السادس و المأتان عقد صاحبه رجل محلوق الرأس اسمه طهجلهشطا السابع و المأتان عقد صاحبه رجل يحمل صخرة و يربطها علي منطقته اسمه خليفاش الثامن و المأتان عقد صاحبه رجل مجروح يجري دمه اسمه الهشل التاسع و المأتان عقد صاحبه لا اري الاّ انه مخوف اسمه يناطيش العاشر و المأتان عقد صاحبه انسان يسقي كرماً و اخر يحرث كرمان اسمه كرطارش المأتان و احدي‏عشر عقد صاحبه رجل بيده رمح و علي كتفه عقاب اسمه ترتيارتاج المأتان و الاثناعشر عقد صاحبه رجل يضرب صدره بيده اسمه رفاكمل المأتان و الثالث‏عشر عقد صاحبه رجل ينفث في تخلل عظم اسمه اعتقطاطي المأتان و الرابع‏عشر عقد صاحبه رجل رأسه بيده راجل اسمه هححشللغطو المأتان و الخامس‏عشر عقد صاحبه عقرب عظيمة و رجل يذبح اسداً اسمه طنهينع المأتان و السادس‏عشر عقد صاحبه حيّة محرقة اسمها طلنهاشاطل المأتان و السابع‏عشر عقد صاحبه بئر ليس فيها ماء اسمه وردسدهده المأتان و الثامن‏عشر عقد صاحبه عين جارية و رجل يدفن ميتاً اسمه طرطاوماصيشين المأتان و التاسع‏عشر عقد صاحبه رجل يتكلم بما لايوصف اسمه مايوباشهل المأتان و العشرون عقد صاحبه رجل يقال له الخطاف المأتان و الاحدي و العشرون عقد صاحبه حوت علي حوت محلا اسمه طليطقا المأتان و الثاني و العشرون عقد صاحبه وال([189]) اسمها حيغشلنطنغسو حيفكيشع المأتان و الثالث و العشرون عقد صاحبه قوم يحملون رجلاً عظيم الخلق اسمه وريعنكلس المأتان و الرابع و العشرون عقد صاحبه رجل

 

«* شرح القصيدة صفحه 185 *»

مضروب العنق اسمه دهسا المأتان و الخامس و العشرون عقد صاحبه كلب معض اسمه حهلصلهصع المأتان و السادس و العشرون عقد صاحبه شخص اجد من نفسه عشقاً شديداً اسمه كلنعطيطا المأتان و السابع و العشرون عقد صاحبه نسر راكب علي حمل اسمه ضحكيعسنهع المأتان و الثامن و العشرون عقد صاحبه قوس عربي و سهمها مغرق اسمه ضسعتكيشهل المأتان و التاسع و العشرون عقد صاحبه انسان في يده كاس مملو ماء اسمه مكشيانطل المأتان و الثلثون عقد صاحبه ارض خضراء في نهاية البهاء اسمها هلطلهيد ههاححح المأتان و الاحدي و الثلثون عقد صاحبه امرأة في يدها قضيب من ذهب اسمها ولاذياشلش المأتان و الثاني و الثلثون عقد صاحبه امرأة ترمي ضبعاً و ذئباً بالحجارة اسمها كلشبارتش([190]) المأتان و الرابع و الثلثون عقد صاحبه انسان يبلّ ثيابه بالماء اسمه وليشالا المأتان و الخامس و الثلثون عقد صاحبه رجل يخوض ناراً و وحلاً اسمه رجانشنالش المأتان و السادس و الثلثون عقد صاحبه يسمع صوته و لايري اسمه هممنلي‏سطكا المأتان و السابع و الثلثون عقد صاحبه جسدان مختلفان اسمه يوريد المأتان و السابع و الثلثون عقد صاحبه رجل حسن الوجه علي صورة هرمس مرفوع اليدين اسمه محثوثال المأتان و الثامن و الثلثون عقد صاحبه طير كثير الالوان و الاصوات المطربة اسمه عننايثال المأتان و التاسع و الثلثون عقد صاحبه رجل يده الي فوق اسمه مغثان المأتان و الاربعون عقد صاحبه صورة كبش لها رأسان اسمها لوربافلا المأتان و الحادي و الاربعون عقد صاحبه احاد مختلفة اسمه ولندبا المأتان و الثاني و الاربعون عقد صاحبه راكب قوس يرمي‏بنشابة اسمه نلشكيهالش المأتان و الثالث و الاربعون عقد صاحبه رجل بيده رمح اسمه اكريمازيل المأتان و الرابع و الاربعون عقد صاحبه رجل له قرنان اسمه مهلشعلسنط المأتان و الخامس و الاربعون عقد صاحبه ثور له ثلث قرون من حديد اسمه وليططهي هتعه المأتان و السادس و الاربعون عقد صاحبه صورة معوجة اسمه كهكملشعهوشط المأتان و السابع

 

«* شرح القصيدة صفحه 186 *»

و الاربعون عقد صاحبه حوت كبير و بيده رمح يحس الحوت اسمه مهرناقلا المأتان و الثامن و الاربعون عقد صاحبه نار تهيج اسمه شطشاش المأتان و التاسع و الاربعون عقد صاحبه ذهب و فضة و نحاس اسمه مشطشاش المأتان و الخمسون عقد صاحبه سفينة فيها قرد اسمه ناشلشلناوهنيش المأتان و الحادي و الخمسون عقد صاحبه جبل شامخ عليه كرسي رجل برّ اسمه سطحطشلشلشه المأتان و الثاني و الخمسون عقد صاحبه رجل يشير كأنه يتكلم و كأنه جالس علي كرسي اسمه طناشباش المأتان و الثالث و الخمسون عقد صاحبه لايري منه الاّ مخدّة النوم اسمه عثحاثل ياشيق المأتان و الرابع و الخمسون عقد صاحبه رجل راكب جملاً اسمه محانيلنا المأتان و الخامس و الخمسون عقد صاحبه لايري اسمه لغطوها المأتان و السادس و الخمسون عقد صاحبه الوان كثيرة حسنة اسمها ناتليغوه المأتان و السابع و الخمسون عقد صاحبه رجل يحمل خطاً اسمه فاماريهلج المأتان و الثامن و الخمسون عقد صاحبه بيت من نار و اخري من نور اسمه الحسناجوه المأتان و التاسع و الخمسون عقد صاحبه يعلم رجلاً شيئاً لا اعرفه اسمه مصطبسعشعهوع المأتان و الستون عقد صاحبه رجل في يده مرجانة اسمه شطيع بطيشل المأتان و الحادي و الستون عقد صاحبه قلنسوة من ذهب اسمه مستحملهته المأتان و الثاني و الستون عقد صاحبه رجل يذبح رجلاً اسمه هومايض المأتان و الثالث و الستون عقد صاحبه رجل يطلب رجلاً اسمه عمل كهوه المأتان و الرابع و الستون عقد صاحبه امرأة تدعو الي نفسها اسمها مهاكمع المأتان و الخامس و الستون عقد صاحبه طير يقال له التوفيربارد اسمه ابرشكرتل المأتان و السادس و الستون عقد صاحبه رجل يصعد اسمه باتيعل المأتان و السابع و الستون عقد صاحبه ناقة عليها محملان اسمها مازاماها المأتان و الثامن و الستون عقد صاحبه رجل عريان في يده مرزاق اسمه وليباش يرشطرويل المأتان و التاسع و الستون عقد صاحبه انسان علي كفّه نعلان و هو يمشي حافياً اسمه فتلفنمعطك المأتان و السبعون عقد صاحبه رجل يقتل رجلاً اسمه هيعنع المأتان و الحادي و السبعون عقد صاحبه رجل في كفّه ابريق فضة اسمه ماسماسنا المأتان و الثاني و السبعون عقد صاحبه حية سوداء في فيها

 

«* شرح القصيدة صفحه 187 *»

سمكة اسمها تاليقوناش طيا المأتان و الثالث و السبعون عقد صاحبه زرع سيحصد اسمه هلجكالوتاش المأتان و الرابع و السبعون عقد صاحبه ارض معشبة نصفها ماء و نصفها يابس اسمه حنفسصعكهد المأتان و الخامس و السبعون عقد صاحبه ينفخ زقّاً اسمه هحالبصحارش بار المأتان و السادس و السبعون عقد صاحبه رجل مستعجل عريان اسمه وستقشتاريش المأتان و السابع و السبعون عقد صاحبه امرأة تساحق اسمها ططوسعياقيل المأتان و الثامن و السبعون عقد صاحبه رجل يفعل برجل اسمه دهيساشلنبيل المأتان و التاسع و السبعون عقد صاحبه رجل علي نخلة بيده خوص اسمه عققينغق المأتان و الثمانون عقد صاحبه جيد و قوس كبير اسمه قشقرنطال المأتان و الحادي و الثمانون عقد صاحبه رجل مفرع([191]) الرأس اسمه طهره المأتان و الثاني و الثمانون عقد صاحبه رجل سقط عن فرس اسمه طيلشالشابراش المأتان و الثالث و الثمانون عقد صاحبه نور ساطع اسمه بنيان المأتان و الرابع و الثمانون عقد صاحبه رجل يأكل لحم رجل اسمه حشعوراشعتور المأتان و الخامس و الثمانون عقد صاحبه امرأتان علي اسورة اسمها سل‏عونك المأتان و السادس و الثمانون عقد صاحبه رجل يطلب رجلاً بيده سيف اسمه ماشعيقه ليشه المأتان و السابع و الثمانون عقد صاحبه رجل في فيه مزمار و في يده طبل اسمه داشومامغار المأتان و الثامن و الثمانون عقد صاحبه رجل قائم في قبة عظمية اسمه ماسلاهافلاشهلا المأتان و التاسع و الثمانون عقد صاحبه رجل في يده رأس مسخ و خنجر اسمه لالاسرناش ماهونا المأتان و التسعون عقد صاحبه رجل في يده رأس عجوز و حربة بها اسمه هلاش همابرصاك المأتان و الحادي و التسعون عقد صاحبه رجل يصيح له صوت كالريح العاصف اسمه فليسطل مهلولاس المأتان و الثاني و التسعون عقد صاحبه رجل له وجوه كثيرة مختلفة الالوان اسمه مالكشاماهوشملموش المأتان و الثالث و التسعون عقد صاحبه يصلّي لقوم في حمام اسمه هلهل تحطيامولاش المأتان و الرابع و التسعون عقد صاحبه رجل

 

«* شرح القصيدة صفحه 188 *»

قائم علي تل عظيم اسمه ياشلعلشلطي المأتان و الخامس و التسعون عقد صاحبه رجل في يده كوز فيه ماء صافي اسمه فرشاشل يرمامح المأتان و السادس و التسعون عقد صاحبه رجل يصارع رجلاً و لاحدهما رأسان اسمه ميسوسالطيلواعرمال فرهو المأتان و السابع و التسعون عقد صاحبه رجل‏قائم علي منبر اسمه هشف لمعلول تهلاشلوامضوا المأتان و الثامن و التسعون عقد صاحبه رجل قائم و بيده خنجر و مفتاح يفتح باب قبة فيه رجال اسمه منصورات مهلوخيال المأتان و التاسع و التسعون عقد صاحبه رجل بيده سيف و رأس مقطوع اسمه شلهول ملهول الثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم و بيده خنجر و سيف اسمه مهلسلحوعحلوش الحادي و ثلثمائة عقد صاحبه رجل ملتحف بكشاشة احمر اسمه بطيشار الثاني و ثلثمائة عقد صاحبه رجل جالس علي نهر اسمه ولارباشبه الثالث و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم علي كرسي اسمه شهطال الرابع و ثلثمائة عقد صاحبه جوار يلعبن بالدفوف اسمهن([192]) حادرباسال الخامس و ثلثمائة عقد صاحبه طير يأكل طيراً اخر اسمه سحطعلطيل السادس و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يهرق ماء من اناء اسمه بربلبابل فحح السابع و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم علي حوض رخام اسمه سحلع كشكيشع الثامن و ثلثمائة عقد صاحبه صورة رجل قائم علي سرير من ذهب اسمه ورتاشومال التاسع و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده سيوف و انسان يهرب منه اسمه فالسطفا العاشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل ملتف نبطي اسمه بشرشار الحادي‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه صبية قاعدة علي كرسي اسمها بعرشطاعويل الثاني‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يقطع اصل شجرة اسمه كليوزامح فلسانوس الثالث‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده منشار اسمه طيدكرش الرابع‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده سيف اسمه برمهلشالول الخامس‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يحمل دجاجة سوداء اسمه رشوشالوشال السادس‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده مفرغة([193]) اسمه شلمشول السابع‏عشر و ثلثمائة عقد

 

«* شرح القصيدة صفحه 189 *»

صاحبه امرأتان علي سريرين اسمه ذاطفالوشال الثامن‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم علي خشبة اسمه سلحسالو التاسع‏عشر و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم علي سرير و بيده سيف اسمه سنعجليل يولاش العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يحمل ازاراً اسمه شيشال الحادي و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه امرأة حبلي اسمها عجلنلعشوع الثاني و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يطفئ برجله ناراً اسمه عجلشط الثالث و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه امرأة قائمة علي قفاها اسمها رتابرد الرابع و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل و امرأة في سفينة اسمه اسفرجالشاشكه الخامس و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم بازاء رجل اسمه جحدوعضل السادس و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يرمي‏بقلاع اسمه ماشرمال السابع و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل ينظر الي رجل قائم بين يديه اسمه السح لومح الثامن و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه شيخ قائم علي نهر اسمه مهلش خوتش التاسع و العشرون و ثلثمائة عقد صاحبه امرأة تدعو الي نفسها رجلاً لاجل الرماح اسمها اموش الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه صبي راكب اسد اسمه برنهليسلواصلعش الثاني و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل راكب فرس و علي رأسه تاج من ذهب اسمه لسح‏لرروفرشمح عللسو الثالث و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل راكب فرس بيده علاقة اسمه زاشكهالوليش الرابع و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل راكب جمل بيده رمح و سيف اسمه علوملش مالولكلشلدلد الخامس و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل له قرنان من الحديد عليه انسان بيده سيف اسمه كهطولش السادس و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده صورة معوجة اسمه لهومالش السابع و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه حوت و انسان بيده رمح يطعن الحوت اسمه مهدنانداه الثامن و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بين يديه نار يتأجج اسمه ماشع بزماش التاسع و الثلثون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل علي سرير بيده قطعة من ذهب و فضة اسمه مطليناش الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه سفينة فيها قرود و رجل بيده خنجر اسمه ماشومالشالوش الحادي و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم علي جبل

 

«* شرح القصيدة صفحه 190 *»

شامخ اسمه برشطرجانشلع الثاني و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يري بالكلام الي رجل قائم بازائه اسمه هلناس اماش الثالث و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم و امرأة نائمة([194]) علي سرير اسمه دعياجيل الرابع و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل علي فرس ملتقم بيده سيف اسمه مجاثيل الخامس و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل نائم يصل اليه ايلام شديد اسمه فغطوشا السادس و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده طاير له الوان حسنة اسمه ماقيعوه السابع و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يحمل جارية بيدها خطاف اسمه ماملهلح الثامن و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل قائم في بيت من نار اسمه حدجوع التاسع و الاربعون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يعلّم رجلاً الغنا اسمه هطلت نقيلو الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل بيده رمّانة اسمه شلشلع فجم الحادي و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه ثلاثة اجساد مختلفة اسمها وليديا الثاني و الخمسون و ثلثمائة عقدصاحبه رجل يذبح رجلاً بخنجر اسمه هونامس الثالث و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يطلب رجلاً و هو هارب منه اسمه علكوه الرابع و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه امرأة فاجرة تدعو الرجال الي نفسها اسمها مينها الخامس و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل طير بيده يعقله اسمه ولناس‏مولاخ السادس و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل عريان بيده طبل اسمه باذنابذشكرك السابع و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه رجل يصعد جبلاً و بيده سيف اسمه يابفصل مرقيل شر الثامن و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه ناقة عليها محملان اسمها نارهبان التاسع و الخمسون و ثلثمائة عقد صاحبه انسان يمشي حافياً و في يده سيف و خنجر اسمه هيفنع الستون و ثلاثمائة عقد صاحبه رجل يقتل رجلاً اسمه طيساجيع. هذه عقود هذه المحلة الواحدة ذكرناها بطولها لقلة من يتعرض لها و كثرة منافعها و لعظم ما يتفرع عليها من عجايب الامور و غرايب الاحوال.

 

«* شرح القصيدة صفحه 191 *»

المحلة الثالثة و العشرون محلة الكرسي بكواكبه و بروجه و منازله و تداويره انما قلنا تداويره لان الكواكب المركوزة في هذا الفلك انما هي سيارات لا ثوابت كما زعموا و انما قيل لها ثوابت لبطؤ حركاتها و اذا ثبتت حركتها وجب ان‏يكون لها افلاك تدور فيها لان الخرق و الالتيام وجودهما لاينبغي لحكمة الملك العلاّم بالنسبة الي الافلاك و الكواكب و قد قال سبحانه و تعالي ما لها من فروج فحينئذ فحركتها لابد لها من حامل و هو اما الخارج المركز او التدوير فحيث ان هذه الكواكب جزئيات متعلقة بجزئيات و الفلك الحامل كلي محيط وجب ان‏يكون لحركات هذه الكواكب تداوير متعلقة بنفس الكواكب لا من جهة الاحاطة فافهم.

المحلة الرابعة و العشرون محلة بيدلوش و لها عقود العقد الاعلي صاحبه دهنماش و العقد الاسفل صاحبه مبذلاش و العقد الايمن صاحبه دهنهاش و العقد الايسر صاحبه اطميقاش و العقد الذي علي الخلف صاحبه عادليش([195]) و اخر العقود الخلف السارية في الكل صاحبه طهيمعاديش و هنا سبعة اخري ملوك علي الكل في هذه المحلة اولهم كاموثوتياقي و ثانيهم ثالوداعياً و ثالثهم دفشتايشتويوبو و رابعهم وحياحتاكامالاكاكي‏كي و خامسهم مشاشيوروات و سادسهم اهوهيرورحلي و سابعهم ازازفمرثارورو و لابأس بان‏نشير الي معاني هذه السبعة بالعربية ليتضح الامر اما الاول فمعناه يا عديم النظير في وصفه و الثاني معناه يا غاية في العظمة و المهابة و الثالث معناه يا من يتمّ به و يتمّ بك و بتقويمك ساير الكواكب([196]) و الرابع معناه يا مزيّن كل السموات و الارضين و الخامس معناه يا لطيف في انعامه و السادس معناه يا من له كل جميل و منه كل جمال و السابع معناه يا غاية في العلو و انما ذكرت معانيها لتعلم مقامهم و لاتستسهل امرهم.

المحلة الخامسة و العشرون محلة غدنوش العقد الاعلي صاحبه هاذيش و العقد الاسفل صاحبه مذانوش و العقد الايمن صاحبه هلطاش و العقد الايسر صاحبه

 

«* شرح القصيدة صفحه 192 *»

طيمارش و العقد الامام صاحبه رانيش و العقد الخلف صاحبه مبيالوش و العقد الساري في العقود صاحبه رعابوش و هنا ايضاً سبعة اخري هم الملوك و السلاطين علي الجميع و لاتزاحم بينهم في كلما يريد كل منهم اولهم هياميراطوو و ثانيهم كذكرما و ثالثهم بوشيشا و رابعهم مانسي قوما و خامسهم سادبقبويامطها و سادسهم مساشيوكاماطاب و سابعهم راثرثريا طوهايشقا اما الاول فمعناه يا مبدّل النحوسة بالسعادة و الثاني فمعناه يا ناضج الفواكه و يانعها و الثالث فمعناه يا محرّك الرياح و الاشجار و الرابع فمعناه يا مزهر الازهار علي الاشجار و الخامس فمعناه يا مظهر العجائب و السادس فمعناه يا مظهر الربيع و السابع يا من يحرّك اولاً و يربّي ثانياً و ينضج ثالثاً و يكمّل رابعاً.

المحلة السادسة و العشرون محلة بديهاش العقد الاعلي صاحبه طوش العقد الاسفل صاحبه هروش و العقد الايمن صاحبه قبوش و العقد الايسر صاحبه وزنوش([197]) و العقد الامام صاحبه طاميش و العقد الخلف صاحبه دروش و العقد الساري في العقود صاحبه طاهيطروش و هذه ارباب ظاهر هذه المحلة و اما باطنها فمقابلات ما ذكر لان اللّه تعالي يقول فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة و ظاهره من قبله العذاب و قال تعالي و ننزّل من القرءان ما هو شفاء و رحمة للمؤمنين و لايزيد الظالمين الاّ خساراً و هنا سبعة اخري هم الملوك و السلاطين علي هذه المحلّة و اهلها اولهم اشراغاشات و ثانيهم جادوثيلاثالاش و ثالثهم ناهاوزاش و رابعهم كطريااطاش و خامسهم درغاطاباث و سادسهم درغاهوليش و سابعهم بوشا اما الاول فمعناه يا مقوّي الضعفاء و مقوّي السحرة و الثاني فمعناه يا معتق الرقاب و الثالث فمعناه يا مؤمّل المؤمّلين و الرابع فمعناه يا معطي التاج و الخامس فمعناه يا طالب الضال ليهديه الي الصراط المستقيم و السادس فمعناه يا مقوّي الذنوب و السابع فمعناه يا موصل الناس الي مقاصدهم.

المحلة السابعة و العشرون محلة دهاهوش العقد الاعلي صاحبه دزماش و العقد الاسفل صاحبه هيطش و العقد الايمن صاحبه مقيش و العقد الايسر صاحبه اردش و

 

«* شرح القصيدة صفحه 193 *»

العقد الامام صاحبه هذلفش و العقد الخلف صاحبه تودش و العقد الساري في العقود صاحبه دهنداش و هنا سبعة اخري هم الملوك و السلاطين لهذه المحلة و اهلها اولهم طمثاثيله و ثانيهم كيامركاث و ثالثهم ديدواننا و رابعهم شقودناهايس و خامسهم شبومركشا و سادسهم ياثونوريا و سابعهم احلاهمطوطوما اما الاول فمعناه يا مشير الخيرات و الثاني فمعناه يا من يجعل عطاءه هبةً و الثالث فمعناه يا ايها الكاتب و الرابع فمعناه يا من يجعل سايره غريقاً في النعم و الخامس فمعناه يا ايها الناصر و السادس فمعناه يا مفيض الانوار و السابع فمعناه يا واهب العلم اللدنّي.

المحلة الثامنة و العشرون محلة دعديوش العقد الاعلي صاحبه هازيفش و العقد الاسفل صاحبه عندوش و العقد الايمن صاحبه نعيداش و العقد الايسر صاحبه اوذه‏غوش و العقد الامام صاحبه هنديغيش و العقد الخلف صاحبه مهراش و العقد الساري في العقود دهيدعاش و هنا سبعة هم الملوك و السلاطين علي الكل احدهم اوثاه‏پي‏بالعان كصاحباث و ثانيهم طوريا و ثالثهم مثاثاهلو و رابعهم المراسانافيق و خامسهم كيوكيارفياما و سادسهم عضارانوس.([198])

المحلة التاسعة و العشرون محلة زنداش و لها عقود العقد الاعلي صاحبه عليتوناش و العقد الاسفل صاحبه ههاوش و العقد الايمن صاحبه دهانيش و العقد الايسر صاحبه طيماش و العقد الامام صاحبه هيملوش و العقد الخلف صاحبه ارهوش و العقد الساري في العقود كلها صاحبه دهطارش و هنا سبعة اخري هم الحكام و السلاطين علي هذه المحلة و اهلها اولهم فرشاهو و ثانيهم هميا و ثالثهم رءباي و رابعهم هبطثا و خامسهم وهطوطونض و سادسهم سهميطوا و سابعهم فامرطهياث اما الاول فمعناه يا صاحب التربية([199]) و الثاني فمعناه يا صاحب العشرة([200]) و الثالث فمعناه يا كبير و الرابع فمعناه يا سميع الدعاء يا مجيب الدعاء و الخامس فمعناه رحمتك علي

 

«* شرح القصيدة صفحه 194 *»

نقمتك([201]) و السادس فمعناه يا من اوصل الي الفرح و الراحة في الحال و السابع فمعناه اذا احسنت الي حسنت احوالي.

المحلة الثلثون محلة ترهوناش العقد الاعلي صاحبه ابراش و العقد الاسفل صاحبه هيطش و العقد الايمن صاحبه شاهيش و العقد الايسر صاحبه درانيش العقد الامام صاحبه ملبش العقد الخلف صاحبه دهرش و العقد الساري في العقود كلها معوذليش و هنا سبعة هم الملوك علي الجميع اولهم دخناهي ثانيهم مالاباشاه ثالثهم بذراكشياط رابعهم اهلاطاطوطوش خامسهم مهليثاماملسطو سادسهم ملطييوسا سابعهم (.  .  .  .  .  . .) اما الاول فمعناه يا ملطف الاشياء و الثاني فمعناه يا صاحب تناسب الاحسان الثالث فمعناه يا حكيم الرابع فمعناه يا مربّي العلماء و قاهر الجهال الخامس فمعناه يا معلّم الجهّال و مرشد الضلاّل السادس فمعناه يا صاحب الاسرار و الدقايق.

المحلة الحادية و الثلثون محلة فلك الشمس سلطان السبعة و ممد وجوداتها و انما كانت في الوسط لتستمد من القطب الاعظم و لهذا ليس لها عرض و هي ملازمة لمنطقة البروج المحاذية للقطب و هي تستمد من ظاهر العرش و تمد فلك القمر و تستمد من باطن العرش و تمد فلك زحل و تستمد من ظاهر الكرسي و تمد فلك عطارد و تستمد من باطن الكرسي و تمد فلك المشتري و تستمد من ظاهر تقاطع نقطتي المنطقتين منطقة البروج و منطقة المعدل و تمد فلك الزهرة و تستمد من باطن النقطتين المذكورتين و تمد فلك المريخ و كرة النار ظهور اشعة الشمس في اول جسم يمكن ظهورها فيه فان الحرارة انما كانت من الشمس و حيث ان الافلاك في غاية اللطافة لم‏تستأهل لحملها و لمّا انتهت اللطافة الفلكية الي فلك القمر كان الجسم الواقع تحته اول مقام الكثافة فحمل حرارة الشمس و سمّي بالكرة الاثيرية و باقي الافلاك ماعدا الشمس كلها تستمد من الشمس و لك ان‏تجعل باقي الافلاك عقوداً صاحبها الشمس او

 

«* شرح القصيدة صفحه 195 *»

كل واحد من الافلاك محلة عليحدة لظاهر التمايز و التباين الموجود بينها. فعلي الاول المحلاّت لهذه المدينة المنوّرة واحدة و ثلثون و علي الثانية فالمحلاّت تسع و ثلثون و هذه المذكورات هي محلات تلك المدينة المعظمة و هذا الذي ذكرنا قليل من كثير والاّ فمحلاتها الكلية علي ما في بعض الروايات عن طريق اهل‏البيت: الف الف و هي ايضاً كليات لانا قد عددنا من الجزئيات الاضافية من محلات هذه المدينة المشرفة فبلغت تسعة الاف الف و تسعمائة الف و سبعمائة و هو الذي بلغ اليه علمي القاصر ولو اردت شرحها و بيانها و ذكر تفاصيلها و تعدادها لاقتضي رسم مجلّدات كبيرة الحجم و اني لي ذلك الفراغ و الاقبال في هذا الزمان الذي هو الداء العضال مع ما انا عليه من تبلبل البال و اختلاف الاحوال و تكثر الاشغال و عروض الاعراض المانعة من استقامة الحال.

تنبيـه: اعلم ان ما ذكرناه من مبدء محلة الجنة الي هذه الغاية كلها رسم فروع و تبيين احوال و تعريفها لا تفهيم والاّ فما عليه تلك المدينة المشرفة انما هو مبادي هذه الفروع و عللها و حقايقها و اصولها و اسطقسّها و انت تعلم نسبة سعة العلة الي سعة المعلول فهل تقاس او تنسب و ما ورد في بعض الروايات انها جزء من سبعين جزء يراد به نفس الرتبة و التفاوت في اصل المرتبة لا انّ المعلول اذا ضعّفته سبعين مرة تساوي العلة حاشا و كلاّ بل المعلول عند العلة مضمحلّ منقطع معدوم لقد قال سيدالشهداء و الصديقين الهي من كانت محاسنه مساوي فكيف لاتكون مساويه مساوي و من كانت حقايقه دعاوي فكيف لاتكون دعاويه دعاوي و قال ابنه سيدالساجدين انا عبدك الحقير الفقير الذليل مثل الذرّة بل دونها هذا هو حكم كل عالٍ بالنسبة الي سافله و هذه المدينة هي مقام التعين الاول و النور الازل الذي بفاضل ظهور تعينه حصلت التعينات و باشعة نوره وجدت الكاينات و اليه تنتهي النسب و الاضافات و به ظهر ما فات و ما هو اتٍ و له الرتبة الجامعة و هو المعني من قوله تعالي رفيع الدرجات ذوالعرش و هو الروح الملقي من امر اللّه الي من يشاء من عباد اللّه و هو الاسم الجامع و الكون المانع فلايقاس ما فيه من السعة و الاحاطة بشي‏ء من الكاينات و انما ذكرتها للتنبيه الي بعض التعريف و ليترتب عليه ما ذكرناه فانه غاية التعريف في عين عدم التعريف فافهم ضرب المثل و له

 

«* شرح القصيدة صفحه 196 *»

المثل الاعلي.

تنبيـه اخـر: اعلم ان ما ذكرنا من صور عقود المحلة الثانية و العشرين من الصور المذكورة و عددنا منها صور الجماد و صور النبات و صور الحيوان من البهايم و صور الاموات و صور الاحياء علي صور مختلفة ان هذه علي طبقها بل ارباب تلك العقود انما هي حيوانات متحققة نورانية ظهرت بتلك الصور من جهة روابط المتعلقات و نسبة الروابط و الاضافات كما يذكرون في صور منطقة البروج العقرب و السرطان و الحمل و الثور و الاسد و السنبلة و القوس و الجدي و الدلو و الحوت فانها ليست علي صور مسمّاها في الارض بل هي حيوانات ثابتات سيارات نورانيات علل لما تحتها ولكنها ظهرت بصور المتعلقات لاجل الروابط و الاضافات اما سمعت الملائكة الغلاظ الشداد يظهرون لاهل جهنم بهيئات منكرات و هم عباد مكرمون لايسبقونه بالقول و هم بامره يعملون اما سمعت اللّه سبحانه يقول عليها ملائكة غلاظ شداد لايعصون اللّه ما امرهم و يفعلون ما يؤمرون و المعصومون لايكونون الاّ طيبين طاهرين مع انهم ظهروا بتلك الهياكل المهولة و الصور المنكرة اما سمعت الملكين النكير و المنكر انهما عبدان اسودان ازرقان رأسهما([202]) في السماء السابعة و رجلاهما في الارض السابعة يخطّان الارض خطّاً و عليهما شعور سود و عينهما كالمشعل و اصواتهما كالرعد العاصف نسأل اللّه تسهيل امرهما و حسن ملاقاتهما و رأفتهما و رحمتهما و تبدّلهما بالمبشّر و البشير انه سبحانه علي كل شي‏ء قدير.

عود في البيان: فنقول اذا عرفت محلات هذه المدينة المنوّرة فاعلم ان سورها يشتمل علي ثمانية الف باب من المصراع الي المصراع مسيرة ثمانية الاف سنة و هذه الابواب كلها قوارير من فضّة يري ظاهرها من باطنها و باطنها من ظاهرها مرصعة بجواهر علي حسب نسبة اهلها منها مرصعة بالياقوت الاحمر منها مرصعة بالفيروزج منها مرصعة بالزمرد منها مرصعة بالعقيق الاصفر و هكذا اختلاف اجناسها و الوانها علي

 

«* شرح القصيدة صفحه 197 *»

نسبة اتصال اهلها و محلتها و لاتتخيل ان هذه القوارير بادني شي‏ء تنكسر بل هي قوية لانها حجاب عظمة اللّه و طراز قدرة اللّه لو اجتمعت معاول الوجود و تظاهر علي ضرب تلك الابواب بها اهل كل غيب و شهود موجود و مفقود لما عملت و لا اثّرت في تلك الابواب و لا خرقت شيئاً من ذلك الحجاب انّ في ذلك لذكري لاولي الالباب و سور تلك المدينة من ذهب و مقرها وادي([203]) العرب فمن وصل اليها و دخل الباب الاعظم منها سكن من النصب و التعب و هو قوله تعالي و من دخله كان امناً و مرجع تلك الابواب كلها الي اربعه‏عشر باباً علي عدد قوي اليد و اسما([204]) الجواد و الوهاب و الوجه لانها مظهر اليد اي القدرة التي استطال بها علي كل شي‏ء و مظهر الاسم الجواد و الاسم الوهاب لان الجود الالهي و عطاءه الغيرالمتناهي انما وجدت بالولاية الظاهرة في هذه الابواب من هذه المدينة الطيبة و تلك الابواب هي الوجه للجناب و الوجه الذي يتوجه اليه الخلق من معاقب و مثاب و مرجع هذه الابواب الاربعه‏عشر هو الباب الواحد الاعظم و هو المعني من قول الناظم ايّده اللّه و سدّده و اخذ بمجامع قلبه الي محبته من بابها قد ضلّ من لايدخل و هو كما ذكره وفّقه اللّه تعالي للخيرات لان اللّه سبحانه يقول ليس البرّ ان‏تولّوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب ولكنّ البرّ من اتّقي و أتوا البيوت من ابوابها و يقول ليس البرّ ان‏تأتوا البيوت من ظهورها ولكنّ البرّ من اتقي و أتوا البيوت من ابوابها و قال سبحانه و تعالي جرياً علي حكمته البالغة و مقتضي كلمته النافذة و الملئكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبي الدار فقد بيّن النبي9 انه مدينة العلم و الحكمة و قد حصر الباب في عليعليه السلام و روحي له الفداء فمن لم‏يدخل من هذا الباب فليس له سبيل الي المدينة و تلك الابواب المذكورة و ان كانت هي باب توصل لكنها لايتمكن الداخل الاّ بعد الدخول من الباب الاعظم فاذا لم‏يدخل من الباب([205]) الاعظم و لايروم الدخول منه فتمتنع تلك الابواب عن ادخاله مع انها مفتوحة الاّ ان شرط فتحها و التمكن من دخولها التوجه الي الباب الاعظم و الانقياد

 

«* شرح القصيدة صفحه 198 *»

و الاستسلام له و صورة الدخول ان يطأطأ رأسه و يقوّس ظهره و يدخل خاضعاً خاشعاً ذليلاً باكياً مستسلماً شاهداً بان لا اله الاّ اللّه و ان محمّداً رسول اللّه9 و ان الولاية ثابتة في محلها و مستقرة في موطنها و الخلافة كائنة لاهلها من الظاهر و الباطن و هذه الحدود هي معني قولهم حطّة كما امر اللّه سبحانه قوم موسي ان‏يقولوا حطّة و يدخلوا الباب ساجدين في قوله تعالي و اذ قلنا لهم ادخلوا الباب سجّداً و قولوا حطّة نغفر لكم خطاياكم و سنزيد المحسنين فبدّل الذين ظلموا قولاً غير الذي قيل لهم فانزلنا علي الذين ظلموا رجزاً من السماء بما كانوا يفسقون و بنواسرائيل لغتهم اذا اجتمعت نون ساكنة مع التاء يدغمون النون في التاء سواء كانت منقوطة او مؤلفة و لمّا ارادوا ان‏يبدّلوا حطّة بالحنطة فلابد لهم ان‏يتلفظوا بالحطّة فلايظهر مرادهم فأتوا بقرينة معينة لمرادهم و قالوا حطة سمقاثا اي حنطة حمراء قالوها و هم رافعون رؤسهم غير خاضعين و لا خاشعين بل مستكبرين و مستهزئين قائلين ان الباب العالي كيف يطأطأ الداخل رأسه و لم‏يعرفوا ان الباب العالي حكاية عن ارتفاع المقام و علوّ المنزلة و سموّ المرتبة باعتبار الباب من حيث هو و اما نسبة الداخل في البيت من الباب فالخضوع و الخشوع و الاستسلام فجهل النكتة قوم و تجاهل اخرون الي ان فعلوا ما فعلوا و نحن اقتصرنا بما ذكرناه من بيان الباب و الجناب فانا قد وعدنا سابقاً بيان ثلثة اشياء الرواق و المدينة و الباب و بما بينّا من ذكر الرواق و المدينة تبين منها الباب و اما التفصيل فانه يوجب التطويل و انا قلبي كليل و بدني عليل لكثرة القال و القيل فلايسعني البيان ازيد مما ذكرنا و لكنما فيما ذكرناه الكفاية لان فيه ما يشفي العليل و يروي الغليل و اللّه سبحانه يقول الحق و هو يهدي السبيل.

و قوله9 انا مدينة العلم فالاضافة بيانية فالمدينة هي العلم و تفاصيل هذه المدينة هي تفاصيل العلم و هي التي ذكرناها عند ذكر المدينة و محلاتها لان العلم في الامكان عين المعلوم دون الازل لا ما قاله الناس و اختلفوا في تفسيره و في حدّه و رسمه فمن قائل بانه لايحدّ و من قائل بانه يحدّ و الاخرون اختلفوا في تعريفه اختلافاً فاحشاً مرة بانه من اي مقولة هل من مقولة الكيف او الاضافة او الانفعال و القائلون بانه من

 

«* شرح القصيدة صفحه 199 *»

مقولة الكيف اختلفوا في انه هل هو ظلّ او حقيقة و مرجع قولهم الي ان الاشياء بحقايقها تدخل في الذهن او باشباحها ثم انهم اختلفوا في تعريفه علي القول بانه من مقولة الكيف فمن قائل بانه الصورة الحاصلة من الشي‏ء عند العقل و من قائل بانه الصورة من الشي‏ء في العقل و من قائل بانه صفة توجب لمحلها تمييزاً لايحتمل النقيض و من قائل بانه ظلّ ملكوتي صوري و بالجملة في تعريف العلم عندهم خلاف عظيم.

و لي رسالة في العلم ذكرت فيها سرّ اختلاف العلماء في تعريفه و قلت فيها ان كلهم صدقوا لان كلاً منهم تكلم بالذي وصل اليه من المقام و حيث ان هؤلاء اغلبهم من اهل المجادلة بالتي هي احسن و منتهي سيرهم في عروجهم الي عالم الصور و اهل الصورة ما عسي ان يقولوا لان كل ما يقولون باعلي ما عندهم لايخرجون عن مقام الصورة و هو مقام ادني المقامات و مرتبة اقل المراتب و هي اول المراتب في قوس الصعود الا تري([206]) في علم المنطق الذي سمّوه علم الميزان لكل العلوم قالوا في مبدئه ان العلم اما تصور او تصديق فالتصور هو الصورة الحاصلة او حصول الصورة او قبول النفس للصورة الحاصلة بلا حكم و التصديق هو ما ذكرنا مع الحكم فالعلم هو الجهة الجامعة اي الصورة الحاصلة مع قطع النظر عن الحكم وجوداً و عدماً و هذا عندهم هو مبدء العلوم كلها و انت تعلم ببديهتك ان الصورة مقام الكثرات التفصيلية دون الاجمالية و الكثرة مقام النقصان و الذلّ و المسكنة و الفقر و الفاقة و اين هم من مقام الوحدة الاجمالية و الوحدة البسيطة فالسائر في المقامات في اسفاره الاربعة الي تمامها الذي هو اقصي مقاماتها التي هي عبارة عن اقصي مراتب الوجود يجب ان‏يفسر العلم تفسيراً يجامع جميع المراتب و المقامات ليكون علي طبق مراد الواضع و لمّا كان الواضع للالفاظ علي مذهب اهل الحقايق و الاسرار هو اللّه سبحانه و اللفظ و المعني يجب ان‏يكون بينهما مناسبة ذاتية جرياً علي حكمة اللّه البالغة و وضعاً للاشياء في مواضعها وجب ان‏يكون ذلك المعني ظاهراً في لفظه ليكون اللفظ علي طبق المعني و الاسم

 

«* شرح القصيدة صفحه 200 *»

علي وفق المسمي.

فاذا عرفت ذلك فاعلم ان العلم ليس الاّ حضور المعلوم عند العالم و بعبارة اخري حضور شي‏ء عند شي‏ء فان كان ذلك الحاضر صورة فالعلم صوري و ان كان معني فالعلم معنوي و ان كان حقيقة مجردة عن الصورة و المعني فالعلم حقيقي و ان كان متعلقاً باللّه فالعلم الهي و ان كان متعلقاً بالخلق فالعلم خلقي و ان كان حصوله بالاسباب الظاهرة فالعلم كسبي و ان كان من غير الاسباب الظاهرة بل بنفحة([207]) روحانية و جذبة الهية فالعلم لدنّي و ان كان متعلقاً بالقشور و الظواهر التي يدرك بالحواس و بالصورة التي تطابقها و توافقها فالعلم ظاهري او كان متعلقاً بالسرّ و الغيب مما هو فوق الحواس و الصور فالعلم غيبي و بالجملة فالعلم في كل مقام علي حسبه انما هو ظهور ذلك المقام عند السائر فيه و لمّا كان ذلك الظهور قائماً بذلك الشي‏ء الظاهر لا بالعالم قلنا ان العلم عين المعلوم بمعني ان ذلك الشي‏ء من حيث الظهور علم و من حيث انه الظاهر معلوم فحيث كون الشي‏ء علماً غير حيث كونه معلوماً ولكن حيث ان الظهور في المعلوم قلنا انه هو العلم و هو المعلوم.

و بالجملة ان علم العالم قائم بالمعلوم لا بالعالم كالضارب فان الضرب قائم بالمضروب و حالّ فيه لا بالضارب كالكلام فانه قائم بالهواء و حالّ فيه لا بالمتكلم فاذا حضر عندك شي‏ء في الخارج مما يدركه الحواس الظاهرة فحضوره لديك علمك به لا بشي‏ء اخر و اذا غاب عنك حضرت صورته لديك فان المعلوم حينئد تلك الصورة لا العين الخارجي فان العين الخارجي بعد غيابه عنك ربما تطرؤ عليه حالات لاتعلمها و لاتدري بها فلو كان المعلوم هوالعين‏الخارجي و العلم يجب ان‏يكون مطابقاً للمعلوم فيجب ان‏تعلم تلك الاحوال مع انه ليس كذلك لانك اذا رأيت زيداً ثم غاب عنك فالذي تعلم من زيد نفس الصورة التي عندك لا شي‏ء اخر والاّ ربما يموت زيد او يتمرض او يتغير له حالات فلاتعلم([208]) بها فليس معلومك الاّ حصول تلك الصورة عندك و حضورها

 

«* شرح القصيدة صفحه 201 *»

لديك فقولهم ان العلم علي قسمين حصولي و حضوري قول خال عن التحقيق و عار عن وسمة التدقيق فان العلم الحصولي ليس الاّ الصورة الحاصلة علي زعمهم و هي كما قد قلنا انها هي المعلوم فهي دائماً حاضرة لدي العالم و حاصلة لديه و كذلك الاعيان الخارجة حاصلة لدي العالم و حاضرة لديه فلا فرق اذن بين الحصول و الحضور.

نعم لو كانت الصورة الذهنية هي العلم و العين الخارجي العيني هو المعلوم لاتجه الفرق و قد قلنا لك ان في صورة عينية العين الخارجي المعلوم تلك الصورة لا صورة اخري و ذلك ظاهر واضح و لمّا كان العلم عبارة عن حضور المعلوم فاختلاف العلم انما يكون باختلاف المعلومات فبحسب المعلومات و تعدد مراتبها تعدد مراتب العلم لا غير و لما كان جميع المخلوقات تدور علي اصلين فعل و مفعول كما قال تعالي انما امره اذا اراد شيئاً ان‏يقول له كن فيكون فالموجودات كلها تدور علي هاتين الكلمتين فالكلمة الاولي هي الفعل و هي الامر المسمي بالتعين الاول و الكلمة الثانية هي الخلق و هي المفعول المسمي بالتعين الثاني و تعين التعين و هكذا من ساير المراتب في التعينات و لمّا كان المفعول المخلوق في مقام التعين انما هو بالاسباب و الشرايط و القوابل كان الشي‏ء المفعول لايتحقق في عالم الوجود مشروح العلل مبيّن الاسباب الاّ بثلثين رتبة رتبة القوابل و اربعين مراتب تمام الشي‏ء بحسب القوابل و المقبولات انما قلنا انّ القوابل ثلثين لان كل شي‏ء مركب من القبضات العشر علي حسب مقامها و كل من هذه العشرة لاتظهر كاملة الاّ في القوسين الصعودي و النزولي فاذا بلغ بالقوس النزولي الي مقام التراب الذي هو مقام الموت في كل عالم بحسبه لايستأهل للحيوة الاّ بعد قطع ثلاث مراتب فالثلاثة في العشرة تكون ثلثين و تلك الثلثة رتبة الجماد و المعدن و النبات فاذا بلغت هذه الرتبة تأهّلت لقبول الحيوة فتصل الحياة الي جميع هذه المراتب كلها فتكون رتبة رابعة فتكون المراتب اربعين لتحقق الشي‏ء و ظهوره حيّاً بعد ما كان ميتاً و هو قوله تعالي كيف تكفرون باللّه و كنتم امواتاً فاحياكم و هذه الحيوة انما كانت في اربعين مرتبة تمام عدّة موسي في قوله تعالي و واعدنا موسي ثلثين ليلة و اتممناها بعشر فتمّ ميقات ربه اربعين ليلة فالثلثون لاتمام القوابل و الاربعون لاجتماع القوابل مع

 

«* شرح القصيدة صفحه 202 *»

المقبولات فكانت ليلة الجمعة و تمام الشي‏ء و ظهور الامر الوحداني بهذه المراتب كان يوم الجمعة و هو قوله تعالي ياايها الذين امنوا اذا نودي للصلوة من يوم الجمعة فاسعوا الي ذكر اللّه الوصل مقام التمام و ذكر اللّه الوحدة الحاصلة التي هي الصلوة و النداء عند تمام المراتب و المنادي هو اللّه سبحانه بلسانه فتحقق بالبيان الواضح ان الموجودات المفعولات كلها تدور علي هذين الاصلين القابل و المقبول و القابلية تتمّ بالثلثين و تمام الشي‏ء من القابل و المقبول يكون في اربعين و هذه مراتب الخلق و اما مقام الامر فهو كلمة كن فالموجودات كلها مما سوي اللّه سبحانه و تعالي خلق و امر و هو قوله تعالي الا له الخلق و الامر ثم قال تبارك اللّه احسن الخالقين فبيّن سبحانه ان تمام الخلق انما يكون بالامرين.

فاذا تبين هذا القدر من الكلام فاعلم ان العلم من حيث اللفظ جامع لهذه المراتب كلها فالعين عالم الامر لانه كلمة كن فان الكاف عشرون و النون خمسون و جمعهما سبعون و استنطاقها([209]) العين فالعين هو التعين الاول و النور الازل و حكم اللّه لم‏يزل و هو ادم الاول و الاختراع الاول و الابتداع الاول و فلك الولاية المطلقة و الحقيقة المحمّدية و اللام رتبة القوابل و استيهال الشي‏ء للظهور لاعلي المراتب و الميم مقام الاربعين ليلة الجمعة و يومها مقام التمام و الكمال و مجموع الكلمة هي الرابطة الجامعة لكل هذه الوجوه فجمعت هذه اللفظة الشريفة جميع مراتب الموجودات التفصيلية دون الاجمالية فان في كل مرتبة و مقام من العلويات و السفليات و المجردات و الماديات و الخيرات و الشرور و عليين و سجين و هكذا ساير المراتب كل علي حسبه فيه سرّ اللام و الميم و العين له الهيمنة و الاستيلاء علي جميع هذه المراتب و المقامات فالعين هو التعين الاول و اللام حامل هذا التعين من سرّ الولاية فان الولي اسمه الحقيقي هو اللام و لمّا كان مقامه مقام التفصيل ظهرت بعد اللام الياء فالياء لتمام الاربعين بانضمامها الي الثلثين فالاول اللام و واعدنا موسي ثلثين ليلة و الثاني الياء و اتممناها

 

«* شرح القصيدة صفحه 203 *»

بعشر و لمّا كان مقام النبوة مقام الاجمال انضم اللام بالياء فاستنطق منهما الميم فكان مبدء اسم النبي9و اوسطه و الولي مكمل القابليات و النبي متمم لظهور نور الوحدة و هو اصل الهداية في اطوار هذه القابليات و هما سيدان متممان للقوابل و المقبولات فالولي يعبّر عنه بالسيد اللام و النبي يعبّر عنه بالسيد الميم و لهذه النكتة لمّا قال تعالي و واعدنا موسي ثلثين ليلة و اتممناها بعشر قال سبحانه فتمّ ميقات ربه اربعين ليلة فلولا ذلك ما كان لقوله تعالي فتمّ ميقات ربه اربعين ليلة معني تأسيسيّاً و يجلّ القرءان ان‏يكون من باب التوضيحات و يذكر فيه ما هو مستغني عنه الاّ للتأكيد و الاظهار فافهم الدقيقة و سرّ الحقيقة و اني اقول كما قال مولاي اميرالمؤمنين روحي له الفداء و عليه الاف التحية و الثناء :

و في النفس لبانات   اذا ضاق لها صدري
نكتّ الارض بالكفّ   و ابديت لها سرّي
فمهما تنبت الارض   فذاك النبت من بذري

و اما العلوم الالهية فمراتب الاسماء و الصفات و محالّ التوحيد و الذات كل ذلك في العين لانّ التعين الاول مجمع الشئونات الازلية و منتهي النسب و الاضافات الالهية و عندها مقام التوحيد و حقيقة التفريد و التجريد فلفظ العلم دلّ بمناسبة حروفه و تأليفه و تقديمه و تأخيره جميع عوالم الملك و الملكوت و اسرار اللاهوت و جواهر العلل و عوالم القدس و مقامات الانس و موضع الاشارة و محل لا عبارة و لا اشارة و بالجملة جمع جميع مقامات الربوبية و مقامات العبودية و اشار بذلك الي ان العبودية كنهها الربوبية و سرّها علي حدّ ما قال مولينا الصادق روحي له الفداء و عليه الاف التحية و الثناء انّ العبودية جوهرة كنهها الربوبية فما فقد في العبودية وجد في الربوبية و ما خفي في الربوبية اصيب في العبودية قال تعالي سنريهم اياتنا في الافاق و في انفسهم حتي يتبيّن لهم انه الحق الخ فافهم الاشارة بصريح العبارة.

و قوله سلمه اللّه تعالي و ابقاه من بابها قد ضلّ من لايدخل اشارة الي الحديث الوارد عن النبي المختار عليه سلام اللّه الملك الجبار انا مدينة العلم و علي بابها و من

 

«* شرح القصيدة صفحه 204 *»

اراد المدينة فليأتها من بابها و هذا الحديث متفق عليه بين جميع اهل الاسلام و قد قال الناظم المفلق وفّقه اللّه لمراضيه في تخميسه لقصيدة الشيخ الاريب([210]) الصالح الشيخ صالح التميمي سلمه اللّه تعالي فقال و نعم ما قال و اولي ما يكون المراد هو هذا الخبر فقال ايده اللّه تعالي:

خبر جاءنا بذا مأثور   و حديث مسلسل مشهور
عنعنته عن الصدور صدور   قال زوراً من قال ذلك زور

و افتري من يقول ذاك افتراء

اما ظاهر هذه الابيات معلوم و سند هذا الحديث في الكتب مذكور مشهور و نحن شرطنا ان لانذكر ما في الكتب مذكور و ان لانبيّن ما بيّنه غيرنا في السطور فنقول ان هذا الخبر جاءنا بالوحي الالهي في الوحي التكويني و هذا الخبر مأثور عن النبي9و رواه ثقات الكينونات و الطوايا الغرايز الصادقات الغيرالمغيّرة بالفطرة الثانية فجاء الخبر مأثوراً عن سيد البشر و اخبرت به ذرات الوجود من الغيب و الشهود انه قال انا مدينة العلم و علي بابها و ذلك لانّ الولاية باب النبوة و الولي المطلق باب النبي المطلق و هذا الخبر مأثور و مسلسل بالسند بالسلسلة الطولية و العرضية بجميع مراتب الترتيبات الوجودية كل خلف عن سلف و سافل عن عال بورود هذا الحديث الشريف عن النبي9 ثم ذكر سلّمه اللّه تعالي و وفّقه لرضاه ان سند هذه السلسلة معنعنة لا فيه ارسال و لا رفع و لا اهمال و الرواة كلها ثقاة ما فيها كذب و لا مخالف المذهب سند متصل بالنبي9و ها انا اذكر السند متصلاً فاقول روي الاعراض الجسمانية عن الجوهر الجسماني عن الصورة المثالية عن المادة الاولية عن الطبيعة مبدء الكون الثاني عن النفس القدسية الالهية عن الروح من امر اللّه عن العقل المنخفض عن العقل المستوي عن العقل المرتفع عن القلب عن الفؤاد عن حقيقة الانبياء عن رسول اللّه9انه قال انا مدينة العلم و علي بابها فمن اراد المدينة فليأتها من بابها و هذا الخبر متواتر معني عند

 

«* شرح القصيدة صفحه 205 *»

اهل الاكوان الوجودية و الاعيان الغيبية و الشهودية بالمعني و معلوم عند الكل اي كل من لبس حلّة الكون بعد ما دخل في عالم الامكان ان مدار العالم و قوامها علي النبوة المطلقة و الولاية المطلقة علي حسب ما قدّمناه من معناهما و ان الولي المطلق باب للنبي المطلق فالولي بالولاية الباطنة المطلقة يستمد من النبي بالنبوة المطلقة علي معني دقيق لايهتدي اليه الاّ الراسخون في العلم و قد قال الشيخ الاكبر نظراً الي هذا المعني ان اقرب الحضرات الي اللّه سبحانه الحضرة المحمّدية صلّي‏اللّه عليها و اقرب الحضرات و المخلوقات اليه ابن عمه علي بن ابيطالب هـ  فلا اقرب من الباب الي البيت شي‏ء فالنبي9 هو البيت و الولي بالولاية المطلقة هو الباب فلاتنال النبوة الاّ بالولاية و لاتقوم الولاية الاّ بالنبوة و المدينة كما فصّلنا و البيت كما بيّنا و الباب كما ذكرنا:

قال زوراً من قال ذلك زور   و افتري من يقول ذاك افتراء

([1]) فتثنّت و تكعّبت. خ‏ل

([2]) ذرّات. خ‏ل

([3]) كثيرة. خ‏ل

([4]) اكوانها. خ‏ل

([5]) اشراق. خ‏ل

([6]) علي حسب. خ‏ل

([7]) ذلك خ‏ل

([8]) و. خ‏ل

([9]) و اهل الشر. خ‏ل

([10]) كتركيب. خ‏ل

([11]) الاكوان. خ‏ل

([12]) منها. خ‏ل

([13]) الاقرب. خ‏ل

([14]) السبع. خ‏ل

([15]) الدورة الاخري. خ‏ل

([16]) عنه. خ‏ل

([17]) شئونها. خ‏ل

([18]) اجزاء المحور. خ‏ل

([19]) حجاب. خ‏ل

([20]) و عالم. خ‏ل

([21]) شخائيل. خ‏ل

([22]) يجب. خ‏ل

([23]) بالصورة. خ‏ل

([24]) خوفاً و طلباً. خ‏ل

([25]) و مرايا خ‏ل

([26]) لايدرونها. خ‏ل

([27]) للاصول. خ‏ل

([28]) البصائر. خ‏ل

([29]) المتجلي و التجلي. خ‏ل

([30]) خاتم. خ‏ل

([31]) الصورة. خ‏ل

([32]) الوري. خ‏ل

([33]) و الاطلاقية. خ‏ل

([34]) اكتسيا. خ‏ل

([35]) في الاخر. خ‏ل

([36]) بنسبة. خ‏ل

([37]) المتلائمات. خ‏ل

([38]) في. خ‏ل

([39]) و الالف. خ‏ل

([40]) في ليلة. خ‏ل

([41]) عصاة. خ‏ل

([42]) ذكرنا. خ‏ل

([43]) جسد النبي. خ‏ل

([44]) من. خ‏ل

([45]) في مقام. خ‏ل

([46]) بالاعمال. خ‏ل

([47]) تمايزت. خ‏ل

([48]) يسمي. خ‏ل

([49]) اي الاستعداد و التأهل. خ‏ل

([50]) اثارها. خ‏ل

([51]) المرتّبة. خ‏ل

([52]) في القبر ابداً خ‏ل

([53]) طامي ظاهر. خ‏ل

([54]) اتي. خ‏ل

([55]) ثلثة. خ‏ل

([56]) لغصن. خ‏ل

([57]) اكملها. خ‏ل

([58]) بمراتبه. خ‏ل

([59]) للشئ. خ‏ل

([60]) فليكن. خ‏ل

([61]) هل جدّ حقيقةً. خ‏ل

([62]) شاهدنا. خ‏ل

([63]) ينفتح. خ‏ل

([64]) خاتم الانبياء و خاتم الاولياء. خ‏ل

([65]) التلوين. خ‏ل

([66]) مما. خ‏ل

([67]) و ذلك و للطولية. خ‏ل

([68]) لهم خ‏ل

[69]  عنها. خ‏ل

([70]) و لاقتضاء. خ‏ل

([71]) جميع. خ‏ل

([72]) فمنحطّ عنه. خ‏ل

([73]) من مهدي‏اليه. خ‏ل

([74]) الملكوت. خ‏ل

([75]) و. خ‏ل

([76]) و. خ‏ل

([77]) فان. خ‏ل

([78]) توحيده. خ‏ل

([79]) قبره و حجابه. خ‏ل

([80]) اللاهوتية. خ‏ل

([81]) المداد خ‏ل

([82]) و شتّان. خ‏ل

([83]) بالتقدّس. خ‏ل

([84]) و التسخير. خ‏ل

([85]) هو خ‏ل

([86]) ما خلق. خ‏ل

([87]) الوجودات. خ‏ل

([88]) غير. خ‏ل

([89]) و في. خ‏ل

([90])  تغشّته خ‏ل

([91]) الذوات. خ‏ل

([92]) السموات. خ‏ل

([93]) متعلق. خ‏ل

([94]) الابداع. خ‏ل

([95]) التكونيّة. خ‏ل

([96]) الحجاب. خ‏ل

([97]) الالوهية. خ‏ل

([98]) رتبة الانبياء. خ‏ل

([99]) مرتّبة. خ‏ل

([100]) نعم. خ‏ل

([101]) و حامله و تدويره. خ‏ل

([102]) التداوير. خ‏ل

([103]) مقام. خ‏ل

([104])  في المقام خ‏ل

([105]) في. خ‏ل

([106]) بتبعية. خ‏ل

([107]) يعني. خ‏ل

([108]) للعرش. خ‏ل

([109]) افراد كل. خ‏ل

([110]) الكلمات خ‏ل

([111]) الجليّة. خ‏ل

([112]) الوحدانية. خ‏ل

([113]) منها اعراض. خ‏ل

([114]) عالم جمع الجمع. خ‏ل

([115]) الكلمة التي. خ‏ل

([116]) كيفية الخلقة. خ‏ل

([117]) حركتها. خ‏ل

([118]) وحدة. خ‏ل

([119]) انوار. خ‏ل

([120]) السفر الاول خ‏ل

([121]) الباطنية. خ‏ل

([122]) انّيتها. خ‏ل

([123]) الحيوة. خ‏ل

([124]) المتجاورين. خ‏ل

([125]) المتعلق. خ‏ل

([126]) لاتبتدئ بما. خ‏ل

([127]) فاعلاً للمشتق. خ‏ل

([128]) المبادي. خ‏ل

([129]) و اول. خ‏ل

([130]) عالم اللانهاية. خ‏ل

([131]) الموصل. خ‏ل

([132]) في الاركان الخمسة في ابي‏الخمس. خ‏ل

([133]) عن. خ‏ل

([134]) الموضوع. خ‏ل

([135]) في. خ‏ل

([136]) يفرّق. خ‏ل

([137]) و هو. خ‏ل

([138]) جمع الجامع. خ‏ل

([139]) و مصدر. خ‏ل

([140]) مقام الظاهر. خ‏ل

([141]) فهيهنا. خ‏ل

([142]) لعبرة. خ‏ل

([143]) و عون. خ‏ل

([144]) معونة. خ‏ل

([145]) و هم. خ‏ل

([146]) الذوات. خ‏ل

([147]) السلام. خ‏ل

([148]) ذكرنا. خ‏ل

([149]) بما. خ‏ل

([150]) هو لايتحقق. خ‏ل

([151]) ما تحتها. خ‏ل

([152]) الدنس. خ‏ل

([153]) تمامية. خ‏ل

([154]) الواحدية. خ‏ل

([155]) الخارجة خ‏ل

([156]) الاّ الارتفاع. خ‏ل

([157]) التميز. خ‏ل

([158]) اخاف. خ‏ل

([159]) الذرات. خ‏ل

([160]) الارتفاع. خ‏ل

([161]) كلمته. خ‏ل

([162]) يفهم. خ‏ل

([163])  في نسخة: يوم الميزان ظ

([164]) يجري. خ‏ل   نجري. خ‏ل

([165]) الاخر. خ‏ل

([166]) او. خ‏ل

([167]) مجموع.  خ‏ل

([168]) الفسق. خ‏ل

([169]) القرية. خ‏ل

([170]) المتصل. خ‏ل

([171]) اذ. خ‏ل

([172]) للاخر. خ‏ل

([173]) فانك. خ‏ل

([174]) حجبت. خ‏ل

([175]) فهؤلاء. خ‏ل

([176]) نالوا. خ‏ل

([177]) المنسوبين. خ‏ل

([178]) بفائق. خ‏ل

([179]) كان كلاً. خ‏ل

([180]) يطلق ظ

([181]) اهله. خ‏ل

([182]) الذوات. خ‏ل

([183]) غاية. خ‏ل

([184]) تكون نسبة. خ‏ل

([185]) اجوب. خ‏ل

([186]) في. خ‏ل

([187]) تقبّل. خ‏ل

([188]) حمل. خ‏ل

([189]) اموال. خ‏ل

([190]) لم‏يوجد العقد المأتان و الثالث و الثلثون في النسخ الموجودة.

([191]) مفرغ. خ‏ل

([192]) اسمه خ‏ل

([193]) مفرقة. خ‏ل

([194]) قائمة. خ‏ل

([195]) غاديش. خ‏ل

([196]) بتقويمك يتم تقويمات ساير الكواكب. خ‏ل

([197])  زرنوش. خ‏ل

([198]) لم‏يوجد سابعهم في النسخ الموجودة.

([199]) البرية. خ‏ل

([200]) يا حسن العشرة. خ‏ل

([201]) نعمتك. خ‏ل

([202]) رأساهما. خ‏ل

([203]) علي وادي. خ‏ل

([204]) اسماء. خ‏ل

([205]) هذا الباب. خ‏ل

([206]) تريهم. خ‏ل

([207]) بنفخة. خ‏ل

([208]) فلم‏تعلم. خ‏ل

([209]) استنطاقه. خ‏ل

[210]  الاديب. خ‏ل